September 2013
30

الكويتيون البدون وجعنا المستمر

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

بقلم: د.فواز فرحان

مر ما يزيد على خمسة عقود على قضية الكويتيين المحرومين من حق المواطنة أو كما اصطلحنا على تسميتهم بالكويتيين البدون وتكاد تكون الحلول شبه معدومة بغض النظر عن تجنيس بضعة مئات أو ربما آلاف من ضمن هذا العدد الهائل الذي وصلوا إليه والذي يقدر بمئة وعشرين ألفاً على أقل تقدير، وفي ظل انعدام شفافية السلطة فأنا قد أصدق من يقول بأن عددهم وصل إلى المئتي ألف. وأنا كيساري تقدمي أعتبر هذه الفئة جزءاً لا يتجزأ من شعبنا وشركاء لنا في هذا الوطن ولكن حالت الكثير من الأسباب دون حصولهم على حقوقهم الإنسانية وعلى رأسها حق المواطنة.قضية الكويتيين البدون هي قضية إنسانية في المقام الأول لأنها تتلخص بسلب حقوق أصيلة لمجموعة من البشر عاشت على هذه الأرض فترة ليست بالقصيرة ناهيك عن أن أغلبهم ولدوا وترعرعوا بيننا كأي جزء آخر من المجتمع الكويتي، ولكي نضع هذه القضية في مكانها الصحيح يجب ألا نفصلها عن مشكلتنا الرئيسية في هذا البلد والتي تكمن في وجود نظام دستوري منقوص الديمقراطية وسلطة تستغل هذا النقص لخدمة مشروعها الخاص والمتمثل بتحويل الكويت إلى دولة مشيخة على نسق دول القرون الوسطى، بل إن هذه القضية هي من أكثر القضايا تأثراً بمشكلتنا الرئيسية في البلد وتعتبر من أبشع نتائج هذه المشكلة، فبسبب العقلية الرجعية المتمكنة من الحلف الطبقي المسيطر والتي تعتبر السلطة جزءاً منه تم التعامل مع هذه القضية باستخفاف وعنصرية وفوقية وتمييز، فاعتبر هذا الحلف الطبقي المسيطر أن هذه الفئة دخيلة على مجتمعنا ولا تنتمي لمكوناته المختلفة! متناسياً أن شعب الكويت بالأساس لم يتكون إلا من هجرات متتالية امتدت على مدى الثلاثمئة سنة الماضية من نجد والأحساء والعراق وإيران والبحرين وغيرها من الأقاليم المحيطة في إطار الهجرات العربية الكثيرة بين هذه الأقاليم والتي حدثت خلال كل تلك الفترة، ولم يعر هذا الحلف الطبقي المسيطر اهتماماً للحقيقة التي تقول أن الكويتيين البدون ينتمون لمختلف الطوائف الدينية والأعراق والأرومات والقبائل والعوائل التي يتشكل منها المجتمع الكويتي أصلاً! مختزلاً هذه الفئة في تسمية عنصرية ألا وهي (البدون) أو مطوراً لها كما يعتقد تحت اسم (المقيمين بصفة غير قانونية). وأنا أعتقد بأن حل هذه القضية سيكون من خلال حل مشكلتنا الرئيسية والمتمثل باكتمال النظام الديمقراطي البرلماني في إطار الحرية والعدالة الاجتماعية لأنه من غير ذلك ستظل هذه القضية خاضعة للمزاجية والأهواء الشخصية تماماً كما تخضع لها بقية قضايا البلد.تعرض أهلنا من الكويتيين البدون خلال الخمسين سنة الماضية إلى شتى أنواع الظلم والقهر والتمييز متمثلةً في حرمانهم من حق المواطنة والتقصير بحقهم في السكن والتعليم الكامل والصحة المكفولة وتضييق سبل العيش الكريم من خلال ندرة فرص العمل، وفوق هذا كله حرموا من شهادات الميلاد والوفاة وعقود الزواج الرسمية! فليت شعري كم من إنسان ولد ومات وليس له أثر على الأوراق الرسمية؟ وبسبب هذا كله تعرض الكويتيون البدون لشتى أنواع الأمراض الاجتماعية والأدواء النفسية وتتحمل السلطة وحلفها الطبقي المسيطر المسؤولية الأولى والرئيسية على ذلك لأنها تركت هذه القضية تتراكم وتتضخم على مر السنين رغم توفر الإمكانيات لحلها حلاً جذرياً ونهائياً.ونحن نعلم أن حل مشكلتنا الرئيسية في البلد قد يحتاج لسنوات وقضية الكويتيين البدون لا تتحمل هذه المدة فهي قابلة للانفجار الذي قد لا تحمد عقباه، لذلك يجب ألا نقلل من أهمية نضال الناشطين من الكويتيين البدون وإخوتهم من الكويتيين (غير) البدون على مختلف المستويات للضغط على السلطة لإرجاع حق المواطنة لهذه الفئة وكذلك لإرجاع الحقوق الإنسانية الأساسية الأخرى على الأقل حتى يتم استكمال كل الحقوق، فعلى الناشطين المشاركة بالتذمّر والانتقاد لهذا الوضع والمشاركة بالكتابة والندوات والمحاضرات لحشد التأييد الشعبي والمشاركة بكل الوسائل السلمية الأخرى مثل الاعتصامات والمسيرات والمظاهرات والإضرابات الصغيرة والضخمة الجزئية وربما الكلية، وفي هذا السياق يجب التضامن والمشاركة بفاعلية لإنجاح اعتصام الكويتيين البدون السلمي في يوم اللاعنف العالمي والذي تداعت له مجاميع ناشطة من الكويتيين البدون وتضامنت معه ٢١ جهة سياسية وحقوقية وطلابية.سنظل مخلصين لقضية الكويتيين البدون حتى حلها ولن نرضى بأقل من إرجاع حق المواطنة لهم وعلينا أن نناضل بمختلف الأساليب السلمية لخدمة هذه القضية لأن الكويتيين البدون جزء من شعبنا وقضيتهم من صميم قضيتنا.--------------------------------------*أمين اللجنة المركزية للحركة التقدمية الكويتية.