المنشورات التقدمية

أبرز المواقف
Inactive-State
Active State

ابحث من بين أكثر من 1550 قطعة مكتوبة

عضو المكتب السياسي للحركة التقدمية الكويتية مشعان البراق: نحيي بطولات المقاومة وصمود الشعب الفلسطيني… وندعو لإستمرار التضامن والدعم وتكثيف الجهود لوقف العدوان
الحركة التقدمية الكويتية تكرر التنبيه إلى خطورة توسع "اللجنة العليا" في سحب الجنسية... وتحذر من التبعات السلبية لهذه السياسات والقرارات
الحركة التقدمية الكويتية تحذر من عودة حروب الإرهاب وتدين هجوم مليشيات "جبهة النصرة" في سوريا.
الحركة التقدمية الكويتية: تحية إلى صمود الشعب اللبناني ومقاومته الباسلة… ونحذر من غدر الكيان الصهيوني وكذب داعميه
أمين عام الحركة التقدمية الكويتية أسامة العبدالرحيم: نحيي المناضل الثوري اللبناني الأسير جورج عبدالله وندعو للضغط على السلطات الفرنسية لتنفيذ قرار الإفراج القضائي
الحركة التقدمية الكويتية تدعو إلى الحذر من مخاطر الاستثمارات الأجنبية
الحركة التقدمية الكويتية تحيي الذكرى السبعين للثورة الجزائرية وتدعو إلى استلهام دروسها وتضحياتها في مقاومة المحتل
تعليق الحركة التقدمية الكويتية على تصريح وزير الخارجية الملتبس في موسكو حول عملية ٧ أكتوبر المجيدة ومحاولة بعض وسائل الإعلام المعادية للمقاومة تشويه موقف الكويت التاريخي من القضية الفلسطينية
الحركة التقدمية الكويتية: ندين العدوان الصهيوني الجديد على إيران ونقدّر دورها المساند للمقاومة
رئيس المكتب الإعلامي للحركة التقدمية الكويتية حمد العيسى: ننعي شهداء الحقيقة والكلمة الحرة.. ندعو المؤسسات الإعلامية والإعلاميين للدعم والتضامن.
الحركة التقدمية الكويتية: استشهاد القادة تضحياتٌ تُعبّد طريق شعبنا نحو الحرية
تعليق الحركة التقدمية الكويتية على تعميم مجلس الوزراء بشأن ديوان المحاسبة وما فرضه من قيود على اختصاصات الديوان وحق المواطنين في الاطلاع وتعطيل رقابة الرأي العام
تعليق الحركة التقدمية الكويتية على القرارات المتخذة بحق عدد من مؤسسات المجتمع المدني وجمعيات النفع العام
بيان الحركة التقدمية الكويتية حول تصاعد جرائم الحرب الصهيونية على أهلنا في غزة بدعم أميركي وغربي وتخاذل دولي... ولمطالبة روسيا والصين كدول كبرى بتحمّل مسؤولية التحرك لوضع حدّ للعدوان
أسامة العبدالرحيم الأمين العام للحركة التقدمية الكويتية يحيي العملية النوعية للمقاومة اللبنانية الباسلة باستهداف منزل مجرم الحرب الصهيوني نتنياهو
الحركة التقدمية الكويتية تنعي رئيس حركة المقاومة الإسلامية - حماس القائد والمناضل الفلسطيني الكبير يحيى السنوار
بيان مشترك في الذكرى الأولى لانطلاق لطوفان الاقصى: المقاومة ستنتصر
المكتب النسوي للحركة التقدمية الكويتية: نتضامن مع الشعب اللبناني ونستنكر ازدواجية المعايير الدولية.. ونطالب بتكثيف حملات الدعم والإغاثة.
الحركة التقدمية الكويتية: تمادي الكيان الصهيوني بعدوانه على لبنان نتيجة التواطؤ الدولي مع عدوانه على غزة… والرهان على حركات التحرر والمقاومة
الحركة التقدمية الكويتية تنعي شهداء اليسار العربي المقاوم
الحركة التقدمية الكويتية: جرائم الاغتيال الصهيونية النكراء مهما بلغت قسوتها وتمادت في غدرها لن تقتل إرادة الصمود والمقاومة
تعليق الحركة التقدمية الكويتية على مشروع الحكومة لمرسوم قانون التوسع في حالات سحب الجنسية خارج نطاق التزوير والازدواجية
The Kuwaiti Progressive Movement: The Brutal Zionist Massacres Target Our Palestinian and Lebanese Brothers Amid the Silence and Complicity of the So-Called "International Community" and the "Official Arab Regimes".
الحركة التقدمية الكويتية: المجازر الصهيونية الوحشية تستهدف اشقاءنا الفلسطينيين واللبنانيين وسط صمت بل تواطؤ ما يسمى "المجتمع الدولي" و"النظام الرسمي العربي"
The Kuwaiti Progressive Movement Declares Its Solidarity with the Lebanese People and Their Resistance in the Face of Zionist Aggression... Calls on the Kuwaiti Government and Relief Agencies to Provide Assistance in Treating the
الحركة التقدمية الكويتية تعلن وقوفها مع الشعب اللبناني ومقاومته في وجه العدوان الصهيوني... وتطالب الحكومة الكويتية وهيئات الإغاثة لتقديم العون في معالجة ضحايا العدوان
اللقاء اليساري العربي يدين العدوان الصهيوني الإرهابي على لبنان وشعبه
ورقة سياسية صادرة عن اللقاء اليساري العربي العاشر
رسالة مكتب رئيس حركة المقاومة الإسلامية حماس - فلسطين يحيى السنوار إلى الأمين العام للحركة التقدمية الكويتية أسامة العبدالرحيم رداً على بيان الحركة التقدمية حول استشهاد المناضل إسماعيل هنية
الحركة التقدمية الكويتية تدعو لسحب تعميم وزير التربية بحرمان الطلبة الكويتيين البدون المنتهية بطاقاتهم من الالتحاق بالدراسة... وتنبّه لكونه خرقاً صريحاً للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل
الحركة التقدمية الكويتية تدعو الحكومة إلى النظر بمسؤولية إلى العواقب الإجتماعية الناجمة عن قراراتها وضرورة معالجة حالات المتضررين من إخلاء الصليبية وتيماء
الحركة التقدمية الكويتية: اتساع دائرة الملاحقات السياسية مؤشر مقلق للتضييق على الحريات
الحركة التقدمية الكويتية: مجزرة مدرسة "التابعين" جريمة صهيونية جديدة تضاف لمسلسل حرب الإبادة... ولا بديل غير المقاومة والصمود
اللقاء اليساري العربي يدين جريمة إغتيال القائد المقاوم إسماعيل هنية
الحركة التقدمية الكويتية تنعي الشهيد المقاوم إسماعيل هنية وتؤكد أن استشهاده سيزيد المقاومة إصراراً على مواصلة الكفاح حتى التحرير
الحركة التقدمية الكويتية بمناسبة الذكرى ٣٤ للغزو: ما آلت إليه أوضاع البلاد هو النقيض تماماً للكويت التي ضحى من أجلها الشهداء والأسرى والمقاومون
اللقاء اليساري العربي يدين العدوان الصهيوني على الضاحية الجنوبية لبيروت
The Secretary-General of the Kuwaiti Progressive Movement Osamah AL-Abdulrahim sends a congratulatory message to the United Socialist Party of Venezuela on the occasion of the re-election of Comrade Nicolas Maduro as president of Venezuela
الأمين العام للحركة التقدمية الكويتية أسامة العبدالرحيم يبعث رسالة تهنئة للحزب الاشتراكي الموحد في فنزويلا بمناسبة إعادة انتخاب الرفيق نيكولاس مادورو رئيساً لجمهورية فنزويلا البوليفارية
Kuwaiti Progressive Movement: solidarity with Lebanon and its people and its resistance against the Zionist aggressive escalation
الحركة التقدمية الكويتية: يجب التضامن مع لبنان وشعبه ومقاومته في مواجهة التصعيد العدواني الصهيوني
Kuwaiti Progressive Movement: We stand in solidarity with Yemen against Zionist aggression... and call for further unity in the ongoing battle against the enemy and its allies.
الحركة التقدمية الكويتية: نتضامن مع اليمن في مواجهة العدوان الصهيوني... والمطلوب المزيد من توحيد الجهود في المعركة المستمرة ضد العدو وحلفائه
The Kuwaiti Progressive Movement salutes the remarkable Yemeni operation in occupied Yaffa
تحية الحركة التقدمية الكويتية للعملية اليمنية النوعية في يافا المحتلة
رد الحركة التقدمية الكويتية على كلمة وزير المالية
تعليق الحركة التقدمية الكويتية على قرار الحكومة بتكليف وزارة المالية وضع تصورات لتعظيم الإيرادات غير النفطية والحدّ من الهدر
توجهات الحركة التقدمية الكويتية في ظل الوضع الاستثنائي وخلال الفترة المقبلة
المكتب النسوي للحركة التقدمية الكويتية في بيان مشترك مع مؤسسات المجتمع المدني الكويتية: نساء الكويت لأجل نساء غزة
مشعان البراق عضو المكتب السياسي للحركة التقدمية الكويتية: بيان التهديد الصادر عن "الجهاز المركزي" مستفز... والمطلوب حل نهائي وعادل لقضية الكويتيين البدون
بيان مشترك ضد العدوان الصهيوني على رفح
الحركة التقدمية الكويتية: تأخر التشكيل الحكومي حلقة جديدة من مسلسل الأزمة السياسية... وحلّها يتطلّب خطوات سياسية باتجاه الانفراج والاستجابة للإرادة الشعبية والحدّ من تنافس مراكز النفوذ وتجديد الالتزام بالدستور
بيان الحركة التقدمية الكويتية بمناسبة الأول من مايو/ أيار عيد العمال العالمي
بيان مشترك صادر عن الأحزاب الديمقراطية التقدمية العربية والمغاربية حول نضال الحركة الطلابية العالمية
‏الحركة التقدمية الكويتية تهنئ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بمناسبة نجاح أعمال مؤتمرها الثامن
وفد من الحركة التقدمية الكويتية يسلّم النائبين حيات والعصفور وثيقة "قائمة الأولويات" المقترحة من الحركة
الحركة التقدمية الكويتية: الهجوم الإيراني على العدو الصهيوني رد مستحق… ومطلوب زيادة الدعم للشعب الفلسطيني ومقاومته لإنقاذ غزة... وضرورة التمسك بوحدتنا الوطنية ولنتعظ من التاريخ وتجاربه
بيان مشترك: نرفض دعوات تعليق الحياة الدستورية والنيابية
زيارة وفود يسارية عربية للصين بدعوة دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني
الحركة التقدمية الكويتية: اللجوء المتكرر للمادة ١٠٦ لتأجيل افتتاح مجلس الأمة للمرة الثانية خلال ثلاث سنوات واعتذارات المرشحين لتشكيل الحكومة يكشفان عمق الأزمة التي تشلّ الدولة ما يتطلّب تغيير النّهج
الحركة التقدمية الكويتية تنعي القائد الوطني الكبير في الحركة الأسيرة الفلسطينية المقاومة؛ الأسير وليد نمر دقة.. الذي ارتقى شهيداً في معتقلات الإحتلال الصهيوني
اللقاء اليساري العربي ينعى القائد الوطني الفلسطيني الاسير المقاوم الشهيد وليد نمر دقة
د. فواز فرحان عضو المكتب السياسي للحركة التقدمية الكويتية: نستنكر تمادي الكيان الصهيوني في اقتراف جرائمه المتلاحقة في مجمع الشفاء الصحي بقطاع غزة
الحركة التقدمية الكويتية تحثّ الناخبين على المشاركة في التصويت للمرشحين المعارضين للمساس بالحريات وبالمكتسبات الاجتماعية الشعبية وبحقوق المواطنة والتطبيع مع الكيان الصهيوني.
الحركة التقدمية الكويتية تتضامن مع المناضل الوطني البحريني إبراهيم شريف وتدعو للإفراج الفوري عنه
رسالة تهنئة من الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بمناسبة الذكرى السنوية التاسعة والأربعين لتأسيس حزب اتحاد الشعب في الكويت والذكرى الرابعة عشرة لانطلاقة الحركة التقدمية الكويتية
رسالة تهنئة من اللقاء اليساري العربي بمناسبة الذكرى السنوية التاسعة والأربعين لتأسيس حزب اتحاد الشعب في الكويت والذكرى الرابعة عشرة لانطلاقة الحركة التقدمية الكويتية
رسالة تهنئة من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بمناسبة الذكرى السنوية التاسعة والأربعين لتأسيس حزب اتحاد الشعب في الكويت والذكرى الرابعة عشرة لانطلاقة الحركة التقدمية الكويتية
رسالة تهنئة من جبهة النضال الشعبي الفلسطيني بمناسبة الذكرى السنوية التاسعة والأربعين لتأسيس حزب اتحاد الشعب في الكويت والذكرى الرابعة عشرة لانطلاقة الحركة التقدمية الكويتية
رسالة تهنئة من الحزب الاشتراكي المصري بمناسبة الذكرى السنوية التاسعة والأربعين لتأسيس حزب اتحاد الشعب في الكويت والذكرى الرابعة عشرة لانطلاقة الحركة التقدمية الكويتية.
رسالة تهنئة من حزب الشعب الفلسطيني بمناسبة الذكرى السنوية التاسعة والأربعين لتأسيس حزب اتحاد الشعب في الكويت والذكرى الرابعة عشرة لانطلاقة الحركة التقدمية الكويتية
رسالة تهنئة من تجمع الميثاق الوطني بمناسبة الذكرى السنوية التاسعة والأربعين لتأسيس حزب اتحاد الشعب في الكويت والذكرى الرابعة عشرة لانطلاقة الحركة التقدمية الكويتية
الحركة التقدمية الكويتية: ضد التحريض الأمني في شؤون الجنسية… حمايةً للكويت وشعبها من مخاطر نهج التمييز العنصري
"قمر أربعتعش": الحركة التقدمية الكويتية في الذكرى الرابعة عشرة لانطلاقتها
بيان بمناسبة الذكرى السنوية التاسعة والأربعين لتأسيس حزب اتحاد الشعب في الكويت والذكرى السنوية الرابعة عشرة لانطلاقة الحركة التقدمية الكويتية
رسالة من حركة المقاومة الإسلامية حماس - فلسطين إلى الحركة التقدمية الكويتية مع دخولنا شهر رمضان المبارك
أسامة العبدالرحيم الأمين العام للحركة التقدمية الكويتية يدعو للرد على الجريمة الصهيونية بقصف شاحنة المساعدات الكويتية في غزة عبر تكثيف حملات التبرع والإغاثة والتضامن
بيان مشترك حول الأبعاد الخطرة للقرار المتعسف من وزارة الداخلية بمنع الوقفة التضامنية مع غزة في ساحة الإرادة
نداء عاجل من الاحزاب الشيوعية في البلدان العربية الى لقاء الفصائل الوطنية الفلسطينية في موسكو
The Kuwaiti Progressive Movement holds the authority responsible for the repeated dissolution of the Kuwaiti Parliament... It calls on the people to unite ranks and not despair...
بيان مشترك صادر عن عدد من التيارات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني الكويتية للتحذير من مغبّة دعوات الفتنة للانتقاص من حقوق المواطنة الثابتة والمقررة للمواطنين الكويتيين بصفة أصلية
الحركة التقدمية الكويتية تحمّل السلطة مسؤولية تكرار حلّ مجالس الأمة... وتدعو الشعب لتوحيد الصفوف وعدم اليأس… وتطالب بعدم التضييق على الحريات وتجنّب التوسع في إصدار مراسيم الضرورة وضمان نزاهة الانتخابات
The Kuwaiti Progressive Movement presents its critical reading of the government's class-biased program of action against the majority of the people and ignores political reform and fundamental problems in the country.
الحركة التقدمية الكويتية تقدم قراءتها النقدية لبرنامج عمل الحكومة المنحاز طبقياً ضد غالبية الشعب ويتجاهل الإصلاح السياسي والمشكلات الأساسية في البلاد
Kuwaiti Progressive Movement: the recent US military strikes support the Zionist aggression and a dangerous escalation that threatens to expand the circle of war
الحركة التقدمية الكويتية: الضربات العسكرية الأميركية الأخيرة دعم للعدوان الصهيوني وتصعيد خطير يهدد بتوسيع دائرة الحرب
الحركة التقدمية الكويتية تدعو الشعب الكويتي إلى اليقظة إزاء محاولات إثارة الفتن الطائفية وكشف صلة "داعش" وسواها من قوى ظلامية رجعية بالدوائر الإمبريالية والصهيونية
الحركة التقدمية الكويتية تطالب بإطلاق سراح الصحافي السوداني هيثم دفع الله المدير التنفيذي لجريدة الميدان التابعة للحزب الشيوعي السوداني الشقيق
الحركة التقدمية الكويتية تدعو رئيس مجلس الوزراء لتوضيح المقصود بحديثه عن ترسيخ هوية اقتصادية جديدة للدولة وما إذا كانت تختلف عن الهوية التي حددتها المادة ٢٠ من الدستور
تصريح أمين عام الحركة التقدمية الكويتية أسامة العبدالرحيم للمكتب الإعلامي في المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج حول القرار الأخير لمجلس الأمن بشأن الملاحة في البحر الأحمر وتأثير العمليات اليمنية، ودعوى جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية.
The Kuwaiti Progressive Movement condemns the American-British aggression on Yemen and Yemeni people, and considers it as an extension of the Zionist-American aggression on Gaza and an expansion of the war scope.
الحركة التقدمية الكويتية تدين العدوان الأميركي-البريطاني على اليمن وشعبه وتراه امتداداً للعدوان الصهيو-أميركي على غزة وتوسيعاً لدائرة الحرب
Kuwaiti Progressive Movement: the Security Council resolution on navigation in the Red Sea ignores the connection of what is happening with the Zionist - American aggression on Gaza...
الحركة التقدمية الكويتية: قرار مجلس الأمن بشأن الملاحة في البحر الأحمر يتجاهل صلة ما يحدث بالعدوان الصهيو-أميركي على غزة... ويضفي شرعية على التحالف الأميركي الأخير... ويفرض سابقة لا أساس لها في القانون الدولي
الحركة التقدمية الكويتية: تعميم "الشؤون" بمنع الجمعيات الخيرية من الإدلاء بتصريحات حول الكويتيين البدون تضييق مزدوج على معيشتهم وعلى حرية مؤسسات المجتمع المدني
بيان مشترك حول مطالبة حكومة دولة الكويت بالإنضمام للدعوى المقامة على الكيان الصهيوني في محكمة العدل الدولية
تعليق الحركة التقدمية الكويتية حول الرئيس الجديد لمجلس الوزراء
الحركة التقدمية الكويتية تدين جريمتي التفجيرين الدمويين في إيران وتراهما مع اغتيال الشهيد العاروري جزءاً من محاولة صهيونية للتغطية على فشل العدوان على غزة وجرّ المنطقة ككل إلى صراع مدمر.
The Kuwaiti Progressive Movement offers its condolences to the resistance, the family of the martyr Saleh Al-Arouri, and the rest of the families of the righteous martyrs
الحركة التقدمية الكويتية تعزي المقاومة وأسرة الشهيد صالح العاروري وبقية أسر الشهداء الأبرار

ابحث من بين أكثر من 1550 مادة مكتوبة

التصنيفات
امسح الكل
نوع الأخبار
إعادة الضبط
شهر الأخبار
إعادة الضبط
Thank you! Your submission has been received!
Oops! Something went wrong while submitting the form.
Tag

إنّ التشكيل الوزاري الجديد، إنما هو أقرب ما يكون إلى تعديل وزاري جزئي، حيث لم يتجاوز حدود تبديل أربعة وزراء وتغيير مسميات بعض المناصب الوزارية.
وهذا ما يؤكد، مع كل أسف، انعدام النية لمعالجة الأزمة التي تعيشها البلاد؛ والإصرار على بقاء النهج القائم على ما هو عليه من دون تغيير، ما سيؤدي عملياً إلى جرّ الكويت نحو طريق مسدودة، وذلك في وقت هي أحوج ما تكون فيه إلى حكومة ذات نهج مختلف ورئاسة وشخصيات وزارية قادرة على تصحيح المسار المدمر والفاشل على مستويي الإدارتين السياسية والمالية للدولة، وتمتلك برنامجاً لإنقاذ مقدرات البلاد من النهب المنظم والمتواصل الذي تعرضت ولا تزال تتعرض له؛ ووقف الدوران المرهق منذ ٢٠١١ في الحلقة المفرغة للأزمة السياسية الممتدة والمتصاعدة؛ والتصدي الجاد للمشكلات المتفاقمة والملفات العالقة، التي أثقلت كاهل الغالبية الساحقة من الشعب، وحل الأزمة الاقتصادية والمالية المتنامية قبل استفحالها.
ومن هنا فإن ما جرى ويجري على الصعيد الحكومي لا يعدو كونه تقطيعاً عبثياً للوقت لا طائل من ورائه.
أما مجلس الأمة ونوابه، فنحن لا نعوّل عليه ولا عليهم، بقدر ما نعوّل على إرادة التغيير الشعبية التي عبّرت عنها، بشكل أو بآخر ، نتائج انتخابات الخامس من ديسمبر، وهي إرادة لا تزال مؤثرة على غالبية أعضاء المجلس، رغم كل ما حدث وما يمكن أن يحدث من ضغوط ومحاولات وتحركات، وبينها الطعن الغرضي في عضوية النائب د. بدر الداهوم، الذي وإن كنا نختلف معه فكرياً، إلا أننا نرفض استهدافه.
وفي هذا السياق فإننا ندعو النواب غير المحسوبين على السلطة إلى الإسراع نحو تغيير قانوني الانتخاب والمحكمة الدستورية، بحيث يتم إلغاء قانون حرمان المسيئ، وتحديد تعريف تشريعي دقيق لجرائم الشرف والأمانة المبطلة للحق الانتخابي، وإعادة اختصاص النظر في صحة عضوية النواب إلى مجلس الأمة وذلك وفق الأصل الدستوري المنصوص عليه في المادة ٩٥ بدلاً من الحالة الجوازية، التي نقلت هذا الحق إلى المحكمة الدستورية، بحيث لا تخرج الطعون الانتخابية عن دائرة الرقابة الشعبية للرأي العام.
وفي الختام، فإننا ندعو الشعب الكويتي إلى اليقظة السياسية، وإلى مواصلة الضغط على النواب لتحقيق الإرادة الشعبية في التغيير.

الكويت في ٤ مارس ٢٠٢١

التعليق على ورقة الجمعية الاقتصاديةتنزيل

أصدرت الجمعية الاقتصادية الكويتية ورقة أسمتها "أولويات الإصلاح الشامل في الاقتصاد الكويتي"، وهي ورقة مغرقة في توجهاتها النيوليبرالية المنحازة لصالح كبار الرأسماليين الطفيليين، بحيث يمكن القول إنها تقف على يمين ورقة غرفة تجارة وصناعة الكويت المعنونة "إن وطننا في خطر" التي صدرت في نهاية شهر ديسمبر من العام الماضي، ناهيك عن أنها تقف على الضد إلى حد كبير من الورقة البحثية الهامة المعنونة "قبل فوات الأوان" التي شارك في إعدادها ٢٩ أكاديمياً اقتصادياً كويتياً ونشرت في أواخر شهر نوفمبر ٢٠٢٠، بينما يفترض بالجمعية الاقتصادية أن تكون متوازنة وتمثّل مختلف التوجهات الاقتصادية وليس أن تعبّر فقط عن اتجاه يميني متطرف.
حيث ترى ورقة الجمعية الاقتصادية أن التحدي الأساسي الذي يواجه الاقتصاد الكويتي إنما يكمن فيما أسمته "نموذج التنمية الاقتصادية المبني على قيادة القطاع العام"، وتجاهلت الاختلالات والتحديات الأساسية التي يعانيها الاقتصاد الكويتي، والمتمثلة في الطبيعة الريعية للاقتصاد، وفشل القطاع الخاص في المساهمة الجدية في التنمية واتكاله شبه الكامل على الإنفاق الحكومي، فيما حاولت الورقة في المقابل أن تصور بعض هذه الاختلالات على أنها مجرد نتائج لهيمنة القطاع الحكومي على الأنشطة الاقتصادية للدولة، فيما قفزت الورقة بشكل رشيق على حقيقة أن فشل ما أسمته نموذج التنمية الاقتصادية إنما هو نتيجة تحكّم المصالح الطبقية الضيقة للقوى الاجتماعية المتنفذة في القرارات السياسية والاقتصادية والمالية والإدارية في الدولة، وركزت فقط على هيمنة القطاع العام… وبالنسبة لنا فإنه إذا كان هناك خلل في القطاع العام فإنه يتمثّل بالأساس في سوء إدارة القطاع العام، وبالتالي فإن المطلوب هو إصلاح إدارة القطاع العام وليس تحجيم دوره وتصفية وجوده، مثلما تدعو ورقة الجمعية الاقتصادية.
أما عندما تناولت ورقة الجمعية الاقتصادية الفساد وغياب الفاعلية في مواجهته فإنها تناولته على أنه نتيجة للدور القيادي للقطاع العام في الاقتصاد الكويتي متجاهلة حقيقة أن فساد القطاع العام إنما هو امتداد لفساد القطاع الخاص، حيث تكفينا أمثلة ملموسة على ذلك سلسلة فضائح: ضيافة الداخلية، وغسيل الأموال، والصندوق الماليزي، وقضايا النصب العقاري، وفساد تنفيذ مشروعات البنية التحتية وأشهرها تطاير حصى الشوارع، التي أوجدها بالأساس فساد بعض شركات القطاع الخاص ونجمت عن غياب الرقابة الحكومية الجادة على بعض أنشطته.
وعند تناول ورقة الجمعية الاقتصادية الكويتية لمراحل الإصلاح الشامل نجدها قد قسمته إلى ثلاثة مستويات: الإصلاح المؤسسي، والإصلاح الاقتصادي، والإصلاح المالي، وحاولت أن تحدد مديات زمنية لتحقيق الإصلاحات تبدأ بالتنفيذ الفوري خلال أقل من سنة، ومدى متوسط بين سنة وثلاث سنوات، ومدى طويل لأكثر من ثلاث سنوات، ورسمت جداول لتلك "الإصلاحات".
ونبدأ بالإصلاح المؤسسي حيث تدعو ورقة الجمعية الاقتصادية إلى أن يكون الهدف على المدى الطويل هو "إعادة هيكلة القطاع العام ليتوافق مع دور الحكومة كمنظم ومراقب وليس منتجاً أو مشغلاً"، وهذا بالضبط هو جوهر التوجهات النيوليبرالية الرأسمالية، التي راجت في العام في سبعينات القرن العشرين وتهاوت مع الأزمة الاقتصادية التي شهدها النظام الرأسمالي العالمي في العام ٢٠٠٨، وهي توجهات تدعو إلى إلغاء الدور الاقتصادي للدولة وتقليصه إلى أدنى حد، بل تدعو إلى تحلل الدولة من مسؤولياتها الاجتماعية، واقتصار دورها على الأمن والدفاع والسياسة الخارجية!
والملاحظ أن النيوليبراليين في بلادنا يتجهون إلى الحفل بعد انفضاضه، ويروجون للنيوليبرالية بعد فشلها الذريع وسقوطها المدوي.
أما عند تناولها للإصلاح الاقتصادي فإنّ ورقة الجمعية الاقتصادية تدعو إلى أن يكون العنصر الأول في التنفيذ الفوري هو البدء في برنامج زمني محدد للتخصيص، أي للخصخصة وتصفية القطاع الحكومي أو العام، وأن تكون المهمة الأولى على المدى المتوسط هي البدء بتنفيذ برامج التخصيص، أما على المدى الطويل فالهدف ثابت: إعادة صياغة الدور الاقتصادي للقطاع الخاص ليكون مستثمراً وممولاً ومشغلاً للأنشطة الاقتصادية… أما المهمة الأخطر التي لم تجرؤ ورقة الجمعية على ذكرها بصورة صريحة، فهي خصخصة القطاع النفطي، حيث تعمدت الورقة استخدام تعبير مراوغ وهو "تحرير القطاعات الانتاجية".
وعندما تنتقل الورقة إلى الإصلاح المالي فإن المهمات المطروحة على المدى الفوري تتمثل في "إقرار قانون الدين العام"، من دون أن تطرح الورقة أي بدائل أخرى، ثم تبدأ هجومها على المكتسبات الاجتماعية والحقوق العمالية عبر الدعوة إلى "تجميد مؤقت للزيادات في الرواتب" على المدى الفوري، و"رفع السن التقاعدي" على المدى الطويل، مع دعوة إلى خصخصة الشركات العامة، تحت عنوان "تقييم أداء الشركات العامة التي تمثل عبئاً مالياً وإدارياً على الدولة، واتخاذ قرار بخصخصتها وإعادة تأهيلها"… ولا تحتاج هذه العناوين إلى عناء لكشف طبيعتها الطبقية وانحيازها الصارخ ضد مصالح وحقوق الطبقة العاملة والفئات الشعبية والمتقاعدين.
والملاحظ أن ورقة الجمعية الاقتصادية لا تخفي محاولتها لتحييد المعارضة الشعبية لهذه التوجهات المنحازة طبقياً المسماة بالإصلاحات، حيث تشير أكثر من مرة إلى ما أسمته "تعزيز ثقة المجتمع بالإجراءات الحكومية" و"تعزيز ثقة الشعب في الحكومة ومن ثم تهيأة المجتمع وتقبله ولو بشكل نسبي لأي إجراء إصلاحي في المستقبل" و"تسهيل تقبلها اجتماعياً"… ولهذا فقد حرصت ورقة الجمعية الاقتصادية أن تذر الرماد في عيون الشعب وتطرح بعض عناوين تبدو مقبولة اجتماعياً وشعبياً، ولكنها طرحتها بحذر وحرص وتحفظ، فهي تشير إلى "تفعيل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد"، بدلاً من تطهير أجهزة الدولة من العناصر الفاسدة وملاحقتها، و"تشديد الرقابة على القطاع الخاص للالتزام بتحقيق النسبة المطلوبة لتوظيف العمالة الوطنية"، بدلاً من إلزام القطاع الخاص ورفع نسبة تشغيل العمالة الوطنية فيه، و"رفع القيمة الإيجارية لأملاك الدولة بشكل تدريجي"، بدلاً من المطالبة بتغيير نظام تأجير أملاك الدولة في القسائم الصناعية والخدمية التي جرى تقسيمها وإعادة تأجيرها إما بسحبها وإعادتها للدولة أو بأن تكون القيمة الإيجارية المدفوعة للدولة بنسبة جدية من القيمة الإيجارية الفعلية لها، وكذلك نجد أن ورقة الجمعية تدعو إلى "وقف الهدر في الإنفاق العام ورفع كفاءته" ولكنها تركز فقط على ترشيد بنود الاستشارات، بينما المطلوب هو ضبط أسعار المناقصات والعقود الحكومية ومنع المبالغة في تقديرها وضبط الأوامر التغييرية التي تمثل أبرز مجالات التنفيع، وكذلك نجد أن ورقة الجمعية تدعو إلى "تطبيق تدريجي لنظام ضريبي شامل" من دون أن تشير من قريب أو بعيد إلى الضريبة التصاعدية على الدخول الكبيرة والضريبة على أرباح الشركات، مع حرصها على أن يكون ذلك بشكل تدريجي وبعد توفير بيئات تشريعية وإدارية وفنية، وهذا غير متوافر الآن، وبالتالي، فإن الحديث عن الضريبة بهذه العمومية مجرد ذر رماد في العيون.
وقد تجاهلت ورقة الجمعية الاقتصادية ثلاثة عناصر أساسية: أولها، تجاهل الربط بين تحقيق الإصلاح السياسي الديمقراطي وما يفترض تحقيقه من إصلاح اقتصادي مستحق وليس ما ورد في الورقة… وثانيها، تجاهل الإشارة إلى مراعاة مبادئ العدالة الاجتماعية عند طرح الإصلاح الاقتصادي، ما يدل على أن الجمعية الاقتصادية غير معنية بحياة وأوضاع معيشة الغالبية الساحقة من المواطنين والسكان من غير رجال المال والأعمال…أما نقطة النقص الفاضحة الثالثة في ورقة الجمعية الاقتصادية الكويتية فإنها تتمثّل في تجاهلها التام لضرورة أن تتوافق الإصلاحات المؤسسية والاقتصادية والمالية مع ما قرره دستور البلاد في المادة ٢٠ من أن "الاقتصاد الوطني أساسه العدالة الاجتماعية وقوامه التعاون العادل بين النشاط العام والنشاط الخاص وهدفه تحقيق التنمية الاقتصادية وزيادة الإنتاج ورفع مستوى المعيشة وتحقيق الرخاء للمواطنين، وذلك كله في حدود القانون"، وبالتالي فإنّ التعاون العادل بين النشاط العام والنشاط الخاص وليس تصفية النشاط العام وخصخصته هو الذي يمثل المنهجية الشاملة للإصلاح الاقتصادي… وهنا نؤكد أننا لا ندعو إلى التضييق على القطاع الخاص، بل ندعو إلى تشجيعه على الاستثمار ومساعدته على العمل في المجالات الانتاجية بشرط أن يتحمّل تبعات قراراته وفشله مثلما ينتفع من أرباحه ونجاحاته، وكذلك لا بد من أن يسهم رأس المال بأداء وظيفته الاجتماعية، التي نص عليها الدستور في المادة ١٦، بحيث يوفر فرص عمل كريمة للمواطنين الكويتيين ويساهم في تمويل الميزانية العامة للدولة.
أخيراً، فإننا في الحركة التقدمية الكويتية نكرر تمسكنا بوثيقة "المقترحات التنموية" التي سبق أن قدمتها حركتنا إلى المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية في العام ٢٠١٨، كما أننا نرى أنّ الإصلاح الاقتصادي يمكن أن يتحقق على شكل متوازن اجتماعياً عبر الاستناد إلى الورقة البحثية الهامة المعنونة "قبل فوات الأوان" التي شارك في إعدادها ٢٩ أكاديمياً اقتصادياً كويتياً ونشرت في أواخر شهر نوفمبر ٢٠٢٠ ، وندعو إلى الأخذ بما تضمنته من تحليل موضوعي لعناصر الخلل الاقتصادي في الاعتماد على النفط كمصدر أحادي الدخل، والاختلالات في مجالات المالية العامة وسوق العمل والنظام التعليمي والتركيبة السكانية، وما استندت إليه تلك الورقة الأكاديمية من ركائز أساسية لتصحيح هذه الاختلالات متمثلة في الاقتصاد المستدام، والشفافية ومكافحة الفساد، والعدالة الاجتماعية، والاسترشاد بالدليل العلمي، والاستناد إلى ما طرحته ورقة الأكاديميين الكويتيين تلك من محاور الإصلاح الخمسة بشأن الاقتصاد المتنوع والمستدام، وإصلاح المصروفات العامة، وإصلاح الاختلال في سوق العمل، والاستثمار في رأس المال البشري، وإصلاح اختلال التركيبة السكانية، وغير ذلك مما ورد فيها من توصيات واقتراحات.

الكويت في ٢ مارس ٢٠٢١

هاهي الحكومة، بعد أن أدركت صعوبة تمرير مشروع قانون الدين العام لتغطية عجز الميزانية العامة للدولة، تحيل إلى مجلس الأمة مشروع قانون يسمح لها بالسحب من احتياطي الأجيال القادمة لتغطية أي عجز يطرأ على الاحتياطي العام للدولة، بينما المقصود هو تغطية عجز الميزانية إذ أن الاحتياطي العام للدولة قد تآكل فعلياً، وذلك جراء عوامل عدة يقف في مقدمتها فشل الإدارة المالية للحكومة.
وبالنسبة لنا في الحركة التقدمية الكويتية، فإننا بعيداً عن الانسياق وراء تفاصيل المقارنة بين خياري الدين العام أو السحب من احتياطي الأجيال القادمة، فإن ما يعنينا أكثر هو تأكيد حقيقة أن هناك مشكلة مالية في الموازنة العامة للدولة تكمن جذورها الأعمق في النمط الريعي للاقتصاد ككل، وفي الاعتماد شبه المطلق على إيرادات النفط، وهو الاختلال الذي يحتاج إلى معالجات جدية وجذرية ومستدامة، ولكن العائق الرئيسي أمام تطبيق هذه المعالجات هو تحكّم المصالح الطبقية الطفيلية الضيقة للقوى الاجتماعية المتنفذة في التوجهات السياسية والاقتصادية والمالية، بالإضافة إلى سطوة قوى الفساد، وسوء الإدارة السياسية والمالية للدولة، ما يؤكد أن المشكلة ليست مجرد مشكلة مالية فقط، ولا هي مشكلة اقتصادية فحسب، وإنما هي مشكلة اجتماعية وسياسية، تتطلب قبل كل شيء تحقيق إصلاحات سياسية وإدارة عامة كفوءة ونظيفة للدولة تتبنى نهجاً اقتصادياً تنموياً وطنياً بديلاً.
ومن هنا فإن السحب من احتياطي الأجيال القادمة شأنه شأن مشروع القانون السابق للدين العام، إنما هما حلان ترقيعيان وقتيان، بينما المهم هو وضع حلول جذرية مستدامة للمشكلتين الاقتصادية والمالية تدفع نحو تحقيق تحول عميق في النهج الاقتصادي باتجاه الاستدامة المالية… والخشية مالم يتم ذلك، وهو في الغالب لن يتم في ظل الأوضاع القائمة، فإن الحلول الترقيعية الوقتية المطروحة أياً كانت ديناً عاماً أم سحباً من احتياطي الأجيال القادمة ستؤدي إلى تسريع التدهور الاقتصادي عبر إضعاف الملاءة المالية للدولة.
أخيراً لابد من إثارة مجموعة تساؤلات جدية حول مشروع القانون الحكومي الجديد من بينها: مَنْ الذي سيدير المبالغ المسحوبة من الأجيال في ظل الفساد والهدر والتنفيع وسوء الإدارتين السياسية والمالية للدولة؟… وما الضمان لعدم تكرار تآكل احتياطي الأجيال القادمة، مثلما تآكل قبله الاحتياطي العام للدولة؟… ثم كيف يمكن لمجلس الأمة أن يوافق على مشروع قانون السحب من احتياطي الأجيال القادمة في ظل عدم شفافية البيانات حول حجم هذا الاحتياطي وغيره من صناديق سيادية وعوائدها السنوية وكيفية إدارتها؟!
وبالتالي، فإن المجتمع الكويتي معني بأن يكون على اطلاع كافٍ حول مختلف أبعاد الأمر، قبل إقرار مشروع القانون الحكومي.

الكويت في ٢٣ فبراير ٢٠٢١

بعيداً عن الخوض في الملابسات والتفاصيل الدستورية، فإن اللجوء للمرة الثانية خلال تسعة أعوام إلى تفعيل المادة 106 من الدستور بتأجيل جلسات مجلس الأمة لمدة شهر يمثّل في حد ذاته مؤشراً واضحاً على عمق الأزمة السياسية المزمنة التي تعيشها البلاد منذ العام 2011 جراء نهج الانفراد بالقرار وإدارة الدولة لمصلحة قلة مسيطرة من المنتفعين، وهو النهج الذي لم يتغيّر، خصوصاً بعدما تلاشت بارقة الأمل التي كانت قائمة في بداية العهد الجديد بتحقيق انفراج سياسي، وذلك عندما تجاهلت الحكومة المستقيلة عن عمد الرسالة الشعبية القوية الداعية إلى التغيير في الانتخابات النيابية الأخيرة، وانحازت على نحو استفزازي في انتخابات رئاسة المجلس وفي تعاملها مع تداعيات جلسة افتتاح الفصل التشريعي، ما أفقد رئيسها الثقة النيابية عبر التأييد الواسع لاستجوابه وصولاً إلى استقالته ثم إعادة تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة، ومع ذلك فقد استمر رئيس الحكومة المكلّف في تعطيله المقصود لجلسات مجلس الأمة، ولم يتصرف على نحو سياسي مسؤول بالاعتذار المفترض عن عدم القدرة على تشكيل الحكومة بعدما فشل في ذلك.
ولئن كان تأجيل جلسات مجلس الأمة لمدة شهر يمكن أن يخفف جزئياً من الضغط الذي يواجهه الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة، فإنه في واقع الحال لن يسهم في معالجة الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، وإنما سيؤدي إلى إطالة إمدها.
وإزاء هذا الوضع، ترى الحركة التقدمية الكويتية أنه ليس هنالك من مخرج سوى في مبادرة الرئيس المكلّف بالاعتذار عن عدم قدرته على تشكيل الحكومة، وفتح المجال أمام تشكيل حكومة بديلة برئاسة جديدة وبنهج مختلف يستجيب فعلاً للرغبة الشعبية في الانفراج والتغيير والإصلاح وتحقيق متطلبات العدالة الاجتماعية.
أما إطالة أمد الأزمة والإصرار على مواصلة النهج القائم فمن شأنهما جرّ البلاد نحو السير في طريق مسدودة، وذلك في وقت هي أحوج ما تكون فيه إلى تجاوز ضغوط الأزمتين المزدوجتين السياسية والمالية عبر التوافق الوطني والاجتماعي على تلبية متطلبات الانفراج والتغيير والعدالة الاجتماعية؛ والاستجابة لاستحقاقات مكافحة الفساد؛ ومعالجة ما يعانيه الناس من مشكلات مستعصية وتخفيف مصاعب المعيشة عنهم، والسير على طريق الإصلاح والتنمية.

الكويت في 18 فبراير 2021

في الوقت الذي نؤكد فيه على أهمية اتخاذ اجراءات مناسبة للحد من عودة تفشي جائحة كورونا والفيروس المتحوّر، إلا أننا نلحظ مع كل أسف أن كثيراً من هذه الاجراءات كانت ارتجالية ومتخبطة ومبنية على ردات أفعال، أكثر من أن تكون مبنية على دراسات، وأنها لا تأخذ بعين الاعتبار التداعيات التي يمكن أن تنجم عنها…فقبل أيام شهدنا التخبط في اتخاذ قرار فتح محلات ألعاب الأطفال ثم التراجع الفوري عنه بعد ساعات…وقبلها لاحظنا التراخي المتعمد عن تطبيق الاشتراطات الصحية في الانتخابات الفرعية وفي جلسة افتتاح مجلس الأمة…وكذلك التهاون تطبيق الاشتراطات الصحية في الأماكن العامة والمجمعات التجارية…والقرارات المتناقضة في شأن السفر وفحص المسافرين، وفي هذا السياق جاءت الإجراءات الأخيرة بشأن إغلاق بعض الأنشطة وتقليص فترات البعض الآخر، من دون وجود دليل واضح مبني على الاحصاءات بأنها هي السبب في ازدياد عدد الإصابات، ناهيك عن عدم مراعاة تبعات هذا الإغلاق أو تقليص فترات تقديم الخدمات.

ومن هنا فإننا في الحركة التقدمية الكويتية نعلن:


١-تفهمنا للتحرك الاحتجاجي لأصحاب الأنشطة الصغيرة والمتوسطة المتضررين من اجراءات الإغلاق والتقليص الأخيرة المتمثّل في اعتصامهم في الساعة الواحدة من ظهر يوم غد السبت ٦ فبراير أمام مجلس الأمة.
٢- مطالبتنا الحكومة بأن تعيد النظر في قراراتها المبنية على ردات الأفعال… مع التأكيد على الالتزام بتطبيق الاشتراطات الصحية والرقابة عليها وعدم التساهل فيها.
٣- دعوتنا للحكومة إلى الإسراع في تقديم تسهيلات سداد وتأجيل للأقساط والايجارات للمتضررين من أصحاب الأنشطة الصغيرة والمتوسطة والعاملين فيها.

الكويت في ٥ فبراير ٢٠٢١

بعيداً عن الافتئات على الحق الدستوري المقرر لصاحب السمو الأمير في تكليف رئيس مجلس الوزراء، فإن ما يعنينا الآن ليس شخص رئيس الوزراء المكلّف، وإنما نحن معنيون بالتوقف أمام احتمالات تفاقم الأزمة السياسية التي تعانيها البلاد منذ العام 2011، وذلك جراء إصرار السلطة على مواصلة نهجها الانفرادي وعدم التفاتها نحو الرسالة الشعبية الداعية للتغيير، التي عبّرت عنها نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة.

لقد كان المؤمل، بعد قبول استقالة الحكومة في أعقاب اتساع المعارضة البرلمانية لرئيسها، أن يُفسح المجال لتشكيل حكومة بديلة برئاسة جديدة وبنهج مختلف يستجيب للرغبة الشعبية في الانفراج والتغيير والإصلاح وتحقيق متطلبات العدالة الاجتماعية، إلا أنّ ما تداولته الأوساط السياسية عن بعض اللقاءات في الأيام الأخيرة وما دار فيها من تلويحات وضغوط كشفت، مع كل أسف، أنّ الأوضاع مرشحة للتصعيد والتعقيد وليس للتسوية والانفراج، خصوصاً في ظل رفض المقترحات النيابية بشأن العفو عن المحكومين والملاحقين في قضايا الرأي والتجمعات والقضايا السياسية، والتوجه في المقابل نحو تمرير تشريعات منحازة طبقياً لمصلحة كبار الرأسماليين ولا يمكن أن تكون محل قبول شعبي للتعامل مع الأزمة المالية سيكون من شأنها المساس بالمكتسبات الاجتماعية والحقوق العمالية ومستوى المعيشة.

ومن نافل القول إنّ إطالة أمد الأزمة والإصرار على مواصلة النهج القائم تثير قلق كل كويتي محب لوطنه، ومن شأنها أن تجرّ البلاد نحو السير في طريق مسدود، وذلك في وقت أحوج ما تكون فيه الكويت والكويتيون إلى تجاوز ضغوط الأزمتين المزدوجتين السياسية والمالية عبر التوافق الوطني والاجتماعي على تلبية متطلبات الانفراج والتغيير والإصلاح والعدالة الاجتماعية والاستجابة لاستحقاقات مكافحة الفساد ومعالجة المشكلات المزمنة التي تشكو منها غالبية الشعب.

ولكننا إزاء ما يحدث فإننا نتساءل: ترى، لمصلحة مَنْ يتم تجاهل هذه المتطلبات والاستحقاقات؟ ومَنْ سيدفع الثمن غير الكويت وغالبية الكويتيين؟!

الكويت في ٢٤ يناير ٢٠٢١

ببالغ الاستياء تلقينا في الحركة التقدمية الكويتية الخبر المؤلم بشأن فتح سفارة لدولة الإمارات في مدينة تل أبيب بفلسطين المحتلة، الذي يأتي في سياق الخطوات التطبيعية المتلاحقة لبعض دول مجلس التعاون الخليجي مع الكيان الصهيوني، وذلك في الوقت الذي يواصل فيه هذا الكيان الغاصب احتلاله للأراضي العربية في فلسطين والجولان وتنكّره للحقوق الوطنية المشروعة للشعب العربي الفلسطيني، وتحلله من القرارات الدولية المتصلة بالقدس وعودة اللاجئين، وقمعه الإجرامي لأهلنا الصامدين بوجه الاحتلال.
وتؤكد الحركة التقدمية الكويتية تمسكها بالحقيقة الراسخة المتمثلة في كون الكيان الصهيوني عدواً رئيسياً لشعوب الأمة العربية وقواها التحررية والوطنية، ناهيك عن طبيعته العنصرية ومشروعاته الاستيطانية التوسعية.
وإننا إذ نعلن رفضنا الكامل للتهافت على التطبيع مع الكيان الصهيوني، فإننا معنيون أكثر من ذلك بالعمل على تعزيز الموقف الوطني والقومي الراسخ للشعب الكويتي برفض التطبيع ودعم نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه العادلة والثابتة، وتمسك الكويت بخطها المعهود في سياستها الخارجية المناهضة للاحتلال والمعارضة للتطبيع.

الكويت في 24 يناير 2021

أصبح واضحاً للعيان أنّ الكويت اليوم تعيش أزمة سياسية متفاقمة هي في جانب منها امتداد للأزمة المخيمة على البلاد من دون حل منذ العام 2011، بالإضافة إلى كونها من جانب آخر نتاجاً طبيعياً لاستمرار النهج السلطوي على ما كان عليه من دون تغيير، وتجاهل الاستجابة للرسالة الشعبية المتمثلة في نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة.
فلقد أعاد التشكيل الحكومي الجديد توزير عناصر تأزيمية مرفوضة، كما جرى توزير أشخاص آخرين تدور حولهم ملاحظات سلبية وذلك بالتعارض التام مع الرغبة الشعبية في التغيير والإصلاح، وجاء موقف الحكومة المنحاز ضد الإرادة الشعبية في انتخابات رئاسة المجلس، وقبله خطاب رئيسها في جلسة افتتاح مجلس الأمة ليقطع الطريق على أي بارقة أمل في تحقيق انفراج سياسي، ناهيك عن تحقيق الإصلاح.
وبعد ذلك صُدم الرأي العام الشعبي بما تم تسريبه من مشروع برنامج العمل الحكومي الذي نشرته بعض الصحف، قبل أن تقدمه الحكومة رسمياً إلى مجلس الأمة فور تشكيلها وفق الاشتراط الدستوري، وكان واضحاً تماماً مدى الانحياز الطبقي في مشروع برنامج عمل الحكومة لصالح قلة متنفذة ومنتفعة من كبار الرأسماليين، وذلك مقابل عدائه الصارخ لمصالح الطبقات الشعبية، واستخفافه بمبادئ العدالة الاجتماعية التي يؤكدها الدستور.
وقد أدى هذا النهج الحكومي المتجاهل سياسياً للإرادة الشعبية، والمتعارض في توجهاته الاقتصادية الاجتماعية مع مصالح الغالبية الساحقة من المواطنين، إلى انعدام أي إمكانية لتحقيق أي إنجاز تشريعي منشود أو إحداث إي إصلاح مأمول في حال بقائها في مواقع القرار والمسؤولية، بل لقد تفاقمت الأزمة السياسية في البلاد جراء هذا النهج الحكومي، بحيث أصبح وجود الحكومة الحالية برئيسها ونهجها وتشكيلتها عبئاً ثقيلاً يصعب على البلاد وعلى الشعب تحمله، ومن هنا فإننا نتفهم الاستجواب النيابي الموجه إلى رئيس مجلس الوزراء ونراه مستحقاً، بغض النظر عن موقفنا تجاه بعض المواقف النيابية، ونؤيد المطالبات الشعبية والنيابية المتزايدة بإعلان عدم التعاون معه، ونطالب باستقالة رئيس مجلس الوزراء وبتشكيل حكومة بديلة برئاسة جديدة وبنهج يستجيب للرغبة الشعبية في الانفراج والتغيير والإصلاح وتحقيق متطلبات العدالة الاجتماعية.
وفي الختام فإننا نهيب بكل المواطنين وجميع التيارات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وأعضاء مجلس الأمة إلى التمسك الكامل بالحقوق الدستورية، والدفاع بثبات عن الخيارات الديمقراطية، ورفض أي نزعات مغامرة ودعوات غير مسؤولة تحاول جر البلاد إلى الخروج عن القواعد الدستورية والانقلاب عليها مثلما حدث في السبعينات والثمانينات من القرن العشرين، وكان مصيرها الفشل التام.

الكويت في 5 يناير 2021

تعاني الأنظمة السياسية والحكومات من هلع شديد من التجمعات الشعبية والحشود البشرية.
ويختلف التعامل مع التجمعات باختلاف الأنظمة السياسية..
فالأنظمة غير الديموقراطية تحرّم التجمّعات تحريما قطعيا وتعتبرها من جرائم أمن الدولة، وذلك لخوفها من أن تتحول إلى ثورة شعبية تجرف النظام الحاكم. ولهذا يتعرض منظّمو التجمعات والعاملون عليها وعابرو السبيل وأي شخص يضعه حظه العاثر في دائرة نصف قطرها 10 كم، للضرب والسحل والاعتقال.
أمّا الأنظمة الديموقراطية فتتعامل مع الأمر بطريقة دستورية وعلمية، فتسمح بالتجمّع وتكتفي بالمراقبة عن كثب وتوفّر الحماية الأمنية والرعاية الطبية للمتظاهرين. ولهذا أسست علم"إدارة الحشود"بهدف التحكّم والسيطرة على الوضع عن بعد ودون استثارة غضب المتظاهرين.

شخصيا عانيت، ومثلي الآلاف، من قسوة الأجهزة الأمنية المفرطة خلال الحراك الشعبي السلمي المعارض للفساد قبل 10 أعوام.
لم أفهم سبب القمع الأمني إلّا ليلة البارحة عندما احتشد أطفال وأبناء الأصدقاء والأقارب للاحتفال بالعام الجديد خارج الخيمة التي نأوي إليها كل ليلة.
كان عددهم 20 وأعمارهم تتفاوت بين الـ 7 والـ 13 تقريبا وكانت معهم كمية كبيرة من الألعاب النارية.
قررنا التعامل مع الأمر بطريقة ديموقراطية فسمحنا لهم بالتجمّع أمام الخيمة مشترطين عليهم إتخاذ أقصى معايير الأمن والسلامة وعدم إشعال الألعاب النارية إلّا بإشراف مباشر من بعض البالغين الذين تطوّعوا لهذه المهمة.
ما أن بلغت الساعة تمام الـ 12 حتى أطلق المحتشدون بعض الصواريخ التي شقت عنان السماء وانفجرت إلى مئات الشظايا المتوهجة. كان المشرفون هم من يأمر بالإطلاق، وهذا أدّى إلى تباطوء انطلاق الصواريخ مما أفقد العملية زخمها المنشود.
لم يعجب ذلك المحتشدون، فلاحظنا ظهور بعض علامات الاستياء والحنق في صفوفهم احتجاجا على تصرف المشرفين الرافض لمطالبات المحتشدين بمنحهم حق إطلاق الصواريخ دون إذن مسبق وهو ما اعتبره المحتفلون تعنّتا لا يتناسب مع المناسبة السعيدة.
خلال دقيقة واحدة عمت الفوضى المكان وتعددت منصات إطلاق الصواريخ مما أربك المشرفين ففلت الوضع واندلعت الفوضى وتحوّل المحتفلين، في غمضة عين، إلى ثوّار سيطروا على المكان، فهرب المشرفون إلى داخل الخيمة خوفا من سخط الثوار الذين تعالت هتافاتهم الثورية: "اشنقوا آخر مشرف بشماغ آخر بالغ".
قررنا الخروج، من الخيمة، لاستعادة السيطرة على الموقع بأي ثمن، لكننا فوجئنا ببعض الصواريخ التي اقتحمت الخيمة مما أجبرنا على الانبطاح أرضا والتمدد تحت الكراسي مع حماية رؤوسنا بالمساند القطنية.
لم نستطع تحديد ما إذا كانت هذه الصواريخ قد أُطلِقت باتجاهنا بشكل متعمد أم أنها أُطلِقت، عفويا، كـ نيران صديقة. كان الوضع محتقنا جدا بيننا وبينهم، فحاولنا إيقاف الاحتفال وتفريق الحشد ومصادرة الصواريخ التي كانت مُعدّة للإطلاق، ففوجئنا بدفعة جديدة تنطلق باتجاهنا من مواقع غير مرئية، فاضطررنا مجددا للاستلقاء على الأرض وحماية رؤوسنا.
اقترب من باب الخيمة 3 صبية يبدو أنهم قادة الثوار ووراءهم 5 آخرين يحملون في أيديهم بعض المفرقعات والصواريخ والولّاعات، ولاحظنا انتفاخ جيوبهم الجانبية بما بدا وكأنها قنابل مولتوف.
لم نستطع تمييز شخصياتهم لأنهم جميعا كانوا يرتدون أقنعة ميكي ماوس وسِنان ونيلز وكابتن ماجد ونحّول وكونان وسبونج بوب وسكوبي دو .
أمرناهم بالانصياع للأوامر والتفرّق الفوري لكنهم أخبرونا بأننا في وضع لا يسمح لنا بإصدار الأوامر وطلبوا منا القبول بالواقع والجلوس للتفاوض دون قيد أو شرط.
أُسقِط في أيدينا وشعرنا بأننا الوفد العسكري العراقي المهزوم خلال التفاوض مع الأميركان في خيمة سفوان الشهيرة عام 1991م.
أيقنّا أننا أمام تمرّد يُدار بطريقة ذكية جدا وبانضباط شديد، فرضخنا للأمر الواقع وقبلنا بالتفاوض.
كانت مطالبهم محددة وحاسمة:
1- منع استخدام مفهوم طاعة ولي الأمر في كل شاردة وواردة.
2- إلغاء أي اعتبارات عُمرية أو عائلية أو قانونية ويشمل ذلك تجميد سلطة الأب والعم والخال والشقيق الأكبر.
3- انسحاب المشرفين فورا من الموقع.
4- عدم مطالبة الثوّار بتحمّل أي أضرار لحقت بالخيمة وأثاثها جراء إطلاق الألعاب النارية.
5- يتعهد الكبار بترك المحتشدين يكملون احتفالاتهم حتى نفاد جميع الألعاب النارية.
6- يقوم الكبار بشراء عدد 20 وجبة ماكدونالدز للمحتشدين.
7- إعلان عفو عام غير مشروط ودون اعتذار، ويشمل جميع المحتشدين.
8- في حال قيام الكبار بتنفيذ جميع المطالب الـ 7 السابقة، يتعهد الثوّار بإخلاء الموقع عند الساعة 6 صباحا تمهيدا لعودة الأوضاع إلى طبيعتها المعتادة.

قبلنا الشروط على مضض وكأننا"نتجرّع السم"واستكمل الثوار الصغار احتفالاتهم واستمتعوا بالنصر الذي حققوه.
تذكّرت حراكنا الشعبي والفشل الذريع الذي آل إليه، فقلت لمن بجانبي:
لو كان قادة حراكنا الشعبي عام 2012م بنفس هذا التنظيم والذكاء والإرادة لتحققت مطالبنا كاملة ولما أصبحت الكويت، الآن، لقمة سائغة يلتهمها غول الفساد.

بقلم: عبدالهادي الجميل

نص ورقة المناقشةتنزيل

أصدرت غرفة تجارة وصناعة الكويت ورقة تحت عنوان "إنّ وطننا في خطر" نشرتها الصحافة المحلية على صدر صفحاتها الأولى كإعلان مدفوع بالإضافة إلى نشرها كمادة تحريرية داخل الصحف، وأوضحت الغرفة في إشارة لها أنّ هذه الورقة إنما تدور "حول التبعات الوطنية والاقتصادية الخطيرة التي تترتب على الاستمرار في تأجيل الإصلاح، والتي يمثّل تخفيض التصنيف الائتماني السيادي نذيراً مقلقاً لها".
وقد أطلعنا في اللجنة المركزية للحركة التقدمية الكويتية باهتمام بالغ على ورقة الغرفة، التي تتضمن قضايا وتوجهات واقتراحات نرى أنها جديرة بالمناقشة والتعليق عليها وإبداء وجهة نظرنا حولها من منطلق كوننا حركة سياسية تقدم نفسها معبّرة عن مصالح الطبقة العاملة والفئات الشعبية، ناهيك عن أنّ القول المحمود في تواضعه الذي ذكرته الورقة من أنّ "غرفة تجارة وصناعة الكويت لا تدعي أبداً القدرة على إيجاد المخرج ورسم خارطة الطريق، فهذه مهمة لا يمكن أن ينهض بها إلا توافق وطني تتعاون في إطاره السلطات الثلاث، وقوى الحراك السياسي، ومنظمات المجتمع المدني"، يحثنا بالضرورة على مناقشة هذه الورقة.
ونبدأ بالقول إنّ المجتمع الكويتي شأنه شأن أي مجتمع بشري آخر تجمعه بالضرورة قضايا واهتمامات وتحديات وطنية عامة، ولكنه في الوقت نفسه مجتمع منقسم إلى طبقات اجتماعية ذات مصالح ومواقع اقتصادية مختلفة ومتنوعة، بل ومتناقضة أيضاً، فاهتمامات رجال الأعمال وأرباب العمل تختلف بالضرورة عن هموم الموظفين والعمال، ومصالح التجار وملاك العقار تتعارض مع مصالح المستهلكين والمستأجرين، بل أنّه حتى ضمن الطبقة الاجتماعية الواحدة تكون هناك مصالح متفاوتة ومتباينة، فأصحاب المصانع المحلية لديهم مطالب لا تتوافق مع مصالح أصحاب الوكالات التجارية وشركات الاستيراد من الخارج، وبالتالي فإنّ ما تطرحه غرفة تجارة وصناعة الكويت في ورقتها هذه أو في غيرها من البيانات والمذكرات وما ترفعه من مطالب وما تدعو إليه من توجهات من موقعها كممثل للقطاع الخاص والشركات الرأسمالية ورجال المال والأعمال وأرباب العمل، تتناقض مع ما تطرحه النقابات العمالية على سبيل المثال، وهي بالضرورة تتعارض مع ما نراه نحن في الحركة التقدمية الكويتية، ليس بسبب اختلاف المرجعيات والاجتهادات الفكرية فحسب، وإنما بالأساس بسبب اختلاف المواقع والمصالح الاقتصادية والاجتماعية الطبقية، وهذا ما يتضح في العديد من القضايا مثل الموقف تجاه الخصخصة، أو الموقف تجاه أنواع الضرائب من حيث كونها عادلة اجتماعياً أم ضرائب غير عادلة اجتماعياً.

وأما من حيث التفاصيل والنقاط الواردة في ورقة الغرفة فيمكننا قول التالي:

أولاً: قد نجد في ورقة الغرفة قضايا وعناوين محل اهتمام مشترك، ومن بين ذلك ما جاء حول الطبيعة الريعية للاقتصاد، و"الاختلالات الهيكلية الأساسية الثلاثة" خصوصاً: ضيق القاعدة الانتاجية، وانحراف التركيبة السكانية، ولكننا نختلف معها في تشخيص ما أسمته "هيمنة القطاع العام"، ونرى أنّ الخلل لا يكمن فيما يسمى هيمنته، وإنما يكمن الخلل في سوء إدارة القطاع العام، لأن المطلوب في نظرنا هو إصلاح إدارته وليس تصفية وجوده، ونضيف إلى ما أوردته الغرفة خلل رابع هو فشل القطاع الخاص في المساهمة الجدية في التنمية، خصوصاً أنّ ورقة الغرفة لا تنكر "اعتماد الأنشطة الاقتصادية على الإنفاق العام"، وهو ما نسميه بوضوح اتكال القطاع الخاص على الإنفاق الحكومي، كما أننا قد نتفق بشكل عام مع عدد من العناوين الواردة في ورقة الغرفة حول "تضخم الإنفاق العام الاستهلاكي" و"تردي الخدمات العامة والبنية الأساسية والمؤسسية" و"تراجع مستوى التعليم"، والدعوة إلى "إصلاح العملية التعليمية إصلاحاً جذرياً"، وسطوة قوى الفساد، وضعف الإدارة العامة، بل نزيد عليها سوء الإدارة السياسية والاقتصادية والمالية للدولة، ونتفق مع ما ورد من دعوات تتصل برفع القيمة الايجارية لأملاك الدولة، و"توطين العمالة في القطاع الخاص"، ولكننا نختلف مع الورقة في تشخيص العديد من هذه الاختلالات والمشكلات وتحديد أسبابها وسبل معالجتها.

ثانياً: في حديث ورقة الغرفة عما أسمته "الصدمة المزدوجة التي تلقاها الاقتصاد الكويتي جراء تداعيات جائحة كوفيد 19 وتزامنها مع الانخفاض الكبير في إيرادات النفط، مما ساهم إلى حد بعيد في تخفيض تصنيف الكويت الائتماني" فنحن في الحركة التقدمية الكويتية نرى أنّ ورقة الغرفة قد تجاهلت عاملاً بالغ الأهمية هو الموجة الجديدة من الأزمة الاقتصادية والمالية للنظام الرأسمالي العالمي التي سبقت الجائحة وتزامنت معها، وكان لها تأثيرها السلبي بالضرورة على الاقتصاد الكويتي المرتبط تبعياً بالنظام الرأسمالي العالمي… ومن جانب آخر، فإنه مع أهمية الإشارة إلى انخفاض التصنيف الائتماني السيادي، فإنّ هذا مجرد معطى من ضمن معطيات عدة، ذلك أن المشكلات الهيكلية أو الاختلالات البنيوية للاقتصاد الكويتي هي مشكلات واختلالات سابقة على خفض هذا التصنيف، بل هي موجودة عندما كان التصنيف ايجابياً، وقائمة عندما كانت أسعار النفط مرتفعة، وهذا ما جرى التحذير منه قبل خفض التصنيف الائتماني السيادي بعشرات السنوات.

ثالثاً: بينما تشير ورقة الغرفة إلى أنها "لا تبرئ أحداً أو جهة من مسؤولية ما نحن فيه، لأنها على يقين بأنّ كافة الأطراف دون استثناء شريكة في هذه المسؤولية فالسلطة التنفيذية، بطريقة تشكيل حكوماتها وضعف أجهزتها، شريكة في المسؤولية. والسلطة التشريعية ، باخفاقها في الانتقال الى مقاعد تمثيل الوطن كله شريكة في المسؤولية. والمواطنون على اختلاف شرائحهم الاجتماعية والمهنية والسياسية مشاركون في تعقيد وتصعيد أزمة الحرية والاصلاح والتنمية ، لاصرارهم الثابت ونجاحهم المتكرر في اعادة انتاج البيئة السياسية حسب اعتبارات العصبية والمصالح بدل معايير الكفاءة والاصلاح"، فإننا نرى في المقابل أنّ هذا القول مجانب للحقيقة وبعيد عن الواقع ولا يمكن قبوله، ذلك أنّ هناك قاعدة معروفة وهي أنّ المسؤولية تكون على قدر السلطة، ولا يمكن أن يتحمّل الجميع المسؤولية بالقدر ذاته، فمّنْ بيده سلطة أكثر تقع عليه مسؤولية أكبر… ومن جانب آخر فإنّ هذا القول ينطوي على خلط مضلل في الحديث عن مسؤولية السلطة التشريعية، فلا يمكن أن نعد مسؤولية نواب فاسدين ومرتشين وقبيضة عن فساد الأوضاع وغياب الإصلاح على مستوى المسؤولية ذاتها لنواب ذوي توجهات إصلاحية، ولا يمكن أيضاً أن نتحدث عن مسؤولية جميع المواطنين بالدرجة ذاتها، فمَنْ سرق أموال التأمينات الاجتماعية مواطن كويتي، ومَنْ شارك في العديد من جرائم غسيل الأموال مواطنون كويتيون، لا يمكن أن نعدهم سواء في المسؤولية عن فساد الأوضاع وعن "الأخطاء والخطايا والقصور والتقصير" شأنهم شأن مواطنين مجتهدين في أعمالهم وأداء واجباتهم سواءً كانوا أصحاب أعمال أو موظفين أو أطباء مجتهدين شاركوا في مكافحة كورونا أو معلمون يربون الأجيال.
ولكننا في المقابل نتفق مع ما جاء في ورقة الغرفة حول "الإقرار سلفاً بصعوبة تحديات المرحلة القادمة، وما تتطلبه من وعي وتضحية من كل القيادات السياسية والقوى المجتمعية، ومن كافة المواطنين دون استثناء، وكل حسب موقعه وقدرته وامكاناته".

رابعاً: فيما يتعلق بالقضايا والسياسات والاجراءات التي تطرحها ورقة الغرفة، فنحن في الحركة التقدمية الكويتية نختلف تماماً حول الاستنتاج الوارد فيها بالبند أولاً تحت رقم 2 بشأن ما تحتله الخصخصة من أهمية مركزية في الإصلاح الاقتصادي وكونها تمثل شرطاً أساسياً لتعزيز دور القطاع الخاص، ونرى في المقابل أن الإصلاح الاقتصادي يجب أن يتوافق بالضرورة مع ما قرره دستور البلاد في المادة 20 من أن "الاقتصاد الوطني أساسه العدالة الاجتماعية وقوامه التعاون العادل بين النشاط العام والنشاط الخاص وهدفه تحقيق التنمية الاقتصادية وزيادة الإنتاج ورفع مستوى المعيشة وتحقيق الرخاء للمواطنين، وذلك كله في حدود القانون"، وبالتالي فإنّ التعاون العادل بين النشاط العام والنشاط الخاص وليس تصفية النشاط العام وخصخصته هو الذي يمثل المنهجية الشاملة للإصلاح الاقتصادي، ونحن هنا لا ندعو إلى التضييق على القطاع الخاص، بل ندعو إلى تشجيعه على الاستثمار ومساعدته على العمل في المجالات الانتاجية بشرط أن يتحمّل تبعات قراراته وفشله مثلما ينتفع من أرباحه ونجاحاته، وكذلك لا بد من أن يسهم رأس المال بوظيفته الاجتماعية، التي نص عليها الدستور في المادة 16، بحيث يوفر فرص عمل كريمة للمواطنين الكويتيين ويساهم في تمويل الميزانية العامة للدولة.

خامساً: نختلف تماماً مع ما دعت إليه غرفة التجارة في ورقتها في هذا البند تحت رقم 3 بشأن خصخصة أنشطة القطاع النفطي تكريراً وتصنيعاً ونقلاً وتسويقاً، لأكثر من سبب، فنحن بدءاً ندعو إلى التمسك بالمادة الرابعة من القانون رقم 37 لسنة 2010 بشأن تنظيم برامج وعمليات التخصيص التي تنص على أنه "لا يجوز تخصيص إنتاج النفط والغاز الطبيعي ومصافي النفط ومرفقي التعليم والصحة"… ومن جانب آخر فقد لمسنا على أرض الواقع التجربة المريرة لخصخصة محطات الوقود التي كانت تابعة لقسم التسويق المحلي في شركة البترول الوطنية وما أدت إليه من إبعاد وتطفيش للعمالة الكويتية الوطنية في تلك المحطات التي تمت خصخصتها… كما أننا نتمسك شأننا شأن جميع المواطنين الكويتيين بالانجاز الوطني التاريخي العظيم الذي تحقق في العام 1975 عبر تأميم المورد النفطي وحصر أنشطته ذات الطبيعة الاستراتيجية بالدولة.

سادساً: في البند ثانياً بعنوان "من حيث الإلتزام التنموي والوطني للقطاع الخاص المتطور"، فنحن نقدّر ما جاء في ورقة الغرفة حول "فرض ضريبة الدخل على وجه التحديد والأولوية باعتبارها الضريبة التي تعزز الديمقراطية، ولا تمس جيوب أصحاب الدخل المحدود"، ولكننا نؤكد على أن تكون هذه الضريبة ضريبة تصاعدية على أصحاب الدخول الكبيرة، وضريبة على أرباح الشركات والمؤسسات الخاصة، لأنّ الصيغة الواردة قد تكون مجرد ضريبة متدنية النسبة على كل من هو فوق الدخل المحدود بغض النظر عن التفاوت في الدخل.

سابعاً: نتحفظ، بل نرفض الدعوة الواردة في البند ثانياً تحت رقم 2 بشأن "إعادة تسعير الخدمات العامة"، التي تعني زيادة الرسوم على الخدمات أو زيادة أسعار الكهرباء والماء والوقود المترافقة مع "إعادة هيكلة الدعوم وترشيدها"، مالم تكن هناك شرائح وفئات محددة معفاة من هذه الزيادات ومشمولة بهذه الدعوم تغطي بشكل واضح ومناسب أصحاب الدخول المتدنية وصغار الموظفين والعمال والمتقاعدين والفئات المهمشة والفقيرة.

ثامناً: ورد في ورقة الغرفة "أن الفساد بتجلياته الاقتصادية لا يعكس تشوهاً في القيم بقدر ما يعكس نقصاَ في الحرية الاقتصادية، وخطأ في السياسات، وضعفاً في الإدارة العامة والأداء"، ونحن وإن كنا نتفق مع جانب من هذا الاستنتاج بشأن خطأ السياسات وضعف الإدارة العامة والأداء، بل نضيف عليه عدم جدية الحكومة في مكافحة الفساد وما يلقاه الفاسدون من رعاية وحماية، ناهيك عما تحقق لهم من سطوة ونفوذ، ولكننا نتوقف أمام قول ورقة الغرفة إن الفساد يعكس نقصاً في الحرية الاقتصادية، ذلك أننا نرى أنّ الفساد في واقع الحال لا يكمن في نقص الحرية الاقتصادية وإنما يكمن في انفلات حرية القطاع الخاص تحديداً وفساده، ففساد القطاع العام إنما هو امتداد لفساد القطاع الخاص، وتكفينا أمثلة على ذلك فضائح: ضيافة الداخلية، وغسيل الأموال، والصندوق الماليزي، وقضايا النصب العقاري، وفساد تنفيذ مشروعات البنية التحتية وأشهرها تطاير حصى الشوارع، التي أوجدها بالأساس فساد بعض شركات القطاع الخاص ونجمت عن غياب الرقابة الحكومية الجادة على بعض أنشطته، وهي بالتالي لم تكن بسبب "النقص في الحرية الاقتصادية"، كما ترى ورقة الغرفة.

وفي الختام نؤكد أننا في الحركة التقدمية الكويتية في الوقت الذي نناقش فيه ورقة غرفة التجارة والصناعة ونطرح وجهة نظرنا المخالفة لها والمختلفة معها، فإننا نؤكد تمسكنا بوثيقة "المقترحات التنموية" التي قدمتها حركتنا إلى المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية في العام 2018، كما أننا نرى أنّ الإصلاح الاقتصادي يمكن أن يتحقق على شكل متوازن اجتماعياً عبر الاستناد إلى الورقة البحثية الهامة المعنونة "قبل فوات الأوان" التي شارك في إعدادها 29 أكاديمياً اقتصادياً كويتياً ونشرت في أواخر شهر نوفمبر 2020، وندعو إلى الأخذ بما تضمنته من تحليل موضوعي لعناصر الخلل الاقتصادي في الاعتماد على النفط كمصدر أحادي الدخل، والاختلالات في مجالات المالية العامة وسوق العمل والنظام التعليمي والتركيبة السكانية، وما استندت إليه تلك الورقة الأكاديمية من ركائز أساسية لتصحيح هذه الاختلالات متمثلة في الاقتصاد المستدام، والشفافية ومكافحة الفساد، والعدالة الاجتماعية، والاسترشاد بالدليل العلمي، والاستناد إلى ما طرحته ورقة الأكاديميين الكويتيين تلك من محاور الإصلاح الخمسة بشأن الاقتصاد المتنوع والمستدام، وإصلاح المصروفات العامة، وإصلاح الاختلال في سوق العمل، والاستثمار في رأس المال البشري، وإصلاح اختلال التركيبة السكانية، وغير ذلك مما ورد فيها من توصيات واقتراحات، حيث لم يرد فيها أي ذكر للخصخصة.
وبقيت كلمة أخيرة، وهي أنه لا يمكن تحقيق الإصلاح الاقتصادي من دون تحقيق إصلاح سياسي ديمقراطي يقوم على مشاركة شعبية فعلية وكاملة في اتخاذ القرار، فالإصلاح السياسي هو مدخل كل إصلاح، وما عداه هراء وعبث.

الكويت في 30 ديسمبر 2020

من دون مبالغة أو تهويل فإن ما تم نشره أخيراً من بنود برنامج عمل الحكومة للأعوام الممتدة من 2021 الى 2024 يكشف أن الوجهة العامة للحكومة في سياساتها الاقتصادية والاقتصادية الاجتماعية إنما تستهدف بالأساس تحميل الطبقات الشعبية العبء الأكبر لمشكلة عجز الميزانية، وذلك على الرغم من العبارات المنمقة والصياغات المبهمة التي تحاول إخفاء هذه الوجهة المنحازة طبقياً في برنامج الحكومة.
وبدءاً، فإننا لسنا بصدد إنكار وجود أزمة مالية وعجز في الميزانية يحتاجان إلى معالجات جدية، ولكننا في المقابل نرفض تماماً أن يتم تحميل الطبقات الشعبية العبء الأكبر في هذه المعالجات، بينما يتم التعامى عن أي دور أو مسؤولية يفترض أن يتحملها في هذا الشأن كبار الرأسماليين الذين يستحوذون على النصيب الأكبر من مقدرات البلاد وينتفعون أكثر من غيرهم من موارد الاقتصاد.
وسنحاول هنا أن نسلط الضوء على أبرز التوجهات التي تؤكد اتهامنا للحكومة بالانحياز الطبقي في برنامج عملها:
أولاً: يشير البرنامج عند تناوله لما يسمى تعظيم الإيرادات إلى "إعادة النظر في اسعار الخدمات والسلع، وكذلك الاصول والممتلكات العامة ضمن مشروع إعادة تسعير الخدمات العامة"… وهذا يعني عملياً رفع أسعار الكهرباء والماء والوقود، وزيادة الرسوم على الخدمات العامة؛ واستحداث رسوم جديدة، وهذا ما سيضيف أعباء معيشية سترهق حياة الطبقات الشعبية من صغار الموظفين والعمال والمتقاعدين وأصحاب الدخول المتدنية.
ثانياً: يطرح برنامج عمل الحكومة ما أسماه "إصلاح هيكل الأجور في القطاع العام وتوحيد سياسة الاجور ومواءمة هيكل الأجور بين القطاعين العام والخاص"، وهذا التوجه الحكومي لا يمكن أن يكون المقصود منه زيادة أجور العاملين في القطاع الخاص لتكون قريبة من أجور العاملين في القطاع الحكومي، وإنما المقصود هو خفض أجور المواطنين الكوتيين العاملين في القطاع العام أي في القطاع الحكومي لتكون قربية من أجور القطاع الخاص، وهو أمر بالغ الخطورة في وقت يعاني فيه صغار الموظفين والعمال من ارتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة، هذا ناهيك عن أنّ مشروع قانون إعادة هيكلة اجور القطاع العام (البديل الاستراتيجي) يمثل أحد أبرز مشروعات القوانين السبعة التي يتضمنها برنامج عمل الحكومة، وهو مشروع قد يحقق منفعة للعاملين في بعض الجهات الحكومية من المحرومين من البدلات والكوادر، ولكنه للأسف ينتقص في المقابل من الحقوق المكتسبة لبعض فئات العاملين في مجالات ذات طبيعة خاصة خطرة أو شاقة أو ضارة بالصحة مثل العاملين في مجالات الطب والتعليم والانتاج النفطي.
ثالثاً: يتطرق برنامج عمل الحكومة بعبارات مطاطة إلى تخفيض الدعوم بالحديث عن "ترشيد وتوجيه الدعوم بطرق أكثر استدامة وفاعلية وإنشاء نظام تحديد المركز المالي للفرد لاستهداف الدعوم".
رابعاً: عندما يطرح برنامج عمل الحكومة ما أسماه تعظيم الايرادات، فإنه يتحدث عن "العمل على أهمية فرض ضريبة جديدة" من دون أن يشير البرنامج إلى نوع هذه الضريبة الجديدة، وهل هي ضريبة عادلة اجتماعياً من شاكلة الضريبة على التصاعدية الدخول الكبيرة والضريبة على أرباح الشركات؟ أم أن هذه الضريبة الجديدة هي ضريبة القيمة المضافة إياها؟… خصوصاً أن برنامج عمل الحكومة يشير مباشرة بعدها إلى ما أسماه "زيادة الضريبة الانتقائية على السلع الكمالية وذات التأثير على البيئة والصحة العامة، وذلك ضمن مشروع دراسة الضريبة الانتقائية الذي تقوم بها وزارة المالية".
خامساً: يطرح برنامج عمل الحكومة دعوات الخصخصة وتصفية القطاع العام وتقليص دور الدولة في الاقتصاد بطريقة ملتوية وغير مباشرة لتجنب استثارة الرأي العام الشعبي المناهض للخصخصة، وذلك عندما يشير في بند تعديل هيكلة الجهاز الحكومي إلى ما أسماه "تحويل دور الحكومة من مشغل الى منظم وزيادة الشراكة مع القطاع الخاص"… أي أن الدولة أو الحكومة لن تتولى تشغيل الخدمات والمرافق الحكومية وإنما ستعهد بها إلى شركات القطاع الخاص، بينما ستتولى الحكومة ما يسمى دور المنظم… وهي الذريعة التي طالما جرى طرحها لتسويق الخصخصة.

باختصار، إن برنامج عمل الحكومة في شقيه الاقتصادي والاقتصادي الاجتماعي يكشف بوضوح انحيازاً طبقياً معادياً لمصالح الطبقات الشعبية، وهذا ما نعارضه ونحذر من نتائجه وننبه إلى خطورة تبعاته وتداعياته السلبية على حياة الغالبية الساحقة من الناس، وندعو عموم المواطنين والنقابات العمالية والجمعيات المهنية وأعضاء مجلس الأمة إلى التصدي لمثل هذه التوجهات الحكومية المنحازة طبقياً وغير العادلة اجتماعياً.

الكويت في 28 ديسمبر 2020

يُظن أنّ أول ظهور للنار، على الأرض، كان عن طريق الصواعق التي تضرب الغابات وتشعل النيران، فاستغلها الإنسان القديم قبل انطفائها. ثم تعلّم كيفية إشعالها بنفسه واستغلّها في الطهي والتدفئة والإنارة والتسخين والتصنيع والسحر والاحتفال.

كما استخدمها كوسيلة تراسل وتواصل، حيث كان الصينيون يستخدمون دخان النيران، التي يشعلونها على أبراج سور الصين، لتحذير السكّان من هجمات الأعداء الخارجيين.

وكان السكان الأصليين في أمريكا(الهنود الحُمر)يستخدمون النار في التواصل عبر المسافات البعيدة، حيث كانوا يشعلون النيران فوق الجبال ويجعلون دخانها يتصاعد بأشكال مختلفة تحمل رموزا متفق عليها بينهم يتناقلون بها الأخبار والتحذيرات.

أمّا العرب فقد استخدموا النار، قديما وحديثا، في ذات الأغراض التي استخدمتها الأمم الأخرى تقريبا.
فقديما كان هناك تقليد متّبع بين القبائل، فعندما يلمع شاعر جديد، تقوم قبيلته بإشعال النار في قمم الجبال احتفالا بذلك.
كما اشتهر حاتم الطائي بإشعال النيران الضخمة كي يراها العابرون في الصحراء ليحلّوا ضيوفا عليه. فيقول، في ليالي الشتاء الباردة، مخاطبا"عبده" :

أوقد فإن الليل ليل قر
والريح ياموقد ريح صر
عسى يرى نارك من يمر
إن جلبت ضيفا فأنت حر

وظلّت هذه العادة الطيبة حية ومستمرة لدى البدو، فكان البدوي يشعل النار عند شروق الشمس وعند غروبها، وهي رسالة ضوئية للآخرين تحمل في داخلها دعوة دافئة لتناول القهوة. كما استخدم البدو النار بطريقة غريبة ومميزة، فعندما يبعث أحدهم برسالة مكتوبة، عبر شخص آخر، إلى أقاربه في بلد آخر أو منطقة بعيدة، ويريد منهم الحضور بشكل عاجل فإنه يقوم بإحراق طرف الرسالة. هذا الحرق مماثل للرمز الإنجليزي ASAP ويعني'As Soon As Possible' وعندما يفتح المرسل إليه الرسالة ويشاهد الحرق فإنه يترك كل شيء ويتجه على الفور إلى مكان كاتب الرسالة.
لم يعد البدو يشعلون النار في العراء أو في طرف الرسالة منذ أن هجروا البداوة إلى المدنية ومنذ أن ظهرت وسائل الإتصال الحديثة مثل التلفون والبرقية.

لكن في أوربا وفي قلب روما وفي الفاتيكان تحديدا، ما زالت النار تُستخدم كما كانت تُستخدم قبل 800 عام عندما اجتمع، لأول مرة، عدد كبير من الكرادلة لاختيار البابا الجديد، وكانت الجماهير، في الخارج، تترقب نتيجة الاجتماع وأعينهم شاخصة إلى مدخنة كنيسة السيستينا، فإذا نفثت المدخنة دخانا أبيضا فهذا يعني أن الاجتماع قد نجح وأصبح لديهم بابا جديدا. أمّا إذا نفثت المدخنة دخانا أسودا، فهذا يعني أن الاجتماع قد فشل وأن المجتمعين قد اختلفوا.
وكلّما انتهت جلسة تصويت دون اتفاق يتم حرق أوراق التصويت في المدخنة لينبعث الدخان الأسود فتنكسر قلوب الجماهير المحتشدة، كما انكسرت قلوب الشعب الكويتي يوم الثلاثاء الماضي عندما خان 11 نائبا الأمانة فـ طلى دخان الخيانة الأسود وجوههم وأسماءهم وتاريخهم إلى الأبد.

بقلم: عبدالهادي الجميل

باهتمام وتقدير تابعنا في الحركة التقدمية الكويتية إعلان عدد من النواب عن تشكيل كتلة نيابية ذات وجهة إصلاحية، وكذلك الاقتراحات بقوانين التي تم تقديم بعضها أو التوافق عليه من أعضاء هذه الكتلة ومن عدد آخر من النواب بشأن: العفو الشامل عن قضايا الرأي والتجمعات والقضايا السياسية، وإلغاء عقوبة الحبس في قضايا الرأي، وتعديل النظام الانتخابي، وتمكين القضاء من النظر في مسائل الجنسية، وتبني اقتراح جمعية المحامين بشأن الكويتيين البدون، وتعديل اللائحة الداخلية باتجاه علنية التصويت في انتخابات رئاسة مجلس الأمة، وغيرها من اقتراحات بقوانين إصلاحية مستحقة تمثل أولويات ملحّة لتحقيق الانفراج السياسي المنشود، ولتمكين الشعب الكويتي من استعادة حقوقه المنتقصة وحرياته المقيّدة والمشاركة الفاعلة في إدارة شؤون بلاده، ومعالجة جوانب مما يعانيه الناس من مشكلات عامة ومصاعب معيشية.
وترى الحركة التقدمية الكويتية أنه لا يكفي تقديم الاقتراحات بقوانين لتأخذ مسارها الدستوري المعتاد في العملية التشريعية، وكفى الله المؤمنين شر القتال، إذ لابد من تشكيل رأي عام شعبي مساند لهذه الاقتراحات بقوانين ليكون في الوقت نفسه ضاغطاً على الحكومة وعلى بقية النواب من أجل إقرارها في أقرب وقت… فالعمل البرلماني الإصلاحي لا يمكن أن يحقق مبتغاه بمعزل عن رأي عام مساند وحركة شعبية ضاغطة، مثلما بيّنت ذلك التجارب التاريخية والخبرات الملموسة منذ ستينات القرن العشرين وطوال العهد الدستوري في قضايا وملفات مشهودة من بينها: رفض اتفاقية المشاركة وإقرار تأميم النفط في النصف الأول من السبعينات، ورفض مشروع السلطة لتنقيح الدستور في بداية الثمانينات، وتمكين المرأة من حقوقها السياسية و"نبيها خمس" في ٢٠٠٥ و٢٠٠٦، وكذلك حتى في رفض مشروع قانون الإعلام الموحد في ٢٠١٣، وفي المقابل فقد بينت التجارب أن أي انفصال بين العمل البرلماني الإصلاحي من جهة والحركة الشعبية من جهة أخرى لن يكون منتجاً.
وأما بشأن ما شاب انتخابات رئاسة مجلس الأمة من شبهات وما شهدته الجلسة الأولى من تصرفات خطيرة، فإن الخطوة الأولى المطلوبة هي تشكيل لجنة تحقيق برلمانية ذات صلاحيات كاملة وفق أحكام المادة ١١٤ من الدستور والمادة ١٤٧ من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، بحيث يطلع الشعب على نتائج التحقيق ويتم اتخاذ الاجراءات التصحيحية المستحقة ومعاقبة كل مسيئ، ومنع تكرار ما حدث.
وفي الختام، فإننا في الحركة التقدمية الكويتية نهيب ببقية التيارات السياسية وبالقوى الشعبية في النقابات العمالية والجمعيات المهنية والحركة الطلابية وجمعيات النفع العام وجماعات الضغط أن تتحلى بأعلى درجات اليقظة السياسية وتبادر إلى التنسيق فيما بينها وكذلك مع النواب ذوي الوجهة الإصلاحية والتحرك لدعم أي جهود جدية تسعى لتحقيق الإصلاح، وللتصدي في الوقت ذاته لمحاولات التخريب والإلهاء والتعطيل، بحيث تكون للشعب الكويتي كلمته المسموعة وأن يستعيد قراره الحر ويتمكن من المشاركة الفاعلة في إدارة شؤون بلاده.

الكويت في ١٨ ديسمبر ٢٠٢٠

لئن كانت الرسالة الشعبية المتمثلة في نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة تتمثّل في الرغبة بالتغيير وإحداث الإصلاحات المستحقة ومعالجة المشكلات الرئيسية وتجاوز حالة الأزمة السياسية المهيمنة على البلاد منذ العام 2011، فإن تشكيل الحكومة وخطاب رئيسها في جلسة افتتاح مجلس الأمة وسلوكها خلالها لم تكن على مستوى تلبية هذه الرغبة الشعبية، كما أنها لاتبدو متوافقة مع الاستجابة المفترضة لضرورة تصحيح مسار الإدارة السياسية للدولة.
وهذا ما نلمسه بكل أسف في إعادة توزير عناصر تأزيمية، وكذلك في توزير أشخاص تدور حولهم ملاحظات سلبية.
أما الخطاب الأميري الذي ألقاه رئيس مجلس الوزراء في جلسة افتتاح مجلس الأمة فقد أكد غياب وجود برنامج عمل حكومي متفق عليه مسبقاً بين الفريق الحكومي لتقديمه إلى مجلس الأمة فور تشكيل الحكومة، مثلما جاء في الدستور، إذ سارت الحكومة الجديدة على الطريق البائس ذاته للحكومات السابقة في هذا الشأن.
وللأسف أيضاً فقد تجاهل خطاب رئيس مجلس الوزراء مطالب تحقيق الانفراج السياسي وطيّ صفحة الأزمة التي أثقلت كاهل البلاد، حيث لم يرد فيه أي ذكر للقضايا المتصلة بالعفو عن المحكومين في قضايا الرأي والتجمعات والقضايا السياسية، ولم يشر من قريب أو بعيد إلى ضرورة إلغاء أو تعديل ترسانة القوانين المقيدة للحريات… أما ما أشار إليه الخطاب بشأن مشروع قانون الانتخاب فهو مثلما نشر سابقاً لا يتصل بتعديل نظام الصوت الواحد المجزوء، الذي يمثل العلة الرئيسية، وإنما يتناول أموراً تنظيمية للعملية الانتخابية، ما يعني استمرار الموقف الحكومي السلبي على ما هو عليه تجاه النظام الانتخابي الحالي الفاسد.
وفي الشأن الاقتصادي فقد تحدث خطاب رئيس مجلس الوزراء عن الشراكة مع القطاع الخاص وأكد على دعم هذا القطاع من دون إشارة إلى ضرورة إلزامه بالمساهمة في تمويل الميزانية عبر الضريبة على أرباح الشركات والضريبة التصاعدية على الدخول الكبيرة.
فيما كان الحديث عن الفساد في هذا الخطاب يتصف بالعمومية والطابع الانشائي غير الملموس.
ونلاحظ كذلك أن خطاب رئيس مجلس الوزراء قد تعمد تجاهل قضية الكويتيين البدون، ومشكلات الكويتيات المتزوجات من غير كويتيين، ومشكلات المقترضين.
وإلى جانب ما سبق فإن الموقف الحكومي في انتخابات الرئاسة يبدو مرشحاً لأن يفتح الباب أمام عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، ما يخشى معه أن يكون عدم الاستقرار هو عنوان الفترة المقبلة.
أخيراً، فإن ما يعنينا في هذا المجال هو ضرورة التأكيد على التزام النواب الإصلاحيين والمعارضين للتوجه الحكومي، إن كانوا جادين في ادعاءاتهم، بعدم حصر تحركاتهم في الإطر النيابية وحدها وتجاهل تفعيل دور الرأي العام الشعبي والعمل على تعبئته والاستناد إليه، بالتعاون مع التيارات السياسية الإصلاحية والمعارضة خارج المجلس، في أي جهود وخطوات تتصل بممارستهم لمهامهم الدستورية كنواب سواء على مستوى الرقابة البرلمانية أو العمل التشريعي عند السعي لإقرار قوانين جديدة إصلاحية وديمقراطية مستحقة أو تعديل قوانين سيئة قائمة أو العمل على إلغائها… إذ لا نجاح متوقعاً لأي جهد نيابي بمعزل عن دور الناس وقوة الرأي العام الشعبي.
إن الكويت اليوم أحوج ما تكون إلى وقف حالة التردي وتحقيق انفراج سياسي، وإلى الحدّ من سطوة ونفوذ قوى الفساد، وتصحيح المسار الخاطئ والضار في الإدارة السياسية للدولة، واستعادة الشعب لحقوقه وحرياته المنتقصة وتمكينه من المشاركة الفعالة في إدارة الشأن العام، ومعالجة ما يعانيه الناس من مشكلات مستعصية وتخفيف مصاعب المعيشة عنهم، والسير على طريق الإصلاح والتنمية.

الكويت في 15 ديسمبر 2020

وجّه الشعب الكويتي يوم الخامس من ديسمبر رسالة واضحة عبر نتائج الانتخابات النيابية تؤكد استياءه من تردي الأوضاع العامة في البلاد والنهج المتبع في إدارة شؤونها، كما تبين رغبته الجادة في إحداث التغيير وتصحيح المسار السياسي والاقتصادي للدولة وتطلعه نحو تحقيق الإصلاح.
وكنا ولا نزال نأمل أن يقرأ القائمون على العهد الجديد هذه الرسالة الشعبية، وأن يستجيبوا لها، بحيث تتشكل الحكومة الجديدة على نحو متوافق مع الرغبة الشعبية في التغيير وتصحيح المسار وتحقيق الإصلاح.
ومن جانبنا نرى أن الكويت اليوم أحوج ما تكون إلى تحقيق مجموعة من الخطوات التي يؤمل أن يتخذها مجلس الأمة ومجلس الوزراء الجديدان، ولعل أبرزها:


أولاً: تحقيق انفراج سياسي يبدأ بإطلاق الحريات وإلغاء أو تعديل القوانين المقيدة لحرية الرأي وحرية التعبير وحرية الاجتماع الواردة في قوانين الإعلام الإلكتروني، والجرائم الإلكترونية، والمطبوعات والنشر، والإعلام المرئي والمسموع، وقانون جمعيات النفع العام، وقانون حرمان المسيء.

ثانياً: ترتيب عفو شامل عن قضايا الرأي والتجمعات والقضايا السياسية، وإلغاء ما تبقى من القرارات الجائرة بسحب الجنسية لأسباب سياسية.

ثالثاً: تغيير النظام الانتخابي بإلغاء مرسوم قانون الصوت الواحد المجزوء.

رابعاً: تطهير مؤسسات وأجهزة الدولة من العناصر الفاسدة، واستكمال النواقص وسدّ الثغرات في قوانين مكافحة الفساد وتضارب المصالح وغسيل الأموال.

خامساً: تنظيم الحياة السياسية عبر قانون ديمقراطي لإشهار الجماعات السياسية على أسس وطنية.

سادساً: التخلي عن الوجهة وحيدة الجانب في معالجة عجز الميزانية الواردة فيما يسمى وثيقة الإصلاح المالي، وذلك عبر تبني معالجات وحلول توقف من جهة الهدر والتنفيع والفساد، وتحدّ من المبالغة في تسعير المناقصات والعقود الحكومية، وتضبط الأوامر التغييرية…وتحمّل من جهة أخرى القطاع الخاص مسؤولياته الاجتماعية في توفير فرص عمل مناسبة للمواطنين، والمساهمة في تمويل الميزانية العامة للدولة عبر فرض ضرائب تصاعدية جدية على الدخول الكبيرة للأثرياء والمضاربين في العقار والأسهم، وعلى الأرباح الصافية للبنوك والشركات الرأسمالية الكبرى المساهمة والخاصة، ومراعاة عدم المساس بمستوى معيشة والمكتسبات الاجتماعية للفئات الشعبية عند ترشيد الإنفاق بحيث لا يطال بنود الإنفاق الاجتماعي الضرورية، وتجنب تقليص الدعوم ذات الصلة بحياة الناس أو فرض ضرائب ورسوم غير عادلة اجتماعياً…إلى جانب العمل على معالجة مشكلة التضخم وارتفاع الأسعار، وتحسين مستوى الخدمات العامة وبالاخص التعليمية والصحية، ومعالجة مشكلة البطالة وتوفير فرص العمل للشباب الكويتي، والإسراع في انجاز المشروعات الإسكانية، وتوسيع المساحات المتاحة للسكن، وزيادة قيمة الضريبة العقارية على الملكيات الكبيرة والأراضي الفضاء غير المستغلة، ومنع المضاربة بالعقار…ومعالجة عادلة ومتوازنة لمشكلات المقترضين، والعمل على حل مشكلة ضحايا النصب العقاري.

سابعاً: إقرار حل نهائي انساني عادل لقضية الكويتيين البدون ودمجهم في المجتمع، بعيداً عن النظرة العنصرية والمعالجات الوقتية والتشريعات الترقيعية.

ثامناً: معالجة الخلل في التركيبة السكانية المتمثلة في الانخفاض المريع لنسبة المواطنين إلى إجمالي عدد السكان، بعيداً عن أي طرح عنصري والحرص على مراعاة حقوق الإنسان والحقوق العمالية واحتياجات الاقتصاد الكويتي والخدمات العامة عبر :
1- تغيير الموقف السلبي الذي يتخذه القطاع الخاص تجاه تشغيل العمالة الوطنية.
2- تحميل أرباب الأعمال كلفة أكبر بسبب استخدامهم عمالة وافدة، وتحمّل كلفة سكنهم وعلاجهم، وزيادة الحد الأدنى لأجورهم، وتمكينهم من الحقوق النقابية.
3- جدية سياسة الإحلال للمواطنين في مختلف القطاعات.

تاسعاً: إلغاء مظاهر التمييز ضد المرأة، وحل مشكلات الكويتيات المتزوجات من غير كويتيين.

عاشراً: الحفاظ على الطابع المدني للدولة، وإنهاء الوصاية على الحياة الخاصة للناس وحرياتهم الشخصية.

وفي الختام فإننا ندعو المواطنين جميعاً والتيارات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني إلى ممارسة دورهم في متابعة سياسات الحكومة وقراراتها وتشريعات مجلس الأمة ومهامه الرقابية للالتزام بتحقيق تطلعات الشعب الكويتي في التغيير وتصحيح المسار والإصلاح.

الكويت في 8 ديسمبر 2020

بأمل وترقب نتطلع إلى انفراج الأزمة الناشبة بين عدد من دول مجلس التعاون الخليجي منذ صيف العام 2017، التي ألحقت الضرر البالغ بشعوب المنطقة وبمصالحها وفككت روابطها الاجتماعية والتاريخية، وتسببت في توتير العلاقات وانقطاعها من دون أسباب واضحة ومبررات جدية.
وتحيي الحركة التقدمية الكويتية الجهود الديبلوماسية التي بذلتها الكويت لمنع تفاقم الأزمة والسعي لمحاولة حلها، وتأمل أن تطوى صفحة هذه الأزمة إلى غير رجعة.
وبهذه المناسبة فإن الحركة التقدمية الكويتية تؤكد على أهمية تعميق الصلات والروابط الاقتصادية والاجتماعية بين شعوب بلدان مجلس التعاون الخليجي، وتمكينها من نيل حقوقها وحرياتها الأساسية والمشاركة في إدارة شؤون بلدانها وتحقيق تطلعاتها.

الكويت في 4 ديسمبر 2020

اطلع المكتب السياسي للحركة التقدمية الكويتية باهتمام على الورقة البحثية المعنونة "قبل فوات الأوان" التي شارك في إعدادها ٢٩ أكاديمياً اقتصادياً كويتياً، وما تضمنته من تحليل لعناصر الخلل الاقتصادي في الاعتماد على النفط كمصدر أحادي الدخل، والاختلالات في مجالات المالية العامة وسوق العمل والنظام التعليمي والتركيبة السكانية، وما استندت إليه الورقة من ركائز أساسية لتصحيح هذه الاختلالات متمثلة في الاقتصاد المستدام، والشفافية ومكافحة الفساد، والعدالة الاجتماعية، والاسترشاد بالدليل العلمي.
كما توقف المكتب السياسي للحركة التقدمية الكويتية أمام محاور الإصلاح الخمسة التي دعت إليها ورقة الأكاديميين بشأن الاقتصاد المتنوع والمستدام، وإصلاح المصروفات العامة، وإصلاح الاختلال في سوق العمل، والاستثمار في رأس المال البشري، وإصلاح اختلال التركيبة السكانية، وما ورد فيها من توصيات واقتراحات.
وإن المكتب السياسي للحركة التقدمية الكويتية إذ يرحب بهذه المبادرة، فإنه ينوه إلى ما تضمنته هذه الورقة من توجهات وعناصر ايجابية أقرب ما تكون إلى المدارس الاقتصادية ذات الوجهة الاجتماعية، وذلك على خلاف المعتاد في معظم الأوراق الاقتصادية ذات النزعة الرأسمالية النيوليبرالية، حيث تجنبت هذه الورقة الانحياز للخصخصة، وابتعدت عن ترديد الأوهام الرائجة عن تحويل الكويت إلى مركز مالي، بل لقد انتقدت نزعة تقديس الاستشارات الأجنبية، وفي مقابل ذلك فقد دعت الورقة إلى استحداث ضريبة تصاعدية على الدخول العالية.
وترى الحركة التقدمية الكويتية درجة من التقارب بين بعض ما جاء في هذه الورقة مع ورقة المقترحات التنموية، التي سبق أن قدمتها الحركة إلى المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية في العام ٢٠١٨، ومن هنا فإن الحركة التقدمية الكويتية تدعو الحكومة الجديدة التي ستتشكل بعد الانتخاب إلى الاستناد إلى هاتين الورقتين عند وضع السياسة الاقتصادية للحكومة كبديل عن التوجهات النيوليبرالية المتضمنة في وثيقة الإصلاح المالي المنحازة ضد مصالح الفئات الشعبية والموجهة لمصلحة كبار الرأسماليين الطفيليين.

الكويت ٣٠ نوفمبر ٢٠٢٠

كان مطلب إلغاء نظام الصوت الواحد المجزوء، ولا يزال أحد أهم وأبرز مطالب تصحيح النظام الانتخابي المختل والمعبوث به، الذي فرضته السلطة منذ 2012، والمؤسف أن التعديلات الحكومية الأخيرة على قانون الانتخاب المحالة إلى مجلس الامة وفق المرسوم 159 لسنة 2020 تجاهلت تماماً هذا المطلب الديمقراطي المستحق، ما يؤكد أنّ الحكومة ليست في وارد إحداث إصلاح جدي على النظام الانتخابي.
ونحن في الحركة التقدمية الكويتية نرى إنّ التجاهل الحكومي لتغيير نظام التصويت ينتقص كثيراً من شأن بعض العناصر الايجابية الواردة في التعديلات المقترحة، وهذا ما يوجب مواصلة المطالبة الشعبية باستكمالها عبر تضمين التعديلات إلغاء نظام الصوت الواحد المجزوء واعتماد نظام انتخابي ديمقراطي بديل يحقق تمثيلاً عادلاً لإرادة الناخبين.
ومن هنا فإننا ندعو الحكومة إلى سحب مشروعها الأخير وتقديم مشروع قانون انتخابي متكامل، يتضمن بالأساس تعديل نظام التصويت، وإلى جانبه يتم الإبقاء على العناصر الايجابية في مشروعها الأخير وتطويرها، التي شملت: تعديل الشروط المطلوب توافرها في المرشح بإلغاء عقوبة الحرمان الأبدي للمسيئ بعد رد اعتباره، واعتماد محل إقامة الناخب الثابت في سجلات الهيئة العامة للمعلومات المدنية موطناً له، وتحرير جداول الناخبين تلقائيا وتعديلها مرتين في السنة، والإشارات العامة حول الرقابة على تمويل الحملات الانتخابية وضع سقف للإنفاق عليها، وتصويت الكويتيين المقيمين في الخارج، وتمكين الحاضرين لعملية الفرز من رؤية ورقة الانتخاب.
وأما في شأن اللجنة الوطنية العليا للانتخابات، التي استحدثها مشروع القانون الأخير، وكانت أحد مطالب إصلاح النظام الانتخابي، فإنها تحتاج إلى تطوير على مستوى تشكيلها عبر مشاركة ممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني في عضوية مجلس إدارتها وليس في الرقابة على إجراءات يوم الانتخابات فحسب، فهذه اللجنة ليست مجرد لجنة قضائية، وإنما يفترض أن تكون لجنة وطنية، وفقاً لاسمها، كما يتطلب الأمر توسيع صلاحيات هذه اللجنة لتشمل بوضوح دورها في اقتراح تعديلات على قانون الانتخاب وتقسيم الدوائر ونظام التصويت، بالإضافة إلى دورها في ملاحقة الجرائم الانتخابية وفي مقدمتها شراء الأصوات بالمال والخدمات.
ومن دون ذلك فإن مشروع القانون الأخير يبقى مجرد ذر رماد في عيون الشعب الذي طالما طالب بإصلاح النظام الانتخابي.

الكويت في 25 نوفمبر 2020

كان الأمل قائماً بأن تُطوى صفحة الأزمة السياسية التي عانت منها الكويت منذ العام ٢٠١٠ وأن يتحقق انفراج سياسي ينهي الدوران المرهق لنحو عشر سنوات ضمن حلقة مفرغة، خصوصاً مع بداية عهد جديد، وفي مواجهة أزمة اقتصادية ومالية خانقة، وفي ظل استياء شعبي متزايد تجاه استشراء الفساد وتردي الأحوال العامة وسوء الإدارة السياسية والمالية للدولة، ناهيك عن الحاجة لتماسك الجبهة الداخلية إزاء حالة اقليمية ضاغطة؛ وتبدلات دولية غير محسومة؛ ووضع جغرافي سياسي هشّ.

ولكن للأسف الشديد ها هي الشواهد والأحداث تشير إلى خلاف ذلك تماماً، حيث يستمر نهج الملاحقات السياسية ويتواصل التعسف في التعامل مع المعارضين.

ففي هذا السياق جاءت قرارات وزير الداخلية بشطب غير المستوفين لشروط الترشح في انتخابات مجلس الأمة، التي استهدفت عدداً من المرشحين المعارضين بالحرمان من الترشيح عبر قانون العزل السياسي سيئ الذكر الذي يتجاهل المبادئ القانونية المستقرة بعدم تطبيق القوانين بأثر رجعي وانقضاء العقوبات التكميلية بعد إعادة الاعتبار، بالإضافة إلى التوسع غير المبرر في تطبيق شرط توافر السمعة الحسنة في المرشح للانتخابات من دون أن يكون هناك نص قانوني صريح أو حكم قضائي بات يحدد الجريمة والعقوبة ويحرم المرشح من الترشيح.

وغير بعيد عن هذا التوجه نلاحظ استمرار نهج الملاحقات السياسية لمعارضي الحكومة ومنتقديها تحت غطاء قانوني بعد إحالة النائبين السابقين د. حسن جوهر وهو مرشح حالي ود. عبيد الوسمي إلى المحاكمة على خلفية ما أثاراه من تساؤلات وما طرحاه من ملاحظات وانتقادات لتعاقدات الحكومة على شراء أدوات الوقاية، وهذا ما يؤكد سطوة العقلية السلطوية التي تضيق ذرعاً بأي معارضة أو انتقاد.

إننا في الحركة التقدمية الكويتية نعلن رفضنا الواضح لهذه الاجراءات المتعسفة، وندعو الجهات المعنية في السلطة إلى التراجع عنها، وفي الوقت ذاته فإننا نهيب بكل القوى الخيّرة في المجتمع الكويتي إلى إعلاء صوتها برفض نهج الملاحقات والتعسف والمطالبة بتحقيق انفراج سياسي.

الكويت في ١١ نوفمبر ٢٠٢٠

قدمت الحكومة مشروع قانون لمعالجة بعض الآثار الاقتصادية لفيروس كورونا، وأقره مجلس الأمة في المداولة الأولى في 7 أكتوبر، وقد يقَر نهائيا في 20 أكتوبر، ولمشروع القانون هذا أهمية، أحد أوجهها أن السقف الأعلى لتكلفته ثلاثة مليارات دينار، أي %7.1 من حجم الاقتصاد الكويتي مقاساً بالناتج المحلي الإجمالي في عام 2018، و%14.2 من مصروفات الدولة وفقاً للحساب الختامي للدولة عن السنة المالية 2019-2020، و%76.5 من العجز الفعلي في ذلك الحساب الختامي، و%15 من العشرين مليار دينار التي تريد الحكومة اقتراضها الآن، وكل ذلك يأتي في الوقت الذي تعلن فيه الحكومة احتمال عجزها عن دفع الرواتب خلال أسابيع، أي أننا بصدد مشروع قانون ضخم التكلفة في ظروف عجز جدي في الميزانية العامة للدولة.

لذلك قد يكون مفيداً تقديم بعض الملاحظات الأساسية على مشروع القانون، وذلك بهدف تجنب تشريع قوانين اقتصادية معيبة ذات تكلفة ضخمة، علما أن لمشروع قانون دعم المشاريع والشركات المتضررة من فيروس كورونا إيجابيات عدة، لكن الملاحظات الواردة هنا ستركز على الجوانب السلبية، لأن ذلك أجدى من مجرد الثناء على الإيجابيات، كما لن يكرر هذا المقال الملاحظة المهمة حول ضم العملاء الكبار لمشروع القانون، التي رصدها عدة نواب أفاضل وبيان الحركة التقدمية الكويتية وآخرون.

وقبل تقديم الملاحظات مفصلة، من المهم الإشارة إلى أن هدف المقال ليس رفض مشروع القانون من حيث المبدأ، فقد وقع ضرر جسيم على كثير من المؤسسات الاقتصادية والأفراد جراء فيروس كورونا، وذلك يشمل المشاريع والشركات الخاصة، وهناك مبررات معقولة لتدخل الدولة لدعم المتضررين، وتحديداً في حالة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ذلك أن الحكومة، وعلى مدى سنوات عدة، دفعت الشباب بقوة نحو إنشاء هذه المشاريع بدعوى دورها في التنمية الاقتصادية، وهي دعوات كان مبالغاً بها وتم التحذير منها حينها، لكنها ليست المرة الأولى التي ترسي بها الحكومة دعائم ركيكة للاقتصاد لتُفاجأ لاحقاً بالانهيار.

ويمكن تقسيم الملاحظات إلى ثلاثة أنواع، هي الملاحظات المتعلقة بعنوان مشروع القانون، والملاحظات المتعلقة بضوابط التمويل، والملاحظات المتعلقة بالخلفية الفكرية لمشروع القانون.

الملاحظات المتعلقة بعنوان مشروع القانون

أ- إن عنوان مشروع القانون غير دقيق، وقد يكون مضللاً، وذلك من جانبين على الأقل، كلاهما متعلق بالمستفيدين من مشروع القانون، وهم أصحاب المشاريع والشركات والبنوك، فالعنوان الكامل لمشروع القانون هو «مشروع قانون بدعم وضمان تمويل البنوك المحلية للعملاء المتضررين من تداعيات أزمة فيروس كورونا»، وجانب عدم الدقة الأول هو تعبير «العملاء»، ذلك أن محتوى مشروع القانون في مجمله لا يغطي جميع العملاء، إنما يركز على أصحاب المشاريع والشركات فقط، فهو لا يركز مثلاً على حالات الأفراد والموظفين والمقترضين المتضررين من فيروس كورونا، إلا في جزء من مادة واحدة تذكر صراحة «الأفراد»، والمؤسف أن ذلك جاء في تعريف «العملاء الآخرون» في المادة 1، وهو التعريف المستخدم لضم العملاء الكبار إلى مشروع القانون، بحيث لا يقتصر على المشاريع والشركات الصغيرة والمتوسطة، إضافة لإشارة عرضية الى«الأفراد» في المذكرة الإيضاحية، ومن حيث المبدأ لا بأس من وضع قانون خاص لدعم المشاريع والشركات، طالما أن العملاء الآخرين من غير أصحاب المشاريع والشركات مغطون في قوانين أخرى، أما اعتبار «العملاء» مرادفين لـ«أصحاب المشاريع» و«الشركات» فذلك غير دقيق، ولعل له خلفية فكرية أتطرق إليها أدناه.

ب- أما الملاحظة الثانية فتتعلق بتعبير «البنوك المحلية» الوارد في عنوان مشروع القانون، حيث إن تعريف «البنوك المحلية» في المادة 1 من مشروع القانون هو «البنوك الكويتية وفروع البنوك الأجنبية المسجلة لدى البنك المركزي»، أي إن فروع البنوك الأجنبية مغطاة بمشروع القانون، وقد تستفيد منه مالياً، بل يمكن نظرياً أن تستفيد فروع البنوك الأجنبية لوحدها من مشروع القانون، وذلك أمر مستغرب، وإن كانت هناك إيجابيات يمكن فهمها من مساهمة فروع البنوك الأجنبية في تمويل المشاريع والشركات المتضررة، لكن حتى في هذه الحالة لماذا مساواتها بالبنوك الكويتية؟

الملاحظات المتعلقة بالخلفية الفكرية لمشروع القانون

يمكن اعتبار مشروع قانون دعم المتضررين من فيروس كورونا حالة تستحق الدراسة في الطرح الإيديولوجي، والمقصود بالطرح الإيديولوجي هنا الطرح العام المقدم للمجتمع والذي يدّعي أنه طرح موضوعي بينما هو في حقيقته منحاز لفئة دون أخرى، ولا يُشترط في ذلك أن يكون من صاغ مشروع القانون واعيا بتحيزاته، بل لعل أمضى التحيزات تلك التي لا يشعر بها حتى صاحبها.

التوجهات الاقتصادية والفكرية

إن الواضح في صياغة مشروع القانون أنه لا يمثل مختلف التوجهات الاقتصادية والفكرية، بل يمثل توجهات محددة، مثل التوجه النيوليبرالي أو الليبرالي الجديد، القائم على دعم آلية السوق والقطاع الخاص وتخفيف الضوابط عن الشركات الأجنبية وغيرها، وعادة ما يسهل رصد هذا الطرح الإيديولوجي لأن أصحابه عادة ما يتحدثون عن «الاقتصاد» وكأنه مرادف للسوق أو حتى البورصة بشكل أساسي، و«السوق» وكأنه مرادف للشركات الخاصة بشكل أساسي، وأن معيار النجاح الاقتصادي هو حجم أرباح الشركات الخاصة بشكل أساسي، وأن مصلحة الشركات الخاصة تطابق بالمجمل مصلحة الأفراد، ودور الدولة أن تتبنى هكذا رؤية للاقتصاد، ولاغضاضة أن تدعم الدولة الشركات الخاصة دون منفعة مباشرة للدولة لأنها بذلك تدعم الاقتصاد والمجتمع ككل، كل ذلك طرح ليس فنيا بحتا، بل طرح فكري مثير للجدل ومنفصل إلى حد بعيد عن واقع أي اقتصاد في العالم، سواء الاقتصاد الكويتي أو الأميركي أو الهولندي أو المصري.

وقد يفسر هذا التحيز الفكري اعتبار مشروع القانون أن «أصحاب المشاريع» و«الشركات» هم «العملاء» الوحيدون أو الأساسيون في الاقتصاد والمتضررون من فيروس «كورونا»، بينما الواقع واضح وهو أن هناك «عملاء» آخرين هم الأفراد والموظفون والمؤسسات التعاونية وغير الربحية والحكومة نفسها وغيرهم، بل هؤلاء قد يمثلون أهم «العملاء» في الاقتصاد الكويتي وغيره من دول العالم.

هذا وقد تكون الخلفية الفكرية لمشروع القانون كينزية، بمعنى أنها تريد تكريس دور الدولة الاقتصادي كجزء من الاقتصاد الرأسمالي (وإن كان ذلك غير واضح بالنسبة لي في مشروع القانون)، لكن المهم على أي حال الصراحة في تقديم مبررات لمختلف الصياغات المنتقَدة أعلاه، وألا يتم تقديمها على أنها سياسات اقتصادية «فنية» أو «علمية» بحتة، بل هي سياسات تأتي من مدارس فكرية محددة ومثيرة للجدل وهناك بدائل جيدة عنها.

ولعل هذه الدعوة للانفتاح الفكري لا تقتصر على فريق الحكومة الاقتصادي الذي صاغ مشروع القانون، بل قد تفيد عدداً من الاقتصاديين الشباب المخلصين والمهتمين بالتعليق على القضايا الاقتصادية، لكن يبدو أنهم غير مطلعين على المدارس الفكرية المختلفة في علم الاقتصاد، بالتالي يرون الأمور من منظور ضيق، ولعل ذلك نتيجة مفهومة لكون كثير من الاقتصاديين الشباب أسرى المناهج التي درسوها مؤخرا في أقسام الاقتصاد والتمويل في معظم الجامعات الغربية، أو الجامعات الكويتية التي تستورد كثيراً من مناهجها من هناك، وكثير من هذه المناهج ضيق الأفق ولا يخرج كثيراً عن الإطار النيوليبرالي الشائع منذ الثمانينيات والذي بدأ بالتراجع مع أزمة 2008 الاقتصادية العالمية، فالمطلوب أن يحرص الاقتصاديون على دراسة تاريخ علم الاقتصاد ومدارسه المختلفة، ليطوروا مهارات التفكير الاقتصادي النقدي الخاص بهم، والمنطلق من واقع الاقتصاد، عوضاً عن التأثر من دون وعي بمدرسة فكرية واحدة لأنها سائدة في زمن ما.

الملاحظات المتعلقة بضوابط التمويل

أ◄ يعرّف مشروع القانون «العملاء المتضررين» في جزء منه بأنهم «العملاء الذين… لهم قيمة مضافة للاقتصاد الوطني»، ولا يرد في مشروع القانون تعريف لـ «القيمة المضافة»، بالتالي قد يكون المقصود منها أحد المعاني الاقتصادية الشائعة، والتي قد تكون أن القيمة المضافة هي أي نشاط يتم في إطار السوق ومقابله سعر، سواء كان سلعة أو خدمة، بالتالي فإن الورشة الصغيرة أو المصنع المتوسط اللذين ينتجان منتجات وطنية تعتمد على تقنية عالية يقدمان قيمة مضافة كبيرة ونوعية للاقتصاد الوطني، لكن كذلك المحل الصغير أو المتوسط القائم على استيراد السلع الاستهلاكية الفارهة وبيعها يقدم قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، رغم هامشية مساهمته في هيكل الاقتصاد، بل ربما مساهمته في تشويهه عبر تكريس النزعة الاستهلاكية غير المنتجة عند المستثمرين والمستهلكين، وكذلك مساهمته في الاستيراد غير الضروري، وأحد البدائل عن تعبير «قيمة مضافة» غير المعرّف في مشروع القانون هو تعريف العملاء المتضررين بأنهم «الذين لهم نشاطات منتجة في الاقتصاد الوطني»، والمقصود بـ «منتجة» وبشكل عام النشاطات التي تساهم في تقديم منتجات نوعية وجديدة تعزز من تنافسية الاقتصاد واستقلاله عن الاعتماد على النفط والاستيراد، وليس أي «قيمة مضافة» أي كانت.

ب◄ ضمن تعريف «العملاء المتضررين» هناك إشكال آخر، حيث يعرفهم مشروع القانون في جزء منه بأن لهم «قدرات على خلق فرص للعمالة الوطنية»، أي إنه لا يشترط وجود عمالة وطنية لدى المشاريع والشركات الآن، كما أنه لا يحدد كيفية قياس «القدرات على خلق فرص للعمالة الوطنية»، ولا يتحدث مباشرة عن «توظيف العمالة الوطنية»، بل مجرد «خلق فرص»، بالتالي يمكن نظرياً للمشاريع والشركات المستفيدة من القانون أن تدّعي أنها ورغم عدم توظيفها أي عمالة وطنية فعلياً إلا أنها «خلقت فرصاً» لكن العمالة الوطنية لم تقبلها، علماً أن هناك ضوابط جيدة في المادة 15 تحظر فصل العمالة الوطنية وتلزم المستفيدين تحقيق نسبة العمالة الوطنية المحددة لنشاطهم بحلول نهاية عام 2021.

ت◄ لا يوجد تفضيل صريح في مشروع القانون لمن يعين عدداً أو نسبة أكبر من العمالة الوطنية، فصحيح أن مشروع القانون يستهدف حماية العمالة الوطنية وتشجيع توظيفها لدى المستفيدين، لكنه لا يحوي نصوصاً تحفز على زيادة توظيف العمالة الوطنية، فهو يعامل من لا يوظف كويتياً واحداً كمن يوظف عشرين كويتياً من حيث قدرتهم على الاستفادة من الدعم.

ث◄ لا يوجد حد أعلى للرواتب التي يمكن دفعها عبر التمويل المتحصل من مشروع القانون، فهو يحصر أوجه إنفاق التمويل في «النفقات» أو «الالتزامات» أو «الاحتياجات»، على أن تكون «دورية تعاقدية» و«تشغيلية» و«أساسية» و«مطلوبة»، وتذكر المادتان 4 و5 صراحة «الرواتب» كمثال للنفقات المقبولة، وهذه قد تشمل رواتب مديرين بآلاف الدنانير، والسؤال هنا: لم تدعم الخزانة العامة للدولة هكذا رواتب لدى المشاريع والشركات المتضررة؟ علما أن هناك ضوابط جيدة في المادة 14 تحظر «استخدام التمويل لأغراض المضاربة أو المتاجرة في العقارات أو الأوراق المالية» وغيرها.

ج◄ هناك ضوابط زمنية لمدى استمرار دعم الدولة للتمويل ولحجمه، مثلاً: سنتا سماح للعملاء الصغار والمتوسطين، لكن الضوابط ليس لها تبرير واضح في نص مشروع القانون ولا في المذكرة الإيضاحية، وكذلك لا تبرير واضحاً لنسب الدعم والضمان التي تقدمها الخزانة العامة للدولة لمختلف الفئات، مثل تغطية كل فوائد وعوائد التمويل لأول سنتين، و%90 منها في السنة الثالثة، و%80 منها في السنة الرابعة.

ح◄ يجب ألا نقبل من دون مبررات صريحة ومقنعة مبدأ دعم الدولة لأصحاب المشاريع والشركات من دون مقابل مباشر للدولة، سواء كانت مشاريع وشركات صغيرة أم كبيرة، فهذا مبدأ غير متفق عليه لا اقتصاديا ولا سياسيا، وهناك أمثلة في الكويت على دعم الدولة للشركات مقابل منفعة مباشرة للدولة، مثلا عبر تحفيز البورصة بشراء الأسهم، عندما تكون أسعارها متدنية خلال أزمة ما، على أن يتاح للدولة بيعها عند انتعاش البورصة وارتفاع أسعار تلك الأسهم، أما في مشروع قانون دعم المتضررين من فيروس كورونا فهو دعم من دون منفعة مباشرة ومرجحة للدولة، بل هناك خسارة مباشرة متوقعة جراء الحاجة لتغطية نسبة من تمويل المتضررين الذين سيتعثرون في السداد، وفي ذلك دعم للبنوك أيضا، ومرة أخرى من دون منفعة جديدة ومباشرة للدولة.

وأحد الحلول التي يمكن بحثها تضمين مشروع القانون ضريبة لتعويض الخزانة العامة للدولة عن المخاطرة والخسارة، جراء دعم تمويل المشاريع والشركات المتضررة والبنوك، مثلا عبر فرض «ضريبة التحفيز الاقتصادي» على أرباح المشاريع والشركات، بحيث يتم دفعها بعد تلاشي آثار جائحة كورونا (بعد ثلاث سنوات مثلا بعد دراسة الآثار)، وتخصص عوائد الضريبة لتعويض التحفيز الاقتصادي الحالي والمستقبلي، بحيث تكون عوائد الضريبة بمنزلة آلية لموازنة التقلبات الدورية والحادة التي تصيب الاقتصاد الرأسمالي counter-cyclical mechanism، وهناك سوابق قانونية لذلك، مثل القانون رقم 19 لسنة 2000 في شأن دعم العمالة الوطنية وتشجيعها للعمل في الجهات غير الحكومية، والذي فرض ضريبة %2.5 على أرباح الشركات الكويتية المدرجة في بورصة الكويت للمساهمة في تمويل دعم العمالة، الذي تدفعه الحكومة للكويتيين العاملين في القطاع الخاص، والذي يمكن اعتباره دعما غير مباشر للشركات الخاصة.

بقلم الأستاذ مرزوق النصف

القبس ١٧ أكتوبر ٢٠٢٠

كان مطلب إنشاء هيئة وطنية مستقلة للانتخابات أحد العناوين المطروحة من القوى الديمقراطية لضمان حرية ونزاهة الانتخابات وفقاً للمعايير الديمقراطية الدولية المتعارف عليها التي تؤكد على ضمان شفافية العملية الانتخابية، والمنافسة الحرة، واحترام إرادة الناخبين، وعدالة النظام الانتخابي من حيث تقسيم الدوائر الانتخابية وتوزيع الأصوات، وسلامة الإجراءات، وحظر التزوير وعمليات شراء الأصوات، ووضع سقف أعلى للإنقاق الانتخابي.

ولكن المؤسف أن ما تسرب عن مشروع القانون الذي أعدته الحكومة بشأن إنشاء اللجنة الوطنية العليا للانتخابات تمهيداً لإحالته إلى مجلس الأمة للتصويت عليه في جلسة دور الانعقاد التكميلي يوم 20 أكتوبر الجاري، لم يحقق هذه المتطلبات، بل جاء متعارضاً معها في بعض نصوصه وتوجهاته.

فقد نشرت جريدة "الأنباء" في عددها الصادر اليوم 14 أكتوبر 2020 خبراً عن أن هذه اللجنة سيرأسها رئيس محكمة وتضمن في عضويتها ما لا يقل عن عشرة من رجال القضاء، وأن مهام اللجنة تشمل المتابعة والإشراف على العملية الانتخابية في جميع مراحلها لتنفيذها التزاماً بالضمانات التي كفلها القانون والدستور، وحتى اعلان النتائج النهائية التي تنشرها الدولة، وشطب غير المستوفين لشروط الترشح في انتخابات مجلس الأمة المقبلة والتي منها حسن السمعة، دون حاجة الى نص، بمعنى أن "هذا الشرط لا يستوجب صدور احكام ضد أو مع المرشح، وإنما ينظر الى سلوكياته الشخصية، ومنها ألا يكون قد عُرف عنه أقوال السوء او السيرة المتردية التي تفقده اهم السمات الشخصية المسؤولة التي يناط بها المراقبة والتشريع وهي الثقة والاطمئنان والنزاهة".

ويهم الحركة التقدمية الكويتية أن توضح أنها على الرغم من عدم اطلاعها على نص مشروع القانون كاملاً بسبب عدم نشره، إلا أنها مع ذلك تسجل مجموعة من الملاحظات الأولية حول ما تم نشره عن مشروع القانون الحكومي:

أولا: نلاحظ من حيث تكوين اللجنة الوطنية العليا للانتخابات تشابهاً يصل إلى حد التطابق مع القانون المصري 198 لسنة 2017 بشأن الهيئة الوطنية للانتخابات الذي ينص على أن يتشكل مجلس إدارتها من عشرة من رجال القضاء… وبغض النظر عن هذا التشابه، فإننا نلفت الانتباه إلى أنّ الاتجاه العام في كثير من البلدان الديمقراطية التي أنشأت هيئات مستقلة للانتخابات لا يقصر عضوية مجالس إداراتها على رجال القضاء وحدهم وإنما يضمن مشاركة ممثلي مؤسسات المجتمع فيها.

ثانياً: نلاحظ أن ما تم نشره عن مشروع القانون الحكومي لا يتضمن ما يكفل تحقيق الاستقلال المالي والإداري لهذه اللجنة عن السلطة التنفيذية بحيث تتمكن من ممارسة دورها بحيادية.

ثالثاً: لا نجد فيما تم نشره عن مشروع  القانون أية إشارة عن دور اللجنة الوطنية العليا للانتخابات في عمليات تسجيل الناخبين وتكوين قواعد بياناتهم وتدقيقها وسلامتها، ولا إشارة عن دورها في اقتراح القوانين ذات الصلة بالعملية الانتخابية، وكذلك عدم الإشارة إلى دور اللجنة في وضع سقف للإنفاق الانتخابي والرقابة عليه، وفي ملاحقة الجرائم الانتخابية من تزوير وشراء أصوات وتأثير غير مشروع على إرادة الناخبين.

رابعاً: تضمّن ما نشر عن مشروع القانون إشارات مقلقة حول السلطة المطلقة للجنة في شطب غير المستوفين لشروط الترشح في انتخابات مجلس الأمة، ومنها حسن السمعة، دون حاجة إلى نص، تحت ذريعة أن"هذا الشرط لا يستوجب صدور احكام ضد أو مع المرشح، وإنما ينظر إلى سلوكياته الشخصية"، وهذا يعني أن للجنة حق فرض عقوبة الشطب من الانتخابات بسبب سوء السمعة من دون أن يكون هناك نص قانوني صريح أو حكم قضائي بات يحدد الجريمة والعقوبة وفقاً لمبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، وهذا يعني الاعتماد على عنصر الاشتباه، وهو أمر معرض لإساءة الاستغلال.

ومن هنا، ترى الحركة التقدمية الكويتية أنه من المهم بمكان أن يتم نشر مشروع القانون الحكومي بشأن إنشاء لجنة وطنية عليا للانتخابات أمام الرأي العام، وأن يفسح المجال أمام إجراء مناقشة حرة وواسعة له من المختصين والمهتمين بحيث يأتي القانون محققاً لما يفترض أن تكون عليه هذه اللجنة من استقلالية في التشكيل والتمويل والقرار وقدرة على ضمان حرية الانتخابات ونزاهتها وسلامة اجراءاتها.

الكويت في 14 أكتوبر 2020

قبيل فض دور الانعقاد الأخير لمجلس الأمة، وباستغلال بشع لانشغال الرأي العام الشعبي بالأحداث السياسية الأخيرة، جرى عرض تقرير اللجنة البرلمانية المختصة حول مشروع قانون دعم وضمان تمويل البنوك المحلية للعملاء المتضررين من تداعيات أزمة فايروس كورونا على المجلس في جلسته قبل الأخيرة، وذلك في محاولة لتمريره على النحو المعيب الذي جاء عليه مشروع القانون.

فقد جاء مشروع القانون المقدم من الحكومة متناسباً مع مصالح الشركات الرأسمالية الكبيرة، حيث وسّع تعريف دائرة عملاء البنوك المتضررين من تداعيات أزمة فايروس كورونا، بحيث لم تقتصر فقط على العملاء الصغار والمتوسطين المتضررين فعلاً من تداعيات الأزمة والمستحقين للتسهيلات الائتمانية المنصوص عليها في مشروع القانون، وإنما شملت كذلك ما أسماه مشروع القانون عملاء آخرين وشركات وكيانات اقتصادية أخرى من القطاع الخاص المحلي، وهي تلك الشركات التي تتجاوز أصولها سقف النصف مليون دينار وتزيد إيراداتها السنوية عن سقف المليون ونصف المليون دينار، مع تحميل الخزانة العامة للدولة الفوائد والعوائد المترتبة على تمويل جميع العملاء المتضررين بمن فيهم أصحاب الشركات الرأسمالية الكبيرة وذلك خلال السنة الأولى من تاريخ منح التمويل، وهذا ما سبق للحركة التقدمية الكويتية أن حذرت منه مبكراً في بيانها الصادر في الأول من أبريل الماضي تعليقاً على القرارات الاقتصادية الصادرة عن مجلس الوزراء في اجتماعه المنعقد يوم 31 مارس الماضي، وذلك في الوقت الذي تعاني فيه الدولة من عجز جدي في الميزانية، وفي الوقت الذي يتم فيه تجاهل ما يعانيه آلاف المواطنين الأفراد من المقترضين المعسرين والمتعثرين ممن تتم ملاحقتهم قضائياً وصدرت بحقهم قرارات بالضبط والإحضار ومنع السفر.

ولئن نجح عدد من النواب في سدّ هذه الثغرة الخطرة وتعديل مشروع القانون الحكومي باستبعاد دعم وتمويل البنوك للعملاء الآخرين والشركات والكيانات الاقتصادية الأخرى من مشروع القانون في المداولة الأولى والاكتفاء بالعملاء المتضررين من أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إلا أن الخشية قائمة من أن تنجح محاولات الحكومة والنواب الممثلين لمصالح كبار الرأسماليين في تمرير اقتراحات بتعديل مشروع القانون وإعادته عملياً إلى ما كان عليه مع تغييرات وتبديلات شكلية في الألفاظ والعبارات، وذلك خلال الفترة الحالية قبل انعقاد الدور التكميلي لمجلس الأمة في 20 أكتوبر الجاري، وهذا ما ننبه إليه ونحذر منه، وندعو الرأي العام الشعبي إلى اليقظة ومراقبة تصويت النواب على هذا المشروع بقانون.

الكويت في 9 أكتوبر 2020

في العام ١٩٧٥ استكملت الكويت استقلالها السياسي باستقلالها الاقتصادي عندما أممت شركات النفط الأجنبية، كما حرصت الدولة على أن تتعامل مع القطاع النفطي بوصفه قطاعاً استراتيجياً حيوياً، فأممت كذلك شركات النفط المحلية، وكان ذلك انجازاً وطنياً كبيراً حقق للكويت فرض سيطرتها على ثروتها الطبيعية وإدارة المصدر الرئيسي لاقتصادها الوطني.
وفي العام ٢٠١٠ عندما تم إقرار قانون الخصخصة في مداولته الأولى، فقد تصدت القوى الشعبية والوطنية لنواقص وثغرات ذلك القانون، وفرضت حظر خصخصة النفط والتعليم والصحة في المادة الرابعة منه.
والمؤسف أنه منذ ذلك الحين فإنّ المحاولات تتكرر بأشكال وعناوين وصور مختلفة للنكوص عن ذلك الانجاز الوطني وللالتفاف حول الحظر القانوني لخصخصة النفط، وآخر هذه المحاولات التوصية التي أصدرتها هيئة أسواق المال لوزير التجارة والصناعة بإدراج ما يتراوح بين ٥ في المئة إلى ٤٩ في المئة من حصص الشركات النفطية في البورصة، ما يعني البدء في تصفية ملكية الدولة للقطاع النفطي وتحويله إلى ملكية رأسمالية خاصة، على خلاف ما قررته المادة ٢١ من الدستور من إن الثروات الطبيعية جميعها ومواردها كافة ملك الدولة، تقوم على حفظها وحسن استغلالها، بمراعاة مقتضيات أمن الدولة واقتصادها الوطني.
ونحن في الحركة التقدمية الكويتية إذ نرفض وبشدة هذه التوصية الخطرة، فإننا ندعو أبناء الشعب الكويتي وقواه الحيّة والحركة النقابية العمالية إلى إعلان مواقف واضحة ضد هذا التوجه الرأسمالي، الذي يتهدد ثروتنا الوطنية ويجعلها ملكاً خاصاً لقلة من كبار الرأسماليين المتنفذين الذين يسعون للسيطرة عليها عبر بيع الشركات النفطية وإدراج أسهمها في البورصة.

الكويت في ٥ أكتوبر ٢٠٢٠

ماذا نريد من العهد الجديد تنزيل

مع بداية عهد جديد للدولة الكويتية، نقولها بصراحة ووضوح إنّ الكويت اليوم في أمس الحاجة إلى البدء في تنفيذ خطة إنقاذ توقف التدهور وتحدّ من التراجع وتمنع الانهيار، تتبعها بعد ذلك خطة إصلاح…خطة إنقاذ للخروج من الدوران المرهق منذ سنوات في دوامة الأزمة الخانقة التي تعانيها البلاد… خطة إنقاذ من فساد سياسي ومالي وإداري استشرى وزاد وساد وأصبح نهباً منظماً لمقدرات البلاد… خطة إنقاذ من تحكم مصالح القلة المحدودة من المتنفذين في مفاصل الدولة وقراراتها السياسية والاقتصادية… خطة إنقاذ من سوء الإدارة السياسية للدولة وتدني مستوى أدائها، التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه من تراجع ملحوظ وتخبط في القرارات وعدم قدرة على حل المشكلات العامة، التي تفاقمت وتحولت من مشكلات قابلة للحل إلى مشكلات مستعصية على الحل… خطة إنقاذ من سوء الإدارة الاقتصادية والمالية للدولة التي أدت إلى عجز الميزانية وتآكل الاحتياطي العام للدولة وانسداد أفق التنمية، وتجاهلت متطلبات العدالة الاجتماعية في التوجهات الاقتصادية… خطة إنقاذ من التمادي في تعطيل المشاركة الشعبية والتضييق على الحريات والعبث في النظام الانتخابي… خطة إنقاذ من منظومة سياسية متخلفة لا تتناسب مع متطلبات إدارة الدولة الحديثة… خطة إنقاذ لتجنب التحوّل إلى دولة فاشلة… خطة إنقاذ لتفادي الضعف الذي يغري الآخرين بالتدخل في شؤون بلادنا… خطة إنقاذ للحفاظ على وطننا في ظل وضع إقليمي قلق وغير مستقر إن لم نقل أنه وضع متفجر، وفي ظل وضع دولي ملتهب، إن لم نقل أنه مقبل على صراع محتدم بين القوى الكبرى… فالحياة لا تعرف الفراغ، وسيكون هناك دوماً من يملأه، كما لا مجال في الحياة للمتراخين والمنتظرين، فهناك عالم متحرك وصراعات مستعرة وتبدلات كبرى، فلا مكان في هذا العالم لمَنْ يتوقف عن ملاحقة التغيرات الكبرى المتلاحقة والمستجدات والتحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والثقافية والتقنية… وليكن واضحاً أنّ هناك فارقاً كبيراً بين الاستقرار وبين الجمود والركود، وللأسف فأنّ الدولة الكويتية في حالة من الجمود والركود نخشى أن يكون مؤداها الشلل والفشل.

الخطوات العملية:
أما من حيث الخطوات العملية، فإن التمني أن يبدأ العهد الجديد بإجراء سلسلة واسعة من المشاورات مع ذوي الرأي من رجال ونساء الكويت وشبابها المخلصين، ومع الشخصيات والجماعات السياسية والفعاليات النقابية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والمهنية للتوصل إلى خارطة طريق لخطة الإنقاذ المنشودة.

عناوين خارطة طريق الإنقاذ:
وعندما يتصل الأمر بنا كحركة تقدمية كويتية، فإننا نرى أن العناوين الأساسية لخارطة الطريق يمكن أن تتمثّل في:

أولاً: تحقيق انفراج سياسي يبدأ بإطلاق الحريات وإلغاء أو تعديل القوانين المقيدة لحرية الرأي وحرية التعبير وحرية الاجتماع الواردة في قوانين الإعلام الإلكتروني، والجرائم الإلكترونية، والمطبوعات والنشر، والإعلام المرئي والمسموع، وقانون جمعيات النفع العام، وقانون حرمان المسيء.

ثانياً: تشكيل حكومة إنقاذ وطني، من دون انتظار لاستحقاق تشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات، بحيث تضم رجالات دولة وعناصر مشهود لها بالكفاءة والنزاهة والإخلاص، بحيث تكون مهمتها الأولى محاربة الفساد فعلاً لا قولاً، وتكون مهمتها الأخرى استكمال تحقيق الانفراج السياسي، وترتيب عفو شامل عن القضايا السياسية، وإلغاء لمرسوم قانون الصوت الواحد المجزوء.

ثالثاً: اتخاذ تدابير غير قابلة للتأجيل في التصدي للفساد السياسي والمالي والإداري المستشري بالدولة، وتطهير مؤسسات وأجهزة الدولة من العناصر الفاسدة، واستكمال النواقص وسدّ الثغرات في قوانين مكافحة الفساد وتضارب المصالح وغسيل الأموال، وتفعيل اتفاقيات الامم المتحدة لمكافحة الفساد والتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني المعنية بالمال العام والشفافية لوضع اجراءات وتدابير لمنع التنفيع واستغلال النفوذ واختلاس الاموال العامة ونهبها.

رابعاً: التوافق على قوانين للإصلاح الديمقراطي بشأن النظام الانتخابي، إما عبر نظام التمثيل النسبي والقوائم الانتخابية، أو النظام المختلط، وتنظيم الحياة السياسية عبر قانون ديمقراطي لإشهار الجماعات السياسية على أسس وطنية، وإنشاء هيئة مستقلة لتنظيم إشهار الجماعات السياسية ومراقبة الانتخابات، مع ضمان نزاهة الانتخابات ومنع التدخل فيها، وتحديد سقف أعلى للإنفاق الانتخابي، بحث لا تكون منحصرة في الأثرياء وممنوعة عملياً عن بقية الفئات الشعبية.

خامساً: معالجة عجز الميزانية عبر معالجات وحلول توقف من جهة الهدر والتنفيع والفساد، وتحدّ من المبالغة في تسعير المناقصات والعقود الحكومية، وتضبط الأوامر التغييرية…وتحمّل من جهة أخرى القطاع الخاص مسؤولياته الاجتماعية في توفير فرص عمل مناسبة للمواطنين، والمساهمة في تمويل الميزانية العامة للدولة عبر فرض ضرائب تصاعدية جدية على الدخول الكبيرة للأثرياء والمضاربين في العقار والأسهم، وعلى الأرباح الصافية للبنوك والشركات الرأسمالية الكبرى المساهمة والخاصة.

سادساً: إعادة النظر في الوجهة وحيدة الجانب لسياسة ترشيد الإنفاق بحيث لا تمس بنود الإنفاق الاجتماعي الضرورية، ووقف أي توجه للمساس بالمستوى العام للمعيشة والمكتسبات الاجتماعية؛ أو لتخفيض بنود الانفاق الاجتماعي؛ أو لتقليص الدعوم ذات الصلة بحياة الناس؛ ولفرض ضرائب ورسوم غير عادلة اجتماعياً…إلى جانب العمل على معالجة مشكلة التضخم وارتفاع الأسعار، وتحسين مستوى الخدمات العامة وبالاخص التعليمية والصحية، ومعالجة مشكلة البطالة وتوفير فرص العمل للشباب الكويتي، والإسراع في انجاز المشروعات الإسكانية، وتوسيع المساحات المتاحة للسكن، وزيادة قيمة الضريبة العقارية على الملكيات الكبيرة والأراضي الفضاء غير المستغلة، ومنع المضاربة بالعقار.

سابعاً: معالجة الخلل في التركيبة السكانية المتمثلة في الانخفاض المريع لنسبة المواطنين إلى إجمالي عدد السكان، بعيداً عن أي طرح عنصري والحرص على مراعاة حقوق الإنسان والحقوق العمالية واحتياجات الاقتصاد الكويتي والخدمات العامة عبر :
1- تغيير الموقف السلبي الذي يتخذه القطاع الخاص تجاه تشغيل العمالة الوطنية.
2- تحميل أرباب الأعمال كلفة أكبر بسبب استخدامهم عمالة وافدة، وتحمّل كلفة سكنهم وعلاجهم، وزيادة الحد الأدنى لأجورهم، وتمكينهم من الحقوق النقابية.
3- جدية سياسة الإحلال للمواطنين في مختلف القطاعات.

ثامناً: إقرار حل نهائي انساني عادل لقضية الكويتيين البدون ودمجهم في المجتمع، بعيداً عن النظرة العنصرية والمعالجات الوقتية والتشريعات الترقيعية.

استحقاقات الإصلاح اللاحق للإنقاذ:
أما ما بعد الإنقاذ الملح قبل أي أمر سواه، فإن هناك استحقاقات تتصل بالاصلاح السياسي وصولاً إلى نظام برلماني ديمقراطي مكتمل الأركان، واستحقاقات تتصل بضرورة بناء تصور تنموي استراتيجي لمستقبل الكويت، فالتنمية في بلد كالكويت يعتمد على مورد احادي ناضب، هي قضية حياة أو موت، وليست أقل من ذلك… واستحقاقات تتصل باصلاح التعليم، وإصلاح القوانين، وإصلاح الادارة الحكومية، وهي استحقاقات تتطلب من العهد الجديد تكليف مَنْ هو على مستوى تلبية متطلبات الاصلاح والتنمية وحل المشكلات العالقة… حيث نريد من العهد الجديد نهجاً جديداً مختلفاً في إدارة الدولة، أساسه إعادة الاعتبار لمشروع بناء الدولة الكويتية الحديثة وفقاً لما رسمه دستور 1962، ونريد إدارة سياسية ملائمة لروح العصر وتحدياته، ومنسجمة مع تطلعات الشعب الكويتي وآماله، نريدها إدارة سياسية جديدة بعقلية جديدة وبدماء جديدة وباختيارات تبتعد عن المحاصصة، وتعتمد الكفاءة والنزاهة في مختلف المناصب الحكومية مهما علت أو تدنت، نريدها إدارة سياسية يستطيع فيها مجلس الوزراء أن يمارس دوره كاملاً كمؤسسة دستورية وكحكومة مقررة، فيكون الوزراء رجال دولة لا مجرد عناصر تنفيذية تنتظر التوجيهات وتكتفي بإدارة وزاراتها… ونريد أن يستيعد الشعب الكويتي حقه الأصيل في إدارة شؤون بلده والمشاركة الديمقراطية في تسيير أمور الدولة، وأن تكون للشعب كلمته الحرة، وأن نكون كما نستحق مواطنين أحراراً متساوين، فنحن لسنا رعايا ولسنا تابعين… والكويت وطن الجميع، وليست ملكاً لقلة من المتنفذين.

الكويت في يوم السبت 3 أكتوبر 2020

تتوجه الحركة التقدمية الكويتية إلى الشعب الكويتي وأسرة آل الصباح بخالص تعازيها لوفاة المغفور له صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، التي جاءت في ظل ظرف حرج وبالغ الدقة جراء ما تواجهه الكويت من تحديات صحية واقتصادية وسياسية محلية وإقليمية.
لقد كان الراحل الكبير أحد أركان الدولة الكويتية منذ خمسينات القرن العشرين، وشارك لعقود طويلة في إدارة شؤون الدولة وقيادتها من مواقع الوزارة ورئاسة الحكومة ومسند الإمارة، ناهيك عن كونه شخصية معروفة على النطاق الدولي، وله دوره المشهود في بناء الخط المتوازن والمستقل للسياسة الخارجية.
وتتقدم الحركة التقدمية الكويتية إلى مقام صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح بالمباركة بمناسبة توليه مسند الإمارة، متمنية لسموه التوفيق والسداد، ومتطلعة بأمل إلى أن يباشر العهد الجديد بتلبية أماني الشعب الكويتي وتطلعاته في النهوض بالبلاد؛ ومكافحة قوى الفساد؛ وتطهير أجهزة الدولة؛ وتصحيح المسار ؛وتحقيق الانفراج بطيّ صفحة الأزمة السياسية وبدء صفحة جديدة بالعفو الشامل عن القضايا السياسية وإلغاء قرارات سحب الجنسية وإصلاح النظام الانتخابي؛ واحترام الإرادة الشعبية واطلاق الحريات؛ وتطبيق الدستور وضمان سيادة القانون؛ والسير في طريق التنمية وضمان الحياة الكريمة للمواطنين، وتحقيق مبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص والمواطنة الدستورية.

٢٩ سبتمبر ٢٠٢٠

أطلعنا على تقرير لجنة الشؤون التشريعية والقانونية في مجلس الأمة بشأن الاقتراحات بقوانين المقدمة بشأن قضية الكويتيين البدون، الذي تضمن الموافقة على الاقتراح بقانون الذي يحمل عنوان "اقتراح بقانون في شأن المقيمين بصورة غير قانونية" وهذا العنوان في حد ذاته عنوان دال على أن هذا الاقتراح بعيد تماماً عن تحقيق الحل الإنساني النهائي والعادل لهذه القضية، ناهيك عن تجاهل أحكامه للعديد من المتطلبات والضمانات التي تساعد على تحقيق هذا الحل، خصوصاً باستبعاده فئات عديدة وحرمانه المخاطبين بأحكام هذا الاقتراح بقانون من حق اللجوء إلى القضاء.
وتخشى الحركة التقدمية الكويتية أن تتجه لجنة الشؤون الداخلية والدفاع في مجلس الأمة خلال اجتماعها اليوم إلى تبني الوجهة ذاتها عند بحث الاقتراحات بقوانين المتصلة بحل قضية الكويتيين البدون.
وتنبه الحركة التقدمية الكويتية إلى خطورة استمرار التأخير والمماطلة في معالجة هذه القضية الإنسانية ومحاولات الالتفاف عليها، وترى أن هناك خطوات جدية لابد من البدء فيها لمعالجتها تتمثل في:


1- التخلي عن النظرة العنصرية والإجراءات التعسفية واقتراحات القوانين الترقيعية الوقتية الجزئية، التي تعطل الحل الإنساني العادل والنهائي لهذه القضية.
2- ضمان فوري لحقوق التعليم والتطبيب والعمل وبقية الحقوق الإنسانية والمدنية الأساسية للكويتيين البدون.
3- تبني حل إنساني وطني عادل ونهائي لقضية الكويتيين البدون يتمثّل في دمجهم بالمجتمع الكويتي، الذين هم في واقع الحال الاجتماعي والثقافي والتاريخي جزء منه، مع منح أولوية خاصة للإسراع في تجنيس أبناء المواطنات الكويتيات وأسر الشهداء والأسرى.

الكويت في 28 سبتمبر 2020

خطاب مفتوح إلى سمو نائب الأمير، ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه باقتراح خارطة طريق لإنقاذ البلادتنزيل

نتشرف نحن الموقعين على هذا الخطاب المفتوح الموجّه إلى مقام سموكم الكريم بأن نرفع إليكم أطيب تحياتنا وخالص تمنياتنا لكم بالتوفيق والسداد، متمنين عودة الصحة والعافية إلى صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه.
ولعل الجميع يقدّر الظرف الدقيق والتحديات الصعبة التي تواجه سموكم الكريم وأنتم تتحملون المسؤولية الدستورية كنائب للأمير.
ومن هنا فإننا نستميح سموكم عذراً بأن نتوجه إليكم بهذا الخطاب المفتوح انطلاقاً مما قررته المادة 45 من الدستور بشأن حق الأفراد في مخاطبة السلطات العامة، وذلك شعوراً منا بضرورة أن نضع بين ناظري سموكم اقتراحاتنا وتصوراتنا لإخراج بلادنا من دوامة الأزمة الخانقة التي تعانيها منذ سنوات.

سمو نائب الأمير ولي العهد
لا يخفى على سموكم ما تعانيه البلاد من فساد سياسي ومالي وإداري، وتراجع ملحوظ في الأدائين الحكومي والنيابي، وسوء الإدارة السياسية والمالية للدولة، والتخبط في القرارات، وتجاهل متطلبات العدالة الاجتماعية في التوجهات الاقتصادية، وتفاقم المشكلات والاختلالات العامة والعجز عن حلها، بحيث تحولت من مشكلات قابلة للحل إلى مشكلات واختلالات مزمنة مستعصية على الحل تتمثل في انسداد أفق التنمية، وعجز الميزانية، واختلال التركيبة السكانية، وتخلف التعليم، وتدهور البنية التحتية وتردي الخدمات العامة.
ونحن نرى أنّ هذه المشكلات والاختلالات والمظاهر السلبية لم تأتِ من فراغ، وإنما هي نتاج لأسباب عميقة متداخلة تتمثل في ثلاثة جوانب:
1- تحكم مصالح قلة محدودة من المتنفذين بالقرارات السياسية والاقتصادية والإدارية.
2- تعطيل المشاركة الشعبية، عبر التضييق على الحريات والعبث في النظام الانتخابي.
3- تخلف المنظومة السياسية عن متطلبات إدارة الدولة خصوصاً في ظل الطابع الفردي غير المؤسسي في الاختيار للمنصب الوزاري وفي النشاط الانتخابي والعمل البرلماني.

سمو نائب الأمير، ولي العهد
لئن كانت الحاجة قائمة دائماً لضرورة العمل على تصحيح المسار وإصلاح الأحوال فإن المطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى هو الإسراع في وضع خارطة طريق واتخاذ تدابير وإجراءات عاجلة لوقف حالة التدهور والحد من التراجع والعمل على إنقاذ البلاد.
ومن هنا فإننا نتمنى على سموكم المبادرة إلى إجراء سلسلة واسعة من المشاورات مع ذوي الرأي من رجال ونساء الكويت وشبابها المخلصين، ومع الشخصيات والجماعات السياسية والفعاليات النقابية والاقتصادية والاجتماعية والمهنية للتوصل إلى خارطة الطريق المنشودة.

سمو نائب الأمير، ولي العهد
وأما فيما يتصل بنا نحن الموقعين على هذا الخطاب المفتوح الموجّه إلى مقام سموكم فإننا نطرح كاجتهاد منا في هذا الشأن العناوين السبعة التالية:

أولاً: تحقيق انفراج سياسي يبدأ بإطلاق الحريات وإلغاء أو تعديل القوانين المقيدة لحرية الرأي وحرية التعبير وحرية الاجتماع الواردة في قوانين الإعلام الإلكتروني، والجرائم الإلكترونية، والمطبوعات والنشر، والإعلام المرئي والمسموع، وقانون جمعيات النفع العام، وقانون حرمان المسيء.

ثانياً: اقتراح تشكيل حكومة إنقاذ وطني من رجالات دولة وعناصر مشهود لها بالكفاءة والنزاهة والإخلاص، بحيث تكون مهمتها الأولى محاربة الفساد فعلاً لا قولاً، وتكون مهمتها الأخرى استكمال تحقيق الانفراج السياسي، وترتيب عفو شامل عن القضايا السياسية، وإلغاء لمرسوم قانون الصوت الواحد المجزوء.

ثالثاً: اتخاذ تدابير غير قابلة للتأجيل في التصدي للفساد السياسي والمالي والإداري المستشري بالدولة، وتطهير مؤسسات وأجهزة الدولة من العناصر الفاسدة، واستكمال النواقص وسدّ الثغرات في قوانين مكافحة الفساد وتضارب المصالح وغسيل الأموال، وتفعيل اتفاقيات الامم المتحدة لمكافحة الفساد والتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني المعنية بالمال العام والشفافية لوضع اجراءات وتدابير لمنع التنفيع واستغلال النفوذ واختلاس الاموال العامة ونهبها.

رابعاً: التوافق على قوانين للإصلاح الديمقراطي بشأن النظام الانتخابي، إما عبر نظام التمثيل النسبي والقوائم الانتخابية، أو النظام المختلط، وتنظيم الحياة السياسية عبر قانون ديمقراطي لإشهار الجماعات السياسية على أسس وطنية، وإنشاء هيئة مستقلة لتنظيم إشهار الجماعات السياسية ومراقبة الانتخابات، مع ضمان نزاهة الانتخابات ومنع التدخل فيها، وتحديد سقف للإنفاق الانتخابي.

خامساً: معالجة عجز الميزانية عبر معالجات وحلول توقف من جهة الهدر والتنفيع والفساد، وتحدّ من المبالغة في تسعير المناقصات والعقود الحكومية، وتضبط الأوامر التغييرية…وتحمّل من جهة أخرى القطاع الخاص مسؤولياته الاجتماعية في توفير فرص عمل مناسبة للمواطنين، والمساهمة في تمويل الميزانية العامة للدولة عبر فرض ضرائب تصاعدية جدية على الدخول الكبيرة للأثرياء والمضاربين في العقار والأسهم، وعلى الأرباح الصافية للبنوك والشركات الرأسمالية الكبرى المساهمة والخاصة.

سادساً: إعادة النظر في الوجهة وحيدة الجانب لسياسة ترشيد الإنفاق بحيث لا تمس بنود الإنفاق الاجتماعي الضرورية، ووقف أي توجه للمساس بالمستوى العام للمعيشة والمكتسبات الاجتماعية؛ أو لتخفيض بنود الانفاق الاجتماعي؛ أو لتقليص الدعوم ذات الصلة بحياة الناس؛ ولفرض ضرائب ورسوم غير عادلة اجتماعياً…إلى جانب العمل على معالجة مشكلة التضخم وارتفاع الأسعار، وتحسين مستوى الخدمات العامة وبالاخص التعليمية والصحية، ومعالجة مشكلة البطالة وتوفير فرص العمل للشباب الكويتي، والإسراع في انجاز المشروعات الإسكانية، وتوسيع المساحات المتاحة للسكن، وزيادة قيمة الضريبة العقارية على الملكيات الكبيرة والأراضي الفضاء غير المستغلة، ومنع المضاربة بالعقار.

سابعاً: معالجة الخلل في التركيبة السكانية المتمثلة في الانخفاض المريع لنسبة المواطنين إلى إجمالي عدد السكان، بعيداً عن أي طرح عنصري والحرص على مراعاة حقوق الإنسان والحقوق العمالية واحتياجات الاقتصاد الكويتي والخدمات العامة عبر :
1- تغيير الموقف السلبي الذي يتخذه القطاع الخاص تجاه تشغيل العمالة الوطنية.
2- تحميل أرباب الأعمال كلفة أكبر بسبب استخدامهم عمالة وافدة، وتحمّل كلفة سكنهم وعلاجهم، وزيادة الحد الأدنى لأجورهم، وتمكينهم من الحقوق النقابية.
3- جدية سياسة الإحلال للمواطنين في مختلف القطاعات.
4- إقرار حل نهائي انساني عادل لقضية الكويتيين البدون ودمجهم في المجتمع.

وفي الختام، فإننا نتمنى لسموكم التوفيق والسداد.

أحمد الديين
د. فواز فرحان
د. حمد الأنصاري
فهد ماهر الشطي
عبدالله علي أشكناني
محمد نهار الظفيري
ناصر ثلاب الهاجري
عباس فاضل عوض
د. محمد خالد الهاملي
د. سلطان السالم
أسامة العبدالرحيم

الكويت في يوم الاثنين ٢١ سبتمبر ٢٠٢٠

ساءنا الادعاء الذي أورده الرئيس الأميركي حول تغيير الموقف الكويتي الرسمي تجاه الكيان الصهيوني الغاصب، ونحن إذ ندرك الغرض الانتخابي من وراء هذا الادعاء، إلا أننا نراه جزءاً من حملة الضغط الذي تمارسه الدوائر الحاكمة في الولايات المتحدة الأميركية على الكويت لدفعها إلى الانحراف عن نهجها المعهود في سياستها الخارجية والتخلي عن تضامنها المشهود مع قضية الشعب العربي الفلسطيني ورفضها الواضح للتطبيع مع الكيان الصهيوني، الذي يمثل بالأساس انعكاساً للموقف المبدئي للشعب الكويتي في مناهضته للصهيونية ورفضه الاحتلال ودعمه للمقاومة الفلسطينية.
كما ندعو وزارة الخارجية الكويتية إلى الإسراع في إصدار بيان توضيحي رافض للادعاء الأميركي بما يؤكد ثبات الموقف الكويتي في هذا الشأن.
ونعلن دعمنا لأي تحرك شعبي ونيابي لتشريع قانون يحظر التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب.

الكويت في ١٩ سبتمبر ٢٠٢٠

تصحيح لتشخيص خاطئ ودعوات ملتبسة حول ما يسمى صراع الشيوخ وترتيب بيت الحكم… والحلّ البديل

بقلم: أحمد الديين

في ظل احتدام أزمة السلطة وحلفها الطبقي الرأسمالي الطفيلي كثيراً ما تُطرح دعوات من شاكلة "وقف صراع الشيوخ" وضرورة ما يسمى "ترتيب بيت الحكم".
وأنا هنا لا أنكر أن هناك صراعاً وتنافساً محمومين بين بعض للشيوخ، وأن لهذا الصراع والتنافس انعكاسات سلبية على شؤون الدولة، جراء الدور المحوري للشيوخ في مراكز القرار السياسي للدولة، ولكن التوقف عند حدود هذا التشخيص لأزمة السلطة وحلفها الطبقي الرأسمالي الطفيلي يبقى تشخيصاً قاصراً ومجتزأً ولا يعبّر تماماً عن واقع السلطة وتشكيلها وتناقضاتها… ذلك أن السلطة اليوم لا تقتصر على الشيوخ فقط، بل أنّ السلطة أصبحت حلفاً طبقياً بلغ درجة من تشابك المصالح والاندماج بين بعض الشيوخ والطغمة الرأسمالية الطفيلية الكبيرة، وبالتالي فإن الصراع الدائر هو صراع بين مراكز القوى أو مراكز النفوذ التي تضم شيوخاً وهذا الطرف أو ذاك من أطراف الطغمة الرأسمالية، وليس مجرد صراع وتنافس بين الشيوخ، كما كانت عليه الحال في ظروف تاريخية سابقة مثل صراعات ومنافسات شيوخ الخمسينات والستينات والسبعينات… ومثل هذا الفارق بين التشخيصين "صراع شيوخ" أو صراع مراكز قوى ليس فارقاً شكلياً أو نظرياً، وإنما هو فارق جوهري بين مَنْ يرى السلطة شيوخاً فقط، ومَنْ يراها في المقابل تعبيراً عن حلف طبقي متشابك المصالح بين شيوخ ورأسماليين كبار…وفارق يعكس تطور بنية السلطة وطبيعتها الاجتماعية والقوى التي تمثلها، التي كانت في السابق مقتصرة على البنية العشائرية وأصبحت اليوم ذات بنية اندمجت فيها البنية العشائرية بالبنية الطبقية الرأسمالية، وأي تجاهل لهذا التطور في تركيبة السلطة وطبيعتها والقوى الاجتماعية التي تمثلها إنما هو تجاهل للواقع وتناقضاته.
أما الدعوات التي يطلقها كثيرون لما يسمى ضرورة ترتيب بيت الحكم، فهي من جهة تنطلق من ذلك التحليل القاصر لبنية السلطة وطبيعتها، وهي من جهة أخرى تتنافى مع الدستور وأحكامه ومع قانون توارث الإمارة ذي الصفة الدستورية.
إذ ينطلق الدستور من معادلة تجمع بين المادة الرابعة التي تقول إنّ الكويت إمارة وراثية في ذرية المغفور له مبارك الصباح والمادة السادسة التي تقول إنّ نظام الحكم في الكويت ديمقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعاً… وملخص هذه المعادلة: الإمارة للذرية والحكم للأمة.
وللتوضيح أكثر، فأنّ سمو أمير البلاد لا يتولى دوره بوصفه ممثلاً للذرية أو رئيساً لها، وإنما هو الرئيس الدستوري للدولة الكويتية.
ولا دور مقرراً للذرية في المادة الرابعة من الدستور وقانون توارث الإمارة غير الاختيار منها، وليس مقرراً لها أن تمارس هي بنفسها هذا الاختيار، وإنما يمارسه سمو أمير البلاد بصفته الدستورية في تزكية ولي العهد أولاً وليس تعيينه، ثم تعيينه بعد مبايعة مجلس الأمة، أو يمارس مجلس الوزراء دوره في المناداة بولي العهد أميراً للبلاد عند خلو مسند الإمارة، أو يتولى مجلس الوزراء مهام رئاسة الدولة مؤقتاً ويرشح أميراً من الذرية إلى مجلس الأمة في حال خلو المنصبين، والكلمة النهائية دستورياً في ذلك كله تنعقد لمجلس الأمة، الذي لا يمكن إنكار العوامل الواقعية المؤثرة على قراره ، وطبيعة تركيبة المجلس، وموازين القوى السياسية في البلد، التي لا يستطيع أحد تجاهلها والقفز عليها، وهي بالتأكيد سلبية ومختلة في وقتنا الحاضر.
ويضاف إلى ذلك أن المذكرة التفسيرية قررت أن تعيين أفراد الأسرة كوزراء هو "الطريق الوحيد لمشاركتهم في الحكم"، وليس هناك طريق آخر سواه.
هذا ناهيك عن الدستور وقانون توارث الإمارة، وهما يشكلان معاً الوثيقة الدستورية الكاملة، لا يتضمنان أدنى إشارة إلى ما يسمى "ترتيب بيت الحكم" ولا يتضمنان أي مناصب غير الأمير وولي العهد ونائب الأمير، فيما يردد البعض عن جهل أو تقليد دعوات لاستحداث مناصب غير مقررة في الدستور وقانون توارث الإمارة من شاكلة "ولي ولي العهد".
وفي هذا السياق تتردد أحياناً دعوات لعدم التدخل في شؤون الأسرة، فإذا كان المقصود الشؤون الاجتماعية والعائلية والمالية، فليس هناك حق لأحد في مثل هذا التدخل في شؤون أسرة الصباح الكرام أو أي أسرة أخرى، ولكن عندما يتصل الأمر بتولي المناصب المقررة دستورياً، فهناك أحكام واضحة في الدستور وقانون توارث الإمارة، وهو شأن دستوري وليس شأناً أسرياً خاصاً.
وغير هذا وذاك فقد صدقت المذكرة التفسيرية للدستور عندما ذكرت أن "الأسرة الحاكمة من صميم الشعب تحس بإحساسه ولا تعيش في معزل عنه"، وهو وضع مختلف تماماً تتميز به أسرة الصباح عن أوضاع معظم الأسر الحاكمة في المنطقة، ولهذا الوضع المميز جذوره التاريخية وأسبابه الاجتماعية ومظاهره الواقعية.
خلاصة القول: إنّ الكويت اليوم مقبلة على منعطف كبير، وليس هناك من بديل سوى أن تكون للشعب الكويتي كلمته الحاضرة والمسموعة، وألا يتقرر الأمر وفق نفوذ وصراعات وتسويات مراكز القوى بمعزل عن الإرادة الشعبية، وهذا ما يتطلب تأكيد القوى الحيّة في المجتمع الكويتي على الالتزام بالأحكام الدستورية، والمطالبة بإعادة الاعتبار إلى مشروع بناء الدولة الكويتية الحديثة وليس تكريس نهج وعقلية المشيخة، وأن يتم التخلي عن نهج الانفراد بالقرار ورعاية قوى الفساد والتضييق على الحريات، بالتزامن مع تدارك حالة التردي والانهيار التي تواجهها البلاد عبر تشكيل حكومة إنقاذ تكون قادرة على وقف التردي، وتتولى تطهير جهاز الدولة من العناصر الفاسدة، وتضع قانون انتخابات انتقالي بديلاً لنظام الصوت الواحد المجزوء، وتطوي صفحة الأزمة السياسية الممتدة منذ ٢٠١١ بكل تداعياتها من قوانين متعسفة وأحكام وعقوبات وملاحقات وإسقاط للجنسية.
الأشهر وربما الأسابيع أو حتى الأيام المقبلة ستكون حاسمة ومقررة لمسار الكويت حاضراً ومستقبلاً، فإما أن تتجه نحو المزيد من التدهور باستمرار الحال على ما هي عليه بأيدي مراكز القوى المتصارعة، أو إنقاذها شعبياً.

على الرغم من الرفض الشعبي الواسع أقدمت حكومة البحرين على إعلان تطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني الغاصب للأراضي العربية في فلسطين والجولان، متجاهلة تنكّره الصارخ للحقوق الوطنية المشروعة للشعب العربي الفلسطيني، ومتجاوزة عن تحلله الفاضح من القرارات الدولية المتصلة بالقدس وعودة اللاجئين، ومتناسية ممارساته القمعية الإجرامية ضد الفلسطينيبن الصامدين.
لقد جاء إعلان حكومة البحرين لهذا القرار الخطير في إطار الخطوات التطبيعية المتسارعة لبعض دول مجلس التعاون الخليجي، التي تنصلت من الحقوق الوطنية المشروعة للشعب العربي الفلسطيني وصبت وتصبّ لصالح الكيان الصهيوني وتساهم في التخفيف من عزلته وتمكينه من استمرار تجاهله للقرارات الدولية وتثبيت احتلاله للأراضي العربية في فلسطين والجولان، والأخطر من ذلك أن هذه الخطوات التطبيعية الخليجية إنما هي مقدمة لبناء تحالف استراتيجي إقليمي جديد يقوده الكيان الصهيوني ويكون في خدمة الاستراتيجية الإمبريالية الأميركية.
ونحن في الحركة التقدمية الكويتية إذ نضم صوتنا إلى صوت الشعب البحريني الرافض لهذه الخطوة التطبيعية، فإننا نؤكد أنّ الكيان الصهيوني إنما هو عدو رئيسي لشعوب الأمة العربية وقواها التحررية والوطنية، وأنه جزء من مشروع عنصري استيطاني توسعي يستهدفنا جميعاً.
وختاماً، تهيب الحركة التقدمية الكويتية بشعبنا العربي الكويتي إلى ضرورة اليقظة أكثر من أي وقت مضى تجاه الضعوط التي تمارس لدفع الكويت نحو الانجراف وراء الدعوات التطبيعية مع الكيان الصهيوني، والتصدي لأي محاولة تهدف إلى تغيير خط السياسة الخارجية الكويتية الرافض للاحتلال والداعم لنضال الشعب العربي الفلسطيني من أجل نيل حقوقه العادلة والثابتة.

الكويت في١٢ سبتمبر/ أيلول ٢٠٢٠

إن ما تعرض له الشعب السوداني الشقيق جراء كارثة فيضان النيل من تشريد لمئات الآلاف من المواطنين وما لحق به من وفيات وإصابات وخسائر، يستدعي من كل شعوب العالم وحكومات مختلف البلدان، وبينها شعبنا الكويتي الكريم والحكومة المبادرة إلى تقديم مساعدات عاجلة لإغاثة المتضررين والتخفيف من معاناتهم.
وتهيب الحركة التقدمية الكويتية بجمعية الهلال الأحمر الكويتي ومختلف الجمعيات الخيرية أن تسارع إلى جمع التبرعات المادية والعينية وإرسال المساعدات المستحقة في مثل هذه الكوارث إلى الشعب السوداني الصابر، وتتمنى الحركة التقدمية الكويتية على الحكومة الكويتية اتخاذ تدابير عاجلة في هذا الشأن.

الكويت في ٧ سبتمبر ٢٠٢٠

على الرغم من تجريمها قانونياً وآثارها السلبية الواضحة على اختيارات عموم الناخبين في الانتخابات النيابية العامة، هاهي الانتخابات الفرعية القبلية تجري جهاراً نهاراً تحت سمع الحكومة وبصرها وفي ظل تراخيها الفاضح بل تواطؤها الصارخ، ليتم الإعلان عن نتائجها من دون خوف من حساب أو عقاب، وكأن الانتخابات العامة تجري على مرحلتين.
ونحن هنا عندما نعارض الانتخابات الفرعية، فإننا ندرك تماماً الأسباب التي أوجدتها والعوامل التي أبرزتها وساهمت في تكريسها، فهذه الظاهرة السلبية إنما هي نتيجة لأوضاع سياسية مختلة بالأساس، وناجمة عن نهج سلطوي متعمد ونظام انتخابي فاسد ومعبوث به.
ذلك أنّ تعطيل السلطة لمشروع بناء الدولة الكويتية الحديثة القائم على المواطنة والمساواة وتكافؤ الفرص أدى بالضرورة إلى بروز الهويات الصغرى من قبيلة وطائفة وعائلة على حساب الهوية الوطنية الكبرى، وترافق هذا مع تشجيع السلطة وحلفها الطبقي الرأسمالي للانقسامات والاستقطابات والنعرات الفئوية والمناطقية داخل المجتمع الكويتي بهدف طمس الانقسام الطبقي ودفع المواطنين نحو الدخول في صراعات وهمية لإبعادهم عن دائرة الصراعات الحقيقية المتصلة بالحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بين القلة التي تستأثر بمقدرات البلاد وخيراتها والغالبية الساحقة من الناس التي يُلقى إليها بفتات المائدة.
وفي السياق ذاته فإنّ النظام الانتخابي الفاسد والمعبوث به منذ العام ١٩٨٠ لنظام الدوائر الخمس والعشرين، ثم النظام الحالي للصوت الواحد المجزوء، ساهم أكثر فأكثر في خلق بيئة حاضنة للانتخابات الفرعية.
ومن هنا فإنّ الحركة التقدمية الكويتية ترى أنه لا يمكن وقف هذه الظاهرة السلبية بمعزل عن إعادة الاعتبار مجدداً إلى مشروع بناء الدولة الكويتية الحديثة وإلى المواطنة المتساوية القائمة على العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص واحترام سيادة القانون…وكذلك لا بديل عن تحرر الجماهير من سطوة الأفكار المضللة حول طبيعة الانقسام وحقيقة الصراع الدائر داخل المجتمع… بالإضافة إلى ضرورة تحقيق إصلاح سياسي ديمقراطي يساعد على تطوير الحياة السياسية وتنظيمها عبر قانون ديمقراطي لإشهار الأحزاب السياسية على أسس وطنية، ووجود نظام انتخابي ديمقراطي عادل يستند إما إلى القوائم والتمثيل النسبي، أو النظام المختلط الذي يجمع بين النظامين النسبي والأكثري، بما يحقق تمثيلاً انتخابياً نيابياً يتسم بالعدالة…وهذا ما ترفضه السلطة في محاولتها لإبقاء الأوضاع المختلة والفاسدة وغير الديمقراطية على ما هي عليه، وذلك بهدف ضمان سطوتها وانفرادها بالقرار وإضعاف المشاركة الشعبية وتعطيل التطور الديمقراطي.

الكويت في ٦ سبتمبر ٢٠٢٠

طوال الأشهر الستة الأخيرة لجائحة كورونا عانى نحو أربعة آلاف من المواطنين الكويتيين وأسرهم التي يعيلونها من عدم وجود أي مصدر للدخل لهم، وأصبحت اليوم هناك فئة من الكويتيين تسمى (كويتيون بلا رواتب)، حيث تنامت أعدادهم وساءت ظروفهم المعيشية واشتدت قسوة الحياة عليهم جراء التداعيات الاقتصادية والإدارية لجائحة كورونا من جهة، ونتيجة للمماطلة الحكومية وعدم الجدية في حل مشكلة هذه الفئة المظلومة من الكويتيين، في الوقت الذي كانت فيه الحكومة تركز اهتمامها لما يسمى الحزم التحفيزية لدعم القطاع الخاص.

ويشمل الكويتيون بلا رواتب أقساماً واسعة من المواطنين الكويتيين من الجنسين، وهم إما ممن تقدموا باستقالاتهم من القطاع الخاص لينتقلوا إلى أعمال أخرى ولم يستكملوا اجراءات تعيينهم، أو أولئك الذين طلبوا إحالتهم إلى التقاعد ولم يستكملوا اجراءات تقاعدهم، أو الذين لم يتقدموا بمستندات إدارية تثبت سبب إيقاف رواتبهم، أو من الطلبة الذين تخرجوا من الجامعة ولم يستكملوا أوراقهم وتأخرت اجراءات صرف مكافأه التخرج لهم، وهناك أيضاً الكويتيون الذين يعملون في القطاع الخاص وتوقفت أعمال الشركات التي يعملون بها ولم يستلموا رواتبهم، وكذلك الذين لم يستكملوا إجراءات صرف بدل البطالة، والسيدات من المواطنات الأرامل والمطلقات اللواتي لم يتم تحديث بياناتهن للحصول على المساعدات الاجتماعية، وذلك بسبب توقف الأعمال الإدارية خلال الجائحة.

وترى الحركة التقدمية الكويتية أنه الآن وبعد أن عادت جوانب كثيرة من الحياة العامة إلى طبيعتها، فليس هناك أي مبرر إطلاقاً لتجاهل معاناة هذه الفئة المحرومة من المواطنين، كما تحمّل الحكومة المسؤولية عن التباطؤ في حل مشكلتهم، وتطالب بأن ترتفع الأصوات الشعبية والنقابية للتضامن مع المطلب العادل بالإسراع في إغاثتهم، وتقديم مساعدات مالية عاجلة لهم، وايجاد حل جدي لقضيتهم المستحقة.

الكويت في ٣٠ أغسطس ٢٠٢٠

يوماً بعد يوم تتكشف حقيقة عجز الحكومة الحالية عن التصدي لمهمات إدارة الدولة، ولكن ما حدث خلال اليومين الأخيرين من تخبط صارخ وقرارات متضاربة، يعني بوضوح أن هذه الحكومة تفتقد الحد الأدنى من الكفاءة السياسية.
ويكفينا دليلاً على التخبط وعدم الكفاءة السياسية ما أثير حول الطلب من وزير المالية تقديم استقالته ثم التراجع عن ذلك بعد انتشار الخبر، وبعدها قرار وزير الداخلية بإحالة ضابط إلى التقاعد وهو محال بالأساس إلى النيابة العامة بما يتعارض مع المادة 103 من قانون نظام قوة الشرطة، ثم الإعلان عن سحب القرار بعد الانتقادات الشديدة التي تعرض لها الوزير، وهو الوزير المعني بسلامة قرارات مجلس الوزراء بوصفه وزير دولة أيضاً.
إن تخبط الحكومة وعدم كفاءة إداراتها السياسية لأبسط شؤونها الداخلية إنما هو دليل إضافي على عجزها عن إدارة شؤون الدولة، وعجزها عن التصدي للمشكلات والاختلالات الكبرى التي تشكو منها البلاد، وفي مقدمتها مشكلة عجز الميزانية العامة للدولة، والتعامل الجاد مع ملفات الفساد، ومعالجة خلل التركيبة السكانية… أما مجلس الأمة بتركيبته الحالية فهو جزء من المشكلة وليس جزءاً من الحل.
ولقد سبق أن أوضحت حركتنا التقدمية الكويتية أكثر من مرة أن الكويت بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى تشكيل حكومة إنقاذ تضم رجال دولة، بحيث تكون الحكومة قادرة على وضع حد لحالة التردي العامة، ويمكنها أن تتصدى فعلاً لا قولاً لسطوة قوى الفساد، وتبادر على الفور إلى تصحيح المسار، وذلك قبل فوات الأوان… أما الحكومة الحالية فهي أعجز حتى من أن تكون مجرد حكومة تصريف للعاجل من الأمور.

الكويت في 26 أغسطس 2020

منذ اليوم الأول لتشكيل الحكومة الحالية كانت حركتنا التقدمية الكويتية تنظر إليها على أنها انعكاس لأزمة السلطة، وأنها أقرب ما تكون إلى حكومة مؤقتة، ناهيك عن أن تركيبتها وتوجهاتها تكشف حقيقة عجزها عن معالجة المشكلات العامة والاختلالات الأساسية التي تشكو منها البلاد، في الوقت الذي تبرز فيه الحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى تشكيل حكومة إنقاذ تضع حداً لحالة التردي العامة ولسطوة قوى الفساد.

ولكن هذا الموقف تجاه الحكومة الحالية لا يعني الاستخفاف بها وتجاهل حقيقة أنها هي التي تتصدى بحكم الدستور لإدارة شؤون الدولة، وبالتالي فعلينا أن نتعامل بكل جدية واهتمام مع قراراتها، ومن بينها القرارات الأخيرة التي أصدرها مجلس الوزراء في جلسته يوم أمس الاثنين 24 أغسطس، حيث نتوقف أمام قرارين منها، وهما القراران الرابع والسادس المتصلان بالإصلاح الاقتصادي ووسائل التواصل الاجتماعي، اللذان نرى أنهما مثيران للقلق والتساؤلات.

فالقرار الرابع قضى بتشكيل فريق يتولى من بين ما سيتولاه "مراجعة الخطط والاجراءات المقترحة لمعالجة الاختلالات التي يعانيها اقتصادنا الوطني بما في ذلك الوثيقة الاقتصادية والاجراءات المقترحة لخفض المصروفات"، ويهمنا هنا أن نعبر عن القلق تجاه هذا القرار الذي يتبنى الوثيقة الاقتصادية، التي تمثل برنامجاً رأسمالياً نيوليبرالياً منحازاً ضد الفئات الشعبية ويحاول تحميلها أعباء حل الأزمة الاقتصادية والمالية، فهذه الوثيقة تطرح حزمة من الإصلاحات المزعومة ومقترحات تمويل الميزانية عبر تحميل الفئات الشعبية من عمال وموظفين ومتقاعدين ومواطنين من أصحاب الدخول المتدنية والطبقة الوسطى العبء الأكبر في معالجة عجز الميزانية وما يسمى الإصلاح المالي، وذلك على حساب مكتسباتهم وحقوقهم ومستوى معيشتهم، وهذا ما يتضح في المقترحات الواردة فيها، وأبرزها:

1-    إعداد مشروع قانون في شأن ضريبة القيمة المضافة، وهي ضريبة غير عادلة اجتماعياً سيدفعها المستهلك زيادة على فاتورة الشراء بغض النظر عن مستوى دخله.

2-    إعداد مشروع قانون يسمح للحكومة بزيادة أسعار الرسوم والخدمات، واستحداث رسوم جديدة، وذلك عبر تعديل القانون رقم 79 لسنة 1995 الذي يمنع الحكومة من زيادة أسعار الرسوم والخدمات الحالية إلا بقانون، لأن الحكومة تريد إطلاق يدها عبر المراسيم والقرارات الوزارية لزيادة الرسوم وأسعار الخدمات وفرض رسوم جديدة.

3-    تحميل الموظف زيادة قسط التأمينات بنسبة 5% جديدة مقابل خفض قسط الحكومة بهذه النسبة.

4-     رفع رسوم استهلاك الكهرباء والماء من دون استثناء السكن الخاص للمواطنين.

5-    خفض عدد الطلبة المبتعثين إلى الخارج، وزيادة المعدل المطلوب للابتعاث.

6-    حرمان موظفي الحكومة والهيئات والمؤسسات والشركات التابعة للحكومة من الزيادات والترقيات السنوية.

هذا في حين أن الاجراءات الأخرى المقترحة لخفض المصروفات لا تستثني من هذا الخفض بنود الإنفاق الاجتماعي الضرورية ذات الصلة بحياة الغالبية الساحقة من الناس كالإنفاق على التعليم والصحة والرعاية السكنية والدعوم والمساعدات، ما يعني أن خفض المصروفات سيمس بالضرورة مستوى المعيشة العام.

وأما القرار السادس الصادر عن مجلس الوزراء أمس فكان متصلاً بتشكيل فريق لدراسة ما أسماه "الجوانب السلبية والانحرافات القائمة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والمخالفة للقانون التي تقوم بها الحسابات الوهمية…"، ونحن هنا نتساءل: ترى، ألا تكفيكم الترسانة الحصينة من سلسلة القوانين المقيدة لحرية الرأي وحرية التعبير التي تتعسفون في استخدامها لملاحقة أصحاب الرأي والمعارضين والمغردين وحبسهم والمتمثلة في القانون رقم 63 لسنة 2015 في شأن جرائم تقنية المعلومات، وفي القانون رقم 37 لسنة 2014 بإنشاء هيئة تنظيم الاتصالات وتقنية المعلومات، وفي القانون رقم 8 لسنة 2016 بشأن تنظيم الإعلام الإلكتروني، هذا بالإضافة إلى قوانين المطبوعات والنشر والإعلام المرئي والمسموع وقانون أمن الدولة 31 لسنة 1970، بحيث تسعون لاستحدث المزيد من القيود وتشريع قوانين جديدة تكمم الأفواه وتكبّل حرية الرأي وتضيق على حرية التعبير؟!

إن الحركة التقدمية الكويتية تنبّه الشعب الكويتي إلى ما تنطوي عليه القرارات الحكومية الأخيرة من مساس بمعيشة الناس واستهداف لتقليص الحدود الدنيا المتاحة من حريتهم، وتهيب بالحركة النقابية العمالية وبمؤسسات المجتمع المدني إلى التصدي لهذه التوجهات.

الكويت في 25 أغسطس 2020

كثرت في الأشهر الأخيرة على نحو لافت الشكاوى المتعسفة والبلاغات الكيدية والملاحقات الأمنية للمغردين واتسع نطاق القبض عليهم أو استدعائهم إلى إدارة المباحث الإلكترونية، وما يسبق ويرافق ذلك من تحريات وتحقيقات وما يعقبها من أحكام بالحبس على المغردين، وهو ما يثير قلقنا وقلق كل مَنْ تعزّ عليه قضية حرية الرأي وحرية التعبير.
وهذا ما انعكس سلباً على سمعة الكويت في تقارير المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وتراجعها المؤسف ضمن المؤشر العالمي لحرية الصحافة.
ونحن إذ نحمّل السلطة بالدرجة الاولى المسؤولية بسبب نهجها منذ عقود في التضييق على الحريات فإننا نحمّل ايضاً النواب في مجلس ٢٠١٣ سيىء الذكر المسؤولية في المشاركة بهذا الوضع الخطير عبر اقرارهم ترسانه من القوانين المقيدة للحريات، ولا نستثني النواب والوزراء في المجلس الحالي الذين رفضوا مؤخراً الموافقة على إقرار بعض التعديلات المستحقة على القوانين ذات الصلة بحرية التعبير.
ونرى أنه يجب تشديد الضغط على نواب هذا المجلس وكذلك على المرشحين للانتخابات النيابية المقبلة ليتم تعديل المادتين ٦ و٧ من القانون رقم ٦٣ لسنة ٢٠١٥ في شأن جرائم تقنية المعلومات وإلغاء عقوبة الحبس فيهما وفي القوانين ذات العلاقة، خصوصاً المواد ١٩ و٢٠ و٢١ و ٢٧ و٢٨ من قانون المطبوعات والنشر.

الكويت في ٢٤ أغسطس ٢٠٢٠

بمزيج من مشاعر الصدمة والغضب تلقى المواطنون الكويتيون التسجيلات المسربة عن فضيحة تورط عنصر قيادي في أمن الدولة مع أحد المتنفذين في عمليات تجسس غير قانونية على حسابات عدد من المغردين المعارضين للحكومة في تطبيق تويتر، والاطلاع على مراسلاتهم الخاصة، من دون إذن من النيابة العامة أو المحاكم.
ونحن في الحركة التقدمية الكويتية نرى، أنه بغض النظر عن ملابسات تسريب هذه التسجيلات، فإن المشكلة ليست في تسريب التسجيلات، مثلما يحاول البعض تصوير الأمر، وإنما تكمن الخطورة في فضيحة التجسس غير القانونية على حسابات المغردين ومراسلاتهم الخاصة، وفي تواطؤ عناصر قيادية من الأجهزة الأمنية مع أشخاص متنفذين في تنفيذ عمليات التجسس، واستيراد هؤلاء المتنفذين وامتلاكهم لأجهزة وتقنيات وبرامج اختراق والاستعانة بعناصر أجنبية من خارج الجهاز الرسمي للدولة، وهي أعمال إجرامية مرفوضة ومدانة ولا تتناسب مع الادعاء الإعلامي بأن الكويت دولة مؤسسات، إذ أنها أقرب ما تكون إلى ممارسات المافيات وعصابات الجريمة المنظمة.
ولا يمكننا أن نصدق على الإطلاق محاولات تهوين جرائم التجسس بالقول إنها تعود إلى تاريخ سابق، إذ أننا نعبّر عن خشيتنا من أن جرائم التجسس غير القانونية مستمرة ولم تتوقف، وهي لا تقتصر على حسابات تويتر لبعض المغردين المعارضين بل أنها تشمل أيضاً جميع وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي الأخرى من اتصالات هاتفية ومراسلات عبر الايميل والواتساب وغيرها، وأنها تشمل أعداداً أكبر من الشخصيات السياسية المعارضة والناشطين في الشأن العام.
وإزاء فضيحة سياسية وأمنية بمثل هذه الخطورة وهذا الحجم، فإن الحكومة لابد أن تتحمّل المسؤولية السياسية عنها وعن التراخي في التعامل معها، ولا يمكن بحال من الأحوال الاكتفاء بالتحقيق الذي أعلن عنه وزير الداخلية، بل لابد من قرارات سريعة وإجراءات حازمة تشمل:


1- التوقف فوراً عن عمليات التجسس على الشخصيات السياسية والناشطين والمغردين.
2- تطهير الأجهزة الأمنية من العناصر الفاسدة والمتورطة في جرائم التجسس.
3- ضبط الأشخاص الضالعين في هذه الجرائم وإحالتهم إلى النيابة العامة والقضاء لينالوا عقابهم الرادع.
4- كشف نتائج التحقيق أمام الرأي العام بكل شفافية ومن دون تستر أو محاباة.
ونرى أنه مالم تتخذ الحكومة مثل هذه القرارات والإجراءت فإنّها تعدّ ضالعة في هذه الفضيحة السياسية والأمنية الخطيرة.

• الكويت في 20 أغسطس 2020

مثلما هو معروف فإننا في الحركة التقدمية الكويتية نرى أن حالة التردي الخطيرة على كافة المستويات التي تشكو منها البلاد لن يفيدها الانشغال في العبث السياسي والصراعات العقيمة، وإنما تتطلب معالجات جدية مختلفة، تبدأ بأن يستعيد الشعب دوره المسلوب في المشاركة الحقيقية بالقرار السياسي، وأن يتم تشكيل حكومة إنقاذ وطني من رجالات دولة وعناصر مشهود لها بالكفاءة والنزاهة والإخلاص، بحيث تتولى حكومة الإنقاذ هذه محاربة الفساد فعلاً لا قولاً وملاحقة الفاسدين وتطهير أجهزة الدولة منهم، وتصحيح المسار عبر انفراج سياسي وعفو شامل عن القضايا السياسية، وإلغاء لمرسوم قانون الصوت الواحد المجزوء ووضع قانون انتخابي ديمقراطي بديل، واجراء انتخابات نزيهة يمنع المال السياسي والتدخل السلطوي عن التأثير على مخرجاتها.

ولذلك فإننا لا تعنينا موجه الاستجوابات وطلبات طرح الثقة المتتالية في الأسابيع الأخيرة من عمر المجلس الحالي، ولا يعنينا أمر ومصير شخص هذا الوزير أو ذاك، ولكن هذا لا يعني انعزالنا عن مجريات الواقع والقضايا التي تثار في مثل هذه الاستجوابات، ومن بينها ما أثير في الاستجواب الأخير الموجه إلى وزير الداخلية، حيث أثيرت قضايا بالغة الخطورة، يجب التوقف أمامها والمطالبة بوضع حدّ لها ومعالجتها، ومن بين هذه القضايا، القضايا الثلاث التالية:

أولاً: ممارسات التعذيب والإساءة التي يمارسها بعض عناصر الأجهزة الأمنية مع المقبوض عليهم أثناء التحقيق معهم، فهذه الممارسات تنتهك حقوق الإنسان وتتعارض مع الدستور الذي يحظر في المادة 34 منه أيذاء المتهم جسمانياً أو معنوياً، ناهيك عن كون التعذيب جريمة يعاقب عليها القانون… وبالتالي لايجوز بأي حال من الأحوال التهاون أو التقليل من خطورة هذه الممارسات المرفوضة وتبريرها، بل المطلوب إصدار قرار واضح بمنعها واتخاذ إجراءات رادعة بحق مرتكبيها.

ثانياً: العبث في القيود الانتخابية، ما يتطلب أن تكون هناك معالجة جادة لهذا العبث عبر ربط عملية قيد الناخبين بسجلات الهيئة العامة للمعلومات المدنية، وإنشاء هيئة مستقلة للانتخابات، مع استمرار الإشراف القضائي على عمليات التصويت والفرز وإعلان النتائج، وإفساح المجال أمام الهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية والمحلية ذات الصلة بحرية الانتخابات ونزاهتها للمشاركة في مراقبة العملية الانتخابية.

ثالثاً: المصالح التجارية للوزراء، التي يصعب فصلها عن تضارب المصالح واستغلال النفوذ والفساد السياسي والمالي والإداري، ما يتطلب أن يكون هناك قانون صارم وآليات رقابية واضحة وإجراءات حازمة تسد الثغرات التي يجري استغلالها الآن لتبرير المصالح التجارية للوزراء.

ونرى أن هذه الممارسات الخطيرة  يجب أن تكون محل اهتمام من الرأي العام الشعبي للمطالبة بوقفها وتصحيحها، وذلك بغض النظر عن مصير طلب طرح الثقة في وزير الداخلية الحالي.

الكويت في 19 أغسطس 2020

بمشاعر الاستياء والغضب تابعت الحركة التقدمية الكويتية الخطوات التطبيعية المتسارعة لبعض دول مجلس التعاون الخليجي مع الكيان الصهيوني الغاصب للأراضي العربية في فلسطين والجولان، الذي يتنكّر للحقوق الوطنية المشروعة للشعب العربي الفلسطيني، ويتباهى بتحلله من القرارات الدولية المتصلة بالقدس وعودة اللاجئين، ويواصل قمعه الإجرامي لأهلنا الصامدين بوجه الاحتلال.
ويهمنا أن نثبّت الحقيقة الراسخة بأنّ الكيان الصهيوني إنما هو عدو رئيسي لشعوب الأمة العربية وقواها التحررية والوطنية، وأنه جزء من مشروع عنصري استيطاني توسعي يستهدفنا جميعاً.
وإننا إذ نبدي استياءنا من هذا التهافت الخليجي على التطبيع مع الكيان الصهيوني ورفضنا التام له، فإننا نثق بأن الكويت لن تتخلى عن نهجها المعهود في عدم الانجراف وراء الدعوات التطبيعية مع الكيان الصهيوني، وهو النهج النابع من الموقف الشعبي الوطني والقومي الراسخ ضد الكيان الصهيوني الغاصب، والمثبّت كأساس للسياسة الخارجية الكويتية الرافضة للاحتلال والداعمة لنضال الشعب العربي الفلسطيني من أجل نيل حقوقه العادلة والثابتة.

الكويت في ١٣ أغسطس ٢٠٢٠

في الوقت الذي نعبّر فيه عن تضامننا مع أهلنا وأخوتنا في لبنان لتجاوز الفاجعة الأليمة بعد الانفجار الرهيب في ميناء بيروت، فيما هم يعانون بالأساس من أزمة اقتصادية ومعيشية وسياسية خانقة… فإننا في الحركة التقدمية الكويتية نثمن المبادرة الرسمية الكويتية بمد يد العون وإرسال مساعدات عاجلة إلى الشعب اللبناني.
ونهيب بشعبنا الكويتي الكريم أن يبادر كعادته إلى المساهمة بالتبرع ضمن حملة جمعية الهلال الأحمر الكويتي الموجهة لمساعدة الشعب اللبناني الشقيق على تجاوز فاجعته والتخفيف من آلامه.

الكويت في يوم الأربعاء ٥ أغسطس/ آب ٢٠٢٠

الرفاق في المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني الشقيق

هزّتنا وآلمتنا الكارثة التي حلّت بلبنان الشقيق وشعبه الصابر جراء الانفجار الرهيب الذي تعرضت له بيروت اليوم، وما لحق بلبنان واللبنانيين من خسائر بشرية جسيمة وأضرار مادية كبيرة، لتزيد من معاناة الشعب اللبناني، الذي يعاني الأَمَرّين من أزمة خانقة، ومن ضغوط قاسية، ومن فساد سياسي ومالي وإداري غير مسبوق، ومن منظومة سياسية فاشلة، وتدخلات خارجية فجّة.
نعبّر لكم عن تضامننا الرفاقي، الموجّه بالأساس إلى أهلنا واخوتنا في لبنان الشقيق، متمنين أن يخرج لبنان في أقرب وقت من أزمته ويتجاوز محنته ليعود وطناً حراً وبلداً سيداً، وليهنأ اللبنانيون بحياة آمنة وعيش كريم.

المكتب السياسي للحركة التقدمية الكويتية

الثلاثاء ٤ أغسطس/آب ٢٠٢٠

تحل الذكرى السنوية الثلاثون لجريمة غزو النظام العراقي البائد الكويت واحتلالها، فيما الوطن يئن أكثر من أي وقت مضى مما تعرض ويتعرض له من نهب منظم لمقدراته؛ واستباحة القلة المنتفعة لثرواته؛ والسطوة غير المسبوقة لمافيات الفساد؛ والإدارة، بل المنظومة السياسية الفاشلة؛ والمشكلات التي تتفاقم وتتراكم من دون حل؛ والتراجع المؤسف على مختلف الصُعُد والمجالات، وغير ذلك مما لا يمكن أن تخفيه الادعاءات الإعلامية والإجراءات الشكلية التي لا تعدو كونها ذراً للرماد في العيون ومحاولة لإسكات أصوات التذمر، حيث يدرك الجميع عدم جديتها ويتذكرون مصير وقائع الفساد السابقة التي طالما جرت لفلفتها.

إن ما تردت إليه أحوال البلاد اليوم هو النقيض تماماً للكويت التي قدّم الشهداء في مواجهة الغزو والاحتلال أرواحهم فداءً لحريتها؛ وضحى المقاومون والأسرى والصامدون داخل الوطن وعانى الصابرون خارجه من أجل تحريرها وإعادة بنائها… بل لقد تعرضت الكويت خلال العقود الثلاثة الأخيرة إلى عمليات تدمير ممنهجة شملت من بين ما شملته تدمير قيم المواطنة والتضامن والتضحية التي برزت في مواجهة الغزو ومقاومة الاحتلال، وجرى بدلاً منها تشجيع متعمد وتكريس مقصود لقيم الأنانية والاستحواذ والتنفيع، التي تتناسب تماماً مع الطبيعية الريعية للاقتصاد والأنشطة الطفيلية لرأس المال، بما يساعد على تبرير الفساد وتقبّله والتعايش معه، وفي الوقت ذاته جرى تخريب متواصل لما تبقى من وضع دستوري بتقليص الحريات وملاحقة المعارضين والانفراد بالقرار وعبث بالنظام الانتخابي وإفساد للمؤسسة البرلمانية، بما يتناسب مع نزعة الاستبداد والانفراد بالقرار وعقلية المشيخة.

والحال هذه، فإن الكويت اليوم أحوج ما تكون إلى انقاذ وطني مما انحدرت إليه أوضاعها وما يتهددها من مخاطر وتحديات، بحيث يتم وضع حدٍّ لحالة التدهور المتسارع، وليجري كفّ أيدي الفاسدين عن مواصلة نهبهم لمقدرات البلد، وللتصدي لسطوة المافيات وإنهاء صراعات مراكز النفوذ، ليمكن بعد ذلك الحديث عن تصحيح المسار وتحقيق الإصلاح والانطلاق نحو التنمية المعطّلة… وهذا الإنقاذ يتطلب قبل شيء استعادة الشعب لدوره المسلوب في المشاركة الحقيقية بالقرار السياسي، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني من رجالات دولة وعناصر مشهود لها بالكفاءة والنزاهة والإخلاص، بحيث تكون:

مهمتها الأولى محاربة الفساد فعلاً لا قولاً وملاحقة الفاسدين وتطهير أجهزة الدولة منهم.
وتكون مهمتها الأخرى تصحيح المسار عبر انفراج سياسي وعفو شامل عن القضايا السياسية وإلغاء لمرسوم قانون الصوت الواحد المجزوء ووضع قانون انتخابي ديمقراطي بديل، واجراء انتخابات نزيهة يمنع المال السياسي والتدخل السلطوي عن التأثير على مخرجاتها.

وغير هذا فإنّ الكويت مرشحة تماماً وبكل أسف ومن دون مبالغة أو تطيّر لأن تصبح دولة فاشلة بكل ما تعنيه الكلمة، وهذا ما لا يمكن أن يقبله الشعب الكويتي.

المجد لشهداء الكويت والمقاومين البواسل في الذكرى الثلاثين لغزو النظام العراقي البائد… والخزي والعار لكل مَنْ اعتدى على وطننا؛ ولكل مَنْ نهب وينهب ثرواته؛ وعبث ويعبث في مصائره.

الكويت في ١ أغسطس ٢٠٢٠

اخبار محلية

وداعًا "يا بو الفعايل"

بأسف تنعى الحركة التقدمية الكويتية الفنان التقدمي البحريني الكبير سلمان زيمان، الذي رحل عن دنيانا اليوم… والفنان الراحل من أسرة بحرينية ذات اهتمامات فنية وسياسية تقدمية، وهو مؤسس فرقة "أجراس" الموسيقية الغنائية، وكان الفقيد من مناضلي الحركة الوطنية في البحرين عبر عضويته في "الجبهة الشعبية" وبعدها "جبهة التحرير الوطني"، حيث اعتقل في العام ١٩٨٦ وبعد الإفراج عنه غادر البحرين وطنه الأول إلى وطنه الثاني الكويت وأمضى فيها عدداً من السنوات أحيا خلالها بعض الحفلات الموسيقية، كما ارتبط بعلاقات صداقة مع الأوساط الفنية والثقافية الكويتية، وكان يقدم دروساً خاصة للعزف على آلة الجيتار، ثم عاد إلى وطنه البحرين.
لقد ترك الفنان التقدمي الراحل سلمان زيمان إرثاً جميلاً من الأغاني بينها يا بو الفعايل يا ولد، ربوع الشمال، أحلى الليالي، الله الله بالأمانة، وأقبل العيد.

وداعاً سلمان زيمان… وداعاً يا أبا الفعايل.

تلقينا باستغراب واستنكار ما تضمنته اللائحة الجديدة لإجراءات حجب المحتوى الإلكتروني التي أعدتها الهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات، لما تنطوي عليه من قيود إضافية تضيّق على حرية الحصول على المعلومات، ويمكن أن تقيّد حرية البحث العلمي التي صانها الدستور في مادته الرابعة عشرة، وتفرض رقابة مشددة على المحتوى الفني والثقافي الذي تحاول القوى الرجعية فرض وصايتها عليه.

إن سياسة الحجب والمنع لا تتناسب مع متطلبات الدولة الحديثة، بل هي سلاح عتيق لم يعد يجدي نفعًا في عالم اليوم، حيث أصبح تجاوز المنع والحجب أمرًا بسيطًا، وهو أمر تدركه هيئة الإتصالات ولكنها تحاول عبر هذه اللائحة تكريس فكرة الوصاية على حريات الناس واختياراتهم وأفكارهم وما يطلعون عليه، بحيث يكون خاضعاً للمنع والحجب والتقييد.

كما أننا نرى في استخدام اللائحة لمصطلح ”الآداب العامة“ يعطي الهيئة مجالًا تفسيريًا واسعًا لا تملكه سوى السلطة القضائية، فهذا المصطلح مطاط جداً وواسع وغير مؤسسي، أما الأعراف فهي نسبية ومتبدلة بطبيعتها على حسب الأشخاص والزمان.

كما نستهجن ما تضمنته اللائحة من اجراءات لتحويل المواطنين إلى مبلغين ومحرضين يعملون على تقييد محتوى ما يبث وينشر.

ونشير إلى أنه باستثناء المحتويات الإجرامية والداعية للكراهية والعنصرية وذات المحتوى الإباحي الفج، فإن العالم الحديث يكلف الأبوين تكليفًا صريحًا بمتابعة نشاط أبنائهما على شبكة الانترنت، ووفر لهما كل السبل الممكنة لمراقبة هذا النشاط، ولا يجوز للدولة أن تدخل نفسها في هذه العملية، وأن تأخذ دوراً غير مناط إليها دستورياً أو قانونياً.

وفي الختام، فإننا نؤكد على أهمية احترام سلطات الدولة ومؤسساتها لحريات الناس وعدم التدخل فيها والوصاية عليها.

الكويت في ٢٢ يوليو ٢٠٢٠

بادئ ذي بدء تؤكد الحركة التقدمية الكويتية احترامها للحق الدستوري المكفول لأي شخص أو جهة في اللجوء إلى القضاء، ولكننا نرى في المقابل أنه عندما يتصل تقديم الشكاوى والبلاغات بالحكومة أو برئيسها وبمجلس الأمة رئيساً ونواباً وما يوجه إليهم من انتقادات، مهما بلغت صراحتها وقسوتها، فإن الأمر في الغالب يتجاوز ممارسة حق التقاضي ويتحوّل إلى ملاحقة سياسية للمعارضين والمنتقدين تحت غطاء قانوني، وهذا ما عانت منه الكويت منذ العام ٢٠١٠ ولا تزال، حيث تسبب هذا السلوك الحكومي والنيابي في تكريس نهج التضييق على الحريات، وفي مقدمتها حرية التعبير، وأدى إلى إصدار ترسانة من القوانين القمعية على مر السنوات العشر الأخيرة، وأبرزها قانون الإعلام الإلكتروني وقانون الجرائم الإلكترونية وقانون العزل السياسي للمسيئ، كما نجم عنه اعتقال وصدور أحكام بالحبس على المئات من المواطنين من النواب السابقين والنشطاء والمغردين والشباب فيما اضطر العديد منهم إلى اللجوء السياسي في بلدان أخرى أو الإقامة في المنفى للتخلص من هذه الملاحقات المتعسفة.
وفي هذا السياق تلقينا بانزعاج استدعاء أعضاء المكتب السياسي في حركة العمل الشعبي (حشد) وعدد من المغردين للمباحث الإلكترونية اليوم والتحقيق معهم، بناء على شكوى رئيس مجلس الأمة، الذي كان حرياً به بحكم رمزية منصبه عدم تقديمها، وإن كانت حقاً دستورياً مقرراً لشخصه، وكان يكفي الرد على ما أثير.
وهنا فإننا نعبّر عن تضامننا مع الإخوة في المكتب السياسي لحشد والمغردين الذين تم التحقيق معهم بناء على شكوى رئيس مجلس الأمة، ونتطلع إلى سحب هذه الشكوى، ووضع حد لنهج الملاحقات السياسية تحت غطاء قانوني.

الكويت في ٨ يوليو ٢٠٢٠

لقد كانت الحركة التقدمية الكويتية ولاتزال وستستمر متمسكة بموقفها المبدئي ضد تحويل بلادنا الكويت إلى ساحة لتصفية الحسابات والصراعات الاقليمية، كما أننا في الحركة التقدمية الكويتية نعارض كل محاولة تمارسها أي أطراف خارجية للضغط على الكويت بهدف التأثير على قرارها السيادي.
ويهمنا التأكيد كذلك على أننا في الحركة التقدمية الكويتية لا يمكن أن نكون مع اقصاء أي طرف سياسي كويتي بشرط أن يكون هذا الطرف ملتزماً بالوجهة الوطنية وبعيدًا عن سياسة الائتمار من الخارج والتآمر مع أطراف إقليمية.
وفي هذا السياق، فلقد تلقينا باستغراب بالغ التسجيلات المسربة لبعض قيادات الأحزاب السياسية الدينية مع الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، ونرى بأنهم هم وأحزابهم مطالبون بشرح ملابسات مواقفهم وتوضيحها للرأي العام الكويتي بكل شفافية، خصوصاً أن هناك شكوكاً بأن تكون هذه التسجيلات المسربة هي التسجيلات الوحيدة، فقد تكون هناك تسجيلات أخرى لم يتم نشرها بعد.
وفيما يخص موقفنا تجاه الأحزاب السياسية الدينية، وتحديداً الأحزاب ذات الصلة بمادة التسريبات، فنحن كما هو معروف نعدها خصوماً من الناحيتين السياسية والفكرية، ذلك أن مشروع هذه الأحزاب القائم على بناء الدولة الدينية مشروع رجعي يناقض مشروعنا تمامًا، كما أن بنيتها الطبقية ونهجها الاقتصادي الرأسمالي متعارض معنا كحركة سياسية معبرة عن مصالح العمال والفئات الشعبية المهمشة، ومن الطبيعي أننا لسنا في وارد الاصطفاف سياسياً مع هذه الأحزاب، ولا معنيين بتبرير نهجها وعلاقاتها ومواقفها.

الحركة التقدمية الكويتية
الثلاثاء
٧ يوليو ٢٠٢٠م

تابعت الحركة التقدمية الكويتية باهتمام جهود بعض قوى المجتمع المدني الكويتي لتصحيح العبث الحكومي في القيود الانتخابية، سواء عبر رفع طعون أمام القضاء، أو تقديم شكوى إلى هيئة مكافحة الفساد، وإذ تحيي الحركة التقدمية الكويتية هذه الجهود والمحاولات المخلصة، فإنها تؤكد أن العبث الحكومي في القيود الانتخابية ليس مجرد أخطاء ونواقص، وإنما هو جزء من عملية منهجية منظمة لإفساد العملية الانتخابية والانحراف بالممارسة البرلمانية ولتخريب ما تبقى من الحدود الدنيا للحريات والحقوق الديمقراطية، بما يتيح المجال واسعاً أمام المزيد من الانفراد السلطوي بالقرار، وكذلك لتمكين قوى الفساد من مواصلة نهبها لمقدرات الدولة وأموالها وأملاكها من دون حسيب أو رقيب، ولتمهيد الطريق أيضاً أمام تنفيذ الهجمة الرأسمالية المقررة على المكتسبات الاجتماعية والشعبية والحقوق العمالية من دون معارضة تشريعية أو رقابة برلمانية تحدان من اندفاعتها.
إننا ندرك مدى خطورة العبث في القيود الانتخابية، وندعم المحاولات والمطالبات الشعبية بتصحيحها، ولكننا في الوقت نفسه نلفت الانتباه إلى أن العبث الحكومي في القيود الانتخابية لا ينفصل بحال من الأحوال عن التخريب المتواصل للعملية الانتخابية، وإن تصحيح القيود الانتخابية يتطلب كذلك النضال من أجل فرض مطلب إصلاح النظام الانتخابي ككل، والضغط على السلطة للاستجابة إلى استحقاق الإصلاح السياسي الديمقراطي الشامل، وذلك على النحو التالي:


١- إلغاء مرسوم قانون الصوت الواحد المجزوء، الذي كرّس المزيد من السلبيات في العملية الانتخابية وساهم في تخريبها، والعودة مؤقتاً للنظام السابق، وذلك إلى حين التوصل لإقرار نظام انتخابات ديمقراطي بديل إما أن يكون على أساس الدائرة والقوائم والتمثيل النسبي، أو أن يكون وفقاً للنظام المختلط الذي يوزع مقاعد المجلس إلى نوعين من المقاعد، الأول هو مقاعد لخوض الانتخابات ضمن الدولة ككل بوصفها دائرة واحدة تتنافس فيها قوائم للمرشحين ويتم انتخابها وفق نظام التمثيل النسبي، والنوع الآخر هو مقاعد في دوائر صغيرة يتم الترشح فيها فردياً والتصويت بالنظام الأكثري المتبع، وذلك للجمع بين مزايا التمثيل النسبي والتصويت الأكثري.


٢- ربط عملية قيد الناخبين بسجلات الهيئة العامة للمعلومات المدنية، للحد من نقل الأصوات وللتخفيف من الاجراءات المعقدة لقيد الناخبين ونقلهم والطعون الانتخابية.


٣- إنشاء هيئة مستقلة للانتخابات، مع استمرار الإشراف القضائي على عمليات التصويت والفرز وإعلان النتائج، وإفساح المجال أمام الهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية والمحلية ذات الصلة بحرية الانتخابات ونزاهتها للمشاركة في مراقبة العملية الانتخابية.


٤- وضع سقف أعلى للإنفاق الانتخابي على المقار والدعاية، مع فرض رقابة جدية على ميزانيات الحملات الانتخابية، بحيث لا يكون الترشيح وخوض الانتخابات مقتصراً على الأثرياء أو المرشحين الممولين من أثرياء، إذ أن الترشيح حق ديمقراطي.


٥- تجريم عمليات شراء الأصوات بالمال أو الهدايا أو عبر تقديم الخدمات، وتوفير حماية قانونية آمنة للمبلغين والشهود.


٦- تشكيل فرق أمنية تمتلك سلطة الضبطية القانونية لملاحقة عمليات شراء الأصوات وضبطها.


٧- تكريس اجراءات الشفافية في عميات فرز الأصوات بإلزام رؤساء اللجان بعرض أوراق الاقتراع على الشاشة.


٨- إلغاء القيود الاستثنائية التي فرضت على حق الترشيح، وبالأساس القيود ذات الصلة بقانون حرمان المسيء.


٩- إطلاق الحريات العامة، وبالأساس حريات الرأي والتعبير والنشر ، بما في ذلك النشر الإلكتروني، وإلغاء القيود المفروضة عليها، لخلق مناخ ديمقراطي، بالتزامن مع تحقيق حالة انفراج بالعفو عن المحكومين والملاحقين بقضايا سياسية تتصل بالرأي والتعبير والتجمعات.


١٠- سنّ قانون ديمقراطي لإشهار الأحزاب السياسية على أسس وطنية بما يساعد على تنظيم الحياة السياسية وتطوير الممارسة الديمقراطية.

ونحن في الحركة التقدمية الكويتية ندرك جيداً صعوبة تحقق هذه الخطوات الإصلاحية، ولكننا في الوقت نفسه نثق بقدرة شعبنا على النضال من أجل فرض تحقيقها طال الزمان أم قصر، وسنحرص من جانبنا على توعية الرأي العام الشعبي وتعبئته لخوض صراع سياسي طويل النَفَس مع السلطة وحلفها الطبقي من أجل الاستجابة لهذه الاستحقاقات الإصلاحية وتلبيتها، بما في ذلك عبر استخدام الحملات الانتخابية والمنبر البرلماني لطرحها والدفاع عنها، إلى جانب وسائل وأساليب العمل السياسي والجماهيري الأخرى.

الكويت في ٢ يوليو ٢٠٢٠

أن يحكم القاضي ببراءة مظلوم واحد أهم وأولى من إدانة 100 مذنب.
هذه المقولة هي أصدق مثال على فداحة الظلم وأثره المدمّر على نفس الإنسان وسلامة المجتمع.
لست قانونيا ولا أستطيع مجاراة المتخصصين في القانون. ولهذا أتجنب، دائما، خوض المناقشات القانونية. لكن أثار انتباهي اللغط الذي كثر، مؤخرا، حول قانون مخاصمة القضاء الذي أقرّه البرلمان قبل أيام. هذا القانون ليس إلا عنوانا فرعيا صغيرا تحت العنوان الإنساني الأعظم المتمثّل بالعدالة.
ولهذا أجد أنه من الضروري المشاركة في النقاش الدائر حول هذا القانون المهم.

أستغرب أن يعارض بعض القضاة ومعهم، للأسف، بعض المحامين، تطبيق قانون مخاصمة القضاء بذريعة أن القضاة سيشعرون بالخوف عند إعلان أحكامهم!

في رأيي أننا، كبشر عاديين، سنشعر بالطمأنينة التامة عندما نتأكد من شعور القضاة بالخوف قبل إصدار أحكامهم. بل إنني أرى أن على القاضي أن يشعر بالذعر والهلع، وليس الخوف فقط، عندما يتعلق الأمر بالحكم في قضايا تتعلق بحقوق ومظالم ومصائر البشر.
أعتقد بأن الحالة الطبيعية التي يجب أن يكون عليها القاضي، حال نظره القضايا، هي الخوف المستمر…الخوف من الله أولا، ثم من ضميره ثانيا، ثم من الظلم ثالثا، ثم من المظلوم. وحينها ستشعر العدالة بالطمأنينة وسينعم الإنسان بالأمان.

وإذا افترضنا أن بعض القضاة لا يشعرون بالخوف من الله ولا من ضمائرهم، فإن قانون مخاصمة القضاء سيعمل على مدهم وتزويدهم بالإحساس اللازم بالخوف والخطر كي يتخذوا الحذر ويتوخوا العدل ويتحرّوا النزاهة قبل إصدار أحكامهم.
ومتى ما أصدر القاضي حكمه النابع من يقينه التام بالعدالة، فلا شيء في هذا العالم يستطيع تخويفه أو هز طمأنينته وشعوره الداخلي بالرضا والسلام.
هذا الأمر لا يمكن أن يتحقق إلا إذا
علم القاضي بأن الإنسان العادي الذي يمثل أمامه بكل خضوع، منتظرا حكمه العادل، يستطيع أن يوقف القاضي في نفس الموقف اذا ما أخطأ أو انحرف في حكمه.

مهنة القاضي ليست مقدسة، ولا يجب أن تكون مقدسة. وقد شاهدنا في الكويت قضايا الفساد في الجهات والمؤسسات التي تحظى بالحصانة أو الحماية من النقد أو المحاسبة مثل الجيش والتأمينات والبرلمان ونحن بالطبع لا نريد أن ينضم لها سلك القضاء.
القضاء مهنة محترمة كبقية المهن الشريفة التي يتقدّم لشغرها الناس.
لذا على المتقدمين للعمل كقضاة أن ينظروا إلى واجبات الوظيفة قبل حقوقها وإلى حساسيتها قبل مكانتها وإلى صعوبتها قبل مزاياها. وعليهم، قبل كل شيء، أن يعوا بأنهم سيتعرضون للمحاسبة إذا ما أخطأوا أو أساءوا استخدام سلطاتهم.
فإذا رأوا أنهم قادرون على القيام بواجبات الوظيفة فأهلا وسهلا وإلّا فليبحثوا عن وظيفة أخرى بعيدا عن حقوق ومصالح ومصائر البشر وحينها سينعمون بحياة آمنة ووادعة لا خوف عليهم فيها ولا هم يحزنون.

ختاما..
إذا أُقِر قانون مخاصمة القضاء، فهذا يعني أن سمعة العدالة مقدّمة على سمعة القضاة، وإذا رُفِض القانون بعد رده كما يثار، فإن سمعة القضاة ستكون أهم لدينا من سمعة العدالة.

عبدالهادي الجميل

تلقينا بأسف وألم خبر محاولة أحد طلبة كلية الطب من الكويتيين البدون الانتحار بعد أن ضاقت به سبل الحياة، وتأتي هذه المحاولة بعد سلسلة طويلة من حالات الانتحار التي اضطر لها بعض الكويتيين البدون بعد تردي أوضاعهم وتنامي شعور الغبن والإحباط والإذلال وانسداد أفق وجود حل إنساني وعادل، وذلك في ظل الاجراءات التعسفية والنظرة العنصرية المقيتة للقائمين على الجهاز المفترض أنه معني بمعالجة قضيتهم.

وتأتي هذه المحاولة الآن لتطال أحد الدارسين في كلية الطب كإشارة واضحه للظلم الذي يتعرض له الكويتيون البدون حتى من حَمَلَة الشهادات والدارسين في التخصصات المهمة، حيث يكافح العشرات وربما المئات من الأطباء الكويتيين البدون في الصفوف الأمامية ويقدمون كل جهدهم لمساعدة المنظومة الطبية في الوقت الذي ترفض وزارة الصحة بكل تعنت توظيفهم وتعيينهم.

لقد سبق للحركة التقدمية الكويتية أن أوضحت مراراً وتكراراً إن قضية الكويتيين البدون لم تنشأ من فراغ، وهي ليست قضية طارئة، وإنما هي نتيجة لسياسات الحكومات المتعاقبة ومماطلتها في حلها لعقود طويلة، وتأتي الآن سياسة الحكومة الحالية وتوجهات مجلس الأمة القائم لتزيد الطين بلّة وتفاقم الأمر تعقيداً، خصوصاً أنها مبنية على مواصلة الضغوط وأوهام شراء الجنسيات من دول أخرى والترحيل الجماعي، وهي انتهاكات صريحة لحقوق الإنسان لا يمكن القبول بها في عالم اليوم.

وعليه نطالب الحكومة ممثلةً بوزارة الصحة بسرعة تعيين جميع الأطباء من الكويتيين البدون لا من باب استغلال تخصصاتهم في هذا الوقت الحرج، بل من باب أن تعيينهم حق إنساني لا بُد منه.

الكويت في ٢٣ يونيو ٢٠٢٠

دخل حيز التنفيذ خلال الأيام الأخيرة الماضية ما يسمى "قانون قيصر"، الذي يفرض عقوبات اقتصادية وتجارية ومالية أميركية جديدة على سورية، وذلك تحت ذريعة حماية المدنيين السوريين، وما يهمنا هنا هو التأكيد على ما كشفته التجارب المأساوية للعقوبات الأميركية، سواء تلك العقوبات التي فرضت سابقاً على العراق أو المفروضة الآن على إيران أو فنزويلا، من عواقب مدمرة ونتائج خطيرة تثبت أن شعوب هذه البلدان هي المتضرر الأول والرئيسي من مثل هذه العقوبات.
وهذا ما ينطبق الآن على الشعب السوري الشقيق، الذي ستزداد معاناته جراء العقوبات الجديدة، وسيتفاقم عوزه وحرمانه ويشتد تدهور أوضاعه المعيشية أكثر فأكثر، خصوصاً مع انخفاض سعر الليرة السورية وارتفاع أسعار المواد الأساسية والتأثير السلبي المباشر للعقوبات الأخيرة على قطاعي الطاقة والبناء، بما يفضح حقيقة الادعاء الأميركي المتهافت بأن "قانون قيصر" إنما يهدف إلى حماية المدنيين السوريين.
ومن هنا فإننا في الحركة التقدمية الكويتية نرفض من حيث المبدأ استخدام سلاح العقوبات الاقتصادية والتجارية والمالية، الذي استسهلت الولايات المتحدة الأميركية اللجوء إليه في تعاملها مع العديد من بلدان العالم، بعد أن أصبح من الصعب عليها استخدام السلاح بمعناه الحرفي المباشر عبر شن الحروب لفرض سطوتها الإمبريالية.
وختاماً، فإننا في الحركة التقدمية الكويتية في الوقت الذي نطالب فيه بإلغاء هذه القانون الجائر، فإننا نكرر ما أعلناه سابقا بشأن تأييدنا للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية يضمن الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية لكل الشعب السوري في إطار دولة مدنية ديمقراطية، وما يتطلبة ذلك بالضرورة من وقف كافة أشكال التدخل الخارجي في شؤون سورية ودحر القوى الإرهابية.

الكويت في 20 يونيو 2020

بعيداً عن لعبة بعض الاستجوابات النيابية السمجة ودوافعها وصلتها بالخلافات البينية داخل أطراف السلطة والحلف الطبقي المسيطر، فإن ما يعنينا هو التوقف أمام ما تكشّف من توجهات خطرة لدى مجلس الوزراء لاعتماد مذكرة وزارة المالية التي تحمل عنوان "الإصلاحات ومقترحات تمويل الميزانية"، وسبق أن قرر مجلس الوزراء في جلسته بتاريخ ٤ يونيو ٢٠٢٠ تكليف الجهات المعنية بإنجاز تقرير بشأنها لاعتماده خلال اسبوعين، أي خلال هذه الأيام القليلة، ذلك أن هذه الإصلاحات المزعومة ومقترحات تمويل الميزانية المطروحة إنما تهدف بالأساس إلى تحميل الفئات الشعبية من عمال وموظفين ومتقاعدين ومواطنين من أصحاب الدخول المتدنية والطبقة الوسطى العبء الأكبر في معالجة عجز الميزانية وما يسمى الإصلاح المالي، وذلك على حساب مكتسباتهم وحقوقهم ومستوى معيشتهم، وهذا ما يتضح في المقترحات المطروحة، وأبرزها:
١- إعداد مشروع قانون في شأن ضريبة القيمة المضافة، وهي ضريبة غير عادلة اجتماعياً سيدفعها المستهلك زيادة على فاتورة الشراء بغض النظر عن مستوى دخله.
٢- إعداد مشروع قانون يسمح للحكومة بزيادة أسعار الرسوم والخدمات، واستحداث رسوم جديدة، وذلك عبر تعديل القانون رقم ٧٩ لسنة ١٩٩٥ الذي يمنع الحكومة من زيادة أسعار الرسوم والخدمات الحالية إلا بقانون، لأن الحكومة تريد إطلاق يدها عبر المراسيم والقرارات الوزارية لزيادة الرسوم وأسعار الخدمات وفرض رسوم جديدة، وتقدّر تكلفة هذه الزيادات على الناس بقيمة مليار و٢٠٠ مليون دينار.
٣- تحميل الموظف زيادة قسط التأمينات بنسبة ٥٪ جديدة مقابل خفض قسط الحكومة بهذه النسبة، وقيمة هذه النسبة تصل إلى مئة مليون دينار.
٤- رفع رسوم استهلاك الكهرباء والماء من دون استثناء السكن الخاص للمواطنين لتحصيل مبلغ ٥٠٠ مليون دينار إضافي من المواطنين.
٥- خفض عدد الطلبة المبتعثين إلى الخارج، وزيادة المعدل المطلوب للابتعاث.
٦- حرمان موظفي الحكومة والهيئات والمؤسسات والشركات التابعة للحكومة من الزيادات والترقيات السنوية.
وهذا انتقاص صارخ من مكتسبات اجتماعية وحقوق وظيفية وزيادة في تكاليف المعيشة ستتحملها الفئات الشعبية والطبقة الوسطى، بينما نجد في المقابل فإن الحكومة تذر الرماد في عيون الشعب عندما تطرح مقترحاً يتيماً ومخففاً يتصل بطبقة كبار الرأسماليين، يتمثّل في فرض ضريبة بنسبة ٥٪ فقط على صافي أرباح الشركات والمؤسسات الخاصة، ليس على الدخل، وهذه الضريبة المخففة ليست كما تحاول الحكومة ايهام الناس بها على أنها الضريبة التصاعدية على الدخول الكبيرة للشركات والأثرياء والمضاربين التي هي الضريبة المستحقة لتمويل الميزانية العامة للدولة.

إننا في الحركة التقدمية الكويتية نعلن رفضنا لهذه المقترحات الحكومية المنحازة ضد الفئات الشعبية والطبقة الوسطى، ونكرر موقفنا الواضح والمعلن بأن خفض الإنفاق الحكومي وزيادة مصادر تمويل الميزانية أمور مستحقة ولكن عبر معالجات وحلول توقف أولاً الهدر والتنفيع والفساد والحد من المبالغة في تسعير المناقصات والعقود الحكومية وضبط الأوامر التغييرية…وتحمّل ثانياً القطاع الخاص مسؤولياته الاجتماعية في توفير فرص عمل مناسبة للمواطنين، والمساهمة في تمويل الميزانية العامة للدولة عبر فرض ضرائب تصاعدية جدية على الدخول الكبيرة للأثرياء والبنوك والشركات الرأسمالية الكبرى المساهمة والخاصة وعلى المضاربين في العقار والأسهم.

الكويت في ١٨ يونيو ٢٠٢٠

المعلومات المتواترة من داخل المناطق المعزولة لأسباب صحية في المهبولة وجليب الشيوخ وحولي وميدان حولي وبعض قطع خيطان والفروانية وكذلك في المناطق التي يتركز بها الكويتيون البدون تشير بوضوح إلى ما تعانيه غالبية سكانها، خصوصاً من العمال وعائلات المقيمين والمهمشين، من حرمان وضائقة معيشية، بل وصلت حد الجوع بما تعنيه الكلمة من معنى، وجاءت مقاطع الفيديو المؤلمة والصور التي نشرتها الصحف عن التدافع الرهيب للحصول على مساعدات الهلال الأحمر في حولي قبل يومين لتبرز بالملموس مدى خطورة الوضع الإنساني هناك، هذا بالإضافة إلى معاناة الكويتيين البدون في بقية المناطق من انقطاع للرواتب وإثقال كاهلهم بالإيجارات وصعوبة الحصول على مقومات المعيشة الأساسية.

ونحن في الحركة التقدمية الكويتية في الوقت الذي نتفهم فيه الإجراءات الوقائية المتخذة، إلا أننا ننبه إلى أن الجهات المسؤولة في الدولة لم تراع عواقب وتبعات هذه الإجراءات على الحياة اليومية للناس هناك، ولم توفر المتطلبات الأساسية لمعيشتهم، وهو أمر لا يمكن السكوت عنه ولا القبول به.

ونطالب باتخاذ تدابير عاجلة وملموسة للتخفيف من هذه المعاناة، وتقديم يد العون الإنساني إلى هؤلاء المحرومين والمحتاجين الذين لا تتوافر لديهم موارد مالية منذ أكثر من ثلاثة أشهر، ولا يمتلكون في مساكنهم مخزوناً غذائياً ولا وسائل حفظ وتبريد، ويعانون من شظف العيش، وليس هناك مَنْ ينقل معاناتهم ويعبّر عن مطالبهم في توفير الحدود الدنيا من متطلبات الحياة الكريمة، مع تأكيدنا على معالجة الوضع الصعب الذي يعيشه الكويتيون البدون ممن يعانون الأمرين منذ سنوات وجاءت الجائحة لتزيد معاناتهم.

ختاماً،فإننا نحمّل الحكومة المسؤولية الأولى عن هذه الأوضاع المأساوية وواجب المبادرة سريعاً للتخفيف منها ومعالجتها.

الكويت في ١٥ يونيو ٢٠٢٠

صدركتاب: من حزب اتحاد الشعب إلى الحركة التقدمية الكويتية: مَنْ نحن؟... وماذا نريد؟/ أحمد الديين يضم الكتاب توثيقاً موجزاً لمسيرة حزب اتحاد الشعب منذ ١٩٧٥ وامتداده الحركة التقدمية الكويتية، وأهداف الحركة ومواقفها تجاه العديد من القضايا... كما يتضمن الكتاب ملحقاً للصور

من حزب اتحاد الشعب إلى الحركة التقدمية الكويتيةتنزيل

باسمي ونيابة عن رفيقاتي ورفاقي أعضاء الحركة التقدمية الكويتية نرحب بأعضاء البعثة الطبية الكوبية الذين وصلوا إلى البلاد مساء هذا اليوم للمساهمة إلى جانب زملائهم في الكويت لمواجهة جائحة كورونا وبالأخص في مجال العناية المركزة لعلاج الحالات الشديدة والحرجة المصابة بفيروس كوفيد-١٩.

ونحن نحيي هذه المساهمة رغم الحصار المفروض من الولايات المتحدة الأميركية على كوبا التي طوّرت خدماتها الطبية وبالأخص في مكافحة الأوبئة والوقاية منها وشكلت طواقم من الأطباء والممرضين المتدربين على التعامل مع الأزمات والكوارث الصحية في الحروب والأوبئة لترسلهم عند الحاجة لمختلف دول العالم.

ونرى أن وجود هذه البعثة الطبية الكوبية المكونة من قرابة الثلاثمئة طبيب وممرض في بلادنا ينطلق من التضامن الأممي في مواجهة الكوارث، ولا أكثر من جائحة كورونا في هذه الأيام دافعاً لمثل هذه المساهمة المُقدّرة، وفي هذا السياق فنحن نقدّر الموقف الكويتي المنفتح على الصديقة كوبا ونتمنى تطوير هذا الانفتاح إلى ما فيه مصلحة الشعبين الصديقين الكويتي والكوبي.

د. فواز فرحان
أمين اللجنة المركزية
للحركة التقدمية الكويتية

الجمعة
٥ يونيو/حزيران ٢٠٢٠م

باهتمام وقلق اطلعت الحركة التقدمية الكويتية على البيان الصادر عن اجتماع مجلس الوزراء اليوم ٤ يونيو ٢٠٢٠ الذي تضمن توجهاً نحو تقليص بنود الإنفاق في الميزانية العامة للدولة بنسبة ٢٠ في المئة بحد أدنى، وإعادة دراسة السلع والخدمات العامة والرسوم، وما ينطوي عليه هذا التوجه الحكومي من تخفيض لبنود الإنفاق الاجتماعي الضرورية، وخفض الدعوم، وزيادة أسعار السلع والخدمات التي تقدمها الجهات الحكومية من كهرباء وماء ووقود، ما سيؤدي بالضرورة إلى المساس بالمستوى العام للمعيشة، خصوصاً للعمال وصغار الموظفين والمتقاعدين وأصحاب الدخول المتدنية والمهمشين من الكويتيين والكويتيين البدون والعمال المقيمين، بل أنها تمس مستوى معيشة "الطبقة الوسطى"، ما يعني إلقاء عبء عجز الميزانية على كاهلها.
وإذا كنا نتفهم العجز المتنامي في الميزانية العامة للدولة وتآكل الاحتياطي العام للدولة، فإننا ندرك في الوقت نفسه أن هاتين المشكلتين لا تعودان فقط إلى انخفاض أسعار النفط، على الرغم من أهميته، ولكنهما تعودان بالأساس إلى الطبيعية الريعية للنهج الاقتصادي والسياسات الاقتصادية المتبعة، وتعودان إلى سوء الإدارة المالية للدولة، وكذلك إلى الهدر والتنفيع والفساد في تسعير المناقصات وعقود الشراء الحكومية، وإلى المبالغة والانفلات فيما يسمى الأوامر التغييرية عليها بهدف تنفيع كبار المقاولين والموردين، ناهيك عن النهب المنظم الذي تعرضت له مقدرات الدولة واحتياطياتها واستثماراتها والاستيلاء المبرمج على أملاكها العامة بأبخس الأسعار وبدلات الايجار الرمزية، كما يعود عجز الميزانية العامة للدولة إلى عدم قيام القطاع الخاص بوظيفته الاجتماعية في توفير فرص عمل مناسبة للعمالة الوطنية للتخفيف من أعباء التوظيف الحكومي، وعدم فرض الضرائب التصاعدية على الدخول الكبيرة للأثرياء وكبار الرأسماليين والمضاربين العقاريين والماليين للمساهمة في تمويل الميزانية، مثلما هي الحال في معظم بلدان العالم بما فيها الدول الرأسمالية… فهذه هي الأسباب الحقيقية لعجز الميزانية ولتآكل الاحتياطي، وهي التي يجب علاجها والحد منها، بدل التوجه نحو خفض بنود الإنفاق الاجتماعي وخفض الدعوم وزيادة الرسوم على الخدمات العامة ورفع أسعار السلع.
إن خفض الإنفاق الحكومي وزياد مصادر تمويل الميزانية أمور مستحقة ولكن هذا لا يجب أن يتم عن طريق سياسات وقرارات منحازة طبقياً لمصلحة كبار الرأسماليين بتجاهل ما يفترض تحميلهم اياه من التزامات مقابل ما يحصلون عليه من مكاسب ومنافع وعوائد وفوائد وأرباح وريوع لا حد لها ولا طائل وآخرها شمول كبار الرأسماليين بدعوم وتسهيلات وقروض التحفيز الاقتصادي بحجة جائحة كورونا تحت مسمى الوحدات الاقتصادية بعد أن كانت مقتصرة على الشركات الصغيرة والمتوسطة والمنتجة فقط وفق القرارات الحكومية الأولى التي تغيرت، وفي المقابل تصر الحكومة على إلقاء تبعات ذلك على الفئات الشعبية خصوصاً في وقت الأزمات، وهذا ما هو واضح من توجه مجلس الوزراء وفق بيانه الصادر اليوم، بل هو ما اعتدناه من نهج اقتصادي حكومي منحاز طبقياً لصالح القلة الرأسمالية المنتفعة على حساب الغالبية الساحقة من الناس البسطاء.

الكويت في ٤ يونيو ٢٠٢٠

تُعَدْ مسيرة دولة الكويت حافلة بالأحداث بعد الاستقلال، فقد مرت بالعديد من المنعطفات التاريخية المفصلية التي ألقت بظلالها على كيان الدولة و تاريخها، والتي بدورها كان لها الكثير من الآثار و الانعكاسات سواء المباشرة منها وغير المباشرة على مسيرة الدولة وتقدمها، وكان طوق النجاة دائما بعد الله سبحانه وتعالى من خلال التمسك بأساس الشرعية دستور عام ١٩٦٢ الذي يمثل العقد بين الشعب وأسرة الحكم.


وعلى الرغم من أن الكويت تعيش اليوم أزمة كبرى ومختلفة، أزمة شملت جميع دول العالم بلا استثناء وهي أزمة وباء فيروس كورونا، فإن المواطنون الكويتيون اثبتوا قدرتهم على مواجهة الأحداث بصفوف متراصة وبولاء وطني مميز وبوعي كامل، وأكدوا من خلال هذه الأزمة أنهم الحامي الأول والأساس لوطنهم بعد الله سبحانه وتعالى، فقد تصدوا بكل مسئولية ووطنية وبسالة للذود عن وطنهم، وتصدروا الصفوف الأولى من عاملين ومتطوعين لمواجهة انتشار هذا الوباء رغم جسامة المخاطر.

وقد كشفت أزمة وباء كورونا مدى استشراء الفساد وقواه في مختلف قطاعات الدولة و مؤسساتها، وتبين للجميع ضعف الاستعداد وسوء التخطيط ، وظهر جلياً الارتباك الحكومي، وتصاعَدَ التذمر الشعبي من هول قصور الأداء الحكومي رغم ضخامة إمكانيات الدولة وملاءتها.

إن الوعي بالمتغيرات مسألة وجود ومصير عند المنعطفات المفصلية، مما يوجب تقديم الغايات على الوسائل، وأن تكون الأولوية للإستراتيجي على حساب المرحلي، فلا تشغلنا التفاصيل عن الجوهر، ولا ننصرف إلى أعراض المرض بدل أن نعالج العلة، ولا ننشغل بمحاكمة الماضي عن التخطيط للمستقبل.

إن الكويت ومنذ سنوات، ترزح تحت نفوذ ووطأة الفساد المتفشي حتى تجذرت أعماقه، فتراجع الوضع العام وساءت الأحوال المعيشية وارتفعت نسب البطالة، وهيمن الفساد بأركانه فإختل الاقتصاد الوطني، وتفكك تجانس المجتمع، وتدهور النظام التعليمي والصحي، وإمتدت يَدُ العبث إلى المال العام واستباحته بشكل ممنهج وغير مسبوق، مما أدى إلى تراجع خطير لموقع الكويت في العديد من المؤشرات المتخصصة، وبالذات ترتيبها في مؤشر مدركات الفساد العالمي.

كما شهدت الكويت أيضا تراجعاً كبيراً في الحريات العامة وتجاوزاً على حقوق الإنسان، فتزايدت أعداد المدانين بأحكام قضائية لرأي أوانتقاد أوموقف سياسي، بسبب صدور تشريعات وقوانين في فترة الحراك السياسي الشعبي في السنوات السابقة، كانت موجهة بانتقائية لتصفية الخصوم وتقييد الحريات!

الأمر الذي حدا بنا جميعاً لإقرار هذا البرنامج الوطني للإصلاح ليجتمع عليه الشعب الكويتي و قواه السياسية، لإيقاف هذا التراجع ولصد هذا التدهور، وليكون قائماً على المحاور التالية:


1. إن دستور ١٩٦٢ لا يزال يمثل أرضية صالحة للحياة العامة في البلاد، ويجب العمل على عدم انتهاكه ووقف محاولات إفراغه من الحد الأدنى المتوافر فيه من المضامين الديمقراطية، ورفض أي محاولات تستهدف المساس بما نص عليه من حريات وحقوق ومكتسبات شعبية واجتماعية وديمقراطية، مع السعي لتطويرها وتعميقها.

2. تعزيز مفاهيم الوحدة الوطنية وحقوق الانسان وفي مقدمة ذلك إنهاء مشكلة البدون في الكويت بشكل نهائي يعطي كل ذي حق حقه و نبذ وتجريم خطاب الكراهية والإقصاء واحترام الرأي والرأي الآخر، والإقرار بأن مكونات المجتمع متنوعة والتأكيد على احترام هذا التنوع والتعامل معه كحقيقة واقعة.

3. إصدار عفو شامل عن كل قضايا الرأي والحريات وعودة أبناء الكويت المهجرين والمنفيين، وإعادة الجناسي التي سُحِبَتْ من المواطنين من دون حكم قضائي نهائي.

4. تعديل قانون الانتخاب الحالي نحو آخر يدفع باتجاه العمل السياسي المنظم وفق القوائم الانتخابية النسبية، بما يقضي على كافة السلبيات الموجودة، وذلك عبر تشكيل لجنة مشتركة من فعاليات المجتمع لصياغته، وإنشاء الهيئة المستقلة للإنتخابات.

5. دعم وتطوير العمل السياسي بما يسمح بتأسيس وإشهار الهيئات السياسية، وتعديل القوانين الخاصة بمؤسسات المجتمع المدني، لتتحول من واجهات شكلية خاملة إلى واجهات عمل، تحمل قضايا المجتمع وتدافع عنه.

6. إصلاح الاختلال الخطير في التركيبة السكانية بما يحفظ الأمن والاستقرار المجتمعي، والاعتماد على العنصر البشري الكويتي بتفعيل نظام تكويت الوظائف، وضبط عملية استقدام العاملة من الخارج إلا للضرورة، وعدم إستغلالها وحماية حقوقها، وفق معايير العمل الدولية ومحاربة الاتجار بالبشر.

7. أن يكون تشكيل السلطة التنفيذية قائم على برنامج تنموي واضح، وأن يكون اختيار الوزراء وفقاً لهذا البرنامج، وبأغلبية برلمانية تعكس القناعة بالمشاركة الشعبية بالقرار السياسي، كما وردَ بالدستور.

الكويت 28 مايو 2020

المنبر الديمقراطي الكويتي
الحركة التقدمية الكويتية
حركة العمل الشعبي – حشد
الحركة الديمقراطية المدنية – حدم
التيار العروبي
الحركة الشعبية الكويتية
الحركة الدستورية الإسلامية – حدس
الحركة الليبرالية الكويتية
تجمع الميثاق
تجمع راية الشعب

سؤال يشغل بال السياسيين والمحللين اليوم، الذين يجمعون على أن انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19)، الذي أصاب نحو خمسة ملايين إنسان وأودى بحياة أكثر من 310000 إنسان إلى الآن على امتداد المعمورة، وتسبب في أزمة اقتصادية كبيرة، لا بد وأن تكون له تداعيات على الصعد كافة، لعلها  تجعل عالم ما بعد كورونا مختلفاً عن العالم الذي عرفناه قبله.

فهل سيكون عالم ما بعد كورونا أكثر تضامناً على الصعيد الإنساني، وأكثر اعتناءً بالبيئة وأكثر مسؤولية، أو سيكون إعادة إنتاج للعالم الذي كان قبل كورونا؟

كوفيد 19 فصل جديد من فصول تاريخ الأوبئة 

لقد أعاد فيروس كوفيد 19  الذي انتشر في كانون الأول/ديسمبر 2019 انطلاقاً من إحدى مقاطعات الصين، ثم تحوّل إلى جائحة عالمية، إلى الذاكرة جائحة الأنفلونزا الإسبانية التي قتلت نحو 50 مليوناً ما بين 1918 و 1919، وخصوصاً من الرجال الذين كانوا في سن ما بين 20 و 40 عاماً. فبعد موجة أولى للجائحة  في ربيع سنة 1918، حدثت موجة جديدة أكثر فتكاً في خريف ذلك العام. وسهلت وضعية الحرب العالمية الأولى، التي عرفت  تنقلات مستمرة للوحدات العسكرية، والأسرى، والمهاجرين، انتشار الجائحة في البلدان المتحاربة. وبحسب الدكتوره آن رازموسن، المؤرخة ومديرة مركز ألكسندر كويري، فإن الأنفلونزا الإسبانية سبقتها  جائحة أنفلونزا انتشرت في سنتَي 1889-1890، أي في قلب الثورة الصناعية، عندما كان التنقل بين الشعوب يتعاظم بصورة كبيرة، وقيل آنذاك إن "الأنفلونزا قد استقلت القطار"، إذ هي انتشرت في أوروبا انطلاقاً من روسيا. وكانت أوروبا قد عرفت بعد طاعون القرون الوسطى الحمى الصفراء في سنة 1822، والكوليرا في سنة 1832، لكن حدث انعطاف مع ثورة وسائط النقل، إذ صار السكان ينتقلون بسرعة أكبر، والجائحة تنتشر على نطاق أوسع. وتضيف المؤرخة  أنه "بعد القضاء على الجدري، اعتقدنا، في أواخر السبعينيات، أنه تم القضاء على الأمراض المعدية. لكن منذ مطلع الثمانينيات، ومع انتشار الفيروس المسبب للإيدز، أصبنا بخيبة أمل، إذ وجدنا أنفسنا، بعد القضاء على أمراض قديمة جداً، في مواجهة أمراض جديدة".

ورداً عن سؤال حول مدى ارتباط هذه الأمراض الجديدة بالتزايد السكاني السريع على مستوى العالم في العقود الأخيرة، تجيب الدكتوره رازموسن: "إن سارس-كوف-2  (كورونا)  ظهر في الصين في كانون الأول 2019، وأعقب ميرس- كوف الذي ظهر في المملكة العربية السعودية سنة 2012، والذي هو نفسه  أعقب  سارس-كوف-1 الذي برزت حالاته الأولى في الصين في سنة 2002. وقبل ذلك، أصيب العالم بالهلع نتيجة انتشار إيبولا انطلاقاً من أفريقيا، ولا أعرف إذا كانت هذه الفيروسات الجديدة مرتبطة بتعاظم أعداد سكان العالم، ولعلها تكون مرتبطة أكثر بأنماط حياتنا. فبعض الخبراء يشير إلى الانقلابات المناخية، مثل ظاهرة  إزالة الغابات، وهو ما يحرم الحيوانات المتوحشة من مكان عيشها الطبيعي، ويقربّها من الكائنات البشرية، ما يسهل بالتالي انتقال الفيروسات عبر الكائنات الحية. وهذا احتمال وارد. ويجب الإشارة إلى أن عدد الفيروسات على سطح كوكبنا هائل، فهو يقترب من 1 متبوعاً بـ 31 صفراً". وإذ تعبّر رازموسن عن تفاؤلها بإمكانية إيجاد لقاح لفيروس كورونا، مقدّرة أن اللقاحات أنقذت الناس من أمراض بيّن التاريخ كم كانت رهيبة، فهي ترى أن هذا الفيروس انتشر بسرعة استثنائية، نتيجة تكاثر السفريات والتبادلات التي تتخذ  الطائرة وسيلة نقل، ولكونه غير معروف تماماً إلى الآن (1).

تداعيات الجائحة على الصعد كافة

لقد ترافقت الأوبئة دائماً بأزمات اقتصادية، وقادت، منذ ألف عام، إلى تغييرات جوهرية في تنظيم الأمم السياسي، وفي الثقافة التي يستند  إليها هذا التنظيم. فطاعون القرن الرابع عشر، ساهم في إعادة النظر في أوروبا في المكانة السياسة التي كان يحتلها الدين وفي إقامة أجهزة الشرطة، بوصفها الشكل الوحيد لحماية حياة الناس. وكانت ولادة الدولة الحديثة والعقلية العلمية نتيجة لتلك الكارثة الصحية التي سببها الطاعون، فأعيد النظر في سلطة الكنيسة، الدينية والسياسية، العاجزة عن إنقاذ حياة الناس، وحل الشرطي محل الكاهن. وحصل الأمر نفسه في نهاية القرن الثامن عشر عندما حل الطبيب محل الشرطي بوصفه المنقذ الأفضل من الموت.

فهل سنشهد عندما يتم القضاء على كوفيد 19 ولادة  شرعية جديدة للسلطة السياسية، بحيث تؤول  هذه السلطة إلى اولئك الذين يظهرون إحساساً أكبر بالآخرين؟. وهل ستحتل مكانة مهمة في الحياة الاقتصادية القطاعات المرتبطة بالصحة، والتغذية، والتعليم والبيئة؟. وهل ستتغير عادات الناس بحيث لا يشترون سوى الحاجات النافعة، ويسعون للاستفادة بصورة أفضل من أوقات فراغهم؟ أم أن الأمور ستعود إلى ما كانت عليه قبل انتشار هذه الجائحة؟.

لقد تسببت جائحة كورونا  بأزمة لا سابق لها منذ أزمة الكساد الكبير في سنة 1929، كما تسببت  في إغلاق الحدود، ووضع  تقييدات صارمة على السفر إلى الخارج، وأوقفت حركة الهجرة، وحدت من حرية وسائل الإعلام لمنع انتشار الإشاعات والأخبار الكاذبة. وتمّ في العديد من دول العالم فرض الحجر المنزلي الذي قلص بشدة النشاط الاقتصادي، وهو ما ضغط على العمالة والمداخيل والوضعية المالية للشركات، وأصيبت قطاعات التجارة والمطاعم والسياحة والبناء بوجه خاص بخسائر كبيرة. ومن الاقتصاد الواقعي انتقلت الأزمة إلى الأسواق المالية، وأعلنت العديد من الشركات  إفلاسها، وبرزت صعوبات توريد المنتجات، وخصوصاً الطبية. وتأثرت كل القارات بالتباطؤ الذي شهده الاقتصاد الصيني، والذي بات واضحاً بالأرقام، إذ انخفض استهلاك الفحم بنسبة 38 % خلال شهر شباط الفائت مقارنة مع الشهر نفسه في السنة الماضية. وهذا التأثر لا يعود فقط  إلى أن الصين أصبحت هي "مشغّل الكوكب"، بل يعود أيضاً إلى أن سوقها الداخلي أصبح أحد محركات النمو العالمي. وعانى الأوروبيون ليس فقط من تراجع قطاع السياحة، الذي صار يعتمد اعتماداً كبيراً على السياح الصينيين،  وإنما أيضاَ من تراجع بعض صناعاتهم التصديرية. فالصين هي، على سبيل المثال، الزبون الأول لصناعة السيارات الألمانية. وعانت الولايات المتحدة، مثلها مثل غيرها وربما أكثر، من التداعيات السلبية لهذه الأزمة. فترامب لم يعد في يده ما يناور به لمعاظمة النمو الاقتصادي، إذ لم يعد في وسع  نظام الاحتياط الفيدرالي خفض معدلات الفائدة أكثر مما فعل. كما أن عجز الميزانية الأميركية هائل لدرجة لا يمكن زيادته. أما بخصوص معدلات البطالة، فلم تشهد الولايات المتحدة معدل بطالة كالذي باتت تعاني منه اليوم نتيجة الجائحة، إذ قارب حدود 15 %.

وبحسب منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، من المتوقع أن تنخفض نسبة النمو العالمي بمقدار نصف درجة نتيجة الجائحة، وهو انخفاض كبير، وقد يشهد العالم ركوداً اقتصادياً واسعاً إذا ما استمرت الأزمة الناجمة عنها.  

كيف سينعكس التعامل مع الجائحة على ظاهرة العولمة؟

بتأثيراتها الكبيرة على الاقتصاد وعالم المال على الصعيد العالمي، سلطت جائحة كورونا الضوء على أزمة جديدة لظاهرة العولمة، وخصوصاً بعد تصاعد الحديث عن  فك الارتباط بين الاقتصاد الصيني والاقتصاد الأميركي. وصار كثيرون يتساءلون عما إذا كانت هذه الجائحة ستطلق دينامية نزع العولمة؟

وبينما  يرى المحللون المتفائلون أن ما نشهده ما هو سوى أزمة عرضية، ويؤكدون أن  السارس سنة 2003 الذي انطلق من الصين لم يؤثر كثيراً على التجارة العالمية، يرد عليهم بعض  المحللين المتشائمين بالقول إن حجم تجارة الصين ضمن التجارة العالمية  كان في سنة 2003 5، 8 % بينما أصبح اليوم 20 % ، ناهيك عن أن فيروس كوفيد 19 انتشر بينما كانت أوضاع الاقتصاد العالمي هشة، إذ شهد النمو الاقتصادي العالمي  تباطؤاً في سنة 2019، وانخفض الإنتاج الصناعي في بعض البلدان مثل ألمانيا. وبين المتفائلين والمتشائمين، هناك من يعتقد أن عالم ما بعد كورونا سيعرف درجة ما من نزع العولمة الاقتصادية، إذ سيتم وقف الاعتماد على مورّد واحد أو اثنين لبعض المنتجات، وخصوصاً المنتجات الطبية والدوائية، كما سنشهد قيام بعض الدول، وخصوصاً الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية، بإنهاء تبعيتها لقوى إنتاجية بعيدة، والقيام بإرجاع مصانعها إلى مواطنها الأصلية، أو نقل جزء من عملياتها الإنتاجية إلى مناطق قريبة منها، وتتمتع بيد عاملة أرخص مثل بولونيا أو المغرب بالنسبة إلى  أوروبا. وبحسب استطلاع للرأي أجري في فرنسا، تبيّن أن 84 % من الفرنسيين يؤيدون  فكرة إعادة نقل أكبر قدر من فروع الشركات التي نقلت إلى آسيا إلى بلدهم. ويمكن أن نشهد إعادة تنظيم للعمل، بحيث تتمتع الفرق الإنتاجية باستقلالية أكبر، ويتعاظم  اللجوء أكثر إلى العمل عن بعد، وهو ما قد يزيد نسبة البطالة الجزئية أو الشاملة، ويتم استبعاد أولئك الذين لم يولدوا مع الاقتصاد الرقمي، وقد يتسارع التوجه نحو استخدام الإنسان الآلي والذكاء الاصطناعي.

وكانت الجائحة قد وفرت فرصة للدولة كي تبرز بوصفها المنقذ، إذ اضطرت الدولة والبنوك المركزية إلى صرف مليارات عدة لاستيعاب الصدمة التي واجهها الاقتصاد، وعادت الدولة مجبرة إلى الاضطلاع بأعباء الحماية الاجتماعية، عبر تقديم الدعم المالي للمؤسسات الإنتاجية المتعثرة  وصرف إعانات للعاطلين عن العمل، وهو دور ترافق مع تعزز دورها التسلطي، بمساعدة الشرطة والجيش، عبر إلزام المواطنين بالحجر المنزلي، وحظر التجول عليهم، في بعض الأحيان، وفرض رقابة واسعة على تحركاتهم، كما تبين من خلال قيام بعض الدول عبر أجهزتها الأمنية برصد تحركات السكان لمعرفة المصابين بالفيروس بينهم. 

وأثار الحجر المنزلي بعد فترة من فرضه في العديد من الدول جدلاً واسعاً بين الخبراء الذي اختلفوا في الرأي تبعاً لاختلاف مصالح الفئات الاجتماعية التي يمثلونها. فمنهم من دعا، دفاعاً عن مصالح أصحاب الشركات والتجار والمزارعين، إلى الخروج من الحجر بسرعة لأن الحفاظ على الاقتصاد يتطلب ذلك، ومنهم من أراد أن يتواصل الحجر، دفاعاً عن مصالح أصحاب الياقات البيضاء القادرين على العمل من منازلهم، والذين بقوا يتسلمون أجورهم بعيداً عن خطر انتقال العدوى إليهم. وهكذا خلق التعامل مع هذه الجائحة أشكالاً جديدة من اللامساواة. فأصحاب الياقات البيضاء باتوا يفضلون العمل الرقمي عن بعد، بينما لا يستطيع أصحاب الياقات الزرقاء اللجوء إلي هذا العمل. وصار الأطباء والممرضون يدفعون ثمناً غالياً مقارنة مع غيرهم من المهنيين. وتولد لدى الشباب انطباع بأنه يجري التضحية بمستقبلهم من أجل حماية كبار السن. وبيّن التدريس عن بعد أن اللجوء إلى الأنترنت ليس متاحاً لجميع الطلبة والتلامذة على المستوى نفسه.

واختلف تأثير الحجر الطويل على من يعيشون في بيوت كبيرة، تمتلك حدائق مشمسة، ومن يقطنون في بيوت صغيرة في أحياء المدن المكتظة. كما برز في بعض الدول اختلاف بين الأعراق والاثنيات؛ ففي الولايات المتحدة الأميركية، كانت نسبة الإصابات بالعدوى في الولايات  ذات الكثافة السكانية الواقعة  على جانبي المحيطين الأطلسي والهادي، والتي تضم  مدناً كبيرة تعيش فيها الأقليات الاتنية، أعلى بكثير من الولايات الداخلية التي تسكنها أغلبية من البيض،  صارت تطالب بعد فترة قصيرة برفع الحجر واستئناف الحياة الاقتصادية؛ ومن المعروف أن هذه الولايات الداخلية هي التي صوتت بكثافة لدونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. وأظهرت نتائج أبحاث عدة أن الأشخاص الذين فقدوا أعمالهم كانوا غالباً من الشباب والنساء الذين يكسبون أقل من غيرهم. وكان العمال المياومون هم أكثر من عانى من البطالة، إذ إن الحجر، والتوقف عن العمل، يعنيان أنهم لن يجدوا شيئاً ليأكلوه.

ومن ناحية أخرى، غالباً ما تتسبب الأوبئة في حدوث ردات فعل لاعقلانية من جانب الدول والشعوب، بحيث تنتشر مشاعر خوف سخيفة، ويتم البحث عن كبش فداء، ويتعاظم  العداء للأجانب، وهو ما حصل بعد انتشار عدوى كورونا، إذ شهدت بعض المدن الكبرى، مثل نيويورك وباريس، اعتداءات على مواطنين صينيين، وانتعشت خطابات مناهضة العولمة وتعزيز الحماية الوطنية. كما تسبب الحجر الطويل في زيادة المشادات العائلية وتصاعد ظاهرة استخدام العنف ضد النساء.

وتدل جميع هذه الظواهر على أننا قد نشهد بعد سنوات تغييراُ في طبيعة العولمة الاقتصادية، سينعكس على مستوى السلوكيات، بحيث تتراجع حركة السياحة الدولية، وتتقلص حركة السفر بغرض السياحة إلى مواقع بعيدة، وتنتعش، في المقابل، السياحة الداخلية بحيث يكتشف السواح بلدهم أو البلد المجاور له بصورة أفضل. كما سيلجأ الكوادر أكثر فأكثر إلى الفيدو كونفرنس بدلاً من القيام بزيارات عمل أو عقد مؤتمرات في بلدان أخرى، وستزداد نسبة الذين يفضلون قضاء مشترياتهم عبر الأنترنت، بحيث نشهد تعاظماً لظاهرة التجارة الرقمية وتوريد البضائع إلى المنازل. وقد يتحوّل التباعد الاجتماعي إلى ظاهرة قد تتواصل لفترة طويلة، تبعد الناس مثلاً عن المولات التجارية الكبيرة، أو تجعل التردد عليها مقتصراً على أولئك الذين لا يستطيعون شراء البضائع من مخازن تعرض بضائعها بأسعار أغلى (3).

هل ستؤدي جائحة كوفيد 19 إلى تسريع تحوّل العالم نحو آسيا؟

لقد بدت الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي عاجزتين عن إدارة الأزمة  الصحية بطريقة مناسبة، كما فعلت دول آسيوية، مثل الصين وكوريا الجنوبية واليابان، التي استخلصت الدروس من مواجهتها فيروس السارس في سنة 2003، فلجأت إلى التحاليل المخبرية وإلى استخدام الكمامات على نطاق واسع. بينما وجدت  مؤسسات الاتحاد الأوروبي نفسها عاجزة، لكونها لا تملك سلطات وكفاءات في ميدان الصحة، وراحت دول الاتحاد تعطي الأولوية لمصالحها الوطنية قبل البحث عن حد أدنى من التنسيق فيما بينها.

فهل هذا التباين في التعامل مع تداعيات الجائحة سيكون دليلاً جديداً على أن العالم سيتجه أكثر فأكثر نحو آسيا، كما يقدّر العديد من المحللين والمراقبين؟

الواقع، أن القدرات الإنتاجية انزاحت شيئاً فشيئاً نحو آسيا، ما جعل الصين بلداً لا يمكن إلا التعامل معه. فنصف الطاقات العالمية لإنتاج الصلب والمعلوماتية والالكترونيات تمتلكها الصين اليوم، فضلاً عن صناعات مثل النسيج. وهي تؤكد، منذ سنوات عشر، تطلعاتها الجيوسياسية، ووجهت "منظمة شنغهاي للتعاون"، التي تشكلت بعد انهيار الاتحاد السوفياتي لمعالجة قضايا أمنية، نحو الاهتمام بمسائل البنى التحتية، عبر طريق الحرير الشهير، ووحدّت حولها روسيا وعدة دول أوراسية وكذلك الباكستان والهند في سنة 2017. ومنذ سنة 2018، تعمل الصين للحد من ارتهانها للدولار، وهي تراهن على احتياطاتها الكبيرة من الذهب، إذ هي المنتج الأول عالمياً للذهب. وبحسب بعض التقديرات، تمتلك 14 ألف طناً من الذهب في مقابل 8 آلاف للولايات المتحدة الأميركية.

ومن المؤكد أن الصين ستظل، بعد هذه الجائحة، قوة عظمى اقتصادية، وسوقاً كبيرة، وعضواً دائماً في مجلس الأمن، وقوة عسكرية صاعدة في بيئتها الإقليمية. وهي لجأت، بغية تحسين صورتها خلال هذه الجائحة، إلى "دبلوماسية الكمامات"، فباتت من أبز الدول التي ترسل الكمامات والفرق الطبية إلى الدول المحتاجة؛ فهي أرسلت 250000 كمامة مع أطباء مختصين إلى إيران، وأرسلت أجهزة تحاليل لكشف العدوى إلى باكستان، وباعت إيطاليا بأسعار معقولة 10000 جهاز تنفس اصطناعي، و 20000 سترات واقية و 100000 كمامة، كما أرسلت 9 أطباء مختصين بمكافحة الوباء إلى روما.

ومع أن دولاً عدة صارت تريد الانفكاك عن تبعيتها الإنتاجية إزاء الصين، إلا أن إعادة توجيه العمليات الإنتاجية، وإرجاع المصانع أو فروعها التي نقلت إلى مواطنها الأصلية، قد يتسببان في ارتفاع أثمان المنتجات، وهو ما سيكون من الصعب على المستهلكين قبوله (4).

أي عالم ما بعد كورونا، وأي نسق اقتصادي؟

كانت المؤسسة الحاكمة في الولايات المتحدة الأميركية قد رأت، منذ فترة، في الصين التحدي الاقتصادي والعسكري الأكبر الذي ستواجهه خلال السنوات والعقود القادمة. ومنذ انتشار جائحة كورونا، سعت إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى تسييسها، وألقت على الصين مسؤولية الأزمة الصحية التي نشأت عن انتشار العدوى، وفرضت عليها معركة سياسية وتجارية  واسعة، الأمر الذي  جعل إدارة الأزمة الصحية أكثر تعقيداً على الصعيد الدولي، وخصوصاً بعد أن أوقفت إدارة ترامب مساهمتها في تمويل منظمة الصحة العالمية. 

فهل سنشهد في عالم ما بعد كورونا تصاعداً للتنافس الجيو سياسي واحتدماً للحرب التجارية، وخصوصاً بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، أم سنتجه نحو بناء مستقبل يتمحور حول القيم الإنسانية، ونحو قيام عالم متعدد الأقطاب يغلّب دوماً، في مواجهة التهديدات المشتركة، مبدأ التعاون الدولي، ويقوم  على زيادة الحس المدني، وحماية البيئة المحيطة، من خلال الاستمرار في  خفض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون على الصعيد العالمي، وخصوصاً بعد أن تسببت الجائحة، وما نجم عنها من تقليص النشاطات الاقتصادية وحركة التنقل، في  خفض نسبة التلوث في العالم بصورة كبيرة؟

ثم هل سنشهد على الصعيد الاقتصادي تغيّراً  للنسق الاقتصادي المسيطر، وخصوصاً بعد أن كشفت الأزمة التي نجمت عن الجائحة، مرة أخرى، مأزق هذا النسق القائم على الرأسمالية النيوليبرالية، وبيّنت العواقب الخطيرة  التي تنجم عن  تراجع الدولة عن الاضطلاع بمسوؤلياتها على صعيد الرعاية الاجتماعية، وعن سياسات التقشف والتقليصات في الميزانية المخصصة للخدمات العامة التي انتهجتها، وعن الهدايا الضريبية التي قدمتها للشركات الكبيرة وللفئات الاجتماعية الأكثر غنى، وعن تعاملها مع المستشفيات بوصفها شركات تخضع لقوانين السوق؟ .

فهل سيحدث التغيير هذه المرة، أم سيسود الإحباط من إمكانيات التغيير من جديد كما ساد في أعقاب أزمة  سنة 2008-2009 التي بدأت مالية، تسبب فيها جشع وقصر نظر البنوك، ثم  أفضت إلى أزمة اقتصادية تسببت بأضرار اجتماعية؟

لقد سلطت ازمة 2008  الضوء على الضعف البنيوي للرأسمالية النيوليبرالية، وظهرت دراسات عدة  تشكك بقوة بجدوى النسق الاقتصادي القائم على هذه الرأسمالية، وأعطت وسائل الإعلام أهمية مبالغاً فيها لحركات اجتماعية عبّرت عن احتجاجها على استمرار هيمنة هذا النسق، مثل حركة "احتلوا" التي انطلقت سنة 2011 بحركة لاحتلال وول ستريت ثم توسعت لتشمل عدداً من الدول الغربية. بيد أن ميكانيزمات الرأسمالية المالية نجحت، عقب تلك الأزمة، في خنق جميع  دعوات الإصلاح، ونقلت أشكال اللامساواة إلى مستويات لا سابق لها؛ فقدمت البنوك المركزية مساعدات هائلة كي تنقذ الاقتصاد العالمي ثم تنعشه فيما بعد، وأعادت بذلك إنتاج الاقتصاد الذي يغني الأكثر غنى ويفقر قسماً كبيراً من البشرية، ويقضي بصورة منتظمة على الأرض. وترافق ذلك كله مع  تصاعد نفوذ الشعبويين اليمينيين، الذين لا يهددون الرأسمالية بل الحريات العامة وحقوق المعارضة واستقلالية القضاء ووسائل الإعلام، والذين نجحوا في بعض الدول في استقطاب الشعوب الناقمة على النخب والخبراء والبيروقراطيين (5).

فهل سيتكرر غداً السيناريو نفسه، ونعود إلى ما كنا عليه قبل كورنا، أم سيتم اللجوء إلى أنماط إنتاج وتبادل مختلفة وإحداث تغيير جذري، يضمن إحياء دولة الرفاه، وعودة التركيز على الإنتاج الوطني، وعدم إخضاع الخدمات العامة، وخصوصاً القطاع الصحي، لقوانين السوق، وإعطاء الأولوية للسياسات  التي تسمح بالحد من أشكال اللامساواة، وبناء اقتصادات مستقرة ولو بمعدلات نمو أقل، وضبط الأنظمة المالية؟

إنها أسئلة سيجيب عنها المستقبل؟

ومع ذلك، يبقى أن الأمل كبير في أن تخلق هذه الجائحة وتداعياتها وعياً بالبعد الكوني للمخاطر، الصحية والمناخية، التي تواجهها البشرية التي باتت تقترب من 8 مليارات نسمة، بينما لم يكن تعداد سكان الأرض يتجاوز مليارين ونصف مليار نسمة في سنة 1950، وأن تفضي إلى تعزيز متطلبات التضامن الإنساني، وإلى خفض التوترات الدولية وتقليص نفقات التسلح، بما يوفر للناس حماية اجتماعية مناسبة.

٢٢ مايو ٢٠٢٠

موقع حزب الشعب الفلسطيني


1-https://lejournal.cnrs.fr/articles/lhumanite-a-toujours-vecu-avec-les-virus

2-https://www.franceculture.fr/politique/les-consequences-politiques-previsibles-de-la-crise-en-cours ; https://www.nouvelobs.com/coronavirus-de-wuhan/20200409.OBS27303/le-coronavirus-provoque-les-pires-consequences-economiques-depuis-1929-previent-le-fmi.html;

https://www.lemonde.fr/economie/article/2020/04/21/coronavirus-le-confinement-provoque-une-crise-sociale-mondiale_6037257_3234.html

3-GUY SORMAN, LE VIRUS DE LA DÉMONDIALISATION, HTTPS://FRANCE-AMERIQUE.COM/FR/THE-VIRUS-OF-DEGLOBALIZATION; SÉBASTIEN JEAN, L'ÉPIDÉMIE DE COVID-19 EST AUSSI UNE CRISE DE LA MONDIALISATION. BLOG DU CEPII, 10 MARS 2020. HTTP://WWW.CEPII.FR/BLOG/BI/POST.ASP?IDCOMMUNIQUE=790HTTPS://WWW.FRANCECULTURE.FR/EMISSIONS/LE-TOUR-DU-MONDE-DES-IDEES/LEPIDEMIE-VA-T-ELLE-PROVOQUER-LA-DEMONDIALISATIONHTTPS://WWW.FRANCECULTURE.FR/EMISSIONS/LINVITE-DES-MATINS/CORONAVIRUS-LA-MONDIALISATION-EST-ELLE-FRAGILE.
4-HTTPS://WWW.HUFFINGTONPOST.FR/ENTRY/COMMENT-LE-CORONAVIRUS-MET-A-LEPREUVE-LES-RELATIONS-DE-LA-CHINE-AVEC-LE-RESTE-DU-MONDE_FR_5E3940B9C5B66C4EAFD9B83D; HTTPS://WWW.LEMONDE.FR/IDEES/ARTICLE/2020/03/25/CHINE-ETATS-UNIS-LA-GUERRE-FROIDE-DU-CORONAVIRUS_6034305_3232.HTML; HTTPS://WWW.LALIBRE.BE/INTERNATIONAL/AMERIQUE/COMMENT-LE-CORONAVIRUS-A-ENCORE-UN-PEU-PLUS-INFECTE-LES-RELATIONS-ENTRE-PEKIN-ET-WASHINGTON-5E790C819978E22841396A3A

5- https://acteursdeleconomie.latribune.fr/dossier/debats/2020-03-30/covid-19-le-monde-d-apres-843811.htmlhttps://www.franceculture.fr/emissions/linvite-des-matins/coronavirus-crise-economique-ou-changement-de-modelehttps://www.lemonde.fr/idees/article/2020/04/07/coronavirus-les-lendemains-qui-chantent-ne-viendront-qu-apres-la-prise-de-conscience-du-vertige-de-la-crise_6035772_3232.html

أكد الأمين العام للحركة التقدمية الكويتية أحمد الديين، الحضور الواضح والأفق الواعد للحركة التقدمية في الحياة السياسية وكل القضايا التي تثار، مشيراً إلى أنه «في الظروف الراهنة في الكويت وبعد جائحة كورونا، بدأت تبرز جوانب إيجابية نلحظها على الناس إذ إن الحس الطبقي بدأ يتضح أكثر في أهمية بقاء القطاع الصحي بيد الدولة وعدم خصخصته ومجانية التطبيب وأهمية وجود القطاع التعاوني ورفض خصخصته ودوره في تأمين حياة الناس بالإضافة إلى التصدي لمحاولات كبار الرأسماليين في تمرير حزم تحفيزية لدعم القطاع الخاص وتم التصدي لها بقوة».
وتطرق الديين خلال مشاركته مع عدد من قادة الأحزاب الشيوعية والاشتراكية واليسارية العربية في ندوة تفاعلية عن بعد نظمتها الشبيبة الاشتراكية المغربية تحت عنوان: «قضايا الشعوب ورهانات اليسار»، مساء أول من أمس، إلى مستقبل عمل اليسار في دول الخليج، مضيفاً أن «العمل اليساري بصورة واضحة في الكويت والبحرين يعتمد على عوامل عدة من خلال ظرف صعب لكن في وقائع معينة»، مشيرا إلى أن «القضية الاجتماعية بدأت تبرز أكثر فأكثر والقضية الطبقية بدت واضحة أكثر وهذا عنصر نراهن عليه».
وذكر أن «دور البرجوازية الوطنية كدور قيادي في الحركة التحررية والوطنية ضعف وتراجع كثيراً وهذا يفسح المجال أمام دور لليسار في هذه القضية»، مردفاً أن «اليسار في الكويت والبحرين أصبح اليوم قادراً على مخاطبة الجمهور بصورة أكثر جدية وتأثيراً لذلك نجد في البحرين رفاقنا في المنبر التقدمي حازوا في الانتخابات الأخيرة على مقعدين بالإضافة إلى مقعد ثالث لكتلة تقدم».
وتابع: «في الكويت الحركة التقدمية الكويتية حضورها واضح في الحياة السياسية وكل القضايا التي تثار وبالتالي يعطينا فرصة»، مبينا أن «الأفق واعد لكن كذلك أمامنا تحديات كبيرة وواقع معقد وصعب يتمثل ليس في الجانب الديموقراطي من عدمه والهامش منه بل أيضا يتمثل في الاقتصاد والطبيعة الريعية والتخلف الاجتماعي لأن التحديث في مجتمعاتنا لم يستكمل بصورة كافية».
وأضاف، أن «اليسار في الكويت وتحديدا الشيوعيين برزوا منذ عام 1975 من خلال حزب اتحاد الشعب الكويتي وهو حزب شيوعي والحركة التقدمية الكويتية اليوم هي امتداده التاريخي»، مؤكدا أن «سبب وجود حزبنا ليس رغبة أفراد في أن يكون هناك حزب شيوعي وإنما وجود طبقة عاملة في البلد وحركة عمالية ونقابية وتاريخ نقابي واضطرابات للحركة العمالية وتطور الحركة الوطنية نفسها إلى جانب عجز البرجوازية عن قيادة مهام الإصلاح والتغيير والتحرر الوطني خصوصاً بعدما اندمج مع الحلف الطبقي المسيطر كلها أمور موضوعية أوجدت أساس الصراع الطبقي الدائر في مجتمعاتنا».
ورد الديين على مقولة أن المجتمعات الخليجية ثرية وغنية، بأن «النموذج الخليجي النفطي الآن يعاني أزمات جدية إذ بلغ العجز في ميزانية الكويت لهذا العام 2021/2020 والمقدرة قبل الجائحة بـ9 مليارات و200 مليون دينار أي ما يعادل 30 مليار دولار»، مبينا أن «هذا العجز في الميزانية والفرق بين الإيرادات والمصروفات وهناك تآكل للاحتياطي العام للدولة وانكشاف واضح في أسعار النفط في نمط الإنتاج الريعي والاعتماد على مورد وحيد ومتذبذب الأسعار بالإضافة إلى توزيع غير عادل للثروة».
وأوضح أن «أشكال المعاناة تتفاوت، فصحيح أن الرواتب تبدو نسبياً عالية بالنسبة للتحويلات خارج الكويت أو للسائح الكويتي عندما يسافر، لكن الأمر مختلف عندما تعيش في البلد».
وتابع: «لنفترض أن راتبك 1200 دينار بالمقابل إيجار الشقة السكنية اللائقة لا تقل عن 450 ديناراً شهرياً ما يشكل ثلث الأجر»، مشيراً إلى أن «عدد المواطنين الكويتيين مليون و350 ألف كويتي هناك 100 ألف أسرة إذا ما قلنا أن متوسط أفراد الأسرة 5 إلى 6، فإن 100 ألف أسرة لا تمتلك سكناً خاصاً ولا يمكنها ذلك لأن سعر العقار مرتفع ولا يمكن الحصول على سكن دون المليون دولار».
وأضاف، أنه «الآن تدور معركة جدية حول خصخصة الجمعيات التعاونية إذ إن القطاع التعاوني في الكويت سيطر على 70 في المئة من تجارة التجزئة ويعتبر هدفاً كبيراً للبرجوازية للاستيلاء عليه».

كتب: ناصر المحيسن في جريدة الراي اليومية الكويتية عدد يوم الأحد 24 مايو 2020

رحبت الحركة التقدمية الكويتية بقررات مجلس الوزراء اليوم بإحالة ما أثير عن تورط أطراف كويتية بجرائم غسيل أموال في فضيحة سرقة الصندوق السيادي الماليزي إلى الجهات الرقابية، إلا أن الحركة أبدت في الوقت نفسه مخاوفها من تكرار ما حدث مع الإحالات والبلاغات المتصلة بقضايا الفساد الكبرى من حيث انعدام الجدية في ملاحقة تلك القضايا وكشف المتورطين فيها ومحاكمتهم وإنزال العقوبات بحقهم.

وأهابت الحركة في بيان صحافي صدر عنها اليوم بالرأي العام الشعبي إلى أن يكون يقظاً تجاه أي محاولات للفلفة قضايا الفساد، مؤكدة أن الرأي العام الشعبي الحيّ والمتفاعل هو الضمانة الوحيدة التي يمكن الرهان عليها في مواجهة سطوة قوى الفساد ومراكز النفوذ والدولة العميقة التي ترعى الفساد والفاسدين.

وفيما يلي نص البيان:

منذ فترة تكشفت فضيحة فساد كبيرة في ماليزيا بعد ملاحقة رئيس وزرائها السابق نجيب عبدالرزاق وشريكه رجل الأعمال المشبوه جو لو في سرقة الصندوق السيادي الماليزي، وحينها دارت الشبهات والاتهامات حول تورط شخصيات كويتية نافذة في تلك الفضيحة وتوليها غسيل أموال عبر تأسيس مجموعة شركات في جزر القمر، وأثارت الصحافة الأجنبية معلومات عن محاولات استفسار رسمية متكررة أجرتها ماليزيا مع الجهات المعنية في الكويت من دون جدوى.
وخلال الأيام الأخيرة أصبحت الفضيحة، وتحديداً الجانب الذي يتصل بتورط شخصيات كويتية نافذة في جرائم غسيل الأموال المتصلة بسرقة الصندوق السيادي الماليزي محط اهتمام أكبر ليس في ماليزيا فحسب وإنما في دول أخرى وذلك على المستويات القضائية والدبلوماسية والإعلامية، بحيث لم يعد ممكناً استمرار التستر على الفضيحة والمتورطين فيها وتجاهل الرد على الاستفسارات الموجهة في شأنها.
وفي هذا السياق جاء بيان مجلس الوزراء الصادر اليوم بتكليف ديوان المحاسبة والهيئة العامة لمكافحة الفساد ووحدة التحريات المالية النظر في ما أسماه البيان "شبهات فساد مقرها الكويت وجهات ومسؤولين في مشروع بالخارج" و"تبيان ما إذا كان ثمة شبهات وقوع جريمة غسل أموال وإحالتها في هذه الحالة إلى النيابة العامة".
ونحن في الحركة التقدمية الكويتية في الوقت الذي نرحب فيه بهذه القرارات، إلا أنه على ضوء التجارب السابقة في شأن الإحالات والبلاغات المتصلة بقضايا الفساد الكبرى فإننا لا نخفي خشيتنا من انعدام الجدية في ملاحقة هذه القضايا وكشف المتورطين فيها ومحاكمتهم وإنزال العقوبات بحقهم، ونتخوف من أنّ الأمر لا يعدو كونه ذر رماد في العيون وتعامل وقتي مع الفضائح التي أصبحت قضايا رأي عام.
لذا فإننا نهيب بالرأي العام الشعبي أولاً وقبل كل شيء إلى أن يكون يقظاً تجاه أي محاولات للفلفة قضايا الفساد، فالرأي العام الشعبي الحيّ والمتفاعل هو الضمانة الوحيدة التي يمكن الرهان عليها في مواجهة سطوة قوى الفساد ومراكز النفوذ والدولة العميقة التي ترعى الفساد والفاسدين.

الكويت في 20 مايو 2020

دعت الحركة التقدمية الكويتية كل الدول المحبة للسلام والمعارضة للاحتلال والعدوان وكل قوى الحرية والديمقراطية والتقدم والأحزاب العمالية والشيوعية والاشتراكية في مختلف بلدان العالم أن تقدم مختلف أشكال التضامن والدعم لنضال الشعب العربي الفلسطيني.
وأكدت الحركة في بيان صحفي اليوم بمناسبة الذكرى ال72 لزرع الكيان الصهيوني على أرض فلسطين ضرورة إعلان الدول والقوى الديمقراطية رفضها الصريح للمشروع العدواني التوسعي الجديد المتمثل في ضم غور الأردن والمستوطنات المغتصبة.
وأوضحت أن الذكرى ال72 لزرع الكيان الصهيوني الغاصب على أرض فلسطين تحل في هذا الوقت الذي يشتد فيه التآمر الإمبريالي والصهيوني لتصفية القضية الفلسطينية عبر آخر حلقاته المتمثلة في الترتيبات الجارية لإعلان ضم غور الأردن والمستوطنات المغتصبة في الضفة الغربية المحتلة.
وقالت إن تواطؤ غالبية الأنظمة العربية مع الكيان الصهيوني ومسارعتها نحو التطبيع معه يتكشف أكثر فأكثر، كما يتواصل الرهان الخاسر للقيادة الرسمية الفلسطينية على المفاوضات غير المتكافئة والاتفاقيات المجحفة، بينما تستمر حالة الانقسام المؤسفة بين فتح وحماس.

وهذا نص البيان:

فيما تحلّ الذكرى الثانية و السبعون لزرع الكيان الصهيوني الغاصب على أرض فلسطين يشتد التآمر الإمبريالي والصهيوني الذي يستهدف تصفية القضية الفلسطينية، عبر آخر حلقاته المتمثلة في الترتيبات الجارية لإعلان ضم غور الأردن والمستوطنات المغتصبة في الضفة الغربية المحتلة، ويتكشف أكثر فأكثر تواطؤ غالبية الأنظمة العربية مع الكيان الصهيوني ومسارعتها نحو التطبيع معه، ويتواصل الرهان الخاسر للقيادة الرسمية الفلسطينية على المفاوضات غير المتكافئة والاتفاقيات المجحفة، بينما تستمر حالة الانقسام المؤسفة بين فتح وحماس.
ولكننا رغم ذلك كله فإننا في الحركة التقدمية الكويتية على ثقة أكيدة بأن شعبنا العربي الفلسطيني سيقاوم المشروعات التصفوية لقضيته الوطنية، وسيواصل نضاله في سبيل الخلاص من الإحتلال الصهيوني ونيل حقوقه الوطنية المشروعة في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
إنّ الذكرى الثانية والسبعين لزرع الكيان الصهيوني الغاصب على أرض فلسطين العربية تعيد إلى أذهاننا سلسلة متواصلة من جرائم الحرب والابادة والتشريد والقتل والقمع لشعب فلسطين، ومسلسل تآمر القوى الإمبريالية العالمية ودعمها غير المحدود لهذا الكيان الغاصب، وأشكال التواطؤ الرسمي للأنظمة العربية وخياناتها المكشوفة والمقنّعة، والمحاولات البائسة لترويج مشروعات السلام الكاذبة، ولكننا في المقابل لابد من أن نستعيد في هذه الذكرى المؤلمة الصمود البطولي والمقاومة الباسلة والتضحيات المتواصلة للشعب العربي الفلسطيني.
ونرى أنه من واجبنا في الكويت وكذلك من واجب كل الدول المحبة للسلام والمعارضة للاحتلال والعدوان، ومن واجب كل قوى الحرية والديمقراطية والتقدم والأحزاب العمالية والشيوعية والاشتراكية في مختلف بلدان العالم أن تقدم مختلف أشكال التضامن والدعم لنضال الشعب العربي الفلسطيني، وإعلان رفضها الصريح للمشروع العدواني التوسعي الجديد المتمثل في ضم غور الأردن والمستوطنات المغتصبة.
وأخيراً، فإننا في الذكرى الثانية والسبعين للنكبة ندعو سائر القوى الشعبية والتحررية العربية إلى تثبيت حقيقة أن الكيان الصهيوني إنما هو عدو رئيسي لشعوب الأمة العربية وقواها التحررية والوطنية، وأنه جزء من مشروع عنصري استيطاني توسعي يستهدفنا جميعاً… وفي الوقت ذاته فإنه من واجب القوى الشعبية والتحررية العربية العمل على فضح أنظمة العمالة والتواطؤ، ورفض كافة أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، مع التأكيد على الربط بين نضالات شعوبنا العربية الهادفة إلى تحقيق التغيير الوطني والديمقراطي والاجتماعي في بلداننا وبين النضال ضد الهيمنة الإمبريالية الأميركية والتصدي للمشروع التوسعي العدواني الصهيوني.
عاش نضال الشعب العربي الفلسطيني.
المجد والخلود لشهداء فلسطين.

الكويت في 14 مايو/ أيار 2020

لم يكتف مجلس الوزراء في جلسته الاستثنائية مساء يوم أمس الاثنين ١١ مايو ٢٠٢٠ بالرد المباشر في بيانه على ما جاء في أحدى البرامج التلفزيونية تحديداً وبعض وسائل التواصل الاجتماعي من تساؤلات مستحقة وملاحظات مطروحة وانتقادات مثارة حول تعاقدات الحكومة على شراء أدوات الوقاية، وإنما قرر مجلس الوزراء بالإضافة لذلك تكليف "جميع الجهات الحكومية بسرعة اتخاذ الإجراءات القانونية ضد كل من ينشر بيانات أو إدعاءات أو معلومات غير صحيحة أو تنطوي على مساس بسمعة المسؤولين والإساءة إلى ذممهم دون سند أو دليل".
ونحن لا نصادر الحق الدستوري المكفول لأي شخص أو جهة في اللجوء إلى القضاء، ولكننا نرى في المقابل أنه عندما يتصل الأمر بالحكومة تحديداً وبما يوجه إليها وإلى أجهزتها من معارضة وانتقادات وتساؤلات، مهما بلغت صراحتها وقسوتها، فإن الأمر في الغالب يتجاوز ممارسة حق التقاضي ويتحوّل إلى ملاحقة سياسية لمعارضي الحكومة ومنتقديها تحت غطاء قانوني، وهذا ما عانت منه الكويت منذ العام ٢٠١٠ ولا تزال، حيث تسبب هذا السلوك الحكومي في تكريس نهج التضييق على الحريات، وفي مقدمتها حرية التعبير، وأدى إلى إصدار ترسانة من القوانين القمعية على مر السنوات العشر الأخيرة، كما نجم عنه اعتقال وصدور أحكام بالحبس على المئات من المواطنين من النواب السابقين والنشطاء والمغردين والشباب فيما اضطر العديد منهم إلى اللجوء السياسي في بلدان أخرى أو الإقامة في المنفى للتخلص من هذه الملاحقات المتعسفة.
وفي هذا السياق تواترت الأخبار، إن صحت، عن إحالة الحكومة النائبين السابقين د. حسن جوهر ود. عبيد الوسمي إلى النيابة العامة على خلفية ما أثاراه من تساؤلات وما طرحاه من ملاحظات وانتقادات لتعاقدات الحكومة على شراء أدوات الوقاية، ونرى أن هذا الإجراء الحكومي إن تم، فإنه يعبّر عن استمرار العقلية السلطوية التي تضيق ذرعاً بأي معارضة أو انتقاد، كما أن هذا الإجراء يمثل مواصلة مؤسفة لنهج الملاحقات السياسية المرفوض لمعارضي الحكومة ومنتقديها تحت غطاء قانوني… مؤكدين تضامننا مع النائبين السابقين تجاه ما يتعرضان له من ملاحقة.

الكويت في يوم الثلاثاء ١٢ مايو ٢٠٢٠

يقول المثل: “رب ضارة نافعة”.

جائحة كورونا تقدم دروسا ثمينة إذا استفادت منها البشرية ستخطو خطوات مهمة إلى الأمام في اتجاه إقامة نظام اقتصادي واجتماعي وسياسي أكثر عدلاً:

1- أول وأهم درس هو أن النظام الرأسمالي قد أفلس على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والأيديولوجي والأخلاقي والبيئي:

منذ أواسط السبعينات من القرن الماضي، أغرق هذا النظام العالم في أزمة اقتصادية مستدامة تتخللها انهيارات مالية واقتصادية تقضي على خيرات هائلة. وأوصل الطبيعة إلى مستوى غير مسبوق من التدمير يهدد الحياة على وجه الأرض بالفناء، وألهب العديد من الحروب في مختلف بقاع العالم ورفع التسلح إلى مستويات خيالية, ويحمل هذا النظام عبء أزمته للشعوب، وخاصة الطبقات العاملة، من خلال تصعيد الاستغلال ونهب الخيرات الطبيعية واقتلاع ملايين الفلاحين من أراضيهم واضطرار الملايين إلى الهجرة من أوطانهم هربا من الحروب والمجاعات والبطالة والتفقير. وكشفت جائحة كورونا أن أكبر الدول الرأسمالية (أمريكا وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا بالخصوص)، رغم أمكانياتها الاقتصادية الهائلة، إتسمت سياساتها بالارتباك بسبب وضعها مصلحة الرأسماليين فوق ضرورة انقاد حياة المواطنات والمواطنين. ولذلك تلكأت في تنفيذ الحجر الصحي أو نفذته، بشكل جزئي،وبعد فوات الأوان، ولم توفر، بشكل استباقي، مستلزمات القضاء على الوباء( الكمامات وأجهزة التنفس ومستشفيات وغيرها). وذلك بالرغم من أن تجربة الصين كانت قد أبانت فعالية ونجاعة هذا الإجراءات.

وعمّق وباء كورونا تراجع ثقة شعوب الغرب في الأنظمة السياسية حيث كشف حقيقتها كخادمة للبرجوازية ودكتاتورية ضد الشعوب: فإضافة إلى ما طرحنا أعلاه حول تعاملها مع الجائحة والذي سيؤدي إلى أن أغلب المتضررين منها سيكونون من الفئات الشعبية، وخاصة الأكثر هشاشة، ستمول الاجراءات التي اتخدت بالمال العام عوض ان يتم فرض ضريبة على الثروة ومحاربة التهرب والغش الضريبيين وإلزام الرأسماليين بإرجاع الأموال المهربة نحو الجنات الضريبية.

إن الليبرالية، كأيديولوجيا الرأسمالية، تدعو إلى الاعتماد على السوق لتدبير الاقتصاد وتخلي الدولة عن وظيفتها الاقتصادية والاجتماعية (أي ترك الرأسمالية تتحرك بكل حرية ودون ضبط) وأن ذلك هو الضمان للاستقرار بل الازدهار. والحال أن حرية السوق هي التي أدت إلى هذه انهيارات المتتالية للرأسمالية وأن الدولة تدخلت، خلافا للوصفات الليبراية، لأنقاد البنوك والاقتصاد من الانهيار وتتدخل اليوم لمواجهة كورونا. هكذا عبرت الليبرالية عن فشلها وكشفت عن حقيقتها كأيديولوجيا، بالمعنى القدحي للكلمة، تهدف إلى زرع الوهم بقدرة نمط الانتاج الرأسمالي على حل تناقضاته العضوية تلقائيا( ما يسمى “اليد الخفية”).
أما الإفلاس الأخلاقي للامبريالية، فحدث ولا حرج:

– هكذا، على سبيل المثال، ترعى الامبريالية الارهاب وتدبر المؤامرات ضد الشعوب والانقلابات وتقرر فرض الحصار والعقوبات ضد الأنظمة التي تواجه هيمنتها والتي تسببت في وفاة ملايين الأشخاص وتكذب، بشكل منهجي، لتغليط مواطنيها ومواطناتها (مثلا الادعاء أن العراق يمتلك أسلحة الدمار الشامل لتبرير غزوه) وتنكث العهود التي وقعتها (تعامل أمريكا مع الاتفاق النووي مع العراق واتفاق باريس حول البيئة…).

وعرى وباء كورونا الوجه البشع واللا إنساني، بل الاجرامي للامبريالية، الذي تجلى، بالخصوص، في:

– وضع مصلحة الرأسمالية فوق الحق في الحياة، وذلك، إضافة إلى ما سبق ذكره أعلاه، في التلكؤ في معالجة المرضى المسنين.

– غياب تضامن الاتحاد الأوروبي مع الشعوب الأعضاء المتضررة أكثر من الجائحة( إيطاليا وإسبانيا وفرنسا).

– تعامل الرأسمالية الأمريكية باللامبالاة فيما يخص مواجهة الوباء: رفض الحجر الصحي والدعوة إلى استمرار الحياة بشكل شبه عادي رغم العدد المهول من المصابين والوفيات وتهيئ الشعب للقبول بكارثة رهيبة من خلال الترويج لاحتمال موت الملايين.

– استمرار الحصار والعقوبات ضد الشعوب المتحررة من هيمنة الامبريالية (كوبا وإيران وفينزويلا ونيكاراكوا وكوريا الشمالية…). مما يشكل جريمة ضد الإنسانية.

– رفض صندوق النقد الدولي تقديم مساعدة متواضعة لفينزويلا لمواجهة الوباء.
وفي نفس الآن، قدمت كوبا والصين وروسيا مساعدات وطواقم صحية لعدد من الدول.

2- أكدت جائحة كورونا العديد من الأطروحات التي كانت تعتبر متجاوزة:

– الأهمية القصوى للتوفر على اقتصاد ممركز على الذات يوفر السيادة الغذائية والضرورات الأساسية للعيش، وخاصة المواد والتجهيزات والمستشفيات والمختبرات والطواقم الطبية. وتقدم لنا كوبا تجربة رائدة في هذا المجال. وذلك عكس، النموذج الذي ساد في أغلب الدول التابعة بالخصوص والمرتكز إلى تنمية الصادرات على حساب بناء نسيج اقتصادي متماسك موجه، بالأساس، إلى السوق الداخلي.

– الأهمية القصوى لتوفير الخدمات الاجتماعية العمومية للجميع وبالمجان وعدم اعتبارها مجرد سلعة تتداول في السوق.

– أهمية دور الدولة في التصدي للكوارث.

– أهمية التضامن والتعاون بين أفراد الشعب في مواجهة الفردانية والأنانية والجشع الذي تنشره الرأسمالية.

– أهمية التضامن والتعاون والعلاقات الودية بين الشعوب كما فعلت كوبا والصين وروسيا وعكس ممارسة أمريكا والاتحاد الأوروبي.

وخلاصة القول أن جائحة كورونا والأزمات المتتالية للرأسمالية وتدميرها المتسارع للبيئة:

– عرت إفلاس الرأسمالية الامبريالية التي ترتكز على الهيمنة والاستغلال والنهب والحروب والفردانية والجشع والهمجية.

– أعادت الاعتبار لقيم التعاون والتآزر والتضامن وسط الشعوب وبينها.

– طرحت بإلحاح وكضرورة لاستمرار الحياة وليس فقط لتجاوز التناقض الملازم للرأسمالية بين قوى الانتاج التي توفر لها الثورة العلمية والتقنية إمكانيات هائلة للتطور وتلبية حاجيات العيش الكريم للبشرية جمعاء وعلاقات الانتاج التي تراكم الثروة في يد أقلية قليلة من الرأسماليين الكبار، ضرورة بناء نظام اجتماعي واقتصادي ومالي ونقدي وسياسي بديل يرتكز إلى:

– تقرير الشعوب لمصيرها بكل حرية وسيادتها على ثرواتها.

– بناء نظام سياسي واقتصادي ومالي ونقدي دولي يرتكز إلى التعاون والتضامن عوض الهيمنة والنزاعات والحروب.

– نموذج تنموي يضع توفير العيش الكريم للشعوب واحترام البيئة على رأس أولوياته.

إذا كان وعي الشعوب المتنامي بأن مصيرها واحد وأن الرأسمالية أوصلت البشرية والطبيعة إلى الباب المسدود وإذا كان هذا التطور ايجابي وموضوعيا في مصلحة القوى الاشتراكية، فإنه لن يؤدي إلى انهيار الرأسمالية، بل قد يؤدي إلى الفاشية والبربرية في غياب توحيد الطبقات الشعبية تحت قيادة الطبقة العاملة، باعتبارها الطبقة الثورية النقيض للرأسمالية والحاملة للمشروع الاشتراكي، وفي غياب توحيد أحزاب الطبقة العاملة في إطار أممي. وهو ما يتطلب بناء الحزب المستقل للطبقة العاملة والجبهة الشعبية في كل بلد وبناء أممية ماركسية.

وفي هذا الإطار، فإننا نعيش مفارقة خطيرة بين كون أن هذه المهمات أصبحت ملحة وآنية قد يؤدي التأخر في انجازها إلى كوارث لا تعد ولا تحصى وبين أن انجازها قد يبدو بعيد المنال في ظل ضعف وتشتت القوى الماركسية والمناهضة للرأسمالية بشكل عام. لكن التاريخ يعلمنا أنه، في اللحظات المفصلية، تتسارع وتيرة الاحداث وقد تستطيع قوة قليلة العدد، إذا امتلكت التحليل السديد للوضع وتوفرت على استراتيجيا وتكتيكات صائبة وحددت الشعار الملائم وتقدمت، ولو نسبيا، في تحقيق الانصهار بين طلائع الطبقة العاملة والكادحين بشكل عام والمثقفين الثوريين الماركسيين، قد تستطيع تحقيق القطيعة مع الوضع القائم والانطلاق في مسيرة الألف ميل نحو الاشتراكية والشيوعية.

اخبار محلية

كارل ماركس والجائحة .. علي طه

كشفت الأزمة الصحية والاقتصادية والسياسية التي تمر بها البشرية اليوم عن الشروخ والتناقضات العميقة في النظام الرأسمالي العالمي. وبما أن كارل ماركس كان أهم من حلل نمط الإنتاج الرأسمالي وطبيعة أزماته وضرورة تجاوزه، سنحاول في ما يلي الاستفادة من بعض أفكار ماركس حول الرأسمالية في فهم الأزمة الحالية.

الإنسان والطبيعة

طرح ماركس رؤية فلسفية متكاملة حول علاقة الإنسان بالطبيعة. هذه العلاقة بالنسبة لماركس قائمة على التفاعل الواعي للإنسان مع الطبيعة من خلال العمل. الإنسان جزء من الطبيعة ولكنه يغير الطبيعة من خلال التفاعل معها ويتغير هو/هي أيضا في هذه العلاقة.
هذا التفاعل الواعي مع الطبيعة هو سمة عامة في التاريخ البشري أيّا كان نمط الإنتاج السائد. ولكن هذه العلاقة تتأزم مع تطور نمط الإنتاج الرأسمالي. تقوم الرأسمالية على التراكم التنافسي بهدف الربح. هذا التراكم يؤدي إلى التوسع اللانهائي واللاعقلاني في حجم رأس المال على المستوى العالمي. والتوسع الدائم في الإنتاج الصناعي والزراعي وفي الاستهلاك وفي استخراج المواد الخام ومصادر الطاقة في ظل الرأسمالية يؤدي إلى ما يسميه ماركس الصدع التفاعلي (Metabolic Rift) بين الإنسان والطبيعة. وقد كتب ماركس في المجلد الأول من كتاب (رأس المال) حول الدمار الذي يحدثه تصنيع الزراعة في خصوبة الأرض وفي صحة الإنسان. أما فريدريك إنجلز، فقد تناول بشكل مباشر كيف يؤدي التراكم الرأسمالي والتوسع العمراني الذي يحدثه والتكدس السكاني في المناطق العمالية إلى انتشار الأوبئة والأمراض وتطورها بما يهدد صحة البشرية كلها (كتاب "حال الطبقة العاملة في إنجلترا").
إن ظهور وانتشار وباء الكورونا هو نتيجة مباشرة للصدع في علاقة الإنسان بالطبيعة والذي يتسبب فيه التراكم الرأسمالي. ولا يمكن الفصل بين ظهور هذه الفيروسات الجديدة وبين الأزمة البيئية والتغير المناخي الذي يهددنا جميعا بالفناء. استنتاج ماركس وإنجلز منذ أكثر من 150 عاما أصبح أكثر إلحاحا في القرن الحادي والعشرين: إما القضاء على الرأسمالية وبناء بديل إنساني وإما ستقضي الرأسمالية علينا جميعا.

الكينزية أم الماركسية؟

تتبع اليوم حكومات الدول الرأسمالية الكبرى وبنوكها المركزية سياسات تدخلية غير مسبوقة في مواجهة الأزمة الاقتصادية التي أحدثتها الجائحة. هذه السياسات والمعروفة بالكينزية دائما ما تعود للواجهة مع الأزمات الكبرى. هذا ما حدث خلال الكساد الكبير في ثلاثينات القرن الماضي وما حدث أيضا خلال الركود الكبير في 2008. يتحمس بعض الباحثين والصحفيين الاقتصاديين المنتمين لليسار لمثل هذه السياسات. فنجد مقالات تشيد بالدور الأكبر للدولة (بما في ذلك تأميم مؤقت لقطاعات اقتصادية منهارة) وكأنه خطوة نحو الاشتراكية. ولكن هذه السياسات ليست فقط بعيدة كل البعد عن الاشتراكية بل أنها لم تعد قادرة حتى على إنقاذ النظام من ورطته الحالية.
فالدول تنفق التريليونات من الدولارات واليورو والين واليوان لإنقاذ الشركات والبنوك الرأسمالية الكبرى وإعادتها إلى الربحية. وحتى التأميم في هذا السياق فهو مجرد تأميم للخسائر -أي تحميل المجتمع ككل لخسائر الشركات والبنوك. فمن أين تأتي كل تلك التريليونات؟ هي تأتي بالضرورة من إيرادات المستقبل والتي عاجلا أو آجلا لابد أن تغطي الديون التي تراكمها الحكومات والبنوك المركزية اليوم. ومن يدفع ثمن كل ذلك؟ لنتذكر سياسات التقشف التي فرضتها الحكومات على الطبقات العاملة في السنوات العشر التالية للركود الكبير في 2008. وهذا بالتأكيد ما ستحاول الحكومات الرأسمالية فرضه مجددا على شعوبها بعد تجاوز أزمة كورونا.
نحتاج العودة مجددًا الى ماركس لفهم الجذور الاقتصادية للأزمة الرأسمالية لنفهم حدود السياسات الكينزية. يطرح ماركس في المجلد الثالث من كتاب (رأس المال) رؤية متكاملة حول طبيعة وأسباب الأزمة في الرأسمالية. سنتناول هنا جانبين من هذه الرؤية يمكن تطبيقهما على الوضع الحالي. الجانب الأول يتعلق بالأسباب طويلة المدى للأزمات الرأسمالية والجانب الثاني يتعلق بالائتمان وعلاقة رأس المال المالي برأس المال الصناعي والخدمي:
مصدر الربح عند ماركس كما هو معروف هو فائض القيمة الذي يستخرجه الرأسمالي من العمال خلال عملية الإنتاج. ولكن الرأسمالي الصناعي يعيش في عالم من المنافسة الشرسة. هذا يعني أن تحقيق أرباحه يحتاج منه ضخ المزيد من الاستثمارات في كل دورة إنتاج لتطوير التكنولوجيا والميكنة ولزيادة إنتاجية العمال ليتمكن من الحفاظ على نصيبه من السوق. هذا التراكم التنافسي هو مصدر الدينامية التكنولوجية للرأسمالية ولكنه أيضا مصدر طويل المدى للأزمات وسبب لفترات الكساد والركود. فهذا التراكم يؤدي، مع انتشار وتعميم التكنولوجيا الأحدث، إلى زيادة نسبة ما يستثمره الرأسمالي في الميكنة وأدوات الإنتاج بالنسبة لما يستثمره في قوة العمل. وبما أن مصدر فائض القيمة، وبالتالي الربح، هو ما يسميه ماركس العمل الحي (قوة العمل) وليس العمل الميت (الميكنة وأدوات الإنتاج)، يؤدي ذلك على المدى الطويل إلى إنخفاض معدلات الربح في الصناعة الرأسمالية ككل.
وعندما تنخفض معدلات الربح في القطاعات الإنتاجية من الاقتصاد، تتجه الاستثمارات الرأسمالية إلى القطاعات الأخرى بحثا عن الأرباح. فنجد الأموال تتدفق إلى قطاعات الاستثمار العقاري والتمويلي والبورصة ويؤدي ذلك بدوره إلى المضاربة في تلك القطاعات ويبدو وكأن القيمة في تلك القطاعات سترتفع إلى الأبد وستكون مصدرا دائما للأرباح. وهنا نأتي للجانب الثاني من رؤية ماركس حول الأزمة. إرتفاع الأسعار في البورصات على سبيل المثال يخلق ما يسميه ماركس رأس المال الخيالي. فقيمة الأسهم تصل إلى عشرات الأضعاف وأحيانا مئات أضعاف القيمة الأصلية للشركة أو المؤسسة. ولكن هذا الوضع غير قابل للاستمرار، فلابد للفقاعة أن تنفجر فتنهار أسعار الأسهم أو العقارات أو الأوراق المالية، وتتبخر المليارات من رأس المال الخيالي ويدخل الاقتصاد في أزمة عنيفة. هذا ما حدث في 2008 وهو ما يحدث في 2020. الوباء مفجر الأزمة الحالية ولكنه ليس السبب طويل المدى وراءها.
الحكومات تضخ التريليونات لإنقاذ البنوك والشركات من الإفلاس وتريليونات أخرى لدعم دخل السكان لتحفيز الطلب الفعال وإنقاذ الاستهلاك من الانهيار. وفي ظل عدم حدوث طفرة في ربحية وإنتاجية القطاعات الإنتاجية في الدول الرأسمالية الكبرى (الاتحاد الأوروبي، الصين، الولايات المتحدة، اليابان)، فستحاول الحكومات تحميل عبء الأزمة والديون على الطبقات العاملة من خلال سنوات قادمة من التقشف.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
علي طه - عن موقع (الاشتراكي)
30 نيسان 2020

أشار ماركس إلي أن الرأسمالية في سعيها المحموم لتحقيق أقصي الأرباح، تدمر البيئة، وجاءت التطورات الراهنة لتؤكد أن التراكم الرأسمالي والتوسع اللامحدود للسوق يتعارض مع متطلبات حماية البيئة والانسان، وأن قانون القيمة يجعل من الصعب توقف الرأسمالية عن نهب الموارد الطبيعية واستغلال قوة العمل ، فالرأسمالية تعتمد علي الاستحواذ علي الموارد الطبيعية ( الماء، الخشب، الأرض ، المعادن. الخ)، وأن قضية البيئة لا تنفصل عن القضية الاجتماعية، فالرأسمالية لا تمتص رحيق الحياة من البشر، بل تمتصها من الطبيعة والكوكب الذي يحتضننا جميعا بلا رقيب أو حسيب. في الرأسمالية لا يمكن الفصل بين بين التناقض بين الرأسمال والعمل ،وبين الرأسمال والطبيعة. يقول ماركس " إن التطور الحضاري والصناعي في عمومه كان دائما عنصرا فاعلا في تدمير الغابات لدرجة أن كل ما يتم الحفاظ عليها ، وإعادة إنتاجها بالمرة بالمقارنة".

كما يقول  ماركس في مؤلفه، رأس المال، المجلد الأول :" كل التقدم المحرز في الزراعة الرأسمالية هو تقدم في نهب العامل وتدمير التربة، وكل التقدم المحرز في زيادة خصوبة التربة لفترة معينة، هو تقدم نحو تدمير المصادر الداعمة لتلك الخصوبة". كما أشار ماركس الي أنه " لا يمكن تلبية الاحتياجات الأساسية المادية والروحية للإنسان بدون علاقة جيدة مع البيئة".

  جاءت تطورات الأحداث بعد أزمة كورونا، كوفيد- 19 المستجد، لتؤكد عمق أزمة الرأسمالية وخطورة المستوى المتقدم الذي وصلته في تدميرها للبيئة الذي كان له أثره في الدمار الاقتصادي أكثر من أزمات الرأسمالية السابقة، فقد ظهرت أزمة " كورونا"، وقبلها ظهرت الأوبئة التالية:

-  فيروس نقص المناعة " ايدز" الذي ظهر في ثمانينيات القرن الماضي.

- متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد (سارس) في 2003.

- انفلونزا الخنازير في 2009.

- متلازمة الشرق الأوسط التنفسية في 2011 .

- فيروس " ايبولا" في الفترة من 2014 الي 2016 .

 وهي اوبئة جاءت نتاجا لتدمير البيئة والطبيعة والغابات، ومن صنع  الرأسمالية وسعيها المحموم للربح وتدميرها للبيئة، حيث تولدت بسبب رداءة معايير الصحة، وتدمير النظم الطبيعية، والترابط النامي في عالم تسوده العولمة. لا شك أنه في ظل استمرار الجشع الرأسمالي وتدمير البيئة سوف تتكرر تلك الأوبئة، وتكون تكلفتها الاقتصادية والصحية ومخاطرها أشد بكثير من الراهنة.

  *   تفاقمت الأزمة الاقتصادية بأكثر مما حدث في أزمة 2007 – 2009، التي لم تتم معالجة آثارها جذريا حسب منهج الرأسمالية في المسكنات أو تهدئة الأزمة التي سرعان ما تنفجر من جديد، مما أدي لتفاقم الأزمة بشكل حاد ، وجارى الانتقال من الركود الأعظم الي الكساد الحاد بسبب الآتي:

- تراكم الديون والعجز عن سدادها، والتصدي لأزمة "كرونا "، والعجز المتوقع أن يصل الي 10 % من الناتج المحلي الاجمالي، وارتفاع مستويات الدين العام في دول كثيرة، وفقدان شركات وأسر لدخلها، وارتفاع دين القطاع الخاص الي حد لا يطاق، وتزايد حالات الافلاس والعجز عن سداد الديون.

 - تصاعد نضال الطبقة العاملة والكادحين والفئات المتوسطة من أجل تدخل الدولة التي عجزت عن مواجهة الوباء، لتحسين الخدمات الصحية، بعد تهاوى سياسة الليبرالية الجديدة التي اعتمدت الخصخصة وتشريد العاملين ورفع الدولة يدها عن خدمات التعليم والصحة وتقليص الضمان الاجتماعي وحماية الشيخوخة والأمومة والطفولة، باعتبار أن الرعاية الصحية الشاملة كما أكدت جائحة " كرونا" من الضروريات لا الكماليات. اضافة لتصاعد النضال ضد البطالة جراء فقدان الملايين لوظائفهم، وانخفاض الأجور، واشتداد حدة الصراع الطبقي والاجتماعي واضرابات العاملين بسبب تدهور الاوضاع المعيشية والاقتصادية ونقص الخدمات الصحية، وتفشي البطالة، وعدم المساواة والأمن الاقتصادي، وتأثر الطبقة العاملة ( ذوو الياقات الزرقاء) بالأزمة.

- تنامي خطر الانكماش الذي يؤدى لركود ويخلق كسادا هائلا في البضائع، واغلاق المصانع أو تقليل العمالة، أي ركود في سوق العمل ( البطالة).

- انخفاض أسعار النفط والمعادن الصناعية، واثره علي الدول المنتجة لها.

- استمرار انخفاض قيمة العملة، وتراجع العولمة والنزوع للحماية.

-  تزايد الاستقطاب الطبقي جراء التفاوت في الدخل والثروة، وارتفاع نهب البلدان الرأسمالية للموارد الطبيعية في البلدان المتخلفة لتعويض الخسائر والمزيد من افقارها وتفكيكها، وخلق الحروب الأهلية والأزمات  والفوضى داخلها بهدف نهبها، وتقليل المساعدات لها، والتدخل في شؤونها الداخلية، كما حدث في فصل جنوب السودان.

- تزابد شدة الاستغلال للعاملين عن طريق امتصاص فائض القيمة النسبي منهم، بإحلال التكنولوجيا والآلة محل الانسان ، مع الضغط لانخفاض الأجور، وتزايد البطالة جراء تشريد العاملين والمزيد من افقارهم.

- التغبيش والتضليل الايديولوجي للكادحين حول الأزمة وتصويرها ليست ناتجة عن الرأسمالية التي تعمق التفاوت الطبقي والعنصري والجنسي والقومي وبين البلدان الرأسمالية المتطورة والنامية، لكنها ناتجة من الأجانب، وتأجيج النزعات العنصرية والقومية، وكراهية الأجانب، ونمو النزعات الشعبوية الفاشية.

- اشتداد التناقض بين نمط الإنتاج الرأسمالي الذي كان منذ نشأته يتجاوز الحدود القومية بحثا عن الأسواق منذ اكتشاف السكة الحديد والسفن البخارية والكهرباء والطائرات في الثورة الصناعية الأولي والثورة الصناعية الثانية التي ارتبطت بثورة المعلومات والكمبيوتر، وتزايد وتائر العولمة كما هو الحال الذي نعبشه. التي أدت الي ترابط العالم، والاتجاه للتعامل مع جائحة "كرونا" بالعزلة وتشديد الحماية ، والمحاولة اليائسة لتفكيك العولمة، باشتداد القيود والأحكام علي حركة البضائع والسلع والخدمات والأموال والعمالة والبيانات والمعلومات، كما يحدث الآن في قطاعات الدواء والمعدات الطبية والغذاء، وفرض القيود علي التصدير.

-  هروب الدول الرأسمالية وعلي رأسها أمريكا للأمام والعودة للحرب الباردة بتحميل الصين مسؤولية جائحة "كرونا"، ورفض الصين لذلك باعتباره تآمر من أمريكا لمنع تقدمها ، ليس ضد الصين فحسب، بل ضد روسيا وايران وكوريا الشمالية، وتصعيد الحرب الجرثومية والالكترونية السرية ، وتصعيد النزعات العسكرية، والاستمرار في صرف تريليونات الدولارات للمجمع الصناعي العسكري الأمريكي، بدلا من توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين في الصحة والتعليم ومستوى المعيشة الرافي والأمن والاستقرار، وحماية الشيخوخة والطفولة والأمومة، وبناء علاقة عقلانية مع البيئة، ووقف الحرب الجرثومية والانحباس الحراري، وتدمير الغابات، وقيام نظام أكثر تعاونا واستقرارا خاليا من التوترات والحروب، والاستعداد للتصدي للكوارث والأوبئة التي سوف تتكرر، مما يؤكد ضرورة تجاوز الرأسمالية الي الاشتراكية.

بقلم: تاج السر عثمان

إلحاقاً ببيان الحركة التقدمية الكويتية الصادر يوم 4 مايو 2020 برفض القرار الأخير الصادر عن مجلس الوزراء بإضافة مادة إلى قانون العمل في القطاع الأهلي رقم 6 لسنة 2010، فإن الحركة بعد اطلاعها على ما يتداول نشره من نسخة لمشروع القانون، تكرر اعتراضها الكامل على ما تضمنه هذا المشروع من اعتداء صارخ على مبادئ النظام العام وما يحويه من مساس فاضح بالحقوق العمالية الأساسية والانتقاص منها.

فمشروع القانون يتضمن إضافة إلى المادة 63 من قانون العمل تحمل الرقم 63 مكرر، تجيز للوزارة الموافقة لأصحاب العمل الذين تعثر نشاطهم بسبب الإجراءات المتصلة بالأحوال غير العادية، بأن يمنحوا العمال إجازة خاصة بأجر مخفض لا يقل عن الحد الأدنى للأجور أو بدون أجر، كما تجيز للوزارة الموافقة لأصحاب العمل على تخفيض أعداد العمال لديهم، وهذا يعني في حال إقراره أنه يجوز لصاحب العمل تجاوز الحظر المقرر في المادة 28 من قانون العمل بخفض الأجر، الذي يعد في جميع الأحوال باطلاً بطلاناً مطلقاً لمخالفته مبادئ النظام العام، كما يجوز لصاحب العمل وفقاً لمشروع القانون أن يقوم بعملية تسريح جماعي للعاملين لديه، وهذا ما يمثل تعدياً على أبسط الضمانات والحقوق العمالية.

والغريب في الأمر أنّ الحكومة تتقدم بمثل هذا المشروع المعيب متجاهلة تماماً ما سبق أن أعلنت عنه من قرارات في جلسة مجلس الوزراء يوم 31 مارس الماضي التي قضت بتقديم أدوات متنوعة من الدعم والتسهيلات لشركات القطاع الخاص تتضمن تسهيلات ائتمانية وقروض ميسرة وتأجيل الأقساط المستحقة عليها والحصول على إعفاءات من الرسوم والضرائب الجمركية والإسراع في سداد الدفعات المالية للشركات المتعاقدة مع الجهات الحكومية، عندما بررت الحكومة تلك التسهيلات والقروض والإعفاءات لهذه الشركات بأنها وفقاً للبيان الرسمي السابق لمجلس الوزراء تستهدف "المحافظة على أوضاع العمالة الوطنية في القطاع الخاص وزيادة نسبتها"، و"ضمان عدم تضرر المواطنين العاملين في القطاعات المتضررة من تداعيات الأزمة"، و"وضع الآليات اللازمة لتأمين الحد الأدنى من الدخل الذي يكفل مواجهة تكاليف المعيشة للعمالة المتضررة من الأزمة الحالية والمرتبطة بعقود"… إذ يأتي مشروع القانون الجديد ليضرب في عرض الحائط كل تلك الادعاءات السابقة، وذلك لما ينطوي عليه المشروع من إضرار بالمواطنين العاملين في القطاع الخاص وما يتضمنه من مساس بالحد الأدنى من الدخل الذي يكفل مواجهة تكاليف المعيشة.

إن الحركة التقدمية الكويتية إذ تلاحظ الرفض الشعبي الواسع لهذا المشروع الحكومي المنحاز لمصالح الرأسماليين المستفيدين من برنامج الدعوم والتسهيلات الحكومية والقروض الميسرة، فإنها تدعو إلى توسيع دائرة الرفض والاعتراض وتدعو إلى أن يمارس الرأي العام الشعبي كافة أشكال الضغط السياسي والشعبي على أعضاء مجلس الأمة لمنعهم من إقرار مثل هذا المشروع المعيب.

الكويت في 6 مايو 2020

يأتي القرار الأخير الصادر عن مجلس الوزراء بإضافة مادة إلى قانون العمل في القطاع الأهلي رقم ٦ لسنة ٢٠١٠ بما يسمح بالاتفاق على خفض أجور العاملين في القطاع الخاص في ظل الوضع الناشئ عن جائحة كورونا ليمثل هجمة رأسمالية جديدة على الحقوق العمالية الأساسية، ناهيك عن أن مثل هذا المشروع بقانون من شأنه أن يشرعن ما يسمى عقود الإذعان المخالفة للنظام العام وللقانون المدني ولقانون العمل.
إذ تسعى الحكومة نيابة عن الرأسماليين وخدمة لمصالحهم إلى إضافة تعديل على قانون العمل يعلّق الفقرة الثانية من المادة ٢٨ التي تحظر خفض الأجر، حيث تنص هذه الفقرة بوضوح على أنه "ﺳﻮاء ﻛﺎﻥ ﻋﻘﺪ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﺤﺪﺩ اﻟﻤﺪﺓ ﺃﻭ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺪﺩ اﻟﻤﺪﺓ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺗﺨﻔﻴﺾ ﺃﺟﺮ اﻟﻌﺎﻣﻞ ﺧﻼﻝ ﻓﺘﺮﺓ ﺳﺮﻳﺎﻥ اﻟﻌﻘﺪ. ﻭﻳﻌﺘﺒﺮ ﺑﺎﻃﻼً ﺑﻄﻼﻧﺎً ﻣﻄﻠﻘﺎ ﻟﺘﻌﻠﻘﻪ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ اﻟﻌﺎﻡ ﻛﻞ اﺗﻔﺎﻕ ﺳﺎﺑﻖ ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻳﺎﻥ اﻟﻌﻘﺪ ﺃﻭ ﻻﺣﻖ ﻟﺴﺮﻳﺎﻧﻪ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﺫﻟﻚ".
وبالطبع فإن تعديل القانون بما يسمح بخفض الأجر في حال التفاوض والاتفاق بين صاحب العمل والعامل إنما هو عقد إذعان مخالف للنظام العام ومتعارض مع مبادئ القانون المدني الكويتي، لأن البديل الآخر أمام العامل في حال عدم الاتفاق هو التسريح من العمل.
إن الحركة التقدمية الكويتية إذ ترفض هذا التعديل المجحف فإنها تهيب بالحركة النقابية العمالية إلى التحرك السريع للاعتراض عليه.

الكويت في ٤ مايو ٢٠٢٠

يواجه العالم بأسره وليس الكويت وحدها فحسب أوضاعاً استثنائية غير مسبوقة، لا تقتصر على خطر تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد، وإنما تمتد إلى مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ولها انعكاساتها السلبية المؤثرة على الروح المعنوية والحياة النفسية للبشر، وفي ظل هذه الأوضاع الاستثنائية برزت على السطح، بل تفاقمت مشكلات عديدة كانت كامنة، وتداعت منظومات كان كثيرون يتوهمون أنها متماسكة، ولعل بعضها أصبح مهدداً بالتفسخ والانهيار.
وفي بلادنا، برز من ضمن ما برز على السطح من مشكلات خلال مواجهة الجائحة، مشكلات كان يتم التواطؤ للتستر عليها والتهوين من أمرها، ومن بينها مشكلة ما يسمى "الاختلال في التركيبة السكانية" ومشكلة العمالة الوافدة المخالفة لقانون الإقامة، وللأسف فقد جرى التعامل مع الضحايا من العمال الوافدين وكأنهم المتسببون بها، بل كأنهم مصدر انتشار فيروس كورونا المستجد، وفي أفضل الحالات جرى الحديث عن قصر المسؤولية على تجار الإقامات وحدهم، بينما تم تناسي مسؤولية الحكومة وأجهزتها عن وجود هذه المشكلة وتفاقمها جراء تغاضيها عن المتسببين فيها والسكوت عنهم لسنوات طويلة، ناهيك عن عدم معاقبة شركائهم من المسؤولين الفاسدين في مراكز القرار الحكومي الذين سهلوا لهم جلب مئات آلاف وربما ملايين العمال إلى الكويت من دون توفير فرص عمل حقيقية لهم، وذلك مقابل الحصول على أتاوات مالية دفعها هؤلاء العمال من كدحهم، هذا ناهيك عن التهاون الحكومي في التعامل مع العديد من شركات القطاع الخاص التي سرّحت عمالتها بعد انتهاء تنفيذ عقود المشروعات الحكومية، حتى وإن لم تتاجر في إقاماتهم، وعلى نحو أعم يمكننا القول إن أسباب ما يسمى مشكلة الخلل في التركيبة السكانية أعمق وأوسع من ذلك كله، فهي تتصل بمنظومة الاقتصاد الرأسمالي الطفيلي الذي يحرص على جلب ملايين العمال الوافدين المحرومين من أبسط حقوقهم العمالية والنقابية ليستغلهم أبشع استغلال كقوة عمل رخيصة الأجر وكقوة شرائية وكمستأجرين، ونضيف إلى الأسباب سبباً آخر يتمثل في نمط الحياة الاستهلاكية السائد في مجتمعنا الذي ساهم في جلب مئات آلاف العمالة الوافدة الهامشية كعمال منزليين.
واليوم، هاهو مجتمعنا الكويتي بعدما استفحل الأمر في ظل جائحة كورونا فقد بدأ أخيراً في الانتباه إلى الأمر ومحاولة مواجهته، ولكن من الواضح أن هذا الانتباه لم ينطلق من وعي كامل بالمشكلة وأبعادها، وأن مواجهة المشكلة تتم بطريقة انتقائية سطحية تنظر إلى الظواهر وتتجاهل الأسباب العميقة… وفي هذا السياق أيضاً، أقدمت الحكومة على تطوير ما اعتادت على ممارسته في السنوات السابقة من إجرءات تستهدف بالأساس تنظيف ملفات شركات تجارة الإقامات، حيث أعلنت وزارة الداخلية هذه المرة عن منح مهلة استثنائية لمخالفي الإقامة بالمغادرة من تاريخ 1 أبريل وحتى نهايتـه، دون دفع تكاليف السفر وتوفير تذاكر الطيران مع إمكانية عودة المخالفين الى البلاد مرة أخـرى، وأعلنت كذلك عن تجهيز أماكن لإيواء المخالفين بعد إنهاء إجراءاتهم حتى موعد سفرهم ومغادرة البلاد.
ولكن على أرض الواقع فقد كشفت التجربة العملية الملموسة أن هذا الإجراء الحكومي لم يكن مدروساً، بل كان قراراً عشوائياً لم تحسب الحكومة ممثلة بوزارتي الداخلية والخارجية تعقيداته وتداعياته وعواقبه، فمن جهة أولى لم يتجاوز عدد المخالفين الذين سجلوا أسماءهم والتحقوا بمراكز الإيواء سوى 25 ألف مخالف، فيما لم تسجل الغالبية الساحقة اسماءها ولم تلتحق بمراكز الإيواء، ومن جهة أخرى وهذا هو الأسوأ أن الحكومة لم تستطع أن تنسق بصورة عملية وملائمة مع حكومات دول المخالفين أمر تنظيم عودتهم، فيما استغلت تلك الحكومات الظروف الاستثنائية لجائحة كورونا لتبرير عدم قدرتها على توفير محاجر لاستيعاب العائدين من مواطنيها، وبذلك نشأت مشكلة إنسانية وأمنية جديدة وخطيرة لم تحسب وزارة الداخلية لها حساباً تمثلت في تكدس عشرات آلاف البشر في مراكز إيواء مؤقتة يعانون من العزلة والإحباط ومن دون أي أفق واضح لموعد عودتهم إلى بلدانهم.
وعلى خلفية هذه المشكلة المستجدة الناجمة عن تخبط حكومي صارخ وقرارات متسرعة غير مدروسة شهدت أحد مراكز الإيواء في كبد مساء أمس أحداثاً مؤسفة تم الاكتفاء بالتعامل معها أمنياً، بينما تم تجاهل الأساب العميقة التي أوجدت هذه المشكلة، وسرعان ما تحولت تلك الأحداث إلى مادة للإثارة العنصرية البغيضة ضد الضحايا المستائين لتصبّ المزيد من الزيت على النار، من دون أن نستبعد في المقابل أن تتحول تلك الأحداث إلى مادة تحريضية قد تستغلها جهات خارجية.
ونحن في الوقت الذي لا نبرر فيه حوادث الفوضى، ولكننا لا نستطيع أن نتجاهل أسبابها، وننبه إلى أنه مالم تتم معالجة هذه المشكلة على نحو سليم يراعي العديد من الاعتبارات ومن ضمنها حقوق الإنسان والظرف الاستثنائي الراهن، فإن الأمر عرضة لأن يتكرر وربما أن يتسع.

الكويت في 4 مايو 2020

اخبار محلية

الأطباء الحفاة

عاد صراع الرأسمالية العالمية مع النظام الاشتراكي الذي كان قائماً في الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية بعوائد إيجابية على الأولى، لجهة أنها وجدت نفسها مضطرة لتطوير أدائها، وتوسيع دائرة الحماية الاجتماعية للمواطنين لتشمل فئات واسعة من العمال ومحدودي الدخل والفئات الوسطى، حدّ محاكاة بعض أوجه أنظمة الرعاية المتبعة في البلدان الاشتراكية.
كانت الغاية هي إضعاف مطالبات الأحزاب اليسارية والنقابات والحركة العمالية عامة التي كان لها صوت مسموع ومؤثر في الدول الرأسمالية، بالأخذ بالاشتراكية نظاماً في إدارة الدولة.
وهكذا نشأ ما كان يطلق عليه دولة الرفاه الاجتماعي، التي طبعت المرحلة المتقدمة للرأسمالية، بعد تجاوز دمار الحرب العالمية الثانية. ومع تجذّر مظاهر هذا الرفاه، الذي وجدنا له تجليات أكثر وضوحاً في البلدان الإسكندنافية خاصة، أصبح لدى الرأسمالية في وضع أفضل إزاء الصعوبات التي عانتها الدول الاشتراكية جراء الكلفة الباهظة للحرب الباردة وسباق التسلح والعزلة المفروضة عليها من الدول الغربية، فضلاً عن بعض مظاهر البيروقراطية والترهل، ما عجل بتحقيق الرأسمالية لهدفها بإسقاط الأنظمة الاشتراكية.
يومها تنفست الرأسمالية الصعداء، وعادت القهقرى لما كانت قد اضطرت للتراجع عنه من صور التغول والتوحش، وأطلق الثنائي ريجان - تاتشر، يومها، النسخة الجديدة من الرأسمالية، رأسمالية ما بعد الحرب الباردة، التي عرفت بالنيوليبرالية، وتضمنت تدابير صارمة ضيقت مجدداً من مساحة الرعاية الاجتماعية، عبر تدابير من نوع تحويل أنظمة الصحة والتعليم إلى السوق عبر خصخصتها، ورفع سن التقاعد وإفراغ قوانين العمل من محتواها الاجتماعي، وتقليص دور الدولة.
«كوفيد - 19» وضع هذه الليبرالية الجديدة على المحك. لم يعد للرأسمالية المتطورة، في نسختها المعولمة، الكثير كي تتباهى به. ها هي أنظمة الرعاية الصحية في أكثر دولها تقدماً ونفوذاً كأمريكا وبريطانيا عاجزة عن السيطرة على الموقف، فعدد المصابين بالفيروس اليوم تجاوز الثلاثة ملايين إنسان، فيما كان قبل نحو أسبوع لا يتجاوز المليون.


في زمن ماوتسي تونج بالصين أطلقت حملة للرعاية الصحية في الأرياف عرفت ب «الأطباء الحفاة» Barefoot doctors ، حيث جال هؤلاء الأطباء البر الصيني الشاسع لمعالجة القرويين مجاناً في قراهم. كان بعض هؤلاء الأطباء هم أنفسهم من المزارعين الذين تلقوا بعض التدريبات الطبية الأساسية في النظافة والوقاية وتنظيم الأسرة وعلاج الأمراض الشائعة.
هؤلاء «الأطباء الحفاة» الذين كانوا موضع تندر الدول الغربية المتطورة وسخريتها، أحدثوا فرقاً كبيراً في الوعي الصحي لدى مواطنيهم وحموهم من الكثير من الأمراض والأوبئة.
ألا يجدر السؤال عما إذا كان النظام الصحي الذي بنت دعائمه سواعد «الأطباء الحفاة» برهن على أنه أكثر فاعلية من النظام الصحي المحمي من الليبرالية الجديدة؟. أليس الموضوع جديرًا بالتفكر؟


د. حسن مدن

سورين بروسترم، السكرتير الدولي لمنظمة الشبيبة الشيوعية السابق، في الحزب الشيوعي الدنماركي، في أوائل سنوات الثمانينات من القرن الماضي، وهو واحد من اشهر اطباء أمراض النساء والولادة، وكان على امتداد سنوات طويلة بطلا في العديد من المهن الصحية، التي مارسها في المستشفيات والمراكز الصحية في الدنمار،ك، قبل أن يتألق، ويشتهر صيته، في فترة مكافحة وباء فيروس كورونا الفتاك، الذي عصف بالبلاد على حين غرة، حيث قد لعب دور الريادة فيما يمكن أن تكون أكبر كارثة صحية تشهدها الدنمارك منذ الحرب العالمية الثانية .

 مهمة قاسيةوصعبة للغاية :
أمضى، سورين بروسترم، أوقات صعبة ومضنية، منذ الأيام الأولى، التي اجتاح فيها وباء كورونا، الدنمارك على حين غرة، حيث قاد حملة التوعية الصحية، ونشر المعلومات الدقيقة، والأرقام المتعلقة بضحايا الأزمة في الدنمارك، وذلك من خلال المؤتمرات الصحفية اليومية، التي كانت تعقد في مقر رئاسة الوزراء في قاعة ” المرآة ” مع رئيسة الوزراء ميتي فريدريكسن، ووزير الصحة، ورئيس مجلس المصل الدنماركي، ورئيس جهاز الشرطة الدنماركية، وكان هدفه المباشر والأول، هو شن الحرب على الوباء ومكافحته بشتى السبل والوسائل، واسداء النصائح والإرشادات والتوجيهات والتعليمات الصحية للمواطنين، والتي كانت قد أدت دورها في الحقيقة والفعل، للتصدي لزحف هذا الوباء المميت، والحد من قدرة انتشارة بشكل واسع النطاق، في عموم البلاد .

الشجاعة في الموقف والقول :
ظل، سورين بروسترم، دائما واثقا من نفسه، وحريصا على قول الحقيقة والواقع، ومن اية مؤاربة أو مجاملة، كان يقول الأشياء مباشرة، بكل ثقة وشجاعة، ومن دون أي تردد، أو تراجع، حتى عندما يعترض السياسيين الدنماركيين، على بعض قراراته وتوصياته الصحية، فهو لا يعير لهم اي انتباه، فهذه هي مهنته وتخصصه، ولا يستطيع أحدا منهم المزاودة عليها، وذلك بإضافة إلى مركزه كرئيس للمجلس الوطني الدنماركي للصحة .

والد الدنماركيين :
أطلق العديد من المحللين الدنماركيين، على، سورين بروسترم، لقب ” الوالد ” حيث كان يزود المواطنين، لحظة تلو اخرى، بآخر التطورات والمعلومات المستجدة، حول تنامي الأزمة الصحية، وأرقام الضحايا والمرضى، والتنبؤات المنظورة للمستقبل، وبدوره الريادي هذا أصبح رجل المرحلة، وتقدم حتى على، رئيسة الوزراء ميتي فريدريكسن، في استطلاعات الرأي، التي نشرتها المراكز الدنماركية، المتخصصة في قياسات الرأي، حيث كان الدنماركيون، يستمعون بشغف لجميع نصائحه وإرشادات وتوجيهاته، أكثر مما كانوا يستمعون لتوجيهات، رئيسة الوزراء، ووزير الصحة، وكبار السياسيين في الدنمارك، فيما كان قد، وصفه اخرون، ب ” الرجل المسؤول النموذجي والموهوب” الذي جاء من أعماق الشيوعية، إلى أعلى مسؤول في المجلس الوطني الدنماركي للصحة، والذي ظل يتقدم الصفوف الأمامية في خط الدفاع الاول عن الصحة العامة في الدنمارك، بحيث أنه استطاع ان يجدر فكره وموهبته، في وعي غالبية الدنماركيين بوقت قياسي .

المولد والمنشأ :
سورين بروسترم، هو من مواليد، 4 حزيران/ يونيو 1965، في مدينة ارهوس ” عاصمة الدنمارك القديمة ” والمدينة التاريخية الثانية في البلاد في الوقت الحالي، وكان ابويه أطباء متخصصون في مجال الصحة، حيث كان والده، إخصائيا وباحثا في أمراض السرطانات، ووالدته، أخصائية وطبيبة اطفال، وعندما توفي والده، وهو في عمر الحادية عشرة، إنتقل مع والدته وشقيقه، بيتر، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كانت والدته حينها، قد غادرت الدنمارك، في العام 1978 لتلقي العلوم الطبية في الجامعة الأمريكية، وهناك، شاهد، سورين بروسترم، فضائع حالات الفقر والحرمان، التي كان يعيشها الفقراء والبؤساء، في اغنى دولة في العالم، ووجد الكثير من الاختلافات والتباينات الشديدة، بين الطبقات الغنية، و الطبقات الفقيرة في المجتمع الاميركي، وممارسة سياسات الاضطهاد والتمييز العنصري، ضد الأمريكيين السود، وكان من الواضح أنه قد تأثر بتلك المشاهد الكارثية، وفكر في كيفية الوقوف، إلى جانب المضطهدين والفقراء والمسحوقين، ليس فقط في الولايات المتحدة الأمريكية، والدنمارك، إنما في جميع أرجاء العالم، ومن هناك يبدو انها استيقظت كل مشاعره، وتجارب ووعيه الاجتماعي، والسياسي، والأخلاقي والانساني، التي نقلها معه بعد ذلك، إلى الدنمارك .

سيرة ذاتية :
واجه، سورين بروسترم، طفولة منطوية وعنيفة بعض الشيء، بعد موت والده، وهو مازال في زهرة شبابه وصباه، ولكنه من خلال مواهبه المتعددة والمبدعة، استطاع أن يتسلق الجبال الشاهقة، ويحقق الإنتصار الواحد تلو الآخر، في العديد من ميادين العلم والثقافة والاختصاص،فكان قد عمل في صغره، طاهيا، في عبارة كانت تنقل المسافرين، في مدينة ارهوس، وكان قارئا جيدا للكتب الروائية التاريخية، والسياسية لمشاهير السياسة والإقتصاد والأخلاق المجتمعية العامة، وكان طالبا موهوبا في المدرسة، وفي والجامعة، وعندما تخرج من الجامعة الطبية، عمل في وظائف عدة، ومنها المدير المسؤول للعلاج في عدد من مستشفيات العاصمة الدنماركية كوبنهاجن، وكان بحسب الكثيرين، طبيبا ماهرا ومقتدرا في العمل، حيث يكون باستطاعته، القيام بإجراء اية عملية قيصرية، في غضون ثمان دقائق فقط لاغير، ويتحدث، إلى المرضى، بكل ثقة وشجاعة، حول الخيارات الصعبة والمعقدة، التي يمكن أن تواجه النساء الحوامل، والأطفال الرضع، ويقدم النصائح والاستشارات، وكان ومستشارا صحيا لعدة سنوات، في مستشفى هيرلوف الدنماركي، وبعد كل تلك المسيرة الضافرة، والناجحة والباهرة، اصبح الرئيس الاول للمجلس الوطني الدنماركي للصحة، وأصبح رجل المرحلة الحالية، التي تتأمل فيها الدنمارك للخروج من الأزمة الصحية الحالية، باقل الخسائر البشرية، والمعنوية، والمادية .

هاني الريس

١ مايو ٢٠٢٠

بمناسبة عيد العمال العالمي ٢٠٢٠ ، أكدت الحركة التقدمية الكويتية أن أزمة فايروس كورونا كشفت الوجه الجشع للنظام الرأسمالي بتوجهه نحو اُسلوب الفصل التعسفي وتقليل الأجور إضافة إلى بروز ملف الاتجار بالبشر.
وقالت في بيان صحفي اليوم بمناسبة عيد العمال العالمي 2020 الذي يصادف غداً إن تعاطي النظام الرأسمالي وفشله في مواجهة أزمة كورونا أعادت للواجهة من جديد القضية الاجتماعية وتحقيق العدالة والأمن للطبقة العاملة في الكويت وخارجها.
وأوضحت أن عيد العمال العالمي يحل هذا العام فيما تشتد أزمة النظام الرأسمالي العالمي ويتأكد فشله في تلبية ضروريات الحياة للمجتمعات، حيث فضحت أزمة كورونا أكثر فأكثر الاختلالات البنيوية والأزمة العميقة التي يعاني منها هذا النظام الاقتصادي الاجتماعي.
وأكدت أن الطبقة العاملة في شتى بقاع الأرض لم تسلم من اجراءات الفصل التعسفي والتقليل المتعمد للرواتب والمعاشات، ما زاد من آلام معاناة العمال وجموع الكادحين في كل أرجاء العالم ما جعل طبقة العمال اليوم في مواجهة مباشرة مع طبقة الرأسماليين لاشتداد التضارب بين مصالحهما "فالعمال يهدفون لسد حاجاتهم اليومية فيما يسعى الرأسماليون إلى استغلال الأزمة وتراكم ثرواتهم".
ودعت الحركة التقدمية، بهذا الخصوص، الحركة النقابية العمالية إلى الوحدة والتضامن والاحتكام إلى مبادئ العمل النقابي ومنطلقاته الطبقية وآلياته الديمقراطية والمؤسسية حتى تكون الحركة النقابية العمالية قادرة على الدفاع عن حقوق العمال والموظفين والتصدي لمحاولات التعدي على مكتسباتهم الاقتصادية الاجتماعية.

وهذا نص البيان:

تحتفل الطبقة العاملة وجميع شغيلة اليد والفكر والعاملين بأجر في العالم أجمع بعيد العمال العالمي، الذي يمثّل مناسبة أممية للتضامن العمالي في الكفاح المشترك ضد الاستغلال الرأسمالي ومن أجل العيش الكريم وتحقيق مطالب العمال في تحسين أجورهم وظروف عملهم والدفاع عن مكتسباتهم الاجتماعية وصولاً إلى التحرر والانعتاق النهائي من اضطهاد الرأسماليين والقضاء على استغلال الإنسان للإنسان وإقامة مجتمع عادل.
ويحل عيد العمال العالمي هذا العام فيما تشتد أزمة النظام الرأسمالي العالمي ويتأكد فشله في تلبية ضروريات الحياة للمجتمعات، حيث فضحت أزمة فايروس كوفيد-19 أكثر فأكثر الاختلالات البنيوية والأزمة العميقة التي يعاني منها هذا النظام الاقتصادي الاجتماعي، فلم تسلم الطبقة العاملة في شتى بقاع الأرض من اجراءات الفصل التعسفي والتقليل المتعمد للرواتب والمعاشات، ما زاد من آلام معاناة العمال وجموع الكادحين في كل أرجاء العالم، وأدى بالطبع إلى عودة القضية الاجتماعية إلى صدارة المشهد مجددًا، واثبةً فوق كل الصراعات الطائفية والأثنية الهامشية، فقد أصبحت طبقة العمال اليوم في مواجهة مباشرة مع طبقة الرأسماليين لاشتداد التضارب بين مصالحهما، فالعمال يهدفون لسد حاجاتهم اليومية فيما يسعى الرأسماليون إلى استغلال الأزمة وتراكم ثرواتهم، ولهذا تكرر الحركة التقدمية الكويتية دعوتها للحركة النقابية العمالية إلى الوحدة والتضامن والاحتكام إلى مبادئ العمل النقابي ومنطلقاته الطبقية وآلياته الديمقراطية والمؤسسية وذلك لتكون الحركة النقابية العمالية قادرة على الدفاع عن حقوق العمال والموظفين والتصدي لمحاولات التعدي على مكتسباتهم الاقتصادية الاجتماعية.
وبهذه المناسبة تجدد الحركة التقدمية الكويتية تقديرها الكبير لأبطال الكويت في الصفوف الأمامية من أطباء وممرضين وفنيين ومسعفين ورجال أمن وحدود والعاملين في الدفاع المدني وعمال النفط ومحطات توليد الطاقة الكهربائية والمياه والمتطوعين وغيرهم، الذين يكافحون من أجل انتشال الوطن من هذه الجائحة وخدمة المواطنين والمقيمين على حدٍّ سواء، كما أننا نهيب بالدولة ومؤسساتها بضرورة الحفاظ على سلامتهم وتوفير كل سبل الحماية وأدوات الوقاية.
وعلى صعيد آخر فقد برزت وبشكل عميق أزمة جريمة الاتجار بالبشر في دولة الكويت، التي كان النظام الرأسمالي بجشعه ونظام الكفالة العبودي سببًا رئيسيًا وراء انتشار مثل هذه الممارسات البشعة وغير الإنسانية، حيث أن هذا الاتجار الإجرامي المتمثل بما يسمى تجارة الإقامات كدّس أعداداً مهولة من العمال في مساكن لا تصلح للاستخدام الآدمي وخالية من أبسط مقومات الحياة الكريمة، بلا وظائف ولا مصادر دخل، ما ساهم في انتشار الفايروس بشكل يهدد حياتهم ويهدد المنظومة الصحية في البلد، ناهيك عن اختلال التركيبة السكانية، ولذلك تعد مهمة رصد مجرمي تجارة الإقامات ومحاسبتهم مدنياً وجزائياً أحد أهم مهمات السلطة بعد انقضاء الأزمة الحالية.
وفي هذا السياق فإننا نرفض موجة الاتهامات العنصرية التي تحاول تصوير العمال الوافدين على أنهم مصدر المرض وسبب انتشاره، بينما هم في واقع ضحايا الاستغلال الرأسمالي البشع ومعرضون أكثر من غيرهم لمخاطر الإصابة بالأمراض نتيجة واقعهم المعيشي المزري.
وفي الختام، تتوجه الحركة التقدمية الكويتية بالتحية إلى جميع الأحزاب العمالية والاشتراكية والشيوعية والتقدمية في مختلف بلدان العالم بمناسبة عيد العمال العالمي، وتعبّر عن تضامنها مع كفاح الشعوب وجموع الكادحين، وتتضامن على نحو أخص مع الشعب العربي الفلسطيني في نضاله العادل ضد الاحتلال الصهيوني ومن أجل تحرره وقيام دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس.

عاش الأول من مايو رمزاً للتضامن العمالي… والتحية لعمال الكويت وعمال العالم أجمع في يوم عيدهم.

الكويت في ٣٠ أبريل ٢٠٢٠

القيم الأخلاقية والمسؤولية الإنسانية وثقافة الانتماء الوطني التي تتميز بها فئة نادرة في المجتمع عندما تلتقيهم وتستمع إلى حديثهم وروح التضحية المسؤولة التي يؤكدون على قيمها كأطباء تعود بك الأحداث المفاجئة حينما يلبي هذا النوع النادر من البشر نداء الواجب ويكونون في طليعة الأفواج التي هبت لحماية الإنسانية ومجتمعهم الذي أقسموا على أن يكون في مقدمة الصفوف، فيعملون بإخلاص في أداء واجبهم وبذل ما يمكن من جهد لحمايته من الخطر الذي يهدد أمنه الصحي.

لنفاجأ بالخبر العاصف في ظل معركة الكفاح من أجل الحياة والبقاء بمكافحة عدو الإنسانية فيروس كورونا المستجد بإصابة الشخص الذي التقيته قبل فترة بالفيروس وهو يعمل في طليعة جيش الأطباء في وطنه لحماية أبناء جلدته من خطر الفيروس، ينقلك الخبر إلى شريط الذكريات وأحاديثه المؤكدة على مسؤولياته الوطنية والإنسانية.

الخبر المفاجئ جعلني أعيد التمعن في الكلمات الموجزة للدكتور حمد الأنصاري ابن دولة الكويت الشقيقة الذي تصدر طلائع العمل الإنساني لحماية أبناء وطنه من خطر جائحة الوباء كورونا الذي تلقيته الساعة 4:51 مساء الاثنين 27 أبريل 2020م، - الحمد لله على كل حال، قدر الله وما شاء فعل، تم إبلاغي بتأكد إصابتي بفيروس كورونا المستجد- كلمات موجزة لكنها تحمل في طياتها معان بعيدة المفاهيم الإنسانية.

القيمة الأخلاقية للدكتور حمد الأنصاري تجعلك تتوقف عند الخبر المؤسف وتتذكر قيمة حديثه ومعانيه الإنسانية التي تجعلك تعيش الفرح والسعادة بوجود هذه القامات في مجتمعنا، وكان ما استمعنا إليه منه أكد مضمون فعله حين صار في مقدمة متصدري قوافل العمل الإنساني في بلاده، إذ كان في طليعة فريق الأطباء الكويتيين وفي صف المواجهة الأول في العديد من المحاجر ورحلات إجلاء الكويتيين من الخارج.

الطموح الذي كان ينشده عندما التحق بكلية الطب في جامعة الكويت كان الهم المعزز بالانتماء والمسؤولية الوطنية خدمة مجتمعه ووطنه الكويت والإنسانية وحين تخرج من الجامعة والتحق كطبيب في الصحة الوقائية، أخذ في توسيع نشاطه الوطني وصار عنصرًا نشيطًا في صفوف الحركة التقدمية الكويتية، وعندما اجتاح وباء كورونا وطنه الكويت دفعه الواجب الوطني أن يكون جنديًا وطنيًا فاعلًا في صفوف ملائكة الرحمة الذين يضحون لدرء الخطر عن مجتمعاتنا وصناعة السعادة في أرجاء المعمورة.

تحية تقدير وإجلال إلى ملائكة الرحمة في كل بقاع الأرض، إنكم فخرنا الإنساني.

بقلم: د. شبّر الوداعي
عضو المحلس البلدي في مملكة البحرين، وخبير بيئي

باسمي ونيابة عن رفيقاتي ورفاقي أعضاء الحركة التقدمية الكويت نرحب بأعضاء الفريق الصيني المتخصص في مجالات الوقاية من الأمراض المعدية ومكافحتها وعلم الأوبئة والعلاج الطبي المكثف واختبار الحمض النووي.
ونقدّر عالياً جهود هذا الفريق الطبي القادم من جمهورية الصين الشعبية متطلعين بأمل إلى جهوده الخيرة في مكافحة جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد ١٩) ومساندة الطواقم الطبية والوقائية والتمريضية الكويتية.
ونرى أن قدوم هذا الوفد إلى بلادنا تعبير ملموس عن التضامن الأممي المطلوب في مثل هذا الظرف العصيب لمواجهة الجائحة، كما أنه مثال حيّ على عمق العلاقات بين الشعبين والبلدين الصديقين دولة الكويت وجمهورية الصين الشعبية القائمة على الاحترام والتعاون والمنفعة المتبادلة.

الكويت في ٢٨ أبريل ٢٠٢٠

حذرت الحركة التقدمية الكويتية من استغلال العدو الصهيوني انشغال العالم في مكافحة جائحة فيروس كورونا المستجد لينفذ مخططاته بضم غور الأردن والمستوطنات المغتصبة في الضفة الغربية خلال شهر يوليو/ تموز المقبل.
وقالت الحركة في بيان صحفي اليوم الجمعة إن أركان الائتلاف الحكومي الجديد للكيان الصهيوني أعلنوا عن اتفاقهم على البدء بطرح مشروع قانون لضم غور الأردن والمستوطنات المغتصبة في الضفة الغربية في إطار تنفيذ المشروع التآمري الأميركي - الصهيوني المسمى "صفقة القرن"، الذي يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وشطب الحقوق الوطنية المشروعة للشعب العربي الفلسطيني.
وجددت الحركة رفضها لمشروع القانون الصهيوني الجديد، داعية كل الدول المحبة للسلام والمعارضة للاحتلال والعدوان وقوى الحرية والديمقراطية والتقدم والأحزاب العمالية والشيوعية والاشتراكية في مختلف بلدان العالم الى إعلان رفضها الصريح لهذا المشروع العدواني، وتقديم مختلف أشكال التضامن والدعم لنضال الشعب العربي الفلسطيني من أجل استعادة حقوقه الوطنية المشروعة وفي مقدمتها حق العودة وحق تقرير المصير وحقه في قيام دولته الوطنية المستقلة على أرض وطنه وعاصمتها القدس وتصفية الكيان الصهيوني الغاصب والعنصري.

وهذا نص البيان:

يستغل العدو الصهيوني الغاصب بدعم غير محدود من الإمبريالية الأميركية انشغال العالم بأسره في مكافحة جائحة فيروس كورونا المستجد لينفذ مخططاته العدوانية ومشروعاته التوسعية، مستفيداً في الوقت ذاته من تواطؤ الأنظمة العربية ومسارعتها نحو التطبيع معه، ومستفيداً كذلك من حالة الانقسام المؤسفة بين فتح وحماس؛ بالإضافة إلى الغطاء الذي يوفره له الرهان الخاسر للقيادة الرسمية الفلسطينية على المفاوضات غير المتكافئة والاتفاقيات المجحفة.
فها هم أركان الائتلاف الحكومي الجديد للكيان الصهيوني يعلنون اتفاقهم على البدء في طرح مشروع قانون لضم غور الأردن والمستوطنات المغتصبة في الضفة الغربية خلال شهر يوليو/ تموز المقبل، وذلك في إطار تنفيذ المشروع التآمري الأميركي - الصهيوني المسمى "صفقة القرن"، الذي يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وشطب الحقوق الوطنية المشروعة للشعب العربي الفلسطيني.
ونحن في الحركة التقدمية الكويتية في الوقت الذي سبق أن أعلنا فيه رفضنا لتلك الصفقة التآمرية التصفوية، فإننا نعلن اليوم رفضنا لمشروع القانون الصهيوني الجديد، ونتوجه إلى كل الدول المحبة للسلام والمعارضة للاحتلال والعدوان، وكذلك إلى كل قوى الحرية والديمقراطية والتقدم والأحزاب العمالية والشيوعية والاشتراكية في مختلف بلدان العالم ونطالبها بإعلان رفضها الصريح لهذا المشروع العدواني، وتقديم مختلف أشكال التضامن والدعم لنضال الشعب العربي الفلسطيني من أجل استعادة حقوقه الوطنية المشروعة وفي مقدمتها حق العودة وحق تقرير المصير وحقه في قيام دولته الوطنية المستقلة على أرض وطنه وعاصمتها القدس وتصفية الكيان الصهيوني الغاصب والعنصري.
كما نتوجه إلى القوى الشعبية والتحررية العربية وندعوها إلى ضرورة العمل على فضح أنظمة العمالة والتواطؤ، ورفض كافة أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، والربط بين نضالات شعوبنا العربية الهادفة إلى تحقيق التغيير الوطني والديمقراطي والاجتماعي في بلداننا بالنضال ضد الهيمنة الإمبريالية الأميركية ومن أجل قيام بلدان عربية متحررة تكون قادرة بالفعل وليس بالقول والإدعاء على التصدي للمشروع التوسعي العدواني الصهيوني.
وفي الختام فإننا في الحركة التقدمية الكويتية على ثقة أكيدة من أن شعبنا العربي الفلسطيني سيدحر هذه الصفقة التآمرية وسيقاوم المشروعات التصفوية لقضيته الوطنية، مجددين دعمنا لجهود القوى الوطنية والتحررية والتقدمية الفلسطينية الهادفة إلى تجاوز الحالة الراهنة والساعية نحو:


1- تفعيل المقاومة الشعبية للاحتلال وصولاً إلى انتفاضة شاملة، وتوحيد طاقات الشعب الفلسطيني.


2- الإسراع في إنهاء الانقسام بين فتح وحماس.


3- وقف العمل بكافة الاتفاقيات الموقعة مع الكيان الصهيوني وذلك وفقاً لما ما تم الإجماع عليه وطنياً في المجلس الوطني (الدورة 23) والمجلس المركزي (الدورتان 27 و28) بإنهاء العمل بالمرحلة الإنتقالية، وإلغاء العمل بإتفاق أوسلو، والتحرر من التزامات بروتوكول باريس، بما في ذلك “كحد أدنى” سحب الاعتراف بإسرائيل، ووقف التنسيق الأمني.


4- توسيع حملة مقاطعة الكيان الصهيوني، وإعادة بناء حركة تضامن دولية مع الشعب العربي الفلسطيني لإنهاء الاحتلال وتصفية الكيان العنصري الغاصب.

الكويت في 24 أبريل/ نيسان 2020

تابعت الحركة التقدمية الكويتية باهتمام المبادرة التي أطلقها أخيراً الزعيم الوطني التاريخي الدكتور أحمد الخطيب بعنوان (المطلوب مصالحة لا عفو)، التي حظيت بدرجة ملحوظة من اهتمام الرأي العام، وذلك على الرغم من كونها ليست الدعوة الأولى للمصالحة السياسية أو الوطنية لطيّ صفحة الأزمة السياسية الممتدة منذ العام ٢٠١٠، وعلى الرغم كذلك من عدم وجود مشروع متكامل لهذه المبادرة وآليات تحقيقها، ناهيك عن عدم وضوح مدى استعداد السلطة للتجاوب معها في ظل موازين القوى الحالية، إلا أن هذه المبادرة اكتسبت أهمية خاصة بسبب المكانة السياسية والمعنوية للدكتور أحمد الخطيب، ولأنها أطلقت ضمن ظرف يطغى عليه مزاج تصالحي جراء التحدي المتمثل في جائحة فيروس كورونا المستجد وما يتطلبه من تضامن وتسخير مختلف الجهود وتعبئتها لمكافحة الجائحة وتداعياتها.
ونحن نرى أن الدعوات المتكررة التي يجري طرحها بين وقت وآخر حول المصالحة السياسية أو الوطنية، تدلل على وجود حاجة موضوعية للبحث عن مخرج من استمرار الدوران المرهق في الحلقة المفرغة للأزمة السياسية وتداعياتها طوال العقد الزمني الأخير، ولكننا مع ذلك كله، وبعيداً عن الانسياق وراء أية أوهام أو تقديرات مبالغ فيها، فإننا في الحركة التقدمية الكويتية معنيون بتوضيح النقاط والمنطلقات والأسس والاعتبارات التالية:

أولاً: إن الدعوة للمصالحة أمر مفهوم في عالم السياسة، وهناك شواهد سابقة عليها محلياً وعالمياً في فترات مواجهة التحديات الكبرى وفي الفترات الانتقالية وعند بروز ظروف استثنائية… ولكن هذه المصالحات أياً كانت لا يمكن أن تلغي وجود مصالح اقتصادية واجتماعية متناقضة، ولا تعني طمس الخلافات والمواقف السياسية والفكرية المتباينة، كما أنها لا تعني التسليم والرضوخ وإنما هي تمثل شيئاً من التفاهم المبني على درجة من الثقة المتبادلة لطيّ صفحة سابقة وتسوية أوضاعها ووضع أسس متوافق عليها لمرحلة جديدة، ومن الشواهد التاريخية على ذلك ما حدث بعد استقلال الكويت، وكذلك ما حدث من أجواء تصالحية بعد الصراع الذي دار في المجتمع الكويتي بعد تزوير انتخابات ١٩٦٧ عبر اطلاق سراح المحكومين في قضية أمن الدولة الأولى وبيان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في ٢٤ يونيو ١٩٧٠، التي مهدت لإجراء انتخابات ١٩٧١ وحالة الانفراج التي امتدت إلى العام ١٩٧٦ وتحققت خلالها انجازات وطنية كبرى كان أبرزها تأميم النفط، وأخيراً مؤتمر جدة الشعبي خلال فترة الاحتلال والتزام السلطة بعودة العمل بالدستور بعد التحرير.

ثانياً: إننا نتفق مع القول بأن المصالحة لا تعني مجرد العفو عن المحكومين والمحبوسين والملاحقين في قضايا الرأي والتجمعات والقضايا السياسية، ولا يجوز حصرها فيه، ولكن هذا العفو بعيداً عن أي إذلال أو انتقام هو أحد أهم العناوين الرئيسية لأي مصالحة مستحقة، شأنه في ذلك شأن العناوين الثلاثة الأخرى التي تمثل مداخل لتحقيق حالة إنفراج سياسي، وهي:
١- إلغاء ما تبقى من قرارات انتقامية تتصل بسحب الجنسية الكويتية لأسباب سياسية.
٢- تفكيك ترسانة القوانين المقيدة للحريات.
٣- التوافق على نظام انتخابي ديمقراطي بديل لنظام الصوت الواحد المجزوء الذي عانت الكويت ولاتزال تعاني من أضراره وعواقبه.

ثالثاً: إن المصالحة يجب أن تستند إلى الأسس الدستورية ومبادئ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وبالتالي فإن أي مصالحة لا تعني إطلاقاً منح تفويض سياسي أو شعبي لإطلاق يد السلطة في اتخاذ ما تراه من اجراءات، بل يجب الانتباه إلى ما كان مطروحاً من توجهات لاستهداف الدستور، وما يدور من محاولات لتمرير مشروعات تعويض تنفيعية منحازة طبقياً تحت غطاء مواجهة الأزمة وتداعياتها، ناهيك عما يتم تداوله حول مصير مجلس الأمة، على الرغم من كل تحفظاتنا واعتراضاتنا الجدية على المجلس الحالي… ومن هنا فإنه يجب التنبيه كذلك إلى أن أي مصالحة لا يجب أن تكون صفقة سياسية خارج الإطار الدستوري ولا هي غطاء للانفراد السلطوي بالقرار.

رابعاً: إن أي مصالحة سياسية أو وطنية جدية لا معنى لها مالم يتم التوافق فيها على اتخاذ اجراءات جدية لمكافحة الفساد ووقف النهب المنظم لمقدرات الدولة، وتشكيل حكومة إصلاحية ذات نَفَس ديمقراطي تعالج المشكلات المزمنة والقضايا العالقة والمستجدة مثل آثار وتداعيات ما بعد أزمة الكورونا، ومعالجة مشكلة الاعتماد على مورد اقتصادي وحيد؛ وقضية التركيبة السكانية؛ والكويتيين البدون ، وإلزام القطاع الخاص للقيام بمسؤوليته الاجتماعية، وتصحيح المسار المتبع في إدارة الدولة، وأن تراعي هذه الحكومة في سياساتها الاقتصادية المصلحة الوطنية واعتبارات العدالة الاجتماعية، بحيث تتوجه نحو بناء كويت جديدة على أسس جديدة، مثلما كان هذا الاستحقاق قائماً بعد التحرير في العام ١٩٩١ الذي تعمدت السلطة والقوى الطبقية المتنفذة حينذاك تجاهله وتعطيله.

الكويت في ١٤ أبريل ٢٠٢٠

شددت الحركة التقدمية الكويتية على ضرورة التثبت من أنّ الدين العام الكويتي هو الخيار الأنسب فعلاً في هذه المرحلة، مع التأكيد على عدم استغلاله في التنفيع والتعويض.
وقالت الحركة في بيان صحفي اليوم الأحد أن الدين العام باقتراض مبلغ لا يتجاوز 20 مليار دينار يتطلب من الحكومة على نحو شفاف أن ترد على تساؤلات أساسية مستحقة.
وأضافت أن أهم هذه التساؤلات هي ما إذا كانت حاجة فعلية وضرورة عملية لهذا الاقتراض؟ وماهي الأعباء المالية التي ستتحملها الدولة جراء ذلك؟ وهل هناك بدائل أخرى أفضل؟ وماهي أوجه صرف المبالغ المقترضة؟
ولفتت الحركة إلى وجود شكوك متزايدة وعدم الثقة الكافية بالنفي الحكومي حول صلة هذا الاقتراض بحزم التحفيز المليارية التنفعية التي أطلقتها بعض الجهات، وكان بعضها قد حدد مبلغ 20 مليار دينار تحديداً لمطالباته برصد الدولة لما يسمى الميزانية التحفيزية.
وأكدت الحركة أن اللجوء إلى الدين العام كان نتيجة حتمية لسوء الإدارة الحكومية للمالية العامة للدولة عبر التضخيم المبالغ فيه سنة بعد أخرى للمصروفات في بنود ليست أساسية، وعبر نهج قائم على الهدر والتنفيع وعدم الجدية في مكافحة الفساد، سواء في تسعير المناقصات والمشروعات الحكومية أو في فتح الأبواب على مصاريعها للثغرة التنفيعية المسماة "الأوامر التغييرية".
ودعت إلى تغيير النهج الحكومي الفاشل، مالم يكن المتعمد، في التعامل غير الجدي مع قضايا التنمية وتنويع مصادر الدخل وتحميل القطاع الخاص وظائفه الاجتماعية في تشغيل العمالة الكويتية وتمويل الميزانية عبر فرض الضرائب التصاعدية على دخول الأثرياء البنوك والشركات الكبرى.

وهذا نص البيان:

لسنا هنا بصدد الخوض في تفاصيل فنية والدخول في جدل أكاديمي حول مشروع قانون الدين العام الذي أحالته الحكومة إلى مجلس الأمة بالإذن للحكومة خلال مدة عشر سنوات باقتراض مبلغ لا يتجاوز 20 مليار دينار عن طريق إصدار أذونات الخزانة أو السندات أو الصكوك أو الاقتراض المباشر من المؤسسات المالية، ولكن هناك ضرورة ملحة من النواحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لأن توضح الحكومة على نحو شفاف وترد بوضوح على تساؤلات أساسية مستحقة، أصبحت مثار اهتمام الرأي العام الشعبي، وأهمها:
ما إذا كانت حاجة فعلية وضرورة عملية لعودة الدولة مجدداً إلى آلية الاقتراض، التي سبق أن انتهى في أكتوبر من العام 2017 التفويض القانوني السابق في شأنها؟… ومدى سلامة هذا القرار؟… وماهي الأعباء المالية التي ستتحملها الدولة جراء الاقتراض من احتساب لكلفة الفوائد وخدمة الدين العام؟… وهل هناك بدائل أخرى أفضل؟… وماهي أوجه صرف المبالغ المقترضة؟ خصوصاً في ظل الشكوك المتزايدة وعدم الثقة الكافية بالنفي الحكومي حول صلة هذا الاقتراض بحزم التحفيز المليارية التنفعية التي أطلقتها بعض الجهات، وكان بعضها قد حدد مبلغ 20 مليار دينار تحديداً لمطالباته برصد الدولة لما يسمى الميزانية التحفيزية.
وبالنسبة لنا في الحركة التقدمية الكويتية فإننا نرى أن عودة الدولة مجدداً إلى آلية الاقتراض، بغض النظر عن التفاصيل والمبررات، إنما تكشف بوضوح مدى سوء الإدارة المالية للدولة، وعلى وجه التحديد عبر التضخيم المبالغ فيه سنة بعد أخرى لمصروفات الدولة في بنود ليست أساسية ضمن الميزانيات المتعاقبة، وعبر النهج الحكومي القائم على الهدر والتنفيع وعدم الجدية في مكافحة الفساد، سواء في تسعير المناقصات والمشروعات الحكومية أو في فتح الأبواب على مصاريعها للثغرة التنفيعية المسماة "الأوامر التغييرية".
وبشكل عام، فإنّنا نرى أن "عجز الميزانية" وتآكل الاحتياطي العام للدولة، أو العودة إلى آلية الاقتراض لتمويل العجز، إنما هي نتائج متوقعة للنمط الاقتصادي السائد المتمثل في الاعتماد على مورد وحيد متذبذب الأسعار، وتأكيد ملموس على الفشل الذريع للادعاءات الحكومية بشأن التنمية؛ وعدم الجدية في تنويع مصادر الدخل، بالإضافة إلى سياسة الحكومة في تجاهل ما يفترض أن يتحمّله القطاع الخاص من مسؤوليات اجتماعية في تمويل الميزانية عبر الضرائب وتشغيل العمالة الوطنية.
وبالتالي، فإنه لابد الآن أكثر من أي وقت مضى من البدء بتغيير النهج الحكومي الفاشل، مالم يكن المتعمد، في التعامل غير الجدي مع قضايا التنمية وتنويع مصادر الدخل وتحميل القطاع الخاص وظائفه الاجتماعية في تشغيل العمالة الكويتية وتمويل الميزانية عبر فرض الضرائب التصاعدية على دخول الأثرياء البنوك والشركات الكبرى، ولابد من التوجه نحو معالجة جدية لسوء الإدارة المالية للدولة، والعمل على وضع حد للتضخيم المبالغ فيه لبنود الصرف غير الأساسية وللهدر والتنفيع الموجه لمصالح قلة من كبار الرأسماليين الطفيليين على حساب الغالبية الساحقة من المواطنين.

الكويت في 5 أبريل 2020

رحبت الحركة التقدمية الكويتية بحذر بالقرارات الاقتصادية الحكومية التي صدرت البارحة من اجتماع مجلس الوزراء 31 مارس بشأن تداعيات (أزمة كورونا) والتي لم تستجب لمقترحات التنفيع من كبار الرأسماليين إلا أنها في الوقت نفسه تتحفظ على بعض التفاصيل التي قد تكون ملتبسة.
وقالت الحركة في بيان صحفي اليوم الأربعاء إن موقفها المرحب بالقرارات هو نتيجة عدم تلبية الحكومة لما تضمنته مذكرات كبار الرأسماليين من دعوات ومطالبات موجهة لخدمة مصالحهم الطبقية المباشرة التي كانت تطالب برصد الدولة ميزانية تتراوح بين 6 إلى 8 مليارات دينار وفق مذكرة غرفة التجارة و20 مليار دينار وفق مذكرة ما يسمى مجموعة رجال الأعمال المقدمتين للحكومة.
وأضافت أن تلك المقترحات السيئة كانت تسعى إلى الحصول على التمويل من الاحتياطي أو بالاقتراض عبر إصدار قانون للدين العام، وتوجيه هذه الميزانية لدعم البنوك والشركات الكبرى على شكل تعويضات مباشرة تشمل من بين ما تشمل شراء الدولة أسهم شركاتهم.
وأشارت إلى بعض التفاصيل الإيجابية في القرارات الحكومية التي تتمثّل في التأكيد على أولوية معالجة أوضاع المتضررين الفعليين من القوى العاملة والشركات المنتجة والصغيرة والمتوسطة ورفض مبدأ التعويض للشركات والبنوك وعدم الاستجابة لمطلب شراء أسهم الشركات.
وأبدت الحركة في الوقت نفسه تخوفها من استغلال البند السابع من قرارات مجلس الوزراء الذي ينص على "تقديم قروض بشروط ميسرة وطويلة الأجل للشركات والعملاء المتضررين، تقدمها البنوك المحلية" موضحة أن هذا البند لم يحدد نوعية هذه الشركات وطبيعة عملها وحدود التزام الدولة تجاه القروض.
وأعربت الحركة عن خشيتها مما ورد في بيان مجلس الوزراء الذي وصف قراراته بأنها مجرد "عناوين رئيسية لحل آني قابلة للتعديل" إذ يمكن استغلال هذا لاحقاً وخصوصاً عندما يخف تأثير الرأي العام الشعبي، في تبني الحكومة مجدداً لمطالبات كبار الرأسماليين في تسخير أموال الدولة للتعويض وشراء أسهم شركاتهم.

وهذا نص البيان:

بعيداً عن أية أوهام أو مبالغات متفائلة من جهة أو موقف عدمي مستخف من جهة أخرى، فإننا نقدّر باهتمام القرارات الاقتصادية الحكومية التي صدرت عن اجتماع مجلس الوزراء البارحة 31 مارس بشأن معالجة تداعيات أزمة كورونا، وذلك من زاوية محددة وهي عدم استجابة الحكومة، تحت تأثير الرأي العام الشعبي، لكامل مقترحات التنفيع التي طرحها ممثلو كبار الرأسماليين في مذكراتهم واجتماعاتهم تحت ذريعة تحفيز الاقتصاد، وعدم تلبيتها ما تضمنته مذكراتهم من دعوات ومطالبات موجهة لخدمة مصالحهم الطبقية المباشرة التي كانت تطالب برصد الدولة ميزانية تتراوح بين 6 إلى 8 مليارات دينار وفق مذكرة غرفة التجارة و20 مليار دينار وفق مذكرة ما يسمى مجموعة رجال الأعمال المقدمتين للحكومة بحيث يتم تمويلها من الاحتياطي أو بالاقتراض عبر إصدار قانون للدين العام، وتوجيه هذه الميزانية لدعم البنوك والشركات الكبرى على شكل تعويضات مباشرة تشمل من بين ما تشمل شراء الدولة أسهم شركاتهم.
ومن حيث التفاصيل فإن الجوانب الايجابية في القرارات الحكومية تتمثّل أولاً في التأكيد على أولوية معالجة أوضاع المتضررين الفعليين من القوى العاملة والشركات المنتجة والصغيرة والمتوسطة، وتتمثّل ثانياً في رفض مبدأ التعويض للشركات والبنوك، وتتأكد ثالثاً في عدم الاستجابة لمطلب شراء أسهم الشركات، ولكننا في المقابل لا نخفي التخوف من استغلال البند السابع من قرارات مجلس الوزراء الذي ينص على "تقديم قروض بشروط ميسرة وطويلة الأجل للشركات والعملاء المتضررين، تقدمها البنوك المحلية"، الذي لم يحدد نوعية هذه الشركات وطبيعة عملها وحدود التزام الدولة تجاه القروض… كما أننا نخشى مما ورد في بيان مجلس الوزراء الذي وصف قراراته بأنها مجرد "عناوين رئيسية لحل آني قابلة للتعديل" إذ يمكن استغلال هذا لاحقاً وخصوصاً عندما يخف تأثير الرأي العام الشعبي، في تبني الحكومة مجدداً لمطالبات كبار الرأسماليين في تسخير أموال الدولة للتعويض وشراء أسهم شركاتهم.
ومن هنا فإننا في الحركة التقدمية الكويتية معنيون بالتأكيد على أهمية وتأثير توعية الرأي العام الشعبي وتعبئته في مختلف القضايا والمطالب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وخصوصاً في قضايا محاربة الفساد والتصدي للتنفيع ومنع الانتقاص من المكتسبات الشعبية والاجتماعية، وهذا ما ساهمت الحركة التقدمية الكويتية في العمل على تحقيقه، ونستذكر هنا ما سبق أن حدث على نحو مشهود في معركة التصدي لمشروع قانون الخصخصة في ربيع العام 2010، قبل عشر سنوات، وأدى إلى حظر خصخصة النفط والصحة والتعليم، وما كان يمثله ذلك من انتصار هام للقوى الشعبية والعمالية، ولكنه بالتأكيد لم يكن انتصاراً نهائياً، ذلك أن الصراع حول خصخصة النفط والصحة والتعليم لم يتوقف يوماً ولا يزال مستمراً، وكذلك هي الحال الآن في المواجهة الجارية بين مخططات كبار الرأسماليين للحصول على أكبر قدر من المنافع والأموال عبر استغلال أزمة كورونا أو غيرها من جهة وبين الموقف الشعبي الرافض الذي تصدى لهذه المخططات من جهة أخرى، الذي يمثل انتصاراً هاماً لا يجب التقليل من قيمته، ولكنه بالطبع ليس انتصاراً نهائياً، ناهيك عن ضرورة الحذر من الانسياق وراء أوهام تبدل الطبيعة الطبقية للسلطة أو تراجع السطوة السياسية لرأس المال الكبير.

الكويت في الأول من أبريل 2020

عارضت الحركة التقدمية الكويتية مقترحات غرفة تجارة وصناعة الكويت التي قدمتها إلى الحكومة لمواجهة تداعيات أزمة فايروس كورونا تحت ذريعة تحفيز الاقتصاد.
وقالت الحركة في بيان صحفي اليوم إن رؤيتها لمواجهة الوضع الحالي تكون بوضع بدائل حقيقية تتمثل بالاهتمام في تعزيز دور الدولة الاقتصادي والخدمي خصوصاً في مجال الصحة وتأمين المعيشة.
وشددت على ضرورة التخلي نهائياً عن أي دعوات لخصخصة الصحة والجمعيات التعاونية وشركة المطاحن داعية الى توجيه الدعم عبر قروض وتسهيلات ميسرة للمتضررين الفعليين فقط مع أولوية خاصة للنشاطات الصغيرة والمتوسطة، والقطاعات المنتجة مثل الصناعة والزراعة وصيد الأسماك وكذلك القطاعات الخدمية الأساسية.
كما أكدت على ضرورة دعم الأجور والرواتب للمواطنين المتضررين من العاملين في القطاع الخاص، والتزام شركات القطاع الخاص بحقوق العمال المقيمين وفق القانون وعدم الانتقاص منها.
ودعت الى تقديم إعانات مالية وعينية للفئات الاجتماعية المهمشة من الكويتيين البدون والعمال المقيمين، ووقف الرسوم الصحية عن المقيمين خلال فترة الأزمة أو خفضها.

وهذا نص البيان:

تتابع الحركة التقدمية الكويتية باهتمام سيل المقترحات المقدمة من الجهات التي تمثل كبار الرأسماليين إلى الحكومة تحت عناوين تحفيز الاقتصاد ومواجهة تداعيات أزمة كورونا، وهي مقترحات تتفاوت في تفاصيلها وإن كان هدفها الرئيسي محدداً ومتفقاً عليه بين هذه الجهات، وهو استغلال الأزمة للحصول على أكبر قدر من المنافع والتعويضات من الدولة، حيث تخلت هذه الجهات عن ادعاءاتها المعتادة حول تقديس اقتصاد السوق ودعواتها المعلنة في زمن الرخاء لتقليص الدور الاقتصادي للدولة، وهي ادعاءات ودعوات سقطت وتهاوت، بحيث تتسابق هذه الجهات الرأسمالية الآن إلى طرح دعوات انتهازية مكشوفة لتدخل الدولة ودورها في تحفيز الاقتصاد وشرائها أسهم شركاتهم!

وقد اطلعنا على مقترحات أخرى غير المقترح الفج لمجموعة من رجال الأعمال تحت عنوان "اجراءات دعم الأزمات" التي سبق للحركة أن علّقت عليها وفضحت محتواها المنحاز طبقياً لمصالح كبار الرأسماليين الطفيليين، ومن بين المقترحات الأخيرة: ورقة غرفة تجارة وصناعة الكويت، ورقة اتحاد شركات الاستثمار، ورقة اتحاد المكاتب الهندسية والدور الاستشارية، وورقة عمل اتحاد الصناعات الكويتية…ونحن بالطبع نفرّق بين المطالب المستحقة التي طرحها على سبيل التحديد اتحاد الصناعات الكويتية من جهة، بوصفه يمثّل قطاعاً منتجاً رغم ملاحظاتنا حول تقصير الشركات الصناعية الخاصة في تشغيل العمالة الكويتية، وبين ما طرحته من جهة أخرى معظم الجهات الرأسمالية في أوراقها، حتى وإن صيغ بعضها بعبارات أقل فجاجة من ورقة رجال الأعمال.
ولهذا فإننا في الحركة التقدمية الكويتية نؤكد معارضتنا لهذه المقترحات المنحازة طبقياً لمصلحة كبار الرأسماليين.

وفي مقابل ذلك فإن الحركة التقدمية الكويتية انطلاقاً من دورها كمعارضة وطنية مسؤولة لا تكتفي بالنقد والاعتراض، وإنما تحرص على تقديم بدائل ومعالجات، فإنها تطرح البدائل والمقترحات التالية:

أولاً: الانطلاق من المادة ٢٥ من الدستور التي تنص على أن "تكفل الدولة تضامن المجتمع في تحمل الأعباء الناجمة عن الكوارث والمحن العامة، وتعويض المصابين بأضرار الحرب أو بسبب تأدية واجباتهم العسكرية"… أي أن المقصود أن الدولة في زمن الكوارث والمحن العامة معنية فقط بكفالة تضامن المجتمع في تحمل الأعباء الناجمة عنها، مثلما هي الحال الآن، أما التعويض فيكون للمصابين بأضرار الحرب أو بسبب تأدية واجباتهم العسكرية، وهو هنا أمر غير متحقق.
ثانياً: الاهتمام بتعزيز دور الدولة الاقتصادي والخدمي خصوصاً في مجال الصحة، وتأمين المعيشة، وبالتالي لابد من التخلي نهائياً عن أي دعوات لخصخصة الصحة والجمعيات التعاونية وشركة المطاحن.
ثالثاً: توجيه الدعم عبر قروض وتسهيلات ميسرة للمتضررين الفعليين فقط، مع أولوية خاصة للنشاطات الصغيرة والمتوسطة، والقطاعات المنتجة مثل الصناعة والزراعة وصيد الأسماك وكذلك القطاعات الخدمية الأساسية.
رابعاً: دعم الأجور والرواتب للمواطنين المتضررين من العاملين في القطاع الخاص، والتزام شركات القطاع الخاص بحقوق العمال المقيمين وفق القانون وعدم الانتقاص منها.
خامساً: تقديم إعانات مالية وعينية للفئات الاجتماعية المهمشة من الكويتيين البدون والعمال المقيمين، ووقف الرسوم الصحية عن المقيمين خلال فترة الأزمة أو خفضها.
سادساً: توسيع نطاق القطاع التعاوني ليشمل أنشطة هامة مثل الصحة والتعليم.
سابعاً: من باب ضمان الأمن الغذائي نقترح منح المنتفعين من المزارع والجواخير فترة محددة قصيرة للبدء بدور انتاجي، وذلك تحت طائلة سحب حق الانتفاع من أصحاب المزارع والجواخير التي لا تؤدي دوراً انتاجياً فعلياً في تحقيق الأمن الغذائي.
ثامناً: التخلي عن وهم الدور القيادي للقطاع الخاص في قيادة قاطرة التنمية، حيث اتضح بالملموس اعتماده شبه الكامل على الإنفاق الحكومي وانعدام وظيفته الاجتماعية.
تاسعاً: التوجه الجاد نحو مكافحة الفساد والتنفيع وضبط تسعير المناقصات الحكومية والحد من الأوامر التغييرية، وتطهير الجهاز الحكومي من العناصر الفاسدة.
عاشراً: إعادة النظر جذرياً في السياسة السكانية المتبعة، ومحاربة تجار الإقامات، وتحميل أرباب العمل تكاليف أكبر عند تشغيل العمالة الوافدة في السكن والخدمات الصحية ورسوم أذن العمل، وزيادة الحد الأدنى لأجورها.

الجمعة ٢٧ مارس ٢٠٢٠

تابعت الحركة التقدمية الكويتية الورقة المسماة "إجراءات دعم الأزمات" المقدمة إلى الحكومة من مجموعة من رجال الاعمال، التي تتضمن حزمة من المقترحات تحت ذريعة مواجهة ما وصفته بالتأثير المزدوج لانتشار فيروس كورونا المستجد على النشاط الاقتصادي وانخفاض أسعار النفط التي تقل عن نقطة التعادل.
وتنطلق حزمة المقترحات من شعار رنان هو "امتصاص الصدمة"، وهي تطرح بالأساس إصدار قانون للدين العام أو الاقتراض، لكي تتمكن الحكومة من الاقتراض وزيادة الإنفاق لتحقيق تحفيز مالي ضخم.
كما تقترح الورقة عدداً من الإجراءات التي وصفتها بالحاسمة والفورية لمواجهة الأزمة على المدى القصير، ومن بينها إجراءات مالية تتضمن: منح كل مواطن ألف دينار، دفع تكاليف إغلاق الأنشطة التجارية والخدمية، تقديم دعم للقطاع الخاص، تعويض الشركات التي تأثرت، دعم القطاعات المتعثرة من خلال تقديم أموال حرة للبنوك مقابل تأخير دفع القروض، التنازل عن رسوم الامتياز والرسوم الجمركية والضرائب وإعفاء الشركات من ايجارات أملاك الدولة ومشاريع البي أو تي، ومساعدة الحكومة للشركات على تجديد عقودها بشروط مواتية.
كما تتضمن حزمة المقترحات: إصدار أدوات دعم الشركات خلال أسبوعين عبر تسهيلات مالية، دعم القطاع المالي من خلال خفض أسعار الفائدة، منح سيولة للبنوك عبر خفض متطلبات الاحتياطي، تخفيف الاجراءات والضوابط على أعمال البنوك، واعتماد الحكومة على المستشفيات الخاصة.
وكذلك تدعو حزمة المقترحات إلى دعم مشاريع القطاعين العام والخاص عبر دعم سوق الأسهم، مع التأكيد على إعلان الحكومة عن رقم رئيسي لبرنامج دعم ضخم، وذلك كله بهدف تحقيق ما اسمته الورقة الحفاظ على ثقة المستثمرين واستقرار الأسواق.
ونحن في الحركة التقدمية الكويتية نرى أن هذه الورقة إنما هي محاولة مكشوفة لاستغلال الأزمة وتوجيه السياسة الاقتصادية للدولة وتسخير المال العام نحو دعم مصالح كبار الرأسماليين الطفيليين، وفي الوقت نفسه محاولة خداع الفئات الشعبية وتضليلها لقبول هذه المقترحات، وذلك عبر إلقاء بعض فتات المائدة إليها، مثل المنحة وفواتير الكهرباء والماء، فيما يتجه النصيب الأكبر من الإنفاق والدعم الحكوميين نحو قلة قليلة من المستأثرين بمقدرات البلاد وخيراتها.
وتدعو الحركة التقدمية الكويتية أبناء الشعب الكويتي إلى اليقظة وعدم الانخداع والتفريق بين الدعم المستحق من الحكومة للناس في مواجهة الأزمة، وكذلك دعم القطاعات المنتجة، وبين تنفيع قلة من أصحاب النشاطات الاقتصادية الطفيلية على حساب المال العام وعلى نحو منحاز طبقياً لمصلحتهم.

الكويت في 23 مارس 2020

فوكوياما لا يقدم أي حل

إنها من الأمور التي تبعثعلى الارتياح بالطبع أن نرى أن حتى هذا المدافع الشرس عن الرأسمالية قد بدأ يفهمطبيعتها الرجعية. ومع ذلك فإن فوكوياما يتصرف مثل الطبيب الذي، بعد إعطاء قائمةشاملة للغاية لأعراض المرض الذي يعانيه مريضه، يفشل في تقديم وصفة لعلاج.

يدرك فوكوياما الحرمان الرهيب الناجم عن ويلات رأس المال الماليوفوضى نظام السوق. لقد توصل إلى وجهة النظر التي يشاطرها معه عدد متزايد من الناسبأنه يجب ممارسة الرقابة على الاقتصاد. لكنه لم يصل إلى استخلاص الاستنتاجالضروري، وهو أن الاحتكارات الضخمة والبنوك، التي تمارس ديكتاتورية وحشية علىالعالم بأسره يجب أن تنتزع بشكل كامل من أيدي الخواص.

إنه من ناحية يدعو إلى العودة إلى الاشتراكية. لكن المشكلة هي أنه لايمتلك أي فكرة عما تعنيه الاشتراكية، إذ يقول إن "الملكية العامة لوسائلالإنتاج" لن تنجح (ما عدا بالنسبة للمرافق العمومية). لكن فوكوياما نفسهاستنتج أن الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج هي التي فشلت، أو بالأحرى أنها تعمل علىحساب التقدم الاقتصادي والاجتماعي وتسبب البؤس والفقر والمآسي بالنسبة للغالبيةالعظمى من البشر.

لقد صار من الواضح الآن حتى لأكثر الناس فقدانا للبصيرة أن الاقتصادالرأسمالي هو أفضل وصفة للفوضى والاضطراب والتبذير وسوء الإدارة والفساد على نطاقواسع. والأسوأ من ذلك هو أن الجشع الجامح من أجل الربح، والذي يعتبر القوة المحركةالوحيدة لهذا النظام، يدمر البيئة ويسمم الهواء الذي نتنفسه والطعام الذي نأكلهوالبحار والغابات التي تشكل أساس كل الحياة على هذا الكوكب.

إن المشاكل الجدية تتطلب حلولا جدية. لقد سبق للاشتراكي الإسباني،لارغو كاباييرو، أن قال ذات مرة إنه لا يمكنك علاج السرطان بحبة الأسبرين. يدافعفوكوياما عن تأميم المرافق العامة لأن ذلك "مطلوب بوضوح". ونحن نتفق معهكليا. لكن لماذا ليس ذلك مطلوبا بالنسبة للبنوك، على سبيل المثال، والتي أثبتتعجزا كاملا عن إدارة ومراقبة كميات هائلة من أموال الناس بطريقة مسؤولة؟

كانت المضاربات الإجرامية والفساد وعدم كفاءة البنوك هي الأسبابالمباشرة للأزمة المالية لعام 2008، والتي ما نزال نعيش تبعاتها. وفي النهاية صارهؤلاء المدافعون المتحمسون عن اقتصاد السوق الحر، الذين عارضوا أي اقتراح لتدخلالدولة في الاقتصاد، يحتاجون من الدولة إنقاذهم عن طريق ضخ كميات هائلة من المالالعام في صناديقهم.

وبدلا من إرسالهم إلى السجن، الذي يستحقونه بشكل كامل، تمت مكافأتهمعلى عدم كفاءتهم بمبالغ هائلة من الميزانية العامة. هذا هو السبب في أننا نواجهاليوم عجزا عموميا هائلا، والذي يقال لنا إنه يجب أن ندفع لتقليصه. الفقراء يدعمونالأغنياء، في ما يشبه حكاية روبن هود لكن بشكل معكوس.

وفي الوقت نفسه يتم إعلامنا بأنه لا توجد أموال لدفع تكاليف تلكالأشياء غير الضرورية مثل المدارس والمستشفيات ورعاية المسنين والمعاشات التقاعديةوالتعليم والطرق والمرافق الصحية، والتي هي كلها في حالة مزرية في بريطانيا وغيرهامن بلدان العالم الغنية.

إذا كان هناك من قطاع اقتصادي يحتاج بشكل عاجل للتأميم فهو البنوكالكبرى. لماذا يرغب فوكوياما في إبقائها في يد الخواص؟ إذا اقتصر التأميم علىالمرافق العامة، فإن أهم قطاعات الاقتصاد ستبقى كما هي في أيدي نفس تلكالأوليغارشية التي ينتقدها فوكوياما. وبالتالي فإن هذا النوع من "الاشتراكية"لن يحل شيئا على الإطلاق.

من الواضح أن المشكلة الرئيسية هنا هي أن فوكوياما يخلط بينالاشتراكية وملكية الدولة وبين ذلك النظام البيروقراطي والشمولي الذي ساد فيالاتحاد السوفياتي. إن ذلك النظام فشل بالتأكيد، وكان من المحتم عليه أن يفشل. لقدسبق لتروتسكي أن أشار إلى أن الاقتصاد المخطط المؤمم يحتاج إلى الديمقراطية تماماكما يحتاج الجسم البشري إلى الأوكسجين.

يجب ألا يكون هناك أي تناقض بين الاقتصاد المؤمم والمخطط وبين أكملأنواع الديمقراطية. إن الاشتراكية الحقيقية تعتمد على مشاركة العمال الأكثر نشاطا،سواء في إعداد خطة الإنتاج أو في تنفيذها. لا نعني بهذا البروليتاريا الصناعيةوحدها، بل كل الفئات المنتجة: العلماء والاقتصاديون والتقنيون والمديرون.

فبدون رقابة العمال وإدارتهم، سيتعرض الاقتصاد حتما للشلل وسيتوقف،وهو ما حدث بالضبط في الاتحاد السوفياتي. كما توفر لنا التجربة الفنزويلية دليلاأكثر وضوحا على مخاطر سيطرة البيروقراطية على الاقتصاد المؤمم.

الطريق الصيني؟

يبدو من المقال أن فوكوياما يعتقد أن البديل الوحيد المعقولللديمقراطية الليبرالية ليس الاشتراكية، بل هو نموذج رأسمالية الدولة المطبق فيالصين:

«يقولالصينيون صراحة بأن نظامهم متفوق لأنهم يستطيعون ضمان الاستقرار والنمو الاقتصاديعلى المدى البعيد بطريقة لا يمكن للديمقراطية تحقيقها... فإذا ما مرت 30 سنة أخرىوصاروا أكبر من الولايات المتحدة، وصار الصينيون أكثر ثراء واستمرت البلادمتماسكة، فإني سأقول إن لديهم حجة حقيقية».

لكنه حذر من أن "الاختبار الحقيقي للنظام" سيكون هو كيفسيتصرف في مواجهة أزمة اقتصادية.

يظهر ارتباك فوكوياما بشكل واضح للغاية من خلال هذه الأسطر. لقد كانتجريبيا انطباعيا قبل 26 عاما عندما كانت لديه أوهام في اقتصاد السوق لأنه كانيبدو وكأنه يتقدم باستمرار. وما يزال تجريبيا انطباعيا حتى اليوم، باستثناء أنإعجابه بالصين قد ازداد بنفس الدرجة التي تراجع بها إعجابه بالرأسمالية الغربية("الليبرالية").

صحيح أن الاقتصاد الصيني قد تقدم بسرعة خلال العقود القليلة الماضية. لكنه بعد أن دخل إلى الاقتصاد الرأسمالي العالمي فقد ورث كل تناقضات الرأسمالية.تعاني الصين الآن من فائض الإنتاج، مما أدى إلى انخفاض معدل النمو وزيادة البطالة.

لقد بلغ معدل النمو الرسمي للصين هذا العام 6,5%. لكن الصين تحتاجعلى الأقل إلى معدل نمو يساوي 8% سنويا لكي تتمكن فقط من استيعاب نمو السكان.وعلاوة على ذلك، وكما يلمح فوكوياما، فإن الاقتصاد الصيني عرضة للصدمات الاقتصاديةالناشئة عن الاقتصاد العالمي، عندما يجد صعوبات متزايدة في تصريف فائض إنتاجه وهوفي حرب تجارية مفتوحة مع أمريكا.

من المثير للسخرية أيضا أن ذلك الرجل الذي يدعي أنه مدافع عنالديمقراطية الليبرالية هو نفسه الذي صار ينظر إلى الصين كمثال، بالنظر إلى أنالنظام الصيني غير معروف باحترامه لحقوق الإنسان والديمقراطية. إن الصين في الواقعتجمع بين بعض من أسوء سمات الشمولية الستالينية وبين أسوء سمات الرأسمالية. علىطول هذا الطريق لا يوجد أمل لعمال الصين أو أي بلد آخر.

الرأسمالية تعني الحرب

لم يسبق للعالم أبدا أن عرف مثل هذه الأوضاع المضطربة التي يعرفها اليوم.في الواقع عندما كان الاتحاد السوفياتي موجودا، كان هناك استقرار نسبي يعكسالتوازن النسبي للقوة بين روسيا والولايات المتحدة. لكن النظام العالمي القديم قدانهار، وليس هناك ما يأخذ مكانه.

لقد قطعنا بالتأكيد شوطا طويلا منذ صدور تلك التنبؤات الوردية بعالم منالسلام والازدهار بعد سقوط جدار برلين. ليس للعالم الحقيقي اليوم أي علاقة علىالإطلاق بذلك المنظور، بل على العكس من ذلك ما نشهده هو حروب تلو حروب. وبصرفالنظر عن الصراعات المروعة التي تمزق بعض البلدان مثل العراق وسوريا واليمن، فقدكانت هناك أيضا سلسلة من الحروب الوحشية في أفريقيا.

تسببت الحرب الأهلية الرهيبة التي شهدتها الكونغو في ذبح ما لا يقلعن 5 ملايين من الرجال والنساء والأطفال. لم تتكبد الصحف الكبرى عناء نشر خبر تلكالمجازر على صفحاتها الأولى. كما أن الرئيس ترامب مزق الصفقة مع إيران التي كانتتمنع ذلك البلد من امتلاك أسلحة نووية، وها هو الآن يعلن قراره بتمزيق الصفقة التيكان ريغان وغورباتشوف قد وقعاها للحد من البرامج النووية للولايات المتحدة وروسيا.

ويشعر فوكوياما بالقلق من احتمال اندلاع حرب بين الولايات المتحدةوالصين، حيث قال:

«أعتقدأنه سيكون في منتهى الحماقة استبعاد ذلك الاحتمال، يمكنني التفكير في الكثير منالسيناريوهات التي يمكن أن تبدأ بها مثل تلك الحرب. لا أعتقد أنها ستكون هجومامتعمدا من قبل دولة على أخرى -مثل غزو ألمانيا لبولندا في عام 1939- بل من المرجحأكثر أن تندلع على خلفية صراع محلي حول تايوان أو حول كوريا الشمالية، وربما نتيجةللتوتر المتزايد في بحر الصين الجنوبي».

من المؤكد أن التناقضات بين أمريكا والصين خطيرة للغاية. وتجدتعبيرها في الحرب التجارية التي أعلن عنها دونالد ترامب من طرف واحد، والتي يمكنأن تتصاعد بسهولة إلى شيء أكثر خطورة يمكن أن يهدد بإسقاط الاقتصاد العالمي كله.وفي المقابل فإن تصاعد النفوذ الصيني في آسيا، وعلى وجه الخصوص محاولتها السيطرةعلى البحار في تلك المنطقة، تعتبره الولايات المتحدة تهديدا لمصالحها.

هذا لا يعني أن الحرب العالمية الثالثة قد باتت وشيكة، كما يعتقدالبعض. ففي ظل الظروف المعاصرة سيكون للحرب العالمية تأثير مدمر على جميع الأطراف.والرأسماليون لا يشنون الحروب من أجل المتعة، بل لغزو الأسواق والحصول على الأرباحومجالات النفوذ. ولذلك فإنه على الرغم من أن السيد ترامب لا يتوقف عن نفث النيرانفي كل خطبه، فإن المواجهة الشاملة مستبعدة.

ومع ذلك فإننا سنشهد حروبا صغيرة طوال الوقت، حروبا"صغيرة" مثل تلك الحروب التي نراها في العراق وسوريا، والتي هي احتمالمروع بما فيه الكفاية في العالم المعاصر. لكن الحروب هي مجرد انعكاس للتناقضاتالمستعصية بين البلدان التي يجب عليها في ظل الرأسمالية أن تقاتل بعضها بعضا منأجل الأسواق مثلما تتقاتل كلاب جائعة على قطعة من اللحم. إن الرأسمالية تعنيالحروب، ومن أجل تجنب الحروب من الضروري إزالة جذورها.

عجلة التاريخ

عندما دخلت جيوش هتلر المنتصرة باريس في عام 1940، جرت محادثة مثيرةبين ضابط في الجيش الألماني وضابط في الجيش الفرنسي. تفاخر الألماني بغطرسة الغازيالمنتصر بأن أمته قد تمكنت أخيرا من الانتقام لهزيمتها المهينة في الحرب العالميةالأولى. التفت إليه الضابط الفرنسي وقال: "نعم، لقد دارت عجلة التاريخ، وسوفتدور مرة أخرى".

بعد سنوات قليلة، تبين أن توقعه صحيح.

منذ سقوط الاتحاد السوفياتي دارت عجلة التاريخ مرة أخرى دورة كاملة.وعلى الرغم من تنبؤات منظري الرأسمالية، فقد عاد التاريخ للانتقام. فجأة صار يبدوأن العالم يعاني من ظواهر غريبة وغير مسبوقة تتحدى كل محاولات الخبراء السياسيينلتفسيرها.

لقد صوت الشعب البريطاني في استفتاء لمغادرة الاتحاد الأوروبي - وهينتيجة لم يتوقعها أحد، والتي تسببت في موجات زلزالية على نطاق عالمي. لكن ذلك كانلا شيء مقارنة مع موجة تسونامي التي أثارتها نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية،والتي كانت نتيجة أخرى لم يتوقعها أحد، بمن في ذلك الرجل الذي فاز.

لقد كان انتخاب دونالد ترامب زلزالا آخر. إن هذه الأحداث تأكيددراماتيكي للاضطراب الذي أصاب العالم بأسره. فبين عشية وضحاها اختفت اليقينياتالقديمة. هناك سخط عام في المجتمع وشعور واسع النطاق بعدم اليقين والذي يغمرالطبقة الحاكمة ومنظريها بقلق شديد.

يتحدث المعلقون السياسيون برعب عن صعود شيء يسمونه"الشعبوية"، وهي كلمة مرنة بقدر ما هي بلا معنى. إن استخدام مثل هذهالمصطلحات الغامضة يدل فقط على أن أولئك الذين يستخدمونها هم أناس ليست لديهم أدنىفكرة عما يتحدثون عنه.

ليست كلمة "الشعبوية" (Populism) من ناحية الاشتقاقية سوى ترجمة لاتينيةللكلمة اليونانية "ديماغوجية" (Demagogy). ويتم استعمال المصطلح بنفس الحماس الذي يقومبه رسام فاشل بطلاء الجدار بطبقة سميكة لتغطية أخطائه. يستخدم لوصف أنواع متعددةمن الظواهر السياسية حتى صار بدون أي محتوى حقيقي.

إن الغليان السياسي والاجتماعي الذي يهز العالم بأسره من أساسه ليسسوى أحد أعراض أزمة أعمق بكثير: ليست أزمة النيوليبرالية، التي هي فقط شكل خاص منأشكال الرأسمالية، بل الأزمة النهائية للنظام الرأسمالي نفسه.

من المتوقع أن تستمر هذه الأزمة لوقت طويل. وليس هناك من حل لها علىأساس الرأسمالية. سوف تصعد الحكومات وتسقط، وسوف يتحول البندول من اليسار إلىاليمين ومن اليمين إلى اليسار، مما يعكس بحثا حثيثا من طرف الجماهير لإيجاد مخرجمن الأزمة.

وليست الظاهرة التي تسمى بـ "الشعبوية" سوى انعكاس لهذهالحقيقة. إن الجماهير تتعلم من تجربتها، وليست لديها طريقة أخرى للتعلم. ستكونالتجربة مدرسة صعبة للغاية، وسيتم تعلم الدروس بمرارة. لكن سيتم تعلمها فيالنهاية.

هناك شيء واحد واضح جدا، وهو أن البرجوازية ليست لديها أية فكرة عنكيفية الخروج من هذه الأزمة. يظهر ممثلوها السياسيون والاقتصاديون جميع ملامحالارتباك والضياع التي تميز طبقة استنفذت صلاحيتها التاريخية، طبقة لا مستقبل لها،وهي تدرك تماما هذه الحقيقة.

يشتكي المدافعون عن الليبرالية الرأسمالية بمرارة من صعود سياسيينمثل دونالد ترامب، الذي يمثل نقيض ما يعرف بـ "القيم الليبرالية". يبدوهذا بالنسبة لمثل هؤلاء الناس بمثابة كابوس. إنهم يأملون أن يستيقظوا ويجدوا أنهكان مجرد حلم، وأنهم في الغد سيشهدون يوما أفضل. لكن بالنسبة لليبرالية البرجوازيةلن يكون هناك أي استيقاظ أو غد.

التصريحات التي أدلى بها فرانسيس فوكوياما، من وجهة النظر هذه، لهادلالة في منتهى الأهمية. لقد فقد هذا الليبرالي السابق كل ثقة في مستقبلالرأسمالية، لكنه لا يستطيع أن يرى أي بديل ممكن لها. وهو مثله مثل جميع منظريالرأسمالية، ينظر إلى المستقبل بتشاؤم كبير. وليس يأسه النظري سوى تعبير عن يأسالنظام الرأسمالي نفسه.

إن المستقبل لا ينتمي إلى البرجوازية العاجزة والمفلسة، التي لايمكنها أن ترى أبعد من أنفها، بل للقوة التقدمية الوحيدة في المجتمع، تلك القوةالتي وحدها من ينتج كل ثروة المجتمع، أي: الطبقة العاملة. ومن خلال تجربتها الخاصةستفهم هذه الطبقة أن السبيل الوحيد للتقدم هو السير في طريق الاشتراكية الحقيقيةوسلطة العمال.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
24 أكتوبر2018

اخبار محلية

نبيها عفو مثل البحرين

الكويت دوماً سباقة، وكنا نتمنى أن تكون سباقة في التعامل الإنساني مع سجناء الرأي والتجمعات والقضايا السياسية والمحكومين بالسجن منهم ممن اضطروا للجوء إلى المهجر، ولم يفت الوقت على العفو، بل لعله في هذه الظروف الإنسانية والصحية الحرجة يزداد إلحاحاً.
وأمامنا مثالاً قرار العفو الملكي الأخير في البحرين عن 901 من المحكوم عليهم، واستبدال عقوبة الحبس عن 585 سجيناً.
ولا يزال الرجاء كبيراً بعفو عن قضايا الرأي والتجمعات والقضايا السياسية.

الحركة التقدمية الكويتية

اخبار محلية

حان وقت التطوع

تهيب الحركة التقدمية الكويتية بأعضائها وأصدقائها، كما تدعو عموم الشعب الكويتي والمقيمين في الكويت إلى تلبية نداء الواجب لمواجهة وباء فيروس كورونا المستجد وذلك دعماً للجهود المبذولة وتحسباً لأي نقص في الكوادر، من خلال التطوّع في الإدارة العامة للدفاع المدني عبر التسجيل في موقع وزارة الداخلية الكويتية.

https://www.moi.gov.kw/main/eservices/civildefence

أدلى الأمين العام للحركة التقدمية الكويتية الرفيق أحمد الديين بالتصريح الصحافي التالي:


في الوقت الذي نتفهم فيه تماماً مقدار الضغط النفسي الهائل والتوتر الشديد وحالة عدم اليقين عند الغالبية الساحقة من الناس وهم يعيشون ظروفاً استثنائية ويواجهون خطراً غير مسبوق يتمثّل في وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد ١٩)، فإن المطلوب منا جميعاً، كلّ في موقعه، أن نساهم في الحد من انتشار الوباء عبر التحلي بالوعي، والالتزام الدقيق بتعليمات الوقاية، والحرص على التضامن الإنساني والمجتمعي، ومساعدة الجهود الحكومية المبذولة.


ومن جانب آخر، فإنه مع تعطيل الدراسة والعمل في العديد من المرافق والقطاعات وكذلك وقف وسائل المواصلات العامة لابد من الالتفات إلى المصاعب المعيشية والضائقة المادية التي يعانيها كثير من الأسر الفقيرة وفي مقدمتها أسر الكويتيين البدون والعمال الوافدين من المعتمدين على العمل بالمياومة وكذلك عمال المرافق المعطلة المحرومين من الدخل، وهو ما يفترض تقديم مساعدات إغاثية ومالية إليهم، سواء من الدولة أو من الجمعيات واللجان والمبرات الخيرية، بما فيها بيت الزكاة والهيئة الخيرية العالمية الإنسانية، وهي مساعدات يجب أن تشمل كل المحتاجين من دون تمييز ديني أو طائفي.


وفي هذا السياق نرحب ببعض الإجراءات الحكومية المتخذة بوقف تنفيذ القرارات الجائرة بشأن تعطيل البطاقات التموينية والبطاقات المصرفية للكويتيين البدون بسبب عدم تجديد بطاقاتهم الأمنية، ونطالب بإلغاء هذه القرارات نهائياً وليس فقط وقف تنفيذها خلال هذه الفترة.


ولكن المؤسف بل المقلق أنه في ظل هذه الظروف الحساسة والدقيقة التي تتطلب التضامن الإنساني والمجتمعي ما يتردد من البعض على نحو غير مسؤول من مهاترات؛ وإشاعات؛ ومبالغات وتهويل لحوادث ومواقف فردية؛ واتهامات جماعية موجهة ضد بعض الجاليات، وعلى نحو مؤسف ضد الجالية المصرية الشقيقة، التي نرفض بوضوح الإساءة إليها والانتقاص من كرامة أفرادها، مقدرين اسهامات الجالية المصرية في بناء الكويت منذ أربعينات القرن العشرين عبر عشرات الآلاف من المدرسين والقضاة والأطباء والممرضين والمحاسبين والمهندسين وعمال البناء والعاملين في مجالات الكهرباء والخدمات المختلفة، وبينهم كانت ولا تزال قامات كبرى صاحبة فضل مثل: رجل القانون الكبير المرحوم عبدالرزاق السنهوري، والخبير الدستوري المرحوم الدكتور عثمان خليل عثمان، ورائد الحركة المسرحية الكويتية المرحوم الأستاذ زكي طليمات، ومؤسس مجلة العربي المرحوم الأستاذ أحمد زكي، والمفكر والمثقف الكبير المرحوم الدكتور فؤاد زكريا وغيرهم كثيرون… كما نستذكر وقفة مصر عبدالناصر مع الكويت في أزمة ١٩٦١ عبر دعم الطلب الكويتي للانضمام إلى جامعة الدول العربية والأمم المتحدة ومشاركة القوات المصرية في حماية استقلال دولتنا الوليدة بين ١٩٦١ و١٩٦٣، مثلما نستذكر امتزاج الدم الكويتي مع الدم المصري على ضفاف قناة السويس في حربي الاستنزاف والعبور مع العدو الصهيوني عبر مشاركة لواء اليرموك في القتال واستشهاد العشرات من ضباطه وضباط صفه وجنوده البواسل، ونفخر بالموقف المصري الشعبي والرسمي المشهود مع القضية الكويتية في مواجهة غزو النظام العراقي البائد لبلادنا واحتلالها… وفي المقابل فإنه مثلما قدمت مصر وشعبها ما قدمته من دون فضل أو منّة بحكم الإخوّة العربية فإن ما قدمته الكويت وتقدمه، بما في ذلك الدعم والمساهمات الاقتصادية والقروض، إنما هي الأخرى جزء من سياسة للكويت الخارجية ومسؤولياتها القومية في إطار التعاون العربي، وهي ليست مجالأ للمز والغمز.


ختاماً، فإن ما بين الكويت ومصر وما بين الشعبين العربيين الشقيقين الكويتي والمصري أكبر بكثير من أن تؤثر فيه أصوات منفعلة وتصرفات فردية ومواقف شخصية ومهاترات غير مسؤولة يجب وقفها على الفور ومحاسبة مثيريها ومؤججيها.

الكويت في ١٦ مارس ٢٠٢٠

مثلما هو معروف فإن الرمز أو اللوغو يلخص صورة المؤسسة المعنية وأهدافها ومجالات اهتمامها… ولكل حزب سياسي رمز أو لوغو يُشتهر به.

وكان رمز أو لوغو حزب اتحاد الشعب في الكويت الذي تأسس في العام ١٩٧٥ وامتداده الحركة التقدمية الكويتية منذ ٢٠١١ إلى نهاية العام ٢٠١٧ مكوناً من: رأس حمامة ترمز إلى هدف السلام العالمي مثلما ترمز إلى التطلع نحو الأمام، أما جناحا الحمامة فكانا مفتاح آلة ترمز لكون الحزب ولاحقاً الحركة حزباً للطبقة العاملة، وسنّ ريشة كتابة رمزاً للفكر العلمي للحزب ثم الحركة.

وفي بداية العام ٢٠١٨ تبنت الحركة التقدمية الكويتية مؤقتاً رمز أو لوغو التيار التقدمي الكويتي المكوّن من قبضة اليد اليسار التي ترمز إلى التضامن والوحدة والتحدي، وهي رمز يساري عالمي معروف.

وقررت الحركة التقدمية الكويتية أن تطلق رمزها الجديد مع الذكرى الخامسة والأربعين لتأسيس حزب الطبقة العاملة الذي يصادف ١٤ مارس ٢٠٢٠، ويتكون الرمز من قاعدة تمثّل نصف ترس آلة إشارة للطبقة العاملة، وداخله حمامة ترمز في آن واحد معاً إلى السلام العالمي والتطلع إلى الأمام، فيما تحمل الحمامة سنّ ريشة للكتابة ترمز للفكر العلمي الذي تتبناه حركتنا.

وسنبقى دوماً حريصين على أن تتوافق شعاراتنا ورموزنا مع الطابع الطبقي العمالي لحركتنا وفكرها العلمي وتطلعها نحو هدف التقدم الاجتماعي.

بعيداً عن التسرع في الاعتراض على تشكيل مجموعات تشاورية لاقتراح تعديلات دستورية وأخرى على قانون الانتخاب واللائحة الداخلية والتوجهات الاقتصادية والاجتماعية، فإننا في المقابل لا نقلل من الخشية المبررة لدى أوساط شعبية تجاه وجود توجهات لدى بعض الأطراف تستهدف المساس بما تبقى من هامش ديمقراطي محدود، وطرح البعض الآخر لدعوات تحاول الانتقاص من المكتسبات والحقوق الاقتصادية والاجتماعية الشعبية.
ومن حيث المبدأ فإن موقف الحركة التقدمية الكويتية تجاه هذا الأمر يستند إلى النقاط والاعتبارات التالية:


١- بدءاً فإننا لا نجادل في حق صاحب السمو الأمير بتشكيل مجموعات تشاورية.


٢- نحن نرى أن هناك أزمة عميقة تعاني منها البلاد، وهذه الأزمة تتطلب من بين ما تتطلب إجراء مشاورات موسعة لطيّ صفحتها على أسس ديمقراطية ودستورية تتضمن إطلاق الحريات العامة، والعفو عن قضايا الرأي والتجمعات، وإعادة النظر في نظام الصوت الواحد المجزوء الذي اتضحت سلبياته، وتهيئة الأوضاع للسير على طريق مكافحة الفساد فعلاً لا قولاً وتبني توجهات إصلاحية وتصحيح مسار الدولة في مختلف المجالات… ونتطلع إلى أن تراعى في ذلك التشاور ثلاثة مبادئ: أولها احترام الدستور، وثانيها توفير مناخ ديمقراطي للتشاور العام، وثالثها إشراك مختلف التوجهات السياسية والفكرية وأوسع الفئات الشعبية وذوي الرأي وعدم اقصاء أحد بسبب مواقفه ما دامت تتم في إطار الدستور.


٣- إن المشكلة السياسية الملحة اليوم ليست في الدستور، وإنما تكمن المشكلة في عدم التزام تطبيقه ومحاولات العبث به.


٤- نأمل ألا يكون هناك أي أساس من الصحة لما يتردد حول وجود نوايا وتوجهات جديدة تستهدف تنقيح الدستور، ذلك أنه للأسف فإن تاريخ محاولات تنقيح الدستور السابقة كشف أنها كانت ذات توجه غير ديمقراطي، سواء تلك التي قدمتها الحكومة بين ١٩٨٠ و١٩٨٣ لتقليص المسؤوليات التشريعية والرقابية لمجلس الأمة وتوسيع دور السلطة التنفيذية، أو محاولات التنقيح المقدمة من بعض النواب لتغيير الطابع المدني للدولة وقيام الدولة الدينية.


٥- نرى أنه في الوضع الحالي لا تتوافر الشروط المطلوبة والظروف المناسبة لتنقيح الدستور باتجاه توسيع الحريات، وفي مقدمة هذه الشروط المفقودة، التي يجب توفيرها: المناخ الديمقراطي ووجود مجلس أمة معبّر بحق عن الإرادة الشعبية.


٦- من حيث التفاصيل، فإنه لا حاجة لما يتردد من البعض حول اقتراح استحداث نظام المجلسين في الكويت، بحيث يكون هناك مجلس نواب ومجلس أعيان، ذلك أن القصد الأول من نظام المجلسين هو أن يراجع المجلس الآخر، أي مجلس الأعيان أو مجلس الشورى، القوانين التي أقرها المجلس النيابي المنتخب، وهذا متحقق في النظام الدستوري الكويتي عبر منح الأمير الحق في رد القوانين، التي يقرها مجلس الأمة.
والقصد الثاني هو تعيين الكفاءات، التي قد لا تخوض الانتخابات، والمعلوم أن نظامنا الدستوري يجعل من الوزراء غير المنتخبين أعضاء في مجلس الأمة بحكم وظائفهم، لهم حق التصويت، فيما عدا التصويت على طرح الثقة بأحد الوزراء أو إعلان عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، الذي يحرم منه الوزراء جميعاً بمن فيهم المنتخبون.

٧- ومن حيث التفاصيل أيضاً، فإن ما يتردد عن اقتراح استحداث آلية “الاستفتاء العام” هو اقتراح يُخشى معه أن يؤدي إلى إساءة استغلال هذه الآلية مثلما حدث ويحدث في ظل الأنظمة العربية الاستبدادية الفاسدة التي اعتمدتها للتلاعب في إرادة الأمة، وعلينا هنا أن نتذكر أنّ قرارات الانقلاب الأول على الدستور في العام ١٩٧٦ تضمنت استحداث مثل هذه الآلية، التي لا ينصّ عليها الدستور، وقد جوبهت بالرفض حينذاك وسقطت مع سقوط ذلك الانقلاب على النظام الدستوري، حيث رفض الأعضاء المقترحون لعضوية لجنة النظر في تنقيح الدستور ذكر تلك الآلية في مرسوم تشكيلها، وهو ما تمت الاستجابة له في حينه.


٨- نتفق مع الدعوة لضرورة إلغاء النظام الانتخابي للصوت الواحد المجزوء، الذي طغت سلبياته وأدت إلى إفساد الحياة السياسية وتخريب العملية الانتخابية وإضعاف الممارسة النيابية، ونرى أنه لابد من التوافق على نظام انتخابي ديمقراطي بديل يتجه نحو نظام التمثيل النسبي والقوائم الانتخابية لتعزيز الطابع السياسي الديمقراطي للعملية الانتخابية وتطوير الممارسة النيابية وفتح المجال نحو قيام حياة حزبية سليمة.


٩- بالنسبة للائحة الداخلية لمجلس الأمة فنحن نخشى من بروز دعوات سبق أن طرحها البعض لتقييد آليات الرقابة البرلمانية مثل زيادة عدد النواب في تقديم الاستجوابات وطلبات طرح الثقة وعدم التعاون، ونرى في المقابل أن التعديل الوحيد المستحق على اللائحة الداخلية هو توضيح النص الدستوري بشأن تمثيل حضور الحكومة في جلسات مجلس الأمة بحيث تنعقد الجلسات في حال توافر النصاب من دون شرط حضور الحكومة من عدمها.


١٠- بشأن التوجهات الاقتصادية والاجتماعية فنحن ننبه إلى خطورة توجه بعض الأطراف الاقتصادية نحو تقديم مقترحات وتوصيات نيوليبرالية منحازة لمصالح كبار الرأسماليين على حساب الطبقة العاملة والفئات الشعبية تتصل بخصخصة النفط والتعليم والصحة والجمعيات التعاونية، وإلغاء شرط السهم الذهبي المقرر للحكومة في المرافق التي تتم خصخصتها، وإلغاء شرط الحفاظ على نسبة العمالة الوطنية لتستمر بعد الخصخصة بما لا تقل عما كانت عليه قبلها، وخشيتنا من دعوات البعض لفرض ضرائب غير عادلة اجتماعياً مثل ضريبة القيمة المضافة، والخشية من تغيير هيكل الأجور في القطاع العام بالمساس بالحقوق المكتسبة، وتجاهل مطالب محقة مثل مطلب إلزام القطاع الخاص بتشغيل العمالة الوطنية، ومطلب الضريبة التصاعدية على الدخول الكبيرة لتمويل ميزانية الدولة.


١١- ختاماً، ستحرص الحركة التقدمية الكويتية على عدم الاكتفاء بموقف النقد والاعتراض حيث ستبادر حركتنا إلى تقديم بدائل مثلما سبق أن فعلت في يونيو ٢٠١٨ عندما قدمت وثيقة "المقترحات التنموية" إلى المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، إذ ستقدم حركتنا وثيقة بديلة لمقترحات دستورية وانتخابية ولائحية واقتصادية واجتماعية تتضمن توجهات إصلاحية ديمقراطية وتكون متوافقة مع متطلبات العدالة الاجتماعية.

الكويت
الجمعة ٦ مارس ٢٠٢٠م

دعت الحركة التقدمية الكويتية إلى التضامن لإنجاح جهود حصر مرض فايروس كورونا المستجد والابتعاد عن الطرح الطائفي والتكسب السياسي من هذه القضية.
وقالت الحركة في بيان صحفي اليوم إن العالم بأسره وضمنه الكويت أصبح في مواجهة التحدي الصحي الخطير الذي يتطلب تضافر جهود دول العالم والمجتمعات البشرية أجمع للحد من انتشاره والسيطرة عليه.
وحيّت الجهود التي يبذلها العاملون في العديد من أجهزة الدولة والقطاع الصحي بوجه خاص وفي مقدمتهم الأطباء والهيئات التمريضية والفنيون وغيرهم، الذين يقومون بدور بطولي مقدّر.
واكدت على الدور الحيوي للدولة والقطاع العام في المجال الصحي، الذي أبرزته جهود مواجهة تحدي انتشار كورونا في الوقت الذي لم يكن فيه دور ايجابي يُذكر للقطاع الصحي الخاص، الذي يستهدف بالأساس وبحكم طبيعته تحقيق العوائد الربحية.
كما وجهت الحركة إنتقادا لبعض الإجراءات والقرارات المرتبكة والمتسرعة وغير المنسقة التي اتخذتها الإدارة العليا في وزارة الصحة لاعتبارات مظهرية سياسية وإعلامية، بالإضافة إلى رفض حركتنا لمحاولات التكسب الانتخابي الرخيصة لبعض النواب من هنا وهناك.

وهذا نص البيان:

أصبح العالم بأسره، وضمنه الكويت، في مواجهة التحدي الصحي الخطير المتمثّل في كورونا المستجد (كوفيد-١٩)، الذي يتطلب تضافر جهود دول العالم والمجتمعات البشرية أجمع للحد من انتشاره والسيطرة عليه.
وبدايةً، تحيي الحركة التقدمية الكويتية الجهود التي يبذلها العاملون في العديد من أجهزة الدولة والقطاع الصحي بوجه خاص، وفي مقدمتهم الأطباء والهيئات التمريضية والفنيون وغيرهم، الذين يقومون بدور بطولي مقدّر.
كما تؤكد الحركة أهمية الدور الحيوي للدولة والقطاع العام في المجال الصحي، الذي أبرزته جهود مواجهة تحدي انتشار كورونا المستجد (كوفيد- ١٩)، في الوقت الذي لم يكن فيه دور ايجابي يُذكر للقطاع الصحي الخاص، الذي يستهدف بالأساس وبحكم طبيعته تحقيق العوائد الربحية.
وتحث الحركة التقدمية الكويتية المواطنين والسكان كافة إلى التضامن والوحدة في مواجهة تحدي انتشار كورونا المستجد (كوفيد - ١٩)، والوعي بمخاطره، والتصرف على نحو مسؤول، والتزام التعليمات لإنجاح جهود الوقاية وتعزيز جهود منع الانتشار.
إلا أنه يؤسف الحركة التقدمية الكويتية ما لاحظته بقلق من ارتفاع أصوات طائفية نشاز من هذا الجانب أو ذاك في تناول انتقال العدوى إلى الكويت، وهي أصوات خطرة وضارة بوحدة مجتمعنا وتتناقض تماماً مع روح التضامن التي يفترض تعزيزها في مثل هذه الظروف.
ختاماً، فإن الحركة التقدمية الكويتية في الوقت الذي تحيي فيه الجهود المبذولة للحد من انتشار كورونا المستجد (كوفيد -١٩)، فإنها تنتقد بعض الإجراءات والقرارات المرتبكة والمتسرعة وغير المنسقة التي اتخذتها الإدارة العليا في وزارة الصحة لاعتبارات مظهرية سياسية وإعلامية، بالإضافة إلى رفض حركتنا لمحاولات التكسب الانتخابي الرخيصة لبعض النواب من هنا وهناك.

الكويت في ٢٩ فبراير ٢٠٢٠

قالت الحركة التقدمية الكويتية إن عيد التحرير الوطني يوجب علينا كمواطنين وقوى حيّة تحرير البلاد من سطوة مافيات الفساد التي أصبحت تتحكم بمفاصل الدولة.
وأكدت الحركة في بيان صحفي اليوم بمناسبة عيد التحرير ال٢٩ أن حالة التردي العامة والتراجعات المؤسفة في مختلف المجالات والنهب المتواصل لخيرات البلاد وسطوة المافيات إنما هي نتاجات طبيعية لنهج السلطة وحلفها الطبقي الرأسمالي الطفيلي.
ودعت الشعب الكويتي وقواه الحيّة إلى ضرورة الاستعداد لخوض المعركة الوطنية الكبرى لتحرير الكويت من سطوة المافيات التي أنهكت البلاد ونشرت الفساد ودمرت كل ما هو جميل في وطننا وحطمت آمال شعبنا مضيفة أن هذه المعركة لا تنفصل عن معركة الإصلاح السياسي الديمقراطي الذي هو المدخل الأول لأي إصلاح.
واعتبرت أن أولى خطوات الإصلاح تتمثّل بدايته في العفو عن جميع قضايا الرأي والتجمعات، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات، واقرار قانون انتخاب بديل عن نظام الصوت الواحد المجزوء سيء الذكر… وذلك قبل أن تصبح الكويت دولة فاشلة منهوبة.

وهذا نص البيان:

مع اقتراب الذكرى التاسعة والعشرين لتحرير وطننا الكويت من الاحتلال الغاشم لابد أن نستذكر بفخر أولئك الشهداء الميامين الذين روّوا بدمائهم أرض الكويت دفاعاً عن حريتها وفداءً لاستقلالها، مثلما نحيي باعتزاز تضحيات ألوف الأسرى من العسكريين والمدنيين وبطولات المقاومين البواسل، ونستعيد الروح الوثابة للوقفة الوطنية الجماعية الشجاعة للشعب الكويتي في وجه قوات الغزو والاحتلال العراقي تمسكاً بحرية الكويت وسيادتها وشرعيتها الدستورية، كما نسترجع ما عاناه الكويتيون الصامدون داخل الوطن والمشرّدون في المنافي طوال الأشهر السبعة للاحتلال، وفي الوقت ذاته فإننا بهذه المناسبة لابد أن نعبّر عن امتناننا لكل الشعوب والدول والقوى التي تضامنت مع قضيتنا الوطنية العادلة وكل مَنْ ساهم في تحرير الكويت.
ولكننا في المقابل نستذكر بأسف ومرارة عدم محاسبة أي مسؤول حكومي أو عسكري عن مسؤولية التقصير والتهاون والتراخي وعدم الاستعداد لمواجهة كارثة وطنية كبرى بحجم الغزو والاحتلال التي كانت مؤشراتها واضحة في تهديدات النظام العراقي البائد وحشوده العسكرية الهائلة على الحدود قبل العدوان بأيام، بل أن المأساة تمثلت في عودة معظم المقصرين والمتهاونين إلى مواقع المسؤولية والقرار من دون حساب أو عقاب أو حتى اعتذار، ما يعني أننا لم نستفد من الدروس القاسية والتجربة المريرة للغزو والاحتلال.
ويؤسفنا أكثر في مثل هذه الأيام المجيدة أنّ هناك بعد تسعة وعشرين عاماً على التحرير مَنْ يرفض الإقرار بمبدأ المواطنة الدستورية المتساوية للكويتيين جميعاً، وذلك عبر رفع دعوى خطيرة أمام المحكمة الدستورية ضد التصحيح الجزئي الذي جرى بعد التحرير للوضع القانوني لأبناء المواطنين الكويتيين بالتجنس والاعتراض على كونهم مواطنين كويتيين بصفة أصلية، ناهيك عن التنكر لشهداء الكويت وأسراها من “الكويتيين البدون”.
والمؤلم ما شهده مشروع بناء الدولة الكويتية الحديثة من تراجع خطير عبر تكريس نهج الانفراد بالسلطة، والتنكر لمبادئ النظام الديمقراطي وقيم الحرية والمساواة وسيادة القانون وتكافؤ الفرص، وما تتعرض له مقدرات الدولة وأموالها العامة من نهب منظم على أيدي المافيات التي أصبحت تتحكّم في مفاصل الدولة، بالتزامن مع التضييق المتواصل على حرية الرأي والتعبير؛ وملاحقة المعارضين، واستمرار سيف إسقاط الجنسية الكويتية مصلتاً على رقاب المواطنين بسبب مواقفهم السياسية عبر الإبقاء على القرار الجائر بإسقاط جنسية المواطن أحمد الجبر وأسرته، ما يعني عدم التخلي عن هذا النهج البشع في تهديد المواطنين.
وفي رأي الحركة التقدمية الكويتية فإنّ حالة التردي العامة والتراجعات المؤسفة في مختلف المجالات والنهب المتواصل لخيرات البلاد وسطوة المافيات إنما هي نتاجات طبيعية لنهج السلطة وحلفها الطبقي الرأسمالي الطفيلي.
ومن هنا فإن الحركة التقدمية الكويتية تهيب بالشعب الكويتي وقواه الحيّة في الذكرى التاسعة والعشرين للتحرير إلى ضرورة الاستعداد لخوض المعركة الوطنية الكبرى لتحرير الكويت من سطوة المافيات التي أنهكت البلاد ونشرت الفساد ودمرت كل ما هو جميل في وطننا وحطمت آمال شعبنا… وهي معركة لا تنفصل بحال من الأحوال عن معركة الإصلاح السياسي الديمقراطي، الذي هو المدخل الأول لأي إصلاح، وتتمثّل بدايته في العفو عن كافة قضايا الرأي والتجمعات، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات، واقرار قانون انتخاب بديل عن نظام الصوت الواحد المجزوء سيء الذكر… وذلك قبل أن تصبح الكويت دولة فاشلة منهوبة.

فهذه هي أولى الخطوات لبناء الكويت التي ضحى من أجلها الشهداء الميامين.

ولتعش الكويت أبد الدهر وطناً حراً… وطناً متحرراً من سطوة مافيات الفساد… وطناً ديمقراطياً لجميع أبنائه… وطناً للعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص… فالكويت ليست عزبة خاصة لقلة من المتنفذين الفاسدين.

الكويت في ٢٤ فبراير ٢٠٢٠

حذرت الحركة التقدمية الكويتية من استغلال ما حدث في مجلس الأمة يوم أمس الثلاثاء للإجهاز على الهامش المحدود المتبقي من الشكل الديمقراطي للدولة وتهيئة الأجواء للانقضاض مجدداً على الدستور .
وشددت في بيان صحفي اليوم الأربعاء على ضرورة انتباه الشعب الكويتي وقواه الحية والعمل على قطع الطريق أمام أي محاولات تستهدف دفع البلاد نحو مسارات غير دستورية.

وهذا نص البيان:

بأسف واستياء وألم تابعنا مع غيرنا من المواطنين ما شهدته جلسة مجلس الأمة يوم أمس الثلاثاء ١٨ فبراير ٢٠٢٠ من مشادات نيابية وتجاوزات لائحية واجراءات تعسفية عند عرض مقترحات قوانين العفو، ما يعكس بوضوح مدى عمق الأزمة السياسية التي عانت الكويت ولاتزال تعاني منها منذ ٢٠١٠، وهي الأزمة التي تفاقمت أكثر فأكثر مع مرور السنوات جراء تكريس نهج الانفراد بالقرار، ومواصلة التضييق على الحريات، والتمادي في ملاحقة المعارضين، وانحدار الممارسة النيابية في ظل نظام الصوت الواحد المجزوء، بالتزامن مع تفشي الفساد المالي والسياسي والإداري وتحكّم المافيات واشتداد صراعات مراكز النفوذ داخل صفوف السلطة وحلفها الطبقي الرأسمالي.

وإذ تعبّر الحركة التقدمية الكويتية عن استيائها البالغ لتعمّد تضييع فرصة إقرار مقترحات القوانين المتصلة بالعفو عن قضايا الرأي والتجمعات، فإنها في الوقت ذاته ترفض الأسلوب المتعسف والشدة غير المبررة في التعامل مع جانب من جمهور المواطنين الذين حضروا الجلسة عند إخراجهم من القاعة.

ولكن الأخطر من ذلك كله هو ما نخشاه من استغلال ما حدث للإجهاز على الهامش المحدود المتبقي من الشكل الديمقراطي للدولة، وتهيئة الأجواء للانقضاض مجدداً على الدستور ، وهو الأمر الذي يتطلب من الشعب الكويتي وقواه الحيّة اليقظة والانتباه والعمل على قطع الطريق أمام أي محاولات تستهدف دفع البلاد نحو مسارات غير دستورية.

الكويت في ١٩ فبراير ٢٠٢٠

تعبّر الحركة التقدمية الكويتية عن خالص تعازيها لأهالي العمال الذين سقطوا ضحايا في الحادث المأساوي جراء انهيار جزء من مشروع مدينة المطلاع السكنية، كما تتقدم بمشاعر المواساة إلى العمال المصابين وتتمنى لهم الشفاء.

وتحمّل الحركة التقدمية الكويتية الشركة المنفذة للمشروع والمؤسسة العامة للرعاية السكنية المسؤولية عن هذا الحادث الأليم، الذي وقع بسبب الإهمال والتقصير في توفير متطلبات الأمن والسلامة للعاملين في المشروع، وهذا ما يُعد استهتاراً مرفوضاً بأرواح البشر، ما يتطلب محاسبة المسؤولين عن ذلك، وتعويض أهالي الضحايا وكذلك المصابين، واتخاذ الاحتياطات اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث المأساوية.

وفي السياق ذاته فإن الحركة التقدمية الكويتية تؤكد تضامنها مع الإضراب العمالي الذي قام به عدد من العمال في هذا المشروع احتجاجاً على الاستهتار بحياتهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم وعدم صرف أجورهم لأكثر من شهرين، وهو الأمر الذي تتحمله شركة المقاولات المعنية وكذلك المسؤولين في المؤسسة العامة للرعاية السكنية صاحبة المشروع، بالإضافة إلى تقصير هيئة القوى العاملة، حيث تكرر هذا الأمر ويتكرر في العديد من شركات المقاولات الكبرى التي يتعرض عمالها من الوافدين إلى أبشع أنواع الاستغلال والتعسف والحرمان.

وتنتقد الحركة التقدمية الكويتية الاتحاد العام لعمال الكويت لتقصيره وتهاونه في الدفاع عن حقوق العمالة الوافدة في الكويت، وتطالبه وتطالب عموم الحركة النقابية العمالية الكويتية بالالتزام بواجب التضامن العمالي مع إخوتهم العمال الوافدين.

١٤ فبراير ٢٠٢٠

الرفيقات والرفاق، الحضور الكريم

يشرفني باسمي شخصياً ونيابة عن الحركة التقدمية الكويتية أن أتقدم إليكم بالتهنئة الرفاقية الحارة بمناسبة الذكرى الخامسة والستين لتأسيس جبهة التحرير الوطني- البحرين التي تأسست في 15 فبراير 1955 ويشكل المنبر التقدمي اليوم امتدادها التاريخي، ولا أقول وريثها، فحزب الطبقة العاملة مثلما أنه لا يُخلق من عدم، بل يستند إلى واقع مادي اجتماعي واقتصادي وسياسي وثقافي؛ فإنه كذلك لا يفنى ولا يموت وإنما يمتد ويتجدد.
ولعلنا لا نبالغ عندما نقول إن التاريخ البحريني شاهد حيّ على نضالات الجبهة وتضحيات الرفاق من أجل وطن حر وشعب سعيد، عبر كوكبة من الشهداء الميامين ومئات من المعتقلين والمنفيين الذين كانوا في مقدمة الصفوف من أجل تحرر البحرين وتحقيق الديموقراطية والعدالة الاجتماعية لشعبها... فتحية عرفان لأولئك المناضلين البررة بوطنهم والمتفانين من أجل قضية شعبهم.

الرفيقات والرفاق، الحضور الكريم

وعندما نعود إلى النصف الأول من عقد الخمسينات من القرن العشرين، فإننا سنرى أن تأسيس جبهة التحرير وانطلاقتها كطليعة سياسية منظمة للطبقة العاملة والشعب لم يكن نتاج رغبة ذاتية أو استناداً إلى قرار نخبوي اتخذه ذلك النفر من المناضلين المؤسسين، وإنما كان تأسيسها استجابة لحاجات موضوعية فرضها من جهة تطور الحركة الوطنية، وأملاها من جهة أخرى نمو حركة الطبقة العاملة، وساهم في تشكّلها من جهة ثالثة انتشار الأفكار الاشتراكية وتصاعد النضالات التحررية ذات المضامين الاجتماعية التقدمية في العالم أجمع، بما في ذلك بلداننا العربية ومنطقتنا الخليجية، ما اقتضى وجود طليعة سياسية وتنظيم حزبي من طراز جديد للحركة الوطنية يستند إلى منهج علمي قادر على تحليل الواقع وتفسير تناقضاته وحركته واتجاهاته، بحيث يكون هذا المنهج العلمي مرشد عمل من أجل تغيير الواقع، وهذا المنهج كان ولا يزال وسيبقى متمثلاً في الماركسية اللينينية.

لقد تطلّب الأمر حينذاك ولا يزال يتطلّب أن يرسم هذا الحزب الطليعي سياسة واقعية تحدد طبيعة المرحلة ومهماتها وأساليب النضال المناسبة، وهذا ما تمثّل في برنامج الجبهة الذي أقرته في العام ١٩٦٢ بعد سبع سنوات من انطلاقتها وكان يحمل عنوان "برنامج الحرية والاستقلال الوطني والديمقراطية والسلم"، وكان أول برنامج سياسي متكامل للتحرر الوطني والتطور الديمقراطي والتقدم الاجتماعي تطرحه حركة سياسية وطنية ليس في البحرين فحسب، وإنما في منطقتنا الخليجية، وذاك البرنامج يشكّل وثيقة سياسية ذات أهمية تاريخية، ولعل بعض بنوده بقيت صالحة بشكل عام إلى يومنا هذا.
وطوال سنوات نضالها خاضت جبهة التحرير مختلف أساليب الكفاح السياسي والجماهيري والبرلماني بدءاً من إصدار المنشورات والبيانات والكراسات السياسية وتوزيعها لرفع مستوى وعي الجماهير الشعبية وتعبئتها، مروراً بالمساهمة في قيادة الإضرابات والمظاهرات العمالية والطلابية، التي كان أوجها انتفاضة مارس ١٩٦٥ الشعبية جنباً إلى جنب مع القوى الوطنية الأخرى، وصولاً إلى الرد على العنف الاستعماري المضاد بالعنف الثوري الموجه ضد كبار مسؤولي جهاز المخابرات وجلاوزة القمع الاستعماري وفق شعار "لا يفل الحديد إلا الحديد" عندما اقتضت الظروف ذلك في أواسط الستينات.

الرفيقات والرفاق، الحضور الكريم

أما في أعقاب نيل البحرين استقلالها السياسي فقد ساهم مناضلو جبهة التحرير في النضالات العمالية التي شهدتها فترة أوائل السبعينات بالتعاون مع رواد الحركة العمالية من مختلف التيارات الوطنية، وبعدها خاضت الجبهة أسلوب النضال البرلماني وكان مرشحوها ثم نوابها العمود الفقري لكتلة نواب الشعب في المجلس الوطني الأول بعد إقرار دستور ١٩٧٣، التي ضمت إلى جانبهم عناصر وطنية وديمقراطية، وكان لتلك الكتلة النيابية دورها المشهود في الدفاع عن حريات المواطنين وحقوقهم وتحسين مستوى معيشتهم وحماية الأموال العامة، إلا أنه سرعان ما جرى قطع الطريق أمام المسار الديمقراطي لتدخل البحرين فترة مظلمة من تاريخها هي فترة قانون أمن الدولة سيىء الذكر، التي عانى منها الشعب البحريني وقواه الوطنية الأَمَرين لعقود طويلة عبر الاعتقالات الكيفية والمحاكمات الصورية والتعذيب الوحشي، ما أدى إلى سقوط العديد من الشهداء الأبرار من جبهة التحرير والجبهة الشعبية، ناهيك عن تشريد المناضلين ونفيهم خارج الوطن... وتتالت الضربات الأمنية والقمع الممنهج ضد الحركة الوطنية وبالأساس الموجه ضد الجبهتين ما ترك أثره السلبي البالغ على الحياة السياسية في البحرين وكذلك على التنظيمات التقدمية والوطنية وضمنها جبهة التحرير، وكان ذلك بالتزامن مع أزمات عميقة عانتها حركة التحرر الوطني العربية وهزات عاصفة شهدتها الحركة الشيوعية والعمالية العربية والعالمية... ورغم ذلك فقد راكمت جبهة التحرير وراكم مناضلوها خبرات وتجارب قيمة في النضال السياسي والفكري والتنظيمي والنقابي والبرلماني، وهي خبرات وتجارب تحتاج اليوم إلى توثيقها وبحثها لتنتفع منها الأجيال الشابة وتستفيد من دروسها.
وعندما نسترجع تلك السنوات الخوالي بحلوها ومرّها نستذكر كذلك الجهود القيمة التي يجب حفظها لجبهة التحرير في تمكين المئات من أبناء البحرين من تلقي تعليمهم في جامعات الاتحاد السوفياتي والبلدان الاشتراكية في مختلف المجالات والتخصصات والعلوم منذ بداية الستينات قبل تأسييس التعليم الجامعي في البحرين وذلك حتى بداية التسعينات، حيث ساهم أولئك بعد تخرجهم في تلك الجامعات في خدمة وطنهم ومجتمعهم، وشكلوا ولا يزالون جزءاً مهماً من النخب الثقافية البحرينية ومن الكوادر العلمية والطبية والهندسية والصحافية والقانونية والاقتصادية والبيئية المتميزة.

الرفيقات والرفاق، الحضور الكريم

أما على مستوى العلاقة الرفاقية المتميزة بين حزبينا الشقيقين: جبهة التحرير الوطني- البحرين وحزب اتحاد الشعب في الكويت وبين امتداديهما التاريخيين: المنبر التقدمي في البحرين والحركة التقدمية الكويتية، فقد كانت ولا تزال وستبقى مثالاً للروح الرفاقية والمشاركة النضالية والتضامن الأممي... وهنا أقول بفخر لقد كنا في السبعينات والثمانينات نناضل بوصفنا أعضاء في حزب واحد، ويطول الشرح في تعداد أشكال عملنا المشترك وتعاوننا في ظروف عصيبة كانت تتطلب من الشيوعيين البحرينيين والكويتيين التفاني والتضحية ونكران الذات وتعبئة الطاقات في طريق كنا ندري به وندرك وعورته وندوس أشواكه، ومنا مَنْ رحل، ومنا مَنْ بقي واستمر، ومنا مَنْ تبدّل، ومنا مَنْ لم تبدله السنوات والصعاب والتحديات والضغوط والمغريات ولكنها أنضجته فواصل المسير ليسلم الراية إلى جيل جديد نعقد عليه الأمل في تحقيق الإصلاح والتغيير الوطني والديمقراطي والاجتماعي في بلدينا.

دمتم... وإلى أمام

البحرين

١٤ فبراير ٢٠٢٠

على الرغم من التصريح الصحافي الصادر عن وزيرة المالية وزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية مريم العقيل والمنشور بتاريخ ٢٠ يناير الماضي الذي نفت فيه وجود أي توجه حكومي للمساس بجيب المواطن متراجعة عن تصريحاتها السابقة في هذا الشأن، إلا أن الوقائع الملموسة والمعلومات المنشورة في الصحف اليومية تدحض نفي الوزيرة، بل أنها تكشف عن وجود برنامج حكومي متكامل لتحميل الطبقة العاملة والفئات الشعبية وكذلك الطبقة الوسطى أعباء عجز الميزانية عبر تشريعات مقترحة وإجراءات تنفيذية يجري إعدادها من شأنها المساس بحقوق وظيفية مكتسبة، وزيادة أسعار الخدمات الحكومية، وتقليص الدعوم تحت ذريعة توجيهها نحو مستحقيها، وفرض ضرائب غير مباشرة.

ونحن هنا لا ندعي أو نختلق أو نتحدث من فراغ، وإنما نحاول أن نكشف ما تخفيه بعض المصطلحات الفضفاضة والتعابير المنمقة في برنامج عمل الحكومة الجديدة وما نشرته الصحف المحلية من معلومات وأخبار منسوبة إلى مصادر حكومية لم يتم نفيها، ومن بينها:

أولاً: ما ورد في برنامج عمل الحكومة عن مشروع قانون إعادة هيكلة نظام الأجور في القطاع العام، وهو الاسم الجديد لما كان يسمى "البديل الاستراتيجي" المثير للجدل، وهو مشروع القانون المعروض أمام مجلس الأمة منذ العام ٢٠١٥ ومن شأنه المساس بالعديد من البدلات والعلاوات والكوادر الوظيفية، تحت ذريعة توحيدها وتنظيمها، مع محاولة تمريره تحت غطاء أنه لن يمس العاملين الحاليين وإنما سيطبق على العاملين الجدد، وهو الأمر الذي يعني بوضوح الانتقاص المباشر من حقوق وظيفية مكتسبة وخلق حالات من التفاوت بين الأجور والرواتب والمكافآت والبدلات والعلاوات بين العاملين الذين يتولون القيام بالعمل نفسه في الجهة الحكومية الواحدة، سواء كانوا أطباء أو مهندسين أو قانونيين أو مدرسين أو اطفائيين أو محاسبين أو فنيين أو إداريين أو غيرهم، ناهيك عن أن تسمية مشروع القانون تعني أنه سيطبق على القطاع العام بأكمله وليس القطاع الحكومي وحده، بحيث سيطبق على سبيل المثال على العاملين في القطاع النفطي، وهذا ما جرى تنفيذه جزئياً على العاملين الجدد فيه، وسيتم التوسع به أكثر فأكثر.

ثانياً: ما نشرته صحيفة الأنباء في عددها الصادر اليوم ٣ فبراير ٢٠٢٠ عن إعادة تسعير الخدمات الحكومية، وهو الغطاء الذي استخدم قبل سنوات قليلة لزيادة أسعار البنزين والكهرباء على غير السكن الخاص، ما يعني أن هناك زيادات جديدة سيتم إقرارها على خدمات وسلع أخرى تتمتع حالياً بالدعم الحكومي… بالإضافة إلى ما جرى نشره في الخبر ذاته عن توجيه الدعوم لمستحقيها مع إشارة خاصة لبدل دعم العمالة الوطنية في القطاع الخاص، وهذان عنوانان واسعان ومطاطان، وعلينا أن نتوقع أن يشمل ذلك البطاقة التموينية على سبيل المثال.

ثالثاً: مشروعا القانونين المعروضان أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأمة بشأن الاتفاقيتين الخليجيتين لضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية، وهما الضريبتان اللتان بدأ تطبيقهما في السعودية والبحرين والإمارات، حيث تمثلان ضريبتين غير مباشرتين يتحملهما المستهلك بزيادة قيمة فاتورة مشترياته، وذلك في الوقت الذي تتهرب فيه الحكومة المنحازة طبقياً لمصالح كبار الرأسماليين من سن قانون للضريبة التصاعدية على الدخول الكبيرة والأرباح للشركات الكبرى والبنوك، بوصفها الضريبة الأقرب إلى معايير العدالة الاجتماعية.

إن الحركة التقدمية الكويتية عندما تميط اللثام عن المحتوى الطبقي لمشروعات القوانين والإجراءات الحكومية المعادية لمصالح الطبقة العاملة والفئات الشعبية والطبقة الوسطى، فإنها تدعو الحركة النقابية العمالية والجمعيات المهنية للمعلمين والمهندسين والمحاسبين والأطباء وغيرها إلى اليقظة وتوحيد الجهود والقيام بواجباتها الأساسية في الدفاع عن مستوى المعيشة العام وعلى نحو خاص رفض الانتقاص من الحقوق الاجتماعية والعمالية والوظيفية المكتسبة، ومراعاة مبادى العدالة الاجتماعية في فرض الضرائب.

الكويت في ٣ فبراير ٢٠٢٠

أصدرت الحركة التقدمية الكويتية تقريرها اليوم عن الأوضاع السياسية العامة الراهنة في الكويت والتطورات الجارية فيها عن الفترة من النصف الأخير لعام 2019 وسياسة الحركة تجاه تلك الأحداث والتطورات.
وتناول التقرير بهذا الخصوص ابرز 10 الأحداث والتطورات التي مرت بها البلاد للنصف الثاني من العام الماضي حيث كانت كالتالي (اشتداد ازمة السلطة) وهو الملف الذي تناول الصراعات داخل السلطة مثل موضوع إحالة وزير الدفاع السابق في نوفمبر الماضي بلاغ الى النيابة العامة في ملف تجاوزات اتهم في وزير الداخلية السابق وما تبع ذلك من تداعيات أدت الى استقالة الحكومة.
كما استعرض التقرير عنواناً اخر حمل اسم (استشراء الفساد) وما انطوى عليه من نتائج تمثلت بتراجع الكويت في مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية الأخير إلى 40 درجة من مئة درجة وتراجعها إلى الترتيب 85 من بين دول العالم داعية إلى توحيد جهود المجتمع الكويتي وتحمل مسؤولياته في مواجهة الفساد وكشفه.
واستعرض التقرير عجز الميزانية الذي تنامى من خلال ما أعلنته الحكومة من وجود عجز كبير ووجود تصريحات وحملات إعلامية عن تأثير العجز على الرواتب وتآكل الاحتياطي العام للدولة موضحاً أن هذا العجز يكشف مدى سوء الإدارة المالية والنهج الحكومي في الهدر والتنفيع وعدم مكافحة الفساد.
وتناول التقرير ملف مواصلة السلطة لنهجها في التضييق على الحريات وعدم الاستجابة للمطالبات المتكررة من أجل إحداث انفراج سياسي إضافة إلى تناول التقرير لملف تعثر المشروع التنموي الحكومي من خلال إعادة الحكومة السابقة مشروع قانون المنطقة الشمالية الاقتصادية مع تعديلات كبيرة عليه إلى مجلس الامة في ظل وجود خلافات حول هذا الملف.
وأشار التقرير كذلك إلى ملف اتساع الاستياء الشعبي مع ضعف المعارضة الذي جاء نتيجة تردي الأوضاع العامة سواء معيشياً أو بسبب انتشار الفساد وسوء الإدارة الحكومية.
وأبرز التقرير ملف استمرار الضغط على الكويتيين البدون الذي أكد تفاقم المعاناة الإنسانية لهم موضحاً موقف الحركة التقدمية الداعي إلى التخلي عن النظرة العنصرية وعن الإجراءات التعسفية وتبني حل انساني وطني عادل لهم واعطائهم حقوق التعليم والتطبيب والعمل.
كما تناول التقرير مشكلة وقف الإنتاج في المنطقة المقسومة مع السعودية وما نتج عنه من توقيع اتفاقية بين البلدين لانهاء الملف الذي رحبت به الحركة مبدئياً مع وجود بعض الملاحظات حول الاتفاقية مبينة أن الاتفاق له ميزتان أساسيتان الأولى اعتماد خطي الحدود البري والبحري كحدود دولية والثانية طي صفحة مشكلة سيادية وحدودية واقتصادية شائكة.
من جانب آخر تناول التقرير قضية الانتفاضات الشعبية التي مرت بها المنطقة العربية وتأثيرها على الكويت مؤكداً أن المنطقة العربية مهيأة للمزيد من الانتفاضات نتيجة أن الواقع الطبقي الاقتصادي والاجتماعي يحمل التناقضات التي تدفع بهذا الاتجاه لافتاً ان الكويت ليست بمعزل عن هذه الأوضاع.
وأخيراً تناول التقرير إعلان الحركة في شهر سبتمبر الماضي عن مشاركتها في الانتخابات المقبلة وتوضيح اسباب المشاركة التي تتركز على إيجاد منبر لمخاطبة الجماهير وتعبئة الراي العام من اجل التصدي للهجوم على الحريات والحقيق والمكتسبات الشعبية.


وهذا رابط التقرير:

مستلة-من-تقرير-عن-الوضع-الراهن-وسياسة-الحركة-يناير-2020-1تنزيل

بعد الإعلان الرسمي عن صفقة ترامب – نتنياهو لم يعد هناك أي وهم في كونها حلقة جديدة من سلسلة حلقات التآمر الإمبريالي – الصهيوني الممتدة منذ عقود طويلة لتصفية القضية الفلسطينية وشطب الحقوق الوطنية المشروعة للشعب العربي الفلسطيني، بالاستناد من جهة إلى تواطؤ فاضح من معظم الأنظمة العربية، وبالاستفادة من جهة أخرى من السياسات الخاطئة لبعض القيادات الفلسطينية، ناهيك عن حالة الانقسام المؤسفة بين حركتي فتح وحماس.
وبغض النظر عن بعض العبارات المنمقة والصياغات الخطابية الفخمة فإن صفقة ترامب – نتنياهو تستهدف بشكل استفزازي فرض ترتيبات مناقضة تماماً لأبسط حقوق الشعب العربي الفلسطيني، فهذه الصفقة المجحفة مرفوضة شعبياً فلسطينياً وعربياً لكونها:


أولاً: تكرس الاحتلال الصهيوني وتخضع كامل الأراضي الفلسطينية من النهر إلى البحر للسيطرة الصهيونية، وتضم غور الأردن ومناطق واسعة من الضفة الغربية والمستوطنات إلى الكيان الصهيوني.
وثانياً: ترسم حدوداً مؤقتة لدويلة فلسطينية للحكم الذاتي تكون منتقصة السيادة ومنزوعة السلاح وخاضعة لهيمنة الكيان الصهيوني، الذي سيواصل فرض سيطرته الكاملة على الحدود الشرقية لفلسطين.
وثالثاً: تتجاهل تماماً الحقوق الوطنية المشروعة المقرة دولياً للشعب العربي الفلسطيني وفي مقدمتها حق العودة وحق تقرير المصير.
وليس هناك من سبيل أمام الشعب العربي الفلسطيني للرد على هذه الصفقة التآمرية وعلى مختلف مؤامرات تصفية القضية الفلسطينية سوى:


1- تفعيل المقاومة الشعبية للاحتلال وصولاً إلى انتفاضة شاملة، وتوحيد طاقات الشعب الفلسطيني.
2- الإسراع في إنهاء الانقسام بين فتح وحماس.
3- وقف العمل بكافة الاتفاقيات الموقعة مع الكيان الصهيوني وذلك وفقاً لما ما تم الإجماع عليه وطنياً في المجلس الوطني (الدورة 23) والمجلس المركزي (الدورتان 27 و28) بإنهاء العمل بالمرحلة الإنتقالية، وإلغاء العمل بإتفاق أوسلو، والتحرر من التزامات بروتوكول باريس، بما في ذلك “كحد أدنى” سحب الاعتراف بإسرائيل، ووقف التنسيق الأمني.
4- توسيع حملة مقاطعة الكيان الصهيوني، وإعادة بناء حركة تضامن دولية مع الشعب العربي الفلسطيني لإنهاء الاحتلال وتصفية الكيان العنصري الغاصب.


وفي السياق ذاته فإن شعوبنا العربية وقواها التقدمية والوطنية والديمقراطية مطالبة بتعزيز تضامنها مع الشعب العربي الفلسطيني، وفضح أنظمة العمالة والتواطؤ، ورفض كافة أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، والربط بين النضالات الشعبية في كافة البلدان العربية بحراكاته الشعبية وانتفاضته وثوراته من أجل تحقيق التغيير الوطني والديمقراطي والاجتماعي بالنضال ضد الهيمنة الإمبريالية الأميركية ومن أجل قيام بلدان عربية متحررة تكون قادرة بالفعل وليس بالقول والإدعاء على إسناد مقاومة الشعب العربي الفلسطيني ودعم نضاله من أجل استعادة حقوقه الوطنية المشروعة وفي مقدمتها حق العودة وحق تقرير المصير وحقه في قيام دولته الوطنية المستقلة على أرض وطنه وعاصمتها القدس وتصفية الكيان الصهيوني الغاصب والعنصري، مثلما تمت تصفية الكيان العنصري البغيض في جنوب أفريقيا.

الكويت في 29 يناير 2020

يعتبر اللقاء اليساري العربي أن الاعلان الذي صدر عن رئيس الامبريالية الأميركية، دونالد ترامب، بالأمس تحت مسمى "صفقة القرن" إنما هو مؤامرة جديدة تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية التي تعتبرها الشعوب العربية قضيتها المركزية وتناضل مع الشعب الفلسطيني من أجل إنهاء الاستعمار الاستيطاني الصهيوني على أرضه ومن أجل استعادة دولته الوطنية وعاصمتها القدس.
ويرى اللقاء اليساري العربي أن الرد على هذه الصفقة،  التي مهّد لها مؤتمر المنامة وشهد عليها بعض ممثلي الأنظمة الرجعية العربية، يكون، أولا، بإعلان المسؤولين الفلسطينيين عن إلغاء اتفاقية أوسلو والعودة إلى أسلوب المقاومة، بما فيها المقاومة المسلّحة، من أجل تحرير الأرض.
وهو يكون، ثانيا، بتنظيم تحركات شعبية واسعة في كافة الأقطار العربية تهدف إلى إلغاء كل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني، الدبلوماسية والاقتصادية على وجه الخصوص، وإلى مقاطعة المصالح الامبريالية الأميركية في المنطقة العربية.
وهو يكون، ثالثا، بتنظيم حملة عالمية واسعة، بما في ذلك داخل الرأي العام في الولايات المتحدة الأميركية، من أجل وضع حد للجرائم التي ترتكبها إداراتها المتعاقبة، وبالتحديد إدارة دونالد ترامب، ضد حياة الشعوب وحريتها، وبالتحديد شعب فلسطين الذي يعاني التشريد منذ إثنين وسبعين عاما والذي يعتبر نضاله من أجل حق العودة إلى الديار التي هجّر منها حقا شرعيا لا يمكن لأي كان الانتقاص منه.
وهذا، ويدعو اللقاء اليساري العربي كل القوى التقدمية والديمقراطية في العالم العربي إلى تنظيم لقاءات سريعة تهدف إلى وضع خطة تنفيذية للمواجهة.

  لجنة تنسيق اللقاء اليساري العربي
في 29 يناير / كانون الثاني 2020

أكدت الحركة التقدمية الكويتية أنّ المعركة ضد الفساد والإفساد هي بالأساس معركة سياسية وطنية كبرى، معركة من أجل إنقاذ الكويت وأنه حان الوقت لإنقاذ البلاد قبل أن تتحول من دولة فاسدة الى دولة فاشلة منهوبة.

جاء ذلك في بيان صحفي للحركة تعليقا على تقرير مؤشر مدركات الفساد العالمي الصادر عن منظمة الشفافية الدولية اليوم الذي أشار إلى تراجع ترتيب الكويت من المرتبة 78 إلى المرتبة 85 من بين 180 دولة.
وشددت الحركة على أن المعركة يجب أن تكون أولى أولويات النضال من أجل التغيير الوطني والديمقراطي والاجتماعي… إذ لا يمكن الحديث عن الإصلاح في ظل تحكّم الفاسدين، ولا يمكن التعويل على مشروع وهمي للتنمية.
واوضحت أن المطالب الاصلاحية تتمثل بالإسراع في تشكيل حكومة إصلاحية تكون محل ثقة الشعب واطمئنانه في محاربة المافيات وقوى الفساد وتطهير أجهزة الدولة من العناصر الفاسدة وكشف قضايا الفساد أمام الرأي العام وعدم لفلفتها والجدية في ملاحقة الفاسدين.
وأكدت الحركة التقدمية كذلك على ضرورة تصحيح المسار البرلماني واستعادة الدور الرقابي الجدي لمجلس الأمة عبر الإسراع في إقرار قانون انتخابات ديمقراطي بديل يعالج الاختلالات الخطيرة التي نشأت عن مرسوم قانون الصوت الواحد وإطلاق الحريات الديمقراطية وإلغاء القوانين المقيدة لها وتحقيق إنفراج سياسي عبر العفو عن المحكومين والمحبوسين والملاحقين في قضايا الرأي والتجمعات.

وهذا نص البيان:

لعلنا مثل كثيرين من أبناء شعبنا الكويتي الصابر لم نُصدم بتراجع درجات الكويت ضمن مؤشر مدركات الفساد العالمي الصادر عن منظمة الشفافية الدولية عن العام 2019 من 41 درجة في العام الماضي إلى 40 درجة من مئة درجة في التقرير الأخير وكذلك تراجع ترتيبها من المرتبة 78 إلى المرتبة 85 من بين 180 دولة في العالم، ذلك أنّنا شأننا شأن جميع المواطنين الكويتيين كنا ولا نزال نلمس ونشاهد ونتابع بكل أسى وأسف مدى تفشي الفساد وانتشاره وتغوّل الفاسدين في بلادنا وما يحظون به من حماية ورعاية ونفوذ، وهذا ما كنا ننبه إليه ونحذّر منه، خصوصاً بعد أن تحوّل الفساد في الكويت خلال السنوات الأخيرة إلى نهب منظم لمقدرات البلاد وخيراتها ومواردها المالية تقوم به مافيات متنفذة تتحكم في العديد من مفاصل الدولة، وذلك بالاستفادة المباشرة من النهج السلطوي في التضييق على الحريات، وبالاستناد إلى التخريب المتواصل والمتعمد للعملية الانتخابية؛ وحالة الارتهان شبه الكامل للمؤسسة البرلمانية في الخضوع لمراكز النفوذ؛ وتمييع رقابة المؤسسات المعنية بمكافحة الفساد وتحويلها إلى واجهات فارغة، بحيث خلت الساحة تماماً أمام المافيات التي تواصل نهبها لخيرات الكويت وتلاعبها بمقدراتها وسطوها على المال العام من دون حسيب أو رقيب.
ولا يمكننا أن ننخدع بالتصريحات الرسمية التي تدعي محاربة الفساد في الوقت الذين كنا ولا نزال نرى فيه العديد من العناصر الفاسدة والمفسدة تتولى مسؤوليات تنفيذية وقيادية في أجهزة الدولة، فيما جرت لفلفة معظم ملفات الفساد التي افتضح أمرها.
ونحن هنا لا نبالغ عندما نستنتج أن الفساد اليوم أصبح جزءاً من بنية المنظومة الاقتصادية والسياسية القائمة في الكويت، بل أنه يجري تكريس الفساد ضمن الثقافة الاجتماعية السائدة، ذلك أن الأساس الموضوعي لهذه الظاهرة الخطيرة يعود إلى الطبيعة الطفيلية لمصالح القوى الطبقية الرأسمالية المتنفذة، التي تعتمد في تكوين ثرواتها وتراكمها على النهب والاستحواذ على مقدرات البلاد والتلاعب بها.

وترى الحركة التقدمية الكويتية أنّ المعركة ضد الفساد والإفساد إنما هي بالأساس معركة سياسية وطنية كبرى، معركة من أجل إنقاذ الكويت، معركة يجب أن تكون أولى أولويات النضال من أجل التغيير الوطني والديمقراطي والاجتماعي… إذ لا يمكن الحديث عن الإصلاح في ظل تحكّم الفاسدين، ولا يمكن التعويل على مشروع وهمي للتنمية بينما الفساد يعشعش في كل المؤسسات، ولا يمكن الثقة في حكومات تعاقب عليها مسؤولون ووزراء فاسدون، ولا يستطيع أحد أن يثق في برلمانات تلكأت عن عمد في ملاحقة المسؤولين الدفيعة والنواب القبيضة من السابقين والحاليين، ولا معنى للحديث إطلاقاً عن معالجة عجز الميزانية وتآكل الاحتياطي فيما الفساد يستشري ويتنامى… ومن هنا فإن مكافحة الفساد تبدأ أول ما تبدأ بإصلاح سياسي ديمقراطي يطلق الحريات العامة للشعب؛ ويعيد الاعتبار إلى الأمة كمصدر للسلطات؛ ويتيح للمواطنين اختيار نوابهم على أسس سليمة؛ ويخضع الحكومة للمحاسبة الشعبية قبل البرلمانية، وينهي تحكم المافيات ومراكز النفوذ، ويعاود بناء الكويت مثلما يفترض أن تكون كدولة مدنية ديمقراطية حديثة وعادلة اجتماعياً.
لهذا فقد حان الوقت لإنقاذ الكويت قبل فوات الأوان، وعلى القوى الحيّة في المجتمع الكويتي أن تتحمل مسؤولياتها الوطنية وتوحد جهودها حول التوجهات والمطالب التالية:

1- الإسراع في تشكيل حكومة إصلاحية تكون محل ثقة الشعب واطمئنانه في محاربة المافيات وقوى الفساد.


2- البدء في تطهير أجهزة الدولة من العناصر الفاسدة، وكشف قضايا الفساد أمام الرأي العام، وعدم لفلفتها والجدية في ملاحقة الفاسدين وعدم التغطية عليهم ومحاكمتهم علنياُ ومحاسبتهم جزائياً، أياً كانت اسماؤهم ومواقعهم، ومصادرة الأموال المنهوبة وإعادتها إلى خزينة الدولة.


3- تصحيح المسار البرلماني واستعادة الدور الرقابي الجدي لمجلس الأمة عبر الإسراع في إقرار قانون انتخابات ديمقراطي بديل يعالج الاختلالات الخطيرة التي نشأت عن مرسوم قانون الصوت الواحد المجزوء، ليعقبه إجراء انتخابات نيابية مبكرة نزيهة خالية من التدخلات الحكومية والمال السياسي.


4- إطلاق الحريات الديمقراطية وإلغاء القوانين المقيدة لها، وتحقيق إنفراج سياسي عبر العفو عن المحكومين والمحبوسين والملاحقين في قضايا الرأي والتجمعات.

نعم، لقد حان الوقت لإنقاذ الكويت، وذلك قبل أن تتحوّل من دولة فاسدة إلى دولة فاشلة ومنهوبة.

الكويت في 23 يناير 2020

قالت الحركة التقدمية الكويتية إن عجز الميزانية المقدر بحوالي 9.2 مليار دينار يرجع بشكل رئيسي إلى سوء الادارة المالية والفساد.
وأكدت في بيان صحفي اليوم الأربعاء أن عجز الميزانية وتآكل الاحتياطي المالي العام للدولة يكشفان مدى سوء الإدارة المالية الذي يأتي نتاجاً طبيعياً للتضخيم المبالغ فيه لمصروفات الدولة في بنود ليست أساسية ضمن الميزانيات المتعاقبة.
وأوضحت أن عجز الميزانية هو نتاج كذلك للنهج الحكومي في الهدر والتنفيع وعدم الجدية في مكافحة الفساد والتغاضي عنه ورعايته وشبهات الفساد.
وشددت على أن الحل يكون في تطبيق الضريبة التصاعدية على الدخول الكبيرة وتشغيل القطاع الخاص للعمالة الكويتية
كما أكدت أن استمرار الوضع الحالي سيكون خطراً على مستقبل البلاد في ظل استمرار النهج الحكومي موضحة أن الأمر لن يتوقف عند تآكل الاحتياطي المالي العام للدولة، وإنما سيمتد إلى السحب من احتياطي الأجيال القادمة وتحميل الدولة أعباء إضافية عبر القروض وفوائد التي ستزيد الأمر سوءاً على سوء.

وهذا نص البيان:

بالتزامن مع موافقة مجلس الوزراء أمس على مشروع قانون الميزانية العامة للدولة للسنة المالية 2020/2021 ثار الحديث بقوة عبر التصريحات الحكومية ووسائل الإعلام عن "أضخم عجز مالي في تاريخ الكويت وصل إلى 9.2 مليارات دينار"، إذ بلغت المصروفات 22.5 مليار دينار فيما لم تتجاوز الإيرادات 14.8 مليار دينار… وأن "الإيرادات لا تكفي للرواتب والدعومات"، حيث بلغت نسبتها 71 في المئة من الموازنة…و"تآكل الاحتياطي المالي العام للدولة الذي سيتم السحب منه لتغطية عجز الميزانية"… والتأكيد الحكومي على "الإسراع في إقرار قانون الدين العام لاستدانة الحكومة بدلاً من السحب المستمر من الصناديق السيادية".
ونحن هنا لسنا في معرض إنكار وجود عجز في الميزانية العامة للدولة، ولا نقلل من خطورة هذه المشكلة، ولكن لابد من توضيح مجموعة من الحقائق:
أولها: أنّ عجز الميزانية وتآكل الاحتياطي المالي العام للدولة يكشفان مدى سوء الإدارة المالية للدولة، وهما نتاج طبيعي للتضخيم المبالغ فيه سنة بعد أخرى لمصروفات الدولة في بنود ليست أساسية ضمن الميزانيات المتعاقبة.
ثانيهما: أنّ عجز الميزانية لا يمكن النظر إليه بمعزل عن النهج الحكومي في الهدر والتنفيع وعدم الجدية في مكافحة الفساد، بل التغاضي عنه ورعايته وشبهات الفساد الشخصي لبعض كبار المسؤولين في الحكومات المتعاقبة، ويكفي أن نستذكر أن تقريراً حكومياً صدر في أبريل من العام 2018 كشف أن مقدار اختلاسات المال العام المعروضة أمام المحاكم حينذاك بلغت 2.4 مليار دينار، ما يوضح مقدار النهب المنظم الذي تعرضت له مقدرات الدولة وأموالها.
ثالثاً: إن عجز الميزانية وتآكل الاحتياطي هما جزء من النتائج المتوقعة للنمط الاقتصادي السائد المتمثل في الاعتماد على مورد وحيد متذبذب الأسعار، والفشل الذريع في الادعاءات الحكومية بشأن التنمية؛ وعدم الجدية في تنويع مصادر الدخل، وغض الطرف تماماً عما يفترض أن يتحمّله القطاع الخاص من مسؤوليات اجتماعية في تمويل الميزانية عبر الضرائب وتشغيل العمالة الوطنية.

وفي تقديرنا فإنّه في ظل استمرار هذا النهج الحكومي من دون تغير فإنّ عجز الميزانية سيزداد مع مرور السنوات ولن يتقلص، وأنّ الأمر لن يتوقف عند تآكل الاحتياطي المالي العام للدولة، وإنما سيمتد إلى السحب من احتياطي الأجيال القادمة، ناهيك عن تحميل الدولة أعباء إضافية عبر القروض وفوائد خدمتها التي ستزيد الأمر سوءاً على سوء.
وفي الوقت نفسه فإنّ النهج الاقتصادي للحكومة سيتجه نحو تخفيض بنود الإنفاق الاجتماعي الضرورية المتصلة بحياة الناس البسطاء عبر خفض الدعوم أو إلغاء بعضها وتقليص الإنفاق على خدمات أساسية تحت ذريعة ترشيد الإنفاق، مع تحميل الفئات الشعبية أعباء إضافية عبر زيادة الرسوم على الخدمات واستحداث رسوم جديدة أو ضرائب غير عادلة اجتماعياً مثل ضريبة القيمة المضافة على المبيعات.
إن الحركة التقدمية الكويتية الكويتية عندما تحذّر من مثل هذه التوجهات المعادية لمصالح الطبقة العاملة والفئات الشعبية فإنها توجه الأنظار نحو بديلين مهمين يفترض اتباعهما على المدى القريب لسد العجز في الميزانية يتمثلان في:
1- توفير شركات القطاع الخاص فرص عمل للشباب الكويتي، بدلاً من قصر فرص العمل فيها على العمالة الوافدة، وزيادة النسب المقررة للعمالة الوطنية في هذه الشركات إلى نسب مؤثرة وليست رمزية، وذلك كخطوة باتجاه خفض الإنفاق على الباب الأول من الميزانية العامة للدولة وللتخفيف من تضخم الجهاز الوظيفي الإداري للدولة.
2- شمول مختلف الشركات الكبرى ضمن قانون ضريبة الدخل، التي يفترض أن تكون تصاعدية لتمويل الميزانية العامة للدولة، وذلك انطلاقاً مما قرره الدستور من وظيفة اجتماعية لرأس المال.

وأما على المستوى البعيد فإنّ لابديل عن ضرورة تغيير النمط الاقتصادي الريعي الاستهلاكي الفاشل والتوجه نحو خيارات تنموية وطنية تحقق تنمية إنسانية عادلة اجتماعياً ومستدامة، وهو أمر لا يمكن أن يتحقق في ظل تكريس نهج الانفراد بالقرار وتعطيل المشاركة الشعبية والانحياز الحكومي لمصالح كبار الرأسماليين.

الكويت في 15 يناير 2020

قالت الحركة التقدمية الكويتية إنّ الاتفاق الكويتي السعودي حول المنطقة المقسومة الذي أُقِر أخيراً حقق ايجابيات رغم وجود ملاحظات أساسية عليه تحتاج إلى توضيح من الحكومة.
وأوضحت في بيان صحفي اليوم أن من أبرز الإيجابيات هو اعتماد خطي الحدود البري والبحري بمحاذاة النويصيب كحدود دولية رسمية للبلدين.
إضافة الى طيّ صفحة مشكلة سيادية وحدودية واقتصادية شائكة بدلاً من تركها معلقة بشكل قد يصعب الاتفاق عليها في ظروف أخرى.
وأضافت أن أبرز الملاحظات على تلك الاتفاقية تتمثل في عدم حصول الكويت على تعويض عن خسائرها الناجمة عن القرار السعودي المنفرد بوقف الانتاج في المنطقة المقسومة منذ 2014 في مقابل التزام كويتي بالتعويض عن مساكن ومباني شيفرون الحالية في الزور بدفع قيمة إنشاء المباني البديلة مستقبلاً في الخفجي.
وبينت أن من الملاحظات أيضاً عدم أيلولة ملكية ميناء الزور ورصيف التصدير وخزانات النفط وخطي الأنابيب من الوفرة إلى الزور للكويت بعد استعادة ميناء الزور التي ستصبح ملكيتها مناصفة بين الكويت وشركة شيفرون العربية السعودية.
وقالت إن الاتفاق كذلك لم يوضح امتداد خط أنابيب نقل الغاز من حقل الدرة مستقبلاً، وما إذا كان سيكون من الحقل إلى الكويت مباشرة؟ أم إلى السعودية ومنها بعد ذلك إلى الكويت اضافة إلى عدم تطرق الاتفاق للخسائر الكويتية الناجمة عن هجرة النفط من حقل الخفجي إلى حقل السفانية السعودي.
وهذا نص البيان:

جاء توقيع وزيري الخارجية والنفط الكويتيين ووزير الطاقة السعودي على مذكرة التفاهم بين حكومة دولة الكويت وحكومة المملكة العربية السعودية وعلى الاتفاقية الملحقة بشأن تقسيم المنطقة المحايدة واتفاقية تقسيم المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة بين دولة الكويت والمملكة العربية السعودية في 24 ديسمبر 2019 ليفتح الباب أمام إنهاء الخلاف بين البلدين حول وقف انتاج في المنطقة المقسومة بقرار سعودي منفرد منذ نهاية 2014 ما أدى إلى حرمان الكويت من نحو 10 في المئة من إجمالي انتاجها النفطي لنحو خمس سنوات، وعلى أمل أن يضع الاتفاق أساساً لتسوية الخلاف بين البلدين حول انتهاء فترة استغلال السعودية لميناء الزور في الأراضي الكويتية التي كان يفترض أن تنتهي في العام 2009، بالإضافة إلى تنظيم بعض الأمور المتصلة بالمناطق المغمورة بين البلدين المحاذية للمنطقة المقسومة.
ونحن في الحركة التقدمية الكويتية انطلاقاً من الاعتبارات السياسية؛ ومن حسابات المصلحة الوطنية؛ وحرصاً على علاقات حسن الجوار والتعاون متبادل المنفعة بين البلدين، وتفهماً منا لموازين القوى التي جرى الاتفاق في ظلها، نرى أنّ هذا الاتفاق على الرغم من الملاحظات المثارة حوله، إلا أنه تضمّن انجازين لا يمكن التقليل من أهميتهما، وهما:
1- اعتماد خطي الحدود البري والبحري بمحاذاة النويصيب كحدود دولية رسمية للبلدين.
2- طّي صفحة مشكلة سيادية وحدودية واقتصادية شائكة وذلك بدلاً من تركها معلقة بحيث قد يصعب الاتفاق عليها في ظروف أخرى.

وفي المقابل، فإنه مع تقديرنا الايجابي لهذين الانجازين المهمين إلا أنّ هناك عدداً من الملاحظات الأساسية التي لا يمكن القفز عليها، ونرى أنه من واجب الحكومة شرحها للرأي العام الشعبي، ولعل أبرز هذه الملاحظات:
1- عدم حصول الكويت على تعويض عن خسائرها الناجمة عن القرار السعودي المنفرد بوقف الانتاج في المنطقة المقسومة منذ 2014، بينما هناك التزام كويتي بالتعويض عن مساكن ومباني شيفرون الحالية في الزور بدفع قيمة إنشاء المباني البديلة مستقبلاً في الخفجي.
2- عدم أيلولة ملكية ميناء الزور ورصيف التصدير وخزانات النفط وخطي الأنابيب من الوفرة إلى الزور إلى الكويت بعد استعادته ميناء الزور، حيث أصبحت ملكيتها مناصفة بين الكويت وشركة شيفرون العربية السعودية.
3- عدم وضوح امتداد خط أنابيب نقل الغاز من حقل الدرة مستقبلاً، وما إذا كان سيكون من الحقل إلى الكويت مباشرة؟ أم إلى السعودية ومنها بعد ذلك إلى الكويت؟
4- عدم تطرق الاتفاق إلى الخسائر الكويتية الناجمة عن هجرة النفط من حقل الخفجي إلى حقل السفانية السعودي.
مع التأكيد على ضرورة الالتزام بأحكام المادة 70 من الدستور بشأن عرض الاتفاق على مجلس الأمة لإقراره والتصديق عليه ونشره في الجريدة الرسمية لتكون له قوة القانون.

الكويت في 27 ديسمبر 2019

لئن كنا كقوى سياسية معارضة من موقع وطني ديمقراطي تقدمي مدني غير معنيين بالدفاع عن أي من الوزراء، ناهيك عن معارضتنا لمشاركة أي شخص من التيار الوطني والديمقراطي والتقدمي في حكومات لا تمتلك برنامجاً إصلاحياً، فإننا في الوقت ذاته نرفض أساليب الابتزاز السياسي الانتهازية للقوى السياسية الدينية ونوابهم ضد إحدى الوزيرات على خلفية تعبيرها منذ أكثر من ثماني سنوات عن موقفها تجاه الوضع في البحرين، أو غيره، وذلك للمطالبة بتنحيتها من الحكومة، وهو موقف لا يستند إلى منطق سياسي سليم في محاسبة الوزراء ومساءلتهم عن سياساتهم ومواقفهم بعد توليهم المنصب الوزاري.

والأسوأ من ذلك كله أن الغرض الحقيقي من هذا الضغط والابتزاز يتصل بأمرين آخرين هما اعتراض القوى السياسية الدينية ونوابها على التوجه الفكري للوزيرة المخالف لتوجهاتهم، وخشية هذه القوى وتطيّرها من احتمال اتخاذ الوزيرة المعنية اجراءات مغايرة للتوجه الحكومي المتواطئ في إطلاق أيدي جمعيات القوى الدينية وغض الطرف عن مخالفاتها، بينما هناك تشدد حكومي غير مبرر وغير مقبول في التعامل مع جمعيات النفع العام الأخرى، مثلما حدث مع جمعية الحرية وكذلك رفض إشهار جمعية الطليعة في العام الماضي.

ونؤكد في الختام على استمرار موقفنا المعارض للحكومة بسبب غياب برنامجها الإصلاحي وطبيعة تشكيلها وتوجهاتها، وكذلك تأكيد موقفنا الرافض للإقصاء بسبب الأفكار الشخصية، وللوصاية السياسية التي تسعى القوى الدينية ونوابها لفرضها على الحياة السياسية في البلاد.

الكويت ٢١ ديسمبر ٢٠١٩

انطلاقاً من حظر المادة ٣١ من الدستور للتعذيب، وتجريم المادة ٥٣ من القانون رقم ٣١ لسنة ١٩٧٠ بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء للتعذيب، وعلى ضوء ما نشر حول ملابسات احتجاز المواطن أحمد محمد إبراهيم الظفيري ووفاته خلال فترة احتجازه وما جاء في التقرير الطبي المتداول عما لحق به من إصابات، خصوصاً أنه يعاني من إعاقة حركية شديدة ودائمة وفق شهادة الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة، فنحن هنا أمام شبهة اقتراف جهة الاحتجاز لجريمة نكراء هي التعذيب المحظور دستورياً والمجرّم قانونياً، الذي أفضى إلى الموت.

ولئن كان القضاء هو المعني بالتحقيق والاتهام والمحاكمة والعقاب في الشق الجنائي من جريمة التعذيب، فإن هناك مسؤولية سياسية يجب أن يتحملها وزير الداخلية أنس الصالح، مثلما سبق في العام ٢٠١١ أن تحمّل وزير الداخلية الأسبق الشيخ جابر الخالد المسؤولية السياسية في جريمة تعذيب وقتل المواطن محمد غزاي الميموني في العام ٢٠١١، ولا عذر إطلاقاً بقصر مدة تولي الوزير لوزارته، خاصة أنه كان يتولى منصب وزير الداخلية بالإنابة منذ شهر بعد إعفاء وزير الداخلية السابق.

إن الهدف من تحميل وزير الداخلية المسؤولية السياسية ليس التصيّد والاستهداف، وإنما تأكيد مبدأ المسؤولية السياسية للوزير عن أي تقصير فادح في تطبيق القوانين وانتهاك فاضح لحقوق الإنسان، وتثبيت احترام حقوق الإنسان، بما فيها حقوق المتهم وتجريم التعذيب كمبادئ راسخة في أجهزة الأمن غير قابلة للمساومة والتهاون، بحيث لا يؤدي التراخي فيها إلى تكرار هذه الجريمة الشنيعة مثلما حدث في حالات مشهودة، ليأمن الناس إلى عدم التعدي على حقوقهم.

الكويت في ٢٠ ديسمبر ٢٠١٩

بعد انتظار وترقب استمر نحو شهر كامل جاء الإعلان اليوم عن التشكيل الوزاري الجديد ليتضمن بعض التغيير في أسماء الوزراء بتوزير سبعة وزراء جدد، وتبديل الحقائب الوزارية لاثنين من الوزراء الأعضاء في التشكيل الوزاري السابق، وعدم استكمال التشكيل الجديد وفق النصاب العددي المعتاد، وتولية وزير من خارج الأسرة لأول مرة حقيبة وزارة الداخلية، وذلك من دون أن يصاحب هذا الإعلان عن التشكيل أي إعلان عن برنامج عمل إصلاحي واضح ومحدد، بحيث يمكن القول إن هذا التغيير الجزئي في بعض الأسماء وتوزيع الحقائب يبرر الأمل بحدوث تغيير في نهج الحكومة يختلف عن النهج المتبع للتشكيلات الوزارية المتعاقبة سواء من حيث طريقة الاختيار المعتادة في التوزير، أو من حيث تجاوز حدود الدور التنفيذي الهامشي الذي أصبحت مجالس الوزراء المتعاقبة تمارسه بعيداً عن الدور الدستوري المفترض للحكومة كمركز فعلي لاتخاذ القرار السياسي… كما أنه ليست هناك مؤشرات تدل على أي تراجع عن نهج السلطة في التضييق على الحريات؛ أو باتجاه التخلي عن السياسات الاقتصادية والاجتماعية المنحازة لصالح قلة من كبار الرأسماليين الطفيليين، أو الجدية في حل مشكلات السكن وتردي الخدمات العامة ومعالجة قضايا المقترضين والكويتيين البدون وتحسين الظروف المعيشية للغالبية الساحقة من الناس، ناهيك عن استبعاد أي احتمال لاتخاذ خطوات باتجاه تصحيح المسار السياسي وتحديداً إصلاح النظام الانتخابي السيئ للصوت الواحد المجزوء.
ومن جانب آخر فأنّه من الصعب جداً أن يحظى التشكيل الوزاري الجديد بثقة الشعب واطمئنانه إلى قدرته على التصدي للمافيات التي تنهب موارد الدولة وتتحكم في العديد من مفاصل القرار فيها، أو الجدية في كشف قضايا الفساد المتراكمة وعدم لفلفتها وملاحقة الفاسدين وعدم التغطية عليهم ومحاكمتهم علنياً ومحاسبتهم جزائياً، أياً كانت اسماؤهم ومواقعهم، ومصادرة الأموال المنهوبة وإعادتها إلى خزينة الدولة، وتطهير مختلف أجهزة الدولة من العناصر الفاسدة، وذلك ليس من باب التشكيك في نزاهة شخص رئيس مجلس الوزراء والوزراء، وإنما استناداً إلى التجارب الملموسة للرئيس الحالي نفسه وبعض أركان حكومته عندما كانوا أعضاء في التشكيلات الوزارية السابقة وتراخيهم في التعامل مع ملفات الفساد وعدم جديتهم في اتخاذ إجراءات جلب المتهم فهد الرجعان مدير التأمينات الاجتماعية السابق إلى الكويت لمحاكمته، ولفلفة قضية التحويلات المليونية عبر وزارة الخارجية التي أدت إلى ابتعاد وزير الخارجية الأسبق محمد صباح السالم، وكذلك ملف الحيازات الزراعية.
إنّ التشكيل الوزاري الجديد هو امتداد للتشكيلات الوزارية الحكومية المتعاقبة مع بعض التحسينات الشكلية، ونحسب أنه لا يرقى إطلاقاً إلى مستوى القدرة على التعامل مع الأزمة السياسية المحتدمة، التي هي بالأساس أزمة السلطة نفسها؛ وأزمة نهجها غير الديمقراطي؛ وأزمة المصالح الطبقية الضيقة التي تمثلها؛ وأزمة سياساتها الاقتصادية والاجتماعية المتناقضة مع مصالح الأغلبية الساحقة من المواطنين؛ وأزمة سوء إدارتها للدولة، وأزمة صراعات مراكز القوى داخلها… وهي أزمة عميقة لا يمكن معالجتها عبر تشكيل وزاري كالتشكيل المعلن عنه.
واستناداً إلى كل ما سبق فإن الحركة التقدمية الكويتية تؤكد وتكرر دعوتها إلى المواطنين كافه وإلى القوى الحيّة في المجتمع الكويتي لتحمّل مسؤولياتهم الوطنية والسياسية وتوحيد جهودهم حول التوجهات الأربعة التالية:
1- ممارسة الرأي العام الشعبي كافة أشكال الضغط السياسي والجماهيري والإعلامي على الحكومة لمنع أي محاولة للتراخي في التعامل مع قضايا الفساد أو لفلفتها.
2- توحيد الجهود الشعبية للتحرك من أجل تصحيح المسار البرلماني واستعادة الدور الرقابي الجدي لمجلس الأمة عبر الإسراع في إقرار قانون انتخابات ديمقراطي بديل يعالج الاختلالات الخطيرة التي نشأت عن مرسوم قانون الصوت الواحد المجزوء، ليعقبه إجراء انتخابات نيابية مبكرة نزيهة خالية من التدخلات الحكومية والمال السياسي.
3- مواصلة المطالبة بإطلاق الحريات الديمقراطية وإلغاء القوانين المقيدة لها، وتحقيق إنفراج سياسي عبر العفو عن المحكومين والمحبوسين والملاحقين في قضايا الرأي والتجمعات.
4- التحرك من أجل تشريع قوانين واتخاذ إجراءات حكومية عاجلة وعادلة اجتماعياً لمعالجة المشكلات المعيشية التي تعاني منها الغالبية الساحقة من المواطنين وتحسين ظروف المعيشة ومعالجة مشكلات المقترضين، وقضية الكويتين البدون.

الكويت في 17 ديسمبر 2019

لم يتم العثور على نتائج
لا توجد نتائج مع هذه المعايير. حاول تغيير بحثك.
Filters