المنشورات التقدمية
ابحث من بين أكثر من 1550 قطعة مكتوبة

بيان صادر عن "المجلس العام للتيار التقدمي الكويتي" حول حكم المحكمة الدستورية القاضي ببطلان حلّ المجلس السابق وإبطال انتخابات فبراير 2012
عقد "المجلس العام للتيار التقدمي الكويتي" اجتماعه الطارئ مساء الأربعاء 20 يونيو 2012 برئاسة الزميل ضاري الرجيب المنسق العام للتيار، وذلك للتداول حول الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية الذي قضى ببطلان مرسوم حلّ مجلس الأمة في ديسمبر من العام 2011 وإبطال الانتخابات النيابية التي أجريت في فبراير 2012، وبحث أبعاد هذا الحكم ونتائجه وتداعياته.
ومع أنّ "المجلس العام للتيار التقدمي الكويتي" ليس في صدد الخوض في الحيثيات الدستورية لحكم المحكمة الدستورية ويقرّ بإلزاميته، إلا أنّه يرى أنّ هناك مسؤولية سياسية يجب أن تتحمّلها السلطة التي تسببت في ما حدث، وليس أن تنحصر المسؤولية في مَنْ قدم الاستشارات الدستورية والقانونية المغرضة، إذ أنّ ما حدث يعود بالأساس إلى تجاهل السلطة للاعتراضات التي أبديت في حينه حول عدم سلامة إجراءات صدور مرسوم حلّ مجلس الأمة السابق، الذي كان مستحقاً، وذلك عبر إصدار مرسوم يحمل توقيعاً مجاوراً لرئيس مجلس الوزراء الحالي المكلّف حينذاك بتشكيل الحكومة قبل تشكيل حكومته بدلاً من الإجراء السليم الذي يقتضي توقيع رئيس مجلس الوزراء السابق على ذلك المرسوم، ما قاد إلى الطعن في صحة صدور مرسوم الحلّ وما ترتب عليه بعد ذلك من إجراءات... إذ أنّ السلطة تعمّدت هذا الخطأ المقصود للوصول إلى ما خططت له مسبقاً.
ويرى "التيار التقدمي الكويتي" أنّ الوضع المستجد يعيد البلاد مجدداً إلى المربع الذي كانت عليه الأزمة السياسية المحتدمة في بداية ديسمبر من العام الماضي، وهو وضع لا يمكن قبول عودته وتجاهل مطالب الحراك الشعبي المتصلة برحيل الحكومة السابقة ورئيسها ومجلس الأمة المنحلّ على خلفية ما انكشف من فضائح الفساد السياسي، ما يقتضي المسارعة على الفور إلى تصحيح إجراءات حلّ مجلس 2009 المرفوض شعبياً عبر إصدار مرسوم جديد خالٍ من أي عوار، بما في ذلك ما قد يُثار حول سلامة تركيبة مجلس الوزراء في وضعه الحالي.
كما يحذر "التيار التقدمي الكويتي" من أن تستغل السلطة وحلفاؤها من قوى الفساد ومراكز النفوذ وأصحاب المصالح الوضع المستجد لإضفاء المشروعية على المجلس المنحلّ المرفوض شعبياً، أو للعبث مرة أخرى بالنظام الانتخابي أو تغيير الدوائر الانتخابية وآلية التصويت وذلك تحت أي ذريعة من الذرائع، مع التأكيد على ضرورة ضمان نزاهة الانتخابات النيابية المقبلة التي يجب أن تُجرى في أقرب وقت ممكن.
ويؤكد "التيار التقدمي الكويتي" ما سبق أن أعلنه في بياناته السابقة من أنّ السبب الرئيسي للأزمة السياسية التي كانت الكويت تعاني منها ولا تزال إنما يعود بالأساس إلى التعارض بين نهج المشيخة من جهة وبين متطلبات التطور الديمقراطي وبناء الدولة الكويتية الحديثة من جهة أخرى، وبالتالي فإنّه لا مخرج حقيقياً من هذه الأزمة إلا عبر التخلي عن نهج الإنفراد بالسلطة وفق عقلية المشيخة، وإنهاء الرعاية السلطوية للإفساد والفساد، وكفّ أيدي قوى الفساد ومراكز النفوذ وسطوة أصحاب المصالح عن التحكّم في القرار السياسي، ووقف كافة أشكال التدخّل في الانتخابات والعبث بالدستور والمؤسسة البرلمانية، وإحداث إصلاحات سياسية ودستورية تدفع في اتجاه التحوّل نحو نظام ديمقراطي برلماني مكتمل الأركان، وعدم احتكار مناصب رئاسة مجلس الوزراء والوزارات السيادية، واستعادة مجلس الوزراء لدوره الدستوري كسلطة مقررة للسياسة العامة للدولة وليس أن يكون مجرد جهاز تنفيذي تابع يتلقى التعليمات، وضمان استقلال القضاء، وإصلاح قانون الانتخابات، وإقرار قانون للأحزاب السياسية، وتعديل اللائحة الداخلية لمجلس الأمة بما يؤكد انعقاد المجلس من دون اشتراط حضور الوزراء… وعليه فإنّه من دون تلبية مثل هذه الاستحقاقات والإصلاحات فإنّ الأزمة ستبقى قائمة، بل هي قابلة للتفاقم.
وختاماً، يرى "التيار التقدمي الكويتي" أنّه من الضرورة بمكان الإبقاء على ملف الفساد السياسي مفتوحاً واستئناف التحقيق فيه وكشف الحقائق أمام الشعب الكويتي ومحاسبة الأطراف الحكومية والنيابية المتورطة في فضيحتي الإيداعات المليونية والتحويلات الخارجية وغيرها من فضائح الرشاوي والإفساد والفساد واستغلال النفوذ التي زكمت الأنوف، مع ضرورة إقرار قوانين الشفافية ومكافحة الفساد، وكذلك إيلاء اهتمام جدّيّ بالهموم المعيشية وبالمطالب الاجتماعية للطبقات الشعبية.
ويدعو "التيار التقدمي الكويتي" القوى الحيّة في المجتمع الكويتي إلى اليقظة تجاه أي محاولات استفزازية لخلط الأوراق ورفض اتخاذ أي إجراءات مخالفة للدستور، كما يدعو إلى التصدي إلى أي دعوات لتمزيق النسيج الوطني الاجتماعي وإثارة النعرات الفئوية والعنصرية والطائقية والقبلية.
الكويت في 20 يونيو 2012

بيان صادر عن "التيار التقدمي الكويتي" حول تأجيل جلسات مجلس الأمة
جاءت سابقة إصدار مرسوم تأجيل اجتماعات مجلس الأمة لمدة شهر وفقاً للمادة ١٠٦ من الدستور لتبرز مدى استفحال الأزمة السياسية التي تعاني منها الكويت منذ فترة طويلة.
ونحن نرى أنّ هذه الأزمة كانت سابقة على انتخاب مجلس الأمة الحالي وهي ترجع إلى ما قبل تشكيل الحكومة القائمة، ولكن هذه الأزمة اتخذت أبعاداً أخرى جديدة بعد الانتخابات الأخيرة والتشكيل الحكومي الحالي، فهي أزمة تعود بالأساس إلى النهج السلطوي وتناقضه مع متطلبات التطور الديمقراطي ومقتضيات إدارة شؤون الدولة على نحوٍ سليم يلبي المطامح الشعبية، بالإضافة إلى كون الحكومة القائمة مكشوفة الظهر ولا تحظى بغطاء نيابي، كما تعود هذه الأزمة من جانب آخر إلى محاولات التحريض المتواصل ضد الوضع الدستوري والتخريب المتعمّد للحياة السياسية وغير ذلك من ممارسات سلبية مكشوفة تحركها قوى الفساد ومراكز النفوذ والمصالح ممَنْ تضررت مواقعها بعد الانتخابات الأخيرة، وكذلك هناك مسؤولية لا تقل أهمية يتحمّلها نواب الغالبية جراء تخبّطهم وسوء تقديرهم والممارسات غير المسؤولة لبعضهم ومحاولاته تمرير مشروعات مثيرة للجدل والخلاف، بل مستثيرة للمخاوف ومتعارضة مع المبادئ الديمقراطية وأسس الدولة المدنية وتفرض الوصاية على الحريات الشخصية، ما أدى إلى خلط الأوراق وتنامي الاستياء لدى أقسام من المواطنين.
إنّ معالجة الأزمة السياسية في البلاد تتطلب تغيير النهج السلطوي والاستجابة الحقيقية لاستحقاقات الإصلاح السياسي الديمقراطي، وتشكيل حكومة جديدة ذات برنامج إصلاحي واضح تحظى على أساسه بغطاء نيابي وقبول شعبي، مع ضرورة تصحيح الغالبية النيابية لمسارها، بالإضافة إلى ضرورة وضع حد للفوضى المؤسفة التي تعيشها الحياة السياسية، وهذا ما يوجب تنظيم العمل السياسي على أسس ديمقراطية سليمة وذلك بإقرار قانون ديمقراطي لإشهار الهيئات السياسية لا يكون مفصّلاً وفق المقاييس الخاصة لبعض التنظيمات الحزبية الاسلامية الممثلة في المجلس الحالي، التي تحاول الاستئثار وحدها بحقّ الإشهار وحرمان مخالفيها، مثلما هو اقتراحها الأخير.
وختاماً، يدعو "التيار التقدمي الكويتي" الشعب الكويتي وقواه الحيّة إلى اليقظة والحذر تجاه مخططات مراكز النفوذ وقوى الفساد التي تحاول استغلال الأزمة السياسية لتنفيذ أجنداتها المعادية للديمقراطية والتحريض ضد المكتسبات الشعبية.
الكويت في ١٨يونيو ٢٠١٢

التغطيات الصحفية للحلقة النقاشية حول أولويات إشهار الهيئات السياسية
تغطية جريدة الراي الكويتية
كتب باسم عبدالرحمن
أشار عضو التيار التقدمي الكويتي الكاتب الصحافي احمد الديين الى ان «استحداث نظام الأحزاب والهيئات السياسية مطلب رئيسي وحاجة ملحة للحياة الديموقراطية، وليس ترفا سياسيا كما يعتقد البعض»، لافتاً الى ان «دستور الكويت كان ينص في المادة 43 منه على حرية تكوين الهيئات والجمعيات والنقابات على اسس وطنية بوسائل سلمية، لكن حدثت مساومة مع المجلس التأسيسي وقتها نتيجة إدخال الشيخ سعد العبدالله الصباح رحمه الله لـ9 تعديلات تم التغاضي عنها مقابل حذف كلمة الهيئات من المادة المذكورة سلفا لأنها تعني السماح بوجود الاحزاب والهيئات السياسية»، ومبيناً ان «نص الدستور في مذكرته التفسيرية لا يضع حظرا على وجود الهيئات انما يترك الأمر بيد المشرع العادي».وخلال الجلسة الحوارية التي عقدها التيار في مقره بميدان حولي مساء الأول من امس، قال الديين: «ان عملية تأسيس نقابة او جمعية نفع عام اسهل بكثير من تأسيس حزب سياسي وفق القانون الحالي»، موضحا ان «اللجنة التشريعية البرلمانية سوف تناقش غدا (اليوم) الإقتراحين بقانون لإشهار الأحزاب والهيئات السياسية اللذين تم تقديمهما من قبل النائب فيصل اليحيى ونواب اخرين من جهة، ومن جهة أخرى ما قدمه نواب الحركة الدستورية الإسلامية».وردا على سؤال لـ«لراي» حول ان قانون اشهار الهيئات والاحزاب السياسية قد يكون ذريعة للحكومة تعجل بحل مجلس الأمة الحالي والذي يدور جدل كبير حول استمراريته، بيّن الديين ان «كل شيء وارد لكنني استبعد ان يكون ذلك خيار الحكومة لأنه سيحول المطلب وقتها الى مطلب عام لمعظم المواطنين والكتل السياسية، كما ان الحكومة لديها ذرائع اخرى تلجأ اليها في حال رأت صعوبة التعاون مع المجلس وبالتالي طلب حله».واضاف: «ان الحديث عن الاحزاب والهيئات السياسية ليس شيئا جديدا على الكويت لأن هناك احزابا سياسية غير مشهرة في شكل كتل وتيارات وجماعات سياسية لكنها تفتقد للاشهار او الكينونة القانونية المعترف بها، كما ان تأسيس الأحزاب السياسية وحق الانتماء لها حق من حقوق القانون الدولي وحقوق الانسان»، موضحا ان «المذكرة التفسيرية للمادة 56 من الدستور تتكلم بوضوح عن ضرورة مشاورة رؤساء الجماعات السياسية في تسمية رئيس مجلس الوزراء قبل تشكيل أي حكومة، وان المادة 45 من الدستور تؤكد على ان مخاطبة السلطات بشكل جماعي لا تكون سوى للهيئات النظامية ما يؤكد ان الدستور يجنح ناحية وجود الهيئات السياسية في ظل عدم وجود قانون يمنع وجودها»، مشددا على ان «تعديلات قانون رقم 31 لسنة 71 تضع عقوبات على انشاء جماعات سياسية تسعى لتقويض النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي، لكنه لا يمنع قيام هذه الجماعات طالما كانت تعمل وفق اطار القانون والدستور».واعرب الديين عن «استغرابه من ان دولة الكويت ودول مجلس التعاون تعد الحالة الشاذة بين دول العالم التي لا توجد فيها احزاب، ما يحتاج معه الى تصحيح اوضاعها بالتزامن مع الاقتراحات التي طرحت في السنوات الاخيرة بوجود افكار للوصول للنظام البرلماني، والتي لا يمكن ان تحقق مرادها دون وجود احزاب سياسية»، رافضا «وجود دائرة انتخابية واحدة وفق نظام القوائم النسبية دون وجود أحزاب منظمة».ولفت الى ان «هناك عدة معايير تحكم عملية إشهار الأحزاب أولها ان التسجيل والدعم الحكومي ليس معناه تحكم الدولة وسيطرتها على تكوين وعمل الأحزاب اي انه حق اختياري، والا يكون سقف العضوية للهيئة السياسية وسيلة لحظر النشاط السياسي، والا يكون سقف العضوية او توقيعات المواطنين وسيلة للحد من النشاط السياسي، وان يترك للأحزب تحديد العضوية وليس القانون».__________________________________________________________________________________________________________تغطية عالم اليوم الكويتيةكتب ماجد الشمري
أكد عضو التيار التقدمي الكويتي الكاتب الصحفي أحمد الديين أهمية نظام الأحزاب والهيئات السياسية “كمطلب رئيسي وحاجة ملحة للحياة الديمقراطية، وليس ترفا سياسيا كما يعتقد البعض”.وقال الديين خلال الجلسة الحوارية التي عقدها التيار مساء الأحد إن اللجنة التشريعية البرلمانية ستناقش الثلاثاء الاقتراحين بقانون لإشهار الأحزاب والهيئات السياسية اللذين تم تقديمهما من قبل النائب فيصل اليحيى ونواب آخرين من جهة ومن جهة أخرى ما قدمه نواب الحركة الدستورية الاسلامية.وأضاف الديين أن الحديث عن الأحزاب والهيئات السياسية “ليس شيئا جديدا على الكويت لأن هناك أحزاب سياسية غير مشهرة في شكل كتل وتيارات وجماعات سياسية لكنها تفتقد للإشهار أو الكينونة القانونية المعترف بها، كما أن تأسيس الأحزاب السياسية وحق الانتماء لها حق من حقوق القانون الدولي وحقوق الانسان”.ولفت الديين إلى أن “دستور الكويت في المادة 43 كان ينص على حرية تكوين الهيئات والجمعيات والنقابات على أسس وطنية بوسائل سلمية لكن حدثت مساومة مع المجلس التأسيسي وقتها نتيجة إدخال الشيخ سعد العبدالله الصباح رحمه الله لـ9 تعديلات تم التغاضي عنها مقابل حذف كلمة الهيئات من المادة المذكورة سلفا لأنها تعني السماح بوجود الأحزاب والهيئات السياسية”، مؤكدا أن نص الدستور في مذكرته التفسيرية “لا يضع حظرا على وجود الهيئات إنما يترك الأمر بيد المشرع العادي”.وبين أن “المذكرة التفسيرية للمادة 56 من الدستور تتكلم بوضوح عن ضرورة مشاورة رؤساء الجماعات السياسية في تسمية رئيس مجلس الوزراء قبل تشكيل أي حكومة، ان المادة 45 من الدستور تؤكد أن مخاطبة السلطات بشكل جماعي لا تكون سوى للهيئات النظامية ما يؤكد ان الدستور يجنح ناحية وجود الهيئات السياسية في ظل عدم وجود قانون يمنع وجودها”، مشددا على ان “تعديلات قانون رقم 31 لسنة 71 تضع عقوبات على انشاء جماعات سياسية تسعى لتقويض النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي لكنه لا يمنع قيام هذه الجماعات طالما كانت تعمل وفق اطار القانون والدستور”.واعرب عن استغرابه من ان “دولة الكويت ودول مجلس التعاون تعتبر الحالة الشاذة بين دول العالم التي لا توجد بها احزاب ما يحتاج معه الى تصحيح اوضاعها بالتزامن مع الاقتراحات التي طرحت في السنوات الاخيرة بوجود افكار للوصول للنظام البرلماني والتي لا يمكن ان تحقق مرادها دون وجود احزاب سياسية”، رافضا وجود دائرة انتخابية واحدة وفق نظام القوائم النسبية دون وجود أحزاب منظمة.واشار الديين إلى أن “الفوضى التي صاحبت الحياة السياسية في البلد وطغيان العمل الفردي على العملية الانتخابية تكشف سلبية الافتقاد لهيئات سياسية في البلد”، مشددا على أن “ضرورات نشر الثقافة السياسية ومشاركة المواطنين في الحوار والحياة العامة وبناء كوادر ونخب سياسية، لا تتحقق إلا بوجود أحزاب”.وشدد الديين على “أننا نحتاج قانونا ديموقراطيا لتمكيننا من إشهار الأحزاب السياسية”، مبينا أن الاقتراحين بقانون المقدمين من قبل نواب كتلة “حدس” والنائب فيصل اليحيى ونواب آخرون، “بداية جيدة في وضع بوادر لهذه القوانين وتتميز بعدد من الايجابيات والسلبيات في آن واحد، غير أنه يشوبها بوجه عام أن هناك اشتراطات تتعلق بتنظيم أحزاب بما لا تخالف الدستور وأحكام الشريعة ما يعني اقتصار الترخيص للأحزاب الاسلامية فقط أي الاخوان والسلف، وكأنهم يريدون أن يقولوا أن هناك أحزاب تتوافق مع الشريعة الإسلامية وأخرى ضدها”.واستنكر الديين مشاركة نائب في كلا الاقتراحين بقانون المقدمين بشأن استحداث الهيئات والأحزاب السياسية، معتبرا ذلك “نوعا من الاستخفاف السياسي”.وأوضح أن “هناك عدة معايير تحكم عملية إشهار الأحزاب أولها أن التسجيل والدعم الحكومي ليس معناه تحكم الدولة وسيطرتها على تكوين وعمل الأحزاب أي أنه حق اختياري وألا يكون سقف العضوية للهيئة السياسية وسيلة لحظر النشاط السياسي، وألا يكون سقف العضوية أو توقيعات المواطنين وسيلة للحد من النشاط السياسي، وأن يترك للأحزاب تحديد العضوية وليس القانون”.وتطلع الديين إلى وجود قانون ديموقراطي لإشهار الأحزاب والهيئات السياسية، رافضا الاستعجال في إصدار مثل هذا القانون “دون أن يراعي كافة الاعتبارات لأنه لو أقر هذا القانون فمن الصعب تنظيمه من جديد”، داعيا إلى عقد مناقشات موسعة في المجتمع لتداول هذا القانون.وأشاد بخطوة أعضاء التيار التقدمي الكويتي الذين يعتزمون عقد جلسات حوارية عدة لمناقشة قانون الهيئات والاحزاب السياسية.وعلى رغم تطلعه لوجود مثل هذا القانون إلا أنه لم ينف “وجود الكثير من العراقيل أمام إقراره لأنه يحتاج إلى مداولتين ثم أغلبية نيابية التي هي في الأساس غير متفقة عليه، وإن حصل على الأغلبية فمن الممكن أن ترده الحكومة وترحله للدور المقبل ويحتاج لأغلبية خاصة وقد يرده سمو الأمير”، مبينا أن “اللجنة التشريعية ستناقش المقترحين الموجودين على جدول أعمالها، وإن تم تقديم اقتراح ثالث للاقتراحين بقانون المقدمين بشأن الاحزاب والهيئات السياسية فمن الممكن أن تخرج اللجنة بتجميع كافة المقترحات”.وقلّل من أهمية المخاوف التي لدى البعض من استحداث تجربة الأحزاب السياسية واعتبرها “مجرد أوهام غذتها الفوضى السياسية الحالية”، لافتا إلى أهمية أن “يكون تأسيس الأحزاب على أسس وطنية”، محذرا من أن يكون الأساس “بالاعتماد على أسس قبلية وطائفية لأنه ينطوي على نتائج خطرة”.
كتب محرر الشؤون المحلية:
في وقفة لقراءة المستجدات ومتابعة تطور الأحداث السياسية وفصولها المتعاقبة، أقام التيار التقدمي بديوانه الأسبوعي ندوة لقراءة الوضع البرلماني بتفاصيله المتشعبة، وما آلت إليه الأحداث على السطح السياسي، ولاسيما بعد جلسة استجواب وزير المالية (المستقيل) مصطفى الشمالي. وقد حاضر في الندوة بشكل رئيسي عضو التيار التقدمي الكاتب أحمد الديين، وتحدَّث خلالها عن مجموعة من القضايا، بدأت بالوضع الداخلي، وأحداث ما بعد الاستجواب، ثم قضية رد سمو الأمير لطلب تنقيح المادة 79 من الدستور، وتطرَّق بعدها إلى علاقة التيارات الوطنية بعضها ببعض،
والسعي من أجل الاتفاق على أجندة سياسية واحدة، للتصدي للمخاطر التي تحيق بالمكتسبات المدنية والشعبية والمجتمعية. في البداية، قال الديين إن هناك معلومات وصلت إليه تفيد باتخاذ أوساط متنفذة داخل السلطة قراراً بحل المجلس، فضلاً عن إعادة تفتيت الدوائر، والعودة بها إلى نظام الدوائر العشر، وتقسيمها، بهدف خلط الأوراق، مؤكداً أن هناك أطرافاً سلطوية أخرى تساءلت أثناء اجتماعات الغرف المغلقة سؤالاً، مفاده: لماذا لا نعود بالدوائر الانتخابية إلى نظام الخمس وعشرين دائرة كما كان في السابق؟ وجدد الديين على تأكده من تلك المعلومات التي وردت إليه، قائلاً: لقد نفذ القرار السلطوي، مشيراً إلى أنه بالفعل تم تكليف أحد المستشارين بمجلس الوزراء بدراسة قضية العودة إلى نظام الدوائر العشر، بعد انتهاء استجواب الشمالي، مشيراً إلى احتمالية استغلال ما صاحب ذلك الاستجواب من مجريات وأحداث.الأزمة السياسية قائمةوأضاف الديين أن تلك الأحداث تؤكد مرة أخرى صحة استنتاجنا، وأن الأزمة السياسية مازالت قائمة ولم تنته، ولكن ما حدث أن حالة الاحتقان قد «خفت» بين الشارع والحكومة بعد استقالة الحكومة وحل مجلس الأمة، مؤكدا أن عوامل الأزمة السياسية مازالت قائمة، ويجيء على رأسها انفراد السلطة بالقرار، بالإضافة إلى النهج السلطوي التي دأبت عليه واستغلال أي ذريعة لتحقيق ما تريد إذا أتيح لها ذلك. وأكد الديين أن السلطة استفادت من الوضع الحالي، سواء عن طريق بعض من الأقلية البرلمانية التي شوَّهت الممارسة النيابية عن طريق تسجيلها لبعض المواقف الدخيلة عن العمل النيابي، أو عن طريق استغلال سلبيات الأغلبية النيابية، كونها كتلة غير متماسكة كان يفترض أن تأتي متماسكة ومنسجمة لإقرار متطلبات المرحلة السابقة، وأهمها حزمة قوانين مكافحة الفساد والإصلاح السياسي والاقتصادي.الممارسات النيابية السلبيةوألقى الديين الضوء على بعض الممارسات السلبية لكتلة الأغلبية، والتي ذكر منها دخول بعض العناصر المتزمتة فيها وإعلانها عن جملة من القوانين أثارت مخاوف وردود أفعال، كقانون الحشمة وبناء الكنائس، فضلاً عن إعلانها عن تعديل المادة الثانية والمادة 79، وذلك بعد انصرافها عن التركيز في قضايا الإصلاح، فضلاً عن عدم إنجازها رصيدا تشريعيا يرضي الشارع ويعزز موقفها. وانتقل الديين إلى الجزء الثاني من الندوة والمتعلق بتقديم طلب نيابي من 31 نائبا بتنقيح المادة 79، ومن ثم رد الطلب من قبل سمو امير البلاد، مؤكدا أن الطلب لم يكن متفقا عليه أو مطروحا أثناء الحراك الشبابي في عامي 2010 و2011، بل حتى عندما تقدمت كتلة التنمية والإصلاح عن بعض التعديلات الدستورية في الفصل التشريعي السابق لم يتم التطرّق إلى تلك المادة لا من قريب أو من بعيد، وارتكزت تعديلاتهم على تنقيح مواد دستورية اخرى منها المادة 98 من الدستور المتعلقة ببرنامج الحكومة والمادة 80 المتعلقة بعمل الوزراء غير المنتخبين، بالإضافة إلى تطرقها لمجموعة من المواد الأخرى منها المادتان 100 و101.تهديد مدنية الدولةوأوضح الديين أن القوى الدينية عندما اقترحت تعديل المادة الثانية من الدستور، ومن ثم تعديل المادة 79 وضعوا المواطنين أمام وضع مختلف كشف عن حقيقة التزمت لتلك القوى، فبذلك الطرح هددوا الطابع المدني للدولة، كونهم عينوا سلطة دينية غير منتخبة تحدد مدى توافق التشريعات المقرة من المجلس مع الشريعة الإسلامية، الأمر الذي من شأنه يعد مساسا بالطابع المدني للدولة. وأضاف الديين: في مقابل تلك الخطوات، كان لزاما علينا أن يكون هناك تحرك من التيارات التقدمية وجمعيات النفع العام، بعد ان أكدنا أن مجرد تسجيل المواقف وإصدار البيانات في مثل تلك الظروف والقضايا غير كاف تماما، مشيرا إلى أن التيارات الوطنية بمختلف الوانها السياسية اجتمعت واقامت ندوات ومهرجانات خطابية وكان مقررا أن يكون هناك تحرك على الارض، لكنه لم يتم بعد رد مشروع التعديل من قبل سمو الامير. وعن الخطوات النيابية الأولى لتعديل المادة الثانية، قال الديين إنه في عام 1973 رد أمير البلاد وقتها طلبا قدم لتعديل المادة الثانية، ثم بعد ذلك تم تجاهل الطلبات الأخرى بناء على رد الطلب الأول، ولكن، وباعتبار أنها المرة الأولى التي يقدم فيها طلب لتنقيح المادة 79، فقد تم رده بناء على مذكرة أرسلها مع مذكرة الرفض. وأشار الديين إلى أن المخاوف التي اثارها النواب الاسلاميون مازالت مستمرة، ولن يكتفوا برد التعديل الدستوري، ولكنهم سيحاولون اثبات وجودهم وصحة وجهة نظرهم، مشيرا إلى أن التيار التقدمي ضد استخدام الشريعة كشعار سياسي، أو أن تكون مجرد لغو، اسوة بما حدث من قبل مع قانون الزكاة وممارسة المرأة لحقوقها السياسية.أين يسير التيار التقدمي؟وعن اتهام البعض للتيار التقدمي بأنه كان يسير خلف التيار الاسلامي، قال الديين: التيار التقدمي شارك في الحراك السياسي قبل الاسلاميين، وذلك في عام 2010 قبل الاعلان رسميا عن التيار التقدمي، وفي عام 2011 بعد الاعلان عنه، مؤكدا أن التظاهرة الأولى التي بلورت الشعار السياسي الذي رفع لاحقا في أغلب التجمعات الشبابية - حرية حرية.. حكومة شعبية - قادها الشاب خالد المطيري أحد اعضاء التيار التقدمي. وجدد الديين تأكيده أن التيار التقدمي والمنبر والتحالف شاركوا في الحراك الشبابي قبل السلف والإخوان، مؤكدا أن الصراع السياسي ينظر له من قبل التيار وفقا لثلاث محطات، اولاها صراع مع النهج السلطوي، ثم صراع مع اصحاب المصالح وكبار المتنفذين، فضلا عن صراع ثالث مع الجماعات المتزمتة التي تحاول فرض مشروع السلطة الدينية، مؤكدا أن كل ما سبق امور مستحقة، ولا يجب أن يختزل الصراع مع الاسلاميين فقط.لا خصخصة ولا أسلمةودلل الديين على تصدي التيار التقدمي لاشكال تلك الصراعات بوقوف التيار ضد قانون الخصصة، فضلا عن تصديه ومعه اجنحة التيار الوطني لمخطط اسلمة القوانين، بالإضافة إلى استماتة التيار التقدمي حيال ما اسماه محاولات النهج السلطوي القفز على المكتسبات الشعبية والدستورية. وعن الاجواء السياسية الحالية التي اعقبت رفض تعديل المادة 79، بالإضافة إلى تخبُّط الاغلبية النيابية وكشف المخطط السلطوي، قال الديين إن الكل اراد الذهاب لتنقيح الدستور، بهدف الاتيان بحكومة برلمانية، مؤكدا أن ذلك امر مستحق، لكن في الوقت نفسه يجب أن تؤخذ تلك الاصلاحات بأدوات أكثر اهمية على ان تكون في شكل حزمة واحدة. وعن تلك الحزمة، قال الديين: لا بد من إقرار قوانين الدائرة الواحدة بنظام القوائم والتمثيل النسبي، بالإضافة إلى حتمية اعادة النظر في تلك التعديلات بجانب قانون اشهار الاحزاب السياسية، لنصبح من خلاله أكثر تنظيما، بدلا من الفوضى الحالية. وقال الديين: أمام مجلس الامة حاليا اقتراحان بقانون في شأن الهيئات والاحزاب السياسية نؤيدهما تماما، على الرغم من بعض التحفظات التي تتلخص في أن احدهما يعطي حق اشهار الاحزاب لوزير العدل، فضلا عن أن من ينشئ هيئة سياسية خارج ذلك الاطار تتم معاقبته، هذا بالإضافة إلى أن القانون الآخر يتطلب أن تكون الاحزاب المنشأة ملتزمة بالشريعة، مع مطالبته برفع نصاب اشهار الهيئات من 50 إلى 300 مواطن. واختتم الديين حديثه بقوله: نؤكد اهمية التعاون مع القوى الوطنية الأخرى، التحالف والمنبر الديمقراطي، ولكن لا بد أن نتفق على اجندة سياسية وعلى برنامج سياسي للإصلاحات، بهدف التصدي للسلطة والاطراف المتزمتة والقضايا المجتمعية، لا أن يختزل كل ذلك في الصراع مع الاسلاميين فقط.
الجاسم: مشكلة «الداو» عدم قدرة الحكومة على تسويقها
تخلل الندوة القاء عبدالقادر الجاسم أحد المتابعين للقطاع النفطي ندوة مصغرة عن قضية الداو كيمكال، أكد من خلالها ان المشكلة الكبرى في تلك القضية تلخصت في عدم قدرة الحكومة عمليا على التسويق جيدا للصفقة، كونها لم تقنع العامة والمواطنين بمزاياها، بالاضافة إلى بعض الكتل والاطراف النيابية، مشيرا إلى انه وفي ظل وجود هذا الشك وعدم وجود رؤية وردود حكومية عن بعض التساؤلات رفض قطاع عريض تلك الصفقة بشكل قاطع، مضيفا أن قضايا كالمصفاة الرابعة والمحفظة الاستثمارية من ارباح النفط ساهمت في بلورة تلك الرؤية لدى كتل سياسية واشخاص عاديين.
بيان صادر عن التيار التقدمي الكويتي حول جريمة الحولة
تلقينا بمشاعر ممزوجة من الغضب والحزن والأسى خبر الجريمة الوحشية النكراء التي اقترفها النظام السوري ضد أهالي الحولة العزل وأطفالها الأبرياء، حيث يكشف النظام السوري يوماً بعد يوم عن وجهه الاستبدادي القبيح عبر عمليات القمع الدموية الموجّهة ضد أهلنا في سورية المطالبين بالحرية والكرامة، إذ يشنّ النظام وقادة جيشه وجهازه الأمني المتسلّط وعصابات “شبيحته” الإجرامية حملات التقتيل الجماعي والتدمير العشوائي والاستباحة والإذلال والاختطاف والاعتقال والتعذيب في مختلف أرجاء سورية، وخصوصاً ضد المناطق والمدن والقرى والأحياء المنتفضة بهدف إخضاع الحركة الشعبية الداعية إلى التغيير التي لم يعد ممكناً إخضاعها.
ونحن في “التيار التقدمي الكويتي” إذ نعبّر عن تضامننا الكامل مع كفاح الشعب السوري الشقيق من أجل الحرية والكرامة، فإننا ندين أعمال القمع الوحشية للنظام الحاكم، ونحمّل كل طرف يدعمه المسؤولية الاخلاقية المترتبة على هذه الأعمال، وندعو اللجنة الشعبية لجمع التبرعات وجمعية الهلال الأحمر الكويتي إلى إطلاق حملة تبرعات وإغاثة سريعة لأهلنا في سورية تعبيراً عن التضامن معهم وتخفيفاً لمعاناتهم ودعماً لكفاحهم من أجل سورية حرّة وديمقراطية.
“التيار التقدمي الكويتي”
الكويت في ٢٧ مايو ٢٠١٢
دعا المنسق العام بالإنابة للتيار التقدمي الكويتي د. فواز فرحان إلى رفض محاولات تأجيج النعرات العنصرية والقبلية والطائفية عبر مقالات مسيئة لبعض مكونات مجتمعنا الكويتي، وأهاب بالمواطنين إلى اليقظة والحذر وعدم الانجرار وراء دعوات منفلتة وردود أفعال غير مسؤولة، وأكّد ضرورة التمسك بالمواطنة الدستورية المتساوية بين الكويتيين جميعاً التي يجب أن تقوم على أسس المساواة وتكافؤ الفرص.وأوضح المنسق العام بالإنابة أنّ التيار التقدمي الكويتي سبق له أن حذر من مغبة مثل هذه الدعوات للتأجيج وخطورة عواقبها، وما تؤدي إليه من شقاق وتمزيق للنسيج الوطني الاجتماعي على حساب القضايا الوطنية والاجتماعية الرئيسية، وطالب الدولة بتحمّل مسؤولياتها واتخاذ اجراءاتها القانونية تجاه مثيري هذه الدعوات، واتباع سياسات تحفظ السلم الأهلي، وضرورة تشريع قانون لمكافحة الكراهية، والاتعاظ من التجارب المأساوية التي قادت إليها إثارة مثل هذه النعرات في مجتمعات عربية أخرى، وكانت تقف وراءها أطراف مشبوهة ومخططات تآمرية مدمرة نرجو أن نحفظ الكويت بعيداً عنها.
٢٥ مايو ٢٠١٢

تغطية بعض الصحف للحلقة النقاشية التي نظمها التيار التقدمي الكويتي "لا للعبث بالمادة 79 من الدستور...نعم للدولة المدنية"
تغطية بعض الصحف للحلقة النقاشية التي نظمها التيار التقدمي الكويتي في الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية "لا للعبث بالمادة 79 من الدستور...نعم اللدولة المدنية" يوم الأثنين
المشاركون في الحلقة النقاشية
كتب: حمد الخلف
أجمع المتحدثون في الحلقة النقاشية التي أقامها التيار التقدمي الكويتي تحت عنوان «لا للعبث بالمادة 79 من الدستور .. نعم للدولة المدنية» في الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية مساء أمس الأول، على ضرورة أن تكون للقوى الوطنية وقفة ضد محاولة العبث بمواد الدستور والتضييق على الحريات التي كفلها.
واعتبروا أن السلطة شريكة مع التيار الديني في محاولة للانقلاب على الدستور عن طريق صمتها حيال مقترحات تعديل الدستور، مشيرين إلى أن الحكومة تضع يدها في يد التيارات الدينية لتفريغ الدستور من محتواه.
في حين كانت هناك أراء مخالفة دعت الى عدم تهويل أمر هذه المقترحات، مشددة على أن أسلمة القوانين أمر لا يدعو الى الخوف.
في البدايةمن جانبه قال المحامي محمد عبدالقادر الجاسم ان تردد كلمة الدولة الدينية ومجرد الأخذ من الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع هذا لا يعني أننا سنتحول الى الدولة الدينية، وانه لا ضير في ذلك ما لم نكن ننكر الشريعة الإسلامية.
وقال الجاسم ان هناك إشكالية في فهم الدين، ولكن نحن نعني الفهم المحايد ،
لافتاً الى ان هناك 396 اقتراحا بقانون قدمت منذ بداية دور الانعقاد في 4/16، وهناك فقط 4 اقتراحات يزعم أصحابها أنها مستمدة من الشريعة، فهذه الفوائد الربوية ـ حضر العمليات التجميلية ـ التعري على الشواطئ ـ واقتراح استيراد اللحوم من دون شهادة الذبح الإسلامية بالإضافة الى اقتراح تعديل المادة 79، هذا لا يعني ان هناك توجها للدولة الدينية.
دولة مدنية
وقال عبدالله النيباري: اعتقد ان الكويت لا يمكن ان تكون إلا دولة مدنية، ولا يمكن ان تتحول لدولة دينية، وما يطرح ضمن شعارات سياسية، والكثير يعلم ان الإسلام ليس هكذا يطرح، وهذا سيدخلنا في صراع عقيم ومعطل سيهلك القوى الشعبية في صراعات بعيداً عن الخط السليم في بناء الوطن واستغلال موارده، موضحا أن النظام في الكويت هو الدولة الديموقراطية العصرية التي تدار من قبل مؤسسات يحكمها القانون الذي يضعه مجلس الأمة.
وقال ان الكويت دولة وطنية وليست جزءا من دولة الخلافة الإسلامية التي يطمح لها أصحاب التيارات الدينية، مشيراً الى ان الإسلام هو العدالة وليس فقط الحديث عن الاختلاط ولبس المرأة، وهم يرون ان تطبيق الإسلام فقط في منع الاختلاط في قاعة المحاضرات.
وتابع: ان المطروح حاليا هو شعار للصراع السياسي، ونحن نعيش لحظة فيها جانب ايجابي وانه لأول مرة نحصل على الأغلبية، هي عربة يجرها الحصان المتطرف والمتشدد حتى يدخلنا في قوانين وقرارات غير مدروسة.
سلطة دينية
بدوره، قال الناشط السياسي أحمد الديين: نحن لسنا خائفين من إصدار قوانين متوافقة مع الشريعة، ولكننا متخوفون من وضع سلطة دينية تكون في أعلى الهرم التشريعي، وهي بذلك تكون جهة لا تمثل الأمة، مؤكدا إن في ذلك مساسا بالديموقراطية الكويتية.
وتابع: ونحن في التيار التقدمي مع تعديل الدستور باتجاه الإصلاحات الدستورية المستحقة نحو التحول للنظام البرلماني الكامل، ونعتقد أن مقترح تعديل المادة 79 من الدستور يخلط الأمور ويعقدها.
المناهج الدراسية
بدوره قال رئيس جمعية الخريجين سعود العنزي: يجب علينا ان نقلق كثيراً، فكل هذه القوانين المقدمة يجب ان تمر عبر الشريعة الإسلامية إذا تم إقرار تعديل المادة 79 من الدستور.
وأضاف ان جميع الاختلافات بين المسلمين جاءت بسبب الاختلاف في تفسير مبادئ الدين، واعتقد ان الدولة ليس لها دين لأنها لا تصلي وتصوم ولا تدخل الجنة والنار.
من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة جريدة الطليعة الاسبق أحمد النفيسي: اعتقد ان تعديل المادة 79 جاء التفافا على تعديل المادة 2 من الدستور، لان التيارات الدينية اصطدمت بموضوع توارث الإمارة، لذلك حاولوا الدخول من باب المادة 79 وهي تعني ان يتحول التشريع في الكويت من التشريع الدستوري الى تشريع يخضع للإفتاء الذي يخضع للتيارات الدينية والسلطة.
وأضاف ان خطورة تعديل الدستور يجب ان يقاوم من دون إطالة والبحث عن تفاصيل، والتيارات الدينية في بداية وصولهم للأغلبية مارسوا جميع صلاحياتهم لمحاولة السيطرة على السلطة في الكويت، وتابع اعتقد ان ما يطرح من قبل بعض الأطراف المحسوبين على التيارات الدينية، يصب في الخانة نفسها للاستفادة من حركة الارتداء من ردة الفعل، وهم بهذا يلعبون على أكثر من طرف للوصول إلى هدفهم.
ومن جانبه، قال استاذ التاريخ الحديث في جامعة الكويت د. عبد المالك التميمي: في البداية يجب ان نعرف ماذا نعني بمصطلحات الدولة الدينية والعلمانية والليبرالية، مشيرا الى ان العلمانية لا ترفض الدين، وانما الماركسية هي التي ترفضه، والليبرالية هي عبارة منظومة فكرية معنية بالحرية الاقتصادية والفكرية والعلمانية تركز على فصل الدين عن السياسة.
أما رئيس جمعية الدفاع عن الدستور المحامي عبد الكريم جاسم بن حيدر، فقد اعتبر ان الدستور مثل الكائن الحي ولادة وشهادة ميلاد ودين، مشيرا الى ان هناك دساتير تقوم على الماركسية، وهناك من تقوم على الإسلامية.
وقال الكاتب الصحفي الزميل احمد الصراف إن الذين يقدمون اقتراحات تعديل الدستور مثل اقتراح تعديل المادة 79 وغيرها، استمدوا قوتهم من ضعفنا، و«الردى فينا»، فهم يفتقدون للعقل والفكر والمبدأ وقد وصلوا إلى ما وصلوا إليه، لأنهم وصوليون، ولأننا ضعاف.
وتابع: نحن لا نمثل قوة واحدة ولا صوتا واحدا، «ولوفينا خير» لكنا انصهرنا في تجمع واحد، ولما كنا نكتفي بالتحذير والاحتجاج، بينما هم يفعلون ما يريدون.
بدوره قال الناشط السياسي عبد المحسن مظفر: نحن بحاجة لجلسات متواصلة لعرض الموضوع وتعبئة الناس، معتبرا أن المتقدمين بهذا الاقتراح يهدفون لإبراز أنفسهم في المجتمع، وإيصال فكرة للجميع أننا موجودون.
ومن جانبه قال الدكتور أحمد الكندري ان التيارات الدينية تعتقد ان نجاحها يكمن في إقامة دولة الخلافة، ويجب علينا ان نعي ان المشكلة تكمن في المجتمع العشائري الذي نعيش فيه، وليس في الدين.
تراجع
من جهته، قال النائب الأسبق د. خالد الوسمي ان الكثيرين يتساءلون ويقولون «ليش خالد الوسمي ساكت، هل خاف؟!»، ولكن في الحقيقة ساكت لأننا تراجعنا كثيراً كما نريد، لان العجز فينا نحن. وأضاف ان الدولة المدنية ليست ضد الدين، بل تشجع الدين، معتبرا أن الدولة لا دين لها وأن التيار الاسلامي لديه 650 منبراً في المساجد، ونحن في التيار لدينا نادي الاستقلال وحولوه الى ناد للمعاقين.
بدورها، قالت الناشطة رانيا السعد: أنا شخصيا صوت للتيار الاسلامي ولي مبرراتي في هذا الاختيار، والسبب لأن التيار الليبرالي لم يكن متواجدا على الساحة السياسية، مضيفة: فاذا كان هناك فكر يدعوني لارتداء العباءة في ظل وجود فكر آخر مع وجوده فقد يوقف ابني في الشارع ويتعرض للاعتداء من أبناء أحد الشيوخ، فانني أفضل الفكر الذي يدعوني للعباءة على الآخر.
وقالت رئيسة الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية لولوه الملا: نحن خائفون ومرعوبون منذ الانتهاء من فرز الانتخابات الأخيرة، مضيفة: هذه ليست كويتنا التي نعرفها، فقد تغيرت الايديولوجية التي تربينا عليها، مشيرة الى أن المجتمع المدني الآن لديه تحرك للحفاظ على كويتنا من تلك التحركات، داعية الشباب الى المشاركة مع الجمعيات المدنية في حملة الحفاظ على الدستور والمكتسبات.
نعارض بشدة
قال أمين عام مظلة العمل الكويتي «معك» أنور الرشيد: نحن نعارض وبشده جميع محاولات «أدينة» القوانين، وتحويل الكويت الى دولة دينية، مشددا على أهمية ان تكون هناك فزعة بين التيارات المدنية بعيدا عن حالة التشرذم.
__________________________________________________________________________________________________________
تغطية جريدة الطليعة :الأربعاء 9 مايو 2012 رقم العدد: 1944
كتب مصطفى البيلي:اتفق رموز التيار الوطني والتقدميون، بمختلف انتمائتهم الفكرية والسياسية، على ضرورة نبذ الخلاف في ما بينهم، والتحول من مرحلة التعبير عن رفضهم لمحاولة تغيير الكويت من دولة مدنية دستورية، إلى دولة دينية، عن طريق حزمة من القوانين والخطوات التي اتخذت لتعديل بعض مواد الدستور من جانب بعض أعضاء مجلس الامة، إلى مرحلة التغيير والتصدي بشتى الطرق والوسائل السلمية المتاحة لقوى الظلام التي تحاول القفز على الحريات ودولة المؤسسات عن طريق التكسب السياسي، ودغدغة المشاعر بالشعارات الدينية بمفهومها الضيِّق.
وشدد المتحدثون في الحلقة النقاشية التي اقامها التيار التقدمي في الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية، وحملت عنوان «لا للعبث بالمادة 79 من الدستور.. نعم للدولة المدنية»، على أن مدنية الدولة لا تتعارض مع الفكر الاسلامي والشريعة السمحاء، ولكن رفضهم لذلك التعديل اساسه تغيير البنية التشريعية في البلاد، وتحويلها من سلطة مجلس الأمة المنتخب إلى هيئة دينية غير منتخبة، لتصبح فوق كل السلطات التي كفلها الدستور.
في البداية، تحدَّث المحامي محمد عبدالقادر الجاسم، فقال ان الترديد المستمر لكلمة الدولة الدينية يحتاج إلى معرفة ماهية الدولة الدينية، وأن مجرد الاخذ من الشريعة الاسلامية كمصدر للتشريع لا يعني اننا سنتحول للدولة الدينية، وانه لا ضير في ذلك، ما لم نكن ننكر الشريعة الاسلامية.وأضاف: علينا ان نفصل الرؤية السياسية عن المفاهيم السياسية، ولا بأس من الاخذ بالشريعة الاسلامية، وان القرآن الكريم يتضمَّن قواعد تصلح لكل زمان ومكان، وتطبيقها يعني الحصول على الدولة المدنية من الطراز الاول، مؤكدا ان هناك اشكالية في فهم الدين، ولكن نحن نعني الفهم المحايد، لافتاً إلى ان هناك 396 اقتراحا بقانون تم تقديمها للامانة العامة منذ بداية دور الانعقاد الحالي، وهناك فقط 4 اقتراحات يزعم اصحابها انها مستمدة من الشريعة، تأتي في مقدمتها الفوائد الربوية، حصر العمليات الجراحية التجميلية، بالإضافة إلى حظر التعري على الشواطئ، واقتراح آخر بمنع استيراد اللحوم من دون شهادة الذبح الاسلامية، فضلا عن اقتراح بتعديل المادة 79، مؤكدا أن ذلك العدد من القوانين لا يعني ان هناك توجها نحو الدولة الدينية.وقال: انا لا ارى اي مبرر للهلع من محاولات بعض الاعضاء لتبرئة ذمتهم امام الله وامام ناخبيهم، كما يعتقدون، بالتقدم بهذه الاقتراحات التي يجب ان تحظى بمناقشة موضوعية، بغض النظر عن مصدرها، مختتما بأن هناك خللا في فهم جوهر الاخلاق القرآنية، حتى من قِبل المتحمسين للمقترحات التي تعد مقترحات إسلامية.
لا دين للدولة
من جانبه، عبَّر رئيس جمعية الخريجين سعود العنزي عن عدم ارتياحه لكلمة الجاسم في مداخلته، وأكد للحضور اختلافه التام معه، قائلا: يجب علينا ان نقلق كثيراً، لأن هذا يعني ان كل هذه القوانين المقدمة (396 قانونا) يجب ان تمر عبر الشريعة الاسلامية اذا تم اقرار تعديل المادة 79 من الدستور.واضاف ان جميع الاختلافات بين المسلمين جاءت، بسبب الاختلاف في تفسير مبادئ الدين، واعتقد ان الدولة ليس لها دين، لأنها لا تصلي وتصوم ولا تدخل الجنة والنار، لافتاً إلى ان المقلق الآن ليس تعديل هذه المادة، ولكن لو راجعنا المناهج الدراسية، لرأينا ان هذه المناهج تتبع منهجا واحدا يلغي جميع الاختلافات الاخرى، متسائلاً: ماذا سيحصل لنا اذا استطاعت هذه الجماعات السيطرة على السلطة؟وقال ان هناك فرقا بين الدول المدنية والدولة الدينية، فالدولة المدنية سمحت بالحوار والاختلاف وحرية التعبير، في حين أن النماذج التي سيطر عليها الدين اقصت الآخرين، ووضعتهم في خانة الكفرة، ونحن في جمعية الخريجين نرفض رفضاً قاطعاً أي تعديل للدستور، ايا كان مصدره، لأن هناك صفقات ستعقد من تحت الطاولة.
التفاف على المادة الثانية
من جهته، قال رئيس مجلس ادارة جريدة الطليعة أحمد النفيسي: اعتقد ان تعديل المادة 79 من الدستور جاء التفافا على تعديل المادة الثانية من الدستور، لان التيارات الدينية اصطدمت بموضوع توارث الامارة، لذلك حاولوا الدخول من باب آخر عبر المادة 79، وهي تعني ان يتحول التشريع في الكويت من التشريع الدستوري إلى تشريع يخضع للإفتاء الذي يخضع للتيارات الدينية.واضاف ان تعديل الدستور يجب ان يقاوم من دون إطالة أو البحث عن تفاصيل. والتيارات الدينية في بداية حصولها على الأغلبية مارست صلاحياتها كافة، محاولة السيطرة على السلطة في الكويت.وتابع: اعتقد ان ما يطرح من قبل بعض الاطراف المحسوبة على التيارات الدينية يصب في الخانة نفسها، للاستفادة من حركة الارتداد الناجمة عن ردة الفعل، وهم بهذا يلعبون على اكثر من طريقة للوصول إلى هدفهم.
المجلس الحالي غير مؤهل للتعديل
وقال النفيسي: لدي قناعة بأن الدستور الكويتي في خطر حقيقي، خصوصا اذا فكرت السلطة بالاستفادة من هذه التحركات، والولوج في صفقات مع التيارات الدينية، وأضاف ان افرازات المجلس الحالي هي نتيجة لوضع مرَضيّ عانت منه الكويت على مدى 30 عاما تخللها صراع قبلي وعنصري وطائفي، وتأجيج للنعرات كافة.وأضاف ان المجلس الحالي غير مؤهل لمناقشة أي تعديلات دستورية، ناصحا القوى الوطنية بعدم الدخول في اي سيناريوهات تعنى بالتعديلات الدستورية، مشيرا إلى أن الدستور يجب أن يعدل تحت مظلة وفاق وطني شامل، مع الاخذ في الاعتبار التحولات الكبرى التي طرأت على المجتمع الكويتي في السنوات الأخيرة، ومنها ارتفاع اعداد السكان.
مؤتمر وطني
وأكد النفيسي أن القيادات القديمة غير مؤهلة لاستيعاب طبيعة التغيرات المستقبلية، متمنيا أن يتم عرض هذا الأمر في إطار اوسع، عن طريق عقد مؤتمر وطني، لمحاولة اعطاء رؤية حول المستقبل.
ما هي الدولة العلمانية؟
من جانبه، قال د.عبدالملك التميمي في بداية حديثه: «اشهد ان لا اله الا الله»، واقولها امام الملأ، حتى لا اتهم بالزندقة.. ماذا تعني الدولة الدينية، والعلمانية، والليبرالية؟ إن العلمانية فكرة فصل الدين عن السياسة، ولا ترفض الدين، على عكس الماركسية التي ترفضه.وأشار إلى أن الليبرالية منظومة فكرية معنية بالحرية الاقتصادية والفكرية والعلمانية، تركز على فصل الدين عن السياسة.
ضعف التيار الوطني
وفي ما يتعلق بالمادة 79، قال التميمي: ان السؤال الذي يطرح نفسه حاليا هو: هل هناك قوانين في الكويت ضد الشريعة الاسلامية؟ وإذا كان هناك نشاط لأسلمة القوانين، فيجب ان نعرف هل هناك قوانين تتعارض مع الدين؟ مؤكدا عدم تعارض اي من القوانين مع الشريعة.واضاف: لو تم تعديل تلك المادة، فماذا عن الاختلاف بين المذاهب والطوائف؟ واذا نجح المسعى لتعديل المادة 79، فهذا يعني الانتقال إلى تعديل مواد اخرى، مثل المواد: 2 و4 و35، حتى يصل الأمر إلى تعديل مواد نظام الحكم، مختتما: التيار الوطني الديمقراطي والليبرالي ضعيف، وهو في خانة الدفاع عن النفس، وان المشكلة تكمن في ان قوة خصمك في ضعفك.
الدستور «كائن حي»
رئيس جمعية الدفاع عن الدستور المحامي عبدالكريم الحيدر، قال: المعروف ان الدستور مثل الكائن الحي، له ولادة وشهادة ميلاد ودين، فهناك دساتير تقوم على الماركسية، وهناك دساتير تقوم على الاسلام.واضاف: ان ما يحدث في الكويت هو نوع من التفسير من الايديولوجية الليبرالية إلى الدينية، مشيرا إلى أن التحول بالتاريخ الدستوري يأتي عادة عن طريق الثورات، كما حدث في الثورتين الايرانية والفرنسية، أو عن طريق الحكومات، وهو انقلاب فضي، عن طريق تعديل القوانين بالتدريج.وأضاف: لاشك ان هناك محاولات حكومية لتحويل الايديولوجية التي يقوم عليها الدستور من الليبرالية إلى الاسلامية، عن طريق تفسير القوانين التي تدعو إلى الحريات، مثل قانون التجمُّعات وقانون المطبوعات.
الوصوليون وصلوا
من جانبه، قال الكاتب الصحافي أحمد الصراف إن تلك القوى لا تمتلك، لا فكرا ولا منطقا، ولكنهم وصلوا كونهم وصوليين، ولاننا ضعاف، مضيفا “اننا لسنا قوة واحدة ولا صوتا واحدا، ولو فينا خير كنا انصهرنا في تجمُّع واحد، وإذا بقينا نحذر ونحتج فقط، فسيفعلون ما يريدون، ونحن نبقى نحتج ونعترض.واختتم حديثه بقوله: لا بد من تنظيم جيد لصفوفنا، فهم يمتلكون الاغلبية في المجلس، وسيصوتون على القانون في الوقت الذي سنكون فيه مستمرين بالشجب والتحذير من المساس بالدستور.بدوره، قال عبدالمحسن مظفر: نحن بحاجة إلى جلسات متواصلة لعرض الموضوع وتعبئة الناس، وان المتقدمين بهذا الاقتراح هدفهم ابراز انفسهم في المجتمع، وايصال فكرة للجميع اننا موجودون، من خلال التعديل على قانون الجنسية والقوانين التي تضيِّق على الحريات، مثل قانون تغليظ العقوبة على المسيء على الرسول.وأعرب عن اسفه ان السلطة تضامنت مع هذه التيارات المؤزمة، والمأساة ان السلطة هيأت لهم اجواء السيطرة على المجتمع، وان هناك هيئة لاستكمال تطبيق الشريعة الاسلامية، منذ سنوات لم نسمع أن هذه الهيئة التي تصرف عليها الكثير من الاموال تحدثت عن قانون يعارض الشريعة.
دولة الخلافة
من جهته، قال د. أحمد الكندري ان التيارات الدينية تعتقد ان نجاحها يكمن في إقامة دولة الخلافة، ويجب علينا ان نعي ان المشكلة تكمن في المجتمع العشائري الذي نعيش فيه وليس في الدين، مضيفا أن كل المجتمعات لديها الاقتصاد يعد احد أهم مقوماتها، والاقتصاد لدينا وحيد «ريعي»، ومع هذا الاقتصاد لا يمكن ان نتطور، ويجب ان نتمسك بالدستور ونفعله قبل التعديل، ويجب ان نعمل على تعبئة شبابية، وان يخرج لقاؤنا هذا بورقة عمل قابلة للتنفي، وليس مجرد حديث فقط.وقال د. خالد الوسمي ان الكثيرين يتساءلون ويقولون «ليش خالد الوسمي ساكت؟ خايف؟»، ولكن في الحقيقة ساكت، لأننا تراجعنا كثيراً عما نريد، لان العجز فينا نحن.واضاف: ان الدولة المدنية ليست ضد الدين، بل تشجع الدين، والدولة لا دين لها، والتيار الاسلامي لديه 650 منبرا في المساجد، ونحن التيار الوطني لدينا نادي الاستقلال، وحولوه لدينا إلى ناد للمعاقين بعد الغائه.وقال ان هناك اجماعا بين السلطة والتيار الديني، ولدينا نموذجان للدولة الدينية، مثل ايران واسرائيل التي ترفض اي دين آخر، ونحن لسنا ضد المتدين، لان هذه العلاقة بينه وبين ربه، ولكن نحن ضد من يتخذ من الدين وسيلة للوصول لما يريد، ونحن لسنا ضد الطائفة، ولكن ضد الطائفيين، ولسنا ضد القبيلة، ولكن ضد الفكر القبلي، مختما حديثه باقتراح رفع شعار الفزعه لتشكيل الجمعية الوطنية الديمقراطية التقدمية، وعلى التيار التقدمي تشكيل لجنة تهتم بالدعوة لبرنامج وطني يقف ضد هذه التحركات.
دولة مدنية
بدوره، قال النائب السابق عبدالله النيباري: أعتقد ان الكويت لا يمكن ان تكون إلا دولة مدنية، ولا يمكن ان تتحول لدولة دينية، وما يطرح ضمن شعارات سياسية، والكثير يعلم ان الاسلام ليس هكذا يطرح، وتلك الامور ستدخلنا في صراع عقيم ومعطل سيهلك القوى الشعبية في صراعات بعيداً عن الخط السليم في بناء الوطن واستغلال موارده.وأضاف: اثناء الغزو وبعده كانت هناك لقاءات مع التيارات السياسية وتمخضت عنها وثيقة وزعت على كل القوى، وكشفت الحقائق والمواقف أن اسلمة القوانين ما هي الا شعار سياسي، مضيفا: الكويت دولة وطنية وليست جزءا من دولة الخلافة الاسلامية التي يطمح لها اصحاب التيارات الدينية.
الإسلام عدالة
وأشار النيباري إلى ان الاسلام هو العدالة، وليس فقط الحديث عن الاختلاف ولبس المرأة، وهم يرون ان تطبيق الاسلام فقط في منع الاختلاط في قاعة المحاضرات، مشيرا إلى ان المطروح هو شعار للصراع السياسي، ونحن نعيش لحظة فيها جانب ايجابي، وانه لأول مرة نحصل على الاغلبية في المجلس التي تستطيع تشريع اي من القوانين وحل المشاكل، ولكن وصف ذلك الوضع بالعربة التي يجرها الحصان المتطرف والمتشدد الذي سيدخلنا في قوانين وقرارات غير مدروسة.وأضاف: نحن الان امام موضوع تعديل الذي قدم من دون دراسة، مؤكداً على النظام الدستوري لإقامة دولة مدنية وديمقراطية تديرها مؤسسات وفق القانون بعيداً عن التصرفات التي تخل بالنظام الدستوري، وأن قانون تغليظ العقوبة، والمدينة الطبية والمدينة الجامعية لم يتم دراستها.وفي الختام، اعلن امين سر التيار التقدمي د. فواز الفرحان عن التجهيز لاقامة تجمُّع جماهيري لتعبئة الشارع حيال تلك الافكار، سيشارك فيه كل المؤمنين بخطر الدولة الدينية، مع الاعلان عن دراسة كل المقترحات التي وردت في سياق مداخلات المتحدثين وتشكيل لجنة لتبني تلك الاقتراحات والخروج بأرضية مشتركة بين القوى الوطنية المختلفة.
التيار التقدمي: محاولات العبث بالدستور والانقلاب عليه مستمرة
ألقى أمين سر التيار التقدمي د. فواز الفرحان ورقة عمل التيار التقدمي، وكانت مرجعا اساسيا للحلقة النقاشية.. فقد أكدت الورقة أن الدستور الحالي هو دستور الحد الادنى لقيام دولة مدنية ذات نظام ديمقراطي، وصفه بانه مكسب شعبي بجانب انه مكسب لأسرة آل صباح، بالإضافة إلى تعرض الدستور خلال السنوات الخمسين الماضية إلى محاولات العبث به والانقلاب عليه، بالإضافة إلى العبث النيابي الذي استهدف الطابع المدني للدولة على أساس تشريعات تميز المواطنين على أساس الجنس والدين، الأمر الذي يخل بمبدأ المساواة.وأبرزت الورقة الدور التاريخي للتيارات المدنية للتصدى لمحاولات العبث بالدستور والانقلابات السلطوية عليه، بالإضافة إلى الاطراف الأخرى، النيابية والحزبية، مؤكدة أن المادة الثانية من الدستور تلبى على نحو واقعي ومتوازن الاستناد إلى الشريعة في التشريع كونها مصدرا رئيسا له، وبناء عليه تمت الاشارة إلى رفض تعديل المادة الثانية واستغلال الشريعة كشعارات سياسية.ورفضت المذكرة رفضا كاملا لما جرى طرحه من اسلمة القوانين، معددة ما انطوت عليه بعض القوانين المعدلة وفقا لوجهة النظر تلك من نواقص وتناقضات، منها «قانون الجنسية الكويتية، المادة الثانية لقانون الانتخاب، وقانون 46 لسنة 2006 في شأن الزكاة، فضلا عن قوانين اعلن عنها، منها «الحشمة»، بالإضافة إلى التعديلات الدستورية الأخرى التي تأتي في هذا السياق.واختتمت الورقة بتأكيد تعارض تعديل المادة 79 مع الدستور، لكونه لا يستهدف تحقيق مزيد من الحريات، محملة مسؤولية السلطة العبث بالدستور، ومناشدة الشعب الكويتي واعضاء مجلس الامة اتخاذ مواقف واضحة ترفض العبث بالدستور عن طريق تعديل المادة 79، وترفض المساس بمدنية الدولة.
_________________________________________________________________________________________________________
تغطية جريدة الجريدة : الأربعاء 09/05/2012 م
كتب علي صنديح
نظم التيار التقدمي الكويتي ندوة أمس الأول تحت عنوان «لا للعبث بالمادة 79 من الدستور… نعم للدولة المدنية» في مقر الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية بالخالدية، تناولت خطورة تعديل هذه المادة، وأنها مقدمة لما هو أبعد منها.
أجمع المتحدثون في ندوة “لا للعبث بالمادة 79 من الدستور… نعم للدولة المدنية” على تزمُّت التيارات الدينية، وأن سيطرتها ستجعلها تقصي جميع من يختلف معها، مبينين أن هذه السيطرة ما كانت لتتحقق لولا أن السلطة تعاونت معها وهيأت لها هذه السيطرة.وقال أمين سر التيار التقدمي د. فواز الفرحان إن “الدستور تعرض طوال السنوات الخمسين الماضية لمحاولات متكررة من جانب السلطة لتعطيله والانقلاب عليه وإفراغه من مضامينه الديمقراطية وتنقيحه على نحو مخالف لما هو مقرر دستوريا من آليات وإجراءات وضمانات”.وأضاف الفرحان، خلال الندوة التي نظمها التيار التقدمي الكويتي في مقر الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية بالخالدية أمس الأول، أن “العبث النيابي استهدف المساس بالطابع المدني لدولة عبر اقتراحات تعاقبت منذ 1973 لتنقيح المادة الثانية من الدستور، وكذلك عبر تشريع قوانين للتمييز بين الناس على اساس الدين والجنس”.وبين أنه “من منطلق احترامنا لشريعتنا الغراء فإننا نرفض استغلالها كشعارات سياسية، من أسلمة القوانين، وما تمثله من إساءة مرفوضة للشريعة الاسلامية”، لافتا إلى أن “طلب تنقيح المادة 79 من الدستور يتجاهل ما نصت عليه المادة 175 من شروط موضوعية للتنقيح، وان هناك مخاوف جدية من استغلال هذا التنقيح في المساس بمبادئ الحرية والمساواة، استنادا للمواقف المعلنة للعديد من النواب الإسلاميين والقوى المتزمتة التي تدعو إلى التدخل المباشر في الحرية والحياة الخاصة للأفراد، في محاولات منها لفرض وصاية على حرية الاعتقاد”.وحمل الفرحان السلطة مسؤولية العبث المتواصل بالدستور منذ عام 1962، وحمل العابثين الجدد المسؤولية عن عبثهم، مناشدا الشعب الكويتي والقوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية والمدنية، وكل من يحرص على النظام الدستوري، اتخاذ مواقف واضحة برفض العبث بالمادة 79، والتمسك بأسس النظام الديمقراطي وبالطابع المدني للدولة ورفض اي مساس به.الفهم المحايد
من جانبه، اعتبر الكاتب محمد عبدالقادر الجاسم ان مجرد الأخذ من الشريعة الاسلامية كمصدر للتشريع لا يعني بالضرورة ان تتحول الكويت الى دولة دينية، موضحا انه “لا بأس من الأخذ بالشريعة الإسلامية، لأن القرآن الكريم يتضمن القواعد التي تصلح لكل زمان ومكان، وتطبيقها يعني الحصول على الدولة المدنية من الطراز الأول، لكن هناك اشكالية في الفهم المحايد الدين”.وبين الجاسم انه “تم تقديم 396 اقتراحا بقانون منذ بداية دور الانعقاد الحالي حتى أبريل الماضي، من بينها 4 مقترحات يزعم أصحابها أنها مستمدة من الشريعة الإسلامية، فضلا عن تقديم مقترح تعديل المادة 79 من الدستور”، مضيفاً “لا أرى أي مبرر للهلع أمام محاولات بعض النواب لتبرئة ذمتهم أمام الله وناخبيهم كما يعتقدون بتقدمهم بهذه المقترحات التي يجب ان تحظى بمناقشة موضوعية بغض النظر عن مصدرها”.
تفسير النصوص
بدوره، قال رئيس جمعية الخريجين سعود العنزي انه “منذ 1400 سنة والمسلمون في خلاف على تفسير النصوص الدينية، وأعتقد ان الدولة ليس لها دين، لأنها لا تصلي ولا تصوم ولا تدخل الجنة والنار، وأختلف مع من يقول ان للدولة دينا”، مضيفا: “علينا ان نقلق كثيراً، فكل القوانين المقدمة يجب ان تمر عبر الشريعة الاسلامية كما تفسرها القوى الدينية المهيمنة اذا تم اقرار تعديل المادة 79 من الدستور”.وبين العنزي أن “المقلق الآن ليس تعديل المادة 79، بل لو تمت مراجعة المناهج الدراسية لوجدناها تتبع منهجاً واحداً يلغي جميع الآراء الدينية المخالفة للفكر السائد”، متسائلاً: “ماذا سيحصل في حال استطاعت جماعات التيارات الدينية السيطرة على السلطة؟”.وأوضح أن “الدولة المدنية اتاحت لنا ان نجتمع مع من نختلف معه، لكن إذا سيطرت النماذج الدينية على الدولة فستقصي جميع من تختلف معهم وتضعهم في خانة الكفر، ولن تنتهي بذلك، ففي نهاية مطافها ستلتفت الى أبناء جلدتها”، معرباً عن رفض جمعية الخريجين رفضاً قاطعاً لأي تعديل في الدستور في هذه الظروف، “لأننا نخشى الصفقات التي يمكن أن تعقد من تحت الطاولة”.
التفاف
بدوره، رأى الكاتب أحمد النفيسي ان تعديل المادة 79، جاء التفافا على تعديل المادة الثانية من الدستور، بعد ان اصطدمت التيارات الدينية بمسألة توارث الإمارة، موضحا ان هذه المحاولة أتت “للدخول على تعديل الدستور من باب المادة 79، ما يعني تحول التشريع من الدستور إلى الإفتاء الذي سيخضع للتيارات الدينية والسلطة”.وزاد النفيسي بأن “خطورة تعديل الدستور الحالي يجب ان تقاوم بدون إطالة في البحث عن التفاصيل، فالتيارات الدينية في بداية وصولها للأغلبية مارست جميع صلاحياتها لمحاولة السيطرة على السلطة في الكويت”، لافتا الى ان “الدستور الكويتي في خطر اذا ما راودت السلطة افكار الاستفادة من هذه التحركات والولوج في صفقات مع التيارات الدينية، في ظل الافكار التي ظهرت في الكويت مثل تأجيج النعرات الطائفية والعنصرية التي ساهمت في وصول مثل هذه الفئة من النواب إلى المجلس”.من جهته، تساءل الناشط د. عبدالملك التميمي: “هل لدينا قوانين ضد الشريعة الاسلامية؟ فإذا كان هناك نشاط نحو أسلمة القوانين فيجب ان نعرف هل هناك قوانين تتعارض مع الدستور”، وتابع: “ماذا عن الاختلاف بين المذاهب والطوائف اذا نجح المسعى لتعديل المادة 79؟ فهذا يعني الانتقال إلى تعديل مواد اخرى حتى نصل إلى تعديل مواد نظام الحكم”.
الانقلاب الفضي
بينما اعتبر رئيس جمعية الدفاع عن الدستور المحامي عبدالكريم جاسم ان “ما تشهد الساحة السياسية في الكويت هو تحول من الأيديولوجية الليبرالية الى الدينية، وهو أمر لا يأتي الا عبر طريقتين، الأولى عن طريق الثورات كما حصل في الثورة الإيرانية إبان حكم الشاه” فضلاً عن عدد من الشواهد الأخرى، جازما بأن “هذه الطريقة لن تحدث في الكويت”، والثانية تعرف بـ “الانقلاب الفضي” وتأتي عن طريق تعديل القوانين الدستورية بالتدرج.بدوره، قال الكاتب الناشط عبدالمحسن مظفر “اننا بحاجة إلى جلسات متواصلة لعرض الموضوع وتعبئة الشارع، وان المتقدمين باقتراح تعديل المادة 79 من الدستور ليس هدفهم إلا أبراز أنفسهم في المجتمع، وإيصال رسالة للجميع بأنهم موجودون”، مضيفا انه “مرت قوانين كثيرة بعيده عن الديمقراطية، كما حصل في تعديل قانون الجنسية وقانون تغليظ العقوبة للمسيء على الرسول”.وأعرب مظفر عن أسفه “لتضامن السلطة منذ سنوات مع مثل هذه التيارات، حتى هيأت لها الأجواء للسيطرة على المجتمع، وحصلت على مقاليد السلطة”، لافتا الى انه كانت “هناك هيئة لاستكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية منذ عقدين من الزمن، ومع ما يصرف عليها من أموال لم نسمع يوما، أنها وجدت قوانين تتعارض مع الشريعة”.إلى ذلك، قال الناشط د. أحمد الكندري ان “التيارات الدينية تعتقد ان نجاحها يكمن في إقامة دولة الخلافة”، موضحا “يجب علينا أن نعي ان المشكلة تكمن في المجتمع العشائري الذي نعيش فيه لا في الدين”.وأشار الكندري إلى ان “كل المجتمعات تقوم على الاقتصاد، ونحن لدينا اقتصاد وحيد وريعي بين يدي السلطة، وبمثل هذا المقوم الوحيد لا يمكن لنا ان نتطور، ويجب ان نفعل الدستور قبل التعديل، ويجب ان نعمل على تعبئة الشباب ونطالب بالتفعيل قبل التعديل”.
فزعة
بدوره، قال النائب السابق د. خالد الوسمي إن “الدولة الدينية ترفض أي دين آخر كما هو حاصل في إيران وإسرائيل” مبيناً “لسنا ضد المتدينين لأن هذه علاقة بين الشخص وربه، لكننا ضد من يتخذ من الدين وسيلة للوصول إلى مبتغاه، ونحن لسنا ضد الطائفة ولكن ضد الطائفيين، ونحن لسنا ضد القبيلة ولكن ضد الفكر القبلي”، مطالبا برفع شعار “الفزعة” لتشكيل جمعية وطنية ديمقراطية تقدمية تدعو إلى برنامج وطني يقف ضد مثل هذه التحركات.وأوضح الوسمي “ربما يتساءل الكثيرون عن سبب سكوتي طوال السنوات الفائتة، وقد تكون إجابتهم أنني أصبت بالخوف، ولكن في الحقيقة سبب سكوتي هو التراجع الذي نحن فيه عن السابق”، مستدركا بالقول إن “الدولة المدنية ليست ضد الدين بل تشجع الدين، فالدولة لا دين لها، والتيار الاسلامي لديه اليوم 650 منبرا عبر المساجد، ونحن لم يكن لدينا سوى نادي الاستقلال، وتم تحويله الى نادي ذوي احتياجات خاصة”.
إسلام العدالة
أما النائب السابق عبدالله النيباري فرأى أن “نظام الكويت نموذج رسمه الدستور لدولة مدنية تحكمها المؤسسات وقوانينها، ولا يمكن ان تكون إلا دولة مدنية، ولا يمكن ان تتحول إلى دولة دينية، ولم نر ممن يرفعون الشعارات الإسلامية أحدا تقدم بما ينفع المسلمين”، مضيفا “اذا كنا نريد تطبيق الإسلام فعلينا ان نطبق العدالة، وليس الإسلام في لباس النساء، وتطبيق منع الاختلاط في الجامعات”.
العنزي: 50 سنة كافية لمعرفة اتجاه التعديل
أعرب رئيس جمعية الخريجين سعود العنزي عن خشية الجمعية أن يفتح تعديل الدستور “باباً لا نضمن أن تمر منه التعديلات الإيجابية فقط، لاسيما في ظل هذه الظروف وتشكيلة المجلس الحالية”، لافتاً إلى أن “الخمسين سنة الماضية كافية لمعرفة الاتجاه الذي يمكن للسلطة أن تأخذه إذا ما فتح الباب للتعديل”.وقال العنزي لـ”الجريدة” عقب الندوة: “لسنا ضد فكرة التعديل أو مبدئه، فهذا أمر لا خلاف عليه إطلاقاً، كما أن بعض الأفكار المطروحة لتعديل الدستور جدية، وتنسجم مع التطوير الديمقراطي المنشود، بل إن هناك افكاراً أخرى كثيرة يمكن أن تقدم لتطوير الديمقراطية الكويتية”.وأضاف أن “حكومات متعاقبة حاولت العبث بالدستور، سواء بتشكيل لجنة لتنقيحه أو حل مجلس الأمة بشكل مخالف للدستور، وكذلك إنشاء المجلس الوطني وإلغاء مجلس الأمة، فضلاً عن استخدام الأغلبية النيابية لتمرير قوانين مخالفة ومتعارضة معه، لذا نحن قلقون جداً ونتمنى ألا يفتح الباب في هذه الظروف”.
_________________________________________________________________________________________________________
تغطية جريدة الوطن :الأربعاء الموافق 09/05/2012 م
كتب فيصل اليتيم:
أقام التيار التقدمي أمس حلقة نقاشية في الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية حول الحديث عن تعديل المادة 79 من الدستور لتكون القوانين الصادرة عن مجلس الأمة متوافقة مع الشريعة الاسلامية.واستهل الحديث أمين سر التيار التقدمي د.فواز الفرحان قائلا: عندما اقر المجلس التأسيسي الدستور عام 62 وصدق عليه عبدالله السالم كان هذا الدستور ولايزال مكسباً ديموقراطياً أصيلا، هو مكسب لآل الصباح، وهذا الدستور لم يسلم من محاولات تعديله والعبث فيه من قبل النواب عبر اقتراحات منذ 73 لتعديل المادة الثانية وتشريع قوانين أخرى لتقييد الحرية، حيث تم تشريع هذه القوانين غير الدستورية بالتوافق مع السلطة وقد اتخذوا من الدين الاسلامي غطاء لتمرير هذه الاقتراحات.وأضاف: ولئن كان يسجل تاريخيا للقوى الوطنية والديموقراطية والتقدمية والمدنية تصديها للانقلابات السلطوية على الدستور وتعطيله، الا ان هناك تقصيرا ونحن لا يمكن ان تتهاون في الدفاع عن مبدأ الحرية والدستور، والمادة الثانية من الدستور عندما اتفق عليها الآباء عندما وضعوا الدستور وتتفق مع اننا نرفض مقترح التعديل على المادة 79 من الدستور.وتابع: ومن منطلق احترامنا للدين الاسلامي فاننا نرفض اقحام الاسلام والشريعة في العمل السياسي والديموقراطي، وما في ذلك طرح «أسلمة القوانين» لما انطوت القوانين التي جرى تشريعها تحت هذا الشعار من نواقص وتناقضات، فكانت اساءة مرفوضة للاسلام.وقال المحامي محمد عبدالقادر الجاسم ان مجرد الاخذ من الشريعة الاسلامية كمصدر للتشريع لا يعني اننا سنتحول للدولة الدينية، وان القرآن الكريم يتضمن القواعد التي تصلح لكل زمان ومكان وتطبيقه يعني الحصول على الدولة المدنية من الطراز الاول.واشار الى ان هناك 396 اقتراحا بقانون قدمت منذ بداية دور الانعقاد في 4/16، وهناك فقط 4 اقتراحات يزعم اصحابها انها مستمدة من الشريعة (الفوائد الربوية – حظر العمليات التجميلية - التعري بالشواطئ - استيراد اللحوم بدون شهادة الذبح الاسلامية) بالاضافة الى اقتراح تعديل المادة 79 وهذا يعني ان هناك توجها للدولة الدينية.ومضى قائلا: انا لا ارى اي مبرر للهلع من محاولات بعض الاعضاء تبرئة ذمتهم امام الله وامام ناخبيهم كما يعتقدون بالتقدم بهذه الاقتراحات التي يجب ان تحظى بمناقشة موضوعية بغض النظر عن مصدرها.وقال رئيس جمعية الخريجين سعود العنزي يجب علينا ان نقلق كثيراً، فكل هذه القوانين المقدمة يجب ان تمر عبر الشريعة الاسلامية اذا تم اقرار تعديل المادة 79 من الدستور.واضاف ان جميع الاختلافات بين المسلمين جاءت بسبب الاختلاف في تفسير مبادئ الدين واعتقد ان الدولة ليس لها دين لأنها لا تصلي وتصوم ولا تدخل الجنة والنار.ومضى قائلا: ان المقلق الآن ليس تعديل هذه المادة ولكن لو راجعنا المناهج الدراسية سوف ترى ان هذه المناهج تتبع منهجا واحدا ويلغي جميع الاختلافات الاخرى، فماذا سيحصل اذا استطاعت هذه الجماعات السيطرة على السلطة؟!واكد ان هناك فرقا بين الدول المدنية والدينية، فالدول المدنية سمحت بالحوار والاختلاف وحرية التعبير اما «نماذج التي سيطر عليها الدين فسوف تقصي الاخرين وتضعهم في خانة الكفرة ونحن في جمعية الخريجين نرفض رفضاً قاطعاً أي تعديل الدستور لان هناك صفقات ستعقد تحت الطاولة».وقال رئيس مجلس ادارة جريدة «الطليعة» أحمد النفيسي: اعتقد ان تعديل المادة 79 جاء التفافا على تعديل المادة 2 من الدستور لان التيارات الدينية اصطدمت بموضوع توارث الامارة لذلك حاولوا الدخول من باب المادة 79 وهي تعني ان يتحول التشريع في الكويت من التشريع الدستوري الى تشريع يخضع للافتاء الذي يخضع للتيارات الدينية والسلطة.واضاف ان التيارات الدينية منذ وصولها للأغلبية مارست كافة صلاحياتها محاولة السيطرة على السلطة في الكويت.واعتبر ان الدستور الكويتي في خطر اذا ما راودت السلطة افكار الاستفادة من هذه التحركات والولوج في صفقات مع التيارات الدينية والافكار التي ظهرت في الكويت مثل تأجيج النعرات الطائفية والعنصرية ساهمت في وصول هذه النوعية من النواب الى المجلس.وقال د.عبدالملك التميمي «اشهد ان لا اله الا الله» حتى لا اتهم بالزندقة.وسأل: هل هناك قوانين في الكويت ضد الشريعة الاسلامية؟ واذا كان هناك نشاط لأسلمة القوانين فهل هناك قوانين تتعارض معه؟واضاف: لو تم التعديل فماذا عن الاختلاف بين المذاهب والطوائف واذا نجح المسعى لتعديل المادة 79 فهذا يعني الانتقال لتعديل مواد اخرى حتى تصل لتعديل مواد نظام الحكم.واختتم قائلا: ان التيار الوطني الديموقراطي والليبرالي ضعيف وهو خانة الدفاع عن النفس.وقال المحامي عبدالكريم الحيدر رئيس جمعية الدفاع عن الدستور: «ليس هناك شك ان هناك محاولات حكومية لتهويل الايديولوجية التي يقوم عليها الدستور من الليبرالية الى الاسلامية عن طريق التفسير على القوانين التي تدعو للحريات مثل قانون التجمعات وقانون المطبوعات».وقال الكاتب الصحافي احمد الصراف: «قوتهم في ضعفنا فهم يفتقدون للعقل والفكر والمبدأ. وصلوا لأنهم وصوليون ولأننا ضعاف».واضاف: لسنا قوة واحدة أو صوتا واحدا و«لوفينا خير كنا انصهرنا في تجمع واحد ولو بقينا نحذر ونحتج فسوف يفعلون ما يريدون ونبقى نحتج ونعترض».وقال عبدالمحسن مظفر: نحن بحاجة لجلسات متواصلة لعرض الموضوع وتعبئة الناس، وان المتقدمين بهذا الاقتراح هدفهم ابراز انفسهم في المجتمع وايصال فكرة للجميع «اننا موجودون».وقال ان السلطة تضامنت مع هذه التيارات وهيأت لها اجواء السيطرة على المجتمع.وقال الدكتور أحمد الكندري ان التيارات الدينية تعتقد ان نجاحها يكمن في اقامة دولة الخلافة ويجب علينا ان نعي ان المشكلة تكمن في المجتمع العشائري الذي نعيش فيه وليس في الدين.وقال الدكتور خالد الوسمي: ان الدولة المدنية ليست ضد الدين بل تشجع الدين، والدولة لا دين لها والتيار الاسلامي لديه 650 منبراً في المساجد، ونحن «التيار» لدينا نادي الاستقلال الذي حولوه لدينا لنادي معاقين.وقال ان هناك اجماعا بين السلطة والتيار الديني، ونحن لسنا ضد المتدينين، ولكن ضد من يتخذ الدين وسيلة للوصول لما يريد ونحن لسنا ضد الطائفة ولكن ضد الطائفيين، ونحن لسنا ضد القبيلة ولكن ضد الفكر القبلي.ويجب رفع شعار «الفزعة» لتشكيل الجمعية الوطنية الديموقراطية التقدمية وعلى التيار التقدمي تشكيل لجنة تهتم بالدعوة لبرنامج وطني يقف ضد هذه التحركات.وقال عبدالله النيباري: اعتقد ان الكويت لا يمكن ان تكون الا دولة مدنية، ولا يمكن ان تتحول لدولة دينية، وما يطرح شعارات سياسية.واضاف: ان الكويت دولة وطنية وليست جزءا من دولة الخلافة الاسلامية التي يطمح لها اصحاب التيارات الدينية، ان الاسلام هو العدالة وليس فقط الحديث عن الاختلاط ولبس المرأة، وهم يرون ان تطبيق الاسلام يكون بمنع الاختلاط في قاعة المحاضرات.ومضى قائلا: ان المطروح هو شعار للصراع السياسي.وقالت رانيا السعد: أنا شخصيا صوت للتيار الاسلامي، والسبب ان التيار الليبرالي لم يكن موجودا على الساحة السياسية.واضافت: ان المستفيد الحقيقي من الخلاف بين التيارات المدنية والدينية هي السلطة، وان رفض فكرة تعديل الدستور بشكل قطعي تعتبر من الرجعية، لأننا يجب ان ندعو الى التغيير الى الأفضل ولمزيد من الحريات مع التأكيد على رفض العبث بالمادة 79 من الدستور.وقالت رئيسة الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية نحن خائفون ومرعوبون منذ الانتهاء من فرز الانتخابات الأخيرة هذه ليست كويتنا التي نعرف فقد تغيرت الايديولوجية التي تربينا عليها، ودعت الشباب للمشاركة مع الجمعيات المدنية في حملة الحفاظ على الدستور والمكتسبات.وأضافت: نحن جميعنا اسلاميون ولكننا ضد توجهات تلك التيارات الدينية التي تسعى للتكسب الانتخابي ولا تريد للكويت التقدم والازدهار، وان الأولويات التي وضعتها الأغلبية لا تمثل أولويات المجتمع الكويتي.وقال الكاتب باسل الزير ان سبب وجود الخلاف الحالي وتقديم الاقتراحات هو أنه ليست لدينا فكرة واضحة عن مرجعنا الذي نعتمد عليه هل هو العقل أو الدين، ولو سلمنا جزافا بالمرجعية الدينية فان السؤال الذي يطرح نفسه، على أي وجه سوف نعدل الدستور هل وفق المذهب السني أم الشيعي وأي فرقة من فرقهم سوف نتبع؟وقال أمين عام مظلة العمل الكويتي «معك» أنور الرشيد: نحن نعارض وبشدة جميع محاولات «أدينة» القوانين، وتحويل الكويت الى دولة دينية، ودعا الى فزعة التيارات المدنية بعيدا عن حالة التشرذم.وقال الناشط السياسي أحمد الديين: لسنا خائفين من اصدار قوانين متوافقة مع الشريعة، ولكننا متخوفون من وضع سلطة دينية تكون في أعلى الهرم التشريعية، وهي بذلك تكون جهة لا تمثل الأمة، ففي ذلك مساس بالديموقراطية الكويتية.واضاف: نحن في التيار التقدمي مع تعديل الدستور باتجاه الاصلاحات الدستورية المستحقة نحو التحول للنظام البرلماني الكامل، ونعتقد ان مقترح تعديل المادة 79 من الدستور يخلط الأمور ويعقدها.واكد الديين ان التيارات الوطنية بحاجة الى تنسيق الجهود للوصول الى الناس عن طريق تبني اقامة مهرجان خطابي أو سلسلة من الندوات لتوضيح سبب رفض تعديل المادة 79.

ورقة "التيار التقدمي الكويتي" في الحلقة النقاشية التي أقامها تحت عنوان "لا للعبث في المادة 79 من الدستور... نعم للدولة المدنية"
عندما أقرّ المجلس التأسيسي دستور الكويت في العام 1962 وصدّق عليه الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح، فقد كان واضحاً أنّ هذا الدستور هو دستور الحدّ الأدنى الذي يضع أسس قيام دولة كويتية حديثة ذات نظام ديمقراطي.وكان هذا الدستور ولا يزال مكسباً شعبياً ديمقراطياً، مثلما هو في الوقت ذاته مكسب لأسرة آل الصباح، ولكن هذا الدستور تعرّض طوال السنوات الخمسين الماضية إلى محاولات متكررة من جانب السلطة لتعطيله والانقلاب عليه وإفراغه من مضامينه الديمقراطية وتنقيحه على نحو مخالف لما هو مقرر دستورياً من آليات وإجراءات وضمانات، والمؤسف أكثر ما تعرّض له الدستور من عبث نيابي استهدف المساس بالطابع المدني للدولة عبر اقتراحات تعاقبت منذ العام 1973 لتنقيح المادة الثانية من الدستور، وكذلك عبر تشريع قوانين للتمييز بين الناس على أساس الدين أو الجنس، بما يخلّ بمبدأ المساواة، وتشريع قوانين أخرى لتقييد الحرية الشخصية والتدخّل في الحياة الخاصة للأفراد والوصاية على حرية الاعتقاد التي هي من الحريات المطلقة، بالإضافة إلى التضييق على حرية التعبير، حيث تمّ تشريع هذه القوانين غير الديمقراطية بالتواطؤ مع السلطة، والمؤسف أنّه في ذلك كله فقد جرى استغلال الدين الإسلامي الحنيف والشريعة الإسلامية الغراء كشعارات سياسية، لتصوير الخلاف مع هذه التوجهات والتشريعات غير الديمقراطية على غير حقيقته وكأنّه مخالفة للدين وعداء للشريعة.ولئن كان يُسجل تاريخياً للقوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية والمدنية تصديها للانقلابات السلطوية على الدستور وتعطيله أكثر من مرة بالإضافة إلى معارضة المشروعات التي طرحتها السلطة لتنقيح الدستور، إلا أنّ هناك تقصيراً مؤسفاً في درجة التصدي للتوجهات والاقتراحات والتشريعات غير الديمقراطية التي كانت مغلفة بغطاء نيابي.ونحن وإن كنا نضع الأولوية للصراع مع السلطة على المستوى السياسي، فإننا لا يمكن أن نتهاون في الدفاع عن مبادئ الحرية والقيم الديمقراطية والمكاسب الدستورية عندما يتم التعدّي عليها من أي طرف كان سواء كان هذا الطرف سلطوياً أم كان طرفاً نيابياً أو حزبياً، ويجب فضح أي محاولة للعبث بالدستور وبالنظام الديمقراطي أيّاً كان الغطاء أو الحجة أو الذريعة أو التبرير الذي يتستر وراءه هذا العبث.وكذلك فإننا عندما نتمسك بمبادئ النظام الديمقراطي وندافع عن دستور 1962 بوصفه دستور الحدّ الأدنى، فإننا نرى أنّ المادة الثانية من الدستور مثلما تمّ التوافق عليها بين الآباء المؤسسين للدولة الكويتية الحديثة في المجلس التأسيسي تلبي على نحو واقعي ومتوازن الاستناد إلى الشريعة الإسلامية الغراء في التشريع بوصفها مصدراً رئيسياً له، ونتفق مع ما جاء في المذكرة التفسيرية للدستور في هذ الشأن، ومن هنا فإننا نرفض اقتراح تنقيح هذه المادة على النحو الذي تكرر وذلك لأهداف سياسية وحزبية وانتخابية وبدافع النفاق الديني الاجتماعي.ومن منطلق احترامنا للدين الإسلامي الحنيف والشريعة الإسلامية الغراء يجب أن نكون واضحين في رفضنا لاستغلالهما كشعارات سياسية، بما في ذلك ما جرى طرحه حول "أسلمة القوانين" لما انطوت القوانين التي جرى تشريعها تحت هذا الشعار من نواقص وتناقضات، بل ما مثلته من إساءة مرفوضة للإسلام والشريعة الإسلامية... وهذه بعض الأمثلة:المثال الأول هو التعديل الذي تم إقراره في العام 1982 على المادة الرابعة من قانون الجنسية الكويتية، عندما جرت إضافة شرط اعتناق الدين الإسلامي لطالب الحصول على الجنسية الكويتية وذلك باشتراط "أن يكون مسلماً بالميلاد أصلاً، أو يكون قد اعتنق الدين الإسلامي وأَشّهَر إسلامه وفقاً للطرق والإجراءات المتبعة، ومضت على ذلك خمس سنوات على الأقل قبل منحه الجنسية الكويتية، وتسقط هذه الجنسية بقوة القانون، ويعتبر المرسوم الصادر بمنحه إياها كأن لم يكن بارتداده عن الإسلام أو سلوكه مسلكاً يقطع بنيّته في ذلك. ويترتب على سقوط الجنسية الكويتية عنه في هذه الحالة سقوطها عمن يكون قد كسبها معه بطريق التبعية".إنّ هذا الربط بين الجنسية والدين تزيّد غير ذي معنى، وهو يهدر مبدأ المساواة ويعتمد التمييز على أساس الدين بين الناس، بل بين المواطنين الكويتيين أنفسهم في بلد يمثّل المسلمون الغالبية الساحقة من مواطنيه بلا منافس ولا منازع... وهذا الشرط شرط مبتدع لم يسبق أن نصّ عليه أي قانون للجنسية في أي دولة في العالم.والمثال الثاني لمثل هذه الأسلمة الشعاراتية للقوانين، هو التعديل الذي تمت إضافته على المادة الأولى من قانون الانتخابات المتصل بإقرار الحقوق السياسية للمرأة بحيث "يُشترط للمرأة في الترشيح والانتخاب الالتزام بالقواعد والأحكام المعتمدة في الشريعة الإسلامية"... وهو شرط لا يمكن تطبيقه على أرض الواقع الانتخابي الملموس، ولم يكن له أي مبرر عملي.وأما المثال الثالث لمثل هذه الأَسلمة المدّعاة فنجده في القانون رقم 46 لسنة 2006 في شأن الزكاة ومساهمة الشركات العامة والمقفلة في ميزانية الدولة، الذي يقرر نصاباً للزكاة ما أنزل الله به من سلطان يقلّ ويختلف عن النصاب الشرعي البالغ 2.5 في المئة، إذ تنصّ المادة الأولى من هذا القانون على أن "تُحصَّل نسبة مقدارها 1% سنويا من صافي أرباح الشركات الكويتية المساهمة والمقفلة، ولهذه الشركات عند تقديم إقراراتها بالمستحق عليها مرفقاً بها ميزانياتها السنوية بموجب هذه القانون أن تحدد القدر الذي يمثّل زكاة عن أموالها من المبلغ المحصّل...".هذه الأمثلة الثلاثة أدلة كافية ودلائل ملموسة على ما ينطوي عليه شعار "أسلمة القوانين" الذي يرفعه نواب الأحزاب الإسلامية من غرضية سياسية ومقاصد انتخابية أكثر منها ضرورات دينية أو حاجات عملية.والأسوأ من ذلك هو ما يقترحه بعض النواب المتزمتين لاقتراح قوانين مناقضة لأبسط مبادئ الحرية والمساواة، مثل الاقتراح المسمى "قانون الحشمة" الذي يمثّل محاولة للتعدي الصارخ على الحرية الشخصية والتدخّل في الحياة الخاصة للأفراد والتعامل الدونيّ مع المرأة، وكذلك ما دعا إليه أحد هؤلاء النواب المتزمتين في شأن توجههم في حال إقرار هذا القانون إلى إصدار قانون آخر يلزم النساء بارتداء الحجاب.وأما على مستوى الدستور ومحاولات العبث المباشر به، فبعد أن فشلت المحاولات المتكررة لتنقيح المادة الثانية منه جرى أخيراً تقديم طلب موقّع عليه من 31 نائباً لتنقيح المادة التاسعة والسبعين التي تنصّ على أنّه "لا يصدر قانون إلا إذا أقرّه مجلس الأمة وصدّق عليه الأمير" بحيث تضاف إليها عبارة تشترط أن يكون هذا القانون متوافقاً مع أحكام الشريعة وغير متعارض معها.إنّ هذا الطلب لتنقيح المادة 79 من الدستور يتجاهل ما نصّ عليه الدستور في المادة 175 من شروط موضوعية للتنقيح وهي أنّ "الأحكام الخاصة بالنظام الأميري للكويت وبمبادئ الحرية والمساواة المنصوص عليها في هذا الدستور لا يجوز اقتراح تنقيحها، ما لم يكن التنقيح خاصا بلقب الإمارة أو بالمزيد من ضمانات الحرية والمساواة"... وهناك مخاوف جدّيّة من استغلال هذا التنقيح للمساس بمبادئ الحرية والمساواة استناداً إلى المواقف المعلنة للعديد من النواب الإسلاميين والقوى المتزمتة التي تدعو إلى التدخّل المباشر في الحرية الشخصية والحياة الخاصة للأفراد وتحاول فرض الوصاية على حرية الاعتقاد وتعارض مبدأ المساواة بين الجنسين وتكريس التمييز على أساس المعتقد الديني... وغير هذا فإنّ التثبّت من توافق القوانين مع أحكام الشريعة الإسلامية في حال تنقيح المادة 79 من الدستور يفرض أن يتم تحديد جهة ما لتقرر هذا التوافق من عدمه، وبذلك سيتم تنصيب سلطة دينية غير منتخبة فوق مجلس الأمة لتقرر ما إذا كان هذا المشروع بقانون المقدم من الحكومة أو هذا الاقتراح بقانون المقدّم من أحد أعضاء مجلس الامة متوافقاً مع أحكام الشريعة أو يتعارض معها سواء كان هذا قبل أن يقرّ مجلس الأمة القانون ويصدّق عليه الأمير أو بعد الإقرار والتصديق على القانون... وبالتأكيد فإنّ تنصيب مثل هذه السلطة الدينية غير المنتخبة سيقوّض الطابع المدني للدولة ويهدم الأسس الديمقراطية لنظام الحكم، التي تنطلق من أنّ الأمة هي مصدر السلطات جميعاً.إنّ طلب تنقيح المادة 79 من الدستور يتعارض مع القيود المطلقة التي فرضتها المادة 175 على اقتراح تنقيح الأحكام ذات الصلة بمبادئ الحرية والمساواة، ذلك أنّ هذا الطلب لا يستهدف تحقيق المزيد من ضمانات الحرية والمساواة، بل أنّه سيغيّر بالطابع المدني للدولة الكويتية عبر قيام سلطة دينية تشريعية، وهذا على أقل تقدير عبث بالدستور ومتاجرة سياسية وانتخابية بالشريعة الإسلامية يشترك فيهما دعاة التزمت ونواب النفاق الديني الاجتماعي... وبالطبع فإنّ هذا العبث قدّم أفضل خدمة مجانية إلى السلطة عندما وفّر لها المبرر ومنحها الغطاء لعرقلة أي إصلاحات دستورية وسياسية ديمقراطية مستحقة في التحوّل نحو النظام البرلماني، وذلك لما ينطوي عليه طلب تنقيح المادة 79 من خلط متعمّد للأوراق وإثارة مقصودة للمخاوف وتبرير مكشوف للسلطة في عدم الموافقة على ما يفترض أن يتحقق من إصلاحات دستورية وسياسية ديمقراطية.ونحن في الوقت الذي نحمّل فيه السلطة مسؤولية العبث المتواصل بالدستور منذ العام 1962، فإننا نحمّل العابثين الجدد بالدستور المسؤولية عن عبثهم، ونناشد الشعب الكويتي والقوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية والمدنية وأعضاء مجلس الأمة الحريصين على النظام الدستوري إلى اتخاذ مواقف واضحة في رفض العبث بالمادة 79 من الدستور والتمسك بأسس النظام الديمقراطي وبالطابع المدني للدولة ورفض أي مساس بها.ولهذا، فقد دعونا إلى تنظيم هذه الحلقة النقاشية المقامة تحت شعار "لا للعبث بالمادة 79 من الدستور... نعم للدولة المدنية"، آملين أن يدور في هذه الحلقة النقاشية بحث موضوعي وأن يجري تداول علمي ليتم بعد ذلك التوصل إلى موقف عملي موحد يرصّ صفوف القوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية والمدنية للدفاع عن مبادئ النظام الديمقراطي وللتصدي إلى محاولات تقويضه من أي جهة كانت... هذا بالإضافة إلى ضرورة التحرك من أجل تعبئة الرأي العام ورفع مستوى الوعي الشعبي وذلك بعيداً عن العقلية النخبوية المعزولة.
الأثنين ٧ مايو ٢٠١٢

بيان التيار التقدمي الكويتي بمناسبة الأول من مايو عيد العمال العالمي
تحتفل الطبقة العاملة اليوم في مختلف بلدان العالم بالأول من مايو عيد العمال العالمي، الذي أصبح يمثّل بحقّ مناسبة تضامنية أممية للتعبير عن وحدة الطبقة العاملة وكفاحها المشترك ضد الاستغلال الرأسمالي ومن أجل العدالة الاجتماعية.
ويحلّ عيد العمال العالمي هذه السنة فيما تتعمّق أكثر فأكثر الأزمة البنيوية للنظام الرأسمالي العالمي بوصفه نظاماً استغلالياً طبقياً ظالماً وآيلاً إلى زوال... وعلى المستوى العربي يأتي الأول من مايو بعد أن شهد العديد من بلدان المنطقة تغييرات هامة، تمثّلت أساساً في إزاحة رموز أنظمة الاستبداد والفساد في تونس ومصر وليبيا واليمن، فيما تواجه شعوب هذه البلدان الآن تحديات تتصل باستكمال التغيير الثوري؛ وبناء أنظمة ديمقراطية حقيقية؛ والتصدي لمؤامرات قوى الثورة المضادة وبقايا الطغم الحاكمة السابقة ومحاولات التدخل الخارجي في شؤونها، بينما تواصل بقية الشعوب العربية نضالها المشروع من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والتغيير الديمقراطي ضمن ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد، أبرزها قمع السلطات وتعسفها ورفضها الاستجابة لمطالب الشعوب؛ وتداخل بعض الأجندات؛ واشتداد الانقسام الطائفي.
وفي الكويت، يحلّ عيد العمال العالمي هذا العام بعد أن خاضت الطبقة العاملة بقيادة حركتها النقابية خلال الفترة الممتدة بين الأول من مايو 2011 والأول من مايو هذا العام سلسلة واسعة من التحركات المطلبية والإضرابات العمالية دفاعاً عن حقوقها المشروعة ومن أجل تلبية مطالبها العادلة وإلزام الحكومة بتنفيذ تعهداتها السابقة، وقد واجهت الطبقة العاملة وحركتها النقابية خلال هذا الحراك المطلبي حملة عدائية طبقية شعواء استهدفت تشويه تحركها والحطّ من معنويات المضربين وتصوير لجوء العمال إلى الإضراب عن العمل على أنّه أمر مخالف للقانون وذلك بالتزامن مع إصدار فتاوى دينية تدعو إلى تحريم الإضرابات... كما يأتي الأول من مايو هذا العام فيما تشتد معاناة الفئات الشعبية ومحدودي الدخول من التضخم والارتفاع المطّرد للأسعار خصوصاً بعد الإعلان عن الزيادات الأخيرة على الرواتب في القطاع الحكومي، وتتزايد سنة بعد أخرى أعداد العاطلين عن العمل من الشباب الكويتي بحيث تجاوزت العشرين ألفاً وفقاً للبيانات الرسمية للعام 2011، وفيما تتواصل كذلك المعاناة الإنسانية للكويتيين البدون المحرومين من حقوق عديدة بينها الحقّ في العمل، هذا بالإضافة إلى ما نستشعره من مخاطر جراء تبني الحكومة التوصيات الصادرة قبل أشهر عن اللجنة الاستشارية الاقتصادية التي تدعو إلى تقليص بنود الانفاق الاجتماعي الضرورية؛ وإلغاء الدعم الحكومي عن السلع والخدمات الضرورية؛ وخصخصة قطاعات النفط والتعليم والصحة، فهذه التوصيات في حال إقرارها كسياسة حكومية تمثّل برنامجاً للهجوم الطبقي على الطبقة العاملة والفئات الشعبية ومحدودي الدخول لابد من التحذير منه والتصدي له.
ويأسف "التيار التقدمي الكويتي" أن يأتي احتفال الطبقة العاملة بالأول من مايو، الذي يفترض به أن يكون مناسبة للتضامن والوحدة بين العمال والفئات الشعبية، فيما يشهد المجتمع الكويتي حالة من التأجيج المتعمّد للنعرات الطائفية والفئوية والقبلية التي تحاول تمزيق النسيج الوطني الاجتماعي وتمويه الصراع الحقيقي في المجتمع، وهو الأمر الذي انعكس سلباً على الحركة النقابية العمالية ومؤسسات المجتمع المدني، وفي السياق ذاته يعبّر "التيار التقدمي الكويتي" عن قلقه إزاء نجاح قوى التزمت في إشغال المجتمع بصراعات جانبية تمّ الدفع بها إلى الصدارة بعد تقديم الاقتراح العابث لتنقيح المادة التاسعة والسبعين من الدستور والإعلان عن اقتراحات بقوانين من شأنها المساس بالحرية الشخصية والحياة الخاصة للأفراد وحرية الاعتقاد، وذلك على حساب ما كان متوافقاً عليه شعبيا من دعوات لتحقيق إصلاحات سياسية ديمقراطية.
وإزاء هذا كله، فإنّ "التيار التقدمي الكويتي" يدعو الطبقة العاملة وحركتها النقابية إلى التحلي باليقظة والوعي ونبذ النعرات الطائفية والفئوية والقبلية وعدم الإنجرار خلف مثيريها؛ والحرص على توحيد صفوف الطبقة العاملة والفئات الشعبية للدفاع عن حقوقها الاقتصادية الاجتماعية وعن مستوى المعيشة العام والمكتسبات الشعبية؛ وكذلك التحرك من أجل حلٍّ إنساني عادل ونهائي لقضية الكويتيين البدون وحلّ مشكلات البطالة والتضخم والسكن وفق مصالح الغالبية الساحقة من أبناء الشعب وليس وفق المصالح الطبقية الضيقة للمتنفذين وأصحاب رؤوس الأموال، مع التأكيد على مشاركة الطبقة العاملة والحركة النقابية العمالية في النضال الديمقراطي من أجل الإصلاح السياسي والتصدي لمحاولات العبث بالدستور والمساس بالدولة المدنية والحريات الشخصية.
عاش الأول من مايو عيداً للطبقة العاملة ويوماً للتضامن والوحدة… والتحية لعمال الكويت وعمال العالم أجمع ولسائر العاملين بأجر وشغيلة اليد والفكر وعموم الكادحين في يوم عيدهم المجيد.
1 مايو 2012

بيان مشترك صادر عن المنبر والتحالف والتقدمي حول تعديل قانون المحكمة الدستورية
ندعو السلطتين التشريعية والتنفيذية الى بذل كافة الجهود لاقرار التعديلات المقدمة على قانون المحكمة الدستورية بما يتيح للأفراد ومؤسسات المجتمع المدني اللجوء اليها مباشرة في جلسة الثامن من شهر مايو المقبل. ونؤكد نحن الموقعون على هذا البيان أن السماح للمواطنين بالطعن في دستورية القوانين أمام المحكمة الدستورية هي البداية الأولى في دعم قواعد الدولة المدنية بما يحمي المواطنين أفرادا وجماعات من أي غبن وظلم ينتج من القوانين التي يقرها مجلس الأمة أو الجهات الحكومية في الدولة. ونرى أن حق اللجوء الى المحكمة الدستورية من شأنه كبح جماح القوانين المتطرفة التي تمس حريات المواطنين والمقيمين، أو تصادر حقوقهم الدستورية، لافتين الى أن تلك التعديلات متفق عليها برلمانيا من جميع الكتل النيابية ولا تتطلب سوى إقرارها في الجلسة المقبلة للمجلس خاصة وأن هناك 45 نائبا وقعوا على طلب استعجال اللجنة التشريعية البرلمانية لانجاز القانون تمهيدا لعرضه في الجلسة المقبلة للتصويت عليه. كما ندعو المواطنين الكرام الى التحرك الشعبي لضمان عدم تسويف المجلس لهذا القانون المهم في مسيرة الديمقراطية الكويتية، أو تعطيل إقراره تحت أي ذريعه كانت، كما ندعو اللجنة التشريعية البرلمانية الى توجيه الدعوة الى النواب لحضور مناقشة هذه التعديلات وتقديم مقترحاتهم – إن وجدت – حتى لا يسقط القانون في نفق التعديلات التي تقدم خلال مناقشته في الجلسة.
المنبر الديمقراطي الكويتي – التحالف الوطني الديمقراطي – التيار التقدمي الكويتي
٣٠ ابريل ٢٠١٢
كتب: الزميل مرزوق النصف
في الولايات المتحدة نقاش عام مستمر حول إصلاح التعليم، وبالتحديد التعليم ما قبل الجامعي، هذا النقاش لا يقتصر على المختصين والساسة بل يتم تداوله أيضا في الصحف والتلفزيون، ما يحفز النقاش هو علامات تدل على تخلف مخرجات التعليم الأميركي مقارنة مع الدول الأخرى، وكذلك تراجع الأداء الاقتصادي الأميركي مؤخرا والذي يرجعه البعض لضعف النظام التعليمي وعدم إنتاجه لقوة عمل قادرة على المنافسة في الاقتصاد العالمي.
بعض الشواهد على مشاكل التعليم الأميركي هي نتائج دراسة أجريت في 2007 على طلبة الصف الرابع (العمر 9 سنوات) والتي أظهرت أن 33% من الطلبة فقط استوعبوا بشكل كامل المناهج التي دُرسّت لهم، بينما 33% لم يصلوا لأدنى مستوى مطلوب من استيعاب المناهج للانتقال للمستوى الدراسي التالي (ص103)، أي أنهم في عداد الراسبين، كما أنه بالمقارنة مع باقي دول العالم فإن متوسط أداء الطلبة الأميركان منذ السبعينات هو في أغلب الأحيان ضمن الأسوأ، وفي أفضل الأحوال لا يتعدى المتوسط (ص249).
كتاب مميز
الكتاب موضوع النقاش هنا يحاول تقييم بعض جهود الإصلاح التعليمي التي ابتُكرت لمعالجة المشكلة، والكتاب بعنوان "موت نظام التعليم الأميركي العظيم وحياته: كيف أن الاختبارات والاختيار يقوضان التعليم"، وهو يقع في 288 صفحة وصادر في طبعة مزيدة ومنقحة العام الماضي، أما عن مؤلفة الكتاب فهي الخبيرة في التعليم الدكتورة دايان رافيتش التي تعمل حاليا كأستاذة في مجال التعليم بجامعة نيويورك الأميركية.
ما يميز الكتاب هو أن لمؤلفته خلفية متنوعة تجعل من وجهة نظرها في الإصلاح التعليمي مميزة، فبالإضافة لتخصصها الأكاديمي في شؤون التعليم الأميركي فإنها احتلت مواقع أهلتها لصياغة عدة برامج إصلاحية وتطبيقها، حيث كانت مساعدة ومستشارة لوزير التعليم في إدارة الرئيس بوش الأب وعملت في إدارة الرئيس كلينوتون في الإشراف على تقييم مستويات الطلبة في مجمل الولايات المتحدة، كما أنها شاركت في إعداد عدد من المناهج الدراسية لمستويات دراسية مختلفة على مر السنوات.
بالإضافة إلى ذلك فإن الدكتورة رافيتش تقدم في هذا الكتاب مراجعة لآراء كانت تؤمن بها سابقا وأصبحت ناقدة لها الآن، حيث كانت تؤمن في السابق بالإصلاح التعليمي المستوحى من الخصخصة ومنافسة السوق، وباتت الآن مقتنعة بأن هذا النوع من الإصلاح قد فشل في رفع مستوى التعليم الأميركي على مدى عقدين من الزمن بل وساهم في تدهوره، وكتابها يؤرخ لهذا النوع من الإصلاح التعليمي كما يروي حكاية المؤلفة كداعمة له في البداية والآن كمعارضة له وداعية لوقفه.
الرؤية التجارية
وصفة الإصلاح التعليمي المستوحاة من الخصخصة ومنافسة السوق مفادها أن سبب تخلف التعليم يكمن في كونه قطاعا عاما غير معرّض لمنافسة السوق، هذا يجعل التعليم وبشكل أخص المعلمين غير منتجين لأن لا حافز لهم على العمل ولا عقوبة عليهم إذا ما قصروا في التدريس، هذه النتائج تنعكس في أداء الطلبة الأكاديمي السيء، ولو كان هناك نظام يقيس جودة كل معلم ويقيمه على أساس أدائه كما يحدث في السوق فإن مشكلة التعليم ستُحل، كما لو كانت هناك منافسة للمدارس الحكومية مثلما هناك منافسة بين السلع في السوق لأصبح البقاء للأفضل.
مثل هذه الرؤية التعليمية، والتي يمكن تسميتها بالرؤية التجارية، تقود لحلول عملية منها: أولا الحزم في تقييم أداء المعلمين عن طريق إجراء اختبارات دقيقة ومستمرة للطلبة لقياس كفاءة المعلمين في توصيل المعلومات لهم، ثانيا محاسبة المعلمين بحزم إذا ما أظهرت الاختبارات تقصيرهم، وهو ما قد يستدعي محاربة الجهات التي توفر حماية وظيفية للمعلمين مثل جمعيات المعلمين والاتحادات العمالية، ثالثا خلق بدائل للمدارس الحكومية بحيث تكون هناك منافسة في اجتذاب الطلبة ويكون للأهالي القدرة على اختيار المدرسة الأفضل لأبنائهم تماما كما يختارون أفضل السلع في السوق، هذا يتطلب عدم إلزام الطلبة بارتياد المدارس الموجودة في مناطق سكنهم كما هو الحال في الولايات المتحدة (وفي الكويت)، كما يتطلب تشجيع إنشاء المدارس الخاصة لمنافسة نظيراتها الحكومية.
دفاعا عن المعلمين
الكتاب ينتقد هذه الرؤية التجارية للتعليم والتي شُرع في تطبيقها بشكل واسع في الولايات المتحدة منذ عقد من الزمن على الأقل، والانتقاد مبني على تقييم نتائج هذه الرؤية عبر الاستشهاد بالدراسات الأكاديمية وبالتقارير الحكومية وبالخبرة الشخصية للمؤلفة، وكذلك عبر شرح الأثر السلبي لمثل هذه الرؤية التجارية على أهداف التعليم ودوره في المجتمع.
فمثلا يستخلص الكتاب بعد عرض موسع للأدلة بأن لوم المدارس الحكومية ومعلميها على ضعف مخرجات التعليم الأميركي أمر غير مبرر، فالمؤلفة تؤمن بأنه لا توجد طريقة واضحة وجيدة أصلا لقياس كفاءة المدارس والمعلمين، والاختبارات التي يُخضع لها الطلبة بهدف تقييم كفاءة معلميهم هي غالبا من نوعية الاختيار من متعدد، أي أنها تفترض بأن كل ما يتعلمه الطالب يمكن اختصاره في قدرته على اختيار الجواب الصحيح وليس في المهارات الكتابية أو التفكير النقدي أو القدرة على الإبداع أو السلوك في الفصل، كما أن هذه الاختبارات تكاد تركز حصريا على مادتي الرياضيات والقراءة وهو ما يقلل من أهليتها كمقياس معتبر لأداء الطلبة وكفاءة المعلمين بشكل عام، هذه هي جزئية "الاختبارات" في عنوان الكتاب والتي ترى المؤلفة ضررا في الإفراط في الاعتماد عليها.
أما بشأن محاسبة المعلمين بحزم وضرورة إضعاف الأمان الوظيفي الذي توفره لهم الاتحادات العمالية فإن الكتاب يقدم أدلة ضد هذه الدعوى، فتختصر المؤلفة الأدلة العلمية حول الموضوع بالقول: "لا أحد على حد علمي برهن على ترابط واضح وقاطع بين نسبة المعلمين في الاتحادات العمالية والأداء الأكاديمي سواء إيجابا أو سلبا" (ص175)، أي أن الأمان الوظيفي الذي توفره الاتحادات العمالية للمعلمين لا يؤدي لانخفاض إنتاجيتهم.
لو كان صحيحا بأن الأمان الوظيفي يؤدي لإضعاف الإنتاجية لتوقعنا أن يكون أسوء المعلمين في الأماكن التي يزداد فيها حضور الاتحادات العمالية للمعلمين، لكن في الولايات المتحدة نفسها فإن ولاية ماساتشوستس هي الأفضل من حيث درجات الطلبة مقارنة مع باقي الولايات في الوقت نفسه الذي ينتمي فيه 100% من معلميها لاتحادات عمالية، كذلك على مستوى العالم فإن فنلندا التي ينخرط 100% من معلميها في اتحادات عمالية هي من أفضل دول العالم من حيث درجات الطلبة (ص256).
خطر الخصخصة
لعل أكثر جزئية مثيرة للاهتمام في الكتاب هي النقد الذي يقدمه للفكرة القائلة بضرورة إيجاد بدائل للتعليم الحكومي من أجل تحسين جودته عن طريق المنافسة، حيث تشرح المؤلفة بعض جذور هذه الفكرة في الولايات المتحدة والتي تنبع من حقبة التمييز العنصري في الستينات، حيث أصبحت المدارس الحكومية مكانا لدمج الأعراق بشكل إلزامي، وهو ما دفع العنصريين من البيض لتشجيع إنشاء المدارس الخاصة ليقللوا من احتكاك أبنائهم بباقي الأعراق، أي أن مطالبة بعض الأهالي بحرية اختيار مدارس أبنائهم كانت في الاصل بدافع عنصري وليس رغبة في رفع كفاءة التعليم، وهذه هي جزئية "الاختيار" في عنوان الكتاب وهي الفكرة التي تحذر منها المؤلفة.
كذلك تفسر المؤلفة بعض أسباب ارتفاع متوسط درجات الطلبة في المدارس الخاصة وشبه الخاصة (إدارتها خاصة لكن تمويلها حكومي) مقارنة مع المدارس الحكومية، فأحد الأسباب هو حرص المدراس غير الحكومية على استبعاد الطلبة ذوي الأداء الضعيف أو القادمين من خلفيات عائلية مضطربة، بينما المدارس الحكومية مُلزمة باسقبال جميع الطلبة، وبالتالي يقل متوسط درجات طلبتها بسبب الطلبة ضعيفي الأداء.
بمعنى آخر فإن المدارس الخاصة وشبه الخاصة قد لا تشجع على المساواة الاجتماعية ودمج فئات المجتمع المختلفة بقدر ما تشجع على فرز الطلبة على أساس الخلفية العائلية والطبقية وغيرهما، ولو أردنا ربط هذه الفكرة بالوضع في الكويت لربما لاحظنا بأن بعض المدارس الخاصة هنا قد تشجع على مثل هذا الفرز الاجتماعي خصوصا إذا ما قامت بتصنيف الطلبة واستبعاد بعضهم حتى بدئا من أولى مراحل الدراسة مثل الروضة.
رؤية مغايرة
هناك الكثير من النقاط المثيرة في الكتاب والتي لا يتسع المجال لذكرها هنا، لكن الفكرة العامة التي تؤمن بها المؤلفة هي أن التعليم رسالة أخلاقية واجتماعية بالدرجة الأولى، فالتعليم رسالة أخلاقية بمعنى أنه من واجب المجتمع أخلاقيا أن يوفر لجميع أبنائه وبناته فرصا جيدة وكذلك متساوية للتعلم والنمو الفكري، والرسالة الاجتماعية هي بأن استقرار المجتمع وتطوره مرتبط بإعطاء جميع فئاته مجالا للتقدم العلمي ولعيش حياة كريمة.
هاتان الرسالتان تناقضان الرؤية التجارية للتعليم التي تتصور أن هدف المدارس هو إنتاج موظفين بحسب حاجة الشركات في الاقتصاد، أي أن يصبح دور المدارس هو "تدريب الطلبة وليس تعليمهم" كما تقول المؤلفة (ص109)، كما أن الاعتماد على المنافسة بين المدارس كما في السوق يقوم بالضرورة على وجود مدارس ناجحة ومدارس أقل نجاحا، فالهدف إذن ليس تحسين جميع المدارس بل فرز أفضلها، وتوثق المؤلفة واقع أن الانضمام إلى هذه المدارس المتميزة ليس متاحا فعليا لجميع الطلبة على قدم المساواة وذلك بغض النظر عن الضمانات القانونية على الورق، وعموما فإن هذه العقلية التنافسية لا تنسجم مع محاولة خلق فرص تعليمية جيدة ومتساوية لجميع الطلبة.
حلول بديلة
بالنسبة للحلول البديلة التي يقدمها الكتاب فيمكن تصنيفها في ثلاثة اقتراحات، أولا اجتذاب المزيد من المعلمين الأكفاء وليس ترهيبهم ليكونوا أكفاء، فظروف العمل والحياة للمعلمين في الولايات المتحدة ليست جاذبة، بل إن 50% من المعلمين يتركون وظائفهم بعد خمسة سنوات من بدء التدريس (ص255)، وهذا دليل على عدم جاذبية وظيفة المعلم.
ثانيا تطوير المناهج بحيث تكون أكثر فائدة وشمولا للمعارف وكذلك تنويع طرق تقييم الطلبة والمدرسين بحيث تكون أكثر مرونة ومصداقية، والهدف هنا هو تربية الطلبة وصقل شخصياتهم ليكونوا مواطنين واعين ومستقيمين وقادرين على المساهمة بفعالية في مجتمعهم، لا أن يكونوا مجرد موظفين متميزين في مهارات العمل لكن دون قيم أخلاقية ودون قدرة على التفكير الحر والإبداع والنقد.
لعل الاقتراح الثالث لتطوير التعليم هو الأهم وهو معالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الأوسع في المجتمع، فأحد مشاكل التعليم في الولايات المتحدة مثلا هي مشكلة الانقسام العرقي، حيث أن الطلبة من ذوي الأصول الأوروبية والآسيوية أداؤهم مرضي بشكل عام، بينما الطلبة من ذوي البشرات الداكنة والمهاجرين الجدد هم الأضعف أداء.
كما أن هناك انقساما طبقيا في أداء الطلبة، فالطلبة القادمين من أسر غنية أداؤهم أفضل بنسبة معتبرة من الطلبة الأفقر، هذا الانقسام الطبقي يأخذ مناحي جدية إذا استوعبنا حقيقة صادمة وهي أن واحدا من كل خمسة أطفال في الولايات المتحدة يعيش في فقر (ص257)، غني عن القول بأنه من الصعب على الطالب أن ينجح دراسيا إذا كان لا يجد لقمة العيش ولا السكن الملائم، ناهيك عن المشاكل العائلية التي تتضاعف بفعل ضغوط الفقر والتي تؤثر بدورها على نفسية الطالب وإقباله على التعلم.
الخلاصة
على الرغم من هذه الاقتراحات فإن القارئ قد يشعر بأن الحلول التي يقدمها الكتاب عامة جدا وليست عملية مثل الحلول التي ينقدها، وهذا أمر تحاول المؤلفة الدفاع عنه بالتأكيد على أن مشاكل التعليم ليست بسيطة وليس لها حل واحد أو حلول سريعة، بل هي مشاكل تعبر عن تناقضات معينة في المجتمع لا يمكن إصلاح التعليم دون معالجتها، فالمؤلفة تدعو لنقاش عميق وموسع حول أسباب المشاكل الجدية التي يعانيها المجتمع الأميركي مثل الفقر والتمييز العرقي والتي تؤثر تأثيرا أساسيا على مخرجات التعليم الأمريكي.
بشكل عام فإن هذا الكتاب جدير بالقراءة، على الأقل للاطلاع على مثال يدعو للتقدير لمؤلفة تنقد آراءها السابقة بنفسها وبشجاعة وبأسلوب علمي، وهذه ممارسة يمكن للقارئ أن يستفيد منها في مراجعة أفكاره الخاصة وإعادة تقييمها، والكتاب مكتوب خصيصا لغير المختصين في التعليم، وهو يوفر رؤية ناقدة لحلول تعليمية مثل الخصخصة والتي يتم تداولها في الكويت، وبالتالي يمكن الاستفادة من تجربة الولايات المتحدة في هذا المجال بدل ارتكاب الأخطاء ذاتها.
مرزوق النصف - m.alnusf@gmail.com
الولايات المتحدة، 9 أبريل 2012
ملخص المقال في صحيفة القبس العدد ١٣٩٦٦
http://www.alqabas.com.kw/Article.aspx?id=786217&date=17042012
صورة لغلاف الكتاب و الصورة للمؤلفة

تصريح صحفي صادر عن الهيئة التنفيذية للتيار التقدمي الكويتي
نتابع بقلق التطورات السياسية الجارية على الساحة العربية و نهج الحكومات التي لما تعتبر بعد من دروس الثورات العربية و أسبابها ولا تزال تواصل انتهاكاتها للحريات و قمع الاعتصامات السلمية.وهذا لمسناه أخيراً في المملكة الاردنية عبر مواصلة الحكومة هناك نهج انتهاك الحريات وقمع الحركات الشبابية الاردنية المطالبة بالتغيير الاجتماعي والسياسي.لقد كشفت الأجهزة الأمنية عن الوجه القمعي للحكومة الأردنية عندما انهالت بالهراوات على المعتصمين واعتقلت بعضهم وأحالت آخرين إلى محكمة امن الدولة، ومن بينهم اعضاء اتحاد الشباب الديمقراطي الاردني الذين تعرضوا للضرب الوحشي و التعذيب.اننا في التيار التقدمي الكويتي إذ نستنكر الاعتداء الوحشي على المعتصمين فإننا نطالب بالإفراج الفوري عن كل المعتقلين، ونعبر عن تضامننا مع تحرك الشعب الأردني الشقيق في نضاله من أجل إسقاط نهج التبعية و الفساد وكبت الحريات ودفاعاً عن قوت المواطن وكرامته.

تغطية جريدة الكويتية للحلقة النقاشية المقامة في التيار التقدمي الكويتي بعنوان "ضرورة الفن" للاستاذ وليد الرجيب
كتب سامح شمس الدين:
في ندوة قد يختلف معها الكثير لموضوع طرحها وفكرها؛ ولكنها تبرز أفكار تيار مؤسس لنشر أفكارها؛ نظم التيار التقدمي الكويتي مساء أمس الأول حلقة نقاشية حول «ضرورة الفن»، حاضر فيها الأديب وليد الرجيب وتناول فيها نشأة الفن وأبعاده وكيفية التعامل معه من قبل الرأسمالية والاشتراكية ودور الفن في الحراك البشري من وجهة نظره الخاصة.
نقاش محتدم
في بداية حديثه استعرض الرجيب الأسماء التي كتبت حول الفن ووظيفته ودوره، وأشار إلى أن المناضل النمساوي أرنست فيشر ألف كتابا حول ضرورة الفن، كما كتب حول الاشتراكية والفن، كما تناول جورج لوكاش الفن في كتابه «دراسات في الواقعية»، وفي الجانب المصري بين الرجيب أن محمود أمين العالم وعبدالعظيم أنيس اشتركا في كتاب في الثقافة المصرية ردا على «التغريبي» طه حسين، وأوضح الرجيب أن النقاش حول الفن كان محتدما في السبعينيات بين الشباب، وكان من المعيب أن تحضر اجتماعات يعقدها جيل الشباب في تلك الفترة دون أن تكون أنهيت قراءة كتاب.
انعكاس للواقع
وأرجع الرجيب نشأة الفن إلى السحر، وأوضح أنه استمر ملازما للبشرية ومرتبطا معها ومازال سحره قائما للآن، ورأى فيه أنه إعادة لصياغة الواقع وانعكاس له بصورة إبداعية وليس بصورة فوتوغرافية واستشهد بمقولة أرنست فيشر الذي قال: «الفن يمثل قدرة الإنسان غير المحدودة على الالتقاء بالآخرين، وعلى تبادل الرأي والتجربة معهم»، واعتبر الفن تجربة فردية يراد منها مشاركة الجماعة والعيش في المجموع، وحول وظيفة الفن قال: «للفن وظيفة اجتماعية تهدف إلى رفع الوعي وتحريك حس الاكتشاف ومشاركة المتلقي بالعمل الإبداعي واستهداف مشاعره ووعيه»، وأشار الرجيب إلى أن الفن ازدهر في المجتمع العبودي بسبب الرخاء والحرية، حيث كان العبيد يؤلفون الأغاني التي كانت تعينهم على العمل، وبيّن أنه في عهد الإقطاعية وعصر النهضة تقدمت الفنون بشكل استثنائي في لوحات ومنحوتات مايكل أنجلو، وخاصة تلك المرتبطة بقصة الخلق وتمثال داود الذي يعد أفضل نحت على الإطلاق، وكان موجها للقوى الرجعية آن ذاك.
الرأسمالية والفن
وفيما يخص قيمة الفن لدى الرأسمالية والشيوعية قال الرجيب: «الرأسمالية قدمت فنونا جميلة عندما كانت تقدمية، لكنها بعد تطورها اعتبرت كل شيء سلعة بما فيها الفن، وكل شيء لا قيمة له إن لم يأتي بربح، وعلى اثر ذلك ظهرت المدارس الفنية الاحتجاجية مثل الانطباعية والطبيعية والتجريدية والدادائية والعدمية وكلها حركات احتجاجية على فظاعة الرأسمالية وفظاعة ما أحدثته من حروب ودمار»، واعتبر الرجيب أن الرأسمالية والليبرالية شجعتا الفن الشكلاني الذي لا ينتقد عيوب الرأسمالية، كما رأى أن الرأسمالية خربت كل قيمة للفن وتبنت نظريات الفن للفن التي لا تفضح ممارساتها ومنعت الفنون التي تكشف استغلالها للإنسان، وأشار إلى أن الرأسمالية شجعت الجنس في الأدب وفرضت تقليعة «أيروتيكا» التي دخل فيها الشاعر الشيوعي سعدي يوسف للأسف في تسعينيات القرن الماضي، وأكمل الرجيب حديثه حول الدمار الذي أحدثته الرأسمالية بالفن، فبّين أنها هي من شرعنت الدعارة والقمار وحاربت كل الفنون التقدمية ذات المغزى الاجتماعي، واستدل الرجيب بالمكارثية وما فعلته مع الممثلين والمخرجين مثل تشارلي تشابلن وآرثر ميلر، وأسهب الرجيب في الحديث عن الرأسمالية وذهب إلى أن الرأسمالية هي من شجعت الفنون التافهة وفنون وآداب الرعب الأمريكي والعنف وربطت جودة الفن بحجم الربح الذي يأتي من ورائه.
الاشتراكية والفن
وحول التعامل الاشتراكي مع الفن رأى الرجيب أن الواقعية الاشتراكية ولدت من رحم الرأسمالية وفضحت فظائعها وقبحها وبشاعتها وبشرت بالمستقبل وكان موضوعها الأساسي الإنسان، لاسيما المسحوق، وأوضح الرجيب أن الواقعية الاشتراكية مصطلح أطلقه مكسيم غوركي وفهم خطأ لأنه اعتبر أن الفن والأدب يجب أن يتحدثا عن الاشتراكية، وفي مجال الروايات والقصص السوفييتية قال الرجيب: «كلها تخلو من الجماليات الانسانية»، ورأى أن الواقعية الاشتراكية طورت الفنون إلى مستويات عالية في كافة مجالات الأدب والفنون، وأشار إلى استحالة أدلجة الفن وتسييسه قسرا، مع أن كل عمل فني أو أدبي يعكس أيديولوجية الفنان وموقعه من الحياة.
سطوة الفن
وتناول الرجيب بعض الأعمال الفنية والأحداث التاريخية التي كان الفن محركا لها، ورأى أن للفن قوة وسطوة أكثر من الرصاصة، كما ذهب إلى أن ثورات التغيير الاجتماعي تخرج مواهب الإنسان وتفجر إمكانياته الإبداعية مثل ما حدث في ثورة 23 يوليو التي تطورت فيها الفنون الموسيقية والسينمائية والتشكيلية، وأرجع الرجيب عدم وجود فن مصاحب للثورة في ليبيا كما في الثورة 25 يناير إلى الإرث الثقافي والحضاري للمجتمع، وحول تدهور الفنون وعدم تطورها بالكويت بعدما كانت مزدهرة في الستينيات والسبعينيات اعتبر الرجيب أن أساس التطور يكمن في التحول الاجتماعي وليس في الحدث مهما كبر، وبين أن في الستينيات كان هناك تحول اجتماعي وانسجام إنساني، ورأى أن الحراك الشعبي الذي شهدته الكويت أخيرا أنتج فنونا، لأنه أحدث تغييرا في سيكولوجية الشباب والشعب.
*المصدر جريدة الكويتية بتاريخ 02/04/2012
أصدر عدد من مؤسسات المجتمع المدني بياناً جاء فيه:
لقد ناضل الرعيل الأول من أجل قيام دولة مدنية تستظل بقيم الحرية والعدالة يحكمها دستور ينظم العلاقة بين سلطاتها ويرسخ مبادئ المساواة بين أفرادها. وقد كان ذلك انجازاً رائعاً جعل الكويت في موقع متقدم خليجياً وعربياً فانعكس ذلك استقراراً وأماناً على الوطن وأبنائه، مرسخاً مبادئ الوحدة الوطنية، مما أطلق عجلة التنمية والبناء في اتجاه مزيد من الحريات والرخاء. وقد كان حصول المرأة على حقوقها السياسية في عام 2005 انتخاباً وترشيحاً تتويجاً لذلك التوجه الحضاري واستكمالاً لريادة دور الكويت، الا أن ما يحدث الآن من محاولة للانقضاض على الدستور وبالتالي حقوق المواطنين والمقيمين وكبت حرياتهم لأمرٌ مرعب بل هو سيرٌ عكس الاتجاه الطبيعي لحركة التاريخ وتحجيمٌ للدستور والتفافٌ عليه تحت شعار التنقيح. والغريب في الأمر أن المادة 175 من الدستور نصت على أن أي تعديل للدستور يجب أن يكون نحو مزيدٍ من الحريات والحقوق وليس العكس. إن هذا الحراك الذي عبر عن نفسه أخيراً في ممارسات وأولويات أعضاء السلطة التشريعية والتنفيذية بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة، يلزمنا جميعاً الوقوف صفاً واحداً دفاعاً عن استقرار الوطن ومكتسبات أبنائه وحرياتهم. إن موقفاً واضحاً وصريحاً لهو واجبٌ وطنيٌ وأمرٌ مستحقٌ.
الموقعون على البيان:
الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية
جمعية الخريجين
المنبر الديموقراطي الكويتي
التحالف الوطني الديموقراطي
رابطة الاجتماعيين
الاتحاد العام لعمال الكويت
جمعية المحامين الكويتية
الجمعية الكويتية لحقوق الانسان
الجمعية الكويتية للدفاع عن المال العام
الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية
الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية
الجمعية التربوية الاجتماعية الكويتية
المسرح الشعبي المسرح العربي
مركز تقويم وتعليم الطفل
جمعية المهندسين الزراعيين
قائمة الوسط الديموقراطي جامعة الكويت
جمعية المستقبل الثقافية الاجتماعية
مركز الحوار الثقافي «تنوير»
صوت الكويت
المركز الكويتي لحقوق الجاليات
مظلة العمل الكويتي (معك)
الجمعية الكويتية لرعاية الأطفال بالمستشفى KACCH
التيار التقدمي الكويتي
رابطة الشباب الكويتي
مجموعة 29
الملتقى الثقافي
ملتقى الثلاثاء
مسرح البسام

تغطية جريدة الطليعة لندوة التيار التيار التقدمي "الطبقات الاجتماعية و الصراع الطبقي في الكويت" التي قدمها الزميل أحمد الديين
كتب مصطفى البيلي:تحدَّث عضو التيار التقدمي والكاتب والناشط السياسي أحمد الديين عن مفهوم الطبقات، وفقا لتفسير الفكر الماركسي، الذي رأى أنه هو الأكثر علمية في تصنيف وتعريف ذلك المفهوم، وأكد أنها مجموعات بشرية كبيرة تتميَّز بوضعها في نظام الإنتاج الاجتماعي، وبالعلاقات بينها وبين وسائل الإنتاج، وبدورها في التنظيم الاجتماعي للعمل، وبقدرتها، بالتالي، على الحصول على نصيبها من الثروة. وأشار الديين، في محاضرة ألقاها في ديوانية التيار التقدمي بعنوان «الطبقات الاجتماعية والصرع الطبقي في الكويت» إلى أن الطبقة الاجتماعية ليست طائفة أو مرتبة أو مهنة أو حتى حرفة أو درجة، ولا تقوم على الثروة والدخل أو قيمة الأجر أو مستوى المعيشة ونوعها.

وقسم الطبقات الاجتماعية إلى ثلاثة أقسام، بدأها من حيث ملكية وسائل الإنتاج، ثم وفقا لوضعها في السوق، على اعتبار أن هناك من يشتري قوة عمل الآخرين ومن يشتري كمية محدودة من قوة العمل، وانتهى إلى القسم الثالث الذي حدده على أساس مصادر الدخل على اعتبار أن هناك من يدر دخله من عائد التملك أو الريع العقاري، أو فائدة مصرفية أو امتيازات سلطوية عينية أو نقدية.

الطبقات الاجتماعية قبل النفطواعتبر الديين أن الوضع الاقتصادي في الكويت سابقا - قبل ظهور النفط - كان يمثل شكل الطبقات الاجتماعية فيها، فالوظائف والحرف الكويتية كانت تقتصر على الغوص والسفر والملاحة والرعي والمسابلة والصيد والقلافة - صناعة السفن - بالإضافة إلى كميات محدودة من الزراعة في بعض الواحات بمناطق الكويت المختلفة. وأضاف الديين: بعد ظهور النفط وفي بدايات القرن الماضي، أصبح للحاكم دخل خاص ومستقل عن انتاج البلد - بعد التعاقد مع الشركات الأجنبية للتنقيب عن البترول - في الوقت الذي شهد أيضا ضرب أهم مناشط الاقتصاد الكويتي، ومنها الاشتغال في اللؤلؤ بعد قيام اليابان بزراعته صناعيا، بالإضافة إلى ظهور السفن العملاقة التي قضت على أنشطة السفر بوضعها القديم، ليزامن الاقتصاد التقليدي السابق الاقتصاد الحديث لفترات قليلة ويضمحل بعدها. وقسم الطبقات الاجتماعية الكويتية إلى مجموعة من الطبقات، بدأها بطبقات الهرم الاجتماعي وتصدرتها الارستقراطية العشائرية - طبقة الشيوخ والحكام، والطغمة المالية - البنوك وشركات التأمين ويمثلها اتحاد المصارف والشركات الاستثمارية - البرجوازية الكمبرادورية - أصحاب التوكيلات التجارية، ثم كبار الملاك العقاريين، فالبرجوازية البيروقراطية - المشرعون ومن هم في الوظائف القيادية بالدولة ويمثلون 0.2 في المائة من مجموع السكان. وصنف الديين بقية الطبقات الاجتماعية الدنيا من الهرم الاجتماعي في الكويت بالبرجوازية المرتبطة بالإنتاج المحلي والبرجوازية المتوسطة والصغيرة والطبقات العاملة والفئات التشغيلية الأخرى، مؤكدا أن الإضرابات العمالية قديمة منذ الأربعينات، وقد نجحت تلك الطبقات في إنشاء التنظيمات السياسية لها والنقابات العمالية التي تدافع عن مصالحها، ومنها حزب الشعب.نمو الطبقة البرجوازية
وعن تلك الفترة من بدايات عصر الاقتصاد الحديث، قال الديين إنها شهدت نموا اقتصاديا كبيرا - للطبقة البرجوازية - بدأت بإنشاء البنك الوطني، ثم إلغاء امتيازات الشركات الأجنبية التي كانت تتولى قطاع المقاولات في البلاد، ثم تأسيس شركة الخطوط الجوية الكويتية، فناقلات النفط، تبعتها غرفة التجارة والصناعة التي صاحبها إنشاء التنظيمات السياسية الموالية لها، ومنها الرابطة الكويتية التي كانت بمنزلة حزب سياسي، وغرفة التجارة والصناعة. وأضاف الديين: مع بداية السبعينات وبعد تأميم شركات النفط، أصبحت الدولة هي المهيمنة بالكامل على القطاع النفطي، وتشكلت بذلك رأسمالية الدولة، لتصبح الحكومة هي المالك الأكبر لوسائل الإنتاج، ورب العمل. واعتبر أن الاقتصاد القائم على الريع النفطي اقتصاد مشوه وتابع يقوم بوظيفة محددة ومختلفة - تصدير النفط - ومن ثم يقوم باستيراد كل السلع، معتبرا أن إنكار ذلك الوضع المشوه خطأ، فالكويت لديها طبقات وفقا لمفهوم من يملك وسائل الإنتاج أو من لا يملك، ومن يعتمد على الغني والفقر في تحديد الطبقات الاجتماعية وتصنيفها يستخدم أساليب غير علمية لذلك.نظرية الحلف الطبقي وتقليص الحرياتوعلى مستوى الصراع الفكري والسياسي والاقتصادي بين طبقتي البرجوازية والطبقة العاملة في الكويت، قال الديين: لكل طبقة وسائلها الخاصة، ففي الوقت الذي تكرس فيه الطبقة البرجوازية نظرية الحلف الطبقي وتقليص الحريات والحقوق الديمقراطية للمواطنين نرى أن الطبقة العاملة تسعى لقيام الأحزاب والنضال، من أجل الحقوق المدنية والحريات وتصفية النظام الرأسمالي. وعلى المستوى الفكري، تروج الطبقة البرجوازية لمبادئ النظام الرأسمالي ومحاربة الفكر التقدمي وترويج النزعة الفردية، في حين تسعى الطبقة العاملة إلى فضح تلك الطبائع الاستغلالية للرأسمالية وكشف تناقضاتها ورفع مستوى الوعي السياسي، وبالنسبة للمستوى الاقتصادي تدعو طبقة البرجوازية إلى الدعوة لتصفية القطاع العام والتعاوني وخصخصتهما ورفض زيادة الرواتب، في حين تشكِّل الإضربات عن العمل وتشكيل النقابات العمالية سلاحا اقتصاديا من جانب الطبقة العاملة. واختتم الديين محاضرته بنموذج للفارق الاقتصادي بين الطبقات الاجتماعية في الكويت عن طريق “طبقة الطغمة المالية”، مؤكدا أن الميزانية المجمعة للبنوك المحلية في عام 2005 تمثلت في 21 مليار دينار لتقفز فيما بعد إلى أكثر من 42 مليار دينار في 2011، مشيرا إلى أن البنوك، التي تمثل طبقة الطغمة المالية، تمثل ما نسبته 5 في المائة من عدد الشركات المدرجة في البورصة، في حين أن قيم ارباحها في عام 2010 تمثل بثلث أرباح الشركات جميعا.بعض الصور من الندوة
بعض المداخلات من الحضور
* المصدر جريدة الطليعة عدد 1938الموافق الأربعاء 28 مارس 2012http://www.taleea.com/index.php?option=com_content&view=article&id=2751:2012-03-27-13-28-27&catid=304:local-news1&Itemid=582"
صرح المنسق العام للتيار التقدمي الكويتي الزميل ضاري الرجيب: "لقد سبق أن أدان التيار التقدمي الكويتي في تصريح سابق الإساءة للأديان والمقدسات والمعتقدات، كما نتابع بقلق بالغ التوتير الطائفي المحموم، الذي تتعمد بعض الأطراف إبرازه وتأجيجه، سواء كان ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي والنشر الالكتروني أو عبر التحشيد أو من لغة خطاب النواب تحت قبة البرلمان، ما يهدد بتمزيق نسيجنا الوطني الاجتماعي وبشقّ مجتمعنا الكويتي. ونحن في التيار التقدمي الكويتي إذ نحمّل الحكومة مسؤولية التراخي في تطبيق القوانين والأنظمة واحتواء الفتنة واجتثاثها من جذورها بمعالجات مدروسة، فإننا نرفض أن يحل البعض نفسه محل القضاء الكويتي بحيث يدعو إلى تطبيق عقوبات غير منصوص عليها في القوانين، ونطالب بالاحتكام إلى دستور البلاد وقوانينها، بحيث يترك أمر إصدار الحكم على الجرائم والاتهامات للسلطات القضائية وأخيراً ندعو القوى الوطنية والسياسية إلى تجنّب الانجرار وراء صراعات طائفية، وعدم نسيان الصراع الأساسي والقضايا الوطنية الرئيسية، وفي مقدمتها الاصلاح السياسي واصلاح قانون الانتخاب ومكافحة الفساد".
29 مارس 2012م

تغطية جريدة الطليعة الكويتية لندوة «أسلمة القوانين» في جميعة الاصلاح والتي تحدث فيها الزميل الديين و د.الخنه ود.الدويلة
كتب مصطفى البيلي:أكدت أحداث الندوة، التي جمعت أحد نشطاء التيارات اليسارية الكاتب أحمد الديين مع اثنين من رموز التيار الإسلام السياسي - حدس والسلف - النائبين السابقين مبارك الدويلة ود. فهد الخنة، أن الفجوة ما زالت كبيرة جدا بين التيارات التقدمية والتيارات التي تتخذ الإسلام شعارا لها، فشتان بين وجهتي النظر اللتين عرضهما الفريقان حول موضوع «أسلمة القوانين»، وهو عنوان ندوة ضمن سلسلة ندوات في إطار مؤتمر ملتقى الشريعة. فقد تحدَّث الديين من وجهة نظر دستورية، مستشهدا بمواقف تاريخية برلمانية مشابهة، كان الانتصار فيها للدستور والحريات، وأكد أنه لا يجوز انفراد فصيل ما بتعديلات دستورية وتهميش بقية المجتمع، على حساب الحريات الشخصية،في حين كانت حجج وأسانيد الطرف الآخر - التيار الإسلامي - بعيدة كل البعد عن هذا الطرح، إذ تمسَّكت بالنصوص الشرعية والفقهية، ليؤكدا من خلالها أن تطبيق الشريعة الاسلامية أمر واجب، وعلى الجميع أن يسعى جاهدا إلى ذلك.اللغة العربيةوأشار الديين إلى أن المادة الثانية جاءت مثبِّتة للدولة، وانعكاسا للهوية الحضارية، كما أكد الدستور أيضا أن اللغة العربية هي لغة البلاد، فلا أحد يُنكر أن المجتمع الكويتي مسلم، أو يشكك في لغته، مشيرا إلى أن المشرِّع الكويتي جعل الشريعة مصدرا رئيسا، وليست المصدر الوحيد، وجاءت المذكرة التفسيرية مكملة لتلك المادة، بعد مناقشات عديدة دارت في المجلس التأسيسي للدستور، على عكس الوضع بالنسبة للأمور المتعلقة بالميراث، الذي جعله حقا تحكمه الشريعة الإسلامية، وليس مصدرا رئيسا له. وعن تنقيح الدستور، سواء في ما يتعلق بالمادة الثانية أو المادة 179، أو أي مواد أخرى، قال الديين إن هناك شروطا إجرائية للتنقيح، والكل يعرفها، وهي تنتهي بموافقة سمو أمير البلاد على تلك التعديلات، بعد رفعها من مجلس الأمة، وفي المقابل هناك قيود موضوعية أخرى مقررة في المادة 175 من الدستور، تؤكد أن أي تعديلات لا بد أن تكون للمزيد من الحرية والمساواة، وإن لم يراع ذلك، فسيصبح التعديل مناقضا للدستور. وأكد الديين أنه لا يمكن أن يُسن قانون، حتى لو كان بإجماع المجلس، ينتقص من مبدأ المساواة، وفقا للمادة 29 من الدستور، والتي تنص على أن «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم، بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين»، كذلك المادة 30 التي تعني أن «الحرية الشخصية مكفولة»، بالإضافة إلى المادة 35 أيضا التي تنص على أن حرية الاعتقاد مطلقة. ومن خلال المبدأ الدستوري الذي يؤكد أن حرية الاعتقاد مطلقة والحرية الشخصية مكفولة، قال الديين: لا يمكن أن نحدد لأي شخص عن طريق سن قانون ديانته أو نوع عبادته ونجبر على ذلك، ولكن في المقابل يحق للقانون أن ينظم بقية الحريات، كحرية التعبير والتجمع والصحافة وغيرها.مزايدة سياسيةوتساءل الديين: هل تنقيح المادتين الثانية و79 من الدستور يمس بالحريات والمساواة أم لا؟ إن كان ذلك التنقيح يمس بها، فهذا غير دستوري، وإذا كان يبقيها كما هي عليه، فذلك لا معنى له، على اعتبار أن التنقيح لم يأتِ بجديد، وإن كان سيزيد من الحرية والمساواة، فهو بمنزلة أمر لا بد منه، معتبرا أن تعديل هاتين المادتين مزايدة سياسية وشعارات للتكسُّب الانتخابي.لا رقابة مسبقةوضرب الديين مثالاً بالعبث التشريعي الذي يأتي بصنيعة مغلفة بالاعتبارات الانتخابية بقانون الانتخاب، الذي اشترط الالتزام بالقواعد الشرعية للمرأة أثناء الانتخاب والترشح، بالاضافة إلى تعديل قانون الجنسية، الذي اشترط أن يكون الحاصل على الجنسية مسلما، مؤكدا عدم وجود دولة في العالم، بما فيها إسرائيل، تشترط ديانة معينة لمنح الجنسية، مؤكدا أن ذلك لغو، لأن النصوص يجب أن تكون محكمة ومطابقة للدستور. وأضاف الديين أنه في حالة إقرار تعديل المادة 79 من الدستور من الجهة التي ستحدد مدى مطابقة القوانين للشريعة الإسلامية؟ لافتا إلى عدم وجود ما يُسمى بالرقابة المسبقة على القوانين في العرف الدستوري، وان فتح هذا الباب سيكون سببا في فتح أبواب كثيرة غير دستورية، كونها ستضع سلطة رقابية غير منتخبة على السلطتين، التشريعية والتنفيذية. ورأى الديين حتمية أن تستفيد الكويت من التجارب الإسلامية الأخرى في تركيا وماليزيا وتونس والمغرب، التي اهتمت بالإصلاح وتنمية الاقتصاد والقضاء على البطالة، ولم تلتفت إلى أمور هامشية خلافية لا طائل منها، مؤكدا أن رفع عدد من أعضاء مجلس الأمة الكويتي شعار «أسلمة القوانين»، بمنزلة عنوان كبير وتساؤل يحتاج إلى تقديم إجابات وافية للمواطنين ورجل الشارع العادي.الرغبة الأميريةمن جانبه، قال النائب السابق مبارك الدويلة إنه لا يوجد بين الإسلاميين من يطالب بالتغيير بالقوة، نحن نتبع الخطوات الدستورية في ذلك، مؤكدا أن الإسلاميين نجحوا في أكثر من مرة في الوصول إلى العدد المطلوب لتعديل المادة الثانية، لكن كانت تصطدم تحركاتهم مع الرغبة الأميرية الرافضة للتعديل، مؤكدا أنه بذلك أصبحت قضية المادة الثانية وتعديلها بمنزلة إبراء ذمة أكثر منها أي شيء آخر. وأضاف: وبسبب ذلك، اتجهنا كإسلاميين إلى تعديل المادة 79 من الدستور، لأن الدين الإسلامي أصبح أمرا ثانويا في التشريعات التي يتم إقرارها، فالأقلام العلمانية نجحت في تخويف المواطنين من تطبيق الشريعة، كما لو كان هناك الملايين تم قطع أيديهم، مؤكدا أن الشريعة الإسلامية مرنة، ولكن هناك من يعرضها بشكل مشوَّه، بسبب سيطرة ما أسماهم بـ«العلمانيين» على وسائل الإعلام. من جانبه، قال د. فهد الخنة - الذي استغرب تواجد «الطليعة» في جمعية الإصلاح أثناء حديثنا معه بعد نهاية الندوة - إن المخاوف الحالية في الوطن العربي من أسلمة القوانين وتطبيق الشريعة هي مخاوف مشروعة، وعلى من يحمل ذلك المشروع تقديم ضمانات وتطمينات كافية. وأضاف: يتكلم بعض الإسلاميين عن مبادئ سيادة الأمة، ثم يأتي فكر آخر، ليؤكد أن الشورى غير ملزمة ويطرح نفسه كمشروع.. لذا، علينا كإسلاميين أن نجيب عن أسئلة كثيرة يطرحها الشارع الكويتي. وأكد الخنة أن الطرح الإسلامي في الكويت متزن، على عكس الطرح الإيراني أو السوداني، مشيرا إلى أنه ليس بالضرورة أن تؤدي الثورات إلى الحريات، ولكنها قد تسفر عن سرقة اللصوص لها، متمنيا ألا تختلق التيارات الإسلامية المعارك الثانوية.. كالحجاب وغيره، مؤكدا أن المهام المطلوبة هي أن يقود الإسلامي الدولة بعقلية الدولة، لا بعقلية إدارة المسجد، ولا يتحدث في الدين ويتخذه وسيلة للهروب من المسؤولية.التزام الديينأقيمت الندوة في مسرح عملاق بجمعية الإصلاح الاجتماعي، بعدما تأخرت عن موعدها ساعة ونصف الساعة تقريبا، بسبب عدم تواجد المحاضرين، سوى الكاتب أحمد الديين، الذي حرص على الحضور قبل الموعد، على شكل مناظرة بين الطرفين، في إطار ما أسماه الديين بتواصل الحوار بين مختلف الاتجاهات، والذي رأى أنه أمر مفيد، طالما كان مبنياً على احترام الآخر.ندوة ضروريةالتقت «الطليعة» بعد نهاية الندوة الخبير الدستوري شفيق امام، فأكد أن هذه الندوة كانت ضرورية، لإزالة اللبس حول تعديل المادة الثانية والمادة 79، وأن المادة الثانية ليست لها علاقة بعقيدة أي شخص أو بتكفيره أو التشكيك في دينه أو معتقداته، كونها تتكلم عن فقه إسلامي، وهو فقه بشري توقف منذ عام 244 هـ، بوفاة آخر الأئمة الأربعة الكبار، الإمام أحمد بن حنبل، ومن جاء بعدهم كانوا مقلدين لهم وليسوا مبدعين. وأكد امام ضرورة أن نجاري العصر، وأن نطلق حرية المشاركة، وأن نأخذ من الشريعة الإسلامية من نراه مناسبا لمجتمعنا ولمقتضيات العصر، ونترك ما لا يناسبنا، مدللا على صدق كلامه بما حدث عام 1981 عندما ألغى مجلس الأمة الذي كان يسيطر عليه التيار الإسلامي العمل بـ«مجلة الأحكام العادية»، وهي ما يعادل مجلة لأحكام الشريعة الإسلامية، واستبدلها بقانون «الأحوال المدنية» صدر بمرسوم أميري عام في عام 80. ورأى امام أن الحل الأمثل في إنهاء الخلاف الدائر حاليا حول أسلمة القوانين، هو قيام منظمات المجتمع المدني بدورها الحقيقي في توعية المواطنين، بالإضافة إلى إيصال مبادئ الشريعة الاسلامية لرجل الشارع العادي التي سيتقيد بها، على أن تكون تلك المبادئ محددة تحديدا واضحا، حتى لا ننحرف بالسلطة التشريعية عن مسارها، وعن الغاية التي تبتغيها، وهي خدمة الأمة.*المصدر جريدة الطليعة الكويتية : عدد 1938 الموافق الأربعاء 28 مارس 2012

بيان التيار التقدمي الكويتي حول إضراب العاملين في الجمارك والخطوط الجوية والزيادة الأخيرة على الرواتب
يعبّر "التيار التقدمي الكويتي" عن تفهمه التام وتضامنه الكامل مع العاملين في الجمارك والخطوط الجوية الكويتية بعد اضطرارهم اللجوء مجدداً إلى الإضراب عن العمل لتلبية مطالبهم وذلك رداً على تنصّل الحكومة من وعودها التي سبق أن تعهّدت بتنفيذها مقابل فكّ الإضرابين السابقين في أكتوبر من العام الماضي... ويحمّل الحكومة مسؤولية تجدد الإضرابين وما يترتب عليهما من خسائر فادحة للدولة.وفي هذا السياق أيضاً، يرى "التيار التقدمي الكويتي" أنّ الزيادة الأخيرة العامة على رواتب العاملين في الدولة ومعاشات المتقاعدين جاءت هي الأخرى مخيبة للآمال ولا تتناسب على نحو عادل مع مستويات التضخم وارتفاع الأسعار التي تراكمت منذ آخر زيادة على الرواتب والمعاشات التقاعدية في مارس من العام 2008 وبلغت خلال هذه الفترة 18%، إذ تمّ اقتراح الزيادة الأخيرة بنسبة 25% على الراتب الأساسي للموظف في الدولة ولم تكن الزيادة على الراتب الإجمالي للموظف، كما كانت زيادة المعاش التقاعدي بنسبة 12.5%، وخمسين ديناراً مقطوعة للعاملين غير الكويتيين في الأجهزة الحكومية، وهي نسب ومبالغ مقطوعة تقل كثيراً عن مستويات التضخم وارتفاع الأسعار.والمؤسف أنّ الحكومة قد تجاهلت منذ سنوات تطبيق المادة 4 من القانون 49 لسنة 1982 في شأن زيادة مرتبات الموظفين المدنيين والعسكريين وزيادة المعاشات التقاعدية، التي توجب إعادة النظر كل سنتين على الأكثر في مستويات المرتبات والمعاشات التقاعدية على ضوء زيادة نفقات المعيشة، حيث كان يفترض أن تتحقق الزيادة على الرواتب والمعاشات التقاعدية قبل سنتين، فيما لم تراع الزيادة الأخيرة، التي جاءت متأخرة، الارتفاع الكبير في تكاليف المعيشة.وختاماً، يطالب "التيار التقدمي الكويتي" الحكومة بالاستجابة إلى المطالب العادلة للعاملين في الجمارك والخطوط الجوية الكويتية وتنفيذ ما سبق أن الاتفاق عليه من تعهّدات، كما يدعو الحكومة أن تعيد النظر مجدداً في الزيادات الأخيرة غير المناسبة على رواتب العاملين ومعاشات المتقاعدين وذلك قبل إقرارها نهائياً، بحيث تأتي متوافقة مع ارتفاع تكاليف المعيشة.الكويت في 15 مارس 2012

بيان صادر عن التيار التقدمي الكويتي حول دعوات المتزمتين للوصاية على الحريات
يتابع "التيار التقدمي الكويتي" بقلق الدعوات التي يطرحها بعض المتزمتين من أعضاء مجلس الأمة لاقتراح قوانين من شأنها فرض الوصاية على الحرية الشخصية للأفراد والتدخل في حياتهم الخاصة، وتحديداً ما يُسمى "قانون الحشمة"، وكذلك ما تقوم به بعض الأجهزة الحكومية من إجراءات متعسفة في التعامل مع حرية التعبير الفني، مثلما حدث أخيراً في معرض الفنانة شروق أمين.ونحن في "التيار التقدمي الكويتي" في الوقت الذي نلتزم فيه ما قررته المادة 49 من الدستور في شأن مراعاة النظام العام واحترام الآداب العامة، فإننا نؤكد رفضنا التام لأي محاولة لتشريع القوانين المقيّدة للحرية الشخصية، التي هي إحدى الحريات المطلقة، حيث لا يجوز تنظيمها بقانون، شأنها في ذلك شأن حرية الاعتقاد، أيّاً كانت الحجج والمبررات، مثلما لا يجوز كذلك أن ينصّب أحد نفسه وصيّاً على الكويتيين وعلى الحياة الخاصة للأفراد.وندعو بقية أعضاء مجلس الأمة إلى رفض إقرار مثل هذا الاقتراح المعيب لقانون غير دستوري ومقيّد للحرية الشخصية.ويؤسفنا كذلك ما طال معرض الفنانة شروق أمين من إجراءات متعسفة غير مقبولة، ونعلن رفضنا للوصاية الحكومية على حرية التعبير الفني.وأخيراً، نهيب بالقوى الوطنية والديمقراطية وبكل حريص على مبادئ الحرية والقيم الديمقراطية إلى إعلان موقف واضح وصريح لمعارضة مثل هذه الاقتراحات المتزمتة والإجراءات المتعسفة... فالحرية لا تتجزأ.
الكويت في 10 مارس 2012

بيان "التيار التقدمي الكويتي" بمناسبة يوم المرأة العالمي
بمناسبة الثامن من مارس يوم المرأة العالمي يتقدم "التيار التقدمي الكويتي" بالتهنئة الحارة إلى نساء الكويت، ويعبّر عن تضامنه الأكيد مع قضايا المرأة ودعمه لمتطلبات النهوض بدورها.والمؤسف أن يأتي يوم المرأة العالمي في هذا السنة بعد أن فقدت المرأة الكويتية في الانتخابات الأخيرة والتشكيل الوزاري الجديد تمثيلها النيابي داخل مجلس الأمة ومشاركتها في عضوية مجلس الوزراء، ما يعد خسارة فادحة على مستوى التمكين السياسي للمرأة الكويتية ويمثّل تراجعاً عما سبق تحقيقه من تقدم في هذا المجال.ولئن كان "التيار التقدمي الكويتي" يقدّر ايجابياً ما سبق أن نالته المرأة الكويتية خلال السنوات الأخيرة من حقوق سياسية ومدنية واجتماعية، إلا أنّه يرى أنّ هناك العديد من مظاهر التمييز المستمرة تجاه المرأة على مستويات تولي المناصب القيادية بالدولة، والحصول على الرعاية السكنية المتساوية؛ وكذلك في الحصول على العلاوات الاجتماعية لأطفال النساء العاملات في الدولة المتزوجات من غير الحاصلين عليها، واكتساب أبناء الكويتيات الجنسية الكويتية، وعمل المرأة في سلك القضاء.وينتهز "التيار التقدمي الكويتي" يوم المرأة العالمي ليتوجّه إلى مجلس الأمة والحكومة بالمطالبة في سن تشريعات مستحقة من بينها قانون مكافحة العنف ضد النساء، وقانون أحوال شخصية عادل يواكب العصر، وتفعيل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات الصلة بالنساء والأطفال مثل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، بالإضافة إلى اتخاذ تدابير وإجراءات من شأنها مساعدة النساء الكويتيات العاملات على الجمع بين مهامهن العائلية وعملهن في المجتمع، وضمان حقوق الطفولة والأمومة، وتوفير دور الحضانة وخصوصاً لأطفال النساء العاملات، وتخصيص مراكز للاستشارات الأسرية، ومعالجة المشكلات النوعية، التي تعانيها بعض الفئات كالكويتيات المتزوجات من غير الكويتي.وأخيراً، فإنّ "التيار التقدمي الكويتي" في الوقت الذي يدعم فيه حقوق المرأة ويتضامن مع مطالبها من دون تحفّظ، فإنّه يرفض دعوات الفصل القسري بين النضال النسوي وبين النضال الوطني والديمقراطي والاجتماعي، ذلك أنّ قضايا المرأة الكويتية إنما هي جزء لا يتجزأ من قضايا المجتمع الكويتي، ما يتطلب وحدة قوى الإصلاح والتغيير الديمقراطي.الكويت في 7 مارس 2012

الجزء الثاني من ندوة تاريخ الكويت السياسي في مخيم التيار التقدمي الكويتي
أعدها للنشر علي حسين العوضي "جريدة الطليعة -العدد ١٩٣٤:
أقام التيار التقدُّمي الكويتي مخيَّمه الربيعي الأول، والذي شهد أجواءً اجتماعية حافلة بين منتسبيه. وتخلل هذا المخيَّم بعض المحاضرات التثقيفية والتنويرية، التي شملت مختلف القضايا السياسية المحلية.
عضو التيار التقدُّمي أحمد الديين ألقى محاضرة حول التاريخ السياسي الكويتي، تناول فيها تطوُّر الكيان السياسي والاجتماعي والاقتصادي في الكويت، منذ بداياتها، متوقفاً أمام محطات بارزة أسهمت في التحوُّل في المسار الديمقراطي.
تم اعتقال بعض نواب المجلس التشريعي والمؤيدين له، أمثال: يوسف المرزوق وسليمان العدساني وصالح عثمان الراشد وعبداللطيف ثنيان الغانم وسيد علي سيد سليمان الرفاعي ومشعان الخضير الخالد.
وأمضى هؤلاء في السجن خمس سنوات، وأفرج عنهم في أبريل من عام 1944. والتساؤل المطروح هو: لماذا لم تتطوَّر الحركة الديمقراطية في تلك الفترة؟ نقول إن نشوب الحرب العالمية الثانية عام 1939، غيَّر موازين قوى عديدة، وكذلك الموقف البريطاني الذي تغيَّر بشكل يناهض التحوُّلات الديمقراطية. وهنا، عاشت الكويت في حالة من الانفراد بالسلطة، وقامت بإنشاء مجلس شورى بالتعيين، وهو إجراء شكلي لم ينجح.
تطور جديد
ومع الإفراج عن المعتقلين في عام 1944، بعد محاولة من الشيخ حافظ وهبة، حدث في عام 1946 تطور تاريخي مهم في الاقتصاد الكويتي، عندما بدأ تصدير النفط بكميات تجارية، فلم تعد هناك أهمية كبيرة للنظام الاقتصادي القديم، حيث نشأ وضع جديد، وأيضا أعمال ووظائف في شركة النفط، وهناك ميزانية للدولة، وبدأت البعثات التعليمية تظهر بكثافة، إلا أنه مع كل هذه التطورات لم يكن هناك تطور سياسي ملموس، حتى المطالبات بإنشاء نادٍ أدبي ثقافي قوبل بالرفض، على الرغم من إنشاء نادٍ أدبي في العام 1924. بعدها، حدث تطور سريع داخل المجتمع الكويتي، فعندما توفي الشيخ أحمد الجابر في 29 يناير 1950 تغيَّر ميزان القوى، حيث نُصِّب الشيخ عبدالله السالم حاكما في 25 فبراير 1950 لوجوده خارج الكويت، وكان مستنيرا بفكره ومتعاطفا مع الحركة الإصلاحية الديمقراطية، وفي الوقت نفسه حدث رخاء في عهده.
الشيخ عبدالله السالم كان مقيدا بشكل أو بآخر، لأن جزءاً من أفراد الأسرة الكبار يرفضون التوجهات الديمقراطية، فلم يكن ميزان القوى لمصلحته تماما، ولكن مع ذلك، سمح بإجراء انتخابات للمجالس المتخصصة عام 1951، فصار هناك مجلس منتخب للصحة وآخر للمعارف والأوقاف والبلدية.
حراك شعبي
أهل الكويت طالبوا في ذلك الحين بدستور، فالرأي القائم هو أننا إمارة دستورية، وما حصل في هذه الفترة هو إنشاء الأندية، سواء كانت رياضية أو ثقافية.. وكذلك إعطاء تراخيص للصحف، فأصبحت هناك حركة داخل البلد، فتكوَّنت حركات سياسية وتيارات، حيث نشأت حركة الإخوان المسلمين في الكويت، ومن ثم حركة القوميين العرب، إضافة إلى تنظيمات أخرى للبعث العربي واليسار الشيوعي، من خلال تنظيم العصبة الديمقراطية، فحدثت مطالبات لعقد مؤتمر دستوري في مسجد السوق، الذي هو بجانب المدرسة المباركية في مايو 1955، لانتخاب هيئة شعبية لوضع دستور.
طبعا، السلطة منعت بالقوة انعقاد مثل هذا المؤتمر، ولكن الحركة الوطنية نشطت، وخصوصا بعد العدوان الثلاثي على مصر في العام 1956. ونتذكر حينها عندما أصدر مدير الشرطة - آنذاك - الشيخ صباح السالم أمراً لقائد قوة الشرطة بقمع المتظاهرين، واستقال جاسم القطامي و19 آخرون من مناصبهم ووظائفهم في الشرطة، لرفضهم هذا الأمر، ما يدل على قوة الحركة الوطنية.
ومع استمرار المطالبات الشعبية بإجراء انتخابات عامة، أجريت هذه الانتخابات، وعندما فاز د. أحمد الخطيب وجاسم القطامي ويعقوب الحميضي، حدث استنفار لمراكز النفوذ التي رفضت النتيجة، وطالبوا بإبعاد هؤلاء الثلاثة، لكن النواب الفائزين رفضوا وقدَّموا استقالاتهم. ونشأت في هذه الأثناء «الرابطة الكويتية»، التي ضمَّت أبناء التجار المستنيرين، بالتحالف مع القوميين العرب، وطالبت بالإصلاحات. وفي هذه الفترة، ازداد نفوذ الحركة الوطنية، وارتفعت حدة طرحها، مقابل التشدد من بعض الأطراف في السلطة والأسرة.
ففي مناسبة الذكرى السنوية الأولى للوحدة بين مصر وسوريا عام 1959، أقيم مهرجان في ثانوية الشويخ، احتفالا بهذه المناسبة. فألقى جاسم القطامي كلمة باسم الأندية الكويتية، قال فيها «نحن نتطلع أن يكون للشعب دستوره ونوابه ووزراؤه، وينتهي الحكم العشائري، ويقوم حكم برلماني دستوري». وعلى اثره، تم فض الاحتفال واستدعاء جاسم القطامي وأحمد الخطيب واتخذت السلطة قرارا بإغلاق الأندية، بما في ذلك الأندية الرياضية وجميع الصحف، ما عدا الجريدة الرسمية «الكويت اليوم».
استقلال الكويت
في عام 1958، كان هناك أمر آخر يجري، وهو أن هناك اتجاها لتنال الكويت استقلالها، بحيث تصبح جزءاً من الاتحاد العربي الهاشمي بين المملكة الأردنية والعراقية، فجاءوا بخبير قانوني، وهو عبدالرزاق السنهوري، وتم تكليفه بوضع قوانين لدولة حديثة، واستمر وضع الأساس لدولة حديثة، على الرغم من فشل مشروع الدولة الهاشمية.
وفي عام 1961 نالت الكويت استقلالها، وبعدها في 25 يونيو طالب عبدالكريم قاسم بضم الكويت إلى العراق، انطلاقا من ادعاءات معينة. وكانت هناك مشكلة في الاعتراف العربي والدولي، سواء في الجامعة العربية أو الأمم المتحدة، وشكل وفد برئاسة الشيخ جابر الأحمد مع شخصيات كويتية، حيث عاد الوفد بتوصيات تؤكد أهمية وجود دستور وبرلمان. فالحركة الوطنية كانت تطالب وهناك تاريخ سابق بهذا الاتجاه، والشيخ عبدالله السالم كان يميل للقبول بهذا الشيء، فتمَّت الخطوة الأولى باتجاه النظام الدستوري، من خلال تأسيس المجلس المشترك، وفي الوقت نفسه تهيئة الأجواء لانتخابات مجلس تأسيسي، وقتها طالب «الوطنيون» بأن تكون الكويت دائرة واحدة، لكن هذا المطلب قوبل بالرفض، حيث صدر القانون بتقسيم الكويت إلى 20 دائرة، فحدثت توجهات نحو المقاطعة، حتى تم التوصل إلى صيغة وسط، تمثلت في تقسيم الكويت إلى 10 دوائر. وصدر القانون رقم 1 لسنة 1962، وهو النظام الأساسي للحكم في فترة الانتقال. طبعا، المعارضة الوطنية، نتيجة لالتصاقها بالواقع الاجتماعي والمجتمعي وقيادتها للحراك السياسي، نجحت في الفوز بالانتخابات، حيث تولى د. أحمد الخطيب منصب نائب رئيس المجلس التأسيسي، حيث فاز عن دائرة الشويخ والجهراء. وتم تشكيل لجنة إعداد الدستور التي شملت شخصيات معارضة، مثل يعقوب الحميضي وأخرى مستنيرة، مثل وزير العدل حمود الزيد الخالد، إضافة إلى الشيخ سعد العبدالله وسعود العبدالرزاق ورئيس المجلس عبداللطيف ثنيان الغانم.
مساومة سياسية
وعقدت اللجنة سلسلة من الاجتماعات وتناولت العديد من القضايا الرئيسة، مثل النظام الرئاسي أو البرلمان، إلى أن تم الاتفاق على نظام وسط يشمل الاثنين، ونقاش آخر حول الشريعة الإسلامية، وكذلك عضوية الوزراء من غير النواب في مجلس الأمة، إضافة إلى الهيئات السياسية. وتستطيع القول إن الدستور هو نتيجة مساومة سياسية معينة. وفي عام 1963، أجريت انتخابات مجلس الأمة الأول، وفازت المعارضة بكتلة كبيرة، تمثلت في ثمانية نواب، وكذلك التجار. الحركة الوطنية الديمقراطية أنجزت إنجازات أخرى غير الدستور، مثل إنشاء مؤسسات المجتمع المدني والنقابات العمالية والحركة الطلابية، من ثم أصبحت الكويت أمام استحقاقات الدولة الحديثة. هناك بعض الشيوخ تعامل مع الدستور على أنه خطأ تاريخي يجب تصحيحه، وبدأت أول محاولة لإفراغ الدستور من محتواه الديمقراطي بإصدار سلسلة من القوانين المقيدة للحريات، وأدَّى ذلك إلى استياء نواب المعارضة، والتي قدَّمت استقالتها من المجلس، من خلال بيان شهير عام 1965 بعد وفاة الشيخ عبدالله السالم.
تزوير 1967
الحركة الوطنية استجمعت صفوفها وقواعدها لخوض انتخابات مجلس الأمة الثاني التي أجريت في 25 يناير 1967، وتأتي أهميتها بأنه مع هذا المجلس يكون قد مضى خمس سنوات على بدء العمل بالدستور، وهذا المجلس هو الذي سيقوم بتنقيح الدستور نحو الأفضل، حيث تألفت كتلة قوية من المعارضة لخوض الانتخابات، تكوَّنت من حسن فلاح رئيس اتحاد نقابات البترول، إلى عبدالعزيز الصقر رئيس غرفة التجارة، مرورا بأحمد الخطيب وجاسم القطامي وسامي المنيس وعبدالله النيباري وأحمد السعدون وآخرين، وكان المتوقع أن تفوز هذه الأغلبية الوطنية، وتضافرت مجموعة من العوامل أدَّت إلى تزوير فج للانتخابات، حيث دخلت الشرطة بالقوة لنقل الصناديق من اللجان الفرعية إلى الأصلية، من دون أن تغلق هـذه الصناديق أو تختم بالشمع الأحمر، ومن دون مرافقة القاضي ومتدربي اللجان، وتم استبدال أوراق الناخبين، والغريب أنها جاءت كلها بلون واحد!
حدث اعتراض من المعارضة والقريبين منهم، وصدر بيان، كان التوجه أن تقوم الحركة الوطنية بتحرك كبير، ولكن بسبب اختلاف المصالح بين التجار الذين طالبوا بالتهدئة، وقيادة الحركة الوطنية وأدَّى ذلك إلى انفضاض واسع للجماهير القريبة من الحركة الثورية الشعبية التي قامت ببعض الأعمال الاحتجاجية ضد عمليات التزوير. الحقيقة، أنه حدث تطور سلبي آخر في العالم العربي وهزيمة حزيران 1967، وضعفت معها الحركة التحريرية العربية وأصبح هناك ميزان مختلف للقوى. ومع ذلك، حاولت الحركة الوطنية أن تقوم بدورها في ظل أوضاع صعبة: مجلس مزوَّر، لا توجد صحافة، قيود على الاجتماعات. فمجموعة حركة الشعبية الثورية، ممثلة بعناصرها، مثل: د.أحمد الربعي وعبداللطيف الدعيج وأحمد الديين وناصر الغانم.. وغيرهم، قامت بتوزيع منشورات والتعبير عن الاحتجاج في الذكرى الثانية للتزوير وزرع قنابل صوتية في مبنى وزارة الداخلية وبيت وزير الداخلية ومبنى مجلس الأمة، وحدثت هناك عمليات اعتقال واسعة بين صفوف الحركة. ووجدت السلطة نفسها تتراجع عن أسلوبها، عندما انتقد رئيس الوزراء حينها الشيخ جابر الأحمد بعض السياسات العامة والوعد بالإصلاح.
فكان واضحاً أن انتخابات 1971 ستجري من دون عمليات تزوير.
تشكيلات سياسية
الحركة الوطنية هنا انقسمت إلى قسمين: الأول يريد المشاركة، والآخر يريد المقاطعة، وهو ما يؤكد حالة الانشقاق التي حدثت في حركة القوميين العرب، التي تحوَّلت إلى ثلاثة أجنحة، اليسار وهم الحركة الثورية الشعبية، مجموعة أحمد الخطيب وسامي المنيس وعبدالله النيباري الذين شكَّلوا حركة التقدميين الديمقراطين، في حين أن المجموعة الثالثة، بقيادة جاسم القطامي، أسسوا لاحقاً التجمع الوطني.
وخاضت حركة التقدميين الانتخابات، وفاز كل من د. أحمد الخطيب وسامي المنيس وعبدالله النيباري وأحمد النفيسي، في ظل مقاطعة الأطراف الأخرى. أما اليسار الوطني، فكانت قوته في الحركة النقابية، سواء العمالية أو الطلابية. أما جماعة التجمُّع الوطني، فكان ثقلهم حينها في جمعية الخريجين.
وبدأت الجماعات الإسلامية والدينية في هذه الفترة تنشط بشكل ملحوظ، حيث لم يكن لها أي دور في النشاط السياسي والاجتماعي، على الرغم من تكونها في العام 1947. وفرضت التحديات الجديدة واقعا مختلفا.
انفراج نسبي
إلا أنه في انتخابات 1975 شاركت غالبية أطراف الحركة الوطنية، وأصبحت هناك حالة من الإفراج النسبي في البلد، انعكس على الصحافة وعلى مؤسسات المجتمع المدني وتأسيس تجمُّعات سياسية أخرى، مثل التجمُّع الدستوري والأحرار الدستوريين.
في هذه الفترة، كان هناك تطور في صفوف اليسار الوطني، ونشأ من بين مجموعة من النقابيين والشباب حزب اتحاد الشعب، كحزب يمثل الطبقة العامة، وأنشئ اتحاد الشبيبة الديمقراطية، وكانت لها إصدارات إعلامية، مثل نشرتي الاتحاد والشبيبة، وكان له وجود داخل الحركة الطلابية، لكن الوجود الأهم كان داخل الحركة النقابية العمالية. إلا أن هذه الحالة لم تستمر طويلاً، عندما جئنا إلى أغسطس 1976 وتم الانقلاب الأول على الدستور، بإصدار الأمر الأميري بحل مجلس الأمة وتعليق العمل ببعض مواد الدستور.

الجزء الأول من ندوة تاريخ الكويت السياسي في مخيم التيار التقدمي الكويتي
الجزء الأول من ندوه تاريخ الكويت السياسي في مخيم التيار التقدمي الكويتي
أقام التيار التقدُّمي الكويتي الأسبوع الماضي مخيَّمه الربيعي الأول، والذي شهد أجواءً اجتماعية حافلة بين منتسبيه. وتخلل هذا المخيَّم بعض المحاضرات التثقيفية والتنويرية، التي شملت مختلف القضايا السياسية المحلية.عضو التيار التقدُّمي أحمد الديين ألقى محاضرة حول التاريخ السياسي الكويتي، تناول فيها تطوُّر الكيان السياسي والاجتماعي والاقتصادي في الكويت، منذ بداياتها، متوقفاً أمام محطات بارزة أسهمت في التحوُّل في المسار الديمقراطي.
من المهم جداً إلقاء الضوء على التاريخ السياسي في الكويت، لما يحمله من سمات خصائص معينة، تختلف عن بقية بلدان المنطقة. فالتاريخ السياسي دائماً ما يرتبط بنشوء الكيانات السياسية، في حين أن الكيان الاجتماعي الكويتي سابق للكيان السياسي وتأسيس مدينة الكويت والإمارة.ارتبط الكيان السياسي في الكويت بهجرة العتوب. لقد نشأت الكويت في الأساس كميناء بمنطقة شمال الخليج، حيث كان لها دور اقتصادي مهم يخدم شمال الجزيرة العربية والعراق. فالبريطانيون، على سبيل المثال، عندما أغلقوا وكالة شركة الهند الشرقية في البصرة عام 1775 نقلوا مقرها إلى الكويت.وكان الاقتصاد الكويتي في تلك الفترة يعتمد على أنشطة محددة، مثل الغوص للحصول على اللؤلؤ، الذي لم يكن يشمل العوائل الحضرية داخل المدينة فقط، بل كانت هناك بعض القبائل التي ارتبطت بهذا العمل بشكل أو بآخر، كما اعتمدت الكويت على الملاحة والتجارة عبر السفن، وكانت نوعين: الأول عُرف بـ«القطاعة»، وهي السفن التي تدور على سواحل الخليج العربي، والثاني «السفر»، ونقصد السفن التي كانت تصل إلى الهند وأفريقيا، ما كان يتطلب أسطولاً متطوراً.كما أن هناك نشاطاً اقتصادياً، بالتعاون مع البادية، وهو ما أطلق عليه تجارة «المسابلة»، وهي أن أبناء القبائل العربية في الصحراء يتبضعون في الكويت بنظام من الاقتراض متفق عليه، إضافة إلى النمط الاقتصادي في الصحراء.ويجب أن نأخذ في الاعتبار أن الكويت التاريخية ليست هي الكويت الحالية جغرافياً، فقد كانت امتداداتها تصل إلى 57 ألف كيلومتر متربع، وتحديداً نستطيع القول إن الامتداد يصل إلى جميع المناطق التي تدفع زكاة لحاكم الكويت بن صباح.
نظام اجتماعي وسياسي
عندما نأتي إلى النظام الاجتماعي ما قبل النفط، كان الشيوخ موجودين، ولكن ضمن إطار الإدارة، والسلطة الاقتصادية كانت بيد التجار، وهم «الطواشين»، أي تجار اللؤلؤ، أو التجار الذين يملكون أساطيل السفن، وفي الوقت نفسه هناك الطبقة الكادحة من فئات مختلفة من المجتمع الكويتي.أما الطابع السياسي الكويتي، فكان مختلفاً تماماً عن دول المنطقة، فهي ليست إمارة أخذت بحد السيف، فما حدث أنه كان هناك تفويض شعبي لصباح الأول، وحدث تسلسل ضمن عائلة الصباح في توارث الإمارة، بخلاف دول خليجية أخرى سيطرت على الحكم بالقوة، ونستطيع القول إن التاريخ السياسي للكويت نشأ مع نشأة الإمارة والاتفاق على العهد مع بن صباح، أي كان أقرب إلى الشورى.
تحوُّل جذري
استمر توارث الإمارة من الأب إلى الابن حتى الأمير الخامس، وهو الشيخ عبدالله بن صباح، الذي تطوَّرت في عهده الكويت بشكل كبير، وهو أول حاكم كويتي سك عملة كويتية، ما يدل على قوة الاقتصاد آنذاك، كما أنه ساعد مدحت باشا في الدولة العثمانية لفتح الإحساء وقطر عام 1871، ونتيجة لهذا الموقف، كوفئت أسرة الصباح بمنحها إقطاعية في الفاو، في مزارع النخيل، ما وفر مصدر دخل إضافياً للإمارة.هذا الحاكم لم يورِّث الحُكم لأحد أبنائه، بل قسَّم السلطة بين إخوانه، حيث كلَّف أخويه محمد بإدارة المدينة وجراح بإدارة الاقتصاد والمالية، في حين تولَّى الأخ الثالث (مبارك) شؤون البادية.في هذه الفترة، نشأت مراكز قوى بين هؤلاء الإخوة، فعندما توفي الشيخ عبدالله، لم تنتقل السلطة إلى ابنه جابر، إنما انتقلت إلى أخيه محمد، الذي استعان بأخيه الآخر جراح، اللذين ضيَّقا على مبارك، وكان يبدو أنهما ليسا على وفاق معه، وتطوَّرت الخلافات والتناقضات، وكان لدى مبارك طموح كبير، إلى أن حدث تحوُّل مهم غيَّر مسار الكويت بصورة كاملة، من نظام يعتمد على الشورى إلى سلطوي، عندما قفز الشيخ مبارك الصباح إلى نظام السلطة، بإقصائه لأخويه في مايو 1896، حيث انفرد بالسلطة والقرار، فأصبح الوضع مختلفاً عن السابق.
معارضة جديدة
وفرض الشيخ مبارك ضرائب جديدة على الكويت، لتمويل حملاته الحربية، وحدث اعتراض على توليه السلطة بهذه الطريقة، فجزء من الكويتيين وقفوا مع أبناء محمد جراح ومع يوسف الإبراهيم في مناوءتهم للحكم الجديد، ونشأت صراعات، إلا أنه مع وفاة الإبراهيم انتهت المعارضة.وفي هذه الأثناء، نشأت معارضة كويتية، بسبب الاحتلال البريطاني للعراق عام 1914. ففي هذه الفترة، كان الشيخ مبارك يريد دعم صديقه الشيخ خزعل، الذي كان مؤيداً للاحتلال البريطاني، ولكن أهل الكويت رفضوا ذلك، وأكدوا تأييدهم للدولة العثمانية.
مجلس الشورى
استمرت هذه الأمور فترة من الوقت، إلى أن تُوفي مبارك، وجاء الشيخ جابر بن مبارك، وكان الأمل ألا يدخل الحروب ويخفف من الضرائب، وهذا ما حدث فعلاً، إلا أن عهده لم يستمر طويلاً، حيث جاء بعد وفاته سالم المبارك، الذي كرر سياسات والده نفسها في الحروب، وأدَّى طموحه إلى دخول الكويت في خلافات مع البريطانيين، وكذلك مع ابن سعود، وشهدت هذه الفترة تذمراً من الكويتيين تجاه هذه السياسة، وكانت هناك عرائض للمطالبة بالعودة إلى نظام الشورى، ومع وفاة الشيخ سالم في فبراير 1921، تحرَّك أهل الكويت، للمطالبة بمجلس للشورى، وأعدوا وثيقة تم التوقيع عليها.ومع موافقة الشيخ أحمد الجابر على هذه الوثيقة، نشأ مجلس الشورى الأول عام 1921، وأعضاؤه هم:إبراهيم المضف، أحمد الخالد، أحمد الحميضي، خليفة الغانم، شملان بن سيف عبدالرحمن النقيب، عبدالعزيز الرشيد، مرزوق البدر، مشعان الخضير، هلال المطيري ويوسف بن عيسى القناعي.هذا المجلس عقد مجموعة من الجلسات، وكانت هناك محاولة لتنظيم الشؤون المالية للإمارة، وغيرها من الأمور، إلا أنه نشأت خلافات بين أعضائه، حيث انفرط عقده، وانحل تلقائياً من ذات نفسه.ولكن الكويتيين طالبوا في عهد أحمد الجابر بتنظيم خاص للإمارة، ولاسيما أن هناك نظاماً برلمانياً ظهر إلى الوجود في العراق، فطالبوا بإنشاء بلدية ومجلس معارف.. وغيرهما من المجالس المتخصصة.وهنا، لا بد أن نسجِّل نقطة لمصلحة المجتمع الأهلي الكويتي، الذي كانت كل هذه المبادرات تتم عن طريقة، مثل التعليم النظامي والبلديات وإصلاح الأحوال، ولكن في النهاية رجعنا إلى مسألة السلطة والانفراد بالقرار.حدثت هناك تدخلات من بعض الشيوخ في مجلس المعارف والبلدية أدَّت إلى استقالة أعضائهما، ونشأت من جديد روح المعارضة في المجتمع.في هذه الفترة، اتسعت سلطات الشيخ أحمد الجابر، نتيجة توقيع امتياز عمليات التنقيب عن النفط، فأصبحت لديه قوة اقتصادية مستقلة عن الاقتصاد المحلي، ما جعل سلطة أحمد الجابر أكبر، ودفع التجار إلى المطالبة بمشاركة سياسية وإصلاح للأوضاع وتطوير لنظام الإمارة، وأفضت هذه الأمور إلى تكوين كتلة وطنية بدأت تطالب بوجود برلمان ومجلس منتخب ودستور. وقام مجموعة من أهل الكويت بتوجيه رسالة إلى الشيخ أحمد الجابر في يونيو 1938.جرى كل هذا بالتزامن مع نصيحة بريطانية قدمها المقيم البريطاني في الخليج للمعتمد البريطاني في الكويت الذي أوصل رسالة إلى الشيخ أحمد الجابر، يطالبه فيها بإجراء إصلاحات في الإمارة.استجاب الشيخ أحمد الجابر أمام الحراك المحلي والضغط الخارجي، للمطالب الشعبية، وبالفعل جرت انتخابات أول مجلس أمة تشريعي في الكويت في 29 يونيو 1938 في ديوان الصقر، وعدد المرشحين كان 20 شخصاً، فاز منهم 14 عضواً بمقاعد مجلس الأمة التشريعي الأول، وهم:عبدالله حمد الصقر، محمد ثنيان الغانم، يوسف بن عيسى القناعي، علي السيد علي سليمان الرفاعي، مشعان الخضير الخالد، حمد داود المرزوق، سليمان خالد العدساني، عبداللطيف ثنيان الغانم، يوسف صالح الحميضي، مشاري حسن البدر، سلطان إبراهيم الكليب، صالح عثمان الراشد، يوسف المرزرق وخالد عبداللطيف الحمد.. ثم استقال محمد ثنيان الغانم، لظروف عائلية، وأتى من بعده محمد بن شاهين الغانم.
مبادرة دستورية
وقرر أعضاء المجلس، بمبادرة منهم، اختيار الشيخ عبدالله السالم، ليكون رئيساً لمجلس الأمة التشريعي، نظراً لاستنارته وتعاطفه مع الحركة الإصلاحية.ووضع المجلس التشريعي دستوراً مكوناً من خمس مواد، ينطلق من نظام «حكومة الجمعية»، حيث نصت المادة الأولى على أن «الأمة مصدر السلطات، ممثلة بهيئة نوابها المنتخبين»، وجاءت المادة الثالثة لتؤكد أن «المجلس مرجع لجميع المعاهدات والامتيازات الداخلية والخارجية جميعاً». في حين أشارت المادتان الرابعة والخامسة إلى «أن مجلس الأمة التشريعي هو محكمة الاستئناف والسلطة التنفيذية.. يجمع بين جميع السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية».وعندما عرض الدستور على الشيخ أحمد الجابر تردد في التوقيع عليه، إلا أن ميزان القوى لم يكن في مصلحته، وطلب في المقابل تغيير كلمة ذات دلالة، فالدستور يبدأ بالقول «نحن أحمد الجابر أمير الكويت»، إلى.. «نحن أحمد الجابر حاكم الكويت»، ووافق المجلس على هذا التعديل، وهناك فرق بين «أمير» التي تعني الإمارة الدستورية، و«حاكم» التي تعني أن بيده الحكم والقرار والسلطة السياسية، وصدر الدستور الأول بهذا الاتجاه.وقد اتخذ المجلس التشريعي الكثير من القرارات المهمة، فكانت له إنجازات مهمة، مثل تأميم بعض الشركات الاحتكارية في النقل والمشروبات الغازية والجلود و«المصران»، وفرض ضريبة لمصلحة التعليم، وأرسل بعثة دراسية إلى مصر، وأحضر طبيباً لإنشاء مستوصف، وكذلك بنى قوة نظامية للشرطة، برئاسة غانم صقر الغانم، إضافة إلى شرطة خفر السواحل، برئاسة محمد عبدالعزيز القطامي، وإدارة للجوازات.. وغيرها من الأمور.وأصدر المجلس القانون الأساسي، الذي رفض الشيخ أحمد الجابر التوقيع عليه، وحدث ذلك بالتزامن مع تغيير في موازين القوى، فالبريطانيون الذين كانوا مؤيدين للمجلس في فترة سابقة، بدأوا يغيِّرون توجههم، عندما وجدوا أن المجلس يتدخل في العلاقة بين شركة النفط والحاكم، وكان هناك خلاف حول سكرتارية الحاكم، الذين كان لهم صفوة ونفوذ وحاشية، حيث طالب المجلس بإبعادهم، وكذلك نجمت مشكلة لاعتراض المجلس على بعض التسهيلات التي قدَّمها المعتمد البريطاني لبعض الكويتيين المهاجرين الذين حصلوا على الجنسية الهندية الإنكليزية، وكذلك رفض المجلس الاتفاقية التي وقعها البريطانيون نيابة عن الكويت مع السعودية.وتطوَّرت الأمور، إلى أن قام الشيخ أحمد الجابر بحل المجلس، ثم أجريت انتخابات مجلس الأمة التشريعي الثاني في ديسمبر 1938، في اتجاه إسقاط نواب المجلس السابق، حيث اتخذ قراراً بتوسيع عضوية المجلس، وتمَّت الانتخابات في المدرسة المباركية، وفاز نواب المجلس المنحل بأغلبية ساحقة.وصدر قرار من الحاكم، بتعليق جلسات المجلس، إلى أن تتم الموافقة على الدستور الجديد.وفي مارس 1939، جرى احتفال نظمه الإنكليز لمنح عبدالله السالم وساماً، وفي خطاب المعتمد البريطاني والرد عليه من الشيخ أحمد الجابر، وصفت الكويت بأنها تحت الحماية البريطانية، حيث كان لأعضاء المجلس رأي آخر، فاتفاقية 1899 برأيهم كانت تفويضاً لبريطانيا بشأن العلاقات السياسية الخارجية للكويت مع الدول الأخرى، وليست اتفاقية حماية، فرفضوا الكلام الذي قيل في هذه الاحتفالية. وأرسلوا برقية للحاكم وللمعتمد البريطاني، أبدوا فيها اعتراضهم على ذلك.وهنا تضافرت عوامل محددة: الموقف البريطاني وموقف ابن سعود، وكذلك الحكومة العراقية، وليس الملك في معارضتهم، لوجود مجلس منتخب، وتغيُّر ميزان القوى، ما أدَّى إلى حل مجلس الأمة التشريعي الثاني في 5 مارس 1939.أنصار المجلس قاموا بتحركات ضد قرار الحل، وألقى الشهيد محمد المنيس كلمة حماسية أمام الجمهور، واعتقل المنيس، وتعمَّدت قوات الأمن - بطريقة مستفزة - عرضه في السوق الداخلي، ما أثار الناس، وحدث تبادل لإطلاق النار، واستشهد محمد القطامي، بعد إصابته، وأصيب وجُرح يوسف المرزوق، وأعدم محمد المنيس. وسقط الشهيدان دفاعاً عن الديمقراطية والمجلس.ومع تطوُّر الأحداث، هربت بعض الشخصيات إلى خارج الكويت، وجنحت السلطة بعدها إلى التهدئة والحوار، بعدما تمَّت دعوة بعض أعضاء المجلس مع يوسف بن عيسى القناعي لمقابلة الشيخ أحمد الجابر، وفجأة تم تفتيش المدعوين، وتم الزعم بوجود رسالة مع أحدهم، تطلب الانضمام إلى العراق، إلا أن الحقيقة لا توجد مثل هذه الرسالة، لأنها إلى الآن لم تظهر ولم يشاهدها أحد، وللأسف الشديد، فإن حل المجلس جاء لأنه كان يطالب بالتأكيد على استقلال الكويت ويرفض المساس بالوحدة الوطنية.
وثيقة 1921
«نحن الواضعون أسماءنا بهذه الورقة، قد اتفقنا واتحدنا على عهد الله وميثاقه بإجراء البنود الآتية:أولاً: إصلاح بيت الصباح، كي لا يجري بينهم الخلاف في تعيين الحاكم.ثانياً: إن المرشحين لهذا الأمر هم: الشيخ أحمد الجابر، الشيح حمد المبارك والشيخ عبدالله السالم.ثالثاً: إذا اتفق رأي الجماعة على تعيين أي شخص من الثلاثة، يرفع الأمر للحكومة (والمقصود هنا الحكومة البريطانية) للتصديق عليه.رابعاً: المعين المذكور يكون بصفته رئيس مجلس شورى.خامساً: ينتخب من آل الصباح والأهالي عدد معلوم لإدارة شؤون البلاد على أساس العدل والانصاف».وطرحت هذه الوثيقة على الشيخ أحمد الجابر، الذي وافق على هذه البنود، وتمَّت مبايعته وتولى الإمارة.
رسالة أهل الكويت إلى أحمد الجابر 1938
حضرة صاحب السمو الأمير الجليل أحمد الجابر أدام الله بقاءهيا صاحب السموإن الأساس الذي بايعتك عليه الأمة لدى أول يوم من توليك الحكم، هو جعل الحكم بينك وبينها على أساس الشورى التي فرضها الإسلام ومشى عليها الخلفاء الراشدون في عصورهم الذهبية.غير أن التساهل الذي حصل من الجانبين أدَّى إلى تناسي هذه القاعدة الأساسية، كما أن تطوُّر الأحوال والزمان واجتياز البلاد ظروفاً دقيقة، دفع بعض المخلصين من رعاياك أن يبادورا إليك النصيحة، راغبين التفاهم وإياك على ما يصلح الأمور ويدرأ عنهم وعنك عوادي الأيام وتقلبات الظروف، ويصون لنا كيان بلدنا، ويحفظ استقلالنا، غير قاصدين إلا إزالة أسباب الشكوى، وإصلاح الأحوال عن طريق التفاهم مع المخلصين من رعاياك، متقدمين إليك بطلب تشكيل مجلس تشريعي مؤلف من أحرار البلاد، للإشراف على تنظم أمورها، وقد وكّلنا حاملي كتابنا هذا ليفاوضوك على هذا الأساس، والله نسأل أن يوفق الجميع لما فيه صلاح البلاد.جماعتك المخلصون
*المصدر : جريدة الطليعة 1933 الموافق 22-2-2012
صرح المنسق العام للتيار التقدمي الكويتي، الزميل ضاري الرجيب:
وصلتنا معلومات عن إساءة متعمدة في معاملة المحتجزين من الكويتيين البدون في السجن المركزي تتجاوز التعامل القانوني والإنساني وتشمل غلظة جسدية وإساءات لفظية تمس الكرامة الإنسانية، ويعبر التيار التقدمي الكويتي عن قلقه تجاه مثل هذه المعاملة، ويطالب بوقفها والتحقيق فيها، كما يطالب التيار التقدمي بأن تبادر لجنة حقوق الإنسان في مجلس الأمة إلى إيلاء اهتمام خاص في قضية المحتجزين من الكويتيين البدون.
كتب مصطفى البيلي:
احتفل التيار التقدمي وعدد من أصدقائه والنشطاء السياسيين بالذكرى السنوية الأولى للإعلان عن التيار، وكان من ضمن الحضور النائب فيصل اليحيى، والأمين العام للمنبر الديمقراطي الكويتي يوسف الشايجي، والمرشح السابق عن المنبر محمد بوشهري، والدكتور أحمد الكندري، أحد قيادات المنبر، وكذلك الأمين العام لمظلة العمل الكويتي (معك) أنور الرشيد، بالإضافة إلى عدد من الشخصيات النقابية العمالية.وقد ألقى ضاري الرجيب، المنسق العام للتيار، كلمة بهذه المناسبة، ركز فيها على فكرة تأسيس التيار الذي جاء تلبية لحاجة فرضها تطور الحركة الوطنية والديمقراطية الكويتية،
بأن يتواجد في الكويت تيار سياسي يعبِّر عن مصالح الطبقة العاملة والفئات الشعبية والمهمَّشة، ويتبنى قضايا الناس البسطاء ويدافع عن حقوقهم، ويرفع راية العدالة الاجتماعية والمساواة، وتكافؤ الفرص، جنباً إلى جنب مع رايتي التقدم والديمقراطية.وشرح الرجيب الخطوات التأسيسية للتيار، التي اتخذت خلال العام المنصرم، بأن تم تشكيل الهيئة التنفيذية المؤقتة، إلى جانب الهيئة الاستشارية، بالإضافة إلى الإعلان عن أهداف التيار وتنميته بوسائل الاتصال الحديثة - الموقع الإلكتروني وشبكات التواصل الاجتماعي - التي كان له الدور الأكبر في أن يشارك التيار في كل قضية طفت على المشهد السياسي خلال العام المنصرم.
أنشطة التيار
وعدَّد الرجيب في كلمته أيضا أنشطة التيار التقدمي منذ الإعلان عنه وحتى الآن، وجاء على رأسها الحراك الشبابي، وقضايا البدون، ومطالب الحركة العمالية، والتضامن مع الانتفاضات والتحركات الثورية العربية، بالإضافة إلى طرح برنامج انتخابي يحدد الإصلاح والتغيير المنشود في الانتخابات السابقة، من دون ترشيح أحد.وفي نهاية الحفل التقت «الطليعة» المنسق العام للتيار ضاري الرجيب في هذا الحوار:● يعتقد البعض بأن هناك ازدواجية داخل التنظيم وقراراته، بسبب وجود هيئتين تنفيذية واستشارية، ما صحة ذلك؟ــ بالعكس، إن التيار التقدمي يعزز دور الشباب لكي يكونوا بمنزلة صفوف وكوادر ثانية، فلا توجد ازدواجية أو تضارب بين الهيئتين، فالهيئة التنفيذية المشكَّلة من قِبل الشباب، وتتراوح أعمارهم بين 23 و31 عاما، لديها مهام واضحة ومحددة، كاتخاذ القرارات وكتابة البيانات، في حين أن الهيئة الاستشارية تتلخص مهمتها بالمشورة السياسية، إذ إن أعضاءها من أصحاب الخبرة. وعلى الرغم من وجود أسس واضحة للتيار، لكن وجود الهيئة الاستشارية مهم وضروري لكي لا نحيد، نحن الشباب، عن خطوط التيار وبرنامجه.
قضايا شعبية
● قلت إن التيار سيتطلع إلى ما يمكن إنجازه من مهمات في المرحلة القادمة، ما تلك المهمات؟ــ أولى تلك المهمات هي تطوير العملية الديمقراطية، إيجاد حلول للمشاكل والقضايا الشعبية، إسكان، صحة وتوظيف، بالإضافة إلى إصلاح المسار السياسي والتحول من خلاله إلى نظام برلماني بكل أبعاده، أي رئيس وزراء منتخب، دائرة واحدة، أحزاب وانتخابات بالقائمة النسبية، والعمل على أن تكون الأمة مصدر السلطات عمليا.● ما أهم ما يميِّز التيار التقدمي عن بقية التنظيمات؟ــ نحن في التيار التقدمي نؤمن بالعمل الجماهيري والتواصل مع المواطنين بشكل مباشر، من أجل الإصلاح والتغيير، فالنظام البرلماني ليس وحده هو الذي يستطيع التغيير والإصلاح.العمل السياسي أيضا لا يقتصر على من يعملون في المكاتب أو خلال الحملات الانتخابية، والاكتفاء ببعض التصريحات، لكنه عمل مستمر ومتراكم، فهو بمنزلة إصلاحات صغيرة متتابعة تؤدي فى النهاية إلى الإصلاح المنشود، ونحن نسعى في التيار إلى ذلك، كما أننا نستهدف في عملنا مصالح الطبقة العاملة والفئات الشعبية والمهمَّشة، ونتبنى قضايا الناس البسطاء وندافع عن حقوقهم، ونرفع راية العدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص، إلى جانب رايتي التقدم والديمقراطية.
قوة العمل مقابل الأجر
● قلتم إنكم تتبنون مصالح الطبقة العاملة، وقد يرى البعض أن مصطلح «الطبقة العاملة» لا ينطبق على الكويتي بالنظر إلى طبيعة سوق العمل؟ــ بالطبع، لو قورنت الكويت ببعض الدول العمالية ستجد اختلافا ملحوظا وتفاوتا في من ينطبق عليه مصطلح الطبقة العاملة، ولكن المصطلح يقصد به كل شخص يبيع قوة عمله مقابل أجر ولا يمتلك وسائل إنتاج.. لذا، فإن كل المواطنين في الكويت الذين يقعون تحت هذا التصنيف هم من الطبقة العاملة التي يتبنى التيار قضاياها.● متى سيكون لكم مرشح في البرلمان؟ــ لقد صرحنا في أكثر من مناسبة أنه، وفي ظل الوضع الحالي الذي يعتري الوضع السياسي، بنظام انتخابي مشوَّه ومنقوص، لن يكون هناك أفق أو تطلع للعمل البرلماني، حتى يتم إصلاحه، وسنعمل باستمرار على خلق رأي عام عند المجتمع الكويتي لإصلاح هذا المشهد.

احتفالية التيار التقدمي الكويتي بمرور سنة على الإعلان عن انطلاقته
[gallery]
أحيا التيار التقدمي الكويتي مساء الثلاثاء 7 فبراير 2012 الذكرى السنوية الأولى لانطلاقته، وذلك بإقامة حفل استقبال بمقره، وقد حضر الحفل أعضاء التيار التقدمي وعدد من أصدقاء التيار، وكان من بين الضيوف المهنئين بالمناسبة النائب فيصل اليحيى عضو مجلس الأمة، و الأمين العام للمنبر الديمقراطي الكويتي الأستاذ يوسف الشايجي والمرشح السابق عن المنبر الأستاذ محمد بوشهري، والدكتور أحمد الكندري من قيادة المنبر، وكذلك الأمين العام لمظلة العمل الكويتي (معك) الأستاذ أنور الرشيد، وعدد من الشخصيات النقابية العمالية.
وفي هذه المناسبة ألقى المنسق العام للتيار التقدمي الكويتي الزميل ضاري الرجيب كلمة هذا نصها:
في مثل هذه الأمسية الجميلة قبل سنة تحديداً في مساء السابع من فبراير من العام 2011 تم الإعلان عن تيارنا التقدمي الكويتي، وهي مناسبة عزيزة على نفوسنا نحن التقدميين الكويتيين يحقّ لنا أن نحييها ونستذكر فيها مواقفنا وانجازاتنا ونقيّم خلالها مسارنا ونتطلّع منها إلى ما يفترض أن نؤديه من واجبات وننجزه من مهام مستقبلية.
لقد تأسس التيار التقدمي الكويتي تلبية لحاجة موضوعية فرضها تطوّر الحركة الوطنية والديمقراطية الكويتية، بحيث يكون في الكويت تيار سياسي معبّر عن مصالح الطبقة العاملة والفئات الشعبية والمهمّشة، تيار تقدمي يتبنى قضايا الناس البسطاء ويدافع عن حقوقهم؛ ويرفع راية العدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص جنباً إلى جنب مع رايتي التقدم والديمقراطية، وهذا ما يميّزنا؛ ونفخر بأنّه يميّزنا... فالديمقراطية بالنسبة لنا كتقدميين كويتيين ليست هي الديمقراطية السياسية وحدها فحسب، وإنما معها الديمقراطية الاجتماعية.
وخلال السنة الأولى من عمرنا بدأنا الخطوات التأسيسية لانطلاقتنا بتكوين الهيئة التنفيذية المؤقتة التي أتشرّف برئاستها وهي مكونة من عدد من الشباب الكويتي التقدمي الواعد، وكذلك تمّ تكوين الهيئة الاستشارية السياسية من زملائنا ذوي الخبرة السياسية والتجربة النضالية... كما جرى الإعلان عن أهداف التيار التقدمي الكويتي... وأنشأنا موقعاً على شبكة الانترنت وكذلك أنشأنا حساباً للتواصل الاجتماعي على شبكة التويتر، ونفخر اليوم بتزايد أعداد المتابعين والقراء للموقع الإلكتروني وحساب التويتر... إذ لم تمرّ على الكويت قضية إلا وكان للتيار التقدمي الكويتي رأي واضح فيها، وهذا ما عبّرت عنه بياناتنا وتصريحاتنا الصحافية التي نشرتها الصحافة المحلية والعربية... ولم نكن بعيدين عن الحراك الشبابي والشعبي الذي شهدته الكويت طوال السنة الماضية، فقد ساهمنا فيه وشاركنا في تجمعاته ومسيراته وندواته واعتصاماته، بدءاً من ساحة الإرادة؛ مروراً بساحتي الصفاة والبلدية، واعتصاماً في ساحة قصر العدل، وفي العديد من الديوانيات والفعاليات، بالإضافة إلى مشاركتنا إخواننا الكويتيين البدون في تجمعاتهما التي أقيمت في تيماء للمطالبة بحلّ عادل ونهائي لقضيتهم الإنسانية... وعبّرنا عن تضامننا مع الحركة الإضرابية العمالية التي انطلقت في شهر سبتمبر الماضي، وكان موقفنا تجاهها واضحاً... وبالإضافة إلى ما سبق، فقد حرصنا على أن نطرح خلال الحملة الانتخابية الأخيرة برنامجاً يحدد ملامح الإصلاح والتغيير المنشودين من دون أن يكون لدينا مرشح يخوض هذه الانتخابات باسم التيار التقدمي، وقد جرى توزيع البرنامج على أوسع نطاق وتمّ شرحه في العديد من الجلسات واللقاءات والديوانيات، وكان البرنامج واضحاً في بيانه لاستحقاقات الإصلاح السياسي والدستوري وتبنيه للقضايا والمطالب الشعبية المتصلة بالتضخم وارتفاع الأسعار والبطالة ومشكلة السكن وغيرها من الهموم الحياتية للغالبية الساحقة من أبناء الشعب الكويتي.
وكذلك فقد تضامن التيار التقدمي الكويتي مع الانتفاضات الشعبية والتحركات الثورية التي شهدها عدد من البلدان العربية ضد أنظمة الاستبداد والفساد.
وعلى مستوى العلاقات الوطنية فقد بذل التيار التقدمي الكويتي جهوداً ملموسة ومبادرات عديدة للتواصل مع قوى الحركة الوطنية في المنبر الديمقراطي والتحالف الوطني الديمقراطي والعناصر والقوى الوطنية والديمقراطية الأخرى، وكذلك مع بقية القوى السياسية الكويتية على اختلاف توجهاتها، وساهمنا في لقاءاتها وأصدرنا معها بيانات مشتركة، ونظمّنا معاً فعاليات جماهيرية جماعية في إطار الحراك الشعبي... وكان رأينا واضحاً لم نجامل فيه على حساب ما نراه من مبادئ وأسس، مثلما كان موقفنا مرناً ومتفهماً لضرورات العمل السياسي وتعقيداته بعيداً عن التزمت.
ولئن كان مؤسفاً ما نلحظه من تعصب عنصري بغيض يتم الترويج له وما نشهده من استقطابات فئوية ومناطقية وطائفية وقبلية يثير البعض نعراتها بهدف تقسيم الشعب الكويتي الواحد وتفتيت مجتمعنا الصغير، فقد كنا دوماً من دعاة المواطنة الدستورية المتساوية رافضين لمثل هذا التعصب وهذه الاستقطابات... ونفخر بأنّ أعضاء التيار التقدمي الكويتي ينتمون إلى مختلف شرائح المجتمع الكويتي وفئاته ومكوناته جميعاً من دون تفرقة أو تمييز، فنحن تيار تقدمي وطني ندعو إلى أن يصبح الكويتيون جميعهم مواطنين أحرار متساوين في بلادهم ينعمون معاً بخيرها؛ ويدافعون عن حريتها؛ ويعملون من أجل نهوضها.
إنّ عقولنا مفتوحة أمام كل جديد، فنحن نرفض الجمود... وأيدينا ممدودة للتعاون مع كل وطني مخلص... وكذلك عضويتنا متاحة أمام كل مواطن كويتي أيّاً كان جنسه وأصله وطائفته وانتمائه إذا وافق على تبني أهداف التيار التقدمي ورغب في الانضمام إلى صفوفه، فنحن تيار تقدمي كويتي ولسنا جماعة نخبوية متعالية عن الشعب، مثلما نحن تيار منفتح ولسنا تنظيماً عقائدياً منغلقاً... فأهلاً بكم في تياركم التقدمي.

بيان صادر عن المجلس العام للتيار التقدمي الكويتي حول نتائج الانتخابات واستحقاقات المرحلة المقبلة
عقد "المجلس العام للتيار التقدمي الكويتي" الذي يضم أعضاء الهيئة التنفيذية المؤقتة والهيئة الاستشارية السياسية اجتماعه الطارئ مساء السبت 4 فبراير 2012 برئاسة الزميل ضاري الرجيب المنسق العام للتيار، وذلك للتداول حول نتائج انتخابات عضوية مجلس الأمة في فصله التشريعي الرابع عشر والوقوف على دلالاتها وأبعادها واستحقاقات المرحلة المقبلة، حيث توصل إلى الاستنتاجات والنقاط التالية:أولاً: إنّ الانتخابات النيابية المبكرة كانت مطلباً شعبياً مقترناً بمطلبي رحيل الحكومة وحلّ مجلس الأمة السابقين واستحقاقاً مترتباً عليهما، وذلك في إطار الحراك الشعبي الواسع المعارض للنهج السلطوي، خصوصاً إفساد عدد من أعضاء المجلس المنحل بعد انكشاف فضيحة الإيداعات المليونية في حساباتهم المصرفية.ثانياً: كان واضحاً منذ البداية أنّ رحيل الحكومة وحلّ المجلس وإجراء انتخابات جديدة لن ينهي الأزمة السياسية المحتدمة في البلاد جراء تفاقم التعارض بين النهج السلطوي للمشيخة ومتطلبات التطور الديمقراطي وبناء الدولة الكويتية الحديثة، وإنما كان من شأن تلك الإجراءات تخفيف حدّة احتقانها فيما لا تزال أسباب الأزمة قائمة من دون حلّ واحتمالات انفجارها واردة على هذا النحو أو ذاك وفي أي وقت، وهذا ما يفسر التوترات التي شهدتها الكويت خلال فترة الانتخابات، التي كانت تعكس جانباً من مظاهر هذه الأزمة وأعراضها.ثالثاً: لقد جرت الانتخابات النيابية وسط أجواء محمومة من التأجيج العنصري والتعصب والاستقطاب الفئوي والمناطقي والقبلي والطائفي، وذلك بتشجيع من أطراف سلطوية وقوى فساد أشعلت أوارها ودفعت ببعض المرشحين الاستفزازيين والقنوات التلفزيونية والصحف المأجورة للتحريض والإثارة والإساءة المتعمّدة إلى بعض مكونات المجتمع؛ وذلك بهدف صرف انتباه الشعب عن قضاياه الأساسية وعن مطلب الإصلاح السياسي الديمقراطي وتشويه الحدّ الأدنى من الحياة الديمقراطية... وما نجم عن ذلك من ردود أفعال كان بعضها منفلتاً وغير مقبول وخارجاً عن القانون، أدّت إلى مزيد من التأجيج والاستقطاب... وجاءت نتائج الانتخابات الأخيرة لتكرّس مثل هذا التأجيج والاستقطاب، خصوصاً في جوانبه العنصرية الفئوية والطائفية وتزيده حدّة وخطورة.رابعاً: شهدت الانتخابات الأخيرة، مثل سابقاتها أو أكثر، استخدام بعض الأطراف السلطوية وقوى الفساد المال السياسي للتأثير على إرادة الناخبين ودعم بعض المرشحين في ظل تراخٍ حكومي واضح في التعامل مع البلاغات العديدة التي جرى تقديمها وما تمّ كشفه من عمليات شراء الأصوات.خامساً: إنّ هناك عيوباً بنيوية صارخة في النظام الانتخابي المعمول به من حيث تكريسه الطابع الفردي للعملية الانتخابية في ظل غياب التنظيم الحزبي للحياة السياسية؛ وعدم عدالة توزيع أعداد الناخبين بين الدوائر الانتخابية الخمس الحالية؛ وعدم وجود سقف أعلى ورقابة على الإنفاق الانتخابي للمرشحين؛ ما ينعكس سلباً بالضرورة على العملية الانتخابية ومخرجاتها.سادساً: لقد سبق أن استنتجنا أنّ العملية الانتخابية في ظل هذه العيوب، وما يعانيه النظام الدستوري من نقص وعدم اكتمال الطابع البرلماني الديمقراطي؛ والدور السلطوي في احتكار القرار السياسي وإفساد الانتخابات وإهدار المبادئ البرلمانية وإفراغ "دستور الحدّ الأدنى" من مضامينه الديمقراطية، بالإضافة إلى انعدام وجود الحياة الحزبية السليمة والتداول الديمقراطي للسلطة التنفيذية، قد أدّت جميعها إلى انسداد أفق العمل البرلماني وعجزه عن تحقيق الإصلاح وأحداث التغيير، وهذا ما أدى إلى انتقال مركز الثقل إلى الشارع والحراك الشعبي، وإن كانت الانتخابات والمؤسسة البرلماني لا تزالان تكتسبان أهمية سياسية.سابعاً: آلمتنا نتائج مرشحي قوى الحركة الوطنية في الانتخابات الأخيرة الذين خاضوا المعركة الانتخابية فرادى، ونرى كجزء لا يتجزأ من قوى الحركة الوطنية أنّ واجبنا يحتّم علينا أن نحدد بصراحة ما كانت، ولا تزال، تعانيه الحركة الوطنية من أوجه قصور مزمن في تنظيمها؛ ونخبوية في خطابها السياسي الذي عجز عن فهم استحقاقات الحراك الشعبي وعجز حتى عن تقديم برنامج سياسي لمرشحيها؛ وضعف ملحوظ وغير مسبوق في صلتها بالجماهير الشعبية استناداً إلى قصورها الحاد في فهم طبيعة وديناميكية الحراك الشعبي الذي امتد إلى ما يقارب عامين؛ وابتعاد عن تبني قضايا وهموم الجماهير الشعبية؛ وتذبذب في بعض المواقف.إنّ العمل من أجل الوطن يستدعي الاعتراف بالواقع كما هو، وبالجماهير المهمشة كما هي، ومفهوم الوطنية ليس جامداً ومقصوراً فقط بدلالات تاريخية وإنما يتحدد بعمل الناس ودورهم الذي لا يمكن أن يتم إلا بفهم كل جوانب ومشكلات المجتمع في الكويت وعدم عزلها قسراً، وانتكاسة اليوم ليست غرقاً في الواقع المأزوم فقط وإنما هي تدمير لاحتمالات الضرورة في التطور الدستوري والديمقراطي الحتميين.وهذا ما كنا نحذّر منه وننبّه إليه وكنا ندعو إلى تصحيحه، ويؤسفنا الآن أن تأتي نتائج الانتخابات لتؤكد ذلك بالملموس ولتدفع قوى الحركة الوطنية الثمن مكلفاً، بحيث فَقَدَت تمثيلها البرلماني المحدود في مجلس الأمة الجديد... ونأمل أن يكون كل ذلك محل مراجعة تحليلية نقدية صريحة بهدف تصحيح قوى الحركة الوطنية لخطابها وإصلاح أوضاعها واستعادة مواقعها المفترضة بين الناس وفي الحياة السياسية، وليس فقط في الانتخابات والمؤسسة النيابية، خاصة وأن الحراك الشعبي مؤهل لاستنهاض دوره من جديد وفي أي لحظة.ثامناً: لئن كان فوز أربع من النساء في انتخابات مجلس الأمة للفصل التشريعي الثالث عشر في العام 2009 مؤشراً إيجابياً في تقدير المجتمع الكويتي لدور المرأة، فإنّ تدني مستوى الأداء البرلماني المتفاوت للنائبات؛ والمواقف المتخاذلة لمعظمهن واصطفافهن مع الطرف الحكومي كان لابد أن ينعكس سلباً على التصويت للنساء وتمثيل المرأة في المجلس الجديد، بحيث لم تفز أي مرشحة بأي مقعد نيابي، وهو أمر مؤسف.ومن كل سبق، يرى "المجلس العام للتيار التقدمي الكويتي" أنّ الانتخابات النيابية كانت انعكاساً لمعطيات الواقع الاجتماعي والسياسي وتناقضاته، وهي تنطوي في نتائجها على بعض الجوانب الايجابية والسلبية المتناقضة... إذ خسر معظم النواب السابقين المتهمين في قضايا الإيداعات المليونية مقاعدهم البرلمانية... واتجه التصويت في الغالب نحو نواب المعارضة في مجلس الأمة السابق والمرشحين القريبين منهم ما عزز عددهم في المجلس الجديد؛ وهو ما سينعكس على انتخابات رئاسة المجلس وتشكيل الحكومة المقبلة، وذلك من دون تجاهل الطابع القبلي والطائفي لكثير من هؤلاء النواب... إلا أنّه في المقابل فقد جاءت نتائج الانتخابات في بعض الدوائر لتكشف مدى تغلغل الميل نحو التعصب العنصري بين بعض فئات المجتمع وتدني مستوى الوعي السياسي لدى أقسام ليست قليلة من الناخبين... وتعززت مواقع القوى السياسية الإسلامية من سلف وإخوان وعناصر متزمتة طائفياً ما نخشى معه من انعكاسات سلبية على مستوى الحريات الشخصية وتقييدها أو تأجيج النزعات الطائفية... فيما فَقَدَ أعضاء المجلس السابق من "كتلة العمل الوطني" مقاعدهم... وكذلك لم تصل أي نائبة من بين النائبات السابقات أو غيرهن من المرشحات إلى عضوية المجلس الجديد.وإزاء هذه النتائج المتناقضة فليس هناك ما يدعو إلى بناء آمال على قدرة المجلس الجديد والحكومة المقبلة على إحداث إصلاحات ديمقراطية جدّيّة وتغيير النهج المتبع في إدارة الدولة.ومع ذلك كله، فإنّ "المجلس العام للتيار التقدمي الكويتي" يرى أنّ الصراع السياسي في المرحلة المقبلة يجب ألا ينحرف نحو قضايا وصراعات هامشية، وأن يتركّز بالأساس حول التناقض السياسي غير المحسوم تاريخياً بين النهج السلطوي للمشيخة ومتطلبات التطور الديمقراطي، مع ضرورة التأكيد على التحرك من أجل تلبية استحقاقات ومطالب الإصلاح السياسي الديمقراطي التي سبق أن شرحها "التيار التقدمي الكويتي" بالتفصيل في رسالته الموجهة إلى الناخبين والمرشحين، وفي المقدمة منها إعادة الاعتبار لمشروع بناء الدولة الكويتية الحديثة... والانتقال إلى النظام البرلماني الديمقراطي المكتمل مع بحث ما يتطلبه هذا من تنقيح لبعض مواد الدستور ذات الصلة... وعدم احتكار مناصب رئاسة الحكومة ووزارات السيادة... وإصلاح النظام الانتخابي على أساس الدائرة الانتخابية الواحدة والتمثيل النسبي للقوائم الانتخابية المشكّلة على أساس سياسي وطني ديمقراطي، وقيام حياة حزبية سليمة... وإلغاء القوانين المقيّدة للحريات... وضمان استقلال القضاء، وإصلاح قانوني المحكمتين الدستورية والإدارية... وتطبيق حلّ إنساني عادل ونهائي لقضية البدون، وبالأساس الإسراع في منح الجنسية لعشرات آلاف الكويتيين المحرومين من حقّهم المشروع في الهوية الوطنية باعتراف الجهات الحكومية ذاتها... وحلّ المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها الفئات الشعبية من سكن؛ وتضخم وارتفاع في الأسعار؛ وزيادة في معدلات البطالة؛ ونقص في مقاعد الدراسة الجامعية؛ والتدني في مستوى الخدمات العامة، مع التأكيد على تجسيد مبدأ المواطنة الدستورية المتساوية بين الكويتيين كافة في إطار العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص من دون أي تفرقة أو تمييز.كما يؤكد "المجلس العام للتيار التقدمي الكويتي" ضرورة التركيز بالأساس على العمل في صفوف الجماهير الشعبية لرفع مستوى وعيها السياسي؛ وتعبئتها؛ وتنظيم صفوفها، فهي القوة الأساسية لإحداث أي إصلاح ولتحقيق التغيير الديمقراطي.وختاماً، يرى "المجلس العام للتيار التقدمي الكويتي" أنّ هناك ضرورة لأن تتنادى مختلف القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والمعنيون بالشأن العام إلى عقد مؤتمر وطني شعبي يتم التوافق فيه على مسار الإصلاح وخطوات التغيير.

بيان صادر عن التيار التقدمي الكويتي حول الاستفزازات المتعمّدة لإشعال الفتنة
بيان صادر عن التيار التقدمي الكويتي حول الاستفزازات المتعمّدة لإشعال الفتنة
تقلقنا مثلما تقلق كل كويتي محبّ للكويت الاستفزازات المتعمّدة التي تحركها أطراف سلطوية متنفذة لإشعال نار الفتنة العنصرية والفئوية والمناطقية والطائفية والقبلية البغيضة بين أبناء الشعب الكويتي الواحد، وذلك عبر أبواقها من المرشحين المهيّجين والقنوات التلفزيونية والصحف ذات الارتباطات المشبوهة ودعوات تأجيج النعرات واستثارة العصبيات وتمزيق النسيج الوطني للمجتمع، وذلك كله بغرض صرف انتباه الشعب الكويتي عن مطالب الإصلاح السياسي الديمقراطي المستحقة ودفعه إلى الاصطراع فيما بينه... وهذا ما تجلى في أسوأ مظاهره وأخطر أشكاله في الخطاب الاستفزازي الأخير لأحد المرشحين في منطقة العديلية ضد إحدى القبائل وما تبعه من ردّة فعل غاضبة.
ونحن في "التيار التقدمي الكويتي" في الوقت الذي نحمّل فيه الحكومة والأجهزة المعنية في الدولة المسؤولية عما آلت إليه الأمور من انحدار في ظل حالة الصمت المريب والتراخي المقصود، فإنّنا ننبّه إلى خطورة تمزيق المجتمع، ونحذّر من العواقب الوخيمة التي نخشى أن تنجم عن مثل هذه الدعوات الخبيثة للتأجيج العنصري والفئوي والمناطقي والطائفي والقبلي التي تقف وراءها أطراف سلطوية متنفذة، وندعو المواطنين جميعاً إلى اليقظة تجاه مثل هذه الدعوات والمخططات؛ وإعلان موقف وطني واضح في رفضها والتصدي الحازم لمحركيها وفضحهم وكشف مخططاتهم وأدواتهم ووسائلهم، كما أننا إذ نتفهم حالة الاستياء والغضب المتولدة في النفوس تجاه هذه الاستفزازات وجراء التراخي الحكومي في التعامل معها فإننا ندعو إلى عدم الانجرار وراء ردود أفعال غير مسؤولة وتصرفات انفعالية منفلتة وخارجة عن القانون تزيد الصراع الفئوي وتنشر الفوضى وتؤجج الفتنة وتحقق ما يريده مثيروها من أهداف خبيثة، مع مطالبتنا بسيادة القانون والإسراع في اتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة تجاه الأطراف المسؤولة عن الاستفزازات ومثيري الفتنة.
وختاماً، يؤكد "التيار التقدمي الكويتي" ضرورة التمسك بمبادئ المواطنة الدستورية القائمة على المساواة القانونية وتكافؤ الفرص بين الكويتيين جميعاً ووضعها موضع التطبيق بعيداً عن التمييز والتفرقة وتجنّب محاولات تكريس الهويات الصغرى الفئوية والمناطقية والعائلية والطائفية والقبلية على حساب الهوية الكويتية الوطنية الكبرى الجامعة.
الكويت في 31 يناير 2012

بيان صادر من المنبر الديمقراطي والتحالف الوطني الديمقراطي والتيار التقدمي
تعيش الكويت هذه الأيام أجواء الإعداد لانتخابات أعضاء مجلس الأمة للفصل التشريعي الرابع عشر المقرر يوم الثاني من فبراير 2012 ويصاحب هذه الأجواء مظاهر انتخابية وممارسات غريبة ومستهجنة ، حيث يسعى البعض وبمحاولات حثيثة ومدروسة لتمزيق النسيج الاجتماعي الجميل للمجتمع الكويتي وذلك من خلال العزف على الوتر الطائفي والقبلي والعنصري وتوجيه المجاميع الانتخابية لاختيار مرشحيها بناء على هذا الأساس وبشكل علني غير مسبوق مستغلاً في ذلك وسائل الإعلام المتاحة من جرائد وقنوات فضائية وشبكات التواصل الاجتماعي ، وحتى الفتاوى الدينية تم تسخيرها لخدمة هذا الغرض وذلك بهدف إيصال مرشحين يخدمون مصالحهم الخاصة ومصالح من يقف وراء هذه الممارسات المرفوضة.
لذا فإننا في المنبر الديمقراطي والتحالف الوطني والتيار التقدمي نستنكر وندين جميع هذه الممارسات ونحذر من الاستمرار فيها فهي اقصر الطرق لتدمير المجتمع وتمزيقه ، وندعو الشعب الكويتي وبالتحديد الأخوة والأخوات الناخبين للتصدي لها وإفشالها عن طريق الاختيار الدقيق للعناصر الوطنية التي تعمل لمصلحة الوطن ولمصلحة جميع أبنائه دون أدنى تفرقه إيمانا منها بأن : الوحدة الوطنية هي اللبنة الأولى التي بني عليها الآباء والأجداد مقومات المجتمع الكويتي منذ نشأته وحتى يومنا هذا.
كذلك نتوجه للسادة أعضاء مجلس الأمة القادم بمجموعة من القضايا الأساسية التي نأمل أن يتم التوافق عليها وإقرارها وهي ما يلي :-
1. تطوير العملية الديمقراطية وتعزيز المكتسبات الشعبية من خلال :-
أ- لالتزام الكامل بجميع مواد الدستور وتطبيق جميع القوانين.
ب- تعديل مواد اللائحة الداخلية لمجلس الأمة بما يتوافق مع نصوص الدستور وخاصة المادة (135) المتعلقة بمدة تأجيل الاستجواب والمواد الأخرى المبهمة المشابهة لها.
2. العمل على تحقيق الاستقلال الإداري والمالي للقضاء ، والحق في مخاصمة الفرد والهيئات للقضاء.
3. مراجعة كافة القوانين والأنظمة التي تحد من الحريات الشخصية والثقافية وحريات التعبير والتجمع وتعديلها بما يتوافق مع نصوص ومواد الدستور.
4. إصلاح الأوضاع الاقتصادية من خلال العمل على :-
أ- إيقاف الهدر في الميزانية.
ب – إعادة النظر بالخطة التنموية لتكون أكثر واقعية وقدرة على التحقيق.
ج- تنويع مصادر أخري للدخل بخلاف البترول.
5. معالجة مشكلة البطالة وخلق وإيجاد فرص عمل حقيقة ومناسبة للشباب وربط ذلك بمخرجات التعليم وضرورة التأكيد على أهمية التعليم المهني وتطويره.
6. العمل على استكمال كافة الحقوق المدنية والشخصية للمرأة.
7. الالتفات لتطوير القضايا الخدمية كالتعليم والتطبيب والمرور والبنية التحتية ومعالجة مشكلات السكن وارتفاع الأسعار.
8. الاهتمام الكافي وتوفير الميزانيات المناسبة للارتقاء بقضايا الفن والثقافة كذلك ما يخص قضايا الشباب والرياضة بالعمل على توفير وتجهيز المساحات المناسبة في المناطق السكنية لمزاولة كافة أنواع الرياضة.
9. حل قضية "غير محددي الجنسية" حلاً انسانياً عادلاً مستحقاً.
10. بات من الضروري تطبيق المعايير الدولية المتعلقة بالانبعاثات الغازية ونظافة المياه ونظافة المناطق وتعزيز عمليات التشجير والتخضير في مختلف مناطق البلاد من اجل إيجاد بيئة نظيفة وصحية.
11. الكويت جزء من منظومة مجلس التعاون الخليجي والأمة العربية مما يتطلب معه دعم وتعزيز هذه العلاقة معها ومع دول الجوار من خلال عدم التعرض بالتجريح والإساءة لشعوبها أو لأي من رموزها.
المنبر الديمقراطي الكويتي
التحالف الوطني الديمقراطي
التيار التقدمي الكويتي

ملخص الحلقة النقاشية مع د.ماري آن توترو في مقر التيار التقدمي الكويتي
ملخص الحلقة النقاشية مع د.ماري آن توترو في مقر التيار التقدمي الكويتي
استضاف التيار التقدمي الكويتي في ديوانيته يوم الأحد الدكتورة ماري آن توترو للحديث عن تطور الكويت السياسي، حيث قدمت الدكتورة تصورها لتاريخ الديمقراطية في الكويت وموقع الانتخابات البرلمانية الحالية في هذا التاريخ، وأعقب حديثها نقاش مع الحضور حول بعض القضايا الراهنة مثل الحكومة الشعبية والخصخصة والأزمة الاقتصادية العالمية والبدون.
يذكر بأن الدكتورة توترو هي أستاذة العلوم السياسية في جامعة ترينيتي الأميركية وهي متخصصة في شئون الكويت السياسية وفي أوضاع المرأة وفي السياسات النفطية، ولها كتابان يتعلقان مباشرة بالكويت، الأول هو كتاب Stories of Democracy: Politics and Society in Contemporary Kuwait الصادر في عام 2000 عن جامعة كولومبيا والذي يعتبر من الكتب القيمة لدقة تناولها لتاريخ الديمقراطية في الكويت ولشمولها، وللدكتورة كذلك كناب بعنوان The Kuwait Petroleum Corporation and the Economics of the New World Order الصادر في عام 1995، وتتناول فيه تاريخ مؤسسة البترول الكويتية وسياستها النفطية.
ومن القصايا التي أشارت إليها الدكتورة توترو في اللقاء نجاح السلطة في الكويت تاريخيا في إضعاف المعارضة البرلمانية متى ما اشتد الصراع بينهما، وذلك عن طريق طرح السلطة لقضايا جانبية تشغل المعارضة وتفككها مثل قضيتي اختلاسات الناقلات وحقوق المرأة في التسعينات، والتي وإن كانت قضايا مستحقة إلا بأن طريقة طرح الحكومة لها والمماطلة في حلها تستنزف قوة المعارضة وتحصر اهتمامها في قضايا لا تمس مباشرة السلطة.
كما أشارت الدكتورة توترو إلى أن انتخابات 2003 البرلمانية كانت مفصلية في تاريخ الكويت نتيجة للبدء في استخدام وسائل سياسية جديدة للضغط على الحكومة، وذلك مع بروز حملة دعم حقوق المرأة السياسية ولاحقا حملة الدوائر الخمس عندما تم النزول للشارع واستخدام القنوات التلفزيونية الخاصة لتوصيل وجهة نظر المعارضة، والانتخابات البرلمانية الحالية مرشحة لأن تمثل مرحلة مفصلية أخرى في تاريخ الكويت، خصوصا من ناحية رفع سقف المواجهة ضد السلطة والمطالبة بإصلاحات في النظام السياسي.
بالنسبة للقضايا الأخرى التي تناولها الحضور خلال النقاش فكان من ضمنها قضية الخصخصة، حيث وصفت الدكتورة توترو طريقة تمرير قانون الخصخصة في عام 2009 بأنه تمرير مستعجل لأنه لم تتح فرصة كافية لمناقشة القانون، وأكدت بأن استثناء قطاعات معينة من الخصخصة كانت خطوة مهمة خصوصا استثناء الخدمات الصحية، حيث أشارت لمشاكل القطاع الصحي الخاص في الولايات المتحدة والذي يستفيد منه الأثرياء أكثر من غيرهم، كما دعت في الوقت نفسه لرفع مستوى الخدمات الصحية الحكومية في الكويت.
ومن القضايا الاقتصادية التي تمت مناقشتها أيضا كانت الأزمة الاقتصادية العالمية، والتي اتفق الحضور على أنها تمثل أزمة بنيوية للنظام الرأسمالي العالمي من الصعب معالجتها، وقالت الدكتورة توترو بأن هذه الأزمة هي من العمق بمكان بحيث يصعب ايجاد برنامج اقتصادي تقدمي لمعالجة الأزمة، وحركة "احتلوا وول ستريت" تمثل بداية للحراك الشعبي الداعي لحلول عادلة للأزمة في مواجهة الحلول السيئة مثل التي تنفذها الحكومات الأوروبية الآن لمصلحة البنوك على حساب الشعوب، وما لم تقم الحكومات بتبني على الأقل حل كينزي للأزمة فإن الوضع مرجح للانفجار وقد نشهد ردات فعل عنيفة في دول مختلفة حول العالم.
وأخير أثير موضوع البدون ولجوء الحكومة للحل الأمني للتعامل مع مظاهرات البدون، حيث اتفقت الدكتورة مع الحضور بأن مأساة البدون هي مأساة انسانية بالدرجة الأولى ويجب التعامل معها مبدئيا على هذا الأساس، كما انتقد الحضور ضعف ردة الفعل من القوى السياسية على اضطهاد البدون، خصوصا الموقف الضعيف للقوى الإسلامية التي من المفترض أن تراعي الكرامة الإنسانية كحق إلهي للبشر.
عاجل: لا للأعتقالات العشوائية ... لا قمع
تمادت السلطة الأمنية في تعسفها، حيث تواصل قمعها للشباب الكويتيين البدون وتشن حملات ملاحقة و اعتقالات عشوائية، وهذا يمثل تطوراً خطيراً يجب وقفه و محاسبة المسؤولين عن هذا التعسف، و يؤكد التيار التقدمي الكويتي رفضه للتعسف الأمني و ضرورة ضمان حرية التعبير للكويتيين البدون. كما يطالب التيار التقدمي الكويتي بالإفراج عن المعتقلين و من بينهم نشطاء حقوق الأنسان الذين تم اعتقالهم.
تصريح عاجل : يرفض التيار التقدمي الكويتي التعامل الأمني القمعي مع البدون العزل الذين يمارسون حقهم في الإحتجاج السلمي و يطالبون بحل قضيتهم .إن حل قضية البدون يجب ان يكون حلاً انسانياً عادلاً و نهائياً، أما التعامل الأمني القمعي فمن شأنه تعقيد و تعطيل الحل، ومن هنا فإننا نطالب بوقف القمع و إطلاق سراح المعتقلين و إنهاء الملاحقات.

تصريح صحفي صادر عن المنسق العام للتيار التقدمي الكويتي ضاري الرجيب
يتابع التيار التقدمي الكويتي بقلق ما تعرضت له المادتان 108 و110 من الدستور من انتهاك صريح عبر إجراءت إهدار مبدأ الحصانة البرلمانية الموضوعية المطلقة لأعضاء مجلس الأمة التي كفلتها هاتان المادتان الدستوريتان، ونرى أنّ ما تعرّض له النائب السابق الدكتور فيصل المسلم من شطب لترشيحه يمثّل سابقة خطيرة يخشى أن تتكرر، بحيث لن يستطيع أعضاء مجلس الأمة في المستقبل من ممارسة مسؤولياتهم الرقابية، حيث يمكن أن يفقد أي نائب حصانته ويتعرض للملاحقة وإسقاط عضويته أو شطب ترشيحه جراء قيامه بعمله البرلماني.
ويدعو التيار التقدمي الكويتي كل مَنْ تعز عليهم المبادئ الديمقراطية إلى إعلان رفضهم لهذا التوجّه الخطير.

لقاء مع أستاذ الاقتصاد البروفيسور جيمس كروتي حول الأزمة الأوروبية
لقاء أجراه الزميل مرزوق النصف مع أستاذ الاقتصاد البروفيسور جيمس كروتي
الاقتصادي الذي تنبأ بأزمة 2008 الاقتصادية العالمية يعلّق على تبعاتها
البروفيسور كروتي: التقشف ليس الحل لأزمة الديون السيادية وشركات التمويل الضخمة تبتز العالم
أمهيرست، الولايات المتحدة
8 نوفمبر 2011
البروفيسور جيمس كروتي هو أستاذ الاقتصاد في جامعة ماساتشوستس بمدينة أمهيرست الأميركية وهو متخصص في مجالات الاقتصاد الكلي والتمويل وله أبحاث عدة حول مفكرين اقتصاديين أهمهم جون ماينارد كينز وهايمن مينسكي وكارل ماركس، وقد نجح البروفيسور كروتي في أن يكون ضمن الشخصيات المعدودة حول العالم التي تنبأت بأزمة 2008 الاقتصادية العالمية التي هي أسوأ أزمة تضرب الاقتصاد العالمي منذ ثمانين عاما، حيث حذر من قرب الأزمة قبل أكثر من عام على وقوعها وبتفصيل نادر، ومنذ وقوع الأزمة وهو يكرس كتاباته لنقد الحلول التي تقدمها الحكومات الأوروبية والأميركية للأزمة مركزا على الدفاع عن مصالح المواطنبن العاديين في تلك المجتمعات وعلى بناء اقتصاد دولي عادل وقوي يمنع وقوع أزمات جديدة، هذا هو اللقاء الأول الذي ينشر باللغة العربية مع البروفيسور حيث يناقش فيه آراءه في سياق أزمة الديون السيادية الأوروبية والأميركية وردود الفعل السياسية عليها.
جذور الأزمة الأوربية والعالمية
1- هل أزمة الديون السيادية الأوروبية مرتبطة بأزمة 2008 الاقتصادية العالمية؟
نعم، الأزمتان مرتبطتان بالشكل الآتي، في عام 2008 بدأت المشاكل مع الانهيار المالي الذي كان سببه مبالغة شركات التمويل في تحمل المخاطر وفي الاستدانة، إلى جانب التضخم في التعامل بالأصول المالية الغامضة وغير المأمونة مثل المشتقات derivatives ، هذه المشاكل كانت السبب المباشر في وقوع الأزمة التي أدت لاحقا لتراجع النشاط الاقتصادي وبالتالي تراجع مدخول الضرائب للدول وارتفاع العجز في ميزانياتها، هذه الظروف المثيرة للقلق تؤدي لارتفاع معدلات الفائدة وبالتالي تضر بالنشاط الاقتصادي على المدى القريب.
التراجع الاقتصادي هذا هو مجرد الحلقة الراهنة من مرحلة طويلة من النمو البطيء ومعدلات البطالة العالية في دول الشمال ]أي الدول الغنية مثل الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية التي يقع أغلبها شمال الكرة الأرضية[، هذا التراجع جنبا إلى جنب مع نظام ضريبي رجعي يخفض الضرائب على الأثرياء كانا قد أديا أصلا لارتفاع العجز في ميزانيات معظم دول الشمال حتى قبل أن تضرب الأزمة في 2008، في الولايات المتحدة بشكل خاص فإن هذه المرحلة بدأت مع إدارة الرئيس الأميركي المحافظ رونالد ريغان عام 1981 حيث شهدنا انخفاضا في معدل نمو الاقتصاد وارتفاعا في الدين العام، والفترة ما بين 2001 و2008 كذلك شهدت أضعف نمو للاقتصاد الأميركي منذ الحرب العالمية الثانية.
إلى جانب هذه الصعوبات الاقتصادية التي كانت كامنة قبل أزمة 2008 فإن مختلف الدول حول العالم شعرت بضرورة إنقاذ قطاع التمويل ما إن وقعت الأزمة منذ ثلاثة أعوام، وذلك حتى تمنع انهيارا كاملا في النظام الاقتصادي العالمي وكسادا عالميا كان محتملا، عملية إنقاذ قطاع التمويل هذه تطلبت مبالغ ضخمة، وقد قدّر البعض أن كلفتها قاربت 12 تريليون دولار كرسّت لدعم قطاع التمويل الأميركي، الدول طبعا وفرت هذه المبالغ عن طريق الاستدانة من الأسواق المالية، أي أن الدولة باتت مديونة للأسواق المالية التي قامت الدولة نفسها بإنقاذها.
هناك سبب آخر لازدياد العجز في ميزانيات الدول وهو أنه في أوقات الأزمات الاقتصادية فإن الحكومة هي الجهة الوحيدة التي لديها القابلية للإنفاق وتحريك الاقتصاد، ذلك لأن المستثمرين قلقون من أوضاع الأزمة ومتأثرون بها بحيث أنهم لن يستثمروا أموالهم، والمستهلكون كذلك يعانون من أجور منخفضة ومن البطالة فلا يمكنهم الإنفاق بشكل كافي على استهلاكهم، القطاع الوحيد إذن الذي يستطيع زيادة إنفاقه وتعويض الناقص من الطلب هو الحكومة، لكن في ظروف الأزمة فإن إنفاق الحكومة يكون على شكل عجز في الميزانية في المدى القريب، هذا ومن المهم التأكيد على أن هذا العجز في الميزانية في الوقت الحاضر يؤدي لتحريك الاقتصاد وزيادة الإنتاج والدخل وبالتالي تخفيض العجز على المدى البعيد، فلا مبرر للتوجس المبالغ فيه من ازدياد حجم العجز في الميزانية العامة في ظروف مثل التي نعيشها اليوم.
باختصار إذن فإن أزمة الديون السيادية في كثير من البلدان كانت كامنة قبل عام 2008 لكن انفجار الأزمة جعل الوضع أكثر سوءا.
2- البعض يفسر أزمة 2008 بأنها نتيجة جشع المستثمرين أو السياسة الخاطئة للبنك المركزي الأميركي، ما سبب الأزمة برأيك؟
كما قلت فإن الأزمة لها بعد تاريخي، منذ السبعينات انهارت في دول الشمال نظم النمو الاقتصادي القائمة على الديمقراطية الاجتماعية social democracy عندما شهدنا معدلات بطالة ومعدلات تضخم عالية وتراجعا في أسعار الأسهم وانهيارات في البنوك، في هذه الظروف وقع تحول سياسي مفصلي مع انتخاب المحافظًين مارجريت ثاتشر لرئاسة الوزراء في بريطانيا وانتخاب رونالد ريغان لرئاسة الولايات المتحدة.
اتخذت آنذاك حكومتا بريطانيا والولايات المتحدة سلسلة من السياسات التي كانت بمثابة إعلان حرب ضد الديمقراطية الاجتماعية، أمثلة على هذه السياسات هي مهاجمة اتحادات العمال وتحرير الأسواق المالية والقطاع الخاص من الرقابة وخفض الإنفاق الحكومي على الخدمات الاجتماعية وخفض الضرائب على الأثرياء وإزالة القيود التي كانت تحكم تنقل رؤوس الأموال والاستثمارات بين الدول، حصيلة هذه السياسات كانت معدلات نمو بطيئة للاقتصاد وزيادة في معدلات البطالة وانخفاض في معدل المساواة بين الدخول وارتفاعا في مستوى الديون العامة.
السبب الوحيد لوجود أي نمو اقتصادي في فترة ما بعد الثمانينات هو استدانة الأسر الأميركية للحفاظ على مستوى استهلاكها في الوقت الذي تجمد فيه مدخولها، فبعد أن كان متوسط دخل الأسرة الحقيقي يرتفع سنويا بمعدل 2.4% في الفترة ما بين 1950 و1979 فإن معدل النمو هذا انخفض لمجرد 0.04% سنويا في الفترة ما بين 1979 و2009، في نفس الفترة تقريبا ما بين عامي 1979 و2007 فإن أغنى 1% من الأسر الأميركية حصلت على نسبة من نمو الدخل تفوق نسبة أفقر 90% من المجتمع ]انظر الرسم البياني[، هذا وضع لم يكن ممكنا تصوره أو قبوله قبل حكم ريغان وثاتشر.
أضف لهذه السياسات ما ذكرناه عن الانخفاض طويل الأمد في معدلات النمو الاقتصادية وكذلك دور قطاع التمويل في تفجير أزمة 2008 ويكون الاستنتاج هو أنه حتى لو قمنا بتقييد قطاع التمويل وتشديد الرقابة عليه، وهو الأمر الذي لا يبدو أنه سيتحقق، فإن السؤال يبقى كيف سنتمكن من جعل الاقتصادات المتقدمة تنمو بحيث تستفيد غالبية المجتمع من هذا النمو حتى يمكنهم تحمل تكاليف المعيشة الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم ]حيث أن هذه الخدمات غير متوفرة مجانا في الولايات المتحدة[.
استشعار الأزمة
3- كيف تمكنت من التنبؤ بأزمة 2008 قبل أكثر من عام من تفجرها، ولماذا فشل معظم الاقتصاديين في التنبؤ بها؟
بالنسبة لحكايتي مع هذه النبوءة فهي بدأت حوالي عامي 2004 و2005 عندما بدأت بالاهتمام بالأسواق المالية، حيث استوعبت بأن شركات التمويل خلقت كمية هائلة من الأصول المالية الخطرة مثل Collateralized Debt Obligations وCredit Default Swaps ، أسعار هذه الأصول كانت مرتفعة ومبنية على فرضية أن قطاع التمويل والقطاعات غير المالية سيستمرون في النمو والاستقرار لأمد غير محدود، عندما رأيت حجم هذه الأصول المالية والمبالغة في تسعيرها استوعبت في 2006 أن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر ونشرت استنتاجي هذا، وبالفعل انفجرت فقاعة المضاربات في قطاع البناء الأميركي وأدت لزيادة معدلات الإفلاس وارتفاع معدلات الفائدة مما نتج عنه وقوع خسائر عظيمة أجبرت العديد من الشركات على بيع أصولها المالية وانهيار قيمة هذه الأصول جراء الارتفاع الضخم في العرض، فكانت الأزمة التي امتدت لاحقا للاقتصاد العالمي بأسره.
في الواقع لو تمعّنت في التاريخ لوجدت أن الأسواق المالية بطبيعتها ميّالة للفقاعات والمضاربات التي تنتهي عادة بأزمات مالية، الأسواق المالية والبورصات دائما ما تتأثر بموجات من التفاؤل نتيجة تطور معين أو اكتشاف جديد في الاقتصاد الحقيقي أو في سوق الأسهم، وهذا ينتج ارتفاعا في المداخيل من التجارة بالأسهم والسندات وغيرها من الأصول المالية ويبعث الرغبة في جميع المستثمرين في السوق بأن يشاركوا في الأرباح، هذا بدوره يؤدي لتزايد المضاربات فتتكوّن الفقاعات المالية التي ترفع الأسعار بشكل لا علاقة له بالقيمة الواقعية للأصول، وما إن يستوعب الناس هذا الارتفاع غير المبرر في الأسعار حتى يسارعوا إلى بيع أصولهم المتضخمة فتنهار الأسعار وتبدأ الأزمة.
أما بالنسبة لفشل معظم الاقتصاديين في التنبؤ بالأزمة فذلك راجع إلى أن معظم النظريات التقليدية عن الأسواق المالية هي خرافات أيديولوجية، إنها عبارة عن نماذج نظرية للأسواق المالية حيث لا مجال للخطأ، على سبيل المثال فإن هذه النظريات تفترض أن الناس تعرف ما سيحدث في المستقبل ولا يمكن أن تبالغ في تحمل المخاطر، هذا يعني بأنه لا توجد آلية ذاتية لإنتاج الأزمات المالية، بالنسبة لهذه النظريات فإن المشاكل لا يمكن أن تأتي إلا من ما يسمى "الصدمات الخارجية exogenous shocks" وكأننا نتحدث عن مذنّب من المريخ يأتي ليدمر وول ستريت! الهدف من النظريات المالية التقليدية أيديولوجي وهو إثبات أن الأسواق الحرة غير المقيدة تعمل بطريقة جيدة، فكيف إذن للاقتصاديين الذين يؤمنون بهذه النظريات أن يروا أزمة تنتج من قلب هذه الأسواق التي يقدّسونها؟
4- في بحوثك كثيرا ما تقتبس من وسائل الإعلام التي تتخصص في التجارة والاقتصاد، مثل صحيفة الفاينانشل تايمز ومجلة الإيكونوميست، لماذ تفعل ذلك علما بأن معظم الاقتصاديين الأكاديميين يركزون على الاقتباس من بحوث زملائهم وليس من وسائل الإعلام؟
أقوم بللجوء لمثل هذه المصادر الإعلامية لأن معظم الدراسات الاقتصادية الأكاديمية غير مفيدة، ذلك أنها مبنية على تصورات خيالية عن حقيقة الاقتصاد ودور الأسواق، فأذهب للصحافة الاقتصادية المتخصصة لأنها تكتب للأثرياء وللمؤسسات الاستثمارية، وأولئك يبحثون عن فرص استثمارية وبالتالي فالصحافة الاقتصادية توفر لهم المعلومات المهمة، أي أنهم يحاولون إيصال حقيقية الاقتصاد لهم.
كما أن لي مصدرا آخر مهما للمعلومات وهو أصدقائي في قطاع التمويل والذين يرسلون لي بعض التقارير التي ترسلها المؤسسات المالية لزبائنها لتشرح لهم التطورات في الأسواق المالية، هذه التقارير أجدها مفيدة جدا.
حروب التقشف
5- بالنسبة لأزمة الديون السيادية الأوروبية، في اليونان مثلا، ما رأيك بالتفسيرات الثقافية لهذه الأزمة، أي أن يقول البعض بأن سبب إفلاس الدولة اليونانية هو أن اليونانيين شعب غير منتج وحكومتهم متهورة في إنفاقها وسبب ذلك هو الثقافة اليونانية التي تشجع على الخمول أو الراحة، وذلك على عكس ألمانيا التي لا تعاني من أزمة في ديونها السيادية لأن الألمان يعملون بجد وينتخبون حكومات مسؤولة؟
أعتقد بأنه من الخطأ التركيز كثيرا على الجانب الثقافي، هناك اختلافات ثقافية بين الدول بالطبع لكن يجب الحذر عند مناقشة هذا الموضوع، هناك تاريخ طويل من العنصرية والاستعمار مبني على حجج واهية مثل أن أصحاب البشرات الداكنة أو الذين يعيشون في مناخات حارة لا يميلون للعمل الجاد وما إلى ذلك من أفكار عنصرية.
الموقف الألماني الرسمي هو أن الألمان يعملون بجد ويدّخرون الكثير ويتصرفون بمسؤولية، ولو اقتدى الجميع بهم لما كانت أوروبا تعاني من المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها الآن، المشكلة في هذا الموقف هو أن الاقتصاد الألماني مبني على التصدير، أي أنهم ينتجون أكثر مما يستهلكون ويصدّرون الفرق، لكن هذا يعني بأنه لا بد أن يكون هناك مستوردون لهذه الصادرات، أي أنه لا بد أن تكون هناك دول تستهلك أكثر مما تنتج وتستورد الفرق، مثل اليونان، ألمانيا إذن تنتقد الدول التي تستورد منتجاتها، لكن لو أن جميع الدول الأوروبية كانت مثل ألمانيا لما وجدت ألمانيا أحدا يستورد منتجاتها ولعانى اقتصادها جراء ذلك!
يجب أن نستوعب حقيقة مهمة وهي أن الشعب اليوناني قد تم نهبه من قبل حكوماته المتعاقبة ومن قبل نخبته الرأسمالية التي تسيطر على هذه الحكومات، اليونان مثل كثير من الدول محكومة فعليا من قبل أوليجاركية[1] من الأثرياء، هذه الأقلية الثرية وضعت نظاما يسمح لنفسها بالتهرب من الضرائب وبنقل أموالها عبر البحار لإخفائها أو استثمارها في الخارج، على سبيل المثال معظم كبار صناع السفن اليونانيين المعروفين حول العالم لا يسجلون أساطيلهم البحرية في اليونان بل في دول تعفيهم من الضرائب، إضافة إلى أن هذه الأوليجاركية الحاكمة في اليونان لم تعمل على تحقيق أي سياسة تنموية معقولة في البلاد، لذلك فما إن ضربت الأزمة العالمية حتى تكشفت هشاشة الاقتصاد اليوناني وحتى سارعت الحكومة على العمل من أجل فرض سياسة التقشف، علما بأن الأقلية الحاكمة لن تتأثر بشكل جدي بهذه السياسات بسبب ثرواتها الهائلة غير الخاضعة للرقابة، إن ضحايا الأزمة هم من يدفعون ثمنها بينما المتسببين بالأزمة ينظرّون حول أهمية التحلي بالمسؤولية وعدم الهروب من الواقع.
6- على ذكر سياسات التقشف، ما رأيك بها كحل لأزمة الديون السيادية الأوربية وفي مناطق أخرى من العالم؟ هذه السياسة مبنية على فرضية أن الشعب ممثلا بحكومته هو من تسبب بالأزمة بسبب عدم إنتاجيته وبسبب إنفاق الحكومة المبالغ فيه والتالي فإن الحل هو في زيادة الإنتاجية وتقليل الإنفاق، أي التقشف.
دعني أكون واضحا، سبب الأزمات في دول الشمال اليوم هو النخب الثرية التي أخرجت ثرواتها من البلاد وأفرغت الاقتصادات من محتواها المنتج واستفادت من الفقاعات المالية التي كانت السبب المباشر في أزمة 2008.
الوضع متشابه في الولايات المتحدة حيث أعيش، معظم النقاشات السياسية حول العجز في ميزانية الحكومة تركز على كيفية تقليل الإنفاق الحكومي على أمور مثل الضمان الاجتماعي وبرنامج الرعاية الصحية للمسنّيين Medicare ، لكن الضمان الاجتماعي لم يتسبب في دولار واحد من العجز وليس لدينا عدد مبالغ فيه من موظفي القطاع العام أو أجور مبالغ فيها لهؤلاء الموظفين، لبّ الموضوع هو أنه لدينا أقلية أوليجاركية تهيمن على نقاشاتنا السياسية وهم يريدون استغلال أزمة الديون السيادية لتقليص حجم الضمان الاجتماعي وحجم القطاع العام، هذه ليست ظاهرة جديدة لأن القوى المحافظة تحاول منذ عقود خنق الديمقراطية الاجتماعية الأميركية[2] ، المواطنون الأميركان العاديون لم يتسببوا بهذه الأزمة، وبالتالي فمطالبتهم بالتقشف لا مبرر منطقي لها، لو كنا نتحدث في سياق ديني مثلا لأمكننا وصف دعوات التقشف هذه بأنها غير أخلاقية لا بل وشريرة.
7- لكن حتى لو سلّمنا بأن المواطنين العاديين لم يتسببوا مباشرة بالأزمة يظل بالإمكان القول بأنه لا حل للأزمة دون سياسة تقشف صارمة تعالج الاختلالات العميقة في الاقتصاد، السؤال هنا هو هل يمكن أن تعالج سياسات التقشف أزمة الديون السيادية؟
المروّجون لسياسات التقشف يؤمنون بأن الارتفاع في العجز الحكومي خطر على الاقتصاد ويؤمنون في نفس الوقت بأنه لا يجب أن ترفع الضرائب على ذوي الدخول المرتفعة لتغطية هذا العجز بل الواجب تقليل الإنفاق، هذا هو محتوى وصفة التقشف، أما بشأن السؤال حول الكيفية التي من المفترض أن يساعد بها التقشف الاقتصاد فإنها أقرب لللغز، يؤمن بعض الاقتصاديين بأن سبب استمرارنا في الأزمات منذ 2008 هو أن المستثمرين لا يستثمرون بشكل كاف لأنهم قلقون من أثر العجز الحكومي على مستقبل الاقتصاد، وبالتالي لو قللنا العجز عن طريق التقشف فسنزيد من ثقة المستثمرين وندفعهم للاستثمار مما سينعش الاقتصاد.
لكن أي شخص عقلاني يتابع الوضع الحالي سيقول بأن السبب وراء ضعف الاستثمار هو ضعف الطلب، والمقصود بالطلب هنا هو ببساطة الإنفاق على السلع والخدمات، لماذا تستثمر للإنتاج في المستقبل ولا يوجد طلب لمنتجاتك في الوقت الحاضر ولا تعلم متى سينتعش الطلب في المستقبل؟ هناك قدرة إنتاجية مرتفعة في كل مكان في الاقتصاد تقريبا لكن لا يوجد الطلب الكافي للاستفادة من هذه القدرات، هذه هي المشكلة الحقيقية التي تجب معالجتها.
بعد الثورة الكينزية[3] في الاقتصاد التي وقعت في أعقاب الكساد العظيم في ثلاثينات القرن العشرين آمن معظم الاقتصاديين بأنه على الحكومة التدخل بقوة عبر الإنفاق وتوظيف الناس في أوقات الأزمات حينما يمتنع القطاع الخاص عن ذلك، حيث أنه في أوقات الركود الاقتصادي يمتنع المستهلكون والمستثمرون عن الإنفاق مما يعني بأنه لا فرصة للاقتصاد للانتعاش، وبغير وجود زيادة في الصادرات فإن الحكومة هي المصدر الوحيد القادر على الإنفاق ومساعدة الاقتصاد على النمو، وأفضل طريقة لتدخل الحكومة اليوم هو في الإنفاق على المشاريع المفيدة مثل البنية التحتية ومصادر الطاقة الصديقة للبيئة.
في حال لم تقم الحكومة بالتدخل بهذا الشكل فإن الاقتصاد قد يستمر في الركود لأمد غير محدود، وفي حال استمر الركود فإن ديون الحكومة ستزيد لأن مداخيل الضرائب ستقل جراء ضعف النشاط الاقتصادي، الحكومة البريطانية تجرّب التقشف الآن وأزمتها مستمرة وعجوزاتها لا تزال في ارتفاع، الفرنسيون الآن بدأوا جولة جديدة من إجراءات التقشف لأن الجولة الأولى من التقشف لم تنجح وأدت لمزيد من العجز في الميزانية!
الخلاصة هي أنه بعد الدرس الذي تعلمناه من الكساد العظيم في الثلاثينات لم يعد كثير من الاقتصاديين مؤمنين بالتقشف، يبدو لي بأن الدعوات الحالية أكثرها أيديولوجي ويهدف لتفكيك ما تبقى لنا من مكاسب شعبية ومن ديمقراطية اجتماعية.
كينز ودور الدولة في التنمية
8- على ذكر الثورة الكينزية ودور الدولة في الاقتصاد، ما هي رؤيتك لأهمية الفكر الكينزي في ضوء الأزمة الاقتصادية الراهنة؟
التصور الدارج لفكر كينز هو أنه يدعو لتدخل الدولة في حالتين، حينما يكون الاقتصاد منطلقا بقوة مبالغ فيها فتقوم الحكومة بكبح الطلب لتهدئة الاقتصاد، والحالة الثانية حينما يكون الاقتصاد مقبلا على ركود فتقوم الحكومة بدعم الطلب لمنع الاقتصاد من الانزلاق أكثر في الركود.
لكن تفسيري لما قاله كينز فعلا بدءا من عام 1924 وحتى وفاته في 1946 هو أن الرأسمالية حينما تترك لذاتها تكون عرضة لتقلبات خطرة ولأزمات حادة، لقد كان كينز مؤمنا بأن على الدولة أن تراقب وتوجه النشاطات الاستثمارية للحفاظ على النمو الاقتصادي ومستويات التوظيف، فهو كان يدعو لأن يكون للدولة دور قيادي ودائم في الاقتصاد وليس فقط دور المنقذ في الأوقات الاستثانئية، بل إنه قال بأن على الدولة أن تقيّد أو تتحكم بثلثي إلى ثلاثة أرباع جميع الاستثمارات الرأسمالية داخل حدودها، وصاغ هذه الفكرة في عدة كتابات وفي عدة أماكن من كتابه الأشهر "النظرية العامة The General Theory".
كينز كان واعيا بأن الدولة لو قامت بالسيطرة على معظم القرارات الاستثمارية في البلد فإن ذلك سيخيف الطبقة الرأسمالية ويدفعها لإخراج ثرواتها خارج البلاد هربا من تدخل الدولة، مما سيدفع معدل الفائدة للارتفاع وسيخفض معدلي النمو الاقتصادي والتوظيف، الحل الذي اقترحه كينز هو ببساطة قيود صارمة على تنقل رؤوس الأموال، أي أن الأفراد والمؤسسات لا يستطيعون نقل مبالغ ضخمة من أموالهم خارج البلاد دون موافقة الحكومة.
جدير بالذكر أيضا أن كينز كان يؤيد التجارة الدولية المقيدة وليس الحرة.
9- في بحوثك التطبيقية ركزت على دراسة تجربة كوريا الجنوببية الاقتصادية ودور الدولة في التنمية، ما هي العبر التي يمكن استخلاصها من هذه التجربة؟
نموذج التنمية الشرق- آسيوي لا يزال يعتبر أفضل نموذج للتنمية في التاريخ الحديث، حينما بدأت كوريا الجنوبية عملية التنمية في عام 1961 كان نصيب الفرد من ناتجها القومي نصف نصيب الفرد في دولة جابون الأفريقية، ماذا فعل الكوريون الجنوبيون إذن للوصول لما هم عليه اليوم من تطور ورخاء؟ أولا أغلقوا اقتصادهم في وجه المستثمرين الأجانب، لو أنهم فتحوا اقتصادهم في بداية مرحلة التنمية لجاءت الشركات الأجنبية واستحوذت على القطاعات الناجحة في الاقتصاد وأدارتها لتحقيق أعلى ربح لملاكها الأجانب وليس لتحقيق المصلحة الوطنية بتنمية مستدامة للاقتصاد تفيد أكبر شريحة من المجتمع.
ثانيا شرعت الدولة في الاستثمار بقوة في التعليم الأساسي، ولاحقا استثمرت في مرحلة التعليم الثانوي ومن بعدها في الجامعات، فأحد أهم أبعاد تجربة التنمية الكورية الجنوبية كانت الاستثمار فيما يسمى "رأس المال البشري."
ثالثا تم وضع خطة مُحكمة لقيادة التنمية تحت إدارة الدولة، فالدولة كانت تقرر في أي صناعة سيتم الاستثمار وفي تلك الصناعات أي من الشركات ستكون القيادية بين نظيراتها، لم يترك الكوريون الجنوبيون مثل هذه القرارات للأسواق، بل إن الدولة كانت تتحكم حتى في البنوك وتحدد أسعار الفائدة التي يمكن للبنوك فرضها على مختلف القطاعات والشركات، كما أن الدولة وضعت إجراءات لضمان أن الشركات المستفيدة من الدعم العام كانت منتجة وتنافسية، فالدولة مثلا كان لديها ممثلون في إدارات تلك الشركات لضمان تشغيل الشركات بكفاءة، وحينما تصل منتجات الشركات الوطنية لمستوى معين من الجودة فإن الدولة تفرض عليهم تصدير نسبة معينة من منتجاتهم للتأكد من أن جودة المنتجات يمكن أن تنافس ما هو متوافر في الأسواق العالمية، ودافع آخر للتصدير كان الحصول على عملات أجنبية لاستيراد المعدات والمواد الخام.
في نفس الوقت يجب أن لا ننسى بأن كوريا الجنوبية في تلك الفترة اضطهدت عمّالها سياسيا، كانت مواقف الدولة سيئة جدا في هذا المجال، لكنها أيضا ضمنت زيادات في الأجور متناسبة مع الزيادات في الإنتاجية، فما بين عامي 1961 و1996 زادت معدلات الأجور الحقيقية سنويا بنسبة 7% وهي نسبة النمو السنوي في الاقتصاد، وهو ما خلق حسا لدى الطبقة العاملة بأنها تشارك في الخيرات التي تنتجها كما ضمن زيادة في الطلب المحلي متوافقة مع الزيادة في القدرات الإنتاجية.
هناك العديد من الاقتصاديين الذين وثّقوا حقيقة أنه بالكاد توجد دولة في العالم نجحت في التنمية في مراحلها الأولى عبر اتباع النموذج النيوليبرالي القائم على رفع القيود عن التجارة الدولية وعن تنقل رؤوس الأموال بين الدول، ومن هؤلاء البروفيسور ها جون شانج ]من جامعة كيمبريدج البريطانية [والبروفيسورة أليس أمسدين ]من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT [، التاريخ يشهد بأنه لا يمكن تحقيق التنمية في المراحل المبكرة من النمو الاقتصادي عبر وصفة السوق الحرة، لا الأميركان ولا البريطانيين فعلوا ذلك في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ولا يجب أن يحاول أحد فعل ذلك لأنه لن ينجح.
المؤسسات الاقتصادية الدولية والمصالح المتناقضة
10- السياسات الاقتصادية التي تدعو لها تبدو مناقضة لنصائح كبرى المؤسسات الاقتصادية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية، والتي عادة ما تنصح الدول بفتح اقتصاداتها على السوق العالمية بأسرع وقت وخصخصة معظم قطاعات الدولة والاعتماد على آلية السوق كمحور للاقتصاد، إذا كانت هذه السياسات سيئة كما تدّعي فلماذا تنصح بها هذه المؤسسات؟
هذا سؤال مثير، البنك الدولي وصندوق النقد الدولي يعكسان رؤية الولايات المتحدة ومجموعة الـ G7 والبنوك والشركات متعددة الجنسية، العاملون في هاتين المؤسستين قد لا يعتقدون بأنهم يعملون في خدمة مصالح هذه الدول والشركات لكن خدمة هذه المصالح هو ما يقومون به فعليا.
الأزمات هي المدخل الرئيسي الذي يستغلانه البنك الدولي وصندوق النقد الدولي للتدخل في شؤون البلدان النامية التي حققت بعض النجاح في التنمية تحت قيادة الدولة، فما إن تواجه أي من هذه الدول مشاكل اقتصادية صعبة، خصوصا مشاكل تتعلق بالدين الخارجي، حتى يتقدم صندوق النقد الدولي ويعرض قروضا على هذه الدول بشرط أن "تصلح" من اقتصادها، وصفة "الإصلاح" هذه هي ما يعرف باسم "برنامج التكييف الهيكلي Structural Adjustment Program".
برنامج التكييف الهيكلي ينطوي على تفكيك للسياسات والمشاريع التي جعلت اقتصاد الدولة ناجحا، فالبرنامج يدعو لفتح الاقتصاد أمام اختراق الشركات والبنوك الأجنبية ويدعو كذلك لخصخصة القطاع العام، لكن هذه السياسات تجعل الاقتصاد مرتهنا بيد رأس المال الأجنبي والذي ما أن يقبل الاقتصاد على صعوبات جديدة حتى يهرب رأس المال هذا خارج البلاد مسببا أزمة حادة في السيولة، وهو ما يجبر الدول على قبول مزيد من التدخل من صندوق النقد الدولي حتى تنقذ نفسها من المشاكل التي باتت الآن أعمق بسبب هشاشة الاقتصاد وعدم قدرة الدولة على إدارته، وهكذا دواليك تتوالى الصعوبات حتى تصل لمرحة الأزمة العميقة كما حدث في الأزمة الآسيوية في عام 1997 .
وفقا لبعض التقديرات فإنه في عام 2000 كان 40% من سكان العالم موزعين على قرابة 55 دولة رهن توجيهات صندوق النقد الدولي، وذلك عبر تحكم الصندوق باقتصاداتهم.
هناك جانب آخر يسمح بارتهان الاقتصادات النامية بهذا الشكل للمؤسسات الدولية، فمن النتائج التي باتت واضحة لأي عملية تنمية قائمة على آلية السوق، وإن كانت تحت إشراف الدولة، هو أن هذه التنمية تنتج نخبة طبقية من الشركات والعوائل الثرية وذات النفوذ، هذه النخبة تستبطن رغبات معينة مثل الرغبة في استيراد السلع الفارهة والرغبة في إخراج الأموال خارج الدولة، هذه الرغبات سرعان ما تترجم إلى قوة ضغط داخل الدولة مكملة لضغوط المؤسسات الدولية لإجبار الدولة على فتح الاقتصاد والتخلص من القيود على الأسواق، فهناك إذن سبب داخلي يدفع الدول للانضمام إلى فلك الاقتصاد العالمي تحت إشراف المؤسسات الاقتصادية الدولية.
11- لماذا لا تجعل تحليلاتك اقتصادية بحتة خالية من الإشارة للسياسة ودون تقسيم المجتمع لمصالح متضاربة لفئات مختلفة؟
لا بمكنك أن تفهم الأداء الاقتصادي لأي دولة دون أن تدرس سياساتها الاجتماعية والاقتصادية، ولا يمكنك أن تفهم سياسات الدولة دون أن تفهم المصالح الاقتصادية للفئات الاجتماعية المختلفة التي توجه هذه السياسات.
خذ أزمة 2008 كمثال، أحد الأسباب غير المباشرة للأزمة هو القرارات السياسية التي أدت لتحرير قطاع التمويل من الرقابة وسمحت بارتفاع معدلات التفاوت الاجتماعي في البلد، كلا هاتين السياستين سمحتا بنمو الفقاعات المالية ومن ثم انهيارها ولاحقا تدخل الدول لإنقاذ المتسببين في هذه الأزمات في أكثر من مناسبة تاريخية، هذه القرارت السياسية هي التي أوحت لكبار المتعاملين في الأسواق المالية بأن الدولة لن تتخلى عنهم مهما عاثوا فسادا في الاقتصاد وهو ما شجعهم على التهور والتسبب في كبرى الأزمات في عام 2008.
الابتزاز الهيكلي وردة الفعل الشعبية
12- أحد المفاهيم الاقتصادية السياسية التي صغتها لتفسير الأزمة هو مفهوم "الابتزاز الهيكلي Structural Blackmail"، ما معنى هذا المفهوم؟
هذا المفهوم بالنسبة إلي يمثل إحدى اللبنات الرئيسة لفهم سبب إنقاذ الدولة لشركات التمويل الضخمة مرارا وتكرار، فكما شرحت سابقا فإن هناك قرارت سياسية مهّدت لطغيان قطاع التمويل وتضخم بعض شركاته بشكل رهيب بحيث بات أداء الاقتصاد مرتبطا ارتباطا وثيقا بأداء هذه الشركات الكبرى، فما إن تضرب أزمة معينة هذه الشركات حتى تسارع الدولة لإنقاذها تحت ذريعة أن الدولة إنما تنقذ بذلك الاقتصاد بأكمله وليس فقط ملاك الشركات الكبرى، هذا نوع من الابتزاز تمارسه شركات التمويل الضخمة ضد الشعوب، وهو ابتزاز هيكلي بمعنى أنه بات مبنيا في هيكل الاقتصاد من الصعب التخلص منه، لكن يجب أن نستوعب بأن الابتزاز الهيكلي هذا ليس ظاهرة طبيعية لا فكاك منها، فالاقتصاد الأميركي لم يكن يعاني من هذه المشكلة في الخمسينات والستينات من القرن العشرين.
يجب أن نلاحظ أيضا هنا بأن الناس العادية ليست لديها هذه القدرة على الابتزاز الهيكلي، فعندما يرتفع معدل البطالة كما هو مرتفع الآن وعندما يخسر الملايين ملكية منازلهم نتيجة إفلاسهم كما يحدث الآن في الولايات المتحدة فإن الدولة ليس لديها التزام صارم بإنقاذ هؤلاء الناس من محنتهم على عكس تعاملها مع المحن التي تعاني منها كبرى البنوك والشركات.
13- ما رأيك بحركة احتلوا وول ستريت Occupy Wall Street التي ظهرت منذ شهور في الولايات المتحدة وغيرها من الدول المتقدمة اعتراضا على انعدام العدالة الاجتماعية وعلى ميل الحكومات باتجاه مصالح أصحاب الثراء الفاحش؟
أعتقد بأن هذه حركة رائعة لقيادة المقاومة ضد حرب التقشف التي يتم شنها على الشعب الأميركي، الذين هم من أمثالي قضوا عقودا في الحيرة والحزن جراء مراقبة التدهور في مستوى معيشة الناس العادية منذ السبعينات دون وجود ردة فعل سياسية من هذه الناس على أوضاعها السيئة.
هناك طبعا عدة أسباب لتأخر ردة الفعل حتى الآن، فالأميركان مثلا ليس لديهم حزب سياسي يمثلهم بمصداقية، الحركة العمالية دخلت في طور الضمور منذ ثلاثة عقود، ففي الخمسينات كان 35% من العمال الأميركان أعضاء في اتحادات عمالية أما الآن فهذه النسبة أقل من 12%، الاتحادات العمالية في القطاع العام أكبر من مثيلاتها في القطاع الخاص لكنها تعاني الآن من ضربات متتالية من حكام الولايات والمشرّعين الجمهوريين اليمينيين، بل إن الاتحادت العمالية تعاني من ضغوطات حتى من الديمقراطيين.
والإعلام يلعب دورا كذلك في تعطيل الصحوة السياسية، فمن المعروف أن الشركات المتعددة الجنسية تسيطر على كبرى وسائل الإعلام في الولايات المتحدة، ووسائل الإعلام هذه تشرح لغالبية الناس أسباب الأزمة من وجهة نظر مُلاكها من الشركات، لذلك فالشعب الأميركي لا يعلم من تسبب فعلا بالأزمة ومن يجب أن يدفع ثمن معالجتها.
تاريخيا فإن ردات الفعل السياسية على الأزمات الاقتصادية الكبرى لا تظهر بقوة إلى بعد بضع سنوات من بداية الأزمة، في تجربة الكساد العظيم في ثلاثينات القرن العشرين لم تتبلور ردة الفعل الشعبية إلا بعد ثلاثة سنوات من بداية الكساد واليوم نشهد بداية أخرى بعد ثلاثة سنوات من وقوع أزمة 2008.
رسالة حركة احتلوا وول ستريت هي أن ظروف المعيشة سيئة لـ 99% من الشعب الأميركي بينما هي رائعة لـ 1% من الشعب، بل إن سبب المآسي التي يعاني منها الأغلبية الساحقة من الناس هو ذاته السبب الذي يسمح لـ 1% من الشعب أن يتمتع بالرفاهية الفاحشة، هناك حالة مرعبة من انعدام العدالة الاجتماعية في الولايات المتحدة، فمتوسط الأجر الحقيقي للعامل الأميركي الذكر لم يرتفع منذ عام 1966 وهذه حقيقة لا يزال يصعب على كثير من الناس استيعابها، كما أن طلبة الجامعات لدينا يتخرجون وعليهم قروض تصل إلى ما بين ثلاثين ألف إلى خمسين ألف دولار جراء تكاليف التعليم الجامعي الباهظة وهؤلاء الطلبة لا يجدون الآن وظائف لدفع هذه الديون، وهناك أمثلة كثيرة أخرى على الظروف المادية الصعبة التي يعاني منها معظم الأميركان اليوم.
مؤخرا نجحت الاتحادات العمالية في ولاية أوهايو في نقض تشريع قدمه الجمهوريين للحد من قدرة الاتحادات على التفاوض مع حكومة الولاية على الأجور وظروف العمل، تم هذا الانتصار بتصويت ديمقراطي ولعل ذلك يكون بداية أخرى لحركة سياسية تمثل أغلبية الشعب.
ماركس ومستقبل الأزمة العالمية
14- على ذكر حركات الاحتجاج ما رأيك بأفكار ماركس في ضوء الأزمة الحالية؟
ماركس كان اقتصاديا عظيما كما سيشهد لك كل من درسه بجدية، الاقتصادي المحافظ الشهير جوزيف شومبيتر[4] كتب بأن ماركس كان من أفضل الاقتصاديين على الإطلاق، ومن وجهة نظري فإن ماركس كان جيدا خصوصا من ناحية الإشارة لإيجابيات وسلبيات النظام الرأسمالي غير المُقيّد.
ماركس كتب مثل آدم سميث حول قدرة الرأسمالية على تحقيق تقدم هائل في ثروات المجتمعات على عكس الأنظمة الاقتصادية السابقة عليها، فالبيان الشيوعي مثلا يبدأ بمديح لمنجزات الرأسمالية خصوصا لجهة تنمية قوى الإنتاج في المجتمع.
لكن ماركس أشار أيضا لمشاكل جدية تولّدها الرأسمالية غير المُقيدّة، فهي دائما تقلل من المساواة الاجتماعية بين الناس بحيث يتزايد الفقر جنبا إلى جنب مع توفر ثروات كبيرة، وآمن ماركس بأن الرأسمالية تخلق أزماتها الذاتية التي يصعب عليها معالجتها لو تُركت دون مساعدة خارجية، كما أشار إلى عدم قدرة الرأسمالية على نوفير فرص العمل لجميع أفراد المجتمع، كذلك أوضح أن الأسواق المالية الرأسمالية لديها قابلية عالية للانفلات والتسبب بأزمات متوالية للاقتصاد.
إذن ماركس علّمنا بأن الرأسمالية لديها قابلية كبيرة لإنتاج الثروة لكنها أيضا تنتج أزمات يمكن أن تكون حادة لدرجة تهديد بقاء الرأسمالية نفسها، أي أن الرأسمالية غيرالمقيدة قد تدفع الناس للتخلي عنها بحثا عن نظام اقتصادي أكثر منها كفاءة وعدلا واستقرارا، تجربة الديمقراطية الاجتماعية في النصف الثاني من القرن العشرين كانت خطوة في هذا الطريق بحيث أعطت الناس أملا في التجاوز التدريجي لسلبيات الرأسمالية لكن ديمقراطيتنا الاجتماعية تعاني منذ أمد من هجوم ضاري يجعلها اليوم على شفا التفكك.
15- نحن الآن في العام الثالث من الأزمة الاقتصادية العالمية، كم ستطول هذه الأزمة؟
يكاد يكون من المستحيل الإجابة على هذا السؤال لكن قد يمكننا الإشارة لبعض العلامات الدالة، يبدو مستقبل العديد من دول الشمال قاتما خصوصا في المدى القصير لأن كثير من هذه الدول لا تزال مصرّة على اتباع سياسات التقشف التي لن تعالج الأزمة بل ستزيدها حدة.
سوق العمل الأميركي في أسوأ ظروفه منذ الكساد العظيم قبل أكثر من ثمانين عاما، معدل البطالة الرسمي 9% بينما معدل البطالة الأكثر شمولا هو أقرب لـ 17%، متوسط الفترة التي يقضيها الشخص العاطل عن العمل بحثا عن وظيفة هي الأطول منذ الحرب العالمية الثانية.
الأوضاع السياسية سيئة نتيجة طغيان الأقليات الثرية والشركات الكبرى على الأنظمة السياسية في الدول المتقدمة، والنتيجة هي رفض الجكومات لمواجهة الانفلات في قطاع التمويل والتركيز بدلا من ذلك على تقليص الخدمات العامة وتحميل الناس العادية أعباء الأزمة، وهو ما سيزيد الوضع الاقتصادي العالمي سوءا.
بالنظر إلى هذه الصورة العامة لن أتفاجأ لو شهدنا استمرارا في الأزمات الاقتصادية في المستقبل، ما لا يمكنني التنبؤ به هو ما إذا كنا سنرى ردة فعل سياسية تكون كافية لمواجهة هجمة النخب الثرية على مصالح أغلبية الناس في العالم وإيقاف هذه الفئات المهيمنة عند حدها حتى نعيد التوازن للاقتصاد العالمي.
النبوءة
هذه هي الكلمات التي تنبأ بها البروفيسور كروتي بأزمة 2008، وهي الفقرات الختامية من بحث منشور في أبريل من عام 2007 حول الوضع في الأسواق المالية الأميركية[5] :
"استنتاجي هو بأن الشركات والأسواق المالية مقبلة على مشاكل، وفي المدى القريب قد تكون هذه المشاكل جدية، في المدى المتوسط قد نشهد ضغطا كارثيا، ولو حدث ذلك فسوف نرى ما إذا كانت السلطات النقدية قادرة على احتواء الأزمات، التاريخ يصرّ بأنه لا توجد هناك طفرات مالية مستدامة، لذلك أشعر بالرغبة في التنبؤ بأن هذا العصر الذهبي لن ينتهي بتباطؤ سلس بل بانفجار.
من الصعب عليّ التصديق بأن الأسواق المالية ستستمر للأبد في النمو بالمعدل العالي الذي نشهده في الفترة الحالية أو أن الشركات الضخمة التي تُتخم نفسها بالمخاطر لن تعاني من العواقب، لا أحد يعلم حجم المخاطر المخفاة في دفاتر هذه الشركات أو في هوامش بعض التقارير المالية المُبهمة.
من الصعب عليّ التصديق بأن أرباح قطاع التمويل سترتفع لأمد غير محدود مقارنة مع الناتج المحلي الإجمالي أو أرباح الشركات من خارج القطاع، أو أن أصدق بأن مسؤولي شركات التمويل وغيرها من الشركات يمكن أن يُفلتوا بإثراء أنفسهم بينما متوسط الأجور لا يزال ثابتا ومستوى التفاوت الاجتماعي في ارتفاع، لعل أقرب الاحتمالات هي بأن هذه الحقبة ستنتهي بتباطؤ اقتصادي معقول لكن كما حذّر راجان[6] وغيره فإنه من الممكن أن تنتهي هذه الحقبة بانفجار، على أي حال فإنه في لحظة ما في المستقبل سينتهي الأمر برمّته."
[1] الأوليجاركية oligarchy هي نظام سياسي تحكم فيه الأقلية، وعادة ما يستخدم المصطلح كنقيض لليدمقراطية التي تحكم فيها الأغلبية.
[2] البروفيوسور كروتي لديه بحث حديث حول هذا الموضوع بعنوان "حرب التقشف العظيمة: من تسبب بأزمة العجز الأميركية ومن يجب أن يدفع ثمنها؟"، يمكن الاطلاع على هذا البحث وغيره من بحوث البروفيسور كروتي مجانا باللغة الإنجليزية عبر موقع البروفيسور الإلكتروني: http://people.umass.edu/crotty/index.html
[3] نسبة للاقتصادي الإنجليزي جون ماينارد كينز (1883-1946) الذي كان أستاذا للاقتصاد في جامعة كيمبريدج البريطانية ويعتبر من أهم المدنظرين لدور فعال للدولة في الاقتصاد.
[4] جوزيف شومبيتر (1883-1950) كان أستاذا للاقتصاد في جامعة هارفارد الأميركية ومن أشهر الاقتصاديين في عصره ومبتكر مفهوم التدمير الخلاق Creative Destruction في الاقتصاد، وكان معروفا بآرائه السياسية المحافظة.
[5] يمكن الاطلاع مجانا على هذا البحث باللغة الإنجيليزية على الرابط: http://people.umass.edu/crotty/WP134.pdf
[6] راجورام راجان هو أستاذ التمويل في جامعة شيكاجو وأحد الذين حذروا من قرب الأزمة الاقتصادية قبل وقوعها.
تم نشر جزء من هذا اللقاء في صحيفة القبس الكويتية بتاريخ 6 يناير 2012
بقلم: البروفيسور وليام روبنسون، أستاذ علم الاجتماع في جامعة كاليفورنيا بسانتا باربرا
ترجمة: مرزوق النصف
نقلا عن Aljazeera English بتاريخ 30 نوفمبر 2011
بينما تخرج أزمة الرأسمالية العالمية عن السيطرة فإن القوى المهيمنة في النظام العالمي تبدو ساهمة وغير قادرة على تقديم حلول فاعلة، من ذبح الجيش في مصر عشرات الشباب المتظاهرين؛ مروراً بالقمع الشنيع لحركة "احتلوا Occupy" في الولايات المتحدة؛ وحتى استخدام الشرطة رشاشات الماء في تشيلي ضد الطلبة والعمال، يتبين بأن الدول والطبقات الحاكمة غير قادرة على صد التمرد الشعبي العالمي فلابد لها من استخدام العنف على نطاق عام.
باختصار فإن انعدام المساواة الهيكلي في النظام الاقتصادي السياسي العالمي لا يمكن احتواؤه عبر آليات التوافق الاجتماعية، لقد فقدت الطبقات الحاكمة شرعيتها، ونحن نشهد على مستوى عالمي تفكك هيمنة الطبقة الحاكمة.
ولاستيعاب ما يحدث في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين علينا رؤية المشهد العام في سياق تاريخي وهيكلي، لقد تمنت النخب العالمية أن يكون الكساد العظيم الذي بدأ مع أزمة الرهون العقارية ومع انهيار النظام المالي العالمي في 2008 مجرد دورة اقتصادية طبيعية يمكن معالجتها عبر تدخل الدولة للإنفاق وتحريك الاقتصاد، أما الآن فقد اتضح أن هذه أزمة هيكلية وليست دورية عادية، والدورات الاقتصادية العادية هي حلقات مستمرة في النظام الرأسمالي حيث تقع كل عقد تقريباً وتستمر لثمانية عشر شهراً إلى عامين، كان هناك ركود اقتصادي من هذا النوع في أوائل الثمانينات وأوائل التسعينات وأوائل القرن الواحد والعشرين.
أما الأزمات الهيكيلية فهي أعمق من ذلك ولابد لمعالجتها من إعادة هيكلة جذرية، فقد تم حل الأزمات الهيكلية العالمية السابقة في العقد الأخير من القرن التاسع عشر وثلاثينات وسبعينات القرن العشرين عبر إعادة هيكلة النظام وإنتاج نماذج جديدة من الرأسمالية، ولفظة "حلها" لا تعني أن المشاكل التي تواجه غالبية الجنس البشري قد تم حلها فعلا بل تعني بأن إعادة هيكلة النظام الرأسمالي قد سمح بمعاودة مراكمة رأس المال على مستوى عالمي، فقد تم حل الأزمة في العقد الأخير من القرن التاسع عشر في مراكز الرأسمالية العالمية عبر تصدير رأس المال وعبر جولة جديدة من التوسع الإمبريالي، والكساد العظيم في الثلاثينات تمت معالجته بالتحول باتجاه الديمقراطية الاجتماعية في الشمال والجنوب، هذه كانت رأسمالية الرفاه أو الرأسمالية الشعبية أوالرأسمالية التنموية التي عُنيت بإعادة توزيع الثروة وبخلق قطاعات عامة وبتقييد الأسواق.
العولمة والأزمة الهيكلية الراهنة
لفهم المنعطف الحالي يجب أن نعود للسبعينات، نحن نعيش الآن في مرحلة من مراحل الرأسمالية العالمية وهي مرحلة العولمة والتي تشكلت كرد على أزمة سابقة، وبالتحديد أزمة السبعينات التي يمكن تسميتها أزمة الديمقراطية الاجتماعية أو أزمة الفوردية- الكينزية Fordism-Keynesianism أو أزمة رأسمالية إعادة التوزيع، في مستهل تلك الأزمة اتجه رأس المال اتجاهاً عالمياً كاستراتيجية تعبّر عن "الطبقة الرأسمالية العابرة للحدودTransnational Capitalist Class " وممثيليها السياسيين لإعادة تجميع قوتها الطبقية عبر كسر القيود التي تفرضها الدول على التراكم داخل حدودها، هذه القيود والمعروفة بـ "المساومة الاجتماعية Social Compromise" تم فرضها على رأس المال عبر عقود من النضال الجماهيري حول العالم من قبل الطبقات العاملة والطبقات الشعبية الوطنية، لكن خلال الثمانينات والتسعينات تمكنت النخب ذات الهوى العالمي من السيطرة على السلطة في كثير من البلدان واستخدمت هذه السلطة للدفع باتجاه العولمة الرأسمالية عبر النموذج النيوليبرالي.
فقد فتحت سياسات العولمة والنيوليبرالية فرصا جديدة واسعة للتراكم عبر الحدود في الثمانينات والتسعينات، وساعدت الثورة في الكمبيوترات ووسائل الاتصال رأس المال العابر للحدود على تحقيق مكاسب في الإنتاجية وعلى إعادة هيكلة سوق العمل حول العالم، وهذا بدوره خفّض الأجور والأجر الاجتماعي ومهّد لنقل في الدخول لصالح رأس المال ولصالح قطاعات الاستهلاك المرتفع حول العالم وهو ما وفر أسواقاً جديدة تنشط النمو الاقتصادي، باختصار فقد سمحت العولمة بحدوث توسع عريض وعميق للنظام وأطلقت جولة جديدة من التراكم على مستوى عالمي الأمر الذي غطى على أزمة السبعينات المتمثلة بانخفاض الأرباح وانخفاض فرص الاستثمار.
لكن النموذج النيوليبرالي أدى في نفس الوقت لمستوى غير مسبوق من الاستقطاب الاجتماعي، تمكنت نضالات طبقية واجتماعية كبيرة في القرن العشرين من فرض نوع من السيطرة المجتمعية على رأس المال، تمكنت الطبقات الشعبية على درجات مختلفة من إجبار النظام على ربط ما نسميه إعادة الإنتاج الاجتماعي social reproduction بتراكم رأس المال، ما حدث خلال العولمة هو فصل منطق التراكم عن منطق إعادة الإنتاج الاجتماعي مما أدى لنمو غير مسبوق في التفاوت الاجتماعي ولأزمات أكثر حدة تهدد بقاء بلايين الناس حول العالم.
وانتجت عمليات الإفقار التي أطلقتها العولمة صراعات اجتماعية وأزمات سياسية يجد النظام الآن أنه من الصعب عليه احتواؤها، فشعار "نحن الـ 99%" ]شعار حركة "احتلوا وول ستريت" الأميركية لتركز الثروة بيد أغنى 1% من الشعب - المترجم[ يرمز لانعدام المساواة والإفقار على مستوى عالمي وهما الظاهرتان اللتان زادتا حدة منذ انطلاق العولمة الرأسمالية في الثمانينات، شرائح كبيرة من الإنسانية واجهت انخفاضا مطلقا في مستوى معيشتها، حتى أن صندوق النقد الدولي كان مجبراً على الاعتراف في تقرير من العام 2000 بأنه "في العقود الأخيرة تراجع ]مستوى معيشة - المترجم[ ما يقارب خمس تعداد السكان في العالم، ويمكن اعتبار هذا أحد أكبر مظاهر الفشل الاقتصادي في القرن العشرين."
ويضاعف الاستقطاب الاجتماعي العالمي من أزمة التراكم الزائد over-accumulation المزمنة، والمقصود بأزمة التراكم الزائد هو تركز الثروة في يد عدد قليل فأقل من الأشخاص بحيث أن السوق العالمية لا تستطيع استيعاب الإنتاج العالمي وبالتالي يتعطل النظام، ويواجه الرأسماليون العابرون للحدود صعوبة في توسعة فائض القيمة لأنهم لا يجدون فرص استثمارية لتحقيق أرباح على أموالهم مما يعني بأن النظام يدخل في ركود اقتصادي أو ما هو أسوأ، حيث اتجهت الطبقة الرأسمالية العابرة للحدود في السنوات الأخيرة نحو التراكم العسكري والمضاربات المالية والسطو على الخزينة العامة للمحافظة على القدرة على أنتاج الأرباح في وجه التراكم الزائد.
بينما يمكن القول بأن هجوم رأس المال العابر للحدود على مصالح الطبقة العاملة والطبقات الشعبية عبر العالم بدأ منذ أزمة السبعينات فإن "الركود العظيم Great Recession " في عام 2008 يعتبر مرحلة مفصلية، وبالتحديد فإن انتشار الأزمة مهّد الظروف لحلقات جديدة من التقشف الشنيع على مستوى عالمي ومزيد من المرونة في سوق العمل وزيادة في البطالة وما إلى ذلك، واستغل رأس المال المالي العابر للقارات وممثلوه السياسيون الأزمة العالمية لفرض التقشف الشنيع ولتفكيك ما تبقى من دولة الرفاه الاجتماعي في أوروبا و أميركا الشمالية وغيرها من الأماكن ولاستخراج المزيد من القيمة المضافة من العمّال مباشرة عبر مزيد من الاستغلال وبشكل غير مباشر عبر استغلال خزينة الدولة، لقد احتدم الصراع السياسي والاجتماعي حول العالم في مستهل عام 2008.
لكن على الرغم من كل هذه الإجراءات التي اتخذها رأس المال للتغلب على الأزمة فإن النظام لم يتمكن من التعافي، بل إنه ينزلق نحو مزيد من الفوضى، فلا تستطيع النخب العالمية السيطرة على التناقضات المتفجرة، هل بدأ النموذج النيوليبرالي للرأسمالية يدخل مرحلته النهائية؟ يجب هنا الاستيعاب بأن النيوليبرالية ما هي إلا نموذج واحد بين نماذج عدة للرأسمالية، مما يعني بأن القول بزوال النيوليبرالية لا يعني زوال الرأسمالية، فمن الممكن أن يستجيب النظام للأزمة وللتمرد الجماهيري عبر إعادة تشكيل نفسه من جديد إلى نموذج جديد من الرأسمالية العالمية، هل ممكن أن يكون النموذج الجديد مثلاً نموذجاً كينزياً على مستوى عالمي ينطوي على إعادة توزيع للثروة عبر الحدود وتقييد دولي لرأس المال المالي؟ هل يمكن احتواء القوى المتمردة في نموذج رأسمالي جديد؟
أم أننا نتجه نحو أزمة نظامية ]التشديد في الأصل - المترجم[؟ الأزمة النظامية هي أزمة يكون حلها بإنهاء النظام نفسه إما عبر تجاوزه نحو خلق نظام جديد وإما عبر انهيار النظام القديم، ما يحدد ما إذا كانت الأزمة الهيكلية ستتحول إلى أزمة نظامية هو ردة فعل القوى السياسية والاجتماعية، أي البرامج السياسية التي تقدمها هذه القوى إضافة إلى عوامل نسبية لا يمكن التنبؤ بها قبل مستقبلا وعوامل موضوعية، من المستحيل الآن التنبؤ بنتيجة الأزمة الحالية لكن هناك بضع خصائص واضحة تتعلق بالمنعطف العالمي الحالي.
اللحظة الراهنة
أولاً فإن هذه الأزمة تشترك في عدة خصائص مع أزمات هيكلية سابقة وقعت في الثلاثينات والسبعينات، لكن الأزمة الحالية تتمتع أيضاً بخصائص أخرى فريدة.
إن النظام يتجه باطراد نحو حدوده البيئية، فنحن نواجه احتمالاً حقيقياً بنضوب المصادر الطبيعية ووقوع الكوارث الطبيعية مما يهدد النظام بحد ذاته.
- وسائل العنف والتسلط الاجتماعي وصلت مستوى غير مسبوق، لقد غيّرت الحروب الإلكترونية والطائرات من غير طيّار وبرامج حرب النجوم وغيرها من طبيعة الحروب، فالحروب باتت طبيعية ونظيفة لمن هم في غير الطرف الذي يقع ضحية للعنف، كما أن تركيز السيطرة على وسائل الإعلام وعملية إنتاج الرموز والصور والرسائل في يد رأس المال العابر للحدود قد بلغ حداً غير مسبوق، لقد وصلنا لمجتمع الرقابة المركزية ]إشارة لأفكار الفيلسوف الفرنسي فوكو حول وسائل السيطرة على نزلاء السجون - المترجم[ والتحكم الأورويلي بالفكر ]إشارة لأفكار الروائي الإنجليزي أورويل حول الدولة التسلطية - المترجم.
- نحن نصل لحدود التوسع العرضي للرأسمالية بمعنى أنه لم تعد هناك مساحات جغرافية تذكر يمكن ضمّها للنظام الرأسمالي، فعمليات التمدين التي تتم على حساب الريف هي في مراحلها المتقدمة الآن وعمليات تسليع الريف ونظم الإنتاج غير الرأسمالية تزداد حدة، بحيث أن هذه المساحات غير الرأسمالية يتم تحويلها لمساحات رأسمالية نشطة حتى أن الانتشار الرأسمالي قد وصل مراحل غير مسبوقة، كما لو أنها تركب دراجة هوائية فإن الرأسمالية لابد أن تتقدم وتتوسع وإلا سقطت، لكن كيف للنظام أن يجد فرصا للتوسع في ظروف العالم اليوم؟
- نحن نشهد بروز أعداد هائلة من السكان الذين يسكنون مدن الصفيح مغتربين عن الاقتصاد المنتج ومرميين في الهوامش ومعرضين لأعتى أنواع التسلط الاجتماعي وأزمات البقاء، وذلك في حلقة عدمية من الاستغلال والتهميش، وهذا يدفع باتجاه أخطار جديدة مثل فاشية للقرن الواحد والعشرين وحلقات جديدة من الإبادة الجماعية لاحتواء هذه الناس واحتمالات ثورتهم.
- هناك انفصال بين الاقتصاد المعولم والنظم السياسية التي لا تزال قائمة على أساس الدول الوطنية، والمؤسسات الدولية لا تزال هشة وغير قادرة على لعب الدور الذي يسميه علماء الاجتماع دور "المهيمن hegemon"، كما لا توجد لدينا دولة متقدمة لديها ما يكفي من القوة والسلطة لتنظيم العالم وفرض الاستقرار، الدول الوطنية غير قادرة على التحكم في الاقتصاد العالمي وهي تواجه أزمات متزايدة في شرعيتها السياسية.
ثانيا، إن النخب العالمية غير قادرة على الإتيان بحلول، فهي تبدو مفلسة سياسياً وعاجزة عن إدارة الأحداث التي تتكشف أمامها، لقد أظهرت هذه النخب تنافساً هدّاماً في ما بينها وتفككاً وذلك في اجتماعات الـ G-8 والـ G-20وغيرها من المنابر، وكأنهم مشلولون وغير راغبين في مواجهة الفصيل المهيمن من رأس المال العالمي وهو رأس المال المالي العابر للحدود والذي يمثل أكثر فصائل رأس المال اختلالاً وإثارة للمشاكل، وفي الوقت الذي فشلت فيه المؤسسات الوطنية والدولية في التدخل لفرض قيود على رأس المال المالي العالمي فإنها نجحت في التدخل لإلقاء تكاليف الأزمة على كاهل العمال، إن الأزمات في ميزانيات الدول وفي عجوزاتها والتي تستخدم لتبرير خفض الإنفاق الحكومي والتقشف ما هي إلا مبررات واهية، فما هذه الأزمات إلا نتيجة عدم رغبة أو قدرة الدول على مواجهة رأس المال وميلها لتحويل تكاليف الأزمة نحو الطبقة العاملة والطبقات الشعبية.
ثالثا، لن تكون هناك نتيجة سريعة للفوضى العالمية الراهنة، فنحن مقبلون على صراعات كبيرة ومواجهات عظيمة، فكما ذكرت أعلاه فإن أحد المخاطر هو ظهور فاشية جديدة تمثل رداً يهدف لاحتواء الأزمة، نحن نواجه حرباص يشنها رأس المال على الجميع، وبالتحديد فإن ثلاثة أقسام من رأس المال العالمي هي الأبرز في عدوانيتها وفي قابليتها للبحث عن حلول سياسية فاشية لفرض مزيد من التركم في ظروف الأزمة المستمرة، هذه الفصائل الثلاث هي: رأس المال المالي المضارب والكتلة العسكرية الصناعية الأمنية military-industrial-security complex وقطاعات الطاقة والتنقيب عن المصادر الطبيعية، فالتراكم في الكتلة العسكرية الصناعية الأمنية يعتمد على الحروب والصراعات ومن بينها ما يسمى الحرب على الإرهاب والحرب على لمخدرات ]حرب المخدرات هي جهد أمني أميركي ممتد منذ عقود في أميركا الوسطى واللاتينية يتضمن نشر قوات أمن أميركية داخل حدود تلك الدول وغرضه المعلن محاربة الاتجار بالمخدرات - المترجم[ إضافة إلى عسكرة التسلط الاجتماعي، رأس المال المالي العابر للحدود يعتمد على التحكم بالخزائن العامة للدول وعلى فرض الديون والتقشف على الجماهير وهو ما لا يمكن تحقيقه بغير زيادة في القمع، والصناعات القائمة على التنقيب عن المصادر الطبيعية تعتمد على حلقات مستمرة من تجريد الناس من أملاكهم ومن التلوث البيئي حول العالم.
رابعا فإن القوى الشعبية حول العالم انتقلت من الدفاع إلى الهجوم بأسرع مما كان أحد يتخيل، فبات واضحاً بأن زمام المبادرة قد انتقل من النخب العابرة للحدود في القمة إلى القوى الشعبية في الأسفل، إن مناورات العولمة الرأسمالية في الثمانينات والتسعينات قد أدت لتوجيه العلاقة بين القوى الطبقية والاجتماعية حول العالم لصالح رأس المال العابر للحدود، وعلى الرغم من أن المقاومة كانت مستمرة حول العالم فإن القوى الشعبية وجدت نفسها في هذين العقدين حائرة ومتناثرة ومحصورة في استراتيجية دفاعية في مواجهة النيوليبرالية، ولاحقا سمحت أحداث 11 سبتمبر 2001 للنخب العابرة للحدود بقيادة الدولة الأميركية بأن تحافظ على هجمتها عبر عسكرة السياسة العالمية وتوسيع نطاق نظم التسلط الاجتماعية باسم "محاربة الإرهاب."
الآن تغير كل شيء، فلقد غيّرت الثورة العالمية القائمة الساحة السياسية ومعالم الخطاب العام، والنخب العالمية في حيرة من أمرها وتعتمد على ردات الفعل في ظل معضلة من صنعها، من المهم ملاحظة أن الذين يناضلون حول العالم يحظون بحس قوي من التضامن وهم على اتصال مع نضالات تبعد عنهم مسافة القارات، فكما أن الانتفاضة المصرية ألهمت حركة احتلوا وول ستريت فإن الأخيرة أيضا تلهم جولة جديدة من النضال الجماهيري في مصر، ما تبقى هو أن نمد جسور التنسيق عبر الحدود وأن نتحرك باتجاه برامج منسقة، هذا مع العلم بأن امبراطورية رأس المال العالمي ليست "نمراً ورقياً"، فبينما النخب العالمية تقوم بإعادة ترتيب أوراقها وتقيّم المنعطف الجديد والتهديد القادم من الثورة الجماهيرية العالمية فإن هذه النخب العالمية سوف تبدأ، بل قد بدأت فعلا، في تنسيق عمليات القمع الجماهيري والحروب الجديدة وآليات السيطرة ومشاريع الاحتواء في محاولة لإعادة هيمنتهم.
من وجهة نظري فإن الحل العملي الوحيد لأزمة الرأسمالية العالمية هو إعادة توزيع شامل للثروة والقوة من الأعلى باتجاه الأسفل لصالح الأغلبية الفقيرة من الإنسانية وذلك في سياق اشتراكية ديمقراطية للقرن الواحد والعشرين، في عالم لا تكون فيه الإنسانية في حرب مع نفسها ومع الطبيعة.

وثيقة: نحو برنامج انتخابي للإصلاح والتغيير... رسالة إلى الناخبين والمرشحين
على الرغم من الثغرات والنواقص والسلبيات التي يعاني منها النظام الانتخابي الحالي وضرورة إصلاح هذا النظام، فإنّ الانتخابات النيابية تشكّل أحد أهم أدوات العمل السياسي في الكويت.
ومع أنّنا "التيار التقدمي الكويتي" لسنا في وارد خوض المعركة الانتخابية الحالية، فإنّنا معنيون بأن نتقدّم إلى المواطنين بما نراه من خطوط عامة لبرنامج انتخابي للإصلاح والتغيير، نأمل أن يكون محطّ اهتمامهم كناخبين، وأن يكون الأساس في موقفهم تجاه المرشحين في الانتخابات بمقدار تبنيهم هذا البرنامج والتزام تنفيذه في حال فوزهم.
كما يدعو "التيار التقدمي الكويتي" المواطنين إلى عدم الانخداع بالوعود الفارغة، وأن يناقشوا المرشحين بعمق ويسائلونهم ويحاسبونهم عن مواقفهم، وأن يسهم الناخبون في كشف العناصر الفاسدة والانتهازية من بين المرشحين، وأن يتجاوز الناخبون الاعتبارات القبلية والطائفية والفئوية في اختياراتهم الانتخابية وتصويتهم لصالح هذا المرشح أو ذاك، وأن يرفضوا المشاركة في الانتخابات الفرعية المخالفة للقانون، وأن يفضحوا أي محاولة لشراء الأصوات والذمم عبر المال السياسي أو سواه من أشكال الرشاوى والإفساد.
وفيما يلي المحاور الثلاثة لبرنامجنا الانتخابي الهادف إلى الإصلاح والتغيير ونقاطه الأساسية:
أولاً: محور الإصلاح السياسي الديمقراطي:
1- تفعيل أحكام "دستور الحدّ الأدنى" ونصوصه التي لما تطبّق بعد ولا تزال مُعطلة ومعلّقة فيما يتصل بأمور عديدة من بينها تغليب الطابع البرلماني على الرئاسي في نظامنا الدستوري، واستعادة مجلس الوزراء لدوره الدستوري المفترض، وعدم احتكار مناصب رئاسة مجلس الوزراء ووزارات السيادة، والتمسك باحترام مبدأ الفصل بين السلطات؛ واستقلال القضاء، وتمكين الأفراد من اللجوء المباشر إلى القضاء الدستوري، وكفالة حقّ التقاضي من دون تحصين لبعض القرارات الإدارية، وتشكيل مجلس الدولة ليتولى مهام القضاء الإداري والإفتاء والصياغة القانونية، وهي أحكام ونصوص دستورية معطّلة لما توضع بعد موضع التطبيق على الرغم من مرور نحو نصف قرن على إصدار الدستور.
2- مكافحة مختلف أشكال الإفساد والفساد والرشاوى واستخدام المال السياسي واستغلال النفوذ والتنفيع، وتفعيل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وسنّ قوانين لإنشاء هيئة وطنية مستقلة لمكافحة الفساد وللكشف عن الذمم المالية لكبار المسؤولين في الدولة, والملاحقة القانونية والفضح السياسي للمفسدين والفاسدين من الأطراف الحكومية والنيابية وغيرهم ممَنْ لهم علاقة بفضيحتي الإيداعات المليونية في الحسابات المصرفية لعدد من أعضاء مجلس الأمة المنحل، والتحويلات المالية الخارجية.
3- رفض أي شكل من أشكال التدّخل السلطوي في العملية الانتخابية، وتعديل قانون الانتخابات بما يحدد سقفاً أعلى للإنفاق الانتخابي للمرشحين، وبما يوفر الحماية للشهود على عمليات شراء الأصوات.
4- إصلاح النظام الانتخابي الحالي الذي يفتقد العدالة في توزيع أعداد الناخبين في الدوائر الخمس، وبحث إمكانية التوصل إلى صيغة متوافق عليها في شأن نظام الدائرة الانتخابية الواحدة بالارتباط مع استحداث نظام التمثيل النسبي للقوائم الانتخابية، شريطة أن تكون هذه القوائم مؤلفة على أسس سياسية ووطنية بعيدة عن التفرقة والاستقطابات القبلية والطائفية والفئوية. بالإضافة إلى توسيع القاعدة الانتخابية بتخفيض سن الناخب إلى 18 عاماً، وإلغاء وقف حقّ العسكريين في الانتخاب.
5- إلغاء القوانين المقيّدة للحريات العامة والحقوق الديمقراطية لتحلّ مكانها قوانين ديمقراطية تنظم ممارسة الحريات والحقوق ولا تقيّدها أو تصادرها، ومن بينها:
أ- تعديل القانون رقم 24 لسنة 1962 في شأن الأندية وجمعيات النفع العام، بما ينهي الوصاية الحكومية على مؤسسات المجتمع المدني ويطلق حرية تأسيسها ونشاطها.
ب- تعديل المرسوم بقانون رقم 65 لسنة 1979 في شأن الاجتماعات العامة والتجمعات بما يتناسب مع الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية ببطلان القيود غير الديمقراطية على حرية الاجتماعات العامة لتشمل التجمعات.
ت- تعديل المادة 60 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية بحيث لا تزيد مدة احتجاز المقبوض عليه عن 24 ساعة دون أمر كتابي من النيابة العامة بحبسه احتياطياً، مع ضمان حقّ المتهم في الاستعانة بمحام قبل بدء التحقيق.
ث- تعديل القانون رقم 14 لسنة 1973 بإنشاء المحكمة الدستورية بحيث يحقّ للأفراد الوصول إليها مباشرة للطعن في دستورية أي قانون.
ج- تعديل المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 1981 بإنشاء دائرة المحكمة الكلية لنظر المنازعات الإدارية بحيث تكون محكمة مستقلة ولتشمل ولايتها القرارات الإدارية بشأن مسائل الجنسية والإقامة وتراخيص الصحف ودور العبادة، المستثناة حالياً.
ح- تعديل القانون رقم 31 لسنة 1970 الخاص بالجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي والخارجي، وذلك بإلغاء الأحكام والمواد الواردة فيه التي تتعارض مع الحقوق الديمقراطية المكفولة للمواطنين، من حيث تقييدها حرية التجمعات، وتجريمها نشر المبادئ والأفكار، وتوسعها في تجريم نشر الأخبار والتعبير عن الرأي.
6- تحقيق المساواة الكاملة بين الكويتيين كافة على أساس المواطنة الدستورية الحقة، ورفض سياسات التفرقة والتمييز وفق الاعتبارات العائلية والقبلية والطائفية والمناطقية.
7- المساواة الدستورية والقانونية الكاملة بين المرأة والرجل على أسس من العدالة وفي مختلف المجالات ومؤسسات الدولة وقوانينها وخدماتها، وإلغاء ما يتعارض مع هذا المبدأ الديمقراطي من قوانين وإجراءات تمييزية، مثلما هي عليه الآن قوانين الجنسية والرعاية السكنية والتعيين في القضاء والترقيات للمناصب الإدارية القيادية.
8- اقتراح قانون ديمقراطي لإشهار الأحزاب السياسية، التي يجب أن تتكوّن على أسس وطنية وديمقراطية وسياسية سليمة، وألا تكون تشكيلات طائفية أو قبلية أو فئوية، وذلك بما يحقق تنظيم الحياة السياسية في البلاد والارتقاء بالعملية الانتخابية والممارسات النيابية.
9- التصدي للممارسات السلبية للحكومة في الحياة البرلمانية المتمثّلة في عقد جلسات سرية لمجلس الأمة من دون مبرر جدّيّ يتصل بأمن البلاد، وشطب الاستجوابات من جدول أعمال المجلس، ومشاركة الوزراء في التصويت على الإجراءات المتصلة بالاستجوابات النيابية، ومحاولة إهدار مبدأ الحصانة البرلمانية الموضوعية للنواب عن أقوالهم وأعمالهم داخل المجلس ولجانه، وامتناع الحكومة عن حضور جلسات مجلس الأمة لتعطيل أعماله.
10- انتخاب كامل أعضاء المجالس البلدية، وانتخاب مجالس المحافظات والمحافظين والمختارين.
11- إلغاء الأجهزة الأمنية القمعية، وتحديداً الإدارة العامة لأمن الدولة، وتجريم التجسس السياسي على المعارضين وملاحقتهم، والاستدعاء غير القانوني لهم واستخدام أساليب التهديد والتعذيب أثناء التحقيق.
12- احترام الحقوق والحريات النقابية، وضمان حق الإضراب عن العمل، وتكوين النقابات الجديدة على أساس الاكتفاء بالتسجيل عن طريق إيداع وثائق التأسيس، والإقرار بحق التفرغ النقابي وحرية نشاط النقابيين في مرافق العمل.
13- المصادقة على المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تضمن حقوق الإنسان، والتعامل معها كجزء من القانون الوطني، والالتزام بتطبيق هذه المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات وتقديم تقارير منتظمة عن مدى تنفيذها.
ثانياً: محور القضايا والمطالب الشعبية:
1- معالجة مشكلة السكن في ظل ارتفاع أسعار العقار والمضاربة عليه، حيث يتجاوز عدد الطلبات المتراكمة للحصول على السكن أكثر من 90 ألف طلب، ناهيك عن الطلبات المقدمة أخيراً من النساء، ومحدودية المساحة المأهولة من البلاد التي لا تتجاوز 6 في المئة من إجمالي مساحة الدولة، ما يرفع سعر العقار خصوصاً في ظل المضاربات، بحيث لا يمكن أن يستطيع المواطن العادي الحصول على سكن خاص عبر مدخراته الشخصية، وهذا ما يتطلّب:
أ- توفير المزيد من الأراضي للسكن.
ب- منع المضاربة على الأراضي السكنية، وفرض ضريبة عقارية على الملكيات الكبيرة والأراضي الفضاء غير المستغلة.
ت- إنشاء مناطق سكنية داخل العاصمة.
ث- تقليص فترات الانتظار الطويلة للحصول على الرعاية السكنية، وتحديد مواقيت زمنية ملزمة.
ج- سنّ قانون إيجارات عادل يراعي مصالح جمهور المستأجرين من السكان وأصحاب المحلات ويأخذ بعين الاعتبار مصالح صغار الملاك.
2 - معالجة مشكلة التضخم وارتفاع الأسعار، التي بلغت 26 في المئة بين أغسطس 2007 وأغسطس 2011، وما يلحقه التضخم من ضرر على المستوى المعيشي لعموم المستهلكين والفئات الشعبية منهم على وجّه أخص، وهذا ما يتطلّب:
أ- اعتماد سلم متحرك للرواتب والأجور بربطها بارتفاع تكاليف المعيشة (مؤشر أسعار المستهلك) مع تفعيل المادة الرابعة من القانون 49 لسنة 1982 في شأن زيادة مرتبات الموظفين المدنيين والعسكريين وزيادة المعاشات التقاعدية، التي تقضي بأن "يُعاد النظر كل سنتين على الأكثر من تاريخ العمل بهذا القانون في مستوى المرتبات والمعاشات التقاعدية على ضوء زيادة نفقات المعيشة، وذلك وفقاً للقواعد والأحكام التي يقررها مجلس الوزراء".
ب- فرض رقابة جدّيّة على الأسعار، ووضع حد أعلى لنسب الربح التجاري، والتوسع في نوعية الدعم في السلع للفئات الشعبية.
ت- تقوية أجهزة الدولة ومنظمات المجتمع المدني المعنية بحماية المستهلك من رفع الأسعار والغش التجاري، ومنحها صلاحيات الرقابة الفعالة والضبط القضائي.
3 - الاهتمام بمعالجة مشكلة البطالة وتوفير فرص العمل للشباب الكويتي، حيث تشير الدراسات الحكومية إلى أنّ عدد العاطلين عن العمل من الشباب الكويتي في 2010 كان نحو 18 ألف، وهذا العدد مرشح للارتفاع في السنوات المقبلة في ظل ضيق فرص التوظيف في الدولة وعدم قيام القطاع الخاص بمسؤولياته الاجتماعية في توفير فرص عمل كافية للشباب الكويتي.
وهذا ما يتطلب إحداث تغييرات في الخطط التنموية بحيث يكون محورها الإنسان وهدفها خلق بنية اقتصادية منتجة تديرها عمالة وطنية تتأهل في مواقع الإنتاج والعمل:
أ- تعديل قانون التأمينات الاجتماعية ليشمل البطالة والتعطّل عن العمل بما يوفر معاشاً تأمينياً يكون مصدر دخل وحياة كريمة للعاطل عن العمل حتى حصوله على عمل مناسب.
ب- تعديل قانون دعم العمالة الوطنية بما يلزم القطاع الخاص، وخصوصاً الشركات التي تساهم الدولة فيها؛ وشركات المقاولات في القطاع النفطي بتوفير فرص عمل حقيقية وليس توظيفاً وهمياً للشباب الكويتي، وزيادة نسبة تشغيل الكويتيين.
ت- وضع خطط لتشجيع القطاع الخاص على تشغيل الكويتيين، بحيث تتحمّل الدولة نسبة من الأجر تنخفض تنازلياً مع مرور الوقت، وفرض نسب متصاعدة للإحلال الوظيفي للعمالة الوطنية في القطاع الخاص.
ث- منع تحويل الأعمال الفنية والإدارية في القطاع النفطي إلى شركات المقاولات، واقتصار التعيين فيها على الشباب الكويتي، وإعادة تأسيس معاهد التدريب على الأعمال النفطية التي كانت قائمة في السابق.
ج- تعديل قوانين العمل واستكمال نواقصها، من خلال توحيدها وتضمينها حقوقاً أوسع للعمال وشروطاً أفضل لعملهم، بالأخص إقرار سلم لأجور القطاع الخاص.
4 - معالجة مشكلة القبول في الجامعة المرشحة للتفاقم أكثر في السنوات المقبلة، وهذا ما يتطلّب:
أ- الإسراع في إنجاز مشروع إنشاء المدينة الجامعية، ومحاسبة المتسببين في تأخيره.
ب- إنشاء جامعات أخرى وافتتاح كليات في المحافظات.
ت- توجيه الطلبة نحو الدراسة في التخصصات التي تحتاجها البلاد، وذلك على ضوء دراسات علمية تحدد التخصصات المطلوبة، وبالتوافق مع الاحتياجات الفعلية ضمن سياسة تخطيط تنموية تتحكم في مخرجات التعليم وتولي أهمية قصوى للأعمال غير المكتبية في القطاعات الإنتاجية والخدماتية.
5- حلّ قضية البدون: بتبني سياسة جادة واتخاذ إجراءات عملية لمعالجة مشكلة غير محددي الجنسية (البدون) وفق قواعد واضحة انطلاقاً من اعتبارات إنسانية واجتماعية وتنموية وبعيداً عن المعايير العنصرية، وذلك بمنح الجنسية الكويتية لحملة إحصاء 1965 والذين ولدوا في الكويت وتلقوا تعليمهم واستقروا فيها وليس هناك موطن آخر يمكنهم الانتقال إليه، مع ضرورة إقرار الحقّ الدستوري في الجنسية لأبناء المواطنات الكويتيات تطبيقاً لمبدأ المساواة بين المرأة والرجل وفقاً للدستور، مثلما فعلت أخيراً دولة الإمارات العربية المتحدة، وكذلك الإقرار بحقّ الجنسية لأسر الشهداء والأسرى، واستيعاب الكفاءات والأيدي العاملة الماهرة، وانضمام الكويت إلى الاتفاقيات الدولية الخاصة بعديمي الجنسية، وتفعيل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتصلة بحقوق الإنسان، حيث لم يعد مقبولاً استمرار الحرمان من هذه الحقوق وكذلك لم يعد مقبولاً استمرار المماطلة والتسويف في التعامل مع هذه القضية.
6 - إنّ التطبيب والعلاج حقوق إنسانية وليست سلعاً، ويجب عدم التمييز بين المرضى في الحصول عليها، مع ضرورة تطوير الخدمات الصحية عن طريق:
أ- تطوير الطاقة الاستيعابية للمنشآت الصحية وزيادة عدد الأطباء والممرضين المؤهلين.
ب- إنشاء مستشفيات جديدة وزيادة عدد الأَسرَّة.
7 – تحسين مستوى الخدمات العامة والاهتمام بالبيئة من خلال:
أ- تطوير البنية التحتية من شبكات صرف صحي و الطرق الرئيسية و المطار و المنافذ البرية والبحرية.
ب – إيجاد و تطوير مرافق صحية و اجتماعية لذوي الاحتياجات الخاصة و المسنين.
ت - زيادة عدد الحدائق العامة وتوفير الخدمات الترفيهية والمرافق الرياضية المناسبة للأطفال والشباب والأسر والمسنين.
ث- إنشاء هيئة رقابية تشرف على سير مناقصات الدولة و تتابع مراحل تطبيقها في الخطة الزمنية المدرجة.
ج- تجريم الاستغلال السيئ للبيئة بكافة أشكالها في الصحراء و البحر، و وضع حد لإنبعاثات المصافي والمصانع البتروكيماوية واستبدالها بتقنيات مسالمة للبيئة.
ثالثاً: محور الإصلاحات الدستورية المستحقة التي تدفع باتجاه التحوّل الكامل إلى النظام البرلماني في إطار الإمارة الدستورية:
حيث تشمل هذه الإصلاحات البنود الأربعة التالية:
1 - تنقيح المادة 80 من الدستور بحيث تقتصر عضوية مجلس الأمة على النواب المنتخبين من دون منح الوزراء من غير النواب المنتخبين الحقّ غير المبرر في عضوية المجلس، وذلك لضمان اكتمال شعبية المجلس النيابي المنتخب.
2 - تنقيح المادة 98 بما يلزم أي حكومة جديدة أن تتقدم فور تشكيلها ببرنامجها إلى مجلس الأمة لتنال الثقة النيابية على أساسه، وليس أن يكتفي المجلس بإبداء ملاحظاته حول البرنامج، بحيث تنال الحكومة قبل مباشرة عملها ثقة الأمير وثقة ممثلي الأمة معاً.
3 - تنقيح المادتين 101 و102 بحيث يمكن طرح الثقة في الوزراء ورئيس مجلس الوزراء من دون الحاجة إلى المرور بآلية الاستجواب، ومن دون تفريق غير ذي معنى بين طرح الثقة في الوزراء وفي رئيسهم واعتباره معتزلا لمنصبه شأنه شأنهم من تاريخ عدم الثقة به، وعدم اشتراط تحكيم رئيس الدولة عند طرح الثقة في رئيس مجلس الوزراء لاتخاذ قراره إما بإعفاء الرئيس أو بحلّ مجلس الأمة، مثلما هي الحال الآن عند تقديم طلب عدم إمكان التعاون معه.
4 - تنقيح المادة 116 من الدستور، أو تعديل اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، بما يؤدي إلى تأكيد صحة انعقاد جلسات مجلس الأمة من دون اشتراط حضور الحكومة، حتى لا يؤدي غيابها إلى تعطيل جلسات المجلس مثلما يحدث الآن وسبق أن تكرر أكثر من مرة.
***
أيها الناخب... أيتها الناخبة... وإلى المرشحين في الانتخابات
هذه هي مطالبنا الشعبية... هذه هي قضايانا الوطنية... هذه هي رؤيتنا الإصلاحية والتغييرية للواقع المرفوض ضمن روح الدستور... هذا هو برنامج الإصلاح والتغيير الذي نطالب المرشحين والمرشحات إلى انتخابات مجلس الأمة بتحديد موقفهم تجاهه، وتبنيه والتزامهم بتنفيذه في حال فوزهم.
انطلاقاً من إيماننا بالحقّ الطبيعي للإنسان الذي أقرّه "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" في الاعتراف به مواطناً في الدولة التي ينتمي إليها؛ أو تمت ولادته على أرضها؛ أو كان أحد أبويه مواطناً فيها، وإيماناً منا بعدالة قضية "البدون" في الحصول على حقوقهم المدنية والإنسانية كاملة، فإنّ الأطراف الموقعة على هذا البيان تدعو إلى الإسراع في إنجاز حلّ إنساني عادل لقضية "البدون" من دون مماطلة أو تسويف، وتؤكد على حقّ البدون في التظاهر وتتضامن معهم في نضالهم السلمي لنيل كافة حقوقهم المدنية والإنسانية،وتعلن عن رفضها أسلوب التعامل الأمني المتعسف مع "البدون" المطالبين بحقوقهم، وترى أنّ الحلّ الأمني من شأنه تعقيد الأمور وزيادة تفاقمها، وتطالب بحفظ القضايا المرفوعة ضد الشباب الذين شاركوا في تجمعات الصليبية وتيماء في شهري فبراير ومارس 2011.
وتعبيراً عن هذا الموقف فإنّ الأطراف الموقعة على هذا البيان تدعو إلى تنظيم وقفة تضامنية رمزية مع قضية "البدون" في ساحة الإرادة، وذلك في الثامنة من مساء الاثنين 19 ديسمبر، لتحمل رسالة واضحة في هذا الشأن.
وتؤكد الأطراف الموقعة على البيان أنّ المطلوب لحلّ قضية "البدون" هو تبني سياسة جادة واتخاذ إجراءات عملية وفق قواعد واضحة انطلاقا من اعتبارات إنسانية واجتماعية وتنموية بعيداً عن المعايير العنصرية، وذلك عن طريق:
1- منح الجنسية الكويتية لحملة إحصاء 1965 كحد أدنى، وللذين ولدوا في الكويت وتلقوا تعليمهم واستقروا فيها وليس هناك موطن آخر يمكنهم الانتقال إليه.
2- إقرار الحقّ الدستوري في الجنسية لأبناء المواطنات الكويتيات تطبيقاً لمبدأ المساواة بين المرأة والرجل وفقا للدستور، مثلما فعلت أخيرا دولة الإمارات العربية المتحدة.
3- الإقرار بحقّ الجنسية لأسر الشهداء والأسرى.
4- انضمام الكويت إلى الاتفاقيات الدولية الخاصة بعديمي الجنسية، وتفعيل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتصلة بحقوق الإنسان.
5- تمكين "البدون" جميعاً من ممارسة حقوقهم المدنية والإنسانية الأساسية.
وأخيراً، تهيب الأطراف الموقعة على البيان بكل مَنْ يؤمن بحقوق الإنسان إلى أن يبذل أقصى ما بوسعه للتحرك في هذا الاتجاه، وذلك حتى تطوى نهائياً صفحة هذه القضية المعلّقة وتنتهي معاناة إخوتنا "البدون".
الكويت في 19 ديسمبر 2011
التيار التقدمي الكويتي
جمعية الخريجين
حركة كافي
حزب الأمة
شباب التغير والتطوير
شباب الحرية
مجموعه الحرية لحقوق الإنسان
مجموعة من النشطاء الحقوقيين

تصريح منسق عام التيار التقدمي الكويتي حول أحداث تيماء
صرح المنسق العام للتيار التقدمي الكويتي ضاري الرجيب حول احداث منطقة تيماء وتعامل قوات الامن مع المتظاهرين :
يعبّر التيار التقدمي الكويتي عن رفضه أسلوب التعامل الأمني مع شباب "البدون" الذين تجمهروا اليوم في منطقة تيماء للتعبير سلمياً عن مظالمهم وللمطالبة بحلّ قضيتهم، ونرى أنّ التعامل الأمني من شأنه أن يعقّد القضية ويزيدها تفاقماً، ونطالب بوقف التعسف في استخدام القوة والافراج الفوري عن المعتقلين.ويؤكد التيار التقدمي الكويتي أنّ حلّ قضية البدون يتطلب تبني سياسة جادة واتخاذ إجراءات عملية لمعالجة مشكلة غير محددي الجنسية (البدون) وفق قواعد واضحة انطلاقاً من اعتبارات إنسانية واجتماعية وتنموية وبعيداً عن المعايير العنصرية، وذلك بمنح الجنسية الكويتية لحملة إحصاء 1965 والذين ولدوا في الكويت وتلقوا تعليمهم واستقروا فيها وليس هناك موطن آخر يمكنهم الانتقال إليه، مع ضرورة إقرار الحقّ الدستوري في الجنسية لأبناء المواطنات الكويتيات تطبيقاً لمبدأ المساواة بين المرأة والرجل وفقاً للدستور، مثلما فعلت أخيراً دولة الإمارات العربية المتحدة، وكذلك الإقرار بحقّ الجنسية لأسر الشهداء والأسرى، واستيعاب الكفاءات والأيدي العاملة الماهرة، وانضمام الكويت إلى الاتفاقيات الدولية الخاصة بعديمي الجنسية، وتفعيل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتصلة بحقوق الإنسان، حيث لم يعد مقبولاً استمرار الحرمان من هذه الحقوق وكذلك لم يعد مقبولاً استمرار المماطلة والتسويف في التعامل مع هذه القضية.
يأتي قرار حلّ مجلس الأمة تلبية لمطلب شعبي واسع وخطوة في اتجاه تخفيف حدّة حالة الاحتقان للأزمة السياسية المحتدمة التي تعانيها الكويت منذ فترة، مع التأكيد على أنّ تخفيف حدّة الاحتقان يجب أن يكون المدخل لمعالجة الأسباب العميقة لهذه الأزمة، وليس أن يكون بديلاً عنها.
ونحن في "التيار التقدمي الكويتي" في الوقت الذي نحيي فيه عشرات الآلاف من المواطنين الذين شاركوا في الفعاليات والتجمعات الاحتجاجية للحراك الشعبي المناهض للإفساد السلطوي لمجلس الأمة والعبث المستمر بالآليات الدستورية الذي امتد طوال عام كامل، يهمّنا التأكيد على الاستنتاجات والنقاط التالية:
أولاً: إنّ الحراك الشعبي عبر الضغط المستمر للشارع هو الأسلوب المجرّب والضمانة الحقيقية في التصدي للنهج السلطوي ولتحقيق مطالب الإصلاح السياسي والتغيير الديمقراطي بما يتجاوز حالة الانسداد في أفق العمل البرلماني جراء إفساد مجلس الأمة والعبث في الدستور.
ثانياً: إنّ تخفيف حدّة الاحتقان للأزمة السياسية لا يمثّل حلاً ناجزاً لها، وإنما هو مجرد مدخل لمعالجة أسبابها العميقة التي تتطلب التخلي عن نهج الإنفراد بالسلطة وفق عقلية المشيخة، وإنهاء الرعاية السلطوية للإفساد والفساد، وكفّ أيدي قوى الفساد ومراكز النفوذ وسطوة أصحاب المصالح عن التحكّم في القرار السياسي، ووقف كافة أشكال التدخّل في الانتخابات والعبث بالدستور والمؤسسة البرلمانية، وإحداث إصلاحات سياسية ودستورية تدفع في اتجاه التحوّل نحو نظام ديمقراطي برلماني مكتمل الأركان، وعدم احتكار مناصب رئاسة مجلس الوزراء والوزارات السيادية، واستعادة مجلس الوزراء لدوره الدستوري كسلطة مقررة للسياسة العامة للدولة وليس أن يكون مجرد جهاز تنفيذي تابع يتلقى التعليمات، وضمان استقلال القضاء، وإصلاح قانون الانتخابات، وإقرار قانون للأحزاب السياسية، وتعديل اللائحة الداخلية لمجلس الأمة بما يؤكد انعقاد المجلس من دون اشتراط حضور الوزراء... ذلك أنّه من دون تلبية مثل هذه الاستحقاقات والإصلاحات فإنّ أسباب الأزمة ستبقى كامنة بحيث يمكن أن تنفجر مجدداً في أي وقت على هذا النحو أو ذاك.
ثالثاً: إنّ القانون الحالي للانتخابات والتوزيع غير العادل للدوائر الانتخابية؛ وعدم تحديد سقف أعلى للإنفاق الانتخابي للمرشحين، وعدم الجدّيّة في ملاحقة عمليات شراء الأصوات، واستمرار تدخّل أبناء الأسرة ومراكز النفوذ وأصحاب المصالح في التأثير على العملية الانتخابية؛ والانتخابات الفرعية، والاستقطابات الطائفية والقبلية والعائلية والفئوية، وعدم وجود حياة حزبية سليمة، تمثّل جميعها عوامل سلبية من شأنها التأثير على نزاهة الانتخابات والتحكّم في الإرادة الحرّة للناخبين.
رابعاً: ضرورة الإبقاء على ملف الإفساد السياسي مفتوحاً والتحقيق فيه وكشف الحقائق أمام الشعب الكويتي ومحاسبة الأطراف الحكومية والنيابية المتورطة في فضيحة الإيداعات المليونية وغيرها من فضائح الرشاوي والإفساد والفساد واستغلال النفوذ التي زكمت الأنوف، مع ضرورة الإسراع في إقرار قوانين الشفافية ومكافحة الفساد.
خامساً: إنّ الحكومة ومجلس الأمة المقبلين مطالبان بضرورة إيلاء اهتمام جدّيّ بالهموم المعيشية وبالمطالب الاجتماعية للطبقات الشعبية؛ ومعالجةّ القضايا المعلّقة، وحلّ المشكلات العامة مثل: التضخم النقدي وارتفاع الأسعار؛ والبطالة؛ ومشكلة الإسكان؛ والمماطلة في إنجاز الحلّ النهائي لقضية البدون وفق اعتبارات إنسانية وتنموية عادلة، ومشكلة عدم توافر مقاعد الدراسة الجامعية، وسوء الخدمات العامة، وذلك وفقاً لمبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص، التي لا يمكن أن يتحقق الإصلاح السياسي أو التغيير الديمقراطي بمعزل عنها أو بالتجاهل لها.
وفي الختام، يعبّر "التيار التقدمي الكويتي" عن ثقته في وعي أقسام واسعة من المواطنين، وتحديداً الشباب الكويتي، وقدرتهم على التمييز وحسن الاختيار؛ والتصدي للمرشحين الفاسدين، ومنع عودة "النواب القبيضة" إلى مجلس الأمة المقبل، خصوصاً في ظل التأثير الإيجابي الكبير للحراك الشعبي الذي تشهده الكويت.
6 ديسمبر 2011

بيان صادر عن "التيار التقدمي الكويتي" حول محاكمة البدون
يتابع "التيار التقدمي الكويتي" بقلق المحاكمة المرتقبة يوم الاثنين المقبل الموافق 12 ديسمبر الجاري لثمانية وأربعين متهماً من أبناء فئة "البدون" بسبب مشاركتهم في التحركات الشبابية التي شهدتها منطقتا الصليبية وتيماء خلال شهري فبراير ومارس الماضيين جراء مشاعر الإحباط واليأس المتولدة في نفوسهم نتيجة استمرار معاناتهم الإنسانية وحرمانهم من حقّهم في المواطنة، بل حرمانهم من نيل أبسط حقوقهم المدنية والاجتماعية؛ والمماطلة الحكومية في حلّ قضيتهم، بالإضافة إلى النتائج السلبية المترتبة على أسلوب التعامل الأمني المتشدد معهم خلال تلك التحركات المطلبية وما تعرضوا له من قمع واعتقال وسوء معاملة وثّقتها تقارير منظمات حقوق الإنسان ولاشك في أنّ منعهم من الاحتجاج وقمعهم سلوك يتعارض صراحة مع الحقّ الديمقراطي المكفول دولياً في طرح المظالم والتظاهر السلمي لإبراز القضايا العادلة والدفاع عنها.
والمؤسف أنّ الحكومة بعد تلك التحركات الشبابية المطالبة بحلّ القضية لم تفِ بوعودها المعلنة في الإسراع بالحلّ والتخفيف من المعاناة الإنسانية، إذ كشف التقرير الذي نشرته صحيفة "القبس" في 21 سبتمبر الماضي عدم جدّيّة الأجهزة الحكومية في تنفيذ ما سبق الإعلان عنه من إجراءات وقرارات في هذا الشأن، والتمادي في استغلال ما يسمى "القيود الأمنية" والتوسّع في تعميمها لتشمل الأقارب... فيما عمدت الحكومة ونوابها الموالون إلى إلغاء اللجنة النيابية المختصة بقضية البدون في مجلس الأمة، وفرض "بيت الزكاة" شروطاً مشددة جديدة على تقديم المساعدات الإنسانية للأسر المستحقة من البدون، وقامت بعض الجهات الحكومية بإنهاء خدمات العديد من البدون المعينين في وظائف بنظام المكافآت من دون تعويض مادي، وهذا ما يكشف بالملموس استمرار النهج الحكومي المماطل في حلّ هذه القضية حلاً جذرياً وفق اعتبارات إنسانية تنموية واجتماعية عادلة، وتعمّد التنكّر لأبسط الحقوق الإنسانية للبدون.
إنّ البدون في معظمهم جزء من المجتمع الكويتي وينتمون إلى مكونات نسيجه الاجتماعي، ولا يمكن إنكار تضحيات الشهداء والأسرى من البدون فترة الغزو والاحتلال دفاعاً عن الكويت، وكذلك ضمن شهداء الجيش الكويتي في الحروب العربية وشهداء حادثة تفجير موكب الأمير في العام 1985، ويمثل معظم "البدون" الآن الجيلين الثالث والرابع من أبناء وأحفاد هذه الفئة المهمّشة والمحرومة من أبسط حقوقها الإنسانية، ولا يجوز حرمانهم من حقّهم في المواطنة واكتساب الجنسية وهي من أهم ما كفله الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ويكرر "التيار التقدمي الكويتي" موقفه الرافض للمعالجات الأمنية لهذه القضية الإنسانية ويدعو إلى الإقرار من دون مماطلة أو تأخير بالحقوق المدنية والاجتماعية والإنسانية لفئة البدون ووضعها موضع التطبيق، وضرورة إنجاز حلّ جذري وتبني سياسات جادة واتخاذ إجراءات عملية وسنّ تشريعات قانونية مستحقة لمعالجة نهائية لقضية غير محددي الجنسية "البدون" وفق قواعد واضحة انطلاقاً من اعتبارات تنموية وإنسانية واجتماعية عادلة، وذلك بانضمام الكويت إلى الاتفاقيات الدولية الخاصة بعديمي الجنسية، ومنح الجنسية الكويتية لحملة إحصاء 1965 للذين ولدوا في الكويت وتلقوا تعليمهم واستقروا فيها وليس هناك موطن آخر يمكنهم الانتقال إليه، مع ضرورة إقرار الحقّ الدستوري في الجنسية لأبناء المواطنات الكويتيات تطبيقاً لمبدأ المساواة بين المرأة والرجل وفقاً للدستور، مثلما فعلت أخيراً دولة الإمارات العربية المتحدة، وكذلك الإقرار بحقّ الجنسية لأسر الشهداء والأسرى، واستيعاب الكفاءات والأيدي العاملة الماهرة.
الكويت في 5 ديسمبر 2011
جاء الإعلان عن استقالة الحكومة غير المأسوف عليها ليمثّل خطوة جزئية مستحقة في اتجاه تخفيف حدّة الاحتقان الناجم عن تفاقم الأزمة السياسية المحتدمة في البلاد، ولكن هذه الخطوة لا تقدّم حلاً ناجزاً للأزمة السياسية؛ ولن تطوي صفحتها وتضع نهاية لها، ذلك أنّ أسباب الأزمة السياسية وأبعادها أعمق وأوسع وأكبر من أن تكون مجرد تأزم اعتدنا تكراره في العلاقة بين المجلس والحكومة، وهي لا تنحصر فقط في الفضائح المتتالية للإفساد والفساد التي زكمت الأنوف، ولا هي مجرد أزمة ناجمة عن سوء الإدارة السياسية للدولة وما اتسمت به من قصور وعجز صارخين في ظل رئيس مجلس الوزراء المستقيل، فهذه الجوانب جميعاً إنما هي مظاهر للأزمة السياسية التي هي بالأساس أزمة النهج السلطوي؛ وأزمة عقلية المشيخة وتعارضهما مع متطلبات التطور الديمقراطي للمجتمع الكويتي وتناقضهما مع استحقاقات بناء الدولة الكويتية الحديثة.
ومن هنا فإنّ معالجة الأزمة على نحو ناجز وشامل تتطلب معالجة أسبابها العميقة، وذلك بالتخلي عن نهج الإنفراد بالسلطة والقرار وفق عقلية المشيخة، وإنهاء الرعاية السلطوية للإفساد والفساد، ووقف التدخّل في الانتخابات والعبث في المؤسسة النيابية، والكشف عن المتورطين من الأطراف الحكومية والنيابية في فضائح الإفساد والفساد ومحاسبتهم، بالإضافة إلى إحداث إصلاحات سياسية ودستورية تدفع في اتجاه التحوّل نحو نظام ديمقراطي برلماني مكتمل، وعدم احتكار مناصب رئاسة مجلس الوزراء والوزارات السيادية، وإعادة الاعتبار إلى مؤسسة مجلس الوزراء كسلطة دستورية مقررة للسياسة العامة للدولة وليس أن يكون مجرد جهاز تنفيذي تابع يتلقى التعليمات، واحترام الدستور وسيادة القانون وكفّ أيدي قوى الفساد ومراكز النفوذ وسطوة أصحاب المصالح، وضمان استقلال القضاء، وإقرار قانون للأحزاب السياسية، وإصلاح قانون الانتخابات بما يضمن عدالة توزيع الدوائر ووضع سقف للإنفاق الانتخابي وملاحقة عمليات شراء الأصوات.
ونرى أنّه من دون تحقيق مثل هذه الإصلاحات وتلبية هذه الاستحقاقات فستبقى الأسباب العميقة للأزمة كامنة وقابلة للانفجار مجدداً... كما نرى أنّ تخفيف حدّة الاحتقان يتطلب الإسراع من دون إبطاء في إطلاق سراح الشباب المحتجزين وسحب الشكوى المقدّمة من رئيس مجلس الأمة ضدهم، بالإضافة إلى حلّ مجلس الأمة الحالي وإجراء انتخابات نيابية جديدة تطوي صفحة هذا المجلس الذي جرى إفساده ويتم فيها الاحتكام إلى الإرادة الحرة للمواطنين من دون تدّخل في الانتخابات أو تأثير عليها.
28 نوفمبر 2011

بيان صادر عن المنبر الديمقراطي الكويتي والتحالف الوطني الديمقراطي والتيار التقدمي الكويتي حول أساليب التعامل الأمني
تتابع قوى الحركة الوطنية بقلق واستياء ما يلاحظ من تزايد الميل الحكومي نحو التمادي في اعتماد أساليب أمنية غير مسؤولة في التعامل مع الأحداث والتطورات الجارية والاحتجاجات الشعبية المرتبطة بتفاقم الأزمة السياسية في البلاد، إذ تكرر أكثر من مرة قيام القوات الخاصة بالاعتداء بالضرب بالهراوات على المواطنين المحتجين سلمياً وتعمّد استفزازهم، وكان آخرها ما جرى أمام مبني الإدارة العامة للمباحث الجنائية في السالمية ظهر يوم أمس الأربعاء 23 نوفمبر، عندما انهالت عناصر من هذه القوات بهراواتها على المحامين وذوي المواطنين المطلوبين للتحقيق الذين ذهبوا إلى هناك لتسليم أنفسهم طواعية على خلفية اتهامهم في المشاركة بحادثة دخول مجلس الأمة... مثلما يقلقنا أيضاً عودة الحكومة إلى اتباع نهج الملاحقات السياسية تحت غطاء قانوني لبعض مخالفيها ومعارضيها، ومحاولتها تصفية الحسابات مع بعض العناصر واستهدافها باتهامات غير ذات أساس، حيث شملت القوائم الأمنية أسماء بعض عناصر من المجاميع الشبابية لم تشارك في حادثة دخول المجلس؛ بالإضافة إلى شمولها اثنين من الإعلاميين الكويتيين كانا يؤديان واجبهما المهني في تغطية الأحداث!
ونحن في الوقت الذي نحذّر فيه من خطورة اعتماد هذه الأساليب الأمنية المتعسفة في التعامل مع المحتجين سلمياً؛ فإننا نرفض العودة إلى نهج الملاحقات السياسية تحت غطاء قانوني، ونرى أنّ حادثة دخول مجلس الأمة إنما هي حادثة ذات بُعد سياسي وليس جنائيا، ما يفرض ضرورة التعامل معها وفق هذا الأساس وليس أن يتمّ التعامل معها وكأنّها قضية جنائية عادية، مع تأكيدنا على أنّ ما تعانيه الكويت من أزمة سياسية محتدمة يتطلّب أولاً وقبل كل شيء البحث عن معالجات سياسية مستحقة وليس اللجوء إلى أساليب التعامل الأمني غير المسؤول الذي يزيد من تفاقم الأزمة وتعقيد الوضع، كما نكرر معارضتنا لأي محاولة سلطوية تستهدف استغلال ما حدث لفرض قيود على حرية الاجتماعات العامة والتجمعات التي كفلها الدستور للمواطنين.
كما نؤكد أن مواجهة رئيس الوزراء سمو الشيخ ناصر المحمد الاستجواب يوم الثلاثاء المقبل في جلسة علنية تطبيقاً لأحكام الدستور والعمل الديمقراطي من شأنها تخفيف الاحتقان السياسي، ولا خيارات أمامه سوى مواجهة الاستجواب أو الاستقالة.
المنبر الديمقراطي الكويتي – التحالف الوطني الديمقراطي - التيار التقدمي الكويتي
24 نوفمبر 2011

كلمة "التيار التقدمي الكويتي" التي ألقتها الزميلة فاطمة الصقر في المهرجان الخطابي الذي نظمته "جمعية الخريجين" تحت شعار "إنقاذ وطن" – الثلاثاء 22 نوفمبر 2011
تعاني الكويت من أزمة سياسية محتدمة، وهي أزمة التناقض بين النهج السلطوي المتمثّل في عقلية المشيخة من جهة؛ وبين متطلبات التطور الديمقراطي للمجتمع الكويتي ومشروع بناء الدولة الكويتية الحديثة من جهة أخرى.
ويرى "التيار التقدمي الكويتي" أنّ الإفساد السلطوي للنواب إنما هو مظهر من مظاهر هذا التناقض، وكذلك تعطيل الأدوات الدستورية ممثلة باستجواب رئيس مجلس الوزراء والمبالغة في تحصينه، وما أدى إليه هذا كله من انسداد أفق العمل البرلماني وعدم قدرة مجلس الأمة على القيام بمسؤولياته الدستورية في الرقابة والتشريع.
ومن جانبنا نرى أنّ المخرج السياسي من الأزمة يتطلب أولاً: التخلي عن النهج السلطوي وعقلية المشيخة... ويتطلب ثانياً: إحداث إصلاحات سياسية ودستورية ذات طابع ديمقراطي... أما عن رحيل الحكومة ورئيسها، ومحاسبة المتورطين في الإفساد والفساد وإبعادهم عن مواقع المسؤولية، فهي استحقاقات ملحّة، لكنها لن تحلّ الأزمة وإنما ستخفف الاحتقان السياسي... ومن جانب آخر، فنحن وإن كنا نؤيد استجواب رئيس مجلس الوزراء وتحميله المسؤولية السياسية عما حدث ويحدث، وكذلك وإن كنا نرى ضرورة أن يتم إجراء تحقيق برلماني في الفضائح الأخيرة، وضرورة إصدار قوانين لمكافحة الفساد، إلا أنّ انسداد أفق العمل البرلماني والسطوة السلطوية المفروضة على مجلس الأمة تمنع تلبية مثل هذه الاستحقاقات... وهذا ما يجب التفكير فيه جدّيّاً، فليست المسألة خلافاً حول أولوية الاستجواب أو أولوية لجنة التحقيق أو أولوية إقرار القوانين المكافحة للفساد، وإنما تكمن المسألة في عجز مجلس الأمة ضمن الوضع الحالي عن القيام بذلك.
وفي شأن حادثة اقتحام مبنى المجلس فإننا نراها في حدودها كردة فعل مستاءة نتيجة الإحباط واليأس والتعامل الأمني مع المسيرة، مع التأكيد على أننا ضد الفوضى والتخريب، ونحن ندعو إلى تنظيم حركة الاحتجاج الشعبي وعدم تركها للعفوية والتصرفات الاعتباطية وردود الأفعال أو للقرارات المنفردة لهذا الطرف أو ذاك بمعزل عن التنسيق مع الأطراف الأخرى... وفي رأينا فإنّ هناك فرقاً كبيراً بين نقد التصرف وتخطئته وبين تضخيمه وتحويله إلى شماعة وقضية بديلة تصرف الانتباه عن الأزمة الرئيسية في البلاد... في الوقت الذي نحذّر فيه من أي محاولة لاستغلال ما حدث للتضييق على الحريات والعودة إلى نهج الملاحقات السياسية تحت غطاء قانوني.
أخيراً، فإننا في "التيار التقدمي الكويتي" نرى ضرورة وجود محطة مشتركة للتداول بين مختلف القوى السياسية والكتل النيابية والمجموعات الشبابية لضمان نجاح أي تحرك شعبي... وندعو إلى وضع أجندة لإصلاحات سياسية ودستورية ومطالب شعبية، لا تقتصر فقط على رحيل الحكومة ورئيسها غير المأسوف عليهما.

بيان صادر عن التيار التقدمي الكويتي حول تفاقم الأزمة السياسية
الأحداث التي شهدتها الكويت مساء يوم الأربعاء 16 نوفمبر 2011، خصوصاً المسيرة الجماهيرية الاحتجاجية الغاضبة، التي انطلقت بعد المهرجان الخطابي في ساحة الإرادة واقتحمت مقر مجلس الأمة، رفضاً للعبث السلطوي المتكرر في الدستور والرعاية التي تحظى بها قوى الإفساد والفساد؛ واعتراضاً على التعطيل المتعمّد لآلية الاستجوابات النيابية؛ واستهجاناً للتحصين المبالغ فيه لرئيس مجلس الوزراء تجاه أي مساءلة سياسية عن دوره في تدهور الوضع في البلاد، بالإضافة إلى ما تعرضت له المسيرة الجماهيرية من قمع في بداية انطلاقتها على أيدي القوات الخاصة، جميعها جاءت لتؤكد مجدداً مدى خطورة الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد جراء استمرار هذا النهج السلطوي؛ ولتبرز مقدار الاستياء الجماهيري وعمق مشاعر الإحباط واليأس المتولدة في نفوس المواطنين من إمكانية إصلاح الوضع السيئ ووقف حالة التدهور وكفّ أيدي قوى الإفساد.
إنّ الأزمة السياسية المحتدمة تتجه إلى مزيد من التفاقم مالم يتم التخلي عن النهج السلطوي السيئ الذي أوصل البلاد إلى هذا الوضع، وليس هناك من مخرج سوى تحقيق إصلاحات سياسية ودستورية عميقة، ناهيك عن رحيل الحكومة الحالية ورئيسها ومحاسبة المفسدين وإبعادهم عن مواقع المسؤولية.
أما المعالجات الأمنية والقمعية وتقييد الحريات، أو الإجراءات غير الدستورية وما يتردد عن اتجاه الحكومة لتنظيم "مؤتمر وطني" شكلي في ظل استمرار النهج السلطوي ذاته، فلن تحلّ الأزمة وإنما ستزيدها اشتعالاً وتعقيداً.
ويدعو "التيار التقدمي الكويتي" القوى السياسية كافة والكتل النيابية والمجموعات الشبابية إلى ضرورة الإسراع في عقد لقاء يتم التداول فيه حول الخطوات المقبلة المتصلة بتنظيم الاحتجاج الشعبي وتنسيق المواقف والتحركات وبلورة أجندة وطنية متفق عليها للإصلاح والتغيير.
"التيار التقدمي الكويتي"
الخميس 17 نوفمبر 2011

نحو سلم للرواتب والأجور للعاملين في القطاع الخاص - بقلم عضو التيار التقدمي الكويتي الزميل: قيس بوقماز
منذ التدفقات الأولى للإيرادات النفطية، دعمت الحكومة الكويتية القطاع الخاص تارة بصورة غير مباشرة عن طريق المناقصات الحكومية أو مشاريع الشراكة القائمة بين القطاعين، و تارة أخرى عبر الدعم المباشر مثل تخصيص الأراضي تقديم الخدمات كالكهرباء و الماء بأسعار رمزية؛ وأحيانا عن طريق ضخ السيولة المالية لدعم كافة الأسواق المالية والقطاع العقاري.وكان يفترض بالقطاع الخاص آن يلتزم بالمسئولية الاجتماعية الملقاة عليه تلقائيا، و لكن ذلك كان أبعد ما يكون عن واقع الحال، فالقطاع الخاص كان وما يزال قطاعاً طارداً للعمالة الوطنية، وغير ملتزم بحس المسؤولية الاجتماعية.وقد تبلور مؤخراً لدى الدولة توجه نحو دفع العمالة الوطنية للعمل في القطاع الخاص، عبر سن حزمة من القوانين تفرض نسبة من العمالة الوطنية على كافة المنشآت التي تمارس أنشطتها داخل دولة الكويت، وعبر تأسيس مظلة قانونية ومؤسسية تحمي مصالح العاملين في القطاع وتشجيعه على الانخراط في سوق العمل عبر هذا القطاع.فكان نتاج هذا التوجه المباشر و الصريح، تأسيس برنامج إعادة هيكلة القوى العاملة و الجهاز التنفيذي للدولة، الذي يقدم حوافز للكويتيين الذين قرروا أن يبتعدوا عن التوظيف بالقطاع الحكومي؛ بما يحمله من امتيازات مالية واستقرار وظيفي، وذلك بتقديم امتيازات مالية مماثلة لما يتقاضاه موظف القطاع العام، وعلى الرغم من النجاح النسبي الذي حققه البرنامج في بداياته، إلا أنّ الروتين الخانق لآليات تطوير البرنامج سمح للقطاع الخاص أن يحقق نجاحات في اختراق قرارات البرنامج، وفي أحيان أخرى تحقيق الاستفادة المباشرة لتلك المنشآت المتجاوزة بتحقيق عوائد مالية مجزية من خلال تلك الاختراقات.ولعلّ واحدة من تلك التجاوزات الصريحة، الاعتماد على تلك المخصصات لدفع رواتب العمالة الوطنية المفروضة عليها، و بلغ الأمر ببعض مؤسسات القطاع الخاص التمادي بحيث تتحين الفرص لتخفيض رواتب عامليها متى أقرت الدولة زيادات في مخصصات العاملين في القطاع الخاص.على الرغم من الاحتياج الدائم لتطوير آليات البرنامج، إلا أنّ الحاجة المباشرة لإقرار سلم رواتب للعاملين الكويتيين في القطاع الخاص، أصبحت ملحة و ضرورية، من أجل إيقاف الاستنزاف الحاد لرواتب العاملين في هذا القطاع، ومن أجل العمل على الحد من ظاهرة الهجرة للعمالة الوطنية إلى خارج القطاع الخاص.إنّ ترك مقدرات الوطن، وحقوق مواطنيه العاملين في القطاع الخاص بيد صاحب العمل، ليس بالأمر المستهجن فقط، بل هو أمر معيب و مشين أيضاً، لقد حان الوقت لأن تتدخل الدولة عبر التحكم المباشر في مصائر العاملين من خلال سن حزم من القوانين، تحمي حقوقهم من السياسيات الطاردة التي ينتهجها أصحاب العمل في القطاع الخاص، عبر آليات عديدة منها الطرد التعسفي و سياسات التجميد الوظيفي، و ندرة توافر فرص الترقي عبر السلم الوظيفي على سبيل الذكر لا الحصر، لقد حان الوقت لأن تُنصر هذه الفئة من العاملين، وأن تكون باكورة هذه النصرة اعتماد سلم رواتب للعاملين في القطاع الخاص.

إلغاء لجنة البدون في مجلس الأمة دليل آخر على عدم جدّيّة الادعاء بحلّ القضية... وقلق دولي تجاه التمييز ضد البدون
جاء إلغاء لجنة البدون في مجلس الأمة في بداية دور الانعقاد الحالي ليقدّم دليلاً إضافياً على عدم جدّيّة الحكومة والنواب في معالجة قضية البدون وإنهاء معاناتهم الإنسانية.
ومن جانب آخر فقد بدأ "بيت الزكاة" في فرض شروط إجرائية مشددة ضد بعض أسر البدون التي كانت تتلقى مساعدات إنسانية، ما أدى إلى حرمانها من تلقي هذه المساعدات وبالتالي اشتداد معاناتها الإنسانية التي لم تعد تُحتَمَل، فيما قامت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بإنهاء خدمات الأئمة والمؤذنين من البدون الذين كانوا يعملون في الوزارة تحت بند التكليف. وإلى هذا فقد أصدر مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة توصياته بشأن التزام الكويت بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وجاء في البندين الثاني عشر والثالث عشر من تلك التوصيات:
"تشعر اللجنة بالقلق إزاء التمييز بين قدرة الرجل والمرأة الكويتية فيما يتعلق بالقدرة على نقل الجنسية الكويتية لأبنائها، ويقليها أن الأطفال الذين يولدون في الكويت لأبوين عديمي الجنسية قد لا يحصلون على أية جنسية"... "ومع الأخذ علماَ أنه تم إنشاء الهيئة المركزية في نوفمبر 2010 لايجاد حل لعديمي الجنسية "البدون" التي تعتبر حالياً من قبل الدولة الطرف فئة "المقيمين بصورة غير قانونية" فإنها لا تزال تشعر بالقلق إزاء الصورة النمطية والتمييز على نطاق واسع... وينبغي على الدولة الطرف أن تضع حداً للتمييز ضد البدون"

الحكومة تخالف اتفاقيات حماية الحريات النقابية وتتجه لمعاقبة المضربين عن العمل
في مخالفة صارخة للاتفاقيات الدولية التي تكفل الحريات النقابية تتجه الحكومة إلى فرض عقوبات إجرائية ومالية على الموظفين المضربين عن العمل في الجهات الحكومية.فقد طلب مجلس الوزراء من الوزارات حصر اسماء الموظفين الذين أضربوا عن العمل للمطالبة بحقوقهم الوظيفية وذلك تمهيداً لتطبيق اجراءات عقابية ضدهم.إنّ الاضراب عن العمل حقّ عمالي مشروع وليس مخالفة قانونية، ولكن حكومتنا الضائقة ذرعاً بالحريات تحاول أن تتعامل مع هذا الحقّ على خلاف ماهو متبع في أي بلد تتوافر فيه الحدود الدنيا من الديمقراطية، وهذا ما سبق أن اعترضت عليه منظمات نقابية دولية!
تواصلت الحركة الإضرابية واتسع نطاقها، فقد استأنفت نقابة القانونيين العاملين في الدولة الإضراب عن العمل يوم الاربعاء ٢٦ اكتوبر بعد تعليقه وذلك بسبب انقضاء مدة تعليق الإضراب من دون الاستجابة لمطلب إقرار كادر وظيفي للقانونيين.ومن جانب آخر يبدأ المعلمون اليوم الخميس ٢٧ اكتوبر إضراباً وينفذون اعتصاماً أمام مبنى وزارة التربية بسبب تأجيل الحكومة موعد تصويت مجلس الأمة على إقرار كادرهم الوظيفي الذي سبق أن أقرّه مجلس الأمة ثم جرى رده من الحكومة. وإلى ذلك يستأنف طلبة مدارس المرحلة الثانوية اعتصامهم الاسبوعي أمام وزارة التربية متمسكين بمطلبهم إلغاء النظام الجديد للتقييم، الذي يرونه مجحفاً لهم.

(تحديث) نجاح إضراب العاملين في الخطوط الجوية الكويتية
( (تحديث1)حقق العاملون في مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية والشركات التابعة لها نجاحاً أولياً بعد إضرابهم عن العمل، حيث وقع وزير المواصلات على اتفاق مع نقابة العاملين في المؤسسة يقضي بالاستجابة للمطالب العمالية خلال شهر، وقررت النقابة تعليق الإضراب إلى حين استكمال تحقيق المطالب فعلاً.
ويسر التيار التقدمي الكويتي أن يتوجه بالتهنئة إلى العاملين في المؤسسة مع التأكيد على أهمية وحدة الطبقة العاملة وتضامنها لتحقيق مطالبها.
نفّذ العاملون في مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية إضرابهم عن العمل بدءاً من الاثنين ٢٤ اكتوبر، وذلك بعد مماطلة المؤسسة والجهات الحكومية في تنفيذ مطالبهم.

استقالة محمد الصباح دليل حيّ على صدق فضيحة التحويلات المليونية للخارج وإدانة قوية للإفساد الحكومي
جاءت استقالة الشيخ الدكتور محمد صباح السالم الصباح من منصبه الحكومي كنائب لرئيس مجلس الوزراء ووزير للخارجية على وقع الفضيحة الجديدة التي كشفها النائب مسلم البراك حول التحويلات المليونية إلى الخارج لتضيف دليلاً حياً وملموساً إلى الأدلة الأخرى التي تؤكد صحة ما جرى الكشف عنه من معلومات حويلات نقدية إلى خارج الكويت بعشرات ملايين الدنانير إلى أشخاص معينين وذلك لمصلحة رئيس مجلس الوزراء عبر وزارة الخارجية وبعض السفارات.
كما جاءت هذه الاستقالة لتبيّن مدى احتدام الأزمة السياسية في البلاد، وهي مؤشر على بداية انهيار الحكومة القائمة، وذلك بعد أن زكمت فضائح إفسادها وفسادها الأنوف ولم يعد ممكناً التستر عليها.
يود التيار التقدمي الكويتي أن يوضح موقفه تجاه المشاركة في التجمع المقرر إقامته في ساحة الإرادة يوم الأربعاء 19 أكتوبر وما يتصل به من ترتيبات، بعيداً عن أي التباس وإزالة لأي سوء فهم، وذلك كالآتي:
1- يؤكد التيار التقدمي الكويتي أنّ المساءلة السياسية لرئيس مجلس الوزراء عن نهج الإفساد السياسي، وخصوصاً فضيحة الإيداعات المليونية في الحسابات المصرفية لعدد من النواب، هي مساءلة مستحقة.
2- يؤكد التيار التقدمي الكويتي على أهمية التحرك السياسي والشعبي والشبابي المناهض لنهج الإفساد السلطوي والفساد النيابي والمطالب بكشف الحقائق كاملة أمام الشعب وتحميل المتورطين في هذا الإفساد والفساد المسؤولية السياسية عن ذلك وتنحيتهم عن مراكز السلطة والقرار.
3- يؤكد التيار التقدمي الكويتي أهمية التعاون والتنسيق بين القوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية، خصوصاً المنبر الديمقراطي الكويتي والتحالف الوطني الديمقراطي، كما يؤكد على العمل المشترك بين القوى السياسية المختلفة في المسائل محل الاتفاق بعيداً عن أي إنفراد بالقرار، وتحديداً عند تنظيم أي فعاليات سياسية مشتركة.
4- سبق أن دعا التيار التقدمي الكويتي في اجتماعات القوى السياسية التي شارك فيها إلى ضرورة التنسيق في تنظيم فعاليات المهرجانات الخطابية المقامة في ساحة الإرادة أو غيرها من الفعاليات المشتركة، وعلى هذا الأساس صدر البيان الداعي للمشاركة في تجمع 21 سبتمبر الماضي في ساحة الإرادة والمشاركة في تنظيم وفعاليات تجمع الأربعاء 5 أكتوبر، ولكن مع الأسف فإنّ مثل هذا التنسيق لم يتحقق في التجمع المقرر يوم الأربعاء المقبل 19 أكتوبر، وبذلك فإنّ التيار التقدمي الكويتي ليس طرفاً في تنظيم هذه الفعالية، ولكن هذا لا يعني على الإطلاق اتخاذ موقف سلبي تجاهها أو الدعوة إلى عدم المشاركة فيها.
5- يأمل التيار التقدمي الكويتي أن يتحقق التنسيق في أي فعاليات سياسية مشتركة في المستقبل بما يضمن نجاحها، وبما يؤدي إلى زيادة تأثيرها في التصدي لقوى الإفساد والفساد.
هذا ما لزم توضيحه في هذا التصريح الصحافي إزالة لأي التباس حول موقف التيار التقدمي الكويتي.
الاثنين 17 أكتوبر 2011

العاملون في الجمارك يضربون عن العمل للمطالبة بإقرار كادرهم الوظيفي
نفّذ العاملون في الإدارة العامة للجمارك إضراباً واسعاً عن العمل بدءاً من الاثنين 10 أكتوبر، وذلك للمطالبة بإقرار كادرهم الوظيفي الخاص، الذي يماطل مجلس الخدمة المدنية في إقراره، وكذلك للمطالبة ببعض المزايا الوظيفية المتصلة بالطبيعة الخاصة والحساسة لعملهم.
وشمل الإضراب العاملين في الجمارك بالمنافذ الحدودية والبحرية والمطار.

كلمة التيار التقدمي الكويتي في "أربعاء الأمة تكشف الذمة" التي ألقاها الزميل ضاري الرجيب في ساحة الإرادة- الخامس من أكتوبر 2011
أيتها الأخوات أيها الإخوة
إنّ فضيحة الإيداعات المليونية هي مثال صارخ على الإفساد السلطوي؛ ودليل على مدى تفشي الفساد النيابي، فهذه الفضيحة هي جزء من مسلسل طويل بدأ منذ سنوات لمحاولات تخريب النظام الدستوري الديمقراطي والعبث في كيانه ومؤسساته؛ وهي حلقة من الحلقات المتتابعة للتلاعب بمقدرات الدولة وتبديد أموال الشعب الكويتي بدلاً من إنفاقها لصالح شعبنا الذي يحتاج إلى المزيد من المستشفيات ومقاعد التعليم الجامعي وفرص العمل والمساكن وتحسين الخدمات العامة وتطوير البنية التحتية المهملة، بينما يهدر المفسدون أموالنا وينعم بها الفاسدون... ومن هنا فلابد من وقفة شعبية موحدة وقوية تتصدى بحزم لهذا النهب وتضع حداً لهذا التلاعب بالمقدرات.
وبالطبع فإنّ فضيحة الإيداعات المليونية ليست سوى أحد مظاهر هذا الإفساد والفساد، ولكن الخافي أعظم.
إنّ هذه الفضيحة هي فضيحة دولة، ويجب أن توصف بأنها جريمة أمن دولة... فهي ليست مجرد جريمة غسيل أموال فحسب، وإنما هي جريمة إفساد سياسي وجريمة فساد سياسي.
ونحن في "التيار التقدمي الكويتي" نرى عدم الاكتفاء بالمعالجات القانونية للفضيحة، ونرى أنّه لا يكفي أن يتم تشكيل لجنة تحقيق برلمانية، وإنما المطلوب التصدي لهذه الجريمة السياسية الخطيرة بأدوات ووسائل سياسية تعتمد بالأساس على وعي شعبنا؛ وعلى فضح الفساد وكشف المفسدين والفاسدين وتحميلهم المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة النكراء؛ وإبعادهم عن مواقع السلطة والقرار في الدولة.
كما نرفض أي تبرير لهذه الجريمة أو محاولة طمس آثارها وحماية المتورطين فيها، ونطالب بكشف الحقائق كاملة أمام الرأي العام... وفي الوقت نفسه ندعو إلى الإسراع في تشريع قوانين رادعة بحقّ الفساد والمفسدين تنسجم مع متطلبات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وتحقق الكشف عن الذمم المالية لكبار المسؤولين في الدولة بأثر رجعي، وتتيح حرية الوصول إلى المعلومات، وتحظر تضارب المصالح، وتفرض عقوبات مشددة على المتورطين في قضايا الإفساد والفساد... والأهم من ذلك كله هو أن يتم رفع الرعاية التي تقدمها بعض الأطراف السلطوية لقوى الإفساد وعناصر الفساد.
وفي رأينا إنّه لا يمكن فصل المعركة ضد قوى الإفساد والفساد عن ضرورة تلبية مطالب الحدّ الأدنى للإصلاح السياسي؛ وفي مقدمتها رحيل هذه الحكومة غير المأسوف عليها وتشكيل حكومة جديدة برئاسة جديدة تتبنى نهجاً إصلاحياً حقيقياً، وتلتزم بمكافحة الفساد وكشف الحقائق أمام الشعب حول الفضيحة الأخيرة وغيرها من فضائح الفساد الأخرى، ومحاسبة المسؤولين الحكوميين والنواب المتورطين في هذه الفضائح.
بقيت كلمة أخيرة، وهي أنّه لا مكان للحياد في المعركة ضد الفساد.

اتفاق تجمع نهج والمنبر والتحالف والتيار التقدمي على إقامة أربعاء الأمة تكشف الذمة يوم 5 أكتوبر في ساحة الإرادة
استكمالا للفعاليات السياسية في مواجهة قضية "الحسابات المليونية" النيابية، وتأكيدًا على تظافر الجهود الشعبية وتوافقها لكبح قوى الفساد، يعلن تجمع [نهج] والمنبر الديمقراطي والتحالف الوطني الديمقراطي والتيار التقدمي الكويتي، عن إقامة فعالية (أربعاء الأمة تكشف الذمة) في ساحة الإرادة - مقابل مجلس الأمة - مساء الأربعاء 5 أكتوبر المقبل.
ويدعو المنظمون قواعدهم وعموم الشعب الكويتي، إلى الحشد والمشاركة الفاعلة في هذه الفعالية، انطلاقًا من المسؤولية الدستورية للذود عن المؤسسة التشريعية، وسمعة الكويت من الانتهاكات النيابية والحكومية.
وشددت دعوة تجمع [نهج] والمنبر الديمقراطي والتحالف الوطني والتيار التقدمي على أن المسؤولية اليوم تقع على عاتق الشعب الكويتي، لإيصال رسالة واضحة تعبر عن رفضه القاطع لتلك الممارسات، التي شوهت مسيرة نصف قرن من الحياة الديمقراطية، ودنست تاريخًا كتبه الآباء والأجداد، ومطالبتنا بالتحقيق الجاد والمحاسبة الجادة لكل المسئولين عن هذه الفضائح، وإقرار قوانين مكافحة الفساد وكشف الذمة المالية لقياديي الدولة من نواب ووزراء وغيرهم بلا تأخير.

الثورة تبدأ من الوطن: رسالة مفتوحة للمشاركة في احتلال وول ستريت
الكاتب: أرون جوبتا، صحافي وناشط بمدينة نيويورك
Published on Wednesday, September 28, 2011 by The Indypendent
إنّ ما يحدث في وول ستريت الآن مدهش حقا، بعد ١٠ سنوات وفي عقر دار الرأسمالية العالمية حرر المضطهدون هذه الرقعة الجغرافية من أساطين المال وجيشهم من الشرطة، لقد خلقوا فرصة نادرة لتغيير مسار التاريخ على خطى احتلالات سلمية أخرى من إضرابات الثلاثينات؛ مرورا ً باعتصامات قاعات الطعام في الستينات؛ وحتى الانتفاضات السلمية في العالم العربي وأوروبا اليوم.
على الرغم من أنّ احتلال وول ستريت في تصاعد فإنه يحتاج إلى دعم كامل من كل مَنْ دعم المصريين في ميدان التحرير وكل من قال كلنا "ويسكونسن" وكل مَنْ تضامن مع اليونانيين والإسبان، هذه حركة لكل مَنْ يفتقد الوظيفة أو الرعاية الصحية أو لمَنْ يعتقد بأن لا مستقبل له.
إنّ نظامنا فاشل على كل مستوى، أكثر من ٢٥ مليون أميركي عاطلون عن العمل، وأكثر من ٥٠ مليون يعيشون من غير ضمان صحي، وربما ١٠٠ مليون أميركي الآن يعانون من الفقر إذا استخدمنا مقياساً واقعياً، هذا في الوقت الذي يستمر القطط السمان في الحصول على إعفاءات ضريبية ويحصدون المليارات بينما يتنافس السياسيون للضغط علينا بإجراءات التقشف.
سيأتي الوقت الذي يقوم فيه محتلو وول ستريت – سواء كانوا خمسة آلاف أم عشرة أم خمسين ألفاً – بفرض
تنازلات على من بيده القرار، لا يمكن لأحد أن يتكهن بعدد الأشخاص المطلوبين لفرض هذه التنازلات أو أن يتكهن بما سيحدث بالضبط لكن هناك فرصة حقيقية لتجاوز العملية السياسية الفاسدة وللبدء في تحقيق مجتمع مبني على الحاجات الإنسانية وليس أرباح الصناديق الاستثمارية.
مَنْ كان يا ترى يتصور مند عام بأنّ التونسيين والمصريين سيخلعون دكتاتوريهما؟
في "حديقة ليبرتي" (ساحة الحرية) التي هي عصب الاحتلال يتجمع أكثر من ألف شخص يومياً للنقاش والتنظيم بشأن ما يمكن فعل تجاه نظامنا الفاشل الذي سمح لأغنى ٤٠٠ أميركي أن يجمعوا ثروة تتجاوز ثروة أفقر ١٨٠ مليون أميركي.
إنه لمن المثير أنّ هذا الاحتفال الديمقراطي نبع في باحة "أسياد الكون"، الرجال الذين يعزفون الألحان التي يرقص على وقعها الساسة والإعلام، ومركز شرطة نيويورك الذي نشر مئات الضباط في آن واحد لمحاصرة المتظاهرين وإرهابهم قادر على اعتقال الجميع وإخلاء حديقة ليبرتي في دقائق، لكنه لم يفعل وهذا أيضا أمر مثير.
ذلك لأن مهاجمة تجمع سلمي يطالب بالديمقراطية الحقيقية - الديمقراطية الاقتصادية وليس السياسية فقط - في ميدان عام سيذكر العالم بالطغاة الهشين الذين فتكوا بشعوبهم المطالبة بالعدالة قبل أن يُجرف هؤلاء الطغاة بالربيع العربي، وعنف الدولة قد بدأ أصلا في تحقيق أهداف عكسية، فبعد مهاجمة الشرطة للمسيرة التي بدأت في حديقة ليبرتي عصر السبت ازدادت الحشود وزاد اهتمام الإعلام.
لقد نجح احتلال وول ستريت في الكشف عن إفلاس القوى المهيمنة – القوى الاقتصادية والسياسية والإعلامية والأمنية، ليس لدى هذه القوى شيء إيجابي تقدمه للإنسانية، ناهيك عن ما لم يقدموه أبداً لدول الجنوب، لكن سعيهم غير المحدود نحو الأرباح الآن يعني تعميق البؤس بألف إجراء تقشفي.
حتى حلولهم هذه أشبه بالمزحة المريرة، يقولون لنا بأن "قاعدة بوفيت" (نسبة للملياردير الأميركي وارين بوفيت الذي طالب مؤخراً بزيادة الضرائب على أمثاله من الأثرياء) ستخفف عبء الألم عبر مطالبة سكان الشقق المرفهة بالتضحية بعلبة كافيار وهو ما سيكافئ الزيادة المقترحة في الضرائب، في نفس الوقت سيطلب منا أن نضحي برعايتنا الصحية وطعامنا وتعليمنا وسكننا ووظائفنا وربما حتى حياتنا لإشباع شهية رأس المال المتوحشة.
لهذا تزداد أعداد المنضمين لاحتلال وول ستريت الذين يمكنهم أن يخبروكم عن منازلهم التي تم الحجز عليها والأشهر العصيبة من البطالة أو العمل في وظائف الحد الأدنى للأجور بلا مستقبل وظيفي وأعباء ديون الدراسة الهائلة أو محاولة العيش دون ضمان صحي لائق، إنه جيل كامل من الأميركيين فاقد للأمل لكن يُطلب منه الإيمان بنظام لا يوفر غير الرقص مع النجوم (برنامج تلفيزيوني ترفيهي) وبخاخات مكافحة الشغب.
لكن على العكس من كل وصف لهذا الجيل بأنه نرجسي وغير مبال وفاقد للأمل فإنه يطالب بمستقبل أفضل من أجلنا جميعاً.
لهذا نحتاج جميعاً أن ننضم إليهم، ليس فقط عبر تأييدهم في موقع فيسبوك أو التوقيع على عريضة أو إعادة نشر صورهم في تويتر، لكن عبر النزول والمشاركة في الاحتلال نفسه.
هناك أمل كبير هنا، مؤكد بأنّ العملية ليست مثل ميدان التحرير أو ويسكونسن، لكن هناك نواة لثورة يمكنها أن تهز هيكل القوة الأميركي مثلما تم تغيير العالم العربي.
بدل الألف والألفين الذين ينضمون للاحتلال هناك حاجة لعشرات الآلاف للتظاهر ضد القطط السمان التي تقود سيارات البنتلي وتحتسي زجاجات الشمبانيا التي ثمنها آلاف الدولارات بأموال نهبوها من الأزمة المالية ومن ثم من حملات الإنقاذ الحكومية بينما الأميركيون يموتون على الأرصفة.
للأمانة فإن المشهد في حديقة ليبرتي يبدو فوضوياً، لكنه أيضا مختبر للاحتمالات وهذا جمال الديمقراطية، على عكس حكم الثقافة الواحدة حينما تكون الحياة السياسية مجرد تصويت كل أربع سنوات وحينما تكون الحياة الاجتماعية مقتصرة على الاستهلاك والحياة الاقتصادية مقتصرة على كوننا كلاباً طيعة، على العكس من كل ذلك فإنّ احتلال وول ستريت يقوم بخلق تشكيلة ثقافية من الأفكار والتعبيرات والفنون.
على الرغم من أنّ كثيراً من الناس يؤيدون الاحتلال فإنهم يترددون في الانضمام الكامل ويسارعون بالنقد، من الواضح أنّ أكبر عقبة أمام بناء حركة قوية ليست الشرطة أو رأس المال – إنها تشاؤمنا ويأسنا.
لعل رؤى هؤلاء النقاد قد تلونت بمقالة النيويورك تايمز التي سفهت المتظاهرين لرغبتهم في "تمثيل التقدمية مسرحياً" و"التصويب الخاطئ على وول ستريت"، كثير من الانتقادات تُختصر في "افتقاد رسالة واضحة".
لكن ما المشكلة في ذلك؟ إنّ حركة كاملة التشكل لن تنبثق من الأرض، يجب أن تُخلق، ومن يستطيع الجزم بما يجب فعله تحديداً؟ نحن لا نتحدث عن خلع ديكتاتور، مع العلم بأنّ بعضنا يطالب بخلع ديكتاتورية رأس المال.
هناك الكثير من الأفكار المتطورة، مثل: إنهاء حق معاملة الشركات كمعاملة البشر، فرض "ضريبة توين" (ضريبة المعاملات المالية قصيرة الأجل بهدف كبح المضاربات) على شراء الأسهم والتجارة بالعملات، تأميم البنوك، تأميم الرعاية الصحية، التمويل الكامل للوظائف الحكومية وتحفيز كينزي حقيقي، رفع القيود عن جهود تنظيم العمال، السماح للمدن بتحويل المنازل المحجوز عليها إلى منازل حكومية، بناء بنية تحتية للطاقة تكون صديقة للبيئة.
لكن كيف يمكن أن نحقق توافقاً عريضاً على هذه المطالب؟ لو أنّ المتظاهرين جاءوا للميدان بمطالب محددة مسبقاً لأضعف ذلك من إمكاناتهم، إما أنه كان سيتم تجاهل مطالبهم التعجيزية مثل تأميم الرعاية الصحية أو البنوك، أو أنه كان سيتم استيعاب جهودهم في النظام السياسي الفاشل لو أنهم تبنوا المطالب الضعيفة مثل "قاعدة بوفيت"، ويتم بذلك إضعاف الحركة.
لهذا يجب أن يسير بناء الحركة جنباً إلى جنب مع النضال العام والنقاش والديمقراطية الراديكالية، إنها الطريقة التي من خلالها سنخلق حلولا حقيقية لها شرعية، وهذا ما يحدث الآن في وول ستريت.
كم مرة في حياتك ستتاح لك الفرصة لتشهد التاريخ يتكشف أمامك ولتشارك فعلياً في بناء مجتمع أفضل ولتجتمع بآلاف الناس حينما تكون الديمقراطية الحقيقية واقعا وليست حلما؟
لقد قُيدت عقولنا لوقت طويل بالخوف والفرقة والعجز الشيء الوحيد الذي تخشاه النخبة أكثر من غيره هو الصحوة العظيمة، لقد حلّ هذا اليوم، ومعاً نستطيع اغتنامه.

بيان مشترك بين المنبر والتحالف والتيار التقدمي حول التحركات المطلبية والإضرابات العمالية
تشهد الكويت هذه الأيام سلسلة من التحركات المطلبية للعاملين في العديد من وزارات الدولة ومؤسساتها وبعض شركات القطاع الخاص، وذلك للمطالبة بتحسين أوضاعهم وزيادة رواتبهم وإقرار كوادر وظيفية خاصة بهم، بالإضافة إلى تحقيق المساواة بين فئات العاملين من ذوي الوظائف والمهن المتشابهة. ونحن في "المنبر الديمقراطي الكويتي" و"التحالف الوطني الديمقراطي" و"التيار التقدمي الكويتي" إذ نتفهّم عدالة كثير من هذه المطالبات، فإننا نرى أنّ الحكومة عجزت عن وضع معايير واضحة وسليمة للكوادر الوظيفية، ناهيك عما أدّت إليه سياسات المماطلة والتسويف والانتقائية من ردود أفعال سلبية كانت سبباً مباشراً وراء انطلاق موجة الإضرابات الأخيرة، ومن هنا فإننا ندعو إلى ضرورة اعتماد معايير واضحة وسليمة للزيادات على الرواتب والكوادر الوظيفية وذلك عبر أطر قانونية ومؤسسية تحفظ حقوق العاملين من جهة؛ وتضمن العدالة من جهة أخرى، بالإضافة إلى تحقيق الربط بين أي زيادات وارتفاع تكاليف المعيشة، وأن تكون الأولوية للفئات المنتجة والمشتغلة في أعمال أو مهن نادرة أو فنية أو خطرة أو شاقة أو مضرة بالصحة. ومن جانب آخر فإننا نؤكد أنّ الإضراب عن العمل حقّ عمالي أصيل كفلته المواثيق والاتفاقيات الدولية لا تلجأ إليه الحركة النقابية العمالية إلا بعدما تُسدّ أمامها السبل الأخرى لنيل الحقوق والحصول على المطالب، ومن هنا فإننا نرفض أي تعامل حكومي متعسف مع مَنْ يمارس حقّه المشروع في الإضراب عن العمل، ونعترض على محاولة تصوير الإضراب عن العمل بأنّه سلوك مخالف للقانون، ويؤسفنا أن تصدر بعض التصريحات الرسمية التي يتم فيها التلويح باللجوء إلى الجيش والشرطة للتعامل مع الإضرابات أو محاولة كسرها، ونطالب بوقف ما تم اتخاذه من إجراءات لإحالة بعض المضربين عن العمل إلى التحقيق الإداري.
المنبر الديمقراطي الكويتي – التحالف الوطني الديمقراطي – التيار التقدمي الكويتي
29 سبتمبر2011

استمرار الحركة المطلبية وتعليق وقتي لإضرابي القانونين ومفتشي الشؤون
يبدأ الثلاثاء 27 سبتمبر إضراب العاملين في وزارة التجارة والصناعة من أجل إقرار كادرهم الوظيفي الذي تجاهلته الحكومة، فيما حددت نقابة العاملين في مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية والشركات التاعبة لها يوم الأحد 9 أكتوبر المقبل موعداً لإضراب شامل لمدة ساعتين يومياً يستمر إلى 13 أكتوبر، وذلك للمطالبة بتفعيل قرارات مجلس الخدمة المدنية المتصلة بمستقبل العمالة الوطنية في هذه المؤسسة بعد خصخصتها، كما حدد الإطفائيون يوم الاثنين 3 أكتوبر المقبل موعداً لاعتصامهم للمطالبة بإقرار كادرهم ومميزاتهم الوظيفية التي تجاهلها مجلس الخدمة المدنية ... وإلى ذلك نفذ موظفو الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية بدءاً من الاثنين 27 سبتمبر اعتصاماً لمدة ساعة يستمر اسبوعاً احتجاجاً على تجاهل مطلبهم في إقرار كادرهم الوظيفي.
وفي المقابل فقد علّق القانونيون في الجهات الحكومية ومفتشو العمل في وزارة الشؤون إضرابيهما لفترة محددة بعد وعود تلقوها بتلبية مطالبهم.

كلمة التيار التقدمي الكويتي في ندوة الحركة الدستورية الإسلامية عن فضيحة الفساد التي ألقاها الزميل عبدالله السعد العجمي
أيها الحضور الكريم
جاءت فضيحة الإيداعات المليونية في الحسابات المصرفية لعدد من النواب لتكشف بوضوح مدى عمق الإفساد السلطوي ومدى تفشي الفساد النيابي اللذين تجاوزا كل الحدود وتخطّيا كل الاعتبارات في تخريب النظام الدستوري الديمقراطي؛ وفي العبث بكيانه ومؤسساته؛ وفي الإساءة إلى سمعة الكويت في الخارج؛ وفي التلاعب بمقدرات الدولة وتبديد الأموال العامة، التي هي بالأساس أموال الشعب الكويتي عبر النهب والرشاوى بدلاً من إنفاقها على الوجه الصحيح لصالح الشعب الذي يحتاج إلى مزيد من المستشفيات؛ ويحتاج حلاً لمشكلة الإسكان؛ وتوفير فرص العمل وزيادة مقاعد التعليم الجامعي؛ مثلما يحتاج إلى تحسين الخدمات العامة وتطوير البنية التحتية المهملة، بينما أموال الشعب يهدرها المفسدون ويعبث بها العابثون... وهذا ما يتطلب وقفة شعبية موحدة وقوية للتصدي بحزم لهذا النهب ووضع حدٍّ لهذا التلاعب بالمقدرات.إنّ فضيحة الإيداعات المليونية ليست سوى أحد مظاهر هذا الإفساد والفساد، والخافي أعظم من مظاهر الإفساد والفساد الأخرى التي لم تنكشف، وهذه الفضيحة هي بحق فضيحة دولة، وهي بذلك تستحق أن توصف بجريمة أمن دولة... إنها ليست مجرد جريمة غسيل أموال، وإن كانت في جانب منها كذلك، وإنما هي جريمة إفساد سياسي وجريمة فساد سياسي... ومن هنا فإنّ المطلوب في التصدي لها عدم الاكتفاء بالمعالجات القانونية وحدها وذلك على الرغم من أهميتها، مثلما لا يكفي أن يتم تشكيل لجنة تحقيق برلمانية في شأنها يشارك في اختيارها بعض المتورطين في الجريمة، مع أنّ هذا هو أحد المطالب المستحقة من مجلس الأمة، وإنما المهم قبل هذا كله أن يتم التصدي لهذه الجريمة السياسية الخطيرة بأدوات سياسية تعتمد على وعي الرأي العام الشعبي وعلى قدرته على فضح الفساد وكشف المفسدين والفاسدين وتحميل هؤلاء المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة النكراء، والعمل على تنحيتهم عن مواقع القرار الحكومي والنيابي في الدولة.ومن هذا المنطلق فإننا نرفض أي تبرير لهذه الجريمة أو أي محاولة للتهوين من خطورتها البالغة، كما نحذر من محاولات طمس آثارها أو حماية المتورطين فيها، ونطالب بكشف الحقائق كاملة أمام الشعب الكويتي... وفي الوقت نفسه ندعو إلى الإسراع من دون تأخير إلى تشريع قوانين رادعة بحقّ الفساد والمفسدين تنسجم مع متطلبات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وتحقق الكشف عن الذمم المالية لكبار المسؤولين في الدولة، وتتيح حرية الوصول إلى المعلومات، وتحظر تضارب المصالح، وتفرض عقوبات مشددة على المتورطين في قضايا الإفساد والفساد، مع التأكيد أولاً على رفع رعاية بعض الأطراف السلطوية لقوى الإفساد وعناصر الفساد، فهذا هو الشرط الأول لمكافحة الإفساد والفساد.وانطلاقاً من كوننا في التيار التقدمي الكويتي جزءاً لا يتجزأ من أبناء شعبنا ومن حراكه العام المناهض لنهج الإفساد والفساد وسوء الإدارة والداعي إلى الإصلاح الديمقراطي، فإنّنا نؤكد على أهمية العمل المشترك بين مختلف القوى السياسية والشبابية وعدم الانفراد بالقرار، مع الحرص على تحقيق التوافق الوطني بين مختلف القوى السياسية في خوض المعركة الفاصلة ضد جبهة الفساد؛ ومن أجل تعبئة الرأي العام الشعبي في التصدي لقوى الإفساد وعناصر الفساد وعزلها، ومن أجل تحقيق مطالب الإصلاح السياسي المستحقة؛ وفي مقدمتها رحيل هذه الحكومة غير المأسوف عليها وتشكيل حكومة جديدة برئاسة جديدة تتبنى نهجاً إصلاحياً حقيقياً، وتلتزم بمكافحة الفساد وكشف الحقائق أمام الشعب حول الفضيحة الأخيرة وغيرها من فضائح الفساد الأخرى، ومحاسبة المسؤولين الحكوميين والنواب المتورطين في هذه الفضائح.

الحركة المطلبية والإضرابات العمالية لا تزال متواصلة
اتسع نطاق الحركة المطلبية والإضرابات العمالية فيما لا يزال إضراب القانونيين العاملين في الجهات الحكومية مستمراً في بداية اسبوعه الثاني.
حيث بدأ الأحد 25 سبتمبر إضراب جزئي لمدة ساعتين قام به المرشدون البحريون والعاملون بالحاويات والقطاعات الفنية في الموانئ للمطالبة بكادر وظيفي خاص بهم وتحسين أوضاعهم، كما أضربت عن العمل فنيات التعقيم في المستشفيات الحكومية مطالبات ببدل عدوى ومساواتهم ببقية الفئات الفنية بوزارة الصحة.

تجمع جماهيري حاشد يطالب برحيل حكومة الإفساد ومحاسبة النواب المرتشين
احتشد نحو خمسة آلاف مواطن كويتي مساء أمس الأربعاء 21 سبتمبر في ساحة الإرادة المقابلة لمبني مجلس الأمة في مهرجان خطابي كبير شاركت في القوى السياسية والنواب للمطالبة برحيل حكومة الإفساد ورئيسها الشيخ ناصر المحمد ومحاسبة النواب المرتشين، وذلك في أعقاب انكشاف أمر فضيحة الإيداعات المليونية في الحسابات المصرفية لعدد من أعضاء مجلس الأمة الذين أُحيل بعضهم إلى النيابة العامة بتهمة غسيل الأموال.
وردد الحاضرون أكثر من مرة شعار "إرحل" لرئيس الوزراء، ودعا عدد من المتحدثين إلى إقالته، وتعهد النواب المتحدثون في المهرجان بمساءلته سياسية وصولاً إلى إسقاطه.

(تحديث١) اتساع ملحوظ للحركة المطلبية للعاملين الكويتيين في القطاعين الخاص والعام
بعد الانتصار الذي أحرزته الطبقة العاملة في القطاع النفطي بإقرار الحكومة الزيادة على الرواتب التي سبق أن ماطلت في تلبيتها، وذلك في أعقاب تحديد موعد للإضراب الشامل عن العمل في شركات هذا القطاع الحيوي ما أجبر الحكومة على الخضوع للمطالب العمالية، هاهي الكويت تشهد اتساعاً ملحوظاً في الحركة المطلبية للعاملين الكويتيين في القطاع الخاص و القطاع الحكومي.
فمن جهة طالبت نقابة العاملين في القطاع النفطي الخاص بأن تشمل الزيادة المقررة على الرواتب العاملين في الشركات الخاصة المنفذة لبعض مقاولات القطاع النفطي مثلما شملت زملائهم من العاملين في القطاع النفطي التابع لمؤسسة البترول الكويتية... و من جانب آخر حددت نقابة العاملين في وزارة النفط يوم الأربعاء 21 سبتمبر الجاري موعداً للاعتصام احتجاجاً على عدم شمول العاملين في وزارة النفط بالزيادة على الرواتب المقررة لزملائهم من العاملين في الشركات النفطية.
وشهد اليوم الأحد 18 سبتمبر إضراباً للقانونيين العاملين في الجهات الحكومية للمطالبة بإقرار كادر خاص بهم، كما شهد اليوم اعتصاماً مطلبياً لعدد من العاملين في الإدارة العامة للإطفاء استدعى تواجد القوات الخاصة بعد إصرار العاملين على مقابلة المدير، كذلك فقد شهد اليوم اعتصاماً أمام مكتب وزير المالية قام به المراقبون الماليون ورؤساء الحسابات للمطالبة باستحقاقاتهم المالية والوظيفية، كما أضرب اليوم عن العمل موظفو إدارة التنفيذ في الجهراء للمطالبة بإقرار كوادرهم المستحقة.ومن جانب آخر تعهد وزير العدل لنقابة العاملين بالوزار بالموافقة على أن يقر مجلس الخدمة المدني الكادر الخاص بالعاملين في وزارة العدل، فعلقت النقابة إضراب العاملين إلى ١٦ اكتوبر المقبل.

بيان مشترك بين المنبر الديمقراطي الكويتي والتحالف الوطني الديمقراطي والتيار التقدمي الكويتي
نحن الموقعين على هذا البيان نبارك وندعم جميع الجهود التي قامت بها القوى السياسية – والتي شاركنا معها منذ البداية- والشبابية في قضية "الايداعات المليونية" وتداعياتها، مؤكدين على ان ما تم من خطوات حكومية ونيابية خلال الفترة الماضية لم يحقق النتائج المرجوه.ونعلن تمسكنا بمطالبات بيان القوى السياسية الذي صدر في 4 من الشهر الجاري بالكشف عن المتورطين في قضية "الايداعات المليونية" و محاسبة المدانين فيها واقرار حزمة من القوانين والتشريعات اللازمة لمكافحة الفساد.وندعوا قواعدنا على ان تكون مشاركتهم في يوم الاثنين 19 سبتمبر في الندوة الاولى التي ينظمها المنبر الديمقراطي والتحالف الوطني الديمقراطي والتيار التقدمي الكويتي بالتنسيق مع القوى السياسية في مقر التحالف، كذلك ندعوهم الى المشاركة في تجمع يوم الاربعاء 21 سبتمبر في ساحة الارادة مشاركة فاعلة وسلمية وفق ما نص عليه الدستور.ولا يفوتنا هنا ان نشكر جريدة "القبس" على دورها الوطني في كشف "اول خيوط" القضية، كذلك نشيد بالبنوك المحلية التي قامت باحالة العمليات المصرفية "المشبوهة" للنيابة العامة لتأخذ مسارها القضائي.ونؤكد مجددا بأن محاربة الفساد باتت ضرورة ملحة ومسئولية الجميع في السعي لمكافحتها بتحرك جاد ومتواصل حتى تنجلي ابعاد وحقائق الايداعات واقرار قوانين و تشريعات مكافحة الفساد.
المنبر الديمقراطي الكويتي- التحالف الوطني الديمقراطي- التيار التقدمي الكويتي

تصريح صحافي صادر عن التيار التقدمي الكويتي لدعم مطلب العاملين في القطاع النفطي
يمثّل العاملون في القطاع النفطي أهم مكونات الطبقة العاملة، وهم المنتجون الحقيقيون للثروة الوطنية في بلادنا وعماد اقتصادها، والمؤسف أنّ الحكومة منذ سنوات طويلة وهي تحاول تهميش العمالة الوطنية وتعمل على تقليصها في هذا القطاع الحيوي عبر إسناد العديد من الأعمال الرئيسية في الشركات النفطية العامة إلى شركات مقاولات خاصة تستخدم في الغالب عمالة أجنبية، بالإضافة إلى المماطلة المتكررة في تلبية مطالب العاملين في القطاع النفطي، خصوصاً بعدما اتضح أنّ مستويات الرواتب في هذا القطاع هي الأقل من بين مستويات أجور ورواتب العاملين بالقطاع ذاته في دول مجلس التعاون الخليجي. وكان هناك قرار سابق في العام 2007 بمراجعة مستويات الرواتب للعاملين في القطاع النفطي مرة كل ثلاث سنوات، والمؤسف أنّ الحكومة منذ تاريخ استحقاق هذه المراجعة في العام 2010 وهي تسوّف وتؤجّل المرة تلو الأخرى في إقرار الزيادة المفترضة، حيث جرى إعداد أربع دراسات في شأنها أجمعت على ضرورة الزيادة... وأخيراً عندما لم يعد ممكناً استمرار هذا التسويف والتأجيل بعد إعلان اتحاد عمال البترول قراره بتحديد موعد للإضراب عن العمل يوم 18 سبتمبر الجاري ما لم يتم إقرار الزيادة المستحقة، فقد لجأت الحكومة إلى التلاعب في قرار الزيادة على الرواتب، إذ أنّه بدلاً عن أن يصدر مثل هذا القرار عن المجلس الأعلى للبترول فقد جرت إحالته إلى مجلس الخدمة المدنية، مع العلم أنّ العاملين في القطاع النفطي لا يخضعون لقانون الخدمة المدنية وإنما يتم التعامل معهم وفقاً لقانون العمل في القطاع النفطي... والغريب في الأمر أنّ مجلس الخدمة المدنية بدلاً من أن يعتمد الزيادة المقررة على الرواتب من بين واحدة من الدراسات الأربع السابق إعدادها في هذا الشأن فإنّه تجاهلها جميعاً وأقرّ من دون دراسة أو أساس واضح مكافآت مالية بنسب متفاوتة لا تدخل ضمن الراتب الأساسي ولا يتم احتسابها ضمن مكافأة نهاية الخدمة ولا تشمل العلاوة التشجيعية ويتم استقطاعها خلال الإجازات، ناهيك عن أنّ هذه المكافآت ليست في صالح الشريحة الأوسع من العاملين في القطاع النفطي من المشغلين. ومن هنا فمن الطبيعي أن يرفض العاملون في القطاع النفطي هذا التلاعب الحكومي الصارخ في حقوقهم وأن يصروا على التمسك بمطلبهم المشروع في الزيادة العادلة بالإضافة إلى التمسك بقرارهم السابق بإعلان الإضراب عن العمل يوم الأحد 18 سبتمبر الجاري. ونحن في "التيار التقدمي الكويتي" إذ نتفهّم المطلب الحقّ للعاملين في القطاع النفطي، فإننا نعلن تضامننا معهم، ونؤكد على حقّهم المشروع في اضطرارهم اللجوء إلى أسلوب الإضراب عن العمل بعدما سُدّت أمامهم الطرق الأخرى، انطلاقاً من أنّ الإضراب عن العمل حقّ ديمقراطي مشروع تقرّه الاتفاقيات الدولية. وفي الوقت نفسه فإنّ "التيار التقدمي الكويتي" يهيب بمختلف القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام أن تتضامن مع العاملين في القطاع النفطي وتسند مطلبهم. 9/9/2011

فيلسوف بريطاني شهير يؤكد المقتل المحتم للبرجوازية: ثورة الرأسمالية!
BBC News Magazine, 3 September 2011بقلم: جون غرايترجمة: راشد سلمان - الكويتكأثر جانبي للأزمة المالية، المزيد والمزيد من الناس بدأوا يفكرون في أن كارل ماركس كان على حق. يعتقد الفيلسوف الألماني العظيم والاقتصادي والثوري، الذي ظهر في القرن 19، أن الرأسمالية لم تكن مستقرة من الأساس، من جذورها.فقد بنيت على أساس نزعة في اتجاه إنتاج أكبر لطفرات الأزدهار وانهيارت الكساد، عبر الزمن، وعلى المدى الطويل كان لا بد لها أن تدمر نفسها بنفسها.رحب ماركس بالتدمير الذاتي للرأسمالية. وأعرب عن ثقته بأن ثورة شعبية سوف تحدث وتحقق النظام الشيوعي إلى حيز الوجود، والذي من شأنه أن يكون أكثر انتاجية وأكثر إنسانية.كان ماركس مخطئا بشأن الشيوعية. إلا أنه تنبأ وكان على حق في قبضته على ثورة الرأسمالية. ولم يفهم فقط عدم استقرار الرأسمالية ومرضها المزمن، وكان في هذا الصدد كان متبصرا وحاد الادراك أكثر بكثير من معظم الاقتصاديين في أيامه وفي أيامنا.أعمق من ذلك، فهم ماركس كيف أن الرأسمالية تدمر قاعدتها الاجتماعية الخاصة – أسلوب حياة الطبقة الوسطى. المصطلحات الماركسية بشأن البرجوازية والبروليتاريا لها رنين وطنين فترة عفا عليها الزمن.جادل ماركس بأن الرأسمالية كان متوقعا لها أن تغرق الطبقات المتوسطة إلى ما يشبه ظروف الضغوط والوجود الهش المتزعزع، مثيل لما كان يعانيه العمال من ضغوط شديدة في زمنه، وبذلك توقع ماركس تغييرا في الطريقة التي نعيش بها، أننا الآن فقط نكافح للتعامل معها، وكما أشار لها ماركس.نظر إلى الرأسمالية باعتبارها النظام الاقتصادي الأكثر ثورية في التاريخ، ولم يكن لديه أي شك في أنها تختلف جذريا عن تلك الأنظمة الاقتصادية السابقة.لقد أصرت عصور جماعات الصيادين على الاستمرار في طريقتهم في الحياة البدائية لآلاف السنين، واستمرت ثقافات مجتمعات الرقيق لفترة متقاربة أيضا، واستمر الاقطاع لقرون عديدة. في المقابل، حولت وغيرت الرأسمالية كل شيء تلمسه.ليست فقط العلامات التجارية التي تتغير باستمرار. في الرأسمالية يتم إنشاء الشركات والصناعات ويتم تدميرها في تيار متواصل أبدي من الابتكار، وفي حين انحلت وتلاشت العلاقات الإنسانية، يتم اختراعها في أشكال ونماذج روائية جديدة.وصفت الرأسمالية على أنها عملية التدمير الخلاق، ولا يستطيع أحد أن ينكر أنها كانت منتجة بشكل غير عادي وأعجوبي. من الناحية العملية.. أي شخص على قيد الحياة في بريطانيا اليوم لديه دخل حقيقي أعلى من أي دخل يمكن أن يحصل عليه لو أن الرأسمالية لم تكن موجودة أصلا.المشكلة هي أن طريقة الحياة التي إستندت إليها الرأسمالية في الماضي هي من بين الأمور التي دمرت في هذه العملية.عائد سلبييجادل المدافعون عن الرأسمالية في انها توفر للجميع المزايا التي كانت في زمن ماركس تتمتع بها فقط الطبقة البرجوازية، وأننا نشهد اليوم الطبقة الوسطى المستقرة التي امتلكت رأس المال ولديها مستوى معقول من الأمان والحرية في حياتها.في رأسمالية القرن 19 لم يكن لدى معظم الناس شيئا. كانوا يعيشون من خلال بيع عملهم، وعندما تتدهور الأسواق يواجهون أوقات عصيبة. ولكن مع تطور الرأسمالية، كما يقول المدافعين عنها، فإن عددا متزايدا من الناس تملكوا القدرة على الاستفادة منها.المهن المختارة من قبل الطامحين لم تعد من مقصورة على قلة قليلة. ولم يعد الناس يكافحون من شهر لآخر للعيش على الأجور غير الآمنة. إنهم محميون بالادخار، وبالمنزل الذي يمتلكونه وبمعاش تقاعدي لائق، وستكون لهم القدرة على التخطيط لحياتهم دونما خوف. مع نمو الديمقراطية وتوزيع الثروة، لن يغلق الباب أمام أحد للتمتع بأسلوب الحياة البرجوازية. يمكن أن يصبح الجميع من أعضاء الطبقة المتوسطة.في الواقع، لقد حدث العكس في بريطانيا والولايات المتحدة وغيرها من البلدان الصناعية المتقدمة على مدى السنوات ال 20 أو ال 30 الماضية. الأمن الوظيفي لم يعد موجود ، لقد اندثرت الحرف والمهن القديمة إلى حد كبير، والوظائف المستدامة مدى الحياة أصبحت من ذكريات الماضي.إذا كان لدي الناس أي ثروة فنها تقبع في ملكية منازلهم، ولكن أسعار المنازل لا ترتفع على الدوام. فعندما يكون الائتمان صعباً وغير يسير وضيق كما هو الحال حاليا، فإن أسعار المنازل يمكن أن تكون راكدة لسنوات طويلة. (يقصد الكاتب الظاهرة الكاسحة في الغرب خلال الثلاثين سنة الماضية في إعادة رهن المنازل أو البيع وإعادة الشراء والاستفادة من القروض لمكافحة التضخم المقابل في السلع والخدمات أو تمويل النزعة الاستهلاكية، كل ذلك من خلال الاستفادة من هامش ارتفاع أسعار أصول المنازل التي كانت ظاهرة شبه "مستديمة" – المترجم).ويمكن لأقلية الاعتماد على المعاشات التقاعدية التي تمكنها من العيش بشكل مريح، ولكنها أقلية متناقصة وتتضاءل عددياً، وفي المقابل ليس لدى الكثير من الناس مدخرات مالية كبيرة للاستناد عليها معيشياً.المزيد والمزيد من الناس أصبحوا يعيشون بتدبير أمورهم من يوم لآخر، مع قلة الأفكار لما قد يأتي في المستقبل. اعتادت جماهير الطبقة المتوسطة على التفكير في أن حياتهم تتكشف بتطور منظم. لكنه لم يعد ممكنا أن ننظر إلى الحياة باعتبارها سلسلة من المراحل، التي تكون فيها كل مرحلة تتسم بأنها عبارة عن خطوة متقدمة عن سابقتها.في عملية التدمير الخلاق تم ركل سلم الترقي الطبقي بعيدا، ولم يعد وجود الطبقة الوسطى بالنسبة لأعداد متزايدة من الناس يشكل حتى مجرد الطموح.كلما تقدمت الرأسمالية كلما سحبت معظم الناس إلى نسخة جديدة تتسم بهشاشة اجتماعية متزعزعة، ووجود خطر مشابه لبروليتاريا ماركس. لا تزال دخولنا مرتفعة ولا نزال نحن محميين إلى درجة معينة ضد الصدمات من خلال ما تبقى من دولة الرفاه الاجتماعي التي نشأت في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية.ولكن لدينا رقابة فعالة ضعيفة جدا على مدى مجريات حياتنا، ويجري تفاقم حالة عدم اليقين التي يجب أن نعيش فيها بوضع سياسات للتعامل مع الأزمة المالية. أسعار الفائدة الصفرية إلى جانب ارتفاع أسعار الخدمات والسلع تعني أننا نحصل على عائد سلبي على المال الخاص، وبمرور الوقت يتم تآكل رأس المال الخاص.حالة العديد من الشباب هو أسوأ بكثير. من أجل اكتساب المهارات التي تحتاج إليها، عليك أن تلجأ إلى قروض الدين. وبما أنهم عند نقطة ما سيكون عليهم إعادة الدين، فعليهم أن يدخروا. ولكن إذا كانوا مثقلين منذ البداية بقروض الديون فأن الادخار هو آخر شيء يمكن أن يكونوا قادرين على القيام به. أيا كانت أعمارهم، الاحتمال المقبل الذي يواجه معظم الناس اليوم.. هو عمر وزمن مديد من انعدام الأمن.المجازفون بالمخاطرفي نفس الوقت، وبينما قد جردت الرأسمالية الشعب من أمان الحياة البرجوازية، صنعت الرأسمالية ذلك النوع من الناس الذي عاش حياة البرجوازية البائدة التي عفا عليها الزمن. في سنوات الثمانينيات من القرن الماضي كان هناك الكثير من الحديث عن القيم الفيكتورية (عصر القرن التاسع عشر في بريطانيا)، وكان من عادة المروجين للسوق الحرة أن يجادلوا في أن حرية الاسواق سوف تعيدنا إلى فضائل رأسمالية الماضي النفعية.بالنسبة للكثيرين، النساء والفقراء على سبيل المثال، يمكن لهذه القيم الفيكتورية المحبطة أن تكون جميلة في آثارها. ولكن الحقيقة الكبرى هي أن السوق الحرة تعمل على تقويض الفضائل التي تحافظ على الحياة البرجوازية.عندما تذوب وتتبخر المدخرات تدريجيا، يمكن للمقتصد أن يكون في طريقه إلى الخراب والدمار. وأصبح الشخص الذي يقترض بكثافة، ولا يخشى الوقوع في الافلاس هو الذي يصمد ويستمر في الازدهار.عندما يكون سوق العمل حيوي لا ينجح الذين يتمسكون بأخلاص بمهنتهم، إنما ينجح الناس الذين هم دائما على استعداد لمحاولة شيء جديد ويبدو واعدا أكثر.في المجتمع الذي يتحول ويتغير باستمرار من قبل قوى السوق الحرة، تختل القيم التقليدية وكل من يحاول أن يعيش في حدود هذه القيم يخاطر بأن ينتهي به المطاف في كومة خردة (السكراب).بالتطلع إلى مستقبل تتخلله السوق الحرة وفي كل زاوية من زوايا الحياة، كتب ماركس في البيان الشيوعي : "كل ما هو صلب يذوب في الهواء". وبالنسبة لمن عاش في انكلترا في وقت مبكر من العصر الفيكتوري - تم نشر البيان في عام 1848 يعبر ذلك القول عن ملاحظة مذهلة وبعيدة النظر.في ذلك الوقت لم يبدو هنالك شيئا أكثر صلابة من المجتمع الذي عاش ماركس على هامشه. وفي وقت لاحق، وبعد قرن ونصف وجدنا أنفسنا في العالم الذي توقعه ماركس، حيث حياة كل فرد منا هي تجريبية ومؤقتة ومشروطة، والخراب المفاجئ يمكن أن يحدث في أي وقت.تراكمت لعدد قليل جدا من الناس ثروات كبيرة ولكن حتى هذا سريع الزوال، شبحي أو طيفي الجودة. في العصر الفيكتوري كان يمكن للأغنياء الفعليين الاسترخاء شريطة أن يكونوا متحفظين في كيفية استثمار أموالهم. عندما أستحوذ أبطال روايات ديكنز في النهاية على نصيبهم من الميراث، فإنهم لم يفعلوا شيئا ولم يقوموا بأي عمل، وإلى الأبد.ليس هناك ملاذ أمن اليوم. تقلبات السوق الحلزونية، هي من هذا القبيل، لا أحد يستطيع أن يعرف ما الذي يمكن أن تكون له قيمة حتى في السنوات القليلة القادمة.هذه الحالة من الاضطراب الدائم هو ثورة دائمة للرأسمالية، وأعتقد أنها ستلازمنا في أي مستقبل يمكن تخيله واقعيا. نحن فقط في جزء من الطريق خلال مسار الأزمة المالية، التي سوف تقلب الكثير من الأمور رأسا على عقب.من المرجح أن تنهار العملات النقدية، والحكومات السياسية، جنبا إلى جنب مع أجزاء من النظام المالي الذي اعتقدنا انه صمم على أساس آمن. لم يتم التعامل مع المخاطر التي هددت بتجميد الاقتصاد العالمي قبل ثلاث سنوات فقط. لقد تم ببساطة تحويلها إلى الدول.أيا كان ما يقوله الساسة لنا عن الحاجة للحد من العجز المالي، الديون التي تم تشغيلها على نطاق سابق وواسع لا يمكن سدادها. من شبه المؤكد أن تتضخم العجوزات المالية - وهي العملية التي لا بد أن تكون مؤلمة وستؤدي إلى إفقار الكثيرين.يمكن أن تكون النتيجة فقط إلى المزيد من الاضطرابات، على نطاق أكبر. ولكنها لن تكون نهاية العالم ، أو حتى نهاية الرأسمالية. مهما حدث، نحن لا نزال في طريقنا لنتعلم كيف نعيش مع الطاقة الزئبقية التي أطلقتها السوق الحرة.لقد أدت الرأسمالية إلى ثورة ولكن ليس تلك الثورة التي توقعها ماركس. لقد كره المفكر الألماني الناري الحياة البرجوازية وتطلع إلى الشيوعية لتدمير الطبقة البرجوازية. وتماما كما توقع ماركس، فقد تم تدمير العالم البرجوازي.ولكنها لم تكن الشيوعية التي فعلت ذلك. انها الرأسمالية التي أسفرت عن مقتل البرجوازية.

بيان صادر عن القوى السياسية حول فضيحة الإفساد والفساد الأخيرة
تؤكد القوى السياسية أن ما نشر من أنباء صحافية بشأن الإيداعات المليونية في حسابات أعضاء مجلس الأمة وضع العمل البرلماني في الكويت في دائرة الشك والاتهام مرة أخرى، وهو الأمر الذي لم يعد جديدا وخافيا، فكان له من السوابق والشواهد الشيء الكثير، حتى أصبحت العضوية النيابية أقرب إلى الرخصة التجارية منها إلى التشريع والرقابة.
لقد تلازم فساد السلطتين التشريعية والتنفيذية ليشكل بيئة خصبة لتنمية المفسدين، فتبادلت السلطتان الأدوار كل بحسب أدواته، فذلك يشرع للفساد والآخر ينفذ، حتى أصبحت الثقافة السائدة في العمل السياسي قائمة على قانون "العرض والطلب" وليس النصوص الدستورية، وأصبح التعاون بين السلطتين، ذلك المبدأ الدستوري، تعاونا للهدم وليس البناء، تعاونا لاقتسام الثروات لا استثمارها للمستقبل، وتعاونا لتعيين المفسدين في مفاصل الدولة لا الكفاءات والإصلاحيين، حتى انتشرت جذور الفساد في جميع المجالات.
لقد غرقت الكويت في السنوات الأخيرة في مستنقع الفساد الحكومي والنيابي، حتى بات الإصلاح شبه مستحيل في ظل الأداء الحالي للسلطتين، وما قول سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد حفظه الله ورعاه في خطابه الأخير بمناسبة العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك "الفساد هو الآفة المهلكة لتوجهات الاصلاح والتنمية"، ودعوة سموه الحكومة إلى الإسراع في إنجاز مشروع القانون الخاص بإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، إلا أبلغ دليل على تلمس سموه للحال التي وصلنا إليها.
وانطلاقا من مسؤولياتنا الدستورية والوطنية كقوى سياسية نؤكد أن قضية "الإيداعات المليونية" النيابية بما حملته من معلومات وأرقام ستكون أول الاختبارات الشعبية للسلطتين، فلن نقبل الصمت حتى تنكشف حقائق تلك القضية بأسماء المتورطين فيها، فإما الإدانة وإما البراءة، ولا خيار نضعه أمام الحكومة إلا التعاون مع كل الجهات المعنية بالتحقيق فيها وإلا فهي شريك في الجريمة، كما نؤكد أن أمام محافظ البنك المركزي مسؤولية دستورية وقانونية بحسب منصبه في تقديم ما لديه من أدلة لجهات التحقيق، وعدم التستر على الأطراف المتورطة في مثل هذه الأفعال الفاسدة، وإلا اعتبر مخلا في أداء واجباته.
كما نحمل السلطتين التشريعية والتنفيذية مسؤولية إحلال ثقافة الفساد في دولة التنمية والإصلاح، وتراجع السلوك العام في حماية المال العام، وتفشي أمراض الفساد من رشاوى وشراء ولاءات وواسطات وتعد على الدستور والقانون، وغيره من المظاهر التي باتت نهجا وسلوكا سلبيا للسلطتين انعكس على واقع المجتمع.
اليوم، نقف جميعنا رغم اختلاف التوجهات، متحدين ومتفقين على أن محاربة الفساد ومكافحته باتت أولوية قصوى سنسعى لتحقيقها بعد أن تخاذلت السلطتان عمدا في أداء دورهما، بل وشاركا في بناء دولة الفساد، ولن نقبل لهذه الدولة الاستمرار مهما كانت التضحيات.
وعليه، نحن الموقعين أدناه، نطالب الحكومة وأعضاء مجلس الأمة بالاستعجال في إقرار القوانين والتشريعات اللازمة لمكافحة الفساد، وأهمها تشريعات مكافحة فساد النواب وأعضاء الحكومة والقياديين، على أن تدخل تلك القوانين حيز التنفيذ مع بداية دور الانعقاد المقبل بعد إقرارها في دور انعقاد طارئ لا يفض إلا بعد إقرار القوانين، وكذلك تشكيل لجنة تحقيق حول "الإيداعات المليونية" لكشف جميع الأطراف المتورطة.
ونحذر من أن أي تسويف في إقرار تلك القوانين أو كشف حقائق "الإيداعات المليونية" سيواجهه بتحرك جاد ومستمر لن ينتهي إلا بالقضاء على مكامن الفساد أينما كانت، وأياً كان مصدرها ومن يقف خلفها.
كما ندعو الشعب ومؤسسات المجتمع المدني والقوى العمالية والطلابية إلى وضع قضية كشف حقائق "الإيداعات المليونية" على سلم أولوياتهم في المرحلة المقبلة، والمساهمة في الدفع نحو إقرار قوانين مكافحة الفساد انطلاقاً من واجبهم الوطني.
حركة العمل الشعبي (حشد/تحت التأسيس) - المنبر الديمقراطي الكويتي - التحالف الوطني الديمقراطي - الحركة الدستورية الإسلامية (حدس) - الحركة السلفية - التيار التقدمي الكويتي

وفاة المناضل التقدمي البحريني عبدالرحمن النعيمي
فقدت الحركة الوطنية والتقدمية البحرينية المناضل الكبير عبدالرحمن النعيمي "سعيد سيف" أحد مؤسسي الحركة الثورية الشعبية في الخليج العربي ومؤسس الجبهة الشعبية في البحرين ولاحقاً جمعية العمل الوطني الديمقراطي، بعد حياة أفناها في النضال الوطني ضد الاستعمار البريطاني قبل ١٩٧١ في منطقة الخليج، ومن أجل قيم التقدم والديمقراطية في وطنه البحرين.وأمضى الفقيد جزءاً ليس قليلاً من حياته في المنفى بعيداً عن وطنه، كما تنقّل بين المعتقلات في سبيل مبادئه.خالص العزاء لذوي الفقيد ورفاقه واصدقائه.
والراحل من مواليد العام ١٩٤٤ في الحد، حاصل على بكالوريوس هندسة ميكانيكية من الجامعة الاميركية ببيروت العام ١٩٦٦.عمل مهندساً في محطة الكهرباء بالجفير لمدة سنتين، وتعرض للاعتقال بعد الاضراب الشهير لعمال الكهرباء، واضطر بعدها الى مغادرة البحرين في نهاية العام ١٩٦٨ ولمدة ثلاثة وثلاثين عاماً، وكان يحمل الاسم الحركي "سعيد سيف"، ثم عاد إلى وطنه بعد العفو العام الذي اصدره ملك البحرين في فبراير من العام ٢٠٠١التحق الفقيد بالعمل السياسي منذ العام ١٩٦١ في حركة القوميين العرب، ثم الجبهة الشعبية في البحرين حيث اصبح أميناً عاماًُ لها منذ العام ١٩٧٤ وأصبح أول رئيس لجمعية العمل الوطني الديمقراطي في اكتوبر ٢٠٠١.

أزمة سقف الديون الأميركية: إذا كان يمكن للرأسمالية أن تفعل كل تلك الأشياء التي كانت معقولة وإنسانية، فهي إذاً لن تكون رأسمالية بتاتاً
بقلم: الدكتور برابهات باتنايك، أستاذ الاقتصاد الهنديPrabhat Patnaikنُشرت في صحيفة "ديمقراطية الشعب" الهندية الأسبوعية بتاريخ 7 أغسطس 2011ترجمة: راشد سلمان – الكويتلدى الولايات المتحدة الأميركية قانون تشريعي قديم، صدر في عام 1917، وهو الذي يضع سقفاً على حجم مبلغ ديون حكومتها الفدرالية من حيث القيمة الدولارية المطلقة. (وبما أنه لا يُسمح لحكومات الولايات المختلفة في الولايات المتحدة الأميركية بإدارة العجز المالي، وبالتالي تكبد الديون، لذا تعتبر الديون الفدرالية مرادفة للديون الحكومية للولايات). تحديد سقف الديون بالقيمة الدولارية المطلقة أمر سخيف للغاية لسببين واضحين، هما:أولا، كلما تكبدت الحكومة الاتحادية عجزاً مالياً "طازجاً" في كل سنة جديدة فإنها تضيفه إلى دينها السابق، و بطبيعة الحال لا مفر من تجاوز هذا السقف الثابت من حيث القيمة الدولارية المطلقة.ثانيا، كلما زادت الأسعار وزاد الإنتاج، ترتفع أيضا إيرادات الحكومة الاتحادية ونفقاتها، وأيضا يرتفع عجزها المالي من حيث القيمة المطلقة، وبالتالي لا مفر كذلك من تجاوز هذا السقف الثابت من حيث القيمة الدولارية المطلقة، نتيجته كنتيجة السبب الأول.باختصار، لابد في كثير من الأحيان من إعادة النظر في سقف الديون بالقيمة الدولارية المطلقة ورفعه تصاعدياً. وليس من المستغرب إذاً إجراء التعديلات الكثيرة جداً علي سقف الدين، ورغم ذلك، من الغريب جداً أن لا يستدعي ذلك أحدا سواء لإلغاء هذا القانون التشريعي القديم، أو تعديله بتحويل سقف الديون من القيمة الدولارية المطلقة إلى نسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي (حجم العجز المالي ثابت كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي في أوروبا والهند، وهو يعتبر تدفقاً تمييزاً له عن الديون التي هي رصيد)، (الرصيد النقدي يعتبر ثروة أي كمية ثابتة حددت في وقت زمني معين، أما التدفق النقدي فهو دخل أي كمية متغيرة - زيادة أو نقصان - تقاس خلال وقت زمني معين – المترجم).كانت المراجعة السابقة لسقف الديون في 12 فبراير 2010، وتم حلها بتثبيته عند مبلغ 14.3 تريليون دولار. وكان من المعروف مسبقاً أنه لا بد من مراجعته وتعديل هذا السقف الجديد (القديم) بالاتجاه التصاعدي مرة أخرى، ولكن كان من المتوقع أن يكون أمراً روتينياً لا يستدعي الكثير من الاهتمام. ومنذ أن صادقت السلطة التشريعية بالفعل علي ميزانية الحكومة، وضعت قيود لمعاقبة مختلف بنود النفقات الفدرالية، وكان من المتوقع أن تحدث مراجعة فعلية لسقف الديون لاستيعاب النفقات في مسار تشريعي عادي، ولكنه تحول إلى أزمة في الولايات المتحدة، لأنّ الجمهوريين انتقلوا في الآونة الأخيرة إلى الانغماس أكثر في اليمينية، حيث لا بد من موافقتهم لتمرير التعديل علي سقف الديون، وقد بدؤوا بالمطالبة بنصيبهم من "لحم الفريسة"، وكان لهم ذلك علي شكل تخفيضات في النفقات الفدرالية، ولا سيما على برنامج الضمان الاجتماعي وعلى البرامج التي تعود بالنفع والفائدة على الفقراء، مثل برنامج الرعاية الطبية (ميديكير).
الجانب الطبقيلا ينبغي تجاهل الإصرار علي هذا الجانب الطبقي. لجأت الإدارة السابقة في عهد جورج بوش الجمهوري (بوش الابن - المترجم) إلى تمرير تخفيضات هائلة في الضرائب على الأغنياء، ما عمق بشدة التفاوت في الدخل المتحقق بعد دفع الضرائب في الولايات المتحدة. في محاولة لاسترضاء الجمهوريين، وافق أوباما في ديسمبر 2010 على الاستمرار في تلك التخفيضات الضريبية، على ما يبدو انطلاقا من الاعتقاد الخاطئ بأنّ ذلك من شأنه أن يدفع الجمهوريين إلى رد الجميل (واحدة بواحدة)، ودونما الكثير من اللغط. ومع ذلك أصر الجمهوريون على تناول حصتهم من الكعكة، وبعد ذلك، المطالبة بالتهام المزيد. فبعد أن حصلوا علي موافقة أوباما على الاستمرار في التخفيضات الضريبية التي سُنت في عهد بوش، رفضوا الموافقة على زيادة سقف الدين إلا مقابل تطبيق تخفيضات حادة على مجموعة من بنود الإنفاق الاتحادية التي كانت ذات فائدة للفقراء. وقَبَلَ أوباما الخضوع لهم، وخضع تحت ظل قانون تشريعي قديم سخيف صدر في عام 1917، وتم إحداث نقلة تراجعية غريبة أخرى في توزيع الدخل من جانب اليمين المتطرف في الولايات المتحدة الذي يهيمن حاليا على الحزب الجمهوري. هذه العملية زادت من قوة اليمين المتطرف في السياسة الأميركية إلى حد كبير: فهو الآن على ثقة من أنه يمكن دفع الجانب الجبان الرعديد في شخصية أوباما نحو الاتجاه الذي يريده.والذريعة أنّ حكومة الولايات المتحدة ستتخلف عن السداد في حالة عدم وجود زيادة في سقف الديون، وهو أمر عظيم الإحراج لأية حكومة، والكثيرون في الولايات المتحدة سعداء لأنه تم التوصل إلى حل لمثل هذه الأزمة من خلال الاتفاق المتبادل، بغض النظر عن بنود الاتفاق الذي تم بين أوباما والجمهوريين. ولكن هذا هو الموقف الساذج الذي يتجاهل الضرر الكبير الذي ألحقت هذه التسوية بالمجتمع الأميركي (تتمثل في شكل التراجع الحاد في توزيع الدخل لما فيه صالح الأغنياء)، وللكيان السياسي في الولايات المتحدة (في شكل تحوّل غير عادي إلى اليمين)، وكذلك أدي هذا الموقف الساذج إلى إلحاق الضرر باقتصاد الولايات المتحدة والاقتصاد العالمي (في شكل استفحال الركود العالمي، الذي ستتأكد حدته في وقت لاحق).قد يجادل البعض بأنّ أوباما لم يكن لديه خيار في هذه المسألة، والاتفاق الذي تم، ذلك أنه لم يكن لديه مجال إلا الرضوخ للجمهوريين لتفادي الأزمة التي يمكن أن تنشأ، كنتيجة، فيما لو اضطرت الحكومة الأميركية إلى التخلف عن السداد بشأن مدفوعاتها المُستحقة. ولكن هذا ما إلا هو افتراض خاطئ.بصرف النظر عن حقيقة انه كان جباناً سياسياً علي طول الخط (الطريق السياسي)، ولا سيما في الاستمرار بتمديد سياسة خفض الضرائب علي الأغنياء التي مُررت في عهد بوش (الأبن)، ولكنه أصبح جباناً سياسياً أيضاً حتى عندما حانت لحظة الأزمة لسحقه سياسياً (بجلية). لقد كان أمامه مخرج أخر واضحاً اقترحه كثيرون، لكنه لم يستمع إلى هذه النصيحة.وكان المخرج المقترح على النحو التالي: في حين يتم حساب السندات الحكومية باعتبارها ديناً حكومياً، إلا أنّ السيولة النقدية التي تصدرها الحكومة تختلف ولا تُعد ديناً حكومياً. يملك المجلس الاحتياطي الاتحادي مبلغ 1.7 تريليون دولار من السندات الحكومية في الوقت الراهن، وهو قيمة ما تم شراؤه ضمن جهوده لخفض معدلات الفائدة طويلة الأجل (لتحفيز الانتعاش الاقتصادي). يتم احتساب هذا المبلغ على أساس أنه دين حكومي (باعتباره سندات حكومية)، من هنا، تثار مسألة حسابية حول ما إذا كانت الديون الحكومية فعلاً ضمن السقف القانوني المُحدد. إذا لجأت الحكومة الأميركية لمجرد استبدال السندات الحكومية التي يملكها المجلس الاحتياطي الاتحادي في محفظته بطبع العملة وتحويلها إلى سيولة نقدية، إذا تم ذلك، حينها سينخفض إجمالي الدين الحكومي ليندرج تماماً ضمن السقف المُحدد (ذلك أنّ الزيادة المُقدرة فوق سقف الدين هي بحدود 1.5 تريليون دولار وهو مبلغ يقل عن 1.7 تريليون دولار من السندات الحكومية التي يملكها المجلس الاحتياطي الاتحادي في محفظته).إنّ لجوء الحكومة لطبع النقود في الولايات المتحدة الأميركية ليست فكرة جديدة: لجأ الرئيس الأميركي في القرن التاسع عشر إبراهام لينكولن إلى طبع أوراق نقدية سُميت "الأوراق الخضراء" (لا يزال يستخدم هذا المصطلح في لغة مشتركة للإشارة إلى الدولار الأميركي)، ولجأ إليها تحديداً في وضع مماثل، عندما كانت الحكومة الاتحادية قد وصلت إلى أزمة الديون بسبب تمويل نفقات الحرب الأهلية الأميركية. صحيح، أن استبدال السندات الحكومية بالأوراق النقدية يبدو حلاً زائفاً ووهمياً (لا يشكل ذلك أهمية للبنك الاحتياطي الفدرالي لأنّ أسعار الفائدة على السندات الحكومية في حدود الصفر المئوي، وجزء كبير من عائدات الفائدة التي يحققها مجلس الاحتياطي الفدرالي تدخل في خزينة الحكومة على أي حال)، ولكن بما أنّ مشكلة سقف الديون هي مشكلة زائفة ووهمية على أي حال، فإن حلاً زائفاً ووهمياً هو كل ما يتطلبه الوضع، وهذا الحل هو تماماً ما يكفي للتصدي لسياسة ليّ الذراع التي يتبعها الجمهوريون.الأسباب الهيكلية البنيويةالسبب وراء عدم لجوء أوباما إلى هذا الخيار يرجع لعوامل هيكلية بنيوية، وليس بسبب فشل وخلل في بعض جوانب شخصيته، كما يدًعي الكتاب الليبراليون. الجبن السياسي واضحا في شخصية أوباما، وبكلمات أخرى هو ليس سمة شخصية ولكن نتيجة لركوعه لضغوط رأس المال التمويلي. الجدل الكبير حول حجم العجز المالي في الولايات المتحدة كان مُثاراً منذ فترة. في حين أنّ العديد من الاقتصاديين التقدميين شددوا علي أنّ وجود عجز مالي كبير أمر ضروري لتحفيز الاقتصاد في خضم الركود، وهم مُحقون في ذلك، وأنه لا يمكن لهذا العجز إحداث أي ضرر أو أذى، ليس هناك ضرر حتى على صعيد التضخم (حيث أنّ التضخم في الولايات المتحدة ليس ضمن معدلات الارتفاع المقلق في أي حال، وهو ليس ناتجاً من جراء الزيادة في جانب الطلب).إلا أنّ أصحاب النفوذ المالي وعبر وسائل الإعلام التي يسيطرون عليها أثاروا دوماً الرغبة في خفض منهجي ومنظم للعجز المالي. هذا الأمر ليس مستغرباً: رأس المال التمويلي يعارض دائماً أي شكل من أشكال النشاط للدولة، إلا ذلك النوع من النشاط الذي يشجع على تحقيق مصالحه الخاصة. إنه يبث وينشر ليس فقط الرأي القائل بأنّ ما هو جيد للتمويل هو جيد بالنسبة للاقتصاد، ولكنه أيضا يبث وينشر نسخة أقوى من ذلك، فحواها: ما هو جيد فقط للتمويل هو جيد بالنسبة للاقتصاد.من أجل أن يعترف رأس المال التمويلي بأنّ مصالح الاقتصاد يمكن خدمتها وتحقيقها من خلال العمل الحكومي الذي لا يهدف إلى تعزيز مصالحه الخاصة (مصالح أصحاب النفوذ المالي)، ذلك الاعتراف هو تقويض لعلة وجوده الخاص بالذات. وقد استخدمت المشكلة الزائفة والوهمية حول سقف الدين الحكومي لإحداث خفض حقيقي في العجز المالي للدولة. وتم هذا أيضاً من دون التأثير على مصالح الأغنياء، عبر عكس السياسة ووقف الحديث عن إلغاء التخفيضات الضرائبية السابقة (التي ينعم بها الأثرياء)، تلك التي تمت إزالتها بعناية من جدول الأعمال في وقت سابق.يمكن تقليص العجز المالي إما من خلال جمع وحشد أكبر لعائدات الضرائب أو من خلال إحداث خفض في جانب الإنفاق. كيف يتم تقليص العجز المالي، ومَنْ هم الذين سيتحملون أثر زيادة الضرائب وأثر الخفض في جانب الإنفاق، كل ذلك من القضايا الهامة التي تؤثر على التوزيع الطبقي للدخل.لا يريد رأس المال التمويلي إحداث خفض في العجز المالي فحسب، ولكنه يريد إحداث خفض ينفذ طبقياً وبشكل صحيح (من وجهة نظره الطبقية). وقد أدى أوباما دوره في كلا الجانبين بارتياح (جانب العائدات وجانب الإنفاق). لا شك في أنّه (أوباما) تم تحفيزه بمهماز اليمين الأميركي، لكنه لم يستطع الوقوف في وجه رأس المال االتمويلي، لأنّ تمويل حملته الانتخابية يعتمد إلى حد كبير على معقل رأس المال التمويلي في وول ستريت (شارع مؤسسات المال). وما يراه الكتاب الليبراليون كامناً في التحول نحو اليمين في السياسة الأميركية لإدارة أوباما (ما يعزونه لشخصية الرئيس وجبنه السياسي)، هو في حقيقته التامة زيادة في نفوذ وقوة رأس المال التمويلي.ومن المفارقات، أنّ قدراً كبيراً من الزيادة في الدين الحكومي للولايات المتحدة يعود إلى جهود الحكومة لإنقاذ البنوك من الأزمة المالية التي جلبوها على أنفسهم بشكل جماعي، وأيضاً جراء سياسة بوش (الابن) في خفض الضرائب للأثرياء، لا سيما لمكافحة الركود الاقتصادي لأنفسهم، وهي سياسة لا يمكن عكسها، رغم أنّ الحكومة مضطرة إلى العمل الآن على وضع حزمة من الحوافز المالية لمكافحة الركود الاقتصادي العام. ولكن تلك الزيادة في الدين الحكومي التي فرضها الأثرياء وأصحاب النفوذ المالي تم استخدامها استخدمها أصحاب المصالح أنفسهم في إحداث تخفيضات على النفقات الاجتماعية للفقراء.الحقيقة هي أنّ هذه السياسة ستؤدي إلى تفاقم الركود في الولايات المتحدة، وبالتالي في الاقتصاد الرأسمالي العالمي ككل، وقد جرى التأكيد عليه عن حق من قبل العديد من الكتاب. مكافحة الركود تتطلب زيادة الإنفاق. وبما أنّ الولايات المتحدة الأميركية لا يمكنها زيادة صافي صادراتها بشكل فجائي (وإذا حققت ذلك فعلياً، ستكون له أثار حادة علي ركود بعض البلدان الأخرى نظراً لأنه يجب أن يكون على أساس سياسة "إفقار البلد الجار")، إذاً يجب أن يزيد الإنفاق المحلي للولايات المتحدة. وبما أنّه لا نفقات الاستهلاك الخاص ولا نفقات الاستثمار الخاص أظهرت أي علامات على حدوث انتعاش اقتصادي (سيتماثلان للشفاء بمجرد أن يبدأ الاقتصاد في الانتعاش)، لابد لزيادة الإنفاق أن تأتي من جانب الحكومة، وفي ظل غياب سياسة فرض الضرائب على الأثرياء، لابد أن يتم تمويله عن طريق العجز المالي (الضرائب على الفقراء تبطل الآثار التوسعية المرجوة من الإنفاق الحكومي).تقليص العجز المالي، وأيضاً تطبيقه عن طريق خفض النفقات الموجهة نحو الفقراء، سوف يزيد من خطورة تفاقم الركود في الولايات المتحدة، وبالتالي تفاقم الركود في الاقتصاد العالمي.قد يتساءل الناس: لماذا يصر رأس المال التمويلي علي مثل هذا المسار الذي هو أمر خطير في نهاية المطاف علي النظام ككل، نظراً لأنه يواجه ويتحدي النظام بالعداء الجماهيري المتعاظم وباحتدام أسوأ أزمة اقتصادية.يكمن السبب في أن الرأسمالية ليست نظاماً مخططاً ولكنها نظام عفوي، هذه العفوية هي التي تجعل مصيرها مشؤوماً، وآيلاً إلى زوال. واقتباسا من لينين، يمكننا القول إنه إذا كان يمكن للرأسمالية أن تفعل كل تلك الأشياء التي كانت معقولة وإنسانية، فإنها إذاً لن تكون رأسمالية بتاتاً.

الجمعيات السياسية الثلاث للتيار الوطني الديمقراطي في البحرين توجّه نداءً إلى الملك
اجتمع ممثلون عن قيادات جمعيات التيار الوطني الديمقراطي الثلاث (وعد والتجمع القومي والمنبر التقدمي)، حيث استعرضوا بإسهاب تطورات الوضع الوطني في البلاد، ولاحظوا بقلق بالغ أن هذه التطورات تأخذ مساراً خطيرا وسلبياً يجر معه الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية نحو المجهول، حيث لا أفقاً واضحاً للإصلاحات السياسية، كما أن الاحتقان الأمني، وسط استمرار حالات الفصل والاعتقال والانتهاكات الإنسانية، يخيم على البلاد، وهي أمور تخلق أجواء غير مؤاتية لإجراء الانتخابات النيابية التكميلية، مما دفع هذه الجمعيات لإعلان تعذر مشاركتها فيها لما ستؤدي إليه من إضافة عنصر جديد إلى عناصر الأزمة ، وقد أوضحت هذه الجمعيات ذلك بتفاصيل أكبر في البيانات التي أصدرتها حول هذا الموضوع. إن الجمعيات الثلاث تمثل تيارات سياسية مهمة ساهمت طوال مسيرتها النضالية في تعزيز وحدة مجتمعنا واستقلال بلادنا والشرعية الدستورية التي يتمتع بها الحكم، كما ناضلت بنفس الوقت إلى جانب جماهير الشعب من أجل مطالبها الدستورية والديمقراطية والاقتصادية العادلة، وقدمت الكثير من التضحيات على هذا الطريق، وهي تشعر اليوم وبقلق بالغ بمخاطر استمرار الأوضاع الراهنة دون معالجات وطنية سليمة، حيث تهدد هذه الأوضاع بإلحاق أفدح الأضرار بالسلم الاجتماعي والمشروع الإصلاحي والوحدة الوطنية وحياة الناس الاقتصادية والاجتماعية، ناهيك عن السعي الحثيث من قبل البعض لتعميق الشرخ الطائفي وتقسيم المجتمع إلى مذاهب وطوائف. والجمعيات الثلاث التي شاركت بإيجابية كاملة في الحوار الوطني كانت تراهن على ترجيح صوت العقل والرشد في معالجة الملفات التي طرحت في الحوار خاصة الملفات السياسية التي كانت ولا تزال تمثل جوهر الأزمة في البلاد، ولكن للأسف جاءت مخرجات الحوار لكي تبقي تلك الأزمة على حالها دون حلول مُرضية وطنيا وسياسيا، وتراجع القائمون على الحوار عن رفع مرئيات المعارضة السياسية لجلالة الملك، وذلك خلافا لما أكد عليه رئيس الحوار مع بدء جلساته، الأمر الذي يشير إلى عدم الجدية في التعاطي مع الملفات السياسية والدستورية. لذا فاننا ومن منطلق حرصنا الوطني الثابت والمبدئي على مصالح البلاد العليا في ترسيخ مبادئ الاستقلال الوطني والتطور الديمقراطي والإصلاح السياسي والاقتصادي والوحدة الوطنية، ومن منطلق الشعور بمسئوليتنا التاريخية في الحيلولة دون انحدار الأوضاع إلى منزلقات أمنية وطائفية لا تُحمد عقباها، ويصعب، فيما بعد، السيطرة عليها وعلى تداعياتها الخطيرة، والتزاماً بنهجنا الوطني الجامع الذي يتسامى فوق التجاذبات والمصالح الطائفية والمذهبية وينشد العدالة والمساواة والخير لكافة أبناء الشعب، واستقرار المملكة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، نتوجه من خلال هذا البيان بنداء صادق إلى جلالة الملك عاهل البلاد حفظه الله لإطلاق مبادرة ترمي إلى إخراج المملكة من أوضاعها المقلقة الراهنة، وإعادتها إلى روح المشروع الإصلاحي الذي انطلق مطلع الألفية الثالثة، من أجل حياة حرة وديمقراطية كريمة لكافة أبناء الوطن، تكرس المملكة الدستورية ودولة المواطنة المتكافئة والمتساوية في الحقوق والواجبات التي تضمن العدل والمساواة والكرامة لجميع أبناء هذا الوطن الغالي، وفي هذا الصدد فإننا ندعو إلى ما يلي: أولا: تأجيل الانتخابات النيابية التكميلية المزمع إجراؤها خلال شهر سبتمبر القادم لحين تهيئة الأجواء السياسية والاجتماعية الملائمة. ثانيا: إعادة فتح الحوار بين الحكم والقوى السياسية في البلاد لبلوغ تسوية تاريخية قابلة للاستمرار، تنطلق من المبادئ الواردة في مبادرة سمو ولي العهد التي أعلنها خلال شهر مارس الماضي وتكون خريطة طريق وقاعدة لهذه التسوية. ثالثا: إعادة المفصولين إلى أعمالهم فورا وإطلاق سراح المعتقلين دون وجه حق، ووقف الانتهاكات الأمنية. رابعا: وقف الخطابات الطائفية التحريضية أيا كان مصدرها، ولاسيما من خلال وسائل الإعلام الرسمية والصحف والمنابر الدينية. خامسا: مبادرة علماء الدين في الطائفتين الكريمتين للقاء والتشاور لوضع مبادئ وأسس لمبادرات تعيد بناء اللحمة الوطنية بين كافة أبناء الوطن. سادسا: بعد الانفراج الأمني والسياسي المشار إليها أعلاه، يتزامن إعادة فتح الحوار، بالتزام كافة الاطراف بتهدئة الشارع ووقف المواجهات الأمنية. كما تؤكد الجمعيات الثلاث رغبتها في لقاء جلالة الملك حفظه الله، والتي سبق أن عبرت عنها في الخطاب المرفوع إلى جلالته بتاريخ 23 يوليو 2011، انطلاقا من ثقتها في حكمة جلالته وقدرته على قيادة البلاد نحو الديمقراطية والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان وفق ما نص عليه الدستور وميثاق العمل الوطني والمواثيق والمعاهدات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، وتسليم البحرين للأجيال القادمة وهي تنعم بالأمن والاستقرار والطمأنينة والرفاه للجميع.
جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي
جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد)
جمعية التجمع القومي الديمقراطي
المنامة 22 أغسطس 2011

بيان "التيار التقدمي الكويتي" بمناسبة انتصار ثورة الشعب الليبي الشقيق
بفرح وغبطة تلقينا مثلما تلقى أبناء شعبنا الكويتي أنباء الانتصار الظافر للشعب الليبي الشقيق في ثورته ضد نظام الاستبداد الذي جثم على كاهل ليبيا أكثر من أربعة عقود من الزمان ذاق خلالها الليبيون الأَمَرّين من ظلم الطاغية المستبد؛ ومن تسلطه الجائر وطيشه الأخرق وعبثه غير المسؤول؛ ومن فساد أبنائه واستهتارهم.
ونحن إذ نهنئ الشعب الليبي الشقيق بمناسبة انتصاره ضد الطاغية، فإننا نثق في قدرة هذا الشعب العظيم على بناء ليبيا الجديدة، ليبيا الحرية والديمقراطية، ليبيا الموحدة، في الوقت الذي نأمل فيه أن يتحلى الشعب الليبي باليقظة والحذر تجاه أجندات بعض الأطراف التي قد تحاول حرف ثورته عن أهدافها الوطنية والديمقراطية، بما في ذلك الانتقام أو عدم تسليم السلاح إلى الدولة الجديدة، وكذلك الانتباه إلى محاولة حلف الأطلسي استغلال ما سبق أن توفر له من غطاء دولي للتدخل العسكري في قصف قوات الطاغية قبل سقوط نظامه للتدخل السياسي مستقبلاً في الشؤون الداخلية لليبيا والتحكّم في مقدراتها الاقتصادية وخياراتها الوطنية.
إنّ سقوط رموز أنظمة الاستبداد والفساد في تونس ومصر وأخيراً في ليبيا إنما هي بداية عصر جديد في وطننا العربي الكبير سيكنس البقية الباقية من هذه الأنظمة ويطوي صفحاتها البغيضة، وهذا ما نتطلع إلى قرب تحققه في سورية واليمن.
ومن هنا فقد أصبح لزاماً على بقية الأنظمة العربية الحاكمة، بما في ذلك الأنظمة الخليجية في دول مجلس التعاون، أن تبادر على الفور إلى التخلي عن نهج احتكار السلطة؛ وأن تستجيب إلى المطالب الحقّة لشعوبها في الحرية والديمقراطية؛ وتلبي تطلعاتها نحو الإصلاح والتغيير التي أصبحت استحقاقات غير قابلة للمماطلة والتأجيل.
"التيار التقدمي الكويتي"
23 أغسطس 2011

رؤية "التيار التقدمي الكويتي" حول المعالجات المطروحة لمواجهة انعكاسات الأزمة الاقتصادية العالمية على الاقتصاد الكويتي
جاءت المبادرة الأميرية السامية بتشكيل اللجنة الاستشارية لبحث التطورات الاقتصادية كواحدة من الخطوات المستحقة لبحث كيفية التعامل مع الأزمة الاقتصادية والمالية للنظام الرأسمالي العالمي وانعكاساتها السلبية على الاقتصاد الكويتي في ظل الاستغلال السيئ للفوائض المالية والفشل الذريع الذي اعترفت به الحكومة في تنفيذ الخطة الإنمائية.
ونحيي هنا التوجيه السامي الوارد في كلمة صاحب السمو الأمير أمام أعضاء اللجنة بضرورة "مراعاة أصحاب الدخول المتدنية في كل الإجراءات المقترحة، وألا يترتب عليها ما قد يثقل كاهلهم في مواجهة أعباء الحياة وتكاليفها"، ونطالب اللجنة والحكومة ومجلس الأمة بالتزام هذا التوجيه الهام وعدم المساس بمستوى المعيشة العام للطبقة العاملة والفئات الشعبية سواء فيما يتعلق بالرواتب والأجور التي هي حقوق مكتسبة، أو تلك الاقتراحات الداعية لاستحداث ما يسمى ضريبة القيمة المضافة على المبيعات التي من شأنها إرهاق المستهلكين محدودي الدخول، وكذلك ما يُثار في شأن تقليص الدعم الحكومي وتقليص بنود الإنفاق الاجتماعي الضرورية.
إنّ ما يعانيه اقتصادنا الوطني من اختلالات هيكلية إنما هي نتاج ارتكازه على بنية اقتصادية ريعية ذات مورد أحادي، وارتباطه التبعي بالنظام الرأسمالي العالمي عبر تأدية وظيفة متخلفة في إطار التقسيم الدولي للعمل تتمثّل في تصدير النفط الخام؛ بالإضافة إلى النهج الاقتصادي للقوى الاجتماعية المتنفذة وما أدى إليه من اختلال توازن البنية الاقتصادية لصالح القطاعات غير المنتجة والتطور الأحادي الجانب، وإعاقة نمو وتطور القوى المنتجة المادية والبشرية وتكريس تخلفها، عبر سياسات اقتصادية وتوظيفية حجر الزاوية فيها الاعتماد علي الأيدي العاملة غير المُستقرة كبديل وليس كمُكمّل للأيدي العاملة الوطنية والمُستقرة ، وأصبحت إيرادات بيع النفط الخام تشكّل مصدر النشاط الاقتصادي، مع ملاحظة ضعف صلتها ببقية القطاعات الاقتصادية باستثناء صلة التمويل، وما يتهدد الموارد النفطية من مخاطر النضوب بفعل الاستنزاف أو جراء ما يمكن أن يسمى "النضوب التقني" في حال إنتاج طاقة بديلة بكلفة مناسبة.
وتبرز تبعية الاقتصاد الكويتي في أدائه وظيفة متخلفة في إطار التقسيم الدولي للعمل تتمثل في تصدير النفط كمادة خام واستيراد كافة احتياجات البلاد من الخارج، واستثمار الاحتياطي المالي العام وتحويلات القطاع الخاص إلى الخارج على هيئة ودائع أو أصول ثابتة مما يعزز الشراكة الطبقية مع الاحتكارات من موقع التبعية. مع ملاحظة ما تواجهه هذه الاستثمارات من انخفاض لدخولها وتآكل قيمة أصولها، وكونها بالأساس تحت سيطرة وإدارة أجنبية، وتؤكد التطورات الاقتصادية العالمية أنّ ذلك يزيد من مخاطر تآكلها نقدياً واستثمارياً قياساً بالاستثمار المحلي المنتج، هذا إلى جانب الاعتماد على الخبراء والبيوت الاستشارية الأجنبية في الأجهزة الاقتصادية.
ويتضح الطابع الطفيلي للاقتصاد الكويتي في تلك الفجوة الكبيرة بين الإنتاج والاستهلاك لغير صالح تراكم حقيقي لرأس المال، والتي تتم تغطيتها عن طريق ريع النفط، وتضخم الإنفاق الحكومي وارتباطه بسياسة غير عادلة لتوزيع الدخل والتصرف بالثروة الوطنية. وهذا ما أدى إلى إهدار جانب كبير من هذه الثروة وتنامي فئات طفيلية لا تقوم بأية وظيفة اجتماعية مفيدة، ونمو رأس المال المالي والربوي واتساع عمليات المضاربة والسمسرة، وضعف ارتباط القطاع المصرفي بالاستثمار الإنتاجي، حيث قد أثبتت التطورات استحالة الاعتماد علي القطاع المصرفي في دعم الاستثمار المالي من دون أن تكون هناك سياسة مالية مركزية تُقيّد هذا النشاط وتضع اعتبارات المصلحة الوطنية الاقتصادية بعيدة المدى أساساً لنشاط المصارف، بالإضافة إلى هيمنة القطاعات غير الإنتاجية كالخدمات والتجارة، وما يرافق ذلك من انتشار لقيم المجتمع الاستهلاكي والموقف السلبي من العمل المنتج.
ويتخذ التوزيع غير العادل للدخل والثروة الوطنية مظاهر عديدة أدت إلى اتساع الفوارق الطبقية في المجتمع الكويتي وتمركز رأس المال والثروة في أيدي فئة وأسر محدودة، وتوجيه سياسة الإنفاق لصالحها.
ونحن في "التيار التقدمي الكويتي" نرى أنّه إزاء فشل وإفلاس النهج الاقتصادي القائم وعدم ارتباطه بالمصالح الأساسية لغالبية الفئات الشعبية، لابد من انتهاج سياسة اقتصادية وطنية بديلة لبناء اقتصاد وطني متطور ومستقل بهدف تجاوز أوضاع التخلف والتبعية والنهب الطفيلي واستباحة المال العام والتوزيع غير العادل للثروة وغياب التخطيط، وهذا ما يتطلب:
1- تنويع وتوسيع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني، بإقامة صناعة وطنية تعتمد على أحدث التقنيات، وتوفير الحماية والدعم لها باعتماد خطة تصنيع تتلاءم مع إمكانيات البلاد ومتطلبات السوق الداخلي والخليجي، وتسهم في تحقيق التكامل الاقتصادي العربي، وذلك بتشجيع الصناعة الوطنية وتوفير الحوافز الملائمة لتطويرها وتطوير الكادرين الفني والإداري المحلي فيها، والتركيز على الصناعات البتروكيماوية وتطوير الصناعات القائمة وخصوصاً المعتمدة على النفط. هذا إلى جانب تطوير قطاع الملاحة والنقل البحري.
2- الاستخدام العقلاني الرشيد وطويل الأمد للثروة النفطية وإبقائها بيد الدولة ورفض خصخصتها وصد الأبواب أمام سعي شركات النفط العالمية الكبرى لإعادة هيمنتها عليها تحت غطاء اتفاقيات المشاركة في الإنتاج، وربط سياسة إنتاج النفط وتصديره بمتطلبات تطوير اقتصادنا الوطني واحتياجاته الفعلية؛ وكذلك ربطها بحجم الاحتياطيات النفطية الحقيقية القابلة للاستخراج، ووضع ضوابط للحد من استنزاف الثروة النفطية، وتعزيز وحدة الأوبيك في مواجهة الاحتكارات، والعمل مع بقية دول الأوبيك والدول الأخرى المنتجة والمصدرة للنفط على اعتماد وحدة حسابية أخرى لمعاملات النفط الدولية بدلاً من عملة الدولار الأميركي المتآكلة باستمرار.
3- البدء في أبحاث تأسيسية للاستثمار في مجال الصناعة المستقبلية للطاقة الشمسية لتميّز بلادنا بموقع الاستفادة الاقتصادية الأكثر إنتاجية وبالتالي إمكانية توفر ميزة للربح في مجال هذه الصناعة الوليدة حالياً، والمربحة مستقبلياً، واستعمال بدائل أخرى لتوليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه مثل الطاقة الشمسية خصوصاً لمرحلة ما بعد النفط، والانتباه إلى العواقب البيئية لأي إصلاح اقتصادي والاهتمام بالبيئة كأولوية لأي مشاريع مستقبلية .
4- تنمية الموارد البشرية المحلية وتعبئتها، وتأهيل قوة العمل الوطنية والاعتماد عليها وعلى العمالة المستقرة من "البدون" والوافدين العاملين، وبالأساس منهم الخليجيون والعرب، بدلاً من جلب المزيد من العمالة الأجنبية الجديدة.
5- الاهتمام بقطاع الدولة (القطاع العام) في الاقتصاد وتوسيعه، وتحسين إدارته وإعادة تنظيم مؤسساته وتنشيط فعاليتها وفقاً لأصول الإدارة الحديثة، ومراقبة أدائها، وتطوير القطاع المشترك، واستثمار المال الاحتياطي العام للدولة في مشاريع منتجة من أجل رفع وتائر النمو الاقتصادي، ورفض التصفية النهائية لقطاع الدولة (القطاع العام) ومحاولات تقليص الدور الاقتصادي للدولة، وعدم تخصيص النشاطات الاقتصادية المنتجة والناجحة في القطاع العام. مع التأكيد على أهمية الدور الريادي للدولة في الاقتصاد كضمانة ليس لتعظيم الإنتاج فقط، بل وعدالة التوزيع وحماية النشاطات الخدمية الحيوية، كذلك التنبّه إلى مخاطر رهن هذا القطاع الهام والحيوي لخدمة المصالح الطفيلية الخاصة التي تعتاش على تخريب القطاع العام وتعمل على استشراء الفساد والاختلالات فيه لتحقيق المنافع الفئوية.
6- عدم تقديس آلية السوق ومحاولة إضفاء طابع سحري خادع عليها في حلّ المشكلات الاقتصادية، حيث ثبت أنّ اعتماد آلية السوق من شأنه تجاهل المسؤولية الاجتماعية لرأس المال؛ وعدم تحقيق نمو اقتصادي متوازن واستغلال أنسب للموارد، وإنما الهدف منه تعظيم الأرباح، بل لقد أكدت التطورات المعاصرة في عالم رأس المال مدى الدمار الذي يلحقه انفلات رأس المال بمجمل النظام الاجتماعي وقيمه، وأنّ عدم تقييده سيؤدي إلى الخراب ويفضي إلى نتائج غير محسوبة.
7- عدم تقديس آراء المؤسسات الاقتصادية العالمية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، التي كثيراً ما تُغفِل تقييماتها لاقتصادات الدول عن الجانب الاجتماعي وحقوق الطبقات العاملة والشعبية، كما أنّ نصائحها للإصلاح الاقتصادي كثيراً ما تعتمد على وصفة عامة تتمحور حول تحرير الأسواق المحلية من الرقابة وفتح الاقتصاد الوطني على الاقتصاد العالمي دون قيود؛ ومن دون اعتبار للمصلحة الوطنية للدولة ومصلحة ومواطنيها؛ ودون اعتبار لاختلاف مراحل التطور الاقتصادي بين الدول. إذ لا يخلو تاريخ هذه المؤسسات العالمية من التقييمات الخاطئة لاقتصادات الدول والنصائح الفاشلة التي قدمتها لها، وتعامل هده المؤسسات مع دول مثل مصر وتونس قبل ثورتيهما خير دليل على سلبية هذه النصائح.
8- تشجيع النشاطات الإنتاجية في القطاع الخاص، وتقديم التسهيلات والحوافز اللازمة كي يدخل القطاع الخاص في مجالات استثمار إنتاجية ذات مستويات تقنية عالية، ليسهم في إعادة البناء الاقتصادي وتوازنه، بدلاً من اختلاله الناجم عن غلبة الاستثمارات في قطاعات الاقتصاد الساخنة كالمال والعقار والاستثمارات، مع ضرورة تحمّل هذا القطاع تبعات اختياراته الاقتصادية، وتأكيد المسؤولية الاجتماعية لرأس المال في توفير فرص العمل ودفع ضرائب على الدخل بهدف المساهمة في تمويل الميزانية العامة للدولة، والتأكيد على أنّ محاربة النتائج الطفيلية للعولمة الرأسمالية، والحماية الضرائبية للمنتجات المحلية وذات القيمة المضافة الوطنية، يشكلان أمرين ضروريين لدعم الميزانية العامة.
9- الأخذ بسياسة مالية ونقدية تستهدف تشجيع الاستثمار الإنتاجي؛ والحدّ من التضخم النقدي، والرقابة على القطاعين المالي والمصرفي وتجنّب محاولات فرض السيطرة الأجنبية عليهما، ووضع نظام ضريبي تصاعدي على أرباح الشركات الكبيرة والبنوك ، والتركيز الرقابي النوعي علي ميزانيات موازنات هذه الشركات والبنوك لمنع الاختلال الاستثماري وكبح الانجراف الطفيلي ومحاربة النشاطات الوهمية في أسواق المال، وتوجيه الاستثمارات الحكومية نحو تحقيق أهداف استثمارها بأقل درجة من المخاطر وأكبر مردود وعدم استثمارها في البلدان التي قامت بتجميد أرصدة الدول الأخرى، وتوجيهها نحو البلدان الخليجية والعربية ما أمكن، ورفض تدفقات الاستثمارات الأجنبية لأغراض المضاربة.
10- وضع سياسة عقلانية للاستيراد، ودعم الجمعيات التعاونية عن طريق إعادة تنظيم القطاع التعاوني وتطويره وتعزيز دوره في فروع الاقتصاد الوطني الإنتاجية والخدمية، مع العمل على تخليصه من الفساد، وإخضاعه للرقابة والشفافية من جانب المساهمين وتحريره من الوصاية الحكومية المفروضة عليه. وتوفير التسهيلات والحماية لصغار ومتوسطي التجار.
11- إحداث إصلاح إداري شامل بحيث يتم تطوير الإدارة الحكومية لتكون في خدمة المواطنين والمجتمع، وتوجيه نشاط جهاز الدولة ككل بشكل أكثر انتظاماً وانسجاماً، ومعالجة مشاكل التضخم الوظيفي وانخفاض الإنتاجية والفساد الإداري، ووضع أسس موضوعية عادلة وشفافة للترقية والتقدم الوظيفي، والتخفيف من الشكليات الإدارية والبيروقراطية والروتين، والاستفادة من التقنية الحديثة للمعلومات والاتصالات في تطوير الخدمات الإدارية.
12- الحد من الفساد ومكافحته تكتسبان أهمية قصوى، وهذا ما يتطلب سن قوانين وتفعيل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ووضع إجراءات وتدابير لمنع استغلال النفوذ، والكشف عن الذمة المالية لكبار المسؤولين في الدولة، وتضارب المصالح، وفضح التجاوزات ومحاولات التطاول على المال العام ونهبه، مع تعزيز أجهزة الرقابة الدستورية ومنظمات المجتمع المدني ذات الصلة بالشفافية ومكافحة الفساد، والعمل على وقف إفساد الحياة السياسية والبرلمانية والمؤسسات الإعلامية، وذلك بوضع سقف أعلى للإنفاق الانتخابي وكشف مصادر تمويل الحملات الانتخابية ووسائل الإعلام.
13- إصلاح السياسات الاقتصادية الاجتماعية واتخاذ جملة من التدابير الاقتصادية والاجتماعية والقانونية لصالح أوسع الفئات الشعبية وتلبية احتياجاتها الحيوية، ومنها:
أ- تقوية شبكة الأمان الاجتماعي والرعاية الاجتماعية وتوسيع نطاقها لصالح الفئات الشعبية متدنية الدخول والقطاعات المهمشة، وأن تشمل الضمان الاجتماعي ضد البطالة والتعطّل عن العمل، ووضع سياسة أسعار تقوم على أساس المراقبة الصارمة على أسعار السلع، وتقوية أجهزة الدولة ومنظمات المجتمع المدني المعنية بحماية المستهلك من رفع الأسعار والغش التجاري، ومنحها صلاحيات الرقابة الفعالة والضبط القضائي. وتوسيع قائمة السلع المدعومة والمشمولة بالبطاقة التموينية بالنسبة للمواطنين أصحاب الدخول المتدنية، واعتماد سلم متحرك للرواتب والأجور بربطها بارتفاع تكاليف المعيشة (مؤشر أسعار المستهلك)، ودعم دور الجمعيات التعاونية، وعدم فرض ضرائب غير مباشرة على المستهلكين.
ب- توسيع نطاق المساحات المتاحة للسكن من الأراضي المملوكة للدولة بهدف توفير المزيد من الأراضي وخفض أسعارها، وفرض ضريبة عقارية على الملكيات الكبيرة والأراضي الفضاء غير المستغلة، والحد من المضاربات العقارية، و تحسين خدمة الرعاية السكنية وتنوعها من حيث التصاميم والمساحة وقروض التأثيث الميسرة، وسن قانون إيجارات عادل يراعي مصالح جمهور المستأجرين من السكان وأصحاب المحلات ويأخذ بعين الاعتبار مصالح صغار الملاك.
ت- توسيع نطاق الخدمات العامة وتحسين مستواها ونشرها على قدم المساواة في جميع المناطق، وبالأخص الخدمات الصحية والتعليمية، بتوفير الخدمات النوعية كالخدمات العلاجية المتخصصة وزيادة أَسرّة المستشفيات، وفتح فروع للمعاهد الخاصة والتطبيقية في المحافظات، وزيادة عدد الحدائق العامة وتوفير الخدمات الترفيهية والمرافق الرياضية المناسبة للأطفال والشباب والأسر والمسنين.
ث- عدم المساس بالحقوق الاجتماعية المكتسبة، وإعادة النظر في الوجهة وحيدة الجانب لسياسة ترشيد الإنفاق بحيث لا تمس بنود الإنفاق الاجتماعي الضرورية، ومراعاة الظروف المعيشية للطبقة العاملة والفئات الشعبية من المواطنين والمقيمين.
أما عن الأزمة الاقتصادية التي يشهدها النظام الرأسمالي العالمي مند عام ٢٠٠٨ وحتى امتداداتها الآن فهي في رأي "التيار التقدمي الكويتي" نتاج احتدام التناقضات البنيوية الصارخة للرأسمالية التي تجلّت في طغيان قطاع المال وفقاعاته، وقطاعات الاقتصاد غير الفعلي على قطاعات الاقتصادات الفعلية، وتعاظم الدَيْن واستمرار تقلّص الفواصل الزمنية بين دورات الأزمات العامة، كما أنّها تعبّر عن تفاقم التناقض الرئيسي بين العمل ورأس المال، وبين الطابع الاجتماعي المتزايد للعمل وطبيعة الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، وتكشف حقيقة أنّ الرأسمالية آيلة إلى زوال بوصفها نظاماً قائماً على الاستغلال الطبقي والظلم الاجتماعي وإخضاع الشعوب وإفقارها ونهب ثرواتها وتدمير البيئة وخلق التوترات وتأجيج الصراعات وافتعال الحروب لهثاً وراء تعظيم الأرباح وتكوين الثروات وتراكمها وتمركز رأس المال... فبالإضافة إلى عدم الاستقرار الاقتصادي واحتمالات الفوضى اللذين أصبحا يلوحان في الأفق، خاصة مع التغير النوعي الذي تشهده الدورة الاقتصادية الرأسمالية، فإنّ الرأسمالية هي نظام اجتماعي استغلالي يتفسخ، وذلك على الرغم من قدرتها على التكيّف والمراوغة وتأجيل نهايتها المحتومة، إلا أنّ هذه القدرة على التكيّف، بل وحتى الإصلاحات، التي تلجأ إليها الرأسمالية لإطالة عمرها لا يمكن أن تنتج نظاماً اجتماعياً عادلاً.
"التيار التقدمي الكويتي"
21 أغسطس 2011

كاتب ليبرتاري أميركي يستنتج اقتصادياً: بعد كل هذا الوقت، ربما كان ماركس على حق
بقلم: مايك ويتني، كاتب في الاقتصاد من منظور تحرري (ليبرتاري) The Market Oracle في نشرت بتاريخ 16 مارس 2011
ترجمة: راشد سلمان - الكويت
مرت سنتان ونصف السنة منذ انهيار بنك ليمان براذرز وجموع المستهلكين في الولايات المتحدة ما تزال تحاول انتشال نفسها من المأزق. يوم الخميس 10 مارس، أفصح البنك الاحتياطي الفدرالي عن تقرير "التدفق النقدي" الذي أظهر أن الأسر قد خفضت إجمالي ديونها إلى 13.3 تريليون دولار في الربع الأخير من العام الماضي 2010، ولكن مؤشر نسبة الدين إلي الدخل (وهو مؤشر هام وحاسم) لا يزال أعلى بكثير من نسبة الارتفاع الطبيعي، وهي حاليا عند 120.9%، وهذا يعني أن المستهلكين سوف يضطرون إلى خفض نفقاتهم حتى إلي درجة أكثر مما هو حاصل في الوقت الحاضر. خلال سنوات الطفرة، (2000 إلى 2007) زادت المديونية المنزلية-الأسرية إلى أكثر من الضعف عن طريق الاستفادة من القروض الرخيصة المتاحة بسهولة لشراء الرهون العقارية، وإعادة تمويل المنازل وأيضا الحفاظ على مستوى معيشتهم. استطاع أصحاب المنازل تصريف (حوالي) 500 بليون دولار سنويا من خلال الاستفادة من ارتفاع قيمة الملكية المتحققة، بسبب ارتفاع أسعار المنازل، واستخدامها لصرفها علي ما يحلو لهم. لقد حفز نهم الائتمان زيادة الطلب، وزيادة التوظيف، وخلق دورة قوية من الربحية والنمو. ولكن انتقلت هذه العملية في الوقت الحاضر إلى الاتجاه المعاكس ما أثار موجة من عمليات حبس الرهن (التخلي عن الاستئثار بملكية البيوت لتكلفتها العالية أو استيلاء المدينين علي الممتلكات العقارية المرهونة بقوة القانون الذي تفرضه الدولة الرأسمالية – المترجم)، وموجة من الإفلاسات، وكذلك موجة من التخلف عن السداد. لقد اقتصد المستهلكون واستمرت عملية خفض النفقات لمدة 11 ربع سنوي (33 شهراً)، على التوالي، في محاولة من المستهلكين لرأب الصدع في موازناتهم الأسرية بعد إصابتها بخسائر فادحة خلال الأزمة المالية 2008. ويمكن أن يكون لتقليص المديونية المنزلية-الأسرية تأثير مدمر على الاقتصاد، لأنّ الإنفاق الاستهلاكي يشكل نسبة 70 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأميركية. ولحسن الحظ، بدأت إدارة الرئيس أوباما أعمالها بحزمة من الحوافز المالية قدرها 787 مليار دولار لتعويض النقص في إنفاق القطاع الخاص، وإلا تراجع الاقتصاد ووقع في دائرة الركود طويل الأمد. الإنفاق الحكومي (العجوزات المالية) هي التي أنقذت الاقتصاد وخفضت الفجوة المحدقة في الناتج، وزادت فرص العمل بما يعادل مليوني وظيفة. يدقق الاقتصاديون في تقرير "التدفق النقدي" لقياس مدي عافية إنفاق المستهلكين، ولكن قد تكون البيانات مضللة في بعض الأحيان. على سبيل المثال، ارتفع صافي قيمة الثروات المنزلية-الأسرية (حقوق الملكية) بمقدار 2.1 تريليون دولار، إلي 56.8 تريليون دولار، بحلول نهاية الربع الأخير من عام 2010، ولكن من الناحية العملية، كل المكاسب التي تحققت في هذه الأرقام تقبع في أسواق الأسهم، لذلك لن تؤثر على عادات الإنفاق الاستهلاكي لدي الناس الذين لم يستثمروا في الأسهم. وكما نوه راندال فورسيث الكاتب في صحيفة بارونز "عليك أن تشارك في اليانصيب بشراء تذكرة، لكي تحصل علي فرصة للفوز". ومع ذلك، لا يزال رئيس الاحتياطي الفدرالي الأميركي بن برنانكي يرى أنّ ارتفاع أسعار الأسهم إشارة إلى أن برنامج شراء السندات الذي تضمنه التيسير الكمي الثاني يؤدي مفعوله. (التيسير الكمي الثاني هي سياسة شراء للسندات والأوراق المالية لجأ لها البنك المركزي في عام 2010 لدعم المؤسسات وأطلق عليها رقم أثنين (600 بليون $) تمييزا لها عن التيسير الكمي الأول في عام 2008 (2 تريليون $)، وكلاهما يعتبران من أدوات السياسة النقدية غير التقليدية لأنها تطبع الدولار ورقياً أو إلكترونياً دونما رصيد حقيقي، وتهدف إلى تخفيض أسعار الفائدة على المدى البعيد آملين في استقطاب رأس المال للاستثمار في القطاعات المنتجة - المترجم). ومثله كمثل رئيس الاحتياطي الفدرالي السابق ألان غرينسبان، يعتقد بن برنانكي أنّ "تأثير الثروة" يمكن أن يكون له تأثير علي زيادة الإنفاق الاستهلاكي وسيؤدي إلى الانتعاش الاقتصادي. للأسف، لا تدعم الحقائق ادعاءات بن برنانكي. في حين أن التحفيز المالي الذي قامت به الإدارة الأميركية أدي إلي زيادة النشاط الاقتصادي وتوظيف الأيدي العاملة (وفقا لتقريرين منفصلين صدرا عن مكتب الميزانية بالكونجرس غير الحزبي)، إلا أنّ التيسير الكمي الثاني لم يؤد إلا إلى مجرد رفع أسعار الأسهم. لا يوجد شيء في تقرير "التدفق النقدي" يشير لأي شيء أكثر من الانتعاش الدوري الطبيعي لفترة ما بعد الركود العميق. وبعبارة أخرى، التيسير الكمي الثاني ما هو إلا أداة مُفلسة بحق. أسعار الفائدة هي الأداة السياسية الرئيسية لدي البنك الاحتياطي الفدرالي. والتيسير الكمي الثاني هو محاولة لدفع معدلات الفائدة إلي ما دون الصفر من خلال التوسع في نطاق شراء سندات الخزانة. والهدف هو إشعال فتيلة الاستثمار في الأصول الأكثر خطورة. وقد نجح ذلك إلي حد ما، فشكرا للبرنامج التنقيطي لبن برنانكي الذي عمل علي تغذية النظام المصرفي، فقد ارتفعت أسعار الأسهم بحدود 12% في الربع الأخير من العام الماضي 2010، ولكن ارتفاع أسعار الأسهم لم يؤد إلى زيادة الاستثمار أو زيادة الإنفاق الاستهلاكي، فقط أدي للمزيد من السيولة التي خاضت في موجات المد للأسواق المالية. المشكلة أن التيسير الكمي الثاني لا يحتوي علي آلية لانتقال التحفيز المالي إلى الاقتصاد الحقيقي. فهو لم يرفع الأجور ولم يوسع الإئتمان، وأيضاً لم يلغ الديون (أو العجوزات-الخسائر) عن الموازنات المالية المنزلية-الأسرية. فقط كان مجرد آلية لضخ المزيد من غاز الهيليوم إلى فقاعة الأسهم. هذا هو الذي اتضح من تقرير الأئتمان الاستهلاكي وأيضاً من تقرير "التدفق النقدي". ويكشف التقرير الفدرالي للائتمان الاستهلاكي، بصرف النظر عن قروض الطلبة والقروض العالية المخاطر للسيارات، علي أنّ الائتمان الاستهلاكي مستمر في الانخفاض. وحقيقة الآمر، الإقراض أما راكد تماما أو في نزول، في جميع البنوك التجارية وشركات التمويل والاتحادات الائتمانية ومؤسسات الادخار والمؤسسات غير المالية، وأخيرا لدي اتحادات وشركات توريق الديون. الخلاصة: لا يوجد أي مؤشر علي أنّ سياسة البنك الاحتياطي الفدرالي تساعد الأسر على تخفيف ديونها أو مساعدتها في العودة للإنفاق الاستهلاكي لمستويات ما قبل الأزمة المالية التي اندلعت عام 2008. وبتعبير آخر، التيسير الكمي الثاني لا يُمهد الطريق للتوسع الإضافي في الائتمان. والآن هذه الفقرة من بلومبيرغ بيزنس ويك: "هؤلاء الأميركيون العاديون الذين لديهم وظائف قلقون بشأن مصائرهم (مدي احتفاظهم بهذه الوظائف)، ويتوقعون أقل القليل في زيادات الأجور، هذا إن حدثت فعلاً، مع التقدم ببطء وقدماً نحو الانتعاش وتواصله. أما بالنسبة للأسر ذات الدخل الأعلى فتلك قصة مختلفة، كما يقول مايكل فيرولي، وهو اقتصادي سابق في الاحتياطي الفدرالي ويشغل الآن منصب رئيس الاقتصاديين لشؤون الولايات المتحدة في بنك جي بي مورغان تشيس في نيويورك، الذي قال "الأسر من ذات الدخل الأعلى هي الأكثر استفادة من ارتفاع الأسعار في أسواق الأسهم، وهي تنفق استهلاكياً"، ويقدر فيرولي أنّ فئة 20 في المئة لمَنْ في القمة (الأعلي دخلاً ضمن هذه الفئة) تنفق نحو 40 في المئة من جملة الإنفاق الاستهلاكي لهذه الفئة، بينما السيد دين ماكي كبير الاقتصاديين الأميركيين في البنك الاستثماري باركليز كابيتال في نيويورك يحدد هذا الرقم إلي أقرب لنسبة 50 في المئة". لذا، نعم، ارتفاع أسعار الأسهم أمر جيد للأغنياء الذين استأنفوا سلوكهم الإنفاقي بزيارة محلات تيفاني (نسبة إلى البذخ والفخامة في الإنفاق البرجوازي – المترجم) وفي تناول العشاء في المطاعم الراقية. ولكن الآمر مختلف تماما لغير الأغنياء. الشيء الوحيد الذي يمكن أن يغيّر الوضع هو إذا استطاع التيسير الكمي الثاني دفع الأجور إلي أعلى، أو إذا ارتفعت أسعار المنازل وخرجت من الركود المُخيف. لكن الأمور لا تسير علي هذا النحو. وفيما يلي مقطع من مقال في صحيفة وول ستريت جورنال يلقي قليلاً من الضوء على جزء من قصة تقلص المديونية التي غابت عن معظم وسائل الإعلام: "تحملت الأسر الأميركية عبئاً أصغر من الديون في عام 2010 وهو أقل من أي وقت مضي في السنوات الست السابقة...التخلف عن السداد في الرهون العقارية وفي بطاقات الائتمان لعب دورا كبيرا في تخفيض الديون المنزلية-الأسرية، مما يؤكد مدى الضائقة المالية التي لا تزال تعاني منها العائلات في الولايات المتحدة. وكما قال مجلس الاحتياطي الاتحادي الفدرالي، قامت البنوك التجارية بشطب 118 مليار دولار من قيمة الرهون العقارية ومديونية بطاقات الائتمان وغيرها من الديون الاستهلاكية في عام 2010، وهذا أكثر من نصف إجمالي الديون المنزلية المشطوبة والتي تبلغ 208.8 بليون دولار، وهي تتضمن كذلك الرهون العقارية الجديدة وبطاقات الائتمان الحديثة. لا يزال الطريق طويلاً أمام العديد من المستهلكين لتنظيم ميزانياتهم وأمورهم المالية المنزلية-الأسرية. ويعتقد بعض الاقتصاديين أنّ نسبة الدين المنزلي-الأسري إلى الدخل المتاح ستكون 100 ٪ أو أقل من ذلك". (من مقال "العائلات تُقطع الدين إلى أدنى مستوى له في 6 سنوات"، وول ستريت جورنال). إذاً تعمل الأسر علي تخفيض المديونية، ولكن الأمر الذي يثير الاهتمام، الكيفية التي تلجأ إليها لتحقيق ذلك. إنها تتعثر وتتخلف عن السداد، وفي ما يلي فقرة من مقال وول ستريت جورنال، كتبه في وقت سابق الصحفي مارك وايتهاوس. "إنّ انخفاض عبء الديون يستحضر صورا لأمة تشعر بالندم وتسعى للتوبة بعد عشر سنوات من الغسراف والتبذير، وتدفع حاليا بضمير لتخفيض أرصدة الرهن العقاري وأرصدة بطاقات الائتمان، وهذا قد يكون صحيحاً في بعض الحالات، إلا أنها ليست القاعدة. ففي الواقع، يحقق الناس تقدماً أكثر من ذلك بكثير عبر التخلص من ديونهم المتعثرة عبر التخلف عن السداد على الرهون العقارية والنكوص عن الوفاء بالتزامات بطاقات الائتمان...وفي المتوسط (المعدل)، لا يسددون ديونهم على الإطلاق. وبالأحرى ذلك ما أدي إلي كون قيمة مبالغ المُتعثرين ضمن إجمالي الديون في انخفاض مستمر، في حين أن البقية (غير المُتعثرين) تعمل علي تراكم المزيد من الديون مباشرة من خلال أسوأ أزمة مالية وركود اقتصادي منذ عقود". ( من مقال "عدد الأسبوع: التخلف عن السداد، وليس الادخار، خيار دين الولايات المتحدة" وول ستريت جورنال). ياللعجب! المستهلكون يتخلفون عن السداد بدلاً من دفع ديونهم وتخفيضها، هذا يعني المزيد من حالات الإفلاس وحالات حبس الرهن العقاري، مما يؤدى إلى خسائر كبيرة للبنوك، وربما إلى جرعة إنقاذ مالي أخري. كذلك، يزيد هذا أيضاً من احتمال الانخفاض الحاد لأسعار الأسهم وأسعار السلع عندما يبطئ النشاط الاقتصادي، ويثير بدوره موجة أو نوبة أخري من الانكماش. لذا، هل يمكن للتيسير الكمي الثاني أن يُشعل موجة من تدفق الاستثمارات والإنفاق الاستهلاكي عبر قرص وحرف منحنى العائد على سندات الخزانة الأميركية؟ أتمني ألا يراهن أحد على ذلك، فمن السهل التنبؤ بما يمكن أن يحدث. لنلقي نظرة أخري علي مقال آخر للصحفي مارك وايتهاوس "الأكتناز النقدي لدي الشركات الأميركية في تزايد مستمر، وهو اتجاه جيد ويثير القلق في نفس الوقت. فبعد الارتفاعات لمستويات قياسية جديدة في خمسة من الفصول الستة الماضية، وصلت الأصول النقدية والأصول السائلة الأخرى لدي الشركات غير المالية إلي 1.9 تريليون دولار في نهاية عام 2010، وفقاً لإفصاحات البنك الاحتياطي الفدرالي. ذلك يشكل 7 ٪ من جميع أصول هذه الشركات، وهو أعلى مستوى منذ عام 1963، وهذا النمو المتواصل للاكتناز النقدي لدي الشركات يوحي بوجود معضلة: ويبدو أنّ فحوي هذه المعضلة تكمن في أنّ الشركات تفتقر إلى الثقة في الانتعاش اللازم لحرث المال، من جديد، في مشاريع جديدة وتوظيف الأيدي العاملة...كما أنها تمنح بعض الأرباح النقدية لمساهميها علي شكل عمليات إعادة شراء الأوراق المالية (أرباح نقدية غير مباشرة من خلال شراء أسهمها بأسعار مخفضة مميزة غالبا عن السعر السوقي – المترجم)، وهذا لا يشير إلى التفاؤل". (من مقال "الاكتناز النقدي للشركات ينمو"، مارك وايتهاوس، وول ستريت جورنال"). لذا لابد من التساؤل، لماذا لا تتم إعادة استثمار الأموال المكتنزة المخبأة لهذه الشركات التي تبلغ 1.9 تريليون دولار، عندما خفض البنك الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة لما يقارب الصفر المئوي، ولجأ رئيس الاحتياطي الفدرالي الأميركي بن برنانكي إلى دعم الأسواق بسياسة التيسير الكمي الثاني؟ والجواب، بالطبع، يتعلق بالنقص في جانب الطلب. لقد عملت ووثقت "الكيمياء المالية" وأيضا موجات من التكهنات ما يثار حول الأداء الضعيف للاقتصاد، الذي ينمو سلبيا أكثر وأكثر مع كل دورة اقتصادية (فقر الدم الاقتصادي). ولم تعد الشركات والأعمال قادرة على إيجاد منافذ للاستثمار الإنتاجي لرؤوس أموالها الفائضة، وبالتالي فإن النظام بأكمله يتباطأ. وعندما لا يتم تدوير مدخرات الشركات والمؤسسات في عجلة الاقتصاد عبر الاستثمارات بالتأكيد سوف يجف الطلب، وهذا هو ما يحدث بالضبط في الوقت الحالي. و يمكن للإصلاحيين أن يحولوا الانتباه عن المشكلة الرئيسية بالإشارة إلى إلغاء القيود والتحرير المالي، وانخفاض أسعار الفائدة، وأيضا ً"تخمة الادخار" لدي الدول الأخرى (ذريعة يقصد بها الصين بالدرجة الأولي- المترجم)، ولكن تظل الحقيقة في أنّ المعافاة الاقتصادية تضعف أكثر فأكثر، والبطالة تستمر عالية لمدد أطول، وأيضاً نواجه انهيارات عامة أكثر كارثية في الحياة الاقتصادية (الأزمات الدورية في الرأسمالية- المترجم). كل هذه تشير إلى وجود نظام متصلب- مشلول وغير مستقر، مصاب بآفتي الإفراط في الإنتاج والنقص في الطلب، والذي يجعله يستسلم تدريجيا الى الركود المتباطئ المستمر. واستمرار التباطؤ يؤدي إلي تجذير وتعميق عدم المساواة، والتحريض على التناقضات الطبقية، وإثارة الاضطرابات الاجتماعية. لقد قال ماركس " إنّ العائق الحقيقي أمام الإنتاج الرأسمالي هو رأس المال نفسه"، وتخزين مبلغ 1.9 تريليون دولار وخموله ضمن موازنات الشركات يثبت أنّ ماركس كان على حق.
أقام التيار التقدمي الكويتي غبقة رمضانية في مقره بميدان حولي وذلك مساء الأحد الماضي حضرها عدد من أعضاء التيار وأصدقائه، كما حضر الغبقة عدد من الشخصيات السياسية والنقابية العمالية والإعلامية.
وقد وزّع التيار التقدمي على ضيوفه "أكياس قرقيعان" مميّزة تضم مجموعات منتقاة من الكتب المنوعة.
أ. سامح هلال و الزميل ناصر ثلاب و أ. علي العوضي
/>
الزميل والنقابي القدير عبدالله السعد و النقابي القدير حسن فلاح
جانب من الحضور ويظهر الزميلان أحمد الديين و قيس بوقماز
جانب من الحضور
خالد البلوشي و موسى الخرس و فارس الكامل و إبراهيم الهندال و خالد الديين
فريده مسيب و فيّ الرجيب و فاطمة الصقر
نهار المكراد و أحمد الديين و خالد الديين
قرقيعان التيار عبارة عن مجموعة من الكتب
وكل عام وأنتم بخير وعساكم من عواده.

نورييل روبيني الاقتصادي الليبرالي الأشهر منذ الأزمة المالية العالمية 2008 يُقرّ أخيراً: ماركس كان على حقّ
نورييل روبيني
بقلم: جوزيف لازارو
ترجمة: راشد سلمان- الكويت
13 أغسطس 2011
Published on Sunday, August 14, 2011 by the International Business Times
هناك حقيقة مقررة قديمة (بديهية) مفادها أن "الحكيم هو الشخص الذي يقدّر الصراحة، تقريباً، بمثابة الأنباء طيبة" و مع الأخذ بتلك البديهية كدليل، يمكن وضع ما هو مقبل بالتأكيد في خانة الصراحة.
قال الاقتصادي نورييل روبيني "دكتور الشؤم" (تعبير أطلق عليه بسبب تنبؤه ببعض حيثيات الأزمة المالية العالمية لعام 2008 قبلها ومنذ 2006 و2007 والتي جري بعضها طبقاً لتنبؤاته المتشائمة دوما-المترجم)، وهو الأستاذ في جامعة نيويورك الذي توقع بدقة منذ أربع سنوات الأزمة المالية العالمية، قال روبيني إنّ واحدة من انتقادات الاقتصادي كارل ماركس للرأسمالية تلعب بعينها دوراً في الأزمة المالية العالمية الحالية.
وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة نيويورك، إذا لم تكن هناك جولة أخرى من التحفيز المالي الضخم أو إعادة هيكلة للديون العالمية، فإنّ الرأسمالية سوف تستمر تعاني من أزمة بسبب خلل في النظام أكتشفه لأول مرة الاقتصادي كارل ماركس قبل أكثر من قرن من الزمان. لقد جادل ماركس، ضمن العديد من نظرياته الأخرى، بأنّ الرأسمالية تنطوي علي تناقض داخلي من شأنه أن يؤدي إلى أزمات دورية، وأنّ ذلك على الأقل، من شأنه أن يضع الضغوط على النظام الاقتصادي.
وقال روبيني إنّ دافع الشركات هو الحد من التكاليف، لحفظ وتكديس السيولة النقدية، ولكن هذا بدوره يؤدي إلى شحة السيولة النقدية في أيدي العاملين، الأمر الذي يعني أنّ لديهم شحة من المال للإنفاق، ومن ثم قلة التدفق النقدي مرة أخرى إلى الشركات.
والآن، في ظل الأزمة المالية الحالية، لا يعاني المستهلكون من شحة المال للإنفاق فحسب، بسبب ما ورد أعلاه، ولكنهم أيضا يملكون الدافع للحد من التكاليف، ولحفظ وتكديس السيولة النقدية لديهم كأفراد، مما سوف يعمل علي تضخيم تأثير قلة التدفق النقدي العائد مرة أخري إلي الشركات.
وقال روبيني في مقابلة (مرئية-المترجم) مع وول ستريت جورنال "كارل ماركس كان على حق"، وأدلف "في نقطة معينة يمكن للرأسمالية أن تدمر نفسها بنفسها، ذاتيا، وهذا لأنه لا يمكن الاستمرار في تحويل الدخل من العمل الي رأس المال دون أن يكون هناك قدرة فائضة ونقص في الطلب الكلي، اعتقدنا أنّ الأسواق فعالة بذاتها، إلا أنها في الحقيقة ليست فعالة. وما اعتقدنا أنه عقلاني- رشيد بمفرده... ما هو إلا عملية التدمير الذاتي".
واضاف روبيني أنّ غياب النمو القوي العضوي (الحقيقي) لإجمالي الناتج المحلي - والذي يمكنه زيادة الأجور والإنفاق الاستهلاكي - يستدعي الحاجة إلي إقرار حافز مالي كبير، متفقا في ذلك مع اقتصادي آخر رفيع المستوى هو بول كروغمان الحائز على جائزة نوبل، وأنه في حالة الولايات المتحدة كان مبلغ الحافز المالي (786 بليون $) الذي أقره الكونغرس الامريكي في عام 2009 صغيراً جداً لخلق الطلب الكلي اللازم لدفع الاقتصاد الأميركى نحو التعافي، ومن تم الي التوسع والنشاط ذو الاكتفاء الذاتي.
وقال روبيني إنه في ظل غياب الحوافز المالية الإضافية، أو في ظل الغياب غير المتوقع للنمو القوي لإجمالي الناتج المحلي، فإنّ الحل الوحيد هو إعادة هيكلة الديون العالمية للمصارف وديون المنازل (أساساً الأسر / العوائل)، وأيضا ديون الحكومات. مع أنّ روبيني أكد أنه لم يحدث قط من قبل مثل هذه الإعادة (إعادة الهيكلة الشاملة).
وقال من دون هذه الحوافز المالية الإضافية، فإنّ العجز في إعادة الهيكلة يفضي إلى "بيوت مُفلسة، مصارف مُفلسة، وحكومات مُفلسة ".
وقال روبيني، يمكن للولايات المتحدة من الناحية النظرية أن تلجأ للحلول الثلاثة التالية :
أ) تنمية نفسها للخروج من المشكلة الحالية (بما أنّ الاقتصاد ينمو ببطء شديد في الوقت الراهن، بالتالي هو في حاجة إلى مزيد من التحفيز المالي)، أو
ب) إنقاذ نفسها للخروج من المشكلة (ولكن إذا لجأت الكثير من الشركات والكثير من المواطنين إلي سياسة الإدخار، فإنّ الخلل الذي اكتشفه كارل ماركس سيكون له تأثير هائل ضخم، أو
ج) تضخيم نفسها (عبر آلية التضخم-المترجم) للخروج من المشكلة (ولكن ذلك ستترتب عليه أضرار مباشرة واسعة).
ومع ذلك، قال روبيني إنه لا يعتقد أنّ الولايات المتحدة أو العالم الآن عند النقطة التي تواجه فيها الرأسمالية لحظة التدمير الذاتي.
وقال روبيني "إننا لسنا عند هذه النقطة حتى الآن"، ولكنه أضاف بأنّ الاتجاه الحالي المتصاعد، إذا أستمر، "سوف نتعرض لخطر تكرار المحطة الثانية من فترة الكساد العظيم" – (خطأ عام 1937).
في عام 1937، واجه الرئيس فرانكلين روزفلت في هذه الفترة الضغط من الجمهوريين في الكونغرس وتنازل للمحافظين وخفض الإنفاق الحكومي، على الرغم من حقيقة أنّ السنوات الأربع الأولى من سياسة الصفقة الجديدة (نيو ديل) التي إشتملت علي آلية تحفيز مالي ضخمة خفضت البطالة المهولة في الولايات المتحدة من 20.6 في المئة خلال إدارة الرئيس الأميركي الأسبق له هوفر، وما يليها مع بداية الكساد العظيم، إلى 9.1 في المئة -- كما فعل الرئيس الحالي باراك أوباما مع "حزب حفلة الشاي" الذي يحرك الحزب الجمهوري ذا الأغلبية في مجلس النواب 2011.
وماذا كانت النتيجة؟ بدأت معدلات البطالة في الولايات المتحدة بالارتفاع مرة أخرى إلي أن بلغت 12.5 ٪ في عام 1938.
خفض الإنفاق الحكومي قبل الأوان أضر بالاقتصاد الأمريكي في عام 1937 عن طريق الحد من الطلب، ويرى روبيني نفس النمط يتكرر اليوم، بعد تدابير وسياسات التقشف التي سوف تنفذها الولايات المتحدة عبر قانون صفقة الديون (اتفاق أوباما والكونغرس الأخير-المترجم).

(تحديث3) حوارات كويتية هامة حول الليبرالية بين منظور الليبراليين ومنظور التقدميين
(تحديث3) دار خلال الفترة الأخيرة حوار حول الليبرالية بين منظورين تقدمي وليبرالي وذلك على صفحات الصحف الكويتية ومواقعها الإلكترونية كان طرفاه كتّاب ومتابعين ينتمي بعضهم إلى الفكر التقدمي مثل الأستاذ وليد الرجيب الكاتب في جريدة "الراي" الذي كتب عدداً من المقالات في هذا الموضوع، وكذلك السادة محمد العنزي ومرزوق وبوراشد، وينتمي البعض الآخر إلى الفكر الليبرالي مثل الأستاذة لمى فريد العثمان الكاتبة في جريدة "الجريدة" وزميلتها في الجريدة ذاتها الدكتورة ابتهال عبدالعزيز الخطيب، حيث ننشر في هذا الملف سجل هذا الحوار الهام، الذي نأمل أن يوضح وجهات النظر الفكرية لكلا الطرفين التقدمي والليبرالي...ونضيف لما سبق ثلاث مقالات جديدة للأستاذ وليد الرجيب تحت عنوان "رجعنا إلى المربع نفسه" نشرها في جريدة "الراي":
مقال الأستاذ وليد الرجيب / فرق شاسع بين الليبرالية والتقدمية/ جريدة الراي/ 18 يوليو 2011
ما زال البعض يخلط بين الليبرالية والتقدمية، بل يرى هذا البعض أن الليبرالية هي قمة المبتغى، وهي المثال الأعلى، وأنها ضد الرجعية، وهذا بالتأكيد فهم مغلوط، ولا يستند إلى التمحيص والتدقيق.وصحيح أن الليبرالية والتقدمية، يتفقان في ما بينهما في ما يخص بعض الحريات الشخصية، ولكنهما يختلفان مثلاً في حرية الأسواق، أو ما يسمى بسياسة النيوليبرالية، ويختلفان في الرؤية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لتقدم المجتمعات، كما أن الليبرالية لا تهتم بمطالب العمال، وفئات محدوي الدخل والمهمشين، بينما تدافع التقدمية عن كل فئات المجتمع، وبالأخص الطبقات العاملة، والفئات المهمشة من المجتمع.إن كل الشرور في العالم اليوم، والظلم والاستغلال والأزمات الاقتصادية، كلها بسبب الليبرالية والسياسة الاقتصادية النيوليبرالية، التي تزيد من غنى الأفراد والدول الغنية، وتزيد من فقر الفقراء والدول الفقيرة، والليبرالية لا تتوانى عن شن حروب وحشية، من أجل تعاظم الربح.والليبرالية لا أخلاقية، فهي لا تتوانى عن الفساد والرشوة، ولا يهمها صحة الإنسان أو تعليمه أو رعايته الاجتماعية، مالم تحقق هذه الخدمات الربح لها، حتى عن طريق الغش، كما لا تتوانى عن التحالف مع الرجعية والإرهاب، كما تفعل الولايات المتحدة الأميركية، التي استخدمت الإرهاب ذريعة لشن حروب عدوانية على الشعوب، كما تحالفت أخيراً مع الاخوان المسلمين والجماعات السلفية في مصر، من أجل الانقلاب على ثورة الشعب المصري.وتفسير الليبرالية لتطور التاريخ، يختلف اختلافاً جذرياً عن التحليل التقدمي للتاريخ وتطور المجتمعات، فالأولى ترى التاريخ بأنه حوادث متعاقبة ومنفصلة عن بعضها، بينما ترى التقدمية التاريخ، على أنه يخضع لقوانين علمية موضوعية، أي تعمل خارج وعينا ورغماً عنه، والوعي بهذا العلم يساهم في تطور المجتمعات، كما أن الليبرالية ترى أن الرأسمالية هي نهاية التاريخ، بينما التقدمية ترى أن الرأسمالية هي مرحلة من مراحل التاريخ.والليبرالية ترى في الاقتصاد، ضرورة حرية الأسواق والتنافس الحر، بينما ترى التقدمية ضرورة رعاية الدولة للخدمات وللإنسان، وإن التناقض الرئيسي هو بين العمل وبين رأس المال، ما يجعل التقدمية مناقضة لليبرالية.الليبرالية تركز على الديموقراطية السياسية، وتهمل الديموقراطية الاجتماعية والعدالة الاجتماعية، بينما التقدمية تركز على الديموقراطية الاجتماعية والعدالة الاجتماعية، دون أن تهمل الديموقراطية السياسية، بل تقرنهما معاً.والذين يرون أن التقدمية أتت من الليبرالية، لا يرون أبعد من جزئية الحريات، بل لا يرون أن بين الاثنتين تناقضاً، وعداء في كثير من الأحيان، خاصة في ما يتعلق بالإنسان ونمط حياته، ومستوى معيشته، فالليبرالية ترى أن سبب فقر الناس هو غباؤهم وكسلهم، أما التقدمية فترى أن الفقر ناتج عن استغلال الإنسان، واضطرار الإنسان إلى بيع قوة عمله.
مقال الأستاذ وليد الرجيب / مرة أخرى بين الليبرالية والتقدمية (1 من 2 )/ جريدة الراي/ 23 يوليو 2011
في مقالي قبل السابق «فرق شاسع بين الليبرالية والتقدمية»، والذي أثار ضجة على التويتر، بين مستحسن ومحتج معارض، وهنا أنا أشكر الاثنين، لأن هذه الضجة دلت على أن المقال فيه ما يستحق النقاش.وعندما استندت إلى عموميات فلسفية، ظننت أنني سأفهم من قبل الشباب المثقف، والذي فتحت أمامه كل أبواب المعرفة والتكنولوجيا، لكن الهجوم والتوتر وبعض العنف اللفظي، التي سادت الردود على مقالي، وخاصة من بعض المثقفين الليبراليين، يتطلب مني تبسيطاً وفرشة تاريخية لجذور الليبرالية، كما أن بعض الردود جاءت من بعض الليبراليين وبعض الرجعيين الحكوميين، بنفس التوجه ونفس المفردات.كما أن الردود أثبتت أن الليبراليين كما الإسلاميين، لا يؤمنون بالرأي الآخر، وأن الليبرالية هي أمر مقدس بالنسبة لليبراليين لا يقبل القسمة على اثنين، بينما يؤمن التقدميون بالمقولة الفلسفية العلمية، «الوحدة في التنوع».أنا استندت على الفلسفة العلمية، ولم استند على العاطفة والتعصب، ولذا فأنا لم أغضب من بعض المثقفين الذين استخدموا ألفاظاً لا تليق بالحوار الراقي المتحضر، كما أنني لم اتناول الملكية الخاصة، فالتقدمية وحتى الاشتراكية ليستا ضد الملكية الفردية، ولكنهما ضد الجشع والاحتكار والاستغلال التجاري والعقاري، أو ضد استغلال الإنسان للإنسان، كما أنني لم أقل ان الليبرالية حزب سياسي، بل هي فكر النظام الرأسمالي، وأي فكر لا يجب التعامل معه بانتقائية، أي ليبرالية اجتماعية وليبرالية اقتصادية واخرى سياسية.ولا يوجد فكر سياسي أو اجتماعي لا يستند إلى أسس اقتصادية، وبهذا المعني فلا بد له من أن يمثل طبقة اجتماعية، في ظل المجتمعات المنقسمة والمتصارعة طبقياً، أما ما يسمى بالليبرالية الاجتماعية، فهي نتاج الكنزية بعد الحرب العالمية الثانية، التي حققت التعليم والصحة والتأمين الاجتماعي المجاني، أي الرعاية الاجتماعية، كما كانت الكويت عليه في ستينات وسبعينات القرن الماضي، ولكن هذه الرأسمالية الاجتماعية انتهت في الثمانينات مع قدوم ريغن في أمريكا وتاتشر في بريطانيا، أو ما يسمى بالمحافظين الجدد، الذين رأوا في حرية السوق المطلقة، ولوكان على حساب شعوبهم والشعوب الأخرى، هي احدى طرق ترقيع النظام الرأسمالي، الآيل إلى زوال، وليس كما قال فوكوياما «نهاية التاريخ»، ثم عاد واعتذر وغير وجهة نظره، وسأعرض تاريخاً موجزاً لأصل وجذور الليبرالية في مقال مقبل.وعودة إلى الليبراليين الكويتيين، فقد كنت أتمنى أن يرد على كل ملاحظاتي، لا أن يقال إن بعض الاتهامات أشنع من أن يرد عليها ويكتفون، وبدلاً من تلميح البعض حول موقف التقدمية من الدين، أود أن أوضح ان معركة الليبرالية الأساسية هي مع الدين، وهي تطالب بفصل الدين عن السياسة، وتنادي بحرية الإلحاد (البعض)، بينما الفكر التقدمي ينادي بحرية الاعتقاد، ويحترم جميع الأديان، وينادي بعدم استخدام الدين في السياسة، ويعتبر معركته الأساسية مع الرجعية والاستبداد واستغلال الإنسان للإنسان، وليست مع الدين.ولي عودة لهذا الموضوع الطويل، في المقال المقبل، حيث ان مساحة المقال، لا تسمح بالسرد المفصل.
مقال الأستاذ وليد الرجيب / بين الليبرالية والتقدمية (2 من2 ) فيروس الليبرالية"/ جريدة الراي/ 25 يوليو 2011
يسميها المفكر سمير أمين «فيروس الليبرالية»، وذلك لسرعة انتشاره، وقدرته على التكيف وتغيير طبيعته، وهذا ما حدث مع الليبرالية، والتي بدأت قبل قرون ثورية وتقدمية، ثم انتهت إلى «ليبرالية معولمة»، تقودها وتسوق لها الولايات المتحدة، مستندة إلى الحرب الدائمة، أو «بالمفرق»، بديلاً عن الحروب العالمية، ومستندة إلى وجودها كقطب واحد.بدأت فكرة الليبرالية باختصار، في عصور النهضة في أوروبا، لمواجهة سلطة الكنيسة والملكية، واتخذت شكل الكتابات النخبوية، إلى أن توجت بالثورة الفرنسية، التي رفعت شعار «حرية إخاء مساواة»، ولكنها بعد سنوات تمسكت بمبدأ الحرية، وألغت الإخاء والمساواة، ومع نسيان مبدأ المساواة، أصبحت الحرية مبدأً مقدساً، كما أن إلغاء المساواة، أتاح المجال لاستغلال الإنسان للإنسان، وتعمق التناقض بين العمل ورأس المال، وأصبح هناك من يملك وسائل الإنتاج، وهناك من لا يملك سوى قوة عمله.وفي هذا التوجه ومع تطور الآلة، أصبح هناك وفرة بالإنتاج وضيق بالأسواق، وكان الحل دائما، شن الدول الليبرالية الرأسمالية حروباً على بعضها البعض، لاقتسام الأراضي والثروات والأيدي الرخيصة، كما حدث في الحربين العالميتين، عندما حدثت الأزمة الرأسمالية الكبيرة 1929، والتي سميت بالكساد الكبير، والحروب كانت لحل هذه الأزمة، فاستعانت الدول الأوروبية بعد الحرب الثانية بكنزي ونظريته الاقتصادية، وتحولت إلى الرأسمالية أو الليبرالية الاجتماعية، فتحسن وضع الإنسان حتى عقد السبعينات، وفي الثمانينات جاء المحافظون الجدد ومنهم ريغن وتاتشر، واستندوا إلى مدرسة شيكاغو الاقتصادية، التي تدعو إلى رأسمالية وحشية عدوانية «نيوليبرالية»، لا تعرف العدل ولا التنمية ولا البناء، وتحتقر الإنسان وتستغله إلى آخر مدى، وتمتص ثروات الدول النفطية، لتنعش الشركات والكارتيلات الضخمة، مثل المجمعات العسكرية، وتدعو إلى رفع وصاية الدول عن الاقتصاد وسياسة الرعاية الاجتماعية، وذلك ضمن شروط وإملاءات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، اللذين يفرضان على الدول بيع القطاع العام للقطاع الخاص، بما يسمى بسياسة الخصخصة.والليبرالية لا تعترف إلا بقيمة إنسانية واحدة، وهي الحرية الفردية، التي تختصر فيها «الحداثة»، والتي تسمح في إطار الرأسمالية، للأقوى أن يفرض قوانينه على الآخرين، في ظل وهم الديموقراطية، وتروج لهذا الفكر في الدول حتى يكتمل استعمارها اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، وهذا ما حدث في الكويت العام الماضي، في معركة الخصخصة، بين الحكومة والتجار والتنظيمات الليبرالية من جهة، وبين القوى التقدمية ونقابات العمال من جهة أخرى.ويبدو أنني أحتاج إلى مقالات عديدة، لأوضح خطر الليبرالية على المجتمع، ومدى سذاجة الشباب المخلص، وعدم تعمقه في جوهر الليبرالية.
مقال الأستاذ وليد الرجيب/ ليس بعيداً عن الليبرالية والتقدمية/ جريدة الراي/ 27 يوليو 2011
أثناء نشري للمقالات الثلاث السابقة، حول الفرق بين الليبرالية والتقدمية، أرسلت لي مجموعة من التعليقات والأسئلة، سأحاول الرد على بعضها، وسأهمل التعليقات العدائية، والتي تحمل ألفاظاً لا تليق بالحوار الحضاري.ذكرني أحد الأخوة، بأن الليبرالية الأوروبية، تحمل توازناً بين الحرية والمساواة، على عكس الليبرالية الأميركية التي تلغي المساواة، وهذا صحيح في الواقع، وهو سبب التناقض والعداء الخفي بين الدول الأوروبية، التي رفضت لبعض الوقت الهيمنة الأميركية، وبين أميركا التي تريد فرض نموذجها على دولنا وعلى الدول الأوروبية على حد سواء، وهو ما أنتج الوسط التاريخي «للاشتراكية الديموقراطية» في أوروبا، كما يقول سمير أمين، وهو شكل متوازن من الليبرالية، ولكن ما يحدث الآن للأسف، هو اقتراب أوروبا من النموذج الأميركي، الذي يفرض نفسه ويعمم نموذجه على العالم، وعلى مثقفي العالم الثالث، وهو ما نلحظ تأثيراته على اليونان وايطاليا والبرتغال واسبانيا، التي يكره مثقفوها الليبرالية، التي أوصلت بلدانهم إلى الافلاس والافقار، رغم أن النظم في دولهم، «اشتراكية ديموقراطية»، والتي هي بالنهاية ليبرالية.وسألني آخر، ماذا أسمي الثورات العربية، أو على حد تعبيره «الربيع العربي»، فقلت له هي ثورات اجتماعية ديموقراطية، لكنها في النهاية، ستكون ذات نظام ليبرالي، ينادي بالحريات والنظام البرلماني وتداول السلطة، إلا اذا راحت أبعد في مطالبها وحركتها، من خلال الضغط من الأسفل والأعلى، كما يحدث في تونس ومصر الآن، أما النظم الوراثية، فأقصى ما يمكن أن تصل إليه في هذه المرحلة، هي الملكيات والإمارات الدستورية، وهو تقدم ليس بسيطاً، لكنه سيظل في الفلك الرأسمالي، الذي تتعمق أزمته يوماً بعد يوم.وسألني آخر عن موقف الليبرالية من التلوث البيئي، وآخر سألني عن الليبراليين الكويتيين ومواقفهم، وباختصار إن الليبرالية ارتكبت جرائم بيئية في حق كوكبنا وفي حق البشرية، لأنها تهدف أساساً إلى الربح وتعاظمه، ولا تريد خسارة المليارات، من أجل الحفاظ على البيئة، ولا تريد أن تخسر بوضعها فلاتر لمصانعها، كما أن التجارب النووية، تسهم في الاحتباس الحراري، وتلوث البحار، وتوسع ثقب الأوزون.الليبرالية الكويتية ومنها القومية، هي تقدمية بمقابل الاستعمار، لكنها في الجوهر ليبرالية، والممارسة النظرية عند الليبراليين الكويتيين، تختلف عن الممارسة السياسية، وبالخلاصة فالفكر الليبرالي، فكر قديم لأنه تراجع عن حركة التاريخ.وسألني قارئ، هل أرمي من خلال مقالاتي لتفتيت القوى الوطنية؟ وفي الواقع أن القوى الوطنية فتتت نفسها، بعزلتها عن الجماهير ومطالبها، كما انها انحازت طبقياً ضد مصالح فئات واسعة من أبناء شعبها، عندما وافقت على قانون الخصخصة وتبنته، وعندما استبعدت في نضالها، المطالب المعيشية، للفئات الشعبية والمهمشة، وفي النهاية تحولت إلى مراكز انتخابية.أعتذر عن ضيق المساحة، فلن أستطيع الرد على بقية الأسئلة والتعليقات.
مقال الأستاذة لمى فريد العثمان/ إلى التيار التقدمي: إنه عصر الليبرالية الاجتماعية/ جريدة الجريدة/ 11 أغسطس 2011
"نحن لسنا ليبراليين وإنما نحن تقدميون" هكذا يعرف نفسه التيار التقدمي الكويتي الجديد الذي أسسه الأستاذ أحمد الديين مع مجموعة من الأشخاص، جميل أن «تتنوع المنابر وتتعدد التعبيرات السياسية» كما يقول الأستاذ الديين، لكن ما شكَّل لنا صدمة كبيرة هو سعي التيار لتشويه الفكر الليبرالي في إطلاق حكمه الجائر أن «الليبرالية غير معنية بقضية المساواة والعدالة الاجتماعية». فالتيار التقدمي يختزل الليبرالية بشكل تبسيطي تسطيحي في مفهوم الرأسمالية التي سقطت بشكلها المتوحش، ليعمم ذلك السقوط على الفكر الليبرالي برمته، السؤال الذي لم أجد له إجابة بعد: كيف يغيب عن التيار التقدمي ما يحدث في الدول الأوروبية التي نجحت في تطوير وتأسيس «الليبرالية الاجتماعية» (أو الديمقراطية الاجتماعية) التي تعنى بالعدالة الاجتماعية وتسعى للحد من الاستغلال والقهر والفقر، وهو نموذج يختلف تماماً عن نموذج الرأسمالية النيوليبرالية في أميركا؟ولكن لا يرى التيار التقدمي في الليبرالية سوى ذلك النموذج النيوليبرالي الرأسمالي الذي يرفضه الليبراليون الاجتماعيون بل ويقفون على النقيض منه ولطالما انتقدوا سياساته الجشعة. وهل يعرف التيار التقدمي أن ما ينادون به من عدالة اجتماعية وحرية هو بالأساس شعار رفعته «الليبرالية الاجتماعية» التي تطورت بعد فشل الاقتصاد المطلق غير المقيد، إذ تسبب في الثلاثينيات من القرن الماضي بتداعيات سلبية كثيرة كانتشار الفقر واتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء وتدني أوضاع الطبقة العمالية والبطالة، الأمر الذي أدى إلى الركود الاقتصادي الشهير في عام 1929، ليطور الليبراليون بعد ذلك المفهوم الليبرالي الاقتصادي لإدراكهم أهمية الرقابة الحكومية الضابطة للاقتصاد في ضمان الحد الأدنى من الرفاهية والمساواة والعدالة الاجتماعية، من خلال الدمج بين فلسفتي الرأسمالية والاشتراكية، الأمر الذي يجنب تطرف كلتا النظريتين اللتين طبقتا بشكل صرف فلم تحققا الأمن والعدل الاجتماعي ولم تخففا من المعاناة الإنسانية. ذلك هو الطريق الوسط (أو الطريق الثالث) لفلسفة «الليبرالية الاجتماعية» التي تتبناها الدول الأوروبية والتي تسمى أيضاً بالديمقراطية الاجتماعية، التي يعاد الاعتبار لها اليوم في أميركا بعد الأزمة المالية الأخيرة. وإذا كان من درس مستفاد من التجارب الاقتصادية التاريخية التي أثبتت سقوط الرأسمالية بشكلها المتوحش كما أكدت انهيار الاشتراكية بشكلها الشمولي المستبد، فهو أن «الليبرالية الاجتماعية» أتت لتعالج اختلال النظريتين لتوازن بين تنافسية القطاع الخاص وتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال قوانين الحد الأدنى من الأجور والتأمين الصحي والتعليمي والمعونات الاجتماعية للعاطلين عن العمل ورعاية الطفولة وكبار السن والمحتاجين وغيرها.يقول الأستاذ العزيز وليد الرجيب «إن الليبرالية لا أخلاقية ولا يهمها صحة الإنسان أو تعليمه أو رعايته الاجتماعية، ما لم تحقق هذه الخدمات الربح لها…» ونحن نرد على الأستاذ الذي نكن له كل الاحترام والتقدير، أن الليبرالية لا تنحصر في قالب الرأسمالية (النيوليبرالية) التي تتبناها اليوم الحركة اليمينية للمحافظين الجدد في أميركا، فالليبرالية كالاشتراكية تتراوح وتتفاوت في معناها ومبناها من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال، ووضعها في قالب واحد ثابت هو تبسيط لتطورها التاريخي المتشعب وعدم اعتراف بالليبرالية العدلية التي أسسها الفيلسوف الليبرالي جون رولز أحد أهم فلاسفة القرن العشرين، وهو من وصف النظام العالمي بالرأسمالية المتوحشة الجائرة وهو من انتقدها وكتب عن نظرية العدالة.إن الليبرالية الاجتماعية فلسفة أخلاقية تتمحور حول الإنسان وحقوقه، ولها إرث تاريخي من النضال من أجل استقلال الإنسان وعتقه من الثقافات الشمولية وتحريره من الاستبداد والقهر والطغيان، فلا يمكن أن تستقيم الديمقراطية دون قيم التعددية والتسامح والحريات السياسية والمدنية وحرية الاعتقاد والتي لولا الفلاسفة الليبراليون لما تأسس على أثرها «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان». كما لا يمكن أن تكون معركة الليبرالية الأساسية، كما يقول الأستاذ الرجيب، هي مع الدين، إنما مع التعصب والطغيان والاستبداد بكل أنواعه بل هي تدافع عن حق الانتماء الديني للأقليات، وها هي الأديان في المجتمعات الليبرالية تنعم بالحرية والاستقلالية.إنه عصر الليبرالية الاجتماعية الآخذة في الازدهار والرواج في الكثير من الدول الأوروبية لا كما يقول أستاذنا إنها انتهت منذ الثمانينيات… فهل تلتفت لها الشعوب العربية التي انتفضت من أجل الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية؟
تعليق السيد محمد العنزي على مقال الأستاذة لمى فريد العثمان (منشور على الموقع الإلكتروني لجريدة الجريدة)
الاخت لمى…الليبرالية هي مع الحريات بشتى اشكالها ومنها الحرية الاقتصادية وبنظامها الاقتصادي الراسمالي وهم لا يفصلون بين الليبرالية الاجتماعية والاقتصادية اما نموذج الطريق الثالث الذي تبناه بلير في بريطانيا فهو نموذج قدمه منظروا حزب العمال الذين يقدمون الفكر الاجتماعي ولايمكن ان تصفيهم بانهم ليبراليين وانما هم بالاتجاه الاخر من هذا الخط وقدموا نفسهم بديل عن حزب المحافظين وان كان نموذج الطريق الثالث لم يحسن الوضع الاجتماعي للطبقات الدنياولم ينجح بمعالجة حقوق العمال وعدم تركز راسالمال لدى الملاك وانما زادت على حساب الطبقة العاملةلذا من المهم ان نحدد موقف الليبرالية من الطبقات الدنيا ومنها الطيقات العمالية فهي استغلالية الى اقصى حد وحول كلامك بانها تبنت قضايا الطبقات الدنيا من المجتمع لانسانياتها نتيجة وجود تيار ليبرالي اجتماعي في مرحلة ازمة الثلاثينات من القرن الماضي فهذا غير صحيح ففي ذلك الوقت تبنى مفهوم تدخل الدولة هو الاقتصادي كينز الذي يصنف من دعاةالرسمالية ولكن نتيجة الخوف من انتشار الشيوعية في اوساط الناس بسبب وحشية النظام الراسمالي طرحت فكرة تدخل الدولة ودعم المجتمعات خوفا على سقوط النظام الراسمالي فقدموا بعض التنازلات التي ذكرتيها بمقالتك ولكن هذا الفكر تم التراجع عنه في الثمانينات بعد ضعف النظام الشيوعي وانتهاء خطره على نظامهم ومنها انطلقت الراسمالية بنموذجها المتخلف مرة اخرى التي دعت الى انهاء عصر دولة الرفاه واطلاق الحرية الاقتصادية وتخلي الدولة عن التزاماتها نحو المجتمع ولم يظهر في ذلك الوقت اي صوت للبيرالية الاجتماعية وارجو من الاخت لمى ان تراجع ادبيات الليبراليين الكويتيين في مرحلة التسعينات وموقفهم من دور الدولة الذين دعوا الى تخليها عن التزماتها وما جاء ذلك الطرح الا نتيجة انتشار مفهوم الليبرالية عالميا واصبح مفهوم الاشتراكية احد النماذج القديمة التي يجب التخلي عنها ولكن موقف الليبرليين سواء في الكويت او عالميا تراجع بعد تعرض النظام الراسمالي للازمة المالية العالمية وطالبوا بتدخل الدولة مرة اخرى لدعم مؤسساتهم الراسمالية ومن ضمن دعوتهم هي من اجل المحافظة على الطبقة الوسطى والمجتمع وهذا غير صحيح وانما من اجل حماية نفوذهم فقط..احب ان اؤكد ان من دعوا الى وجود دور للدولة بشكل مستمر ودائم هم الاجتماعيون ذوي النزعة الاشتراكية وليس الليبراليون لكن بعد هذا هل يمكن لنا الحديث عن الليبرالية بعد ماحدث في العالم من ازمة حالية يعيشها النظام الراسمالي..اشك في ذلك …في النهاية لا اشك في نواياك لانك دائما تتبنين المسائل الانسانية التي يجب ان تشكري عليها ولك تحياتي الخالصة.
تعليق السيد مرزوق على مقال الاستاذة لمى فريد العثمان (منشور على الموقع الإلكتروني لجريدة الجريدة)
شكرا أستاذة على أسلوبك الجميل في التعامل مع مخالفيك، هذا مثال جيد على المقال النقدي البناء
لعلي أتفق بأن نقد الرجيب والديين للليبرالية، على الأقل في الاقتباسات التي أوردتها، لا يحتوي على حجج بل مجرد آراء، لكن قد تكون لديهم نقطة أعمق
ربما تكون مشكلة الليبرالية أنها لا ترى تناقضات، وليس مشاكل، الرأسمالية، فهي تركز بشكل أساسي على الجانب السياسي والحريات الشخصية ومن ثم إذا وجدت مشاكل صارخة في الجانب الاقتصادي والاجتماعي (مثل توزيع الثروة) فإنها تحاول بصدق حلها لكن حلولها تكون وقتية ترقيعية، بمعنى أنها لا تعالج التناقضات الرئيسية في قلب الرأسمالية
لعل ما أريد قوله هو أن كلامك قد يكون صحيحا حول أن الليبرالية تهتم بالعدالة الاجتماعية، لكن في نفس الوقت أعتقد بأن هناك حجة معقولة مفادها أن هذا الاهتمام لا يمكن أن يكون أكثر من مشاعر صادقة لا يمكن تطبيقها في الواقع بسبب مشكلة في الفكر الليبرالي نفسه الذي لا يرى تناقضات الرأسمالية وبالتالي لا يعالجها فلا يستطيع تحقيق العدالة الاجتماعية بشكل جدي ودائم
أحد الأسئلة المهمة هي: لماذا لم يستمر النموذج الليبرالي الاجتماعي سوى خمسة وثلاثين عاما (1945-1980) من أصل خمسمائة عام هي عمر الرأسمالية وفق بعض التقديرات؟ ولماذا انهار في الثمانينات؟ لعل الجواب هو أن الرأسمالية لم تتحمل العدالة الاجتماعية فدفعت الطبقةالثرية أن تفكك هذه الليبرالية وتضع نظاما يحمي مصالح تلك الطبقة فقط
تعليق السيد بوراشد على مقال الاستاذة لمى فريد العثمان (منشور على الموقع الإلكتروني لجريدة الجريدة)
اشكالية الحوار حول مفهومي الليبرالية والتقدمية تنبع من نقطتين غير واضحتين أو بالأحري غير دقيقتين:رغم أن الليبرالية مرتبطة بالفكر المدافع عن الرأسمالية وعن الفكرة الجوهرية لها وهي الملكية الخاصة لوسائل الانتاج، إلا أن أطرافا وقوي عديدة منها يمكن أن يطلق عليها صفة التقدمية، حتي في الغرب الرأسمالي الذي قد تكون علاقات الانتاج في دولا عديدة منه فقدت القدرة علي تطوير القوي المنتجة، وأصبحت طبيعة النظام الاقتصادي حائلا أمام التقدم الشامل والأوسع، ونحن نشهد اليوم احتدام المعارك المعيشية والفكرية والسياسية في الغرب بناءا علي هذا الصراع المتأجج تبعا لأثار ونتائج إحتدام الأزمات الدورية والعامة، إلا أن قوي ليبرالية مهولة تتجه يسارا وتصف يوما بعد أخر إلي جانب دعم التطور وكبح جماح الطغمة المالية المهيمنة علي المقدرات والسياسات وهم بذلك يقفون موقفا تقدميا واضحا في كبح جماح رأس المال، مع أن توجههم العام دعم رأسمالية الدولة وانتشال الطبقات الوسطي من “السقوط الي الهاوية”، وهذا لا يضعهم حاليا في خانة الرجعية، بناءا علي مواقفهم من ضرورات تطور المجتمع اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، ورغم عدم ادراكهم الحالي (طبقيا وفكريا) للتناقض الجوهري للرأسمالية.وأعتقد جازما أن السيدة لمى (وغيرها الكثيرين في الكويت) من أولئك الليبراليين التقدميين الواضحين في دفاعهم عن الدولة المدنية والحقوق الديمقراطية وحقوق المضطهدين، وقد تكون السيدة لمى في بعض القضايا المحلية أكثر وضوحا في دفاعها ومطالبتها بشأن الحقوق العامة للمحرومين والمُغيبين قسرا عن ساحة الحياة والمطحونين في دوامة الاستغلال الطبقي، ومن هنا أتفهم إنتقادها للديين والرجيب.ورُغم أن السيدة لمى تدافع عن حق الملكية الخاصة لوسائل الانتاج إلا أنها، من الواضح، لا تؤيد انفلات رأس المال الطفيلي وتنزع نحو الدفاع عن التطور إجمالا وهي رافضة للرجعية والتخلف، ومجرى الكفاح هو الكفيل بالابقاء أو نفي صفة التقدمية، وليس غيره.أما بالنسبة لمفهوم التقدمية، فهي صفة وهي ليست مطلقة الا لأولئك الذين يقفون موقفا تقدميا إزاء كل ضرورات تطور المجتمع، وقد يكون ذلك ما قصده أحمد الديين ووليد الرجيب، ولا يمكن بأي حال من الأحوال وضعها خارج السياق التاريخي الزماني والمكاني، وباعتبارها صفة، لابد أن تكون مرتبطة بالدفاع عن التطور ضمن أي نظام اقتصادي أو سياسي، ومع أنها تعتبر من ركائز أدبيات الفكر اليساري لكنها قد تتمحور يمينا ويسارا بناءا على الموقف من الفكرة الجوهرية وهي الملكية العامة لوسائل الانتاج، وتبعاتها الضرورية في الحرية، وبالتالي العدالة الاجتماعية المطلقة.قد تكون الاشكالية في أن من يطلقون علي أنفسهم تقدميون يحتاجون الي توضيح أفضل لأطروحاتهم التي لا تخلو من الليبرالية، وفي نفس الوقت علي الليبراليين التقدميين أن ينأوا بأنفسهم عن الليبرالية الطفيلية وتبعاتها الاقتصادية والاجتماعية والفكرية الرجعية.
مقال الدكتورة ابتهال عبدالعزيز الخطيب / صح النووووووم/ جريدة الجريدة / 14 أغسطس 2011
كتبت الزميلة لمى العثمان تفنيداً رائعاً لما ورد على الصفحة الإلكترونية للتيار التقدمي، وعلى ألسنة بعض أعضاء التيار سواء في “تويتر” أو في مقالات صحفية من اتهامات وإساءات للفكر الليبرالي لا أجد لها تبريراً أو غاية أو منفعة، والحق أقول إن هذا المنحى الهجومي هو بحد ذاته معضلة التيارات “التنويرية” المتقدمة، فعوضاً عن أن تتعاضد هذه التيارات الفكرية في مواجهة الفكر الرجعي الآخذ في السيطرة، تتصارع فيما بينها بشكل، وأقولها بكل وضوح وصراحة، يثير الغثيان من جهة، والضحك والشماتة من جهة أخرى، في مشهد يذكر بـ”فتح” و”حماس” وهما تمسكان بتلابيب بعضهما غير واعيتين لدبابات إسرائيل التي تحوطهما من كل حدب وصوب.لم يكن الرد صحفياً وارداً لدي، وأصدقكم القول، فقد كنت خجلى من تعرية هذا الصراع المحرج من جهة، وكنت منبهرة من وحشية ما يقال من جهة أخرى حتى تعذر الرد، ولكن التفنيد الرصين لقلم لمى العثمان أنعش الشهية للخوض البحثي في موضوع الليبرالية التي يهاجمها اليوم، وللأسف الشديد، من يجب أن يعول عليها وعلى أصحابها في مساندة فكره وتياره الذي لن يجد صدى عند أحد غير أصحاب الفكر الليبرالي الحقيقي الرصين.والليبرالية كما يقول رائد قاسم هي “ليست نظاماً أو نهضة أو حركة تهدف إلى خوض صراع ضد منظومة معينة، ولكنها متناقضة بشكل عام مع أي حركة شمولية قائمة على الاحتكار والاستئثار”، وهي تعني كما يشرحها تركي الحمد “أن يحيا (الإنسان) حراً كامل الاختيار في عالم الشهادة، أما عالم الغيب فأمره متروك في النهاية لعالم الغيب والشهادة. الحرية والاختيار هما حجر الزاوية في الفلسفة الليبرالية”، كما يقول عبدالكريم سروش إن الليبرالية رسخت مفاهيم كانت في السابق مرفوضة ومنبوذة مثل “مفهوم العقد contract ومسؤولية الدولة تجاه الشعب، والحقوق الطبيعية (الفطرية) للمواطنين، ومبدأ التنافس، والحرية، والفردية، والشك على المستوى المعرفي، ونبذ الأرستقراطية، والحياد الفكري للسلطة، والتسامح، والتحرر”.تلك هي إذن الليبرالية بعمقها الفكري الفلسفي، هي منهجية كل المناهج، وفكرة احترام كل الأفكار، هي ليست نظاماً، ولكنها فكرة تحرير الأنظمة من استبداد بعضها ببعض، هي ليست حركة، ولكنها فكرة شمولية لكل الحركات وإقصائية لتحكم وسيطرة أي منها. ومما لا شك فيه، أن الليبرالية في بدايتها بنيت على “التحرريات” الثلاثة: تحرير الإنسان من تسلط رجل الدين المستبد، وتحرير المحكوم من سيطرة الحاكم الظالم، وتحرير السوق من تحكم التاجر الجشع.ومن هنا، انطلقت النظريات الاقتصادية المختلفة، والتي منها الرأسمالية المطلقة المنبوذة اليوم، في محاولة لإيجاد تطبيقات صحيحة لفكرة تحرير السوق، كما انطلقت النظريات السياسية والاجتماعية المختلفة، منها الناجح ومنها الفاشل، لتحرير الإنسان من الحاكم الظالم ورجل الدين المستبد.لذا، فإن الرأسمالية الجشعة التي ينتهجها اليوم محافظو، وليس ليبراليو، أميركا، ما هي إلا إحدى نظريات تحرير السوق التي لا يتحمل الفكر الليبرالي في فلسفته وأصوله الخالصة مسؤوليتها، فالفكر الليبرالي اعتمد فكرة تحرير السوق من التاجر الجشع ولم يقدم منهجية محددة، وما المنهجيات المتعددة المتتالية سوى محاولات مختلفة من ليبراليين وغيرهم من تقدميين ويساريين بل إسلاميين ومسيحيين، لإيجاد منفذ تحريري للسوق، نجح مرات وفشل مرات أخرى.هذا، ويبقى مصطلح “الليبراليون الجدد”، وهو مصطلح يقترب من وصف محافظي أميركا وسياسيي العرب المؤازرين لسياسات أميركا ولا يقترب من وصف الفكر الليبرالي الحقيقي، مصطلحا هائما عائما يشتت أكثر مما يجمع، وهو يبدو أنه يطلق اليوم على من يميل إلى السياسات الأميركية خصوصاً في قضية التطبيع مع إسرائيل ومع الرأسماليين المسيطرين على السوق الجشع، ولا أرى له علاقة بالفكر الليبرالي الحقيقي سوى باستخدامه فكرة “التحرير” التي تبتذل اقتصادياً من قبل “المحافظين” دون غيرهم.لقد جاء “تجريح” المبدأ الليبرالي تحديداً في أهم مبادئه: الأخلاق والمساواة والعدالة الاجتماعية والتي يعتقد الفكر الليبرالي بتحققها جميعاً بتحرير عقل الإنسان وتمكينه من الإبداع، فالتحرير والتمكين وهذان يتطلبان أن يخطئ الإنسان ويصحح خطأه، لذا فالليبرالية لا ترسم منهجية، ولكنها تحرر الإنسان من القيود التي تمنع عنه الانطلاق في رسم منهجيته والإمعان في محاولاته من أجل حياة أفضل وأخلاق أفضل وعدالة أعم وأشمل.الاعتراف بالحق فضيلة، حفنة قليلة غالية هي المؤمنة بفكرة بتحرير الإنسان وبحقه الخالص في الاختلاف الممعن، فمتى نعي حجمنا أولاً ومعضلتنا الحقيقية ثانياً لنوحد الصفوف الفكرية التنويرية؟ الحكام المستبدون يتساقطون الواحد تلو الآخر ليشمر الفكر الديني الأصولي عن ساعديه ليغتال الثورات وينهب نتائجها، ونحن هنا، نتصارع صراعاً فقيراً خاوياً هو حبر على ورق، متى نصحو؟
تعليق السيد بوراشد على مقال الدكتورة ابتهال عبدالعزيز الخطيب (منشور على الموقع الإلكتروني لجريدة الجريدة)
السيدة ابتهال..في الحقيقة استمتعت مثلك بمقال الكاتبة لمى العثمان وأشاركها في بعض الأراء ، ولا أعلم خلفيات أو “خفايا” الاتهامات أو الاساءات لكنني تابعت بعض، وليس كل الاراء، التي وردت في الصحف ولم أتابع التويتر للأسف، ولي بعض الملاحظات أرجو أن لا تكون “غثة” في هذا الشهر الفضيل.منهج الليبرالية هو الدفاع عن النظام الرأسمالي واستمراريته عبر صيانة الملكية الخاصة لوسائل الانتاج، أي المصانع والمتاجر والمؤسسات التي تحتاج إلي أيدي عاملة (من غير المؤسسين) والتي هي جوهر الاستغلال الطبقي والاجتماعي بسبب الاستحواذ علي جزء رئيسي من عمل المنتجين أو المستخدمين، وليس فقط صيانة الملكية الخاصة للاستهلاك الشخصي أو المنفعة العائلية التي هي ضرورة للأرتقاء بالانسان وانتاجيته في كل العصور والمراحل، وهذا ليس إلا أستنادا علي فكر أبو الرأسمالية أدم سميث و “يده الخفية” في الحرية الاقتصادية.والليبرالية ترسم منهجية محددة منذ أواخر القرن الثامن عشر والي الآن، منهجية حجر الزاوية فيها الحرية الفردية في التملك الخاص، وهي ليست منهجية كل المناهج، وان اشتملت بعد ذلك بعقود علي نظرة اعمق واشمل للحرية وارتباطها بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ولكن دونما التخلي عن النهج الرأسمالي و”الحق الألهي” في الملكية الخاصة لوسائل الانتاج، والتي أعتبرها جان جاك روسو سببا لجميع الشرور التي لحقت بالبشرية، والفكر الرجعي موجود داخل الفكر الليبرالي أيضا لأن الليبراليين ليسوا فئة اجتماعية متجانسة، فمنهم من يركز فقط علي الحرية النسبية السياسية والحرية المطلقة الشخصية، ومنهم من يركز علي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية دونما تجاهل الحريات العامة والفردية، وتتراوح المواقف باختلاف الانتماءات الاجتماعية التي هي الدافع الاقوي، وليس الوحيد، للمواقف الفكرية.واشكالية الليبرالية أنها كفكر إرتبطت بصيانة الاستغلال الاجتماعى والطبقي واستعباد الشعوب الضعيفة، لكنني لا أعتقد أن كل الليبراليين رجعيين أو أنهم تنوريين تقدميين، فهم كغيرهم من أتباع الفكر الديني، خليط غير متجانس وتحكمهم مصالح انتماءاتم ومتطلبات مراحل التطور والتقدم الاجتماعي.وليس هناك معيار للتنوير والتقدمية أهم من معيار محاربة شرور رأس المال وارتباطاته العنكبوتية بمصائر البشر.لا أعتقد أن الاختلاف يضر في هذا الجانب، وهو ليس صراعاً فقيراً خاوياً، وهناك أسباب أخرى ذاتية تحول دونما قوة الاتجاهات التقدمية عموما، وضمنها العديد من الليبراليين التقدميين، وتشتتها وصغر حجمها كان ولا يزال بسبب اعتبارات الصمت الفكري أكثر منه بسبب الصراع الفكري، والفكر الاصولي الدينى ليس هو أصل الفكر الرجعي في زمننا المعاصر، وان كان رجعيا متخلفا، ولن تكون هناك صحوة عربية أو تنوير عربي بدون حوار حر دائم ومتنوع، أما الاساءة (إن حدثت فعلا) فهي لا تسئ للفكر إن كان تنويريا.وعذرا سيدتي الفاضلة علي الاطالة.
تعليق السيد مرزوق على مقال الدكتورة ابتهال عبدالعزيز الخطيب (منشور على الموقع الإلكتروني لجريدة الجريدة)
شكرا دكتورة على المقال، وإن كان مقالا غاضبا بعض الشيء دون مبرر واضح لذلك، وكذلك العنوان غير موفق، بينما كان مقال الأستاذة العثمان أكثر انضباطا، على أي حال أثارني الموضوع وأود التعليق على كل فقرة على حدة لأن موضوعك غني يستحق ذلك
الفقرتان الأولى والثانية لا يبدو أن فيهما فكرة غير الامتعاض من المنتقدين، وغير معلوم ما هو السبب وبصراحة غير وارد أن يبحث القارئ عن تفاصيل ذلك في تويتر أو في الصحف دون أن تذكري تفاصيل هذه التعليقات والمقالات أو مصادرها، وأما ما أوردت عن موقع التيار التقدمي فيمكن الاطلاع عليه بسهولة وفي آخر تعليقي تعليق عليه، وعلى أي حال لعل لك أسابابا وجيهة في الامتعاض لم تري من المناسب أيرادها فلك العذر
في الفقرة الثالثة أشكرك على استشهادك باقتباسات لأنها تحدد النقاش، اقتباس رائد قاسم يحدد ما لا تمثله الليبرالية (ليست نظام أو حركة أو نهضة) ولكنه لا يحدد ما هي (هل هي مجرد فكرة بالنسبة له؟ ما عمقها ومتى تتحول إلى فكر أو منهج أو نظرية؟) مما يجعل كلامه محدودا في إفادته، أما اقتباس تركي الحمد فهو يبدو لي خاطئا باختصار، فالحمد قد يكون يعرّف الحداثة بمعنى العقلانية ولا يعرّف الليبرالية والتي هي أضيق من الحداثة كمفهوم (الفيلسوف الألماني هايدجر كان يعتبر نفسه حداثيا ونازيا في نفس الوقت ولا أعتقد بأنك تعتبرين النازية متوافقة مع الليبرالية)، على أي حال تعريف الحمد يبدو تبسيطيا غير دقيق لا للحداثة ولا لليبرالية، أما اقتباس عبدالكريم سروش فلعله الأدق والأفضل، وإن كنت لا أعرف أدلة على أن الليبرالية تُعرّف بالضرورة نسبة ل “الشك على المستوى المعرفي ونبذ الأرستقراطية” فالشك المعرفي أسبق على الليبرالية تاريخا ومفهوما ونبذ الأرستقراطية ليس بالضرورة متعارضا مع الليبرالية من الناحية النظرية، فممكن أن تكون ليبراليا وتؤمن بأرستقراطية الميزة Meritocracy ، أي أن يكون الأذكياء مثلا في درجة أعلى من غيرهم في المجتمع بشكل دائم بسبب كونهم أذكياء فقط، على أي حال نقطة الأرستقراطية هذه غير محسومة وويمكن تفسيرها لتتوافق مع موقف قاسم
الفقرة الرابعة أيضا مفيدة في شرح الليبرالية، وإن كانت عبارة مثل أن الليبرالية “فكرة شمولية لكل الحركات وإقصائية لتحكم وسيطرة أي منها” تبدو مبهمة بسبب التعميم على جميع الحركات (هل الليبرالية “شمولية” للحركات العنصرية؟)وبسبب استخدام لفظة “فكرة شمولية”، ولعل ذلك خلل في ترجمة مفهوم “الشمولية” إلى العربية أو خلل في استخدامها، فالشمولية بالعربية تعني (لي على الأقل) التوتالياترية وهي التحكم في كافة جوانب المجتمع من قبل السلطة، والليبرالية قطعا ليست ذلك
الفقرتان الخامسة والسادسة أعتقد بأنهما عينا الصواب حينما تحددان بأن الليبرالية لا تتبنى بالضرورة فكرا اقتصاديا معينا قدر تبنيها فكرة تحرير الأسواق، لكن أعتقد بأنه من الضروري أيضا ذكر الملكية الخاصة إلى جانب تحرير الأسواق كركائز اقتصادية لليبرالية، والسبب هو أنه لا معنى لحرية الأسواق دون ملكية خاصة وتحديدا ملكية خاصة في وسائل الإنتاج (مثل المصانع والورش المهنية)، والمهم هنا هو ملاحظة أن ارتكاز الليبرالية على حرية السوق والملكية الخاصة لوسائل الإنتاج يعني أنها فعليا ترتكز على الرأسمالية التقليدية في الاقتصاد، ويبدو أن هذا هو لب الاختلاف مع اليساريين، وهو أن اليساريين يركزون على علاقة الليبرالية بالرأسمالية ويرون الرأسمالية سيئة فيدينون الليبرالية لاستنادها على الرأسمالية، والسؤال اليساري هنا هو ما موقف الليبرالية من معالجة المشاكل التي تنتجها الرأسمالية مثل سوء توزيع الثروة وتدمير البيئة والثقافة الاستهلاكية والحروب والأزمات الاقتصادية؟ لا أعتقد بأن الليبرالية لها جواب جذري محدد على هذه المشاكل وأنت دكتورة لا تقدمين جوابا وهذا ما ينتقده اليساريون في الليبرالية، الليبرالية قد تكون جيدة من حيث تركيزها على الحريات الفكرية والسياسية والشخصية لكنها غير كافية لحل بعض أهم مشاكل الإنسانية، بل إن التزام الليبرالية بالنظام الرأسمالي يجعلها أحيانا جزء من المشكلة وليس الحل
أما بالنسبة للفقرة السابعة فتناول موضوعا كبيرا وهو الليبرالية الجديدة الذي يستحق مقالات لوحده فلا يمكن إعطاؤه حقه في فقرة، وبصراحة فإن قراءة تعليقاتك على مفهوم الليبرالية الجديدية تظهر التباسا في فهم الموضوع والذي لا علاقة مباشرة له لا بالعرب ولا باسرائيل بل الليبرالية الجديدة هي نظرية اقتصادية سياسية طورها مجموعة من اليساريين منذ الثمانينات لتفسير الرأسمالية في طورها المعاصر، ولك مصادر جيدة في كتابي “تاريخ مختصر للليبرالية الجديدة A Brief History of Neoliberalism” لديفيد هارفي حول الجانب السياسي والاجتماعي و”أزمة الليبرالية الجديدة The Crisis of Neoliberalism” لجيرارد دومينيل ودومينيك ليفي للجانب الاقتصادي
الفقرة الثامنة تبدو مصيبة في مدح الجانب التحرري من الليبرالية وإن كان هذا التحرر نابعا من فكر الحداثة (أي العقلانية) بشكل عام وليس مقتصرا على الليبرالية، لكن قولك بأن “الأخلاق والمساواة والعدالة الاجتماعية” هما أهم مبادئ الليبرالية أعتقد بأنه غير دقيق، فمن الأفضل القول بأن الليبرالية تستند على الحرية والمساواة والعدالة تنتج من مواءمة معينة بين الحرية والمساواة، والأخلاق لا علاقة مباشرة لها بالموضوع، كما لا أعرف ما معنى أن “الليبرالية لا ترسم منهجية”؟ فكيف تحرر الإنسان من القيود إذن؟ لست متأكدا من معنى “المنهجية” الذي تستندين إليه ولعلك تقصدين أيديولوجيا بالمعنى السلبي الذي قد يعني وفق بعض التعريفات فكرا منغلقا غير مستند على أسس مادية، على أي حال وددت لو أنك شرحتي طريقة استخدامك للمصطلحات خصوصا في مثل هذه المواضيع الدسمة حتى تتضح للقارئ رؤيتك
الفقرة الأخيرة تبدو إنشائية لا وجوب لمعالجتها
بالنسبة لما ذكر في موقع التيار التقدمي فيبدو أنه يختلف عن طرحك في المنهجية، فيبدو لي على الأقل أنه بعرّف الليبرالية ويشرح تطورها من جانب مادي تاريخي، أي ماركسي، وطبيعي أن يختلف عن تفسيرك دكتورة، فمثلا أتوقع أن تفسيرك لدور الدين في المجتمع سوف يختلف عن تفسير التيار التقدمي واليساريين عامة وسوف يختلف عن تفسير الإسلاميين كذلك، فحضرتك قد تستندين على تفسير اجتماعي أو أنثروبولوجي معين بينما اليساريون يستندون على تفسير مادي تاريخي والإسلاميون يستندون على نصوص دينية، هذا خلاف فكري في المنهج وهو شيءطبيعي مثمر ولا يبدو أن فيه أي كيدية تدعو للغضب
أخيرا يبدو بأن جزء كبيرا من الاختلاف يدور حول موقف الليبرالية من العدالة الاجتماعية، وهنا من المهم ملاحظة أن معنى العدالة الاجتماعية نفسه غير متفق عليه لأن معنى “العدل” غير متفق عليه، فمثلا جون رولز الذي تذكره الأستاذة العثمان مشكورة في مقالها له تعريف محدد لمعنى “العدل” في المجتمع، وهو فيلسوف ليبرالي بامتياز، بينما روبرت نوزيك مثلا له تعريف للعدالة مختلف جدا عن رولز، وكلاهما يتبنى الليبرالية وإن كان الأول يتبناها بالمعنى الأميركي بينما الثاني بالمعنى الليبراتاري، أي أن الأول يدعو لرأسمالية مقيدة بينما الآخر لرأسمالية غير مقيدة، ما أقصد قوله هو أن مفاهيمنا قد لا تعني الشيء نفسه لشخصين وإن كان كلاهما يستخدمانها، فالعدالة الاجتماعية مثلا بالنسبة لك دكتورة قد لا تعني نفس العدالة الاجتماعية التي يدعو إليها اليساريون أو الإسلاميون، وقد يفيدنا هنا الوضوح في النقاش والتماس العذر للمخالف، ولعل مقالك دكتورة بداية خير لذلك.
مقال الأستاذ وليد الرجيب/ رجعنا إلى المربع نفسه (1 من 3)/ جريدة الراي/ 17 أغسطس 2011
عندما نشرت مقالي بعنوان «فرق شاسع بين الليبرالية والتقدمية» في جريدة «الراي»، بتاريخ 18 يوليو 2011، لم أكن أرد على أحد أو لم أوجهه ضد أحد، فأنا أحترم كل الناس بكل توجهاتهم، وللعلم فمعظم أصدقائي، هم من المنتمين للفكر الليبرالي، ومن المستحيل أن أهاجم أصدقائي، لمجرد إيمانهم بفكر ما، أو نظرية ما، وعلى كل حال لا يمكن طرح وجهة نظر عميقة وعلمية، في مقال بحجم 250 أو 300 كلمة، كما أن وصف التقدمية، يجب أن تصاحبه شروح وتوضيحات.ولكني دهشت من ردود الفعل على المقال، التي كان بعضها عنيفاً، ويفتقر إلى أدب الحوار، كما تلقيت العديد من الأسئلة والاستفسارات حول الفرق بين الليبرالية والتقدمية، أو توضيحات لأمور غفلت عنها، وفي ظني لا بأس من اثراء الحوار في ساحتنا التي أسنت منذ زمن.وكنت قد عزمت على عدم الخوض ثانية في موضوع الفرق بين الليبرالية والتقدمية، لكثرة الحساسيات ولاعتقاد البعض أني أهاجم الليبراليين، أو حتى القوى الوطنية، ما ذكرني بحساسيات الإسلام السياسي عند مناقشة فكرهم لولا مقال الصديقة العزيزة لمى العثمان.تتميز كتابات الأستاذة لمى العثمان بالحس الإنساني، والانحياز الواضح للديموقراطية ومبدأ الحريات، ولكتاباتها أهمية في ساحتنا الإعلامية، وشارع الصحافة، في ظل اسفاف وانحطاط في لغة الحوار الصحفية وفي مجلس الأمة، وجاء مقال الأستاذة لمى حضارياً مؤدباً، كما يفترض أن يكون الحوار، ولم تعتمر خوذتها، أو تضع درعها، مما يجعلنا نتفاءل، باستعادة ثقافتنا البعيدة عن الانحطاط في الخطاب السياسي. كتبت الصديقة لمى مقالاً أشبه بالرد جاء فيه: «أن التيار التقدمي سعى لتشويه الفكر الليبرالي، وأن «الليبرالية غير معنية بقضية المساواة والعدالة الاجتماعية»، فالتيار التقدمي يختزل الليبرالية بشكل تبسيطي تسطيحي في مفهوم الليبرالية برمته»، وأنا أقول إن عضوية التيار التقدمي الكويتي، هي شرف لا أدعيه، ولكني بالتأكيد أنتمي إلى الفكر التقدمي الإنساني الرحب، سواء من خلال ما أكتبه من أدب أو مقالات، أو من خلال فلسفتي الحياتية، فأنا ضد استغلال الإنسان للإنسان بأي صورة، كما أني منحاز للمرأة مسلوبة الحقوق، وضد التخلف والتبعية. ثم تحدثت الصديقة لمى في مقالها عن الليبرالية الاجتماعية في أوروبا، وقد يكون قد فات الأستاذة لمى مقال سابق لي معنون بـ «ليس بعيداً عن الليبرالية والتقدمية» نشر في «الراي» 25 يوليو 2011، والذي قلت فيه: «ذكرني أحد الأخوة، بأن الليبرالية الأوروبية، تحمل توازناً بين الحرية والمساواة، على عكس الليبرالية الأميركية التي تلغي المساواة، وقلت: هذا صحيح في الواقع، وهو أحد أوجه التناقض والعداء الخفي بين الدول الأوروبية، التي رفضت لبعض الوقت الهيمنة الأميركية، وبين أميركا التي تريد فرض نموذجها على دولنا وعلى الدول الأوروبية على حد سواء، وهو ما أنتج الوسط التاريخي «للاشتراكية الديموقراطية » في أوروبا، كما يقول المفكر سمير أمين، وهو شكل متوازن من الليبرالية، ولكن ما يحدث الآن للأسف، هو اقتراب أوروبا من النموذج الأميركي، الذي يفرض نفسه ويعمم نموذجه على العالم وعلى مثقفي العالم الثالث، وهو ما نلحظ تأثيراته على اليونان وايطاليا والبرتغال واسبانيا، التي يكره مثقفوها الليبرالية، التي أوصلت بلدانهم إلى الافلاس والافقار، رغم أن النظم في دولهم «اشتراكية ديموقراطية»، والتي هي بالنهاية ليبرالية رغم فارق الأساس الفلسفي بينهما، وعلى كل حال لم تستطع الليبرالية الصمود أكثر من ثلاثة عقود، وحتى في الكويت لم تستمر دولة الرفاه أو دولة الرعاية الاجتماعية طويلاً، لأنها لم تحل التناقض الرئيسي في الرأسمالية، وهوالتناقض بين رأس المال والعمل أو الانتاج، فهي تنحو دائماً إلى الانحياز الطبقي للطبقة البرجوازية الكبيرة، أو « الفئات المتوسطة » من البرجوازية، وتحمّل العمال والفئات المهمشة أعباء هذه السياسة، وتحمّل الدولة أعباء انقاذ الشركات المتعثرة، كما حدث في سوق المناخ في السبعينات وحدث أخيراً عبر المحفظة المليارية العقارية، وكذلك «إن التوازن العام»، لا يولد بالضرورة العدالة الاجتماعية كما يقول الاقتصادي الليبرالي «والراس».ولي عودة للموضوع.
مقال الأستاذ وليد الرجيب/ رجعنا إلى المربع نفسه (2 من 3)/ جريدة الراي/ 20 أغسطس 2011
عمر الليبرالية يرجع إلى أكثر من أربعمئة عام، ولم تبدأ منذ الثلاثينات، لكن الرأسمالية الاجتماعية أو الليبرالية الاجتماعية بدأت بعد الحرب العالمية الثانية، وكما قلت لا يمكن تجزئة أي فكر «على اعتبار أن الليبرالية فكر الرأسمالية»، وقلت إن أي فكر لابد وأن يستند على مصالح اقتصادية وبالضرورة يرتبط أيضا بفكر أو نظرية اقتصادية، وفي حال الليبرالية هو الفكر الرأسمالي المستند إلى نظرية اقتصاد السوق والملكية الفردية، سواء كان اسمها ليبرالية اجتماعية، أو سياسية، أو حتى «اشتراكية ديموقراطية».كما أنه للعلم، لم تقرر الولايات المتحدة تبني سياسة الليبرالية الاجتماعية «بعد»، بل إن كل تصريحات أوباما، تصب في الاستنتاج القائل ان الاقتصاد الأميركي سيتعافى، رغم أنه طلب من الجمهوريين، رفع الضرائب على الشركات والدخول الكبيرة، إلا أنني أثق تماماً بعدم تخلي الجمهوريين عن امتيازاتهم، أما السياسة الأميركية الحقيقية التي تمارس على أرض الواقع، فهي حلب ثروات الشعوب وخاصة العربية النفطية، من أجل اسناد الكارتيلات التي ترنحت، وتلاقي الدعوات للرجوع إلى الكنزية أو الرأسمالية الاجتماعية في أميركا اليوم مقاومة شديدة من قبل المحافظين الجدد والنيوليبراليين.أما أن الليبرالية بصفتها فكر الرأسمالية لا أخلاقية فبالطبع هي كذلك، فماذا نسمي النظم الليبرالية الأميركية والاسرائيلية، فماذا تعني النظم الليبرالية السياسية أو أنظمتها، سوى الدولة المدنية، فإسرائيل دولة ليبرالية لمواطنيها اليهود تحديداً، وإيران دولة ثيوقراطية دينية، ويقول الاقتصاديان فريدمان وحايك: «انه يمكن للنيوليبرالية، على مستوى القيم الأخلاقية أن تتماشى مع النزعة المحافظة والأصولية الدينية، مثلما لاحظناه في الولايات المتحدة»، ومصر أخيراً، وماذا عن التدمير البيئي؟ وماذا عن استغلال الإنسان؟ هذا إذا أضفنا لذلك سياسة الخصخصة، التي أنتجت لدينا في الكويت تعليماً متدنياً، ففي سبيل الربح، لا بد من تقليل التكاليف، حتى إذا اضطرت هذه الجامعات إلى جلب عمالة رخيصة، أو مدرسين فيتناميين، كما حدث في إحدى هذه الجامعات الخاصة، ويمكن أن تنتج لدينا خدمات صحية استغلالية، أي رفع قيمة العلاج والعمليات الجراحية والدواء في سبيل الربح، ويمكن أن تفرض قيمة مضافة على المواد الغذائية، كما طلب البنك الدولي من حكومة الكويت، مستهدفة لقمة عيش المواطن في سبيل ربحها، وهناك آلاف الأمثلة التي يمكن أن أسوقها، فعن أي أخلاقية يمكن الحديث؟نعم بدأت الليبرالية، كما قلت في مقالات سابقة، تقدمية ولكن على ماذا؟ كانت تقدمية على التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية الاقطاعية وعلى أفكار تلك التشكيلة البائدة، ولكنها لم تعد كذلك، حيث أصبحت الآن محافظة أكثر من كونها تقدمية، ونعم صحيح تأسس على اثرها «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان» ولكن مَنْ يتبناه غير المنظمات الحقوقية؟ فهل تتبناه الولايات المتحدة أو اسرائيل، اللتان تنتهكان حقوق الإنسان في كل لحظة وعلى مستوى الشعوب؟
مقال الأستاذ وليد الرجيب/ رجعنا إلى المربع نفسه (3 من 3) جريدة الراي/ 22 أغسطس 2011
قلت في مقال سابق، اننا وبالأخص من ضمننا المثقفون الليبراليون، لا ننتج معرفة استناداً على ظرفينا الذاتي والموضوعي، ولكننا نستورد المفاهيم والقيم الغربية، دون تمحيص أو دراسة، وندافع عنها باستماتة وكأنها شيء مقدس، ولم نعتد إجراء حوارات فكرية عميقة أو مناظرات، ونسيء الظن سريعاً بكل رأي أو حوار عقلاني.إن خلط الليبرالية بالاشتراكية في ما يسمى بالليبرالية الاجتماعية، كخلط الماء بالزيت، قد يبدوان أنهما في إناء واحد، لكنهما في واقع الأمر يختلفان في قواميهما، وكذا خلط الليبرالية أو الرأسمالية بالاشتراكية الديموقراطية، فعمر الليبرالية الاجتماعية الذي استمر 35 سنة فقط في الولايات المتحدة الأميركية بين 1945 و1980، هو عمر لا يقاس بعمر البشرية، أو حتى عمر الليبرالية الكلاسيكية الكلي.ولأن الليبرالية مفهوم ملتبس، ويحوي تلاوين، وتعرض لتغييرات عبر الزمن وضمن الظروف الموضوعية، فقد بدأت بالحرية والإخاء والمساواة، وانتهت بالنيوليبرالية، والآن هناك مطالبات بنيوكنزية، وهكذا لكن ذلك لن يحل أزمتها البنيوية، والتي هي أزمة النظام الرأسمالي نفسه، وهي أعمق أزمة على مدى تاريخ الرأسمالية، ولا بد من نظام بديل، بالتأكيد هو ليس الليبرالية الاجتماعية، التي غرقت مثلها مثل الليبرالية الكلاسيكية، في نفس التناقض الرئيسي في النظام الرأسمالي بين الطبيعة الاجتماعية للعمل والملكية الخاصة لوسائل الانتاج، ولم تستطع حله، كما لايمكن أن تصحح فوضى السوق نفسها كما أثبت التاريخ.إن الليبراليين اشخاص وطنيون مخلصون، وهناك الكثير من الإسلاميين المخلصين الوطنيين، وليس من مصلحتي شق الصف الوطني، أو مهاجمة الليبراليين أو الإسلاميين السياسيين، ولكننا يجب أن نعترف أن القوى الوطنية لها تلاوين مختلفة، وإن القول ان الإسلاميين قد يستفيدون من هذه المقالات وارد، فهم يستفيدون لأن بعضهم يفهم أن الحوار يعني الخلاف والانشقاق، إن أقرب الحلفاء للتقدميين هم الليبراليون، وبالأخص الليبراليون الاجتماعيون.إن التقدمية، هي ليست وليدة اليوم، ولكنها مفهوم ارتبط بتخلق المجتمعات أو التشكيلات الاجتماعية الاقتصادية منذ بدء التاريخ، كما أن الأفكار التقدمية عمرها قرون، وهي تحترم كل الأفكار، لكنها تملك الحق في نقدأي فكر آخر، كما يحق لأي فكر في انتقاد الأفكار التقدمية، وليس التقدم كحقيقة موضوعية خارجة عن إرادتنا، وعندما نقول التقدم فنعني التقدم لآخر مدى، بمعنى أن لتقدم لا يتوقف طالما وجد الإنسان، بينما الليبرالية هي مرحلة تاريخية مرتبطة بالرأسمالية، مصيرها إلى زوال، حسب منطق التاريخ، وهذا بالطبع رأيي، ولليبراليين رأيهم.ما أود أن أقوله أخيراً، هو أن الليبرالية الاجتماعية، على الرغم من تحفظي عليها كحل جذري، هي ما نحتاج أن يتبناه ليبراليونا، لأنها تحمل قدراً من الإنسانية والعدالة المعقولة ولكنها ليست الحل.

الضرب والحرق ظاهرة اعتيادية جديدة: الرأسمالية المتوحشة تجتاح الشوارع (رؤية يسارية لما شهدته بريطانيا مؤخراً)
الضرب والحرق ظاهرة اعتياديةجديدةالرأسمالية المتوحشة تجتاح الشوارعبقلم: ديفيد هارفي - أستاذ مشهور يعمل في مركز الدراسات العليا التابع لجامعة مدينة نيويورك
ترجمة: راشد سلمان - الكويت
"المراهقون المتوحشون والعدميون" هكذا وصفتهم صحيفة الديلي ميل، مفصلة: هؤلاء الشباب المجانين في جميع مناحي الحياة تسابقوا في الشوارع لقذف الطوب وحجارة الصلبوخ والزجاجات على رجال الشرطة، بينما يقومون هم أنفسهم بعمليات النهب وإشعال الحرائق هنا وهناك، ما أضطر السلطات إلى مطاردتهم في لعبة اللحاق بهم واقتناصهم عرضياً، ما أمكن لها ذلك، وهم يغردون عبر التويتر في طريقهم من هدف استراتيجي لآخر.
ذكرتني كلمة "الوحشية"، لوهلة، كيف كانوا يصفون الكوميونيين في كمونة باريس في عام 1871 بأنهم حيوانات برية متوحشة، مثل الضباع التي تستحق أن تُعدم (وكانت في أغلب الأحيان تُعدم) باسم حرمة الملكية الخاصة والأخلاق والدين والأسرة. ولكن بعد ذلك ارتبطت واستحضرت الكلمة لوصف أخر: تلك عندما هاجم توني بلير "وسائل الاعلام المتوحشة"، بعد أن كان قابعاً براحة لمدة طويلة في الجيب الأيسر لروبرت مردوخ (الإخطبوط الإعلامي العالمي اليميني-المترجم)، وتمت في وقت لاحق عملية استبداله بشخص ديفيد كاميرون، عندما قرر مردوخ استحضاره عبر النبش فيما يحتويه جيبه الأيمن.
بطبيعة الحال سيكون هناك نقاش هستيري معتاد بين أولئك الميالين لرؤية أعمال الشغب باعتبارها مسألة شغب محض، وإجرام جامح لا يمكن تبريره، وأولئك الذين يحرصون على تأطير الأحداث باعتبارها تستند إلي خلفية السمعة السيئة للشرطة، والعنصرية والاضطهاد المستمر الذي لا مبرر له تجاه الشباب والأقليات، وبسبب البطالة المهولة للشباب، وتزايد الحرمان الاجتماعي، والسياسة الرعناء للتقشف التي ليس لها علاقة مع الاقتصاد، ولها كل الارتباط مع استمرار وتعزيز وتوطيد السلطة والثروة الشخصية.
وقد يستوعب البعض الأمر فيلجأ حتى لإدانة جميع الصفات التنفيرية والخرقاء التي لا معنى لها للكثير جدا من أنشطة وأعمال الحياة اليومية في خضم الإمكانية الهائلة لازدهار الإنسان، ولكن الموزعة علي نحو غير متساو.
إذا كنا محظوظين، سيكون لدينا لجان وتقارير لتُذكر من جديد، مرة أخرى، كل ما قيل عن بريكستون و توكتيث في سنوات مارغريت تاتشر (اندلعت في عام 1981 ، وخاصة في ابريل ويوليو، أعمال عنف في مدينتي بريكستون وتوكتيث البريطانيتين حيث اعتبرت في جزء منها بسبب التوتر القائم بين المواطنين السود والشرطة، بينما هي في حقيقتها ترافقت ومعاناة الأقليات بالذات من أثار الركود الاقتصادي آنذاك-المترجم) . أقول "محظوظون" لأنّ الغرائز الوحشية لرئيس الوزراء الحالي ديفيد كاميرون تبدو أكثر تناغماً مع تشغيل خراطيم المياه، والدعوة لاستخدام الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، في الوقت الذي يلقي فيه كاميرون المواعظ عن فقدان البوصلة الأخلاقية، وتراجع الكياسة (التحضر) والتدهور المُحزن للقيم الأسرية وللانضباط في صفوف الشبان المنحرفين.
ولكن المشكلة هي أننا نعيش في مجتمع أصبحت فيه الرأسمالية، نفسها، جامحة في وحشيتها. فالساسة المتوحشون يغشون الدولة بشأن نفقاتهم، والمصرفيين المتوحشون ينهبون كل شيء ذي قيمة في خزينة المال العام، وكبار المدراء التنفيذيون ومديرو صناديق التحوّط وعباقرة ملكيات الأسهم الخاصة ينهبون العالم ويجردونه من الثروة، وشركات الهاتف وبطاقات الائتمان تُحمّل علي فواتير جميع الناس رسوم غامضة، وأصحاب المتاجر يبتزون أموال الناس بالأسعار، وأيضا تتسرب من قلنسوة النصابين فضائح المتفننين والمتفذلكين، الذين يحتالون بممارسة التدليس وصولاً إلى أعلى المناصب في الشركات وعالم السياسة.
لقد أصبح الاقتصاد السياسي للحرمان الشامل أسلوباً ونظاماً يومياً، ملئ بالممارسات المفترسة إلى حد السرقة في وضح النهار، ولاسيما تجاه الفقراء والضعفاء وأولئك من غير المحترفين وغير المحميين قانونياً.
هل لازال هناك مَنْ يعتقد أنه من الممكن العثور على رأسمالي نزيه، مصرفي نزيه، سياسي نزيه، صاحب متجر نزيه، أو حتى مفوض شرطة نزيه؟
نعم، هناك مَنْ هو نزيه وهم موجودون فعلاً، ولكنهم في الحقيقة أقلية ويعتبرهم الجميع أغبياء.
تميّز بالذكاء (الفهلوة) واحصل على الربح السريع السهل. مارس الاحتيار وأسرق! واحتمالات الوقوع في يد القانون منخفضة، وعلى أية حال هناك الكثير من السبل لحماية وتحصين الثروات الشخصية من تكاليف مخالفات وتعديات مسؤولي الشركات العامة.
ما أقوله قد يكون بمثابة الصدمة، ولكن معظمنا لا يرونه لأنهم لا يريدون ذلك، وبالتأكيد لا يجرؤ علي قول ذلك أي سياسي، و لن تنشر الصحافة مثل هذا القول إلا للازدراء على مَنْ يصرح به. ولكن تخميني هو أنّ كل مثيري الشغب في الشوارع يدركون ما أعنيه. وهم لا يفعلون إلا ما يفعله الآخرون وإن كان بطريقة مختلفة – أكثر على نحو ظاهر وصارخ في الشوارع.
التاتشرية أطلقت العنان للغرائز الوحشية للرأسمالية ("الحيوية الغريزية الحيوانية" لروح الأعمال حسب ما أسموها بحياء)، ولم يعملوا أو يتبين أي شيئ للحد منها منذ ذلك الحين.
الضرب والحرق هما الآن الشعار العلني، تقريباً في كل مكان، للطبقات السائدة.
هذا هو الوضع الطبيعي الجديد الذي نعيش فيه، وهذا ما ينبغي أن تعالجه اللجنة العليا المقبلة لتقصي الحقائق. تنبغي المحاسبة الجماعية وأن يتحمل كل فرد جريرة أعماله، وليس فقط مثيري الشغب. وينبغي محاكمة الرأسمالية المتوحشة بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية فضلاً عن جرائمها ضد الطبيعة.
للأسف، هذا هو الشيء الذي لا يمكن للمشاغبين الطائشين رؤيته أو المطالبة به. وكل شيء من حولنا يتآمر لمنعنا من الرؤية والمطالبة بذلك أيضاً. هذا هو السبب في أنّ السلطة السياسية ترتدي على عجل جلباب الأخلاق الرفيعة، وتتملق حول السبب، بحيث لا يمكن للمرء أن يراه أو يدركه كشيء فاسد عارٍ بشكل سافر، وغبي لدرجة غير عقلانية.
ولكن هناك بصيصاً متعدداً من الأمل والنور في مختلف أنحاء العالم، فالحركات الشعبية الساخطة في أسبانيا واليونان، والنبضات الثورية في أمريكا اللاتينية، وحركات الفلاحين في آسيا، كلها بدأت في رؤية وإدراك حقيقة عملية الاحتيال الواسعة التي أطلقت عنانها الرأسمالية العالمية المتوحشة والمفترسة على الكون بأكمله.
ما الذي يتطلّب للبقية الباقية منا حتى ترى حقيقة الأمر على هذا النحو وتدركه، وبالتالي تعمل وفقه؟
كيف يمكن أن نبدأ من جديد؟
أي اتجاه ينبغي أن نتخذ؟
الأجوبة ليست سهلة، لكن شيئاً واحداً نعرفه على وجه اليقين: يمكن لنا أن نحصل على الإجابات الصائبة فقط عن طريق طرح الأسئلة الصائبة.
المقال منشور على
CounterPunch
Weekend Edition
August 12 - 14, 2011

اقتصادي غير إشتراكي "أشهر من نار على علم" يعري حدة الانقسام الطبقي ويتنبأ بقرب اندلاع الاضطرابات في الولايات المتحدة الأميركية
بشأن 1 ٪ وبواسطة 1 ٪ ولأجل1٪
جوزيف استيجليتز
ترجمة: راشد سلمان- الكويت
يراقب الأمريكيون الاحتجاجات الشعبية ضد الأنظمة القمعية التي تركز الثروات الهائلة في أيدي نخبة قليلة العدد. مع أنه في ديمقراطيتنا الأمريكية تستحوذ الشريحة الأعلى التي تتألف من 1% فقط من المجتمع الأمريكي علي ما يقارب 25% من الدخل القومي، وهو تفاوت وظلم سوف يندم له حتى الأثرياء. وهذه الشريحة الأعلى التي تتألف من 1% فقط من المجتمع لديهم أفضل المنازل، وأفضل تعليم، وأفضل أساليب الحياة، كما يعتقد الكاتب، ولكن "مصيرهم مرتبط مع الوضع المعيشي للشريحة المتبقية الأخرى وهي نسبة 99% من المجتمع". إن الشريحة الأعلى التي تتألف من 1% فقط من الأمريكيين يأخذون الآن ما يقرب من ربع الدخل السنوي في البلاد، ولا فائدة من تجاهل الحقائق الواضحة للعيان، وبمعايير الثروة بدلا من الدخل، تسيطر هذه الشريحة الأعلى التي تتألف من 1% من الناس علي 40% من ثروات البلاد. هذا التغير مُذهل فقبل خمسة وعشرين عاما مضت، كانت الأرقام المقابلة هي 12% من الدخل و 33% من الثروة. وقد تكون استجابة البعض بالاحتفال بهذه الأرقام كدلائل للبراعة والإبداع والحافز الذي جلب الحظ الجيد لهؤلاء الناس القلة، وفي نفس الوقت يؤكدون في احتفاليتهم على أن المد المرتفع يرفع كل القوارب، أي تتحسن معايير الدخل والثروة لعامة الناس. وفي حقيقة الأمر، ما ذلك إلا استجابة مُضللة. في حين أن الشريحة الأعلى التي تتألف من 1% فقط من المجتمع شهدت ارتفاعا في دخلها يعادل 18% على مدى العقد الماضي، فإن أولئك الذين ينتمون للطبقة الوسطي انخفضت دخولهم. بالنسبة للرجال منهم الذين لا يحملون أكثر من شهادة الثانوية كان الانخفاض حادا، ووصل إلي 12% خلال ربع القرن الماضي وحده. كل النمو الاقتصادي في العقود الزمنية الأخيرة، وما قبلها، ذهب إلى من هم في القمة. وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية متخلفة، من حيث المساواة في الدخل، عن أي بلد في "أوروبا القديمة المتحجرة" كما كان الرئيس جورج دبليو بوش يصفها ساخراً. إلا أننا في أمريكا سمحنا للنمو في التفاوت بين الدخول، وأصبح نظرائنا الأقرب إلينا هما الطغمة الروسية وأيضا الطغمة الإيرانية. في حين أن العديد من المراكز المعهودة قديما بعدم المساواة في أمريكا اللاتينية، مثل البرازيل، تسعى جاهدة في السنوات الأخيرة، وهي نجحت إلى حد ما، لتحسين محنة الفقراء وتقليل الفجوات في الدخل. انعدام العدالة وانتشار التفاوت الشاسع واللامساواة في الدخول بدا مقلقا للغاية منذ منتصف القرن التاسع عشر، وذلك ليس سوي مؤشر باهت قياسا على ما نشهده اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية. ومنذ ذلك الوقت حاول الاقتصاديون (منظرو الفكر الاقتصادي الرأسمالي-المترجم) تبرير ذلك التفاوت بابتداعهم ما يسمي "نظرية الإنتاجية الحدية"، وهي باختصار شديد نظرية تربط الدخول العالية مع ارتفاع الإنتاجية وزيادة مساهمة أصحاب الدخول العالية في المجتمع. وهي النظرية التي كانت دائما محل اعتزاز الأغنياء، مع أن البرهان على صحتها لا يزال ضعيفا، فقد حصل المسؤولين التنفيذيين في الشركات على مكافآت كبيرة رغم أن مساهمتهم في مجتمعنا وفي شركاتهم الخاصة كانت سلبية وعلى نطاق كبير وواسع، فقد ساعدوا في حدوث الركود الاقتصادي في السنوات الثلاث الماضية. والدليل أن بعض هذه الشركات كانت محرجة جدا حول تسمية هذه البونصات "مكافآت الأداء" (التسمية الاعتيادية) إلي الدرجة التي شعرت فيها بأنها مضطرة لتغيير الاسم إلى "المكافآت المحفوظة" (حتى لو كان الشيء الوحيد الذي احتفظ به هو سوء الأداء). وفي الواقع، أولئك الذين ساهموا في الابتكارات الايجابية الكبيرة لمجتمعنا، من رواد الإدراك الوراثي إلي رواد عصر المعلومات، لم ينالوا إلا مبلغا زهيدا مقارنة مع أولئك المسؤولين عن الابتكارات والإبداعات المالية التي وضعت اقتصادنا العالمي علي حافة الخراب. ينظر بعض الناس إلى مؤشرات التفاوت في الدخل غير مبالين. فما الغرابة إذا كان هذا الشخص يكسب والشخص الأخر يخسر؟ ما يهم ، كما يقولون، ليس كيفية تقسيم الكعكة لكن حجم الكعكة نفسها. وتلك الحُجة خاطئة من أساسها، فأي اقتصاد تتدهور فيه دخول معظم المواطنين سنة بعد أخري، كالاقتصاد الأمريكي، ليس من المرجح أن يحقق نتائج جيدة على المدى الطويل. وهناك عدة أسباب لذلك. الأول، تزايد عدم المساواة هو الوجه الآخر لشيء آخر هو: تقلص الفرص المتاحة. فكلما قلصنا المساواة والعدالة في الفرص المتاحة هذا يعني أننا لا نستخدم بعض أثمن الأصول، وهو شعبنا، في الطريقة الممكنة الأكثر إنتاجية. ثانيا، هناك الكثير من التشوهات التي أدت إلى مثل هذه اللامساواة تُقوض كفاءة الاقتصاد، مثل أولئك المرتبطين باحتكار السلطة وبالمعاملة الضريبية التفضيلية للمصالح الخاصة،. وهذه اللامساواة الجديدة تؤدي إلى خلق تشوهات جديدة، مما يقوض كفاءة الاقتصاد لدرجات أبعد من ذلك وأعمق. وسنستشهد هنا بمثال واحدا فقط، توجه عدد كبير جدا من شبابنا الموهوبين المبدعين إلي قطاع المال والتمويل بسبب رؤيتهم المكافآت الفلكية وإغراءاتها، وهجروا المجالات التي من شأنها أن تؤدي إلى اقتصاد أكثر إنتاجية وأكثر معافاة. ثالثا، وربما الأكثر أهمية، إن الاقتصاد الحديث يتطلب "العمل الجماعي"، ويحتاج لحكومة تستثمر في البنية التحتية والتعليم والتكنولوجيا. ولنتذكر أن الولايات المتحدة والعالم استفادوا إلى حد عظيم من البحوث التي رعتها الحكومة والتي أدت إلى نشوء شبكة الإنترنت، وأدت أيضا إلي التقدم في مجالات الصحة العامة، وغيرها من الحقول. ولطالما عانت الولايات المتحدة الأمريكية طويلا من قلة الاستثمار في البنية التحتية (انظر على حالة الطرق السريعة والجسور لدينا، وأيضا خطوط السكك الحديدية والمطارات)، ومن شحة الاستثمار في مجالات البحوث الأساسية، وكذلك في التعليم على جميع المستويات. وللأسف تنتظرنا مستقبلا المزيد من التخفيضات في هذه المجالات. لم تكن أيا من الأسباب السابقة مفاجئة، أنها ببساطة نتائج للتوزيع غير المتوازن لثروة المجتمع. وكلما كان المجتمع أكثر انقساما من حيث الثروة، كلما أصبح الأثرياء أكثر ترددا في إنفاق الأموال على الحاجات المشتركة لهذا المجتمع. وللأسف لا يحتاج الأغنياء إلى الاعتماد على الحكومة للاستفادة من خدمات الحدائق أو التعليم أو الرعاية الطبية أو الأمن الشخصي، فبإمكانهم شراء كل هذه الأشياء لأنفسهم حصرا. وعمليا فإنهم يصبحون أكثر بعدا وعزلة عن الناس العاديين، الأمر الذي يُفقدهم أي شكل من التعاطف الذي كان بعضهم يتسم فيه سابقا تجاه عامة الناس. وهؤلاء الأثرياء قلقون أيضا من حكومة قوية واحدة يمكن أن تستخدم سلطاتها لضبط الخلل وتحقيق بعض التوازن في الثروة، بأن تستقطع جزءا من ثرواتهم واستثماره من أجل الصالح العام. قد تشتكي الشريحة الأعلى التي تتألف من 1% فقط من المجتمع من نوعية الحكومة التي لدينا في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن هذه الشريحة في الحقيقة تجدها مناسبة وعلى ما يرام: فالحكومة الأمريكية الحالية مختلفة بشدة حول إعادة التوزيع للثروة، وهي منقسمة أيضا في كل شيء إلا خفض الضرائب. وإلي الآن، لم يتمكن الاقتصاديون (منظرو الفكر الاقتصادي الرأسمالي-المترجم) من شرح الكيفية الكاملة للتفاوت المتزايد للدخول في أمريكا. لا شك أن الديناميكية العادية لقانون العرض والطلب قد لعبت دورا مؤكدا في ذلك، من خلال تكنولوجيات ادخار ثمار العمل الذي قلل من الطلب عند الكثير من "الخيّرين" موظفي الطبقة الوسطى ذوي الياقات الزرقاء. وأيضا خلقت العولمة سوقا عالمية النطاق عملت علي المباراة بين العمالة غير الماهرة المُكلفة في الولايات المتحدة الأمريكية ضد العمالة غير الماهرة الرخيصة خارج حدودها. كذلك، لعبت التغيرات الاجتماعية دورها، على سبيل المثال، تراجع التمثيل في النقابات حيث لم تعد تمثل حاليا إلا نحو 12% من العمال، وهي التي كانت في يوم من الأيام تضم ضمن عضويتها ثلث العمال الأمريكيين. ولكن أهم عامل مسبب لهذا القدر من التفاوت في الدخل يكمن في أن الشريحة الأعلى التي تتألف من 1% فقط من المجتمع يريدونها بهذه الطريقة. المثال الأكثر وضوحا يتعلق بالسياسة الضريبية، وبالذات في خفض معدلات الضرائب على المكاسب الرأسمالية، وهي الكيفية التي يمكن للأثرياء الحصول منها على جزء كبير من دخلهم، والآن منحت الأمريكيين وتمنح الأكثر ثراءاً منهم ما يعادل الرحلات المجانية للمزيد من الثراء. ولا شك أن الاحتكارات وشبه الاحتكارات كانت دائما مصدرا للسلطة الاقتصادية، من جون روكفلر في بداية القرن الماضي إلي بيل غيتس في نهاية مطاف القرن، والتراخي في تطبيق قوانين مكافحة الاحتكار، وخصوصا خلال إدارات الحزب الجمهوري هي هبة من السماء إلى الشريحة الأعلى التي تتألف من 1% فقط من المجتمع. الكثير من عدم المساواة اليوم هو بسبب التلاعب في النظام المالي، عبر التمكين من التغييرات التي طرأت على القوانين التي تم شراؤها ودفع ثمنها من قبل القطاع المالي، وهي في حد ذاتها واحدة من أفضل استثماراته على الإطلاق. وعملت الحكومة علي إقراض الأموال للمؤسسات المالية بتكلفة تعادل الفائدة الصفرية، وقدمت إعانات مالية سخية بشروط مواتية عندما فشل كل شيء آخر. وغض المُنظمين الحكوميين الطرف عن عدم توفر الشفافية وعن تضارب المصالح. عندما ننظر إلى الحجم الهائل للثروة التي تسيطر عليها الشريحة الأعلى التي تتألف من 1% فقط في هذا البلد، من المُغري أن نرى تنامي عدم المساواة باعتبارها انجازا أمريكيا مثاليا، فلقد بدأنا الطريق مُتأخرين، ولكننا الآن ننشر التفاوت واللامساواة في الدخول على المستوى العالمي. ويبدو كما لو أننا سنضيف علي بناء هذا الإنجاز لسنوات قادمة، لأن ما جعله من الممكن هو التسلح بالتعزيز الذاتي. فالثروة تُولد السلطة وهذه بدورها تُولد المزيد من الثروة. خلال فضيحة المدخرات والقروض في عام 1980، وهي فضيحة تعد أبعادها غريبة وطريفة حني بمقاييس اليوم، سُئل حينها المصرفي تشارلز كيتنغ من قبل لجنة في الكونغرس ما إذا كان مبلغ 1.5 مليون دولار، الذي كان قد نشره بين كبار المسؤولين من القلة المُنتخبة، يمكنه في الواقع من شراء النفوذ ، وأجاب ’’أتوقع ذلك بالتأكيد‘‘. ولا عجب أن المحكمة العليا كرست في الآونة الأخيرة حق الشركات في شراء الحكومة، من خلال إزالة القيود على حملات الإنفاق الشخصية والسياسية التي تُعد اليوم في محاذاة التماثل الكمالي. عمليا، كل أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي ومُعظم الممثلين في مجلس النواب هم أعضاء في الشريحة الأعلى التي تتألف من 1% فقط في هذا البلد، عندما يتسنى وصولهم لهذه المراكز يتسن لهم أيضا الاحتفاظ بمناصبهم بأموال الشريحة الأعلى التي تتألف من 1% فقط في المجتمع، ويعرفون أنهم إذا كانوا يخدمون جيدا الشريحة الأعلى التي تتألف من 1% فقط في هذا البلد فسوف يكافئون من قبل هذه الشريحة عندما يتركون مناصبهم. إلى حد كبير، الصُناع الرئيسيين للسياسات في مجال التجارة والسياسة الاقتصادية، في السلطة التنفيذية، ينحدرون أيضا من الشريحة الأعلى التي تتألف من 1% فقط في هذا البلد. ولا غرابة حينها عندما تتلقى شركات الأدوية هدايا بقيمة تريليون دولار من خلال التشريعات التي تحظر على الحكومة، وهي أكبر مشتر للأدوية، من المساومة على أسعار الأدوية. كما لا ينبغي أن نستعجب من استحالة أن يمر مشروع قانون الضريبة من الكونجرس، ما لم يتم وضع تخفيضات ضريبية كبيرة في المشروع لصالح الأثرياء. هذا هو أسلوب العمل لمثل هذا النظام، نظرا للقوة التي تتمتع بها الشريحة الأعلى التي تتألف من 1% فقط في هذا المجتمع. التفاوت في الدخل يُشوه المجتمع الأمريكي في كل شيء يمكن تصوره. هناك، وقبل كل شيء، تأثير مُوثق جيدا لأسلوب الحياة ومعيشة الناس خارج الشريحة الأعلى التي تتألف من 1% فقط في هذا المجتمع، هؤلاء أصبحوا يعيشون على نحو متزايد بمستويات أكثر من مداخيلهم. قد تكون اقتصاديات التقتير مجرد وهم، ولكن سلوكيات التقتير هي حقيقة واقعة في معيشة من هم خارج شريحة 1%. عدم المساواة على نطاق واسع يشوه سياستنا الخارجية أيضا. الشريحة الأعلى التي تتألف من 1% فقط في هذا المجتمع نادرا ما تخدم في الجيش، والواقع هو أن الجيش المكون "جميعه من المتطوعين" لا يدفع ما يكفي لجذب أبنائهم وبناتهم، والوطنية لها حدودها ضمن هذه المعطيات. بالإضافة إلى ذلك، الطبقة الأكثر ثراءاً لا تشعر بوطأة ارتفاع الضرائب عندما تخوض الولايات المتحدة الحرب: فالمال المُقترض سيدفع ثمن كل ذلك. مع أن السياسة الخارجية، بحكم تعريفها، تعني بالتوازن بين المصالح الوطنية والموارد الوطنية. مع سيطرة الشريحة الأعلى التي تتألف من 1% فقط علي زمام الأمور في هذا المجتمع، وعدم دفعها لأي ثمن، فإن مفهوم التوازن وضبط النفس لا معني له إطلاقا. وليس هناك حد للمغامرات التي تستطيع هذه الشريحة القيام بها، والشركات والمقاولين يعملون ويصمدون فقط لتحقيق المكاسب. كذلك فإن قواعد العولمة الاقتصادية صممت بطريقة مماثلة لما فيه صالح الأغنياء: أنها تشجع المنافسة بين البلدان من أجل الأعمال، والذي بدوره يضغط لتخفيض الضرائب على الشركات، ويضعف الحماية الصحية والبيئية، ويقوض ما كان يمكن اعتباره سابقا الحقوق "الأساسية" للعمل، والتي تشمل الحق في المفاوضة الجماعية. تخيل ما كان سيكون عليه العالم إذا تم تصميم النظام، بدلا من ذلك، لتشجيع المنافسة بين البلدان المختلفة من أجل العمال. حينها سوف تتنافس الحكومات في توفير الأمن الاقتصادي، والضرائب المنخفضة على الأجراء العاديين، والتعليم الجيد، والبيئة النظيفة، وهي جميعها أشياء يهتم بشأنها العمال. ولكن الشريحة الأعلى التي تتألف من 1% فقط في هذا المجتمع لا يملكون الدافع للاهتمام بهذه القضايا. أو بدقة أكثر، أنهم يعتقدون أنهم غير مهتمين. فجميع التكاليف المفروضة على مجتمعنا تأتي من قبل الشريحة الأعلى التي تتألف من 1% فقط في هذا المجتمع، وربما الأعظم من ذلك كله هو: تآكل شعورنا بالهوية حيث أن اللعبة العادلة، والمساواة في الفرص ، والإحساس بالانتماء للمجتمع، هم في غاية الأهمية. ولطالما افتخرت الولايات المتحدة الأمريكية بنفسها لزمن طويل على كونها مجتمعا عادلا، حيث لكل فرد فرصة متساوية للوصول والترقي الاجتماعي، إلا أن الإحصاءات تشير إلى خلاف ذلك: إن فرصة إن يحصل المواطن الفقير، أو حتى المواطن من الطبقة المتوسطة، علي مجال للترقي الاجتماعي هي أصغر مما هي عليه في كثير من البلدان الأوروبية. و"الحظ" يعاكس أمريكا علي هذا المنوال. فمن هذا المنطلق، اشتعلت الحرائق في الشرق الأوسط بسبب النظام الظالم الذي لا تتوفر فيه تكافؤ الفرص: ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتزايد معدلات البطالة بين الشباب واستمرارها خدم كأسباب تأجيج. مع وجود البطالة بين الشباب في أمريكا بنحو 20% (وفي بعض المواقع، وبين بعض الفئات الاجتماعية والديموغرافية، 40%) ؛ كما أن واحدا من أصل ستة أمريكيين الراغبين على الحصول علي وظيفة بدوام كامل عاجزين عن تحقيق ذلك، وأيضا واحدا من سبعة أمريكيين أصبح يعتمد علي طوابع الغذاء (ونفس العدد تقريبا يعاني من "انعدام الأمن الغذائي"). أخذين في الاعتبار كل هذا، هناك أدلة كثيرة على أن شيئا ما قد اعترض سبيل "سيئ الذكر" ’’النزيف نحو القاعدة‘‘ من الشريحة الأعلى التي تتألف من 1% فقط في هذا المجتمع إلي الجميع. كل هذا يمكن أن يكون له تأثير يمكن التنبؤ به من ناحية خلق الاغتراب، إقبال الناخبين بين الشباب العشريني في الانتخابات الأخيرة بلغت 21% ، وهي نسبة مقارنة لمعدل البطالة. في الأسابيع الأخيرة راقبت الناس لدينا خروج الجماهير بالملايين إلي الشوارع احتجاجا على الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المجتمعات القمعية التي تسكنها. وقد أطاحت هذه الاحتجاجات بالحكومات في مصر وتونس. واندلعت الاحتجاجات في ليبيا واليمن والبحرين. وتراقب الأنظمة الحاكمة في أماكن أخرى من المنطقة بأعصاب متوترة وعن قُرب، متسائلين ما إذا كانوا هم أنفسهم سيكونون ضحايا المرة القادمة؟ وهم على حق في القلق والتوتر، فتلك هي المجتمعات التي يكون فيها جزء ضئيل جدا من السكان، أي أقل من1%، يُسيطر على نصيب الأسد من الثروة، حيث تعتبر الثروة أحد المحددات الرئيسية للسلطة، وحيث الفساد المستشري بهذا الشكل أو ذاك هو أسلوب في الحياة، وحيث يقف الأكثر ثراءاً، في كثير من الأحيان، حجر عثرة في طريق السياسات التي من شأنها تحسين حياة الناس بشكل عام. وبينما نحن نحدق في بيوتنا بالحماسة الشعبية التي تملأ الشوارع العربية، علينا أن نسأل أنفسنا سؤالا واحدا هو: متى يحين موعد أمريكا؟ لقد أصبحت بلادنا وكأنها واحدة من هذه البلدان البعيدة المُضطربة، بسبب طرقها الخاصة الخطيرة. وصف أليكسيس دو توكفيل، ذات مرة، ما رآه كجزء رئيسي من العبقرية المميزة للمجتمع الأمريكي وسماه "المصلحة الذاتية المفهومة علي النحو الصحيح"، وآخر كلمتين هما المفتاح للفهم. الجميع يمتلك مصلحة ذاتية بالمعنى الضيق: أريد ما هو جيد بالنسبة لي الآن وحالا! المصلحة الذاتية ’’المفهومة علي النحو الصحيح‘‘ مختلفة. فهذا يعني تقدير مراعاة اهتمام المصلحة الذاتية لجميع أفراد المجتمع، وبعبارة أخرى، فإن الرفاهية المشتركة للعامة هي في الواقع شرط مسبق للحصول على أقصي رفاهية للمرء الفرد. ولا توحي كلمات توكفيل بأن هناك شيئا نبيلا أو مثاليا حول هذه النظرة، في الواقع كان يفترض عكس ذلك، وتلك بمثابة إشارة على البراغماتية الأمريكية. أولئك الأمريكيين الحكماء، أمثال أليكسيس دو توكفيل، يدركون حقيقة أساسية هي: البحث عن الرجل الآخر ليس جيدا فقط للروح، انه جيد أيضا للأعمال. الشريحة الأعلى التي تتألف من 1% فقط من المجتمع لديهم أفضل المنازل، وأفضل تعليم، وأفضل الأطباء، وأفضل أساليب الحياة، ولكن هناك شيء واحد لا يبدو أن المال قادر علي شرائه: وهو الفهم والإدراك علي أن مصيرهم مرتبط مع الوضع المعيشي للشريحة المتبقية الأخرى وهي نسبة 99 % من المجتمع. على مر التاريخ، هذا الدرس لا تستوعبه الأقلية الثرية التي تشكل 1% فقط من سكان المجتمع، إلا بعد فوات الأوان.
الترجمة عن - مجلة فانيتي فير، مايو 2011

تقرير هام عن اليسار الصيني بعد ماوتسي تونغ: جولة في المناقشات الأخيرة/ بقلم: تشون شو/ ترجمة: راشد سلمان
اليسار الصيني بعد ماوتسي تونغ: جولة في المناقشات الأخيرة نشرت على موقع Sanhati سانهاتي بتاريخ 16 يوليو 2011Zhun Xuتشون شوالكاتب عضو في قسم الاقتصاد في جامعة ماساتشوستس، أمهرستترجمة: راشد سلمان - الكويتشهد هذا العام زيادة غير مسبوقة في المعارك السياسية بين اليساريين الصينيين عندما بدأت كافة المنتديات والمواقع اليسارية الرئيسية على الانترنت بنشر السجالات السياسية المريرة أو القاسية لمختلف المواقع المعارضة، وقد يستغرب المراقب الخارجي اكتشاف مثل هذه الاختلافات الكبيرة لدى ’’اليسار‘‘، ففي هذه المنتديات تمت مناقشة مختلف القضايا، ولكن رهان العملية السياسية الجارية يحوم حول ما إذا كان يجب أن يكون اليسار حليفا سياسيا للقيادة الحالية للحزب الشيوعي الصيني أم لا، وهل من برنامج سياسي موحد لمعسكر اليسار.وتسعي أحدي هذه المجموعات الداعمة للحكومة الصينية منذ زمن طويل إلي نشر معظم مشاركاتها في واحدة من أكبر المنتديات اليسارية على الإنترنت في الصين (يوتوبيا، أو وو يو تشى شيانغ) ، وهي تحاول توحيد اليساريين تحت رايتها المؤيدة للحزب الشيوعي الصيني والداعية لإصلاحات في إطار النظام الحالي ’’لاستعادة الاشتراكية‘‘، في حين أن المجموعات الأخرى، والتي تنشر معظم مشاركاتها في منتديات الإنترنت الأصغر انتشارا (نسبيا) ، تتخذ موقفا مختلفا ويجادل بأنّ الاشتراكية لا يمكن أن تبنى في إطار رأسمالية الدولة القائمة.وبينما تصف المجموعات المؤيدة للحزب الشيوعي الصيني معارضيها بأنهم ’’متطرفين‘‘، فإن خصومهم من المجموعات الأخرى يضعونهم في المقابل في خانة ’’الرجعية والانتهازية‘‘.ولطالما كانت أوساط اليسار الصيني مختلفة جوهريا في إجاباتها علي السؤال الأكثر أهمية لأي برنامج سياسي: من هم أصدقاؤنا؟ ومن هم أعداؤنا؟ بعض الاتجاهات (المعسكر اليساري الأول) تجادل علي أنه بالرغم من أن الصين أصبحت إلى حد كبير مجتمعا رأسماليا، وأن هناك صراعا طبقيا بين العمال والأثرياء الجدد بما في ذلك كوادر الحزب الشيوعي الصيني وفئة الكمبرادور، إلا أنها تري أن التناقض الرئيسي هو بين الصينيين كشعب، من جهة، و’’القوى الاستعمارية‘‘ مثل النفوذ الإمبريالي للولايات المتحدة، من جهة أخري.ويعتبر تشانغ كونجليانغ الأستاذ في جامعة منتسو في الصين الكاتب السياسي الأشهر على شبكة الإنترنت، وفي كثير من الأحيان يعتبر الزعيم الروحي لهذا المعسكر. ورغم أن مقالات تشانغ كونجليانغ تؤكد علي الأهمية الدائمة للصراع الطبقي، إلا أنه يعتبر الصراع العرقي أكثر حيوية بالنسبة له. وللأسف نجد الكثير من الأفكار الرجعية في كتابات تشانغ، على سبيل المثال، ادعى تشانغ مرارا أن الشعوب الأنجلو- ساكسونية (وهو التعبير المفضل لديه لوصف الإمبريالية) لديها خطة إبادة جماعية ضخمة لقتل الشعب الصينى. ولنقرأ كلماته التالية: "الصراع العرقي غيّر جذريا الصراع الطبقي، فلم يعد الصراع الطبقي في أيامنا هذه يعني أو يتعلق حول من يسيطر على الدولة بعد الآن، بل هو يتعلق ما إذا كانت الصين سوف تتعرض للتدمير (من قبل الشعوب الأنجلو- ساكسونية وحلفائها). ولمواجهة خطر ’’الإبادة الجماعية‘‘لابد من الاحتضان المخلص للحكومة وهزيمة ’’الإمبريالية وحلفائها‘‘ وأيضا ’’اليساريين المتطرفين‘‘ على حد سواء (في الداخل الصيني).وهناك أناس آخرون يعبرون عن نفس وجهة نظر تشانغ مثل الأستاذ في جامعة بكين كونغ كينغدونغ، وهم يقولون بأن أولئك الذين يريدون الإطاحة بالنظام الحالي من خلال الثورة ما هم إلا مجانين وهم ’’ماركسيون أصوليون‘‘، وليس هناك فرق بينهم وبين الإمبرياليين الذين يقفون جنبا إلى جنب مع حلفائهم الصينيين (الماركسيين الأصوليين).تحظى كتابات تشانغ كونجليانغ والآخرين بشعبية كبيرة بين القراء الشباب، بما في ذلك الطلاب القوميين و ذوي التوجهات اليسارية. وعلى الرغم من أن معظمهم يدعون مرارا وتكرارا أنهم من الشيوعيين الماويين إلا أنهم في الحقيقة لا يستخدمون التحليل الماركسي. ويودون التخلص من مفاهيم مثل ’’الصراع الطبقي‘‘ و ’’الإمبريالية‘‘ وغيرها من المصطلحات الماركسية، ولكن كما رأينا ، فإن القومية المشبعة ببعض النكهات النازية هي رسالتهم الحقيقية.آخرون في هذا المعسكر قد لا يحملون بالضرورة نفس أفكار تشانغ كونجليانغ أو كونغ كينغدونغ، ولكن يبدو أنهم متفقون جميعا على أن شعار ’’إنقاذ الحزب‘‘ مطابق تقريبا لشعار ’’الدفاع عن الوطن‘‘ أخذين في الاعتبار وجود الإمبرياليين وفئة الكمبرادور المرتبطة بهم. ولذلك، فإن هؤلاء يميلون إلى الاعتقاد بأن الطبقة الحاكمة في الصين هي في نهاية المطاف صديقة لهم، في حين أن مَنْ يعارض هذه الطبقة الحاكمة ينظرون إليه علي أنه عدوهم.وفي محاولة لهم من أجل التوفيق بين هذه الرؤية والتحول الواضح لليبرالية الجديدة خلال العقود الثلاثة الماضية، يقولون أن سيطرة الفصيل المعادي لفكر ماوتسي تونغ علي السلطة هو الذي دفع الصين قدما في طريق الرأسمالية، وإذا تحقق ’’للاشتراكيين‘‘ الحقيقيين في الحزب السيطرة على السلطة حينها يمكن للصين أن تتخذ طريقا مختلفا تماما!وإذا جئنا إلي المعسكر اليساري الآخر (الثاني) نجد أنه يتضمن وجهات نظر مختلفة تماما عن طبيعة المجتمع الصيني والعدو الرئيسي لليسار. وعلى الرغم من أنه لا يزال من الصعب التعميم بشأن سياساتهم، فهم ينظرون إلى أن الصراع الطبقي بين العمال والرأسماليين هي المسألة الأكثر أهمية. فبدلا من تقسيم قادة الحزب إلي فصيلين أحدهما موالٍ للاشتراكية والثاني موالٍ للرأسمالية، فإنهم يميلون إلى التعامل مع جميع قادة الحزب على حد سواء باعتبارهم الممثلين السياسيين للبرجوازية، وكل ما في الأمر أن هذين الفصيلين لهما مواقف مختلفة تماما بشأن كيفية بناء الرأسمالية بأمان (وبالتالي ثرواتهم العائلية).لذلك، فإنه لا معنى أبدا (في وجهة نظر هذا المعسكر) لأن يصبح الماركسيون حلفاء للحكومة الصينية لمجرد مكافحة ’’الإمبريالية‘‘، وهم يؤكدون في الوقت نفسه علي أن الأعداء يتمثلون في كل من البرجوازية المحلية والإمبرياليين.من الواضح أن المعسكرين المذكورين يحملان وجهات نظر مبدأية متناقضة حول الصين، ولكننا نتساءل: لماذا بدؤوا فجأة في محاربة بعضهم البعض بينما كانوا علي وفاق نسبي في السابق؟ للإجابة على هذا السؤال ينبغي علينا مناقشة الخلفية التاريخية والمسار الحالي.بالطبع لا يمكن تصور حدوث مثل هذا الحوار في الصين خلال معظم الثلاثين عاما الأخيرة، فبعد وفاة ماوتسي تونغ في عام 1976 لجأت قيادة الحزب الشيوعي مباشرة لسياسة التخلص السريع من جميع اليساريين في اللجنة المركزية، وبدأت هذه القيادة في اتخاذ طريق التحول الانتقالي الطويل، ولكن الثابت نحو الرأسمالية كما نراها الآن. أما لماذا غيّر الحزب الشيوعي الصيني رسالته فذلك أمر أخر تمت مناقشته في مناسبة أخري. وللتوافق مع هذه المرحلة الانتقالية تمت إدانة وتجريح (بقدر الإمكان) الفترة الثورية السابقة وأصبح "المجد لمَنْ يغتني" شعار الايديولوجية الرسمية. وتم اعتبار مذاهب الثورة "القديمة" متخلفة عن العصر أو متطرفة أو حتى "رجعية" ولا تتناسب مع التنوير والتنمية في الصين.بالإضافة إلى ذلك، جلب إطلاق عنان السوق بعض التغييرات الإيجابية المؤقتة في حياة الشعب الصيني في الوقت الذي تم فيه الإبقاء علي بعض العناصر الرئيسية للاشتراكية، مثل مستوي التوظيف الكامل (تقريبا) للأيدي العاملة. لذلك اعتقد المثقفون وكثير من أفراد الطبقة العاملة أن ’’الإصلاح‘‘ هو الطريق السليم، وكانوا يعتقدون أن التناقض الرئيسي في الصين، في ذلك الوقت، يتمثل في الصراع بين النظام القديم والإصلاح.بالطبع، تغيّر كل شيء عندما واجه الإصلاح الاقتصادي صعوبات كبيرة في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، فقد تأثرت حياة الناس وعانوا من تضخم هائل لم يسبق له مثيل في الصين الاشتراكية، ومن البديهي أن الاستقطاب في زيادة الدخل والفساد المريع ترافقا دائما وجنبا إلى جنب مع اقتصاد السوق. لقد أصبح الناس أكثر وأكثر مرتابين حول الإصلاح الجاري آنذاك وبشأن الحزب الشيوعي الصيني نفسه، والذي أدي، جنبا إلى جنب مع العوامل السياسية الأخرى، إلى مظاهرات سياسية في كل أنحاء البلاد في عام 1989، وهو ما حدث أيضا في البلدان السوفياتية الأخرى. وكان الفارق أن هذه الحركة في الصين قد فشلت بسبب القوة العسكرية، وقد وضع ذلك حدا لفوضى ثمانينيات القرن الماضي.على الرغم من أن حركة 1989 نفسها نشأت بسبب العديد من النتائج السلبية التي رافقت التحول الليبرالي- الجديد للحزب الشيوعي الصيني، إلا أنه بحلول ذلك الوقت لم يكن هناك وعي ذاتي حقيقي لدي اليساريين ولم يقدموا أي حل ماركسي من قبلهم. بدلا من ذلك، كان قادة الحركة المنحدرين من البرجوازية الصغيرة تنصب رؤيتهم في رأسمالية الليبرالية-الجديدة، وهي في جوهرها لا تختلف كثيرا عن رؤية الحزب الشيوعي الصيني نفسه. فبعد مرور ثلاث سنوات فقط من الهدوء بدأ الحزب الشيوعي الصيني في عام 1992 بالاحتضان الرسمي لسياسة ’’اقتصاد السوق‘‘، وقد تسارعت بشكل كبير عملية التحول إلى الرأسمالية. ومن هنا بدأت في الظهور المعارضات السياسية لنموذج الليبرالية-الجديدة الجاري.
أشار العديد من المثقفين الصينيين إلى تميّز ثمانينيات القرن الماضي بكونها أفضل أيامهم القديمة، نظرا لكونه العقد الزمني الوحيد الذي بدا فيه أن معظم المثقفين الصينيين لديهم توافق في الآراء، ومن الواضح أنه توافق يميني. ولم يعد الحال كذلك منذ تسعينيات القرن الماضي عندما بدأ البعض منهم في إعادة تقييم عملية الانتقال إلى الرأسمالية وإعادة تقدير أهمية الفترة الاشتراكية الماضية 1949-1979، ولم يكن هؤلاء لوحدهم، حيث كان المجتمع بأسره يمر بالتكيف الهيكلي الشامل الذي حمّل العمال والفلاحين كل التكاليف والأعباء.
ففي القطاع الحضري المدني ، خسر الملايين وظائفهم الدائمة بسبب الخصخصة، وبدأت الطبقة العاملة منذ ذلك الحين نضالاتها في كل أنحاء البلاد. ولا يزال هؤلاء المضطهدون (بفتح الهاء والدال) والمستغلين (بفتح االغين) من الجماهير يتذكرون بوضوح أيامهم الجيدة في ظل المجتمع الاشتراكي، لهذا فإنهم لا يملكون إلا الاشتراكية كهدف لهم.
أما في الريف فقد كان التوتر بين الفلاحين والدولة واضحا وملموسا بسبب ركود الإيرادات في مقابل النفقات المتزايدة وفساد وأحيانا عنف البيروقراطيات المحلية.
إن فترة الكفاح الطويلة ضد التحول الليبرالي-الجديد نحو الرأسمالية أدي لولادة اليسار الصيني لمرحلة ما بعد ماوتسي تونغ بين صفوف العمال والفلاحين والبرجوازية الصغيرة (بما في ذلك النخبة المثقفة)، وفي الحقيقة فإن وداع سنوات الثمانينيات ’’الذهبية‘‘ كان بمثابة إعلان البدء في حقبة جديدة من التاريخ السياسي الحديث في الصين.
هناك، على العموم، ثلاثة منابع رئيسية هامة لليساريين في الصين المعاصرة، وجميعها تتفق علي بعض المواقف السياسية المشتركة، ولكن الاختلاف لا يزال قائما في عدد من تلك السياسات.المجموعة الأولى تمثل المخضرمين من قدامي مناضلي الثورة الصينية في القرن الماضي، وقد عاصر الكثير منهم الحرب الأهلية ومرحلتي القفزة الكبرى إلى الأمام والثورة الثقافية، وربما أيدوا سابقا الانتقال لليبرالية الجديدة ولكنهم تحولوا تدريجيا ضدها. وعلى الرغم من أنهم ليسوا جزءا من الطبقة الحاكمة بسبب انتماءاتهم السياسية، إلا أنه لا يزال لديهم علاقات وثيقة نسبيا مع الحزب الشيوعي الصيني بالمقارنة مع الآخرين.يتشارك المخضرمون من قدامى المحاربين في هدفهم نحو الاشتراكية رغم أن تفسيراتهم قد تكون مختلفة جدا (إبتداءا من النموذج السوفياتي إلي النماذج الأخرى الأكثر راديكالية)، وهم يحملون مواقف معقدة تجاه الحزب الشيوعي الصيني لأسباب عدة، فمن ناحية، هم يكرهون البرنامج السياسي الحالي للنظام القائم، ومن ناحية أخري، كانوا أنفسهم أعضاء في الحزب الشيوعي الحاكم الذي كان حزبا ثوريا انضموا إليه لما فيه خير الشعب الصيني.لذا هناك آراء متباينة حتى داخل هذه الجماعة، البعض يجهد في الاعتقاد أنه يمكن توجيه الحزب الشيوعي الصيني نحو الاشتراكية مرة أخرى (على سبيل المثال، إذا تمت تغيير أراء كبار القادة)، والبقية الباقية منهم تنحو بشكل تدريجي لفكرة الحاجة إلى الإصلاح الشامل العميق أو الثورة لبناء الاشتراكية.انحدرت المجموعة الثانية من متعلمي البرجوازية الصغيرة، وهؤلاء كانوا جزءا من المتمتعين بامتيازات خلال ثمانينيات القرن الماضي عندما حاول الحزب الشيوعي الصيني بناء تحالف سياسي معهم من أجل عزل العمال والفلاحين. وعلي أية حال انخفض الوزن السياسي للبرجوازية الصغيرة تدريجيا مع غياب سنوات الثمانينيات الجيدة لأن الحزب الشيوعي الصيني قد هزم بالفعل العمال والفلاحين، وقد أصبحوا الضحايا الجدد لسياسات التجذير في اقتصاد السوق والخصخصة.لا تعتنق مجموعة متعلمي البرجوازية الصغيرة هدفا سياسيا عاما، ففي كثير من الأحيان نري سياساتهم ما هي إلا مزيج من عدة عناصر مميزة، بما في ذلك أفكار وتقاليد ’’اليسار الجديد‘‘ الغربي والمشاعر القومية وبعض أجزاء التقاليد الثورية الصينية من حقبة ماوتسي تونغ. ويميل الراديكاليين منهم إلى العمل مع العمال واليساريين الأخرين لبناء مستقبل المسار الثوري إلى الاشتراكية، في حين أن أكثر الليبراليين منهم يفضل نوعا من الديمقراطية الاجتماعية والرأسمالية المقيدة وقد وضعوا أمالهم في التغييرات السلمية من فوق.المجموعة الثالثة والأخيرة لها جذورها بين العمال، بمن فيهم أولئك الذين مروا بتجارب في إطار الفترة الاشتراكية وأيضا الذين أصبحوا من العمال في وقت أكثر حداثة. العمال لديهم ميل طبيعي معادٍ للرأسمالية، ولا سيما العمال الصينيين الذين عانوا كثيرا خلال مرحلة الانتقال إلى الرأسمالية، ولكنهم كطبقة لم يصبحوا واعين حتى جاءت فترة التسعينيات من القرن الماضي التي شهدت تسريحا للعمال على مستوي البلاد بأكملها. وشهد الجيل الأكبر سنا منهم التناقض الكبير بين عصر ماوتسي تونغ والعصر الحالي ولهذا فهم يملكون إرادة قوية للغاية لإعادة بناء الاشتراكية في الصين، في حين أن جيل الشباب منهم لا يحمل إلا الخبرات المكتسبة في ظل الرأسمالية فقط، وعموما ليسوا متطورين سياسيا وليسوا منظمين جيدا مثل كبار السن، ولكن الاستغلال الشديد من قبل الطبقة الرأسمالية الجديدة جعلتهم يشعرون بالاستياء من النظام القائم.بشكل عام يمكن اعتبار العمال هم الأكثر ثورية، وخصوصا الجيل القديم، لأنهم ليس لديهم ما يخسرونه في إلغاء النظام القائم. وهم على عكس المجموعتين الأخريين (الأولي والثانية)، لم يعد لديهم أي أمل في الطبقة الحاكمة بعد أن استنفدوا العقدين الأخيرين في انتظار يائس في سبيل ’’التحول اليساري‘‘.ونتاجا لما سبق، تشكل تدريجيا في اليسار الصيني بعد ماوتسي تونغ المعسكرين الرئيسيين المذكورين في مقدمة المقال، وهما يختلفان عن طبيعة الحزب الشيوعي الصيني، وأيضا يختلفان في وسيلتهما لتحقيق مجتمع أفضل. انضمت الأقسام الراديكالية من قدامى المحاربين والبرجوازية الصغيرة إلى العمال في سعيهم لإسقاط النظام الحالي وبناء الاشتراكية (مع عدم استبعادهم إمكانية الإصلاحات التقدمية)، في حين أن الأقسام الأكثر محافظة منها التقت حول هدف الإصلاح التقدمي (والإصلاحات حصرا) ضمن النظام القائم. كان الصراع قائما بينهما لفترة طويلة، ولكن لكون اليسار في مرحلة ما بعد ماوتسي تونغ صغيرا حجما وضعيفا نسبيا في العديد من الجوانب المختلفة، ولأن الجناح اليميني كان دائما مهيمنا ومعاديا شرسا تجاه أي معارضة، فإن هذين المعسكرين عملا معظم الوقت جنبا إلي جنب على القضايا التي يتبادلون حولها نفس الآراء، على سبيل المثال، كلاهما يعارض النيوليبرالية والإمبريالية. إضافة إلي ذلك، كلا المعسكرين حمل راية الماوية.وكملاحظة جانبية، رغم ما تعرض له ماوتسي تونغ من تجريح وإدانة لسنوات عديدة، فإن سمعته لا تزال عالية للغاية بين الجماهير، وهي ترتفع على نحو متزايد.ومن تجربتي وخبرتي في هذا المجال، من النادر جدا أن نجد في الوقت الحاضر يساريا صينيا نشطا لا يعتبر نفسه من أتباع الماوية، رغم أن مصطلح "الماوية" قد يشير أو يتضمن معان مختلفة.يمكن توقع إستمرار هذا التفاهم بين معسكر ’’الإصلاح‘‘ و معسكر ’’الثورة‘‘ فقط على أساس أن قوة اليسار لا تزال ضعيفة وأن الطبقة الحاكمة لازالت متشبثة بقبضتها القاسية تجاه جماهير الطبقة العاملة. وعلي أية حال، تغير الوضع دراماتيكيا (جذريا) في السنوات الأخيرة.أولا، نشأت موجة جديدة من الحركة العمالية، ترافقت جنبا إلى جنب مع اندلاع الأزمة الاقتصادية العالمية، مما أرعب الرأسماليين وكوادر الحزب الشيوعي الصيني بشكل كبير، والذين بدورهم اضطروا إلى البدء في إحداث تغييرات ضمن إستراتيجياتهم للحفاظ على النظام. فالعمل الجماهيري المتزايد ضد الحكومات المحلية أظهر أيضا الاستياء الهائل للشعب الصيني تجاه النظام الرأسمالي الحالي.ثانيا، مع كشف النقاب عن تناقض الليبرالية الجديدة فإن الكثير من المنتمين سابقا لذوي الياقات البيضاء واليمينيين والشرائح العليا من البرجوازية الصغيرة بدؤوا في الانضمام إلى الجناح اليساري، مما يزيد بشكل ملحوظ من تأثير اليسار.ولا غرابة بعد ذلك أن ظهرت ونشأت فئة من السياسيين الذين يتصرفون بشكل متعمد أكثر ’’يسارية‘‘ من غيرهم، وأبرز مثال بو شى لاى، الذي هو نجل أحد القادة السابقين للحزب الشيوعي الصيني ويشغل حاليا منصب زعيم الحزب في بلدية تشونغتشينغ، فهو الذي بدأ في السنوات الأخيرة حملة ضخمة بعنوان ’’مجّد الأحمر ودمّر الأسود‘‘. جوهر الحملة يهدف للقضاء على العصابات والمحافظة على حسن النظام الاجتماعي (دمر الأسود)، وفي المقابل تثقيف الناس علي ما يطلق عليه ’’الكتب والأغاني الحمراء‘‘ التي تشمل كلا من الموروثات الثورية وغيرها من الأغاني الأصيلة القديمة (مجد الأحمر).بو شى لاى، وهو كادر حزبي يمتلك موهبة كاريزمية، يحب أن يقتبس في خطبه من تراث ماوتسي تونغ ويتحدث بأسلوب حماسي وصريح وكأنه زعيم ثوري من تلك الأيام الخوالي (أيام الماضي الجميل). وتستقبل الجماهير بشكل جيد أطروحاته ومناقشاته، وليس من غير الواقعي توقع فوزه بسهولة في الانتخابات العامة (إذا افترضنا إجراءها في الصين). وفي الحقيقة، الذي يطرحه أو يتبناه بو شى لاى ما هو إلا برنامجا رأسماليا واضحا، وليس في هذا البرنامج نموذجا اقتصاديا مختلفا، فاطروحاته تتبني المصانع المستغلة (بكسر الغين) للعمال وتحتضن رأس المال الكبير، مثله مثل غيره في المناطق الأخرى. و محدودة جدا تلك التحسينات في برنامجه، مثل توفير مساكن شعبية منخفضة الإيجار وتحقيق مجتمع أكثر أمنا. وبالتأكيد لا يهدف بو شى لاى لبناء الاشتراكية (رغم التملق)، وعلى الرغم من أن عددا لا بأس به من اليساريين يحاول إقناع نفسه بأنه هو الشخص الذي سيبني الاشتراكية (أو أنه واحد من البناة).كل هذه العوامل الجديدة تساهم في نهاية الوئام والانسجام بين معسكري اليسار. وهناك الكثير من العلامات التي تشير إلى أن الجناح اليساري الصيني (داخل الحزب) لديه الآن دور سياسي أكبر كما أن بعض الكوادر القيادية بدأت في بعث رسائل ’’يسارية‘‘ إلى الشعب. هذا يعزز حتما الثقة في معسكر ’’الإصلاح‘‘ في استعادة الاشتراكية من خلال الحزب الشيوعي الصيني، كما لو أن الحزب هو جهاز محايد يمكن أن يتحول إلى اليسار أو اليمين اعتمادا على قادته. لقد بدؤوا بالإشادة بشخص بو شى لاى وغيره بإعتبارهم من القادة الاشتراكيين الحقيقيين الذين ورثوا تركة ماوتسي تونغ واتبعوا التقاليد الثورية.ومع ذلك، يشير المعسكر اليساري الآخر إلى أن ’’الانعطاف يسارا‘‘ هو محدود جدا من ناحية المدى ويتسم بالانتهازية من ناحية الممارسة، واعتبروا أنه من غير المقبول أن يكونوا أداة سياسية بيد الطبقة الحاكمة.وبالتالي ما هي إلا مسألة وقت برأينا حتى يتفجر الخلاف بين المعسكرين.على أساس السياق المذكور، يمكن فهم الصراعات الداخلية بين اليساريين الصينيين كونها نتائج طبيعية لتطور اليسار وانحسار الليبرالية الجديدة. ونعتقد أن أثارها وتداعياتها ذات شقين.الشق الأول، ينطوي على أن تأثير اليساريين في الصين وصل إلى مستوى جديد مرتفع بسبب نضالات الشعب المتواصلة ضد الرأسمالية، حتى أن جزءا من الطبقة الحاكمة بدأ عمدا في ’’الاتجاه يسارا‘‘.الشق الثاني، يواجه الجناح اليساري الآن لحظة تاريخية، فإذا نجح معسكر ’’الإصلاح‘‘ فإن اليسار الصيني سيصبح شريكا سياسيا للحزب الشيوعي الصيني وسيتوقف عن أن يكون قوة ثورية، ولكن إذا استطاع معسكر ’’الثورة‘‘ النجاح بتجذير الجناح اليساري (داخل الحزب) حينها ينبغي أن يكون اليسار الصيني قادرا على لعب دور أكثر أهمية في القضاء علي النيوليبرالية والرأسمالية في الصين والعالم بشكل عام.إلا أن هناك بعض الأسئلة التي يمكن أن يكون لها تأثيرات هامة على ’’الاختيار‘‘ (للشقين السابقين).أول هذه الأسئلة، هل النسخة الصينية لدولة الرفاه ممكنة في المستقبل القريب؟ وبعبارة أخرى، هل البرجوازية الصينية مستعدة وقادرة على التخلي عن بعض امتيازاتها وإعادة توزيع جزء من الأرباح والريع لصالح الطبقة العاملة؟ثاني هذه الأسئلة، هل اليسار الصيني قادر على إيجاد طرق جديدة لتعبئة وتنظيم الجماهير كما فعل بنجاح كوادر الحزب الشيوعي الصيني في وقت مبكر قبل ثمانين عاما؟إجاباتي على هذين السؤالين هي: لا للأول ونعم للثاني، ولكن بالطبع وحدهما الوقت والممارسة هما الكفيلان بالإجابة.

بيان صادر عن "التيار التقدمي الكويتي" بمناسبة الذكرى الحادية والعشرين للغزو العراقي وحول التصعيد المقلق الذي تشهده العلاقات العراقية – الكويتية في الآونة الأخيرة
تمر بنا هذه الأيام الذكرى الحادية والعشرون لجريمة الغزو العراقي الغاشم للكويت التي اقترفها النظام الصدامي البائد، ونستذكر في هذه المناسبة المؤلمة مئات الشهداء الميامين الذين روّوا بدمائهم أرض الكويت دفاعاً عن حريتها وفداءً لاستقلالها، كما نستذكر تضحيات ألوف الأسرى من العسكريين والمدنيين، ونستذكر معها بطولات المقاومين البواسل، وتلك الوقفة الوطنية الجماعية الشجاعة للشعب الكويتي في وجه قوات الغزو والاحتلال العراقي تمسكاً بحرية الكويت وسيادتها وشرعيتها الدستورية، كما نستذكر معاناة شعبنا الصامد داخل الوطن والمشرّد في المنافي طوال الأشهر السبعة للاحتلال، ونعبّر عن امتناننا لكل مَنْ تضامن مع قضيتنا الوطنية العادلة وكل مَنْ ساهم في تحرير الكويت.
والمؤسف أن تمر الذكرى السنوية الحادية والعشرون للغزو في وقت تشهد فيه العلاقات الكويتية العراقية تصعيداً مقلقاً تثيره بعض الأوساط العراقية لدوافع مختلفة حول مشروع إنشاء ميناء مبارك الكبير في جزيرة بوبيان الكويتية، وما يرافق هذا التصعيد من دعوات غير مسؤولة تطالب بقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وتصرفات استفزازية تتمثّل في حرق العلم الوطني لدولة الكويت.
وإذ يستغرب "التيار التقدمي الكويتي" مثل هذا التصعيد المقلق والدعوات غير المسؤولة والتصرفات الاستفزازية فإنّه يرى أنّ إنشاء الكويت ميناء مبارك الكبير على أراضيها وضمن مياهها إنما هو حقّ سيادي مشروع للكويت، خصوصاً مع التأكيدات المعلنة بأنّ إنشاء الميناء لن يؤثّر سلباً على حقوق العراق الملاحية ولن يعيق الملاحة البحرية في خور عبدالله، وهناك التزام كويتي ثابت بعدم تأثير الميناء على المرور الملاحي وفق قرار مجلس الأمن رقم 833 لسنة 1993 في الفقرة (5) التي تنص على "احترام الحقّ في المرور الملاحي وفقاً للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وختاماً يؤكد "التيار التقدمي الكويتي" موقفه الداعي إلى ضرورة بناء علاقة سليمة بين الكويت والعراق قائمة على أسس احترام الاستقلال والسيادة الوطنية والحدود الدولية المرسمة بين البلدين، وتطوير هذه العلاقة على قاعدة حسن الجوار بعيداً عن ادعاءات الضم والإلحاق، وهذا ما يتطلّب وقف الاستفزازات من جهة، والإسراع من جهة أخرى في انجاز الملفات العالقة من الغزو في شأن استكمال تنفيذ قرارات مجلس الأمن بشأن مصير المفقودين؛ وإعادة الأرشيف الوطني والممتلكات الكويتية؛ وصيانة العلامات الحدودية بين البلدين، وإزالة المزارع المتجاوزة للحدود الكويتية مع تعويض المزارعين العراقيين، وذلك لضمان خروج العراق من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
التيار التقدمي الكويتي
الكويت في 1 أغسطس 2011

مماطلة حكومية في تجنيس أبناء المواطنات الكويتيات لآباء أسرى أو لأمهات مطلقات أو أرامل
بين فترة وأخرى وعاماً بعد آخر تصدر الصحف حاملة على صدر صفحاتها الأولى تصريحات وأنباء عن قرب تجنيس أبناء المواطنات الكويتيات من البدون ومن غيرهم من أبناء الأسرى والأمهات الكويتيات المطلقات والأرامل وفقاً لنص البند الثاني من المادة الخامسة لقانون الجنسية التي تجيز منح الجنسية الكويتية للمولود من أم كويتية، المحافظ على الإفامة في الكويت حتى بلوغه سن الرشد إذاكان ابوه أسيراً أو قد طلق أمه طلاقاً بائناً أو تُوفيَّ عنها.
ولكن أيّاً من هذه الوعود لم يتحقق في السنوات الخمس الأخيرة، ما يؤكد أنّ هناك مماطلة حكومية في الإقرار بالحقّ القانوني المشروع لهؤلاء الأبناء في اكتساب الجنسية الكويتية.

تقرير سياسي من مصر حول أولويات المرحلة الراهنة ومهام استمرار الثورة وحمايتها
تمر الثورة المصرية فى هذه الأوقات بمرحلة دقيقة ومعقدة تتطلب من كل القوي الثورية التحلي باليقظة والتعامل بموضوعية مع الواقع الراهن بكل تناقضاته حتي تتمكن من الحفاظ علي روح المبادرة الثورية واستمرار زخم قوة الفعل الثوري الجماهيري لإنجاز مهام الثورة ومواجهة عناصر التآمر علي الثورة فى الداخل والخارج .ولقد كشفت الأحداث المتسارعة عن عدد من الحقائق التي ينبغي آخذها في الاعتبار عند تحليل الموقف الراهن ولعل أهمها :1ـ إن جمعة الثورة أولا في 8 يوليو التي خرجت فيها الجماهير بمئات الآلاف وما أعقبها من اعتصامات فى ميدان التحرير والعديد من المحافظات كانت إحدي العلامات الفارقة فى مسار الثورة أدت إلي فرز حقيقي في مواقف القوي السياسية ومثلت تعبيرا واضحا عن سخط واستياء الجماهير من ممارسات المجلس العسكري والحكومة طوال الأشهر الخمسة الماضية والتي اتسمت بالتباطؤ والتواطؤ علي عدم اتخاذ الاجراءات السريعة والناجزة لتحقيق أهداف الثورة ومهامها العاجلة والمتمثلة في التطهير الشامل لكافة مؤسسات الدولة من رموز النظام السابق ، والقصاص العادل والسريع من قتلة الثوار وعلي رأسهم مبارك والعادلي ، وتحقيق إجراءات ملموسة لتحقيق العدالة الاجتماعية . واكتشفت الجماهير الشعبية إن النظام لازال باقيا رغم الإطاحة برأسه وأن سياسات وممارسات السلطة التي من المفترض أن تعبر عن مصالح الثوار هي التي تعمل علي تبريد الثورة واحتوائها بشكل يهدد بضياعها وإجهاضها ، ولقد نجح الاعتصام الثوري في إجبار المجلس العسكري والحكومة علي تحقيق مكاسب حقيقية للثوار وأهالي شهداء ومصابي الثورة تمثلت فى القرارات التي أعلنتها لجنة الأزمات الحكومية برئاسة عصام شرف : اتخاذ اجراءات صارمة ضد الضباط المتهمين بإبتزاز أهالي الشهداء و تأكيد تفريغ دوائر خاصة لقضايا قتل الثوار وتسريع موعد انعقاد المحاكمات وتتالي جلساتها لتحقيق القصاص العادل والناجز وتأكيد وتطبيق مبدا علانية الجلسات وضم الرئيس المخلوع إلي دائرة واحدة مع السفاح العادلي وكبار زبانية الداخلية من قتلة الثوار ، وتفعيل قانون الغدر وتطهير جميع أجهزة الدولة من كل أركان النظام السابق فى أسرع وقت ـ وهو الأمر الذي يطالب الثوار بأن يمتد إلي التشكيل الحكومي الجديد وحركة المحافظين الوشيكة بحيث لا يكون هناك وزير أو محافظ واحد ينتمي للحزب الوطني المنحل .ونحن نؤكد علي أن هذه القرارات هي بادرة ايجابية ولكنها لا تلبي كل مطالب الثوار العاجلة لذلك لابد من استمرار نضال الجماهير السلمي وعودة الجماهير فى مظاهرات مليونية لمتابعة تنفيذ ما أعلن من قرارات ولتحقيق المطالب التي لم يتم الاستجابة لها وعلي رأسها إلغاء قانون تجريم التظاهر والاعتصام و تحقيق المطالب العاجلة الخاصة بالعدالة الاجتماعية وتحديد حد أدني للأجور 1200 جنيه ومراقبة الأسعار والأسواق وإقرار إعانة بطالة للمتعطلين وعدم تحميل الكادحين والفقراء إجراءات التقشف في الموازنة الجديدة وإعادة تأميم الشركات التي تعرضت للنهب والتصفية في ظل برنامج الخصخصة المشبوه ووقف محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية .2 ـ ان ما حدث من اعمال عنف وبلطجة أدت الى وقوع مئات الجرحي فى مواجهة المظاهرة السلمية التى خرجت من ميدان التحرير مساء يوم السبت 23 يوليو قد تم التخطيط لها من قبل فلول النظام السابق وقوى الثورة المضادة ، كما ان ما سبقها من اصدار بيانات المجلس العسكري 69 ،70 وما صدر بعدها من تصريحات مستفزة للواء حسن الروينى قائد المنطقة العسكرية المركزية كلها تنذر بتصعيد خطير فى موقف المجلس العسكري من الثورة والثوار ، واستخدامه لنفس أساليب النظام السابق فى تخوين الحركات السياسية المعارضة (6 ابريل وكفاية ) وتوجيه الاتهامات الخطيرة لها دون أى أسانيد أو أدلة ،وأصداره بيانات مجافية للحقيقة وإطلاق حملات إعلامية محمومة لتشويه صورة المعتصمين والمتظاهرين وتآليب الرأى العام عليهم .والحزب الشيوعي إذ يستنكر هذه الأساليب التى تعمق الفجوة بين الجيش والشعب فأنه يطالب بضرورة التوقف عن السير فى ذلك النهج الخطير الذى يهدد استمرار الثورة ويبرر أعمال العنف والبلطجة ضد الثوار ، كما يطالب باجراء تحقيق عاجل فى هذه الأحداث وإعلان نتائجه على الرأى العام .وفى نفس الوقت فان انفراد بعض الأطراف باتخاذ قرارات بالخروج بمسيرات فى ظل هذا المناخ المتوتر دون تقدير صحيح للموقف يؤدى الى نتائج سلبية تتحمل نتائجها كل قوى الثورة ، كما يمكن أن تؤدى وهذا هو الأهم الى إضعاف التأيد الجماهيرى الذى يمثل الحماية الحقيقة لها و يتيح الفرصة للقوى المتربصة بالثورة لخلط الامور وكسب مساحات جديدة للقوى المضادة للثورة .ولذلك فاننا نري أن الوضع يتطلب ضرورة السعى لتشكيل قيادة ميدانية موحدة فى الاعتصامات والتظاهرات تأخذ القرارات بشكل جماعى وتنسق بين قوى الثورة .3 ـ إن سلاح الاعتصام الثوري في ميدان التحرير وبقية المحافظات يعتبر من أهم أسلحة الثورة المصرية حيث كان العامل الحاسم هو و المظاهرات المليونية فى اسقاط رأس النظام السابق ، ولذلك فعلي القوي السياسية والتجمعات الشبابية أن تحرص عند استخدام هذا السلاح علي الحفاظ علي استمرار التأييد الشعبي والجماهيري له والانتباه إلي ضرورة حمايته وإلابقاء علي الصورة الايجابية له في أذهان الجماهير باعتباره رمزا للثورة المصرية السلمية التي أبهرت العالم كله .كما أنه يجب إدراك أن الاعتصام ليس هدفا في حد ذاته وليس هو الوسيلة الوحيدة لضمان تحقيق أهداف ومهام الثورة ، ويخطيء من يتصور إمكانية تحقيق كل مطالب الثورة بضربة واحدة إذ أن العملية الثورية الهادفة لهدم النظام القديم وبناء النظام الجديد لابد أن تتخللها العديد من المعارك والمهم هو الحرص علي تحقيق انتصارات متواصلة حتي ولو كانت صغيرة ، والسعي إلي عدم فقدان زمام المبادرة فى مواجهة قوي الثورة المضادة الكامنة فى كل مؤسسات الدولة وعلينا أيضا إعطاء الفرصة للجماهير في هذه المعارك لتدرك من خلال تجربتها الذاتية مدي صدق القرارات والوعود التي تقدم لها بعد اختبارها علي أرض الواقع حتي لا تتسع المسافة بين الطليعة والجماهير4 ـ كشفت تصريحات وبيانات تحالف القوي الإسلامية الذي يضم الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية والجماعات السلفية عن رفضها القاطع لإقرار وثيقة تتوافق عليها القوي السياسية قبل إجراء الانتخابات النيابية تحدد المباديء الدستورية الحاكمة وأسس تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد بحيث تكون معبرة عن جميع طوائف وفئات الشعب المصري ، ولقد كشف هذا الموقف عن نية التحالف الإسلامي المبيتة لإختطاف الثورة وإستغلال خطأ المجلس العسكري فى ترتيب أولويات المرحلة الانتقالية لتكريس إنفراد هذا التيار بتشكيل الجمعية التأسيسية وإقرار دستور لإقامة دولة دينية تعود بالبلاد إلي غياهب العصور الوسطي. كما أن استمرار التحريض السافر للعديد من فصائل هذا التيار للإعتداء علي المتظاهرين والمعتصمين وتخوينهم وتكفيرهم واستمرار صمت الإخوان المسلمين علي هذا التحريض يضع هذا التيار فى مواجه مشروع القوي الثورية ويفرض هذا الوضع علي الأحزاب و القوي المدنية من اليساريين واللبراليين والتجمعات الشبابية من ألا تنجر وراء تحالفات انتهازية مع الاخوان المسلمين لتحقيق مكاسب صغيرة فى الانتخابات المقبلة مما يعيد انتاج نفس التحالفات الانتهازية للعديد من هذه القوي مع النظام البائد .5 ـ إن المخطط الأمريكي لإجهاض وإحتواء الثورات والانتفاضات العربية بشكل عام والثورة المصرية بشكل خاص يستند علي ايهام الرأي العام بتأييد الولايات المتحدة لهذه الثورات وخاصة الجانب الديمقراطي فيها فى نفس الوقت الذي تستخدم فيه كل إمكاناتها المادية ونفوذها الاقتصادي والعسكري للضغط حتي لا تحقق هذه الثورات أهدافها الجذرية وخاصة الوطنية والاجتماعية والتي يترتب علي انجازها تهديد صريح وواضح لمصالحها .وهذا المخطط الذي يجري الإعداد له بالتحالف مع اسرائيل والقوي الرجعية فى المنطقة بقيادة السعودية ويستند إلي ضرورة تشكيل تحالف حاكم جديد فى مصر يضم قوي الإسلام السياسي وخاصة الإخوان والسلفيين وقطاع من القوي الليبرالية وبقايا النظام السابق مع الحرص علي دعم وتأييد القوات المسلحة له ، بحيث يضمن هذا التحالف استمرار نفس النهج الاقتصادي النيوليبرالي مع إعادة ضبطه وتقييد مساحات الفساد فيه وتوسيع قاعدته الاجتماعية حتي يصبح أكثر تمثيلا للمصالح الرأسمالية الكبيرة بكافة فئاتها مع السعي لإكتساب الفئات العليا من الطبقات الوسطي لضمان الحفاظ علي المصالح الاستراتيجية الأمريكية فى المنطقة وتوفير الحماية والأمن لإسرائيل وإيقاف المد الثوري والديمقراطي الذي يهدد عروش الأنظمة الرجعية فى المنطقة .وفي هذا السياق يتم الإعلان عن بدأ الحوار العلني بين الحكومة الأمريكية والإخوان المسلمين وعن دعم الحكومة الأمريكية لمنظمات المجتمع المدني بمبلغ 45 مليون دولار كما تتدفق الأموال الضخمة من السعودية لتمويل التيار السلفي وقوي الإسلام السياسي ويتطلب هذا أن تنتبه القوي الوطنية والديمقراطية لهذا المخطط الذي يعتبر العدو الرئيسي للثورة المصرية وأن توجه جهدها الرئيسي لفضح هذا المخطط وكشف القوي السياسية المرتبطة به والسعي إلي بلورة مشروع وطني هادف إلي مواجهة الامبريالية والصهيونية وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الشاملة المعتمدة علي الذات باعتباره السبيل الوحيد لإستكمال الثورة وتحقيق أهدافها .6 ـ لقد بات واضحا أن هناك سعي من السلطة الحالية ( المجلس العسكري والحكومة )والتيار الليبرالي والتيار الإسلامي علي تهميش دور الطبقات الشعبية في الثورة ( العمال والفلاحين والكادحين ) والهجوم الاعلامي المكثف على اعتصامات واضرابات والعمال والموظفين المطالبة بالاجر العادل وتحسين ظروف العمل ومحاربة الفساد فى العديد من المواقع بعد الثورة واتهام مطالبهم المشروعة بانها مطالب فئوية ضيقة والتعامل معها بالقوة والعنف وتحويل بعضهم الى محاكمات عسكرية لارهاب وترويع العمال والفقراء المطالبين بحقوقهم ولقد كشفت كل المظاهرات والاحتجاجات العمالية والمظاهرات المليونية الأخيرة أن مطالب الطبقات الشعبية لا يمكن تجاهلها خاصة وأن الجماهير الشعبية لم تشعر أن قطار الثورة قد أتي لها بأي شيء حتي الآن ، وأن ما تحقق هو مجرد وعود فارغة ولذلك فنحن نري أهمية التركيز علي حل الاتحاد الحكومى و ضرورة مساندة هذه الطبقات علي تشكيل منظماتها الجماهيرية والتى بدات بالفعل فى ( النقابات والاتحادات العمالية المستقلة والاتحادات الفلاحية ) بحيث تكون هي الأدوات الحقيقية لتنظيم وتعبئة وتوحيد جهود هذه الطبقات للتعبير عن مصالحها وربطها بالقضايا السياسية العامة حتي تعي بأن مصالحها الأساسية لا يمكن تحقيقها إلا بتغيير النهج الاقتصادي والاجتماعي بشكل جذري وإقرار دور فاعل للدولة ودور حاكم للتخطيط الاقتصادي والقطاع العام فى اطار خطة للتنمية الشاملة وخطة لتوزيع عادل لثروات الوطن .ويمكن تلخيص أهدافنا فى المرحلة المقبلة فى النقاط التالية :1 ـ ضرورة توافق القوي الثورية علي تشكيل قيادة موحدة لها والاتفاق علي خريطة طريق تحدد الأهداف الاستراتجية والتكتيكية للثورة وأشكال وأساليب النضال الملائمة .2ـ استمرار النضال السلمي بكافة أشكاله وخاصة التظاهر والاعتصام باعتباره السلاح الفعال للضغط من أجل تحقيق المطالب العاجلة للثورة .3 ـ إقرار وثيقة المباديء الدستورية الحاكمة وأسس تشكيل الجمعية التأسيسية التي تتوافق عليها القوي السياسية والعمل علي إصدارها فى إعلان دستوري ملزم أو استفتاء الشعب عليها قبل الانتخابات النيابية القادمة .4 ـ تشكيل جبهة وطنية ديمقراطية للتصدي للمخطط الامبريالي الصهيوني فى المنطقة للخروج من التبعية والتأكيد علي الاستقلال الاقتصادي للبلاد ، وفي نفس الوقت لابد من توحيد القوي المدنية والديمقراطية للتصدي للقوي الرجعية المتسترة بالدين وإجهاض مشروعها الخطير لإقامة دولة دينية ، وبالتوازي مع هذين المحورين وفي القلب منهما لابد من تفعيل جبهة القوي الاشتراكية وتركيز عملها وسط الطبقة العاملة والفلاحين والنضال من اجل تحقيق برنامج واضح لتحقيق مطالبها الاقتصادية والاجتماعية والتنسيق فيما بين أطراف اليسار لتوحيد موقفها فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة .
صادر عن الحزب الشيوعي المصري - 26 يوليو 2011
كتب رجب بولند * :
تشكل الصناعة النفطية عصب الاقتصاد الكويتي فمنذ اكتشاف النفط في دولة الكويت وتصديره بشكل تجاري في أربعينيات القرن الماضي عمل الكثير من الشباب الكويتي في شركة نفط الكويت المحدودة التي كانت تحت سيطرة أجنبية بريطانية و أمريكية. عانى العمال الكويتيون أَمَرّ المعاناة فكانوا يسكنون في عشيش في الصحراء ولا يتم توفير أبسط مقومات السكن لهم من ماء و كهرباء، وكانت المميزات الوظيفية والأجور بسيطة مقابل مميزات وأجور كبيرة للعمال الأجانب والعرب . و بسبب التمييز الوظيفي الواضح و قلة الأجور قام بعض العمال بتحركات و إضرابات في الخمسينيات من أجل تحسين الأجور ورفع المستوى الوظيفي و المعيشي للعمال الكويتيون فقام عاشور عيسي عاشور بقيادة هذه الإضرابات و سجن بسببها في إحدى المرات أربعين يوما. ولم تكن تحركات العمال مقتصرة على المطالب المرتبطة في العمل فقط بل نشطوا و دعموا القضايا القومية العربية. فأعلنوا الإضراب العام والشامل إبان العدوان الثلاثي على مصر وجمعوا التبرعات من أجل دعم الثورة الجزائرية.
بعد استقلال دولة الكويت في عام 1961 و صدور الدستور والعديد من القوانين المنظمة لهيئات المجتمع المدني ومنها القوانين الخاصة بإنشاء و إشهار جمعيات النفع العام و النقابات العمالية ناضل وكافح العمال في شركة نفط الكويت بالتعاون مع القوى الوطنية من أعضاء مجلس الأمة و غيرهم من أجل إشهار نقابة مختصة في عمال شركة نفط الكويت وبعد معارضة من قبل إدارة الشركة الأجنبية ومحاولات لعرقلة إنشاء النقابة نجح العمال بإشهار نقابة عمال شركة نفط الكويت و كان أول رئيس لها الأستاذ حسن فلاح العجمي وكان ذلك في سنة 1964. ومنها انطلق قطار العمل النقابي في القطاع النفطي و الدفاع عن حقوق العمال و المطالبة بمزيد من المميزات ورفع الأجور . وبعد إنشاء شركات نفطية أخرى كشركة البترول الوطنية وانضمام الشباب الكويتي للعمل فيها وزيادة الوعي النقابي أُنشئت نقابة عمال شركة البترول الوطنية الكويتية في سنة 1968 وكان أول رئيس لها الاستاذ عبدالله السعد . شكلت النقابات العمالية النفطية و نقابات القطاع العام بالتعاون القوى الوطنية جبهة صلبة وطنية عملت بشكل مشترك من أجل القضايا التي تخص العمال والقضايا الوطنية و القومية . فكان لها دور كبير في إقرار قانون 28/1969 الخاص بالعمل في القطاع النفطي ، و تأميم النفط في منتصف السبعينات وغيرها من القضايا العمالية و الوطنية . في الحقيقة لا أبالغ عندما أقور إنّ المميزات التي يتمتع بها العامل الكويتي في وقتنا الحاضر في القطاع النفطي تحقق أغلبها بسبب كفاح و نضال رواد العمل النقابي الأوائل .
بعد هذا السرد الموجز و المبسط عن كفاح الرواد الأوائل في نقابات القطاع النفطي و بعد مرور السنين على تقاعد الكثير منهم أتمنى من ادارات الشركات النفطية و النقابات النفطية بالقيام بتكريم يليق بجهودهم و كفاحهم و حفظ وأرشفة الإصدارت الخاصة بالنقابات النفطية . فما قاموا به لا يقل أهمية عن الجهود التي تبذلها القيادات العليا في القطاع النفطي .
*عضو في نقابة عمال شركة البترول الوطنية الكويتية وعضو في التيار التقدمي الكويتي

نقابة عمال البترول الوطنية ترفض العبث في زيادات رواتب القطاع النفطي وتلوّح بالإضراب
أكد السيد / محمد الهملان ـ نائب رئيس مجلس إدارة نقابة عمال شركة البترول الوطنية الكويتية بأن النقابة ماضية في ما أقدمت عليه من قرارات تصعيدية وصولاً إلى الإضراب على ضوء المستجدات التي صاحبت إجراءات إقرار زيادة القطاع النفطي وما طالها من عبث ومماطلة من قبل المجلس الأعلى للبترول الذي إلتف بدوره على القرار محدثاً خللا إجرائياً بدوره المناط به وتهميشاً لدور المنظمات النقابية وتجاهلاَ لحقوق العاملين في هذا القطاع الحيوي .وبين الهملان بأننا نجد صعوبة في التعامل مع حكومة متناقضة بين وزرائها و تتبع إسلوب المراوغة والغموض وعدم الشفافية لإقرار الحقوق وتتفنن في تسويف الأولويات وتلتف على الحقائق وتقفز على الوقائع وقد أصبح ذلك نهجاً وإسلوباً لحل مشاكلها ـ الأمر الذي أفقد الثقة فيها مما دعا العمال ونقاباتهم للتصعيد رداً على العبث الذي ولّد إحباطاً وتذمرا وإستياءاَ بين جموع العمال والذي يعكس تهميشاً لدورهم وبخساً لأبسط حقوقهم ، ومن المؤسف أن بعض اصحاب القرار قد نصب نفسه خصماً للعاملين في القطاع النفطي وأصبحت المعادلة لديهم ربح أوخسارة إرضاءَ وإشباعاَ لغرورهم أو إثباتأً لوجودهـم حتى ولو كان على حساب حقوق العمال .وأضاف الهملان بأن زيادة القطاع النفطي تختلف بإجراءاتها وقنواتها الرسمية عن أية زيادة أخرى نظراً لخصوصية القطاع وأهميته الإقتصادية والذي خصه المشرع بقوانين تنظم هذا النشاط ، فقد وضعت الزيادة على أسسس علمية وفنية من خلال دراسة شاملة ووافية من قبل شركات عالمية ولجان متخصصة في مؤسسة البترول الكويتية وشارك فيها ممثلي العمال وتم الإتفاق عليها وذلك وفق معايير محددة ومقاييس ثابتة وهي سلم الإجور والمرتبات في القطاع النفطي لدول الخليج على المستوى الإقليمي ورواتب بعض القطاعات والشركات المشابهه للنشاط على المستوى المحلي وهي محور الإرتكاز الذي بنيت عليه كل تلك الدراسات ولن نقبل إي عبث أو مساس بهذا المحور الإستراتيجي الذي يوفر الإستقرار الوظيفي والإستثمار البشري ذو المردود الإنتاجي للنهوض بهذا القطاع مشيراً إلى أن أعلى قيمة قدمت في دراسة الزيادات لم ترتقي إلى متوسط الحــــــد الأدنى لرواتب الشركات النفطية في الخليج !!!! ؟.
وختماً أكد الهملان بأننا في د ولة مؤسسات نستند إلى لوائح ونظم وقوانين تتخذ فيها القرارات وفقاً لدراسات وضعت على أسس علمية وفنية وأننا لا نركن إلى وعد وزير أو غيره بل نتعامل وفقاً للحقائق والوقائع التي تشير إلى تأزيم مفتعل وإضراب لا مناص منه في حال إستمرار ذلك العبث بالحقوق والذي يستلزم منا الحزم بالموقف إلتزاماً بمسئوياتنا أمام عمالنا أصحاب الحق والقرار الذين باتوا ينتظرون فقط تحديد موعد الإضراب والذي ستكون الحكومة هي المتسبب الوحيد فيه .
نقلاً عن جريدة "الآن" الإلكترونية
نقلت مصادر نيابية عن وزير التربية وزير التعليم العالي أحمد المليفي وعده بحل مشكلة القبول بالجامعة عن طريق زيادة عدد المقبولين إلى ٩٠٠٠ بعد أن سبق رفعها إلى ٨٠٠٠ من العدد المقرر قبوله في الفصل الجامعي المقبل الذي لم يكن يتجاوز ٦٨٠٠ مقعداً، بالاضافة إلى استيعاب ١٠٠٠ طالب عن طريق الابتعاث الداخلي في الجامعات الخاصة.صحيح أنّه لابد من حل عاجل وعملي لمشكلة الألفي طالب الذين لم تتوافر لهم مقاعد بالجامعة للفصل الجامعي المقبل، ولكن يجب أن يكون واضحاً إنّ المطلوب ليس الاكتفاء بحل المشكلة لهذه السنة فقط، وليس المطلوب فقط حلها حلاً ترقيعياً بتوفير مقاعد للألفي طالب غير المقبولين، وإنما لابد من معالجة المشكلة جذرياً حيث سيزداد عدد الطلبة في السنوات المقبلة، وهذا ما يتطلب الاسراع في انشاء جامعة حكومية أخرى وانجاز مشروع المدينة الجامعية في الشدادية، وإعادة النظر في قانون التعليم المنفصل بحيث يتاح خيار التعليم المنفصل عبر كلية بنات جامعية وخيار التعليم المشترك للكليات الجامعية، فالحلول الترقيعية الوقتية غير مجدية!
تتضح يوماً بعد يوم النتائج السلبية الوخيمة الناجمة عن تخلّف القوانين وعن سوء الإدارة السياسية للدولة وعجزها عن معالجة المشكلات ذات الصلة بحياة المواطنين في مختلف المجالات، حيث تمثّل مشكلة عدم قدرة جامعة الكويت على استيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة المتقدمين للالتحاق بها واحدة من هذه المشكلات المؤسفة التي تتكرر سنوياً، فيما تفاقمت المشكلة هذه السنة على نحو ملحوظ؛ وهي مرشحة للتفاقم أكثر فأكثر في السنوات المقبلة مع التزايد المطّرد لأعداد الطلبة المتقدمين للالتحاق بها.
وتعزى مشكلة عدم قبول آلاف الطلبة المتقدمين للالتحاق بالجامعة إلى عدد من الأسباب والعوامل من بينها:
أولاً: محدودية الطاقة الاستيعابية لجامعة الكويت، خصوصاً في ظل تراخي الحكومة في إنجاز مشروع المدينة الجامعية في الشدادية.
ثانياً: النتائج السلبية الواضحة التي نجمت عن تطبيق القانون رقم 24 لسنة 1996 بشأن تنظيم التعليم العالي الذي فرض نظام الفصل بين الطلاب والطالبات في المباني وقاعات الدراسة والمختبرات والمكتبات، بحيث أصبحت هناك شعب دراسية منفصلة للجنسين ما يصعب معه توفير العدد الكافي من الهيئة التدريسية وقاعات الدراسة والتجهيزات، وهذا ما فاقم من حدة كلٍّ من مشكلة عدم قبول الطلبة الجدد المتقدمين إلى الجامعة ومشكلة الشعب المغلقة في ظل محدودية الطاقة الاستيعابية للجامعة.
ثالثاً: عدم جدية الحكومة في تنفيذ المقترح المطروح منذ سنوات الداعي إلى إنشاء جامعة حكومية أخرى إلى جانب جامعة الكويت التي مضى أكثر من 45 عاماً على تأسيسها.
رابعاً: عدم كفاءة الجامعات الخاصة وطغيان الجانب الربحي التجاري عليها، والآثار السلبية الناجمة التي تسبب فيها تطبيق المادة السادسة من القانون رقم 34 لسنة 2000 بإنشاء الجامعات الخاصة التي فرضت نظام الفصل بين الطلاب والطالبات، بالإضافة إلى قصور نظام البعثات الداخلية إلى الجامعات الخاصة حيث لا يزيد عدد مقاعد هذه البعثات في الفصل الدراسي الأول لهذه السنة عن 1910 مقاعد فقط.
خامساً: محدودية الميزانية المخصصة للبعثات الجامعية الخارجية قياساً بالاحتياجات الفعلية للبعثات وضخامة الميزانية العامة للدولة.
والمؤسف أنّ هناك تقصيراً من الحركة الطلابية ممثلة بالاتحاد الوطني لطلبة الكويت في التحرك من أجل إيجاد حلول ومعالجات لمشكلة عدم القبول في الجامعة وذلك بسبب الارتباطات السياسية والحزبية لقيادة الاتحاد ورفضها الانتقاد الموضوعي لسلبيات قانون فرض نظام التعليم المنفصل، وكذلك هو أيضاً الموقف المنافق لأسباب انتخابية للعديد من أعضاء مجلس الأمة الذين يحاولون تجاهل سلبيات هذا القانون المتخلّف ودوره في تفاقم المشكلة.
ويرى "التيار التقدمي الكويتي" أنّ حلّ مشكلة عدم قبول الطلبة المتقدمين للالتحاق بالجامعة يتطلب الإسراع في معالجة سلبيات القانون رقم 24 لسنة 1996 في شأن التعليم العالي والقانون رقم 34 لسنة 2000 اللذين فرضا نظام التعليم المنفصل بين الجنسين كأسلوب وحيد للدراسة الجامعية، وذلك بتعديل هذين القانونين بحيث يصبح هناك خياران متاحان في جامعة الكويت والجامعات الخاصة يضمنان حرية الاختيار ويعالجان المشكلة، أحدهما خيار التعليم المشترك والآخر خيار التعليم المنفصل للإناث بإنشاء كليات بنات جامعية للطالبات الراغبات بالتعليم الجامعي المنفصل وذلك إلى جانب الكليات الجامعية المشتركة مثلما هي الحال في معظم بلدان العالم، بما فيها غالبية البلدان العربية والإسلامية، بالإضافة إلى اتخاذ خطوات جدّيّة لزيادة الطاقة الاستيعابية لجامعة الكويت، وانجاز مشروع إنشاء المدينة الجامعية في الشدادية، وإنشاء جامعة حكومية أو أكثر إلى جانب جامعة الكويت مع فتح فروع لها في محافظات البلاد، وزيادة مخصصات ميزانية البعثات الخارجية.
"التيار التقدمي الكويتي"
الكويت في 23 يوليو 2011

بيان نقابة العاملين في شركة صناعة الكيماويات البترولية حول مماطلة مؤسسة البترول في إقرار الزيادة على الأجور
بيــان عمالــيبشأن الزيادة العامة على رواتب العاملين
الاخوة والاخوات العمال ...يتوجه لكم مجلس ادارة النقابة ليطلعكم على ما يدور على الساحة العمالية حول تحقيق الزيادة المستحقة للعاملين في القطاع النفطي وما صاحب تلك الزيادة من مراجعات ومماطلات متعمدة تهدف الى تهميش قطاعنا النفطي الحيوي بعد ان كان دائما في المقدمة ، حيث اصبح قطاعنا في مؤخرة القطاعات محليا واقليميا ، وبالتالي فان الزيادة التي طالبنا بها وتم التوصل اليها بين ممثلي العمال من جهة ومؤسسة البترول الكويتية من جهة اخرى ما هي الا تلبية لحق من حقوقكم المهضومة ، مما دفع مؤسسة البترول الكويتية ان تعترف بذلك وتقر جداول الزيادات المتفق عليها بعد دراسات مستفيضة شاملة ، وبعد ما تبين للجميع بأن اجور العاملين الكويتيين هي الاقل بالمقارنة مع نظرائهم في دول الخليج .الاخوة الكرام ...بعد طول الانتظار والمفاوضات الطويلة المضنية والاتفاق على الزيادة جاءتنا اللجنة المنبثقة من المجلس الاعلى للبترول بتوصية غريبة تفرض سياسة أمر واقع تنتقص من حقوق عمالنا ولا تتساوى مع جزء يسير من جهودهم المبذولة لدفع عجلة الانتاج والتنمية بقطاعنا النفطي.وبعد مقابلة وزير النفط اتضح لنا وبما لا يدع مجالا للشك بأنه لا توجد لديه أو لدى مؤسسة البترول أي حلول مرجوة ، وبعد الرؤية الضبابية وعدم الوضوح الى جانب التصريحات المتناقضة والتخديرية التي تزيد الامور تعقيدا وتبعدها عن الحقيقة التي تلبي وترسخ احقيتنا بطرحنا ومطالبنا ومن باب الامانة الموكولة الينا من عمالنا ، فانه اصبح لزاما علينا أن نوضح للجميع بأننا سلكنا جميع المراحل التفاوضية لتلبية حقوق عمالنا دون ان نجد آذانا صاغية وقد استنفذنا كافة الوسائل المتاحة ، داعين جموع عمالنا للاستعداد والتهيؤ الى خيار الاضراب بعد التنسيق مع الاتحاد والنقابات النفطية الزميلة .وفي الختام فاننا نهيب بكم الوقوف صفا واحد متلاحمين لانتزاع حقوقكم ، مثمنين لكم وقفاتكم الشــجاعة التي تجعلنا نفخر بكم ، قائليــن( على قدر أهل العزم تأتي العزائم ) .والله ولي التوفيق ،،،
مجلس ادارة النقابة

الجمعيات السياسية للتيار الديمقراطي في البحرين تبدي تحفظاتها على مسار الحوار الوطني
أصدرت الجمعيات السياسية الثلاث المكونة للتيار الديمقراطي في مملكة البحرين، و هي "وعد" و"المنبر التقدمي" و"التجمع القومي"، بيانا أوضحت فيه تحفظاتها على مسار جلسات الحوار الوطني، وجاء في البيان:
تود الجمعيات السياسية الثلاث "وعد" و"المنبر التقدمي" و "التجمع القومي" أن تؤكد أن مشاركتها في الحوار الوطني أتت كاستجابة لدعوة جلالة الملك حفظه الله، وإيمانا منها بحق كافة مكونات المجتمع في المشاركة في رسم معالم مستقبل البلاد السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وعلى الرغم من أن جمعياتنا كانت قد أبدت تحفظها على آليات الحوار في خطابات رسمية أرسلتها لرئيس الحوار الوطني السيد خليفة الظهراني، وأبدت فيها مخاوفها من أن هذه الآليات لن تسمح بإجراء حوار جدي بين المكونات الرئيسية للمجتمع، وبالذات في المحور السياسي
المنامة 18 يوليو 2011
الذي تمثل محاوره الفرعية جوهر مطالب الجمعيات السياسية منذ أنطلاقة المشروع الإصلاحي عام 2002، فان جمعياتنا إرتأت المشاركة في الحوار بنية صادقة وجدية لإنجاحه, وقدمت مرئياتها مكتوبة ومتكاملة حول المطالب الرئيسية التي تدعو لتحقيقها، وفي المقدمة منها مجلس منتخب كامل الصلاحيات وحكومة تمثل الإرادة الشعبية ودوائر انتخابية عادلة. وجاءت مجريات الحوار وما تمخض عنه من نتائج لغاية يوم أمس الأحد 17 يوليو 2011 لتؤكد المخاوف التي أبدتها الجمعيات الثلاث والقوى السياسية المعارضة، حيث تم رفض كافة المطالب السياسية المشروعة للجمعيات المعارضة تحت حجة عدم التوافق عليها مثل حق تأسيس الأحزاب السياسية وقيام المجلس المنتخب بمنح الثقة لبرنامج الحكومة، وأن تكون لهذا المجلس الكلمة العليا والحاسمة في التشريع، والانتخاب غير المباشر لقسم من مجلس الشورى من مؤسسات المجتمع المدني ووضع كوتا نسائية في البرلمان. وإزاء هذه النتائج، تود الجمعيات الثلاث التأكيد على الحقائق التالية: أولا: أن تركيبة الأعضاء المشاركين في الحوار الوطني، مع كامل الإحترام لأشخاصهم والجمعيات أو الجهات التي يمثلونها، لا يمثلون الشعب بأسره، وبالتالي فأن الجمعيات الثلاث ترفض الموافقة على مبدأ أن النتائج التي تم التوافق عليها أو تلك التي لم يتم التوافق عليها في الحوار الوطني تمثل رغبة الشعب وبالتالي البناء عليها وحدها في تقرير مصير تطور المشروع لإصلاحي أو اتخاذها كذريعة لإلغاء مطالب سياسية جوهرية. ثانيا: مع التسليم بأن منظمي الحوار يكررون القول بأن جميع التوصيات التي تم التوافق عليها أو التي لم يتم التوافق عليها سوف ترفع لجلالة الملك، فأن هذا لا يعطي أية ضمانات حقيقية وجوهرية بأن التوصيات التي لم يتم التوافق عليها سوف تؤخذ بالاعتبار خصوصا إذا تم تطبيق المبدأ الذي ذكرناه في البند الأول. ثالثا: أن المطالب السياسية التي تقدمت بها الجمعيات الثلاث تمثل جوهر المطالبات السياسية لقوى المعارضة منذ إنطلاق المشروع الإصلاحي والخلاف الذي جرى على تفسير ميثاق العمل الوطني فيما يخص صلاحيات المجلسين المنتخب والمعين, وقد ثبت عبر تلك السنوات أن هذه المطالب تقف وراءها جماهير عريضة وواسعة نادت بها أثناء الحركة المطلبية التي إندلعت في فبراير الماضي، وهي لا تزال تتمسك بها، وبالتالي سيتعذر القبول بنتائج الحوار دون التوافق عليها. رابعا: أن الجمعيات الثلاث، تنطلق في تمسكها بمطالبها السياسية المشروعة من حاجة حقيقية وضرورية لبلادنا لمواصلة مسيرة الإصلاح السياسي، فهذه المطالب ليست شكلية ولا تمثل ترفاً، بحيث يمكن أخضاعها للمحاصصة الطائفية، حيث أن كل الأحداث التي تجري حولنا تؤكد أن الديمقراطية الحقيقية والحياة الكريمة باتت قاسماً مشتركاً لانتفاضات الجماهير العربية، وشعب البحرين، بما يملكه من تاريخ وطني عريق، لا يمكن استثناءه من هذه المسيرة. خامسا: تؤكد الجمعيات الثلاث على الحاجة لمواصلة توفير أجواء سياسية واجتماعية أفضل في البلاد تعيد اللحمة للوحدة الوطنية، وتقضي على مصادر التوتر والانفلات الأمني من خلال اطلاق سراح المعتقلين، وإعادة كافة المفصولين لأعمالهم حسب توجيهات جلالة الملك، ووقف الانتهاكات الأمنية لحقوق الإنسان والتصعيد الإعلامي الطائفي المقيت. جمعية المنبر الديمقراطي التقدميجمعية العمل الوطني الديمقراطيجمعية التحمع القومي الديمقراطي

توصيات صندوق النقد الدولي للحكومة باستحداث ضريبة على مشتريات المستهلكين وتخفيض الدعم الحكومي
أصدر صندوق النقد الدولي الملاحظات الختامية لمجلس إدارته على التقرير الاستشاري حول الكويت، ومن بين أهم ما جاء في التقرير من توصيات توصية تدعو إلى "أن تُعطى الأولوية للإصلاح الضريبي، بما فيه إدخال ضريبة القيمة المضافة ونظام شامل لضريبة الدخل، وكذلك استهداف الدعم الحكومي والامتيازات الاجتماعية، وأيضا إعادة توزيع الإنفاق العام وتوجيهه نحو الاستثمارات. ومن المفترض أن تقوّي القواعد المالية أيضا الإدارة المالية للبلاد".
وهنا يجب أن نفرّق بين التوصية الملغومة باستحداث ضريبة القيمة المضافة على المشتريات التي من شأنها تحميل الفئات الشعبية من المستهلكين أعباء ضريبية، وبين ضرورة استحداث الضريبة التصاعدية على الدخول الكبيرة على البنوك والشركات والأغنياء التي هي الضريبة الأعدل اجتماعياً... كما يجب الحذر من الدعوة المريبة لاستنهدف الدعم الحكومي وما أسماه تقرير صندوق النقد الدولي بـ "الامتيازات الاجتماعية"، إذ يجب عدم المساس بالدعم الحكومي الموجّه إلى الفئات الشعبية فيما يتصل بالمواد الغذائية وأسعار الكهرباء والماء، كما يفترض عدم المساس بالمكتسبات الاجتماعية للمواطنين، التي يسميها الصندوق "امتيازات".
إنّ تقليص الإنفاق الحكومي يمكن أن يتم عبر تقليص مشتريات السلاح غير المبررة، ويمكن أن يتم عن طريق مكافحة الفساد وضبط العقود التنفيعية وعدم المبالغة في تسعير المناقصات واعتمادات المشتريات الحكومية.

المطالب والقضايا التي يتبناها التيار التقدمي الكويتي من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية
هذه هي أبرز المطالب والقضايا الاقتصادية الاجتماعية التي يتبناها "التيار التقدمي الكويتي" لصالح أوسع الفئات الشعبية وتلبية احتياجاتها الحيوية:
1- تقوية شبكة الأمان الاجتماعي والرعاية الاجتماعية وتوسيع نطاقها لصالح الفئات الشعبية متدنية الدخول والقطاعات المهمشة، وأن تشمل الضمان الاجتماعي ضد البطالة والتعطّل عن العمل، ووضع سياسة أسعار تقوم على أساس المراقبة الصارمة على أسعار السلع، وتقوية أجهزة الدولة ومنظمات المجتمع المدني المعنية بحماية المستهلك من رفع الأسعار والغش التجاري، ومنحها صلاحيات الرقابة الفعالة والضبط القضائي. وتوسيع قائمة السلع المدعومة والمشمولة بالبطاقة التموينية بالنسبة للمواطنين أصحاب الدخول المتدنية، واعتماد سلم متحرك للرواتب والأجور بربطها بارتفاع تكاليف المعيشة (مؤشر أسعار المستهلك)، ودعم دور الجمعيات التعاونية، وعدم فرض ضرائب غير مباشرة على المستهلكين.
2- توسيع نطاق المساحات المتاحة للسكن من الأراضي المملوكة للدولة بهدف توفير المزيد من الأراضي وخفض أسعارها، وفرض ضريبة عقارية على الملكيات الكبيرة والأراضي الفضاء غير المستغلة، والحد من المضاربات العقارية، و تحسين خدمة الرعاية السكنية وتنوعها من حيث التصاميم والمساحة وقروض التأثيث الميسرة، وسن قانون إيجارات عادل يراعي مصالح جمهور المستأجرين من السكان وأصحاب المحلات ويأخذ بعين الاعتبار مصالح صغار الملاك.
3- توسيع نطاق الخدمات العامة وتحسين مستواها ونشرها على قدم المساواة في جميع المناطق، وبالأخص الخدمات الصحية والتعليمية، بتوفير الخدمات النوعية كالخدمات العلاجية المتخصصة وزيادة أَسرّة المستشفيات، وفتح فروع للمعاهد الخاصة والتطبيقية في المحافظات، وزيادة عدد الحدائق العامة وتوفير الخدمات الترفيهية والمرافق الرياضية المناسبة للأطفال والشباب والأسر والمسنين.
4- عدم المساس بالحقوق الاجتماعية المكتسبة، وإعادة النظر في الوجهة وحيدة الجانب لسياسة ترشيد الإنفاق بحيث لا تمس بنود الإنفاق الاجتماعي الضرورية.
5- تعديل قوانين العمل واستكمال نواقصها، من خلال توحيدها وتضمينها حقوقاً أوسع للعمال وشروطاً أفضل لعملهم.
6- احترام الحقوق والحريات النقابية، وضمان حق الإضراب عن العمل، وتكوين النقابات الجديدة على أساس الاكتفاء بالتسجيل عن طريق إيداع وثائق التأسيس، والإقرار بحق التفرغ النقابي وحرية نشاط النقابيين في مرافق العمل.

المطالب والاقتراحات التي يراها التيار التقدمي الكويتي لتطوير الحدّ الأدنى من الديمقراطية في بلادنا
هذه أهم المطالب والاقتراحات التي يراها التيار التقدمي الكويتي أساساً ومنطلقاً لتطوير الحدّ الأدنى من الديمقراطية في بلادنا:
1- عدم المساس بالضمانات الديمقراطية الأساسية الواردة في دستور 1962، بوصفه دستور الحد الأدنى، ووضعها موضع التطبيق نصاً وروحاً، وتعزيزها وتوسيعها، وصولاً إلى دستور ديمقراطي برلماني.
2- احترام الحريات الشخصية وإطلاق الحريات والحقوق الديمقراطية الأساسية: حرية المعتقد؛ وحرية الرأي؛ وحرية التعبير؛ وحرية النشر؛ وحرية الاجتماع؛ والحق في التظاهر السلمي والإضراب عن العمل؛ وحرية النشاط النقابي والاجتماعي؛ وحرية التنظيم السياسي والحزبي، وإجراء إصلاح تشريعي شامل يلغي القوانين والإجراءات المقيدة للحريات والحقوق الديمقراطية ويهدف إلى سنّ قوانين تفسح المجال أمام المواطنين لممارسة حرياتهم وحقوقهم الديمقراطية.
3- تأكيد مبادئ الفصل بين السلطات، والتعددية السياسية والحزبية، وتداول السلطة ديمقراطياً، وسيادة القانون، واستقلال القضاء، واحترام حقوق الدفاع، والحظر المطلق والتجريم المشدد لأي إكراه أو تعذيب لانتزاع الاعترافات من المحتجزين والمتهمين.
4- إشهار الأحزاب السياسية.
5- ضمان حق الأفراد في الاحتكام مباشرة أمام المحكمة الدستورية، وإزالة القيود المفروضة على حق التقاضي أمام المحكمة الإدارية في قضايا الجنسية والإقامة والصحف ودور العبادة، وإلغاء نظام الادعاء المختص بالتحقيق والادعاء في قضايا الجنح باعتباره جهازاً أمنياً، وتوسيع صلاحيات النيابة العامة كجهاز قضائي لتشمل الجنح والجنايات.
6- توسيع القاعدة الانتخابية بتخفيض سن الناخب إلى 18 عاماً، وإلغاء وقف حقّ العسكريين في الانتخاب.
7- الحد من الوصاية الحكومية المفروضة على مؤسسات المجتمع المدني، وتعديل القوانين المخلة بمبدأ استقلاليتها.
8- تأمين حق التعبير في وسائل الإعلام العامة (التلفزيون والإذاعة) لسائر تيارات الرأي العام.
9- انتخاب كامل أعضاء المجالس البلدية، وانتخاب مجالس المحافظات والمحافظين والمختارين.
10- انطلاقاً من كون قضية حقوق الإنسان ليست شأناً داخلياً وإنما هي قضية تهم المجتمع البشري، فلابد من المصادقة على المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تضمن حقوق الإنسان، والتعامل معها كجزء من القانون الوطني، والالتزام بتطبيق هذه المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات وتقديم تقارير منتظمة عن مدى تنفيذها.
11- إلغاء الأجهزة الأمنية القمعية، وتحديداً الإدارة العامة لأمن الدولة، وتجريم التجسس السياسي على المعارضين وملاحقتهم، والاستدعاء غير القانوني لهم واستخدام أساليب التهديد والتعذيب أثناء التحقيق.
وقال ان الحديث عن الإصلاح الدستوري انما يعني ذلك تنقيح الدستور بالاتجاه الديموقراطي الذي يؤدي إلى استكمال الطابع البرلماني لنظام الحكم، مبينا أن تنقيح الدستور له عدة شروط ومتطلبات ليست بالسهلة.
وأشار الديين في ندوة «نحو الإصلاح الدستوري» التي نظمها التيار التقدمي الكويتي مساء الأربعاء 6 يوليو 2011 إلى ان الدستور فرض حظرا زمنيا على عملية التنقيح تمثل في السنوات الخمس الأولى من العمل به وذلك بهدف ضمان الاستقرار.
وقال ان المواد المتعلقة بالحريات لا يمكن تعديلها إلا نحو مزيد من ضمانات الحرية والمساواة، مشيرا إلى ان الدستور تعرض إلى محاولات تنقيح مختلفة منذ سنة 67 وحتى الآن من خلال قيام الحكومة بمحاولة تفسير بعض النصوص الدستورية عن طريق المحكمة الدستورية.
وأشار إلى ان هناك ثمانية طلبات تقدم بها بعض النواب الإسلاميين نحو تعديل المادة الثانية من الدستور، مبينا ان احد هذه الطلبات رد عليه الأمير الأسبق الشيخ صباح السالم في مذكرة يبرر بها سبب رفضه لاقتراح التنقيح أما الطلبات الأخرى فلم يرد عليها.
ولفت إلى ان لجنة النظر في تنقيح الدستور التي أنشأتها الحكومة في الثمانينيات رفضت جميع الاقتراحات التي تقدمت بها الحكومة باستثناء مقترح وحيد يتعلق بزيادة عدد أعضاء مجلس الأمة من خمسين إلى ستين عضوا، مضيفا عندما رأت الحكومة ذلك سعت إلى تفتيت النظام الانتخابي على أمل ان يقبل المجلس القادم بمشروع الحكومة في تنقيح الدستور.
وبين أن المجلس الذي انتخب في ظل الدوائر الـ25 اقر تنقيح الدستور من حيث المبدأ، مضيفا: الا ان تحرك القوى الوطنية والشعبية الذي بين أن عملية التنقيح من شأنها تقليص صلاحيات السلطة التشريعية أربك خطة الحكومة ودفعها الى سحب واسترداد طرح فكرة التنقيح.
وأشار الى ان الدستور الحالي هو دستور الحد الأدنى ولا يمكن ان يكون في وضعه الحالي دستورا ديموقراطيا متكاملا، مبينا أن الدستور لا يفسح المجال إلى طرح الثقة بالحكومة كاملة ويعطي للوزراء غير المنتخبين دورا في التصويت وكذلك لم يقر بوجود الأحزاب السياسية ويضع ضمانات مبالغ فيها على موضوع طرح الثقة برئيس مجلس الوزراء، الأمر الذي يبين أن ميزان القوى كان مختلا وليس بصالح الاتجاه الديموقراطي.
وقال بعد التجمع الشعبي الحاشد في ساحة الصفاة في الرابع من يناير الماضي: لم يعد بإمكان السلطة في ظل حالة التوازن التي تشكلت ان تبادر مرة أخرى الى الهجوم على الدستور لا بالتلويح والحل غير الدستوري ولا حتى بالعودة إلى المقترحات التي طرحت عبر النائب على الراشد.
وأشار الى ان الانتفاضات الشعبية العربية والتحولات الجارية في الوطن العربي خلقت واقعا جديدا في العالم العربي وبالتالي ينعكس علينا نحن في الكويت، مؤكدا أنه من الصعب ان تذهب السلطة الى تنقيح الدستور في الاتجاه السلبي الذي يقلل ويقلص الحريات وسلطة الشعب.
وقال ان ميزان القوى الحالي في حالة من التوازن بحيث لا القوى الشعبية والوطنية قادرة على ان تتجه نحو الإصلاح الديموقراطي ولا السلطة قادرة على ان تعيدنا إلى الوراء، مبينا ان حالة التوازن لا يمكن ان تستمر طويلا بهذا الاتجاه ولابد من ان تحسم بطريقة او بأخرى.
وأكد ان تنقيح الدستور بالاتجاه الايجابي وتبني هذه الفكرة وبلورتها أصبح امرا مستحقا بحيث يؤدي الى مزيد من الحريات ويؤدي إلى الانتقال للنظام البرلماني في إطار إمارة دستورية، مشيرا الى أهمية تنقيح المادة 43 وعودتها الى الأصل بحيث تكون هناك حرية في تكوين الأحزاب وكذلك المادة 80 في الفقرة الثانية والتي تعتبر الوزراء غير المنتخبين في مجلس الأمة اعضاء به بالإضافة الى تعديل المادة 98 بحيث تتقدم كل وزارة فور تشكيلها بتقديم برنامجها الى مجلس الأمة ليصوت المجلس على أعطائها الثقة لتستمر او حجبها عنها ومنعها من الاستمرار.
وقال ان مضي 49 عاما على وضع الدستور يجعل الأوان حان إلى إيجاد إمارة دستورية بمعنى الكلمة التي نحترمها جميعا وتؤكد أن الامارة في ذرية مبارك الصباح، مضيفا: وآن الأوان لنقول «منكم الأمراء يا آل الصباح ومنـا الوزراء».
نقلاً عن جريدة "الانباء" عدد الجمعة 8 يوليو 2011

مقال بقلم الدكتور أحمد الخطيب عن فشل سياسة السيف والمنسف في ايجاد الحلول
هذه المقالة كتبها الزعيم الوطني الدكتور أحمد الخطيب ونشرتها مجلة "الطليعة" في عددها الأخير الصادر يوم الأربعاء 6يوليو 2011:
عندما عمت ثورة الربيع العربي المنطقة، ووصلت رياحها الى البحرين، أدرك ملك البحرين جدية الانتفاضة الجماهيرية العربية، التي قادها الشباب في العالم، وبما عرف عنه من رغبة في تطوير الوضع السياسي، أبدى استعداده للاستماع الى التحرك الشعبي السلمي الذي بدأ في بلاده. وكان واضحاً أهمية الدور الكويتي في هذا المجال، ودور الأمير في حل النزاع الذي حصل بين عمان والامارات، كما أن الحركة الشعبية في البحرين تثمن التجربة الكويتية، فلبت الكويت الدعوة والمساعدة في الحوار، وبرغبة من الطرفين جاء الوفد البحريني الشعبي الى الكويت.
إلا أن هناك أطرافا سياسية في البحرين لا تؤمن بالحوار وتعتقد بأنها قادرة على مواجهة كل تحرك للإصلاح بالقوة.
دور قوى الردة هذه انتعش بعد أن تم طرح شعارات دخيلة على التحرك السلمي، مطالبة بتغيير النظام واستبداله بجمهورية اسلامية، مما أشعل حرباً طائفية مقيتة في المنطقة. وهكذا تم الاستنجاد بقوات سعودية للرد على ذلك الطرح بالقمع. والعارف بالأمور في السعودية يعرف مدى التخوف من المؤسسة الدينية وبعض الأطراف في السلطة التي لا تعرف الا لغة «السيف والمنسف» أي صيغة الغزو الجاهلي بكل تفاصيله الوحشية، غير مدركة أن فتنة طائفية في المنطقة سوف تؤدي الى دمار الجميع حتى دول الجوار ولن يكون فيها أي منتصر.
وحده الأمير طلال بن عبدالعزيز حذر وشخص وأعطى الحل عندما قال ما معناه: إن التآمر والتدخل الأجنبي لا يمكن أن ينجحا إلا في وجود خلل داخلي، فالشيعة بالمملكة هم مواطنون عليهم واجبات يقدمونها ولهم حقوق يجب ان يحصلوا عليها حتى نحمي المجتمع من فتنة طائفية أو تدخل أجنبي..
ومع الأسف الشديد، فإن الكلمة المسموعة في الصراع الطائفي تكون للمتطرفين والقيادة لهم، فوجد المتطرفون من الطائفتين الفرصة لتزعم الصراع الطائفي المدمر.
وهكذا وجد الوفد البحريني الذي كان قد وصل الكويت لبدء الحوار من يعلن في البحرين أنه لا حوار الآن.. وبعدها لم نسمع للملك صوتاً!
وقد تعرضت الكويت لحملات ظالمة بسبب موقفها الرافض للمواجهة والداعي الى الحوار. واتهمتها أطراف رسمية بالتآمر، وعمدت الى تخوينها، واهتز الوضع الداخلي، الذي شهد شحناً طائفياً لم تعرفه الكويت في تاريخها كله.
وأصبح الصراع إقليميا وإذا بنا نصبح كاليتيم على مائدة اللئام.
ان ثورة الشباب العربي وقدرتها على اسقاط أنظمة عريقة في الاستبداد وتصديها البطولي لأنظمة أخرى أربك العالم ، وأدرك الجميع أنه لا مجال لتجاهلها وهي تقدم الضحايا كل يوم ويزيد عنفوانها يوما بعد يوم، لا بل انها أخذت تلهم شباب العالم كله على التحرك، وتخلف واقعاً جديداً لا مفر منه ، أبرز ملامحه أن مواجهة هذا التحرك بالعنف لا يجدي، بل يؤدي الى رفع سقف المطالبة بالتغيير.
هكذا أفلس أصحاب نظرية «السيف والمنسف»، وتم استئناف الحوار في البحرين وانسحاب القوات السعودية والأخرى التي دخلت استحياء، واصبح رئيس الوزراء الكويتي مرحباً به في مجلس التعاون الخليجي.
وما نأمله الآن أن يكون واضحا في طرحه للخيارات التي من شأنها أن تؤدي إلى الاستقرار في المنطقة، لاسيما أهمية المشاركة في اتخاذ القرارات واحترام حرية المواطن وكرامته واعتباره شريكاً أساسياً في الحكم لا تابعا للحكام.
لقد أشدنا بالمبادرة منذ البداية، وسخر منا وانتقدنا آخرون، الا أن الأيام برهنت أننا كنا على صواب، وأننا لم ولن نفقد بوصلتنا الأساسية في العمل على تحقيق طموحات شعبنا في العزة والكرامة والمستقبل الزاهر المستقل. ولعل هذا النجاح للحكومة في هذا المجال يكون حافزاً لها على العمل الجدي في إصلاح ما يعانيه المجتمع الكويتي من تردي الأوضاع في كل المجالات من دون استثناء، فالكويت تستحق الكثير من الاهتمام والعناية والمراجعة الشاملة لوقف هذا التدهور المخيف، ولاستعادة الريادة في كل المجالات.

حوار مع القيادي الشبابي التقدمي أنور جمعة عضو المنبر الديمقراطي الكويتي
الطليعة في حوارات شبابية حول الأوضاع المحلية والعربية أنور جمعة: الثورات الحالية إنسانية عالمية غير مرتبطة بزمان ولا مكان
كتب مصطفى البيلي:
أنور جمعة، شاب تحمل تقاسيم وجهه هموم وطن وأوجاع جيل ينتمي اليه، يرى ان الانظمة العربية التي سقطت لم تكن سوى صرح من خيال، وما المعتقدات التي رسمها إعلامها الموجه لشعوبها على أنها أنظمة اسمنتية تكسر كل من يقترب منها سوى أوهام تبخرت وهوت على وقع خطوات وتحركات مشروعة لشباب لا يملكون في جعبتهم سوى حبهم لوطنهم واحلامهم بل حقوقهم التي تمنوا الحصول عليها.
يجاهر بانتمائه لحزب المدافعين عن الحرية والعدالة والانسانية في اي مكان كان، ويفتخر بأنه اكتسب تلك الصفات على يد من أسماهم بعباقرة الكويت: د. احمد الخطيب، المرحوم سامي المنيس، وعبدالله النيباري، ويرى ان الشعوب العربية التي حررت مؤخرا من قبضة جلاديها ستغزل من ورق التوت حريرا يشعرها بدفء ما حققوه من انتصار غير شكل العالم وجعل الشباب العربي يتصدر المشهد، بل ويغير قوانين الأنظمة التي استهانت به وبقدراته واتهمته بالخمول والاستكانة وسطحية التفكيرعلى مدى عقود عدة.
وهنا نص الحوار:
● بداية هل ترى أن الثورات الشبابية أحدثت تغييرات نوعية في التركيبة السياسية وما تأثيرها على المشهد العربي مستقبلياً؟
- أعتقد ان كل التأثيرات التي تمخضت عن تلك الاحتجاجات والثورات الشعبية كانت ايجابية، وبصرف النظر عما اذا كانت تلك الحركات نجحت في تغيير الانظمة ام لا، لكنها تركت اثرا ايجابيا كبيرا في تلك الدول، اولها ارتفاع سقف الحريات – كما شاهدنا في المغرب والاردن – فالبلاد التي استطاعت تغيير انظمتها تغيرت ملامح التركيبة السياسية فيها بشكل كبير، واصبح تقييد الحريات وتضييق الخناق على انشاء الاحزاب ومن ثم الممارسة الحزبية وتكميم الأفواه واحتكار الوسائل الاعلامية شيئا من الماضي، حتى الدول التي لم تستطع تغيير انظمتها فقد حدثت فيها تحولات جوهرية ومكتسبات طالما نادى بها المواطنون منذ أمد، واتسعت فيها مساحة النقد بشكل كبير، واصبحت تلك الانظمة تسعى الى الشعب بل وتتمنى ان يجلس ممثلوه معها على دائرة الحوار للوصول إلى صيغ توافقية يستطيع من خلالها أن يتجاوز كبواته وازماته المتلاحقة امام شعبه و المجتمع الدولي.
أنماط سلبية
● هل يعني ذلك ان مظاهر جنون العظمة والغباء السياسي والانقلابات العسكرية والمراوغة والعقول الفاسدة التي كانت تتسم بها بعض الانظمة العربية ستنتهي بشكل كامل ولن يراها المواطن العربي مرة ثانية في ظل قوانين اللعبة الجديدة التي تنظمها حقبة الربيع العربي؟
- اعتقد ان الارضية السلبية التي تركتها تلك الانظمة المستبدة والمتخلفة بكامل خلفيتها القاتمة على مدى عقود عدة ستحول دون اقتلاع ارثها سواء ما يتعلق منها بالنواحي السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية بسهولة، وسيكون من الصعوبة محو ذلك الارث، وسيحتاج الى وقت طويل للقضاء عليه بشكل نهائي ، فالامراض التي خلفتها الانظمة الفاسدة ستحتاج الى وقت طويل، فعلى سبيل المثال النظام الاستهلاكي لبعض الشعوب العربية والذي اصبح نمطا يوميا في حياتهم سيكون من الصعب ازالته بسهولة من عقلية المواطن العربي، كذلك امراض الطائفية والعنصرية والقبلية وغيرها من الامراض النفسية والاجتماعية التي زرعتها تلك الانظمة في حقول ملأتها بالكراهية والعداوة لكي تحافظ على استمرارها ومصالحها، لذلك اعتقد ان الانماط السلبية الموروثة ستظل لفترة حتى بعد رحيل من صنعها.
● ومن القادر على ازالة تلك الانماط السلبية؟
- اعتقد ان النخب السياسية والاحزاب والحركات الواعية الوطنية هي القادرة ومعها منظمات المجتمع المدني والتنظيمات الاخرى الشرعية بالاضافة الى الشباب المنخرطين في العمل التنظيمي، جميعهم مطالبون برسم خريطة طريق لاجتثاث تلك الامراض والقضاء عليها بشكل نهائي، وذلك من خلال البرامج وطرح الرؤى والحوار والاستماع للآخر لوضع الحلول.
● وما الأمور الاخرى المطلوبة من النخب؟
- أهم دور يقع على كاهل تلك النخب هو الحفاظ على تلك الحركات لكي لا تنزلق الى منحى غير انساني فضلا عن حتمية ان تعي اهمية تلك المرحلة وحساسيتها التاريخية، وتتجنب الدخول في اي صراع او اطروحات بصبغة دينية أو عنصرية او فئوية، وفي المقابل عليها ايضا ان تطرح الاجابات للاسئلة العديدة التي يرفعها المواطنون في تلك المراحل الانتقالية لملء الفراغات المتعددة، فالثورات بتراكماتها الكثيرة تركت اسئلة مفتوحة تحتاج الى صياغة إجابات بملامح مفهومة لرجل الشارع البسيط والقفز معه الى مرحلة طالما حلم بها منذ عقود.
ميثاق للحركات
● اذا أنت تدعو الى صياغة برنامج سياسي واجتماعي ليكون بمنزلة ميثاق للحركات الشبايبة التي تحركت في بعض الاوطان العربية.
- من يخرج للشارع فانه يخرج دائما لمطالب محددة والمرحلة التي تلي ذلك في حالة نجاح مطالب من خرج للشارع تقع على مسؤولية دور النخب من اجل صياغة مرحلة توافقية لحالة الفراغ التي تعقب رحيل الانظمة كما وضحنا من قبل، فالإطار الشرعي والمنهجي لمرحلة ما بعد تحقيق المطالب تتحمله النخب بشكل رئيسي.
● هل تتوقع ان يكون في جعبة الشباب العربي المزيد من المفاجآت الأخرى بعد نجاح ثوراتهم؟
- اعتقد ان هناك العديد من المفاجآت، والسبب هو وجود الظلم الذي يؤدي بدوره الى المزيد من المفاجآت.
● وهل يمكن أن تكون تلك المفاجآت هي ثورة على الثورة في حالة عدم تنفيذ المطالب؟
- لا اعتقد ذلك، فنجاح الثورة في مكان وآخر لا يعني ان تلك الشعوب اصبحت مدمنة للثورات، وأرى ان من يدعون إلى ذلك هم اشخاص يحطون من قدر الثورات، وهدفهم الاول تشويه الصورة الرائعة للثورة والثوار.
● وماذا عن المفاجآت الايجابية؟
- طبعا هناك مفاجات ايجابية حدثت وستحدث، فمن المستحيل ان يصل الشباب الى تلك المرحلة من النضوج ولا نتوقع منهم المفاجآت السارة، فالابداع الشبابي بالتأكيد سيخلف ابداعا آخر وبأشكال مختلفة.
● ما أهم الاسئلة التي طرحها الشباب من بداية اول تحرك شبابي وحتى الآن ومن المنوط به الاجابة عن تلك الاسئلة؟
- الشباب لم يطرحوا اسئلة ولكنهم طرحوا هموما واوجاعا ومطالب بعد نزولهم للشارع بصيغة احتجاجية راقية وذلك بعد ان وصلوا لمرحلة من الكبت والاحتقان.
● ومن المنوط بتنفيذ تلك المطالب؟
- بالتأكيد السلطة التنفيذية والأنظمة الحاكمة هما المسؤولان بشكل اول وأخير عن تنفيذ تلك المطالب طالما انها مطالب قابلة للتنفيذ.
● الشعر والأدب والطرب الأصيل حضرا وبقوة في كل تلك التحركات الشبابية، برأيك هل يعني ذلك عودة روح أدبية جديدة افتقدها تاريخنا الحديث؟
- تاريخيا الادب والشعر لهما دور اساسي في مثل تلك الحركات ولم نشهد ثورة من دون الاعتماد على إرث ثقافي أو ادبي، واعتقد ان اهم دور للمثقفين والطليعيين دائما هو استغلال ذلك الارث واسترجاع ماضينا القديم من الفنون والشعر والموسيقى وتوظيفه بطريقة تخدم اهداف المرحلة.
عدوى الاحتجاجات
● هل برأيك عدوى الاحتجاجات التي سرت في الكثير من الدول العربية سيكون لها استثناء في عدد من الدول؟
- ارفض تسميتها بالعدوى العربية، فهي حركة عالمية غير مرتبطة ببقعة جغرافية او شعب محدد، فالنظم، اما عادلة ومؤسسية وتعمل لمصلحة مواطنيها واما غير ذلك، فاينما وجد الظلم فالحركات الشبابية ستقوم بالقضاء على الاستبداد والظلم سواء كان ذلك في عالم عربي اوغيرعربي.
● كثر الحديث عن قمة عربية شبابية لكي يخط الشباب العربي بيديه ورقة عمل لمستقبل مقبل وفقا لرؤيته، اين دور الشباب الكويتي من تلك المبادرات؟
- تكملة لما سبق اقول انه من السطحية تعريب الثورات، فالثورات التي تحدث حاليا هي ثورات انسانية عالمية اممية غير مرتبطة بزمان او مكان، فنحن لسنا في حاجة لأن نضع تلك الثورات في قوالب عربية او خليجية لكي تنجح فما يطرحه الشباب من عفوية وتلقائية هو ما حقق النصر.
● وفقا لمفهومك لما يدور حاليا من أحداث ما المفاجآت التي حملتها الثورات والاحتجاجات الشبابية العربية حتى الان؟
- اهم تلك المفاجآت التي فاجأتنا كعرب وكعالم اجمع هو مدى هشاشة تلك الانظمة القمعية، فالانظمة التي خنع لها عدد من الشعوب لعقود عديدة كان يعتقد انها انظمة صلبة واسمنتية غير قابلة للكسر او المساس بها، ولكن وبعد اول اختبار، اتضح انها انظمة هشة ورقية غير قادرة على الصمود في وجه الشعوب أو اصحاب القضايا الحرة وسقطت قبل ان يتوقع اكثر المتفائلين ذلك.
● ومن المسؤول عن تلك الهالة الكبرى التي جعلتنا ننظر إلى تلك الانظمة بهذا الشكل وننظر الى بعض الحكام كأنصاف آلهة؟
الاعلام، فالاعلام الرسمي الموجه تم تجنيده لخدمة النظام ومن اجل تجميل صورته لاستمراره والتسويق له على انه الحق وما عداه هو الخطأ، وانا اشبه الاعلام الرسمي بما حدث في بغداد والتي كان النظام البائد فيها ينفي دخول القوات الاميركية في الوقت الذي كان الجنود الاميركان منتشرين في مواقعهم في العاصمة بغداد.
● اذا انت تعتقد ان الحرب برمتها يفوز بها من يتسلح اعلاميا اليس كذلك؟
- بلى جزء كبير من الحرب بين الانظمة والشعوب في الاصل تتحكم فيه النواحي الاعلامية، وقد نجح الشباب العربي والثوار في التحايل على امتلاك الانظمة للاعلام العادي وابتكروا وسائل اعلامية اخرى اقل تكلفة واكثر انتشارا وشعبية، فبسبب نجاح ما يسمى بالاعلام البديل والذي اتسم بحرارة التفاعل بين المرسل والمتلقي هجر الاغلبية العظمى من المواطنين الاعلام الحكومي الموجه، وانصرفوا عنه من اجل إعلام يفهم متطلباتهم وينقلها اليهم بكل شفافية ووضوح من دون تعقيد وبمصداقية عالية.
سمات مشتركة
● ما السمات المشتركة بين الشباب في العالم لا سيما بعد دخول دول كاليونان واسبانيا والصين وروسيا على سبيل المثال على خط المواجهات بين انظمتها السياسية؟
- اول تلك السمات المشتركة هو عدم وجود ارتباط اجتماعي يقيد هؤلاء الشباب في تحركاتهم وعدم التقيد يؤدي الى المرونة اكثر من الاشخاص الاكبر عمرا من فئة الشباب، والذين مقيدون بالعائلة والأعراف الاجتماعية الاخرى وعدم التقيد للشاب يجعله اكثر اصرارا على ما يخطط له كونه غير مرتبط بالنظام واجهزته سواء كان ذلك الارتباط هو وظيفة او علاقات مباشرة او غير مباشرة مع السلطة.
فآراء الشباب تتسم بالاستقلالية وحاجتهم للنظام بالمقارنة مع فئات اكبر عمرا منهم تكاد تكون معدومة، وكلها اسباب ادت الى عدم وجود ضغوط من السلطة على تلك الفئة لقبول مبدأ التفاوض الذي عرضته الأنظمة في مراحل عدة من اوقات الشد والجذب التي تخللت تلك الحركات، فالشباب باستقلاليته ودفاعه المستميت عن قضيته وعدم ارتباطه بمصالح مع السلطة رفض كل مبادرات التفاوض والتي ادت الى نجاح ثوراتهم في اسقاط تلك الانظمة فيما بعد.
إصرار ووضوح
● كلامك يوحي بأن قلة الخبرة بالادوات السياسية من قبل الشباب هو ما ادى الى نجاحها أليس كذلك؟
- بلى التكتيك والمناورة والتلون السياسي ولعبة المصالح والضغوط السياسية مصطلحات غير موجودة في قاموس الشباب، وعدم وجود تلك المصطلحات هو الذي ساهم في تحقيق ما كان يصبو اليه الشباب، فلو كان الشباب على اطلاع على قليل من علم التفاوض السياسي لقبل بأول مبادرة او تنازل حكومي، مما كان سيؤدي إلى فشل ثورتهم، على الرغم من أن بعض تلك المبادرات كانت جديرة بالتفكير فيها، فالشباب اكثر اصرارا ووضوحا من الساسة والمفاوضين.
● بانتهاء قضيتهم ونجاح مطلبهم الرئيسي في اسقاط تلك النظم، برأيك ما المرحلة المقبلة؟
- الانخراط في مؤسسات منظمة واحزاب سياسية ليعمل على انجاح ثورته بإدارة البلاد بأنظمة حديثة، فالامتحان الحقيقي هو ترجمة ذلك النجاج بالحفاظ على مكتسبات تلك الثورة بالادوات الحقيقية التي تحمي تلك المكتسبات وهي الانخراط في العمل المنظم القادر وحده على تحويل المكتسبات الى واقع ملموس يعود بالنفع على المواطن والبلاد.
● هل توافق على المقولة التي تؤكد ان درجة غليان الماء معلومة لدى الجميع ولكن درجة غليان الشعوب تبقى غامضة؟
- اعتقد ان وصول الشعب الى مرحلة الغليان سيؤدي الى ثوران الشعوب، وهذا ما حدث، فالثورة جاءت انعكاسا لما كان يعاني منه المواطن من ظلم واستبداد واضطهاد حتى وان كتم المواطن شعوره للحاكم ومن يراقبه في المؤسسات الامنية.
تصدر المشهد السياسي
● وبرأيك لماذا تصدر الشباب ذلك المشهد السياسي بعد تلك المرحلة من الغليان؟
- تاريخيا، كان يتصدر المشهد في الثورات النخب والعمال والعسكر الذين كانوا ينقضون على السلطة، وقد تصدر الشباب المشهد في هذه الحقبة بعد فساد تلك النخب وارتباطها بعلاقات مع الأنظمة التي باعت من اجلها كل شيء كان اوله الولاء، فالمرتبطون من النخب مع النظام زاد بشكل كبير في الكم والكيف، وفي المقابل زادت معاناة الشباب والذي ادمن بوضعه الاجتماعي مشاكله الاجتماعية بداية من بحثه عن فرصة عمل ومسكن وحقوق اخرى في غاية البساطة، فتصدر المشهد من قبل الشباب جاء بعفوية ومن دون تنسيق ولا نية للتراجع بعد فساد من كان يعول عليهم في الدفاع عنه.
● وهل من الممكن ان تتبدل الادوار مستقبليا مرة اخرى بحيث تتصدر النخب المشهد ويعود الشباب الى مواقعهم القديمة؟
- أعتقد في حالة نجاح الشباب في الانخراط في العمل التنظيمي الوطني سيكون من السهل جدا عليهم إعادة النخب مرة أخرى الى الطريق الصحيح.
الشباب الكويتي وعلاقاته بالخارج
● هل للشباب الكويتي علاقات بمجموعات شبابية اخرى في الوطن العربي؟
- نعم توجد علاقات، ونحن كأعضاء في المنبر الديمقراطي تربطنا علاقات بشباب في البحرين وفرنسا، وهناك علاقات شخصية لبعض الاشخاص والتنظيمات السياسية والاحزاب في مصر ودول أخرى عديدة، وعدم وجود تنظيمات حزبية منظمة هنا في الكويت يحول بيننا وبين الاتصال بالتنظيمات الحزبية الاخرى في دول العالم ومن ثم التواصل مع شباب تلك الدول.
● هل استطاع الشباب الكويتي صياغة مطالبه؟
- لا للأسف، فالشباب الكويتي اختلطت عنده المطالبات، فبعد خروجه بمطالبات محددة تم اختطافها من قبل تيارات سياسية موجودة على الساحة، فقد سمح الشباب لبعض التيارات السياسية والنواب في اختطاف تلك المطالب، وبدوره هذا الاختطاف شوه المطالب الشبابية الكويتية.
● ولكن يرى البعض ان المطالب غير مشروعة فكيف لشباب ان يخرج ويطالب بحل مجلس امة منتخب في الوقت الذي يطالب فيه شباب الدول الاخرى بمجالس نيابية مماثلة ؟
- كل دولة لها خصوصيات، فمجلس الامة ينظر إليه البعض حاليا بشكل او بآخر على انه مزور، او وصل إليه بعض النواب بطريقة غير شرعية سواء عن طريق الاننخابات الفرعية او الفرز العنصري او الطائفي او المال السياسي، او وجود أحكام قضائية تسقط العضوية ويرفض البعض تنفيذها.
● وماذا عن اتهامكم للحكومة بالتعامل مع ايران، أليس من حق الحكومة ان تتعامل معها او مع اي دولة اخرى؟
- هذا السؤال يوجه لمن يتدخل في السياسة الخارجية للدولة، او من قام برفع هذا الشعار، او من لديه حساسية في التعامل الحكومي مع اي من الدول، ونحن على استعداد ان نتناقش مع من يطلب منا ذلك بطرح وطني ومن دون اي مزايدة وذلك لعرض افكارنا وارائنا اذا كان لدى البعض حساسية في تعامل الحكومة مع ذلك الجانب.
● وماذا عن المطالبة برحيل سمو رئيس مجلس الوزراء؟
- مطلب الرحيل هو مطلب مستحق، فرحيل الشيخ ناصر المحمد سيساهم في حل جزء كبير من المشكلة، وانا شخصيا أؤيد وأصرعلى رحيله، ولكن المشكلة ككل سيتم حلها بحتمية وجود برنامج ومطالبات اخرى عامة كرئيس وزراء شعبي، وتكوين الأحزاب والقضاء على الفساد السياسي واقرار القوانين التي تحد منه، مع تحرير وزارات السيادة من الوزراء الشيوخ من داخل الاسرة.
● وماذا سيستفيد المواطن مما اطلقت عليه تحرير الوزارات السيادية من الوزراء الشيوخ؟
- لكي لا يصل بنا الامر الى ان تكون هناك حقيقة مسلم بها بأن تلك الوزارة سيكون على رأسها أحد ابناء الاسرة، سواء كان ذلك الوزير صالحا ام غير صالح ، الوزارة ملك عام للدولة ولا يجوز اقتصارها على فئة معينة من الشعب.
ننشر عرضاً للندوة التي أقامها التيار التقدمي الكويتي بمقره مساء الأربعاء 29 يونيو الماضي تحت عنوان "ولادة دستور الكويت" وتحدث فيها عضو التيار أحمد الديين:
شكّل دستور الكويت الصادر في العام 1962 ركيزة أساسية لجميع مناحي الحياة في الكويت، فقد نظم بدوره العلاقة بين السلطات الرئيسية سواء التشريعية أو التنفيذية أو القضائية، ووفر ضمن منهجيته الاطار العام للحقوق والواجبات، اضافة الى تأكيده على الطبيعة الديمقراطية لنظام الحكم كما وردت في المادة السادسة منه، وهي المادة التي تدور حولها كل تفاصيل المجتمع الكويتي وواقعه.
هذه الامور وغيرها كانت المحور الرئيسي للقاء الأسبوعي الذي اعتاد التيار التقدمي الكويتي على تنظيمه أسبوعياً للحديث حول مختلف القضايا التي تشغل الساحة الكويتية أو متابعات لما يحدث من تطورات على الساحة الاقليمية والعربية والدولية.الكاتب الصحفي أحمد الديين تحدث عن ولادة الدستور والظروف التي صاحبته حينها، والعوامل المحلية والخارجية الضاغطة في هذا الاتجاه، اضافة الى الارث التاريخي الذي حمله التاريخ السياسي الكويتي من محاولات سبقت دستور 1962 سواء من خلال الوثيقة التاريخية لعام 1921 دستور 1938، الذي وضعه المجلس التشريعي حينها، والذي بحسب رأي الديين كان ديمقراطياً أكثر من الدستور الحالي.
وأشار في حديثه إلى أن دستور الكويت يمثل فيما يوفره الحد الأدنى من الحقوق، وانه دستور مؤقت كما جاء في المادة 174 التي أجازت تنقيح الدستور وتعديله بعد مرور خمس سنوات على تطبيقه نحو مزيد من الحريات العامة.
واستعرض الديين أيضاً المحاولات التي جرت نحو تعطيل الدستور والانقلاب عليه مثلما حدث من تزوير لانتخابات 1967 والحل غير الدستوري عامي 1976 و1986 وإنشاء ما سمي بالمجلس الوطني عام 1990. مؤكداً في السياق ذاته على دور الحركة الوطنية التقدمية الديمقراطية الكويتية للتصدي لجميع المشروعات التي هدفت للنيل من هذا الدستور.
وقال إن ما يطرح الآن من التمسك بدستور 1962 هو أمر انتهى، خاصة بعدما فشلت كل المحاولات السابقة، وان المطلوب الآن هو البحث عن الاصلاحات السياسية وتطوير الدستور نحو المزيد من المكتسبات للمواطن الكويتي، وهذا الأمر لن يتحقق الا برؤية وطنية تقدمية.
وتطرق أحمد الديين في حديثه الى بعض المسائل المهمة أثناء المناقشات التي حدثت في المجلس التأسيسي، ولجنة الدستور مثل بناء الدستور على أي من النظامين البرلماني أو الرئاسي، وأن الحل جاء على الطريقة الكويتية في البحث عن الحلول الوسطية، فخرج الينا هذا المفهوم، فلا نحن في نظام رئاسي ولا في نظام برلماني.
وأشار أيضاً الى قضية المادة الثانية من الدستور حول الشريعة الاسلامية، هل تكون مصدراً رئيسياً أم المصدر الرئيسي الوحيد؟ إلا أن التساؤل كان عن مصير النظام الوراثي والنظام المصرفي للبنوك وغيرها مما أدى في النهاية الى اعتماد الصيغة الحالية بأن تكون مصدراً رئيسياً للتشريع بحيث يمكن للمشرع الكويتي الأخذ من مصادر أخرى.
ومن الأمور التي توقف عندها، عملية إنشاء الأحزاب السياسية، فالنص الأصلي كان يسمح بها إلا أن نص المادة 43 لم ينص على شرعيتها أو تحريمها، في حين أن المادة 56 حول المشاورات التقليدية بشأن تعيين رئيس الوزراء أشارت الى الجماعات السياسية وهو ما يعد تأكيدا بعدم وجود قيود دستورية حول الأحزاب السياسية.
وفي ختام حديثه تناول الكاتب الصحفي أحمد الديين تطورات الأحداث العربية وأثرها نحو الانفتاح الديمقراطي، مؤكداً على أن أي تطور في هذا الاتجاه يعد مكسباً للشعوب العربية.
عن "الطليعة" 6-7-2011

تشويه ظالم لتاريخ وطني مشرّف: دور الدكتور أحمد الخطيب والحركة الوطنية الكويتية ومحاولات الطمس والإساءة
ردّ عضو التيار التقدمي الكويتي الزميل أحمد الديين على محاولات تشويه الدور التاريخي للزعيم الوطني الكبير الدكتور أحمد الخطيب ومعه تشويه وطمس تاريخ الحركة الوطنية الكويتية، وذلك في مقالة نشرتها جريدة "عالم اليوم" في عددها الصادر الخميس 7 يوليو 2011، نعيد نشرها هنا:
تكررت في الأسابيع الأخيرة محاولات التشويه الظالمة لتاريخ الزعيم الوطني الدكتور أحمد الخطيب ولتاريخ الحركة الوطنية الكويتية بتياراتها المختلفة القومية والوطنية والديمقراطية والتقدمية والليبرالية... وبالتأكيد فقد كانت هناك أخطاء ونواقص وسلبيات ومواقف غير سليمة شهدها المسار الممتد في العمل السياسي لكل من الدكتور أحمد وتيارات الحركة الوطنية الكويتية منذ بداية الخمسينيات، ولكن هناك فارقا كبيرا بين النقد الموضوعي لتلك الأخطاء والسلبيات في إطار ظروفها التاريخية وبين إنكار الدور الريادي الايجابي ومحاولة طمسه وتشويهه.
إذ لا يمكن لمنصف أن ينكر الدور السياسي والوطني والديمقراطي المشهود للدكتور أحمد الخطيب في قيادة تنظيمات الحركة الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني والمعارضة النيابية والصحافة الوطنية بدءا من “حركة القوميين العرب” و”النادي الثقافي القومي” ومجلة “الإيمان” وملحقها الأسبوعي “صدى الإيمان” ولجنة الأندية في الخمسينيات؛ مرورا بموقعه النيابي في المجلس التأسيسي وقيادة كتلة المعارضة الوطنية في عدد من مجالس الأمة وتوجيهه السياسي لمجلة “الطليعة” و”نادي الاستقلال” في الستينيات، وصولا إلى زعامته السياسية لكل من “حركة التقدميين الديمقراطيين” و”التجمع الديمقراطي” في السبعينيات والثمانينيات؛ وانتهاء بمساهمته في رعاية “المنبر الديمقراطي” في بداية التسعينيات إلى أن تقاعد مختارا عن العمل البرلماني في العام 1996 مع استمرار إسهامه في توجيه العمل السياسي الوطني عبر المحاضرات والمقالات واللقاءات والتجمعات العامة وطرح المبادرات، وآخر هذه المبادرات تقديمه مقترحات مكتوبة إلى بعض المجموعات الشبابية الناشطة.
أما المبادرات والمعارك التي خاضها الدكتور أحمد الخطيب والحركة الوطنية الكويتية بتياراتها المختلفة وشخصياتها البارزة فهي شواهد تاريخية مشرّفة لا يستطيع أحد تشويهها مهما حاول ذلك... فالدكتور الخطيب من موقعه في قيادة “لجنة الأندية الكويتية” في أواسط الخمسينيات هو المبادر إلى الدعوة لتأسيس “الهيئة التنظيمية الأهلية” التي يفترض أن تتولى التحضير لوضع دستور للبلاد وانتخاب مجلس تشريعي وذلك بانتخابها في اجتماع شعبي عام منعته السلطة بالقوة كان مقررا انعقاده بمسجد السوق في العام 1955، أما رفيق دربه وزميله في زعامة الحركة الوطنية الكويتية الأستاذ جاسم القطامي فهو الذي أعلن بشجاعة نادرة في خطابه التاريخي الذي ألقاء في مهرجان فبراير 1959 بثانوية الشويخ المطالبة بقيام حكم دستوري بديلا عن الحكم العشائري القائم حينذاك... وعندما انتخب الكويتيون مجلسهم التأسيسي في العام 1962 ساهم الدكتور أحمد الخطيب ونواب الحركة الوطنية في تثبيت المكتسبات الديمقراطية ضمن الوثيقة الدستورية... وفي مجلس الأمة الأول قاد الدكتور الخطيب كتلة المعارضة الوطنية التي تصدّت للقوانين غير الديمقراطية التي عمدت السلطة إلى فرضها بدعم من الغالبية النيابية الموالية لها ما اضطر نواب كتلة المعارضة الثمانية إلى تقديم استقالاتهم من عضوية ذلك المجلس في وثيقة إدانة تاريخية للموقف السلطوي المناهض للديمقراطية، هذا بالإضافة إلى إسهام الدكتور الخطيب ونواب كتلة المعارضة قبل استقالتهم في التصدي لمشروع اتفاقية تنفيق العائدات المجحفة بالحقوق الكويتية التي حاولت شركات النفط الأجنبية تمريرها في مجلس الأمة... وفي هذا السياق يعود الفضل إلى الحركة الوطنية ونواب كتلة المعارضة المرتبطة بها وإلى الأخ الكبير عبدالله النيباري تحديدا في التصدي لمشروع المشاركة النفطية المجحفة الذي حاولت الاحتكارات النفطية الأجنبية تمريره في مجلس الأمة الثالث عندما أصبح قرار الامتلاك الوطني للقطاع النفطي ممكنا.
وغير هذا لا يمكن إنكار الدور المبادر للحركة الوطنية الكويتية تحت زعامة الدكتور أحمد الخطيب وبمساهمة مباشرة من رفيق دربه المرحوم سامي المنيس في تأسيس الحركة النقابية العمالية في النصف الأول من ستينيات القرن العشرين، وكذلك لا يمكن إنكار دور شباب الحركة الوطنية آنذاك في تأسيس الحركة الطلابية الكويتية ممثلة بالاتحاد المحلي للطلبة الثانويين والاتحاد الوطني لطلبة الكويت، ولم يكن هناك أي دور على الإطلاق للجماعات السياسية الأخرى في تلك المبادرات التاريخية التأسيسية.
هذا بعض ما يحفظه التاريخ الكويتي من دور مشرّف للدكتور أحمد الخطيب ولزملائه وللحركة الوطنية الكويتية بمختلف تياراتها، وهو دور لن يستطيع الجهلاء ولا الجاحدون طمسه أو تشويهه مهما حاولوا ذلك!
القوانين التي يقرّها مجلس الأمة ويصدّق عليها سمو الأمير وتنشرها الجريدة الرسمية يجب أن يتم تنفيذها، إلا القوانين المتعارضة مع مصالح القوى الطبقية المتنفذة، فإنّها تواجه عرقلة ولا تطبّق... وأمامنا المثال التالي:
فقد صدر في العام 2008 قانونان هما القانون رقم 8 والقانون رقم 9 بفرض رسوم مالية بمقدار عشرة دنانير عن كل متر مربع على مساحات السكن الخاص التي تتجاوز ملكيتها 5000 متر مربعا، وذلك لمنع احتكار أراضي السكن الخاص والمضاربة عليها، ولكن إلى اليوم وبعد نحو أربع سنوات على صدور القانونين لا يتم تطبيقهما من وزارة العدل ووزارة المالية وذلك تحت ذريعة عدم وجود قاعدة بيانات تحدد هذه الأراضي السكنية وأسماء ملاكها... وهذا تهاون فاضح عن تطبيق القانونين يهدف إلى حماية مصالح كبار الملاكين العقاريين من ذوي النفوذ... وعاشت المصالح وتسقط القوانين!

خبر وتعليق: مجلس التخطيط يبحث التركيبة السكانية بعدما أصبح الكويتيون أقلية في وطنهم لايزيدون عن 32%
الخبر: من المقرر أن يبحث المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية في اجتماعه هذا الاسبوع مشكلة اختلال التركيبة السكانية في الكويت.
التعليق: لقد أصبح الكويتيون أقلية في وطنهم، حيث لا تزيد نسبة المواطنين الكويتيين إلى إجمالي عدد السكان في الكويت عن 32 %، إذ بلغ عدد سكان الكويت في نهاية 2010 نحو 3 ملايين و582 ألفاً، فيما يبلغ عدد الكويتيين مليوناً و114 ألفاً فقط.... والجدير بالذكر أنّ نسبة الكويتيين إلى إجمالي عدد السكان كانت في العام 2000 في حدود 37 % وقد تراجعت خلال هذه السنوات إلى أن وصلت أقل من الثلث.
وهذا جزء من النتائج السلبية الضارة للتطور المشوّه للاقتصاد الكويتي كاقتصاد ريعي تابع، وكذلك هي نتيجة لقيم المجتمع الاستهلاكي، ونتيجة لجلب أعداد كبيرة من العمالة الهامشية الآسيوية وخصوصاً العمالة المنزلية، ونتيجة للدور المخرب لتجار الإقامات، ونتيجة لعدم التزام القطاع الخاص بتشغيل العمالة الوطنية وحرصه على جلب عمالة وافدة رخيصة ومحرومة من أبسط الضمانات ليتم إخضاعها إلى أبشع أنواع الاستغلال الطبقي... كما أنّها نتيجة لغياب وجود سياسة وطنية للتشغيل والسكان والهجرة.
والمطلوب علاج الأسباب ليمكن بعد ذلك علاج الأعراض.

الأزمة الاقتصادية العالمية برؤية يسارية/ بقلم: مرزوق النصف
ننشر هنا مراجعة هامة لكتب تناولت الأزمة الاقتصادية العالمية برؤية يسارية، وهي بقلم: مرزوق النصف، ونشرتها صحيفة القبس في عددها الصادر يوم الجمعة ١ يوليو ٢٠١١:
أصابت الأزمة الاقتصادية التي ضربت العالم في عام 2008 أغلب الاقتصاديين بالصدمة، فهي بالنسبة لهم لم تكن متوقعة، خصوصا بحجمها المهول الذي اتخذته، والآن هناك اتفاق شبه كامل على أن هذه الأزمة هي الأخطر التي واجهت الاقتصادات الرأسمالية المتقدمة منذ أزمة الكساد العظيم التي بدأت في عام 1929. إلا أن هذا الاتفاق على أهمية الأزمة الراهنة لا يمتد إلى اتفاق حول الأسباب التي أدت لوقوعها، فهناك اختلافات مهمة بين المدارس الفكرية والاقتصادية في كيفية تفسير كل منها للحدث الاقتصادي الذي هز العالم منذ حوالي ثلاثة أعوام ولا يزال.الكتابان المستعرضان هنا يقدمان تفسيرين متقاربين للأزمة الاقتصادية وتداعياتها من منظور مشترك هو المنظور اليساري، والهدف من مراجعة الكتابين هنا هو التعرف إلى نموذجين عن كيفية فهم تيار فكري محدد للأزمة الاقتصادية وكيفية تعامله معها، هذا مع العلم بأن مؤلفي الكتابين يستندون إلى الماركسية كإطار للتحليل، فهم يمثلون مدرسة معينة في الفكر اليساري قد لا يتفق معها يساريون كثر، كما أن المؤلفين ينتمون من حيث الثقافة والتخصص إلى الولايات المتحدة وكندا، فهم قد لا يمثلون فكر اليسار في العالم أجمع وإن كانت كثير من مساهماتهم عالمية في أفقها.الكتاب الأول صدر عام 2009 بعنوان «الأزمة المالية العظيمة: الأسباب والنتائج» ويقع في 160 صفحة من الحجم الصغير، والكتاب من تأليف د. جون بيلامي فوستر، أستاذ علم الاجتماع في جامعة أوريغون الأميركية، و د. فريد ماغدوف، الذي يدرّس في جامعة فيرمونت الأميركية، وعلى الرغم من أن المؤلفين يحملان شهادات في تخصصات غير الاقتصاد، فان لهما باعا طويلا في الكتابة في مجال الاقتصاد السياسي، والمقصود بالاقتصاد السياسي هنا أنه العلم الذي يدرس كيفية إنتاج الثروة المادية في المجتمعات وكيفية توزيعها على المواطنين كأفراد أو كمجموعات داخل الدولة الواحدة أو بين الدول.الكتاب عبارة عن ست مقالات مطولة تم نشرها بين عامي 2006 و2008 تتناول وضع الاقتصاد الأميركي بالدرجة الأولى مع تركيز على قطاع التمويل في الاقتصاد، ومعلوم بأن الأزمة في قطاع التمويل لم تتخذ شكلها الواضح إلا في عام 2008 ، مما يوحي بأن إعادة نشر مقالات سابقة على هذا التاريخ يدل على نجاح المؤلفين في استشعار الأزمة قبل وقوعها.وبالفعل فإن نظرة سريعة في مواضيع هذه المقالات كفيلة بتوضيح أهمية الكتاب، فأول مقال منشور بتاريخ أبريل 2006 يحذر من تضخم الديون الاستهلاكية في الولايات المتحدة، والمقال الذي يليه منشور في نوفمبر من العام نفسه وعنوانه «انفجار الدين والمضاربة»، أي أنه يشير محذرا إلى حجم المضاربات في ديون المستهلكين، خصوصا الديون العقارية ومشتقاتها Mortgages and Mortgage Derivatives، فكلا المقالين يتشابهان في موضوعهما ويركزان على ما سيكون بعد عامين المسرح الرئيسي للأزمة الاقتصادية، أي انكشاف الديون العقارية للمستهلكين في الولايات المتحدة وانجلاء حجم هذه الديون، فالمؤلفان إذن مرشحان لأن يكونا من القلائل الذين تنبؤوا بالأزمة.
الرأسمالية الاحتكاريةبالنسبة إلى تفاصيل التفسير الذي يقدمه هذا الكتاب للأزمة الاقتصادية فإنه يستند إلى نظرية محددة حول المرحلة التي يعيشها النظام الرأسمالي العالمي كما هو مختصر في أكثر صوره تقدما، أي الاقتصاد الأميركي، وهذه النظرية مفادها بأن النظام الرأسمالي قد انتقل من شكل الرأسمالية التنافسية إلى شكل الرأسمالية الاحتكارية، بمعنى أن قطاعات مهمة ومؤثرة في الاقتصاد باتت محتكرة بيد عدد محدود من المنتجين الذين ما عادوا يتعرضون لمنافسة السوق التقليدية، وقد بدأ هذا الانتقال منذ أواخر القرن التاسع عشر ونضج بعد الحرب العالمية الثانية، والهدف من استخدام مفهوم «الرأسمالية الاحتكارية» بدل «الرأسمالية» لوحده هو بيان التغير المهم الذي ينتج عن حلول الاحتكار محل التنافس في السوق الرأسمالية.فتتفق أغلب النظريات الاقتصادية على أن المنتجين الذين لديهم احتكارات في السوق سيقومون بتقنين حجم انتاجهم ورفع أسعار منتجاتهم بهدف تحقيق أعلى ربح، وهذا الربح يتجاوز الربح الذي يمكن تحقيقه في حال وجود المنافسة، إلا أن هناك جانبا آخر من هذا الانتقال إلى الرأسمالية الاحتكارية، وهو أن فرص الاستثمار الكبيرة تكون قد تقلصت، والسبب في ذلك هو أن الاقتصاد قد نضج فالمجال أضيق لاستثمارات كبيرة النطاق أو طويلة الأمد.فمثلا استثمارات البنى التحتية في أي اقتصاد، كشق الطرق وإنشاء المؤسسات العامة، توفر فرصا كبيرة، إلا أنه بعد اكتمال هذه المشاريع فإنها تظل قابلة للاستخدام لفترات طويلة تمتد لعقود من الزمن، مما يعني أن هذه الفرص الاستثمارية النادرة سرعان ما تختفي بعد انتهاء البنية التحتية في الدولة. وفي الولايات المتحدة تم استكمال البنى التحتية بعد الحرب العالمية الثانية، ولعل النظير الكويتي لهذه الفترة هو حقبة الخمسينات والستينات التي شهدت اسثمارات ضخمة بهدف إرساء دعائم للدولة.إذاً في الرأسمالية الاحتكارية يتزايد حجم رأس المال القابل للاستثمار بشكل غير مسبوق، بينما تتضاءل فرص الاستثمار، مما يمثل مشكلة للمستثمرين الراغبين أبدا في مضاعفة أرباحهم، فمن أين لهم بفرص اسثمارية مجزية كالتي اعتادوا عليها؟ هنا يؤمن مؤلفا كتاب «الأزمة المالية العظيمة» بأنه قد تم التعامل مع هذا الوضع في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية عبر تدخل الدولة في الاستثمار، خصوصا عبر الإنفاق العسكري في الولايات المتحدة.إلا أن الاقتصاد بداية من عقد الستينات بلغ حجما لم تعد معه حتى الدولة قادرة على توفير فرص استثمارية مجزية لرأس المال الأميركي، مما حدا المستثمرين للبحث عن مجالات استثمار بديلة عن قطاع الإنتاج التقليدي، فكان أن نقلوا تركيزهم من الاستثمار في الصناعة إلى الاستثمار في الأسواق المالية كمصدر موعود للربح الوفير بداية من الثمانينات، وهنا يجدر الانتباه لنقطة مهمة وهي أن المؤلفين يريان أن السبب الرئيسي للأزمة هو التغيرات التي طرأت على النظام الاقتصادي خلال العقود الثلاثة الأخيرة، وليس السبب جشع المستثمرين أو السياسة النقدية الخاطئة للبنك المركزي الأميركي أو تهور المسؤولين السياسيين.
تضخم قطاع التمويليقدم الكتاب مجموعة من الأدلة على تضخم قطاع التمويل في الاقتصاد الأميركي في العقود الثلاثة الأخيرة، ففي سوق مشتقات الديون Credit Derivatives مثلا بلغت نسبة النمو %100 سنويا بين عامي 2002 و2006 (ص58)، أي أن حجم السوق تضاعف سنويا لأربعة أعوام متتالية، كذلك بلغت أرباح شركات التمويل الأميركية %40 من الأرباح التي يتم إنتاجها في الولايات المتحدة في عام 2005 مقارنة مع نسبة %15 في ستينات القرن الماضي (ص54).المشكلة هنا هي أن قطاع التمويل وظيفته الأساسية هي أن يكون وسيطا بين المدخرين الذين يملكون المال وأصحاب المشاريع الذين يحتاجون لهذه الأموال لتنفيذ مشاريعهم، ومهما تعقدت تفاصيل عمليات الوساطة وطرق إدارتها فإن وظيفة قطاع التمويل كوسيط تبقى ذاتها، لكن هذا يعني أن القطاع، وإن كان حيويا، فإنه لا ينتج سلعة قائمة بذاتها بل يقتصر على تسهيل الإنتاج، وحجمه من المفترض أن يكون متوازيا مع حجم القطاعات المنتجة في الاقتصاد وأرباحه من المفترض ألا تعدو على نسب محددة من المنتجات النهائية كحال أي وسيط أو سمسار، فما معنى إذن أن يتضاعف حجم بعض الأسواق المالية في فترة قياسية وتبلغ أرباح الشركات العاملة فيها هذه المستويات العالية؟الجواب الذي يقدمه الكتاب هو أن هذه الأرباح ليست نتيجة لعمليات التمويل الاعتيادية للقطاع المنتج في الاقتصاد بل أغلبها تأتي من مضاربات على سلع سبق إنتاجها أو في أسواق غير منتجة، مثل المضاربة في العملات أو الرهون العقارية للمستهلكين، وهذا النوع من الاستثمار يؤدي لتكوين فقاعات مالية وانهيارات مفاجئة في قيمة الأسواق التي يهيمن عليها، ذلك لأن المضاربات لا يدعمها نشاط إنتاجي في الاقتصاد مما يعني أن قيمة أي سلعة أو سهم غير مستقرة.وفي حال تفشي مثل هذه المضاربات في قطاع مهم من الاقتصاد مثل القطاع العقاري، وبالتحديد الرهون العقارية للمستهلكين، فإن الأزمات الدورية التي تأتي جراء المضاربات يمكن أن تمتد بسرعة للاقتصاد بأكمله بسبب أهمية سوق العقار في الاقتصاد، فالأغلبية الساحقة من الشركات والمستهلكين يمتلكون عقارات أو يستأجرونها، فأي تغير كبير في قيمة العقار تؤثر على مداخيلهم وسلوكهم.
تحقق النبوءةإن هذه الرؤية بتركيزها على خطورة هيمنة قطاع التمويل غير المنتج على الاقتصاد هي ما حدت مؤلفي كتاب «الأزمة المالية العظيمة» للتحذير من احتمال وقوع أزمة اقتصادية كبيرة قبل حوالي عامين من وقوعها، فيقولان: «هناك احتمال متزايد على المدى البعيد لوقوع انهيار مالي ضخم من النوع الذي يصعب على النظام الرأسمالي امتصاصه» (ص49)، كذلك يصفون تضخم حجم المضاربات في القطاع المالي بأنه أشبه بتحول الاقتصاد من اقتصاد منتج إلى كازينو أو لعبة قمار هائلة لا بد أن يخسر أطرافها يوما ما (ص56).أخيرا يقول المؤلفان في عبارات أشبه ما تكون بنعي لاقتصاد تخطى عمره الافتراضي: «هناك حدود لحجم البناء المالي نسبة للأساس الذي يقوم عليه وهو الإنتاج، على الرغم من اختراع هذه المضاربات كوسائل للتعامل مع الركود الاقتصادي (جراء تقلص فرص الاسثمار في الرأسمالية الاحتكارية) فإن هذه الحلول لا يمكن أن تستمر في تنمية الاقتصاد للأبد، السؤال الوحيد هو كيف ستنتهي هذه الحكاية وإلى أين ستلتفت الرأسمالية بعد أن تنتهي صلاحية هذه الآلية (أي المضاربات المالية)؟» (ص62).هناك العديد من العبارات والإحصائيات التي استخدمها المؤلفان قبل الأزمة للتدليل على قرب وقوعها، وهو ما يؤكد أهمية نظرية الرأسمالية الاحتكارية التي يقدمانها كإطار لتشخيص المرحلة التي يعيشها الاقتصاد الأميركي والعالمي اليوم.وبشكل عام، فإن الكتاب يمثل مثالا جيدا على فهم ماركسي للأزمة الاقتصادية، وهذا بحد ذاته سبب مثير لقراءة الكتاب، علما بأن الكتاب قصير ولا يتطلب خلفية أكاديمية واسعة في مجال الاقتصاد لفهمه، فهو مناسب لغير المتخصصبن على عكس كثير من الكتب في مجاله.
الجانب السياسيالكتاب الثاني ينطلق من النقطة التي يتركنا عندها الكتاب الأول، أي مستقبل الرأسمالية بعد الأزمة الأخيرة، ويركز الكتاب الثاني على الجوانب السياسية من الأزمة والمتمثلة في دور الدولة في تدعيم النظام الاقتصادي بطرق تخدم فئات معينة وكيف استمر هذا الدور حتى بعد انهيار الاقتصاد، كذلك يناقش الكتاب وضع اليسار في الولايات المتحدة وكندا قبل الأزمة وبعدها وحدود برامجه السياسية، متخذا من حال الاتحادات العمالية في قطاع صناعة السيارات مثالا مصغرا عليه.الكتاب من منشورات العام الماضي ويقع في 140 صفحة من الحجم الصغير، وعنوان الكتاب يعكس موضوعه «الدخول في الأزمة والخروج منها: الانهيار المالي العالمي والبدائل اليسارية»، وتركيز الكتاب على الجانب السياسي للأزمة يعكس خلفية مؤلفيه وهم غريغ ألبو وسام جيندين وليو بانتش، فالثلاثة أساتذة للعلوم السياسية في جامعة يورك الكندية.تناقش الفصول الأربعة الأولى من الكتاب كيفية وقوع الأزمة الاقتصادية وكيفية معالجة الحكومة الأميركية لها، وأحد الأفكار التي يتم طرحها في هذا السياق هو أن الأزمة لها بعد عالمي وبعد محلي، فعلى الرغم من أن الأزمة بدأت في الولايات المتحدة إلا أنها أثرت بقوة على العالم أجمع، مما يشير لوجود روابط اقتصادية قوية على المستوى العالمي. لكن من الجانب الآخر تشير طريقة معالجة الأزمة عبر تدخل كل حكومة لإنقاذ اقتصادها إلى أهمية الدولة كلاعب اقتصادي. وهنا يقصد الكتاب التنبيه من خطورة المبالغة في التركيز على فكرة الاقتصاد العالمي كبديل عن فكرة الاقتصادات الوطنية، وما يترتب على ذلك من تجاهل خاطئ لدور الحكومات في تشكيل اقتصاداتها الوطنية.
من تخدم الدولة؟استكمالا لتركيزه على دور الدولة في الاقتصاد ينتقد كتاب «الدخول في الأزمة والخروج منها» تصورا دارجا عن علاقة الحكومة بالاقتصاد في الدول الرأسمالية المتقدمة. التصور مفاده بأنه منذ ثمانينات القرن الماضي وحتى ما قبل الأزمة، قامت الحكومات بتقليص تدخلها في الاقتصاد مفضلة الاعتماد على السوق كالآلية الرئيسية في إدارة الاقتصاد، وهو ما يشير له البعض بالنيوليبرالية أو الليبرالية الجديدة لتمييز هذه الحقبة عن سابقتها التي اتسمت بدور أكثر وضوحا للدولة في الاقتصاد، والكتاب يقدم تصورا مغايرا مفاده بأن الحكومات لم تنسحب من الساحة الاقتصادية بل إنها غيرت من طرق تدخلها ولم تقلصها، فلم تعد تتدخل عن طريق السياسة المالية لكنها أزالت القيود عن الأسواق المالية وبدأت في الدفاع عن مصالح شركاتها العالمية عبر الضغط من أجل فتح الأسواق العالمية أمامها، فهذا تغير في الكيف وليس الكم.نقطة ثالثة يثيرها الكتاب هي طريقة معالجة الحكومة الأميركية للأزمة الاقتصادية، ومثال على ذلك هو التأميم النظري لشركة جنرال موتورز الأميركية بعدما أنقذتها الحكومة من الإفلاس في صيف 2008 عبر مجموعة من المساعدات والضمانات المالية التي تحولت لاحقا لأسهم في الشركة، حيث أصبحت الحكومة الأميركية تملك %60 من الأسهم جراء القروض مقابل %10 من الأسهم للقطاع الخاص (ص78). إلا أن الحكومة رفضت ممارسة حقها في إدارة الشركة وتركتها لأقلية المستثمرين، أي أن الحكومة تنازلت عن حق المجتمع في إدارة ثروته لمصلحة فئة معينة تتحكم في أحد أعرق الشركات الأميركية، وهو ما يراه مؤلفو الكتاب دليلا على أن الحكومة ليست لاعبا محايدا في الأزمة الاقتصادية، بل هي تمثل مصالح الأثرياء عبر سعيها لإنقاذهم من الأزمات التي يسببونها بأنفسهم وذلك على حساب باقي فئات المجتمع.
حماية الأغلبية العاملةهنا ينتقل كتاب «الدخول في الأزمة والخروج منها» إلى مناقشة سبب ارتهان الحكومة الأميركية لمصالح فئة معينة هي الأثرياء، وأحد الأسباب التي يناقشها هو ضعف الاتحادات العمالية وبالتالي عدم قدرتها على إجبار الحكومة على الدفاع عن مصالح الفئات الأفقر، ففي حين يوجد 15 مليون عاطل عن العمل في الولايات المتحدة أو %10 من القوة العاملة، فإن الأغلبية في مجلس النواب هي للمحافظين الذين يعارضون تقديم مزيد من المساعدات لهؤلاء العاطلين (ص13)، والسبب في انتخاب أغلبية من المحافظين في مجلس النواب في وقت ثبت فيه فشل سياساتهم الاقتصادية هو عدم قدرة الاتحادات العمالية على إيجاد بديل سياسي مقبول لمواجهتهم، فواحد فقط من أصل كل عشرة عمال ينتمي لاتحاد عمال في الولايات المتحدة، مما يشير لحجم الاتحادات المتواضع نسبة لحجم القوة العاملة في الاقتصاد (ص95)، علما بأن الاتحادات العمالية ليست الوسيلة الوحيدة لخدمة المصالح الاقتصادية للمستضعفين، لكنها كانت تقليديا الأكثر فعالية وحماسا في هذا المجال ولعل ذلك هو سبب تركيز الكتاب عليها.أخيرا يقدم المؤلفون عددا من المقترحات للنقاش بهدف بعث تيار يساري عريض يمثل الأغلبية العاملة في الولايات المتحدة وكندا، أحد هذه المقترحات هو استغلال الأزمة الحالية ليس لتقديم مزيد من الدعم للأثرياء بل لتحجيم دورهم السياسي المتضخم، وذلك عبر تأميم البنوك وتحويلها لمؤسسات عامة ديموقراطية يديرها العاملون فيها، والفكرة هنا هي إعادة توجيه قطاع التمويل نحو تمويل النشاطات المفيدة لأوسع شريحة من المجتمع بدل استغلال الثروة المالية في المضاربات والاستثمارات غير المنتجة، واقتراح آخر هو تشكيل أحزاب سياسية جديدة تعبر عن طموحات الجيل الحالي وتحل محل الأحزاب القديمة التي جمدت أفكارها ونشاطاتها.فلا يزال المؤلفون مؤمنين بأن الحزب السياسي هو الشكل التنظيمي الأفضل في الدفاع عن مصالح الأغلبية في المجتمع. إن كتاب «الدخول في الأزمات والخروج منها» مبسط ويعطي فكرة جيدة عن تفاعل الفكر اليساري مع الأزمة الاقتصادية، وهو يصلح تحديدا للقراء الذين لديهم تعاطف مسبق مع الطرح اليساري الذي يتبناه المؤلفون، والكتاب لا يقدم الكثير من الأدلة والمصادر لدعم حججه، فهو كتاب أكثر تبسيطا من الكتاب الأول، مما يعني أن بعض الأفكار فيه قد تبدو خارجة عن سياقها وغير واضحة لغير المتابعين للنقاشات الدائرة حول الأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة وكندا.
الكتاب الأول:الأزمة المالية العظيمة:الأسباب والنتائجThe Great Financial CrisisCauses and Consequencesالمؤلفانجون بيلامي فوستر وفريد ماغدوفمنشور في عام 2009 من قبل دار مونثلي ريفيو160 صفحة من الحجم الصغير
الكتاب الثاني:الدخول في الأزمة والخروج منها:الانهيار المالي العالمي والبدائل اليساريةIn and Out of Crisis: The Global Financial Meltdown and Left Alternatives
المؤلفونغريغ ألبو وسام جيندين وليو بانتشمنشور في عام 2010 من قبل دار بي أم140 صفحة من الحجم الصغير
m.alnusf@gmail.com

خبر وتعليق: فتح الباب لتشغيل العمالة الوطنية في القطاع النفطي يجب أن يقترن بإلغاء الاعتماد المتزايد على شركات المقاولات
الخبر: أعلن وزير النفط د. محمد البصيري ان مؤسسة البترول الكويتية ستفتح باب التوظيف للعمالة الوطنية خلال الأيام القادمة، وستوفر ما لا يقل عن 2200 وظيفة.
التعليق: خطوة مطلوبة ولكنها متأخرة وقاصرة... إذ يأتي فتح باب التوظيف للعمالة الوطنية في القطاع النفطي بعد سنوات من التهميش المتعمّد للعمالة الوطنية والاعتماد المتزايد على شركات المقاولات في العديد من الأعمال الحيوية في القطاع النفطي التي تستخدم عمالة وافدة وتكتفي بتسجيل أعداد من الكويتيين في إطار التوظيف الوهمي لتلبية المتطلبات الشكلية وليس الفعلية لقانون دعم العمالة الوطنية... والمطلوب ليس فقط فتح باب التشغيل أمام العمالة الكويتية في القطاع النفطي، وإنما المطلوب هو التخلي عن نهج الاعتماد على شركات المقاولات في تنفيذ الاعمال الحيوية في القطاع النفطي وخصوصا في مواقع الانتاج ومراكز التجميع والمصافي والموانئ وغيرها من مرافق القطاع النفطي الذي يجب أن تكون عمالته كويتية بالكامل.

"المنبر التقدمي" في مملكة البحرين يرفع مرئياته لمؤتمر الحوار الوطني المقرر انعقاده قريباً
قال الأمين العام للمنبر الديمقراطي التقدمي الشقيق في مملكة البحرين الدكتور حسن مدن ان "التقدمي" قد رفع مرئياته لمؤتمر الحوار الوطني المؤمل ان تبدأ جلساته مطلع الشهر القادم. وأكد أن الحوار حول المطالب الوطنية والسياسية وتطوير المشروع الإصلاحي كانت على الدوام مطروحة في نهج ورؤى ومطالبات وشعارات ومؤتمرات المنبر التقدمي طيلة السنوات العشر الماضية مستفيدا من ما وفره ميثاق العمل الوطني ومشروع الإصلاح من أجواء إيجابية وحالة انفتاح سياسي كان يمكن لها أن تتطور تدريجيا لتصبح حالة راسخة لتعزيز مسار العمل الوطني برمته، منوها بأن "التقدمي" سبق له ان تقدم منذ أكثر من عامين بمبادرة للحوار الوطني على مستوى الوطن، وهي المبادرة التي لاقت أصداء إيجابية واسعة في حينه من قبل مجاميع ومؤسسات وشخصيات وطنية، وكان مهيئا لها أن تؤسس لنهج مغاير وإيجابي من شأنه ان ينأى بالبحرين عن الكثير من المنزلقات والإحتقانات التي للأسف نجد أن بلادنا أضحت تعيش فصولها منذ شهور وحتى الآن. وأضاف مدن أن المنبر التقدمي سوف يتجه بكل جدية لمؤتمر الحوار الوطني عبر طرح مرئياته التي تستجيب لمطالب الطيف الأوسع من شرائح وقوى المجتمع بمؤسساته وشخصياته وفئاته، أملا في تحقيق إنفراجات سياسية واجتماعية وحقوقية تكون مدخلاً حقيقياً وجاداً لتطوير مسيرة الإصلاح السياسي والإستفادة من تداعيات الأحداث الأخيرة وتجربة السنوات العشر الماضية وما يدور من أحداث في منطقتنا العربية برمتها للتأسيس لنوع مختلف من التعاطي الايجابي مع مستجدات هذا الواقع الجديد الذي يجب ان يبتعد عن الإتكاء على اي فرز طائفي او مذهبي، لتتجه البلاد بعدها نحو صياغة عقد وطني يأخذ في الإعتبار كافة الملفات والقضايا التي راوحت دون حلول حقيقية حتى ننتشل الوطن والناس من حالة الإحتقان والإحباط والتردي ونخطو بعجلة التنمية خطوات واسعة للأمام. وذكر مدن بأن مرئيات "التقدمي" تتمحور حول الإصلاح السياسي والدستوري وملفات مهمة مثل إعادة رسم الدوائر الإنتخابية وقانون الإنتخابات مع حزمة من التعديلات على القوانين والتشريعات المتصلة خصوصاً بتوسيع نطاق الحريات العامة، من أجل دعم مسيرة الإصلاح مثل قوانين التجمعات والجعيات السياسية ومكافحة الارهاب، ومن اجل تشريعات عمالية فعالة تضمن حقوق الطبقة العاملة، وتطوير العمل البلدي في البحرين باتجاه تحويل المجالس البلدية الى سلطات محلية فعالة عبر تطوير التشريعات المتصلة بهذا الشأن، والأحوال الشخصية والكثير من الملفات ذات العلاقة بالقضايا الحقوقية والصحافة والعدالة الإنتقالية وإلغاء كافة مظاهر التمييز في المجتمع، وجميعها ملفات عمل عليها "التقدمي" وقدم فيها جهودا ورؤى متميزة طيلة السنوات العشر الماضية مستفيدا من خبرات كوادره في المجالات السياسية والحقوقية والاقتصادية. يذكر ان وفد المنبر التقدمي لمؤتمر الحوار الوطني يتكون من: نائب أمين عام التقدمي النائب السابق عبد النبي سلمان والإقتصادي عبد الجليل النعيمي والقانوني على حسين والدكتورة شيخة الزياني، ويرأس وفد "التقدمي" أمينه العام حسن مدن . ويتطلع المنبر التقدمي بهياكله وكوادره التنظمية بحسب أمينه العام، الى الإسهام مع بقية القوى السياسية والإجتماعية المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني الى خلق حوار وطني جاد ومثمر ينأى بالوطن عن حالة التمزق والإحتقان ويعيد اللحمة الوطنية وحالة الإنسجام والتوافق الوطني ويزيل سريعا آثار الإحتقانات، ويستخلص من التجربة الصعبة التي مر بها الوطن الدروس الضرورية ويدشن لمرحلة من التحول السياسي والديمقراطي وبما يعيد عجلة الإصلاح الى سكتها الطبيعية ويُسَرع من وتيرة وزخم مشاريع الإصلاح وعجلة التنمية في البحرين.

استراتيجية استنزاف الثروة النفطية وتغييب المعلومات/ بقلم الزميل : أحمد الديين (عضو التيار التقدمي الكويتي)
في جلسة مجلس الأمة المنعقدة يوم أمس (الاثنين) تباهى وزير النفط الدكتور محمد البصيري بإستراتيجية مؤسسة البترول الكويتية لرفع إنتاج النفط الكويتي من مستواه الحالي المقدّر بنحو مليونين ونصف المليون برميل يوميا إلى أربعة ملايين برميل يوميا في العام 2020، وأشار إلى تجربة تمت لرفع طاقة الإنتاج إلى أكثر من ثلاثة ملايين برميل يوميا... ولكن الوزير الهمام تجنب عن عمد وسابق إصرار وترصد أي حديث مستحق عن مبررات زيادة الإنتاج ومدى صلتها بمتطلبات تطوير اقتصادنا الوطني واحتياجاته الفعلية؛ والأهم من ذلك فقد تجنّب وزير النفط الكشف عن حقيقة حجم الاحتياطيات النفطية القابلة للاستخراج، وبالتالي توضيح ما يمكن أن تؤدي إليه استراتيجية زيادة الإنتاج إلى أربعة ملايين برميل يوميا من استنزاف للثروة النفطية الآيلة إلى نضوب!ولعلّه من المفيد التذكير بأنّه قد سبق للأخ الكبير النائب أحمد السعدون أن وجّه في العام 2006 سؤالا برلمانيا حول صحة المعلومات الواردة في خبر نشرة بتروليوم انتيليجنس ويكلي النفطية المتخصصة عن التضارب بين المعلومات الرسمية المعلنة لحجم الاحتياطي النفطي والتقارير الرسمية السرية في هذا الشأن، ثم كرر طرح سؤاله مرة أخرى في العام 2008 وأرفق معه معلومات إضافية، ومع ذلك فإنّ وزراء النفط المتعاقبين منذ 2006 إلى يومنا هذا لم يجيبوا عن ذلك السؤال البرلماني، ما يؤكد أنّ هناك تعمّدا حكوميا لحجب المعلومات وتغييبها! والأسوأ من ذلك أنّ وزير النفط الأسبق الدكتور محمد العليم قدّم معلومات حول حجم الاحتياطيات النفطية في جلسة سرية لمجلس الأمة سرعان ما دحضها النائب أحمد السعدون في تلك الجلسة، وفي اليوم ذاته خصّ النائب السعدون "عالم اليوم" بتصريح صحافي كشف فيه أنّ هناك معلومات واردة في تقرير داخلي لشركة نفط الكويت بتاريخ 31 مارس من العام 2001 تبيّن أنّ مخزون النفط في المكامن كان 168 مليار برميلا، وأنّ الاحتياطي المؤكد يبلغ 81 مليارا، ومجموع ما تمّ إنتاجه 23 مليارا، والباقي هو 24 مليار برميل وليس 97 مليارا مثلما جاء في بيان وزير النفط!وربما سبق الأستاذ عبداللّه النيباري النائب أحمد السعدون في هذا الأمر عندما لفت الانتباه في العام 2006 إلى توافر معلومات مؤكدة تفيد بأنّ التقارير الداخلية في شركة نفط الكويت تقدّر النفط القابل للاستخراج هو في حدود 35 مليار برميل، حيث استنتج الأستاذ النيباري حينذاك أنّ عمر النفط الكويتي يقع في حدود 35 سنة وليس مئة سنة ، إذا استمر إنتاجنا السنوي بالمعدلات الحالية... فما بالك إذا ما تمّ تنفيذ استراتيجية زيادة الطاقة الانتاجية إلى أربعة ملايين برميل يوميا في العام 2020، مثلما تتجّه إلى ذلك مؤسسة البترول الكويتية؟... بل ما بالك إذا تمّ تطبيق استراتيجية زيادة الطاقة الانتاجية في ظل التعمّد الحكومي لتغييب المعلومات عن الحجم الحقيقي للاحتياطيات النفطية وتجاهل ما ستتعرض له من ثروتنا النفطية من مخاطر الاستنزاف والنضوب؟!باختصار، إنّ الاستخدام العقلاني الرشيد وطويل الأمد للثروة النفطية استحقاق وطني يتطلب ربط سياسة إنتاج النفط وتصديره بمتطلبات تطوير اقتصادنا الوطني واحتياجاته الفعلية؛ وربطها بحجم الاحتياطيات النفطية الحقيقية القابلة للاستخراج، وذلك قبل أي اعتبارات أخرى تتصل باحتياجات السوق النفطية العالمية واحتياجات الدول المستهلكة.

(تحديث) خبر وتعليق: التضخم يرتفع ٥.٤٪ خلال سنة والأسعار تزداد والمعاناة الشعبية تشتد
الخبر:اظهرت بيانات رسمية ان معدل التضخم في الكويت ارتفع خلال شهر مايو الماضي بنسبة 4ر5 بالمئة مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي (على أساس سنوي) في حين ارتفع بنسبة 3ر0 بالمئة مقارنة بشهر ابريل الماضي (على أساس شهري).وذكرت بيانات التقرير الشهري الصادر عن الادارة المركزية للاحصاء اليوم ان الرقم القياسي العام لشهر مايو بلغ 4ر147 نقطة وان مجموعة المواد الغذائية في مايو ارتفعت بنسبة 7ر11 بالمئة مقارنة بالفترة المماثلة من 2010.وهذا الرابط يتضمن النشرة الاحصائية للرقم القياسي لأسعار المستهلك لشهر مايو ٢٠١١ بصيغة بي دي أفhttp://mopweb4.mop.gov.kw/portal/pls/portal/mop.pdf?no=1345التعليق: هذه ليست مجرد أرقام ونسب حسابية وإنما هي مشكلة معاشية حقيقية تتصل بحياة غالبية الناس، حيث ارتفعت الاسعار بهذه النسبة خلال سنة واحدة وتناقص الدخل الحقيقي للفئات الشعبية وتراجع مستوى معيشتها بهذه النسبة المؤثرة، من دون وجود ضوابط تكبح الغلاء ومن دون رقابة جدية على ارتفاع الاسعار... والله يساعد والله يعين.