August 2013
28

تغطية جريدة الطليعة لحوار التيار التقدمي الكويتي حول "رؤية الإصلاح الديمقراطي"

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

كتبت عزة عثمان:

أقام التيار التقدمي الكويتي الأحد الماضي لقاء مفتوحا حول رؤيته للإصلاح الديمقراطي، بحضور عدد من الناشطين وأعضاء التيار التقدمي.

في البداية، تحدث المنسق العام للتيار التقدمي ضاري الرجيب عن الرؤية، مؤكدا أن التيار التقدمي كان، ولا يزال، جزءا من الحراك السياسي وفي صفوفه الأمامية، مشددا على أن قضيتهم الأساسية هي الإصلاح.

وأضاف أن السلطة، بعدما فرضت نظام الصوت الواحد، أصبحت قادرة على التحكم في العمل البرلماني، وبات المجلس مجرد واجهة برلمانية، مؤكدا أن العمل البرلماني لا يوجد فيه أي إمكانية لعمل أي إصلاح.

نهج السلطة

وأشار إلى أن الأزمة السياسية ليست وليدة اليوم، لكنها بدأت عقب الاستقلال مباشرة، وأن التناقض الواضح لا يمكن لأحد أن ينكره، بسبب الظروف المستمرة منذ السنوات الأولى للاستقلال.. لذا، لا بد من حل لتلك الإشكاليات، وهذا الحل ليس في تغيير عدد الدوائر، ولا الأشخاص فقط، بل عبر تغيير نهج السلطة والعقلية التي تدار بها البلد، وبطبيعة الحال ينعكس ذلك على نظام القوى السياسية التي تمثل القوى الشعبية.

أزمة عميقة

من جانبه، أكد عضو التيار التقدمي الكاتب السياسي أحمد الديين وجود أزمة عميقة في البلد لها جذورها، التي من أهمها الطبيعة الرجعية للسلطة، مشيرا إلى أن هناك ظروفا كثيرة أدَّت إلى انسداد أفق العمل، من خلال مجلس الأمة، إضافة إلى العامل الجديد، وهو نظام الصوت الواحد.

الحراك

وأوضح الديين أن الحراك، الذي انطلق في العام 2006، كان حراكا شعبيا واسعا، طالب بإصلاح النظام الانتخابي، بعدما أصبح واضحا مدى سوء نظام الدوائر الانتخابية الخمس والعشرين، الذي فرضته السلطة منفردة في العام 1980، وكان هذا ما تمثل في حركة «نبيها 5»، معربا عن أسفه أن هذا الحراك من أجل نظام انتخابي لم يكن جزءا من حركة أوسع للإصلاح الديمقراطي الشامل.

وانتقل الديين لحراك العام 2009، الذي كان يحمل شعار «ارحل.. نستحق الأفضل»، والذي بدأ بعد فضيحة شيكات النواب، التي تورط فيها رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد، واتضح معها مدى عجزه وسوء إدارته لشؤون الدولة، معتبرا أن نقطة ضعف هذا الحراك انحساره في شخص رئيس الوزراء، الذي رفعت بسببه الحصانة عن النائب د.فيصل المسلم، بسبب إفشائه أسراراً بنكية وعرضه للشيكات في مجلس الأمة، لتشتد الأزمة ويزداد الحراك في نهاية العام 2010 وبداية العام 2011 وحل على إثرها مجلس 2009، وتبلور لاحقا شعار «رئيس جديد بنهج جديد وحكومة جديدة»، وكان نتاج هذا الحراك الشعبي أنه فرض على السلطة واقعا جديدا مختلفا عما كانت عليه الحال قبل ذلك من أساليب التعامل السلطوي، إذ لم تعد السلطة قادرة على الانقلاب المباشر على الدستور، كما فعلت في عامي 1976 و1986.

المكاسب والإنجازات

وأوجز الديين أهم المكاسب التي حققها الحراك الشعبي والشبابي منذ العام 2006، والتي تتمثل في نجاحه بتحقيق بعض مطالبه، كإقرار الدوائر الخمس في عام 2006، والإنجاز الأكبر، المتمثل في إزاحة رئيس وزراء من أبناء الأسرة الحاكمة عبر الشارع، ليكون أول رئيس وزراء سابق، إلى جانب فرض واقع جديد على السلطة، يتمثل في إمكانية خروج الشعب إلى الشارع واحتجاجه ومطالبته بحقوقه وتطور خطاب القوى السياسية المعارضة واكتساب الجماهير خبرات نضالية وميدانية كبيرة عبر المشاركة في المسيرات والاعتصامات، والاستعداد الكبير للتضحية وروح التضامن اللذين أبداهما الشعب الكويتي، والفضح التدريجي للنهج غير الديمقراطي للسلطة وزوال كثير من الأوهام حول طبيعتها.

الإخفاقات

واستعرض الديين النواقص والسلبيات والإخفاقات للحراك، التي من أهمها عدم وجود أجندة واضحة لمطالب الإصلاح الديمقراطي الشامل بعد حركة «نبيها 5»، وعفوية التحرك واستمراره في إطار ردود الأفعال، سواء في العام 2009، للمطالبة بإسقاط ناصر المحمد، أو في مواجهة فضيحة الشيكات، ومن بعدها قمع ديوانية الحربش، حيث انحسرت المطالب برحيل ناصر المحمد وحل مجلس 2009، وهذا ما استغلته السلطة لترتيب أوضاعها، وخصوصا مع هدوء الشارع.

أما الإخفاق الثالث، كما قال الديين، فتمثل في التناقضات التي انطوى عليها تكوين كتلة الأغلبية في مجلس 2012، التي كانت تضم لفيفا من نواب أفراد أو ينتمون إلى كتل، وذلك من خلفيات مختلفة، ويحمل بعضهم أجندات متعارضة، إضافة إلى أنه بعد إبطال مجلس فبراير 2012 بات واضحا أن هناك أطرافا في كتلة الأغلبية لديها أولويات مختلفة عن أولوية الإصلاح الديمقراطي، بل متناقضة معها، إضافة إلى الاصطفاف الطائفي والفئوي الذي ألقى بظلاله السلبية على مقاطعة انتخابات ديسمبر 2012، وضعف قوى التيار الوطني الديمقراطي وقيام بعضها بالنأي بنفسها عن الحراك الجماهيري ورفض المجاميع الشبابية التعاون مع القوى المنظمة والاستفادة من خبراتها السياسية.

طريق الإصلاح

وأكد الديين أن النضال من أجل تحقيق إصلاح ديمقراطي يتطلب تشخيص العيوب والنواقص البنيوية التي تعانيها المنظومتان السياسية والدستورية، إلى جانب تحديد العوامل التي أدَّت إلى تعطيل عملية الانتقال نحو الديمقراطية، مشيراً إلى أن من أهم تلك العيوب والنواقص عدم اكتمال الطابع التمثيلي لمجلس الأمة والضمانات المبالغ فيها التي تتمتع بها الحكومة، وانعدام وجود آلية مقررة دستوريا لتداول مناصب السلطة التنفيذية وغياب الحالة الحزبية المنظمة ونجاح السلطة في تعطيل الدستور وإفراغه من محتواه وتكريس نهج الانفراد بالسلطة، وذلك إما بالانقلاب المباشر على الوضع الدستوري، أو عبر التواطؤ مع الغالبية النيابية الموالية للسلطة في معظم المجالس النيابية، هذا إلى جانب النظام الانتخابي المعبوث به الذي أدَّى إلى تحكم السلطة في العملية الانتخابية ومخرجاتها وعرقلة إمكانية وجود غالبية نيابية خارجة عن طوعها.

تعطيل الديمقراطية

وأشار الديين في رؤية الإصلاح التقدمي إلى العوامل التي أدَّت إلى تعطيل عملية الانتقال إلى الديمقراطية في الكويت طوال نصف القرن المنصرم، والتي برزت في موقف السلطة المعادي للديمقراطية ومحاولاتها المتواصلة لإعاقة تطورها وتقليص هامش الحريات وتكريس نهج الإنفراد بالقرار ونجاحها في إفراغ دستور 1962 من العديد من مضامينه الديمقراطية، وفرضها ترسانة من القوانين المقيّدة للحريات أو المناقضة لأسس النظام الديمقراطي وتحكمها في النظام الانتخابي، ما أدى شيئا فشيئا إلى انسداد أفق الإصلاح عبر الانتخابات وأساليب العمل البرلماني، هذا إلى جانب سطوة الدولة الريعية واستقلال قرارها عن المجتمع والتأثيرات السلبية لقيم المجتمع الاستهلاكي، وكذلك التأثيرات السلبية للبنى الاجتماعية التقليدية الطائفية والقبلية والعائلية، وخصوصا في ظل محاولات السلطة تمزيق النسيج الوطني الاجتماعي وتأجيج النزعات الطائفية والقبلية والفئوية والمناطقية.

نظام ديمقراطي

وأضاف أنه من خلال رؤيتة التيار التقدمي تحددت أركان خمسة كي يقوم نظام ديمقراطي برلماني كامل، وهي وجود أحزاب سياسية وتداول ديمقراطي للسلطة، وضرورة نيل الحكومة ثقة البرلمان، واختيار رئيس مجلس الوزراء والوزراء من بين أعضاء كتلة أو حزب الغالبية في البرلمان، وأن يكون رئيس الدولة حكما بين السلطات لا طرفا في المنازعات السياسية.

مستويان للإصلاح

وأوضح الديين أن هناك مستويين للإصلاح الديمقراطي: المستوى الأول هو السياسي والمقصود منه أنه الذي يمكن تحقيقه من دون الحاجة إلى تنقيح دستور الحد الأدنى، ويتمثل في انتزاع الحق الديمقراطي في إشهار الأحزاب السياسية عبر قانون ديمقراطي وإقرار نظام انتخابي ديمقراطي عادل قائم على التمثيل النسبي للقوائم الانتخابية ضمن دوائر كبيرة وإلغاء القوانين المقيدة للحريات، وخصوصا حرية الاجتماع العام وحرية التعبير عن الرأي والحق في تشكيل مؤسسات المجتمع المدني، بالإضافة طبعا لإطلاق سراح المعتقلين وسن قانون للعفو العام عن قضايا الرأي المعروضة أمام جهات التحقيق والمحاكم حاليا، وبالنسبة للمستوى الثاني، وهو مستوى الإصلاح الدستوري الديمقراطي، قال الديين: إنه يتطلب بدءاً تصحيح الموقف الدفاعي عن دستور 1962، الذي تشكل تاريخيا في مواجهة الانقلابات السلطوية على الدستور، بحيث يتحول إلى موقف الدفاع عن المكتسبات الديمقراطية المتحققة في دستور الحد الأدنى مع المطالبة بإصلاح دستوري يستكمله، ليصبح دستورا ديمقراطيا.

_______________________________________________

منقول عن جريدة الطليعة تاريخ 28\08\2013