December 2024
9

الحركة التقدمية الكويتية: مع الشعب السوري لتجاوز معاناته ولتحقيق أمانيه ...ومنع التقسيم والحفاظ على الدور السوري في التصدي للعدو الصهيوني

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

لطالما دعت الحركة التقدمية الكويتية في بياناتها ومواقفها المختلفة تجاه ما شهدته سورية من تطورات وأحداث سابقة، إلى أهمية الحل السياسي الديمقراطي للأزمة السورية، وآخرها بيانها الصادر في ٢٨ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، الذي جاء فيه بالنصّ: "إننا في الحركة التقدمية الكويتية نرى بضرورة التوصل عاجلاً إلى حل سياسي للأزمة السورية يضمن تطبيق القرارات المتوافق عليها وطنياً ويضمن الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للشعب السوري في إطار دولة ديمقراطية موحدة على كامل التراب الوطني السوري تقوم على مبادئ المقاومة والتحرر، وما يتطلبه ذلك بالضرورة من التصدي لكافة أشكال التدخل الخارجي المعادي في شؤون سورية..."... ويبقى هذا الحل السياسي الديمقراطي مستحقاً حتى بعد تغيير النظام.

لقد جاء السقوط الدراماتيكي السريع للنظام السوري السابق يوم أمس نتيجة طبيعية  لعوامل عديدة متداخلة ومتناقضة كان أبرزها:

• رفض النظام السوري نفسه لاستحقاق الحل السياسي الديمقراطي للأزمة السورية، الذي تمّ تجاهله والاعتماد على التعامل الأمني القمعي بدلاً منه.

• النهج الاقتصادي النيوليبرالي للنظام المنحاز للطبقة البرجوازية الطفيلية والمعادي لمصالح الجماهير الشعبية الواسعة المترافق مع سطوة قوى الفساد، ما زاد من عزلة النظام السابق وأفقده أي تأييد شعبي

• اختلال موازين القوى في ظل الأوضاع الصعبة والمعقدة لحلفاء النظام السوري، خصوصاً في ظل الحرب الروسية – الأوكرانية والعدوان الصهيوني على غزة ولبنان.

• الدور التركي المتزايد في المنطقة وفي سورية على نحو خاص.

• والأخطر من ذلك كله، العوامل المتصلة بالتآمر الإمبريالي والصهيوني، الذي كان ولايزال وسيبقى يستهدف تغيير موقع سورية في الصراع مع الكيان الصهيوني والاحتلال وعزلها عن فلسطين والمقاومة ودفعها نحو الحلول الاستسلامية التصفوية، ناهيك عن مخططات الغرب الإمبريالي والكيان الصهيوني لتقسيم المنطقة العربية وتجزئة بلدانها وتفتيت شعوبها وتصفية القضية الفلسطينية وإنهاء المقاومة، وذلك لضمان إحكام قبضة الهيمنة الإمبريالية على منطقتنا  وتسيّد الكيان الصهيوني على بلدانها المقسمة أكثر فأكثر وفرض ما يسمى مشروع الشرق الأوسط الجديد.

• علاوة على ما تسرب من معلومات عن تفاهمات أطراف إقليمية لترتيب تساقط النظام السوري وضمان مصالح هذه الأطراف، وذلك بمعزل عن مشاركة الشعب السوري.

وبعد هذا، فإنّنا في الوقت، الذي نتمنى فيه لسورية الشقيقة الاستقرار وتجاوز الأزمة، التي طالما عانت منها، وكذلك في الوقت الذي نأمل فيه أن يحقق الشعب السوري الشقيق أمانيه الحقّة وتطلعاته المشروعة في التغلب على معاناته وآلامه وتحقيق مبتغاه في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وضمان وحدة بلاده وتحرير الأراضي السورية المحتلة... إلا أننا في المقابل ندرك مدى صعوبة التحديات والتعقيدات والمخاطر، التي تواجه سورية والشعب السوري الشقيق، بل تواجه المنطقة العربية عموماً، وبين هذه التحديات والتعقيدات والمخاطر:

١- توسع الاحتلال الصهيوني للأراضي العربية السورية، التي تجاوزت الجولان المحتل منذ عدوان ٥ يونيو/ حزيران ١٩٦٧ وامتدت لتشمل جبل الشيخ ورحمون والقنيطرة، الذي قضمه العدو الصهيوني يوم أمس، بالإضافة إلى العدوان الصهيوني الأخير لضرب البنيتين العسكرية والصناعية السورية، وما ينطوي عليه توسيع نطاق الاحتلال الصهيوني للأراضي السورية من تهديدات وضغوط لإجبار سورية على الاستسلام والقبول بالتسويات والاتفاقات المذلة الشبيهة باتفاقات كامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو، وصولاً إلى إبعاد سورية عن ساحة الصراع العربي - الصهيوني وتصفية القضية الفلسطينية.

٢- تثبيت تقسيم سورية إلى كيانات طائفية واثنية، بالاستفادة من التقسيم الحاصل على الأرض، ناهيك عما أفصح عنه وزير خارجية العدو الصهيوني بهذا الشأن في تصريحاته الأخيرة.

٣- انعكاس ما حدث على صمود الشعبين الفلسطيني واللبناني والمقاومة في غزة ولبنان.

٤- إشعال الفتن والنعرات والنزاعات الطائفية ليس في سورية فحسب، بل في المشرق العربي عموماً، وخصوصاً لبنان والعراق واليمن لتصفية أي صوت مقاوم، تحت ذريعة تصفية التأثير الإيراني.

٥- التداعيات المتوقعة من انعكاسات وارتدادات للحدث السوري على بلدان المشرق العربي، بما في ذلك على الأردن، الذي يخطط الصهانية لتحويله إلى "وطن بديل" للفلسطينيين بعد تهجيرهم.

٦- تكريس النفوذ التركي على المنطقة العربية بدءاً من ليبيا غرباً إلى سورية ثم العراق شرقاً، تحت ذريعة مواجهة الأكراد ومحاولة عزل الأكراد السوريين عن الاشتراك في أي حل سياسي وطني سوري.

٧- استخدام بعض قوى الإسلام السياسي بعد تمكينها من العودة للمشاركة في المعادلة السياسية الجديدة لبلدان المنطقة وذلك ضمن دور وظيفي محدد وبخطاب سياسي مجدد وبشكل مظهري ملطف، بما في ذلك تبييض صفحات بعض القوى الإرهابية.

٨- استمرار الوجود العسكري الأميركي في سورية والإشارة إلى التوجه لتقنينه، وفي المقابل قطع الطريق على المشروع الصيني الاستراتيجي المسمى "الحزام والطريق" مقابل إحياء "مشروع الطريق الهندي" البديل المنافس الموعود بمبادرة أميركية ومشاركة صهيونية، الذي سبق أن تحدث عنه مجرم الحرب نتنياهو من على منصة الأمم المتحدة للسيطرة على طرق التجارة الدولية.

ختاماً، وإزاء مثل هذه التحديات والتعقيدات والمخاطر والتداعيات فإننا نعيد تكرار دعوتنا إلى كافة دول المنطقة وتحديداً الدول العربية بضرورة الاستناد إلى الجماهير الشعبية وإطلاق حرياتها، والتخلي عن نهج الاستبداد، وانتهاج سياسات اقتصادية تنموية وطنية عادلة اجتماعياً، والفكاك من الهيمنة الإمبريالية، ومحاربة الفساد.

كما نكرر تحذيرنا لبلداننا ومجتمعاتنا العربية من السقوط في فخ الطائفية والعنصرية التي يبث سمومها أعداء الأمة من خلال أذرعهم وأبواقهم الإعلامية، وندعو الجميع لتعزيز الجبهة الشعبية بالتمسك بالوحدة على الأسس الوطنية والقومية التحررية وبمبادئ الديمقراطية والعدالة والتسلح بالوعي الوطني والقومي المقاوم.

وعلينا توحيد الجهود وتنظيم الصفوف وتوجيه الطاقات في مواجهة العدو الصهيوني وداعميه الإمبرياليين، ذلك أن الصراع مع الكيان الصهيوني الغاصب وللخلاص من الهيمنة الإمبريالية هو صراع ممتد وتناقض رئيسي قائم ومستمر، وهو لم يبدأ مع النظام السوري أو أي نظام عربي آخر ولا يسقط بسقوطه، بالإضافة إلى مواصلة التصدي للمتربصين بالأمة العربية خلف الفتن والحروب الأهلية والفساد والاستبداد.

الكويت في ٩ ديسمبر/ كانون الأول ٢٠٢٤