المنشورات التقدمية
ابحث من بين أكثر من 1550 قطعة مكتوبة
بقلم: عبدالهادي الجميل*
يتفاخر الناس في الخليج بكل ما يقع بين أيديهم وتحت أعينهم، فنجد من يتباهى بسيارته الفارهة، ومن يتفاخر بنسبه، ومن يتفاخر بتجارته، ونجد أيضا من يتفاخر بتديّنه!!
هذا الأمر يبدو مفهوما وطبيعيا في دولنا التي تفتقر للمنجزات الحضارية الحقيقية التي تستحق التفاخر والتباهي.
فلن تجد خليجيا واحدا يفتخر بأن جدّه كان مساعدا لإلكس فليمنج عندما اكتشف البنسلين، أو أن جدّته اخترعت الغسّالة الكهربائية. أو أن أحد أعمام أمّه أو أخوال أبيه كان من ضمن الفريق الذي اكتشف ظاهرة الاحتباس الحراري وأثرها المدمّر على الحياة في كوكب الأرض.
هذا الأمر لا يعيب الشعوب بقدر ما يعيب الأنظمة الحاكمة التي انشغلت بالحكم والمال بدلا عن تطوير وتنمية شعوبها بشكل صحيح. وفي سبيل ذلك تحالفت هذه الأنظمة مع رأس المال والمؤسسة الدينية، وهذا المثلث أصبح قوي جدا وثري ومستمر منذ عشرات السنين بفضل التوارث الذي أصبح سببا للتفاخر الزائف!
الشيخ أحمد الفهد خرج في إحدى القنوات الفضائية وقال وهو يرسم بسبابته اليمنى دوائر هوائية متسلسلة ترتفع إلى السماء: أنا شيخ ابن شيخ ابن شيخ ابن شيخ إلخ إلخ. رد عليه غريمه، سابقا، السيد مرزوق الغانم في قناة فضائية أخرى ليكرر نفس الحركة الهوائية قائلا: أنا تاجر ولد تاجر ولد تاجر ولد تاجر إلخ إلخ. أمّا في السعودية فقد غرّد محمد آل الشيخ قريب المفتي وحفيد محمد بن عبدالوهاب أو الشيخ المجدّد( كما يوصف)، مخاطبا إحدى المغردات: "اسكتي بس، ترى لولا جدّي ولّا كان انتي الحين في بيت شعر تغزلين، ولّا ترعين غنم، منتي طبيبة على وشك التخرج" ثم تقمّصته روح جدّه وقال مهددا ومنذرا " إعقلي"!
جدّه ظهر في نجد وصنع( كما يقول الحفيد) من فتيات السعودية طبيبات بدلا من أن يلاقين مصير جدّاتهن اللاتي أضعن أعمارهن في رعي الغنم في وغزل القطن في الصحاري والقرى، ولكن ماذا عن طبيبات وعالمات ورائدات الفضاء الأمريكيات والأوربيات؟! هل أنقذهن الشيخ المجدّد من رعي الأبقار وزراعة القطن والعنب!!
لم يقتصر التوريث في الخليج على الحكم والتجارة والدين، بل وصل إلى المهن، فالوزير أصبح وزير بن وزير بن وزير، والسفير أصبح سفير بن سفير بن سفير، والقاضي أصبح قاضي بن قاضي بن قاضي، والضابط أصبح ضابط بن ضابط بن ضابط، وهلمّجرّا.
لم يذكر التاريخ وضعا مماثلا لهذا، إلّا في الفترة التي سبقت ثورة الباستيل في 1789م، عندما كانت فرنسا تختنق بالأمراء والنبلاء والقساوسة. فالأمير كان يفتخر على عامة الشعب الفرنسي بأنه أمير بن أمير بن أمير، والقسيس كذلك والبارون وأيضا الدوق. وعندما ضاق المواطن الفرنسي البسيط بكل هذا الهراء، هبّ ليصنع ما جعله يفتخر بأنه مواطن بن مواطن بن مواطن وما حدث معروف ومدوّن في التاريخ، وأبسط نتائجه هو اختفاء النبلاء والأمراء والقساوسة.
ليس لدى المواطن الخليجي ما يفخر به إذا استبعدنا الإنجازات الوهمية التي يتغنّى بها المطربون والمطربات في الأغاني "الوطنية"، وإذا لم نحسب الغاز والبترول لأنهما السبب الأول في افتخار الشيخ والتاجر وحفيد شيخ الدين بأنفسهم وتاريخ أجدادهم، أمّا المواطن البسيط فليس لديه سوى صورة باهتة جدا لمفهوم المواطنة، ولو أراد أن يفتخر بها على طريقة الشيوخ والتجار والمطاوعة ليقول: انا مواطن ابن....
لتكالب عليه هؤلاء وقاطعوه قائلين بصوت واحد: انت مواطن ابن ستين(......)!
_________________________________
*عضو في التيار التقدمي الكويتي

بيان صادر عن المجلس العام للتيار التقدمي الكويتي حول انقضاء أَجَل خطة التنمية والفشل في تنفيذها
بحلول اليوم 31 مارس 2014 ينقضي أجل خطة التنمية، والتي تشير معظم المؤشرات المتوفرة إلى عدم تحققها على الأرض، حيث فشلت الحكومات المتعاقبة عبر عمر الخطة في تحقيق نجاح جدي في التنمية، وهذا ما يمثل جزءا من الأزمة التي تعيشها السلطة في الكويت.
وقد دخلت خطة التنمية، واسمها الرسمي الخطة الإنمائية متوسطة الأجل 2010/2011 - 2013/2014، حيز التنفيذ في 28 فبراير من عام 2010، على أن تشمل في طياتها مشاريع التنمية الكبرى الضرورية لتحقيق النهضة على مدى أربع سنوات مالية ابتداءً من 1 أبريل 2010، وقد رصدت الحكومة للخطة ميزانية إجمالية بنحو 30.8 مليار دينار كويتي، وهو مبلغ ضخم يفوق ضعف مصروفات الحكومة الاعتيادية سنويا، وقد شنت السلطة حملة أيديولوجية دعائية ضخمة لترويج خطة التنمية، وتصوير التشكيك في جديتها أو محاولة التأكد من حسن صرف ميزانيتها على أنه جهد "تأزيمي" يستهدف تعطيل التنمية والإضرار بالوطن.
لكن مع انقضاء أجل خطة التنمية تظهر بعض المؤشرات المحددة التي تسمح بتقييم مدى تحققها على أرض الواقع، فمثلا تشير البيانات والتحليلات المعلنة إلى أن الخطة فشلت فشلا جديا في تحقيق أهم أهدافها، مثل الفشل في إصلاح التركيبة السكانية عبر زيادة نسبة المواطنين إلى إجمالي السكان، والفشل في إصلاح تركيبة قوة العمل عبر زيادة نسبة العمالة الكويتية إلى إجمالي العمالة، والفشل في تقليل الحاجة لتوظيف المواطنين في الدولة عبر زيادة توظيف المواطنين في القطاع الخاص.
أما على صعيد البنية الاقتصادية فقد فشلت السلطة في إصلاح الخلل الأساسي في الاقتصاد الكويتي المتمثل في الاعتماد شبه الكامل على قطاع النفط، كما فشلت في قطع خطوات جدية في سبيل تحقيق الهدف الاستراتيجي من خطة التنمية وهو تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري بحلول عام 2035، ونحن نشير إلى فشل الخطة في تحقيق أهدافها متغاضين عن ما يشوب هذه الأهداف أصلاً من مبالغة وانحيازات سياسية واقتصادية اجتماعية.
ولعل أبرز فشل للسلطة هو عدم شعور الناس، خصوصا أبناء الطبقة العاملة والفئات الشعبية، بتحسن ملموس في مستوى معيشتهم، بل إن الانطباع المباشر هو تردي الأوضاع العامة، بينما لا تزال السلطة موغلة في فسادها الاقتصادي والسياسي، وتنفيع الطبقة البورجوازية من المشاريع الكبرى دون مردود اقتصادي اجتماعي على الأغلبية الساحقة من المجتمع، فيما يمثل تكريساً لممارسات الحلف الطبقي المسيطر على مقدرات البلاد وإدارته السيئة للدولة، هذا ويبقى من المشروع التساؤل عن مصير الـ 30.8 مليار دينار كويتي التي رصدت للخطة دون أثر مكافئ على الأرض.
ونؤكد في التيار التقدمي الكويتي أنّ العائق الأساسي الذي أدّى إلى فشل خطة التنمية هذه، وسيؤدي إلى فشل أي خطة مقبلة، إنما يعود بالأساس إلى ممارسات السلطة وحلفها الطبقي المسيطر على مقدرات البلاد... وبالتالي فإنه ما لم يتم تحقيق إصلاح إداري اقتصادي شامل يستهدف بناء اقتصاد وطني منتج ومستقل يقوم على أسس العدالة الاجتماعية، جنباً إلى جنب مع تحقيق إصلاح سياسي ديمقراطي يؤدي إلى قيام نظام برلماني كامل، فإن جهود التنمية ستضيع سدى وستكون لقمة سائغة لمراكز الفساد والانتفاع.
الكويت في 31 مارس 2014
يتفتقُ ذهن التاجر الرأسمالي عن أساليب كثيرة للربح، ويستغل الظواهر والأحداث والأفكار السائدة والأمزجة الشبابية وغير الشبابية لصالحه، فقد لاحظتُ بمناسبة عيد الأم الذي وافق 21 مارس، دعايات مكثفة وغير مسبوقة لبضائع وهدايا للأمهات، كما لاحظت خلال السنوات الماضية الدعايات المكثفة لعيد الحب «فالنتين» الذي يوافق 14 فبراير من كل عام كلما اقتربت المناسبة، والتفنن ببيع كل ما لونه أحمر، وهذا يجعل المستهلك وبالأخص فئة الشباب تقبل على هذه الهدايا مهما كانت باهظة الثمن، بل أصبحت مجالاً للمباهاة.وتحولت مناسبة «القرقيعان» التي يحتفل فيها الأطفال في منتصف رمضان، الى مناسبات للتربح من خلال وضع الحلويات والمكسرات في علب أو أكياس فاخرة أو حسب الطلب، فكل أم أو أسرة تود التباهي أو التفاخر أمام الغير بأن «قرقيعان» ابنها أغلى وأكثر ابداعاً في الشكل، بينما لم تكن مثل هذه الظاهرة موجودة أيام زمان حيث البساطة والعفوية في الاحتفال بهذه المناسبة.ونتذكر أنه في أواخر الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، استجدّت محلات لبيع الملابس الاسلامية بعدما سادت موضات كل شيء على الطريقة الاسلامية، مثل الشورت الاسلامي وأنواع الحجاب والعباءات الاسلامية المبتكرة، لجذب المحجبات خاصة أولئك اللواتي اضطررن للتحجب إما بسبب الضغط الاجتماعي أو بسبب النفاق الديني الاجتماعي الذي فرضته سنوات التشدد الديني في الدول العربية، ولم يسلم الأطفال من استغلال التشدد الديني في التربح، اذ طرحت في الأسواق قبل سنوات وخاصة مع انتشار موجة الجهاد في أفغانستان والشيشان لعبة أطفال عبارة عن سلاح أوتوماتيكي بلاستيكي كتب عليه «رشاش اسلامي»، ثم ظهرت الدمية المحجبة بديلاً عن دمية «باربي» التي حُرّمت من بعض رجال الدين لأسباب سخيفة ومضحكة، مثلما حرمت أفلام كارتون «بوكيمون» وغيرها اذا لم تخني الذاكرة، وكل ذلك من أجل الربح.ولم يترك التاجر الرأسمالي فرصة استغلال الثورات العربية وصور شهدائها تفلت من يده، وكلنا نذكر أنه بعد ثورة 25 يناير في مصر بيعت في ميدان التحرير «بطانيات ووسائد الثورة»، كما بيعت قمصان التيشيرتات وعليها شهداء الثورة، كما انتشر بيع كميات من الأقمشة والأشرطة البرتقالية أثناء الحراك في الكويت.وكذلك، نحن نعلم أن الغرب والولايات المتحدة يكرهون الثائر الأرجنتيني «تشي غيفارا» الذي قتلته الدكتاتورية العسكرية في بوليفيا بالتعاون مع الاستخبارات الأميركية سي أي أيه، ومع ذلك تبيع صورته على كل شيء، من قمصان التيشيرت الى الساعات والأكواب والمنفضات والمفارش والبوسترات وغيرها، فقط لأنها موضة شبابية أو يقبل عليها الشباب اعجاباً ببطولة غيفارا.ان جشع التاجر الرأسمالي دفعه لاستغلال المناسبات النبيلة والأحداث المأساوية بشكل مخزٍ، فلنتخيل أن هناك من يربح من وراء آلام الناس ومصائبهم ومناسباتهم الانسانية النبيلة، ومنذ ابتكار الدعاية والتسويق الرأسماليين تم استخدام صور المرأة الجميلة والعارية والأطفال الأبرياء للتربح وجني الأموال، أليست الرأسمالية لا أخلاقية وبشعة في قوانينها الاقتصادية وفكرها سواء كانت اسلامية أم غير اسلامية؟وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
__________________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 31/03/2014 العدد:12691
عُقدت القمة العربية الـ25 يومي 25 و26 مارس الجاري في الكويت، في ظل أجواء ملبدة بالخلافات العربية العربية والخليجية الخليجية، وهو أمر بلا شك لا يشير إلى أوضاع صحية في الوطن العربي وفي إقليمنا الخليجي اللذين يواجهان تحديات صعبة تتطلب توحيدا أو التوافق على الرؤى لما فيه مصلحة شعوبنا العربية.فمنطقة الشرق الأوسط تمور بأجواء التأزم والمواجهة مع العدو الإسرائيلي الذي يمارس أبشع أنواع التنكيل والعدوان والتهجير لشعبنا الفلسطيني الشقيق، بل يفرض عليه وعلى بقية الدول العربية المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية بالأجندة التي تخدم إسرائيل وسياساتها الاستيطانية التوسعية، وهذا التشظي العربي سيصب في غير صالح الشعب الفلسطيني وسيفرض يهودية الدولة الصهيونية وانتقاص حقوق الفلسطينيين المشروعة، بل يعني وضعا أقوى لإسرائيل في المعادلة الإقليمية، ما يعني احتمالات العدوان على لبنان أو أي دولة عربية دون رادع عربي أو دولي.وفي ظل تفاقم أزمة الشعب السوري ومأساة القتل والدمار والتهجير والتجويع، وتدمير قدرات الجيش السوري كما حصل مع الجيش العراقي وكما هو مخطط له لإضعاف الجيش المصري وهي أقوى الجيوش العربية، سيظل العالم العربي مكشوف الغطاء للاعتداء عليه، وإبقائه ضعيفاً ومتخلفاً عن ركب الحضارة، ناهيك عن تداعيات المؤامرات وإجهاض الثورات العربية بمختلف الطرق سواء بالعمليات الإرهابية أو بعودة الاستبداد بأثواب جديدة.ولا تقل الجماعات الجهادية والإرهابية والمتطرفة عن خطر التفتيت الطائفي والديني والقبلي والفئوي، وعن الأخطار الإقليمية التي تواجه دول الخليج، بل تعني أنها قد تواجه مثل هذه المخاطر منفردة في ظل الخلافات الخليجية - الخليجية، وتشتت الكلمة والموقف في غير صالح دول مجلس التعاون الخليجي، وهنا لن يكون الحديث عن الوحدة الخليجية مجدياً، ولن تكون الاتفاقية الأمنية بينها فاعلة أو سارية المفعول، رغم أنها الشيء الوحيد الذي قد يجمع هذه الدول.إن المشكلة أو المعضلة أو الأزمة التي تمر بدولنا العربية تكمن في تغييب الشعوب عن المشاركة بالقرار وفي الاستبداد والنهج البوليسي الذي تمارسه جميع الدول العربية بما فيها الخليجية ضد شعوبها، وكذلك غياب الحريات والديموقراطية والعدالة الاجتماعية، فهي الحصن الحصين الذي يحفظ أمن واستقرار هذه الشعوب والدول ويضع الأساس لتوافقها وتكاملها في نواحٍٍ مختلفة.أما محاولات المصالحة بين الأشقاء التي تقوم بها الكويت فتاريخها قديم، وهو دور قامت به الكويت منذ عقود طويلة ومشهود لها بذلك، مثل المصالحة في اليمن والمصالحة بين الفصائل الفلسطينية والمصالحة بين القائد الفلسطيني الراحل ياسر عرفات والملك حسين بن طلال وغيرها من الجهود، ولكن هل ستجدي الجهود الكويتية هذه المرة؟ فالخلافات والتشظي بلغا حداً قد يهدد الوجود العربي ذاته.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
_____________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 29/03/2014

ليلى خالد لـ»الطليعة»: المفاوضات مع إسرائيل عبثية.. ولا يمكن أن تعيد لنا الأرض (2-2)
حوار بدر النجار:دعت عضو المكتب السياسي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المناضلة ليلى خالد إلى رفع شعار «الوحدة.. النهوض.. المقاومة» وإلى رسم سياسة واستراتيجية وطنية لمواجهة العدو الصهيوني، وإعادة بناء منظمة التحرير، بحيث تكون ممثلاً حقيقياً للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.
وأكدت خالد في الجزء الثاني من حوارها مع «الطليعة»، أن المفاوضات التي تجري بين القيادة الفلسطينية والكيان الصهيوني حالياً هي مفاوضات عبثية، بكل ما تحملة الكلمة من معنى، وأنها فقط من أجل أن نكون في الإعلام، مشيرة إلى أن إسرائيل تحاصر الآن مليوناً ونصف المليون مواطن في غزة، التي أصبحت أكبر سجن في التاريخ.
● نشاهد الآن حملات متعددة بشأن استكمال المفاوضات بين القيادة الفلسطينية والكيان الصهيوني.. ما رأيك في الحل الدبلوماسي؟ وهل هو بديل مرحلي للكفاح المسلح؟
ـ هناك معادلة لم نخترعها نحن، بل اخترعتها البشرية، أينما وجد الاحتلال وجدت المقاومة، هذه المعادلة طبيعية، لا يستطيع أحد أن يغيرها، وبالتالي في ظل تطور البشرية، فإن هناك وسائل أخرى في المواجهة استخدمتها الشعوب، مثل الدبلوماسية والعمل السياسي، لكن هذه روافد، وليست النهر الرئيسي، فالمجرى الرئيسي هو المواجهة، فلا يوجد بلد تحرر من المحتل من غير السلاح، لأن العدو يكون مسلحاً بكل الوسائل العسكرية وغير العسكرية، لذلك هو أقوى من شعب ضعيف وإمكاناته محدودة، لكن الإرادة هي التي تجعل الناس تقاتل، وبالتالي، هذه المعادلة لا يستطيع الفلسطيني أو غيره أن يغيرها، فإذا ما قمنا بهذه المعادلة بتكتيتات ورؤية استراتيجية صحيحة، نكون قادرين على المواجهة، ونستطيع استخدام أسلوب التظاهرات والاعتصام.. الخ، فهذه المقاومة الشعبية نحن قادرون عليها، والنقطة الثانية أن تجمع القوى الأخرى المحيطة بك من الدول العربية.. أما النقطة الثالثة، فهي أن يكون لنا صوت على المستوى العالمي، فنحن كسبنا من العالم الكثير من المواقف حقيقةً، ومن هنا الجانب السياسي يجب أن نلعبه، وكذلك الجانب العسكري، فهو مسؤولية، ولا يمكن للمحتل أن يغادر إلا إذا شعر بأن الاحتلال يسبب له خسائر، وهو بطبيعته يظل لأنه مستفيد من الأرض وما تحتها، وللأسف الآن هذه المفاوضات جرت سابقاً وتوقفت قبل سنتين، ولم يحصل شيء، بل وصلوا إلى طريق مسدود، ثم رجعوا مرة أخرى، وقد كان الشرط هو وقف الاستيطان، لكن هذا الشرط ألغي الآن، وبالتالي، فإن الأرض لم يتبقَ منها شيء، بسبب الاستيطان، كما أنهم يحاصرون مليوناً ونصف المليون مواطن في غزة، التي أصبحت أكبر سجن في التاريخ.. لذلك، فإن هذه المفاوضات عبثية بكل ما تحملة الكلمة من معنى، هي فقط من أجل أن نكون في الإعلام، فهذه المفاوضات ما حصيلتها، وماذا يمكن أن تعطي الشعب الفلسطيني؟ هل من الممكن أن تعيد لنا الأرض، هم لا يسمحون بالحديث عن القدس أو عن حق عودة اللاجئين، فهذا خط أحمر بالنسبة لهم، لذلك هذه المفاوضات عبثية، والأهم من ذلك أن الذي يريد أن يذهب للتفاوض يجب أن يكون متسلحاً بنقاط قوة، أولى هذه النقاط هي الوحدة، نحن لدينا اليوم انقسام، وهذا يضر بالمشروع الوطني ويدمره، أليس من الأفضل أن نرتب البيت الفلسطيني أولاً، ونعيد مكانة منظمة التحرير، التي استبدلوها بسلطة أي كلام، هذه هي الأولويات في العمل، ويجب أن نرسم سياسة واستراتيجية وطنية للمواجهة، وأن نعيد بناء منظمة التحرير، بحيث تكون ممثلاً حقيقياً للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، لأن هذه السلطة الآن لا تمثلنا، والشيء الآخر إذا ما أخذنا عوامل قوة الشعب والقيادة، فإن القضية الفلسطينية في طريقها للتصفية، لذلك نرفع شعار «الوحدة.. النهوض.. المقاومة»، حتى نتمكن حقاً من تحشيد شعبنا، الذي جرَّب المفاوضات، وجرَّب الانقسام، وشاهد النتائج، وبالتالي نحن نفكر كيف نخط هذا الطريق الثالث الذي يمنع أياً من الطرفين أن يقوم باللعب على شعبنا بغير أن يصل إلى أهدافه.
دور المرأة
● باعتبارك أيقونة المرأة الثورية في الوطن العربي.. ما الدور الذي لعبته المرأة في الحركات الفلسطينية؟
ـ في تاريخ القضية الفلسطينية، لعبت النساء دوراً مهماً، لكن لم يكن هذا الدور منظماً، والآن يتم التوثيق لتلك المرحلة، وتسليط الضوء على المرأة الفلسطينية، فمن دعا إلى الإضراب العام في سنة 1936 هو الاتحاد النسائي، وقد استجابت له القوى الأخرى، وقد كان أطول إضراب في تاريخ فلسطين أثناء الانتداب البريطاني، وأثناء الثورة كان هناك مئات وآلاف من النساء، بدليل أن هناك عدداً كبيراً منهن استشهد، ويقال إن حصيلة الشهيدات من 12 ـ 15 في المائة من شهداء الثورة، وكذلك هناك نساء في المعتقلات الإسرائيلية، وهذا يدلل على أن نشاط المرأة ودورها، وهناك اعتراف من قِبل منظمة التحرير الفلسطينية في وثيقة الاستقلال بمساواة المرأة بالرجل، وهذه المسألة دلالة على احترام المكانة والدور التي لعبته المرأة الفلسطينية في مسار هذا النضال الفلسطيني، وأهم ما في ذلك الموضوع أن المرأة الفلسطينية استطاعت أن تحافظ على نفسها من التفتيت، فالزوج يستشهد أو يعتقل أو يغادر إلى بلد لتحسين ظروف الحياة، ورغم ذلك كانت مسؤولة عن هذه العائلة، ونحن لدينا آلاف العائلات المعيل الأول لها هي الأم، بسبب الظروف السابقة التي تصيب الزوج، وهذا يدل على فهم المرأة لدورها في هذا النضال، فتعمل على المستويين الاجتماعي والوطني، ورغم أن هناك تراجعاً لدورها الآن، فإننا يمكن أن نقول إن المرأة الفلسطينية هي نموذج للنضال الثوري.
● هل كانت المرأة، بالنسبة للفصائل الفلسطينية، في مطبخ صناعة القرار أم هي واجهة لإثبات حالة المساواة؟
ـ في البداية، لم تكن في مطبخ صناعة القرار السياسي، لكن مع تطور الوضع أصبح لها حضور في بعض الفصائل في صنع القرار.. أما على مستوى منظمة التحرير، فقد أصبحت حنان عشراوي في اللجنة التنفيذية، لكن باستمرار كانت المرأة ممثلة في هيئات المنظمة بنسبة لا تتناسب مع دورها، وكنا دائماً نطرح هذا الموضوع، لأن هذا الدور لم تأخذه منةً من أحد، بل كانت على الأرض فعلاً، ومع ذلك، فإن المرأة الفلسطينية لاتزال جزءاً من النضال الوطني الفلسطيني، لكنها لا تشارك في صناعة القرار، وأفتخر بأنني في تنظيم يساري أصبحت فيه المرأة تشارك في صناعة القرار.
● ما رأك بالتحولات التي مرَّت بها المرأة العربية في الآونة الأخيرة؟
ـ من متابعتي لهذه المسألة، أعتقد بأن النساء العربيات مستمرات في النضال، من أجل مزيد من الحقوق، حتى يصبحن جزءاً من صناعة القرار، هذا ما لمسته في المنتديات التي حضرتها وقرأت عنها، فالمرأة العربية تعرف تماماً بأنها أصبحت رقماً لا يمكن تجاهله في أي بلد من البلدان، والدليل على ذلك ما شاهدته في شاشات التلفزة، أو من خلال الإنترنت، فنجد كيف النساء يخضن الانتخابات بتحد، فمثلاً في الكويت لم تكن المرأة ممثلة في البرلمان، أما اليوم فأصبحت تخوض الانتخابات، كما أن دور المرأة كان مذهلاً في الحراك الشعبي، كما حصل في مصر واليمن والبحرين، وهذه الجموع من النساء التي تخرج في الشارع دليل على أنها جزء من نضال الشعوب.
● هل هناك مشروع حقيقي لوحدة اليسار الفلسطيني في إطار معيَّن؟
ـ اليسار طالما هو مجزأ، فهو الخاسر الأكبر، بكل أطرافه، لذلك نحن مررنا بعدد من التجارب، من أجل وحدة اليسار، وهناك خلافات سياسية أساسية لم نتمكن من تجاوزها، وندعو الآن إلى تيار وطني ديمقراطي يكون اليسار هو عموده الفقري، لكن هذا اليسار ما لم تكن له رؤية واضحة في مواجهة التحديات الكبيرة التي يواجهها شعبنا سيبقى اليمين قادراً على إنهاكه أيضاً، أو جذب بعض أطرافه، سواء كان اليمين الليبرالي أو اليمين الديني، لذلك علينا أن نبذل جهوداً كبيرة، من أجل أن يتوحد هذا اليسار في جبهة واحدة الآن، ثم بعد ذلك يتوحد تنظيمياً، فالمرحلة طويلة عموماً، وعلينا أن نلعب هذا الدور، وقد تقدَّمنا فعلياً بكثير من المبادرات لهذه المسألة، لكنها كانت تصطدم بعض الأحيان بظروف موضوعية، وفي أكثر الأحيان بظروف ذاتية للفصائل أو الشخصيات، وقد وضعنا هذا المشروع في برنامجنا السياسي بعد المؤتمر السابع بأن التيار الوطني الديمقراطي مهمة عاجلة الآن.
انتفاضة جديدة
● في الآونة الأخيرة حرك مخطط برايفر، ولو قليلاً، الشارع في فلسطين وبعض الدول العربية.. هل ترين أنها بداية لانتفاضة ثالثة؟ وهل الفصائل الفلسطينية قادرة على إشعال فتيل انتفاضة جديدة؟ـ أي انتفاضة يجب أن تسبقها عوامل مساعده لها، لكنها الآن غير موجودة، بمعنى أن الشعب في لحظة معينة لا يعود يقبل الحالة التي يعيش فيها، ولا يستطيع أن يتحمَّل من هم في السلطة، وكذلك السلطة لم تعد قادرة على أن تستمر في الحكم.. بهذا المنطق تقوم الثورات والانتفاضات، أما أن نقول للشعب تعالوا وانزلوا في الشوارع كما الانتفاضة الأولى والثانية، فعلياً لا يملك أحد ذلك، وأي ادعاء بأن هناك تنظيماً حرَّك الشارع غير صحيح، فالتنظيم ساهم في حركة الشارع والبناء الداخلي فيها، لكن لم يكن هو من أمر الناس بالخروج للشوارع، إنها حالة عفوية، ومخطط برايفر هو مشروع لمنطقة 48، والذي حرك الشارع هم الناس في هذه المنطقة، كما أن هناك إعادة بناء للمناطق التي تقوم بهدمها إسرائيل، على سبيل المثال، قرى العراقيب هدمت 56 مرة وعاد الناس وبنوها، لكن مشروع برايفر توقف، بمعنى جمد القرار، لذلك يجب على الشعب أن يعرف أن هناك إمكانية فك التجميد عن المشروع ويعاد هذا القرار، ونحن تعودنا من الصهاينة بأن أي مشروع يريدون القيام به يقومون به ولو على جثث شعبنا، لذلك يجب أن نعرف طبيعة هذا العدو، لكي نعرف كيف نواجهه، وما جرى الآن في منطقة النقب يعطي مؤشراً بأن شعبنا لديه الإمكانات والطاقات الكبيرة التي تمكنه من مواجهة العدو في هذا المشروع وغيره من المشاريع، صحيح ان الكل يتحدث عن أنه قد تكون هناك انتفاضة جديدة، وأتمنى ذلك، لكن هناك فرقا بين الرغبة والواقع، والواقع لا يقول إن هناك انتفاضة ثالثة، هذه هي رؤيتنا على الأقل.
كسر حاجز الخوف
● ما رأيك بالثورات العربية بعد 3 سنوات على انطلاقتها؟
ـ أهم ما في هذه الثورات أن الشعوب كسرت حاجز الخوف من قمع السلطات، لكن هذا الحراك جاء من دون قيادة أو برنامج، لذلك هناك من سمى هذا الحراك الشعبي العارم انتفاضة، وهناك من سماه ثورة، وبالنسبة لي هو حراك شعبي واسع شعاره إسقاط الأنظمة، لكن ما حصل فعلياً أن الأنظمة لم تسقط، بل سقطت رؤوسها فقط، ولم يستكمل هذا الحراك أهدافه حتى هذه اللحظة، إلا أن هناك طاقة وقدرة على الاستمرار من أجل تحقيق ما قام من أجله هذا الحراك من تطهير لمؤسسات الدولة القائمة على البيروقراطية والفساد، كل هذا يحتاج إلى وقت عموماً، وكذلك هذا الحراك الشعبي بدأ يتشكل على شكل أحزاب، مثل الجبهة الشعبية في تونس، لكن هناك اختلاف في الحالة المصرية، فهي مرَّت بمرحلتين، الأولى نجاح الإخوان المسلمين الذين لم يحققوا أهداف الثورة، بل قاموا بالإساءة إليها، ثم خرجوا من السلطة، وهذه دلالة على أن الحركة الشعبية لاتزال قائمة لإسقاط أي قيادات سياسية جديدة لا تلبي طموحات الشعوب، وسيظل الشعب في الشارع، حتى تتحقق مطالبه الرئيسة.. أما في اليمن، فقد اختلفت الصورة، علي عبدالله صالح سقط من الحكم، لكنه لا يزال يدير البلاد من الخلف، وأصبح هناك نوع من مصالحة بين الأطراف المتنازعة.. أما في سوريا، فإن الوضع لا يشبه أي بلد آخر، وهو مختلف عن كل الحالات، وفي البحرين لايزال هذا الحراك قائماً، لكن مع الأسف لم يحقق أهدافه بعد.
ما أريد أن أقوله إن أهم ما في ذلك أن الشعب عرف الطريق، لكن الأهم كيف نسلك هذا الطريق، حتى تتحقق أهداف الجماهير الشعبية.
● هل حصدت القضية الفلسطينية شيئاً يذكر من الثورات العربية؟
ـ أعتقد بأن الحراك العربي لم ينسَ القضية الفلسطينية، وهذا الأمر كان واضحاً بالنسبة لنا، والأهم ألا يتم احتواء هذا الحراك، لأن أي بناء ديمقراطي حقيقي هو لصالح القضية الفلسطينية، لأن البناء الديمقراطي هو بناء وطني وقومي في الوقت نفسه، وكذلك إذا تجذرت الديمقراطية والحريات العامة، فستقدم للقضية الفلسطينة ما لم يقدمه أحد، لذلك إسرائيل والولايات المتحدة ضد هذا الحراك، لأن أي بناء ديمقراطي حول دولة فلسطين سيعود بالفائدة على القضية الفلسطينية.
● ما رأيك في ما يحصل في مصر في الفترة الأخيرة وإغلاق معبر رفح المتكرر؟ ومن يتحمَّل المسؤولية؟
ـ العلاقة ما بين مصر وفلسطين تاريخية، إلا أنه في الآونة الأخيرة بدأت مصر تتخوَّف كثيراً من مسألة العلاقة بين «حماس» والإخوان المسلمين في مصر، كما أن هناك اشتباكات بين الجيش المصري والإرهاببين، ونسمع بأن هناك اعتقالات لفلسطينيين من أنصار القدس، لذلك كون «حماس» اعتمدت على الإخوان المسلمين في التسليح والأموال وتسهيل حياة الناس في غزة، جعل المصريين يتشككون في هذا الأمر، لكي لا تنتقل عدوى الإرهاب إلى أراضيهم، هنا لا أتحدث عن غزة، لكن ما يحصل في سيناء يعطي مؤشراً على وجود خلايا مسلحة تواجه الجيش، وأعتقد بأنه لا أحد من الفلسطينيين له مصلحة في ذلك، وأولهم «حماس»، لكي لا تتوتر العلاقات بين الطرفين، هم قاموا بإغلاق الأنفاق، بسبب عبور الأسلحة منه، وفي النهاية كل بلد يفكر بأمنه أولاً، وهذا من حقهم، لأن هناك تخوفاً حقيقياً من الإرهاب عموماً، لكن المعبر يتم فتحه في فترات متقطعة لتسهيل حياة شعب غزة.
محطات كويتية
استذكرت المناضلة ليلى خالد أثناء الحوار السنوات التي عاشتها في الكويت، وقالت: لقد عشت في الكويت ست سنوات، وهي أيام أحبها، لأنني كنت أدرّس فيها، وفي كل سنة كنت أدرّس تسعين طالبة، لذلك دائماً أشعر بشوق كبير للكويت، رغم هذا الانقطاع، لأنني لم أزر الكويت منذ مدة طويلة، وأنا أريد أن أقول شيئاً دائماً كنت أردده باستمرار، في إحدى السنوات زرت الكويت وقمت بزيارة المدارس، كانت المديرة تتحدث حينها في الطابور بأن هناك فدائيات عندنا في المدرسة، وكنت مع صديقتي أمينة دحبور، فطلبت المديرة من الطالبات إعطاءنا ما يستطعن – كان ذلك في الزمن الذهبي كما تعرف – فأتت طالبة وقدمت لي تفاحة، وقالت: هذا كل ما أملك، فأنا اعتبرت أن هذه التفاحة أعظم هدية في حياتي، ليس بقيمتها المادية، لكن بقيمتها المعنوية، لذلك أنا لا أستطيع أن أنسى تلك الأيام في الكويت، وكيف كان يعاملنا الناس بكل محبة واحترام وتقدير، وكيف كانت النساء يقدمن لنا الذهب من أجل القضية الفلسطينية، هذه دلالة على أصالة الشعب الكويتي حقيقة، لذلك أنا أوجه تحية أولاً لطالباتي اللاتي أعتز بهن كثيراً، وللشعب الكويتي الذي قدم الكثير للقضية الفلسطينية، ولم يبخل عليها يوماً، رغم الخلافات السياسية، لكن تبقى الحقيقة للتاريخ، كذلك أريد أن أشير إلى أمر، بأنني متابعة للحراك الديمقراطي في الكويت، وأوجه تحية للشباب الذي يناضل من أجل مزيد من الحرية والديمقراطية، وأكرر تحيتي لشعب الكويت.
__________________________________
منقول عن جريدة الطليعة تاريخ 26/03/2014
نشرت صحيفة «الراي» يوم السبت 22 مارس الجاري نقلاً عن صحيفة «وول ستريت جورنال «الأميركية»: أن واشنطن تتبّعت مبالغ كبيرة من الكويت وقطر لدعم متطرفين يقاتلون المالكي في العراق والأسد في سورية، وذلك بعد أن أعلنت وزارة الخزانة الأميركية أنه إضافة إلى هذه الأموال هناك حملات دعم إعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي متمركزة في الكويت وقطر، وأشارت إلى أن الكويت أصبحت نقطة الارتكاز في تمويل الجماعات المتطرفة العاملة في سورية».كما طالعتنا الصحافة المحلية و«الراي» أيضاً في العدد نفسه عن مقتل المواطن الكويتي جزاع اللغيصم شقيق النائب سلطان اللغيصم في عملية انتحارية في سورية، هذا وقبل أيام أعلن تنظيم دولة العراق والشام «داعش» أنه سيتمدد ضمن خطته قريباً في الجزيرة العربية ودول الخليج، ونحن نترحم على المواطن جزاع اللغيصم وهو ليس المواطن الكويتي الوحيد الذي يقتل في سورية في مثل هذه العمليات، نشير إلى أن هناك عددا من الإحصائيات الغربية حول أعداد الخليجيين والعرب الذين يقاتلون في سورية مع الجماعات الجهادية.ومنذ سنوات تكرر حديث عدد من المسؤولين في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، حول متابعة التبرعات التي تجمع في أماكن عدة بطرق غير مرخصة من الوزارة وبالأخص في المساجد والجمعيات التعاونية والدواوين وتحديداً أثناء شهر رمضان الكريم، وهذه التبرعات بعيدة عن رقابة الحكومة ولا تعرف حجمها أو أين يتم أوجه صرفها أو إنفاقها.ونحن هنا لا ندين جميع الجمعيات الخيرية التي تقدم مساعدات إنسانية لقارة أفريقيا وقراها الفقيرة وغيرها من الدول، فهذا بالتأكيد عمل يصب في صلب مبادئ الإسلام الحنيف، ولا أحد منا ينسى العم الفاضل عبد الرحمن السميط الذي لمع اسمه كرجل كرّس حياته من أجل فعل الخير.لكن هل ننكر حقائق أن بعض الجهات ترسل وتدرب مجاهدين وترسل مبالغ هائلة توجه لدعم التطرف والإرهاب منذ أفغانستان و«طالبان» والقاعدة والشيشان وكل التنظيمات الجهادية التي فرخها التنظيم الأم، وكل ذلك مدون بالوثائق.وبالطبع فإن مسؤول الخزانة الأميركية ديفيد كوهين يكيل بمكيالين، وهذه سياسة الولايات المتحدة المعهودة، فهي من شجع طالبان ومدها بالأموال والسلاح في ظل التنافس بين المعسكرين الشرقي والغربي، وهي التي رعت إرهاب الدولة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني الشقيق، والتي تتعمد الخلط بين المقاومة للمحتل الصهيوني وبين الإرهاب، وهي التي دعمت وشجعت الفاشية والنازيين الجدد ضد الحكومة الأوكرانية وضد الحزب الشيوعي الأوكراني وأحزاب اليسار، بعد أن حاربت النازية والفاشية أثناء الحرب العالمية الثانية، فلا نشك أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يبحثان عن مصالحهما في العالم حتى وإن دعما التطرف والإرهاب.أما دعوات الحكومة لمواجهة التطرف والإرهاب ومراقبة منابع تمويلهما، فهي تشبه دعواتها لمكافحة الفساد التي بقيت حبراً على ورق أو عبر تصريحات المسؤولين الحكوميين فارغة المحتوى، فما سر هذا التغاضي الحكومي عن كل ذلك؟ وما هي مصلحتها بالتساهل وتعريض بلادنا وشعبنا لخطر تصدير الإرهاب لها؟ والتهرب من مسؤوليتها أمام شعبها باتخاذ إجراءات جدية ضد التطرف بكافة أنواعه ومنابع تمويله؟وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
________________________________
منقول عن جريدة الراي 26\03\2014 العدد:12686
بقلم: د. بدر الديحاني
التركيبة السكانية في الكويت مُختلّة بشكل واضح لا تخطئه العين، فبحسب البيانات الرسمية التي وردت في دراسة قيّمة أعدتها "إدارة البحوث بقطاع المعلومات في مجلس الأمة" ونشرتها الصحف في فبراير الماضي، فإن نسبة المواطنين من إجمالي عدد السكان بنهاية عام (2012) هي 31.7% (كانت 37.4% عام 2002) بينما بلغت نسبة غير الكويتيين 68.3% (يمثلون أكثر من 100 دولة وجنسية، ويشكل الآسيويون ما نسبته 62% من إجمالي عدد الوافدين، أي ضعف نسبة الجنسيات العربية مجتمعة تقريباً وهي 33.5%).أما معدل النمو السنوي للسكان فقد كان 5.8% وهي نسبة مرتفعة جداً بالمعايير الدولية (متوسط معدل نمو عدد الكويتيين 3.4% سنوياً يقابله 7.2% لغير الكويتيين).الأرقام الرسمية تشير إلى وجود خلل كبير في التركيبة السكانية، وفي تركيبة القوى العاملة أيضاً، فعدد المواطنين في تناقص لمصلحة الوافدين، ومتوسط معدل النمو السنوي للسكان مرتفع، كما أن نسبة العمالة الوطنية (يونيو 2012) لا تزيد على 23% من إجمالي قوة العمل، بينما تزداد باستمرار نسبة العمالة الوافدة الهامشية وغير الماهرة، ناهيك عن المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية التي من الممكن أن تنتج عن وجود أكثر من مئة جنسية يتحدثون لغات متعددة ولهم ثقافات وعادات وتقاليد مختلفة في الوقت الذي يجب عليهم التعايش كأقليات صغيرة ضمن بقعة جغرافية محدودة جداً!ومن الواضح أن هناك غياباً لسياسة حكومية جادة تعالج اختلالات التركيبة السكانية بحيث تبدأ أولاً بمعالجة الخلل في تركيبة القوى العاملة وبالذات العمالة الهامشية غيرالماهرة (نسبة كبيرة تقوم بالمساعدة في الأعمال المنزلية)، وهو الأمر الذي يتطلب تغيير نمط الاقتصاد الريعي السائد حالياً الذي يشجع على النزعة الاستهلاكية، وذلك لمصلحة الاقتصاد المنتج، مع ضرورة التحكم في عدد العمالة الوافدة في القطاع الخاص بحيث لا تتجاوز نسبة معينة، إذ إن الإحصاءات الرسمية تبين أن أغلب العمالة الوافدة تعمل في القطاع الخاص. كما أنه من الأهمية بمكان أن تبين الحكومة جديتها في تطبيق القانون على تجارة الإقامات التي يقال إن من يديرها هم مجموعة من المتنفذين بعضهم يتبوأ مناصب عليا في الأجهزة البيروقراطية للدولة.ما لم تكن للحكومة سياسة عامة جادة وطويلة المدى لمعالجة خلل التركيبة السكانية وبالذات العمالة الهامشية وغير الماهرة التي ليس لها حاجة تنموية فعلية، فمن غير المستبعد تماما أن يصبح المواطنون، بعد وقت غير بعيد، أقلية صغيرة جداً داخل وطنهم، بينما ستشكل العمالة الهامشية النسبة الأعلى من إجمالي عدد السكان.
_____________________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 26\03\2014
بقلم: د.فواز فرحان*
الصراع الحقيقي في المجتمعات هو الصراع الطبقي بين الطبقات المستغِلة والطبقات المستغَلة، وهذا الصراع هو ما يُحدث التغيير وهو الذي يسير بسببه التاريخ نحو الأمام. والأحزاب السياسية بما يمثلها من خط سياسي وبرنامج اقتصادي-اجتماعي تكون ممثلة إما لمصالح الطبقات المستغِلة أو لمصالح الطبقات المستغَلة؛ مع الأخذ بعين الاعتبار مستويات التطور المختلفة بين الدول وبالتالي نضوج هذه الطبقات من عدمه وما يترتب عليه من عدم وضوح الجانب الطبقي الذي يمثله الحزب السياسي تماماً. تعتبر جماعة الإخوان المسلمين من حيث التمثيل الطبقي حزباً سياسياً يمثل مصالح الطبقة البرجوازية الكبيرة والمتوسطة؛ وفي بعض البلدان قد تتبنى مطالب الطبقة البرجوازية الصغيرة التي يحب البعض أن يدمجها في ما يسمى بالطبقة الوسطى. و يدل على هذا التمثيل البرنامج الاقتصادي-الاجتماعي الرأسمالي لها في مختلف البلدان والخط السياسي اليميني والمنطلق الفكري المتخلف الذي يشكل قاعدة لهذا البرنامج.
وحتى يكون ما ذكرته مدعماً بالأدلة التاريخية والحالية سأتطرق لجانب من الأحداث في بعض البلدان يبين الخط السياسي لهذه الجماعة. في مصر مثلاً؛ تأسست جماعة الإخوان المسلمين في عام ١٩٢٨م تحت ظل رضا القصر الملكي ومباركته، وليست جملة "مات الملك.. يحيا الملك" التي تصدرت صحيفة الإخوان المسلمين عند موت الملك فؤاد واعتلاء الملك فاروق عرش مصر إلا عنواناً لموقفها آنذاك؛ في حين كانت القوى الوطنية والتقدمية المصرية تناضل في سبيل تحرر مصر من الاستعمار واكتمال النظام الديمقراطي الدستوري، وتلقت هذه الجماعة أول دعم مالي علني في بداية تأسيسها من شركة قناة السويس البريطانية، ثم بسبب تورط جماعة الإخوان المسلمين باغتيال النقراشي باشا تعرض حسن البنا مؤسس الجماعة للاغتيال المدبر من أقارب النقراشي باشا بقبول من السلطة الملكية التي استنكرت انقلاب هذه الجماعة ضد ولائها لها. وبعد تحول هذه الجماعة إلى سرية بسنوات حدثت ثورة يوليو ١٩٥٢م وكان موقف جمال عبدالناصر منها إيجابياً بسبب ما يشاع عن انتمائه لها في فترة الأربعينيات، ثم انقلب عبدالناصر على الإخوان تدريجياً بسبب طريقة عملهم واستخدامهم للدين كمدخل للعمل السياسي؛ وبعد ذلك انقلب عليهم كلياً بعد العدوان الثلاثي عام ١٩٥٦م بسبب مواقفهم التي كانت تمثل مصالح الغرب وتحديداً أميركا. وبعد انقلاب عبدالناصر عليهم وقمعه لهم لجأت أغلب كوادرهم التي نجت من الاعتقال إلى المملكة العربية السعودية وتلقت الدعم الكامل من الملك فيصل. وكان للسلطة في الكويت دور معروف في دعم نمو هذه الجماعة وتوسعها بعد استقبال بعض كوادرها الهاربة من مصر. وفي الأردن لم يكن موقف السلطة الملكية ببعيد عن موقف السلطتين السعودية والكويتية منها؛ فقد قام الملك حسين بحل جميع الأحزاب السياسية الأردنية بعد انقلابه على الحكومة الوطنية في عام ١٩٥٧ ما عدا جماعة الإخوان المسلمين! أما في البحرين فما زالت جماعة الإخوان المسلمين حليفة للسلطة فيها ولها تمثيل معتبر في الحكومة في ظل المطالبات الشعبية بالتطور الديمقراطي.
كانت جماعة الإخوان المسلمين مدعومة بالكامل من السلطة في الكويت تحت إطار دعم العمل الخيري ممثلاً فيما يسمى بجمعية الإصلاح الاجتماعي. وحظيت هذه الجماعة بعناية خاصة فيما يشبه التحالف مع السلطة، وفي ظل قمع اليسار في الكويت وإغلاق نادي الإستقلال وغيره من جمعيات النفع العام بعد استنكار الإنقلاب السلطوي الأول على الدستور في عام ١٩٧٦م لم توقع جمعية الإصلاح الاجتماعي على بيان الاستنكار الذي وقعته جمعيات النفع العام وكوفئت بإعطائها منصب وزير كان من نصيب رئيس جمعية الإصلاح الاجتماعي في تلك الفترة! والتحق جزء من جماعة الإخوان المسلمين على استحياءٍ بحركة دواوين الإثنين المعارضة للانقلاب الثاني على الدستور في عام ١٩٨٦م وما يزال الڤيديو الشهير الذي يوجه به الدكتور أحمد الخطيب اللوم الشديد لعبدالله العلي المطوّع شاهداً تاريخياً على التباس موقف هذه الجماعة من انقلاب السلطة على الدستور. في فترة الحراك الشعبي الاحتجاجي ضد فساد السلطة كانت لمجموعة (الصقور) في جماعة الإخوان المسلمين مواقف قد تصنف بأنها إيجابية؛ ولكن في نفس الوقت كانت (حمائمها) مرتبطة بعلاقات اقتصادية وبمصالح مع السلطة توجتها المناصب العالية التي تقلدها ويتقلدها بعض رموز هذه (الحمائم) وكذلك الاستثمارات والمناقصات التي استفادت وتستفيد منها شركات بعض رموز هذه الجماعة. وموقف جماعة الإخوان المسلمين اليوم (بصقورهم وحمائمهم) الملتبس من الخطوات العملية لمشروع الإصلاح الديمقراطي وموقفهم الغامض والمتجه نحو قبول المشاركة بالانتخابات البرلمانية القادمة يدل على تناقض هذه الجماعة.
من هذه الأمثلة التاريخية والحالية نستطيع الوصول إلى النتيجة التي تقول بأن جماعة الإخوان المسلمين لم تكن يوماً جماعة مناضلة في سبيل الحرية والديمقراطية بقدر ما هي حزب سياسي يمثل مصالح الطبقات البرجوازية؛ وهذا ينسحب حتى على حركة حماس الإخوانية والتي لا ننكر دورها المقاوم للعدو الصهيوني في مرحلة معينة. ونستطيع القول كذلك أن انقلاب بعض السلطات العربية عليها -بعد انسجامها معها في بعض المراحل- ليس إلا دليلاً على اختلاف مصالح الجماعة ومواقفها مع هذه السلطات. وفي نفس الوقت ورغم كل هذا التاريخ يجب أن يكون لنا موقف مبدئي ضد أي قمع أو ملاحقة أمنية جائرة لهذه الجماعة وضد وصفها بالجماعة (الإرهابية) ما دامت لم تقم بأعمال إرهابية، وأن يكون موقفنا واضحاً من أن الصراع أو الخلاف معها هو بالأساس يقع في إطار الصراع الفكري والخلاف السياسي.
------------------------------------------
*عضو التيار التقدمي الكويتي.
رغم «البروبغاندا» الحكومية في إقامة مؤتمر الكويت للإسكان وكأنه الحل لمشكلات أكثر من 110 آلاف أسرة تنتظر دورها للحصول على حقها السكني، إلا أن هذه الدعاية والبهرجة لم تقنع الشعب بخطبها الرنانة ووعودها بوجود حل قريب لمشكلة الإسكان.فلم تعد الوعود كافية لتحقيق أبسط متطلبات بناء الدولة الحديثة، أو إعادة بناء بنيتها التحتية المهترئة، ولا لتطوير الخدمات التعليمية والصحية وغيرها، بل إن وعود التنمية وتخصيص أكثر من 30 ملياراً لها هي مثال واضح أمام أبناء الشعب الكويتي على عدم جدية الإدارة السياسية، فقد انتهت أو قاربت السنوات التي حددت لخطة التنمية التي تنتهي في العام الحالي، ولم نر مثالاً ملموساً لهذه الوعود، مثل بناء المستشفيات والجامعات وتطوير أداء الإدارات الحكومية وتحسين الخدمات، وتحويل الكويت لمركز مالي وتجاري، كلها ذهبت أدراج الرياح مع المليارات التي خصصت للخطط التنموية، ولا أحد منا يعلم كيف تم التصرف بهذه المليارات.
لقد فقدت السلطة شعبيتها جراء الوعود المتكررة وتفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وازداد الاستياء الشعبي من عدم إيجاد حلول لمشكلات المرور والإسكان ونقص الأسرة في المستشفيات الحكومية والبطالة وأزمة نقص المقاعد الدراسية في الجامعة الحكومية الوحيدة وتردي الخدمات الصحية والتعليمية وغلاء الأسعار وتدني مستويات معيشة المواطن واستشراء الفساد في الدوائر الحكومية، حتى أصبح البلد في أزمة عامة رغم الفوائض المليارية من عوائد النفط.ألا يعكس ذلك فشل السلطتين التنفيذية والتشريعية في إدارة الدولة؟ وألا يعكس ذلك نفاد مبرراتهما لعدم العمل بجدية لإيجاد حلول لتلك المشكلات التي تتفاقم بسرعة مع مرور السنوات؟ وعدم الجدية في التعامل مع حاجات الناس المعيشية؟ حتى بات مستقبل البلد وأجيالنا القادمة على كف عفريت.وفي المقابل يستحوذ المتنفذون الفاسدون على المال العام بطرق شتى مع انحياز تام لهم من جانب الحكومة على حساب الحياة المعيشية للمواطن وبالأخص محدودو الدخل والفئات الشعبية المهمشة.فإن كان المقصود بهذا العجز والإهمال هو إقناع الناس بأن الحل بالخصخصة وبالاعتماد على القطاع الخاص، فقد أثبتت التجارب في الكويت وفي البلدان التي طبقت بها سياسة الخصخصة، أن ذلك لا يؤدي إلا إلى تحميل الناس عبء هذه الأزمات والسياسات التي أفقرت شعوباً كثيرة، فخرجت باحتجاجات شعبية واسعة شملت أوروبا والولايات المتحدة والدول العربية جراء الإفقار والبطالة واتساع الهوة الطبقية في هذه المجتمعات، ناهيك عن طفيلية وضعف القطاع الخاص لدينا.أما سياسة مكافحة الفساد المزعومة فلم يتأت عنها مثال واحد عن محاسبة الفاسدين والمفسدين وسرّاق المال العام، بل تمت مكافأتهم بعدم استعادة المال المسروق وبمزيد من المناقصات التي تصب في جيوبهم، ولكل ذلك انعكاساته السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي لن يدفع فاتورتها سوى الوطن وأبنائه.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
_______________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 21/03/2014 العدد:12683

ليلى خالد لـ«الطليعة»: الأنظمة العربية تخلت عن القضية الفلسطينية وجعلتها في يد الفلسطينيين وحدهم (1-2)
حوار بدر النجار:أكدت عضو المكتب السياسي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المناضلة، ليلى خالد، أن الأنظمة العربية تخلَّت عن القضية الفلسطينية، وجعلتها في يد الفلسطينيين وحدهم، مشيرة إلى أن هذا الأمر معوق حقيقي لأي تطور يحصل في الوضع الفلسطيني.
وأضافت في حوار مطول مع «الطليعة»، أن اتفاقات أوسلو تعد كارثة حقيقية، موضحة أن هذه الاتفاقات لم تعالج فعلياً جوهر الصراع العربي، ولم تعالج قضية الأرض والسيادة الفلسطينية، وكذلك مسألة عودة اللاجئين، لذلك تبدد كل ما أنجز على طريق الحرية والاستقلال في اتفاقيات عاجزة تماماً عن حل جوهر الصراع.
ولفتت خالد إلى أن حركة القوميين العرب كان برنامجها قائماً على تحرير فلسطين، وأن جميع الأنظمة العربية كان برنامجها هو تحرير فلسطين، لكن لم يستطع أحد أن يحرر أرض فلسطين، بل على العكس، فقد احتلت إسرائيل بقية أرض فلسطين، مؤكدة أن كل الاتفاقيات مع الكيان الصهيوني هي انحراف كامل عن المشروع الوطني الفلسطيني.
قضايا كثيرة حول القضية الفلسطينية تناولها الحوار، وفي ما يلي التفاصيل:
● أريد أن أتحدث عن الماضي.. لقد قمت بخطف عدة طائرات وأخذت تلك العمليات شهرة واسعة.. هل كانت تلك العمليات ضرورة حتمية بالنسبة للقضية الفلسطينية؟ وما المكاسب التي حققتها لها؟ـ أولاً هذا العمل هو عمل تكتيكي استخدم في مرحلة مبكرة، من أجل دق ناقوس في العالم تحت شعار من هم الفلسطينيون، لأن العالم تعامل مع القضية الفلسطينية بأن هناك مجموعة لاجئين بحاجة لمعونات إنسانية، وبدأ التعامل مع هذه المسألة بنصب خيام للاجئين.. لذلك، كان لابد أن نطرح على العالم هذا السؤال. وكانت قد بدأت الثورة الفلسطينية المسلحة، ووفق هذا الإطار، اختارت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تحت شعار «وراء العدو في كل مكان»، أن تقوم بعمليات محددة، للفت انتباه العالم للمضمون الحقيقي للقضية الفلسطينية، وفي الوقت نفسه من أجل إطلاق صراح المعتقلين في السجون الإسرائيلية.. هذا الأمر وضع المسألة في حالة جدل، حيث إن الغرب، بكل مكوناته ومن تبعه في المنطقة، رأى أن هذا العمل لا يخدم القضية الفلسطينية، وأهم ما في الموضوع، هو أننا لم نتعرَّض لأحد، سواء من طاقم الطائرة أو الركاب، بأي أذى، بناء على تعليمات القيادة، وكنا نتحدَّث لهم عن النكبة الفلسطينية، وقد أطلق سراح بعض المعتقلين.. لذلك، فإن هذه العمليات هدفها تكتيكي ولمدة محددة من الزمن، وقد حققت الهدف المرجو منها، أي أنه أصبح هناك إعلام قوي بالنسبة للقضية الفلسطينية، بغض النظر عن وجهة نظر الإعلام، وكذلك تم إطلاق سراح المعتقلين.
العمق العربي
● كانت تلك الفترة هي فترة صعود الحالة الثورية على مستوى العالم، رغم ذلك لم تستطع الثورة الفلسطينية أن تحقق أهدافها المرجوة منها، ما السبب التاريخي لذلك؟ وما الأخطاء التي وقعت فيها الثورة منذ نكسة 67 إلى حرب اجتياح بيروت في 82؟
ـ لا شك أن فصائل المقاومة هي السبب، أولاً، لقد بدأت الفصائل بتنظيمين، هما حركة فتح والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ثم بعد ذلك أصبحت هناك فصائل أخرى، وكان جزء من تلك الفصائل تابعاً لأنظمة عربية، لكي تكون لها حصة في القضية الفلسطينية، والنقطة الثانية أنه أصبحت هناك انشقاقات، وهذا أمر طبيعي في حالة الثورة، والأهم من ذلك أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الغطاء الذي يجمع كل هذه الفصائل، والقيادة فيها كانت هي القيادة اليمينية، التي بدورها لم تسمح بمشاركة الفصائل الأخرى في اتخاذ القرار، وكانت مؤسسات المنظمة إجمالاً هي مؤسسات تابعة لهذه القيادة أو غالبيتها على الأقل، لذلك منذ اللحظة الأولى التي انطلقت فيها الثورة من الخارج، كان لها دعم من الداخل الفلسطيني، الذي كان على خط المواجهة مع المحتل، ولا ننسى أن هذه المقاومة بدأت من الدول المحيطة بفلسطين تحت شعار أن البعد العربي للقضية الفلسطينية مصان، وفي البداية فشلت هذه الأنظمة في حربها مع إسرائيل، التي قامت باحتلال باقي فلسطين والأرض العربية في سيناء والجولان وجزء من الأردن، وبعد سنتين لم تعد تحتمل هذه الأنظمة أن تقوم ثورة مسلحة تدعو إلى التحرير، وجماهير هذه الدول مع الثورة، فكانت أولى المعارك في الأردن، ثم خرجت المقاومة إلى لبنان، وبطبيعة الحال واجهت أيضا قوى لبنانية مضادة، كما أن إسرائيل كانت دائماً مستعدة لمواجهة المقاومة، وبالتالي كل هذه العوامل مجتمعة لم تؤهل هذه الثورة لتحقق أهدافها، ومن المفترض أن تحققها في الداخل الفلسطيني، وليس في الخارج، لكن كما قلت إن العمق العربي هو من يساعد على تحقيق أي هدف على أرض الواقع، وعندما كنا في لبنان خاضت إسرائيل ثلاث حروب مع المقاومة.. لذلك، كان هناك استنزاف حقيقي لها، لكن في ما بعد جاءت الانتفاضة، التي لم يشهد التاريخ لها مثيلاً كبديل شعبي ينادي بالحرية والاستقلال، إلا أن القيادة الفلسطينية التي كانت متفردة في قرارها لم تستفد منها، وذهبت إلى المفاوضات، في ظل ظروف عربية ودولية مساندة للعدو، لذلك عندما نتحدَّث عن القضية الفلسطينية علينا أن نتحدَّث عن المعسكر المعادي الذي واجهه الشعب الفلسطيني، في حين كانت كل الأمة العربية مؤيدة للثورة الفلسطينية، حتى إن الشباب أتوا من كل الدول العربية للاستشهاد في سبيلها، ومع ذلك ذهبت هذه القيادة إلى اتفاقات في ظل ميزان قوى ليس في صالح الثورة الفلسطينية.. لذلك، فإن اتفاق أوسلو يعد كارثة حقيقية، والآن نرى النتائج التي ترتبت على هذا الاتفاق، الذي لم يعالج فعلياً جوهر الصراع العربي، كذلك أريد أن أشير إلى أن الأنظمة العربية تخلَّت عن القضية الفلسطينية، وجعلتها في يد الفلسطينيين وحدهم، وهذا الأمر معوق حقيقي لأي تطور يحصل في الوضع الفلسطيني، وقد جاءت هذه الاتفاقات التي لم تعالج قضية الأرض والسيادة الفلسطينية، وكذلك مسألة عودة اللاجئين، عدا أن هذه الاتفاقات وقعت برعاية أميركية، منحازة بالكامل للجانب الإسرائيلي، وفي الوقت ذاته كانت الظروف العربية سيئة جداً، استغلتها الإدارة الأميركية، لكي تطرح رؤية، وتنهي الصراع بالتوافق مع إسرائيل.. لذلك، بددت كل ما أنجز على طريق الحرية والاستقلال في اتفاقيات عاجزة تماماً عن حل جوهر الصراع، وهذا ما أعطى فرصة لدولة مثل الأردن أن توقع اتفاقية سلام مع إسرائيل، طبعاً بداية المسار في كسر الحاجز الذي يمنع أي علاقة مع إسرائيل من أي طرف عربي هو اتفاقية كامب ديفيد مع مصر، وهذه كانت بداية الهبوط السياسي وإنهاء أي شكل من أشكال المواجهة العربية العسكرية ضد إسرائيل، مع أن سنة 73 أثبت فيها الجندي العربي أنه قادر على هزيمة هذا المحتل، لكن القيادة السياسية في مصر إبان حكم السادات فتحت مجالاً واسعاً في العلاقات مع إسرائيل، ما جعل دور مصر القيادي يضعف، وهذا بطبيعة الحال أثر بشكل مباشر في القضية الفلسطينية، والآن نحن نحصد ثمار اتفاق سيئ لا يعطينا أي حق، بل بالعكس، سلب منا حقوقاً كثيرة.
بين نارين
● بدأ العد التنازلي للثورة الفلسطينية فعلياً، بعد اجتياح لبنان عام 82 وتفرَّقت الفصائل الفلسطينية.. ما السبب في ذلك برأيك؟
ـ كانت هذه هزيمة حقيقية للفصائل الفلسطينية، بكل مكوناتها، وللأسف ما حصل هو أنه لم يكن هناك اتفاق أين سنتواجد في ما بعد؟ على سبيل المثال «فتح» اختارت أن تذهب إلى تونس، وأن توزع المقاتلين على عدة بلدان عربية، منها الجزائر والسودان واليمن، وهذا يضعفها، بسبب تشتتها في أماكن متفرقة جغرافياً، لكن لا يمكن أيضاً أن نتوقع أن هناك بلداً عربياً يقبل بأن يستقبل كل هذا الكم من المقاتلين، وحتى لا أحمل فقط القيادة المسؤولية، فقد بدأت هذه المسألة في ما بعد تعطي تبريرات للقيادة بعدم دعم الحالة الشعبية الثورية التي مثلتها الانتفاضة الأولى.. لذلك، اتجهت إلى الطريق الآخر، وهو طريق المفاوضات، وهذا الأمر أضعف الشعب، بحكم أنهم وضعوه بين نارين.. إما أن تقبل المفاوضات وإما أن تعود للسلاح، وهو ما سبب حالة انقسام شعبي.. لذلك، كان المفترض أن يحشد الشعب بأكمله نحو بوصلة واضحة بالنسبة له، وهو القتال مع العدو، لا التفاوض معه.. لذلك، بدأت الثورة الفلسطينية تضعف بعد الخروج من لبنان سنة 82.
رفض «أوسلو»
● لماذا رفضت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين اتفاق أوسلو في العام 1993؟
ـ نحن منذ 1990 عندما عرض وزير الخارجية الأميركي جيمس بيكر عقد مؤتمر مدريد، واشترط ألا يكون هناك وفد عربي موحد، وكذلك لا تكون منظمة التحرير الفلسطينية وفداً مستقلاً، عارضنا هذا الموقف، لأننا نعتقد بأن أي مؤتمر دولي بقيادة الأمم المتحدة وليس أميركا، لأنه بقيادة الأمريكان يعني أن يكون هناك انحياز كامل للجانب الإسرائيلي، ومع ذلك لم يقنع هذا القيادة الفلسطينية، وذهبت إلى مدريد، وقد تم تشكيل وفد باسم المنظمة، لكن ليس من القيادات البارزة، وكان يقود الوفد الراحل حيدر عبدالشافي، وكان على جدول الأعمال ما هو مختلف عليه، بمعنى أن الوفد الفلسطيني تحدث عن انسحاب إسرائيلي من الضفة وقطاع غزة، وحقوق الشعب الفلسطيني في الأرض.. الخ، ومع ذلك بعد تسع جولات رفضت إسرائيل جدول الأعمال تماماً، وكان من الواضح أن موازين القوى تميل لصالح العدو بالكامل، وخاصة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، والحرب العراقية الأولى، وهذه الظروف كانت مناسبة للإدارة الأميركية كي تطرح هذا المشروع، وفعلياً لم يحقق شيئاً، وكانت هناك قنوات سرية من أجل اتفاقية أوسلو، وها نحن اليوم نحصد النتائج الكارثية لهذا الاتفاق.. هذا الاتفاق لو يقرأه أي شخص يقول إن هؤلاء الذين وافقوا عليه لا يفهمون أي شيء عن الواقع الفلسطيني، وأريد أن أشير إلى أن من عمل هذا الاتفاق هو أحد أهم القانونيين في العالم، وهو يوئيل زنجر، وكان أول سؤال له للقيادة الإسرائيلية: ماذا تريدون من هذا الاتفاق؟ فكان جوابهم أن يكون غامضاً، البند فيه يفسر على أكثر من وجه، ولا يوجد فيه شيء عن الانسحاب من الضفة أو قطاع غزة، وعدم ذكر مسألة الاستيطان، وكذلك عدم ذكر حق عودة اللاجئين الفلسطينيين.. لذلك، عندما سألوا الإسرائيليين عمَّا إذا كان هناك اختلاف على بند معيَّن، كان جوابهم بأن الأقوى ينفذ، وفعلاً هذا الذي حصل، يعني كانت السلطة الفلسطينية ترصد الانتهاكات التي تحصل من قِبل الإسرائيليين، لكن لم تسطع أن تعمل شيئاً للإسرائيليين، هل تذهب وتشتكي للراعي الأميركي؟، لذلك كانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين متنبئة بما سيحصل من قراءتها للواقع بشكل ناضج، حيث إن الجبهة كلها، وحتى أصدقاؤها من الفصائل الأخرى، رفضوا هذا الاتفاق، لكن السؤال ماذا فعلنا؟ نحن رفعنا شعار أننا ندين هذا الاتفاق، ونحن ندرك سلفاً أننا سنكون محاصرين على المستوى الداخلي والعربي وحتى الدولي، وقد حصلت الانتفاضة الثانية، وشاهدنا جنين وما حصل فيها من إبادة بشرية، وكان هناك ما هو أسوأ، وهو اتفاق باريس الاقتصادي، حيث ربطوا الاقتصاد الفلسطيني بالإسرائيلي، يعني هل يمكن لشعب أن ينهض بالاقتصاد في وضع مماثل للوضع الفلسطيني؟ الضرائب تأخذها إسرائيل، وكذلك الحال مع الجمارك، وكلما غضبت القيادة الإسرائيلية أوقفت كل الأموال عن الشعب الفلسطيني، وتستمر المعاناة، هذه الأمور كان من الطبيعي أن تتم رؤيتها والتنبؤ بها، وليست المسألة بأنهم وقعوا اتفاقية ونحن نعارضها من أجل المعارضة، لأن هذا الاتفاق لم يعالج جوهر الصراع، وكي ننهي الصراع يجب أن نعالج الجوهر، والأهم من ذلك رسائل الضمانات التي قدمتها منظمة التحرير وإسرائيل إلى الأمريكان قبل عقد الاتفاق، وكان من تلك الضمانات اعتراف منظمة التحرير بحق وجود دولة إسرائيل، وهو لا يعد اعترافاً دبلوماسياً، بل اعتراف بحق إسرائيل بـ 78 في المائة من أرض فلسطين التي اغتصبت سنة 48، وفعلياً إذا نحن اعترفنا بهذا الأمر، فلماذا نقاتل؟، والدليل على ذلك أن «فتح» عندما قامت قالت سنحرر فلسطين، ولم تتحدث عن الاعتراف بإسرائيل، وهذا الأمر ذكر في برنامج عمل المنظمة، وكذلك حركة القوميين العرب كان برنامجها قائماً على تحرير فلسطين، حتى إن جميع الأنظمة العربية كان برنامجها هو تحرير فلسطين، لكن لم يحرر أحد أرض فلسطين، بل على العكس احتلت إسرائيل بقية أرض فلسطين.. لذلك، هذه الاتفاقيات هي انحراف كامل عن المشروع الوطني الفلسطيني، والدليل على ذلك أن الأرض الفلسطينية الآن نهبها الاستيطان، وكل جولات المفاوضات من أجل إخراج إطلاق سراح المعتقلين قبل سنة 1993.. لذلك، مع الأسف هذه العوامل كلها كانت ضمن رؤية الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لهذا الاتفاق، وأنه مضر للمشروع الوطني الفلسطيني.
● الانتفاضتان الأولى والثانية.. هل قامتا بدورهما لإحياء القضية الفلسطينية؟
ـ الانتفاضة الأولى هي انتفاضة الشعب الفلسطيني بأكمله، وأصبحت كلمة الانتفاضة في كل العالم تعني ما حدث في فلسطين سنة 87، وكل شرائح الشعب الفلسطيني اشتغلت فيها، والعالم وقف يحيي الشعب الفلسطيني، وأصبح لنا مناصرون لم نتوقعهم بعد هذه الانتفاضة، التي كشفت الوجه الحقيقي لإسرائيل، وهنا أتحدَّث تحديداً عن الدول الغربية، وكيف تعاطت مع الانتفاضة، أمام هذه المشاهد التي كانت تبثها شاشات التلفزيون ووسائل الإعلام، بمعنى أن هذا العدو المدجج بالسلاح كيف كان يركض خلف الأطفال والنساء لقتلهم واعتقالهم بشكل بشع.. لذلك، فإن هذه الانتفاضة حققت شيئاً كبيراً جداً على المستوى الفلسطيني، وكذلك العربي، فقد كان هناك خفوت في تأييد القضية الفلسطينية، لكن الأنظمة العربية قامت بالدعوة لمؤتمر قمة عربية، وكان سبب ذلك هو الشعور بالخوف من شعوب تلك الأنظمة التي خرجت إلى الشوارع، وقدَّمت الدعم السياسي والإعلامي والمادي للانتفاضة الأولى.
أما الانتفاضة الثانية، فهي انتفاضة مسلحة، وقد استطاع الشعب الفلسطيني أن يعود للكفاح المسلح بعد نكسة اتفاقية أوسلو، وهذه الانتفاضة لم تأخذ الطابع الشعبي، بل أخذت الطابع المسلح.. بطبيعة الحال، فإن قدرة العدو العسكرية أكبر بكثير مما نملك، لذلك استطاع أن يدمر بشكل كبير، ولكن هذا لا يعني أن الكفاح المسلح خطأ، بل يعني أن القيادة لم تستفد من هذه الانتفاضة لتحولها إلى انتفاضة شعبية ومسلحة في آن واحد، أضف إلى ذلك دخول الإسلام السياسي في هذه المعركة، وأريد أن أذكر بأنه كانت هناك قيادة وطنية موحدة في الانتفاضة، الأولى غير معروفة لأحد، وهي من الفصائل، وكان ذلك كي لا تقوم إسرائيل بملاحقتها، وقد وضعت برنامجاً شعبياً لكي تستجيب له الجماهير، فإذا قالت غداً إضراب أو تظاهرة كانت الجماهير تستجيب.. كان هناك برنامج للحراك الشعبي التي تشارك فيه كل القرى والمدن والمخيمات، وكان محظور استخدام السلاح، لماذا؟ كان السبب هو أن الشارع يموج بالبشر، فأي طلقة رصاص في جهة العدو قد تبرر له القيام القصف بالدبابات، وكان ذلك موقفا حكيما جداً لكي لا نقع في خسائر بشرية كبيرة، لكن الانتفاضة الثانية كان العدو في عهد شارون يحتل الأرض، ومن الطبيعي أن تقاتل بالسلاح، وهذه الانتفاضة لم تأتِ بالكثير، لكن أثبتت أن الشعب الفلسيطيني قادر على مواجهة هذا التحدي في الوقت التي يتعرض فيه لهذا الانتهاك الكبير.
أيقونة المرأة المناضلة
تعد المناضلة ليلى خالد أول امرأة تقوم بخطف طائرة في تاريخ البشرية، كما أنها من أولى الفدائيات اللاتي عملن في المقاومة المسلحة ضد العدو الصهيوني، حتى أصبحت ليلى خالد أيقونة المرأة المناضلة.
ولدت ليلى خالد في مدينة حيفا عام 1944، حيث كانت لا تزال تحت الانتداب البريطاني، وأثناء حرب 48 قام غالبية سكان العرب، بمن فيهم عائلة ليلى، باللجوء إلى مخيمات في لبنان. وفي 15 من عمرها انضمت مع أخيها إلى حركة القوميين العرب المؤسسة من طرف جورج حبش، التي أصبحت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في سنة 1968.وقد اتخذت ليلى خالد الاسم الحركي شادية أبوغزالة، تيمناً بأول مناضلة فلسطينية تسقط شهيدة بعد حرب 1967.
وتعد أول امرأة تقوم بخطف طائرة، في أغسطس 1969، حيث قامت بخطف طائرة شركة العال الإسرائيلية، وتحويل مسارها إلى سوريا، بهدف إطلاق سراح المعتقلين في فلسطين، ولفتت أنظار العالم إلى القضية الفلسطينية.
وبعد فترة قامت بخطف طائرة TWA الأميركية التي هبطت في لندن، وألقي القبض عليها وأفرج عنها بعد ذلك، وتعيش الآن في الأردن مع زوجها ووولديها.
__________________________________
منقول عن جريدة الطليعة تاريخ 19/03/2014
بقلم:علي حسين العوضي
لم أعتد على كتابة مقالات لأرثي شخصيات معينة بعد وفاتها، لأنني دائماً أفضل ألا أكتب باتجاه مشاعري الخاصة تجاه هذه الشخصية، بل أسعى لأن أبحث وراء هذه الشخصية، محاولاً إيجاد بعض الأفكار التي من خلالها نستعيد ذكرى هذه الشخصية.
ولكني اليوم، لا أعلم لماذا أكتب بهذا الاتجاه، وخاصة أن الأحداث على الساحة المحلية والتطورات الإقليمية في منطقة الخليج العربي ومحيطها بدأت تأخذ أبعاداً وأشكالاً مختلفة.
وعندما بدأت بإمساك القلم لأترجم أحاسيسي بكلمات على الورق، أخذني هذا الأمر من دون أن أعلم بأن أكتب عن شخصية لم أقابلها إلا لساعات معدودة، وهي الساعات التي سبقت وفاته، عندما ذهبت إليه أثناء وجوده في المستشفى الذي صادف أيضا في التوقيت ذاته وجود والدي – رحمه الله – في الجناح ذاته.
ذهبت إليه، لأطمئن على صحته، وخاصة عندما علمت أنه عانى من مرض، وطالت فترة علاجه، وتردت أحواله في أيامه الأخيرة، فعندما كنت ألتقيه كان حواراً خارج نطاق المألوف في مثل هذه الزيارات، فكان الحديث يتركز على أحوال التيار الوطني والتقدمي، وما وصلت الحال اليه من تعثر كبير، بعدما فقد بريقه ومعدنه الذي كان يتميَّز به في أوقات سابقة، إلا أنه في المقابل أبدى تفاؤلاً غير محدود بعودة هذا التيار من جديد على الساحة المحلية، إذا ما استطاعت قياداته تلمس هموم الشارع الكويتي، وهو الأمر الذي ركز عليه بإفساح المجال للقيادات الشابة، ومنحها الفرصة لتقوم بدورها في قيادة هذا التيار الوطني والتقدمي، وهو ما تحقق برأيه في السنوات الأخيرة، بتأسيس التيار التقدمي الكويتي، وكذلك عودة العناصر الشبابية لقيادة المنبر الديمقراطي الكويتي.
لم أعرف هذه الشخصية في أوقات سابقة، فكل ما أعرفه عنه أنه كان عضواً في المنبر الديمقراطي الكويتي في فترة من الفترات، وكان مراقباً – وفق حديثه لي- للعناصر الشبابية، ويعرفها تماماً، ويعلم مدى قدرتها على العطاء.
حواري معه، والذي حاولت التخفيف من وقته، إلا أنه رفض ذلك، بل أصرَّ على استكماله، حتى وإن أنهكه التعب في الحديث، كان ينطلق من أفق التعاون والتركيز على القضايا المشتركة التي تجمع أطراف التيار الوطني والتقدمي، قائلا: هناك اتفاق كبير بينكم (كمنبر ديمقراطي وتيار تقدمي)، وهو ما يجب استثماره، مطالباً بنسيان الخلافات وعدم وضع الأمور الشخصية كأمور تعيق أي عمل مشترك بينكما.
وكان الملاحظ في حواري معه تذكره للعديد من الشخصيات في المنبر الديمقراطي، وحرصه الشديد على الإشادة بعدد من الأسماء، وهو ما حمَّلني أمانة نقل بعض ما طرحه في حديثه معي إلى تلك الشخصيات والأسماء.
لا أريد الإطالة في الحديث عن الراحل عمار حمود العجمي، الذي وافته المنية يوم الجمعة الماضي، 14 مارس الجاري، بل إن رفاقه في الدرب والعمل الوطني أقدر مني للحديث عنه، لمعاصرتهم له، وإلمامهم بأدواره التي قام بها في سنوات نضاله، فهو أحد القيادات العمالية والنقابية التي كان لها دور في الدفاع عن القضايا الوطنية والدستورية.
رحمك الله يا «بوناصر»
___________________________
منقول عن جريدة الطليعة تاريخ 19\03\2014
الرفاق الأعزاء في المكتب التنفيذي للتيار التقدمي الكويتي
علمنا بحزن وأسى عميقين بنبأ وفاة الرفيق والمناضل العمالي عمار حمود العجمي، أحد مؤسسي حزب اتحاد الشعب في الكويت الذي صادفت ذكرى تأسيسه يوم رحيل الفقيد في 14 آذار.
لقد خسرت الحركة الوطنية والديمقراطية في الكويت، والتيار التقدمي الذي كان الراحل عضواً فيه، مناضلاً انخرط مبكراً في الكفاح الوطني ضد الاستعمار وكرّس حياته للدفاع عن قضية الطبقة العاملة ومصالح الكاحين. لكن ذكراه ستبقى حيّة في قلوب رفاقه وزملائه، تلهمهم لمواصلة النضال من اجل تحقيق ذات الاهداف السامية، في وطن حرٍ وشعبٍ سعيد.
تعازينا الحارة الى عائلة الفقيد وجميع رفاقه ومحبيه، متمنين لهم الصبر والسلوان.. ولفقيدكم الغالي الذكر الطيب دوماً.
المكتب السياسي
الحزب الشيوعي العراقي
17 آذار 2014

تعزية الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بوفاة الرفيق عمار العجمي
الأخ العزيز أحمد الديّين
في التيار التقدمي الكويتي
تحية رفاقية؛
ببالغ الأسى والحزن وصلنا نبأ رحيل الأخ والرفيق عمار حمود العجمي، الإِبن البار للشعب الكويتي الشقيق، وأحد قادة ومؤسسي حزب اتحاد الشعب في الكويت.
إن رحيل الأخ والرفيق عمار خسارة لشعب الكويت وحركته الوطنية والتقدمية، كما هو خسارة لشعب فلسطين وقواه الديمقراطية والتقدمية.
إننا، في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، نتقدم منكم، وعبركم إلى التيار التقدمي الكويتي، وإلى الرفاق والإخوة في حزب اتحاد الشعب، بأحر التعازي وأصدق المشاعر لرحيل الرفيق عمار حمود العجمي، وعلى ثقة بأن الشعب الذي أنجب عمار ورفاقه، لهو قادر على الدوام أن ينجب المزيد من المناضلين لأجل المستقبل الزاهر والسعيد لشعب الكويت في ظل من الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ونحو المزيد من الاستقرار والازدهار لصالح عموم أبناء الكويت.
وتقبلوا فائق التحية والتقدير
لجنة العلاقات العربية
في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
18/3/2014

تعزية حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني بوفاة الرفيق عمار العجمي
الرفاق المكتب التنفيذي _ التيار التقدمي الكويتي
تحية رفاقية وبعد:
تلقينا ببالغ الحزن والأسى نبأ وفاة الرفيق عمار حمود العجمي، أحد مؤسسي حزب اتحاد الشعب الكويتي والقائد العمالي والنقابي المعروف الذي وافته المنية يوم ذكرى تأسيس الحزب الذي ناضل في صفوفه حتى الرمق الأخير ورغم اشتداد المرض.الرفاق الأعزاءنتقدم منكم وأسرة الفقيد ورفاقه في الحركة النقابية والشعبية بأحر مشاعر العزاء، مؤكدين على القيم التي يتركها المناضلين إرثاً لرفاقهم، ولكل المناضلين من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية.
الدكتور سعيد ذيابالأمين العامحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردنيعمان في 16 آذار 2014
بقلم: د. بدر الديحاني
من الملاحظ انشغال أغلب "القوى السياسية" في متابعة الأمور التي تتعلق بالانتخابات ومجلس الأمة مع إهمال القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تمس مباشرة الحياة المعيشية للناس.وبالرغم من أنه من المهم متابعة الشأن البرلماني وقضايا الانتخابات، فإن العمل السياسي أو العام يفقد معناه الحقيقي إذا لم يرتبط بالدرجة الأولى بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تمس الحياة المعيشية للناس، وهو الأمر الذي يتطلب أن تُقدم المعارضة السياسية بديلاً عملياً للسياسات الحكومية الفاشلة.فالاكتفاء بمتابعة ما يدور في المجلس من أجل التعليق عليه أو انتقاد الحكومة وفضح فشلها في معالجة قضية ما، البطالة مثلاً، من دون تقديم بديل عملي قابل للتطبيق يعتبر مضيعة لوقت الناس والمجتمع، ويفيد الحكومة سياسيا أكثر مما يضرها لأنه يدل على فشل المعارضة.صحيح أن العمل السياسي لدينا غير مُنظّم، وغير مشهر قانونياً بحيث يكون للقوى والتنظيمات السياسية دور مؤسسي في المعادلة السياسية، وفي إدارة شؤون الدولة والمجتمع، ولكن ذلك لا يمنع من أن يكون لها دور في توعية الناس وتعبئتهم من أجل الدفاع عن القضايا الوطنية والمعيشية.لنأخذ، على سبيل المثال لا الحصر، موقف القوى السياسية مما يُسمى سياسة "ترشيد الإنفاق وشدّ الأحزمة"- أو "التقشف الاقتصادي"- التي يبدو أن الحكومة مُصمّمة على تنفيذها في أقرب وقت ممكن، وهو ما أكّده وزير المالية عندما صرّح قبل مدة، فقال "سنمضي قُدما في إعادة النظر في الدعم، وزيادة رسوم المرافق أحد الخيارات التي ندرسها"! وذلك بالرغم من أن سياسة الترشيد، بالشكل الذي تم الإفصاح عنه في برنامج عمل الحكومة، تعتبر سياسة منحازة وغير عادلة.فماذا فعلت القوى السياسية لا سيما ذات التوجه الشعبي من أجل إصلاح أو إيقاف هذه السياسة الاقتصادية غير العادلة التي تتجاهل الأسباب الحقيقية لاختلال الموازنة العامة وتُحمِّل المواطنين من أصحاب الدخول المتوسطة والمتدنية تبعات فشل الحكومة في إدارة المالية العامة للدولة، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى عدم العدالة الاجتماعية وزعزعة الاستقرار الاجتماعي- السياسي؟!لم تفعل القوى السياسية شيئاً له قيمة مع الأسف، بل اكتفت ببعض التصريحات الإعلامية التي انتهى مفعولها في حينه من دون أي تأثير في القرار الحكومي الذي يبدو، كما وعدت الحكومة، أنه سيوضع موضع التطبيق في القريب العاجل.
__________________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 17/03/2014
انتقل إلى رحمة الله النقابي البارز عمار حمود العجمي يوم الجمعة 14 مارس الجاري بعد معاناة طويلة مع المرض، وكان طوال وجوده في المستشفى محاطاً بأصدقائه الأوفياء ورفاقه الذين عرفوه وعملوا معه لعقود من الزمن.
كان أبو ناصر رحمه الله رجلاً شجاعاً ومبدئياً في كل مواقفه، مدافعاً عن الحرية والديموقراطية وعن حقوق العمال، كما كان ضد التعصب القبلي فهو أول من هاجم قبيلته لأنها أجرت انتخابات فرعية قبل تجريمها قانونياً من قبل الحكومة، بل كان يؤمن وينادي بالمواطنة الدستورية ويحارب التخلف الاجتماعي والثقافي ويدعو للتقدم والعدالة الاجتماعية.
عاش الفقيد 68 عاماً كانت حافلة بالنضال رغم صعوبات العيش والعمل، فبدأ حياته جندياً في الجيش، ثم انتقل للعمل كعامل في شركة الزيت العربية اليابانية في الخفجي، وساهم بتأسيس النقابة فيها حيث أصبح سكرتيراً للنقابة، وعلى اثر دفاعه عن حقوق العمال تعرض للملاحقة الأمنية والتهديد بفصله من العمل، ثم تنقل للعمل في شركات النفط الكويتية وظل أميناً على مبادئه ودفاعه عن حقوق العمال، حتى اكتسب حب واحترام زملائه وأعدائه من العمال والمنافسين له.
كما كان «رحمه الله» يحمل هم الوطن والأمة العربية، وانتمى لفترة إلى حركة القوميين العرب، ثم أصبح أحد أعضاء الحركة الشعبية في عمان والخليج مناضلاً ضد الاستعمار الغربي الجاثم على أنفاس الشعوب العربية، وفي 14 مارس 1975 بادر مع مجموعة من العمال والمثقفين بتأسيس حزب اتحاد الشعب في الكويت، وهو حزب يساري تقدمي يمثل مصالح الطبقة العاملة والفئات الشعبية والمهمشة، وضد الرأسمالية التي تستغل العمال والبسطاء، علماً بأن عمر اليسار الكويتي يعود إلى أكثر من ستين عاماً كما وثقته الاستخبارات البريطانية والأميركية في رسائلها ووثائقها القديمة، حيث سبق تأسيس حزب اتحاد الشعب في الكويت تأسيس «عصبة الديموقراطيين» في بداية خمسينات القرن الماضي التي كانت تصدر نشرة راية الشعب الكويتي.
وعلى اثر انضمام مجموعة من العمال والمثقفين انخرط حزب اتحاد الشعب في الكويت في العمل السياسي والنقابي وأصدر نشرته «الاتحاد» عام 1976، بل حاز الحزب بمبادئه ومواقفه على ثقة العمال النقابيين، فأصبح مؤثراً في النقابات وبالأخص في القطاع النفطي وامتد وجوده ونفوذه إلى عدد كبير من النقابيين، بل إلى قيادة الاتحاد العام لعمال الكويت وعلى رأسها المناضل النقابي الراحل ناصر الفرج، الذي كان الوحيد من بين ممثلي جمعيات النفع العام الذي قال جملته المشهورة معترضاً: «باسم الطبقة العاملة الكويتية نرفض حل مجلس الأمة وتعليق العمل بالدستور»، وكان ذلك عندما استدعاهم وزير الشؤون والعمل المرحوم الشيخ سالم صباح السالم ليعلمهم بنية السلطة عام 1976.
وبعد الانقلاب الأول على الدستور عام 1976 وحل نادي الاستقلال، وقعت جمعيات النفع العام على بيان ضد هذا الإجراء ومن بينها الاتحاد العام لعمال الكويت ما عدا جمعية الإصلاح التي رفضت التوقيع عليه، وقام العمال من رفاق أبي ناصر بتوزيعه فاعتقلتهم الحكومة وسجنوا، وكان أعضاء حزب اتحاد الشعب هم الوحيدون الذين اعتقلوا وسجنوا لجرأتهم ونضالهم من أجل توعية الجماهير بخطورة الإجراءات التي اتخذت.
كان الراحل عمار العجمي واسع الثقافة والاطلاع، وكان محباً للموسيقى الكلاسيكية وللأدب، وهو يُرجع الفضل في حبه للأدب إلى الأديب الكويتي وصديقه القديم الأستاذ سليمان الخليفي، وكان يسعد عند زيارتي له في المستشفى للحديث معه في أدب تولستوي ودستيفسكي وتشيخوف ولير منتوف وجون شتاينبك وهمنجواي وفولكنر، وكان يحض الشباب على قراءة الأدب وتذوق الفن والجمال، وكان دائم الابتسام والطرافة، وفي آخر محادثة هاتفية بيننا قبل أن يدخل العناية المركزة، طلب أن نناقش معاً في زيارتي المقبلة أدباء المهجر مثل جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة، وكان مهتماً بشكل خاص بمي زيادة ودور صالونها الأدبي.
رحم الله عمار حمود العجمي النقابي البارز والمناضل الصلب، الذي توفي في 14 مارس اليوم الذي يصادف الذكرى الـ 39 لتأسيس حزبه اتحاد الشعب في الكويت، مثلما كانت وفاة المفكر والمناضل اللبناني محمد دكروب الذي توفي في ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي اللبناني.
وحضر عزاء أبو ناصر مجموعة من محبيه من دول الخليج مثل السعودية والبحرين.
وبهذه المناسبة لابد من استذكار نقابيين مناضلين رحلا عنا مثل النقابي ناصر الفرج والنقابي صالح الدرباس وغيرهما، اللذين لم يحظيا بتكريم رسمي.
وليد الرجيب
osbohatw@gmail.com
_______________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 16/03/2014 العدد:12677
يتقدم التيار التقدمي الكويتي بجزيل الشكر والتقدير للتيارات السياسية الكويتية وللأحزاب اليسارية والتقدمية الشقيقة في الخليج والوطن العربي وللأصدقاء والمحبين ولكل من قدم التعازي برحيل الرفيق عمار حمود العجمي عضو التيار التقدمي الكويتي والمناضل العمالي وأحد مؤسسي حزب اتحاد الشعب في الكويت في عام ١٩٧٥م. ويجدد التيار التقدمي الكويتي تأكيده على الالتزام بالنضال في سبيل التقدم والحرية والعدالة الاجتماعية كما التزم به الرفيق الراحل حتى رمقه الأخير وعلى السير قدماً في طريق الوصول إلى وطنٍ حرٍّ وشعبٍ سعيدٍ كسير الرفيق الراحل من غير تردد أو انحراف.
ِ
بقلم: د. فواز فرحان*
يسعى اليسار دائماً إلى التغيير نحو الأفضل في نواحي العدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطية وبما يضمن تقدماً حقيقياً للمجتمع على جميع المستويات وفي مختلف جوانب الحياة. والعدالة الاجتماعية كما يفهمها اليسار تكون عن طريق تقليص الفوارق الطبقية باتجاه إلغائها تماماً بحيث تكون ملكية (وسائل الإنتاج) ذات طابع اجتماعي لا فردي؛ وهذا لن يتحقق كاملاً إلا في ظل الإشتراكية. وينظر اليسار للحرية على أنها الحرية العامة للمجتمع والتي لا تقمع الحريات الشخصية مع وضع مصلحة المجتمع ككل قبل المصلحة الشخصية الضيقة. والديمقراطية كما يراها اليسار هي الديمقراطية التي تكون فيها سيادة الأمة سيادة حقيقية وليست التي يتم استخدامها لتثبيت سطوة الطبقة المسيطرة ولإعادة إنتاج الواقع الإستغلالي الرأسمالي الذي تتسيّده البرجوازية.
لا يوجد عند اليسار نموذج واحد معلب يفرضه على كل واقع بمختلف ظروفه الزمانية والمكانية، ولكنه يقرأ الواقع طبقياً مع فهمه لمستوى تطور المجتمع ويضع مشروعه المرحلي بناءً على قراءته لهذا الواقع. والتطور السياسي والاقتصادي بناءً على فهم اليسار هو تراكم كمي يؤدي إلى تغيّر نوعي، وهذا التراكم مفتاحه النضال المستمر والحصول على المزيد من المكتسبات حتى الوصول إلى الهدف الأسمى والصورة الأفضل؛ وليست الملكيات الدستورية والأنظمة الإشتراكية غير المكتملة إلا مراحل أكثر تطوراً مما سبقها يحصل فيها الناس على مكتسبات أكثر ويسترجع حقوقاً أوسع. فمن يحصر مشاريع اليسار على مستوى التطور السياسي والديمقراطي بالجمهورية الديمقراطية فقط وعلى مستوى التطور الاقتصادي-الاجتماعي بالنظام الإشتراكي الكامل فقط عليه أن يعيد تعريفه وفهمه لليسار. قد يتحقق التطور السياسي والديمقراطي في ظل الملكيات الدستورية وقد يتراجع هذا التطور في ظل الجمهوريات الديمقراطية؛ وليست النرويج والدنمارك والسويد إلا نماذج ناجحة على اكتمال الحياة الديمقراطية ونضوج الواقع السياسي في ظل الملكية الدستورية. بحسب مؤشر الديمقراطية العالمي تتربع النرويج والدنمارك والسويد على قمة الدول المكتملة ديمقراطياً وتصنّف على أنها (ديمقراطيات كاملة)؛ بينما تقع الكثير من الجمهوريات الديمقراطية في مراكز أقل بكثير من مراكز الدول سالفة الذكر. وعلى مستوى العدالة الاجتماعة تحرز النرويج والدنمارك والسويد المراكز الأولى بناءً على مؤشر التنمية البشرية العالمي؛ بينما قد تكون هذه العدالة الاجتماعية متراجعة في دول ترفع شعار (الإشتراكية) وليس لها من هذا الشعار نصيب إلا البهرجة الإعلامية.
في الكويت على سبيل المثال باتت الدعوة إلى استكمال النظام الديمقراطي البرلماني في ظل الإمارة الدستورية مطلباً مستحقاً ومتبنى من أغلب الأطراف المعارضة الكويتية، وهذا يعتبر فهماً واقعياً لطبيعة مجتمعنا ولمستوى تطوّر النظام السياسي في الدولة. وعلى مستوى النظام الاقتصادي يجب التركيز على الحفاظ على المكتسبات الاجتماعية في مجالات التعليم والصحة والإسكان والدعم الغذائي والعمل وعدم تصفية القطاع العام لصالح البرجوازية والرجوع إلى ما نصت عليه مناقشات اجتماعات المجلس التأسيسي في عام ١٩٦١م وخصوصاً الجلسة ٢٦ حيث قال الخبير الدستوري د.عثمان خليل عثمان في رده على استفسار السيد سليمان أحمد الحداد بأن الدولة تتبنى (الإشتراكية المعتدلة) كنظام اقتصادي.
خلاصة القول هي أن تبني النظام الديمقراطي البرلماني في ظل الملكية الدستورية أو الإمارة الدستورية كأفق للتطور السياسي وتبني الحفاظ على المكتسبات (الإشتراكية) والسعي نحو تطويرها كأفق للتطور الاقتصادي-الاجتماعي ليس تراجعاً من اليسار ولكنه فهم واقعي لمستوى تطور الدولة والشعب.
-----------------------------------------
*عضو التيار التقدمي الكويتي.

تعزية اتحاد عمال البترول وصناعة البتروكيماويات بوفاة الرفيق عمار العجمي.
السادة رئيس وأعضاء التيار التقدمي الكويتي
باسمي ونيابة عن زملائي أعضاء المجلس التنفيذي لاتحاد عمال البترول وصناعة البتروكيماويات أتقدم لكم بأحر التعازي القلبية والمواساة بوفاة المغفور له باذن الله تعالى الزميل المرحوم/ عمار العجمي (مؤسس التيار) ، سائلين المولى عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناتهانا لله وانا اليه راجعونعبدالعزيز محمد الشرثانرئيس اتحاد عمال البترول وصناعة البتروكيماويات
الرفاق في المكتب التنفيذي للتيار التقدمي الكويتيتحية وبعد،،تلقينا في حزب الشعب الفلسطيني ببالغ الحزن والأسى نبأ وفاة الرفيق عمار حمود العجمي احد قادة ومؤسسي حزب اتحاد الشعب في الكويت بعد صراع طويل مع المرض.وقد كان الفقيد الراحل مناضلا عماليا صلبا تعانقت حياته الخاصة مع سيرته النضالية وسار في طريقه النضالي من اجل حياة افضل للفئات العاملة ومحدودي الدخل رغم العقبات والصعاب التي اعترضت طريق التيار العمالي التقدمي في الكويت ومنطقة الخليج.وإننا في حزب الشعب الفلسطيني اذ نتقدم من المكتب التنفيذي في التيار التقدمي الكويتي بأخلص وأعمق تعازينا فإننا نقدم تعازينا ايضا لأسرة الفقيد وزملائه وأصدقائه الذين سيواصلون حمل نفس الراية التي حملها ودافع عنها فقيدنا الراحل.المكتب السياسيحزب الشعب الفلسطيني16/3/2014
الى المكتب التنفيذي
في التيار التقدمي الكويتي
الرفيقات والرفاق الأعزاء،
ببالغ الحزن والأسف تبلغنا نبأ وفاة الرفيق عمار حمود العجمي، أحد مؤسسي حزب اتحاد الشعب الكويتي والقائد العمالي والنقابي المعروف والمحبوب الذي وافته المنية يوم ذكرى تأسيس الحزب الذي ناضل في صفوفه حتى الرمق الأخير ورغم اشتداد المرض.
اننا نتقدم منكم، وعبركم من أسرة الفقيد ورفاقه في الحركة النقابية والشعبية، بأحر التعازي. ونحن على يقين أن تاريخه النضالي سيبقى منارة لكل الذين يناضلون في سبيل وطن حر وشعب سعيد.
نشدّ على أياديكم ونؤكد لكم تضامننا معكم في هذه المحنة
المكتب السياسي
للحزب الشيوعي اللبناني
بيروت في 15 مارس – آذار

تعزية جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) - البحرين بوفاة الرفيق عمار العجمي
ببالغ الحزن والأسى بلغنا نبأ وفاة الرفيق العزيز عمار حمود العجمي أحد المناضلين الصلبين والذي أفنى عمره في النضال الوطني ورفعة شأن الشعب الكويتي الشقيق وشعوب المنطقة، وهو أحد مؤسسي حزب اتحاد الشعب في الكويت، حيث آمن بعدالة قضية شعبه في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة وتشييد الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة.
بإسمي ونيابة عن المكتب السياسي لجمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) ومنتسبيها وأصدقائها.. نتقدم لكم بخالص العزاء لرحيل هذا الرفيق ونتمنى أن تكون آخر الاحزان
ودمتم..
رضي الموسوي
القائم بأعمال الأمين العام
جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد)
المنامة_ البحرين
14 مارس 2014

تعزية المنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين بوفاة الرفيق عمار العجمي
الرفيق العزيز ضاري الرجيب ، منسق التيار التقدمي في الكويت
ببالغ الحزن والأسى تلقينا خبر وفاة المناضل الكبير، القائد العمالي البارز رفيقنا العزيز عمار حمود العجمي، الذي رحل مأسوفا عليه في نفس يوم ذكرى تأسيس حزب اتحاد الشعب في الكويت في 14 مارس 1975 . وقد كان الرفيق عمار العجمي أحد أبرز مؤسسيه كحزب للطبقة العاملة وكادحي الشعب الكويتي ووهب نفسه للنضال في صفوفه من أجل تحقيق أهداف الشعب وطبقته العاملة في الديمقراطية والتقدم الاجتماعي والسلام.
وعبر سنوات من نضالاتنا في صفوف جبهة التحرير الوطني البحرانية عرفنا الرفيق العزيز أبا ناصر، كما رفاقه، شريكا ونصيرا قويا لحزبنا، لم يدخر جهدا في إبداء التضامن الكفاحي مع قضية شعبنا العادلة ومناضلا أمميا شارك في عدد من الأنشطة العالمية الطابع في حركات السلم والتضامن إضافة إلى الحركة العمالية العالمية.
كما عرف من عايشه من رفاقنا فيه مثال التضحية والمبادرة والصراحة التي لا تعرف المجاملة. وعرفوا فيه دماثة الخلق وروح التفاؤل في أحلك الظروف، وهي صفات ظلت ملازمة له في صراعه الطويل مع المرض وهو يتابع نضالات شعبه وما يجري في المنطقة والعالم. وحتى الرمق الأخير ظل يشحن في رفاقه تلك الروح الكفاحية التي لازمته دوما.
إنها لخسارة فادحة نشعر بها وإياكم، ورفاق دربه في منطقة الخليج والجزيرة العربية الذين خبروا نضالاته. نتقدم إليكم وإلى ذوي الفقيد الغالي الرفيق عمار العجمي بخالص العزاء، واثقين من أن ذكراه العطرة وسيرته النضالية الساطعة ستلهم أجيالا من المناضلين.
عبد النبي سلمان
الأمين العام، المنبر الديمقراطي التقدمي
14 مارس 2014
بقلم: أنور الفكر*
"إن أعظم قيم النضال احترام الرأي الآخر" ... هذه آخر كلماته ونصائحه لي وهو يودعني ونحن على ثقة بأن نلتقي قريباً، ومضت الأيام وجاء خبر وفاته.
وبقلوب كانت تملؤها السعادة والاستعداد لاحياء الذكرى الـ٣٩ لتأسيس حزب اتحاد الشعب في الكويت شاء القدر وشاءت الطبيعة أن يتبدل ذلك ويخيم الحزن ويتحول الفرح إلى رثاء لأحد أبطال الحركة النقابية العمالية ولأحد مؤسسي حزب اتحاد الشعب ذات التوجه الماركسي والممثل للطبقات العاملة والفئات الشعبية والمهمشة والحارس لمصالحها والناقل لهمومها والقوى العمالية والذي أسس في مثل هذا اليوم من عام ١٩٧٥.
أكتب هذه الكلمات وأنا أجهش بالبكاء وأعيد ترتيب أوراقي التي أفسدها اختلاط الحبر مع الدموع فأصبحت ترسم وتعبر عن حال فوضى المشاعر التي تعج بداخلي بين التحلي بعزيمة الفقيد وبين عاطفة فتى لا زال بحاجة للفقيد... ولكن في بعض الأحداث الورق يبكي ويعلن تضامنه.
رحلت روحك وسكنت أعمالك في وجداننا، ولعل رحيلها سيشهد ولادتها من جديد في ضمائرنا وأعمالنا.. أبكي اليوم على عظيم رحيلك وكيف أنصفك القدر وناصرتك الطبيعة طالما ناصرتهما على طوال سنوات حياتك، بأن يكون يوم رحيلك هو يوم ذكرى تأسيس مدرستك الفكرية والنضالية.
أبكي اليوم لأنني فقدت عزيمتك وأنت على فراش المرض وقد أنهكك وأرهق جسمك وقدر على ما لم تقدر عليه أنظمة وحكومات،وأنت تقول لي: إسمع يالفكر.. عليك بالقراءة كثيراً والكتابة قليلاً وهالله هالله بالأدب.. كانت كلمات بسيطة ولكنها توازي ما قد تعلمناه بالجامعات. وقد شاء القدر وارتضت الطبيعة على أن أناصفك رضاهما، فحين تلقيت خبر وفاتك كنت غارقاً في القراءة كما أوصيتني وكنت مستمتعاً في قراءة كتاب بعنوان "في طريقي إلى السجن".
وداعاً يا أبا ناصر.. فلن يهزمني رحيلك لأن روحك تشكلت فيني ونضالك سكن بي وعزيمتك تكونت بداخلي وسيرتك قد أثمرت وأنضجت مناضلاً تقدمياً -أعدك- لن ينحني ولن ينكسر.
ولأنني وجدت في هذه الأبيات ما يذكرني بك فأنا أهديها لروحك ولذكراك... رحمك الله بواسع رحمته
على الرغم من أنف الدهر خلدك الدهرُ
ورغم عقوق العصر أنصفك العصرُ
ورغم الذي عانيت من ظلم طغمةٍ
وظلمة سجن كان يفضله القبرُ
صمدت لهم كالطود تدحض زورهم
وراحت تنير الدرب أنجمك الزُهرُ
وكنت بها فرداً قليل نصيره
وكانوا بها جمعاً وأنصارهم كثرُ
ولكنهم كانوا رياءً وباطلاً
وكنت بها حقاً يحالفه النصرُ
فزالوا فقاعاتٍ وخلدت شامخاً
ومن يخطب العلياء لم يغله المهرُ
(أبيات للشاعر العراقي السيد عبدالمنعم العجيل في رثاء الشاعر فهد العسكر)
___________________________________
*أمين سر التيار التقدمي الكويتي

بيان نعي الفقيد الراحل عمار حمود العجمي عضو التيار التقدمي الكويتي
ببالغ الحزن والأسى ينعي المكتب التنفيذي في التيار التقدمي الكويتي الزميل والرفيق المناضل العمالي عمار حمود العجمي الذي وافته المنية ظهر هذا اليوم إثر معاناة طويلة مع المرض، وسيوارى جثمانه الثرى غداً صباحاً في تمام الساعة التاسعة بمقبرة صبحان وسيكون العزاء في منطقة هدية قطعة ٣ الشارع الثالث منزل ٦٦، ويتقدم المكتب التنفيذي بخالص العزاء لأسرة الفقيد ولرفاقه وزملائه وأصدقائه ومحبيه متمنياً لهم الصبر والسلوان على فراق هذه الهامة التاريخية العالية في العمل النضالي.
الرفيق الفقيد عمار العجمي من مواليد ١٩٤٦م، وكان أحد أعضاء الحركة الثورية الشعبية في عمان والخليج العربي، وشارك رفاقه في طريق النضال من أجل تحرر شعوب الخليج العربي من نير الإستعمار الغربي الذي كان جاثماً على صدورهم حتى بداية سبعينيات القرن الماضي، كما أنه كان أحد مؤسسي حزب اتحاد الشعب في الكويت والذي يمثل مصالح الطبقات العاملة والفئات محدودة الدخل؛ حيث كان تأسيس هذا الحزب في ١٤ مارس/آذار ١٩٧٥ مصادفاً لرحيله اليوم، وكان الفقيد مناضلاً عمالياً صلباً كرس جزءاً كبيراً من حياته للدفاع عن حقوق عمال النفط في الكويت وكذلك في المنطقة المحايدة التي أصبحت المنطقة المقسومة بين الكويت والسعودية حيث أنه كان سكرتير نقابة عمال شركة الزيت العربية اليابانية في الخفجي وتعرض في تلك الفترة للملاحقات الأمنية والتضييق في العمل.
والفقيد الراحل كان عضواً في التيار التقدمي الكويتي.
لقد كان الرفيق الفقيد ثابتاً على مبادئه وملتزماً بخطّه الفكري وصلباً في مواقفه، وفي نفس الوقت لم يكن جامداً فكرياً وكان يدعو دائماً إلى التجديد والتطوير وملامسة الواقع والظروف عند صياغة المشاريع ومخاطبة الجماهير، وكان لا يبخل بالنصائح والإرشادات والتوجيهات للشباب التقدميين رغم شدة مرضه وتكرار دخوله إلى المستشفى، لم تكن الابتسامة تغيب عن محيّاه ونادراً ما كان يشكو من الآلام وكان يواجه تعاطف رفاقه وأصدقائه مع وضعه الصحي بطرفاته المعهودة ليخرجهم مما هم فيه تجاهه.
لذكرى فقيدنا الرفيق عمار حمود العجمي المجد والخلود، ولن يكون غياب جسده عنا غياباً لسيرته النضالية، وسيستمر المخلصون في السير على طريقه للوصول إلى وطنٍ حرٍّ وشعبٍ سعيد.
المكتب التنفيذي في التيار التقدمي الكويتي
الجمعة ١٤ مارس/آذار ٢٠١٤

بيان صادر عن اجتماع الدورة الثامنة للجنة المركزية في المنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين
اختتمت اللجنة المركزية للمنبر الديمقراطي التقدمي أعمال دورتها الثامنة مساء يوم الثلاثاء 4 مارس/آذار2014، وذلك برئاسة الأمين العام الرفيق عبد النبي سلمان، الذي استهل الاجتماع بتوجيه تحية لشعب البحرين العظيم في الذكرى ال 49 لانتفاضة مارس1965 المجيدة ،التي نستلهم منها جميعا معاني التضحية والنضال الوطني في سبيل تحقيق المطالب الوطنية المشروعة والعادلة، حيث تجسدت فيها بحق ملاحم من وجوه البطولة والتضحية ضمن حالة الانسجام والوحدة والتلاحم الوطني بين مختلف فئات الشعب وشرائحه، وقادته القوى الوطنية الديمقراطية بجدارة ومسؤلية على طريق التخلص من نير الهيمنة الاستعمارية والاستغلال لخيرات بلادنا وعلى طريق بناء الدولة المدنية الديمقراطية العصرية التي تتعزز فيها الحريات وحقوق الانسان .
وقد أفرد الاجتماع جلسة كاملة لمناقشة الأوضاع التنظيمية وكيفية تطوير دور القطاعات واللجان وتحفيز الأعضاء للاسهام في مختلف أنشطة" التقدمي" وتطوير الفعاليات السياسية والاجتماعية خلال الفترة القادمة، وفي هذا الاطار تم الاتفاق على تشكيل لجنة تهتم بتنظيم شؤون العضوية، وكذلك لجنة أخرى للاعداد لاحتفالية الذكرى الستين لتأسيس جبهة التحرير الوطني البحرانية المزمع اقامتها بعد عام من الآن. كما قدمت لجنة وحدة التنظيم تقريرا أوليا حول ما توصلت اليه من استنتاجات بعد التواصل مع عدد من الرفاق المستقيلين والمبتعدين، حيث جرت مناقشات موسعة أكدت الحرص على ضرورة استمرار اللجنة في دورها نحو تحقيق مزيد من التواصل بين الأعضاء والعمل من خلال لقاءات مصغرة تحقيقا لمزيد من التفاهم،مناشدة الجميع التحلي بالروح الرفاقية والحرص على وحدة التنظيم والتمسك بالثوابت النضالية والفكرية، وتقديم المثل والقدوة في كيفية الخروج بتوافقات ترضي الجيمع وتقود لمزيد من التلاحم والوحدة داخل صفوف التنظيم، آخذين في الاعتبار حالة الانشطار المجتمعي وتعقيدات وانعكاسات الوضعين السياسي والاجتماعي التي تمر بها البلاد منذ أكثر من ثلاث سنوات والدور المنتظر جماهيريا من المنبر المتقدمي في قيادة وتوجيه نضالات الجماهير.
كما جرى استعراض موسع لجملة الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية في البلاد وتداعياتها على واقع العمل السياسي بشكل عام، والمهمات الملقاة على عاتق القوى السياسية والمجتمعية خلال المرحلة القادمة، والعمل مع مختلف القوى السياسية المعنية على إخراج بلادنا من حالة التأزم السياسي القائمة، على طريق تحقيق المطالب العادلة والمشروعة لشعبنا والمضي بالبحرين نحو مسار التحول الديمقراطي المنشود، آخذين في الاعتبار جملة المخاطر المحلية والاقليمية وحالة الاستقطابات السياسية والطائفية والمذهبية التي تشهدها المنطقة، وازدياد حالة التشنج السياسي بشكل عام ودعوات العنف والفرز الطائفي البغيضة التي باتت تخيم أجواءها على بلادنا بشكل خاص والمنطقة بشكل عام، الأمر الي يستدعي دورا أكثر حيوية وبروزا للقوى الوطنية الديمقراطية والتقدمية باعتبارها قوى عابرة للطوائف.وقد أدانت اللجنة المركزية للتقدمي التفجير الاجرامي الذي حدث في "منطقة الديه" بتاريخ 4 مارس/ آذار 2014 الجاري والذي استشهد نتيجة له ثلاثة من منتسبي قوات الأمن بينهم ضابط من دولة الامارات العربية الشقيقة، ويتقدم المنبر التقدمي بخالص العزاء والمواساة لآهاليهم وذويهم في مصابهم الجلل، داعيا للجرحى منهم سرعة الشفاء، كما طالب السلطات بممارسة المزيد من الشفافية في الكشف عن من يقف من وراء ذلك الفعل الآثم وتقديمهم أمام محاكم عادلة، دون الامعان في المزيد من الاجراءات العقابية الجماعية للآمنين في المناطق والقرى والأحياء عبر تكثيف القبضة الأمنية وتعطيل الطرقات ومصالح الناس دون مبررات موضوعية كما يحصل الآن . وتؤكد اللجنة المركزية للتقدمي مجددا على رفضها وادانتها بشكل قاطع لأي نوع من أنواع العنف ومن أي طرف كان، مناشدة الجميع عدم التهاون مع تلك الممارسات التي تسيء أول ما تسيء للمطالب العادلة والمشروعة لشعبنا والتي تفرض على الجميع مسؤلية فضحها والتبرؤ منها كممارسات لا ترقى بل تسيء لنهجنا النضالي السلمي الذي ميز حراكنا الوطني عبر عقود طويلة، رافضين كل تلك المسميات والدعوات التي أطلقتها جهات تنتمي الى ما سمي بسرايا المقاومة او مجموعات الأشتر وما ترافق معها من دعوات للعنف والفتنة التي لا نريد لشعبنا أن يكتوي بحقدها وكراهيتها، والتي لا نقبل السكوت عن ممارساتها وخطابها التحريضي الذي يزيد شق وحدتنا الوطنية ويتطلب موقفا مسؤولا من قبل السلطات والجهات المعنية للجمه وتجريمه، حفاظا على مصالح ووحدة شعبنا ومستقبل آجيالنا في التمتع بحياة حرة وكريمة بعيدا عن أي نوع من أنواع التمترس الطائفي والمذهبي الذي جربت مراراته واكتوت بنيرانه شعوب قريبة وبعيدة عنا على حد سواء.
كما توقفت اللجنة أمام زيارة وفد المفوضية الأممية لحقوق الأنسان الحالية للبحرين، مشددة على ضرورة التعاون مع الوفد وتقديم كل ما يمكن أن يخدم ويفيد قضية حقوق الانسان في بلادنا، والتي بات على الجهات الرسمية على وجه التحديد مسؤولية أن تقدم ما يفيد جديتها في التعاطي مع ملف حقوق الانسان والايفاء بتعهداتها أمام المجتمع الدولي، نظرا للتراجع الخطير الذي دللت عليه المعطيات والأرقام والحقائق وما رافقها من زيادة حجم الانتهاكات والملاحقات للنشطاء، وازدياد عدد القضايا المنظورة أمام المحاكم ونوعية وحجم الأحكام الصادرة بحق النشطاء، والتي تبقى في جانب مهم منها مؤشرا سلبيا على طبيعة ما جرى في بلادنا خلال الأعوام الثلاثة الماضية والتي لا زالت مستمرة وبوتيرة تصاعدية حتى الآن، وقد قوبلت باءدانات دولية واسعة من قبل العديد من دول العالم، كما استدعت مناشدات مستمرة من قبل العديد من المنظمات الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة، كما أن التقرير الصادر مؤخرا عن وزارة الخارجية الأميركية قد شخص بشكل واضح حالة التأزم السياسي والحقوقي التي تعيشها البحرين، ودعى لضرورة تحقيق حل سياسي شامل يحقق طموحات جميع مكونات شعب البحرين نحو العدالة والحرية والديمقراطية، وأهمية توقف ممارسات التعذيب والقمع والتمييز التي تمارس على نطاق واسع، مطالبا السلطات في البحرين بالالتزام بتعهداتها أمام المجتمع الدولي وبالتنفيذ الأمين لتوصيات اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق وتوصيات مجلس حقوق الانسان العالمي، وبالمثل دعى البرلمان الاوروبي من جانبه السلطات في البحرين لاحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، مطالباً الدول الأوروبية بمعالجة الوضع المتردي في البحرين وإدانة الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان فيها.
وتوقفت اللجنة المركزية أمام تبعات استمرار الأزمة السياسية وتردي الأوضاع الأمنية في البلاد، وتفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتوقف العديد من المشاريع الحيوية نتيجة استمرار العجز في الميزانية العامة للدولة، مع تسارع وتيرة ارتفاع الدين العام وما يمثله من اعباء ومخاطر محدقة ستجد تعبيرا لها عاجلا أم آجلا على جملة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين إذا ما سارت الأمور على هذا المنوال الخطير وغير المقبول،وفي ظل العجز المريع الذي تتسم فيه طبيعة مناقشات ومعالجات السلطة التشريعية وتخبط السياسات التنفيذية، الأمر الذي يهدد مركز البلاد المالي ووضعها الإتماني بالتدهور ويزيد من تبعيتها الاقتصادية والسياسية ويفتح ثغرات كبرى لمزيد من استنزاف اقتصادنا الوطني. كما تنعكس الأزمة وبالا على تردي أوضاع كادحي وشغيلة بلادنا في مختلف مجالات التشغيل حيث تزداد معدلات البطالة وتتراجع معدلات الأجور وترتفع الأسعار وتتراجع المشاريع الاسكانية ومستويات وجودة الخدمات التعليمة والصحية وبقية الخدمات، ويزداد الأمر سوءا في ظل هيمنة قوى الفساد على مقدرات اقتصادنا الوطني والشركات الكبرى حيث تغيب الرقابة الفاعلة وأدوات المساءلة للفاسدين، ويستمر العبث بالمال العام، وتضيع الثروات ومقدرات البلاد، ذلك بعض مما تعكسه تقارير الرقابة الرسمية والعديد من الفضائح المالية التي أضحت في تزايد مستمر دون رادع.
كذلك قدم الرفيق الأمين العام شرحا حول كافة اللقاءات التي تمت مع مختلف القوى والفعاليات السياسية، وتوقف بشكل خاص أمام اللقاء الذي أجراه وفد قوى المعارضة مع سمو ولي العهد في الخامس عشر من يناير/ كانون الثاني2014 وما تبعه من حوارات ونقاشات موسعة بين قوى المعارضة السياسية والتي شارك فيها المنبر التقدمي بفاعلية وحيوية، حيث توجت تلك النقاشات الجادة بتقديم قوى المعارضة لمرئياتها المشتركة بشأن الحل السياسي للديوان الملكي مطلع فبراير/ شباط 2014 كما أجرت اللجنة المركزية استعراضا موسعا لمجمل الأوضاع السياسية والاجتماعية في البلاد، وما يرتبط بها من مخاوف حقيقية نتيجة الزيادة المضطردة في حجم وكثافة القبضة الأمنية التي تصر السلطة على الاستمرار فيها، دون أفق للخروج من هكذا وضع، حيث تزايدت خلال الفترة الأخيرة حدة وحجم الاعتقالات والمداهمات الأمنية وإغراق القرى والمناطق والأحياء بمسيلات الدموع، كما تزايد عدد المعتقلين ومن مختلف الأعمار، الى جانب سقوط العديد من الشهداء جراء ممارسات التعذيب والتي كان آخرها استشهاد الشاب جعفر الدرازي من قرية الديه جراء التعذيب والاهمال في العلاج، اضافة الى العديد من الحالات الحرجة للعديد من المصابين والجرحى. وفي هذا السياق ناقشت اللجنة المركزية للتقدمي بشكل موسع سبل وآفاق الحل السياسي الشامل في البلاد وضرورة قيام السلطات بتهيئة الأجواء أمام فرص الحوار والتفاوض، وعدم السماح بأي نوع من المساومات أو وجوه المحاصصة الطائفية التي لن تخدم مسيرة التوافق السياسي والاجتماعي، التي من شأنها ان تضع البلاد على طريق الاستقرار والحل السياسي الشامل وتعيد للبلاد سمعتها في المحافل الاقليمية والدولية، بعد سلسلة من التراجعات والتأزمات على أكثر من صعيد منذ الرابع عشر من فبراير/شباط 2011 والتي تمثل في مجملها قلقا حقيقيا بات يلقي بظلاله بطرق شتى على مختلف الأوضاع السياسية والأمنية في البحرين وفي منطقتنا، التي تعيش أجواء عدم استقرار وتشنج سياسي غير مسبوقة، ستنعكس نتائجها حتما على حالة السلم الأهلي وعوامل الاستقرار، إذا لم تتم معالجتها بشكل يكفل تحقيق الاستقرار ويجنب منطقتنا والعالم مخاطر وتبعات الصراع الإقليمي والدولي .
وفي ختام مناقشات دورتها الثامنة،دعت اللجنة المركزية للمنبر الديمقراطي التقدمي مختلف الأطراف السياسية في البلاد الى تغليب الحكمة والموضوعية والعمل على خلق بيئة سياسية مؤاتية لخلق حالة بحرينية متفردة تصل بالبلاد لحالة مرجوة من التوافقات المطلوبة من شأنها أن تفضي لحل سياسي ومصالحة وطنية شاملة تقبل الديمومة وتوفر فرصا للاستقرار والتنمية وذلك أكثر ما تحتاجه بلادنا في الوقت الراهن. ومع تزايد حالة القلق والتشنج السياسي، فاءننا في المنبر التقدمي نمد أيدينا الى كل القوى الخيرة لانتشال البحرين مما تمر به من تراجعات ومن أجل التأسيس لشراكة حقيقة تقوم على الدعوة لمبادرة وطنية للحل السياسي الشامل تنأى ببلادنا عن حالة الاستقطاب القائمة حاليا في المنطقة، وتحقيقا للاستقرار السياسي والاجتماعي المنشود وصونا لوحدتنا الوطنية التي يجب ان لا تكون مجالا لأية مساومات أو انحيازات أو محاصصة فئوية أو طائفية، والعمل على إخراج البلاد من حالة التأزم السياسي القائمة، مطالبين السلطة بضرورة التفاعل الايجابي مع ما تطرحه قوى المعارضة السياسية في البلاد من مبادرات ومرئيات مستمرة، وضرورة تهيئة الأجواء كاملة أمام حوار جاد وحقيقي، تظهر من خلاله السلطات التزاما جادا ومسئولا تجاه كافة تعهداتها أمام شعبها وأمام المجتمع الدولي، وأن يكون المدخل لذلك هو التنفيذ الأمين لتوصيات اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق ومجلس حقوق الإنسان العالمي في جنيف وفي مقدمتها إطلاق سراح معتقلي الرأي ووقف المحاكمات الجائرة والاعتقالات ووقف المداهمات والانتهاكات الجارية في القرى والمدن والأحياء وإدانة وتجريم كافة أشكال وممارسات العنف ومن أي مصدر كان، وأن تتحقق الإرادة السياسية الحازمة بعيدا عن أية استقطابات عائلية أو قبلية أو طائفية، والشروع في خلق توافقات تفضي للحل السياسي الشامل الذي يجنب البلاد وشعبها الكثير من الخسائر والتراجعات، وأن تسارع السلطة للجم دعوات الكراهية المقيتة والدخيلة على شعبنا، ووقف التحريض الإعلامي الرسمي وشبه الرسمي، ووقف العبث بوحدتنا الوطنية ونسيجنا الاجتماعي، والمضي بمسؤولية لتحقيق شراكة وطنية حقيقية مع كافة القوى الوطنية الفاعلة لبناء مملكة دستورية على غرار الممالك الدستورية العريقة كما بشر بها ميثاق العمل الوطني، تُحترم فيها الحريات ومعايير المواطنة الحقة، وتنتفي فيها أشكال المحاصصة السياسية والطائفية والقبلية وتحترم فيها ممارسات حقوق الإنسان، وتجرم فيها كل ممارسات التمييز والغبن الاجتماعي، وترسخ الممارسة الديمقراطية وقيم التسامح والعدالة الاجتماعية، ويتوقف فيها التعدي على المال العام وممتلكات الدولة وممارسات الفساد، ويستقل فيها القضاء وتصان الحقوق، وتشاع فيها سبل وادوات المسائلة ضمن دولة المؤسسات والقانون.
المنبر الديمقراطي التقدمي- البحرين
6 مارس/ آذار 2014
___________________________
منقول عن موقع المنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين
لقد ارادت البلدان الاحتكارية ان يكون صندوق النقد الدولي اداة بيدها لتنفيذ مشاريعها في الاقراض الخارجي وخلق الفرص الذهبية لاستثماراتها في البلدان النامية , ولهذا تصاغ سياسات صندوق النقد الدولي بالتوافق مع السياسات الرأسمالية للدول الاحتكارية. وللتغطية على النوايا المبيتة والاهداف التي تخطط لها البلدان الاستعمارية خلف صندوق النقد الدولي لايقاع البلدان المتخلفة في شباك المديونية الخارجية , لابد من اطلاء تلك الاهداف الرامية الى استنزاف موارد العالم الثالث بشعارات المساعدة والمعونه وغير ذلك من الشعارات التي تختفي ورائها خططاً ومؤامرات جهنمية لاستعمار العالم النامي .من بين الاهداف الاكثر اهمية في استراتيجية صندوق (العولمة) الدولي تشجيع البلدان الناميه على الاستدانة الخارجية وتكبيلها بشروط الدين الخارجي واعبائه لتحقيق هدفينأساسيين الأول : جني الأرباح الخيالية التي تحلم بتحقيقها في البلدان الرأسمالية.والثاني : احكام السيطرة على الاقتصاديات النامية وتحويلها الى المقصلة الرأسمالية . ان سياسات الاقراض التي يتبعها صندوق (العولمة) الدولي مشروطة بالتغير الهيكلي التي ادت الى ارتهان الأقتصاديات المدينة لمشيئة البلدان الرأسمالية المتقدمة, ان سياسة التغيير الهيكلي تلزم البلدان المدينة بتنفيذ سلسلة من الاجراءات المخلة بمصالح وسياسات البلدان المدينةفعلى صعيد الانفاق القومي تتلخص شروط الصندوق في :1-الغاء الدعم الحكومي للسلع التموينية التي تشكل المصدر الاول لعيش الفقراء ومحدودي الدخل . 2-زيادة الضرائب وتنويعها على السلع والخدمات المختلفه وتقليص التوظيف الحكومي للعمالة. 3-رفع اسعار منتجات القطاع العام . 4-رفع سعر الفوائد المدينة والدائنة . 5-تخفيض الانفاق الحكومي الجاري .ومحصلة هذه الاجراءات هو الضغط على الفئات الفقيرة ونمو الاستهلاك الترفي و الثقافة الاستهلاكية من النمط الغربي .وبالتالي فان سياسة صندوق (العولمة) الدولي تجعل البلدان المدينة اسواقا مفتوحه لتصريف البضائع الراسمالية الكاسدة باسعار عالية وتخلق الاسس الكفيلة بتحويل الاقتصاد القومي القائم على بعض الضوابط والتوازنات الى اقتصاد مفتوح تعبث به الهمجية الرأسمالية التي لا تعرف سوى المزيد والمزيد من الارباح الجشعة.
___________________________________
بقلم: د. فواز فرحان*
تتشابك وتتقاطع الأحداث المحلية والإقليمية والدولية فيما بينها وتؤثر وتتأثر في بعضها بسبب ارتباطها بالمصالح الاقتصادية والصراع الدولي من أجل هذه المصالح، ويلعب النظام الرأسمالي العالمي دوراً مركزياً في هذا الصراع على هيئة ما هو متعارف عليه بالعولمة أو ما أسماه المفكر ماركس بالكوسموبوليتان، وفي ظل هذا الصراع الدولي يجب ألا يكون اتجاه بوصلتنا السياسية والإنسانية مبتعداً عن العدالة الاجتماعية وتقدّم وتطوّر الشعوب؛ فحيثما كانت الأحداث في صالح الشعوب فثَمّ أهدافنا وبرامجنا ومشاريعنا. ومن الأحداث المهمة في عصرنا الحديث هو اتجاه الدول إلى التكتل فيما بينها على هيئة اتحادات أو مجالس للتعاون لمواجهة التحديات المختلفة وكذلك اتجاه بعض الدول للاندماج فيما بينها لتكوين دول أكبر وأكثر تماسكاً وقوة.
الاتحادات الدولية أو مجالس التعاون تكون مستجيبة بدرجة أو بأخرى لطموحات شعوبها عندما تكون الحكومات ممثلة للإرادة الشعبية في ظل الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة كما هو الحال، إلى حدٍّ ما، في الاتحاد الأوروبي واتحاد دول أميركا الجنوبية واتحاد دول جنوب شرق آسيا... بينما تكون هذه الاتحادات أو مجالس التعاون ممثلة فقط لمصالح الطبقات أو الفئات المسيطرة على المجتمعات عندما لا تكون حكوماتها ديمقراطية كما هو الحال في مجلس التعاون لدول الخليج العربية. كما أن وحدة أو اتحاد أو تعاون الدول فيما بينها لن تكون نتائجه إيجابية إذا لم يراعِ مستويات التطور المختلفة لهذه الدول على كل المستويات الاقتصادية والاجتماعية وحتى على مستوى التطور الديمقراطي؛ فلا فائدة من اتحاد دولتين إحداهما ديمقراطية والأخرى دكتاتورية أو شبه ديمقراطية. ولا يمكن الحديث عن وحدة أو اتحاد أو تعاون بين دولتين أو أكثر تحت ظل السلاح أو القوة العسكرية لأن ذلك مآله إلى الفشل والشواهد التاريخية كثيرة.
عندما حدثت الوحدة بين مصر وسوريا في عام ١٩٥٨ كان للحزب الشيوعي السوري موقف متأنٍّ تجاه التوجه للوحدة الفورية لأنها لا تراعي مستويات التطور المختلفة للبلدين ولم تكن تدريجية أو جزئية وصولاً إلى الوحدة الكاملة المبنية على أساس صحيح، وكذلك لم تكن تضع التعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة بعين الاعتبار فكان من الطبيعي توجيه فائدتها لصالح مجموعة معينة وبالتالي فشل التجربة الوليدة غير الناضجة. وعندما حاول عبدالكريم قاسم ضم الكويت بالقوة العسكرية رفض الحزب الشيوعي العراقي ذلك في بيان شهير معللاً رفضه بعدم وجود الإرادة الشعبية للوحدة بين البلدين وعدم وجود رؤية واضحة أصلاً لجدوى هذه الوحدة على مستوى مصلحة الشعوب وأن ما يبنى بالقوة العسكرية مصيرة إلى الفشل والسقوط. وفي عام ١٩٩٠ عندما غزى العراق الكويت كان للحزب الشيوعي العراقي موقف مشابه لموقفه إبان حكم قاسم وكذلك ندد الحزب الشيوعي الأردني بهذا الغزو منطلقاً من نفس المباديء التي تضع مصلحة الشعوب فوق أي مصلحة أخرى. ما أردت إيصاله من خلال هذه الأمثلة أن بوصلتنا يجب أن تكون باتجاه العدالة الاجتماعية وتقدم الشعوب عندما نريد أن نخطو باتجاه التعاون أو الاتحاد أو الوحدة.
لم يكن مجلس التعاون لدول الخليج العربية منذ تأسيسه حتى هذا اليوم ممثلاً لإرادات الشعوب الخليجية ولا قراراته كانت في صالح تطورها ونهوضها بل في صالح الطبقات المسيطرة فيه، هو أقرب للمجلس العشائري لحلف قبلي لم يخرج حتى الآن من فترة القرون الوسطى. هذا المجلس لا يمكن إصلاحه ولا التعويل عليه من غير تطوّر ديمقراطي حقيقي في دوله، فالإصلاح الإقليمي أو القومي لا يمكن الوصول إليه من غير إصلاح على المستوى الوطني أو القُطري، وكذلك لا نهوض أممي من غير نهوض إقليمي أو قومي ولا نهوض إقليمي من غير نهوض على مستوى الوطن الواحد. وما رأيناه من أحداث أخيرة بين بعض دوله والتي لم تكن إلا قمة جبل جليد اختلاف المصالح بينها ممثلة بسحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين من قطر ليست إلا دليلاً آخر على أن ما تفعله هذه الدول كلها مجتمعة أو منفردة لا يصب إلا في مصلحة الأنظمة لا في مصلحة الشعوب؛ وأن مجلس التعاون لدول الخليج العربية هو لتعاون الأنظمة لا لتعاون الشعوب.
------------------------------------------
*عضو التيار التقدمي الكويتي.
بغض النظر على قرار المملكة العربية السعودية الشقيقة تصنيف بعض الجماعات الجهادية والمتشددة دينياً على أنها ارهابية، وبغض النظر عن الخلافات الخليجية المؤسفة وتداعياتها السلبية على شعوبنا الخليجية، الا أن الارهاب يحيط بنا من كل صوب.هذه الجماعات مثل القاعدة وجبهة النصرة وداعش، تمّت تغذيتها ودعمها من بعض دول الخليج نفسها، ومن الجماعات الاسلامية وصناديق بعض الجمعيات الخيرية وتبرعات المواطنين الخيرين في دول الخليج.ومثلما حدث في أفغانستان يحدث قرب حدودنا هذه الأيام، فعندما دعمت المخابرات الأميركية جماعات طالبان ضد الجيش السوفييتي، لم يكن الهدف نصرة الاسلام ولكن كان ذلك ضمن الحرب الباردة بين السوفييت والأميركان بما سمي الحرب بالانابة، أي تقديم السلاح والدعم المالي لجماعات اسلامية متشددة لتحقيق مصالح أميركا والغرب، وللأسف ساهمت بعض الدول الخليجية في هذا الدعم بأشكال مختلفة لدرجة التغاضي عن الجهاديين من مواطنيها الذين يشتركون في القتال بأفغانستان ثم تلتها الشيشان والبلقان، وقد ساهمت الاستخبارات البريطانية والأميركية في تأسيس القاعدة كما هو معروف، وكل ذلك تم كشفه في الوثائق والكتب الغربية ذاتها ومنها الكتاب الذي أوردته في أحد مقالاتي «التاريخ السري لتآمر بريطانيا مع الأصوليين» كتبه مارك كورتيس وترجمه المركز القومي للترجمة في القاهرة.وكما هي العادة فان السحر ينقلب على الساحر، فعندما أوعزت الولايات المتحدة للرئيس المصري الأسبق أنور السادات لدعم الجماعات الاسلامية ضد القوى السياسية الوطنية والقومية والتقدمية، سادت حالة من قمع القوى الوطنية واليسارية وظهور واضح للقوى الاسلامية في مصر التي كانت مركز التنوير في العالم العربي، وانتشرت مظاهر التشدد الديني واختفت كل مظاهر التنوير والمدنية الحديثة في مصر، فاختفت كتب المستنيرين وانتشرت كتب الفتاوى المتشددة دينياً، ولكن هذه الجماعات التي كانت متهادنة مع معاهدات السلام المصرية - الاسرائيلية «كامب ديفيد» هي التي اغتالت السادات، وهي التي حولت مصر من دار للسلام الى مكان لتفجير السياح الأجانب وفرض نمط تفكيرها وأجندتها على المجتمع.وهذا انطبق على جميع الدول العربية التابعة للولايات المتحدة، التي حاولت تغيير المعادلات بدعم الجماعات الاسلامية بالضد من القوى الوطنية والديموقراطية بعد هزيمة يونيو 1967، وكما تشير الوثائق أن النظام السوري دعم الجماعات الارهابية ودفعها لعمليات تخريبية في العراق، فانقلبت عليه وقاتلته في عقر داره بعد أن أطلق سراح قادتها من السجون كي تبدو انتفاضة الشعب السوري أنها من صنع عصابات وجماعات جهادية ارهابية.وطالت العمليات الارهابية دول الخليج واليمن والعراق، وتم قتل الكثير من الأبرياء على يد الارهاب، ومع ذلك لم تدرك هذه الدول أن هذه الجماعات هي أخطر عليها من القوى الوطنية والديموقراطية والتقدمية، واستمرت إما بالدعم وإما بالتغاضي عن خطرها المحتمل، بل إن تقارير الاستخبارات البريطانية والأميركية لم تحذر حكومة الكويت الا من القوى اليسارية منذ ستين عاماً وليس فقط في أيامنا هذه.ان للتشدد الديني والتعصب الطائفي تاريخاً ممتداً عبر العصور الاسلامية، حيث دمرت هذه الاتجاهات المنجزات الحضارية الاسلامية وقتلت آلافا من المسلمين وغير المسلمين الأبرياء وأضعفت الدولة الاسلامية والمسلمين، وها هي الصحف الكويتية تطالعنا يوم أمس بأن «القاعدة وداعش يدفعان بمخربيهما الى الكويت»، فهل تتعظ دولنا وتتعاطى مع جميع القوى السياسية بنفس الميزان والمسافة؟ وقبل كل ذلك هل تبادر دولنا باصلاحات سياسية وديموقراطية وتشرك شعوبها في الحكم والقرار؟ وتشرع بسن قوانين لتأسيس أحزاب سياسية على أسس وطنية؟وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
____________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 10\03\2014

بيان مشترك صادر عن اللجنة النسائية في التيار التقدمي الكويتي ولجنة الدفاع عن قضايا المرأة في الكويت بمناسبة يوم المرأة العالمي
يحتفل العالم اليوم في الثامن من مارس بمناسبة اليوم العالمي للمرأة والذي نتقدم فيه بالتهنئة للمرأة الكويتية والمرأة العربية ونساء العالم، وهذه المناسبة تتيح لنا الفرصة لاستعراض الإنجازات والمكاسب التي حققتها المرأة عبر نضال طويل من أجل تمكين نفسها من القيام بدورها الطبيعي في المجتمع، ولتشخيص التحديات التي يجب على المرأة التغلب عليها، وللبحث عن الوسائل التي تمكنها من استكمال حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وصولاً إلى العدالة الاجتماعية التي تشمل الرجل والمرأة في مجتمعنا.
وبالرغم من الاهتمام البالغ بالمرأة من جانب منظمة الأمم المتحدة ومؤسسات المجتمع المدني المعنية بحقوق المرأة، وبالرغم كذلك من الدور البارز الذي قامت به المرأة في ثورات "الربيع العربي" جنباً الى جنب مع الرجل والتي نالت فيها نصيبها من العذاب والقمع أسوة بالرجل من أجل الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية إلا أنها لم تستطع حتى الآن الحصول على كامل حقوقها ومازالت تعاني من مختلف أشكال التمييز ضدها، وهو أمر يمثل تأجيلاً إن لم يكن تراجعاً لمشروع بناء الدولة المدنية الحديثة القائمة على أساس المواطنة، إلا أننا لا ننكر ما تحقق في الدستورين المعدلين في مصر وتونس من مكتسبات لصالح الطبقات العاملة والفئات الشعبية والمهمشة ومحدودة الدخل ومن إعادة الاعتبار للمرأة وتكريس الحقوق المتساوية بينها وبين الرجل؛ وهذا يشكل لبنة أساسية لبناء ثقافة إجتماعية متحضرة.
كما ننتهز هذه المناسبة للتعبير عن اعتزازنا بالمرأة الكويتية وتقديرنا لنضالها في العقود السابقة ولمشاركتها في الحراك الشعبي الاحتجاجي وكذلك مساهمتها في تنظيمه من أجل الإصلاح السياسي جنباً إلى جنب مع الرجل، ونقدّر إصرارها على المضي قدماً رغم القمع والاعتقال والملاحقات الأمنية السلطوية إيماناً منها بعدم انفصال قضاياها العادلة عن قضايا المجتمع، ولا ننسى كذلك دور المرأة الكويتية الفاعل إبان فترة الغزو العراقي للكويت وقافلة الشهيدات التي أضاءت الطريق نحو التحرير، و يبدو الحديث بهذه المناسبة عن حقوق المرأة في الكويت منقوصاً دون التطرق إلى المرأة الكويتية البدون والتي تعاني من سلب أبسط حقوقها كالمواطنة والتعليم والتطبيب والسكن والعمل وحرية التنقل والسفر في وجود طبقة مسيطرة تمارس العنصرية البغيضة عليها وسلطة متعنتة ومنظمات حقوق إنسان عاجزة.
في هذه المرحلة التاريخية الخطيرة التي يمر بها العالم نذكّر بأنه من أجل إعلاء قيم العدالة والمساواة والحرية والكرامة وبناء وطن يليق بنا لابد من تطبيق مبدأ العدالة والمساواة بين المرأة والرجل الكويتيين أمام القانون وفقاً لما نصت عليه المعاهدات والإتفاقيات الدولية، ومناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة كحرمان أبنائها من غير الكويتي من حق المواطنة والحصول على شهادة الجنسية، والتصدي لكافة أشكال العنف ضدها، وضمان مشاركتها السياسية في مراكز صنع القرار والذي لن يتحقق إلا في ظل دولة مدنية حديثة ذات نظام برلماني ديمقراطي كامل.
فلنعمل معاً من أجل تعزيز مكانة المرأة في مجتمعنا ولنناضل من أجل حصولها على كامل حقوقها و لكي تقوم بدورها الفاعل والحيوي في بناء المجتمع جنباً إلى جنب مع الرجل للوصول إلى حياةٍ كريمة تنتفي فيها مظاهر التمييز وتعتمد الكفاءة فيها كأساس للتفضيل.
تحية للمرأة الكويتية والعربية وفي العالم أجمع.
حرية..عدالة..كرامة إنسانية..
اللجنة النسائية في التيار التقدمي الكويتي
لجنة الدفاع عن قضايا المرأة في الكويت
الكويت 8 مارس 2014

تغطية ندوة "الاتفاقية الامنية واثرها على شعوب الخليج" - البحرين
شارك الزميل أحمد الديين في ندوة بالبحرين يوم الأحد الماضي 02\03\2014 في مقر المنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين تحت عنوان "الاتفاقية الأمنية وأثرها على شعوب الخليج" مع عضو اللجنة المركزية في المنبر الديمقراطي التقدمي المحامي حميد الملا, حيث تم الناقش المتحدثين الاتفاقية الأمنية بين دول مجلس التعاون الخليجية من جانب سياسي و قانوني.
قال القيادي التيار التقدمي الكويتي احمد الديين أن مجلس دول التعاون الخليجي أنشأ أساساً إنطلاقاً من دواعي أمنية. مشيراُ إلى إن الاتفاقية الأمنية التي أقرها وزراء الداخلية لدول الخليج العربي في العام 2012 جاءت لتعالج التحفظات الكويتية على الاتفاقية الأمنية الذي أقرها المجلس في 1994 والتي لم تصادق عليها دولة الكويت.
ونوه الديين بأن القوى الشعبية والسياسية في الكويت دعت مجلس النواب لأن يرفع التصديق على الاتفاقية الأمنية من جدول أعماله من دور الانعقاد الجاري.
جاء ذلك في ملتقى الأحد الذي ينظمه المنبر الديمقراطي التقدمي، والذي سلط الضوء على الاتفاقية الأمنية وأثرها على شعوب الخليج، حيث استضاف التقدمي المناضل الكويتي المعروف أحمد الديين والمحامي حميد الملا عضو اللجنة المركزية بالتقدمي.
وقال الديين أن الطبيعة العام لنظام المشيخة في المنطقة كافة يتناقض مع مسألة الحريات العامة والديمقراطية، وهو ما يعني بأن الحديث عن حريات عامة وديمقراطية بالصورة المتعارف عليها عالمياً لا يمكن أن تتحقق في وسط هذه البيئة.
وأوضح الديين بأن هذه الاتفاقية الأمنية بصورتها الحالية إنما هي تمس سيادة الدول وتنتقص من حقوق دستورية مكتسبة للتعلق بالحريات العامة. وأضاف بأن القوى السياسية في الكويت بمختلف توجهاتها تصدت إلى هذه الاتفاقية. مشدداً على أن التفاعل الشعبي مع الدعوات المناهضة لهذه الاتفاقية أوقفت المصادقة عليها.
من جانبه، قال عضو اللجنة المركزية بالتقدمي المحامي حميد الملا أن الاتفاقية الأمنية التي يجري الحديث عنها تخالف كل المواثيق الدولية الحقوقية منها والسياسية. واستعرض الملا بعض البنود التي تعتبر مخالفة للمواثيق الدولية والتي تخالف القوانين الداخلية للدول الأعضاء في المجلس والتي في مجملها تنتقص من الحريات العامة وتمس حرية الرأي والتعبير.
وقال الملا أن هذه الاتفاقية صيغت على عجل والهدف منها استدراك الحراك الشعبي العربي الذي ظهر في عدد من العواصم الخليجية، وبين الملا بأن مشرع هذه الاتفاقية لم يكلف نفسه عناء وضع مذكرة تفسيرية يمكن الاستناد إليها في تفسير بنود الاتفاقية التي تحمل من المعاني الفضفاضة الكثير.
_____________________________________
منقول عن موقع المنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين
بقلم: أ.د. غانم النجار
• تدل جميع المؤشرات التنموية على تراجع ملحوظ في كل الصُّعُد من التعليم إلى مكافحة الفساد، إلى الدورة المستندية، إلى حوادث المرور، إلى الرعاية الصحية، إلى الكفاءة السياسية، إلى حرية التعبير، إلى الاتجار بالبشر، إلى التركيبة السكانية، وغير ذلك من الأمور، حتى مكافحة الإرهاب، حيث تم إبلاغ الكويت دولياً بتقصيرها. فإن كان هذا هو حالنا البائس، وهو كذلك للأسف، فلماذا يتوقع المتوقعون أن تحقق الحكومة شذوذاً عن القاعدة، وتحقق نجاحاً في حل مشكلة البدون؟• مأساة "البدون" إنسانية قبل أن تكون سياسية، وبالتالي لن ينفع معها الحل الأمني، بل الحل الإنساني، وهو ما كررناه ونكرره، حفاظاً على ما تبقى لنا من آدمية، وكذلك حفاظاً على أمن واستقرار البلاد؛ فمجرد الظن أن المدخل الأمني سيؤدي إلى تقليص المشكلة أو حلها، هو كمن يحرث في البحر.• مأساة "البدون" ليست وليدة اليوم، أو كما قال أحد المسؤولين ذات مرة إنها نتاج لحقبة الغزو، ما يدل على ضعف حتى في إدراك طبيعة المشكلة، والرهان على أن الزمن كفيل بحلها ليس إلا رهاناً على الوهم، ويمثل تضحية بأمن ومستقبل استقرار البلد، ناهيك عن كونها تمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان في بلد قادر وبسهولة على استيعاب أكثر الحلول كلفة.• ستظل السلطة، ومن يدعمها، يدفعون البلد إلى المجهول، بل ويدفعونه إلى مزيد من عدم الاستقرار، وتأليف قصص وروايات لتبرير الضغط على البدون، واستمرار المأساة دون حدود.• هل هناك مصداقية لمقولة تهديد "البدون" لأمن البلاد؟ إذن كيف بلغت ثقة السلطة بالبدون إلى درجة أنهم كانوا يشكلون ٨٠٪ من الجيش والشرطة قبل الغزو؟ فإن لم يكونوا أهلاً للثقة فكيف وصلوا لأن يكونوا حراساً شخصيين لأمير البلاد؟ ومن المعروف أن هذه المهمة لا تعطى إلا لمن هو أهل للثقة وتم التدقيق الأمني عليه. وربما لم يكن لنا أن نكتشف تلك الحقيقة إلا من خلال معرفة تفاصيل المحاولة الآثمة لاغتيال الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، والتي استُشهِد فيها من البدون من استشهد وأصيب منهم مَن أصيب؟ للعلم هؤلاء هم نفس البدون، لم يتغيروا ولم يتم استيراد "بدون" جدد للقول بغير ذلك، والآن مطلوب منا أن نصدق ونستوعب أن "البدون" هم الخطر على البلاد؟ وللحديث بقية.
أشارت صحيفة "القبس" بتاريخ 23 فبراير الماضي إلى أن "مصادر نيابية قد ذكرت أن هناك أنباءً حكومية عن اعتزامها رد قانون تخصيص الخطوط الجوية الكويتية، ومن المتوقع ان يُقدّم قانون جديد، يُعدَّل فيه توزيع النسب الخاصة بالشريك الاستراتيجي والاكتتاب، على أن تكون نسبة الحكومة 51 في المئة، لتكون الناقل الوطني الرسمي للدولة"... (انتهى الاقتباس).وإذا صح ما ذكرته "القبس" فهي خطوة حكومية في الاتجاه الصحيح، إذ ليس هناك سبب مقنع لبيع مؤسسة عامة مُربحة تعتبر الناقل الوطني للدولة وللتو تم تحديث أسطولها بمبالغ مالية ضخمة. بصيغة السؤال، تُرى ما السبب الذي يجعل الحكومة تُصفي شركة عامة مُربحة ومهمة وطنياً؟ وبكم ستُباع؟ ولِمن؟صحيح أن إدارة الحكومة "للكويتية" كانت ولا تزال في غاية السوء وهي، وليس الملكية العامة، السبب في تدهور وضع المؤسسة، ولكن هذا ليس مبرراً كافياً للتخلص من المؤسسة وتصفيتها، فالإدارة السيئة من الممكن إصلاحها وتطويرها باستخدام أفضل الأساليب الإدارية، وأحدث الوسائل التكنولوجية، لا سيما أن لدى الحكومة القدرة المالية للقيام بذلك.ليس ذلك فحسب، بل باستطاعة الحكومة، إذا كانت عاجزة فعلاً عن إدارة "الكويتية" بكفاءة وفعالية وجودة عالية، خصخصة الإدارة فقط مع إبقاء الملكية العامة (شركة خاصة تدير المؤسسة)، كما تفعل بعض خطوط الطيران الخليجية.أما في حال ملكية الحكومة نسبة 51%، فإنها ستسمح بدخول شركاء من القطاع الخاص، وستسمح أيضاً للمواطنين بالاكتتاب العام بأسهم الشركة الجديدة، وهو ما يعني توسيع قاعدة ملكية المؤسسة (الشركة)، وتطوير الإدارة المشتركة ومحاسبتها من الجمعية العمومية، مع بقاء مسؤولية الحكومة عن توجيه سياستها العامة ومراقبتها.وفي هذا السياق فإنه من الواضح أن هناك مجاميع تجارية ضخمة تحاول بكل ما تستطيع من قوة ونفوذ وسلطة وإعلام عرقلة تحديث أسطول "الكويتية" حتى تتمكن من شرائها بأبخس الأثمان ثم احتكارها لاحقاً لمعرفتها الجيدة بجدواها الاقتصادية.الصراع التجاري المحتدم حول خصخصة "الكويتية" والمحاولات الدؤوبة لإفشال صفقة تحديث الأسطول اللذان يشتم منهما رائحة تعارض المصالح هما أمثلة صارخة على ما ستكون عليه مشاريع الخصخصة القادمة الهادفة إلى تصفية الدور الاقتصادي للدولة، والتي "تبشر" بها الحكومة بين الفينة والأخرى، وتدفع مجاميع تجارية ضخمة للإسراع في تنفيذها بغية تعظيم أرباحها في المقام الأول غير عابئين بما سيترتب عن ذلك من آثار سيئة لا سيما مع غياب التشريعات اللازمة التي تخفف من الآثار الاجتماعية والسياسية السلبية المترتبة عن الخصخصة.
د. بدر الديحاني
__________________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 05\03\2014
تقلقنا المعلومات التي ترد بالصحافة اليومية، وتشعرنا بعدم الأمان وغموض المستقبل خاصة لأبنائنا وأحفادنا، فما يصلنا وما يتكشف لنا من حجم الفساد هائل، وربما كان الخافي أعظم.سلّمنا بفساد بعض المتنفذين الذين يعتبرون البلد عزبتهم الخاصة، والذين نهبوا بطرق مختلفة المال العام واحتياطي الأجيال القادمة، وهيمنوا على الأراضي الزراعية والصناعية والسكنية، واستأثروا بالمناقصات بمحاصصة تآمرية وتواطؤ مع أقطاب حكومية، في ظل اقتصاد طفيلي وريعي غير منتج يتمثل بعملية تجارية متخلفة، وهي بيع النفط واستيراد السلع والبضائع، ولأن هؤلاء الفاسدين يدركون كما يدرك أي إنسان أن الثروة النفطية آيلة للنضوب والزوال، فإنهم يغرفون من العائد بطرق مختلفة وبأسرع وقت من دون وازع وطني أو شعور بالمسؤولية، وبلا مبالاة بمستقبل الوطن.والفساد يمكن القضاء عليه إذا كان محصوراً بهذا الشخص أو ذاك، أو في ذلك الجهاز الحكومي أو ذاك، لكن عندما يتحول الفساد إلى حالة عامة ونهج يومي ويستشري في كل مفاصل الدولة، وبحماية الأجهزة الأمنية أحياناً، هنا يكمن القلق وعدم الشعور بالاستقرار والأمان، فالفساد لدينا وحش له رأس وأذيال.أليس القانون هو ملاذنا والضامن للحفاظ على أرواحنا، وهو المنوط به كشف الفساد ومكافحته؟ فما بالك إذا كان الفساد ينخر بالجهاز الأمني ذاته؟ فالأخبار التي تردنا من الصحف، نحن المواطنين العاديين، بشكل يومي تقريباً، تكشف لنا فضيحة فساد أبطالها رجال الأمن ذاتهم، وأنا بالتأكيد لا أشك بأن هناك رجال أمن لديهم حس عالٍ بالوطنية ويستحقون منا كل تقدير.فآخر ما وصلنا من حكايات الفساد هو تهريب أحد الخليجيين الذي ضُبط مسلحاً في منفذ النويصيب على يد قيادي بالداخلية، وقبلها فضيحة عشرات الآلاف من الإقامات المضروبة للوافدين التي اشترك بها متنفذون ورجال من الداخلية، وفضيحة اختفاء آلاف الطلقات والذخائر من مخازن الداخلية، وفضيحة اتلاف الخمور حيث اختفت عشرات الآلاف من الزجاجات باتلاف مزعوم.وبالأمس القريب كشف النائب الفاضل كامل العوضي، الذي كان من رجال الداخلية الشرفاء، عن سبب المشكلات المرورية من ازدحام واختناق مروري إلى حوادث مروعة، وهو أن في الكويت الصغيرة عدداً مهولاً من السيارات يبلغ الملايين، فسبعة آلاف وافد يمتلكون نحو 40 ألف سيارة بواقع أربع سيارات أو أكثر لكل منهم، كما أن ثلاثة خليجيين يملكون 2843 سيارة، وأربعة كويتيين يملكون 4328 سيارة عدا عن مكاتب الأجرة تحت الطلب والتي يصل عدد سياراتها إلى 13190 سيارة.هذه المشكلة تفتح الأسئلة على مصراعيها، مثل كيف يحصل بعض الوافدين ذوي الأجور المتدنية على رخص قيادة ويمتلكون سيارة؟ وكيف يجري السماح للسيارات القديمة والمتهالكة للسير في شوارع الكويت وكيف تباع، وهذا عكس ما يحصل في دول متقدمة من تحديد لعمر السيارة المستوردة، بل كشفت الكمائن المرورية عن وافدين بلا رخص قيادة أو إقامة.وبالحديث عن المخالفات المرورية والحوادث المروعة، والتي لا تلعب المصادفة دوراً رئيسياً بها، بل الرعونة والطيش والاستهتار من الجميع سواء الشباب أو الوافدين الذين لا يحسنون القيادة، ومع ذلك حصلوا على رخص قيادة بطريقة لا تبدو شرعية، بل أن بعض دوريات المرور تجوب شوارع الكويت بطريقة تعطي المثال للمستهترين، مثل استعمال أضواء الطوارئ فوق دوريات المرور لتفسح لها السيارات الطريق من دون مبرر أمني، أو إيقاف فتيات ونساء يقدن سياراتهن فقط لمجرد التحرش بهن، أو تستخدم سيارات المرور كتف الطريق من دون مبرر أمني.فعندما يكون لوحش الفساد رأس يكون له ذيل كذلك، فمعظم مشكلات البلد سببها الفساد، سواء رداءة الطرق أو الازدحام المروري والمخالفات، وهذا ينطبق على كل الخدمات والأجهزة الحكومية التي لا تجري معاملات من دون رشوة أو واسطة، وكذلك الأغذية الفاسدة وتجارة الإقامات، والقائمة تطول.osbohatw@gmail.com
______________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 05\03\2014 العدد:12665
بقلم: د. فواز فرحان*
يوماً بعد يوم تزداد قضية الكويتيين البدون تعقيداً ومأساوية بسبب تعامل السلطة معها بلامسؤولية واستهانةٍ بالغتين، وتمر السنوات على هؤلاء المحرومين من أبسط حقوقهم الإنسانية كالقرون بينما تمر على اللامبالين بها وأخص منهم مكونات الحلف الطبقي المسيطر كالثواني، فبعد فقدانهم لحق المواطنة تحولوا بعد عام ١٩٨٧إلى مفتقدين لأبسط الحقوق الإنسانية مثل حق السكن والتطبيب والتعليم والعمل والتنقل والسفر بحرية، وزادت مأساتهم مأساة عندما أضيف إلى ذلك ملاحقتهم أمنياً وضرب معتصميهم السلميين في الشوارع والساحات واعتقالهم وجرجرتهم في متاهات الممرات في قصر العدل، والاعتقال اليوم لم يعد مقتصراً على الشباب فقط بل وصل الأمر بالسلطة أن تعتقل الأطفال ومنهم أيقونة نضال الكويتيين البدون علي الحبيب ذو الأربعة عشر خريفاً شاحباً والذين زادتها شحوباً السلطة وممارساتها القمعية اللاإنسانية.
خطابي لن أوجهه للحلف الطبقي المسيطر الذي يتكون من الشيوخ والتجار لأن هذه القضية ليست من ضمن اهتماماتهم في تجميع الثروة وفرض السطوة؛ ولن أوجهه لمن انطلت عليهم دعاية هذا الحلف ووسائله الإعلامية وباتوا يجترّون الخطاب العنصري البغيض ضد الكويتيين البدون في مجالسهم الخاصة والعامة؛ ولن أوجهه لمن أضاع بوصلة النضال واتجّه للنضال من أجل شوارع نظيفة ومن أجل أسواق الكب كيك والأزياء... خطابي سأوجهه للمعارضة الكويتية التي عوّلنا على ارتفاع وعيها من خلال تجربتها الغنية في فترة الحراك الشعبي الاحتجاجي ضد الفساد والإفساد السلطوي.
استبشرنا خيراً من تغيير مواقف الكثيرين في صفوف المعارضة من الحراك البحريني بعد استيعابهم لطبيعة الصراع في دول النفط والغاز الخليجية؛ وكان لنا هذا مؤشراً على ارتفاع الوعي الطبقي في صفوف المعارضة مقابل انحسار النّفَس الفئوي الذي يعمي البصر والبصيرة، وبالفعل كانت مواقف الكثيرين في المعارضة من قضية الكويتيين البدون إيجابية وبات خطاب الكثير من رموزها مختلفاً تماماً عنه في فترات سابقة، ولكن حتى هذه اللحظة لا توجد نظرة شاملة عند المعارضة لحل هذه القضية حلاً جذرياً ننقذ به وطننا وشعبنا من ويلات مستقبل مظلم.
أتفهم جداً وجود تناقضاتٍ كثيرة في صفوف المعارضة واختلالٍ في ترتيب الأولويات خصوصاً بعد نجاح السلطة في معركة (قانون الانتخابات ذي الصوت الواحد المجزوء)، وأعرف تماماً مقدار توَهان البعض في ظل انحسار دوره من خلال البرلمان أو ربما نهايته في ظل عدم وضعه للنضال البرلماني في موقعه الصحيح خصوصاً مع عدم اكتمال النظام الديمقراطي وانغلاق أفق الإصلاح من خلال البرلمان، وأعيش مع رفاقي مرحلة المعوقات والصعوبات أمام التوحد خلف مشروع سياسي إصلاحي نهضوي لأسباب كثيرة يصعب سردها في هذا المقال، ولكن ما لا أفهمه ولا أعرفه ولا أستطيع التعايش معه هو عدم وضوح الرؤية تجاه وضع نهاية لمعاناة جزءٍ كبير من شعبنا قد تصل نسبته إلى ١٥٪ منه، قد تكون قضيتنا الرئيسية في البلد هي النضال من أجل اكتمال النظام الديمقراطي البرلماني مع وجود الأحزاب ونظام انتخابي عادل قائم على القوائم المغلقة؛ ولكن هذا لا يلغي وجود قضايا مهمة تستفحل يومياً و وصلت إلى مرحلة لا تطاق ومن أهمها قضية الكويتيين البدون.
على القوى السياسية المعارضة والتجمعات والحركات السياسية والمنظمات الحقوقية أن تركز جهودها مرحلياً على وضع حدٍّ لمآسي الكويتيين البدون من خلال الاجتماع لوضع خارطة طريق واقعية لحل هذه القضية؛ ولا يمنع تقاطع هذه القضية جزئياً أو كلياً مع قضية الإصلاح السياسي الرئيسية. و وسائل تطبيق هذه الخارطة -بعد الاتفاق عليها وإقرارها- هي كوسائل أي نضال آخر.
إنّ النضال من أجل حلّ هذه القضية ذات البعدين السياسي والإنساني يكسبنا شيئين: ضمائرنا ومستقبلنا.
------------------------------------------
*عضو التيار التقدمي الكويتي.
تصريح المصدر المسؤول بوزارة الداخلية لجريدة الوطن (عدد أمس الأول) المهدد للبدون المتظاهرين هو تصريح غير مسؤول، وهو فضيحة شائنة تصم الخطاب السياسي للدولة في قضايا هتك حقوق الإنسان، ويمكن وضع هذا التصريح في خانة التصريحات الفاشية، والتي لا يجوز أن تخرج من مسؤولين في دولة تتشدق سلطتها الحاكمة بالدستور وحكم القانون.تصريح "المصدر غير المسؤول" يتوعد جماعات "البدون" في حالة قيامهم بالتظاهر بالطرد والتسفير، وأن هذا العقاب لن يكون قاصراً على "الأشقياء" المتظاهرين فقط، بل سيطول عائلاتهم! فالترويع هنا يمتد إلى رب الأسرة الذي "لا يستطيع إحكام قبضته على أسرته". ويمضي خطاب المصدر غير المسؤول إلى التقرير، بكل ثقة وبلغة فجة، أن مثل تلك العقوبات التي تقررها وزارة الداخلية ستكون "ضمن القانون ومن صلاحيات الوزير"! أيُّ قانون هذا الذي يتنطع به المصدر المسؤول العنتري؟! فالعقوبات الجماعية هي من سمات دول الطغيان، وما أكثرها اليوم في النظام العربي قبل الربيع وبعد الثورة المضادة، ولا علاقة لها بدولة القانون والشرعية، فمبدأ شخصية العقوبة، بمعنى أن العقاب لا يمتد إلى غير مرتكب الفعل المؤثَّم، هو من المبادئ الدستورية ومنصوص عليه في الدستور الكويتي وفي معظم قوانين الدول التي تحترم نفسها والبشر الذين يعيشون على أرضها.يظهر بوضوح أن "وزارة الرعب" في الدولة تملك رصيداً ضخماً من التعالي والغطرسة في لغة خطابها للبدون ولغير البدون من المهمشين مثل الوافدين، فالمتظاهرون، في القاموس الأمني، مجرد نكرات طفيلية "يتعيشون" من صدقات الدولة وأريحيتها، ويمكن القضاء عليهم حين يقرر أصحاب الأمر والنهي أصحاب الكرم والتسامح! هنا تظهر الرؤية الحقيقية عند السلطة نحو واقع البدون، فهي تبرئ نفسها من عبء مسؤوليتها نحوهم، حيث أوهمت نفسها بأنها لم تخلق مأساتهم منذ البداية حين صدر قانون الجنسية نهاية الخمسينيات، أو في ما بعد، حين تركت قضيتهم للمجهول ماداموا كانوا مسخرين لخدمة الدولة في الجيش والشرطة أو في عدد من الوظائف الشاقة، حين كانت تشكو تلك المهن قلة المنتسبين إليها من المواطنين، وتحت تصور أنه يمكن التخلص منهم في أي وقت يراه أصحاب السلطة متى استنفدت الغاية من الاستخدام.بهذا العمى والاعتباطية في الإدارة السياسية شخّصت السلطة واقع البدون، سياسة الصدفة والارتجالية، فمثلما تحكم إدارة الأمور في جل قضايا الدولة حكمت وأدارت قضية البدون، لنصل إلى هذه النتيجة اليوم، فلا جناسي، ولا حقوق مدنية للبدون، ولا سلطة قضائية يمكن لها أن تنظر في حقوقهم بالجنسية من عدمها، فهل يتعين على البدون الكويتيين أن يخرسوا أمام واقعهم المزري، كي لا تصاب رؤوس وزارة الداخلية بالصداع؟!
حسن العيسى
_________________________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 25/02/2014
ماذا تعني موافقة مجلس الاتحاد الروسي بالإجماع على طلب الرئيس الروسي بوتين لإرسال قوات عسكرية إلى أوكرانيا، إلى أن يعود الوضع الاجتماعي والسياسي في البلاد؟
في كتابه «الامبريالية أعلى مراحل الرأسمالية»، حدد لينين خصائص الامبريالية بخمس خصائص، منها أن الامبريالية بعد أن تقتسم العالم تُعيد اقتسام العالم، الذي غالباً ما يتم عبر الحروب العالمية، كما حدث في الحربين العالميتين بين الدول الرأسمالية لإعادة اقتسام العالم ونهب ثرواته.
فبعد انهيار الاتحاد السوفياتي والدول الاشتراكية، ظنّت الولايات المتحدة الأميركية أنها القطب الأوحد الذي يسيطر على العالم، بعد توقف الحرب الباردة بين المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي، ومن أجل الاستحواذ عليه قامت بحروب عدوانية متفرقة مستخدمة في كثير من الأحيان نفوذها على مجلس الأمن، وتحت غطاء دولي في السنوات العشرين الماضية في عدد من مناطق العالم مثل أفغانستان والبلقان والقرن الأفريقي والعراق، ومحاولة فرض سياسات العولمة وتدويل الإنتاج لنهب ثروات الشعوب، من خلال السياسة الاقتصادية النيوليبرالية التي تقتضي فتح الأسواق على مصراعيها، ورفع الدول يدها عن التخطيط الاقتصادي والدعم الاجتماعي وخصخصة القطاع العام لصالح الشركات والقطاع الخاص، وهي السياسة التي أفقرت الشعوب ورفعت نسب البطالة ونسب من يعيشون تحت خط الفقر، وتحميل أزماتها على كاهل الطبقة العاملة والفئات المهمشة والمحدودة الدخل.
لكن حدث نتيجة ذلك ما لم يكن بحسبانها، وهو وقوعها في أسوأ أزمة اقتصادية رأسمالية بنيوية في تاريخها عام 2008، وتنامي حركة تحرر عالمية ذات منحى تقدمي، في العالم بما فيها الولايات المتحدة ذاتها إضافة إلى ثورات الدول العربية ونهوض يساري ملحوظ، بعدما ظنت أنها قضت على الفكر الاشتراكي وفرضت نمط الحياة الرأسمالي المعولم على شعوب العالم، ومن بينها الجمهوريات السوفياتية السابقة ودول أوروبا الشرقية، التي بدأت تدرك فداحة الانتقال من النظام الاشتراكي إلى النظام الرأسمالي، بل نهضت الأحزاب اليسارية في هذه الجمهوريات والدول وحقق بعضها تقدماً في الانتخابات البرلمانية والرئاسية مثل التشيك، بل أن هناك ثلاث دول في أميركا اللاتينية تنتهج سياسات اشتراكية هي فنزويلا وبوليفيا والإكوادور إضافة إلى كوبا، وهي تشكل نحو نصف دول أميركا اللاتينية، وهذه الحكومات ذات المنحى الاشتراكي جاءت بانتخابات ديموقراطية.
والشيء الآخر الذي لم تحسب له حساباً هو تزايد نفوذ روسيا، التي شكلت منافساً رأسمالياً قوياً يطالب بحصته في اقتسام النفوذ في العالم، وهو ما نشهده من تعنت روسي في القضية السورية على سبيل المثال، فلم تستطع الولايات المتحدة أن تكون لها اليد العليا في كثير من المناطق في العالم.
ولكن الولايات المتحدة لم تسلم بالأمر الواقع، بل تدخلت بشكل سافر في شؤون أوكرانيا داعمة قوى الفساد والفاشية، مستفيدة من فساد نظام يانوكوفيتش، وداعمة نشاطات اليمين الموجهة إلى إحداث تغيير جدي في الوضع الجيوسياسي في أوروبا والعالم، وترافق هذا مع موجة من هيستيريا معاداة الشيوعية والمطالبة بفرض حظر على أنشطة الحزب الشيوعي في أوكرانيا الذي يشارك بكتلة في البرلمان.
كما جرت أخيراً محاولة انقلاب ضد الحكومة اليسارية في فنزويلا والرئيس مادورا، وهي محاولات تكررت اثناء حكم الرئيس الراحل شافيز على يد قوى اليمين المتطرف بقيادة الفاشي ليوبولدو لوبيز المطلوب للعدالة وبدعم من الولايات المتحدة، ودعا الرئيس الفنزويلي إلى تنظيم تظاهرات جماهيرية لدعم الثورة البوليفارية، حيث قال: «اننا سوف لن نحيد عن تحقيق الاشتراكية كمستقبل للسلام والحب والتضامن والمساواة بين الشعوب».
ويبدو أن ثورة 30 يونيو التصحيحية في مصر قد أزعجت الأميركان وحلفاءهم، فتجري الآن محاولات لعودة رجال الأعمال والمستثمرين، وتدفع للإبقاء على الفاسدين الذين دمروا الصناعة الوطنية في عهد مبارك، على حساب آلاف العمال الذين يقومون باضرابات واسعة من أجل الحصول على حقوقهم المسلوبة، والقضاء على الفساد والفقر والبطالة.
فهل سينتج عن هذه المنافسة غير الشريفة بين الامبرياليتين الأميركية والروسية حرب كونية لإعادة اقتسام النفوذ بالعالم كما حدث في منتصف القرن الماضي؟
وليد الرجيب
osbohatw@gmail.com
_____________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 03/03/2014 العدد:12663
بقلم: د. حسن مدن*
"لقد هرمنا في انتظار تلك اللحظة التاريخية"- مَن مِنا لا يتذكر صورة وصوت ذلك الكهل التونسي الذي كان يمسح براحة يده على شعره الأشيب، وهو يردد بتأثر تلك العبارة، بعيد سقوط زين العابدين بن علي .
حملت العبارة دلالات عدة، بينها أن اليأس كان قد بلغ مبلغه عند النخب السياسية من إمكانية تحريك الجمود الذي طغى على الواقع العربي على مدار حقبة تاريخية كاملة، امتدت عقوداً، بدا معها الأفق مقفلاً بوجه أي تغيير . وحملت أيضاً شعوراً بالغبطة تجاه الجيل الجديد، فما لم تفعله الأجيال السابقة فعله .
كانت تلك لحظة عاطفية استثنائية تبرر مثل هذا الشعور، ولكن الأمر للأسف لم يقف عند حدود حال التأثر هذه، وإنما انبنى عليها وقف متكامل فحواه أن على جميع النخب أن تتقاعد مفسحة المجال للجيل الجديد، الذي أنجز في أسابيع ما عجزت عنه هذه النخب خلال عقود .
ولكن تلك كانت طامة كبرى، سرعان ما تكشفت أضرارها الفادحة على كامل مسار التحول العربي، فرموز هذه النخب، وهي تجلد ذاتها، نسيت أن التحولات التي جرت ما كانت ستجري لولا العمل التراكمي الذي قامت به هي نفسها على مدار عقود، سواء في مجال الفكر والمعرفة، أو في مجال العمل الميداني .
ليس الأمر هنا فقط، وإنما في حقيقة أن الشباب كمفهوم هو مرحلة عمرية فحسب، وليسوا كتلة اجتماعية ثابتة ومتجانسة، حتى الذين هرموا في انتظار تلك اللحظة التاريخية، لم يكونوا أقل عنفواناً وحماسة ووعداً واستعداداً للتضحية، من شباب ميدان التحرير أو سواه من الميادين العربية، وشباب اليوم لن يعودوا كذلك بعد عقدٍ من الآن، لا في العمر ولا في التفكير .
ما من تحولات كبرى في العالم تجري من دون أفكار كبرى، من دون نخب واعية . الحماسة حالة انفعالية مؤقتة لا تدوم، أما الفكر فهو ما يمكث في الأرض، ويمهد تربتها للتحولات الواعدة، ومهارة استخدام التقنيات الحديثة التي يتوفر عليها أبناء وبنات الجيل الجديد، لا تعني بالضرورة امتلاكهم الوعي، وإذا امتلكوا هذا الوعي فستنقصهم الخبرة التي يُعتد بها .
بعد عام أو عامين من الغفوة أو الغيبوبة وعت النخب الحديثة أنها تنازلت عن دور ما كان يجب عليها أن تتنازل عنه، لمصلحة حركات، لا شك أنها شجاعة ومقدامة، لكنها عفوية، والعفوية وحدها لا تصنع تغييراً حقيقياً .
_______________________________
*الأمين العام السابق للمنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين
منقول من موقع المنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين
كتب محمد المذكوري المعطاوي في صحيفة حريات، مقالاً جميلا وعميقاً قال في مضمونه: «إن هناك مغزى ثابتاً لليبرالية بصفتها مفهوماً فلسفياً وأيديولوجياً، يتمثل في كل ما يرمز إلى التحرر، واقترن المبدأ منذ البداية بمفهومه الاقتصادي أي حرية الأسواق والتملك ورفض أي تدخل من قبل الدولة وتخطيطها، وقبول اقتصاد تحكمه قيم منبثقة عن حرية التملك والإدارة واستخدام رؤوس الأموال، وما على الدولة سوى القيام بدور المنظم والمشرف والضامن للأمن ومفهوم الحرية ذاته، كما أن تحرير رأس المال يؤدي إلى اختزال مفهوم الأفراد في بعد واحد يتمثل في الاندفاع اللامحدود للفرد نحو حرية الاستهلاك كيفما كان نوعه».وتضفي الليبرالية صفة الفردية والنسبية على القيم والمبادئ الأخلاقية يجعل الوضع الاقتصادي للفرد وقدرته الشرائية من بين أهم وأكثر القيم اعتباراً وتقديراً من الناحية الاجتماعية، فالعاطل عن العمل منبوذ والتبعية للمصارف والبنوك تؤدي إلى تمكين رأس المال من السيطرة على الفرد وامتصاصه، أما التقاعد و الإنسان المتقاعد عن العمل فلا أهمية ولا تقدير له، فكل الدعايات الاستهلاكية موجهة إلى شريحة الشباب والكهول الذين هم في سن الإنتاج والاستهلاك، وبذا يصبح المعاقون والمسنون على هامش الواقع الاجتماعي ويعيشون على المساعدات والصدقات التي يقدمها لهم هذا النظام والجمعيات الخيرية التطوعية.واستعادت الليبرالية الجديدة «النيوليبرالية» بعض مفاهيم الليبرالية التقليدية، مثل أهمية الفرد والحد من دور وتدخل الدولة والسوق الحرة، فمن بين مظاهر الفكر الليبرالي ظهور مواطن انعزالي يتميز بدرجة عالية من الذاتية والبراغماتية، ينطلق من وحي ابتلاع الآخر مادياً واجتماعياً.وفي ظل العولمة يصبح الفرد مسؤولاً عن تخلفه وعن فقره، فالنيوليبرالية تعزو ذلك إلى طبيعة التفكير كالقول بأن الثقافة هي سبب التخلف، وكذلك افتقار أو انعدام روح المبادرة.فالأنا والآخر هي ذاتها ثنائية العولمة المركز والطرف، فالأنا هي المركز والآخر هو الطرف المتخلف أو «المنهوب» بمعنى آخر، بل ان انقاذ الآخر وتحريره من تخلفه، تبدو من الناحية الشكلية شهامة من خلال تقديم الدعم بواسطة «برامج مساعدة التنمية» واستخدام منظمات الأنا كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ولكنها في جوهرها أسلوب آخر في امتصاص آخر قطرة من دماء الآخر المتخلف والفقير.فمنطق النيوليبرالية يقول: «نحن أغنياء لأن ثقافتنا تدفع وتشجع على ذلك، وهم فقراء لأن ثقافتهم لا تسمح لهم بالتقدم، وبناء عليه فإذا كان الازدهار مرهوناً بالثقافة فالتخلف نتيجة لها أيضاً، والمحصلة النهائية التي تترتب على ذلك هي بكل وضوح: أن الدول النامية لا مفر لها من العولمة، فنتائج النيوليبرالية وأصدائها على العولمة تتعدى حدود الاقتصاد والسياسة إلى عولمة الثقافة، وهي ثقافة الأنا وفرضها على الآخر، لأنها الوحيدة الكفيلة بالمبادرة والتقدم والازدهار والحرية.والليبرالية تجعل الفرد هو مصدر القيم الأخلاقية وتبرز الصلة بين هذه القيم والمصالح الشخصية، أي عدم ثبوت القيم الأخلاقية التي تتبدل حسب المصلحة والضرورة، فقيم الخير والشر والأفعال الحسنة والخبيثة مصدر معاييرها الفرد، أي أن الفرد الليبرالي هو مصدر القيم الأخلاقية الذاتية.وحتى في رفض الليبرالية للموروث ليس من منطلق نقده والانطلاق منه إلى الجديد، ولكنه برفضه عن طريق نسفه والتحرر منه، لأنه يرى المشكلة تبدأ وتنتهي بالثقافة التي يعتبرها سبب تخلف أو تقدم البشر.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
________________________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 01/03/2014 العدد:12662
كتبت في مقال سابق تحت عنوان «اقتسام النفوذ في العالم»، وأشرت فيه إلى أن «الضرب بين الامبريالية الأميركية والاتحاد الأوروبي من ناحية والامبريالية الروسية من ناحية أخرى، قد أصبح تحت الحزام من أجل اقتسام العالم، فما الدعم الأوروبي والأميركي للتظاهرات في أوكرانيا وهي حليف أساسي لروسيا، إلا انعكاس لهذا التنافس على النفوذ بالعالم».وقد تابع العالم التطورات الأخيرة والخطيرة في كييف والمدن التي تسيطر عليها المعارضة، والتي قامت بدفع من الاتحاد الأوروبي بعمليات تخريبية كبيرة، واحتلت مباني حكومية، وانتشرت حالات خطف واعتقال وسرقة المنشآت، وفي المقابل خرج عشرات الآلاف من العمال في المدن الشرقية رافعين لافتات عمال مناجم دونباس ضد التطرف وضد الفاشية، التي تقوم بأعمال التخريب وتطالب بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي طمعاً في دعم البنك الدولي، وهو ما ترفضه الطبقة العاملة وأحزاب اليسار التي لا تريد خضوع أوكرانيا واقتصادها لتحكم النيوليبرالية في مصيرها وامتصاص ثرواتها.وفي الوقت الذي أفرج فيه عن يوليا تيموشينكو التي حكم عليها بالسجن عام 2011، انعقد المؤتمر الآسيوي في شرق البلاد ضد مؤيدي الانضمام الفعلي للاتحاد الأوروبي، وتيموشينكو هي من النخب الفاسدة التي تسيطر على منابع الغاز، تلك النخب من الرأسمالية المتنفذة التي ظهرت بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، حيث تعتزم تيموشينكو ترشيح نفسها للرئاسة، بعد أن تم يوم أول من أمس تعيين أرسين أفاكوف المقرب منها وزيراً للداخلية وانتخاب أحد رموز المعارضة رئيساً للبرلمان وهو الكسندرتورتشينوف، بينما اضطر الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش إلى مغادرة القصر الرئاسي الذي احتلته المعارضة.وقد يبدو للبعض أن ما يحدث في أوكرانيا هو انتفاضة شعبية سلمية ديموقراطية ضد الديكتاتورية، لكنه في حقيقة الأمر صراع بين النخب الرأسمالية على السلطة وخاصة منصب الرئيس، إذ قامت المعارضة بتأسيس مؤسسات سلطوية موازية، وتقوم باسم الشعب بانتهاك الدستور من أجل سير البلاد في فلك النيوليبرالية.وقد أظهرت الأفلام في اليوتيوب أعمال التخريب التي طالت كل منجزات ومظاهر الاشتراكية بما فيها تماثيل لينين وتماثيل أبطال الحرب ضد النازية، وهذا يعكس عودة القوى الفاشية والنازية التي ترفع شعارات مطابقة لشعارات عملاء النازية في مناطق غرب أوكرانيا إبان الحرب العالمية الثانية، والذين قاموا بعمليات إبادة جماعية للقومية البولونية وقوميات أخرى في هذه المناطق.لكن ذلك لا يعفي السلطة من المسؤولية حيث أدت ممارساتها إلى احتجاجات، ولكن تأجيج العنف والتخريب هو من مسؤولية ودعم وتغطية إعلامية وسياسية من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ويتضح ذلك من مطالبة الخارجية الأميركية لاخراج قوات حفظ النظام من العاصمة الأوكرانية، فهي تجد في أوكرانيا فرصة لإنقاذ الاقتصاد الرأسمالي المهزوز عن طريق الاستثمارات ومساعدات البنك وصندوق النقد الدوليين، وقد تسبب الفساد الذي استشرى بعد سقوط النظام الاشتراكي بنسب بطالة غير مسبوقة وازدياد لأعداد من يعيش تحت خط الفقر.وفي رسالة وجهها الحزب الشيوعي الأوكراني إلى الأحزاب الشيوعية والعمالية والحركات اليسارية في العالم، شرح فيها حقيقة الصراع والقوى التي تقف وراءها، وأعاد الحزب طرح رؤيته للحل التي تبدأ بوقف أعمال العنف ورفض التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للبلاد من قبل الدول الأجنبية، وإعلان استفتاء شامل حول التوجه الاقتصادي، وإجراء إصلاح سياسي وإقامة جمهورية برلمانية، وإعادة نظام النسبية للانتخابات النيابية، وإصلاح القضاء وتشكيل هيئة لاختيار القضاة.وهناك من يحاول بقصد أو عن سذاجة تشبيه أحداث أوكرانيا بأحداث سورية، ولكنه في الواقع يعكس الخوف الغربي من عودة ونهوض اليسار كما حدث في بعض الدول الاشتراكية السابقة مثل التشيك، بالتعاون مع الفاشية المتطرفة والنازية الجديدة والتيارات القومية الشوفينية.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
____________________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 24/02/2014 العدد:12656
بقلم: د. فواز فرحان*
ذكر لي أحد الرفاق أنّ أحد أصدقائه كان في زيارة سياحية لبانكوك، وأثناء انتظاره لسيارة الأجرة أمام الفندق الذي يسكنه مرت مظاهرة حاشدة تتصاعد منها الهتافات الحماسية ويرتدي المشاركون فيها القمصان الحمر فتفاعل معها بحسن نية وانضم للمتظاهرين حتى نهاية الشارع الذي فيه الفندق، وبعد رجوعه اكتشف من موظفي الفندق أنّ المظاهرة كانت مؤيدة لرئيس الوزراء السابق المتهم بعدة قضايا فساد! وعلى سياق هذه القصة يتفاعل اليوم الكثيرون من شباب الحراك الشعبي الكويتي - بحسن نية على الأغلب- مع ما يرونه من مظاهرات حاشدة في كييڤ وغيرها من المدن الأوكرانية وكذلك في كاراكاس وبعض المناطق الڤنزويلية؛ ولا تغيب أوصاف مثل (ثورة الحرية) و(انتفاضة الأحرار) عن تعبيراتهم عما يشاهدونه في القنوات الإخبارية أو الصور والڤيديوهات المنقولة في وسائل التواصل الاجتماعية من غير تعمّق في معرفة طبيعة الصراع في هذه البلدان ومنطلقات هذه التحركات أو ما هي الشعارات التي يرفعها المتظاهرون؟!
قد يغيب عن المتفاعلين أنّ الصراع الدائر في أوكرانيا لا علاقة مباشرة له بالحرية أو الديمقراطية أو العدالة الاجتماعية؛ وأن المشاكل الاجتماعية مثل البطالة والفقر ومشاكل الصحة والتعليم غائبة تماماً عن مشهد الصراع بين أنصار الرئيس يانوكوفيتش وأنصار تيموشينكو زعيمة ما يسمى بالمعارضة، الصراع في أوكرانيا بين مجموعتين؛ إحداهما تريد استمرار العلاقة الاقتصادية مع روسيا والاستفادة من واردات الغاز الطبيعي والدعم الاقتصادي منها، والأخرى تريد الانضمام للاتحاد الأوروبي لأنّ السياسة الحالية لم تغيّر من الوضع المعيشي إن لم تزده سوءاً، وقد يكون المتفاعلون مع مظاهر الحركة في الشارع الأوكراني والمفتتنون فقط بمنظر المولوتوف الملقى على القوات الخاصة القمعية والمبتهجون فقط بحالات إلقاء المتظاهرين القبض على بعض رجال الأمن غير منتبهين لخطاب قوى المعارضة ومكوناتها وممارساتها على الأرض؛ فهذه المعارضة تتكون من قوى يمينية وجماعات ليبرالية وأنصار أحزاب المعارضة البرلمانية الثلاثة التي تقود حركة الشارع اليوم، وهذه الأحزاب الثلاثة هي: حزب (الوطن الأم) الذي تنتمي له زعيمة المعارضة تيموشينكو؛ وهذا الحزب قومي ويتبنى سياسات نيوليبرالية، وهناك حزب (الحرية) الفاشي والمعادي لروسيا من منطلق قومي وعنصري، الذي تحالف مع حزب (الوطن الأم) في انتخابات ٢٠١٢، وأخيراً هناك (التحالف الأوكراني الديمقراطي للإصلاح)... هذه الأحزاب المعارضة تجمعها القومية والفاشية؛ وما إسقاط تماثيل لينين وتماثيل شهداء الحرب ضد الفاشية والنازية إلا أحد ممارسات هذه المعارضة ذات المنطلق الفاشي، وكذلك تجمعها السياسات النيوليبرالية التي تدفع نحو الخصخصة وغيرها من السياسات التي تثقل كاهل الطبقات العاملة والمسحوقة، وعلى أرض الواقع ابتعدت القوى الليبرالية عن واجهة المظاهرات بسبب سيطرة اليمين الفاشي عليها، وتم استبعاد بعض قوى اليسار من المظاهرات مبكراً بسبب طرحها لقضايا معيشية اعتبرتها القوى اليمينية تشتيتاً للخطاب وللجهود!
تتصارع روسيا ومعها بيلاروسيا وأوزبكستان من جهة والدول الأوروبية ومن خلفها أميركا من جهة مقابلة على (كعكة) السوق الأوكراني... فليست روسيا ولا الدول الأوروبية شديدة الحرص على الديمقراطية والحرية في أوكرانيا، ولا طرفا النزاع الحالي في الساحة السياسية الأوكرانية بمهتمين للقضايا الرئيسية التي تهم الشعب وتمس معيشته وحياته مباشرة، ولا تعتبر الحركة التي تبدو أنها جماهيرية بثورة ضد (الطغيان) و(الظلم) و(القهر) كما يحب أن يصفها بعض الناشطين في الكويت، وليس يانوكوفيتش بنصير للضعفاء والمقهورين ولا ببريء من الفساد والتنفيع والاستنفاع، وليست تيموشينكو الملقبة بأميرة (الغاز) والمتهمة بالفساد كذلك بالمناضلة والثائرة في سبيل الحرية والديمقراطية... لسنا مضطرين كمشاهدين ومتابعين للشأن الأوكراني بالاختيار بين روسيا والاتحاد الأوروبي، أو دعم أحد أطراف النزاع السياسي، التي تتحرك بناءً على مصالحها ودعماً لاستمرار هيمنتها على المجتمع ومقدراتها؛ فهذه الأطراف تظل قوىً طبقية رأسمالية لها حساباتها الخاصة وتتمتع بالدعم الإقليمي أو القاري إما من روسيا أو من الاتحاد الأوروبي.
بوصلتنا لدعم الشعوب يجب أن تكون العدالة الاجتماعية؛ والتي لا يمكن تحقيقها في ظل انعدام الحرية والديمقراطية، فلا يمكن أن ندعم حركة مضادة لحكومة مادورو في ڤنزويلا ومدعومة من الإدارة الأميركية لأنها تريد تطبيق السياسة النيوليبرالية التي ستؤدي إلى إلغاء كل المكتسبات الشعبية التي حققها شاڤيز -سلف مادورو- مثل تقليص نسب البطالة والأمية وديون الدولة، ولكن يجب أن ندعم الحركة الشعبية ضد حكومة أردوغان التي تطبق السياسة النيوليبرالية وتتضخم في عهدها الأسعار ونسب البطالة ناهيك عن القوانين القمعية التي يشرعها البرلمان ذو الأغلبية الأردوغانية، بوصلتنا مصلحة الشعوب وليس منظر المظاهرات المثير للحماس، وليست كل ثورة بثورة، كما أنه (مو كل مدلقم يوز) كما يقول المثل الشعبي الكويتي.
----------------------------------------
*عضو التيار التقدمي الكويتي.

بيان القوى السياسية الكويتية حول الاتفاقية الأمنية الخليجية
لم يعد خافياً على أحد في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ المنطقة، التوجهات التي تُمارسها السلطة ضد الشعب الكويتي، والتي تستهدف بصورة مباشرة تقويض الحد الأدنى من أسس النظام الديمقراطي الذي رسمه دستور 1962، بعدما باءت محاولاتها السابقة بالفشل الذريع، منذ تزوير انتخابات 1967 وحلّ مجلس الأمة بشكل غير دستوري عامي 1976 و1986، ومحاولة فرض مجلس وطني غير دستوري عام 1990، إضافة إلى استمرار محاولاتها في اضعاف النظام الديمقراطي وتعطيل المسيرة البرلمانية.
وها هي الإدارة الحكومية الكويتية اليوم تتخذ إجراءات لا تقل خطورة عما سبق، وذلك بتوقيعها في نوفمبر 2012 على اتفاقية أمنية مع حكومات دول مجلس التعاون الخليجي العربية، والتي من شأنها ان تشكّل انتقاصا من سيادتها، وتفريغا مباشرا للديمقراطية التي كفلها دستور 1962، من وأد للحريات، وسلب للضمانات القضائية والقانونية التي كفلها الدستور للمواطنين والمقيمين على حد سواء.
وفي الوقت الذي تتطلع إليه شعوب دول الخليج العربية لدعم مسارات التنمية الحقيقية، محليا وإقليميا ودوليا، وفي ظل ضعف الأداء العام لمنظومة دول مجلس التعاون الخليجي في مجالات التكامل الاقتصادي والثقافي والتعليمي والمجالات الحيوية الأخرى التي تستهدف المواطن الخليجي، جاءت الاتفاقية الأمنية لتمثل انتكاسة جديدة في العمل الخليجي، عندما انصب تفكير الدول الموقعة عليها في الحفاظ على أمن الأنظمة لا أمن الشعوب.
إن تصحيح الأوضاع المتردية لا يكون بالمعالجات الأمنية والتضييق على حريات المواطنين والشعوب، بقدر ما تكون بالمزيد من الشفافية وإشاعة أجواء الديمقراطية والحريات العامة، والمشاركة الشعبية في اتخاذ القرار وتقريرمصيرالشعوب، والسعي نحو بناء الإنسان وتنمية قدراته والعمل على تحقيق الرخاء والحياه الكريمة.
ولهذا، تدعو القوى والتنظيمات السياسية الكويتية السلطة في الكويت إلى تدارس الضرر الماثل حول ما ستؤول إليه تداعيات مثل هذه الاتفاقية من تعد صارخ على حقوق الإنسان وحرياته.
كما أننا، وفي هذا الصدد، نحمّل كافة مؤسسات الدولة الرسمية المعنية المسؤولية تجاه هذه الاتفاقية الأمنية الخليجية، المعيبة دستوريا والمخلة لإرثٍ كويتيٍ خطه الأجداد والآباء منذ تأسيس الكويت، وأكدوا عليه، وحافظوا على مبادئه وأصوله .
إن القوى والتنظيمات السياسية الكويتية الموقّعة على هذا البيان تستشعر أهمية التحرُّك الوطني الموحد، وأهمية التنسيق فيما بينها، وتؤكد أيضا أهمية خلق وعي شعبي يتصدى ويرفض رفضا قاطعا بالوسائل المشروعة هذه الاتفاقية الأمنية.
الكويت، في الاربعاء 19 فبراير 2014.
- المنبر الديمقراطي الكويتي
- الحركة الدستورية الإسلامية (حدس)
- التيار التقدمي الكويتي
- تجمُّع العدالة والسلام
- الحركة الديمقراطية المدنية (حدم)
- التحالف الإسلامي الوطني
- التحالف الوطني الديمقراطي
- حركة العمل الشعبي (حشد)

تصريح صحفي صادر عن المكتب التنفيذي للتيار التقدمي الكويتي بخصوص قمع الكويتيين البدون في تيماء اليوم
يتابع التيار التقدمي الكويتي باستياء بالغ الأحداث المأساوية في منطقة تيماء ويحمل السلطة المسؤولية كاملة عن التداعيات على المستوى الإنساني فيها، فقد قامت وزارة الداخلية باختطاف الناشطين عبدالله عطا الله ويوسف الزهيري بوسائل لا تمت للقانون بصلة ودون الإبلاغ عن مكان اعتقالهما أو إعطائهما حق توكيل محامين مما يتعارض مع حقوق الإنسان ومباديء الدستور ونصوص القوانين، وكذلك قامت القوات الخاصة بقمع الاعتصامات السلمية المنددة بهذه الاختطافات بالقنابل الصوتية والمسيلة للدموع والضرب المباشر للمعتصمين وملاحقتهم في شوارع تيماء التي غرقت في الظلام بسبب إطفاء إنارتها.ويدعو التيار التقدمي الكويتي منظمات حقوق الإنسان في العالم والقوى السياسية الكويتية والمنظمات الحقوقية الكويتية وكل المخلصين من الشعب الكويتي إلى الإسراع في التصدي لممارسات السلطة الآثمة ضد جزء من شعبنا عانى الأمرّين على مدى أربعين عاماً، كما يحمل وسائل الإعلام المسؤولية ويدعوها لفضح هذه الممارسات القمعية اللاإنسانية ضد الكويتيين البدون ويدعو السلطة ممثلة بوزارة الداخلية إلى الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان والضوابط الدستورية والقانونية في تعاملها مع الاعتصامات السلمية ويحملها المسؤولية عن أي تدهور لأوضاع أبناء شعبنا من الكويتيين البدون.الأربعاء ١٩ فبراير ٢٠١٤
يدَّعي المدافعون بشدة عن الاتفاقية الأمنية سواء الحكومة أو بعض الكتّاب والقانونيين أنها لا تخالف الدستور، ولا تقيّد الحريات العامة وحجتهم الوحيدة هي أن المادة الأولى من الاتفاقية تنص على أن "تتعاون الدول الأطراف في هذه الاتفاقية وفقاً لتشريعاتها الوطنية والتزاماتها الدولية"، وهذا يكفي بحد ذاته لمنع تعارض موادها مع الدستور، فهل هذا صحيح؟كلا بالطبع، فالاتفاقية لم تذكر إطلاقا كلمة الدستور في أي مادة من موادها، هذا أولاً.أما ثانياً، فالمادة الأولى، التي يدَّعون أنها قيدٌ على نفاذ مواد الاتفاقية التي تخالف الدستور، تحدثت فقط عن التشريعات الوطنية، أي القوانين المعمول بها في الدول الأطراف.وحيث إن الاتفاقية ستصبح، عند التصديق عليها من المجلس، قانوناً محلياً نافذاً (قانون خاص يلغي القوانين العامة وواجب التطبيق حالاً) باعتباره واحداً من التشريعات الوطنية التي تشير إليها المادة الأولى، فسيترتب على ذلك إلغاء جميع القوانين المحلية الأخرى الخاصة بالحريات العامة الصادرة قبل هذا القانون، وتقييد أي قانون لاحق يتناقض معه.لهذا، فإن الاستناد إلى المادة الأولى من الاتفاقية لتبرير عدم مخالفتها للدستور استنادٌ غير صحيح ومضلل للرأي العام، أما الحديث عن أن الظروف الإقليمية الحالية الملتهبة تتطلب إقرار الاتفاقية الأمنية الخليجية حتى لو كانت غير دستورية، فهو حديث متهافت وغير مسؤول، فالدستور هو الذي حافظ على نظام الحكم أي الشرعية الدستورية التي ثار حولها جدل دولي أثناء الاحتلال العراقي الغاشم عندما طالب الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتران بأن يُترك للشعب الكويتي تقرير مصيره، فانعقد المؤتمر الشعبي في جدة (أكتوبر 1990) ليُنهي الجدل ويُؤكد للعالم أجمع تمسك الشعب الكويتي بشرعيته الدستورية، والدستور هو الذي حافظ على استقرار الوطن أثناء ما سُمي بـ"أزمة الحكم" عام 2006.لذا فمن غير المعقول أن يطالب أي عاقل تهمه مصلحة الوطن واستقراره بنسف الدستور، الذي يحافظ على الدولة والنظام، في ظل هذه الظروف الإقليمية غير المستقرة.من هذا المنطلق، فإن الدفاع عن الدستور والحريات العامة يُحتِّم استمرار الضغط الشعبي الرافض للاتفاقية الأمنية (المكونة من عشرين مادة سهلة القراءة ولا يجوز تعديلها فإما تُرفض أو يُصدّق عليها) حيث يبدو أن تأجيل المصادقة عليها من "مجلس الصوت"، الذي تتحكم فيه الحكومة كيفما تشاء، ليس سوى مناورة سياسية الهدف منها كسب الوقت، على أمل التصديق عليها في وقت لاحق عندما يخف الضغطان الشعبي والسياسي الرافضان لها.
د. بدر الديحاني
----------------------------------------------------------
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 19/02/2014
مرت في 17 فبراير الجاري ذكرى استشهاد المفكر والمناضل اللبناني د. حسين مروة، الذي اغتالته يد الغدر الأصولية الظلامية عام 1987 في بيروت، وقد عُرف حسين مروة مفكراً عربياً بارزاً وناقداً أدبياً وكاتباً للقصة وللشعر وللمقالة، وكان باحثاً مبرّزاً في التراث الإسلامي، كما كان مناضلاً يسارياً صلباً ثابتاً ومقاوماً بالكلمة للاجتياح الإسرائيلي ومكافحاً ضد التعصب الطائفي والمذهبي.وقد كانت الرصاصات الموجهة إلى جسد هذه القامة الفكرية الكبرى، موجهة بالأساس إلى فكره التنويري وسلطتة الثقافية، فكما قال المفكر المصري الراحل محمود أمين العالم: «هناك علاقات تناقضية جدلية منتجة بين سلطة الثقافة وثقافة السلطة»، فبالنسبة للسلطات والقوى الظلامية فإن الكلمة أقوى من الرصاصة، وهي تثير الرعب والهلع في نفوسهم، ولذا لم يكن المفكر حسين مروة هو الوحيد الذي اغتالته الأصولية الظلامية من المفكرين التي تضع يدها اليوم بيد السلطات الاستبدادية وتدعم الأيديولوجية الامبريالية المعادية لشعوبنا، وتنشر القتل والدمار والدماء على أراضينا العربية، فاغتالت بعده المفكر والمناضل اللبناني مهدي عامل في 18 مايو 1987 صاحب مقولة «لست مهزوماً ما دمت تقاوم»، والمفكر المصري فرج فودة في عام 1992، وتمت محاولة اغتيال الأديب المصري الكبير نجيب محفوظ بطعنة في عنقه وغيرهم الكثير.كان حسين مروة شيخاً درس في جامعة النجف التي أنهى الدراسة فيها عام 1939، ثم اطلع على الفكر الماركسي عام 1948 عندما أعاره الشهيد حسين الشبيبي أحد مؤسسي الحزب الشيوعي العراقي الذي أعدم مع رفيقه يوسف سلمان «فهد»، أعاره البيان الشيوعي، ثم شارك في المظاهرات ضد الاستعمار الإنجليزي وفي أحداث الوثبة الوطنية العراقية عام 1948 التي أسقطت معاهدة «بورتسموث» البريطانية مع حكومة العهد الملكي.وبعد أن أبعده نوري السعيد عن العراق عاد إلى لبنان عام 1949، حيث واصل كتاباته النقدية الأدبية، وفي عام 1950، تعرف إلى فرج الله الحلو وأنطوان ثابت وهما من مؤسسي الحزب الشيوعي في لبنان وسورية، ثم إلى محمد دكروب حيث أسسا معاً مجلة الثقافة الوطنية ولاحقاً مجلة الطريق الثقافية، وكان مروة ودكروب من أوائل من تصدى للثقافة الليبرالية التغريبية إلى جانب محمود أمين العالم وعبد العظيم أنيس اللذين أصدرا كتابا «في الثقافة المصرية» دفاعاً عن الواقعية الاجتماعية في الثقافة، وضرورة ارتباطها بالمجتمع والإنسان وهمومه.ومن أبرز كتابات الشهيد حسين مروة كتاب «النزعات المادية في الفلسفة العربية والإسلامية» وهو مكون من ثلاثة أجزاء ضخمة، ولعله من أبرز الكتب التي تناولت التراث الإسلامي من خلال المنهج المادي الجدلي، وكتب كتاب «دراسات نقدية في ضوء المنهج الواقعي»، و«تراثنا كيف نعرفه»، و«دراسات في الفكر والأدب»، وغيرها من المؤلفات التي أثرت المكتبة العربية وأصّلت المنهج العلمي الجدلي في تناول الفكر والثقافة.وأُعتبر الشهيد حسين مروة «شيخ المقاومين» حيث ناضل بالقلم كما ناضل إلى جانبه مهدي عامل ومحمد دكروب ضد الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، وناضل ضد الحرب الأهلية الطائفية البغيضة والمدمرة، فكانت كلماته أقوى دوياً من صوت القذائف والرصاص.كل المفكرين الذين ذكرناهم في هذا المقال ماتوا وهم يرفعون راية التقدم، ولم ينكّسوها طوال عمرهم الذي أفنوه بالنضال عبر الكلمة وسطوة الثقافة، التي شحذت همم أبطال «جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية»، وستظل الراية مرفوعة بنضال أمثالهم، وستحظى بالعار أكثر مما حظيت به جماعات التخلف الأصولي الظلامي.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
----------------------------------------------------------------
منقول عن جريدة الراي تاريخ 19/02/2014 العدد: 12651
بقلم: د. فواز فرحان*
لا يحدث التغيير في أي مجتمع إلا إذا تعارضت مصالح الطبقة المسيطرة عليه مع مصالح الطبقات الأخرى وأصبحت عائقاً أمام تطورها... وفي الكويت تتعارض مصالح الحلف الطبقي المسيطر على العموم ومصالح أقوى طرف فيه ممثلاً بالأرستقراطية العشائرية (السلطة) ونهجها على الخصوص مع التطور الديمقراطي الذي يطمح إليه الشعب وبالأخص الموظفين أو العاملين بأجر والفئات الشعبية ومحدودة الدخل. بدأ الحراك الشعبي في الكويت احتجاجياً ضد ممارسات سلطوية معينة ونجح في بعض مطالباته وأخفق في بعضها الآخر بسبب موازين القوى على الساحة السياسية، وتطور لاحقاً ليبدأ بأخذ الشكل المنظّم الذي يحمل نواةً لمشروع سياسي واضح بمطالبات محددة تتلخص باستكمال النظام الديمقراطي البرلماني في ظل إشهار الأحزاب وقانون انتخابات عادل نسبياً مع إصلاحات دستورية عميقة، وكان أوضح مثال على هذا التطور في الحراك نشوء ما يسمى بائتلاف المعارضة؛ ولي هنا وقفة تحليلية ونقدية من منطلق إيجابي وإصلاحي.
كان للتقدميين دور واضح في بداية تأسيس ائتلاف المعارضة من خلال مساهمتهم الفاعلة في إعداد بيان إعلان تأسيسه، ومن خلال الاجتماعات الأولى تشكل انطباع عند التقدميين بأن هناك خللاً بنيوياً في تركيبة الائتلاف مما سينعكس سلباً على طريقة عمله وبالتالي على النتائج المتوقعة منه؛ ومن أبرز ملامح هذا الخلل: أولاً عدم وجود تعريف واضح للتيارات السياسية المشاركة فيه وكذلك انعدام الهيكل التنظيمي لأغلبها وتركز القرار عند أشخاص فيها مما يُضعف التعويل على قراراتها مستقبلاً والتي قد تكتنفها المصالح والنزعات الشخصية وهذا يسري على ما يسمى بكتلة الأغلبية، ثانياً عدم وجود تعريف واضح لماهية التجمعات الشبابية في هذا الائتلاف خصوصاً مع ظهور واختفاء أو اضمحلال تجمعات شبابية كنا نراها بالساحة السياسية وبالتالي عدم ضمان استمرارية التجمعات الشبابية الحالية في الائتلاف، ثالثاً وجود ازدواجية العضوية في الائتلاف وفي غيره من الجبهات والتحالفات مما يوحي بوجود مصالح شخصية قد تنعكس على عمل الائتلاف لاحقاً، ورابعاً وأخيراً عدم إعلان بعض مكونات الائتلاف موقفاً واضحاً من المشاركة في انتخابات الصوت الواحد المجزوء من عدمها في بداية تأسيس الائتلاف مما يطرح تساؤلاً مستحقاً عن جدوى مشاركتها بالائتلاف في حال وجود نية مستقبلية لخوض الانتخابات.
وأثبتت التجربة صحة تشخيص التقدميين لمواطن الخلل في تكوين الائتلاف مع بروز الكثير من التناقضات والمواقف مثل: انقسام حزب الأمة إلى قسمين متناقضين في موقفهما من بعض ما يطرحه الائتلاف مما يؤكد النزعة الشخصية في الإدارة، انقلاب موقف بعض النقابات المشاركة في الائتلاف مما أدى إلى تجميد عضويتها، تهلهل ما يسمى بكتلة الأغلبية من خلال كسر بعض أعضائها لاتفاق عدم المشاركة في انتخابات الصوت الواحد مثل عبدالله الطريجي الذي أصبح عضواً في مجلس الأمة ومحمد هايف الذي حرّض على المشاركة بالتصويت وكذلك موقف هذه الكتلة المُبهم من الإصلاحات السياسية والدستورية الجذرية، مواقف أعضاء الحركة الدستورية الإسلامية (حدس) المثيرة للجدل والشك في آن واحد مثل حديث النائب السابق جمعان الحربش عن عدم قطع الاتصال بالسلطة وعدم استبعاد مشروع إسلامي موازٍ لمشروع ائتلاف المعارضة وعدم رضا السيدة خولة العتيقي عضو الأمانة العامة في (حدس) عن مقدمة مشروع الائتلاف والتي وصفتها (بالقاسية) ضد الحكومة ومقالات مبارك الدويلة (جنرال حدس) المؤيدة لرئيس الوزراء الحالي وكذلك تلميحات أسامة الشاهين عن عدم جدوى مقاطعة الانتخابات.
استمر رفض التقدميين للمشاركة في المكتب السياسي لائتلاف المعارضة بسبب عدم تغيُّر قناعتهم حتى الآن بتعثر عمله مستقبلاً بسبب هذه التناقضات الناتجة عن هذا الخلل البنيوي فيه إلا أنهم أسهموا من واقع تحملهم للمسؤولية ومن خلال (رؤية التيار التقدمي الكويتي للإصلاح الديمقراطي) برفد مشروع الائتلاف بالمادة الأساسية وكذلك بالتعليقات والتعديلات على مسودات هذا المشروع، إلا أنهم ظلوا يعتقدون أنه في ظل هذا الخلل البنيوي في مكونات ائتلاف المعارضة لا جدوى للحديث عن تأييد مشروعه من عدمه لأن المشكلة ليست في محتوى المشروع ولكنها في المكونات التي ستتبناه وفي طريقة عملها على الوصول إلى أهدافه، من وجهة نظري أن مشروع الائتلاف سيتحول من مشروع إصلاح حقيقي إلى مجرد ورقة انتخابية ستستخدمها بعض مكوناته في أقرب انتخابات إن لم يتم إصلاح هذا الخلل البنيوي فيه و وضع حد و حل للنقاط التي ذكرتها في الأعلى.
---------------------------------------
*عضو التيار التقدمي الكويتي.
بدأت الأمور تتضح شيئاً فشيئاً على الساحة السياسية خصوصاً لمن كان يتوهم، بحسن نية، أن مجلس "الصوت الواحد" الذي فصّلته الحكومة على مقاسها هو مجلس يُعبّر عن الإرادة الشعبية كما جاء بالدستور ومذكرته التفسيرية بالرغم من أن الصورة كانت واضحة منذ البداية، فمجلس ضرورة "الصوت الواحد" ليس سوى مجلس شكلي الهدف من وجوده هو إضفاء مشروعية زائفة على سياسات فاشلة ومعادلة سياسية مختلة وغير متوازنة.لم تكن معارضة انفراد الحكومة بتغيير النظام الانتخابي ترفاً فكرياً أو مناكفة سياسية أو معارضة من أجل المعارضة، بل كانت تعبيراً عن رفض الإخلال من طرف واحد بالمعادلة السياسية التي يقوم عليها نظامنا الدستوري الديمقراطي الذي كان من المفترض له أن يتطور باتجاه المزيد من توسيع المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار وإطلاق الحريات وحفظ الحقوق الدستورية للمواطنين وليس العكس.على أي حال ها هي "الاتفاقية الأمنية الخليجية" تحسم الأمور وتنهي النقاش حول سبب وجود مجلس "الصوت الواحد" والدور المطلوب منه القيام به، حيث "لا صوت يعلو على صوت الحكومة"، كما قال وزير المالية الأسبق السيد مصطفى الشمالي، فما تريده الحكومة هو الذي سيُقر بالرغم من "معارضة" عدد قليل جداً من الأعضاء؛ وذلك لأن مجلس "الصوت الواحد" ليس سوى شكل ديكوري فقط مسموح لأعضائه بإطلاق التصريحات الصحافية و"انتقاد" الحكومة كما يشاؤون، بل لا بأس حتى من استجواب بعض الوزراء، ثم بعد ذلك مناشدة الحكومة القيام بواجباتها لأن المجلس سيعجز عن محاسبتها، والقرار بالأخير سيكون بيدها.وأمام هذا المشهد السياسي البائس الذي وصلنا إليه نتيجة لانفراد الحكومة باتخاذ القرار وتهميش الإرادة الشعبية بالضد مما قرره الدستور، وهو الأمر الذي أدى إلى حالة تراجع تنموي مزرية، وانتشار للفساد بصوره المختلفة، وحالة تذمر شعبي غير مسبوقة، فضلاً عن المحاولات الحكومية المستمرة للتعدي على الحقوق الدستورية، وتقليص الهامش النسبي للحريات العامة، فإن مصداقية العناصر و"التيارات السياسية" التي تصرح باستمرار بأنها تدافع عن الدستور والحريات والحقوق الدستورية باتت على المحك، وهو ما يتطلب مراجعتها لمواقفها السابقة الداعمة لانفراد الحكومة بالقرار وإخلالها بالمعادلة السياسية، بحيث لا "صوت يعلو على صوتها"، على أن يترتب على هذه المراجعة اتخاذ خطوات عملية ملموسة للوقوف ضد التوجهات الحكومية المخالفة للدستور مثل التصديق على الاتفاقية الأمنية الخليجية، وإلا فإن الناس ستفهم التصريحات الصحافية التي يطلقها ممثلوها في مجلس "الصوت الواحد" وبعض قيادييها أو البيانات الصحافية حول موقفها الرافض بشدة للاتفاقية الأمنية الخليجية على أنها مجرد تغطية إعلامية على موقفها الحقيقي المؤيد والداعم بقوة لأي توجه حكومي، حتى لو كان مخالفاً للدستور.
د. بدر الديحاني
________________________________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 17/02/2014
ما زال ليبراليونا العرب منبهرين بالثقافة الليبرالية والنيوليبرالية الغربية، فبالنسبة لهم هي الثقافة الوحيدة التي توصلت اليها البشرية التي تقف ضد الارهاب ومع الحريات الفكرية وتواجه التمييز ضد المرأة، ومع النظام الديموقراطي وحقوق الانسان، حتى يكادوا أن يؤمنوا بأنها نهاية التاريخ، وان الصراع الأساسي بين البشر هو صراع حضارات وثقافات.ومن نافل القول ان مقولة «الرأسمالية وفكرها الليبرالي هي نهاية التاريخ» قد سقطت بدوي هائل، وان نظرية «صراع أو صدام الحضارات» قد تم فضح بعدها الاستعلائي من خلال محاولة اثبات تفوق الغرب على الشرق والشمال على الجنوب، والتي تلقفها المثقفون الليبراليون العرب على أنها مسلمات.فعندما أطلق صاموئيل هانتغتون نظريته حول صراع الحضارات عام 1993، كان يريد أن يقول: ان سقوط التجربة السوفياتية وانتهاء الحرب الباردة يثبت بما لا يدع مجالا للشك التفوق والهيمنة الغربية على العالم، وأن تحول النزاع سيكون ما بين الشعوب التي تنتمي الى حضارات مختلفة والتي ستكون تابعة للغرب بصفته صانعاً ومحركاً للتاريخ، وهو بتعمد ووضوح لا يضع اسرائيل ضمن الشرق المتخلف والتابع بل يصنفها ضمن الأيديولوجية الغربية المتقدمة.وحتى في معرض حديثه عن الحضارات الثانوية الاسلامية أعطى الغطاء النظري للنيوليبرالية لاشعال الصراع بين السنة والشيعة أو بين الأديان، في محاولة لصرف النظر عن الصراع العربي الاسرائيلي وانهاك الدول العربية وتفتيتها لصالح التفوق الاسرائيلي في المعادلة الاقليمية.كما أن المثقفين الليبراليين العرب المبهورين بالتفوق الأميركي الغربي، وجدوا في نظرية فوكوياما «نهاية التاريخ» ضالتهم النظرية، رغم أن فوكاياما نفسه تراجع عن نظريته اضافة الى أن الحياة لم تزكها خاصة بعد الأزمة الاقتصادية الرأسمالية البنيوية منذ 2008، فأصبح هؤلاء المثقفون في حالة انفصام عن الواقع، بينما حصرت الجماعات التقليدية والاسلامية الصراع «بين الحضارة الاسلامية والغربية»، وهذا لا ينطبق على الجميع بل أن هناك أطرافاً وتنظيمات اسلامية تتبنى السياسة الاقتصادية النيوليبرالية، ولعل التصويت على قانون الخصخصة في مجلس الأمة في العام 2010 ما يؤكد ذلك، الذي أثبت أن المجتمع الكويتي بطوائفه ومكوناته كافة ينقسم طبقياً وليس طولياً، رغم كل المحاولات لاثبات وترويج عكس ذلك.لقد خلقت الرأسمالية المعولمة ثقافة الاستهلاك استناداً الى الأسواق المفتوحة، وترويج وهم المساواة من خلال فرض نمط ثقافي معولم على الشعوب، مخفية الصراع الاقتصادي والأيديولوجي أو الطبقي، بين الدول الرأسمالية المتقدمة وبين الشعوب التي تشكل سوقاً ومصدراً للثروات التي تتركز بيد حفنة من الدول والشركات والأفراد على المستويين المحلي والعالمي.ان نظريتي صراع الحضارات ونهاية التاريخ والأيديولوجيات تهدفان للترويج للهيمنة الرأسمالية والنيوليبرالية، وطمس التناقضات الاقتصادية والطبقية حتى داخل الغرب نفسه، وهاتان النظريتان أدخلت المثقف الليبرالي في وهم الصراع الثقافي الافتراضي مع الديني وتخليه عن قضايا أساسية مثل الفقر وتوزيع الدخل والبطالة وتدني التعليم والتخطيط والتنمية وتدهور الانتاج الزراعي والصناعي والخدمات وتنويع مصادر الدخل.واستنسخت النخب الثقافية الليبرالية العربية الأفكار الغربية حول ديموقراطية اسرائيل وحتمية تفوق النموذج الغربي، وأن مشكلة المجتمعات العربية هي ثقافية بالأساس، واستبعدوا الصراع من أجل المصالح الاقتصادية والهيمنة السياسية والثقافية.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
_________________________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 17/02/2014 العدد:12649

القوى الوطنية والتقدمية: رفض تام للاتفاقية الأمنية الخليجية
كتب محرر الشؤون المحلية:تصاعدت وتيرة الاحتجاجات الشعبية المعارضة والمنددة للتوجهات الرامية لإقرار الاتفاقية والأمنية الموحدة لدول مجلس التعاون الخليجي العربية التي حررت بتاريخ 13 نوفمبر 2012 ووقعتها الكويت.
ومن دون الدخول في تفاصيل بنود هذه الاتفاقية، المكونة من 20 مادة، والتي من الواضح أنها تستهدف بصورة مباشرة مواطني دول الخليج العربي، والتضييق عليهم، فإن القبول بهذه الاتفاقية وشرعنتها وإقرارها من قِبل مجلس الأمة، يمثل مخالفة صريحة وكبيرة للدستور، وتعديا عليه، وخصوصا أن الحكومة تسعى من خلالها إلى تقويض المكتسبات الدستورية التي فشلت في النيل منها في أوقات سابقة.
القوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية بدورها لم تقف مكتوفة الأيدي أو متفرجة تجاه هذا الأمر، بل بدأت بالتنسيق في ما بينها لمواجهة تداعيات هذه الاتفاقية، بهدف التحرُّك الفعلي لإجهاض أي خطوات من قِبل الحكومة لإقرارها.
ضغوط خارجية

بندر الخيران
فقد رفض الأمين العام للمنبر الديمقراطي الكويتي، بندر الخيران، قبول الاتفاقية الأمنية، مؤكداً أنها تتعارض مع مبادئنا ونصوصنا الدستورية، وخصوصا لو أخذ في الاعتبار أن أغلب دول الخليج لا تعمل وفق أنظمة ديمقراطية، وقد يصنع ذلك مشاكل كبرى غير مرغوب فيها بين دول الخليج وشعوبها، مشيراً إلى أنه من الواضح أن هناك ضغوطاً خارجية على الكويت لإقرار الاتفاقية.
وزاد الخيران: الاتفاقية على الصعيد الداخلي مرفوضة، سواء على مستوى القوى السياسية أو المجتمع المدني بجانب الشارع الكويتي، منوها أن هناك تصريحات لمسؤولين حكوميين تشير إلى تعارض بعض مواد الاتفاقية مع الدستور، قائلاً: نحن مع الأمن ومع الاستقرار وتعاون الدول في ما بينها، ولكن يجب أن يكون ذلك في إطار القوانين والحريات العامة والخاصة للمواطنين، ومن قبلهما وجود دستور ديمقراطي.
وفي ما يتعلق بتتبع وتبادل المجرمين، أشار الخيران إلى هناك اتفاقيات دولية تقر مع دول مختلفة في شتى أنحاء العالم تنظم قضية تبادل المجرمين والذين صدرت ضدهم أحكام «وفقا لمعايير حقوق الإنسان الدولية»، أما ما يحدث من خلال الاتفاقية الأمنية، فإنه عبث وضرب لحريات الشعوب واستقرارها، وهذا الأمر مرفوض جملة وتفصيلاً.
ورأى الخيران أن القضية بحاجة إلى تصعيد أكبر من الإدانة والرفض، ولابد أن تكون هناك مواجهة ضد محاولة تمرير الاتفاقية، ولا سيما أن القضية طرحت أكثر من مرة في أوقات مختلفة، ما يفسر تلك الضغوط التي تمارس، مضيفاً: لا نرى وجود أي داع لتوقيع الاتفاقية، فالعلاقة بين دول الخليج مميزة ومبنية على الإخاء والترابط التاريخي ووحدة العادات والتقاليد والمصير، فدول الخليج ليست بحاجة إلى تكييف هذه العلاقة من جديد وإعادة رسمها بصيغة أمنية، لذلك أكرر بأنه ليس هناك أي حاجة لاتفاقية أمنية بهذا الشكل.
واعتبر الخيران أن الإشارات الحكومية التي تشير إلى أن الاتفاقية تحترم خصوصية تشريعات الدول «كلام مأخوذ خيره»، مؤكداً وجود تناقض بين التشريعات الكويتية وبنود هذه الاتفاقية، واصفاً التناقض بأنه واضح كوضوح الشمس، حتى في أمر تفسير الجريمة، ضارباً مثالاً بحرية الرأي، قائلا غن هناك دولة تعد حرية الرأي والتعبير جريمة تدخل تحت طائلة العقاب، وأخرى – كالكويت – تعد حرية الرأي سلوكا ومكسبا دستوريا، متسائلا: مَن يفسر ذلك؟ ومن القادر على فك الاشتباك بين الجريمة والسلوك كمثال بسيط؟
واستغرب الخيران توقيت محاولة تمرير هذه الاتفاقية، قائلا: في الوقت الذي ينشغل فيه المواطن بالاحتفال بالأعياد الوطنية، نرى المحاولات القوية والمستميتة لتمريرها واستغلال انشغال المواطنين بأعيادهم، مختتما حديثه بقوله: كل تلك الأمور تعطينا مبررا قويا للقلق، وتدفعنا بثبات لرفض مشاريع غير واضحة المعالم، ولا داعي لكي تختلف الكويت مع شعبها، بسبب تلك الاتفاقية المثيرة للجدل.
تناقض صريح

عادل الفوزان
من جهته، أعرب أمين عام التحالف الوطني الديمقراطي، عادل الفوزان، عن رفضه للاتفاقية الأمنية، قائلا: نحن ضد توقيع اتفاقية بمثل هذا النوع، كونها لا تخدم المجتمع الكويتي، الذي يتميَّز بأن له إرثا كبيرا من المكتسبات الدستورية، بجانب هامش الحرية الذي يتمتع به على صعيد حرياته الخاصة وسلوكه الذي يتعارض مع نصوص الاتفاقية.
وأضاف: كل هذا يأتي بجانب المثالب التي وردت ببنود الاتفاقية، والتي تتناقض صراحة مع الدستور الكويتي، قائلا: لهذه الأسباب لم نكن مع الاتفاقية عندما طرحت في التسعينات، ورفضناها، وسنستمر في رفضها، على الرغم من وجود اختلاف في بعض التفاصيل بين النسختين.
وأرجع الفوزان الهجمة القوية التي تشنها المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي ضد الاتفاقية إلى ما أسماه بخوفهم على حرياتهم، واصفاً ردود فعل الشارع بالطبيعية، ولاسيما عندما يعرف المواطن أنه من خلال الاتفاقية سيتاح للأجهزة الأمنية تتبع المطلوبين في الدول الأعضاء، وإلقاء القبض عليهم، ضاربة بالعرف الذي جُبل عليه الشعب في مقتل.
واعتبر الفوزان التصريحات الحكومية وكل ما يُقال على أن الاتفاقية الأمنية تحترم التشريعات المحلية، مجرد أقاويل، وأن الحقيقة – وفقا للآراء الدستورية والقانونية – تشير إلى أن مواد الاتفاقية وتفاصيلها تتعارض بشكل واضح مع الدستور والتشريعات الكويتية، وقد بيَّن الجميع موقفه بشكل واضح من الاتفاقية.
واختتم الفوزان تصريحه بقوله: توقعاتي أن الاتفاقية لن تمر، فهناك ضغط شعبي قوي على أعضاء مجلس الأمة، وقد أعلن أكثر من نائب رفضه القوي، وتأكيده أنه ضد الاتفاقية، وأصبح الرافضون لها أغلبية، فضلاً عن أن كل ذلك يأتي على وقع رفض عارم من الشارع الكويتي للاتفاقية، مدعوما برفض أقوى من مؤسسات المجتمع المدني والتنظيمات السياسية، وإن شاء الله عندما تصل الأمور إلى التصويت في قاعة عبدالله السالم لن يكون هناك العدد الكافي لتمريرها.
انتقاص من السيادة

ضاري الرجيب
من جانبه، أكد منسق التيار التقدمي ضاري الرجيب ثبات موقف تنظيمه تجاه الاتفاقية الأمنية، قائلا: لم يتغير موقفنا بشأن الاتفاقية الأمنية بين دول الخليج، حيث شاركنا في بيان مع القوى الديمقراطية والتقدمية في البحرين، وأشرنا إلى رفضنا للاتفاقية، كما أصدرنا بيانا آخر يوضح موقف التيار في هذه الاتفاقية.
وزاد الرجيب: وفقا لما ورد في الاتفاقية الأمنية، فإنها تنتقص من السيادة الوطنية للكويت، وتنال بشكل واضح من الضمانات الدستورية للمواطنين، كونها تفتح المجال لتدخل الأجهزة الأمنية الخليجية في شؤون البلدان الخليجية الأخرى تحت ذريعة التعاون الميداني وتقديم الدعم والمساندة ومواجهة الاضطرابات الأمنية، كما جاء في المادة العاشرة من الاتفاقية.
وأردف قائلا: كما أن فيها توسعا ملحوظا في مجال تبادل الأجهزة الأمنية الخليجية للمعلومات والبيانات المتعلقة بالمواطنين، وفق ما جاء في المادتين الرابعة والثامنة من الاتفاقية، فضلا عن عدم تضمنها لضوابط واضحة لدخول دوريات المطاردة البرية والبحرية واجتيازها لحدود البلاد، وفق ما جاء في المادة الرابعة عشرة من الاتفاقية.
وأضاف: إذا نظرنا إلى المادة السادسة عشرة، سنجدها تخلو من أي ضمانات جدية تكفل حقوق المواطنين الذين تطلب الدول الأخرى تسليمهم للمحاكمة، وهذا تأكيد نصي وواضح على أن الاتفاقية الأمنية فيها مساس صارخ بالسيادة الوطنية للكويت، وتنتقص بصورة مكشوفة من الضمانات الدستورية لحقوق المواطن وحريته، الأمر الذي يتطلب إعلان موقف شعبي واضح في رفضها والعمل المشترك بين القوى السياسية للتصدي لمحاولات السلطة لتمرير هذه الاتفاقية، ودق مسمار آخر في نعش الديمقراطية والدستور والسيادة الوطنية لتعزيز وتثبيت نهج المشيخة والانفراد بالسلطة والقرار.
______________________________
منقول عن جريدة الطليعة تاريخ 12/02/2014
إن الجدل الدائر هذه الأيام حول الاتفاقية الأمنية بين دول مجلس التعاون الخليجي، والتي بالتأكيد تتعارض مع مواد الدستور الكويتي، يخلق لدى البعض وهماً بأن دول الخليج متطابقة في نظمها وأنماط سلوك مواطنيها وتكوينات بنيتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.ومثلما هناك منظور تتبناه الدول ذات السياسة الاقتصادية النيوليبرالية حول تقسيم العالم إلى مراكز وتخوم أو أطراف، وما تعكسه سياسة العولمة من ثقافة استعلائية حول التعددية الثقافية كمصطلح بديل عن العرقية الذي حاولت الليبرالية تكريسه في البداية، هناك أيضاً استعلاء ثقافي عربي يقسم البلدان العربية إلى مراكز وأطراف ثقافية وتصنف العواصم القديمة مثل القاهرة وبيروت وبغداد ودمشق كمراكز ثقافية، وتصنف دول الخليج والمغرب العربي وبعض الدول الأفريقية كأطراف ثقافية.فمفهوم «التعددية الثقافية» النيوليبرالي يختلف عن الخصوصية الثقافية للمجتمعات والسمات الخاصة لكل منها، ليس فقط استناداً على العامل الاقتصادي الاجتماعي، ولكن على مجموعة من العوامل المكملة والمتداخلة والمتشابكة، مثل العوامل الديموغرافية والأيكولوجية «البيئية» والتاريخية والتعدد العرقي التي تحدد التطور الثقافي لكل مجتمع وإن تشابه في ذلك مع دول إقليمية ولكنه بالتأكيد غير متطابق.فالمصطلح الليبرالي «الثقافة البربرية» الذي تسمى به كل الدول التابعة والمستعمرة، يشبه السمة التي تطلقها ما تسمى المراكز الثقافية العربية مثل «الثقافة الخليجية والفن الخليجي» و«الثقافة المغاربية والفن المغاربي»، دون مراعاة للخصوصيات الثقافية في كل مجتمع، بل الثقافات المختلفة في المجتمع الواحد.ويسهم بعض المثقفين الخليجيين ووسائل الإعلام في تشويه هذه الخصوصيات، فعلى سبيل المثال ما تعرضه وسائل الإعلام الرسمية في الكويت ومدارسها من فنون ورقصات شعبية على اعتبار أنها فنون شعبية كويتية غير دقيق، فما يُعرض هو فنون هجينة من مجتمعات الخليج والجزيرة العربية، وليس فناً كويتياً خاصاً بالمجتمع الكويتي، رغم التشابه بين بعض الفنون الذي أوجده بعض التشابه في الظروف التاريخية والبيئية، مثلما هناك تشابه بين الفنون العربية وتشابه أقل على المستوى العالمي، أما تشابه الثقافة الاستهلاكية في المجتمعات الخليجية والدول العربية فقد فرضه الاقتصاد الريعي الطفيلي، الذي لا يعتبر مجرد خصوصية ونتيجة لطبيعة الأنظمة بل ساهم به وبشكل فعال بل وفرضه النظام الاقتصادي الرأسمالي النيوليبرالي والمعولم.وقبل الحديث عن الاتفاقية الأمنية الخليجية والوحدة الخليجية التي انفرط عقد التوافق عليها، علينا أن نتذكر الوحدة بين مصر وسورية فيما سمي بـ «الجمهورية العربية المتحدة» التي أعلنت في فبراير 1958 وانتهت في سبتمبر 1961، لاختلاف الظروف الذاتية في كل من البلدين، إضافة إلى ظروف موضوعية أخرى.فالمجتمعات الخليجية غير متشابهة في ظروفها الذاتية، الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فليست كل النظم السياسية فيها ديموقراطية و«إن كانت شكلية»، وهذا ينعكس على القوانين والنظم الأمنية، وتختلف كذلك في مستوى الحريات والامتداد التاريخي للانفتاح الثقافي بما فيها مكانة المرأة في كل مجتمع.والموافقة على هذه الاتفاقية الأمنية تعني إما تخلي الدول ذات النظم الديموقراطية والحريات النسبية عن مكتسباتها التاريخية، وإما تبني جميع الدول الخليجية لنظام ديموقراطي واحد يعطي هامشاً للحريات والتعبير عن الرأي.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
__________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 12\02\2014 العدد:12622

تغطية جريدة الطليعة لاحتفالية الذكرى الثالثة لتأسيس التيار التقدمي الكويتي.
كتب آدم عبدالحليم:
طريقنا أنت تدري شوك ووعر عسيرموت على جانبيه لكننا سنسيرإلى الأمام إلى الأمام سنسيرسنمضي سنمضي إلى ما نريدسنمضي لنبني كويتاً جديدسنمضي سنمضي إلى ما نريدوطن حر وشعب سعيد
بالكلمات السابقة المقتبسة من أنشودة «طريقنا» لأحمد الشملان، اختتم أعضاء التيار التقدمي بصوتهم احتفاليتهم بالذكرى الثالثة لتأسيس تنظيمهم السياسي، في إشارة صوتية حماسية تؤكد من جانبهم – وفقا للكلمة التي ألقيت – أن طريق النضال ضد النهج السلطوي، الذي اتخذه التيار التقدمي منهجا له، سيستمر بعزم وتصميم، دفاعا عن المصالح الوطنية، وذوداً عن حقوق الشعب، وتلبية لمطالب الجماهير، وتحقيقا للتطور الديمقراطي.
الاحتفال الذي أقيم بمنطقة مبارك الكبير بديوان عضو التيار التقدمي ناصر الهاجري، حضره عدد لافت من الشخصيات السياسية والنشطاء السياسيين والوجوه النسائية، اقتصر على الكلمة الرئيسة التي ألقاها عضو التيار التقدمي محمد نهار، وأعقبتها كلمة أخرى للعضو أحمد الديين، خصصها للحديث عن المسيرة النضالية التي دامت لأكثر من أربعين عاما لزميله عمار العجمي، الذي يرقد بالمستشفى حاليا، بجانب كلمات مقتضبة للضيوف المهنئين، بدأها النائب السابق مسلم البراك، ثم كلمة أخرى لأمين عام المنبر الديمقراطي بندر الخيران.
مصالح الطبقة العاملة
وقال نهار إن التيار التقدمي تيار سياسي يعبّر عن مصالح الطبقة العاملة والفئات الشعبية والمهمَّشة، ويتبنى هموم المواطن البسيط ومشكلاته، ويدافع عن حقوقه ويطرح مطالبه.
وأكد أن التيار يرفع رايتي العدالة الاجتماعية والتقدم، والديمقراطية، وسيستمر في نضاله، من أجل الديمقراطية الحقة التي يُدير فيها الشعب شؤونه، ويتحقق في ظلها إطلاق الحريات العامة والشخصية والمساواة وتكافؤ الفرص.
آراء ومواقف ثابتة
وعلى هامش الاحتفال، التقت «الطليعة» عددا من أعضاء التيار، فقد أكد عضو المكتب التنفيذي د.فواز فرحان، أن أعضاء التيار والمنتسبين له يتشرفون بمرور ثلاث سنوات على تأسيس تنظيمهم، بعدما أصبح له مكانة في الساحة السياسية، من خلال فعالياته وآرائه الواضحة في كل القضايا الوطنية، بداية من المشاركة في الحراك الشبابي، ومرورا بالمطالبة بالتطور الديمقراطي وإنهاء الممارسات السلطوية التي تنتهجها الحكومة، مثلما حدث في مرسوم الصوت الواحد، وما تبعها من ممارسات أخرى.
وأضاف الفرحان: كان للتيار آراء واضحة أيضا في السياسة الخارجية، فالتيار مع حق الشعوب في تحررها الكامل، لذلك وقف مع خيارات الشعوب، سواء في البحرين ومصر وسوريا وليبيا وتونس وغيرها.وزاد الفرحان: الكويت كانت في حاجة إلى تنظيم سياسي يساري تقدمي، فهناك ظروف موضوعية تحتم علينا ضرورة وجود الخطاب اليساري في الكويت، لتشخيص الوضع، فقبل التيار التقدمي لم نكن نسمع عن مصطلحات كالنهج السلطوي أو التحليل القائم على أن المشكلة الحقيقية في البلاد تتمثل في التناقض بين مشروع السلطة الساعي لتقويض الديمقراطية، ورغبة الشعب في التطور الديمقراطي.
واختتم الفرحان حديثه بأن التيار التقدمي نجح في تشخيص المشكلة الرئيسة التي تعانيها البلاد بوضوح، وأن التشخيص أعقبته مسيرة نضال مستمرة.
العدالة الاجتماعية
من جانبه، أكد أنور الفكر، أمين سر التيار التقدمي، أن التيار الذي أنشئ في 7 فبراير 2011 كان بمنزلة المظلة التي جمعت القوى اليسارية الوطنية في البلاد، مؤكداً أن الهدف هو رفع شعار العدالة الاجتماعية، وتمثيل الطبقة المتوسطة وأصحاب الأجور المتدنية وندافع عن مصالح وهموم واحتياجات الفئات الشعبية المهمشة، وأن يكون هناك دفع سياسي نحو إقرار نظام برلماني كامل منتخب بحكومة منتخبة.
وأضاف الفكر أن التيار التقدمي يحمل فلسفة جديدة في المجتمع الكويتي وأفكاراً كانت موجودة منذ عشرين سنة، مع محاولة لتجديد تلك الأفكار بصورة تتناسب مع مصالح وهموم الواقع الحالي.
وعن استقطاب التيار لعدد من شباب الحراك، أكد الفكر أنها حركة طبيعية، فلجوء الشباب إلى التيارات التي تتوافق مع أفكاره لكي تكفل له طريقة الاحتجاج السلمي وتنفيذ أهدافه أمر طبيعي، بهدف إحداث حالة من الإثراء المستمر لكل الأعضاء، ومن ثم تنظيم الساحة السياسية للاتجاه إلى مشروع سياسي واضح الأركان والمعالم.
وأشار الفكر إلى أن استمرار التيار أو القوى السياسية من عدمه يرجع إلى مدى إيمان هؤلاء الأفراد بمبادئهم وبرامج تنظيمهم السياسي.
وعن مدى تحقيق التيار لأهدافه، أوضح الفكر أن الملعب السياسي يخضع لعمليات الشد والجذب وتجميع النقاط، حتى الوصول نحو كامل الأهداف، مختتما حديثه بالقول بأن الأهم هو الاستمرار في الدفع بتلك المبادئ، لرفع درجة الوعي المجتمعي في كيفية إدارة الصراع.
حالة مستمرة
أما منسق عام التيار التقدمي ضاري الرجيب، فقد أكد أن التيار في حالة نضال مستمر، من أجل الديمقراطية وأسس العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، وأن الهدف يتمثل في الوصول إلى نظام برلماني كامل، فما زال العمل مستمراً، من أجل ذلك الهدف، والذي تتبعه عدة أهداف اخرى.
وأضاف أن التيار وُجد لظروف استلزمت وجوده، وليس لرغبات شخصية، فالتيارات السياسية اليسارية موجودة منذ خمسينات القرن الماضي، ونحن امتداد لها، انطلاقا من العصبة الديمقراطية والحركة الثورية الشعبية، وصولا إلى حزب اتحاد الشعب والمنبر الديمقراطي، وقد رأينا في 2011 ضرورة لوجود تيار يمثل الطبقة العاملة والفئات المهمشة، موضحا أن إنشاء التنظيم لم يكن رد فعل، معتبرا أن أهم ما يميز التقدمي «وحدته التنظيمية والفكرية والعمل».
وعن توقعاته لمسيرة التيار التقدمي، قال الرجيب: نحن موجودون في كل قضية على المستوى الفكري للمناقشات والدراسات والتحليلات والبيانات الصحافية، وعلى الصعيد الميداني سنستمر في وجودنا في الصفوف الأمامية من أجل النضال.
واختتم الرجيب حديثه بقوله: سنستمر في رفع وعي الجماهير، وسنستمر أيضا في وجودنا باللجان الجغرافية بكافة المناطق، وسيستمر دعمنا للحركة النقابية والطبقة العاملة بجانب قضايا الشعب، مع إعداد الأعضاء، ليصبحوا كوادر ليمثلوا التيار بوعيهم السياسي، حتى يكونوا قدوة وطليعة بالحراك الشعبي.
وفاء وعرفان
في كلمة له، أكد عضو التيار التقدمي أحمد الديين، أن الذكرى الثالثة على إنشاء التيار التقدمي ذكرى عزيزة، وأنه بهذه المناسبة قام عدد من أعضاء المكتب التنفيذي بزيارة إلى مستشفى الصباح، وإهداء درع تذكارية لرفيق الدرب وعضو التيار التقدمي الزميل عمار ناصر العجمي، الذي يعاني حاليا وعكة صحية.
وأضاف الديين: «بوناصر» من مواليد عام 1946 عمل في بداية حياته جنديا في الجيش، ثم موظفا بالقطاع النفطي بشركة الزيت اليابانية، ليؤسس بعدها نقابة الشركة، ويصبح كادرا نقابيا وناشطا سياسيا كاد يعتقل لظروف سياسية في وقتها.
وزاد الديين: عمار العجمي كان له دور واضح في الحركة النقابية والتقدمية، وهو أحد مؤسسي حزب اتحاد الشعب منتصف السبعينات، ليختتم الديين كلمته بقوله: بوناصر أدواره البطولية كثيرة، فهو إنسان بسيط، وعاش حياة صعبة وعسيرة، فتحية له ولتاريخه المشرق.
_________________________________________
منقول عن جريدة الطليعة تاريخ 12/02/2014
في الفترة بين 22 و25 يناير من الشهر الفائت، انعقدت الدورة ال 44 للمنتدى الاقتصادي العالمي في المنتجع السويسري الشهير دافوس وقد شارك فيه نحو 2500 شخصية، بينهم حوالى 40 رئيس دولة وحكومة و1500 من كبار قادة الأعمال في العالم. فعاليات هذا العام ناقشت العلاقات السياسية والاقتصادية الدولية، بما في ذلك القضايا المالية والتجارية ومشكلات الفقر والبطالة وتحديات التنمية والتغير المناخي في العالم. وفي كلمته الافتتاحية، قال الرئيس المؤسس للمنتدى الاقتصادي العالمي كلوس شواب إن الوضع في الشرق الأوسط سيكون أحد المواضيع المهمة في المنتدى هذا العام، بعدما طغت الأزمة المالية في أوروبا على منتدى العام 2013.
العديد من التقارير تشير إلى أن الجهود الدولية المبذولة لتحقيق أهداف الألفية الصادر في عام 2000 مع حلول العام 2015 ستصل إلى طريق مسدود وذلك بسبب أنانية الدول الأكثر تقدما في العالم. ففي حين تبنت الليبرالية الجديدة حرية انتقال السلع والأموال والأفكار والبشر، غير أن الدول الصناعية المتقدمة أصرت على سن تشريعات تحد من الهجرة وخصوصا من البلدان النامية كما فرضت سياسة حمائية لمنتجاتها وخصوصا سلعها الزراعية، مما أدى إلى زيادة افقار الأرياف في الدول النامية. الاستقطاب العالمي بين دول المركز المهيمنة ودول الأطراف التابعة أخذ بالتعمق، كما شهدنا في الوقت نفسه تفاقم حدة الاستقطاب الاجتماعي / الطبقي العامودي في جميع البلدان المتقدمة والنامية على حد سواء.
إن التركيز على حقوق الإنسان والشفافية ومكافحة الفساد باعتبارها «وهي كذلك» عوائق للتنمية المستدامة مع إغفال الحقوق الاقتصادية / الاجتماعية هو محاولة بائسة من قبل القوى المتنفذة في العالم للقفز إلى الأمام وتدوير الأزمة البنيوية المتفاقمة للنمط الرأسمالي العالمي، التي تقوده كبريات الشركات والبنوك والمصارف في العالم، في حين يجري تجاهل الحقوق الاقتصادية / الاجتماعية التي تتمثل في حق العمل والتعليم والمسكن والضمان الاجتماعي والصحي للجميع. تفيد الإحصاءات أنه في الفترة الممتدة بين عامي 2011 و2013، كان 842 مليون شخص في البلدان النامية يعانون من الجوع، في حين تستحوذ حفنة صغيرة من الدول الغنية التي تضم حوالى 20% من سكان العالم على حوالى 80% من جملة الناتج العالمي الإجمالي و82% من حجم التجارة العالمية، كما تستهلك 75% من الطاقة و85% من الخشب و75% من المعادن، وهي تعتبر مسؤولة عن حوالى 80% من التلوث البيئي في العالم، بينما الدول الأكثر فقرا «40 دولة» التي يقطنها حوالى 20% من سكان العالم تشارك بنسبة 1% فقط من حجم التجارة العالمية.
إن مستويات الفقر في جل البلدان النامية آخذة في التزايد حيث إن عدد السكان الذين يندرجون في فئة الفقر المطلق وفقا لتصنيف البنك الدولي «أقل من دولارين في اليوم» قد ارتفع إلى 1.3 مليار نسمة في حين يعيش ثلاثة مليارات إنسان ضمن خط الفقر،، كما بلغ عدد العاطلين عن العمل حوالى 800 مليار، كما يعاني ثلث البالغين في العالم النامي من الأمية «ثلثاهما من النساء». وفي الواقع فإن الاتجاه نحو تناقص عدم المساواة في الدخل وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية واتساع نطاق الفقر أصبح ظاهرة سائدة في جميع المجتمعات والدول الغنية والفقيرة على حد سواء. حيث تفيد الإحصائيات بأن ثروة أقل من 1% من أثرى أثرياء العالم تعادل 45% من الدخل القومي الإجمالي للبشرية..
على الصعيد العربي بلغت نسبة الأمية في الوطن العربي نحو 30%، وترتفع بين النساء لتصل إلى نحو 50%. ووفقا لتقرير التنمية البشرية العربي الصادر في 2009، فإن نحو 65 مليون مواطن عربي يعيشون في حالة فقر مدقع بالمعايير الدولية. وبحسب بيانات منظمة العمل العربية، بلغ المعدل الإجمالي لنسبة البطالة في البلدان العربية 14.4% من القوى العاملة، مقارنة ب 6.3% على الصعيد العالمي، غير أن تقرير صادر عن اليونسكو أشار إلى أن تقلص فرص العمل في الوطن العربي أدى إلى ارتفاع معدل البطالة إلى 25.6 %وهي النسبة الأعلى في العالم، ولم تسلم من وطأتها حتى الاقتصادات العربية النفطية، كما تتركز البطالة في المقام الأول بين أوساط الشباب والإناث، وتشير المعطيات إلى أن البلدان العربية ستحتاج، بحلول عام 2020 إلى 51 مليون فرصة عمل جديدة.
تدهور الأوضاع الاقتصادية / الاجتماعية في العالم العربي كانت أحد العوامل المفجرة للانتفاضات والثورات في العديد من الدول العربية، كما شكلت بيئة حاضنة لتفريخ العنف والإرهاب. منتدى دافوس تحول عمليا إلى نادي استراحة فاخر يجمع القادة وكبار الشخصيات ورجال الأعمال في العالم مع أنه رسميا «منظمة غير حكومية ولا تستهدف للربح ومفتوحة لمن يرغب» إلا أن عضويته تشترط أن يكون دخل الشركة لا يقل عن مليار دولار في السنة، إلى جانب اشتراك عضوية سنوي 12.500ألف دولار.
____________________________
منقول عن موقع الحوار المتمدن 9\2\2014
بقلم د. بدر الديحاني *
الاتفاقية الأمنية الخليجية التي تدفع الحكومة حاليا بقوة للمصادقة عليها رسميا هي ذاتها الاتفاقية القديمة، بعد إعادة صياغتها، والتي سبق أن رفضتها الكويت عام 1994 لمخالفتها للدستور وتعارضها مع مبادئه العامة، لا سيما الباب الثالث الخاص بالحقوق والواجبات العامة.النسخة الجديدة المعدّلة أتت ببعض العبارات المطاطة والغامضة وحمّالة الأوجه، وهو الأمر الذي يجعلها أكثر مدعاة للرفض، حيث إن بعضها، كما سنرى، يمس السيادة الوطنية وينتهك الحقوق الدستورية للمواطنين الكويتيين.المادة الأولى، على سبيل المثال لا الحصر، تمت صياغتها بشكل غامض حيث إنها تتناقض مع مواد أخرى مما سيجعل تطبيق القواعد الخاصة بالاتفاقية يختلف من دولة إلى أخرى نظراً لاختلاف القوانين، أما المادة الثانية فورد فيها التالي "تتعاون الدول الأطراف فيما بينها لملاحقة الخارجين على القانون أو النظام...". فما المقصود بالنظام؟ وما معنى الخروج عليه؟!والمادة الثالثة تحظر على المواطن والمقيم أيضاً الحديث عن أي أمر له علاقة بأي شكل أو نوع كان بأي دولة من دول التعاون، حيث إن ذلك يعتبر "وفقا للتشريعات النافذة لديها تدخلا في الشؤون الداخلية لأي من الدول الأطراف الأخرى"!.كما تتضمن الاتفاقية مواد تسمح بتقديم معلومات عن أي مواطن أو مقيم لأي دولة من الأعضاء، وهو انتهاك صارخ للدستور، ولخصوصية الإنسان الذي تحميه الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الكويت وأصبحت مُلزمة بتطبيقها.أما المادة السادسة فتتحدث عن العمل على توحيد "الأنظمة" فأي أنظمة تقصد؟! وهل من مصلحة الكويت توحيد الأنظمة القانونية والتشريعات الخاصة بحرية تشكيل منظمات المجتمع المدني والنقابات وحرية الرأي والتعبير والتجمعات والبحث العلمي والاعتقاد، والتي تختلف اختلافا كليا في الكويت عنها في بقية دول مجلس التعاون؟!والمادة العاشرة تسمح بالاستعانة بقوات دولة أخرى في الشأن الداخلي، بينما تثير المادتان (11 و14) من الاتفاقية الأمنية شبهة دستورية تتعلق بالمساس بالسيادة الوطنية، ومن جانب آخر فإن المادة (16) تخالف المادة (34) من الدستور التي تنص على "أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة عادلة"، فكيف يصح دستوريا أن تقوم الكويت بتسليم أشخاص لدولة أخرى لمجرد توجيه تهم لهم هناك؟!بناء على ما سبق فإنه من الواضح أن الاتفاقية الأمنية الخليجية لا تتوافق مع الدستور، وهي ليست سوى شكل من أشكال التعبير عن سياسة القبضة البوليسية المسيطرة على تفكير منظومة مجلس التعاون بالرغم من أن هذه السياسة كما ذكرنا مرارا وتكرارا لا تحمي الأنظمة، فالشعوب هي التي تحمي دولها وأنظمتها، فكلما اتسعت المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار ازداد الاستقرار الاجتماعي والسياسي.وشعوب دول مجلس التعاون الخليجي ليست استثناء من بقية شعوب العالم، فهي تريد الديمقراطية وحماية الحريات والكرامة الإنسانية وتحقيق العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة والتكامل الاقتصادي، وليس تقييد الحريات وملاحقة الشباب الوطنيين الأبرياء لمجرد تعبيرهم عن آرائهم بحرية، ومطالبتهم بإصلاحات سياسية وديمقراطية تضمن الاستقرار الاجتماعي والسياسي لدولنا في ظل الأوضاع الإقليمية والدولية المضطربة.وباختصار شديد، فإن الاتفاقية بنسختها الجديدة-القديمة تخالف الدستور نصاً وروحاً، وتقضي على هامش الحرية النسبية التي تميز الكويت عن بقية دول منظومة التعاون، لهذا يجب أن نقول جميعا وبصوت واحد قوي لا للاتفاقية الأمنية الخليجية.
--------------------------------------------------------------
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 10/02/2014
دُعيت مساء السبت 8 فبراير إلى احتفالية الذكرى الثالثة لتأسيس التيار التقدمي الكويتي، وهو تيار شهادتي به مجروحة رغم أني لست عضواً فيه، لكني بكل تأكيد أحترم مبدئيته وخطيه الفكري والسياسي، فقد استطاع هذا التيار على حداثته أن يلعب دوراً محورياً في الحراك الشعبي، وفي توعية وتعبئة الجماهير حول معنى الإصلاح السياسي، وإقامة نظام برلماني كامل من خلال سن تشريع لقيام الأحزاب على أسس وطنية، وليس على أسس دينية أو طائفية أو قبلية، ولخص الأخ مسلم البراك الذي حضر الاحتفالية كل هذا بقوله: «يتفق المحبون والمؤيدون وكذلك المعادون للتيار التقدمي من خارجه على احترام التيار ومبادئه والذي قدم فاتورة عالية من المعتقلين».لكني لاحظت ومنذ تأسيس هذا التيار قبل ثلاث سنوات، والذي استطاع أن يجمع حوله جماهير واسعة في جميع مناطق الكويت، لاحظت أمرين هما قلّة الوعي والرأي المسبق حول فكر التيار التقدمي، والثاني هو العداء من قبل بعض القوى السياسية وبعض أدوات السلطة والهجوم المستمر عليه.فمن ضمن قلّة الوعي الشائعة لدى الجهلاء وأنصاف المثقفين، هو عدم التفريق بين مفاهيم التقدمية واليسار والاشتراكية والشيوعية، ورغم أن هذا الأمر يحتاج إلى صفحات كثيرة لا يسعها مثل هذا المقال، إلا أننا بايجاز شديد نقول ان التقدم هو عملية مستمرة مع استمرار تقدم التاريخ وليست صفة لشيء جامد وثابت، فالتقدمي هو من يسبق الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي بفكره وعمله، وهو بذلك على عكس الفكر السلفي بكل اتجاهاته وطوائفه الذي يستند إلى الماضي ويريد العودة إليه، أما اليسار فهو إضافة إلى معناه تاريخياً والمعروف للجميع فهو يمكن أن يجمع عدداً واسعاً من الاتجاهات الفكرية التي تحمل في داخلها يميناً ويساراً مثل الفكر القومي والاشتراكي الديموقراطي، أما في ما يخص الاشتراكية والشيوعية فهما مصدر خلط ولبس فاضح في فهم النظرية الماركسية وفكرها المتجدد باعتبارها منهجاً ومرشداً وليس باعتبارها عقيدة، تُطبق حسب كل مجتمع وواقعه الاقتصادي الاجتماعي، أما الحديث عن اشتراكية جمال عبد الناصر فليس لها محل من الإعراب هنا، والشيوعية هي مرحلة لمّا تصل إليها البشرية بعد وهي بعيدة وقد تحتاج إلى قرون وظروف موضوعية وذاتية على المستويين المحلي والعالمي، رغم أن الاتحاد السوفياتي ودول المنظومة الاشتراكية توصف من قبل الرأسمالية والأيديولوجيات المعادية والرجعية على أنها شيوعية بينما هي ليست كذلك.ففي المجتمع الاشتراكي لا ينتهي الصراع الطبقي ولا تُلغى الملكية الخاصة، وإنما يحدث ذلك في المجتمعات الشيوعية البعيدة جداً عن التطبيق، ولذا عندما تقول الأحزاب الاشتراكية التي تواجه مهام الثورة الوطنية الديموقراطية، أنها تطالب القطاع الخاص بالشراكة مع القطاع العام ورفد ميزانية الدولة والقيام بواجبه الاجتماعي في توفير الوظائف، هذا لا يعني خروجاً عن المبادئ الاشتراكية بل ينبع من صلب فكرها.أما موضوع الهجوم والعداء للأحزاب والتيارات التقدمية واليسارية، فلأنها ببرامجها وخطها السياسي ضد استغلال الإنسان للإنسان، وضد الاتجاهات الرجعية والمحافظة التي تريد الابقاء على المجتمعات كما هي، وهو ما يناسب مصالح الطبقات المتنفذة التي تعمل ضد التغيير، وعادة ما يكون هذا الهجوم غير نزيه وبعيد عن أخلاق الفروسية والحوار الفكري، إذ تُصب الاتهامات بالإلحاد واللاأخلاقية على أحزاب اليسار، علماً بأن النظرية الماركسية وبرامج الأحزاب التقدمية تحترم كل المعتقدات والموروثات الاجتماعية، كما أنها تحارب التفسخ الأخلاقي الذي أوجده وكرّسه النظام الرأسمالي، فأولوية الانضام إلى عضوية هذه الأحزاب هي «السمات الشخصية» أي الشخصية غير الفاسدة أخلاقياً والتي تلتزم بالصدق والنزاهة والمبدئية والانضباط والأخلاق العالية.بينما الأحزاب والاتجاهات السلفية شديدة المحافظة، فهي تكفّر الأحزاب والمظاهرات والإضرابات وتكفّر مخالفيها - هذا إذا استثنينا السلفية الجهادية من حديثنا- وهي بذلك ترفض تقدم المجتمع وحقوق المرأة وتعضّد من موقف الطبقات المستغِلة، ضد الطبقات المسحوقة والفئات الشعبية محدودة الدخل، وتسعى مع حلفائها من الأحزاب والتيارات الإسلامية السياسية إلى تقويض الدولة المدنية بكل مفرداتها، وهي بذلك تسير عكس منطق التاريخ الذي يسير إلى أمام بشكل مستمر، فليتوقع التيار التقدمي الكويتي مزيداً من الهجوم كلما ازاددت نجاحاته.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
--------------------------------------------------------------------
منقول عن جريدة الراي تاريخ 10/02/2014 عدد 12642
أقام التيار التقدمي الكويت، مساء يوم أمس السبت، احتفالية بمناسبة مرور ثلاثة أعوام على تأسيسه في ديوان الزميل ناصر ثلاب بمنطقة مبارك الكبير، وحضر الاحتفالية أعضاء التيار التقدمي واصدقاؤه ومجموعة من ممثلي التيارات والكتل السياسية.
وقد ألقى الزميل محمد نهار الظفيري كلمة التيار التقدمي الكويتي بهذه المناسبة وكان نصها :
"قبل ثلاثة أعوام تحديداً في يوم السابع من فبراير من العام ٢٠١١ جرى الإعلان عن تيارنا التقدمي الكويتي... وهذه بالتأكيد ذكرى عزيزة على قلوب اليساريين والتقدميين الكويتيين، نستذكر فيها تجربتنا خلال الأعوام الثلاثة المليئة بالحركة والحافلة بالأحداث المتسارعة...أن تأسيس التيار التقدمي لم يأت من فراغ ولا لرغبات ذاتية، إنما كان استجابة لضرورات موضوعية فرضها تطور المجتمع الكويتي وتطور حركته السياسية؛ اللذان اقتضيا أن يكون في الكويت تيار سياسي يعبر عن مصالح الطبقة العاملة والفئات الشعبية والمهمشة، ويتبنى هموم المواطن البسيط ومشكلاته ويدافع عن حقوقه ويطرح مطالبه.
ويرفع هذا التيار التقدمي راية العدالة الاجتماعية مثلما يرفع رايتي التقدم والديمقراطية، إذ أن التيار التقدمي يناضل من أجل الديمقراطية الحقة التي هي ديمقراطية سياسية وديمقراطية اجتماعية في آن واحد، ديمقراطية يدير فيها الشعب شؤونه ويتحقق في ظلها إطلاق الحريات العامة والشخصية، وتتحقق فيها العدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص.
خلال هذه الأعوام عملنا على توسع تيارنا؛ حيث أصبحت هناك لجان جغرافية وقطاعية في مختلف محافظات الكويت، كما ركزنا على الجانب التنظيمي الداخلي وحرصنا على إعداد مناضلين تقدميين قادرين على تمثيل التيار التقدمي بوعيهم السياسي، ويكونون قدوة وطليعة في العمل الميداني.
وعملنا على الجانب الجماهيري والنضالي السياسي الديمقراطي والاجتماعي، حيث كانت مشاركاتنا فاعلة في التصدي للنهج السلطوي وعقلية المشيخة ومن أجل التطوير الديمقراطي؛ فقد كانت كوادرنا عنصراً أساسياً في الحراك الشعبي الاحتجاجي وتجمعاته ومسيراتة وقدمنا تسعة معتقلين من صفوفنا خلال العامين السابقين، وكذلك كنا حازمين في مواجهة السياسات الاقتصادية النيوليبرالية المنحازة لمصالح قوى الحلف الطبقي المسيطر، ولم نتغافل كذلك عن التصدي لدعوات القوى المتزمتة للمساس بالحريات الشخصية وتغيير الطابع المدني للدولة، كما كانت لنا مساهمات واضحة في تأسيس "الجبهة الوطنية لجماية الدستور" وقدنا "اللجنة الشعبية لمقاطعة الانتخابات" ووضعنا الوثائق الأساسية لائتلاف المعارضة، وقدمنا "رؤية التيار التقدمي الكويتي للإصلاح الديمقراطي" كخارطة طريق للانتقال إلى نظام برلماني ديمقراطي.
ولم نغب يوماً عن مشاركة جزء من شعبنا ممثلاً بالكويتيين البدون في نضالهم الذي هو جزء من نضالنا وطالبنا بحل عادل ونهائي لقضيتهم التي هي جزء من قضايانا الوطنية، وفي الوقت نفسه أولينا اهتماماً خاصاً للمطالب الاجتماعية والمشكلات المعيشية للفئات الشعبية مثل التضخم وغلاء المعيشة والبطالة ومشكلة الإسكان وارتفاع الإيجارات وأزمة الجسد الصحي والتصدي لسعي السلطة لترشيد الإنفاق و رفع الدعم عن السلع، ودعمنا الحركة النقابية للطبقة العاملة في دفاعها عن حقوق العمال والتصدي للسياسات الاقتصادية النيوليبرالية الموجهة لخدمة كبار رؤوس الأموال.
في الأعوام الثلاثة السابقة كان هناك دائماً رأي واضح للتيار التقدمي الكويتي تجاه مختلف القضايا والتطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها البلاد، وهذا ما عبرت عنه بياناتنا وتصريحاتنا الصحفية المنشورة في الصحف المحلية والعربية والعالمية؛ حيث قدمنا تحليلات واقعية أثبتت الحياة صحتها مثلما تم اتخاذ مواقف وتوجهات اتسمت بالوضوح والمبدئية والجرأة، وبالطبع كانت مواقفنا واضحة ولم نجامل فيها أحداً على حساب ما نراه من مبادئ وأسس، مثلما هذه المواقف كانت تتسم بالمرونة والتفهم لضرورات العمل السياسي وتعقيداته بعيداً عن الجمود والتزمت.
إن التيار التقدمي الكويتي بعد ثلاثة أعوام من انطلاقته أصبح واحداً من أبرز مكونات الحياة السياسية الكويتية، وعلينا خلال السنة المقبلة أن نواصل طريقنا النضالي بعزم وتصميم وثبات دفاعاً عن المصالح الوطنية وذودأ عن حقوق الشعب وتلبية لمطالب الجماهير وتحقيقاً للتطوّر الديمقراطي.
عاش نضال الشعب الكويتي في مواجهة النهج السلطوي ومن أجل التغيير الديمقراطي..
ومعاً من أجل وطن حر و شعب سعيد.. "
ألقى الزميل أحمد الديين كلمة تقدير بحق الزميل النقابي عمار العجمي (شافاه الله) مستعرضاً تاريخه النقابي العمالي ونضاله طوال اربعين عاما, كما زار المكتب التنفيذي للتيار التقدمي الكويتي الزميل عمار حمود العجمي في المستشفى وتم منحه درع تذكاري تقديراً لدوره الريادي كمناضل تقدمي ونقابي منذ أربعين عاماً.
بقلم: وليد الرجيب
قبل يومين زرت أحد الأصدقاء في المستشفى بعد أن سمحوا بالزيارة، حيث كان يرقد في العناية المركزة وعندما تجاوز مرحلة الخطر نُقل الى الجناح، وكان يضع على الطاولة الجانبية قرب سريره راديو ترانزستر ليستمع الى الموسيقى الكلاسيكية التي يحبها.وحكى لي هذا الصديق بصعوبة أن طبيباً متشدداً دينياً دخل عليه وعنفه لسماعه الموسيقى رغم أن الصديق كان في غرفة خاصة ورغم كبر سنه وحراجة حالته الصحية، قائلاً له: أنت ليه تسمع مزيكا؟ فرد الصديق: أنها تريحني وثانياً هذه حريتي الشخصية، وخرج الطبيب دون أن يستطيع أن يجبر الصديق على اغلاق الراديو، وكان الصديق مستاء من تخلف الطبيب ومحاولة منعه من سماع المقطوعات الموسيقية التي تصدح على الدوام في بيته، فقلت له: سأشتري لك «آي بود» لتستمع للموسيقى من خلال سماعات الأذن.وأتذكر صديقاً آخر كان لديه أولاد وبنات موهوبون موسيقياً في عزف البيانو، وحرص على تدريبهم على عزف الموسيقى الكلاسيكية، وأحضر لهم مدرساً بولندياً يعتبر من أعلام عازفي الموسيقى الكلاسيكية على البيانو، وهو أيضاً قائد لفرقة «فيلهارمونيك» شهيرة، وبالفعل أصبح أولاده وبناته أفذاذاً في العزف على البيانو.ولكنه حرص على تعليمهم في مدارس الحكومة، لأنه لم يكن يريدهم أن يتغربوا عن مجتمعهم على حد رأيه، وكان على قناعة بأن التعليم الحكومي في الكويت ما زال جيداً ومتطوراً مثلما كان الأمر أيام دراسته في ستينيات القرن الماضي، ثم تفاجأ بأن بناته وأولاده بدأوا يرفضون العزف ويتهربون من مدرس الموسيقى ومن التمرينات، ولما سأل أكبرهم سناً عن السبب قال له: أن مدرس الدين قال له إن الموسيقى حرام، رغم وجود حصة لتدريس الموسيقى وكذلك وجود فرق موسيقية مدرسية، وظل ابنه الكبير على هذه القناعة وأقنع أخوته وأخواته بحرمة الموسيقى، فخسر الأب وخسرت الكويت موسيقيين كان من الممكن أن يرفعوا من مكانة بلدهم.وطالعتنا صحف الأمس بموت طالبة سعودية ببطء بعدما أصيبت بأزمة قلبية في احدى مدارس البنات في المملكة العربية السعودية، نتيجة رفض الادارة السماح لفرق الاسعاف الدخول الى قسم البنات لانقاذها عملاً بالقوانين التي تمنع «اختلاط الجنسين»، ومرت الساعات حتى ماتت الطالبة المسكينة ببطء وعذاب شديدين، بينما كان يمكن انقاذ حياتها في هذه الساعات الحرجة قبل وفاتها.وأيضاً طالعتنا الصحف بجريمة قتل بشعة في لبنان، حيث حطم زوج منال عاصي جمجمتها بـ«طنجرة ضغط» ثم مثّل بها، فكسر أسنانها وأصابعها، وظلت ساعات دون اسعاف حتى فارقت الحياة، وقد كان المجتمع اللبناني قبل هذه الجريمة قد روّع بجريمة مشابهة حيث قُتلت رولا يعقوب على يد زوجها، الذي أودع السجن ثم أفرج عنه، ناهيك عن جرائم الشرف لمجرد شك الزوج بزوجته أو شك الأخ بأخته، والتي عادة ما يتغاضى عنها القانون أو تخفف الأحكام في معظم الدول العربية.هذا غيض من فيض من مظاهر التخلف الاجتماعي الثقافي والتشدد الديني، ولأن هناك خلطاً بين العادات الاجتماعية والدين، أو تحميل الدين عادات اجتماعية قد تكون متخلّفة عنه، نجد أن فئات واسعة من النساء في مجتمعنا يعانين من اضطهاد أزواجهن وآبائهن وأخوانهن، وتُعامل معاملة البهيمة أو الجارية المسبية، وحتى بعدما حصلت على حقها السياسي بالترشيح والانتخاب، جيّر الرجل ذلك لصالحه في الانتخابات البرلمانية دون أن تملك المرأة حرية الاختيار أو حرية الاختلاف برأيها عن رأي زوجها.والثقافة السائدة في المجتمع هي ثقافة التخلف الاجتماعي والثقافي واستغلال بساطة الناس وجهلهم أحياناً بأصول الشريعة، وعدم تفريقهم بين ما هو ديني وما هو اجتماعي، وأصبحت الفتاوى الدينية تجارة مربحة، لدرجة أنه تصلني باستمرار رسائل نصية للاشتراك في أذكار وفتاوى الشيخ الفلاني، علماً بأن الاشتراك ثمنه غير قليل.لكن قبل اصلاح الثقافة وتطويرها وحتى عن طريق وضع قوانين، ليس هو الحل ما دامت الدولة والسلطة تحتاجان الى اصلاح جذري، تترسخ فيه الاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وأسس المواطنة الدستورية.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
_______________________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 08/02/2014 العدد:12641
بقلم: د. بدر الديحاني*لن يُصدق الناس حديث الحكومة عن ضرورة ترشيد الإنفاق ما لم يروا خطوات عملية وجادة للتصدي للفساد بصوره المختلفة، والذي يكلف الدولة أضعاف أضعاف الإنفاق الجاري، وهذا لن يتحقق ما لم تتسع المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار وإدارة شؤون الدولة والمجتمع.فمن المؤسف أن السلطة الشعبية "شعبية الحكم" قد تقلصت في الآونة الأخيرة إلى حدودها الدنيا، بل إنها أصبحت شكلية منذ العمل بمرسوم الضرورة المتعلق بـ"الصوت الواحد". هذا أولاً، أما ثانياً، فإن مسؤولية حل مشكلة العجز المالي المتوقع تقع على عاتق من تسبب فيه، أي من بيده السلطة، فالمسؤولية بقدر السلطة، إذ ليس من المقبول تحميل تبعات العجز المالي لمن لم يكن طرفاً في حدوثه ولم يشارك في اتخاذ القرارات المتعلقة بالموازنة أو في رسم السياسات العامة.والطريف هنا أن من يتحدث بحماسة منقطعة النظير هذه الأيام عن ضرورة ترشيد الإنفاق الجاري ويبذل مجهوداً إعلامياً وميدانياً أيضاً لشرح تكاليف الدعم الاجتماعي الذي يستفيد منه أصحاب الدخول المتوسطة والدنيا لا يطرح سوى أرقام إجمالية لا تُبين تفاصيل الإنفاق الجاري وتوزيعه أو نوعية الدعم، فهناك كما ذكرنا في مقالات سابقة، إنفاق جار غير مستحق، وهناك أيضاً دعم يستفيد منه من ليس بحاجة إلى الدعم.أضف إلى ذلك أن من يتحدثون بإسهاب في الأونة الأخيرة عن ضرورة ترشيد الإنفاق الجاري سواء المؤسسات الدولية كالبنك وصندوق النقد الدوليين أو الحكومة أوبعض الصحف والكُتاب لا يقولون شيئاً له معنى عن الأبواب الأخرى في الميزانية رغم تضخمها، ولا يوضحون للناس أين ستذهب الإيرادات الجديدة؟ ومن سيستفيد منها في ظل التوجهات الحالية للموازنة العامة؟!ليس ذلك فحسب، بل إنهم لا يتطرقون البتة إلى حجم الفساد وتكاليفه الضخمة بالرغم من أن الفساد بصوره المختلفة، خصوصاً الفساد السياسي، باهظ التكاليف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، إذ إنه يقف عائقاً أمام تنمية المجتمع ويحرمه من التقدم ويستنزف ثروته، ويساهم في تهميش قطاعات شعبية واسعة وإفقارها، ناهيكم عن أن بعض أوجه الإنفاق الجاري والدعم غير المستحق لم تكن لتحصل لو لم تكن ثمناً للتغطية على الفساد السياسي وضمان استمراره.وعلى هذا الأساس، وبالرغم من أهمية تنمية الإيرادات العامة وضرورة ترشيد الإنفاق من أجل إصلاح اختلالات الموازنة العامة، فإن ذلك لن يتحقق بشكل صحيح وعادل في ظل استشراء الفساد السياسي وضيق قاعدة المشاركة الشعبية بإدراة شؤون الدولة والتوجهات الحالية المنحازة إلى المالية العامة؛ لذلك فالإصلاح السياسي والديمقراطي أولاً.----------------------------------------------------منقول عن جريدة الجريدة بتاريخ 05/02/2014
بقلم: د.فواز فرحان*
يطلق بعض الناشطين سياسياً بين الفينة والأخرى بعض التعليقات على التيار التقدمي الكويتي تنم إما عن جهل أو تدليس، من أشهر هذه التعليقات القول إن هذا التيار هو تيار شيوعي أو ماركسي؛ والبعض يبالغ بجهله أو تدليسه ليقول: هؤلاء بقايا اللينينية و أيتام موسكو! ، وتأتي هذه التعليقات في ظل حداثة إسم التيار؛ وفي الوقت نفسه حضوره البارز على الساحة السياسية؛ وتوسّع قاعدة التأييد الشعبي له رغم بطئها أو رزانتها كما أحب أن أصفها.
ولن أبالغ إذا قلت بأن أغلب التعليقات التي تخرج بهدف التدليس منظّمة وشبه مدروسة؛ وتريد أن تحصر التيار في زاوية المواجهة مع الدين أو تضعه في خانة المحاكمة عن تاريخ الأحزاب الشيوعية العالمية بمختلف تجاربها وظروفها، ولدي علامات وشواهد على ذلك ولكن المجال لا يتسع في هذا المقال لتعديدها.
تشكّل التيار التقدمي قبل ثلاث سنوات بمبادرة من أفراد جمعهم التوجه اليساري التقدمي العام الذي يركّز على العدالة الاجتماعية (بمعناها الطبقي المعادي للرأسمالية وليس بمعناها الفضفاض العام) والحريات الشخصية والعامة وتقدم المجتمع على جميع الأصعدة، ويتمحور الخط السياسي للتيار التقدمي حول استكمال النظام البرلماني الديمقراطي ومواجهة مشروع السلطة الذي يعرقل التطور الديمقراطي في البلد، وهذا التيار له من اسمه نصيب؛ فهو تيار سياسي عريض يضم في صفوفه مختلف أطياف اليساريين والتقدميين من ماركسيين لينينيين واشتراكيين ديمقراطيين وناصريين وقوميين وماويين وتروتسكيين وبعض العناصر التي تؤمن بالعدالة الاجتماعية بتعريفها البسيط غير المنطلق من إيديولوجيا معينة، وخلال مسيرة التيار التقدمي في السنوات الثلاث الماضية انضم الكثير من الأعضاء إليه بسبب الموافقة على أهدافه التي أعلن عنها، وكذلك بسبب مواقفه السياسية التي قرأوها ولمسوها من خلال وجوده على الأرض إبان فترة الحراك الشعبي الاحتجاجي، وهؤلاء الأعضاء يعرفون تماماً من خلال وجودهم في قيادة التيار ولجانه المختلفة بأنه تيار يساري عريض وليس محصوراً على إيديولوجيا يسارية محددة. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن التيار السياسي الوحيد في الكويت الذي تبنى الماركسية اللينينية بوضوح لا لبس فيه ولا غموض هو حزب اتحاد الشعب في الكويت الذي تأسس في عام ١٩٧٥ ثم اندمج أعضاؤه في إطار المنبر الديمقراطي الكويتي وتجمّد نشاطه على أرض الواقع، ثم لظروف موضوعية انسحبوا من المنبر الديمقراطي واستعادوا استقلاليتهم وشارك بعضهم في التيار التقدمي الذي تمر علينا في هذه الأيام الذكرى الثالثة لتأسيسه.
ويأتي وصف التيار التقدمي بأنه تيار شيوعي أو تيار ماركسي لينيني في إطار تأجيج نوع من الرفض الشعبي له تحت اتهامه بتوجهه (الكافر) كحد أقصى أو (العلماني) كحد أدنى؛ ناهيك عن الجهل أساساً بتعريف مصطلح ماركسية أو شيوعية وكذلك بطبيعة تكوين التيار التقدمي؛ فالسؤالان المستحقان لمروجي مثل هذه الانطباعات هما: ما هو تعريفهم للماركسية وللشيوعية أصلاً؟ ثم ما هي أدلتهم الملموسة على كون التيار التقدمي يتبنى الماركسية أو الشيوعية؟ وهذا ليس تهرباً من الماركسية أو الشيوعية الذين يتبناهما بعض أعضاء التيار ولكنه رد مباشر على هؤلاء المروجين ولوضع الأمور في نصابها الصحيح. وفي خضم هذه الانطباعات المغلوطة يغيب عن مروجيها أن صراع الماركسية أو الشيوعية ليس مع الدين ولكنه مع الرأسمالية والاستغلال الطبقي؛ وأن الدين لم يكن يوماً مستهدفاً في أهداف ومبادئ ومشاريع الأحزاب الشيوعية العالمية فما بالكم بالتيار التقدمي ذي التوجه اليساري العريض، ويبدو أن هناك هدفاً يبدو أصغر من هدف وضع التيار التقدمي بمواجهة مع الدين ولكنني أعتقد بأنه الأعمق؛ وهو محاولة تقليل شعبية هذا التيار ليبدو أمام الناس بأنه تيار يضم مجموعة نخبوية منغلقة على نفسها، والمؤشر الأقوى الذي يدل على هذا الهدف هو إثارة مسألة شرط تزكية شخصين من أعضاء التيار لقبول العضوية الجديدة؛ وهنا لي وقفة....من المتعارف عليه في أغلب التيارات والأحزاب السياسية العالمية والتي تعمل في واقع صحي ديمقراطياً بعكس واقعنا الكويتي المريض والمشوّه أن تزكية طالب العضوية من الشروط المهمة لضمان معرفة جدية العضو وعدم دخوله بهدف التخريب أو تسريب العمل الداخلي للحزب أو التيار السياسي، وهذا الضمان مهم جداً لأن العضو الجديد سيمارس كل حقوقه والتي من ضمنها الدخول في اللجان والترشح لقيادة الحزب أو التيار، والنقطة البديهية الأخرى من وراء شرط التزكية هي أن الحزب أو التيار ليس جماعة ضغط أو مجموعة حقوقية أو نادياً ثقافياً حتى لا يتم الاهتمام بالجانب الشخصي للعضو.
بعيداً عن محاولات حصر التيار التقدمي الكويتي بإطار إيديولوجي يساري محدد يظل هو الأوضح في الموقف تجاه مشروع السلطة وضد الاستغلال الطبقي، ويظل هو الأدق في تبنيه للديمقراطية بشقيها السياسي والاجتماعي وعدم حصرها بالصناديق فقط، ويظل هو الأكثر علمية في تبنيه للعدالة الاجتماعية من منطلق رفض الاستغلال الطبقي وعدم تسطيح تعريفها وحصره في التكافل الاجتماعي فقط، والأهم من هذا كله يظل هو الأكثر انحيازاً للطبقات العاملة والفئات الشعبية ومحدودة الدخل، وهذا كله مذكور بالنص في أدبيات التيار التقدمي المكتوبة وتعكسه مواقفه وتحركاته على الأرض.
-------------------------------------
*عضو التيار التقدمي الكويتي.
لا تولد نزعة الفساد مع ولادة الانسان ولا تكمن في تركيب جيناته، وقد دحض العلم منذ عشرات السنين نظرية وراثة نزعة الاجرام، وحتى النظرية الأحدث التي بررت النزعة الاجرامية بالتركيب الجيني للانسان، أو ما سمي بالكروموسوم الزائد.الفساد لا ينمو الا في بيئات مناسبة له، وليس له سبب وحيد ورئيسي، فالتربية الأسرية لها دور والتربية المجتمعية بمجمل مفاصلها الاعلامية والتعليمية والقانونية والثقافة السائدة بما فيها أنماط السلوك في المجتمع المعين لها دور، وبشكل عام الوضع الاقتصادي الاجتماعي أي البنية التحتية للمجتمع التي تعكس بنية فوقية بتنوعها الثقافي والحقوقي والمؤسسات السياسية والأفكار والأيديولوجيات والفنون... الخ
كما أن ثقافة المجتمع ليست واحدة وثابتة في المكان والزمان، فيحدث أن تتغير هذه الثقافة في ذات المكان ولكن في أزمان مختلفة عبر البنى التحتية المختلفة والتي أشرنا الى مفهومها سابقاً، ففي فترات زمنية ترى ثقافة نفس المجتمع الذي يعيش على نفس بقعة الأرض المعينة وما تشمله من سلوك قد تختلف عن فترات زمنية أخرى، ومن غير المهم ان تكون هذه الفترات الزمنية سابقة أو لاحقة، فيمكن أن يكون هذا المجتمع المعين ذا ثقافة وسلوك متقدمين ومتحضرين في فترة زمنية قديمة، ويصبحان رغم مرور السنين وتطور منجزات البشرية متخلفين.
وهناك قصة أسطورية ترى أن في داخل كل انسان ذئبين أحدهما شرير والآخر خيّر، وهما يتصارعان حتى ينتصر أحدهما على الآخر، وعندما يُسأل حكماء هذه الأسطورة: منْ منَ الذئبين ينتصر عادة؟ يجيبون بأن الذئب الذي ينتصر هو الذي نربيه ونرعاه أكثر.
ورغم أنها أسطورة الا أن لها دلالات مجازية، لا تلقي كل اللوم على الفرد ولكنها تشير بشكل دلالي الى أن المجتمع بمؤسساته وطبيعتها وتركيبتها وسياساتها لها دور في سيادة أحد الذئبين، فإما أن تكون طبيعة أو سياسة هذا المجتمع بمكوناته المؤسساتية وادارته حاضنة للفساد على سبيل المثال أو محاربة له.
لذا اخترع الانسان نظاماً أسماه «الديموقراطية»، ويعني حكم الشعب للشعب وبالشعب، وهو نظام يشارك فيه جميع المواطنين على قدم المساواة، إما مباشرة أو عبر ممثلين له، ويمكّن المواطن من الممارسة الحرة والمتساوية لتقرير المصير السياسي، والديموقراطية بمعناها الأوسع هي نظام اجتماعي مميز يؤمن به ويسير عليه المجتمع، ويشير الى ثقافة سياسية وأخلاقية تتجلى فيها مفاهيم العدالة الاجتماعية وتداول السلطة سلمياً، و«الديموقراطية» مصطلح مناقض لمصطلح «الأرستقراطية» الذي يعني «حكم النخبة».
فعندما يحكم الشعب نفسه بنفسه فانه يحكم لصالحه، وعندما تحكم النخبة أو الفرد فانها تحكم لصالحها أو لصالح الفرد وليس لصالح الشعب، ومن هنا يبدأ التعارض بين مصالح النخبة ومصالح الشعب فتستحوذ النخبة على مصالح الشعب وحقوقه، وبالتأكيد ليس عن طريق التراضي أو عن طريق تنازل الشعب عن مصالحه، ولكن سرعان ما يبدأ التنافس بين النخبة نفسها على الاستحواذ على جميع المصالح وهو عادة تنافس غير أخلاقي، ولضمان سيطرة النخبة تستخدم أدوات العنف والقمع والرشوة وشراء الولاءات والذمم، واستخدام الأدوات القانونية والقضائية لصالح النخبة أو الفرد.
هذه هي البيئة الحاضنة للفساد، الذي يبدأ ببؤرة أو بؤر ويتفشى ليصبح ثقافة سائدة في المجتمع ومؤسساته المختلفة، وتصبح استخدامات الواسطة والمحسوبية والتنفيع على سبيل المثال جزءا من تفاصيل الحياة اليومية، فتتحول المجتمعات التي تحترم القوانين الى كاسرة لها وتتحول اللامشروعية الى مشروعية بديهية، في تحقيق عملي للمثل الكويتي «من صادها عشى عياله».
وليد الرجيب
osbohatw@gmail.com
___________________________________
منقول عن جريدة الراي 01/02/2014 العدد:12633
قامت مؤسسة البترول في شهر اكتوبر الماضيً بإصدار قرار يحمل رقم 72/2013، وكان قراراً مفاجئاً لم يتم الإعلان عليه أو الإطلاع عليه إلا في شهر ديسمبر الماضي.
وحسب هذا القرار تم تغيير آلية احتساب مكافأة المشاركة بالنجاح مما يؤدي إلى تقليصها رغم تحقيق أرباح تشغيلية مرتفعة، كما تم تغيير آلية صرف المكافأة بحيث تصبح على أول مربوط الدرجة للراتب الأساسي و ليس الراتب الأساسي الفعلي، و للتوضيح فإن مكافأة المشاركة بالنجاح لها ضوابط و شروط للصرف ولا تصرف للجميع كما هو شائع و منتشر ومن أهم شروطها ألا يحصل الموظف على تقييم أداء ضعيف (٣٪ و أقل) ، وألا يكون لديه انذار خطي نهائي خلال السنة المالية.
كما تم تقليل المكافأة الفورية وهي مكافأة كانت تعطى لمن يحقق انجازاً استثنائياً يستحق عليه التكريم كحماية الأرواح وأصول المؤسسة وشركاتها التابعة حسب النظم و اللوائح المتبعة وكانت بحد أقصى ثلاثة رواتب أساسية ولكن هذه المكافأة أصبحت بعد القرار المشار إليه أعلاه بحد أقصى راتباً اساسياً واحداً فقط.
وكانت للنقابات البترولية و اتحاد عام البترول وقفة جادة للحفاظ على مكتسبات العمال و طالبت بسحب القرار وبالفعل عقدت عدة اجتماعات مع الادارة العليا لمؤسسة البترول ووزير النفط كان آخرها بتاريخ ٢٨يناير٢٠١٤ لكن دون التوصل لحل. ولهذا تم إبلاغ الإدارة العليا ووزير النفط عن توجه الاتحاد ونقاباته نحو الاضراب الشامل وانه سوف يتم تحديد موعد الاضراب وابلاغ المؤسسة به.
30 يناير 2014
بقلم: حسن العيسى
يحذر محافظ البنك المركزي وزير المالية سابقاً الشيخ سالم الصباح (الوطن عدد 26 يناير) من أن الكويت قد يصيبها المرض الهولندي. بمعنى أن تصاب الدولة الكويتية بمثل ما حدث لهولندا في بداية ستينيات القرن الماضي، بعد اكتشاف غاز ونفط الشمال فتواكلت على تصدير هذه السلعة الخام وأهملت التصنيع، وكان انتكاسة للاقتصاد. تصوير وضعنا بالمرض الهولندي فيه ظلم لهولندا وللمرض ذاته، فالفارق بين الكويت ودول الخليج معها لا يمكن مقارنته بهولندا التي كانت ومازالت في طليعة الدول المتقدمة، وأولى أن نسميه المرض الخليجي، إلا أن تحذير الشيخ سالم والأرقام المخيفة والسيناريوهات التي سطرها يجب أن تؤخذ بجدية، فعدد السكان في الكويت 3.9 ملايين نسمة، يشكل الكويتيون ما يقارب الثلث فقط… "وهذا يوصلنا إلى استنتاج بأن نسبة عدد السكان غير الكويتيين ستظل تدور حول 60-70% طالما بقيت أنماط ونزعات وسلوكيات المجتمع تدور على ما هي عليه" (من مقال الشيخ سالم)، من جديد يؤكد صاحب المقال خطورة العجز بسبب بند الرواتب والأجور والمزايا والاعتماد شبه الكامل على منتج وحيد... إلخ، وعجز القطاع الخاص عن مجاراة القطاع العام في المزايا الوظيفية، ما رتب توجه العمالة للعمل به، وبالتالي أصبح يوظف أكثر من 90% من نسبة العاملين الكويتيين، مقابل رقم هامشي للكويتيين الذين يعملون في القطاع الخاص، ويتوقع الشيخ سالم تنامي نسبة البطالة من الكويتيين لتصل إلى 25%، وقد تصبح مؤسسات التأمينات عاجزة عن سداد المعاشات، وأن الرواتب والأجور قد تتأخر عن الموظفين إذا استمرت الأحوال على حالها.قبل مقال ومقالات الشيخ سالم، حذرت تقارير "الشال"، وكتابات جاسم السعدون العديدة من خطر القادم، لكن لا يبدو أن أحداً من أهل القرار يقرأ، وإن قرأوا فلن يستوعبوا، وإن استوعبوا فهم أضعف من أن يضعوا أقدامهم على طريق الإصلاح الاقتصادي والسياسي، ردود الفعل لـ"صحوة" السلطة على واقع الدولة المالي، اختلفت بين أهل اليمين واليسار في التركيز على قضايا معينة وإهمال غيرها، فأهل اليمين لا يرون حلاً بغير تغيير واقع بند الرواتب والأجور وسياسة المنح والعطايا، وتحجيم هيمنة القطاع العام على اقتصاد الدولة، بينما أهل اليسار يرون أن بداية الإصلاح لا تكون بغير بتر امتيازات الكبار وفرض الضريبة التصاعدية على أصحاب الدخول العالية من شركات ومؤسسات مالية تحلب الدولة، ولا تعطي شيئاً في المقابل، ولا توظف أهل الديرة في الأغلب، ومقال الزميل د. بدر الديحاني في "الجريدة" أمس يعد مثالاً لذلك.لا توجد حلول سحرية، ولا يمكن رفض كل حلول اليمين وكل حلول اليسار، القدر المتيقن المعترف به هو واقعنا الريعي المريض، مريض بمعنى أن نجلس على الكراسي وننتظر "ريع النفط"، بمثل ما ينتظر صاحب العمارة أجرة السكن من المستأجرين دون عمل ولا إنتاج، هذا مرض بدأ من الأعلى ونزل للأسفل، السلطة عممت الفساد والتواكل والاعتماد على عمل الغير، ووزعت "الريع" كل حسب قربه منها، بالدرجة الأولى وحسب الجنسية، لا بحسب العمل بالدرجة الثانية، وتم تشجيع المجتمع على هذا النمط الاستهلاكي الريعي، حتى ينسى الناس بؤسهم السياسي والفساد المقنن عند كبارهم، ولم تبد السلطة اهتماماً بنوعية التعليم باعتبار أنه أهم مفاتيح المستقبل للدولة، ولم تكترث بالاستثمار في الإنسان المنتج، وفضلت استثمار الولاءات الشخصية لها وشراء المواقف السياسية. ولا فائدة الآن من كل هذا الحديث المعاد، وكل الكلام عن الإصلاح الاقتصادي لن يكون مجدياً من غير إصلاح سياسي، وجماعة السلطة ليسوا مستعدين لسماع مثل هذا الكلام، فهذا "سيفوه وهذه خلاجينه".
___________________________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 28/1/2014
بقلم: محمد نهار الظفيري*
أحياناً البعض يعتقد بأن الحديث حول الفوارق الطبقية وإنعدام تكافؤ الفرص وغياب العدالة الإجتماعية وسوء توزيع الثروة، أمر مبالغ به معتبرين أن من يتحدث هكذا هو شخص "فاضي" بالأساس كوننا أوفر حظّاً من غيرنا كثيراً وننعم بالوفرة المالية وبأن الشعب يجد ما "يحلّي" فمه به .
لو وقفنا قليلاً ونظرنا من حولنا بشكل واقعي سنجد بأن الكويت دولة غنية جداً ، بالمقابل ماذا يجني المواطن من هذا الثراء "مرتب محترم" ؟ أعتقد بأننا تخطينا فكرة النوم بعد عشاء دسم ، هناك دول أقل ثراء مِنّا تؤمّن لشعبها حياة كريمة أكثر مما نجنيه من سلطتنا ، فدولة تقدر عوائدها بمئات المليارات من الدولارات كارثة إن لم تستطع أن تؤمن لمواطنيها "أبسط" حقوقهم كالمسكن، التعليم، التطبيب، بنية تحتية "متينة"، رياضة، تخطيط متكامل للسنوات القادمة، على النقيض هناك أفراد يتم التسهيل لهم مشاريعهم لزيادة أرصدتهم دون تقديم أي شيء يُذكر للوطن من ضرائب أو توظيف عمالة محلية "تكويت" ، ناهيكم عن الهبات من الإيداعات والمزارع والمساكن والشاليهات والترضيات فقط لأنه محبب لديهم، فتخيلوا معي مواطن مدخوله الشهري الف دينار يقوم بواجباته تجاه البلد من دفع رسوم الكهرباء والماء وإستقطاب العمالة متساوياً مع من يملك مجمعاً تجارياً يدر عليه ٤ ملايين دينار شهرياً ؟!، او انتظار أحدهم لمنزل يأويه لعقدين وهو ينظر لأراضي تُعطى مقابل سعر رمزي او شاليه مقابل "رفعة يد" او رنج مقابل "مقالة" ؟!
أيضاً لا ننسى غياب الرقابة عن ارتفاع الأسعار على كل السلع مع كل "تلويح" او إشاعة بزيادة الرواتب !، نعم نحن لسنا جياع ولكن المنطق يرسم لنا الجوع قادم خلال السنوات القادمة إذا إستمر الحال كما هو عليه، أيضاً غياب دور الإعلام الحقيقي وتفشّي الفساد بكل أشكاله وفقدان الناس الثقة بالجهة القضائية إسوةً بالسلطة التنفيذية والتشريعية، هنا كان الشعب اكثر عدلاً في توزيع مشاعره تجاه مؤسسات الدولة، العدل التي تفتقده السلطة التي تخوّن أفراد شعبها وتصنفهم على حسب الولائات لا للوطن بل للأفراد, فأصبح المواطن الصالح من لا يعارض الشيوخ وحكومتنا الرشيدة، متجاهلين بأن المواطنة وتكريس حب الوطن يأتي بأعطاء الناس حقوقهم و"إرغامهم" على تحمل تقديم واجباتهم بشكل عادل دون أي تمييز، فهل لازال الحديث عن الفوارق الطبقية وإنعدام العدالة الإجتماعية حديث فارغ ؟! .
أخيراً بعد كل هذا السلب لأبسط الحقوق المستحقة للأفراد لم يكتفوا بذلك، بل استحرموا علينا حرية الكلمة والتعبير الذي هو الملاذ الأخير للشعوب، فتم ملاحقة كل صاحب رأي مخالف وإرسال أقذر مجنديهم لشتم الناس وقذفهم والمساس بأعراضهم وتلفيق التهم وزجهّم في السجون جاعلين من رجال الأمن شهّاد زور تتضارب أقوالهم امام النيابة ترضيةً لقياداتهم الشامخة . على الهامش : البوعزيزي لم يحرق نفسك لأنه لم يجد ما يأكله بل حرق نفسه عندما تم حجب صوته ومنعه من قول كلمة "لا" .
__________________________________________
*عضو التيار التقدمي الكويتي
بقلم: د. حسن مدن*
جرى النظر إلى الآراء التي تحذر من محاكاة الغرب في كل شيء على أنها تنطلق من بواعث محافظة أو حتى رجعية، وتنم عن التعصب وضيق الأفق والانغلاق. وفي الكثير من الحالات فإن هذا صحيح، لكن ليس كل من يذهب إلى هذا الرأي ينطلق من البواعث ذاتها.
بعض الدراسات الفلسفية والفكرية الحديثة التي جرى التعارف على وصفها بدراسات ما بعد الكولونيالية، وجهت عنايتها لدارسة تواريخ الثقافات غير الأوروبية، ملاحظة أن التوسع الأوروبي وإخضاع الأمم والشعوب المختلفة خارج أوروبا للهيمنة الاستعمارية سمحا ﺑ"الإغارة" على التقاليد المعرفية للثقافات الأخرى، وفتح المجال لاختبارات قسرية للثقافة الغربية على بيئات غير أوروبية، بل وتدمير التقاليد التي يمكن أن تكون نداً محتملاً للنموذج الغربي في التنمية والتطور الثقافي.
وترى الدراسات الموجهة لنقض مركزية المركز، والمقصود هنا بالطبع المركز الأوروبي، والغربي عامة، أن العلوم الأفضل للغرب ليست هي بالضرورة الأنسب لبقية العالم، بل تذهب الى ما هو أكثر من ذلك حين ترى أن العلوم الغربية أضحت غير جيدة حتى للغرب نفسه أيضاً، كونها تنتج جهلاً، مخاطره جلية في تهديد الجنس البشري وتدمير الطبيعة، فضلاً عن استهداف تقاليد معرفية أخرى لها قيمتها.
في نطاق ثقافتنا العربية، وفي الثقافة الأفرو- آسيوية عامة يبدو سمير أمين أحد أبرز وأبكر من رفضوا المركزية الأوروبية كمنطلق للبحث والتحليل لضيقها عن الإحاطة بالتاريخ والواقع، وهو لا يقوم بذلك من موقع ردّة الفعل تجاه الغرب، الظالم حقاً، وإنما من موقع العلم، حين يقدم التشخيص التاريخي الملموس الذي يدحض هذا المنطلق أوروبي التمركز.
ثمة من سيقول إن طوفان العولمة اليوم يَهد كل الأسوار والسدود بوجه تدفق نمط الثقافة الغربية، التي تبدو قدراً لا رادّ له، بحيث إنها غيرت حتى مفاهيم سيادة الدول ذاتها، لكن يعيب هذا الرأي، إغفاله مدى رسوخ وقوة التقاليد الثقافية المحلية في البلدان المختلفة، القادرة على إجبار العولمة ذاتها على التكيف معها، لتتشكل الظاهرة التي يسميها البعض المحلية المعولمة.
ويدل نموذجا الاحتلال الأمريكي لأفغانستان والعراق على أنه ليس بوسع حتى القوة العسكرية الباطشة قمع أوجه المقاومة التي تفرزها البيئات المحلية، العصية على تقبل الإملاء الخارجي، حتى لو كان عسكرياً، فالتغيير، وإن حفزته المؤثرات الخارجية، إنما ينبع أساساً من ديناميات التحول الداخلي.
_________________________________________
*الأمين العام السابق للمنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين
منقول عن موقع التجديد العربي تاريخ 20/1/2014
بقلم: د. بدر الديحاني
حديث الحكومة عن "ترشيد الإنفاق" المقصود به هو خفض بنود الإنفاق الاجتماعي الضرورية الذي لن يتضرر منه سوى أصحاب الدخول المتوسطة والدنيا، فمثلما ذكرنا في مقال سابق فإن "قرار إعادة دراسة الدعم الذي اتخذه مجلس الوزراء (21 أكتوبر 2013) يشمل جميع الأنشطة والخدمات والسلع التي تقدمها الحكومة للمواطنين حتى تلك المتعلقة بإعانات الرسوم الدراسية والتعليم (البعثات) وذوي الإعاقة والأندية، ودعم المنتجات المكررة والغاز المسال ودعم الكهرباء والماء وتكاليف المعيشة (بطاقات التموين) والأنشطة الرياضية ومنح الزواج، بالإضافة إلى دعم المزارعين وصيادي الأسماك وبدل الإيجار وفوائد قروض عقارية (أي قروض السكن الخاص من بنك التسليف)". (القبس 9 نوفمبر 2013).من الواضح إذاً من الذي سيُحمَّل تبعات العجز المالي المحتمل، وهو ما يتناقض مع تصريح وزير المالية في أثناء حضوره "المنتدى الاقتصادي العالمي" في "دافوس" عندما قال إن الحكومة "لا تهدف بأي شكل من الأشكال للمساس بالدعوم المالية الموجهة للمواطنين أصحاب الدخل المتوسط والدخل القليل"!كما أنه من الواضح أيضاً أن الحكومة وهي تسوّق لسياسة خفض بنود الإنفاق الاجتماعي الضروري فإنها تتجاهل الأسباب الحقيقية للاختلالات البنيوية في اقتصاد الدولة، وسياساتها الفاشلة التي ستؤدي حتماً إلى العجز المالي، فبدلاً من معالجة الاختلالات وتغيير السياسات وإصلاح الإدارة العامة فإنها تحاول تحميل تبعات سوء الإدارة والعجز المالي لأصحاب الدخول المتوسطة والمحدودة من خلال فرض الرسوم وزيادتها، وإلغاء دعم السلع والخدمات الأساسية، وفرض الضرائب غير المباشرة مثل ضريبة القيمة المضافة.ومع أن بند الإنفاق الجاري الذي يشمل الرواتب والأجور والمكافآت والبدلات والمزايا بالإضافة إلى الدعم بأشكاله وأنواعه كافة (مؤسسات وشركات وأفراد) يحتاج إلى إعادة هيكلة على أسس سليمة وعادلة، فإن من المستحيل أن يتم ذلك بمعزل عن مكافحة الفساد السياسي، وإعادة هيكلة جذرية للموازنة العامة للدولة، وتغيير توجهاتها الحالية المنحازة، بحيث يكون هنالك توزيع عادل للثروة، وإلا فإن سياسة "ترشيد الإنفاق" المطروحة حالياً لن تؤدي إلا إلى اتساع الفوارق الطبقية، حيث إن المبالغ المالية التي ستستقطع من مداخيل أصحاب الدخول المتوسطة والدنيا، ويترتب عليها زيادة معاناتهم المعيشية ستذهب مباشرة إلى كبار الأثرياء كي يزدادوا ثراءً.إن دعم الموازنة العامة للدولة وتنمية الإيردات غير النفطية أمر في غاية الأهمية ويتطلب البدء بتطبيق ما يلي:1- فرض ضرائب تصاعدية على الدخول الكبيرة وعلى أرباح الشركات الكبرى والبنوك والمؤسسات الخاصة التي تدعمها الدولة، ولكنها في المقابل لا توفر فرصاً وظيفية ولا تدفع ضرائب على الأرباح أو الدخول الكبيرة.2- إعادة تسعير أملاك الدولة وأراضيها في كل مكان خصوصاً في الواجهة البحرية على طول الشريط الساحلي وبالقرب منه، وفي الشويخ الصناعية ومنطقة الري والمناطق الصناعية الأخرى التي تحولت إلى مناطق خدمية وتجارية، فضلاً عن القسائم الزراعية و"الجواخير" التي تحولت إلى استراحات فخمة، والقسائم الصناعية وذلك من خلال طرحها بمزاد علني، فضلاً عن عدم إدخال أي تعديلات على القانون (7) لسنة 2008، بتنظيم عمليات البناء والتشغيل والتحويل والأنظمة المشابهة، وتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم (105) لسنة 1980، بالمخالفة لملاحظات ديوان المحاسبة مثلما هو مطروح حالياً من بعض المتنفذين من أجل الاستحواذ على أملاك الدولة وأراضيها.3- إعادة تسعير الكهرباء والماء والخدمات الإدارية بالنسبة إلى المناطق الصناعية والشركات والمؤسسات الخاصة (سعرها الحالي فلس واحد للكيلوواط للقطاع الصناعي والخاص بينما يدفع أصحاب السكن الخاص فلسين). ويقال، والعهدة على الراوي، إن أحد المجمعات التجارية الكبرى يستهلك من الكهرباء ما يوازي استهلاك منطقة سكنية تقع بمحاذاة الدائري الثاني.4- تحصيل المستحقات المالية الحكومية الخاصة بالكهرباء والماء لدى الشركات والمؤسسات والأفراد.5- إلغاء الأجهزة الحكومية التي لا حاجة فعلية إليها والدرجات القيادية (درجة وزير- وكيل ووكيل مساعد وما في حكمهما) التي تمنح لأشخاص من دون مزاولة عمل فعلي علاوة على تخفيض المخصصات وإلغاء أو تخفيض البدلات والمكافآت والمميزات التي تمنح إلى كبار مسؤولي الدولة (الوزراء والوكلاء ومن في حكمهم وأعضاء مجلس إدارات الشركات والمؤسسات الحكومية)، وكلها تدخل ضمن بنود الإنفاق الجاري.فهل تبدأ الحكومة؟!
-------------------------------------------------------------------------
منقول عن جريدة الجريدة بتاريخ 27/01/2014

بيان صادر عن التيار التقدمي الكويتي حول التوجه الحكومي لخفض بنود الإنفاق الاجتماعي وتحميل الفئات الشعبية أعباء معيشية.
في الوقت الذي تكرر فيه خلال الأيام الأخيرة النشر المكثّف للتسريبات الإعلامية حول بيانات مالية منسوبة إلى مصادر رسمية إلى جانب ما يجري إطلاقه من تصريحات لمسؤولين حكوميين تدعو إلى خفض بنود الإنفاق الاجتماعي الضرورية ومن بين ذلك خفض الدعم المقدم للمواد الاستهلاكية الضرورية وأسعار الكهرباء والوقود، هاهو مجلس الوزراء يعلن في بيانه الرسمي بعد اجتماعه الأخير المنعقد يوم الاثنين الماضي أنّه "حثّ جميع الجهات الحكومية المختلفة على اتخاذ الإجراءات الجادة لترشيد الإنفاق وتحديد أوجه الصرف التي يمكن الاستغناء عنها"، ما يعني أنّ الأمر تعدى مرحلة التسريبات الإعلامية والتصريحات الصحافية وأصبح في دائرة القرارات.
إننا في التيار التقدمي الكويتي في الوقت الذي ندرك فيه ما يعانيه الاقتصاد الكويتي من اختلالات بنيوية جراء طابعه الريعي المعتمد على مورد وحيد ومتذبذب الأسعار بالإضافة إلى النهج الاقتصادي الاستحواذي غير التنموي الذي تقوده السلطة وقوى الحلف الطبقي المسيطر وما تتعرض له موارد الدولة من نهب وتبديد على أيدي كبار المنتفعين وقوى الفساد، وما تتطلبه هذه الاختلالات من معالجات جدية إلى جانب ضرورة تغيير النهج الاقتصادي المتبع واتخاذ تدابير ملموسة لمكافحة الفساد، فإننا نرفض بوضوح التوجّه الحكومي الداعي إلى المساس بمستوى المعيشة العام وتحميل الفئات الشعبية أعباء إضافية وتجاهل ما تعانيه من مصاعب حياتية جراء الغلاء والارتفاع الفاحش لإيجارات السكن وتدني الخدمات العامة وسوء حالة البنية التحتية، ناهيك عن التفاوت الطبقي الحاد وانعدام العدالة في توزيع الدخل.
إنّ الحكومة في الوقت الذي تحذر فيه من عجز محتمل في الميزانية قد يحدث بعد سنوات، وفيما هي تتجه نحو تحميل الفئات الشعبية مسؤولية الهدر في الميزانية وارتفاع مخصصات الباب الأول من الميزانية المتصل بالرواتب والأجور، فإنّ الحكومة، بسبب طبيعة القوى الطبقية المسيطرة، تتجاهل عن عمد أنّ الطريق المتبع في مختلف بلدان العالم لتمويل الميزانية العامة للدولة إنما يتحقق عبر فرض الضرائب التصاعدية على الدخول الكبيرة، التي يدفعها الأثرياء والشركات الكبرى والبنوك، كما تتجاهل الحكومة عن عمد أنّ القطاع الخاص في هذه الدول ملزم بأن يوفر معظم فرص العمل للمواطنين، على خلاف ما هو متبع في بلادنا، حيث لا يدفع الرأسماليون للدولة أي ضرائب على دخولهم ويرفضون بشدة تشغيل العمالة الكويتية، ويتحايلون بمختلف الأساليب على تطبيق قانون دعم العمالة الوطنية.
هذا بالإضافة إلى التجاهل الحكومي لحقيقة أنّ الفساد المستشري في الدولة هو الثغرة الكبيرة لتبديد المال العام، وأصبحت الفضائح تزكم الأنوف ولعل آخرها ما يجري تداوله عن فضائح فساد تقدّر بالمليارات وليس بالملايين طالت حسابات الودائع المصرفية التابعة لصندوق احتياطي الأجيال القادمة وأخرى تُقدّر بعشرات الملايين تتصل بعمولات طلبتها بعض الأطراف لتمرير الغرامات التي تتحملها الدولة جراء إلغاء بعض الصفقات والعقود.
ومن هنا فإننا في التيار التقدمي الكويتي نحمّل السلطة وحلفها الطبقي المسيطر المسؤولية عن استمرار النهج الاقتصادي الاستحواذي غير التنموي وتنفيع قلة من كبار أصحاب النفوذ والمصالح، والمسؤولية عن إعفاء القطاع الخاص من القيام بمسؤولياته الاجتماعية من حيث تمويل الميزانية العامة للدولة بالضرائب وتوفير فرص العمل للعمالة الوطنية، ومسؤولية التغاضي عن قوى الفساد والتمادي في تبديد الأموال العامة للدولة، وغير ذلك من أسباب حقيقية للاختلالات الاقتصادية ولما تتعرض له موارد الدولة من هدر... كما نعلن معارضتنا لأي توجّه من شأنه تحميل الفئات الشعبية المزيد من الأعباء أو المساس بمستوى المعيشة العام وتجاهل ما تعانيه من مشكلات ومصاعب في الحياة.
الخميس 23 يناير 2014
عندما استعرض مجلس الوزراء الوضع المالي للدولة في اجتماعه الأسبوعي، حول مستقبل الكويت المالي المرعب، حيث حذر وزير التجارة من إن معدلات الإنفاق أعلى من معدلات نمو الناتج المحلي، فهو لم يكن بالخبر المفاجئ لنا، فقبل ذلك وصف تقرير الشال الاقتصادي: «بأن الاقتصاد الكويتي تابع ومتخلف وشبيه بجمهوريات الموز»، حيث يعتمد هذ الاقتصاد بشكل أساسي على النفط، ولم تسع الدولة بجدية إلى تنويع مصادر الدخل، فالنفط سلعة معرضة لانخفاض سعرها، ومعرضة بشكل حتمي للنضوب في السنوات المقبلة.كما كشف تقرير مركز دراسات الوحدة العربية الأخير، أن الكويت تراجعت في الترتيب العام لمؤشر التنمية البشرية من المركز 33 في العام 2010 إلى المركز 47 في العام 2011، كما أن هناك حرمانا نسبيا ناتج عن التفاوت الاقتصادي والاجتماعي، وباستخدام مقياس ما يسمى نصف الوسيط لكل فئة من الأسر كحد أدنى توضح أن 10.5 في المئة من الأسر الكويتية تقع تحت الحد الأدنى للدخل الملائم، فالنتائج توضح أن متوسط دخل الأسر التي تقع تحت الحد الأدنى للدخل يبلغ نحو 1055 دينارا في الشهر.ولنا أن نتساءل كم عدد الأسر التي يبلغ مدخولها الشهري أقل من ألف دينار؟ فهذا التفاوت في توزيع الدخل يوسع سنة بعد الأخرى من الهوة الطبقية، بينما يحتكر قلة من المتنفذين الفاسدين هذا الدخل بطرق عدة مثل المناقصات والعمولات والتنفيع، ناهيك عن الفساد والإفساد وسرقة المال العام، مع تدهور مستمر للبنية التحتية والخدمات، بعدما تخلت الدولة عن واجباتها في الدعم الاجتماعي للإنسان الكويتي وتسليم ثروات الشعب إلى القطاع الخاص التابع والطفيلي والضعيف تحت مسمى «التنمية» التي ما زالت حبراً على ورق.من المسؤول إذاً عن رسم هذا المستقبل الاقتصادي ومؤشراته المخيفة؟ ومن المسؤول عن الإنفاق غير المسؤول بل الهدر للمليارات التي هي من حق الشعب؟ ومن المسؤول عن الترشيد في الإنفاق وتنويع مصادر الدخل؟ هل هي الأسر التي تعيش تحد الأدنى للأجر الشهري؟ أم الطبقة التي تستحوذ على كل شيء وبمساعدة السلطة؟ سواء بالتغاضي عن فسادها أم بتنفيعها على حساب معيشة الشعب ومستقبل أبنائه.إن رائحة الرشاوى التي تبلغ الملايين والتي سميت بـ«الإيداعات المليونية» والتحويلات ما زالت تزكم الأنوف، هذه الجريمة التي شارك فيها ممثلون عن الشعب، فبدلاً من أن يدافعوا عن حقوق الشعب ساهموا في سرقته، ولن يجرؤ أحد على محاسبتهم، والشهية ما زالت مفتوحة لنهب ماتبقى من ثروات الشعب والوطن.فبالأمس القريب كشفت فضيحة ملف تجارة الإقامات في إدارة الهجرة، حيث تم منح إقامات «مضروبة» لعشرات الآلاف من الوافدين لقاء مبالغ مالية، وكان أبطال هذه الفضيحة عصابة من المتنفذين الفاسدين الكبار، فهل سيطبق القانون على هؤلاء؟ الجواب الأكيد هو لا، فلم يطبق القانون قبل ذلك على تجار الأغذية الفاسدة، ولا على كل من غرف من المال العام من دون وجه حق، ولا على كل من قبض عمولات من الصفقات الكبيرة، وها هي فضيحة «الداو» ما زالت ماثلة أمامنا، وستكشف الأيام أسراراً خافية علينا كشعب غافل يلهث وراء لقمة عيشه.فمنذ بدء بيع النفط بكميات تجارية وهناك فساد وواسطة ومحسوبية، لكن بعد التحرير تعامل الفاسدون مع الكويت على أنها بلد موقت آيل إلى الزوال، فتوقف البناء وتوقفت التنمية وتعطل الدستور والنظام الديموقراطي، ولعبت عصابات كبار المتنفذين الفاسدين الذين لا يملكون أدنى وطنية الدور الأكبر في النهب والسرقة وهدر المال العام بحيل وطرق شتى.فكل شيء قابل للبيع والمساومة والتنفيع، من التجنيس العشوائي إلى التوظيف في المناصب العليا لغير الكفاءات، فمن يشد الحزام ومن يرشد الإنفاق؟ إن الوضع في البلد لا يدعو للتفاؤل، فنحن كشعب نشعر أننا نعيش في وطن برسم البيع.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
___________________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 22/1/2014 العدد:12633
بقلم: د. بدر الديحاني
جميع البيانات والإحصاءات الرسمية تبين أن البطالة بشكل عام وبين الخريجين بشكل خاص في تزايد مستمر (25 ألف خريج سنوياً سيرتفع العدد في عام 2030 إلى 74 ألفاً سنوياً)، ومن الواضح أنه ليس باستطاعة سوق العمل في وضعه المزري الحالي استيعابهم.فالجهاز الحكومي المترهل الذي يعاني بطالة مقنعة لم يعد قادراً على استيعاب المزيد من الموظفين، أما القطاع الخاص، على الجانب الآخر، فحدّث ولا حرج، فعلى الرغم من الدعم الحكومي السخي (تدفع الحكومة 70% من رواتب موظفيه الكويتيين)، وعلى الرغم من التوظيف الوهمي (التزوير في المستندات الرسمية) من أجل الحصول على مناقصات وتسهيلات حكومية، وعلى الرغم أيضاً من أن ما سُمّى "خطة التنمية" كانت "تُبشّر" بتوفير 14 ألف فرصة وظيفية سنوياً في القطاع الخاص، فإن نسبة العمالة الوطنية فيه لا تتعدى 5% من مجموع العاملين، حيث يعتمد بشكل شبه كامل على العمالة الوافدة لأسباب كثيرة ليس هنا مجال بحثها.وبشكل عام، فإن نسبة العمالة الوطنية من إجمالي قوة العمل تعتبر متدنية (بحدود 20%)، وهو خلل هيكلي كبير يعانيه الاقتصاد الكويتي.حل مشكلة البطالة بشكل جذري لن يتحقق ما لم يتم إصلاح المنظومة السياسية والقضاء على الفساد المؤسسي وإصلاح الإدارة العامة، ومنها بالطبع جهاز "برنامج إعادة هيكلة القوى العاملة والجهاز التنفيذي للدولة"، الذي يحتاج هو ذاته إلى تقييم موضوعي وإعادة هيكلة جديّة قد يترتب عليها إلغاؤه نهائياً.ومع أخذ ما سبق بعين الاعتبار، فإنه يجب العمل أيضاً على إيجاد حلول جزئية وعملية حتى لو كانت مؤقتة من أجل التخفيف من آثار المشكلة من جانب، ولأن تراكم الحلول الجزئية يساعد مع الوقت على تحقيق الحل الجذري من جانب آخر.ومن ضمن الحلول الجزئية التي تخفف من الآثار الاقتصادية والاجتماعية والنفسية لمشكلة البطالة هو صرف الحكومة ما يسمى "بدل بطالة" لمن لم يجد وظيفة، وهو يختلف عن "تأمين البطالة" المطروح من الحكومة، والذي لا ينطبق إلا على العاملين الذين فقدوا وظائفهم بعد عملهم لمدة لا تقل عن ستة أشهر.أضف إلى ذلك أنه من المفترض أن تُفتح مراكز توظيف في المحافظات (ممكن تُمول من الجمعيات التعاونية) بحيث تتولى توفير معلومات حديثة حول الوظائف المتوافرة في القطاعين العام والخاص، وتقوم بترتيب دورات تدريبية قصيرة فضلاً عن تسهيل عملية التواصل مع الباحثين عن عمل.وفي السياق عينه، من الأهمية بمكان تحرك الشباب الخريجين أنفسهم من أجل الضغط على الحكومة لإيجاد حلول عملية وسريعة لمشكلة البطالة، حيث بإمكانهم تكوين "جماعة ضغط" لمتابعة كل ما يتعلق بهذه المشكلة.فهل يتحرك الشباب أم ينتظرون تحرك الحكومة، وهو تحرك بطيء للغاية وغير فاعل في أغلب الأحيان؟!
____________________________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 22/1/2014
بقلم: د. فواز فرحان*
في خضم النقاشات والحوارات وربما بعض المماحكات في مواقع التواصل الإجتماعي وما خالطها من تباين في الآراء والتحليل والتشخيص بخصوص الحالة المصرية وتداعيات ثورة ٣٠ يونيو على استفراد الإخوان بالحكم وما تبعها من دخول للعسكر على خطها قرأت بعض التعليقات من (مرضى الواقع) وممن تهيأ لهم أنهم مناضلون وثائرون تتلخص بأن اليساريين مرضى التاريخ وأن شعاراتهم يسارية بينما أفعالهم يمينية وأنهم حلفاء للأنظمة القمعية والدكتاتورية في الوطن العربي تاريخياً؛ وهنا يجب أن أضع النقاط على الحروف بالنسبة لهؤلاء فقط لأن النقاط موضوعة أصلاً ولا تخفى إلا على جاهل أو متجاهل.
لم ولا ولن يخفى على أي مطلع -ولو بشكل سطحي- على تاريخ الحركات اليسارية والتقدمية العربية بأنها جميعاً تعرضت بأشكال مختلفة وبدرجات متفاوتة للقمع والتنكيل من السلطات العربية المختلفة، وسأضطر لسرد تاريخي مقتضب يسلط الضوء على هذا التاريخ المشرّف ليكون منطلقاً لتفنيد ادعاءات (مرضى الواقع).
لقد تعرضت قيادات وكوادر الأحزاب اليسارية التقدمية في الوطن العربي للتصفية الجسدية إما بالاغتيال أو بالمحاكمات الصورية الهزلية؛ فالرفيق فهد (يوسف سلمان يوسف) مؤسس الحزب الشيوعي العراقي ورفيقاه حسين الشبيبي وزكي بسيم تم إعدامهم في بغداد على يد النظام الملكي. هذا غير مئات الشهداء الذين قدّمهم الحزب عبر العهود الدكتاتورية المتعاقبة حتى سمي بحزب الشهداء، وأشدها ما تعرض له الحزب الشيوعي العراقي من ضربات متعددة في ظل نظام صدام حسين...وهناك الرفيق فرج الله الحلو القائد في الحزب الشيوعي السوري اللبناني قبل انقسامه الذي تعرض للتعذيب والقتل والتذويب بالأسيد على يد نظام الوحدة السورية المصرية في دمشق...والرفيق عبدالخالق محجوب سكرتير الحزب الشيوعي السوداني تعرض لمحاكمة صورية هزلية انتهت بإعدامه على يد نظام جعفر النميري في الخرطوم كما واجه الرفيق الشفيع أحمد الشيخ رئيس اتحاد عمال السودان المصير ذاته....والرفيق شهدي عطية القائد في الحزب الشيوعي المصري (حدتو) الذي تعرض للاعتقال والتعذيب حتى الموت على يد النظام الناصري في سجن أبو زعبل....وتعرض تسعون شيوعياً ليبياً للاعتقال على يد نظام القذافي وتمت تصفيتهم جميعاً بحادثة هدم السجن الشهيرة....وتعرضت قيادات وكوادر جبهة التحرير الوطني البحرانية مثل الرفيقين سعيد العويناتي و د.هاشم العلوي للإعدام على يد السلطة البحرينية؛ كما تعرض الرفيق مجيد مرهون للسجن على مدى ٢٢عاماً حتى سمي بمانديلا البحرين....وتعرضت قيادات وكوادر الحزب الشيوعي في السعودية للاعتقال والتعذيب والمطاردة والنفي؛ واستشهد تحت التعذيب الرفيق خالد النزهة من مدينة حايل...وكان من نصيب بعض الرفاق في حزب اتحاد الشعب في الكويت من القيادات العمالية الاعتقال على إثر البيان الذي استنكر الإنقلاب الأول على الدستور في عام ١٩٧٦....وتعرضت كوادر الحركة الثورية الشعبية لتحرير عمان والخليج العربي للملاحقات والاعتقالات والقتل...أما الأحزاب اليسارية التقدمية في فلسطين فهي رائدة النضال والكفاح ضد العدو الصهيوني وتعرضت قياداتها مثل غسان كنفاني وأبو علي مصطفى للاغتيالات كما تعرض الكثير من كوادرها للاعتقال ومن أبرزهم الرفيق من الجبهة الشعبية وأمينها العام أحمد سعدات المعتقل حتى هذه الساعة، والأمثلة أكثر من أن تحصى في تاريخ نضال الأحزاب اليسارية التقدمية العربية ولن يغطي تفاصيلها مقال وحيد.
فبعد كل هذا النضال وهذا الحجم من التضحيات هل هناك من مبرر لوصف الأحزاب اليسارية التقدمية واليساريين والتقدميين بأنهم مرضى التاريخ بسبب وقوفهم ضد حكم الإخوان وانحيازهم للشعب المصري؟ فأنعم به وأكرم به من مرض إذن... وهل ما يزال هناك بعد هذا السرد التاريخي المقتضب والمختصر جداً أساس لوصف (مرضى الواقع) الأحزاب اليسارية التقدمية بأنها حليفة للأنظمة القمعية الدكتاتورية وأنها ذات أفعال يمينية تتناقض وخطابها اليساري؟ وهل يجوز وصف هذه الأحزاب التي تعرضت لكل هذا القمع من أنظمة عبدالإله ونوري السعيد وقاسم والنميري والقذافي وصدام وغيرها من أنظمة الخليج بأنها حليف لها، أو أن يصل الجنوح بالبعض إلى درجة وصفها باليمينية؟ ومنذ متى يتبجح أتباع الأحزاب الدينية والمحافظة التي تحالفت مع السلطات العربية عموماً والخليجية خصوصاً في مراحل متعددة بالنضال والثورة؟ وهم من ساند هذه السلطات في عرقلة الديمقراطية وقمع الحرية ومطاردة وملاحقة كوادر الأحزاب اليسارية التقدمية تارة وبثوا إشاعاتهم وتدليساتهم لتكفير هذه الأحزاب أمام المجتمع تارة أخرى.
في الحالة الكويتية أنا كيساري تقدمي أعتقد بأن مشكلتنا الرئيسية في الكويت تكمن في وجود دستور منقوص الديمقراطية تستخدمه سلطة لا تؤمن بالتطور الديمقراطي لخدمة مشروعها الخاص والمتمثل بتحويل الكويت إلى مشيخة مكتملة الأركان، وأعتقد بأن صراعنا الرئيسي يجب أن يصب في استكمال النظام الديمقراطي البرلماني للنهوض بوطننا وشعبنا، ولا أعتقد بأن مشكلتنا الرئيسية مع التيارات الدينية إلا إذا كانت جزءاً من أدوات السلطة لعرقلة التطور الديمقراطي ولضرب الحريات، فعلامَ هذا الهجوم على اليسار العربي عموماً والكويتي خصوصاً بسبب اختلاف في المواقف من حالات عربية وعالمية لها ظروفها الخاصة ولليسار تحليله الخاص لأحداثها؟ خصوصاً وأن أطراف هذا الهجوم ليسوا نموذجاً في المنطلق الديمقراطي ولا في احترام الحريات وأيضاً ليسوا نموذجاً للدفاع عن العدالة الاجتماعية، كان هذا المقال رداً على من يريد تفريغ عقدته (الواقعية) في مواقف تشويه اليسار ومَنْ يريد استغلال هذا التفريغ للتجاوب مع مغازلة السلطة له إن لم يكن هناك ارتباط بينهما أصلاً.
--------------------------------------
*عضو التيار التقدمي الكويتي.
بقلم: فواز البحر*كلنا نتذكر على المستوى المحلي كيف كانت سنة 2011 والاحتقان السياسي كانت كلمة ' ارحل ' شعار وطن العرب، وفي سنة 2012 حصلت النكبة وانحرافات الثوره 2011 .. وكانت في محاولات إعاده روح 2011، والمصيبة أتت 2013 في هاوية الإحباط ... ولكن؟
هل نقف هنا؟ وننسى مطالباتنا ؟؟هل نقول نحن لا نستحق الحرية والتقدم والكرامة ؟؟أنا شخصياً مؤمن بأننا سوف نحقق مانريده حتى ولو بعد حين.. ، نحن بحاجة إلى شيء جديد إلى مفاهيم جديدة.في أوروبا وفي القرن السابع عشر تجمع الفلاسفة والعلماء وقالو نريد حرية وكرامة ومساواة أرادوا تعريف جديد لمفهوم الحياة أرادوا سلطة القانون وسلطة الشعب ولا سلطة (الفرد) وكانت البذرة في فرنسا .قرر مجموعة من العلماء والفلاسفة وقيل بأنه عددهم خمس الآف بعمل موسوعة أسموها (الانسيكلوبيديا) هذه الموسوعة لم تخرج بسهولة فكان التيار اليميني الموالي للملكيات الحاكمة يقف أامام إصدارها وبشدة .وظلت هذه الموسوعة المكونة من 17 جزء مكتوب و11 جزء مرسوم تتناقل بشكل سري وحذر بالبداية وبشكل علني فيما استغرق وقت انتشارها مدة عشر سنوات، شرحوا فيها كل شيء : الحياة ، الطبيعة ، الإنسانية، والموت، الكرامة، العدل، القانون، حكم الشعب.. الخ.وضعوا مفهوماً جديدًا لتعاريف جديدة للعقل الغربي حول الحياة بداخل الدولة، وواجبات الأفراد وحقوقهم.. كانت تطرح هذه الافكار وكأنها ثورة بحد ذاتها .. ولكن كما نشاهد الآن أوروبا تعيش وفق ماذكر في هذه الموسوعة .نحن بحاجة إلى إعادة تعريف مانريد .. نحن بحاجة الى إعادة قراءة عقولنا ومطالبنا نحن لا نريد شيء يخرج بحماس ويثار بحماس وحين تنتهي هذه النشوة نقول (وصلت الرسالة) نحن نريد مفهوم يجعلنا نرتقي في مستقبلنا .. نحن بحاجة الى اكاديمين ومثقفين ومختصين يرسمون خارطة الطريق لمستقبلنا ...وأما السياسيّين فعليهم التطبيق فقط ..وقد نعتبر ذلك من قصص الماضي ونجعلها 'علامة' لنا نتعلم منها ولكن من الخطأ ان نطالب بعودتها بحذافيرها فكل مرحلة لها ظروف ومعطيات.ولا يمكن ان تكون مطالبنا أيضاً مرحلية وقتية ويجب علينا 'سبك' كل الاعتبارات ومعرفة سيناريوهات الانحراف عنها من غير المعقول ان يأتي شخص ويقول نحن اصحاب تاريخ.. حسناً أين أنت من الحاضر؟وأيضا من غير المعقول ان ننسف تناقضات الماضي بحجة الحاضر...، تكلَّم الفلاسفة الماركسيين عن النفي الإيجابي والتاريخيوهو عدم نسف الماضي بل بناء الحاضر من الماضي، وفق التناقضات التطورية.حقيقة .. نحن بحاجة إلى تعريف المفاهيم وتوحيد المطالب الاجمتاعية والاقتصادية والسياسية.
_______________________________
*عضو التيار التقدمي الكويتي
منقول عن صحيفة الآن الألكترونية تاريخ 15/1/2014
بقلم: د. بدر الديحاني
بعيداً من المماحكات السياسية، فإنه من الصعب أن تجد عاقلاً لا يعرف أننا نعيش منذ سنوات في دوامة أزمة سياسية خانقة وأن شعبية الحكم، التي تحدثت عنها المذكرة التفسيرية للدستورية، تتآكل تدريجياً، وأن نظامنا الديمقراطي تعرّض، ويتعرض، لهجمة شرسة وممنهجة تهدف إلى تشويهه وتخريبه من الداخل، ولولا وقوف الشعب بصلابة في وجهها لقضت على نظامنا الدستوري بالكامل.لذلك لا بد من الاعتراف بأن المعادلة السياسية الحالية لم تفشل في تطوير نظامنا الديمقراطي فحسب بل جعلته يتخلف، وهو الأمر الذي لا يمكن تجاوزه من دون البدء بإصلاح سياسي وديمقراطي جذري، فالأوهام النفسية وحالة الإنكار لا تعنيان عدم وجود الأزمة أو المشكلة ناهيكم عن حلها.حالة التشويه التي تعرض لها ولا يزال نظامنا الديمقراطي الذي وضع أسسه الدستور هي التي على ما يبدو جعلت البعض يدّعي أن تبني النظام البرلماني الكامل كحل للأزمة السياسية، وتطوير لنظام الحكم الديمقراطي، سيُخُرج لنا مجاميع قبلية وطائفية هي التي ستدير الحكومة، وكأن وضعنا السياسي الحالي وضع مثالي يُخرج لنا ساسة محترفين يديرون الدولة وليس مجاميع فئوية وطائفية وعنصرية بجانب مجموعة قليلة تحتكر السلطة والثروة في آن.فالمشكلة ليست في طبيعة المكونات الاجتماعية للمجتمع ونوعيتها بل في طبيعة الأنظمة السياسية من حيث الفئات الاجتماعية التي تمثلها والمصالح التي تعبّر عنها، ناهيكم عن مدى احترامها للدستور وتطويرها لآليات تنظيم العمل السياسي والعام، ونوعية القوانين التي تحكم الحياة العامة وتسهّل عملية تطويرها.مجتمعات الدول الديمقراطية المتقدمة تتكون من أصول وطوائف ومذاهب وأديان ولغات ولهجات وأقليات إثنية وعرقية مختلفة وثقافات متعددة ومتنوعة، ولكن الأنظمة السياسية المتطورة هناك تقوم بوضع دساتير متطورة وتسن قوانين وتشريعات وترسم سياسات عامة ناجحة تؤدي إلى دمج المكونات الاجتماعية في مكون وطني واحد، بحيث يكون التنافس الانتخابي حول برامج وخطط مستقبلية لا علاقة لها بالأصول والأعراق والطوائف والأديان التي تلتزم الدولة باحترامها، فلا تسمح لأي معتوه أو سفيه بالتعدي عليها أو الاستهزاء بها.لو لم تتطور الدول المتقدمة اقتصادياً ولو لم تبن دساتير وأنظمة وآليات سياسية متطورة لبقيت متخلفة حتى الآن، فالواقع المادي هو الذي يخلق الوعى وليس العكس، فكما قال المفكّر الراحل د. فؤاد زكريا في إحدى المقابلات الصحافية:"العقول لا تتغّير من فراغ، فلا معنى لدعوة تغيير طرق التفكير عند الناس أولاً، ثم بعد ذلك تتغيّر الظروف والأوضاع لأن الدعوة بهذا الشكل دعوة معكوسة، فالعقول لا يعاد تشكيلها بقرار فوقي أو خطة طويلة المدى، العقول لا تبدأ التغير إلا بعد تغير الأوضاع من حولها". انتهى الاقتباس.لهذا فإن من ينافق السُلطة ويُزيّن لها الوضع الحالي فيُظهره على غير حقيقته هو الذي يضرها، فمن النفاق ما قتل.الوضع الحالي لا يمكن له أن يستمر نظراً لوجود تناقض بينه وبين متطلبات التطور وروح العصر... ومن الأفضل، في ظل الظروف السياسية الحالية المحلية والإقليمية والدولية المتغيرة، المبادرة بالإصلاح السياسي ضمن دستورنا الحالي الذي يوفر الأساس ونقطة الانطلاق لتطوير نظامنا الديمقراطي.
______________________________________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 20/1/2014
ﺧﻠﺺ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺭﻓﺎﻫﻴﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺗﺘﺄﺛﺮ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ ﺑﻤﺪى ﺛﺮﺍﺋﻬﻢ ﺃﻭ ﻓﻘﺮﻫﻢ ﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﺑﺎﻵﺧﺮﻳﻦ، ﻭﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﺪﺍﺭﻙ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻋﻤﺪ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﺍﻹﻧﻤﺎﺋﻲ ﻓﻲ ﺁﺧﺮ ﺗﻘﺎﺭﻳﺮﻩ ﺍﻟﺴﻨﻮﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﺗﺼﺤﻴﺢ ﻣﺆﺷﺮﻩ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺪﻣﺞ ﻣﺪى ﻋﺪﺍﻟﺔ ﺗﻮﺯﻳﻊ ﺍﻟﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺿﻤﻦ ﺳﻠﻢ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ، ﻭﻗﺪ ﺃﺳﻔﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﺤﻴﺢ ﻋﻦ ﺗﺮﺍﺟﻊ ﻣﺆﺷﺮ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٢٧ ﺑﺎﻟﻤﺌﺔ ﻧﻈﺮﺍً ﺇﻟﻰ ﺳﻮﺀ ﺗﻮﺯﻳﻊ ﺍﻟﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﺑﺎﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ، ﻭﺗﺮﺍﺟﻌﺖ ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺮﺗﻴﺐ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻤﺆﺷﺮ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰ 33 ﻓﻲ ﻋﺎﻡ ٢٠١٠ إلى ﺍﻟﻤﺮﻛﺰ ٤٧ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ ٢٠١١. ﻭﺍﻟﺤﺮﻣﺎﻥ ﺍﻟﻨﺴﺒﻲ ﺍﻟﻨﺎﺗﺞ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، ﻳﺸﻜﻞ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﻋﺎﻣﻼً ﻫﺎﻣﺎً ﻣﻦ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﻋﺪﻡ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻨﺎﻣﻴﺔ، ﺣﻴﺚ ﻳﺆﺩﻱ ﺍﻻﺧﺘﻼﻝ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺗﻮﺯﻳﻊ ﺍﻟﺪﺧﻞ ﻋﺎﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﺣﺘﺠﺎﺟﺎﺕ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﻋﺼﻴﺎﻥ ﻣﺪﻧﻲ، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ، ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻷﻣﻨﻲ، ﻣﻤﺎ ﻳﺆﺛﺮ ﺳﻠﺒﺎً ﻓﻲ ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﻭﺍﻟﻨﻤﻮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ. ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻧﺠﺪ ﺗﻔﺎﻭﺗﺎً ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎً ـ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎً ﺣﺎﺩﺍً، ﻭﻫﻮ ﻻ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ ﺍﻻﺧﺘﻼﻝ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﻓﻲ ﺗﻮﺯﻳﻊ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﻟﻜﻦ ﺃﻳﻀﺎً ﻓﻲ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﺤﺎﺩ ﻓﻲ ﻇﺮﻭﻑ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺃﺳﺎﻟﻴﺒﻬﺎ. ﻭﻻ ﺷﻚ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺳﻮﺀ ﺗﻮﺯﻳﻊ ﺍﻟﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻗﺪ ﻟﻌﺐ ﺩﻭﺭﺍً ﺃﺳﺎﺳﺎً ﻓﻲ ﻋﺪﻡ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﻨﻤﻮ، ﻭﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﻣﻮﺟﺎﺕ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ ﻭﺇﺷﻌﺎﻝ ﻓﺘﻴﻞ ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.
ﻛﻤﺎ ﺗﺆﻛﺪ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺃﻥ ﻋﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟﺘﻮﺯﻳﻊ ﻟﻤﻜﺎﺳﺐ ﺍﻟﻨﻤﻮ ﻋﺎﻣﻞ ﺃﺳﺎﺱ ﻓﻲ ﺩﻋﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﻭﺩﻋﻢ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ. ﻭﺛﻤﺔ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﻋﺪﺓ ﺗﺒﺮﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﺘﻨﺎﺳﺒﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﻤﻮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺮ ﻭﻋﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟﺘﻮﺯﻳﻊ ﻣﻨﻬﺎ:
ـ ﺃﻥ ﺃﺣﺪﺙ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮﺍﺕ ﺗﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺗﺤﺴﻦ ﺗﻮﺯﻳﻊ ﺍﻟﺪﺧﻞ ﺑﻨﺴﺒﺔ ١٠ ﺑﺎﻟﻤﺌﺔ ﻳﻄﻴﻞ ﻓﺘﺮﺓ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﻨﻤﻮ ﺑﻨﺴﺒﺔ ٥٠ ﺑﺎﻟﻤﺌﺔ. ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻣﺴﺎﻫﻤﺔ ﻋﺪﺍﻟﺔ ﺗﻮﺯﻳﻊ ﺍﻟﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺩﻋﻢ ﻧﻤﻮ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻣﺮﺗﻔﻊ ﻭﻣﺴﺘﺪﺍﻡ ﺃﻫﻢ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻣﻦ ﻣﺴﺎﻫﻤﺔ ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﺍﻷﺟﻨﺒﻲ ﺃﻭ ﺍﻻﻧﻔﺘﺎﺡ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻱ، ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺎﺩﺓ ﻣﺎ ﺗﺮﻛﺰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ.
ـ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﺍﻟﻐﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟــﺪﻭﻝ ﺍﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﺗﻤﻴﻞ ﺇﻟــﻰ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻙ ﺍﻟﻤﻔﺮﻁ ﻟﻠﺴﻠﻊ ﻭﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﺒﺎﻫﻈﺔ ﺍﻟﺜﻤﻦ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻮﺭﺩﺓ ﻓﻲ ﻏﺎﻟﺐ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ.
ﻓﻲ ﺿﻮﺀ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻳﺘﻀﺢ ﺃﻥ ﻭﺿﻊ ﺳﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺗﻮﻓﺮ ﺍﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺗﻀﻤﻦ ﻭﻟﻮﺝ ﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﻮﺯﺓ ﺇﻟــﻰ ﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺔ، ﻧﺎﻫﻴﻚ ﺑﻤﺎ ﺗﻨﻄﻮﻱ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺔ ﺃﺧﻼﻗﻴﺔ ﻭﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، ﻳﺴﺎﻫﻢ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻓﻲ ﺩﻋﻢ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻨﻤﻮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻷﻣﻨﻲ.
ﻭﻓﻰ ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ ﺗﺒﺪﻭ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺕ ﻓﻲ ﺗﻮﺯﻳﻊ ﺍﻟﺪﺧﻞ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﻛﻤﺎ ﺗﺸﻴﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ:
ـ ﺗﻮﺯﻳﻊ ﺍﻟﺪﺧﻞ ﺑﻴﻦ ﻛﻞ ﺍﻷﺳﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ ﻳﺘﺴﻢ ﺑﺪﺭﺟﺔ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﻣﻦ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﺑﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﺫﻟﻚ ﺣﺴﺐ ﻣﻌﺎﻣﻞ ﺟﻴﻨﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻠﻐﺖ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﻧﺤﻮ ٤٤٫٥ ﺑﺎﻟﻤﺌﺔ. ﻭﺗﻮﺿﺢ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺃﻥ ﺃﻓﻘﺮ ﻋﺸﻴﺮ ﻣﻦ ﺇﺟﻤﺎﻟﻲ ﺍﻷﺳﺮ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ٢ ﺑﺎﻟﻤﺌﺔ ﻣﻦ ﺇﺟﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﻭﺃﻥ ﺛﺎﻧﻲ ﺃﻓﻘﺮ ﻋﺸﻴﺮ ﻣﻦ ﺇﺟﻤﺎﻟﻲ ﺍﻷﺳﺮ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ٢٫٨ ﺑﺎﻟﻤﺌﺔ ﻣﻦ ﺇﺟﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﺪﺧﻞ، ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ، ﻳﺤﺼﻞ ﺃﻏﻨﻰ ﻋﺸﻴﺮ ﻣﻦ ﺇﺟﻤﺎﻟﻲ ﺍﻷﺳﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ٣١ ﺑﺎﻟﻤﺌﺔ ﻣﻦ ﺇﺟﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﺪﺧﻞ، ﻭﺛﺎﻧﻲ ﺃﻏﻨﻰ ﻋﺸﻴﺮ ﻣﻦ ﺇﺟﻤﺎﻟﻲ ﺍﻷﺳﺮ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ١٩ ﺑﺎﻟﻤﺌﺔ ﻣﻦ ﺇﺟﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﺪﺧﻞ.
ـ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﻣﺆﺷﺮ ﻧﺼﻒ ﻭﺳﻴﻂ ﺍﻟﺪﺧﻞ ﻟﻜﻞ ﻓﺌﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺮ ﻛﺤﺪ ﺃﺩﻧﻰ ﻟﻠﺪﺧﻞ ﺗﻮﺿﺢ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﻤﺮﺻﻮﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺪﻭﻝ ﺃﻥ ﻧﺤﻮ ١٠٫٥ ﺑﺎﻟﻤﺌﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺮ ﺍﻟﻜﻮﻳﺘﻴﺔ ﻭ١١ ﺑﺎﻟﻤﺌﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺮ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻜﻮﻳﺘﻴﺔ ﺗﻘﻊ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺨﻂ ﺍﻷﺩﻧﻰ ﻟﻠﺪﺧﻞ ﺍﻟﻤﻼﺋﻢ ﻟﻜﻞ ﻓﺌﺔ ﻭﺃﻥ ﻣﺆﺷﺮ ﺍﻟﻔﺠﻮﺓ ﺍﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ﻟﻠﺪﺧﻞ ﺗﺒﻠﻎ ﻧﺤﻮ ١٫٩ ﻭ٢٫١ ﺑﺎﻟﻤﺌﺔ ﻟﻸﺳﺮ ﺍﻟﻜﻮﻳﺘﻴﺔ ﻭﻏﻴﺮ ﺍﻟﻜﻮﻳﺘﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﺍﻟﻲ. ﻭﺗﻌﻨﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺃﻥ ﻣﺘﻮﺳﻂ ﺩﺧﻞ ﺍﻷﺳﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺨﻂ ﺍﻷﺩﻧﻰ ﻟﻠﺪﺧﻞ ﻳﺒﻠﻎ ﻧﺤﻮ ١٠٥٥ ﺩﻳﻨﺎﺭﺍً ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﻟﻸﺳﺮ ﺍﻟﻜﻮﻳﺘﻴﺔ، ﻭﻧﺤﻮ ٣٠٥ ﺩﻧﺎﻧﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﻟﻐﻴﺮ ﺍﻟﻜﻮﻳﺘﻴﺔ.
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺽ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﺮى ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ـ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻳﻘﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺮﻣﺎﻥ ﺍﻟﻨﺴﺒﻲ، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺆﺩﻱ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﺇﻟﻰ ﺷﻌﻮﺭ ﺑﺎﻹﺣﺒﺎﻁ ﻭﺍﻻﺿﻄﻬﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮى ﺍﻟﻔﺮﺩﻱ ﻭﺍﻟﻐﻀﺐ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺴﺨﻂ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮى ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺪﻓﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﺿﺪ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﻭﻗﻴﺎﺩﺍﺗﻪ.
______________________________________
منقول عن مركز دراسات الوحده العربية - بحوث اقتصادية عربية (صيف - خريف 2013) العددين 63 و64
دراسة تحت عنوان "ﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﻇﺎﻫﺮﺓ ﻋﺪﻡ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻳﺖ" صفحة 128-129
بقلم: محمد الشحري* يخطئ من يظن أن الدول الغربية تطبق كل القيم الإنسانية التي تدعيها، أو تحاول تصديرها إلى العالم، فعلى سبيل الذكر تسجن باريس، عاصمة النور والحرية، مواطنا لبنانيا منذ ثلاثين سنة، رغم انقضاء مدة محكوميته، إذ لايزال المناضل جورج إبراهيم عبدالله قابعا في سجون فرنسا، موطن فيكتور هوغو وفولتير وجان جاك روسو ورولان بارت.. فرنسا التي حملت التنوير إلى أوروبا، ثم إلى العالم، تسجن مواطنا حاول مقاومة الاحتلال لبلده في جنوب لبنان.تُعد قضية السجين جورج إبراهيم عبدالله، واحدة من القضايا السياسية التي يكتنفها الغموض ويحيطها الابتزاز، منذ أن ألقت السلطات الفرنسية القبض عليه في مدينة ليون في 1984-10-24 بمساعدة من الموساد الذي يتهم الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية التي أسسها جورج عبدالله باغتيال الدبلوماسي الإسرائيلي ياكوفبار سيمونتوف، والدبلوماسي الأميركي تشارلز روبرت في باريس سنة 1982، وتعد بعض المنظمات الثورية العربية الدبلوماسي الإسرائيلي ياكوفبار مسؤولا عن الموساد في باريس، والذي ينفذ عمليات اغتيال للنشطاء الفلسطينيين والعرب في أوروبا، وكان الادعاء الفرنسي قد اعتقل جورج عبدالله تحت مبرر عدم حمله لأوراق ثبوتية، مع أنه كان يحمل جوازا صادرا من الجمهورية الجزائرية، وطالبت الجزائر بإطلاق سراحه، ثم حُكم عليه في 1986 بالسجن أربع سنوات، على أساس حيازته أسلحة ومتفجرات بطريقة غير مشروعة، وهو وقتها في السجن، ثم تعهدت فرنسا بالإفراج عنه في حال إطلاق سراح جيلسيد نيبيرول مديرالمركز الثقافي الفرنسي بمدينة طرابلس اللبنانية المختطف في لبنان، ثم تراجعت باريس عن قرار الإفراج لاحقا.ما يثير التساؤلات الآن، هي التناقضات في السياسة الفرنسية التي تطالب بالتدخل الدولي لحماية المدنيين في سوريا، وتتدخل عسكريا في أفريقيا لحماية الديمقراطية، لكنها تسجن مواطنا لبنانيا منذ ثلاثين سنة، وعلى الرغم من أن القضاء الفرنسي برأه، فإن اللوبي الصهيوني في فرنسا حال دون الإفراج عنه.شهد العام الماضي بعض الانفراج في قضية جورج عبدالله، حيث وافق القضاء الفرنسي على العفو عنه وترحيله إلى لبنان، لكن وزارة الداخلية الفرنسية رفضت التوقيع على أمر الترحيل، وهو ما أحدث ضجة وحملات احتجاج واسعة أمام السفارات الفرنسية في بعض الدول العربية، وقد أرجع المتابعون امتناع الداخلية الفرنسية عن التوقيع على الحكم القضائي، إلى الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على باريس لإبقاء جورج عبدالله رهن الاعتقال، وهذا ما يدعو إلى الدهشة، حيت تتضح الهيمنة الأميركية على الدول الأوروبية، حتى وإن كانت من صنف الدول القوية كفرنسا وغيرها، التي تجد نفسها تابعة للقرار الأميركي.إن قضية المواطن العربي جورج إبراهيم عبدالله، ستظل واحدة من القضايا التي يندى لها جبين الإنسانية، ومنظمات حقوق الإنسان، التي وقفت عاجزة عن الضغط على باريس للإفراج عن السجين السياسي، الذي يحاكم في قضية واهية. ____________________________________*كاتب عُماني و ناشط في مجال حقوق الإنسان.منقول عن جريدة الطليعة تاريخ 15/1/2014
بقلم: حسن العيسى
تاريخياً وعبر معظم مجالس الأمة تعتبر لجنة الداخلية والدفاع تحت إبط السلطة، وطوع أمرها، وتستحق أن يطلق عليها بجدارة وصف ملك أكثر من الملوك، وحرصت السلطة الحاكمة - والتي دائماً تملك وضع الأكثرية في مختلف مجالس الأمة بسبب نصوص الدستور وواقع احتكار الأسرة الحاكمة الفعلي لاقتصاد وسياسة الدولة، ولم يستثن من القاعدة السابقة قليل غير مجلس فبراير 2012 المنحل - منذ زمن على أن يكون تشكيل لجان الداخلية والدفاع حسب رغبات الأسرة الحاكمة ووفق مواصفاتها الخاصة، فقضايا الداخلية والدفاع هي من صميم أعمال سيادة الأسرة وهيمنتها، ويستحيل أن يترك تشكيل مثل هذه اللجنة لاحتمالات فوز أحد من المستقلين أو المعارضين.قبل أيام، بإجماع ومباركة الحضور في لجنة الداخلية والدفاع أقرت هذه اللجنة اقتراح النائب محمد الحويلة "بشأن توسعة مكاتب أمن الدولة ومكاتب مكافحة المخدرات بفتح أقسام ومكاتب في جميع منافذ البلاد، وزيادة العاملين والمكافآت التشجيعية لهم..." (جريدة الجريدة عدد الأمس)!لم يكن ينقص مثل هذا الاقتراح السلطوي المرعب الذي أقرته اللجنة غير الدعوة إلى فتح أقسام "كانتينات" لجهاز أمن الدولة في الجمعيات التعاونية، حتى تكتمل الصورة المخيفة ويعم الخير. توسعة جهاز أمن الدولة وزيادة المكافآت التشجيعية لأشخاصه لا يعني غير زيادة احتمالات القمع لحريات البشر وزيادة جرعات الملاحقة لأصحاب الرأي، علاوة على أن مثل هذا الاقتراح لا يخرج في حقيقته عن ممارسة أخرى لشراء الولاءات السياسية، عبر زيادة أعداد العاملين بهذا الجهاز وزيادة امتيازاتهم المادية.أجهزة أمن الدولة في الكويت وغيرها من دول ثبات السلطة الواحدة ارتبطت في نشأتها بأمن السلطة الحاكمة وهيمنتها المطلقة على شؤون الدولة، حين يصبح أمن السلطة بمعنى ثبات احتكارها المطلق لأمور البشر هو أمن الدولة، فيتم بهذا توحيد وجود الدولة بوجود واستمرارية السلطة، وأصبح أي فكر معارض لتلك الهيمنة، وأكرر كلمة "فكر" أو ممارسته بالتعبير عن الرأي، هو إخلال بأمن الدولة، ويصير في الغالب رجال أمن الدولة أو "البصاصين"، في تعبير جمال الغيطاني في رواية "الزيني بركات"، هم عيون السلطة لمراقبة الرعية وملاحقة المعارضين، وهم أخطر أداة لقهر الشعوب من جملة عدة أدوات مثل التشريعات السائدة وتبعية السلطات الأخرى للسلطة التنفيذية الثابتة.جهاز أمن الدولة يشغل الآن مبنى يعد من أكبر المباني في الدولة، وهو مبنى كان مخصصاً لإدارة البريد التي رفضته لضخامة حجمه، في منطقة جنوب السرة، ولنا أن نتخيل كيف أن مبنى بهذا الحجم الضخم بوسط منطقة سكنية لم يعد كافياً حتى يأتي اقتراح الحويلة ولجنة الداخلية والدفاع نحو المزيد من "مقاصف" توزيع الرعب في البلاد كما يريد نواب الحكم!
_________________________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 19\1\2014
بقلم: د. بدر الديحاني
الدول المتقدمة يديرها أفضل من يختارهم الشعب من المحترفين السياسيين الذين يمارسون سلطاتهم كفريق متجانس من أجل رسم الخطط التنموية الطويلة المدى وتنفيذها وذلك من خلال مؤسسات الدولة، حيث إن دور الوزراء وكبار المسؤولين هو دور قيادي وتوجيهي للعمل المؤسسي، لذا فإن ذهابهم أو تغييرهم لا يؤثر كثيراً في مضمون تنفيذ الخطط والسياسات والبرامج العامة التي يرسمها ويعتمدها الجهاز الحكومي عند بداية تشكليه.أما لدينا فلا وجود لبرنامج أو خطة عمل تتشكل بناء عليها الحكومة، علاوة على أن هناك غياباً شبه كامل للعمل المؤسسي والسياسات العامة الواضحة والمحددة في مجمل العمل الحكومي، وطغياناً للاجتهادات الفردية للوزراء وكبار المسؤولين التي سرعان ما تتغير بالكامل بمجرد تغيّر شخص الوزير أو المسؤول، والأمثلة على ذلك كثيرة كان آخرها موضوع ما يسمى "خطة التنمية" التي نسمع عنها منذ عام 2010 لكننا لا نراها على أرض الواقع؛ لأنها يبدو "لم تكن ترتكز على قواعد صحيحة" كما قال وزير المالية السابق!لقد أشارت الصحف إلى أن وزيرة التخطيط والتنمية الجديدة ستتقدم بمقترح "تطلب فيه تأجيل تسليم الخطة الخمسية 2014-2018 التي من المفترض أن تسلم في أواخر الشهر الجاري، نظراً لضيق الوقت على ألا تتجاوز فترة التأجيل 6 أشهر بعد الاطلاع الكامل على كل التصورات المنطقية، لافتة إلى أن التأجيل يهدف إلى إجراء دراسة شاملة تكون أكثر دقة وشمولية بشرط أن يكون تأجيلاً منطقياً ومدروساً له إيجابياته من أجل تطبيق خطة قابلة للتطوير، وتكون مستقبلية وطموحة تهدف للمصلحة العامة من أجل النهوض بالبلد من جديد وفق المعطيات المتوافرة". ("الأنباء"- 13 يناير 2013).لعلنا نلاحظ أن الحديث هنا عن خطة الدولة وليس عن خطة سير العمل بالوزارة، ففي أواخر أكتوبر الماضي قدمت الحكومة برنامج عملها الذي يفترض، كما ادعت آنذاك، أنه جاء بعد دراسات شاملة ومستفيضة، وأنها ستقوم قريباً بإرسال الخطة الإنمائية المتوسطة الأجل للسنوات (2014/ 2015- 2018/ 2019) التي تم إعدادها... "بالاتساق والتكامل مع ما تضمنه برنامج عمل الحكومة من توجهات وأولويات وقضايا"، فهل تغيّر ذلك بعد التغيير الوزاري ما جعل الوزيرة الجديدة تطلب فترة للتأجيل "... من أجل الاطلاع الكامل على كل التصورات المنطقية بهدف إجراء دراسة شاملة تكون أكثر دقة وشمولية"؟!هل الخطة التي ورد ذكرها في برنامج عمل الحكومة ويفترض تقديمها خلال أسبوعين من الآن- أي أنها فعلياً تعدت مرحلة الإعداد- لا تقوم على "تصورات منطقية ودراسات دقيقة وشاملة"؟!من الواضح أن الانضمام إلى فريق الحكومة لا علاقة له ببرنامج عملها، فضلاً عن أن العمل الحكومي يعتمد على الاجتهادات الفردية للوزراء وكبار المسؤولين، فهناك، مع الأسف، غياب شبه كامل للعمل المؤسسي والسياسات العامة الرشيدة؛ لهذا لا تزال التنمية الحقيقية غائبة رغم الإمكانات المادية والبشرية الضخمة.
_______________________________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 15/1/2014
إن الغش التجاري منسجم مع القوانين الاقتصادية للرأسمالية، التي جوهرها الربح وتعاظمه من خلال تخفيض تكلفة الإنتاج والأجور لزيادة الأرباح والتراكم الرأسمالي، إذ لا يوجد ربح إذا كانت التكاليف تساوي قيمة المنتج أو البضاعة، هكذا ببساطة سواء في الإنتاج البضاعي البسيط في الماضي أم في الإنتاج المعولم.وأتذكر أنني كتبت عن إحدى شركات إنتاج الدواء الكبرى، عندما تعرضت إلى ضغط تخفيض أسعار الدواء فقامت بتقليل مفعول الدواء، ما يعني بيع كمية أكبر حتى يأتي بمفعوله على صحة الإنسان في سبيل الحفاظ على الربح، كما أن هناك دراسات علمية حول تقليل كفاءة السيارات من خلال صنع سيارة قابلة للعطب بسرعة حتى يشتري صاحبها قطع غيار أو سيارة جديدة باستمرار، وهناك دراسات جدّية حول صناعة مصباح كهربائي «لمبة» سريع الاحتراق كي يظل المستهلك يشتري ويستبدل، والأمثلة والشواهد كثيرة في حياتنا.إذاً الغش في الرأسمالية لا يخرج عن قوانينها الاقتصادية، وهذا ينطبق على كل أنواع المنتوجات والخدمات التي تقدمها الشركات الرأسمالية سواء التي تنتج الغذاء أو الأجهزة أو مواد البناء أو حتى آلات حفر الآبار أو الخدمات التعليمية والصحية.وأخيراً في الكويت اشتكى معظم الناس من تطاير الحصى من اسفلت الشوارع اثر تفككها بعد سقوط أمطار لا يمكن اعتبارها غزيرة، مما سبب أضراراً مادية لسيارات مستخدمي الطرق، ولكن وعي الناس البعيد عن التحليل الطبقي وضع اللوم على وزارة الأشغال ووزيرها، كما وضعت اللوم من قبل على وزير الإسكان الذين ظنوه السبب في الأزمة الإسكانية، وقلت في مقال سابق أن السبب هو احتكار البرجوازية العقارية للأراضي والمضاربة بها وهي أكبر وأقوى من الوزير.وقد شهد المجتمع الكويتي حالات من الغش في الأغذية من خلال بيع أغذية فاسدة منتهية الصلاحية، وشهد الأهالي الغش في التعليم الخاص وخاصة في بعض الجامعات، مثل توظيف معلمين غير أكفاء من شعوب فقيرة تقبل بالأجر الأقل لزيادة أرباحها من تقديم الخدمات التعليمية المتدنية، فليس مهماً تقديم خدمات تعليمية جيدة بل المهم هو الأرباح من وراء تقديم هذه الخدمات.كما أن بعض شركات مقاولات بناء المدن السكنية الحديثة، بنت منازل ومؤسسات أصابها الخرير من أقل مطر يسقط على البلاد، ناهيك عن البعض الآخر الذي يغش في المواد من أجل تكاليف أقل وربح أكبر.لقد عشنا في الكويت عقوداً طويلة ولم نشهد تفكك الطرق بهذه السهولة بعد سقوط الأمطار، هذا يعني أن الطرق لم تعبد بمواد تصمد أمام أقل الأمطار، وبغض النظر عن كمية الكبريت التي حُمّلت المسؤولية إلا أن الأمر بالتأكيد لا تتحمله وزارة الأشغال رغم المسؤولية السياسية للوزير، إلا أن السبب هو الغش الرأسمالي لبعض شركات مقاولات الطرق، والمفارقة أن الكويت دولة منتجة للنفط.بعد التحرير رأينا أن تأثير قذائف الجيش العراقي على المباني قليل، وذلك راجع لصلابتها إلا تلك التي جرى تدميرها وحرقها بشكل متعمد، كما لاحظنا أن تأثير جنازير الدبابات لا يذكر على الإسفلت، لقد صمد اسفلت شوارع الكويت عبر سنين طويلة أمام كل العوامل الجوية سواء الحرارة الشديدة أم الأمطار الغزيرة أم استخدامات البشر، فلماذا في هذا الوقت ونحن في عصر متقدم تحدث هذه الظاهرة الغريبة؟!فالمباني والمرافق كالمدارس والمستشفيات والمؤسسات الحكومية التي بنتها الحكومة منذ ستينيات القرن الماضي كانت صلبة وبعضها مازال مستخدماً، ولكن عندما أعطت الحكومة هذه المسؤولية للشركات الخاصة بدأنا نشهد هذه الحالات الجديدة من التردي للبنية التحتية والخدمات، فهل هذا يجعلنا نثق بأن سياسات الخصخصة المزمع تنفيذها ستكون لصالح الكويت والكويتيين التي كانت تعتبر جوهرة الخليج؟والغش والفساد صنوان، فما الفضيحة التي تكشّفت ونشرتها الراي يوم أمس عن تزوير معاملات الهجرة حيث وصلت إيرادات أحدهم إلى أكثر من مئة ألف دينار شهرياً، إلا أحد أمثلة الفساد المستشري الذي يهدم بلدنا حجراً حجراً ويقضي على منجزاتنا بجميع الأصعدة.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
___________________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 15/1/2014 العدد:12616
بقلم: د. بدر الديحاني
الإصلاح السياسي هو الكفيل بالمحافظة على نظامنا الديمقراطي وتطويره، وهو بوابة الإصلاحات الأخرى الاجتماعية والاقتصادية، بيد أن الإصلاح السياسي لن يتم بين ليلة وضحاها، فالطريق إليه طويل ومتعرج وشاق، ويحتاج إلى عمل دؤوب وصبر ومثابرة وطول نفس، لهذا فمن الخطأ التركيز فقط على مطالب الإصلاحات السياسية مع إهمال المطالب والقضايا الأخرى، خصوصاً المتعلقة مباشرة بحياة الناس كالصحة والتعليم والتوظيف والإسكان وغلاء المعيشة.بكلمات أخرى، فإنه يجب ربط الحراك السياسي والشبابي والمجتمعي بالقضايا الاجتماعية-الاقتصادية لا سيما تلك التي تمس الحياة المعيشية للمواطنين، بحيث يتم كشف السياسات الحكومية التي فشلت في توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين، أو التي من ضمن أهدافها تحميل المواطنين تبعات الفشل في إدارة شؤون الدولة والمجتمع؛ مثل السياسات المالية الجديدة التي وردت في برنامج عمل الحكومة، والتي تتجاهل للأسف الشديد الأسباب الحقيقية للعجز المالي المحتمل، فتعزوه إلى أسباب غير صحيحة بغية تحميل تبعاته للمواطنين أصحاب الدخول المتوسطة والمحدودة على شكل فرض رسوم جديدة على السلع والخدمات، أو زيادة الرسوم الحالية، وفرض ضرائب غير مباشرة على الدخل مثل ضريبة القيمة المضافة تحت مبرر "ترشيد الاستخدام" أو "دعم الإيرادات العامة للموزانة العامة"، وهي مبررات من الممكن أن تكون صحيحة لو كانت المالية العامة للدولة تدار على أسس سليمة وعادلة، لكنها تفقد معناها في وضعنا الحالي بسبب سوء توزيع الثروة وانحياز أولويات المالية العامة للدولة وتوجهاتها.ومما لا شك فيه أن الوضع الحالي السيئ للعمل السياسي من ناحية والتركيز على العمل البرلماني من ناحية أخرى قد ساهما في تشويه طبيعة العمل السياسي الحقيقي وارتباطه بالحياة اليومية للإنسان. أضف إلى ذلك أغلب "القوى السياسية" بما فيها بعض أطراف "المعارضة" ليس لديها في الأساس برامج اجتماعية واقتصادية تقدمها للناس، فكل ما لديها هو عبارة عن شعارات سياسية عامة تكررها أحياناً من دون التدقيق في مضمونها أو إمكانية تطبيقها على أرض الواقع.من هذا المنطلق، فإن من الأهمية بمكان ربط الهموم والمشاكل اليومية التي يعانيها المواطن مادياً ومعنوياً مع عملية الصراع السياسي، بحيث يكون له مضمون اجتماعي-اقتصادي، فبعض المواطنين لا يدركون أهمية ارتباط المشاكل الحياتية بالخلل البنيوي الذي تعانيه المنظومة السياسية المسؤولة عن إدارة شؤون الدولة والمجتمع، والتي تحددها طبيعة موازين القوى الموجودة في المجتمع، حيث إن التنظيمات والتحالفات والائتلافات والجبهات السياسية تتشكل بناء على المصالح الاجتماعية-الاقتصادية.إن ربط العمل السياسي بالهموم المعيشية اليومية للناس سيجعل الحديث في الشؤون السياسية والعامة ليس حديثاً نظرياً خاصاً بالنخبة السياسية، كما قد يظن البعض، بل له علاقة مباشرة بحياة كل إنسان ومستقبله وليس فقط الإنسان المهتم بالشأن العام أو المشتغل بالسياسة.
_____________________________________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 13/01/2014
بقلم: عبدالهادي الجميل*
يقال بأن أمريكا قد كسبت الحرب الباردة عبر دفع الإتحاد السوفييتي، بشكل أو بآخر، إلى وضع الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب!
ولو نظرنا في سيرة دولة الخلافة الأموية لوجدنا خير مثال على ذلك، فعندما أحسن الخلفاء اختيار الرجال الأكفياء للمناصب العليا، بلغت الدولة غاية ازدهارها واتّساعها حتى امتدت رقعتها من جنوب فرنسا وحتى شرق الصين.
ففي عهد الخليفة الوليد بن عبدالملك (705م- 715م) رشّح الحجاج بن يوسف الثقفي( والي العراق) الشاب قتيبة بن مسلم كي يصبح واليا على خراسان فوافق الخليفة على الترشيح ولم يقل: منو هذا قتيبة؟ لا لا، حطّوا ولدي مكانه.
لم يخيّب قتيبة ظن الحجّاج، فقد زحف شرقا واكتسح جميع الأراضي والممالك التي في طريقه حتى فتح مدينة كاشغر التي تقع الآن في مقاطعة تينجيانغ الصينية.
كانت الصين في تلك الفترة إمبراطورية هائلة، ولهذا قرر قتيبة مفاوضة الإمبراطور وتخييره بين الإسلام أو الجزية أو الحرب. فأرسل وفدا ضم 10 من خيرة رجاله وأشجعهم وأكثرهم وسامة وحنكة، ولم يكن من بينهم أخ له أو خال أو عم أو ابن أخت أو أحد من جماعته أو من فخذه، وجعل هبيرة بن المشمرج الكلابي على رأس هذا الوفد. وعندما وصلوا إلى مدينة الإمبراطور قاموا بلبس الملابس الحريرية البيضاء وتضمّخوا بالطيب وتزيّنوا ثم انطلقوا للقصر الإمبراطوري الذي كان مكتظا بوجهاء الصين.
تجاهل الإمبراطور وجود الوفد العربي، فنهضوا وغادروا البلاط إلى مقر إقامتهم في الريجنسي. فالتفت الإمبراطور إلى مستشاريه وسألهم:
- ما رأيكم بهم؟
فقالوا: ويييييع، خلّهم يولّون، هيلق طايح حظهم.
في اليوم التالي لبس أعضاء الوفد الملابس الفاخرة والعمائم الثمينة ودخلوا إلى البلاط، وقبل جلوسهم طُلِب منهم المغادرة، فعادوا مرة أخرى إلى الفندق. وقام الإمبراطور بسؤال مستشاريه نفس السؤال، فقالوا:
- غيّروا هدومهم بس للحين يلوّعون الجبد.
في اليوم الثالث دعاهم الإمبراطور لزيارته، فلبسوا عدّة القتال وامتطوا صهوة جيادهم، وعندما دخلوا إلى باحة القصر شاهدهم قائد الحرس، فصرخ في جنوده:
- يا حرص يا حرص، اشفيهم هضولا؟ طلّعوهم برّه، لا يدشّون.
وأخبر الإمبراطور الذي نظر إليهم عبر النوافذ وكان أبطال العرب يتفننون في استعراض مهاراتهم في القتال والمناورة على ظهور جيادهم العربية الأصلية، فهاله المنظر، وسأل مستشاريه:
- ما رأيكم بما شاهدتموه؟
فقال المستشارون: والله يا طويل العمر ما شفنا مثل هذا!
فأمر الإمبراطور بإحضار هبيرة وسأله عن مغزى ما فعلوه في الأيام الثلاثة الماضية؟
فقال هبيرة: في اليوم الأول ارتدينا ما نرتديه في بيوتنا وعند نسائنا، وفي اليوم الثاني ارتدينا ما نرتديه في مجالس الأمراء، أمّا اليوم الثالث فارتدينا ما نرتديه عندما نقابل أعداءنا.
فغضب الإمبراطور وصرخ بهبيرة: مسوّي نفسك حكيم؟ قم اذلف، وخذ ربعك وطسّوا لبلادكم وقول لحاكمكم الأشهب: يقولك الإمبراطور: أنا أعرف قلّة عدد جيشك وحرصك على الحياة وزينتها، فلا تخلّيني أدمّر بلادك وأقتلك، لكن ابلع العافية قبل لا أخلّي آذاني وآذانك أربع!
تخيّلوا لو أن أحد وزراء خارجية مجلس التعاون مكان هبيرة، اشكان بيرد؟!!
تفرّس هبيرة في وجه الإمبراطور وقال دون أن يرف له جفن: الجيش الذي يكون مقدم خيله في بلاطك وأخره في منابت الزيتون(الشام) لا يمكن أن يكون قليل العدد، والحريص على زينة الحياة الدنيا لا يتركها وراءه ويأتي ليواجه جيوش الصين الهائلة. أمّا إهلاكنا وقتلنا، فإن لنا آجالا اذا أتت فأكرمها عندنا القتل، ولسنا نكرهه ولا نخافه!
فذُهل إمبراطور الصين من ثبات هبيرة وشجاعته، وهو ليس سوى مندوب سلام، فكيف سيكون الحال مع قادة الجيوش والمحاربين؟ فوافق على دفع الجزية، فعمّ الفرح والسرور بين أعضاء الوفد، وأرسلوا واتساب يبشّرون قتيبة بالنصر بس كانت الخدمة مقطوعة عنده.
وكان باقي على موعد طيّارة العودة ليلتين، فـ زرق أعضاء الوفد إلى شانغهاي للاستجمام والمساج والشوبينغ.
سقطت الخلافة الأموية عام 750م عندما تولى الحكم الخليفة مروان بن محمد المشهور بمروان الحمار الذي أبعد أكفياء أهل الشام عن تولّي المناصب العليا للدولة وقصرها على الخاصة والمقرّبين وروّاد ديوانيته.
__________________________________________
*عضو في التيار التقدمي الكويتي
في البداية كنت أظنها نكتة أطلقها المغردون في «تويتر»، القصد منها السخرية والنيل من النائب الفاضل محمد الجبري، لكن عندما رأيت الخبر قد انتشر في وسائل الإعلام العربية، بحثت أكثر فوجدت فيديو يتناول فيه النائب الجبري هذا الموضوع، وهو بالتأكيد مصدر أكيد مثبت بالصوت والصورة.تحدث النائب الفاضل عن معلومات وصلته حول إقامة ندوة أو أمسية للشاعر والفيلسوف مولانا جلال الدين الرومي في أحد الفنادق، وأنه تحدث مع وزير الإعلام ووزير الداخلية ووزير الأوقاف لوقف مثل هذه الأمسيات التي تعلم الرقص وطقوساً تخالف عاداتنا وتقاليدنا وثوابتنا الشرعية.دهشت من ضعف الثقافة لدى أعضاء مجلسنا خصوصاً ما أفرزه مجلس الصوت الواحد من عناصر ليس لديها اطلاع أو أفق ثقافي، وحتى إن كان قصد الجبري الأمسية بحد ذاتها، فجلال الدين الرومي فقيه إسلامي توفي قبل أكثر من سبعة قرون، وتتلمذ في الشريعة والفقه على يد والده ثم على يد الترمذي ثم نهل علوم الدين في دمشق على يد علماء الإسلام، وفي نهايات حياته أملى خبرته الشرعية على أحد تلاميذه عن طريق الشعر والقصة هادفاً إلى إيصال الإسلام وعلومه بطريقة يفهمها الإنسان البسيط، وتوفي عام 1273م وهو يلهج بالشهادتين.لكن حادثة النائب الجبري لم تكن الأولى، بل تكررت من النواب الإسلاميين في التسعينات، فكلنا نذكر أنهم طالبوا في تسعينات القرن الماضي بمنع دخول الشاعر العراقي معروف الرصافي رغم أنه توفي عام 1945، لكنهم بالفعل استطاعوا منع دخول العديد من الفلاسفة والمثقفين الذين يخالفونهم بالرأي، إضافة إلى منع الكثير من الكتب أثناء معارض الكتاب السنوية، رغم أن المملكة العربية السعودية سمحت بهذه الكتب في معارضها، وللأسف رضخت الحكومة وما زالت ترضخ لضغوطاتهم وإرهابهم الفكري وتخلفهم الثقافي والاجتماعي، وقد كان النائب الفاضل يستطيع التثبت من المعلومة عن طريق الانترنت في هاتفه حيث تزخر الشبكة العنكبوتية بكثير من المعلومات عن حياة وسيرة جلال الدين الرومي، قبل أن يعرّض نفسه لسخرية المجتمع ووسائل الإعلام العربية التي ربما تنقل عنها وسائل الإعلام الغربية.وتنظر الأوساط الثقافية الغربية إلى جلال الدين الرومي بكثير من التقدير لعلومه وشعره الأخلاقي والديني، حتى ان البعض تعرف على الإسلام بشكل أفضل عن طريق كتابات جلال الدين، كما نشرت الروائية التركية أخيراً «إليف شافاق» رواية حول جلال الدين الرومي نالت شهرة واسعة وترجمت إلى عدة لغات منها العربية اسمها «قواعد العشق الأربعون»، وصدرت رواية للكاتبة الإيرانية ذات المكانة الأدبية والثقافية الرفيعة «سميرة قدس» عن جلال الدين الرومي وعلاقته بالتبريزي اسمها «كيميا خاتون» تُرجمت إلى الإنجليزية وستترجم إلى العربية، وهي برأيي أفضل من رواية شافاق.يقول جلال الدين الرومي لمن لايفهم علمه وطريقته في حب الله تعالى ورسوله الكريم: «أنا عبد القرآن ما حييت، أنا غبار قدم محمد صلى الله عليه وسلم، فمن نقل عني غير ذلك فأنا متألم منه ومتألم من ذلك القول».أنا أظن أن بعض إسلاميي هذا العصر وخاصة الإسلام السياسي ذوو أفق ضيق في فهم الإسلام الصحيح، فهم متشددون ومتشنجون ومعادون لكل من يخالف أفكارهم الإسلامية السياسية، ويهاجمون بعنف وألفاظ لا تليق بمسلم، بل كان علماء الدين في الكويت سابقاً مثل الشيخ عبد العزيز الرشيد والشيخ يوسف بن عيسى القناعي والشيخ عبدالله النوري والشيخ الأثري، أكثر علماً وفقهاً وتسامحاً، ففي كتاب القناعي «مقتطفات» يبين هذا الشيخ الجليل مدى حبه للشعر والموسيقى بل كتب بعض الأشعار، كما كان علماؤنا في الماضي يدعون بالحكمة والموعظة الحسنة ويقارعون الحجة بالحجة وبالعلوم الشرعية السليمة، ولا يشتمون مخالفيهم ويكرّهون الناس بالدين الإسلامي الحنيف.لكني لا أضع كل اللوم على الإسلاميين السياسيين المتشددين، الذين خلقوا لنا إسلاماً جديداً يختلف عما تعلمناه، جارّين بذلك مجتمعاتنا إلى الخلف من خلال السلوك البعيد عن الإسلام الصحيح، بل أضع اللوم على الحكومات الضعيفة التي تنصاع في كل مرة إلى إرهابهم الفكري وتخلفهم الثقافي الاجتماعي تحت شعار «عاداتنا وتقاليدنا وثوابتنا الشرعية»، حتى تحولنا من منارة للفكر والثقافة والحرية إلى مجتمع متخلف ومنغلق.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
_____________________________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 11/01/2013 العدد:12612
بقلم: د. حمد الأنصاري*
تابعت في الاسبوع الماضي مقابلة الاعلامي محمد الوشيحي مع النائب السابق وعضو الحركة الدستورية الاسلامية الدكتور جمعان الحربش في برنامج توك شوك، ورأيي بالدكتور جمعان الحربش أنه ليس من الاخوان النمطيين فقد اعتدنا منه قول رأيه بصراحه دون لف ودوران حتى ان كان لا يعجب المستمع "وأحياناً كثيره لا يعجبني"، ولا يمكنني "رغم اختلافي التام مع توجهه الفكري" أن أبخسه حقه، فشجاعة هذا الرجل ومواقفه في الحراك الشعبي مشهودة وبالكويتي "تسوى شنبات" المنادين بالحريات والدولة المدنية وهم في أحضان السلطة.
ولكنني في هذه المقابلة ومع اسئلة الوشيحي الجريئة لاحظت أن الدكتور جمعان استخدم الاسلوب التقليدي للأخوان، فبالرغم من شجاعته بالاعتراف أن "حدس" هي الذراع السياسي لتيار الاخوان المسلمين في الكويت، وأن هناك ذراعاً دعوياً اصلاحياً مثل جمعية الاصلاح وبعض اللجان الخيرية؛ ولم يكن ردة كبقية الإخوان التقليديين بأن حدس قريبة من فكر الاخوان أو متوافقه فكرياً مع الإخوان ولا تنتمي لهم،إلا أنه خلط بعض الأمور أحياناً و"نسي" بعضها في أحيان أخرى فكان رده "إخوانياً" نمطياً.
فعندما سأله الوشيحي عن جمعية الاصلاح وعدم حلها في فترة الانقلاب على الدستور رغم حل العديد من الجمعيات والأندية كنادي الاستقلال كان الرد: وهل يجب أن تُحل لنثبت أننا معارضة ؟
ثم عاد ليقول إن الحركة لم تكن في حالة خصومة دائمة مع السلطة، وهنا أعتب على د. جمعان...
فرغم تأكيده أن اكبر المصائب التي حصلت في البلد كانت أثناء فترات الانقلاب على الدستور، نسي الدكتور موقف جمعية الاصلاح بعد الانقلاب الأول على الدستور في 1976، فهي لم تشارك في التوقيع على بيان جمعيات النفع العام المعارض لتعطيل الدستور والحياة النيابية، وإنما شارك رئيسها في الوزارة التي تشكلت عقب الانقلاب ودعت الجمعية في عام 1977 لوضع دستور اسلامي وتعديل المادة الثانية من الدستور "المعطل".
مثل هذه الحقيقة التاريخيه لا يمكن اختصارها بالرد بأنهم لم يكونوا على خلاف دائم مع السلطة !
كما لم أستوعب الربط بين النظام في سوريا وما يفعله من جرائم باللادينية أو العلمانية فقد لاحظت تأكيد الدكتور على كلمة "هذه الأنظمة اللادينية" في أكثر من موضع يذكر فيه وحشية النظام السوري، فهل يريد الدكتور أن يوصل للمستمع أن النظام العلماني سوف يكون نظاماً اجرامياً؟
فالنظام في دول مثل السويد والدنمارك والنرويج علماني "لا ديني" وهي أكثر الدول احتراماً لحقوق الانسان وكرامته وأقلها نسبة في مؤشرات الفساد، وبما أن الاخوان يتغنون يومياً بأردوغان، فلا بأس من تذكيرهم أن تركيا بلد علماني "لا ديني" وزعيمهم اردوغان صرح في أكثر من مرة بأن النظام العلماني هو الأصلح !
أما عند سؤاله عن انتهازية الإخوان وكيف أنهم جلسوا على طاولة واحدة مع عمر سليمان للتفاوض أثناء ثورة يناير، فكان الرد حرفياً: (لا أريد أن أذهب باتجاه التبرير لمواقفهم فأنا لم اطلع على "دقة" هالمواقف و"حقيقتها" و آخر ناس يتكلمون حول التحالف مع الانظمة هم ”العلمانيين" الذين هم تحت حذاء العسكر)، فالدكتور لم يطلّع على مدى دقة هذه المواقف وليس متأكداً من حقيقتها "رغم نشرها في وسائل الاعلام حينها" ولكنه استطاع أن يجمع كل "العلمانيين" بأطيافهم المتنوعة وتوجهاتهم الفكرية المختلفة وأحزابهم المتصارعة تحت حذاء العسكر !
مثل هذه الأجوبة من الدكتور جمعان – وهو المعروف بصراحته ووضوحه – جعلتني اتحسس من بعض الأمور التي ذكرها في تلك المقابلة، كالتلميح بامكانية طرحهم كقوى إسلامية لمشروع آخر بعد الاتفاق على مشروع المعارضة بحيث يكون نحو أسلمة الدولة والكثير من الأمور التي سبقني بطرحها الأستاذ العزيز وليد الرجيب في مقاله "هل الاخوان مع المعارضة ..أم ضدها؟"، خصوصاً أن اغلب القوى السياسية المعارضة تسامت على خلافاتها الفكرية وتعاونت من أجل إقرار مشروع ينتقل بالكويت الى نظام ديمقراطي مكتمل الأركان يكون طريقاً نحو إصلاح ما أفسدته السلطة.
----------------------
* عضو التيار التقدمي الكويتي
بقلم: بدر الديحاني*
تقوم الديمقراطية على التعددية وتداول السلطة، وهو ما يمنح النظام السياسي حيوية متجددة باستمرار وفقاً للإرادة الشعبية التي تعكسها نتائج الانتخابات العامة التي تتصارع فيها أحزاب سياسية منظّمة قائمة على أسس وبرامج عامة ووطنية.لهذا، وكما قلنا في المقال السابق، فلا ديمقراطية من دون أحزاب سياسية، أما التخوف الموجود عند البعض من أن إشهار الأحزاب أو الهيئات والتنظيمات السياسية سيؤدي إلى الفوضى فهو تخوف في غير محله؛ لأنه يستند إلى تجارب سيئة ومحدودة جداً في العالم لا يوجد فيها أحزاب سياسية حقيقية لها برامج وطنية، تعبّر عن مصالح مجاميع كبيرة من المواطنين، بل تتكاثر فيها تنظيمات طائفية ودينية وفئوية ومذهبية تعمل في السياسة من أجل تحقيق مصالحها الخاصة، كما هي الحال في لبنان والعراق.في الدول الديمقراطية لا يسمح للتنظيمات غير المدنية بالعمل السياسي بغض النظر عن مسمياتها التي لا تعكس أحيانا كثيرة طبيعتها ومنطلقاتها الفكرية والمصالح التي تمثلها، أما الأحزاب التي تحمل مسميات دينية في الدول الديمقراطية فهي أحزاب مدنية من حيث البرامج وطبيعة العضوية مثل الحزب المسيحي الديمقراطي الحاكم حاليا في ألمانيا.وحيث إن النظام السياسي الديمقراطي يجب أن يكون معبراً عن الإرادة الشعبية التي لا تتحقق إلا عندما يكون باستطاعة من يريدون من المواطنين تنظيم أنفسهم بحسب مصالحهم الاجتماعية والاقتصادية، إذ ليس لأحد الحق في التحدث نيابة عن الآخرين ما لم يمنحوه هذا الحق.ولو أتينا إلى واقعنا المحلي لرأينا العجب العجاب، فمن المفترض أن يكون لدينا بحسب نص الدستور (مادة 6) نظام ديمقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعاً، في حين الواقع هو عكس ذلك تماماً، فلا البرلمان (المجلس) المنتخب من الشعب يشكل الحكومة، ولا تحصل الحكومة على ثقة البرلمان كما في الأنظمة الرئاسية التي يعين رئيس الأغلبية البرلمانية فيها رئيساً للحكومة؛ لهذا يأتي برنامج عمل الحكومة كتقرير إداري شكلي لا قيمة فعلية له.حتى لو أردنا الالتزام بالدستور وتطبيقه على الفور فمَن مِن أعضاء المجلس يحق له تمثيل الأغلبية الشعبية؟ بكلمات أخرى كيف نحدد من له الحق في تشكيل الحكومة إذا كانت الانتخابات العامة ليست انتخابات برامج سياسية تطرحها أحزاب مشهرة على أسس وطنية، بل انتخابات يغلب عليها الطابع الفردي والأطروحات القبلية والطائفية والعنصرية التي تؤججها تنظيمات غير دستورية ومخالفة للقوانين؟!إن معارضة إشهار الأحزاب أو الهيئات السياسية بالشكل الديمقراطي السليم المعمول به في الدول المتقدمة لا يعني سوى شيء واحد، وهو تشجيع تكاثر التنظيمات المضرة والقائمة على أسس لا علاقة لها ببناء الدولة الدستورية الديمقراطية الحديثة، كما هو الوضع المزري الحالي لدينا، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى تفتيت مجتمعنا إلى مجموعات فئوية وطائفية صغيرة ومتناحرة تركز على الخلافات الشكلية والجانبية، وتهمل القضايا والهموم الحياتية والمشاكل العامة التي يعانيها قطاع واسع من المواطنين.
----------------------------------------------------------------
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 06/01/2014
تشكل قبل يومين في مصر تحالف سياسي جديد تحت عنوان أو شعار «من أجل الديموقراطية والعدالة الاجتماعية وإنهاء التبعية» بين مجموعة من القوى السياسية والشبابية، وصدر بيان أو إعلان سياسي عن المشاركين في المؤتمر ووقعت عليه مجموعة من القوى الديموقراطية واليسارية والشبابية، هي التحالف الشعبي الاشتراكي وحزب الكرامة والحزب الناصري والتيار الشعبي وحركة تمرد وحركة كفاية والجمعية الوطنية للتغيير والحزب الشيوعي المصري والحزب الاشتراكي المصري وحزب التجمع.وهو تحالف سياسي دعت فيه هذه القوى إلى توسيع التحالف ليضم القوى الوطنية والتقدمية من أجل خوض معركة الدستور ورفض الإرهاب، ومواجهة الاخوان المسلمين الذين يسعون لإفشال عملية الاستفتاء على الدستور، على أن يتحول هذا التحالف لاحقاً إلى تحالف انتخابي من أجل اختيار مرشح رئاسي واحد، داعية كل القوى الشعبية والأحزاب السياسية والائتلافات الشبابية إلى الانخراط في عمل جماعي منظم، من أجل بناء المجتمع الديموقراطي المنشود، وإرساء المقومات الضرورية لتحقيق العدالة الاجتماعية.وحول ضرورة هذه التحولات ذكرت أطراف التحالف عن عيش أكثر من 15 مليون مواطن في مناطق عشوائية، ومعاناة ما يقرب من ثمانية ملايين شاب وفتاة من البطالة، إضافة إلى خطورة وجود أشكال من التمييز بسبب الدين والجنس والوضع الطبقي والانتماء السياسي.وأجمع التحالف أيضاً أن المصريين يعيشون في مجتمع لا ينتج كل حاجاته الأساسية ولا يوفر لمواطنية الغذاء ويضطر إلى الاستدانة من الخارج فيصبح في وضع التابع لمن يُقرضه، مما يتعين معه العمل من أجل التقدم الاقتصادي واستعادة القرار الوطني للخروج من دائرة التبعية، ومواجهة المشروع الأميركي الصهيوني لإقامة الشرق الأوسط الجديد.ويضيف البيان: ولما كان الشعب المصري يخوض الآن معركة ضارية ضد العنف والإرهاب الذي يستهدف أمن المجتمع وأمان المصريين، والذي تحضّ عليه جماعات إرهابية خرجت على الإجماع الوطني من أجل أن تفرض شروطها على المجتمع وتحتكر السلطة ظلماً وعدواناً متسترة بالدين وهو منها براء، فإن المسؤولية الوطنية تفرض على كل القوى الشعبية والسياسية والشبابية أن تتضامن معاً لصد هذا العدوان وتصفية كل أشكال العنف والإرهاب وتقديم البديل الديمقراطي لهذا النموذج السياسي المرفوض، كما تؤكد هذه القوى عزمها على الحيلولة دون الانحراف بالثورة أو إجهاضها.فغالبية القوى السياسية والجمهور العادي تريد أن تصوت بـ «نعم» على الدستور، وهناك حملة واسعة من أجل إقناع الناس حول إيجابيات هذا الدستور، الذي يلبي أكثر من ثمانين في المئة من أهداف الثورة، واعتبرته القوى السياسية من أفضل الدساتير التي مرت على مصر، رغم الملاحظات على بعض مواده.كما يدور جدل واسع بين معظم قطاعات المجتمع المصري، حول موضوع ترشّح وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، فهناك من يؤيد ويطالب بأن يكون السيسي رجل المرحلة حتى تستقر البلاد، وخاصة بعد نجاحه في ضرب الإرهاب وتشديد القبضة الأمنية ضد التخريب والشغب والبلطجة، وهناك من يرفض انتخابه رئيساً قادماً على اعتبار أنه يجب أن يظل وزيراً للدفاع خوفاً من عودة حكم العسكر، وهناك من يقول ليس مهماً من يأتي بعد إقرار الدستور الذي يقيد صلاحيات أي رئيس قادم، كما أن السيسي يدرك أن الشعب الذي قام بثورتين خلال أقل من ثلاث سنوات قادر على إزالته بثورة ثالثة، وبالطبع هناك من يتهم السيسي باعتباره مجرماً وقاتلاً انقلب على الشرعية وهو الرأي الذي يروّج له الاخوان المسلمين، الذين ما زالت الولايات المتحدة تدعمهم من أجل العودة لحكم مصر قبل أن تبحث عن بديل آخر لهم يمكن أن يحقق مصالحها.
وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
-------------------------------------------------------------------------
منقول عن جريدة الراي تاريخ 06/01/2014 العدد:12607
تابعت باهتمام لقاء الأخ الفاضل الدكتور جمعان الحربش في جريدة عالم اليوم المنشور في 1 يناير 2014، والدكتور جمعان يعتبر من صقور الحركة الدستورية الإسلامية «حدس»، أو كما يعرفها الجميع بالاخوان المسلمين في الكويت، رغم تنصلهم من ذلك بعد التحرير وتأسيس ذراعهم السياسية «حدس» بعد موقف التنظيم الدولي للإخوان من قضية غزو واحتلال الكويت، والحقائق التي ذكرها الشيخ الراحل سعود الناصر عنهم رحمه الله.طرح الدكتور جمعان الحربش بعض الإجابات التي تخلق تساؤلات لدينا كمواطنين مهتمين بشأن الوطن والقوى السياسية وعملية الاصلاح والديموقراطية، فهو أكد في هذا اللقاء أن علاقتهم بالسلطة لم تنقطع، رغم خصومة المعارضة معها بسبب واضح للجميع وهو نهج الانفراد بالسلطة والقرار، ونهج الملاحقات السياسية والقمع البوليسي لأبناء الشعب الكويتي، وأضاف الحربش بأن الإصلاح يتم بالتفاهم مع الحكومة، وهو يعني الوهم بأن الحكومة ستدعو المعارضة والتيارات السياسية لطاولة حوار تتم من خلالها تلبية مطالب المعارضة بالإصلاح السياسي المطلوب.وما يثير تساؤلاتنا المشروعة هو أين تقف حدس؟ هل مع المعارضة أم مع السلطة؟ أم تضع رجلاً هنا ورجلاً هناك؟ وماذا عن مستقبل ائتلاف المعارضة الذي تمزّق ولم يبق فيه سوى الشعبي وحدس؟ وكيف يمكننا أن نعوّل عليه في تحقيق إصلاح جدي وأهم طرف فيه «حدس» يهتم بعلاقته مع السلطة ويحرص عليها؟ وهذا يفسر أن الوزير السابق محمد العليم وهو من كوادر حدس أصبح هو الأمين العام لها بتزكية من الجميع بعد أن رفضت معظم كوادر حدس هذا المنصب بسبب الأزمة الداخلية والخارجية التي يعيشها اخوان الكويت، والأخ العليم يعتبر من الحمائم الذي من خلاله يستطيع اخوان الكويت إعادة العلاقة مع السلطة من خلف ظهر المعارضة.من هذا اللقاء يتضح لنا أن الاخوان ما زالوا مصرين على مشروعهم بتعديل المادة الثانية من الدستور سعياً لإقامة دولة دينية، رغم موافقتهم الشكلية على ورقة المشروع السياسي، التي تنص كما قال الأخ الفاضل جمعان الحربش على أن الإصلاح السياسي يتطلب الانتقال من النظام الخليط بين البرلماني والرئاسي إلى البرلماني الكامل وهو مشروع إصلاحي مدني وليس ديني.وقد كان واضحاً للجميع ومنذ بداية الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد أن أخوان الكويت لا يريدون أن يرموا بثقلهم في الصراع، ولا نعرف ما هي تضحيات حدس التي تحدث عنها الحربش إن كان معظم المعتقلين والملاحقين سياسياً والمحاكمين هم من التيارات السياسية التقدمية والقوى الشبابية.وتحدث كذلك عن عدم صلتهم بالتنظيم الدولي للأخوان وصلتهم باخوان مصر، إلا أن رئيس جمعية الإصلاح الاجتماعي الأخ الكبير حمود الرومي، أقر بأنهم يتبنون فكر الاخوان الذي وضعه حسن البنا، بعدما تم الإنكار قبلها بيوم، لكن الحربش أكد دعم اخوان مصر ودان الثورة المصرية التي خرج فيها أكثر من ثلاثين مليون مصري ضد حكم الاخوان، ويصدف وجودي هذه الأيام في مصر وكعادتي أحاول أن أتلمس بنفسي وعلى أرض الواقع ما تبثه وسائل الإعلام عن أحداث مصر، ففي أول يوم وصلت فيه إلى مدينة 6 أكتوبر قام الاخوان ومناصروهم «وليس الجيش» بحرق الإطارات وحاويات القمامة وإلقاء زجاجات المولوتوف على السكان الآمنين قبل أن تأتي قوات الأمن وتفرقهم، كما تحدث الإنسان المصري البسيط مثل سائقي سيارات الأجرة عن خطر الاخوان الذين يدعون بأن الجيش انقلب على الحكم وارتكب المجازر، بأن مصر لم تشهد تفجيرات وأعمالا إرهابية إلا على يد الاخوان وأعوانهم، بل تحدث الجميع عن أنه تم توزيع السلاح ليس فقط على أعضاء التنظيم السري للاخوان ولكن حتى على المؤيدين والبلطجية لتخريب عملية الاستفتاء على الدستور.بالطبع أنا أكن الاحترام والتقدير لجميع شخوص المنتمين لحدس رغم عدم معرفتي الشخصية بهم عن قرب، لكن ذلك لا يلغي رأيي بتفكيرهم وأجندتهم وسلوكهم غير المفهوم وتصريحاتهم المتضاربة ومواقفهم المتناقضة، وهذا يجعلنا كمهتمين بالإصلاح السياسي والتطور الديموقراطي وبناء الدولة الحديثة لا نثق بالمعارضة ولا مستقبل ائتلافها، وخاصة أن شبهات تحوم حول بعض أطرافها.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
-------------------------------------------------------
منقول عن جريدة الراي تاريخ 04/01/2014 العدد:12605
بقلم: بدر الديحاني*نتيجة لعوامل كثيرة من ضمنها عدم إشهار التنظيمات السياسية على أسس وبرامج وطنية جامعة والخلل الواضح في النظام الانتخابي، فإن العمل السياسي المنظم لدينا لم يتطور، إذ إن أغلب ما يسمى قوى سياسية ليس تنظيمات سياسية حقيقية بل مجرد لافتات أو أسماء إعلامية إما للجان انتخابية، وإما لمجاميع قبلية أو طائفية أو عنصرية محدودة العدد، وإما لجماعات ضغط مؤقتة هدفها في الأغلب تحقيق مكاسب سياسية آنية لأعضائها ثم تختفي فجأة!من زاوية أخرى، فإن عدم وجود قانون ينظّم العمل السياسي جعل الدولة لا تعرف مصادر تمويل "القوى السياسية" ولا نوعية برامجها، إن كان لها برامج، ولا عدد أعضائها، فضلاً عن أن وجود مثل هذه "التنظيمات" الورقية يزيد من تشويه العمل السياسي والعام المشوّه أصلاً، فما إن يحدث حدث سياسي ما، مثلاً، حتى تتسابق هذه "التنظيمات" الصورية لإصدار بيانات صحافية تعطي انطباعاً لمن لا يعرف واقعنا أن هذا هو موقف الرأي العام المحلي تجاه هذا الحدث بينما الواقع هو أن من يصدر البيانات "السياسية" في الغالب هو شخص واحد يجلس خلف جهاز "الفاكس" أو الكمبيوتر ولا يُمثّل سوى نفسه!من هنا تأتي أهمية وجود قانون لإشهار الأحزاب أو التنظيمات أو الهيئات السياسية على أسس وطنية جامعة لا مكان فيها للطرح الفئوي والطائفي والعنصري، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى ترشيد العمل السياسي والعام وخلق كوادر سياسية محترفة، إذ ليس هنالك ديمقراطية من دون أحزاب سياسية.فالدول المتقدمة قاطبة يديرها ساسة محترفون ينتمون إلى أحزاب سياسية معروفة ببرامجها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومعروفة أيضاً مصادر تمويلها وعدد أعضائها بحيث تُحظر التنظيمات الطائفية والفئوية والعنصرية كالتي تتسيد العمل العام والسياسي لدينا، مع الأسف الشديد، وتتعامل معها الحكومة وكأنها تنظيمات سياسية حقيقية مع ما في ذلك من أضرار جسيمة على مجتمعنا ووطننا.ولأنه من المفترض أن يتطور نظامنا السياسي باتجاه الحكومة البرلمانية، وليس الحكومة المنتخبة كما سبق أن ذكرنا، فإن الحكومة البرلمانية لها مجموعة من المتطلبات في مقدمتها وجود قانون لإشهار الأحزاب أو التنظيمات السياسية على أسس وبرامج وطنية جامعة، ثم قانون آخر لنظام انتخابي متطور يبنى على أسس عادلة وتوافق وطني عام، لهذا فإن المطالبة بقانون لإشهار التنظيمات (الأحزاب) السياسية تعتبر مطالبة مستحقة وملحة، فالبديل هو الانقسامات الاجتماعية الطائفية والقبلية، ثم تجريف الحياة السياسية والفوضى السياسية التي نرى الآن بعض مظاهرها.-------------------------------------------------------------منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 1/1/2014
بقلم: بدر الديحاني*
هزت فضائح الفساد السياسي الكبيرة حكومة "أردوغان" التركية، حيث ترتب عليها تفكك التحالف السياسي بين "حزب العدالة والتنمية" وحركة "فتح الله غولين" السرية والثرية جداً التي تمارس أنشطة متعددة في تركيا والعالم، ويتزعمها رجل الدين المقيم في أميركا منذ عام 1999، وهو التحالف الذي مكّن حزب العدالة والتنمية من الوصول إلى الحكم منذ عام 2002.فضائح الفساد السياسي الكبيرة التي تواجه حزب "العدالة والتنمية" هزت صدقيته أمام الرأي العام التركي والعالمي، وكشفت المبالغة الإعلامية الضخمة التي كانت تتحدث عن "النجاح الباهر" لما يسمى بـ"النموذج التركي" وتسويقه كنموذج مثالي للحكم الصالح والرشيد خصوصاً في دول الشرق الأوسط. كما كشفت الفضائح السياسية مشكلة غياب الشفافية في الحكم (التحالف مع حزب سري) والتدخل السياسي في أعمال السلطة القضائية، حيث قال المدعي العام التركي "يجب أن يعلم كل زملائي والجمهور أيضاً أنني كمدع عام مُنعت من إطلاق تحقيق"، مُلمحا لضغوط تمارسها الشرطة على القضاء!على أي حال الشأن الداخلي التركي خاص بالأتراك، فالشعب التركي هو من سيقرر مصير حكومة أردوغان وحزب "العدالة والتنمية" ذي التوجهات الاقتصادية "النيوليبرالية" الداعية إلى الخصخصة الشاملة واقتصاد السوق المنفلت أو غيره من الأحزاب.لكن المثير للاستغراب هو خلط الأوراق الذي يمارسه "الأردوغانيون العرب" عندما يدافعون بعصبية وحماس منقطع النظير عن حكومة رجب طيب أردوغان وحزب "العدالة والتنمية" سواء بالحق أو الباطل على نمط العصبية القديمة "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً"، ثم يتجاوزون، وهم في غمرة دفاعهم المستميت، الحقائق المعروفة، كما هي عادة المتعصبين دائماً، فلا يجدون ما يقولونه للرد على من ينتقد حكومة أردوغان خصوصاً بعد استشراء الفساد السياسي هناك، أو من يتضامن مع حراك الشعب التركي سوى توجيه تهم معلّبة ومستهلكة لهم مثل "علمانيون"، وهو الأمر الذي يفضح إما تضليلهم للرأي العام وإما جهلهم بطبيعة النظام السياسي التركي.فتركيا دولة علمانية بحسب الدستور، ونظامها السياسي يقوم على التعددية وتداول السلطة، وهو نظام مستقر من ناحية آليات الحكم الديمقراطية وقواعده العامة، لهذا فليس مهماً من يحكم سواء حزب العدالة والتنمية (الإخوان المسلمين) أو غيره من الأحزاب السياسية، فالقواعد الدستورية المتوافق عليها وطنياً هي التي تحدد ليس فقط من يحكم، بل كيف يحكم أيضاً (آلية ممارسة الحكم)، لهذا دعا أردوغان المصريين أثناء زيارته للقاهرة إلى إقامة جمهوريتهم الجديدة على أسس علمانية، ووضع الدستور استناداً إلى مبادئ العلمانية! ويكمل أردوغان وهو يوجه حديثه من القاهرة لمن التبس عليه الأمر... "إن هناك تعريفاً للعلمانية في دستور 1982 التركي ينص على أن الدولة العلمانية هي التي تكون لها مسافة متساوية من كل الأديان، وهناك جدل كبير في المفاهيم الاجتماعية حول العلمانية والتطبيق لمفهوم العلمانية في دولة معينة يختلف بالتأكيد عن كل الدول الأخرى، وهذا هو الرد الذي أوجهه لمن يندهش من تطبيق النظام العلماني في تركيا. قد أكون رئيس وزراء تركياً مسلماً لكنني في النهاية أحكم دولة علمانية، والدولة العلمانية لا تعني علمانية مواطنيها لأن الأشخاص لهم أديانهم المختلفة، ولكن الدولة هي التي تتصف بالعلمانية، وأقول للمصريين الذين يرون أن الهدف من العلمانية هو نزع غطاء الدين عن الدولة أو أنها دولة كافرة أنتم مخطئون؛ لأن الهدف من تطبيق العلمانية في تركيا مختلف وهو احترام كافة الأديان". (حلقة 12 سبتمبر 2011 من برنامج العاشرة مساء- (قناة دريم 2). والآن إذا كان هذا ما يقوله أردوغان ذاته عن العلمانية وتطبيقها في تركيا، أليس مضحكاً، بعد ذلك، ألا يجد "الأردوغانيون العرب" غير "تهمة" العلمانية للرد على من ينتقد الفساد السياسي المستشري في حكومة أردوغان والذي اضطره لتغيير أغلب أعضائها؟! لو كانت العلمانية تهمة كما يزعمون فالأولى أن يتهم بها أردوغان وحزبه (الإخوان المسلمون)، فقد رأينا كيف كان يدافع عنها بحماس منقطع النظير!أخيراً، بعد كل هذه المآسي والكوارث التي مرت على شعوبنا ولا تزال فإن هناك ضرورة لقيام العناصر والتيارات السياسية، ومن ضمنها من تدعي أن مرجعيتها دينية بمراجعات فكرية وسياسية ونقاشات موضوعية تُبنى على الصراحة ونقد الذات وتقبل وجهات النظر الأخرى بعيداً عن التهم المعلبة والمصطلحات الفضفاضة والشعارات النظرية التي لم تجن منها شعوبنا سوى الدمار والفقر والتخلف.
--------------------------------------------------------------------
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 30/12/2013
نحن أمة تعشق الدماء والأشلاء وتمارس الرياء تحت اسم الدين والشرعية وتحت يافطات السياسة الإقصائية والطائفية السوداء المتخلّفة، فتفجير في لبنان وتفجير في مصر الآمنة وتفجير في العراق وتفجير في اليمن... إلخ.نحن فجّرنا الوطن العربي بأكمله بكل فخر، تحت عناوين الجهل والتعصب والعمالة والخيانة، نتلقى الأموال والرشاوى بأصابع ملطخة بدماء الأطفال والنساء، ونسميها أعمالاً خيرية، نتلقى السلاح والبارود والأحزمة الناسفة من الشيطان، ونسميها جهاداً.ألسنا من المفترض أن نكون خير أمة أُخرجت للناس؟ كيف ونحن نكبّر ونهلّل ونتبادل التبريكات كلما أسقطنا ضحايا وأسلنا دماء أكثر من أبناء جلدتنا، نبدو ورعين في مظهرنا وشياطين في أفعالنا، وعبادة المال تجعلنا عملاء ومستشارين للسلطات والأنظمة، نطيل اللحى ونهدد باسم الله تعالى وباسم رسوله الكريم، نعادي الأديان والطوائف والأعراق الأخرى، بكراهية رضعناها في الأقبية السرّية.أُنتزعت الإنسانية من قلوبنا وبررنا قتل المسلم للمسلم بالانتصار للشرعيّة ولحكم الله، نمارس الدجل والشعوذة والخرافات ونسميها تعاليم دينية، نمارس الموبقات ونتنصّل منها وأصابعنا تشير بالاتهام إلى الآخر العلماني الانقلابي، ونرفع أربعة أصابع لنقول ميدان رابعة تارة أو نقول نقصد أربعة أصوات وخمس دوائر تارة أخرى، كذب ودجل لا استثناء فيه لشيء أو لأحد.تعلو أصوات الوقاحة ضد إرادة شعوبنا المغلوبة على أمرها، ونخفض أصوات الذل للسلطات والأنظمة وللصهيونية والاستخبارات الأجنبية، ندّعي المعارضة والمقاومة والممانعة ونصرة الشريعة وعيوننا ترنو إلى الكراسي والأموال.لا توجد تجارة أربح من تجارة الدين، لا تخسر ما دام هناك أناس بسطاء خيّرون يسهل امتصاص جيوبهم باسم الزكوات والتبرعات الخيرية وجمعياتها، ونحن بمنأى عن المساءلة والمحاسبة لأن السلطات تدافع عنا، وتصرّح في كل مرة أن أموال المسلمين لا تذهب للإرهاب والقتل والدمار فهذا ليس من عاداتنا وتقاليدنا.نؤيد التفخيخ ونحتفل بالتفجير خلف الكواليس، وندينه أمام الميكرفونات، نغيّر انتماءاتنا ونعطيها أسماء مدنية وديموقراطية، لكن يبقى فعلنا واحدا وهدفنا واحدا، هو القتل والدماء والأشلاء ضمن استراتيجية الرياء الديني.نحن نقتل باسم رأفة الإسلام وننتحر بالأحزمة الناسفة استعجالاً للقاء حور العين، نحن نغتال والتاريخ يسجل بالوثائق، لكننا ننكر بكل وقاحة وصفاقة، ونفتخر بذلك أيضاً بكل وقاحة وصفاقة عندما يحين الوقت لذلك.كل تأويل لقول الله يصلح في هذا العصر، أصبحنا خبراء في التأويل والتأويل المضاد حسب مصالحنا، نحن صادقون ما دامت جباهنا تحمل زبيبة الصلاة، ولكن كم من جباه تحمل سيماء الورع سجدت للصهيونية والاستخبارات الأجنبية؟ وكم حامل زبيبة الصلاة قُبض عليه بتهمة التجسس لجهات خارجية؟ هل نستثني أياً من أطراف عشاق الدماء والأشلاء المتناقضين المتعادين؟ليس للآخرين حق انتقادنا وإلا وصمناهم بمعاداة الإسلام وأهل البيت، ليبراليون علمانيون ملاحدة وكفرة، لذا هم عندما ينتقدوننا كبشر وينتقدون سلوكنا الإرهابي سواء الفكري أو الملطخ بدماء الأبرياء، هم ينتقدون الإسلام والخالق جل علاه.لنا أسماء عدة وتفريخات كثيرة، نحن نتكاثر ك «الأميبا»، لكن بصمتنا واحدة على شواهد القبور، ونرفع رايات غامضة وإذا سُئلنا قلنا «وسطيون معتدلون»، هل يحتاج اللغويون تفسيراً أبسط من ذلك لهذا المصطلح؟السلطات تدعمنا لمواجهة الخطر القومي واليساري، وأميركا تدافع عنّا وتجتمع بنا سراً مقابل ثمن زهيد هو بيع أوطاننا وحماية جارتنا إسرائيل، وإذا رفضتنا شعوبنا نفجّرها، فنحن نعشق الدماء والأشلاء بدم بارد.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
-----------------------------------------------------------------
منقول عن جريدة الراي تاريخ 30/12/2013 العدد:12600
بقلم: عبدالهادي الجميل*
ما زلت أتذكر سيارة العم سالم "البيك أب شفروليت" أم غمارتين وحوض خلفي شاسع. اشتراها رغم أنه كان قد تجاوزالسبعين من عمره وأثار حسد الشباب والكهول معا!
وعدنا العم سالم بأنه سيتجول بنا بسيارته الجديدة صبيحة يوم الجمعة القادمة كي يمرّنها. كنا نتحرّق شوقا لهذا اليوم الذي ظننا بأننا سنشيب قبل أن يأتي!
في الصباح الموعود، كان رصيف بيت العم سالم، يشبه رصيف محطة قطارات بومباي المركزية، فقد تقاطر معظم أهل الحارة كي يحظوا بفرصة ركوب السيارة الجديدة، ومن بينهم سعيد الشامي الذي يقسم الجيران بأن أحدا لم يشاهده في يوم الجمعة قبل الساعة 4 عصرا لأنه لا يستيقظ إلّا متأخرا بسبب الخمر المحلي الرديء الذي كان يشربه مساء كل خميس.
طال انتظار الناس لخروج العم سالم، حتى ظن البعض بأنه قد توفي على فراشه بسبب عين خصمه اللدود ابو ابراهيم . تبدّدت هذه الظنون المخيفة عندما هتف أحد الصبية من فوق الجدار المطل على حوش العم سالم: طلع طلع.
ما أن أطلّ بغترته البيضاء المشجّرة حتى كاد الناس من فرط الحماس أن ينشدوا: طلع البدر علينا.... من ثنيات الوداع.
نظر العم سالم إلى الناس بازدراء ثم مشى نحو سيارته بخيلاء، ولم يصدّق أحد عبارات الضيق والاستياء التي تعمّد أن يرددها بصوت مسموع. توقف عند باب الوانيت ثم نادى 5 أشخاص ليس بينهم أي قاسم مشترك سوى أعراض الشيخوخة، أركبهم في المقدمة ثم التفت نحونا وقال: انتوا اركبوا بالحوض، وتمسّكوا عدل واذا بغيتوا شيء دقّوا على الغمارة بس شوي شوي.
تسلقنا مؤخرة السيارة كالقراصنة، وخلال عدّة ثوان كان حوض الوانيت يكتظ بـ15 صبيا وشابا يغنّون بسعادة وصخب.
طاف العم سالم بالشوارع القريبة ثم توقف عند الإشارة المرورية التي تقع في بداية الطريق الذي يغادر المدينة، صدح صوت عبدالله فضالة من داخل السيارة التي انطلقت عند الضوء الأخضر. كنا ما زلنا نغني، وإن بحماس يقل كثيرا عن السابق. وبعد مضي نصف ساعة شعرنا بأننا في مأزق حقيقي، فالسيارة لم تخفف من سرعتها العالية والشمس أصبحت أشد توحّشا، لكننا لم نستسلم كما استسلم أبطال رواية غسان كنفاني "رجال في الشمس"، فدق الشباب على القاطع الزجاجي الفاصل بين الجيلين المختلفين، فنظر إلينا العم سالم من خلال المرآة الأمامية فأشرنا له بضرورة ايقاف السيارة، لكنه ظن بأننا نغنّي ونمرح فأخذ بالتصفيق والتمايل يمينا ويسارا، وزاد السرعة أكثر.
التفت نحونا أحد الجالسين في المقعد الخلفي، فألصقنا وجوهنا بالقاطع الزجاجي وصرخنا به كي يفتح الزجاج لكنه ظل ينظر نحونا بنظرات زائغة بلهاء.
قال أحد الشباب الأكبر سنا:
- ترى هالستّة اللي قدّام ما يدرون وين الله قاطهم، ولا يدرون عنّا، يشوفنا نصارخ ويحسبونا نغنّي ونأشّر لهم يحسبونا نرقص!!
قال آخر: والحل الحين؟
رد الأول: مافيه حل، يا نطب من السيارة المسرعة واحتمال نموت، أو نقعد فيها ونصدم سيارة ثانية واحتمال نموت أيضا، واذا حظنا زين، يخلص الوقود وتوقف السيارة من نفسها وأول من بينزل منها هو العم سالم وهالشيّاب اللي معاه، وبنقعد حنا ندزّها لين نموت.
---------------------------------------------------------------
*عضو التيار التقدمي الكويتي.
كان والدي رحمه الله يقول لي: «الدنيا يبيلها شوارب مو عضلات»، وفهمت لاحقاً أنه كان يقصد الموقف الرجولي الذي لا يتجزأ والشعور بالمسؤولية، فأنت تعيش وتُعرف وتموت على موقفك الرجولي.ويقال إنه ليس للرجولة قطع غيار، فإن عطبت فإنها تعطب بالكامل لذا لا يوجد قطع غيار للرجولة، وكذلك المبادئ ليس لها قطع غيار، فالانزلاق يعني السقوط إلى الهاوية مرة وإلى الأبد ولا يكون السقوط بالتدريج.فإما أن تعيش وتموت متمسكاً بمبادئك قابضاً على جمر الحق، مثلما فعل الفنان العراقي المناضل فؤاد سالم، الذي رحل قبل أيام، والذي لم يرضخ ولم يستسلم للتهديد أو الترغيب من نظام الديكتاتور صدام، وأما أن تكون قبضتك على مبادئك رخوة وشكلية ونفعية.أنا لم أستغرب كما فعل غيري من القصيدة الضعيفة بمعانيها وفنها ومفرداتها التي كتبها الشاعر الكبير سعدي يوسف، كان هدفها السخرية من المعتقدات، فإن يكون الإنسان ملحداً أو منتمياً لدين أو مذهب أياً كان فهذا شأنه، ولكن أن يضع الفنان الذي كان يعتبر نفسه مناضلاً ضد الطغاة ومناصراً للإنسان المسحوق نفسه ضد المعتقدات الأخرى أو الموروثات أو الثقافات المختلفة، فهذا ليس سلوك ولا تفكير مناضل من أجل العدالة الاجتماعية والسلام والإخاء بين البشر بغض النظر عن انتماءاتهم.عندما كنت شاباً احترمت وأعجبت بسعدي يوسف الشاعر العراقي، وقرأت أشعاره الجميلة ذات المعاني اللافتة وبأسلوب مختلف، التي تناصر الإنسان المضطهد وتقف مع الكادحين والفقراء والمهمشين من الشعب العراقي، ومازلت أحفظ بضعة أبيات مدهشة من شعره.لم تسقطه هذه القصيدة البدائية في نظمها ومعانيها وهدفها، بل بدأ السقوط مبكراً عندما نشر كتابه «إيروتيكا» مجاراة لموضة الإباحية التي تعكس قلة الموهبة في ذلك الوقت، بل كانت إشارات السقوط قبل ذلك الوقت، ولذلك لم أستغرب وقوفه ضد ثورة الشعب السوري، ومع النظام الديكتاتوري ولم تهتز قريحته الشعرية لمذابح الأطفال.أنا لا ألوم الشاعر الكبير أدونيس على موقفه ضد الثورات العربية وخصوصاً السورية، فهو لم يحمل فكراً تقدمياً مناصراً للإنسان يوماً، كان كل همه الإدهاش والشكلانية في الفن البعيدة كل البعد عن هموم البشر، كان ولايزال همه الأول جائزة نوبل، أن يصل للعالمية دون أن يكون لشعره هذه المقومات.لا قيمة للأديب أو الفنان إن لم يكن عضواً ينطلق من الواقع ومن هموم مجتمعه، لا قيمة لهما إن كانا لا يستمعان إلا لنفسيهما، ولا يعنيهما الآخر، من أين يأتي الدفق الشعري إذاً؟ وما قيمة الأحرف غير المفهومة التي ترمي لحيرة المتلقي وعدم فهمه؟ هل يأتي من تهويمات يجب أن نعتبرها عبقرية من جمل ولغة عصية على الفهم بحجة تخلّف القارئ.إن تعمد لفت النظر في الأدب والفن دون استناد حقيقي لوعي المبدع وموقفه الفلسفي الحياتي أياً كان، هو استهانة لا تدل إلا على عجز أو ترفع عن رائحة الفقر وجثث ضحايا المستبدين.هل معركة المبدع هي مع المعتقد؟ أم مع الظلم والاستعباد والاستغلال؟ المبدع الحقيقي الذي يحمل فكراً إنسانياً يحترم كل المعتقدات ويحارب ضد استغلالها في السياسة، لكنه يجب أن يعطي كل الحق إلى إيمان الإنسان بدينه أو مذهبه أو عاداته وتقاليده، هل يخرج من رحاب المحبة والسلام والعدالة إلى نفق التعصب سواء ضد الإنسان البسيط أم ضد معتقداته؟إن مقولة الأديب الكبير والشاعر العظيم والشهرة المنتزعة عن طريق التسويق الرخيص للذات والالتصاق بالأسماء الرنانة لا تصنع مبدعاً متميزاً، لا يمكن للأديب أن يكون عظيماً ما دام يعتقد أنه عظيم وأفضل من الآخرين.أعرف ما سيقال مسبقاً عن رأيي هذا، وسأموت دون هذا الرأي ولن أحيد عنه، ولن تعنيني أسماء تعددت طبعات كتبها وتضخمت ذواتها، كانت كبيرة أم شابة غضة، لن تعنيني جوائز تتناثر هنا وهناك بسخاء ودون مسوغ، فالإبداع يحتاج إلى مبادئ وقيم أو إلى شوارب على حد تعبير والدي، وستظل ابتسامتي الساخرة في داخلي وسأظل قابضاً على ما أنا فيه، ولن أتخلى عن الإنسان حتى آخر يوم من عمري.
-----------------------------------------------------------
منقول عن جريدة الراي تاريخ 28/12/2013 العدد:12598
بقلم: بدر الديحاني.
صرح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير النفط مصطفى الشمالي "أن هناك استكشافات واعدة في مجالي النفط والغاز من شأنها أن تزيد إنتاج الكويت اليومي وحجم احتياطياتها، وفقاً لاستراتيجية مؤسسة البترول الكويتية 2030، مضيفاً أن الكويت تستهدف أن يصل إنتاجها اليومي من النفط عام 2020 إلى أربعة ملايين برميل." ("الجريدة" 22 ديسمبر 2013).خبر في غاية الأهمية خصوصاً أنه يتعلق بزيادة احتياطياتنا النفطية، لكن المشكلة أننا لا نعرف حجمها المؤكد ولا نعرف، بالتالي، العمر الافتراضي للنفط، فالمعلومات الرسمية مازالت، كما ذكرنا في مقال سابق، محل خلاف لم تحسمه وزارة النفط حتى هذه اللحظة.ففي عام 2008 أعلنت وزارة النفط أن احتياطاتنا االنفطية تبلغ حوالي 99 مليار برميل، وأن عمر النفط سيمتد إلى أكثر من مئة عام، لكن الاقتصادي المتخصص بالنفط والنائب السابق عبدالله النيباري كان له رأي آخر، فقد شكك في دقة هذه المعلومات حيث كتب آنذاك "ان المعلومات قد توافرت لي بأن التقارير الداخلية في شركة نفط الكويت تقدر أن النفط القابل للاستخراج هو في حدود 35 مليار برميل، أي أن عمر النفط هو في حدود 35 سنة وليس مئة سنة، هذا إذا استمر إنتاجنا السنوي بالمعدلات الحالية أي 2.2 إلى 2.5 مليون برميل يوميا"، كما توقع النيباري "أن يتناقص عمر الاحتياطات النفطية إلى أقل من ذلك وربما يصل إلى 25 سنة إذا ما قامت وزارة النفط برفع الانتاج إلى ما بين 3 و4 ملايين برميل يومياً حسب الخطة الحكومية المعلنة". (انتهى).من ناحية أخرى، هناك تقارير رسمية سبق ان أشار إليها النائب السابق مسلم البراك في تصريح صحافي بتاريخ 6 يونيو 2008 تبين "أن الاحتياطي النفطي المؤكد هو 24 مليار برميل، وليس كما يدعي البعض 99 ملياراً"، أي أنها أقل مما أشار إليه النائب السابق النيباري، وهو ما يعني أن العمر الافتراضي للنفط أقل أيضاً (لاحظ أن ذلك كان قبل خمسة أعوام).وحيث ان حجم الإنتاج النفطي اليومي يجب أن يُربط بحجم الاحتياطات الفعلية، فإن المعلومات الرسمية حول حقيقة احتياطاتنا النفطية والعمر الافتراضي للنفط تعتبر في غاية الأهمية، وقد سبق أن قام رئيس مجلس الأمة السابق أحمد السعدون بتوجيه سؤال إلى وزراء النفط حولها أكثر من مرة وفي فصول تشريعية مختلفة، كما هو واضح من أرشيف المجلس، لكنه على ما يبدو لم يحصل على أي جواب، وهو الأمر الذي يثير أكثر من علامة استفهام خصوصاً أن النفط هو المصدر الرئيسي للدخل القومي.لهذا فإن السؤال لا يزال قائماً حتى الآن فهل يبين وزير النفط حجم احتياطاتنا النفطية الفعلية حتى نستطيع أن نعرف العمر الافتراضي للمصدر الرئيسي لدخلنا وما إذا كان يتعرض للاستنزاف اليومي (حجم الانتاج)، إذ لا معنى لأن يبشرنا الوزير بزيادة احتياطاتنا النفطية ونحن لا نعرف أصلا حجمها المؤكد؟!
_________________________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 25/12/2013
لم تعد عملية حل الحكومة أو حل المجلس تثير تساؤلات وتحليلات وترقباً لدى أبناء الشعب الكويتي، ولم يعد المواطن الكويتي معنياً بعمليات تغيير الوجوه والأسماء، ولا يعنيه دخول أسماء وخروج أخرى من مجلس الأمة فالأمر سيان بالنسبة له.حكومات متعاقبة لا تضيف شيئاً بل هي أشبه بحافلة نقل مهترئة تسير إلى الهاوية، يترجل منها ركاب ويصعد آخرون والدرب هو الدرب، حتى لم نعد نتذكر أسماء الوزراء المتعاقبين، ونقلب صفحات الجرائد من دون التوقف عند تصريحاتهم المكررة والممجوجة على نحو يثير الشفقة على مستقبل الوطن المكلوم ومستقبل أجيالنا القادمة.أما مجلس الأمة الذي فقد هيبته وثقة الشعب به، فأصبح يعيد المسرحيات نفسها من دون أثر يذكر على أرض الواقع، الأحاديث والحوارات والتمثيليات نفسها حول التعاون والإنجاز والتنمية التي أصبحت مفهوماً غامضاً لا أحد يعرف معناه، كالتهويمات النظرية في الفضاء.وزراء موظفون ونواب بصّامون، وعجلة البلد صدئة وتروس الإنتاج بمعناه الواسع مثلومة، لا شيء سوى نفط يباع لتدخل عوائده في جيوب البعض، وما الوزراء والنواب سوى أدوات تستخدم لاستمرار السرقة والفساد والإفساد سواء بإرادتهم أم من دونها.ولو افترضنا جدلاً أنه ليس لدينا مجلس وزراء ولا مجلس أمة فهل سيغيّر ذلك من الواقع شيئاً؟ سيستمر التدهور والانحطاط ذاته في كل مناحي الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بالكويت، ولن يتوقف تدهور الخدمات التعليمية والصحية وستتفاقم الأزمات والمشكلات الاسكانية والمرورية والعمالة المتفجرة ذات الأثر الاجتماعي المدمر، وسترتفع مستويات البطالة خصوصاً بين فئة الشباب المتعلم، وستنتفخ الجيوب والكروش جراء رعاية الفساد أو التغاضي عنه، سواء كان الاتجار بالبشر أو الأغذية الفاسدة أو غيرهما من أشكال الفساد، وسيستمر إعطاء الضوء الأخضر للبرجوازية العقارية لاحتكار الأراضي ومباني السكن والمضاربة بهما، وارتفاع أسعار السلع والخدمات وانتشار الرشوة على جميع المستويات.يتحول البلد شيئاً فشيئاً إلى إقطاعية لحفنة من المتنفذين الفاسدين، وتتسع الهوة الطبقية بحيث تلاشت تقريباً ما تسمى بالطبقة الوسطى، كل ذلك يحدث ولمّا تُطبّق أوامر صندوق النقد الدولي سيئ الصيت بعد، لخصخصة القطاعات العامة بما فيها المربحة وفرض ضريبة القيمة المضافة على المواطنين، ورفع قيمة السلع والخدمات وانهاء رعاية الدولة الاجتماعية ودورها تجاه الشعب، وتفكيكها كـ «خُردة» تُباع إلى قطاع خاص طفيلي عاجز وغير منتج، وقد تدخل الشركات الأجنبية شريكاً في نهب ثروتنا الوحيدة.الحل ليس بتغيير الوجوه وإبدال حطب «الدامة»، فلن يتغير شيء إلا إلى الأسوأ مادام نهج السلطة ذاته لم يتغير، فالانفراد بالسلطة والقرار وعدم الاعتماد على الشعب مصدر السلطات جميعاً، وما دام هناك استمرار للملاحقات السياسية والنهج البوليسي القمعي واستخدام الغطاء القانوني لها، وما دام الشعب الذي أثبت ولاءه لأرضه ولشرعية الحكم ظل مهمشاً، فالوضع في الكويت آيل إلى انفجار وانهيار قد يحرق الأخضر واليابس ويقضي على مشروع بناء الدولة الحديثة نهائياً، وعندها لن ينفع الندم ولا التغيير الشكلي للوجوه، لن ينفع أي ترقيع أو إجراء مهما كان مادامت الكويت على فوهة بركان.سواء ذهبت وزارة وأتت أخرى، سواء ذهب هذا المجلس المسخ أو بقي، فلن يعني ذلك للشعب شيئاً وسيبقى مهموماً مشغولاً بلقمة عيشه، والحل الذي يحتاج إلى صحوة وشجاعة يبدأ بالاصلاح السياسي وتطوير النظامين الديموقراطي والانتخابي، وإشراك الشعب الوفي والأبي بالحكم والقرار.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
_______________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 25/12/2013 العدد:12595
بقلم: د. حسن مدن*
يرى أمين معلوف أن الهوية هي من اكثر الكلمات المُضلِلة، فهي الأكثر شفافية والأكثر خيانة، وبتقديره أن خيانة الهوية تنشأ حين يستعيض الإنسان في أوقات كثيرة عن الهوية بعنصر واحد من عناصرها، ويعتبر أن هذا العنصر، سواء كان دينياً أو قومياً، يختصر أو يختزل كل الهوية، بينما الهوية مركبة من عدة عناصر.
ما لم يقله معلوف هنا ولكنه قاله بتفصيل كبير في كتابه عن «الهويات القاتلة» إن العالم العربي في لحظته الراهنة يشهد هذا الاختزال المعيب، والمدمر، لا بل والقاتل، إن نحن استعرنا التعبير من عنوان كتابه.
صحيح أن معلوف وضع كتابه من وحي تجربته الشخصية بصفته لبنانياً من واقع صراع وتجاذب الهويات في بلده لبنان، وهو واقع أدخل البلد منذ نحو ثلاثة عقود في حرب أهلية طاحنة ما زالت ارتدادتها مستمرة حتى اللحظة، متفاوتة في القوة والنطاق.
ولم تكن البلدان العربية قد شهدت، بعد، تمزقات موجعة في نسيجها الوطني على نحو ما نرى اليوم في العراق وسوريا واليمن وغيرها، لكن ما شخَّصه معلوف في كتابه يظل صالحا للقياس عليه من واقع ان الهوية حين تصبح خائنة ليس بوسعها إلا أن تكون مدمرة.
وجه الخيانة هنا منحصر في اختزال الهوية المُكَّونة، أو التي يجب أن تتكوَّن من عدة عناصر، في عنصر واحد يتيم، يُغيب عناصرها، أو فلنقل أوجهها الأخرى، خاصة ما هو أكثر أهمية منها، حين يكون هو القاسم المشترك بين أفراد شعب متنوع الانتماءات، ولكن تُوحده الهوية الوطنية الجامعة.
يقترح معلوف في هذا السياق التمييز بين الهوية والانتماء بالجمع، اي الانتماءات، فمقولة الانتماءات من وجهة نظره أدق، لان للفرد، كما للجماعة، انتماءات عديدة، ولكنها ليست كلها على ذات الأهمية، بل ان أهمية انتماء معين قد تتغلب على سواها تبعا للمرحلة التاريخية التي تجتازها الأمة.
وهو يعطي مثلا على ذلك بالحال في بلد مثل العراق، تختلف فيه مشاعر الناس في مرحلة معينة عنها في مرحلة اخرى، ثمة انتماء أخذ اهمية أكبر من سواه في مرحلة الحرب العراقية – الايرانية ربما لم يعد قائما الآن.
ليس المطلوب شطب أي انتماء من انتماءات الفرد أو الشعب، بل لعل المطلوب الاعتراف بها، ولكن الخطر ينشأ حين يختزل الأمر في عنصر واحد، مما يقود إلى الخراب.
فالمتابع اليقظ للتطورات الراهنة في غير بلد عربي، سيلاحظ هذا السعي المحموم لإطلاق الغرائز المذهبية الكامنة، والموروثة من تاريخ طويل مثقل بالصراعات التي لبست اللبوس الطائفي أو المذهبي أو العرقي والإثني، وتعمل على تحفيز هذه العصبيات ودفع أصحاب الملل للصراع فيما بينهم قوى داخلية من مصلحتها استمرار وتأبيد الوضع الراهن، وقوى خارجية من صناع قرار ومراكز أبحاث وسلالات «استشراقية» مغرضة، تنوي إغراق هذه المنطقة في الفوضى والاقتتال الداخلي.
فالهويات يجري ترشيدها بالخطاب العقلاني، ويجري دفعها نحو التطرف بخطابات العنف اللفظي وغير اللفظي، فلا يعود بوسعها الإصغاء لصوت العقل الذي يرشدها إلى المهالك التي تجرها عليها الأوهام التي يسوقها من له مصلحة في أن تظل الناس والمجتمعات منقسمة على نفسها.
_______________________________
*الأمين العام السابق للمنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين
منقول عن موقع المنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين تاريخ 20/12/2013
بقلم: د. بدر الديحاني
تعوّل بعض العناصر والأطراف السياسية على حكم المحكمة الدستورية الذي يصدر اليوم مع أن الحُكم لن يغير في الأمر شيئاً، فالأزمة السياسية الخانقة ستستمر بغض النظر عن منطوق حكم "الدستورية" لأن حلها الجذري كما كتبنا في هذه الزاوية أكثر من مرة لن يكون إلا من خلال إصلاحات سياسية وديمقراطية شاملة يترتب عليها تغييرات جذرية في آليات المشاركة الشعبية في إدارة الدولة والمجتمع.فالمعادلة السياسية الحالية التي تم التوافق عليها قبل أكثر من نصف قرن لم تعد صالحة اليوم، ليس لأن مجتمعنا قد مرّ خلال العقود الخمسة الماضية بتغيرات اجتماعية عميقة يجب أن تنعكس سياسياً فحسب، بل لأن آلية المشاركة السياسية تعرضت أيضاً منذ إقرار الدستور لتجاوزات صارخة، من قبل السلطة، أدت إلى تشويهها وإضعاف فعاليتها، وكان آخرها الانفراد بتعديل النظام الانتخابي، وهو الأمر الذي أنتج مجلساً شكلياً باعتراف أعضائه ومؤيديه ليس له دور رقابي ودوره التشريعي متوقف كلية على ما تريده الحكومة.وحيث إن المشكلة الرئيسية التي سببت هذه الفوضى السياسية التي نعانيها الآن هي عدم التزام أحد أطراف المعادلة السياسية، وهو السلطة، بالقواعد العامة التي تحكم "اللعبة السياسية " كما نص على ذلك الدستور، فإنه لا مخرج حقيقياً من الأزمة السياسية المستمرة إلا بالاعتراف بذلك أولاً... فالاعتراف بالمشكلة هو الخطوة الأولى لحلها.وبعد ذلك يفترض أن تبادر السلطة إلى تقديم مشروع سياسي جريء يعيد الصراع السياسي إلى قنواته الدستورية الطبيعية بدلاً من إجبار "المعارضة" على الاحتكام إلى الشارع لحسم الصراع، حيث إن للشارع "قوانينه وآلياته ونتائجه" التي من الصعوبة بمكان التنبؤ بها أو التحكم فيها، خصوصاً أن الصراع السياسي في هذه الحالة سيكون بين الشعب والسلطة مباشرة.أما المراهنة على عامل الوقت لحل المشاكل الاجتماعية- السياسية فهي حيلة العاجز أو الضعيف، إذ كلما استمرت الأزمة الاجتماعية- السياسية الخانقة ازدادت تعقيداً وصعب حلها، فالظروف المحلية والإقليمية والدولية متغيرة باستمرار ولن تتوقف بانتظار العاجزين والضعفاء.وبالرغم من أن أحكام المحكمة الدستورية لها انعكاس مباشر على القضايا السياسية فإن الحل السياسي السليم يجب أن يطرح من قبل السياسيين ويكون حوله توافق وطني، ومن حسن الحظ أن لدينا أساساً قوياً للتوافق الوطني، وهو دستور 1962 الذي من الممكن تعديله من أجل استكمال بناء الدولة الدستورية الديمقراطية متى ما كانت موازين القوى لمصلحة عملية التغيير المدني- الديمقراطي.
________________________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 23/12/2013
لا يخفى على أحد الأزمة العميقة التي تعاني منها تيارات الإسلام السياسي داخلياً وخارجياً، ولم يعد هناك مجال للاستمرار بخداع الجمهور ظاهرياً بقوة هذه التيارات وسيطرتها على الشارع السياسي أو الايحاء بكثرة أعداد أعضائها في هياكلها التنظيمية، فمقولة أقوى وأكبر التنظيمات السياسية مقولة مضللة داخلياً وخارجياً، بل إن أخطاءها السياسية كشفتها التجارب على أرض الواقع فبدأت تفقد شعبيتها الظاهرية بحيث لا يمكن التنبؤ بمستقبلها في الساحة السياسية، ولم يتبق سوى الصوت العالي والصيت الزائف، واستخدام الدين الحنيف لاسكات أي صوت احتجاجي ضدها.فالجمهور الكويتي على سبيل المثال جرّب هذه التيارات على أرض الواقع، وقارن بين عدد المعتقلين والذين تم استدعاؤهم للتحقيق في أحداث الحراك من الإسلاميين، وبين عدد المعتقلين والملاحقين من التيارات السياسية والشبابية الأخرى الذين بلغوا المئات، كما لمس الجمهور أيضاً على أرض الواقع قدرة هذه التيارات الإسلامية السياسية على قيادة الجماهير، هذا ناهيك عن المواقف المبدئية في الأحداث والظروف الحاسمة والمفصلية في تاريخها كله.أما خارجياً سواء في مصر وتونس وتركيا والسودان، فان انكشاف حقيقة هذه التيارات هو أبسط الأمور عند أبسط الناس، لكن الأسوأ هو تشنجها ولجوؤها الى الأعمال الإرهابية سواء كانت دولاً أم جماعات، بدلاً من تعديل قراءتها السياسية بسرعة قبل انهيارها التام وتشوه صورتها أمام الشعوب والجماهير العربية والإسلامية.ولذا يتهافت الناس على الكتب التي تكشف علاقات تيارات الإسلام السياسي مع الاستخبارات الأوروبية والأميركية والإسرائيلية، وبالوثائق الاستخباراتية التي بدأت تُنشر وتكشف حجم التآمر البريطاني والأميركي مع هذه التيارات، بل تكشف دور هذه الاستخبارات في تأسيس ورعاية هذه الجماعات والتيارات، وهنا لا أتحدث فقط عن جماعة الإخوان المسلمين ولكن عن كل التيارات الأصولية بما فيها السلفية والجهادية والتكفيرية.فالفراغ الذي ملأته هذه التيارات الإسلامية في أواخر السبعينيات والثمانينيات وشجعته الأنظمة العربية ودعمته بدفع من الغرب لمواجهة التيارات القومية والديموقراطية واليسارية، بدأت تفقده لصالح النهوض اليساري العالمي وأيضاً باعتراف الجهات الاستخبارية الخارجية.رغم أن الإسلام السياسي ليس كتلة متجانسة سواء في البلد الواحد أو في البلدان المختلفة، وقد تتباين مصالحها وأدوارها وعلاقاتها مع بعضها ومع الأنظمة، فهي في بلد ما لا تريد أن تفقد حظوتها ومكانتها وشراكتها الطبقية وامتيازاتها المالية، وفي بلد آخر هي تقف مع النظام ضد قوى المعارضة بأشكالها المختلفة وهي معارضة في بلد آخر.وبعد نشر المركز القومي للترجمة التابع للمجلس الأعلى للثقافة في مصر لكتاب «التاريخ السري لتآمر بريطانيا مع الأصوليين» الذي كتبه الصحفي البريطاني «مارك كورتيس» والذي تربطه علاقة ما مع الاستخبارات البريطانية، وترجمه كمال السيد، نفدت طبعاته الواحدة تلو الأخرى منذ نشره عام 2012، ويكشف فيه كورتيس وبالوثائق حجم التآمر تاريخياً ومنذ زمن بعيد، وكيفية تأسيس وتدريب جماعات الإسلام السياسي بما فيها القاعدة وحتى الجماعات الشيعية، من خلال سياسة ما سمي «التدرب على الإرهاب».فمن الهند وباكستان وأفغانستان وليبيا ومصر وتونس وتركيا والبوسنة وجنوب البلقان ودول شرق آسيا ونيجيريا والصومال والعراق وسورية وبعض دول الخليج وغيرها، يكشف هذا الكتاب الضخم الذي يقع في أكثر من 570 صفحة فضائح الإسلام السياسي، وكيفية تأسيسهم على يد الاستخبارات البريطانية وحجم الدعم المالي والعسكري لهم، لتحقيق مصالحها الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، حيث لا مكان للمبادئ والقيم وانما الأساس والأولوية هي للمصالح.بل يوضح الكتاب أيضاً كم كانت بريطانيا ماهرة وماكرة في التلاعب بكل الأطراف، وان أكثر من استغلتهم ثم نبذتهم عندما لم يعد لهم جدوى وانتفى الغرض منهم هم المتأسلمون.ولنا عودة لهذا الكتاب ولتفاصيل أكثر.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
_______________________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 23/12/2013 العدد:12593
كثرت الخطوط الحمر في الكويت حتى لم يعد هناك مكان لخط أخضر، كل شيء أصبح غير مسموح به حتى التعبير عن مواقف وسياسة دولة الكويت الرسمية، أو عن تضامن الشعوب العربية والعالمية ضد السياسة الاستيطانية والعنصرية والعدوانية للنظام الصهيوني، العدو الرئيس للأمة العربية، هذا العدو الذي زُرع بيد الغرب الاستعماري في قلب الأمة العربية ليضعف قوة وقدرة هذه الأمة على النهوض والتقدم والتحرر وتفتيتها إلى دويلات ضعيفة، فإسرائيل المسكوت عن جرائمها ضد أهلنا في فلسطين تحظى بدعم وحماية الغرب وأميركا وبعض الأنظمة العربية.في السنوات الأخيرة تحولت الكويت من النهج الديموقراطي إلى النهج البوليسي والملاحقات السياسية والانفراد بالسلطة وكأن لا دستور ولا قوانين تحكمها، وأُدخلنا في نفق الأزمات السياسية العميقة، وقلبت الحكومة ظهر المجنّ للشعب الكويتي.كل الإجراءات التعسفية التي حدثت للناشطين والشباب يمكن إيجاد تفسير لها ضمن النهج السياسي الجديد، بما فيها القمع الأمني للتظاهر السلمي وتلفيق التهم والتعسف باستخدام القانون كغطاء للملاحقات السياسية، والتعدي على مواد الدستور وخاصة في جوانب الحريات، وسرقة المال العام وانتشار الفساد والإفساد الذي طال نواب مشرّعين وتنفيذيين، وأدى إلى تنفّذ الفاسدين وتعدد رؤوس مراكز النفوذ، وانحدار كل جوانب الحياة في المجتمع الكويتي وكل الخدمات بما فيها البنية التحتية، والانحياز للقطاع الخاص والتخلي عن الرعاية الاجتماعية على حساب معيشة المواطنين وبالأخص الفئات ذات الدخل المحدود والمهمشة.لكن إجراءات وزارة الداخلية ممثلة بالإدارة العامة للمباحث الجنائية من خلال استدعاء والتحقيق مع الشباب والناشطين الذين اعتصموا احتجاجاً على مشروع «برافر» الاستيطاني الصهيوني، وهو الذي أثار استياء شعوب العالم حيث قامت السلطات الصهيونية بالاستيلاء على أراضي عرب النقب في فلسطين وطردهم وهدم منازلهم من أجل إقامة مستوطنات، وحصر العرب في مساحة لا تتعدى 1 في المئة من هذه الأراضي التي عاشوا بها وكانت موطناً لهم لمئات السنين، هذه الإجراءات لا يمكن تبريرها.وهي استدعاءات غير مفهومة على الإطلاق، خاصة وأن دولة الكويت كانت ولا تزال ترفض التطبيع مع العدو الصهيوني ما أثار استياء واستغراب الشعب الكويتي من المعارضين والموالين للسياسات الحكومية، وقد يكون الأمر مفهوماً في حدود النهج الجديد لو كانت إسرائيل دولة صديقة أو شقيقة، لكن دولة الكويت كانت ومازالت في حالة حرب معها بل قدمت شهداء سالت دماؤهم في مصر وسورية والأردن وفلسطين.كان الاعتصام أمام سفارة فلسطين تضامنياً سلمياً في إطار حملة شعبية عالمية ضد هذا المشروع التوسعي الاستيطاني، ورغم ذلك تعاملت معه وزارة الداخلية باعتباره عملاً جنائياً، والمفارقة الغريبة والمضحكة أن إسرائيل نفسها تراجعت عن هذا المشروع تحت ضغط الحملة العالمية.والغريب في الأمر أكثر ان المباحث الجنائية بعد أن استدعت العديد من الشخصيات والناشطين لمقر المباحث من أجل التحقيق معهم، بل بالفعل تم التحقيق مع بعضهم عادت واتصلت بهم طالبة منهم عدم الحضور، متراجعة عن قرار إجراء تحقيقات في «جناية» الاعتصام ضد إسرائيل ومشاريعها التوسعية في الأراضي الفلسطينية، معللة ذلك بخطأ اجرائي مرة وبأنه تصرف فردي مرة أخرى في تخبط واضح وفاضح.وقد يكون هذا التصرف تخبطاً وقد يكون دليلاً على تعدد مراكز النفوذ والقرار، وهو أمر أخطر بكثير من التخبط المخجل لأجهزتنا الأمنية، إذ ان تعدد مراكز النفوذ يعني سيطرتها على عناصر في الأجهزة التنفيذية والتشريعية، وهذا ينسف دولة الدستور والقانون.لكن من ناحية أخرى هذه احدى نتائج الانفراد بالسلطة وعدم الاعتماد على الشعب المخلص لنظام الحكم بل معاداته لصالح المتنفذون الفاسدين، هؤلاء المتنفذون سيدخلون من خلال عزل الشعب عن القرار في منافسات من شأنها أن تخلخل أسس المجتمع بل وربما الدولة بأكملها.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
_______________________________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 18/12/2013 العدد:12588
بقلم: د. بدر الديحاني
أليس غريباً في الوقت الذي يتحدث الجميع عن الفساد ودوائر المفسدين وتتناولها الصحف اليومية بشكل شبه يومي، وفي الوقت الذي ترصد تقارير ديوان المحاسبة حالات صارخة للفساد أننا لم نر أحداً من كبار الفاسدين في السجن؟ لقد تم احتلال البلد خلال بضع ساعات ونهبت ثرواته أثناء الاحتلال (فضيحة الناقلات والاستثمارات الخارجية) ولم يحاسب أحد، بل إن بعض المتهمين في الفساد وبعض من كانت تدور حولهم شبهات استغلال وظائفهم لمصالحهم الشخصية استلموا في ما بعد وظائف قيادية، وأصبحوا يجلسون في الصفوف الأمامية، فماذا سيعمل الفاسد سوى حماية الفساد ورعايته؟!أليس غريباً أيضا أن يعترف رئيس الحكومة بأن أغلبية "القياديين" في الجهاز الحكومي أتوا إلى مناصبهم عن طريق "الواسطة" وليس الكفاءة، ومع هذا يقف عاجزا عن تغييرهم ولا يحرك ساكناً، ثم يأتي بعد ذلك من يحدثك عن جدية الحكومة في محاربة الفساد وقدرتها على تنفيذ خطط تنموية طموحة؟!منذ سنوات والناس تسمع وتقرأ عن قضايا كثيرة فيها شبهات فساد وتعارض مصالح وكسب غير مشروع، تنشر تفاصليها تقارير ديوان المحاسبة، وتشير إليها الصحف ويتداولها عامة الناس في وسائل التواصل الاجتماعي، ومع هذا لم يحاسب أحد من كبار المسؤولين في الدولة أو من كبار المتنفذين والفاسدين.خذ، على سبيل المثال لا الحصر، قضايا الإيداعات والتحويلات الخارجية، و"الداو" واللحوم والأغذية والمشروبات الفاسدة، وفضيحة استاد ومستشفى جابر، وصفقة "الكويتية" التي تُتبادل فيها الاتهامات على صفحات الصحف حتى هذه اللحظة، و"الأوفست" وما أدراك ما "الأوفست"؟! فضلاً عن مخالفات الهيئة العامة للاستثمار ومؤسسة التأمينات الاجتماعية، وتجاوزات "طوارئ كهرباء 2007"، والواجهة البحرية ومخالفات مشروع الجامعة في الشدادية، وكارثة محطة مشرف للصرف الصحي. أضف إلى ذلك تجاوزات مشروع المجلس الأولمبي، ومستشفى "السيف"، وفضيحة المصانع التي تتسبب في كارثة تلوث منطقة "أم الهيمان" ومنطقة الجهراء، علاوة على فساد البلدية والمناطق الصناعية في أبوفطيرة والجهراء والفحيحيل والعارضية، وتجارة الإقامات ومخالفات منطقتي الشويخ الصناعية والري، والمناقصات التي تفصّل حسب مقاس كبار المتنفذين، ومخالفات "البي أو تي" أو ما يسمى "حق الانتفاع" التي حولت أراضي الدولة وممتلكاتها إلى مُلكية خاصة.فهل من المعقول ألا يحاسب أحد على كل هذه الكوارث والفضائح والتجاوزات الصارخة؟! وهل نلوم الشباب بعد ذلك إن نفد صبرهم وهم ينتظرون سكنا أو وظيفة بينما يرون الفاسدين يسرحون ويمرحون ويتلاعبون بأموال الدولة وثرواتها ولا أحد يحاسبهم؟!
________________________________________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 18/12/2013
بقلم: د.فواز فرحان*
في البداية أحب أن أثني على الإعلامي البارز الأستاذ محمد الوشيحي ودوره المميز والملموس في الحراك الشعبي الكويتي، وأحب كذلك أن أشكره على كلماته التي وردت في مقاله الذي جاء تحت عنوان (التقدمي يتقدم على الإخوان والليبرال) حيث وصف شباب التيار التقدمي الكويتي بأنهم (الأعلى ثقافة، والأوسع أفقاً، والأكثر اطلاعاً وقراءة، بل هم الأكثر حدة في معارضتهم من بين كل التيارات المؤدلجة، والأكثر صدقاً)، وسأنطلق في مقالي هذا من نقطتين تطرق لهما الوشيحي في مقاله و هما كون التيار التقدمي مؤدلجاً وعلاقة التيار التقدمي بالتجارب اليسارية والتقدمية والاشتراكية في العالم.
إذا وصفنا شخصاً ما بأنه مؤدلج فنحن نعني بأنه يتبنى منظومة من الأفكار والمفاهيم السياسية والاقتصادية والاجتماعية المحددة التي تتكامل فيما بينها لتجعل هذا الشخص مهيئاً لتصور وبلورة مشروع واضح المعالم ينطلق فيه نحو مجتمعه بهدف إصلاحه وتطويره وتغييره... فكون الإنسان مؤدلجاً لا يعني بالضرورة بأنه جامد فكرياً وغير قابل للتطور وغير مستعد لاستقبال المعرفة والعلم الذين يزدادان ويتطوران بشكل دائم بفعل تراكم التجارب الإنسانية؛ وخصوصاً إذا كانت إيديولوجيته مبنية على الجدل (الديالكتيك) وتنطلق من الواقع المادي الملموس. وتجدر الإشارة في هذا الصدد بأن ذوي النزعات المثالية والوجودية والفردية يعتبرون الإيديولوجيا إحدى بؤر الشر في العالم وبأنها تعطّل عقل الإنسان وتكبح إنطلاق إبداعاته وتجعله كالحجر الأصم الذي يستقبل الصدمات من غير إبداء أية ليونه لينتهي به الأمر إلى التكسر والتفتت في وجه المتغيرات(!) وهذه النظرة للإيديولوجيا تفتقد للتحليل الواقعي والعلمي وتكون منطلقاتها في الغالب من ردود أفعال على أحداث ووقائع معينة؛ وفي الوقت نفسه لا تطرح هذه النظرة بديلاً واضحاً عن الإيديولوجيا تؤهل الجماعات لطرح مشاريعها النهضوية انطلاقاً من الواقع والتناقضات اليومية، وينتهي المطاف بهذه النظرة السوداوية نحو الإيديولوجيا إلى تحولها إلى إيديولوجيا جديدة مبنية على نبذ كل الإيديولوجيات الحالية؛ فتغنّي هذه النظرة بأنها غير مؤدلجة أعتبره أدلجةً بحد ذاتها!
وإذا جئنا للتيار التقدمي الكويتي الذي أثنى الأستاذ الوشيحي على ثقافة شبابه المنتمين له فسنجده إمتداداً للخط اليساري التقدمي في الكويت على مدى الستين عاماً الماضية إن لم يكن أكثر، ويشكل هذا التيار ما يشبه الائتلاف السياسي بين مختلف أطياف اليسار والتقدمية من ماركسيين لينيين واشتراكيين ديمقراطيين وبعض العناصر القومية والناصرية ذات النزعة اليسارية والمؤمنين بمبدأ العدالة الاجتماعية بتعريفها المباشر والبسيط وكذلك المتفقين مع الخط السياسي الاقتصادي الاجتماعي الذي أعلن مؤسسو التيار التقدمي عن تبنيه، وبرز هذا التيار على الساحة السياسية مجدداً قبل ثلاث سنوات بعد أن اختفى ظاهرياً على مدى العشرين سنة الماضية بسبب إنضوائه بشكل جزئي تحت مظلة الائتلاف اليساري الديمقراطي والمسمى بالمنبر الديمقراطي، وشكّلت عودة ظهور هذا الخط اليساري التقدمي تحت إسم التيار التقدمي الكويتي نوعاً من الحركة الإيجابية في الساحة السياسية وأعطت الحراك الشعبي المعارض لوناً إضافياً يشكّل أحد أهم أطيافه، و كَوْن التيار التقدمي الكويتي يعتبر العدالة الاجتماعية حجر الزاوية في بنيان أفكاره ومبادئه فإنه أعطى بعداً آخر للمطالب الشعبية وأضفى واقعية على الحركة المطلبية وجعلها تركز أكثر على هموم ومشاكل الطبقات العاملة والفئات الشعبية المهمشة ومتدنية الدخل.
وذكر الوشيحي في صدد ثنائه على ثقافة شباب التيار التقدمي الكويتي بأنه يختلف مع أفكارهم التي ربطها بتجارب معينة مثل تجربة الاتحاد السوڤييتي وتجربة الصين والتجربة الناصرية التي قال إنها أثبتت فشلها؛ وهنا لنا وقفة. التيار التقدمي الكويتي ليس تكراراً لتجربة تاريخية معينة وهذا واضح من أهدافه وخطه السياسي الذي أعلن عنه وكذلك من مشروعه الذي طرحه للإصلاح الديمقراطي في الكويت، والإشتراكية هدف سامٍ بعيد المدى لن تتحقق العدالة الاجتماعية بشكلها الكامل إلا في ظله وهذا الهدف يتم السعي له من خلال تحليل مادي واقعي للتاريخ وبقوانين علمية يعرفها كل المختصين بعلم الاقتصاد السياسي الذي يدرّس في أغلب جامعات العالم، وذلك جراء تفاقم تناقضات النظام الرأسمالي الذي هو نظام استغلالي آيل إلى زوال، أما التجارب التاريخية للوصول إلى الإشتراكية فهي ليست إلا محاولات مختلفة حكمتها ظروفها الزمانية والمكانية وتحكمت بها الأحداث والصراعات الدولية، خصوصاً أنها تمت في بلدان متخلفة سابقاً وليس لديها تراث ديمقراطي، وبالتالي فإنّ تعثُّر أو فشل تجربة معينة مثل تجربة الاتحاد السوڤييتي لا يعني فشل التجربة الصينية التي تتطور حالياً وهي جديرة بالمتابعة والملاحظة رغم بعض الانتقادات العلمية عليها؛ ولا يعني أن التجربة الكوبية لم تصل إلى مراحل متطورة على مستوى الجوانب الحياتية المختلفة وعلى مستوى حقوق ومتطلبات الشعب الأساسية مثل السكن والتعليم والتطبيب رغم الحصار الأميركي المفروض على كوبا منذ أكثر من نصف قرن؛ ولا يعني أن الأحزاب اليسارية والتقدمية والإشتراكية والشيوعية في أوروبا وأميركا الجنوبية لا تتقدم سنوياً على مستوى القبول الشعبي لبرامجها ومشاريعها والذي انعكس على مستوى تمثيلها في البرلمانات والحكومات الذي تؤكده الأرقام، والجدير بالذكر أنني خلال كتابتي لهذا المقال جاءني خبر فوز مرشحة الحزب الاشتراكي في تشيلي الرفيقة ميشال باشيلي في انتخابات الرئاسة.
ما أردت قوله للعزيز الوشيحي ولكل من ينظر بمثل نظرته للتقدميين هو أننا لسنا منظّري صالونات حتى يتم الثناء فقط على مستوى ثقافتنا، ولكننا جزء من تيار يحمل فكراً ومشروعاً نهضوياً واقعياً يتلمّس حاجات ومتطلبات شعبنا، وأننا جزء من حركة مجتمعية عالمية تسعى للعدالة الاجتماعية على حسب ظروف ومستوى تطور الدول المختلفة، وبأن هذه التجارب العالمية ومن ضمنها تجربتنا تتطور بشكل دائم في ظل تفسّخ وقرب انهيار النظام الرأسمالي العالمي الذي تؤكده وقائع الأزمات العالمية.
---------------------------------------
*عضو التيار التقدمي الكويتي.

بيان صادر عن التيار التقدمي الكويتي حول التعامل مع المشاركين في الاعتصام ضد مشروع برافر الصهيوني
باستغراب واستياء تابعنا ما حدث يوم أمس من حملة الاستدعاءات التي قامت بها الإدارة العامة للمباحث الجنائية لعدد من الشخصيات السياسية والشباب المشاركين في الاعتصام التضامني مع الشعب العربي الفلسطيني مساء يوم السبت 30 نوفمبر الماضي ضد مشروع برافر الصهيوني للاستيطان، وما أجراه ضباط المباحث الجنائية بالفعل من تحقيق مع بعض المشاركين الذين تم استدعاؤهم يوم أمس.وكان السبب الأول للاستغراب والاستياء أنّ الكويت كانت ولا تزال ترفض التطبيع مع العدو الصهيوني، بحيث يصعب فهم حملة الاستدعاءات للتحقيق مع المشاركين في الاعتصام المناهض للمشروع الصهيوني ما لم تكن هذه الاستدعاءات خطوة مشبوهة نحو هذا التطبيع المرفوض.ويضاف إلى ذلك أنّ الاعتصام الذي أقيم في الكويت كان اعتصاماً تضامنياً سلمياً في إطار حملة عالمية شعبية ضد مشروع برافر الصهيوني التوسعي، ومع ذلك فقد تمّ التعامل معه وكأنه عمل جنائي، خصوصاً عندما تقوم الإدارة العامة للمباحث الجنائية باستدعاء المشاركين للتحقيق، مع ما يمثله هذا الإجراء من تعدٍّ غير مقبول على حقّ الاعتصام السلمي الذي هو حقٌّ ديمقراطي أصيل لا يجوز تجريمه.والمفارقة أنّه بعد الحملة الاستنكارية الواسعة ضد استدعاء المشاركين في الاعتصام للتحقيق، وبعد أن تمّ التحقيق مع بعض المشاركين، فقد وجدت وزارة الداخلية نفسها في حالة حرج اضطرتها إلى الاتصال هاتفياً مرة أخرى بمَنْ تم استدعاؤهم للتحقيق ولم يحضروا للطلب منهم عدم الحضور معللة ذلك مرة بخطأ إجرائي ومرة أخرى بأنه تصرف فردي، ما يدل على تخبط السلطة وأجهزتها الأمنية من جهة، ويدل من جهة أخرى على تأثير حملة الاستنكار الشعبية الواسعة.إنّ السلطة إزاء هذا كله مطالبة بإعلان موقف واضح ضد التطبيع مع العدو الصهيوني، ومطالبة بالاعتذار عن التصرف الأخرق الذي قامت به أجهزتها الأمنية.الكويت في 16 ديسمبر 2013
راهن العديد من اليساريين والتقدميين وخاصة العرب على فوز الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، الذي وصل بدعم تحالف الأحزاب اليسارية والعمالية في فرنسا حيث كان شعاره الانتخابي «رأس المال هو العدو»، لكنه منذ المئة يوم الأولى من حكمه بدأ يظهر وجهه الرأسمالي القبيح من خلال دعم كبار المضاربين وعدم الإيفاء بوعوده للأحزاب التي دعمته، ببرامج للقضاء على البطالة وجميع المشكلات الاجتماعية التي يعاني منها الشعب الفرنسي وبالأخص العمال والكادحون ومحدودو الدخل.ولم يكتف بذلك بل إن انعطافه نحو التوجه الحقيقي للاشتراكية الديموقراطية ذات الشواهد المعروفة عنها في خيانة الطبقة العاملة أوصل فرنسا إلى الأسوأ باتجاهات اليمين المتطرف واشتداد المخاطر على الديموقراطية والدخول في أزمات عميقة.فقد تخلت فرنسا تحت حكمه عن استقلاليتها خاصة بالنسبة للشرق الأوسط، لتلعب دور الجندي بدل أن تكون داعية سلام وحوار بين الشعوب، والزيارة التي قام بها فرانسوا هولاند أخيراً إلى إسرائيل «طاولت عدم اللياقة والنفاق»، كما جاء في بيان الحزب الشيوعي الفرنسي.ورغم دفاع الليبراليين عن الاشتراكية الديموقراطية والليبرالية الاجتماعية باعتبارها تختلف عن الرأسمالية المتوحشة أو النيوليبرالية، إلا أن توجهات هولاند تعطي دفعاً جديداً للأسواق وتتراجع أمام المصارف والشركات المالية، وتنحني لإملاءات المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، فاليمين اليوم يدافع عن مصالحه عبر الدفع باتجاه جعل العامل يحمل راية أرباب العمل وجعل الموظف المسرّح من العمل يدافع عن رب العمل الذي سرّحه، وقد ازدادت ثروات العائلات الخمسمئة الأكثر غنى بنسبة 25 في المئة خلال السنوات القليلة الماضية، وارتفعت أرباح الشركات المالية بنسب جنونية على حساب حصة الأجور وعلى حساب التغطية الاجتماعية، وهو ما أدخل فرنسا بأزمات اقتصادية واجتماعية وغضب جماهيري واسع.لقد تحول العديد من التقدميين في العالم وفي الدول العربية إلى الاشتراكية الديموقراطية وفكرها الليبرالي بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، تحت أوهام أنها الحل لكن الزمن أثبت أن الاشتراكية العلمية هي الحل، وأن الاشتراكية الديموقراطية وفكرها الليبرالي الاجتماعي مهما حاولت تلميع صورتها أمام الطبقة العاملة والجماهير الشعبية الكادحة أو قدمت وعوداً كاذبة بالوقوف في وجه اليمين والتوجه الاقتصادي النيوليبرالي الذي سبب كل هذه الأزمات، إلا أنها تثبت دائماً وبالتجربة أنها وفيّة لتوجهاتها الرأسمالية أكثر بكثير من توجهاتها بل ادعاءاتها بالاشتراكية.ولذا فإن الحزب الشيوعي الفرنسي الذي كان الداعم الأكبر لهولاند أثناء انتخابات الرئاسة بعدما قطع له وعداً بمناصرة الفقراء والعمال والمهمشين والقضاء على المشكلات الاجتماعية والوقوف في وجه اليمين المتطرف، دعا الحزب الشيوعي ومعه جبهة اليسار إلى التغيير الجذري في السياسات المتبعة على الصعيد الوطني والأوروبي والعالمي.وقد تنامت البطالة بين الفرنسيين في عهد هولاند حتى بلغت أكثر من خمسة ملايين عاطل، كما أن الحكومة الفرنسية تتبع سياسات ضرائبية غير عادلة، وهذا لا يؤدي إلا لتحركات وتظاهرات واحتجاجات شعبية، ففرنسا لا تمر فقط بأزمة اقتصادية عابرة على غرار ما حصل في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، ولكنها تعيش الثورة الرقمية واختفاء العديد من الصناعات والعولمة، وتعبر مرحلة من الركود الاقتصادي والبطالة والتأقلم مع العالم الجديد، وهذا سيؤدي إلى انفجار اجتماعي كبير جراء هذا الوضع الاقتصادي الخطير.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
_______________________________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 16/12/2013 العدد:12586
بقلم: د. شفيق الغبرا*
على رغم أجواء الهدوء السياسي النسبي في الكويت، إلا أن مكونات الأزمة التي اندلعت في السنوات القليلة الماضية لم تتغير، فالمأزق الذي يحكم العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية والذي يعكس في جانب منه ما يدور في أعماق المجتمع من تغيرات لا زال يتفاعل. فبعد حراك شعبي تميز بالزخم ودور القوى الشبابية بين ٢٠١٠ و ٢٠١٣، وبعد تعبيرات صاخبة وانقسام في أوساط النخب والمجتمع، استطاعت السلطة التنفيذية وعبر وسائل مختلفة منها التدخل الأمني الدفع بالوضع إلى المكان الذي تريده. لكن هذا لم ينهِ البعد السياسي الأكثر أهمية وعمقاً للمشكلة وتفاعلاتها. فالاستجوابات الموجهة إلى الوزراء ولرئيس الوزراء (وصلت إلى ستة في يوم واحد) في مجلس الأمة الحالي (وهو أحد مجالس الأمة الأقل معارضة بسبب الصوت الواحد ونسب المقاطعة) ما هي إلا مجرد تعبير يطفو على السطح عن طبيعة المشكلة المخفية تحت جبل من الجليد. ولم يعد رئيس الوزراء في الكويت، مهما تنوعت قدراته وخلصت نياتهه، قادراً على تحقيق نتائج استناداً إلى المعادلة الراهنة التي لا تؤمن له الغالبية في مجلس الأمة والتي تخلو من أي برنامج حكومي مدروس يحظى بموافقة المجتمع الأوسع. فهل أصبح المخرج ممكناً عبر الإصلاح السياسي ورئيس وزراء شعبي وتعديلات دستورية؟
إن المعادلة الكويتية التي أقرها دستور ١٩٦٢ تزداد تراجعاً مع مرور كل يوم، فقد تطور المجتمع وتعلّم وبرزت في صفوفه قوى شبابية جديدة وطبقة وسطى متوقدة بينما الإدارة الحكومية حتى الآن غير قادرة على عكس هذه الحالة في بناها وطريقة تشكيلها وبرامجها. إن عدم القدرة على الوصول إلى صيغة جديدة تسمح للتجربة الكويتية الديموقراطية، ذات التاريخ المتميز في منطقة الخليج، بالتقدم إلى الأمام سوف يبقي الكويت رهينة صراع نفوذ ومراكز لا رابح منه إلا الفساد والتراجع والتآكل. إن علاج جراح المرحلة التي تعيشها الكويت يتطلب منها ضخ دماء جديدة في البنيان السياسي تماماً كما حصل في ستينات القرن العشرين. لكن الدماء الجديدة، هي الأخرى، لن تتقدم المشهد بلا إصلاحات جادة وصلاحيات جديدة ومعادلات لم تجرب سابقاً. هنا يقع أساس المشكلة.
وبالفعل تبدو الكويت من أكثر دول الخليج جاهزية للإصلاح، وتليها في ذلك البحرين، لكن توافر الأوضاع الموضوعية للإصلاح من دون الإرادة السياسية لتحقيقه بخاصة في صفوف النخبة الحاكمة يؤجل عملاً حان وقته. إن الانتظار عاماً وراء عام، مهما بدا مريحاً، سوف يرفع كلفة الإصلاح ويؤدي إلى انتشار أجواء التفكك الاجتماعي والسياسي التي يصاحبها عدم الثقة في كل مؤسسة وسياسة. وهذا الوضع يساهم في نمو الفساد والإحباط والتخوف من المستقبل المنتشر الآن بين قطاعات كبيرة من المجتمع.
وبينما يؤكد دعاة الانتظار المفتوح، بخاصة في صفوف النخبة الحكومية، بأن وجود ثروة وطنية نفطية ضخمة يكفي لتأمين الكويت لأجيال قادمة، إلا أن الثروة الوطنية في ظل الضعف الإداري وتعميق الاختلاف على صغائر وكبائر الأمور وعدم تنويع المصادر، كما فعلت دول خليجية أخرى، سيؤدي بالبلاد إلى كارثة وطنية كبرى لا تقل في حجمها عما وقع عام ١٩٩٠. نستطيع أن نتخيل الأثر لإمكانية تراجع أسعار النفط العالمية أو دخول قوى نفطية جديدة إلى السوق كما حصل مع الولايات المتحدة مؤخراً، وكما سيحصل مع دخول كل من العراق وإيران السوق النفطي مجدداً، كما نستطيع أن نتخيل طبيعة المصير الذي ينتظر البلاد بعد جيل أو جيلين في ظل الفشل في تنويع المصادر. وبالفعل يوجد وهن حكومي، والمقصود بالوهن هنا فقدان الحماسة في العمل وضعف في صنع القرار وفي عملية التنفيذ.
وعند التدقيق يتبين أن المعارضة التقليدية في الكويت ليست المسؤول الأول عن هذا الوضع الذي آلت إليه الأمور. نعم للمعارضة أخطاء، وفي حالات عدة مغالاة في المواقف، لكن الحُكم الحقيقي والقرار الرئيسي وكل الأدوات المرتبطة به ليست بيد المعارضة في الكويت، والحكومة في هذه المرحلة بالتحديد تحكم بلا معارضة. بمعنى آخر تتحمل السلطة التنفيذية المسؤولية الرئيسية في أعين المجتمع، وقد أدى غياب المعارضة التقليدية عن المشهد إلى تعزيز هذه القناعة. لقد اكتفت السلطة التنفيذية في الكويت، حتى الآن، بتوجيه ضربة قوية إلى المعارضة والحراك الشعبي الشبابي ما أفقد البلاد جانباً مهماً من روحها المحبة للتجديد، ولم تقدم السلطة السياسية في المقابل البرنامج البديل الذي يعود ويمتص الأجواء على قاعدة جديدة. هناك في الأجواء ما يعيد البلاد إلى المربع الأول.
إن إعادة طرح فكرة رئيس الوزراء الشعبي في ظل حزمة إصلاحات شاملة تثير مخاوف أوساط عديدة في الأسرة الحاكمة كما في بعض أوساط المجتمع. ومن حق كل الأطراف التخوف لأن الإصلاح صعب، ويحتوي على تنازلات عن سلطات في جوانب عدة. لكن عند التدقيق في المشهد بتجرد وحرية سنجد أن مصاعب الإصلاح على المدى المتوسط والبعيد أقل خطراً على النخبة التجارية والسياسية في الكويت من مخاوف الانتظار. إن جعل الخوف يتحكم بصنع القرار الإصلاحي هو الخطر الأكبر على الكويت لأنه دعوة لعدم التحرك والتآكل. فالانتظار، كما هو حاصل الآن، يدفع بالبلاد إلى أزمة وراء الأخرى بينما تتغير البيئة الداخلية الكويتية والبيئة العربية والإقليمية.
ويوجد في المجتمع الكويتي تخوف بين فئات عدة من الإصلاح الذي يتضمن إمكانية الوصول لرئيس وزراء شعبي منتخب عبر تنافس حزبي على مقاعد البرلمان، وهذا يتضح في صفوف الأقليات الاجتماعية والدينية المتخوفة من سلطة الغالبية الانتخابية (الوسط الشيعي، القبائل الصغيرة الحجم، بعض العائلات الحضرية). لكن التعديلات الدستورية عندما تقع يجب أن لا تأتي اعتباطاً، بل يجب أن تنتج من إجماع وطني وحوار عميق يتضمنان تطويراً للقضاء وحق المرافعة أمام المحكمة الدستورية في قضايا ترتبط بانتهاك الحقوق والحريات حتى لو كان قد أقرها برلمان أو سلطة تنفيذية منتخبة. إن الإصلاح يجب أن يعني في جانب منه حماية الحريات الشخصية وحرية الفكر والكتابة والتعبير إضافة إلى حقوق الأقليات أكانت دينية أم مدنية. أليست الديموقراطية في جوهرها حكم الغالبية المنتخبة (وكل غالبية موقتة) في ظل ضمانات للأقليات على أنواعها؟ إن رفض الإصلاح لمجرد أننا نخاف من بعضنا بعضاً هو الأخطر على المستقبل. الإصلاح الجاد بإمكانه أن يكون مقدمة لبناء قواعد سياسية ودستورية تؤسس لخلق أجواء الثقة بين مكونات المجتمع.
ويرى بعض آخر أن كل إصلاح يتضمن تقليلاً لصلاحيات الأسرة الحاكمة في التحكم والسيطرة على النظام السياسي فيه إساءة لمكانتها. لكن ما تعريف كلمة «الحاكمة». فهناك تفاصيل في الدستور توضح معنى الحاكمة عبر مكانة الأمير وولي العهد بالتحديد. أليس الحكم أنواعاً، ومنها الحكم الديموقراطي؟ وبما أن مكانة الأسرة محفوظة في موقع الأمير وولي العهد وصلاحيات أخرى (تعكس دور الأسرة السياسي والتاريخي) فلمَ التخوف ووضع الأسرة في تناقض مع الديموقراطية الحقة؟
لقد أثبت الشيخ عبدالله السالم في الكويت في الستينات وأثبتت أسر حاكمة كثيرة في التاريخ الإنساني أن الديموقراطية والنظام الملكي غير متناقضين. وقد يكون من حظ الأسرة الحاكمة في الكويت أن تقود وتشرف على أول تحول ديموقراطي خليجي، فتكون في هذا استمراراً طبيعياً لما أبدعه الشيخ عبدالله السالم الصباح والمجتمع الكويتي في ستينات القرن العشرين. تحول كهذا سيعزز، حتماً، مكانة الأسرة وشرعيتها ويضعها مع موجة التاريخ وفي مقدمته كما حصل مع ملكيات عدة في العام لا زالت إلى يومنا هذا تحظى بالمكانة الإنسانية والتاريخية وتشرف على واقع سياسي حضاري ديموقراطي.
لقد نجحت السلطة التنفيذية في الحد من حركة الشارع الكويتي، لكن هذا النجاح موقت إلا إذا صاحبه حوار وطني تبادر إليه السلطة التنفيذية بكل جدية وانفتاح وذلك بما يسمح بخلق صيغة تتضمن حزمة من التعديلات الدستورية المؤدية لمزيد من الديموقراطية وفصل أوضح بين السلطات وقانون انتخابي لا يمكن تغييره بصورة منفردة من قبل إحدى السلطات وخريطة طريق ديموقراطي تتوّج برئيس وزراء شعبي. من دون هذا تكون هذه الفترة قد ذهبت أدراج الرياح ويخسر الجميع فرصة ذهبية للإصلاح قبل هبوب مزيد من الرياح المحلية والإقليمية.
* أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت
________________________________________________
منقول عن جريدة الحياة تاريخ 05/12/2013
بقلم: د. بدر الديحاني.
في مقال سابق بعنوان "هيئة مكافحة الفساد... الشيطان في التفاصيل" أبدينا تخوفاً مشروعاً من أن تكون هيئة مكافحة الفساد المزمع إنشاؤها آنذاك (سبتمبر 2011)، مجرد جهاز حكومي شكلي فارغ المضمون شبيه بأجهزة "مكافحة الفساد" الصورية الموجودة في الدول غير الديمقراطية التي لا دور لها سوى إضفاء مشروعية مزيفة على أعمال الحكومة وكبار المتنفذين في الدولة.على أي حال لم يتمكن مجلس فبراير 2012 من مناقشة مشروع القانون المقدم من الحكومة، حيث أبطلته المحكمة الدستورية بعد بضعة أشهر في الوقت الذي كان المشروع مدرجاً على جدول أعماله.وبتاريخ 19 فبراير 2012 صدر فجأة قانون "هيئة مكافحة الفساد" بصفة الاستعجال عن طريق مرسوم ضرورة، أي أنه صدر كما تريده الحكومة على الرغم من بعض الملاحظات الجوهرية عليه، لا سيما تبعية "الهيئة" للحكومة (وزير العدل)، حيث تقوم بتعيين مجلس إدارتها ودفع مرتباته، فكيف ستكافح "هيئة الحكومة" فساد الحكومة؟!لقد ولدت "الهيئة" ميتة، مع الأسف الشديد، فتبعيتها التنظيمية للحكومة تتعارض مع استقلاليتها المطلوبة، لهذا فلا غرابة البتة أنه قد مضى أكثر من عام على إنشائها ولم تعمل بشكل فعلي، ولم نرَ لها أي دور ملموس وجاد في عملية مكافحة الفساد الذي ازدادت شراسته في الفترة الأخيرة، وهو الأمر الذي يجعل السؤال حول مدى وجود حالة الضرورة في مرسوم إنشاء "الهيئة" سؤالاً مشروعاً!ومن الناحية التنظيمية، فإن إنشاء جهاز مستقل لمكافحة الفساد وطريقة عمله لا يحتاج إلى إعادة اختراع العجلة، كما يقال، فهناك تجارب عالمية كثيرة توضح كيفية الحد من الفساد ومحاصرته من جهة ونوعية الأجهزة المستقلة اللازمة لذلك وطريقة تشكيلها وارتباطها التنظيمي بأجهزة الدولة المختلفة من الجهة الأخرى.أما من الناحية العملية، فإنه لا يمكن مكافحة الفساد بأشكاله وأنواعه كافة، والحد من آثاره المدمرة على المجتمع ما دامت المنظومة السياسية فاسدة، حيث إن الفساد السياسي المؤسسي هو أساس البلاء ومصدره، لهذا فإن تجارب البشرية تؤكد لنا أن أي جهود حقيقية وجادة لمكافحة الفساد يجب أن تُركّز أولاً على إصلاح المنظومة السياسية المسؤولة عن إدارة شؤون الدولة والمجتمع، لأن الإدارة الفاسدة لا ينتج عنها سوى الفساد.
___________________________________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 11/12/2013
يتكرر في بعض الدول العربية بما فيها الكويت طرح موضوع مؤسسات المجتمع المدني باعتبارها بديلاً عن الأحزاب السياسية، وهو أمر يعكس توجهان أحدهما وطني حسن النية بسبب اليأس من تردي الأوضاع وضعف القوى السياسية وتشرذمها بما فيها الوطنية، والثاني تدفع به جهات ترمي لإفراغ العمل السياسي من محتواه وأدواته المنظمة والفاعلة، وقد رأينا خلال ما يسمى بـ «الربيع العربي» محاولات لتهميش دور الأحزاب السياسية والتركيز على دور الشباب والتكنولوجيا، وحتى الدوائر الغربية دفعت في هذا الاتجاه، بينما لم يدرك أو يفحص أحد طبيعة تركيبة هؤلاء الشباب ووعيهم وقدرتهم على تنظيم أنفسهم، فمن بقي في ميادين الثورات يدافع عنها حتى هذه اللحظة هم الشباب المسيّسون أو الكتل الشبابية التي تؤثر بها الأحزاب السياسية المنظمة ذات البرامج الوطنية والثورية الواضحة، بينما بقية الشباب «فلّوا» من الميادين وتركوا الثمار للإخوان المسلمين كي يقطفوها، ولم يستمعوا إلى نداءات الشباب المسيّس بضرورة البقاء بالميادين ومحذرين من انتخاب «مرسي» بحجة أنه سيكون رئيساً مدنياً.وبالطبع فإن واقع العمل السياسي في الكويت أمرّ مما هو عليه في الدول العربية الأخرى رغم عراقة العمل الوطني لدينا، إذ لا توجد أحزاب حقيقية ذات هياكل تنظيمية وبرامج سياسية واضحة، فظلت إما شبه تجمّعات انتخابية وإما على شكل زعامات وتابعين، أما المجاميع الشبابية فتتشكل بمسمّيات مختلفة تحت دافع الحماسة ثم تختفي أو تذهب حيث التنظيمات والتيارات التي تمثلها بشكل أو بآخر.فمعظم هذه التنظيمات السياسية بما فيها الدينية لا تؤمن حقيقة بالعمل الجماهيري السلمي، ولا تهدف إلى تغيير ديموقراطي حقيقي، كل ما تعرفه عن العمل الجماهيري هو التجمعات والمظاهرات والهدف ليس واحداً والمصالح ليست واحدة، ولذا نجد من في الصدارة هم النواب الذين ترنو عيونهم إلى كراسي البرلمان.بينما النضال الجماهيري السلمي لا يقتصر على العمل البرلماني ولكنه متعدد ومتنوع، والإبداع فيه يخضع لإبداع الجماهير أولاً ثم ما يناسب واقع المجتمعات ثانياً، سواء كان العمل بأسلوب العرائض أو التظاهر أو الوقفات الاحتجاجية أو من خلال جماعات الضغط المختلفة مثل حملة «ناطر بيت» التي تطالب بشيء واقعي ملموس يمس حياة المواطن، ولكن ذلك لا يعني أنه بديل عن العمل السياسي الحزبي، إذ معظم جماعات الضغط في العالم بما فيها جماعات البيئة والجماعات الحقوقية والجماعات التي تعمل ضد التمييز العنصري وغيرها الكثير هي تحت تأثير التنظيمات الحزبية، لأن العمل من دونها يعتبر ضياعا لبوصلة هذه الجماعات.ويكفي أن نُشير إلى أن المنظمات الاجتماعية وجماعات الضغط التي تمارس دوراً فاعلاً في الحياة السياسية في اندونيسيا وكثير من بلدان العالم تقودها أحزاب اليسار في هذه البلدان بكثير من الإبداع والذكاء.فمؤسسات المجتمع المدني هي أدوات بيد التنظيمات السياسية ولا تعمل بديلاً عنها، وحتى الاتحادات العالمية للمرأة والشباب وجمعيات السلم والنقابات والاتحادات الطلابية العالمية، أسستها التنظيمات السياسية التقدمية اليسارية والقومية، وعندما تأسست جمعيات النفع العام والنقابات بالكويت في ستينات القرن الماضي وقبلها النوادي في الخمسينات كانت تحت تأثير التنظيمات السياسية القومية وغيرها من الاتجاهات السياسية.فلا يجب أن نردد ما يبثه الغرب الأوروبي وأميركا حول أفول وتلاشي دور الأحزاب السياسية، والتركيز على منظمات المجتمع المدني من أجل الإصلاح والتغيير، بل إن عدداً من التشكيلات الشبابية والمنظمات سواء في الدول العربية أو في الكويت تمولها الاستخبارات الغربية والأميركية وسفاراتها في بلداننا.لكن أيضاً من ناحية أخرى، لا يجب الاستهانة وإهمال المنظمات الاجتماعية والمدنية وجماعات الضغط كشكل من أشكال العمل الجماهيري، وهو الميدان الحقيقي الذي تعتمده الأحزاب السياسية في عملها السلمي المتعدد الوجوه.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
_____________________________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 11/12/2013 العدد:12581