تغطية صحيفة الطليعة لندوة مستجدات الساحة السياسية
كتب محرر الشؤون المحلية:
في وقفة لقراءة المستجدات ومتابعة تطور الأحداث السياسية وفصولها المتعاقبة، أقام التيار التقدمي بديوانه الأسبوعي ندوة لقراءة الوضع البرلماني بتفاصيله المتشعبة، وما آلت إليه الأحداث على السطح السياسي، ولاسيما بعد جلسة استجواب وزير المالية (المستقيل) مصطفى الشمالي. وقد حاضر في الندوة بشكل رئيسي عضو التيار التقدمي الكاتب أحمد الديين، وتحدَّث خلالها عن مجموعة من القضايا، بدأت بالوضع الداخلي، وأحداث ما بعد الاستجواب، ثم قضية رد سمو الأمير لطلب تنقيح المادة 79 من الدستور، وتطرَّق بعدها إلى علاقة التيارات الوطنية بعضها ببعض،
والسعي من أجل الاتفاق على أجندة سياسية واحدة، للتصدي للمخاطر التي تحيق بالمكتسبات المدنية والشعبية والمجتمعية. في البداية، قال الديين إن هناك معلومات وصلت إليه تفيد باتخاذ أوساط متنفذة داخل السلطة قراراً بحل المجلس، فضلاً عن إعادة تفتيت الدوائر، والعودة بها إلى نظام الدوائر العشر، وتقسيمها، بهدف خلط الأوراق، مؤكداً أن هناك أطرافاً سلطوية أخرى تساءلت أثناء اجتماعات الغرف المغلقة سؤالاً، مفاده: لماذا لا نعود بالدوائر الانتخابية إلى نظام الخمس وعشرين دائرة كما كان في السابق؟ وجدد الديين على تأكده من تلك المعلومات التي وردت إليه، قائلاً: لقد نفذ القرار السلطوي، مشيراً إلى أنه بالفعل تم تكليف أحد المستشارين بمجلس الوزراء بدراسة قضية العودة إلى نظام الدوائر العشر، بعد انتهاء استجواب الشمالي، مشيراً إلى احتمالية استغلال ما صاحب ذلك الاستجواب من مجريات وأحداث.الأزمة السياسية قائمةوأضاف الديين أن تلك الأحداث تؤكد مرة أخرى صحة استنتاجنا، وأن الأزمة السياسية مازالت قائمة ولم تنته، ولكن ما حدث أن حالة الاحتقان قد «خفت» بين الشارع والحكومة بعد استقالة الحكومة وحل مجلس الأمة، مؤكدا أن عوامل الأزمة السياسية مازالت قائمة، ويجيء على رأسها انفراد السلطة بالقرار، بالإضافة إلى النهج السلطوي التي دأبت عليه واستغلال أي ذريعة لتحقيق ما تريد إذا أتيح لها ذلك. وأكد الديين أن السلطة استفادت من الوضع الحالي، سواء عن طريق بعض من الأقلية البرلمانية التي شوَّهت الممارسة النيابية عن طريق تسجيلها لبعض المواقف الدخيلة عن العمل النيابي، أو عن طريق استغلال سلبيات الأغلبية النيابية، كونها كتلة غير متماسكة كان يفترض أن تأتي متماسكة ومنسجمة لإقرار متطلبات المرحلة السابقة، وأهمها حزمة قوانين مكافحة الفساد والإصلاح السياسي والاقتصادي.الممارسات النيابية السلبيةوألقى الديين الضوء على بعض الممارسات السلبية لكتلة الأغلبية، والتي ذكر منها دخول بعض العناصر المتزمتة فيها وإعلانها عن جملة من القوانين أثارت مخاوف وردود أفعال، كقانون الحشمة وبناء الكنائس، فضلاً عن إعلانها عن تعديل المادة الثانية والمادة 79، وذلك بعد انصرافها عن التركيز في قضايا الإصلاح، فضلاً عن عدم إنجازها رصيدا تشريعيا يرضي الشارع ويعزز موقفها. وانتقل الديين إلى الجزء الثاني من الندوة والمتعلق بتقديم طلب نيابي من 31 نائبا بتنقيح المادة 79، ومن ثم رد الطلب من قبل سمو امير البلاد، مؤكدا أن الطلب لم يكن متفقا عليه أو مطروحا أثناء الحراك الشبابي في عامي 2010 و2011، بل حتى عندما تقدمت كتلة التنمية والإصلاح عن بعض التعديلات الدستورية في الفصل التشريعي السابق لم يتم التطرّق إلى تلك المادة لا من قريب أو من بعيد، وارتكزت تعديلاتهم على تنقيح مواد دستورية اخرى منها المادة 98 من الدستور المتعلقة ببرنامج الحكومة والمادة 80 المتعلقة بعمل الوزراء غير المنتخبين، بالإضافة إلى تطرقها لمجموعة من المواد الأخرى منها المادتان 100 و101.تهديد مدنية الدولةوأوضح الديين أن القوى الدينية عندما اقترحت تعديل المادة الثانية من الدستور، ومن ثم تعديل المادة 79 وضعوا المواطنين أمام وضع مختلف كشف عن حقيقة التزمت لتلك القوى، فبذلك الطرح هددوا الطابع المدني للدولة، كونهم عينوا سلطة دينية غير منتخبة تحدد مدى توافق التشريعات المقرة من المجلس مع الشريعة الإسلامية، الأمر الذي من شأنه يعد مساسا بالطابع المدني للدولة. وأضاف الديين: في مقابل تلك الخطوات، كان لزاما علينا أن يكون هناك تحرك من التيارات التقدمية وجمعيات النفع العام، بعد ان أكدنا أن مجرد تسجيل المواقف وإصدار البيانات في مثل تلك الظروف والقضايا غير كاف تماما، مشيرا إلى أن التيارات الوطنية بمختلف الوانها السياسية اجتمعت واقامت ندوات ومهرجانات خطابية وكان مقررا أن يكون هناك تحرك على الارض، لكنه لم يتم بعد رد مشروع التعديل من قبل سمو الامير. وعن الخطوات النيابية الأولى لتعديل المادة الثانية، قال الديين إنه في عام 1973 رد أمير البلاد وقتها طلبا قدم لتعديل المادة الثانية، ثم بعد ذلك تم تجاهل الطلبات الأخرى بناء على رد الطلب الأول، ولكن، وباعتبار أنها المرة الأولى التي يقدم فيها طلب لتنقيح المادة 79، فقد تم رده بناء على مذكرة أرسلها مع مذكرة الرفض. وأشار الديين إلى أن المخاوف التي اثارها النواب الاسلاميون مازالت مستمرة، ولن يكتفوا برد التعديل الدستوري، ولكنهم سيحاولون اثبات وجودهم وصحة وجهة نظرهم، مشيرا إلى أن التيار التقدمي ضد استخدام الشريعة كشعار سياسي، أو أن تكون مجرد لغو، اسوة بما حدث من قبل مع قانون الزكاة وممارسة المرأة لحقوقها السياسية.أين يسير التيار التقدمي؟وعن اتهام البعض للتيار التقدمي بأنه كان يسير خلف التيار الاسلامي، قال الديين: التيار التقدمي شارك في الحراك السياسي قبل الاسلاميين، وذلك في عام 2010 قبل الاعلان رسميا عن التيار التقدمي، وفي عام 2011 بعد الاعلان عنه، مؤكدا أن التظاهرة الأولى التي بلورت الشعار السياسي الذي رفع لاحقا في أغلب التجمعات الشبابية - حرية حرية.. حكومة شعبية - قادها الشاب خالد المطيري أحد اعضاء التيار التقدمي. وجدد الديين تأكيده أن التيار التقدمي والمنبر والتحالف شاركوا في الحراك الشبابي قبل السلف والإخوان، مؤكدا أن الصراع السياسي ينظر له من قبل التيار وفقا لثلاث محطات، اولاها صراع مع النهج السلطوي، ثم صراع مع اصحاب المصالح وكبار المتنفذين، فضلا عن صراع ثالث مع الجماعات المتزمتة التي تحاول فرض مشروع السلطة الدينية، مؤكدا أن كل ما سبق امور مستحقة، ولا يجب أن يختزل الصراع مع الاسلاميين فقط.لا خصخصة ولا أسلمةودلل الديين على تصدي التيار التقدمي لاشكال تلك الصراعات بوقوف التيار ضد قانون الخصصة، فضلا عن تصديه ومعه اجنحة التيار الوطني لمخطط اسلمة القوانين، بالإضافة إلى استماتة التيار التقدمي حيال ما اسماه محاولات النهج السلطوي القفز على المكتسبات الشعبية والدستورية. وعن الاجواء السياسية الحالية التي اعقبت رفض تعديل المادة 79، بالإضافة إلى تخبُّط الاغلبية النيابية وكشف المخطط السلطوي، قال الديين إن الكل اراد الذهاب لتنقيح الدستور، بهدف الاتيان بحكومة برلمانية، مؤكدا أن ذلك امر مستحق، لكن في الوقت نفسه يجب أن تؤخذ تلك الاصلاحات بأدوات أكثر اهمية على ان تكون في شكل حزمة واحدة. وعن تلك الحزمة، قال الديين: لا بد من إقرار قوانين الدائرة الواحدة بنظام القوائم والتمثيل النسبي، بالإضافة إلى حتمية اعادة النظر في تلك التعديلات بجانب قانون اشهار الاحزاب السياسية، لنصبح من خلاله أكثر تنظيما، بدلا من الفوضى الحالية. وقال الديين: أمام مجلس الامة حاليا اقتراحان بقانون في شأن الهيئات والاحزاب السياسية نؤيدهما تماما، على الرغم من بعض التحفظات التي تتلخص في أن احدهما يعطي حق اشهار الاحزاب لوزير العدل، فضلا عن أن من ينشئ هيئة سياسية خارج ذلك الاطار تتم معاقبته، هذا بالإضافة إلى أن القانون الآخر يتطلب أن تكون الاحزاب المنشأة ملتزمة بالشريعة، مع مطالبته برفع نصاب اشهار الهيئات من 50 إلى 300 مواطن. واختتم الديين حديثه بقوله: نؤكد اهمية التعاون مع القوى الوطنية الأخرى، التحالف والمنبر الديمقراطي، ولكن لا بد أن نتفق على اجندة سياسية وعلى برنامج سياسي للإصلاحات، بهدف التصدي للسلطة والاطراف المتزمتة والقضايا المجتمعية، لا أن يختزل كل ذلك في الصراع مع الاسلاميين فقط.
الجاسم: مشكلة «الداو» عدم قدرة الحكومة على تسويقها
تخلل الندوة القاء عبدالقادر الجاسم أحد المتابعين للقطاع النفطي ندوة مصغرة عن قضية الداو كيمكال، أكد من خلالها ان المشكلة الكبرى في تلك القضية تلخصت في عدم قدرة الحكومة عمليا على التسويق جيدا للصفقة، كونها لم تقنع العامة والمواطنين بمزاياها، بالاضافة إلى بعض الكتل والاطراف النيابية، مشيرا إلى انه وفي ظل وجود هذا الشك وعدم وجود رؤية وردود حكومية عن بعض التساؤلات رفض قطاع عريض تلك الصفقة بشكل قاطع، مضيفا أن قضايا كالمصفاة الرابعة والمحفظة الاستثمارية من ارباح النفط ساهمت في بلورة تلك الرؤية لدى كتل سياسية واشخاص عاديين.