د. بدر الديحاني: حوار سياسي... كيف؟
لا شيء أفضل من الحوار السياسي بين الفرقاء السياسيين لحل القضايا العامة محل الخلاف، وهذا هو سر استقرار الأنظمة الديمقراطية ونجاحها، حيث يخلق النظام الديمقراطي القنوات الشرعية المناسبة التي تجعل الحوار السياسي ممكناً ومستمراً مهما بلغت حدة الخلافات السياسية، لأن البديل هو تفاقم الغضب الشعبي وانفجاره فجأة أو التناحر والانقسام الداخليين اللذين قد يؤديان إلى عدم الاستقرار الاجتماعي- السياسي والتصادم والفوضى والدمار والحرب الأهلية.ولعلنا جميعاً لاحظنا في الأونة الأخيرة دعوة الأنظمة السياسية في كل من اليمن والبحرين ومصر إلى الحوار السياسي بعد أن أدركت هذه الأنظمة انسداد أفق نهجها في إدراة شؤون الدولة والمجتمع.لكن السؤال المهم هنا هو كيف يكون الحوار السياسي ناجحاً؟ بمعنى آخر هل يكفي لنجاح الحوار مجرد الدعوة الإعلامية أم أن نجاحه يتطلب توافر مقومات معينة وشروط محددة؟الحوار السياسي الحقيقي ليس مجرد دعوة رسمية شكلية للاستهلاك الإعلامي وكسب الوقت أو جلسة استماع أو حديث إنشائي مرسل من طرف النظام السياسي، بل هو في الأساس تبادل حر ومتساو للآراء المتباينة حول القضايا المختلف في شأنها بهدف التوافق على حلول للمشاكل العامة ترضي جميع أطراف النزاع السياسي.ولكي ينجح الحوار السياسي ويكون مثمراً فإنه لا بد من أن يأتي في وقته المناسب قبل أن تستحكم الأزمة السياسية وتصل إلى طريق مسدود عندئذ يصبح الحوار السياسي عديم الجدوى، كما رأينا في تونس ومصر وليبيا واليمن وسورية قبيل قيام ثورات الربيع العربي عندما أعلنت الأنظمة المخلوعة بعد فوات الأوان استعدادها للحوار.من ناحية أخرى، يجب أن تكون أطراف الحوار السياسي متكافئة إلى حد كبير وممثلة لقوى سياسية حية، وهذا بطبيعة الحال يعتمد على موازين القوى على أرض الواقع. لكن بالإمكان التوافق حول هذا الأمر إذا ما أريد للحوار السياسي أن يكون ناجحاً بالفعل.كما يجب أن تكون بنود الحوار السياسي محددة بوضوح لا يحتمل التأويل أو الغموض أو اللبس، وأن تكون معلنة أيضاً مع ضرورة ألا يكون هناك شروط تعجيزية مسبقة يضعها النظام السياسي وإلا فقد الحوار معناه وقيمته.وأخيراً يجب أن تكون هناك ضمانات لأن يكون الحوار السياسي جاداً وأن تكون نتائجه ملزمة للأطراف كافة.وهنا من الممكن أن يتم الاتفاق على أن يدار الحوار وتعلن نتائجه من قبل طرف ثالث محايد يتم التوافق عليه، وفي الحروب الأهلية تحديداً من الممكن أن يكلف الطرف الثالث المحايد (عادة يكون جهة إقليمية أو دولية) بالإشراف على تنفيذ بنود الاتفاق كما حصل في "اتفاق الطائف" الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان.د. بدر الديحانيمنقول عن جريدة الجريدة تاريخ 311\2013.