February 2012
4

بيان صادر عن المجلس العام للتيار التقدمي الكويتي حول نتائج الانتخابات واستحقاقات المرحلة المقبلة

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

عقد "المجلس العام للتيار التقدمي الكويتي" الذي يضم أعضاء الهيئة التنفيذية المؤقتة والهيئة الاستشارية السياسية اجتماعه الطارئ مساء السبت 4 فبراير 2012 برئاسة الزميل ضاري الرجيب المنسق العام للتيار، وذلك للتداول حول نتائج انتخابات عضوية مجلس الأمة في فصله التشريعي الرابع عشر والوقوف على دلالاتها وأبعادها واستحقاقات المرحلة المقبلة، حيث توصل إلى الاستنتاجات والنقاط التالية:أولاً: إنّ الانتخابات النيابية المبكرة كانت مطلباً شعبياً مقترناً بمطلبي رحيل الحكومة وحلّ مجلس الأمة السابقين واستحقاقاً مترتباً عليهما، وذلك في إطار الحراك الشعبي الواسع المعارض للنهج السلطوي، خصوصاً إفساد عدد من أعضاء المجلس المنحل بعد انكشاف فضيحة الإيداعات المليونية في حساباتهم المصرفية.ثانياً: كان واضحاً منذ البداية أنّ رحيل الحكومة وحلّ المجلس وإجراء انتخابات جديدة لن ينهي الأزمة السياسية المحتدمة في البلاد جراء تفاقم التعارض بين النهج السلطوي للمشيخة ومتطلبات التطور الديمقراطي وبناء الدولة الكويتية الحديثة، وإنما كان من شأن تلك الإجراءات تخفيف حدّة احتقانها فيما لا تزال أسباب الأزمة قائمة من دون حلّ واحتمالات انفجارها واردة على هذا النحو أو ذاك وفي أي وقت، وهذا ما يفسر التوترات التي شهدتها الكويت خلال فترة الانتخابات، التي كانت تعكس جانباً من مظاهر هذه الأزمة وأعراضها.ثالثاً: لقد جرت الانتخابات النيابية وسط أجواء محمومة من التأجيج العنصري والتعصب والاستقطاب الفئوي والمناطقي والقبلي والطائفي، وذلك بتشجيع من أطراف سلطوية وقوى فساد أشعلت أوارها ودفعت ببعض المرشحين الاستفزازيين والقنوات التلفزيونية والصحف المأجورة للتحريض والإثارة والإساءة المتعمّدة إلى بعض مكونات المجتمع؛ وذلك بهدف صرف انتباه الشعب عن قضاياه الأساسية وعن مطلب الإصلاح السياسي الديمقراطي وتشويه الحدّ الأدنى من الحياة الديمقراطية... وما نجم عن ذلك من ردود أفعال كان بعضها منفلتاً وغير مقبول وخارجاً عن القانون، أدّت إلى مزيد من التأجيج والاستقطاب... وجاءت نتائج الانتخابات الأخيرة لتكرّس مثل هذا التأجيج والاستقطاب، خصوصاً في جوانبه العنصرية الفئوية والطائفية وتزيده حدّة وخطورة.رابعاً: شهدت الانتخابات الأخيرة، مثل سابقاتها أو أكثر، استخدام بعض الأطراف السلطوية وقوى الفساد المال السياسي للتأثير على إرادة الناخبين ودعم بعض المرشحين في ظل تراخٍ حكومي واضح في التعامل مع البلاغات العديدة التي جرى تقديمها وما تمّ كشفه من عمليات شراء الأصوات.خامساً: إنّ هناك عيوباً بنيوية صارخة في النظام الانتخابي المعمول به من حيث تكريسه الطابع الفردي للعملية الانتخابية في ظل غياب التنظيم الحزبي للحياة السياسية؛ وعدم عدالة توزيع أعداد الناخبين بين الدوائر الانتخابية الخمس الحالية؛ وعدم وجود سقف أعلى ورقابة على الإنفاق الانتخابي للمرشحين؛ ما ينعكس سلباً بالضرورة على العملية الانتخابية ومخرجاتها.سادساً: لقد سبق أن استنتجنا أنّ العملية الانتخابية في ظل هذه العيوب، وما يعانيه النظام الدستوري من نقص وعدم اكتمال الطابع البرلماني الديمقراطي؛ والدور السلطوي في احتكار القرار السياسي وإفساد الانتخابات وإهدار المبادئ البرلمانية وإفراغ "دستور الحدّ الأدنى" من مضامينه الديمقراطية، بالإضافة إلى انعدام وجود الحياة الحزبية السليمة والتداول الديمقراطي للسلطة التنفيذية، قد أدّت جميعها إلى انسداد أفق العمل البرلماني وعجزه عن تحقيق الإصلاح وأحداث التغيير، وهذا ما أدى إلى انتقال مركز الثقل إلى الشارع والحراك الشعبي، وإن كانت الانتخابات والمؤسسة البرلماني لا تزالان تكتسبان أهمية سياسية.سابعاً: آلمتنا نتائج مرشحي قوى الحركة الوطنية في الانتخابات الأخيرة الذين خاضوا المعركة الانتخابية فرادى، ونرى كجزء لا يتجزأ من قوى الحركة الوطنية أنّ واجبنا يحتّم علينا أن نحدد بصراحة ما كانت، ولا تزال، تعانيه الحركة الوطنية من أوجه قصور مزمن في تنظيمها؛ ونخبوية في خطابها السياسي الذي عجز عن فهم استحقاقات الحراك الشعبي وعجز حتى عن تقديم برنامج سياسي لمرشحيها؛ وضعف ملحوظ وغير مسبوق في صلتها بالجماهير الشعبية استناداً إلى قصورها الحاد في فهم طبيعة وديناميكية الحراك الشعبي الذي امتد إلى ما يقارب عامين؛ وابتعاد عن تبني قضايا وهموم الجماهير الشعبية؛ وتذبذب في بعض المواقف.إنّ العمل من أجل الوطن يستدعي الاعتراف بالواقع كما هو، وبالجماهير المهمشة كما هي، ومفهوم الوطنية ليس جامداً ومقصوراً فقط بدلالات تاريخية وإنما يتحدد بعمل الناس ودورهم الذي لا يمكن أن يتم إلا بفهم كل جوانب ومشكلات المجتمع في الكويت وعدم عزلها قسراً، وانتكاسة اليوم ليست غرقاً في الواقع المأزوم فقط وإنما هي تدمير لاحتمالات الضرورة في التطور الدستوري والديمقراطي الحتميين.وهذا ما كنا نحذّر منه وننبّه إليه وكنا ندعو إلى تصحيحه، ويؤسفنا الآن أن تأتي نتائج الانتخابات لتؤكد ذلك بالملموس ولتدفع قوى الحركة الوطنية الثمن مكلفاً، بحيث فَقَدَت تمثيلها البرلماني المحدود في مجلس الأمة الجديد... ونأمل أن يكون كل ذلك محل مراجعة تحليلية نقدية صريحة بهدف تصحيح قوى الحركة الوطنية لخطابها وإصلاح أوضاعها واستعادة مواقعها المفترضة بين الناس وفي الحياة السياسية، وليس فقط في الانتخابات والمؤسسة النيابية، خاصة وأن الحراك الشعبي مؤهل لاستنهاض دوره من جديد وفي أي لحظة.ثامناً: لئن كان فوز أربع من النساء في انتخابات مجلس الأمة للفصل التشريعي الثالث عشر في العام 2009 مؤشراً إيجابياً في تقدير المجتمع الكويتي لدور المرأة، فإنّ تدني مستوى الأداء البرلماني المتفاوت للنائبات؛ والمواقف المتخاذلة لمعظمهن واصطفافهن مع الطرف الحكومي كان لابد أن ينعكس سلباً على التصويت للنساء وتمثيل المرأة في المجلس الجديد، بحيث لم تفز أي مرشحة بأي مقعد نيابي، وهو أمر مؤسف.ومن كل سبق، يرى "المجلس العام للتيار التقدمي الكويتي" أنّ الانتخابات النيابية كانت انعكاساً لمعطيات الواقع الاجتماعي والسياسي وتناقضاته، وهي تنطوي في نتائجها على بعض الجوانب الايجابية والسلبية المتناقضة... إذ خسر معظم النواب السابقين المتهمين في قضايا الإيداعات المليونية مقاعدهم البرلمانية... واتجه التصويت في الغالب نحو نواب المعارضة في مجلس الأمة السابق والمرشحين القريبين منهم ما عزز عددهم في المجلس الجديد؛ وهو ما سينعكس على انتخابات رئاسة المجلس وتشكيل الحكومة المقبلة، وذلك من دون تجاهل الطابع القبلي والطائفي لكثير من هؤلاء النواب... إلا أنّه في المقابل فقد جاءت نتائج الانتخابات في بعض الدوائر لتكشف مدى تغلغل الميل نحو التعصب العنصري بين بعض فئات المجتمع وتدني مستوى الوعي السياسي لدى أقسام ليست قليلة من الناخبين... وتعززت مواقع القوى السياسية الإسلامية من سلف وإخوان وعناصر متزمتة طائفياً ما نخشى معه من انعكاسات سلبية على مستوى الحريات الشخصية وتقييدها أو تأجيج النزعات الطائفية... فيما فَقَدَ أعضاء المجلس السابق من "كتلة العمل الوطني" مقاعدهم... وكذلك لم تصل أي نائبة من بين النائبات السابقات أو غيرهن من المرشحات إلى عضوية المجلس الجديد.وإزاء هذه النتائج المتناقضة فليس هناك ما يدعو إلى بناء آمال على قدرة المجلس الجديد والحكومة المقبلة على إحداث إصلاحات ديمقراطية جدّيّة وتغيير النهج المتبع في إدارة الدولة.ومع ذلك كله، فإنّ "المجلس العام للتيار التقدمي الكويتي" يرى أنّ الصراع السياسي في المرحلة المقبلة يجب ألا ينحرف نحو قضايا وصراعات هامشية، وأن يتركّز بالأساس حول التناقض السياسي غير المحسوم تاريخياً بين النهج السلطوي للمشيخة ومتطلبات التطور الديمقراطي، مع ضرورة التأكيد على التحرك من أجل تلبية استحقاقات ومطالب الإصلاح السياسي الديمقراطي التي سبق أن شرحها "التيار التقدمي الكويتي" بالتفصيل في رسالته الموجهة إلى الناخبين والمرشحين، وفي المقدمة منها إعادة الاعتبار لمشروع بناء الدولة الكويتية الحديثة... والانتقال إلى النظام البرلماني الديمقراطي المكتمل مع بحث ما يتطلبه هذا من تنقيح لبعض مواد الدستور ذات الصلة... وعدم احتكار مناصب رئاسة الحكومة ووزارات السيادة... وإصلاح النظام الانتخابي على أساس الدائرة الانتخابية الواحدة والتمثيل النسبي للقوائم الانتخابية المشكّلة على أساس سياسي وطني ديمقراطي، وقيام حياة حزبية سليمة... وإلغاء القوانين المقيّدة للحريات... وضمان استقلال القضاء، وإصلاح قانوني المحكمتين الدستورية والإدارية... وتطبيق حلّ إنساني عادل ونهائي لقضية البدون، وبالأساس الإسراع في منح الجنسية لعشرات آلاف الكويتيين المحرومين من حقّهم المشروع في الهوية الوطنية باعتراف الجهات الحكومية ذاتها... وحلّ المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها الفئات الشعبية من سكن؛ وتضخم وارتفاع في الأسعار؛ وزيادة في معدلات البطالة؛ ونقص في مقاعد الدراسة الجامعية؛ والتدني في مستوى الخدمات العامة، مع التأكيد على تجسيد مبدأ المواطنة الدستورية المتساوية بين الكويتيين كافة في إطار العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص من دون أي تفرقة أو تمييز.كما يؤكد "المجلس العام للتيار التقدمي الكويتي" ضرورة التركيز بالأساس على العمل في صفوف الجماهير الشعبية لرفع مستوى وعيها السياسي؛ وتعبئتها؛ وتنظيم صفوفها، فهي القوة الأساسية لإحداث أي إصلاح ولتحقيق التغيير الديمقراطي.وختاماً، يرى "المجلس العام للتيار التقدمي الكويتي" أنّ هناك ضرورة لأن تتنادى مختلف القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والمعنيون بالشأن العام إلى عقد مؤتمر وطني شعبي يتم التوافق فيه على مسار الإصلاح وخطوات التغيير.