March 2021
30

الحركة التقدمية الكويتية: الأزمة السياسية تحوّلت إلى أزمة عامة مستعصية… ولا مخرج منها إلا بتوافق شعبي على بدائل وآليات لانقاذ البلاد وتصحيح المسار وتحقيق الإصلاح

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

ما حدث من تطورات متسارعة خلال الأيام الأخيرة وصولاً إلى ما حدث اليوم خصوصاً في الطريقة الملتوية لانعقاد جلسة القسم أو الموافقة غير المسبوقة على طلب رئيس الحكومة تأجيل استجوابات النواب له إلى ما بعد نهاية دور الانعقاد الثاني، كشف بوضوح أن الأمر قد تجاوز حدود الأزمة السياسية التي عانت منها الكويت ولا تزال تعاني منذ العام ٢٠١١، إذ أصبحت البلاد في واقع الحال تواجه أزمة عامة مستعصية تتمثل في انتهاك صارخ للدستور وعبث سافر به؛ واستخفاف استفزازي بالإرادة الشعبية وتحديها على نحو غير مسبوق؛ وتكريس منهجي للإنفراد بالسلطة والقرار وتجاهل تام لأبسط المبادئ الديمقراطية؛ وتضييق على الحريات واستهداف للمعارضين، ويترافق هذا مع نهج اقتصادي منحاز طبقياً لمصلحة أقلية رأسمالية طفيلية متنفذة، ومع لفلفة مدروسة لقضايا الفساد الكبرى لن تسترها إجراءات ذرّ الرماد في العيون وإبعاد بعض الوجوه المحروقة والمتورطة من دون مساءلة أو حساب… أما الحديث الحكومي الممجوج عن الإصلاح فإنه مجرد شعار إعلامي مخادع لا صدقية له، والتنمية مشروعات تنفيع… فيما تتفاقم مع مرور الزمن المشكلات والقضايا العامة التي طال انتظار حلّها من إسكان؛ وغلاء أسعار؛ وإعسار في سداد القروض؛ وتدني الخدمات وتردي البنية التحتية؛ وخلل التركيبة السكانية ؛ وقضية الكويتيين البدون؛ وتقلص فرص العمل وفرص القبول في التعليم التطبيقي والجامعي… وهذا كله ليس أزمة عابرة، بل أنها ليست مجرد أزمة سياسية متفاقمة، وإنما هي مؤشرات واضحة على أنّ الكويت تشهد أزمة عامة مستعصية تكمن أسبابها في تحكّم المصالح الطبقية الضيقة للقوى المتنفذة من جهة، وعقلية المشيخة، من جهة أخرى، التي لا يمكن أن تكون قادرة على إدارة دولة، والإصرار على التمسك بالنهج السياسي والاقتصادي الفاشل والمنحاز ضد مصالح الغالبية الشعبية الذي تتبعه السلطة في إداراتها السياسية للدولة من جهة ثالثة.
وبالتالي، فإنه لن يجدي نفعاً تغيير الوزراء، ولا إجراء ترقيعات هنا وهناك، بل ولن يجدي نفعاً إجراء انتخابات عامة جديدة، بل لعلها ستكون فرصتهم للعبث مجدداً بنتائجها عبر إطلاق أدوات المال السياسي والخدمات.
ولا شك في أن الرأي العام الشعبي ساخط، وليس متذمراً فقط، ولكن السلطة مستفيدة الآن، بل لعلها تستغل الاشتراطات الصحية للحيلولة دون أن يكون هناك حراك شعبي على الأرض يوقف هذه المهازل ويضع حدّاً لهذا الانهيار المتتالي لحال البلد، ناهيك عن عدم توافق القوى والشخصيات السياسية والنيابية على بدائل وآليات ووسائل تحرك وضغط وخطوات عملية، فهذه هي الخطوة الأولى نحو العمل الجاد لإنقاذ البلاد وتصحيح المسار وتحقيق الإصلاح المنشود المتمثل في نظام ديمقراطي برلماني مكتمل الأركان، وإدارة سياسية كفوءة وذات نهج إصلاحي، ومواطنة دستورية متساوية في ظل عدالة اجتماعية راسخة، وحريات وحقوق ديمقراطية مكفولة غير منتقصة، ودولة مؤسسات مدنية تتجاوز الإنفراد بالسلطة ولا تُدار بعقلية المشيخة.
وليكن واضحاً أنه من دون هذا التوافق الشعبي فلن يتعدل ميزان القوى المختل، ولن تخرج البلاد من أزمتها العامة، ولن تتحقق تغييرات جدية في النهج والإدارة السياسية للدولة.
ومن هنا فإننا في الحركة التقدمية الكويتية نهيب مجدداً بالقوى السياسية والكتل النيابية ومؤسسات المجتمع المدني والمواطنين كافة إلى العمل على تحقيق التوافق الشعبي المأمول، وتنسيق الجهود والتحركات، واليقظة السياسية تجاه مناورات القوى المتنفذة ومخططاتها الخبيثة.

الكويت في ٣٠ مارس ٢٠٢١