د. حمد الأنصاري الأمين العام للحركة التقدمية الكويتية: استقالة وزيري الداخلية والدفاع مؤشر ملموس على عمق الأزمة العامة التي تعصف بالدولة… فيما تدفع البلد الثمن باهظاً بسبب تجاهل المطالب الشعبية لتصحيح المسار التي عبّرت عنها نتائج انتخابات ديسمبر ٢٠٢٠
جاءت الاستقالة الثنائية لنائبي رئيس مجلس الوزراء وزيري الداخلية والدفاع لتؤكد مدى تفاقم الأزمة العامة التي تعانيها البلاد، خصوصاً على مستوى السلطة وخياراتها السياسية البائسة؛ وسوء إدارتها لشؤون الدولة وفساد جهازها التنفيذي وعدم كفاءته؛ وتحالفاتها الطبقية المرفوضة شعبياً؛ وتجاهلها المتعمّد لنتائج الانتخابات النيابية في ديسمبر ٢٠٢٠ التي كانت تدفع باتجاه تصحيح المسار والتغيير.
ونحن في الحركة التقدمية الكويتية في الوقت الذي نرفض فيه ما جاء على لسان الوزيرين المستقيلين من تحفظات غير مقبولة على ممارسة النواب لدورهم الدستوري في الرقابة البرلمانية عبر الاستجوابات، فإننا في المقابل نلفت الأنظار نحو ما جاء في الاستقالة من إشارات مهمة حول "تراكمات واخفاقات تاريخية، على مستوى السلطتين التنفيذية والتشريعية" وكذلك حول "واقع أجهزة الدولة التنفيذية التي تتطلب …القيام بتعديلات وإصلاحات جذرية"… لما تمثله من اعتراف صريح على لسان قطبين حكوميين من أفراد الأسرة ببعض جوانب الواقع السيئ والفشل المتراكم للسلطة التنفيذية وأجهزتها وما ينخرها من فساد سياسي ومالي وإداري.
كما أننا في الحركة التقدمية الكويتية من موقعنا كمعارضة وطنية مسؤولة نرى أنّ الأزمة التي تعاني منها البلاد أوسع وأعمق من أن تنحصر في العلاقة بين المجلس والحكومة، كما أننا نرى أنّ استقالة الوزيرين تمثّل دلالة واضحة على فشل إجراءات السلطة خلال الأشهر الأخيرة لفكّ عزلة الرئيسين، عبر اللعب بأوراق ما سمي بالحوار الوطني، والعفو، وإشراك النواب في التشكيلة الوزارية الجديدة.
وبالتالي، فليس هناك من سبيل لاستمرار الوضع السياسي على ما هو عليه، ولا جدوى من أي اجراءات ترقيعية أو محاولات اللعب على عنصر تقطيع الوقت، فالبلاد تسير في طريق مسدودة، بل لا نبالغ إذا قلنا أنها تنزلق نحو منحدر خطر.
وعليه فقد حان الوقت لأن تتراجع السلطة عن نهج الانفراد بالقرار والانحياز لمصالح القلة المنتفعة من كبار الرأسماليين الطفيليين، وعليها أن تتوقف عن استخفافها بالإرادة الشعبية وتجاهلها لاستحقاقات الانفراج السياسي الجدي ومطلب الإصلاح السياسي، ما يفرض الإسراع في تغيير الحكومة رئاسةً ومنهجاً وتشكيلاً، والتخلي عن دعم الرئيس الحالي لمجلس الأمة، بعد أن أصبح هذا المنصب عنصر توتر وخلاف كبيرين… وبغير ذلك كخطوات أولى مستحقة ستشتد الأزمة وتتفاقم، وستواصل الكويت وشعبها دفع الثمن غالياً للحفاظ على وضع مأزوم لا طائل من ورائه؛ ونهج مدمر لم يعد ممكناً السكوت عنه.
الكويت في ١٦ فبراير ٢٠٢٢