المنشورات التقدمية
ابحث من بين أكثر من 1550 قطعة مكتوبة
تركيا بإصرارها على عدم التدخل في الهجوم الذي تتعرض له «كوباني» الكردية على حدودها من قبل تنظيم الدولة الإسلامية، إضافة إلى أنها ترفض السماح للأكراد بالدفاع عن أنفسهم، وترفض بل وتقمع المظاهرات داخل تركيا التي تطالب بالدفاع عن كوباني، تكون تركيا قد فقدت مصداقيتها رغم وصول عناصر الدولة الإسلامية إلى حدودها.
وكأنها تكشف أنها تفضّل الإسلاميين المتشددين والإرهابيين على مواطنيها من الأكراد، فقد قتلت حتى الآن أكثر من 33 من مواطنيها المحتجين في ميدان تقسيم وغيره من المناطق بالرصاص الحي، بينما تقف دباباتها على تخوم المدينة دون طلقة واحدة ضد الغزاة، الذين يتوقع المراقبون أنهم سيرتكبون المجازر ضد المدنيين في حال احتلالهم لكوباني أو «عين العرب».
وكل ذلك يبيّن التعقيدات التي تواجه التحالف الدولي ضد «داعش»، وغموض الموقف على الأرض وتداعيات ذلك على دول الجوار العربي، فالمواقف الغربية والأميركية السياسية مرتبكة، بينما أصحاب مصانع السلاح هم الأكثر ارتياحاً بسبب أرباحهم الهائلة من بيع الأسلحة والذخائر وقطع الغيار، سواء للجيش الأميركي أو الجيوش العربية والدول المشاركة في التحالف.
وهذا يضعنا أمام تساؤل: هو ما مدى جدية هذا التحالف الضخم ذي العدّة والعتاد في القضاء على العصابات الإرهابية؟ التي ما زالت تتلقى الأموال والسلاح والمقاتلين من دول الخليج، التي لا تريد أن تحكم قبضتها على جماعات الإسلام المتشددة في دولها.
فقد تجاوزت كلفة الحرب ضد «داعش» حتى الآن المليار دولار منذ بدء العملية العسكرية قبل بضعة أسابيع، والتي ستدفع دولنا فاتورتها بكل تأكيد مع كل مخاطر هبوط أسعار برميل النفط إلى مستويات متدنية منذ سنوات، حيث وصل سعر برميل النفط الكويتي إلى 85.3 دولار، والكلفة مؤهلة لأن ترتفع أكثر مع توسع «داعش» في الأراضي العربية، وتغيير أساليب التنظيم وتكتيكاته العسكرية واعتماد السرية في حركته بسبب الضربات الجوية.
وجميع المؤشرات تشي بأنه لا توجد دولة بمنأى عن وصول عناصر تنظيم الدولة الإسلامية لها، فهو يزداد قوة وشعبية لصموده أمام ستين دولة تقاتل ضده، أما شعوبنا فهي مكتوفة الأيدي لأنها مقموعة ومقيدة الحريات ومهمشة عن المشاركة في السلطة والقرار، كما حدث لسنّة العراق الذين فضلوا في فترة ما الانضمام ودعم «داعش» ضد النظام الطائفي الذي كان يمثله المالكي.
إن تطمينات الوزارات الأمنية والعسكرية في دولنا، حول درجة الاستعداد الكبيرة لمواجهة الأخطار وأن عيون الأمن يقظة والحدود مؤمّنة، غير كافية خصوصا مع اكتشاف مخالفات أمنية وفساد لبعض العناصر في هذه الأجهزة والتي نقرأها في الصحف اليومية، إضافة إلى تكريس جهود الجهات الأمنية ضد حريات الشعب، والقيام بإجراءات استفزازية ضد شرائح ومكونات في المجتمع.
وليد الرجيب
____________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 13/10/2013 العدد:12887
د. حسن مدن*
يُذكرنا إقرار الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، بأن أجهزة الاستخبارات في بلاده أخطأت في تقييم وتقدير نشاط "داعش" في سوريا والعراق، بالقول التالي للفيلسوف الألماني هيغل:
"عادة ما ينتج عن أفعال الناس شيء آخر غير ما يتوقعون أو ينجزون؛ شيء آخر غير ما يعرفون ويريدون مباشرة، إنهم يحققون مصالحهم، لكن يحدث بجانب ذلك شيء آخر مضمر في الداخل شيء لا ينتبه إليه وعيهم، ولم يكن في حسبانهم".
قال أوباما "أخطات وكالات المخابرات الأمريكية ولم تقدّر حجم نشاط "داعش" في سوريا التي تحوّلت إلى مركز الجهاديين من كل أنحاء العالم بالشكل الصحيح"، كما اعترف بمبالغة أمريكا في اعتمادها وثقتها بقدرة الجيش العراقي على مواجهة الميليشيات المسلحة من دون الحاجة إلى مساندة خارجية.
وأضاف: "نزل الجهاديون للعمل السري تحت الأرض، ومع سيادة الفوضى الناجمة عن الحرب الأهلية السورية وتحول مناطق واسعة الى مناطق خارجة عن السيطرة ولا يحكمها أي أحد أو أية جهة نجحوا بإعادة تأسيس أنفسهم واستغلال الفوضى، ومن ثم أصبحت تلك الأراضي قبلة الجهاديين حول العالم".
عبارة هيغل الواردة أعلاه تقدم مفاتيح مهمة لمعرفة وتحليل الكثير من الظواهر، سواء تلك التي تحصل في النطاق الفردي المحدود أو ما يحيط به من دائرة أو دوائر صغيرة، أو في الفضاء العام، بما في ذلك فضاء العلاقات السياسية على مستوى الدول منفردة أو على المستوى الكوني العام. إنها تعيننا على رصد الأشياء غير المتوقعة التي نجمت عن أفعال واعية أو مدروسة قام بها أفراد أو زعماء دول أو قادة أحزاب أو جيوش، كانوا يرتأون شيئاً ويريدونه، ولربما تحقق لهم ما يريدون، ولكن مع ذلك نشأت أمور أخرى لم يكونوا يتوقعونها، حين ظهر شيء مضمر في الداخل كما يقول هيغل.
ثمة تاريخ آخر ينشأ لم يكن في حساب أحد، ممن أرادوا أن يخلقوا هذا التاريخ، أو وقائعه. وليس التاريخ خارج وعي البشر وإرادتهم، فهم من يصنعونه، ولكن البشر كثر، ومصالحهم مختلفة، متعارضة وحتى متناقضة. ما ينجزه بعضهم، سواء أكانوا دولاً أو جماعات أو حتى أفراداً، لا يمكنه أن يلغي ما يفعله البعض الآخر كفعل مضاد، قد يأتي سريعاً وفورياً، وقد يأتي بعد حين: بعد سنة أو عشر أو حتى بعد قرن.
التواريخ ليست متعاقبة فحسب، وإنما متوازية أيضاً.
_________________________
*الامين العام السابق للمنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين
منقول عن موقع التجديد العربي تاريخ 03/10/2014

القدس العربي:أحد البدون الكويتيين عالق بين أوكرانيا و روسيا بلا جواز سفر.
عبدالله مياح بطل حقيقي لأحداث تشبه فيلم «الحدود»
الكويت ـ «القدس العربي» من منى ياسر:
على غرار ما يحدث في أفلام السينما، وتحديدا فيلم دريد لحام « الحدود « الذي يعيش بطله على خط الحدود بين بلدين، وجد الشاب عبد الله مياح من «بدون الكويت» نفسه في الموقف نفسه، بطلا جديدا من أبطال قصص الشتات للشباب العربي في بلاد الله الواسعة، لأن بلادهم لفظتهم رغما عنهم ولم تمنحهم صك الانتماء ولا وفرت لهم فرصا للتعليم أو العيش الكريم.
منذ أكثر من سنتين خرج عبد الله مياح (28) عاما مودعا أهله في الكويت وحاملا جواز سفر مادة 17 (جواز خاص للبدون) ليدرس الطب في الجامعة الطبية في مدينة «سيمفروبل» بإقليم شبه جزيرة القرم الذي كان يمثل دولة أوكرانيا، وقبل الأحداث الأخيرة وانضمام القرم إلى روسيا انتهى جواز سفره، ومنعته السلطات الروسية من عبور حدودها والدخول إلى الأراضي الأوكرانية لاستكمال دراسته أو حتى الوصول إلى سفارة دولة الكويت في العاصمة «كييف».
ووسط هذه الظروف الصعبة وجه مياح خطابا إلى السفير الكويتي في أوكرانيا يوسف القبندي طالبا مساعدته لإنهاء معاناته وتجديد جواز سفره قائلا «إنني عالق حاليا في الأراضي الروسية التي لم أفكر أبدا في الدخول إلى أراضيها ولم أتوقع بتاتا أن أنام في أوكرانيا وأصحو كمقيم دون جواز سفر في دولة أخرى، أرجو منكم حل مشكلتي نظرا لضيق الوقت لاستكمال إجراءات تسجيلي وقلة المقاعد الدراسية المخصصة للطلبة الأجانب» لكن لم يأته أي رد.
سعدون مياح شقيق عبد الله تحدث لـ « القدس العربي « طالبا إنهاء معاناة شقيقه العالق في روسيا حيث وصف وضع عبد الله بالمأسوي، فالأمر يتعلق بمستقبله وتحصيله العلمي الذي بدأ منذ عامين حين قرر عبدا لله إكمال دراسته على حساب والده الشخصي بعد أن تعذرت فرص اتمام دراسته في الكويت لأنه «بدون «.
وكشف سعدون مياح أن جواز عبد الله انتهت صلاحيته قبل خمسة أشهر وأرسله للسفارة الكويتية في كييف أي قبل انضمام القرم لروسيا، وأن الإجراءات المتبعة مع حالات البدون في الخارج أن السفارة الكويتية ترسل الجواز المنتهي بحقيبة دبلوماسية إلى وزارة الخارجية الكويتية في الكويت والتي بدورها تحوله إلى وزارة الداخلية، وقد راجعت بنفسي الداخلية أكثر من مرة للمتابعة إلا إنها أبلغتني إنها لن تجدد جواز عبد الله ولم تبد أي أسباب لعدم التجديد.
وختم سعدون حديثه: إن عبدالله عالق لا يستطيع العودة إلى أوكرانيا ليسجل في جامعة جديدة بعد أن تدنى مستوى جامعته علميا فلم تعد تخرج أطباء ولا يستطيع الانتقال لجامعة أخرى إلا بجواز سفر ساري الصلاحية، ولا يستطيع حتى العودة للكويت، والوقت ليس في صالحه ولا حول ولا قوة إلا بالله.
هذا وعلمت «القدس العربي» إن من أسباب عدم تجديد جواز سفر عبد الله مياح من الداخلية كونه شارك قبل سفره في المظاهرات السلمية التي طالب فيها البدون بحق المواطنة وتحسين أوضاعهم المعيشية وتوفير فرص التعليم والعمل، ومن شروط الداخلية لحصول البدون على جواز سفر أن يحمل إحصاء السكان للعام 1965 ليثبت إنه أو والده من سكان الكويت في ذلك الحين.
هي قضية الشاب الكويتي البدون عبد الله مياح الذي سافر قاصداً دراسة الطب في أوكرانيا في القرم، وبعد عامين أصبح مقيما في روسيا بلا جواز سفر وممنوعا من العبور لأوكرانيا.
اتصلت بمياح الذي قال: «كل ما أريده من سفارة الكويت في القرم أن تجدد جواز سفري كي أستطيع السفر الى أوكرانيا، وأنجز مهمة التسجيل في جامعة الطب هناك لتكملة دراستي بعد تعطلها لأكثر من خمسة أشهر بسبب مماطلة السفارة الكويتية بالقرم بعدم تجديد جواز سفري».
وأضاف: «أنا عالق في روسيا ولا أستطيع التنقل دون جواز سفر وأيضا لا أستطيع التسجيل في جامعة لتكملة دراستي، أرجو من السلطات الوقوف بجانبي ومساعدتي لانهاء مشكلتي بتجديد جواز السفر».
______________________________
منقول عن صحيفة القدس العربي تاريخ 28/09/2014
د. بدر الديحاني
تتحدث الحكومة باستمرار عن ضرورة تقليص البنود غير الضرورية في الموازنة العامة للدولة حتى يمكن تجنب العجز المالي المتوقع قريباً جداً إذا ما استمر الوضع الحالي على ما هو عليه، ولكنها لا تشير دائما إلا إلى الباب الأول من الميزانية وبالذات رواتب صغار الموظفين ومكافآتهم أو إلغاء دعم الخدمات الأساسية وفرض رسوم جديدة، ثم تتخذ، في الوقت ذاته، قرارات تتناقض مع توجه تخفيض الميزانية (بلغت هذا العام 23.212 مليار دينار)، مثل التوسع في الأوامر التغييرية للمشاريع الإنشائية التي يجري تنفيذها منذ زمن طويل وكان يفترض أنها انتهت قبل سنوات، مثل مشروع جامعة صباح السالم في "الشدادية" ومستشفى واستاد جابر التي تضاعفت تكلفتها عدة مرات وتعطل تنفيذها كثيراً ولم يحاسب أحد على ذلك!
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى هناك أجهزة حكومية أنشئت قبل فترة طويلة من أجل إنجاز مهام محددة لكنها فشلت في تحقيق أهدافها رغم التكلفة الباهظة التي تتحملها ميزانية الدولة، ومن هذه الأجهزة، على سبيل المثال لا الحصر، برنامج إعادة هيكلة القوى العاملة والجهاز التنفيذي للدولة الذي تأسس عام 1997 بهدف "تصحيح اختلالات سوق العمل المحلي وتغيير مسارات التوظيف لدى المواطنين من القطاع الحكومي إلى القطاع الخاص" وذلك من خلال "توسيع فرص العمل الحقيقية لقوة العمل الوطنية خارج القطاع الحكومي وتطوير أسواق العمل والجهاز الإداري للدولة بما يدعم رؤية الدولة وتنمية الموارد البشرية"، فماذا كانت النتيجة؟
النتيجة أن الجهاز التنفيذي للدولة يزداد ترهلاً وفساداً ويتضخم حجمه بشكل غير طبيعي، أما تركيبة القوى العاملة فحدّث ولا حرج، فهي تعاني اختلالاً هيكلياً مستمراً، حيث تزداد نسبة الوافدين في الأجهزة الحكومية مقارنة بنسبة المواطنين، أما نسبة العمالة الوطنية في القطاع الخاص فلا تتجاوز 4% (جزء منها توظيف وهمي!)، كما أن نسبة البطالة تتفاقم بالرغم من أن رؤية البرنامج الموجود على موقعه الإلكتروني هي "القطاع الخاص هو الموظف الأكبر للعمالة الوطنية"، أما رسالته فهي "إيجاد حلول إبداعية لتنمية العمالة الوطنية وتوجيهها نحو العمل بالجهات غير الحكومية ودعم المشروعات الصغيرة بما يتفق مع الأهداف التنموية للدولة والحد من البطالة"!
وهذا معناه أن البرنامج قد فشل في تحقيق رؤيته ورسالته وأهدافه رغم الحملات الإعلامية الضخمة الباهظة التكاليف التي نفذها، لهذا فإن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو: أليس من المفترض عدم استمرار برنامج أو جهاز إداري يُحمّل ميزانية الدولة ملايين الدنانير سنوياً، ويفشل في تحقيق الأهداف التي أنشئ من أجلها، ولا سيما أنه من المعروف أن الحملات الإعلامية لا يمكن أن تعالج الاختلالات الهيكلية التي يعانيها الاقتصاد الوطني أو الخلل البنيوي الذي يعانيه القطاع الخاص المحلي؟!
_________________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 01/10/2014

بيان صادر عن التيار التقدمي الكويتي حول مواصلة السلطة قراراتها الجائرة بسحب الجنسية الكويتية من عناصر المعارضة.
هاهي السلطة تواصل إصدار قراراتها الجائرة بسحب الجنسية الكويتية من عناصر المعارضة بأسلوب انتقامي انتقائي صارخ ضاربة عرض الحائط بالمواثيق الدولية، وفي مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنصّ مادته الخامسة عشرة على أنه "لا يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفاً" وغير آبهة باعتراضات المنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية، وذلك في الوقت الذي يُحرم فيه المواطن الكويتي الذي تعرّض لإجراء سحب الجنسية من حقّه المشروع والمقرر في الدستور باللجوء إلى القضاء لمنع الاعتداء على حقوقه، حيث حصّن قانون المحكمة الإدارية قرارات السلطة في عدد من الأمور وبينها المسائل المتصلة بالجنسية الكويتية من الخضوع لولاية القضاء الإداري، بحيث أصبحت يد السلطة مطلقة في إسقاط الجنسية وسحبها وإفقادها من المواطنين متى وكيفما شاءت من دون حسيب أو رقيب أو تعقيب قضائي على قراراتها الجائرة.
ونحن في التيار التقدمي الكويتي إذ نستنكر القرار الصادر يوم أمس بسحب الجنسية الكويتية من الأستاذ سعد العجمي العضو القيادي في حركة العمل الشعبي "حشد"، فإننا نؤكد ما سبق لنا أن أعلنّاه في بيانينا السابقين الصادرين في 14 و22 يوليو/ تموز الماضي من رفض لهذا النهج السلطوي الانتقامي الخطير في التعامل مع شهادات الجنسية على أنها صكوك ولاء للسلطة أو منّة أو فضل منها وليست حقّاً من حقوق المواطنة، مع تنبيهنا مجدداً إلى أنّ هذا النهج السلطوي الانتقامي سيؤدي إلى عواقب وخيمة على المستويين السياسي والاجتماعي.
وفي هذا السياق نكرر دعوتنا إلى السلطة بالتوقف عن التمادي في السير على هذا النهج القمعي الانتقامي وبالتراجع عن القرارات الجائرة بسحب الجنسية الكويتية لأسباب سياسية، ونؤكد في الوقت ذاته تمسكنا بالمطالب الأساسية للإصلاح السياسي الديمقراطي وذلك عبر خطوات مستحقة تتمثل في: ملاحقة المتهمين باختلاس المال العام والرشوة، ومصادرة الأموال العامة المختلسة، وتطهير سلطات الدولة الثلاث من المرتشين، وإقالة الحكومة الحالية صاحبة الخطوات القمعية والانتقامية لتسترها على المتهمين وقمعها للمعارضين وسحبها لشهادات الجنسية لبعضهم وفشلها في الإدارة، وحلّ مجلس الصوت الواحد وإجراء انتخابات جديدة وفق نظام الأصوات الأربعة السابق، ووقف نهج ملاحقة عناصر المعارضة أمنياً وقضائياً، وإصدار قانون للعفو العام غير المشروط عن القضايا الكيدية التي رفعتها السلطة ضدهم، وهي مطالب لا تنفصل بحال من الأحوال عن تمسكنا بهدفنا الاستراتيجي للإصلاح وهو قيام نظام برلماني ديمقراطي كامل يستند إلى وجود حياة حزبية سليمة ونظام انتخابي مبني على القوائم والتمثيل النسبي.
الكويت في 30 سبتمبر 2014
د. بدر الديحاني
يبدو أن الحكومة ستحاول من جديد إقرار الاتفاقية الأمنية الخليجية التي تأجل إقرارها بداية العام الجاري نتيجة للضغط الشعبي القوي الرافض لها بسبب تعديها على الحريات العامة وتعارضها الصارخ مع الدستور والمواثيق الدولية. الاتفاقية، كما ذكرنا في مقال سابق، لم تشر، حتى مجرد إشارة، إلى الدستور في أي مادة من موادها، ولا يجوز تعديلها فإما أن تُرفض كاملة أو يُصدّق عليها فتصبح واجبة التطبيق على الفور.
أما الادعاء بأن المادة الأولى من الاتفاقية الأمنية تعتبر قيداً على نفاذ باقي مواد الاتفاقية كي لا تخالف الدستور والقوانين المعمول بها فهو ادعاء غير صحيح، فالمادة الأولى تتحدث، كما ذكرنا سابقا، عن التشريعات الوطنية فقط، أي القوانين المحلية المعمول بها في الدول الأطراف، ومن ضمنها، بالطبع، الاتفاقية الأمنية، التي ستصبح عند إقرارها من المجلس وتصديق سمو الأمير قانوناً محلياً نافذاً باعتباره واحداً من التشريعات الوطنية التي تشير إليها المادة الأولى من الاتفاقية، أضف إلى ذلك أنه سيكون قانونا خاصا، وهذا معناه أنه سيلغي جميع القوانين المحلية الأخرى المتعلقة بالحريات العامة التي صدرت قبله ومعمول بها حاليا، وسيُقيّد أي قانون لاحق يتناقض معه.
على هذا الأساس، فإن الموقف الشعبي والسياسي الرائع الرافض للاتفاقية الأمنية، والذي تشكّل قبل عدة أشهر، يجب أن يعود الآن وبالقوة ذاتها، فالموقف من الحريات العامة يجب أن يكون موقفاً مبدئياً، ناهيكم عن أن الاتفاقية تهم القوى الشعبية والسياسية كافة لأنها ستُطبق على الجميع، وأي قوى لا تتضرر منها الآن أو تدّعي أنها لا تعنيها في هذه المرحلة التاريخية سيأتيها الدور في المستقبل القريب.
الظروف الإقليمية المضطربة وغير المستقرة أو وجود تيارات التطرف والغلو والتخلف والإرهاب مثل تنظيم "داعش" وإخوانه لا يبرران إطلاقا إقرار اتفاقية أمنية إقليمية تخالف الدستور وتُقيد الحريات العامة، بل إن العكس هو الصحيح، حيث إن المحافظة على الحقوق والمكتسبات الدستورية وحمايتها، وفي مقدمتها الحريات العامة، مثل حرية الرأي والتعبير، تعتبر من الخطوات الضرورية للمحافظة على استقرار الجبهة الداخلية وتماسكها، وتقوية السياسة الخارجية كي تصبح مستعدة، وقادرة على مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية.
______________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 29/09/2013
يبدو أن دول الخليج في حالة حرب مع «داعش» ضمن تحالف تقوده الولايات المتحدة، إما فعلياً أي مشاركة بعض الدول بقصف المواقع بسلاح الجو، أو لوجستياً من خلال استخدام القواعد الجوية على أراضيها لانطلاق الطيران الحربي الأميركي وتزويد طائراتها بالوقود.
وغني عن القول بأن الولايات المتحدة والدول الغربية وبعض الدول العربية والإقليمية، هي من أسس الجماعات الإسلامية وغذتها بالأموال، بما فيها الجماعات الجهادية والتكفيرية والإرهابية بجميع مسمياتها في الدول العربية والإسلامية، وزودتها بالسلاح ودربتها على استخدامه خاصة في بريطانيا، وهي الآن تعلن أن هذه الجماعات خطر ماحق بعدما تم السكوت عن فظائعها، وغض النظر عن ممارساتها الإجرامية في العراق وسورية ومصر وليبيا واليمن والسودان والصومال وغيرها.
وفي دولنا تمت رعاية الإسلام السياسي بالضد من القوى الوطنية والديموقراطية والتقدمية، التي تعتبرها أخطر من جماعات الإسلام السياسي، بل اعتبرت الأخيرة حليفتها فدللتها وسمحت لها بالسيطرة على بعض الوزارات ووضع مناهج خطرة على عقول النشء، بل سببت تفريخاً للجماعات المتشددة والتكفيرية، كما وضعت الأموال تحت تصرفها فأصبحت إمبراطوريات مالية، تملك المؤسسات المالية والاستثمارية.
وأخيراً أدركت بعض الدول الخليجية والعربية أن هذه الجماعات لديها مخططات وأجندات بعيدة المدى، قد تشكل خطورة عليها في المستقبل القريب، وخاصة بعد التجارب التي مرت بها مصر وتونس، حيث سيطرت هذه الجماعات التي كانت تعتبرها حليفة ومسالمة على كل مفاصل الدول التي حكمتها، وبات مخططها ضد الدول التي دعمتها ورعتها مكشوفاً وواضحاً، فاعتبرتها جماعات إرهابية وبدأت بمحاربتها ومحاربة أفكارها، ولكنها ما زالت تحظى برعاية أميركية غربية إقليمية.
ورغم التحذيرات الكثيرة من خطر تمدد داعش أو الدولة الإسلامية إلى الكويت ودول الخليج، إلا أن السلطات الخليجية قللت من الخطر ولم تعتبره داهماً، وظلت منهمكة في جبهاتها الداخلية ضد المعارضة التي تطالب بالإصلاحات السياسية والديموقراطية.
والآن وبعد إدراكها للخطر وبناء على الترتيبات الأميركية في المنطقة، وخطوة التقارب السعودي الإيراني والتي بدأت بإزاحة نوري المالكي، لابد من تهدئة الجبهات الداخلية وتخفيف الاحتقان السياسي في دول الخليج بالذات، لأن مواجهة الإرهاب تتطلب وقوف الشعوب مع أنظمتها وموافقتها على أي إجراء تتخذه السلطات.
وهناك مؤشرات قد تكون دليلاً على هذا التوجه في دول الخليج، فمثلاً قدمت السلطة في البحرين خمس نقاط على أنها متوافق عليها مع القوى السياسية المعارضة، مثل تغيير الدوائر الانتخابية وخضوع الحكومة لثقة البرلمان كي تعمل، ومساءلة الوزراء وغيرها من النقاط، كما أني تابعت حلقات مصورة في المملكة العربية السعودية تحت عنوان «مراجعات الفكر الوهابي» يقدمها نايف آل منسي وخلفه علم المملكة، وقد تابعت خمس حلقات منه حتى الآن، حيث يركز المذيع على أن جميع الجماعات التكفيرية خرجت من الفكر الوهابي، وهذا يدعو للاستغراب وخطوة جديدة بالنسبة للمملكة الشقيقة، وأيضاً طردت قطر سبعة من قيادات الاخوان المسلمين التي كانت تحتضنها، وفي الكويت مرر مجلس الأمة قانوني استقلال القضاء وحق المواطن في اللجوء للمحكمة الدستورية، إضافة إلى مشروع بقانون قدمه بعض الأعضاء لتعديل قانون الانتخاب بحيث يتم الإبقاء على الدوائر الخمس لكن تتم الانتخابات على أساس التمثيل النسبي، وإن مر مثل هذا التشريع فمن شأن ذلك مشاركة جميع القوى السياسية والنيابية في الانتخابات وتخفيف الاحتقان السياسي وتوقف الحراك الشعبي الاحتجاجي، أو أنه قد يكون مجرد دعاية انتخابية.
فإن كانت هذه القراءة صحيحة فإن المنطقة مقبلة على انفراج نسبي، أو قد يكون ذلك وهماً أو أمنية نتطلع لها، فالاستقرار والهدوء من مصلحة الجميع.
وليد الرجيب
____________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 29\09\2014 العدد:12873

تصريح صحافي من المنسق العام للتيار التقدمي الكويتي بشأن دفع عدد من موظفي شركة مقاولات في القطاع النفطي للاستقالة
تتوارد الأنباء عن دفع شركة "أس كي SK" للمقاولات عدداً من موظفيها الكويتيين لتقديم استقالاتهم في شهر ديسمبر المقبل، مما يمثل تسريحاً ضمنياً عن العمل ومحاولة لدفع الموظفين للتنازل عن حقوقهم كمسرحين عبر الاستقالة، علماً بأن هذه الشركة متعاقدة مع إدارة المشاريع الكبرى في شركة نفط الكويت وملزمة بتوظيف العمالة الوطنية حين تنفيذ المناقصات وفقاً للائحة التنفيذية لتكويت العمالة في عقود المقاولين.
ويمثل هذا التسريح غير المباشر للعمالة الكويتية حلقة جديدة في سلسلة التسريحات التي تقوم بها الشركات الخاصة، والتي كان آخرها التسريح التعسفي الذي قامت به الشركة الوطنية للاتصالات المتنقلة "أُريدُ" لـ 150 موظفاً من المواطنين والكويتيين البدون، وقبلها تسريح أكثر من 80 من العاملين في شركة الاتصالات المتنقلة "زين" في ربيع العام 2013، وقبل ذلك موجة التسريحات الواسعة من شركات الاستثمار المالي في أعقاب أزمة العام 2008 الاقتصادية الرأسمالية العالمية المستمرة.
وتعتبر ظاهرة التسريحات المتزايدة دليلاً على طبيعة الشركات الخاصة كمؤسسات رأسمالية تتعارض مصالحها مع مصالح الموظفين، حيث لا يتوانى رأس المال عن التضحية بوظائف المواطنين وأُسَرِهم وقطع أرزاقهم، وذلك في سبيل تعظيم أرباح كبار الرأسماليين من ملاك الشركات الخاصة.
وفي مواجهة هذه الهجمة الطبقية الرأسمالية نطالب بموقف نقابي وشعبي صلب للدفاع عن حقوق الطبقة العاملة، وعلى رأس جهود الدفاع تقوم مهمة تنظيم الموظفين في نقابات عمالية تمثلهم في التصدي لملاك الشركات الخاصة من الرأسماليين، إضافة إلى حشد القوى الشعبية والسياسية الداعمة لمصالح الطبقة العاملة والفئات الشعبية.
25 سبتمبر 2014
وليد الرجيب
يقول الدكتور سمير أمين وهو اقتصادي مصري بارز، وهو كذلك رئيس المنتدى العالمي للبدائل - داكار «السنغال»، وله العديد من المؤلفات والكتب المهمة، يقول في مقال مهم نُشر في جريدة الشروق المصرية بعنوان «عودة الفاشية في ظل الرأسمالية والامبريالية المعاصرة»: «ليس من قبيل المصادفة أن يربط عنوان هذه المقال بين عودة الفاشية في المشهد السياسي وأزمة الرأسمالية المعاصرة، حيث تمثل الفاشية استجابة سياسية معينة للتحديات التي قد تواجه إدارة المجتمع الرأسمالي في ظروف محددة».
فقد تصدرت الفاشية كما نعلم المشهد السياسي في أوروبا وتولّت السلطة في بعض دولها منذ ثلاثينات القرن الماضي بعد الأزمة الرأسمالية الاقتصادية الكبيرة عام 1929 وحتى منتصف الأربعينيات، وأساسها هو التأكيد على المبادئ الأساسية للرأسمالية وتحديداً الملكية الخاصة.
وترفض الفاشية وبشكل معادٍ الديموقراطية، وتعمل على تغطية خطاباتها الأيديولوجية بغطاء القومية أو الدينية المتعصبة، فبعد هزيمة ألمانيا عام 1918 على يد بريطانيا وفرنسا، وهما القوتان المسيطرتان في ذلك الوقت، صاغ هتلر خطة لعودة تحقيق تطلعات ألمانيا للهيمنة على أوروبا والاتحاد السوفياتي، أي هيمنة رأسمالية الاحتكارات التي دعمت صعود النازية، بحيث يتم تقاسم العالم بين الدول الرأسمالية الأوروبية والولايات المتحدة، وهو ما رفضته هذه الدول بينما وافقت عليه الامبراطورية اليابانية الفاشية، وكذلك موسيليني في إيطاليا الذي يمثل اليمين الإيطالي وهذا انطبق على فرانكو في اسبانيا.
فعند وقوع الرأسمالية في أزمة اقتصادية، يندفع اليمينيون إلى الفاشية تؤيدها الأنظمة الرأسمالية ذاتها، مثل تشرشل في بريطانيا الذي لم يخف أبداً تعاطفه مع موسيليني، بل تركت ألمانيا الغربية والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، جميع من ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية دون عقاب باسم «المصالحة»، ويعتبر سمير أمين أن تأييد الأحزاب الاشتراكية الديموقراطية أو الليبرالية الاجتماعية في أوروبا الغربية لحملات مناهضة الشيوعية مسؤولاً عن عودة الفاشية بعد ذلك، ففي تسعينات القرن الماضي سرعان ما أعيد الاعتبار للفاشية في أوروبا الشرقية، التي كان أفرادها من الحلفاء المخلصين والمتعاونين مع هتلر، وبعد هزيمته في الحرب العالمية الثانية وجودوا ملاذاً في الولايات المتحدة وكندا، وحظيت هذه العناصر بتدليل هذه الأنظمة بسبب معاداتها الشديدة للشيوعية.
بل ان هناك تواطؤاً بين أهداف الولايات المتحدة وأوروبا وأهداف الفاشيات في أوروبا الشرقية مثل أوكرانيا، كما موّلت الدول الرأسمالية «الثورة البرتقالية» في أوكرانيا ويوغسلافيا ومهدت للمجازر الكرواتية.
ومن دون نهوض وتضامن القوى اليسارية في هذه البلدان، فستترك الساحة لعودة النازية والفاشية الجديدة، عبر تواطؤ اليمين الرأسمالي المتطرف مع اليسار الاشتراكي أو الليبرالية الاجتماعية، التي لم تتخل عن انحيازها لاقتصاد السوق الحر بل تخلت عن المصالح الاجتماعية للطبقة العاملة والفئات الشعبية.
___________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 24/09/2014 العدد:12868

رسالة من الحزب الشيوعي السوداني حول حملة اعتقال عدد من كوادرالحزب وقوى اليسار.
الرفاق الأعزاءتحية نضاليةمرفق قائمة بالاعتقالات التى نفذتها قوات أمن البشير فى حق عضو مكتبنا السياسي (الرفيق ميرغى عطا المنان) وعدد كبير من كوادر حزبنا والقوى الديموقراطية والناشطين من الشباب بدون إبداء أي أسباب. ويظل شعبنا يهتف ويغنى:حرية … سلام … وعدالة … والثورة خيار الشعبوشكراًمكتب العلاقات الخارجيةللحزب الشيوعى السودانىالخرطوم فى ٢٣ سبتمبر ٢٠١٤قائمة الشرف المعتقلين السياسين رقم واسم المعتقل وتاريخ الاعتقال 1 خــــالد التوم 20/9/20142 محمد عبدالمنعم 20/9/20143 إقبــــال عبدالله 20/9/20144 نسرين علـــــيش 22/9/20145 وداد عبدالرحمن درويش 22/9/20146 اشرف احمد محيسي 22/9/20147 اكرم اشرف محيسي 22/9/20148 أمنة عثمان 22/9/20149 عبد الرحمن العاجب، 22/9/201410 راشد عبد الوهاب، 22/9/201411 كمون محمد آدم 22/9/201412 عيسى محمد زين 22/9/201413 إبراهيم صالح إبراهيم 22/9/201414 فايزة نقد 22/9/201415 فاطمة الشيخ 22/9/201416 ميرغنى عطاالمنان 22/9/201417 محمد عبدالمؤمن الغالى 22/9/201418 أ.د/ احمد حامد محمود 22/9/201419 ابراهيم المطبعجى 22/9/201420 خالد حمزة 22/9/201421 عمر بدوى 22/9/201422 الهدية 22/9/201423 نبيل محمد عثمان 22/9/201424 رجاء محمد خليل 23/9/201425 اعتدال حسين 23/9/201426 فاتن التوم 23/9/201427 الاء السمانى 23/9/201428 محمد عبادى 23/9/201429 ازادحامد 23/9/201430 عاطف محمد يوسف 23/9/201431 معتز التجانى 23/9/201432 احمد عبدالرحمن 23/9/201433 الحاج شيخ ادريس 23/9/201434معتز سعيد20/9/201435 محي الدين ابوعاقلة20/9/201436 راشد عباس23/9/2014 عامل مطبعة37 الأستاذ مؤمن الغالي23/9/2014
البطالة هي إحدى النتائج المباشرة لسياسة الخصخصة كما تؤكد تجارب دول كثيرة في العالم، فأينما توجد الخصخصة توجد البطالة؛ لأن القطاع الخاص بحكم طبيعته يسعى دائما وأبداً إلى تقليل تكاليفه من أجل تعظيم أرباحه حتى لو أدى ذلك إلى الاستغناء عن أعداد هائلة من العاملين في يوم واحد، فالقطاع الخاص لا ينظر إلا إلى العوامل الاقتصادية التي تُعظّم الأرباح، أما العوامل السياسية أو المسؤولية الاجتماعية فنادراً ما تأتي في سلم أولوياته ما لم تُلزمه الحكومة بذلك.
ومن أجل تخفيف الآثار السلبية للخصخصة وفي مقدمتها مشكلة البطالة تقوم الحكومات في الدولة الرأسمالية الصناعية بإلزام شركات القطاع الخاص ومؤسساته بتوفير فرص وظيفية للمواطنين مع المحافظة على حقوق العاملين ومن ضمنها عدم الفصل التعسفي، علاوة على دفع ضرائب تصاعدية على الأرباح تساهم في دعم ميزانية الدولة، أما حكومتنا فتقدم تسهيلات ودعوما للقطاع الخاص غير الإنتاجي من دون أن تلزمة بالقيام بمسؤوليته الاجتماعية، فهو لا يوفر فرصاً وظيفية حقيقية (نسبة العمالة الوطنية في القطاع الخاص لا تتجاوز 4% رغم التسهيلات التي يوفرها القانون رقم 19/2000 بشأن دعم العمالة وتشجيعها للعمل في الجهات غير الحكومية)، ولا يدفع أي ضرائب على الأرباح بل إنه يلجأ إلى الحكومة في حال فشله، ويطالبها بتعويض خسارته!
من هنا فإن مسؤولية حل مشكلة الفصل التعسفي الجماعي تقع بالدرجة الأولى على عاتق الحكومة، وذلك بإعادة النظر في سياسة الخصخصة، علاوة على إلزام القطاع الخاص بالقيام بمسولياته الاجتماعية، ومن ضمنها توفير فرص وظيفية للمواطنين، ودفع ضرائب تصاعدية على الأرباح، والمساهمة في تأمين البطالة، والالتزام بإعادة تأهيل وتدريب العاملين، وعدم التعسف في معاملتهم مثلما يحدث عادة في عمليات الفصل التعسفي الجماعي تحت ذرائع وحجج واهية مثل "إعادة الهيكلة" كالتي حصلت مؤخرا في شركة "أوريدو" للاتصالات (صافي أرباحها في السنة المالية الماضية أكثر من 76 مليون دينار!).
وهذه ليست المرة الأولى التي تقوم شركة خاصة بعملية فصل تعسفي جماعي للعاملين، فقد سبق أن قامت بنوك تجارية وشركات خاصة بذلك عام 2008 فيما عرف وقتذاك بمشكلة "المسرحين" التي لا تزال عالقة من دون حل جذري، فضلا عن قيام شركة "زين" للاتصالات بالشيء ذاته العام الماضي، كما أنها لن تكون المرة الأخيرة في ظل سياسة الخصخصة القائمة حاليا، فعلى سبيل المثال لا الحصر، أشار المحرر الاقتصادي لصحيفة القبس الزميل حاتم نصر الدين تحت عنوان "حقائق تظهر مع اقتراب استحقاق الخصخصة... إدارة البورصة "تقط" الموظفين على صخر" إلى أن إدارة سوق الكويت للأوراق المالية قد "أعدت مذكرة تفيد باستحالة عمل الموظفين بالسوق بكامل الأعداد الحالية، مؤكدة أنه توجد أقسام بأكملها أو بغالبية موظفيها لن تصبح لها مهام في البورصة بعد انتقال مهام هذه الإدارات إلى هيئة أسواق المال". (القبس 15 سبتمبر 2014).
د. بدر الديحاني
________________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 22/09/2014
وليد الرجيب
نسمع هذه الأيام قرقعة السلاح وطبول الحرب التي تعد لها الولايات المتحدة والدول الغربية، لمحاربة الدولة الإسلامية "داعش" تحت عنوان محاربة الإرهاب في المنطقة، وتعد الولايات المتحدة العدة لتشكيل تحالف دولي واسع يضم دول الخليج بما فيها الكويت لهذا الغرض، مع امتناع وتحفظ دول مثل تركيا ومصر حتى الآن، وفي سبيل إقحام بلادنا سعت الولايات المتحدة إلى ابتزازنا بالقول على لسان رئيس هيئة الأركان الجنرال مارتن ديمبسي:" بأن ترك داعش دون مواجهة سيؤدي إلى توسعه باتجاه الكويت (الصحف المحلية الأربعاء 17 سبتمبر الجاري).
نحن ندرك خطر داعش وجميع الحركات الإسلامية الجهادية والتكفيرية منذ زمن بعيد، وقد كتبنا محذرين من الخطر الداهم قرب حدودنا وضرورة أن تحشد الدولة إمكاناتها العسكرية والأمنية، لكشف المتعاطفين والخلايا الداعشية النائمة في مجتمعنا، وحذرنا من الغلو في المساجد والمدارس وفي جميع وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، الذي يتم على مسمع ومرأى من السلطات دون خطوات احترازية أو عملية تذكر، بل على العكس تم التضييق والقمع والملاحقات السياسية للناشطين والمغردين الشباب بسبب مطالبتهم بالإصلاحات السياسية والديمقراطية المستحقة في بلادنا.
إنها ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها الولايات المتحدة لتشكيل ائتلاف أو حلف تحت حجج وذرائع كثيرة، لكن هدفها الأساسي هو التدخل في البلدان الأخرى لخدمة مخططاتها ومخططات إسرائيل للسيطرة والتبعية السياسية وتفتيت دولنا والاستيلاء على ثرواتنا، وتحقيق حلمها في شرق أوسط جديد أو كبير لصالح التفوق الإسرائيلي في المعادلة الإقليمية، كما حدث في أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا وغيرها.
يعرف الجميع وتتناقل وسائل الإعلام ومراكز التحليلات السياسية، أن الولايات المتحدة وإسرائيل وبعض الدول العربية هي التي صنعت العديد من الجماعات الإرهابية ورعتها وقدمت لها التسهيلات اللوجستية والتدريب والأموال، مثل جماعة الأخوان المسلمين ومنذ عقود طويلة لمواجهة القوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية في بلداننا، كما دعمت وبقوة جماعة "القاعدة" تحت ذريعة محاربة الشيوعية والغزو السوفيتي، بل عملت على تأجيج الصراعات الطائفية والدينية في البلدان العربية والإسلامية لتفتيتها وإضعافها والاستيلاء على ثرواتها.
نحن ضد الإرهاب والغلو الديني والفكر التكفيري منذ البداية، وضد مشاريع الدولة الدينية ومشروع عودة الخلافة الذي تبنته جماعات الأخوان والسلف والجماعات الجهادية، ولكننا أيضاً ضد أن تُقحم بلادنا وتستخدم أراضينا وجيوشنا في هذا المشروع الأمريكي المشبوه، بينما تقف هي موقف المتفرج وتترك الخسائر المادية والبشرية لنتحملها نحن، أي أن نقاتل نيابة عنها ويبقى دورها إدارتنا بالريموت كنترول وقطف الثمار.
إن هذا المشروع الذي سيشكل خطراً على بلادنا ومجتمعاتنا الخليجية وعلى أمننا واستقرارنا واستنزاف أموالنا، سيحول بلادنا إلى ساحة حرب مع فكر متطرف وعصابات غير مرئية، تستخدم أبشع الوسائل وأكثرها وحشية، من تفجيرات انتحارية وجز للرؤوس وسبي واغتصاب للنساء، كما أن مشاركة بلداننا بسبب وجود القواعد العسكرية الأمريكية فيها، قد يكون ذريعة لتمرير الاتفاقية الأمنية الخليجية التي رفضتها الشعوب الخليجية، وسن تشريعات قمعية وتضييق الحريات تحت ستار محاربة داعش ومكافحة الإرهاب.
إن التدابير الأمنية والعسكرية وحدها لا يمكنها القضاء على الإرهاب ومنابعه وفكره، بل يجب اتخاذ جملة من الإجراءات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأيضاً التربوية والتعليمية والثقافية والفكرية والإعلامية، وتحقيق العدالة الاجتماعية عبر إصلاحات سياسية ديمقراطية، وإشراك الشعب وعدم تهميشه وإطلاق الحريات العامة والشخصية، ووقف الملاحقات والمحاكمات السياسية وإعلان العفو الشامل عن الموقوفين، لخلق بيئة تحول دون نمو جماعات التطرف وفكرها، وبناء الدولة المدنية التي يسود فيها القانون ومؤسسات المجتمع المدني.
د. حسن مدن*
ما الفرق بين الكُتاب الأربعة التالية أسماؤهم: هيغل وفرويد وماركس ونيتشه؟
الإجابة المباشرة ستكون، على الأرجح، كالتالي: هيغل فيلسوف، فرويد عالم نفس، وماركس اقتصادي، ونيتشه أديب.
ليست الإجابة خاطئة. التوصيفات أعلاه تصح على كل واحد من الأربعة الواردة أسماؤهم. لكن ثمة إجابة أعمق يقدمها موريس بلانشو، في كتابه: "أسئلة الكتابة"، الذي قسم الباحثين إلى أربع فئات، هي كالتالي: أستاذ يُعلم، رجل معرفة مرتبط بالأشكال الجماعية للبحث المتخصص، الذي يشمل، فيما يشمل، التحليل النفسي، والعلوم الإنسانية عامة، والأبحاث العلمية، ويطلق على من ينضوون تحت الفئة الثالثة مَن يربط البحث العلمي بالممارسة السياسية، فيما تضم الفئة الرابعة من يكتب فحسب.
وفق هذا التصنيف، سنجد مكاناً لكل واحد من الأربعة أعلاه في الخانة التي تلائمه: هيغل كان يُدرس الفلسفة، ومن عباءته خرج تلاميذ كُثر، فرويد كان محللاً نفسياً إكلينيكياً، أما ماركس فجمع بين البحث في الاقتصاد السياسي والممارسة السياسية كونه، أيضاً، مُنَظِماً حزبياً، فيما كانت موهبة نيتشه تتمثل في الكتابة التأملية العميقة.
الأربعة كانوا باحثين، ولا مجال للمفاضلة بين موهبة أو عطاء كل منهم. كلهم كانوا موهوبين ومنتجين للمعرفة، ولكن كل في مجاله، وبأدوات البحث التي تلائم حقل تخصصه.
لكن الأهم من ذلك أن الأربعة كانوا كتّاباً، أي أن الكتابة هي إحدى أدوات تعبيرهم، أو إيصالهم لأفكارهم. صحيح أن الأستاذ الجامعي يمكن أن يستخدم الشفاهة وسيلة لإبلاغ تلاميذه الدروس، ولكن، كما في حال هيغل، ما أكثر ما يجمع الأستاذ الجامعي بين الكتابة والشفاهة، أو الخطابة إن شئنا. وصحيح أن المحلل النفسي، كما في حال فرويد، يعمد إلى المعاينة الإكلينيكية لمرضاه وسيلة لتشخيص حالاتهم وبلوغ استنتاجاته العلمية من واقع هذه المعاينة، لكن ما أكثر ما يجمع المحللون النفسيون الجادون بين هذا والكتابة وسيلة لشرح آرائهم.
وليس كُل الدعاة السياسيين والمُنظِمين الحزبيين كُتاباً، لكن في حالات كثيرة، كما في حال ماركس، يمكن للداعية السياسي أن يستخدم الكتابة والبحث العلمي وسيلة للدفاع عن الآراء السياسية التي يبشر بها، فنجد بعضهم يتوفر على مَلكات الخطابة والتنظيم والكتابة.
مثال نيتشه نموذج للكاتب الذي سيكون الاكتفاء بوصفه كاتباً، قليلاً عليه إنه رجل فلسفة أيضاً وباحث في النفس الإنسانية، لكن، على خلاف الأمثلة السابقة، فإن الكتابة هي أداته الوحيدة في الإبلاغ.
____________________
*الأمين العام السابق للمنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين
منقول عن موقع التجديد العربي تاريخ 15/09/2014

بيان صادر عن التيار التقدمي الكويتي حول الفصل التعسفي الجماعي للعاملين في الشركة الوطنية للاتصالات المتنقلة "أُريدُ"
يوماً بعد يوم يثبت كبار الرأسماليين المالكين لشركات القطاع الخاص، بغض النظر عن جنسياتهم سواءً كانوا من الرأسماليين المحليين أم من المستثمرين الأجانب، أنّ هدفهم الأول والأهم هو تحقيق الأرباح وتعظيم هذه الأرباح وذلك بغض النظر عن معاناة العاملين في شركاتهم أو الأعباء التي تقع على كاهل المستهلكين أو ما يمكن أن يلحق المجتمع والبيئة من أضرار، وكذلك من دون مراعاة لأدنى اعتبار للوظيفة الاجتماعية لرأس المال التي تنص عليها المادة السادسة عشرة من الدستور الكويتي، هذا ناهيك عن عدم التزام هذه الشركات الكبرى بتأدية أي ضريبة دخل لتمويل الميزانية العامة للدولة، في الوقت الذي تحصل فيه بالمقابل على العديد من الدعوم والتسهيلات غير المبررة.
وها هي الشركة الوطنية للاتصالات المتنقلة "أُريدُ" تفصل تعسفياً مئات العاملين لديها، ومعظمهم من المواطنين الكويتيين والكويتيين البدون، وذلك تحت ذريعة إعادة هيكلة قطاعات الشركة، بينما الهدف الحقيقي هو تخفيض التكاليف على حساب العاملين في الشركة وتشديد وتيرة العمل عليهم، وذلك على الرغم من أنّ الشركة قد حققت في السنة المالية الماضية صافي أرباح يفوق مبلغ 76 مليون دينار كويتي، وهو الأمر نفسه الذي قامت به شركة الاتصالات المتنقلة "زين" في ربيع العام 2013 عندما فصلت تعسفياً
أكثر من ثمانين من العاملين لديها، وقبل ذلك موجة الفصل التعسفي لآلاف الكويتيين الذين تمّ تسريحهم من العمل في القطاع الخاص في العام 2008، ما يؤكد أنّ هذا الأمر ليس تصرفاً مقتصراً على شركة كبيرة دون غيرها، بل هو سلوك رأسمالي نابع من الطبيعة الطبقية الاستغلالية للرأسماليين الكبار.
إنّ ما تعرّض له العاملون الذين جرى فصلهم تعسفياً يكشف كذلك عدم جدية الدولة في حماية العمالة الوطنية في القطاع الخاص، كما أنّه ينبئ بالمصير الأسود الذي سيلقاه الكويتيون العاملون في المؤسسات العامة والوزارات التي ستتم خصخصتها.
ونحن في التيار التقدمي الكويتي في الوقت الذي نعلن فيه رفضنا لقرارات الفصل التعسفي ونبدي فيه قلقنا الكبير تجاه ما تتعرض له الطبقة العاملة في القطاع الخاص من إهدار لحقوقها، فإننا نؤكد على ضرورة مبادرة العاملين في شركات القطاع الخاص إلى الإسراع في تشكيل منظماتهم النقابية للدفاع عن حقوقهم المشروعة والتصدي للإجراءات التعسفية التي تتخذها الشركات ضدهم.
الكويت في 16 سبتمبر "أيلول" 2014
بقلم: أحمد الراشد
بدأت الكارثة "الأميركية" في تشيلي حين نجحت المعارضة المتمثلة في التيارات والأحزاب اليسارية في التوحد خلف مرشح واحد في الانتخابات الرئاسية مما رجح كفته ونجح بعدها الرئيس سيلفادور أليندي ذو الخلفية الاشتراكية في انتخابات حرة ونزيهة، حيث أعتبر أول رئيس يساري منتخب ديموقراطياً في أميركا اللاتينية. وعلى إثر ذلك ثارت حفيظة الحكومة الأميركية، وكعادتها وبخفة يد نزعت قناع الديموقراطية وظهر الوجه الحقيقي البشع للرأسمالية الأمريكية.
وبعد أن أثبت الرئيس التشيلي المنتخب صدق اطروحاته ومبادئه مع الأحزاب المتحالفة معه؛ حيث بدأت عملية تأميم الثروة الوطنية الضخمة والتي كانت تحت سيطرة الشركات الأمريكية كمناجم النحاس، وبطبيعة الولايات المتحدة الأميركية فإن أكثر ما يغضبها هو تأثر مصالح شركاتها الضخمة وخسارتها. ومن هنا، بدأت محاولات أمريكا في الانقلاب على الديموقراطية التشيلية، وتعرى الثعلب هنري كيسنجر وزير خارجية الحكومة الأميركية الشهير حيث كان له تصريح فج خارج عن الأطر الديبلوماسية المعروفة وبعيد كلياً عن الكياسة وبشكل سافر قال: "لا أفهم لم يجب أن نجلس جانباً ونراقب دولة تسير في طريق الشيوعية"، ما يوحي بوجوب التدخل وتغيير الحالة الديموقراطية التشيلية إلى النقيض.
بدأت أميركا في مد خيوطها المالية داخل التشيلي باتجاه "الخونتا" –المجلس العسكري التشيلي- ونجحت في استمالة القادة العسكريين من المنتمين للعهد الرأسمالي السابق في تشيلي، حيث وجدت ضالتها في عدة قادة من البرجوازيين العسكريين الذين أغضبهم التغيير الإشتراكي الثوري الذي قد يهدد مصالحهم ومراكزهم الطبقية.
وبمساهمة الطبقة البرجوازية التشيلية الموالية لأميركا ثار بعض مؤيديها معها ضد الرئيس أليندي، والذي شعر بوجود نية عسكرية للإنقلاب غير أنه استبق ذلك بتعيين "أوغستو بينوشيه" قائداً عسكرياً عاماً لتفادي الانقلاب.وأصبح "بينوشيه" هو المشكلة بعد أن كان أداة للحل، حيث أنه كان هو المخطط الأكبر والمدبر لمؤامرة الانقلاب المدعومة من أميركا، وبحجة تفادي الأزمة قام بينوشيه بعملية انقلاب غادرة ودموية، حيث شكل مجلساً عسكرياً للانقلاب، وفي 11 أيلول/سبتمبر 1973 اتجه اوغستو بينوشيه مباشرة إلى قصر الرئاسة بعد أن قصفته القوات الجوية الموالية للانقلاب وبرفقة فرقة من المشاة والدبابات حاصر بينوشيه القصر، وجرى قتال عنيف جداً في محيط القصر، قتل على إثره الرئيس سيلفادور أليندي بعد أن رفض عرض الاستسلام والهروب المقدم من قائد الانقلاب العسكري "بينوشيه". وسيطر المجلس العسكري برئاسة بينوشيه، وبسرعة فائقة تدل على موالاتهم لأميركا والرأسمالية، ألغيت جميع العلاقات مع "كوبا" وعادت العلاقات مع أميركا وبالطبع عادت الشركات الأميركية للسيطرة على الثروة التشيلية من زراعة ومناجم واستعباد للعمال.
المعرفة التاريخية ومعرفة جذور القضايا مفتاح رئيسي لفك طلاسم الواقع الحاضر، وقصة الانقلاب الدموي في تشيلي دليل واضح على سياسات أميركا المتناقضة والمضادة للديمقراطية غير المتماشية مع مصالحها المالية. وإن كانت القناعة بشيطانية السياسة الأميركية تحتاج لفضيحة كبرى فالفضائح الأميركية تملأ التاريخ الحديث بداية بحرب فيتنام وليس انتهاء بغزو العراق طبعاً، ومروراً بمقتل ثلاثة آلاف تشيلي وسجن نحو ثمانية وعشرون ألفاً كلهم من اليسار المناهض للرأسمالية وذلك فقط للحفاظ على مصالح الشركات الأميركية المالية.
لم يكن محمد البوعزيزي عاملاً في مصنع، ولا منتسباً إلى البلدية أو أي إدارة حكومية أخرى، كان صاحب عربة يبيع عليها الخضار، أي أنه ينتمي إلى تلك الفئة التي تصنف عادة بالمهمشين، الذين تعج بهم المدن والبلدات العربية، وفي أغلبيتهم نازحون من الأرياف حيث تنعدم فرص العمل، نحو المدن المأزومة أساساً، والعاجزة عن استيعابهم في وظائف أو مهن، ﻓ"يخترعون" لأنفسهم أعمالاً لنيل الرزق، من قبيل تلك التي كان البوعزيزي يمارسها.
ما يطلق عليه العشوائيات في مصر، وأحزمة الفقر التي تشكلت حول العواصم والمدن العربية، وتضخم عدد القاطنين فيها، حتى بات يضاهي عدد سكان المدن الأصليين، الضاحية الجنوبية في بيروت وما يعرف بأرياف دمشق وحلب وغيرها، هي نتاج الهجرات الواسعة التي تفرضها الظروف المعيشية الخانقة، أو الحروب الأهلية، وربما الكوارث الطبيعية، فالكثير من أحياء مدينة سيدي بوزيد التونسية شهدت حركة تعمير من قبل النازحين من الأرياف المجاورة على أثر فيضانات جرت في نهاية ستينات القرن الماضي.
المشتغل على التركيبة السكانية والاصطفافات الطبقية في المجتمعات العربية قد يتيسر له، ولو بعناء، الحصول على إحصاءات تقريبية عن عدد عمال المصانع، وأصحاب الورش والحرفيين، وعن عدد العاملين في القطاع العام، وموظفي الحكومة، لكنه لن يتمكن من الحصول على بيانات عن هؤلاء الموصوفين بالمهمشين، لأن هذه البيانات غير متيسرة حتى لدى الأجهزة الحكومية المعنية، فهم يقعون خارج أي تصنيف معترف به للوظائف والمهن، رغم أن أعدادهم مهولة، وتشكل بيئة للانفجارات الاجتماعية، وأرضاً خصبة للتطرف.
بعض الدراسات التي عالجت التحولات الاجتماعية- الاقتصادية في العالم العربي تتحدث عن ظاهرة يطلق عليها الاقتصاد اللاشكلي، والمقصود به الأنشطة الاقتصادية الواقعة خارج أو على هامش القوانين المعتمدة والتصنيفات الكلاسيكية، والتي تفلت من إمكانية حصرها إحصائياً.
ومع أن مفهوم الاقتصاد اللاشكلي واسع بحيث يشمل أنشطة غير اقتصادية لكنها موجهة لغايات اقتصادية من قبيل اقتصاد الفساد، لكنه يحتوي أيضاً الفئات المهمشة موضوع الحديث التي تُجبرها الحياة على تدبر أمورها المعيشية بطريقة لا تخلو من الفطنة والنباهة، لكنها تظل عاجزة عن بلوغ المراتب التي ينظمها الاقتصاد المعترف به، والداخل في التصنيفات والاحصاءات.
لكي نفهم بصورة أفضل فوضانا العربية الراهنة، علينا أن نفتش عن الأسباب ليس فيما يعترف به، وإنما فيما لا يعترف به أيضاً.
د. حسن مدن*
___________________________
*الأمين العام السابق للمنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين
منقول عن موقع التجديد العربي تاريخ 07/09/2014
يبدو أن هناك تحركات أو تحضيرات لأطراف محسوبة على المعارضة، لإعادة طرح مشروع ما يسمى بـ «الحوار الوطني»، وهو مشروع ليس جديدا، فقد طُرح منذ اندلاع الأزمة السياسية وتفاقمها، على اثر مطالبات بالإصلاح السياسي والديموقراطي، التي تصاعد سقفها من حركة احتجاجية من أجل إصلاح الإدارة السياسية، وعلى تراجع مؤشرات التنمية بسبب تفشي الفساد والإفساد، وما أطلق عليه (الإيداعات المليونية) و(التحويلات الخارجية)، وهي رشاوى وشراء ذمم وولاءات بعض نواب مجلس الأمة الأسبق، وووجه الحراك بالقمع والاعتقالات واستخدام العنف والتعسف بالقانون في ديوان الحربش، واستمر الحراك الاحتجاجي بشكل أو بآخر وارتفع سقفه إلى مطالبات بضرورة إقامة النظام البرلماني الكامل، ووجود حكومة تحظى بثقة البرلمان، التي عبر عنها البعض خطأ بـ «الحكومة المنتخبة» ووجود رئيس وزراء ووزراء للوزارات السيادية من خارج أسرة الحكم، وتشريع قوانين لحياة حزبية سليمة وتعديل النظام الانتخابي ليتم بالقوائم النسبية، وكل ما تتطلبه الدولة المدنية الديموقراطية الحديثة، مع إتاحة الحريات الشخصية والعامة، ثم جاءت خطوة إقرار مرسوم الصوت الواحد، التي تم على إثرها مقاطعة الانتخابات، لكن الأزمة السياسية تعمقت بسبب عدم الاستجابة للمطالب الإصلاحية، وبسبب ردود فعل الحكومة العنيفة من خلال القمع ومواجهة الحراك الشعبي السلمي بالغازات المسيلة للدموع والهراوات والرصاص المطاطي، وترافقت مع حملة اعتقالات واسعة ومحاكمات، وسجن للناشطين السياسيين والمغردين.
لكن يبدو أن هذه الإجراءات القمعية لم تردع الحراك الشعبي السلمي، فصعدت الحكومة من إجراءاتها بسحب جنسيات بعض المعارضين وبشكل انتقائي، وهددت آخرين باتخاذ نفس الإجراء بحقهم وحق أبنائهم وأسرهم.
وفي ظل هذا الحراك لم تكن المعارضة على قلب واحد، وكانت متباينة الأهداف وهذا قد يكون بديهياً في ظل تنظيمات ذات مصالح متباينة، وأخرى لا تمت بهياكلها للتنظيم السياسي، بل كانت الزعامة فيها للوجوه البرلمانية التي فقدت مصالحها وهدفها النهائي وهو الوصول إلى كرسي البرلمان، وتحول الخطاب من سياسي إلى انتخابي وشابت بعضه نكهة طائفية.
وفي ظل هذا الواقع المأزوم كيف نفهم الدعوة للحوار الوطني؟ رغم أننا لسنا ضد مبدأ الحوار، ولكن ألم تتحرك بعض القوى الإسلامية منفردة لمثل هذا الحوار وفشلت؟ وما الهدف الحقيقي من ورائه؟ أهو تخفيف حالة الاحتقان السياسي ونزع فتيل الأزمة؟ إذ ان ذلك مطلب الجميع وغايتهم في وطن مستقر وآمن وديموقراطي تسود فيه الكرامة والحرية والعيش الكريم.
وماذا يعني الحوار هنا؟ هل يعني التنازل عن مطالب الجماهير التي قُمعت وسجن العديد من أجلها؟ هل يعني الموافقة على استمرار النهج الذي بسببه تأججت وتعمقت الأزمة السياسية، وبوجود قيود على الحريات وتعدٍ على الدستور وخروج عن النهج الديموقراطي الذي تكون الأمة بموجبه مصدر السلطات جميعاً؟ خاصة أن الدعوة الأخيرة شابتها بعض علامات الاستفهام مثل وجود أطراف فيها لا تؤمن بالديموقراطية ولا بالدولة المدنية، وتحرّم حق التجمع والإضراب وضد الحريات الشخصية التي كفلها الدستور، وأيضاً وشت بعض التصريحات باستبعاد قوى سياسية مبدئية مثل التيار التقدمي الكويتي وكتلة العمل الشعبي وهو يعني الإقصاء، وكذلك استبعاد شخصيات سياسية وصفت بأنها خلافية، والمقصود بالتأكيد هو استبعاد المعارضة التي تهتم بالشأن الوطني ومصلحة الشعب، أي خلع أنياب المعارضة من أجل مكاسب ضئيلة مثل إبدال الصوت الواحد بصوتين، مما يتيح الفرصة والذريعة للداعين للحوار الوطني للترشح للانتخابات المقبلة بأي ثمن وإن كان على حساب مصلحة شعبهم، ودون وجود تكافؤ بين طرفي طاولة الحوار.
أما الخطر الإقليمي والخارجي فنحن أول من دعا وما زال من خلال هذه الزاوية، للالتفات إلى الخطر المحدق من الجماعات الإرهابية التي تُموّل وتُدعم من بعض أطراف الداعين للحوار، بدلاً من اعتبار أن هناك مؤامرة من الإصلاحيين ضد أمن البلاد، لمجرد مطالب سلمية مستحقة وتصب في صالح الجميع.
نعم نحن نتابع التفاهمات والترتيبات في المنطقة، التي تحتاج إلى استقرار مجتمعاتها، لكن لا يجب أن يكون ذلك من خلال حوار غير عادل أو متكافئ، أو من خلال تنازل مجاني عن مصلحة الشعب والوطن.
وليد الرجيب
_________________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 07/09/2014 العدد:12851
الهدف من دعم السلع الأساسية والخدمات الضرورية الذي تقدمه الدولة هو ضمان حصول فئات اجتماعية محددة، وبالذات ذوو الدخول المتوسطة والمتدنية والفقراء على هذه السلع والخدمات، ويصبح الدعم الحكومي ضروريا من أجل التخفيف من مآسي نظام السوق المنفلت وعدم عدالة توزيع الثروة والدخل، لأنه لو ترك الأمر في هذه الحالة من دون ضوابط صارمة ودعم حكومي فلن يتمكن من الحصول على السلع الأساسية والخدمات الضرورية إلا الذين يملكون الثروة وأصحاب الدخول المرتفعة، وبالطبع فإن الوضع يزداد سوءاً عند ارتفاع معدلات التضخم النقدي وزيادة الأسعار وغلاء المعيشة، وتكون له انعكاسات سلبية للغاية على المجتمع والدولة ككل من الناحيتين الاجتماعية والسياسية.
ومنذ فترة طويلة والحكومة تتحدث عن نيتها إلغاء دعم بعض السلع الأساسية والخدمات الضرورية، ومؤخراً صرّح وزير المالية السيد أنس الصالح عن التوجه الحكومي إلى تحويل بعض الدعم العيني المعمول به حاليا إلى دعم نقدي مباشر، حيث أعلن "أن الحكومة بدأت وضع الخطوات الاستراتيجية لمعالجة الاختلالات المالية والاقتصادية في قطاعات الدولة المختلفة، مشيراً إلى الاستمرار في جهود ترشيد الإنفاق العام، والسيطرة على الدعم عبر توجيهه لمصلحة المستحقين، بتحويله إلى صورة نقدية، بحيث يصرف مباشرة للمواطن بدلاً من غير المباشر المنخفض الكفاءة" (الجريدة 5 يوليو 2014).
وبالرغم من أن الوزير قد ذكر أن سبب تحويل الدعم الحكومي إلى نقدي بدلاً من عيني هو "انخفاض كفاءة" العيني فإنه لم يوضّح كيف توصلوا إلى هذه النتيجة، خصوصا أن الدعم العيني أفضل بكثير من النقدي لسببين على الأقل، الأول هو الصعوبة البالغة في حصر كل الشرائح المستحقة للدعم النقدي، والسبب الثاني هو احتمال انخفاض قيمة الدعم النقدي الذي تتحكم فيه آليات السوق (العرض والطلب)، وبالتالي ليس بالضرورة أن يتمكن من يحصل عليه من شراء السلع الأساسية والخدمات الضرورية التي يحتاج إليها.
وعلى أي حال، حتى لو افترضنا قدرة الحكومة على إدارة الدعم النقدي رغم ما تحتاجه هذه العملية من أجهزة إدارية حديثة ومتطورة وقوى بشرية مؤهلة ومدربة وميزانية مالية ضخمة، فإن اختلالات الموازنة العامة للدولة لن يحلها بشكل عادل وموضوعي التركيز على قضية دعم السلع الأساسية والخدمات الضرورية، وبالذات الدعم الذي يستفيد منه أصحاب الدخول المتوسطة والمتدنية، واعتبارها هي القضية المحورية في الوقت الذي يتم فيه إهمال معالجة الاختلالات الهيكيلة الأخرى الأكثر أهمية، والتي تفترض أن تُعطى الأولوية مثل تنويع مصادر الدخل وتنمية الإيرادات غير النفطية من خلال إعادة تسعير أراضي الدولة وأملاكها وفرض ضرائب تصاعدية على أرباح الشركات وعلى الدخول المرتفعة، ثم معالجة الخلل في تركيبة قوة العمل وإعادة هيكلة الجهاز الإداري والمالي وتطوير العمل المؤسسي والتصدي بشكل جدي لقضايا الفساد بأشكاله كافة، وفي مقدمتها الفساد السياسي حيث لا تنمية مع الفساد.
د. بدر الديحاني
____________________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 03/09/2014
الآن وبعد أن عاد الوئام بين دول مجلس التعاون وحُلحلت الخلافات والتباينات بينها، تحت ضغط الولايات المتحدة التي تنوي بناء تحالف قوي، من خلال تفاهمات تم الاتفاق عليها بين دول إقليمية مؤثرة، لابد من البدء بمرحلة جديدة من بناء علاقات جديدة بين هذه الدول وبين شعوبها.
فإن كان الهدف مواجهة خطر الدولة الإسلامية على الدول العربية والإقليمية، فالتفاهم وحل الخلافات بين دول مجلس التعاون مستحق كخطوة أولى وأساسية لمواجهتها، ولكن هذا لا يكفي إذ يجب الاستناد إلى وحدة وطنية لكل شعب من شعوب دول الخليج، فقد أثبتت التجربة وبعد هزيمة الجيش العراقي أمام عصابات داعش بسبب خيانات القيادات السياسية، التي تستند على التأجيج والتمييز الطائفي بين أبناء الشعب العراقي، خاصة بعد الأوامر التي فُرضت على الجيش للتخلي عن السلاح والملابس العسكرية وترك مناطق الاشتباك، أي تسليمها لداعش دون مقاومة أو دفاع عن الأراضي العراقية، بينما أثبتت فصائل البيشمركة وخاصة الشعبية منها والحزبية على الصمود والدفاع ببسالة، بعد أن تكرمت الولايات المتحدة ودول أوروبا بتسليحهم، ليس من أجل عيونهم ولكن لحماية المصالح الأميركية الغربية في كردستان.
وكذلك أثبتت تجربة الضربات الأميركية الجوية الخجولة، أنه لا يمكن إيقاف أو ردع عصابات تعمل بتكتيكات الكر والفر، فالميلشيات المسلحة أقوى من الجيوش النظامية كما عبر عن ذلك الثائر تشي غيفارا، فدعم أبناء السنة للدولة الإسلامية جاء ليس من إيمان منها بأهداف داعش وأسلوبها الوحشي، ولكن بسبب ما لاقته هذه الطائفة من ظلم وتهميش من قبل القيادة السياسية العراقية، التي تستمد قوتها من تحالفاتها الإقليمية والدولية المستفيدة من التأجيج الطائفي وتفتيت الشعب العراقي بعد القضاء على جيشه.
على دول الخليج كي تحقق هدف القضاء على هذا الوباء أو السرطان، أن تتوحد مع شعوبها وتمنحها حقوقها المشروعة في الحرية والديموقراطية، وتخفف من قبضتها الأمنية عليها لكي تشعر هذه الشعوب بالولاء والانتماء الوطني، وعلى هذه السلطات التخلي عن نهج الانفراد بالسلطة والقرار وخلق العداء بينها وبين شعوبها، وتغيير نهجها وإدارتها السياسية التي عفى عليهما الزمن، وتعيد بناء بلدانها على أسس ديموقراطية حديثة لمواكبة تطور العصر.
وليد الرجيب
_____________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 01/09/2014 العدد:12845
كتب: د. بدر الديحاني كما ذكرنا في مقالات كثيرة سابقة فإن ما سّمي عام 2010 "خطة التنمية"، التي رافقتها حملة إعلامية ضخمة تُبشر بأن الكويت ستشهد خلالها قفزات تنموية غير مسبوقة، لم تكن سوى إطار عام لأهداف فضفاضة وغير واقعية مع مجموعة من الأعمال الإنشائية المتعلقة بالبنية التحتية بالإضافة إلى تجميع الأعمال الروتينية للوزارات والهيئات الحكومية، ووضعها في ملف واحد أطلق عليه "خطة تنمية"!لقد توقع عدد من المتخصصين والمهتمين بالشأن العام فشل ما سُميت آنذاك خطة تنموية لأنها بُنيت على خطأ كما أشار وزير المالية السابق، فضلا عن أنه لا تتوافر متطلبات وإمكانات رسم خطة تنموية حقيقية وتنفيذها، وفي مقدمتها وجود مشروع دولة عصرية تُبنى على أساسه الخطة، على أن تتوافر إرادة سياسية لتنفيذ خطة تنمية مستدامة حقيقية ومحاربة الفساد، والقيام بإصلاحات سياسية وإدارية جذرية ينتج عنها وجود أجهزة إدارية متطورة، تقودها قوى بشرية مؤهلة، يتم اختيارها بناء على كفاءتها لا على درجة قربها من متخذي القرار وولائها الشخصي لهم.
والآن ها هو التقرير السنوي الرابع للأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية الذي أشارت إليه صحيفة "القبس" بتاريخ 18 أغسطس الجاري يؤكد اعتراف الحكومة بفشل ما سُمي خطة التنمية، حيث أشار إلى الفشل "في تحقيق العديد من مستهدفات التنمية البشرية بخصوص التركيبة السكانية أو التوجه نحو الدراسة العلمية في التعليم العالي ومستهدفات البحث العلمي".
كما ذكر التقرير "من أهم أسباب فشل تحقيق الأهداف والمستهدفات البشرية قصور في تحقيق المتطلبات التشريعية والمؤسسية للخطة الإنمائية ووجود المعوقات الإدارية والمؤسسية التي تمثل العقبة الأكبر أمام تنفيذ مشروعات التنمية وتعطيل المشروعات في المراحل التحضيرية مما يؤثر سلبا في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للدولة لتحقيق رؤية الدولة بالتحول إلى مركز مالي وتجاري بحلول عام 2035". ثم أضاف "إن الجوانب الاقتصادية تمحورت في القصور في تحقيق مستهدفات تنويع الاقتصاد لمصلحة القطاعات غير النفطية والقصور في توسيع دور القطاع الخاص، كما تستمر الضغوط على المالية العامة وتصاعد الإنفاق الجاري على حساب الرأسمالي، فضلا عن تحقيق كل المشروعات والمشروعات الكبرى والداعمة نسبة إنفاق دون المستوى". (انتهى الاقتباس).
ومع أن الحكومة قد اعترفت، كما أشار التقرير، بفشل "الخطة" السابقة إلا أنها لم تعمل شيئا من شأنه معالجة الأسباب التي أدت إلى الفشل، ولم يُحاسب أحد من كبار المسؤولين وكأن شيئاً لم يحدث! ومع بقاء الظروف السياسية والإدارية ذاتها التي رافقت إعداد "الخطة" السابقة وتنفيذها، فإنه لا يوجد أي سبب علمي يجعلنا نتوقع أن "الخطة" الجديدة للأعوام 2015/2016 – 2019/2020 (لاحظ أنه قد تم تجاوز هذه السنة 2014/2015 فأُلغيت من "الخطة"!!) ستختلف عن سابقتها سواء من ناحية المضمون أو النتيجة المتوقعة، وهذا معناه المزيد من الهدر في الوقت والجهد والمال العام في إعادة تجارب أثبتت الأيام فشلها الذريع._____________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 25/08/2014
*نشرت هذه الورقة في العدد التاسعة- ربيع 2014 من مجلة الطريق, كعدد خاص مكرس للكاتب والمناضل محمد دكروب
*ملاحظة: هذه الورقة قدمت في الندوة التكريمية للمفكر اللبناني الراحل محمد دكروب تحت عنوان "محمد دكروب .. المثقف الثوري والتغيير" التي دعت إليها مجلة الطريق اللبنانية وأقيمت في 28 مارس 2014 في بيروت، وشارك فيها نخبة من المثقفين والمفكرين العرب، ومن الكويت شارك فيها وليد الرجيب بهذه الورقة.
كتب: وليد الرجيب
إن النضال ضد العدو الطبقي لا يقتصر على السياسي الاجتماعي، بل لابد من التصدي للفكر والثقافة اللتين أنتجتهما الليبرالية والنيوليبرالية وتفكيكهما، حيث لم تعد المعركة سهلة التحليل والتفسير وبالتالي خوضها بالأدوات النضالية التقليدية، التي أصبح من المستحق تجديدها ورؤيتها في تعقيدها الجديد الذي تواجهه قوى اليسار، حيث ما زالت أطراف منها متوقفة فكرياً وثقافياً عند مرحلة الاستعمار والتحرر الوطني المباشر والواضح المعالم.
فالمعركة ضد العدو الأيديولوجي يجب أن تكون شاملة في جوانبها السياسية والاقتصادية، وكذلك التصدي للثقافة النيوليبرالية بمفهومها العام وتجلياتها الإبداعية، فما يسوّق لنا وما نواجهه ليس فقط أيديولوجية الهيمنة السياسية الاقتصادية ومشاريعها المعادية، بل أيضاً ثقافتها وانعكاساتها على مجتمعاتنا وطبيعة تفكيرها.
فمنذ البداية ركز مناضلونا من المفكرين اليساريين على ربط النضال السياسي بالنضال الثقافي في تجلياتهما عبر الزمن، من مرحلة الاستعمار والتحرر الوطني إلى العولمة الرأسمالية، مع إدراك ووعي أن الرأسمالية في جميع مراحلها لم تخرج عن بنيتها وجوهرها وقوانينها الاقتصادية، رغم التطور الهائل في التكنولوجيا ووسائل الاتصال.
فالثقافة هي أداة تصدٍّ للثقافة النيوليبرالية، مما يعني إدراك أهمية شمولية النضال، بينما أهملت بعض قوى اليسار وخاصة بعد انهيار تجربة التطبيق الاشتراكي في الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية التصدي الثقافي وغابت الصورة الكبيرة، وهذا ما جعل هذه القوى اليسارية تراوح في نضالها وخطابها، ولم تستطع الفكاك من إسار الماضي وتقاليدها وجمودها الفكري، فتم تجاهل قانون الحركة الجدلية وظلت القراءات ترى الواقع في جموده أو استاتيكيتة، وترى الجديد بمنظور القديم.
إن دور الثقافة هو مواجهة الاستبداد والاستغلال في أثوابه المتغيرة أو المتجددة، ولا يمكن ذلك إلا بتعرية الاستغلال وهو ما يتطلب رؤية متجددة ومبدعة مع تطبيق خلاق للنضال وفقاً للمتغيرات، وذلك من خلال المواجهة والمعركة الثقافية.
وهذا يعني المراجعة التحليلية النقدية لمسيرة اليسار بشكل دائم ومستمر مع الانعطافات التاريخية، وتجديد الخطاب والمصطلح الملتبس والرؤية الثقافية التي تضمن الحيوية في العمل والتحليل، لتجنب الترهل والاغتراب عن الجماهير ضمن الخصوصيات المختلفة للمجتمعات، أو ضمن النسبيات الثلاث الزمان والمكان والبشر. فالفكر الماركسي يؤمن بأن الفكر يكون أكثر فعالية للحياة والتأثير عليها كلما كانت متغيراته أكثر من ثوابته.
ثقافوبيا
الثقافة تسبب هلعاً وأرقاً للعدو الطبقي، والتي قد تكون أخطر عليه من العمل السياسي التقليدي المباشر أو حمل السلاح، وكما قال المفكر المصري الراحل محمود أمين العالم:" هناك علاقات تناقضية جدلية منتجة بين سلطة الثقافة وثقافة السلطة"، فبالنسبة للسلطات الإمبريالية والرأسمالية التابعة والقوى الظلامية فإن الكلمة أقوى من الرصاصة، وهي تثير الرعب والهلع في نفوسهم.
ويُعتبر غوبلز وزير الدعاية في ألمانيا النازية من أشرس مساعدي هتلر، ولكنه يستشعر الخطر والخوف من كلمة ثقافة، والتي عبر عنها بقوله:" كلما سمعت كلمة ثقافة تحسست مسدسي"، ويزخر التاريخ بشواهد ملموسة على ذلك:
فمثلاً، لماذا اختارت قوى الظلام والعدوان اغتيال مفكرين مثل حسين مروة ومهدي عامل وفرج فودة وغسان كنفاني، وحاولت اغتيال الأديب المصري الكبير نجيب محفوظ بطعنة في رقبته؟ فهذه القوى المتخلفة المنسجمة الاتجاه مع النيوليبرالية والصهيونية والضالعة في مشروعاتها، لم تختر عدواً صهيونياً أو رجال سلاح بل ركزت جل حقدها على الثقافة والكلمة.
ولماذا يتعرض آلاف من المبدعين والمفكرين والمثقفين إلى السجن والتعذيب والإعدام؟ ألا يشكل ذلك دليلاً لا لبس فيه على أن المثقف ونتاجه يشكل خطراً قد يكون أكثر من خطر الإرهابي على المستعمر والمستبد والظلامي؟
لماذا يعيش الشعراء والمفكرون ويموتون في المنافي؟ مثل الجواهري والبياتي ونازك الملائكة وناظم حكمت، الذي كانت السلطات التركية تخشى حتى من رفاته وليس أعماله وفكره فقط.
إذاً خطر الثقافة لا يكمن في الأحياء من المثقفين فقط بل بالأموات منهم أيضاً، ألم تقم النازية بتفجير قبور الأدباء الروس العظام مثل تولستوي ودستيفسكي وبوشكين؟ رغم أن هؤلاء ماتوا من أزمان بعيدة قبل الثورة البلشفية بكثير، ولكنهم بالنسبة للنازي المحتل يشكلون رمزاً للجمال والثقافة التي تكرههما الرأسمالية والفاشية، ويعريانهما بصفتهما خارج سياق الإنسانية.
ففي مقابل توحش الرأسمالية وإيغالها بتدمير بلداننا ومجتمعاتنا سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وعسكرياً، لا بد من إطار نظري لأهمية الثقافة يدعم نضالات شعوبنا ويوجهها الوجهة الصحيحة.
رغم أن بعض قوى اليسار وأحزابها لم تعط أهمية أساسية للثقافة وتجلياتها الأدبية والفنية، واعتبرتها شيئاً مكملاً وثانوياً في نضالها، فلم يعد كثير من المناضلين التقدميين يستمتعون بالأدب والفن إلا إذا كان مباشراً، بينما يضرب لنا لينين مثالاً لأهمية الثقافة والفن والأدب في لقائه مع الكمسمول عندما سأل طلبة الجامعة من الشبيبة الشيوعية: هل قرأتم لتولستوي ودستيفسكي وبوشكين، ردوا عليه بأن هؤلاء من مخلفات الماضي الذي قضت عليه الثورة، فقال لهم: هؤلاء هم من حضّر ومهّد للثورة.
من الليبرالية إلى النيوليبرالية وتدويل الإنتاج
الرأسمالية عجوز متصابية، فمهما أضافت من مكياج ومساحيق، ومهما حاولت العودة إلى الصبا من خلال عمليات التجميل، فستظل عجوزاً يتقدم بها العمر وهي آيلة للفناء، فلا أكسير للحياة سوى سيرورة التقدم ذاته، فالجوهر يتناقض مع المظهر في مرحلة ما، ومهما حاولت الرأسمالية تجديد نفسها والمناورة العبثية لديمومتها فلن تصبح نهاية التاريخ.
فالليبرالية عندما كانت يافعة وفتية استطاعت إحراز تقدم ثقافي عبر الشعار الأخلاقي "حرية إخاء مساواة"، ولكنها كي تكون واقعية "براغماتية" ومنسجمة مع قوانينها الخاصة كان لا بد لها من التخلي عن مبدأي الإخاء والمساواة والتركيز على الحرية واحترام الاستقلالية والحرية الشخصية كمبدأ أخلاقي ونفعي في آن، ففي المجال السياسي كانت تعني أنها ضد شمولية الأنظمة الملكية والحق الإلهي، وفي المجال الاقتصادي كانت تعني حرية العمل وحرية التبادل وحرية المؤسسة وضد التدخلات الحكومية في الاقتصاد ومع حرية الأسواق.
إن القفزة في التطور إبان الثورة الصناعية، لم تكن سوى نتيجة وبحث تفتّق عنه ذهن الليبرالية لزيادة أرباحها ولمزيد من تركز الرساميل، إضافة إلى إن الثورة الصناعية كانت نتيجة لتطور الرأسمالية، لكن لم يكن الهدف منها سعادة البشرية وتيسير حياتهم، فالحقيقة الثابتة أن الرأسمالية تسعى في هدفها النهائي فقط للربح وتعاظمه، وإذا كانت أهمية المُنتَج بالنسبة للمستهلك (المجتمع) تكمن في قيمته الاستعمالية، فإن أهميته بالنسبة للرأسمالي تكمن في قيمته التبادلية، فكل مُنتج هو في النهاية سلعة تُباع في الأسواق المحلية والخارجية، والهدف من وراء إنتاجها وبيعها هو ربح أكثر في جيب الرأسمالي صاحب المصنع المُنتِج لهذه السلعة، بما فيها قوة عمل العامل التي تتحول إلى سلعة بحد ذاتها، فلكي يحقق الرأسمالي الأرباح فلا بد من استغلال قوة عمل العامل لإنتاج فائض القيمة الذي ينتج السلع ويطور الآلة وطرق المواصلات ووسائل النقل بما فيها السيارات والبواخر والطائرات لتحقيق مزيد من الأرباح التي تصب في جيبه هو، وليس الهدف هو سعادة الإنسان ورخائه كما أسلفنا.
بيد أن الرأسمالية وفكرها الليبرالي يتعرضان لنكسات وأزمات اقتصادية وفكرية، لا تحل إلا بالنزاعات المسلحة، مع واقع أنه دخل في المعادلة الدولية نظام نقيض لها وهو النظام الاشتراكي، وقد كانت الدول الرأسمالية تتوقع أن تضرب عصفورين بحجر، هما إعادة تقسيم العالم والثروات بينها وتحطيم النظام الاشتراكي الذي يشكل خطراً على الطرفين المتحاربين، دول المحور الذي يضم ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية واليابانمن ناحية، ودول التحالف من غير الاتحاد السوفييتي وهي بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية من ناحية أخرى، وبعد الانتصار التاريخي للجيش السوفييتي على الجيوش النازية، ورفعه علم الاتحاد السوفييتي على مبنى الرايخ الثالث، كان لا بد من إعادة ترتيب المعادلات، إذ تحولت إعادة تقسيم النفوذ من تقسيم بين الدول الرأسمالية إلى تقسيم بين معسكرين رأسمالي واشتراكي.
كما أن انتصار الاتحاد السوفييتي كان له تأثير في إعادة النظر بتوجهات الفكر الليبرالي الذي لم يستطع أن يخفي الإنجازات الاجتماعية الاقتصادية والعسكرية التي تحققت في الاتحاد السوفييتي عن شعوب الدول الرأسمالية، التي بدأت تطالب ببعض حقوقها أسوة بالشعب السوفييتي، وهنا دخل "كينز" خشبة المسرح.
وقد كان كينز يعرّف نفسه ليبرالياً، وكان عضواً ناشطاً في الحزب الليبرالي الإنجليزي، ولكنه كان مدافعاً بشكل مستميت عن الحرية الفردية، وخاصة في المجال الأخلاقي والديمقراطية السياسية، مؤمناً مثل نظرائه بأن الرأسمالية قد أصبحت تنتج شروراً خطيرة مثل الأزمات والبطالة والفقر واللا تكافؤ، وأصبح لزاماً على الدولة أن تتدخل لمعالجة هذه الشرور، وأطلق على هذه السياسة الليبرالية الاجتماعية أو الاشتراكية الليبرالية، التي كانت في واقع الأمر رأسمالية مخففة أو بالتعبير الكاريكاتوري "الرأسمالية الطيبة"، التي اعتبرها طريقاً ثالثاً بين الليبرالية والاشتراكية، جوهرها وأساسها النظري هو عقلنة دولة الرفاه من الناحية الاقتصادية، إذ لا يمكن معالجة تلك الأزمات / الشرور إلا بتدخل حيوي من الدولة، فأعاد بذلك السياسي الاجتماعي إلى الواجهة مقارنة بما هو اقتصادي. وأجبرت الرأسمالية وربما على سبيل المناورة على تناول قضايا الحق في العمل والحق في الدخل اللائق والحق في الرعاية الاجتماعية بما فيها الخدمات الصحية والتعليمية، باعتبارها ضمانات من الدول تقدمها لشعوبها.
ولكن هل تضمنت هذه الحقوق والضمانات تغييرات بنيوية في الاقتصاد الرأسمالي؟ فرغم تدخل الدولة في الاقتصاد والتنازل لإقرار بعض الحقوق الاجتماعية للناس إلا أن السياسة الكينزية أو الليبرالية الاجتماعية لم تكن خارج القوانين الاقتصادية للرأسمالية رغم تخفيفها الضغوط على معاناة الشعوب.
لكن انتصار الاتحاد السوفييتي لم يدفع الرأسمالية للمناورة فقط، بل تشكل واقع سياسي واجتماعي وثقافي جديد، تمثل في حركات التحرر الوطني والاجتماعي والرغبة في التخلص من الاستعماروالتبعية في قارات آسيا وأفريقيا وأمريكا الوسطى والجنوبية، مثل الثورة الكوبية والثورة الجزائرية وثورة أنغولا والجبهة الشعبية في عمان، وبروز وثقافة المقاومة مثل المقاومة الفلسطينية والمقاومة الفيتنامية للغزو الأمريكي، وظهور نزعات ثقافية ثورية مثل "النزعة الغيفارية" إن جاز التعبير، كما تشكلت المنظمات الاجتماعية والنقابية العالمية، ومنظمات دولية تجمع الدول المتحررة مثل حركة دول عدم الانحياز أو القوى المعادية للاستعمار مثل منظمة التضامن الآفروآسيوي، وتوسع تأسيس الأحزاب الشيوعية والعمالية على المستوى العالمي وبالأخص في الدول التي سميت ب"العالم الثالث"، هذه الثقافة تشكلت بعد الحرب العالمية الثانية، وتبلور بعضها في تحول منطقي من القومي إلى اليساري، ومن تقديس العنف الثوري إلى المنهج الثوري العلمي المادي الجدلي والنظرية الماركسية، واستمر حتى بداية تسعينيات القرن الماضي عندما انهارت تجربة التطبيق الاشتراكي في كل من الاتحاد السوفييتي ودول أوربا الشرقية، وانتهت معها الحرب الباردة بين المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي.
وهذا الوضع الذي جعل من الولايات المتحدة قطباً أوحد، جعل قوى اليسار تنكفئ على نفسها وتراجعت الثقافة الثورية والتحررية، خلق في نفس الوقت الوهم بفشل النظرية الماركسية وأن الرأسمالية هي بالفعل نهاية التاريخ، بل وجدت بعض أحزاب اليسار نفسها ليس في موقع الصراع الطبقي ولكن في موقع الصراع إذا لم نقل الدفاع القومي، وتسربت الثقافة القومية والليبرالية وحتى الطائفية في صفوف وثقافة بعض أطراف اليسار.
ولأن الكينزية التي لم تستمر أكثر من ثلاثة عقود لم تشبع شهوة الرأسمالية في الذهاب إلى أقصى مدى من تحقيق الهدف رقم واحد لديها وهو الربح وتعاظمه، ووجدت في الكينزية نوعاً من تقييد طموحها أو جموحها، كما وجدت في أرضية كونها القطب الأوحد مع تراجع ثقافة المقاومة والصراع الطبقي، ذريعة للتراجع عن الكينزية ولم تجد مثل فريدريش حايك وميلتون فريدمان لترويج تيار أيديولوجي وسياسي يدعو إلى التبشير بسياسة اقتصادية جديدة هي "النيوليبرالية" رغم غموض المصطلح والمفهوم عبر تاريخه منذ ظهوره في الأدبيات الاقتصادية، حيث أكد حايك أن أي شكل من أشكال تدخل الدولة في الاقتصاد، خاصة إذا سعى إلى تحقيق خرافة العدالة الاجتماعية، لا يمكن أن يؤدي إلا إلى نتائج مغايرة تماماً لتلك المتوقعة، وبالتالي تعيد الطريق أمام الحكم الشمولي، ويرى أن أزمة السبعينيات والثمانينيات لم تكن سوى ثمرة السياسات الكينزية في تدخلية الدولة، وأن البطالة هي العلاج الضروري لاستعادة التوازنات التي أضرت بها تلك السياسات.
أما فريدمان المنظّر الأوسع شهرة للنيوليبرالية، فهو يضع مقاومة التضخم النقدي كأولوية مطلقة قبل مقاومة البطالة، فهو يطرح بديلاً عن تدخلية الدولة الكينزية من خلال فك ارتباط الدولة نهائياً بالاقتصاد، والخصخصة ورفع القيود وإضعاف النفوذ النقابي وكل القيود التي تؤثر على أسواق العمل مثل التأمين ضد البطالة والحد الأدنى للأجر، فهذه القيود هي المسؤولة عن المستوى المرتفع لما أسماه "النسبة الطبيعية للبطالة"، بل أن كل بطالة هي إرادية وناتجة عن اختيار من العمال أنفسهم، ولكن رونالد ريغان أوغل في انحيازه لمصالح كبار الرأسماليين وعدائه للفئات الشعبية والمهمشة، بأن دعا إلى تقليص ضرائب الأفراد الأكثر ثراء، وإلى حذف كل برامج الحماية الاجتماعية "التي تصلح لحماية الكسالى والمنحرفين" على حد تعبيره.
وتغيرت جراء ذلك ملامح الخارطة الطبقية فاتسعت الهوة، وازداد الأغنياء غنى وازداد الفقراء فقراً، وكثرت الأدبيات التي تبرر لا أخلاقية هذه السياسة الاقتصادية، إذ قال "أندريه كونت سبونفيل" في كتابه "هل الرأسمالية أخلاقية؟": "أن الأخلاق ليست ملائمة إطلاقاً لوصف أو شرح أي مسار كان ضمن الاقتصاد".
ويدلل النيوليبراليون على ضرورة إخراج العدالة الاجتماعية وانعدامها عن أي معنى أخلاقي، لكن سبونفيل يعترف أيضاً: "بأن الرأسمالية قد تكون غير عادلة على غرار الطبيعة في توزيعها المواهب بين البشر، لكن من المؤكد أنها ليست أخلاقية".
بل أدعى حايك وفريدمان أنه في الحالات الاستثنائية يمكن أن تكون الدكتاتورية أمراً ضرورياً لإقامة الحرية الاقتصادية، كما يمكن للنيوليبرالية في مستوى القيم الأخلاقية أن تتماشى مع النزعة المحافظة والأصولية الدينية، بينما أكد ماركس في مخطوطات العام 1844م، على أن الاقتصاد "علم أخلاقي حقيقي، الأكثر أخلاقية من بين العلوم كافة".
ويرى الاقتصادي البحريني "عبد الجليل النعيمي:" أن لا أخلاقية الرأسمالية هي التي حفّزت تطور الرأسمالية سواء في مراحلها الأولى (التراكم البدائي لرأس المال) أوالمتقدمة، فقوانين التطور الموضوعية للرأسمالية تعمق تناقضاتها الداخلية، وبالتالي تفاقم الأزمة العامة للرأسمالية ما يفتح الطريق أمام بديلها التاريخي – الاشتراكية، وبالتأكيد يمكن الحديث عن إن الأزمة المالية للرأسمالية قد تطورت إلى اقتصادية وسياسية وأخلاقية فغدت أزمة عامة للرأسمالية".
مانيفستو العولمة وثقافة تدويل الإنتاج
أشار مؤلفا "فخ العولمة" الاعتداء على الديموقراطية والرفاهية"، الكاتبان الألمانيان "هانس بيترمارتن" و"هرالد شومان"، في الفصل الأول بشكل حكائي مشوق، التدشين الإعلامي أو الإعلان عن مرحلة جديدة هي "العولمة"، وكأنه (مانيفستو الشر) في فندق "فيرمونت" بكاليفورنيا نهاية سبتمبر عام 1995م، هذا المانيفستو يشكل الحد الفاصل بين الحاضر والمستقبل.
كتب المؤلفان:" في هذا المكان الذي شهد أحداثاً جساما، وقف واحد من القلة الحاضرة والذي كان هو نفسه قد حدد مسار التأريخ محيياً نخبة من العالم المجتمعين في القاعة الكبيرة، ولم يكن هذا الشخص سوى "ميخائيل غورباتشوف"، فقد كان بعض الأثرياء الأمريكيين قد تبرعوا بالمال اللازم ليؤسسوا له في "البرزيديون" بخاصة، معهداً تعبيراً عن شكرهم وتقديرهم لشخصه (وربما لدوره)، وهكذا فقد دعا غورباتشوف خمسمائة من قادة العالم في مجالات السياسة والمال والاقتصاد، وكذلك علماء من كل القارات، وكان المطلوب من هذا الجمع المختار بعناية، والذي وصفه آخر رئيس للاتحاد السوفييتي وحامل جائزة نوبل بأنه: "ما هو إلا هيئة خبراء جديدة"، نعم كان المطلوب منه هو أن يبين معالم الطريق إلى القرن الحادي والعشرين، وهذه الطريق التي "ستفضي إلى حضارة جديدة".
وهكذا تحتم أن يلتقي قادة من المستوى العالمي حنّكتهم التجربة، من أمثال جورج بوش وجورج شولتس ومارجريت تاتشر بقادة كوكبنا الأرضي الجدد، من أمثال رئيس مؤسسة "سي أن أن" CNN، هذا الرجل الذي دمج شركته ب "تايم وارنر" ليجعل منهما أكبر اتحاد في مجال المعلومات في العالم، وقد أرادوا أن يقضوا ثلاثة أيام في التفكير بعمق وتركيز، وفي حلقات عمل مصغرة معاً إلى جانب أقطاب العولمة في عالم الكمبيوتر والمال، كذلك مع كهنة الاقتصاد الكبار وأساتذة الاقتصاد في جامعات "ستانفورد" و"هارفرد" و" أكسفورد".
فهذا الاجتماع هو لإعلان قرار قد أُتخذ، وليس مكان للحوار والمناقشات المسهبة حول مستقبل الاقتصاد والبشرية، فهل هناك إشارة إلى العالم أكثر من تلك التي تعني: "أن العالم وبشهادة آخر رئيس سوفييتي أصبح ملكاً لنا"، حيث أكد مدير شركة الكمبيوتر الأمريكية جون جيج:" بمستطاع كل فرد أن يعمل لدينا المدة التي تناسبه إننا لا نحتاج للحصول على تأشيرات سفر للعاملين لدينا من الأجانب"، فالحكومات ولوائحها لم تعد لها أهمية في عالم العمل، أنه يشغّل من هو بحاجة إليه، وهو يفضل الآن "عقول الهند الجيدة" التي تعمل من دون جهد أو كلل" مستطردا:" إننا نتعاقد مع العاملين لدينا بواسطة الكمبيوتر، وهم يعملون لدينا بالكمبيوتر ويطردون من العمل بواسطة الكمبيوتر أيضاً.. ولعله تجدر الإشارة إلى أن الأمر يستوي بالنسبة لنا في أي مكان من هذه المعمورة يسكنون، وجل هؤلاء احتياطي يمكن الاستغناء عنه عند إعادة التنظيم".(انتهى الاقتباس)
هذا المانيفستو يلخص ببساطة أن الرأسمالية في هذه المرحلة تسيطر على اقتصاد العالم ككل في كل مكان وطيلة الوقت، هكذا بدم بارد وصلافة وبوقاحة منقطعة النظير يعلن أباطرة النيوليبرالية أنهم يشكلون العالم ويفرضون نمطاً من الواقع هو تدويل الإنتاج، وتركز الإنتاج والرأسمال بيد أقلية الأقلية، وعولمة الثقافة أو ذوبان الثقافات أو التبعية الثقافية، وتعميم ما وصف بأنه "عولمة الفقر".
وانساقت بعض النخب العربية الليبرالية إلى تسويق الأيديولوجية الليبرالية بوصفها النموذج الفكري الوحيد والتي ترتكز على "الحرية"، وكأن الحرية حكراً على هذه الفلسفة أو الأيديولوجية، وليست قيمة من قيم البشرية الكبرى، وهي حسب اعتقادهم حركة تحرير مطلقة باعثها هو تقدير حرية الشخص ذاته، وهذا يخرج مفهوم الحرية من سياقها التاريخي لدى الفكر الرأسمالي، حيث كان يعني تحرير الأقنان من الإقطاع عندما كان عائقاً يعترض حراك القوة البشرية وانتقالها من الحقل / القرية إلى المصنع / المدينة، وبذا جرى توظيف القيمة البشرية الكبرى "الحرية" في استغلال بطريقة مغايرة.
وبلغ إيمان هذه النخب الليبرالية وانبهارها وتقديسها لليبرالية حد المناداة بإدخالها وفرضها في دولنا ولو على ظهر دبابة أمريكية، باعتبارها مطلق ثقافي يعلو على كل المذاهب والرؤى، وهو الخلاصة والتتويج النهائي لمسيرة الوعي والفعل البشريين، ورغم أنهم يعترفون أحياناً أنها ليست عالماً نزيهاً له طقوسه المثالية، ولكنهم يرجعون الخلل إلى التطبيق والممارسة، دون أدنى تفكير في احتمال أن يكون الخطأ آتياً من النظرية نفسها، بينما لا ينظرون إلى الماركسية من منطلق نفس الاحتمالات ويرجعون الإخفاق إلى النظرية وليس إلى التطبيق والممارسة، في عجز تام عن تحليل الواقع العربي وفهم شرطه الثقافي والتاريخي.
لكن وبغض النظر عن التفاصيل فإن هذا الصلف لم يدرأ الرأسمالية ومرحلتها النيوليبرالية عن التهاوي في أسوأ وأعمق أزمة اقتصادية في تاريخ النظام الرأسمالي في العام 2008، كما أنها لم تدرك بمحاولاتها أنها لا تستطيع فرض نسق ثقافي ملزم يجب أن يعولم ويسود كل المجتمعات بغض النظر عن خصوصياتها الثقافية، بل أججت الكراهية والحقد ضد الولايات المتحدة بالذات وضد السياسات النيوليبرالية التي أفقرت الشعوب بشكل عام، وظهر ذلك بشكل جلي عند كل الشعوب في الغرب والشرق والشمال والجنوب، وأعادت إحياء ثقافة التحرر من أشكال التبعية وخلق حركة تحرر عالمي ذات محتوى طبقي وتقدمي، ونهوض يساري لا تخطئه العين.
بل وصلت حركات الاحتجاج المعاصرة ذات النفس اليساري إلى قلب الدول الرأسمالية الكبرى، مثل حركة "احتلوا وول ستريت" في الولايات المتحدة، وحركة "الغاضبون" في إسبانيا، فالنضال ضد الرأسمالية بعد سقوط الاتحاد السوفييتي لم يعد نضال معارضين خارج السلطات، ولم تعد مجرد تنظير حالم أو مجرد، بل أن نحو نصف دول أمريكا اللاتينية اليوم تحكمها أطياف مختلفة من اليسار، وتشمل ثلاث دول على الأقل تدعي صراحة إلى السعي لبناء الاشتراكية، وهي فنزويلا وبوليفيا والإكوادور إضافة إلى كوبا.
الثقافة الاستهلاكية وترويج وهم التماثل
لا تستطيع الرأسمالية تحقيق هدفها الأسمى وهو الربح وتعاظمه، إلا بوجود أسواق كلما كانت مفتوحة كلما أجزلت بالعطاء، كما يتطلب ذلك وجود مشتري ومستهلك، ويتطلب إغراءات ودعاية وتسويق، وتزيين الاقتناء للبضاعة وتشجيع الثقافة الاستهلاكية وخاصة في الدول التابعة.
كل اختراع أو اكتشاف جديد ومتطور، يزيد من أرباح الرأسمالي ومنضمنه تطوير وسائل الإنتاج وأدوات العمل للوصول إلى أرباح أكثر، فلم يعد الرأسمالي مثلاً يذهب بنفسه لبيع منتوجه في السوق كما كان في وقت الإنتاج السلعي البسيط، بل أصبح يستخدم تطور وسائل الاتصال مثل البرق والهاتف مروراً بالفاكس إلى الانترنت وصولاً إلى المحادثة المرئية (سكايب – ماسنجر..الخ لعقد الاجتماعات والصفقات، فلا يضطر الرأسمالي الأمريكي مثلاً للسفر إلى اليابان أو إلى أي دولة في العالم مهما بعدت لبيع منتجاته، لكنه يستخدم أحدث المكتشفات ووسائل التكنولوجيا ليبيع هذه المنتجات.
فأصبحت الرأسمالية بعد تركز وسائل الإنتاج في يدها وتمركز رؤوس الأموال، تشتري كل شيء يدر عليها الأرباح بما في ذلك العقول والعلماء والمخترعين، فلا مانع لديها من استثمار أموالها من أجل توسيع وتطوير الرأسمال الثابت، مثل الآلات والأراضي ما دام ذلك يأتيها بمزيد من الأرباح، فهي لم تعد تعتمد على قوة العمل العضلية لتحقيق الأرباح من فائض القيمة فقط وبل وقوة العمل الذهنية أيضاً.
ويدعي الليبراليون أن التقدم التكنولوجي "الذي يعتبر فضيلة الرأسمالية"، خلق رخاءً عاماً بين البشر، متجاهلين حقيقة أن المجتمع الرأسمالي مجتمع طبقي، يتميز بتناقض رئيسي بين رأس المال والعمل، أي بين الإنتاج الاجتماعي والتملك الفردي، كما أن أي طبقة تتعين من موقعها في وسائل الإنتاج، فالبرجوازية هي مالكة لوسائل الإنتاج والطبقة العاملة ومجمل العاملين بأجر يبيعون قوة عملهم التي لا يملكون سواها، بغض النظر عن مستواهم المعيشي أو مداخيلهم فهي تبقى طبقة عاملة لا تملك وسائل الإنتاج، بل ومعزولة ومغتربة عما تنتجه، فامتلاكها لأجهزة ووسائل الكترونية مثلها مثل البرجوازية لا يعني أنها أصبحت متماثلة معها، أو لم يعد بينها وبين البرجوازية فوارق طبقية. ويقول الباحث البحريني الدكتور نادر كاظم في كتابه "إنقاذ الأمل":" أصبح الجهاز الإنتاجي قادراً على إنتاج كميات هائلة جداً من السلع والخيرات وبأسعار رخيصة وفي متناول الفئات العريضة داخل المجتمع بما في ذلك العمال أنفسهم، وأصبحت قادرة على خلق حالة من الرضا بين هذه الفئات، بل وأكثر من هذا، أصبحت قادرة على خلق "وهم التماثل" بين الجميع، الأمر الذي يعني انعدام التفاوت الطبقي وزوال الطبقات، بتوفير كميات هائلة من "الخيرات" المصممة للتمتع الفردي بحيث صارت في متناول جميع الطبقات، البرجوازية والعمالية سواء بسواء.
وبلغت قدرة هذه الدول (البرجوازية) على خلق حالة من الرضا على مستويات متقدمة بسبب تطور وسائل الإعلام التي هي بالدرجة الأساس "وسائل لصناعة الرضا أو وسائل لصناعة القبول"، لأن هذه الوسائل تحولت من وسائل إعلام تنقل الخبر بحيادية إلى وسائل دعم أيديولوجي تخدم وتقوم بالدعاية والترويج بالنيابة عن المصالح المجتمعية القوية التي تتحكم بها وتمولها، بتعبير آخر فإن الوضع سيء لكن الناس لا تشعر بأنه سيء" (انتهى الاقتباس)، ومن الناحية الاجتماعية تقوم الدولة بنشر مشاعر الازدهار الشامل بين مختلف شرائح المجتمع من خلال الدفع وتفعيل الطاقة الشرائية للسكان، مما يساعد على توسيع وتعزيز نطاق السوق الداخلية، وهو الأمر الذي يزيد من حيوية رأس المال وينمي الثروة.
وهناك الكثير من وسائل الرخاء الزائف التي تستخدمها الرأسمالية مثل بطاقات اليانصيب التي ربما يحالف أحدهم الحظ فيفوز فجأة بملايين الدولارات أو اليورو، ولكنها في الواقع تمتص مدخراتهم، وتعبث في سيكلوجياتهم وتبعث الأمل في وهم الثراء السريع.
وهنا نتساءل لماذا رغم هذا الرخاء الزائف والتماثل الظاهري وحالة الرضا بين العمال والفئات الشعبية المهمشة، تثور الشعوب على أنظمتها؟ فالعامل والإنسان البسيط يخرج إلى الشارع وبيده جهاز هاتف نقال حديث متحدياً آلة القتل والتنكيل في غضب مكبوت تراكم وتأجل لأسباب عديدة منها هذا الرخاء والتماثل الزائفين، لماذا يواجه الشعب التركي قنابل الغاز والفلفل، وقد استطاع النظام الإسلامي الرأسمالي الطبقي في تركيا خلق حالة انتعاش اقتصادي، وجعل من تركيا دولة سياحية من الدرجة الأولى؟ ولماذا تنتفض الشعوب الخليجية التي تم الإيحاء للشعوب الأخرى أنها تعيش في وضع معيشي مثالي؟ رغم أن أفراد الحراك وأفراد السلطة يمتلكون نفس الأجهزة التكنولوجية والسيارات الفخمة ويشاهدون نفس البرامج على الفضائيات، ولماذا خرج مئات الآلاف من الكويتيين "المرفهين" في الشارع عزّلاً يواجهون القمع والهراوات والقنابل الصوتية والغازية والرصاص المطاطي، ويتعرضون للاعتقال والسجن والملاحقة والمحاكمات السياسية؟
صدام الحضارات ونهاية التاريخ
من نافل القول أن مقولة "الرأسمالية وفكرها الليبرالي هي نهاية التاريخ" قد سقطت بدوي هائل، وإن نظرية "صراع أو صدام الحضارات" قد تم فضح بعدها الاستعلائي من خلال محاولة إثبات تفوق الغرب على الشرق والشمال على الجنوب، والتي تلقفها المثقفون الليبراليون العرب على أنها مسلمات.
فعندما أطلق "صاموئيل هانتغتون" نظريته حول صراع الحضارات عام 1993، كان يريد أن يقول: أن سقوط التجربة السوفييتية وانتهاء الحرب الباردة يثبت بما لا يدع مجال للشك التفوق والهيمنة الغربية على العالم، وأن تحول النزاع سيكون ما بين الشعوب التي تنتمي إلى حضارات مختلفة والتي ستكون تابعة للغرب بصفته صانعاً ومحركاً للتاريخ، وهو بتعمد ووضوح لا يضع إسرائيل ضمن الشرق المتخلف والتابع بل يصنفها ضمن الأيديولوجية الغربية المتقدمة.
وحتى في معرض حديثه عن الحضارات الثانوية الإسلامية أعطى الغطاء النظري للنيوليبرالية لإشعال الصراع بين السنة والشيعة أو بين الأديان، في محاولة لصرف النظر عن الصراع العربي الإسرائيلي وإنهاك الدول العربية وتفتيتها لصالح التفوق الإسرائيلي في المعادلة الإقليمية.
كما أن المثقفين الليبراليين العرب المبهورين بالتفوق الأمريكي الغربي، وجدوا في نظرية فوكوياما "نهاية التاريخ" ضالتهم النظرية، رغم أن فوكاياما نفسه تراجع عن نظريته إضافة إلى أن الحياة لم تزكها خاصة بعد الأزمة الاقتصادية الرأسمالية البنيوية منذ 2008، فأصبح هؤلاء المثقفون في حالة انفصام عن الواقع، بينما حصرت الجماعات التقليدية والإسلامية الصراع "بين الحضارتين الإسلامية والغربية"، وهذا لا ينطبق على الجميع بل أن هناك أطرافاً وتنظيمات إسلامية تتبنى السياسة الاقتصادية النيوليبرالية في تناقض ثنائية الدنيوي والآخروي، ولعل التصويت على قانون الخصخصة في مجلس الأمة الكويتي في العام 2010 ما يؤكد ذلك، حيث صوتت مع الخصخصة وبيع قطاع الدولة بالكامل للقطاع الخاص بما فيها الخدمات الصحية والتعليمية وثروة البلاد الرئيسية "النفط" في المداولة الأولى، القوى الليبرالية والإسلامية السنية والشيعية، ورفضه نواب ليبراليون وإسلاميون سنة وشيعة، مما يثبت أن المجتمع الكويتي بكافة طوائفه ومكوناته ينقسم طبقياً وليس طولياً، رغم كل المحاولات لإثبات وترويج عكس ذلك.
إن نظريتي صراع الحضارات ونهاية التاريخ والأيديولوجيات تهدفان للترويج للهيمنة الرأسمالية والنيوليبرالية، وطمس التناقضات الاقتصادية والطبقية حتى داخل الغرب نفسه، وهاتان النظريتان أدخلتا المثقف الليبرالي العربي في وهم الصراع الثقافي الافتراضي مع الديني وتخليه عن قضايا أساسية مثل الفقر وتوزيع الدخل والبطالة وتدني التعليم والتخطيط والتنمية وتدهور الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمات وتنويع مصادر الدخل.
واستنسخت النخب الثقافية الليبرالية العربية الأفكار الغربية حول ديمقراطية إسرائيل وحتمية تفوق النموذج الغربي، وأن مشكلة المجتمعات العربية هي ثقافية بالأساس، واستبعدوا الصراع من أجل المصالح الاقتصادية والهيمنة السياسية والثقافية.
كانت نظرية صراع أو صدام الحضارات بمثابة رسالة ترويجية دعائية لإنهاء الصراع الأيديولوجي أي انتهاء الصراع بين الفكر الاشتراكي والرأسمالي، وتفوق الفكر الرأسمالي بالضربة القاضية، وسيتحول الصراع إلى مجموعات تنتمي إلى حضارات مختلفة ستحاول "اللحاق بالعالم الرأسمالي المتقدم"، وإن النزاعات الكبرى ستجري على خطوط التماس الثقافية التي تفصل بين حضارة وأخرى.
فالصراع بين حضارتين ثانويتين في إطار الحضارة الإسلامية الواحدة، سيخفي ويؤجل الصدام مع الحركة الصهيونية التي تعتبر جزءاً من الأيديولوجية والحضارة الغربية، كما أنه سيضعف الدول العربية مما يفسح المجال لنهب ثرواتها الهائلة من النفط والغاز، فعملية تفتيت الشرق العربي لا تحتاج سوى إشعال صدام داخلي فيه، فعبر تقسيم العراق وسوريا والسودان ولبنان، وإيجاد مجموعات مسلحة ومتطرفة وطائفية تابعة "لحضارات ثانوية" مثل الشيعة والسنة والمسلمين والمسيحيين تتبع هذه الأطراف، من شأنها أن تُدخل المنطقة في دوامة مفرغة من الدمار، وبما أن معظمها دول مجاورة لفلسطين فإن القوى المضادة تأمل في التخلص من إمكانية حدوث أي نهضة أو وحدة بينها، وهو ما سيشكل خطراً على استمرار هيمنة إسرائيل كطرف أقوى في المعادلة الإقليمية، ووضعت الشعوب في موقع الدفاع عن العربي والإسلامي لصرف النظر عن الصراع الطبقي.
لكن هل استطاعت هذه النظرية الليبرالية تجاهل وإنكار التناقضات الاقتصادية والطبقية الموجودة داخل الغرب نفسه، والتي أدت في نهاية الأمر إلى انهيار اقتصادي بدوي هائل؟
ثقافة الأنا "الفردانية"
هناك مغزى ثابت لليبرالية بصفتها مفهوماً فلسفياً وأيديولوجياً، يتمثل في كل ما يرمز إلى التحرر، واقترن المبدأ منذ البداية بمفهومه الاقتصادي أي حرية الأسواق والتملك ورفض أي تدخل من قبل الدولة وتخطيطها، وقبول اقتصاد تحكمه قيم منبثقة عن حرية التملك والإدارة واستخدام رؤوس الأموال، وما على الدولة سوى القيام بدور المنظم والمشرف والضامن للأمن ومفهوم الحرية ذاته، كما أن تحرير رأس المال يؤدي إلى اختزال مفهوم الأفراد في بعد واحد يتمثل في الاندفاع اللامحدود للفرد نحو حرية الاستهلاك كيفما كان نوعه.
وتضفي الليبرالية صفة الفردية والنسبية على القيم والمبادئ الأخلاقية وهذا يجعل الوضع الاقتصادي للفرد وقدرته الشرائية من بين أهم وأكثر القيم اعتباراً وتقديراً من الناحية الاجتماعية، فالعاطل عن العمل منبوذ والتبعية للمصارف تؤدي إلى تمكين رأس المال من السيطرة على الفرد وامتصاصه، أما التقاعد أو الإنسان المتقاعد عن العمل فلا أهمية ولا تقدير له، فكل الدعايات الاستهلاكية موجهة إلى شريحة الشباب والكهول الذين هم في سن الإنتاج والاستهلاك، بل توجد كتابات جدية حول توسع هدف الإعلانات التجارية لتشمل الأطفال، وبذا يصبح المعاقون والمسنون على هامش الواقع الاجتماعي ويعيشون على المساعدات والصدقات التي يقدمها لهم هذا النظام أو الجمعيات الخيرية التطوعية.
واستعادت الليبرالية الجديدة "النيوليبرالية" بعض مفاهيم الليبرالية التقليدية، مثل أهمية الفرد والحد من دور وتدخل الدولة والسوق الحرة، فمن بين مظاهر الفكر الليبرالي ظهور مواطن انعزالي يتميز بدرجة عالية من الذاتية والبراغماتية، ينطلق من وحي ابتلاع الآخر مادياً واجتماعياً.
وفي ظل العولمة يصبح الفرد مسؤول عن تخلفه وعن فقره، فالنيوليبرالية تعزو ذلك إلى طبيعة التفكير كالقول بأن الثقافة هي سبب التخلف، وكذلك افتقار أو انعدام روح المبادرة.
ف"الأنا والآخر" هي ذاتها ثنائية العولمة "المركز والطرف"، فالأنا هي المركز والآخر هو الطرف المتخلف أو "المنهوب" بمعنى آخر، بل أن إنقاذ الآخر وتحريره من تخلفه، تبدو من الناحية الشكلية شهامة من خلال تقديم الدعم بواسطة "برامج مساعدة التنمية" واستخدام منظمات الأنا كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ولكنها في جوهرها أسلوب آخر في امتصاص آخر قطرة من دماء الآخر المتخلف والفقير.
فمنطق النيوليبرالية يقول:" نحن أغنياء لأن ثقافتنا تدفع وتشجع على ذلك، وهم فقراء لأن ثقافتهم لا تسمح لهم بالتقدم، وبناء عليه فإذا كان الازدهار مرهوناً بالثقافة فالتخلف نتيجة لها أيضاً، والمحصلة النهائية التي تترتب على ذلك هي بكل وضوح: أن الدول النامية لا مفر لها من العولمة، فنتائج النيوليبرالية وأصدائها على العولمة تتعدى حدود الاقتصاد والسياسة إلى عولمة الثقافة، وهي ثقافة الأنا وفرضها على الآخر، لأنها الوحيدة الكفيلة بالمبادرة والتقدم والازدهار والحرية.
وحتى في رفض الليبرالية للموروث ليس من منطلق نقده والانطلاق منه إلى الجديد، ولكنه برفضه عن طريق نسفه والتحرر منه، لأنه يرى المشكلة تبدأ وتنتهي بالثقافة التي يعتبرها سبب تخلف أو تقدم البشر.
والليبرالية تجعل الفرد هو مصدر القيم الأخلاقية وتبرز الصلة بين هذه القيم والمصالح الشخصية، أي عدم ثبوت القيم الأخلاقية التي تتبدل حسب المصلحة والضرورة، فمصدر قيم الخير والشر هو الفرد، والأفعال الحسنة والخبيثة الفرد هو مصدر معاييرها، أي أن الفرد الليبرالي هو مصدر القيم الأخلاقية الذاتية.
ولذا يرى الليبرالي البرجوازي قوته في ذاته، بينما يرى العامل قوته في مجموع ووحدة العمال وتضامنهم الكفاحي.
تشجيع الشكلانية في الإبداع
عند الرأسمالية كل شيء يتحول إلى سلعة ذات قيمة تبادلية، بما فيها قوة عمل الإنسان العضلية والذهنية، فإذا كانت اللوحة التشكيلية والقطعة الأدبية أو الموسيقى لا تأتي بالمال والربح من ورائها فلا فائدة منها.
لكنها من جانب آخر تحارب إبداعات الواقعية الاجتماعية، التي تعكس هموم الإنسان والمجتمع وتفضح الاستغلال الرأسمالي للبشر، فكلما كان الإبداع بعيداً عن هموم الناس كان أفضل بالنسبة لها، رغم عدم تقديرها بشكل عام للأدب والفن في حد ذاتهما.
وهذا ينطبق على الإنتاج التلفزيوني من مسلسلات تركية ومكسيكية وحتى عربية، التي تصل في عدد حلقاتها إلى المئات دون مغزى يذكر سوى زيادة عدد المشاهدين، فإذا كانت الرواية يمكن تحويلها إلى فلم سينمائي يدر الملايين على شركات الإنتاج في هوليود، أصبحت لها قيمة تبادلية بالنسبة للرأسمالية.
ومن هذا المنطلق شجعت الإبداعات الشكلانية والمدارس التي تدافع عن الفن من أجل الفن، والتي ليست لها قيمة اجتماعية إضافة إلى الجمالية، فاستحضرت المدرسة الشكلانية التي نشأت في روسيا في القرن التاسع عشر، وشجعت كل الآداب والفنون العبثية على اعتبار حرية الفنان وذاته الإبداعية.
وقدس الليبراليون العرب هذا التوجه ودافعوا عنه، أمثال طه حسين وعباس محمود العقاد المعجبين بالثقافة الأوربية ويجدان فيها النموذج المكتمل الذي يجب أن ينقل ويطبق في مجتمعاتنا العربية، وخرجت علينا نصوص أدبية تشبه الكلمات المتقاطعة على اعتبار أنها إبداع، ولكنها في واقع الأمر تعكس قلة الموهبة وتساعد المبدع على الهروب من مسؤولياته الاجتماعية والتزامه أمام القارئ، وحتى تبرر توجهها العبثي الذي تسميه إبداعاً اتهمت القارئ بالتخلف، وإلى ضرورة تحرر النص من سلطته ومن سلطة الناقد، فليس مهماً أن يفهم المتلقي هذا النص الأدبي أو الشعري، المهم أن يتذوق جمال المفردات الغامضة والصياغات التعجيزية في تعالٍ سافر على الإنسان المتلقي، وهذا انطبق على بعض ما يسمى بالفن الحديث في الفنون التشكيلية حيث لطخات الألوان العشوائية، أو عرضها خالية إلا من نقطة أو ممزقة بالسكين على اعتبار أن ذلك فناً يتمرد على التقليدية ويقطع الصلة بها بدلاً من أن يكون تطوراً طبيعياً لها.
وفي المقابل أيضاً انحرف الطرف الآخر عن مفهوم الإبداع، فإضافة إلى تسميات مثل أدب المقاومة والواقعية الاشتراكية التي أطلقها أول مرة مكسيم غوركي، والواقعية الجديدة والأدب الطليعي والأدب الثوري، خرجت نتاجات إبداعية خالية من الجمال بل هي أقرب للمنشور السياسي، دون وعي حقيقي لجدلية الشكل والمضمون، فتم التركيز على المضمون وأُهمل الشكل.
لكن المثقفين المناضلين التقدميين العرب استطاعوا بوعيهم مواجهة الثقافة التي كان يدافع عنها الليبراليون، فكتب محمود أمين العالم وعبد العظيم أنيس مقالات اعتبرت أولى المعارك الفكرية بين التقدميين والليبراليين على صفحات جريدة "المصري" و"الجمهورية" ومجلة "الغد"، جمعت لاحقاً بكتاب "في الثقافة المصرية" الذي صدر أول مرة عام 1955، وشارك حسين مروة في هذه المعارك عبر مجلة "الثقافة الوطنية" ما بين أعوام 1953 إلى 1959، جمع منها في كتابه "قضايا أدبية"، وهذه الريادات في تناول القضايا الأدبية والفكرية هي التي أسست لمفاهيم أولية للنقد الأدبي من منطلق الفكر المادي الجدلي، التي بشر بها التقدميون العرب في السودان وسوريا والعراق في نفس الوقت، وفي دول الخليج احتدمت هذه المعارك متأخرة في ثمانينيات القرن الماضي، لعل أبرزها ما كتب بالصحف البحرينية وشارك بها مثقفون وأدباء كويتيون، حيث كان كل من الشاعر المناضل أحمد الشملان والأديب عبدالله خليفة وفوزية رشيد وغيرهم يقودون معركة الواقعية ضد الشكلانية التي كان ينادي بها الشاعر الكبير قاسم حداد والقاص الكبير أمين صالح وغيرهما، ولكن الواقعيين الخليجيين ارتكبوا نفس الفهم الميكانيكي والجامد عند المفكرين الرواد العرب في خمسينيات القرن الماضي، وهذا يعكس الجمود الفكري والفهم الميكانيكي للنظرية الماركسية وتطبيقاتها كمنهج ومرشد.
إلا أن المفكرين التقدميين العرب، صححوا من نظرتهم الحماسية الجامدة للأدب والفن من خلال تطوير أدواتهم النقدية وبنقد ذاتي مسؤول، لا تجده سوى عند المناضل المخلص والدؤوب على تجديد فهمه وعمله، وهذا يتطلب شجاعة وعقل مفتوح وخلاق، "وهنا نرى المفاهيم تغادر عموميتها، لنرى تجلياتها عبر النسيج الداخلي للعمل الفني..ويصير الاهتمام بالفني أكثر بروزاً" حيث يؤكد حسين مروة بوضوح وحسم وجرأة: "تلك مرحلة نود أن نقول أننا تحررنا من فهمنا الميكانيكي فيها لعلاقة الأدب والفن بالعالم المادي" ويضيف على لسان دكروب: "أكتب النقد بطريقة جديدة، تختلف عن الطريقة التي كتبت بها فصول كتاب "دراسات نقدية"، لكن الاختلاف لن يمس المنهج ذاته، فإنني أزداد ثقة وارتباطاً به كلما ازددت انتفاعاً بتجارب الأيام وبالممارسات الثقافية: الأدبية والفكرية"، ولنتذكر أن لينين نفسه كان معجباً بشعر الأرستقراطي النبيل بوشكين ويكره شعر الثوري الذي سمّاه ستالين شاعر الثورة مايكوفسكي.
هذه هي روحية المناضل المثقف الواعي لدوره ومسؤولياته، وما ينطبق على الأفراد يجب أن ينطبق على قوى وأحزاب اليسار.
الكتابة شكل من أشكال الممارسة الكفاحية
هذا العنوان المستوحى من كتابات محمد دكروب، هو الجواب على كيف يواجه اليسار النيوليبرالية في مجال الثقافة، رغم أني وضعت في ثنايا هذه الورقة بعض أشكال الكفاح ضد الثقافة الليبرالية والنيوليبرالية، لكن قبل عزل هذا الموضوع عن سياقه العام يجب على قوى وأحزاب اليسار التوقف أمام تجربتها التاريخية وقفة تحليلية نقدية، والتخلص من تداعيات انهيار تجربة التطبيق للاشتراكية النفسية عليها، وتبني سياسة هجومية بدلاً من السياسة الدفاعية والتبريرية، فالانتماء الفكري وبالأخص التقدمي ليس شيئاً يخجل منه الإنسان أو يعتذر عنه.
يحتاج اليسار في ظل الانتفاضات والثورات العربية وحركة التحرر العالمي، إلى إعادة ثقة الجماهير به وبدوره ومكانته، فالثورات العربية التي وصفت بأنها شبابية وتكنولوجية، كان القصد من ذلك تهميش دور الأحزاب التي أعطت الذريعة بتأخرها عن انتفاضات الجماهير، فبدلاً من أن تكون مستعدة لنضوج الظروف الموضوعية في بلدانها والذي لا تخطئه الحواس، وتطور أساليبها في التوعية والتعبئة، تركت الأمر للشباب لتولي الراية حيث أنهم قد يمتلكون الحماسة لكنهم لا يمتلكون الرؤية ولا المشروع الذي تحمله أحزاب اليسار لعقود طويلة، دون أن نغفل ما تعرضت له الأحزاب من تنكيل وقمع على مدى تاريخها.
وحتى عندما حاولت الانغماس في حركة الجماهير وهو ميدان نضالها الأساسي، تصرفت بنفس الأساليب التقليدية وبنفس الخطاب والمصطلح الملتبس الذي لا تفهمه الجماهير، وحتى لا نكون متعسفين في رأينا نقول أننا لاحظنا أن هذه الأحزاب اليسارية والتقدمية التي تشارك بالثورات قد تمرست على أرض الواقع، بينما الشباب المتحمس ترك الميادين وترك الثمار ليقطفها الإسلام السياسي، لأن المحرك الأساسي للجماهير في غياب التوعية والتعبئة، كان المزاج الجماهيري وليس الوعي الجماهيري، والتوعية والتعبئة تحتاج لثقافة نضالية دؤوبه من أجل تغيير موازين القوى لصالح الجماهير وقضاياهم ولصالح قضية التقدم ذاتها.
وحتى محاولات التجديد في عمل أحزاب اليسار كانت بنفس الأفكار والتقاليد الثورية الموروثة، بل أن كثير من قيادات وكوادر بعضها لم تتغير، ولم تجدد نفسها بالعناصر الشابة المؤهلة ذات التربية الحزبية السليمة.
يحتاج اليسار للإنتاج المعرفي والفكري والنقدي حول مستجدات العصر، التي تبدلت منذ أكثر من عشرين عاماً، والتعامل المبدع مع النظرية بصفتها "ماركسية بلا ضفاف" على حد تعبير سمير أمين، يحتاج اليسار إلى الأسئلة أكثر مما يحتاج إلى الإجابات الجاهزة والمعلبة أو المقولبة، والانطلاق من الواقع إلى النظرية وليس العكس حسب خصوصية المجتمعات وواقعها وظروفها الموضوعية والذاتية.
إن التصدي للامبريالية وسياساتها النيوليبرالية، يحتاج إلى توسيع الجبهات من أجل تغيير موازين القوى، كما تفعل الامبريالية ذاتها التي تبني جبهات لتقاسم النفوذ بالعالم والسيطرة عليه، فالعلة في تشظي اليسار وتناحر التنظيمات سواء على مستوى البلد الواحد أو على مستوى بلداننا العربية أو على المستوى الأممي، كما يتطلب الأمر التوقف عن فرض تحليلاتنا ورؤيتنا ووصايتنا على واقع المجتمعات الأخرى، فالشعوب وقواها الحية والتقدمية أدرى بواقعها، وعلينا أن نستمع إلى تحليلاتها وظروف نضالها ونتعلم من تجاربها، والتركيز على قضايانا الوطنية وصراعنا الرئيسي في كل مجتمع من مجتمعاتنا.
كما أن مواجهة الامبريالية يتطلب الفضح وكشف حقيقتها للجماهير استناداً إلى التحليل الطبقي العلمي، من خلال المقالة والدراسة والبحث والندوات الفكرية والثقافية، بدلاً من الاستناد إلى التحليل السياسي الجاهز، الذي قد يكون نتاج مشاعرنا وعواطفنا وأفكارنا المسبقة.
مراجع ومصادر
1-فخ العولمة "الاعتداء على الديمقراطية والرفاهية"-هانس بيتر مارتن وهارالد شومان-عالم المعرفة العدد 238 أكتوبر 1998-الكويت.
2-مجلة الطريق-العدد الثالث-ربيع 2012.
3-الشرخ الأوسط الكبير: قراءة في نظرية صدام الحضارات-د. نهى خلف.
4-الليبرالية الجديدة والعولمة والثقافة-محمد المذكوري المعطاوي-صحيفة الحريات-13 يناير 2014.
5-من الليبرالية إلى النيوليبرالية-جيل دولستار-ترجمة: عادل الحاج سالم-21 أغسطس 2009.
6-ملامح خطاب النيوليبرالية العربية-د. الطيب بو عزة-19 يونيو 2007.
7-نقد الليبرالية-د. الطيب بوعزة.
8-إنقاذ الأمل " الطريق الطويل إلى الربيع العربي"-د. نادر كاظم-دار مسعى 2013-الكويت.
نشرت جريدة «الراي» في عددها الصادر يوم 13 أغسطس الجاري، خبراً كان عنوانه: «البنتاغون: لا ننوي توسيع ضرباتنا في العراق، وهجماتنا الجوية لم تضعف مسلحي الدولة الإسلامية». وقال الجنرال وليام مايفيل، وهو مسؤول رفيع في وزارة الدفاع الأميركية: «لا خطط لدينا لتوسيع الحملة الحالية لتتخطى عمليات الدفاع الحالية»، وشدد على أن «الهدف من الضربات هو حماية الديبلوماسيين الأميركيين في أربيل».
لماذا يا ترى لا تريد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي توسيع العمليات لتشمل كل المناطق العراقية والسورية التي يسيطر عليها مجرمو الدولة الإسلامية، رغم كل الشواهد اللا إنسانية على أرض الواقع، وبشهادات النازحين الذين تعرضوا للتهجير والقتل والتنكيل والاغتصاب والسبي؟ ألا يؤكد ذلك ما قلناه في مقالنا السابق الذي نشر الأربعاء الماضي 13 أغسطس الجاري في هذا العمود؟ والذي مفاده أن هذه العصابات هي صنيعة الولايات المتحدة والصهاينة لتفتيت وتمزيق دولنا من أجل إضعافها أمام إسرائيل، والاستيلاء على ثروات بلداننا، وإن «الضربات المحدودة» هدفها وقف زحف «داعش» إلى خلف خطوط التقسيم التي رسمتها الولايات المتحدة في حرب المئة عام التي أعلن عنها كسينجر، ومن أجل تحقيق مخطط الشرق الأوسط الجديد، بحيث يتقسم العراق بناء عليه إلى دولة سنية وأخرى شيعية وثالثة كردية.
وللأسف فقد أفتى بعض المشايخ العرب في السعودية والأردن وغيرهما بأن سبي النساء حلال في الفتوحات الإسلامية، ويحق لمن يسبي أن يعاشر المسبيّة دون زواج على أن يعترف بمولوده منها، وهو أمر لا يقره منطق أو عقل إنساني في القرن الحادي والعشرين، وقد قرأت في هذا السياق رسالة موجهة من طبيبات في الموصل، فضّلن البقاء في المستشفيات للقيام بدورهن الإنساني بدلاً من النزوح، لكن أفراد عصابات «داعش» أجبروهن على تغطية وجوههن وأكفهن، وعندما اعترضت الطبيبات بسبب إعاقة مثل هذه الإجراءات للقيام بواجبهن الطبي، بدأ أفراد «داعش» بسؤالهن عن غير المتزوجات، مما أرعب النساء جميعاً لما يعنيه مثل هذا السؤال المهين والمخيف.
وبدأت تظهر في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بوادر وعي لمآرب الدولة الإسلامية، حيث بدأ الإنسان العادي يتحدث عن تقسيم الدول العربية وعن المخطط الأميركي الصهيوني الذي يقف وراءه، كما لاحظت أن كثيرين من رجال الدين أخذوا يدينون «داعش» وينفون عنها صفة الإسلام، وهو تطور لافت في وعي الناس واستشعارهم خطر هؤلاء، مع وجود أصوات ليست قليلة تدافع عن «داعش» وأفعالها ومشروعها في الكويت ودول الخليج والدول العربية، وهذا ما حذرنا منه مراراً وقلنا حينها يجب على الحكومة الالتفات والانتباه إلى طريقة تسلل تنظيم «داعش» المشبوه إلى الدول العربية، وإلى «الخلايا النائمة» في بلدنا بدلاً من تكريس الجهود ضد المعارضة المطالبة بالإصلاح والإجراءات الأمنية بحقها، وقد يفوت الأوان جراء الاستهانة بالخطر المحدق والتقليل من أهميته.
إن أول ما يمكن على الحكومة عمله هو الاعتماد على الطاقات الشعبية وعدم تهميشها، والإسراع في الإصلاح السياسي والديموقراطي والقضاء على الفساد، وإتاحة حياة حزبية على أسس وطنية، ومراجعة سياسات دعم الجماعات الإسلامية التي لا تعترف بالأوطان، وتقديم التسهيلات المالية لها، بحيث أصبحت إمبراطوريات مالية تمد القوى الدينية المتطرفة بالمال والعتاد والرجال.
وليد الرجيب
_____________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 16\03\2014 العدد:12830
تطوران حدثا خلال الأيام القليلة الماضية تطلبتهما المصالح الأميركية والغربية، ولضمان استمرار المخططات الأميركية الصهيونية لتقسيم الشرق الأوسط إلى دويلات لصالح تسيّدها على ثرواتنا، ولصالح التفوق الإسرائيلي في المعادلة الإقليمية وإنهاء الصراع العربي - الإسرائيلي لصالح الأخيرة.
التطور الأول هو قرار الولايات المتحدة بتوجيه ضربات جوية «محدودة» لميليشيات الدولة الإسلامية في العراق والشام، والتي تغير اسمها إلى «الدولة الإسلامية» فقط، وما تحمله هذه التسمية من دلالة واضحة، وهي أن الدولة الإسلامية المزعومة لن تقف عند العراق والشام فقط، وإنما يمكن أن تتمدد إلى الدول العربية الأخرى كما حاولت وما زالت تحاول في اجتياحها للبنان، إضافة إلى المخطط الذي كشفته متأخرة بعض دول الخليج، وهو نية هذه العصابات المشبوهة للتمدد إلى دول المنطقة بحلول العام 2016 كما كانت تخطط له.
هذه الضربة الأميركية المحدودة التي لم تشترك بها أكثر من طائرتين حربيتين طراز إف 18، هي لا تهدف كما هو واضح للجميع إنهاء احتلال هذه العصابات لمناطق عربية أخرى، ولكنها تهدف إلى إيصال رسالة إلى حلفائها وصنيعتها داعش، أنها يجب أن تتوقف عند حدود كردستان كما هو مخطط بشكل مسبق ضمن التقسيم المراد للعراق، بحيث تكون هناك دولة شيعية وأخرى سنية وثالثة كردية في العراق، وان احتلال كردستان هو ربكة للمخطط الأميركي - الصهيوني المعد مسبقاً لبناء شرق أوسط جديد، ولذا فإن خسائر الدولة الإسلامية على الحدود الكردستانية لم تتعد بعض آليات وسيارة نقل ومدفعية موجهة إلى الداخل الكردستاني، حيث اقتربت هذه العصابات إلى مسافة أربعين كيلو متراً من اربيل، وهذه الضربات لم تمنع العصابات من احتلال مدينة «جلولاء» الكردية وقتل عشرة جنود من البشمركة، إضافة إلى قرار التسليح السريع لكردستان من قبل أميركا والدول الغربية.
ونقلت جريدة «الراي» يوم 11 أغسطس الجاري عن رويترز أن السيناتور الجمهوري مكين قال: «ان أوباما تقاعس حتى الآن عن الإشارة إلى سورية، وأن الهجمات الجوية التي أجازها الرئيس غير كافية للتعامل مع خطر متصاعد، وأن الهدف المعلن للرئيس هو إنقاذ حياة الأميركيين وليس وقف التنظيم الإرهابي»، وأوضح مكين كذلك: «أنه يعتقد أن الغارات الجوية الأميركية لابد من تمديدها إلى الأراضي السورية التي يسيطر عليها تنظيم داعش»، ونقلاً عن رويترز أيضاً قالت «الراي» يوم أمس 12 أغسطس الجاري: إن هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية السابقة قالت: «إن قرار الولايات المتحدة عدم التدخل مبكراً في الحرب الأهلية السورية كان إخفاقاً، وعدم دعم ومساعدة للسوريين الذين ثاروا ضد بشار الأسد، ومساعدتهم في بناء قوة قتالية يعتمد عليها من الناس الذين أطلقوا شرارة الاحتجاجات الأولى ضد الأسد».
أما التطور الثاني فهو الاتفاق الإقليمي الدولي مع الداخل العراقي، على إزاحة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، الذي أخفق في تنفيذ المقاصد الأميركية الإقليمية من الإطاحة بالطاغية صدام وتفتيت الجيش العراقي والسير في المخططات الأميركية - الصهيونية بسلاسة دون معوقات، وأتت بحيدر العبادي ضمن التوافق الإقليمي الدولي، وهو قيادي في حزب الدعوة الطائفي الذي كان المالكي عضواً قيادياً فيه، والعبادي جاء ضمن التحالف الوطني والذي أيضاً كان المالكي عضواً فيه، فالتفاهم الأميركي الإقليمي خلع قيادياً في حزب الدعوة ليأتي بقيادي آخر من الحزب الطائفي نفسه، «فما طاح إلا انبطح»، فلا شيء تغير في إدارة العراق الشقيق، بيد أن إزاحة المالكي بحد ذاتها اعتبرها كثير من الأحزاب السياسية العراقية مؤشراً إيجابيا، خصوصاً في ظل التعنت والتفرد وانتهاج سياسة طائفية مدمرة للعراق من قبل المالكي الذي لم يجد اللعبة المرسومة له.
وليد الرجيب
___________________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 13/08/2014 العدد:12826
من الصعب تحديد الاتجاهات الرئيسية التي تحكم الثقافة الغربية بمعزل عن القوانين الأساسية التي تحكم مضامين الإعلام الغربي ووظائفه التي تعد من الأمور الجوهرية لمعرفة أبعاد السياسة الإعلامية التي يعتمدها الغرب في داخل بلدانه أو إزاء بلدان ومجتمعات الجنوب. نشير في هذا الصدد إلى السعي لتلطيف حدة الصراع والتناقضات الاجتماعية / السياسية والتقليل من شأن الخيارات الاجتماعية والاقتصادية البديلة، والتركيز على الاختلافات الدينية والمذهبية والاثنية في بلدان الأطراف باعتبارها محركات الصراع والتغيير، كما لا يتردد هذا الإعلام الغربي في فبركة وتلفيق الأخبار والوقائع خدمة للمصالح السياسية والاقتصادية الاستراتيجية للدول الغربية، إلى جانب تحقيق الحد الأقصى من الأرباح باعتبار وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي مشروعات تجارية في المقام الأول. من أهم الأبعاد الخطيرة لسياسة الإعلام الغربي السائدة في زمن العولمة هي السعي الى تنميط القيم الثقافية، وأسلوب الحياة الغربية أو الأدق الأمريكية، وفرضها على مجتمعات العالم ذات الخلفية الثقافية والاجتماعية والحضارية المغايرة، الأمر الذي ولد ويولد ظاهرة التبعية والتفسخ والاغتراب الثقافي والنفسي. وقد أشار البروفيسور باساكلي نائب مدير عام اليونسكو السابق إلى أن الثقافة القومية ليست مجموعة أحجار أثرية أو أبطالا أو قيما فلكلورية يتم عرضها على السائحين، ولكنها خلاصة الميراث الروحي للشخصية القومية التي تضم كل القيم الرمزية والمجسدة التي تتميز بها هذه الشخصية. فالثقافة القومية بمعناها التحرري هي ضد التعصب القومي (الشوفينية) بشكل مطلق ولا تقف عند نهاية محددة تغلق الطريق أمام المنتمين إليها وإلا فإنها سوف تشكل تهديدا لحرياتهم وتطورهم الإنساني. وقد أشار كل من الباحثين اكيل ساليناس وليناب الدان (فنلندا) في دراستهما (الثقافة في إطار التنمية التابعة) إلى أن الشركات المتعددة الجنسية قد تمنح الفرصة للتصنيع لبعض دول الهامش في العالم الثالث، ولكن في إطار التنمية الرأسمالية التابعة وبناء على ذلك تنمو الطبقات الوسطى المحلية التي تتشبع بالمؤثرات الثقافية لدول المركز، بينما تزداد هامشية الطبقات الشعبية، وينتج عن ذلك ازدياد التصاق ثقافة النخبة الحاكمة بالثقافات الأجنبية، ويتولد منها ما يسمى بالتجانس الثقافي الذي يواصل دوره في العمل على تجريد الشخصية القومية من مقوماتها الإنسانية والتاريخية، وتسطيحها إلى المدى الذي يجعلها تتوافق مع مجموعة الأهداف والمصالح التي تحكم شبكات التوزيع والتسويق الإعلامي والثقافي التي تقف وراءها الشركات والبنوك الكبرى في الدول الرأسمالية المتطورة.
نجيب الخنيزي
____________________________
منقول عن الحوار المتمدن تاريخ 04/03/2013
تمر منطقتنا كما سبق أن ذكرنا بمرحلة انتقالية معقدة وصعبة، ومخاض عسير لن ينجو من آثارهما السلبية إلا المجتمعات التي لديها أسس متينة وراسخة لدولة دستور ومؤسسات وعدالة اجتماعية وسيادة قانون، أما "الكيانات" التي تقوم على أسس هشة، وتتراجع فيها مقومات الدولة وقيم المواطنة الدستورية لمصلحة قيم متخلفة تنتمي إلى مرحلة ما قبل الدولة الحديثة فمن المرجح جداً تفككها؛ ليصبح مصيرها في مهب الريح، لا سيما مع الحديث المتواتر الذي سبق أن روجته أميركا عن شرق أوسط جديد يتكون في الغالب من دول صغيرة طائفية وعرقية وإثنية مفككة ومتناحرة يسهل التحكم فيها.والأمثلة أمامنا ما زالت حية (العراق أيام صدام وما بعده، سورية الأسد، ليبيا أيام القذافي وما بعدها، واليمن أثناء حكم علي صالح والآن) فقد تفككت بعض هذه الكيانات التي كانت تسمى دولا، وبعضها الآخر في طريقه إلى التفكك حالما يغيب "الزعيم الأوحد"، حيث عادت الصراعات البدائية المتوحشة التي لا يحكمها منطق الدولة ولا روح العصر، وذلك بعد أن قضى "الزعيم الضرورة" الطاغية المُستبد وحاشيته الفاسدة والمُفسدة على أركان الدولة ومؤسساتها، فأعادوها قروناً سحيقة للوراء بعد أن حولوها إلى عزبة أو ملكية خاصة ومغلقة يتصرفون فيها كما يحلو لهم. لقد جرى ذلك من خلال تفتيت المجتمع وشرذمته وإعادة الصراعات بين مكوناته الاجتماعية والدينية والعرقية والإثنية؛ لما كانت عليه قبل نشوء الدولة الحديثة، ثم تكميم الأفواه المعارضة ومطاردة الأفكار الجديدة وتخريب المناهج التعليمية والاستخدام السياسي للدين، وإغلاق أي منابر تنويرية أو عدم السماح بوجودها، وهنا تحديداً بدأت تتكون البيئة الخصبة للأفكار المتطرفة، وهي بيئة الاستبداد والفساد السياسي، حيث فُتح المجال واسعاً للتنظيمات التي تحمل التوجهات الدينية المتشددة والمغلقة، التي لا تؤمن بالدولة الوطنية (ليس هناك خلاف كبير في هذا الجانب بين التنظيمات السياسية التي تقوم على أسس دينية، حيث إن الخلاف بينها ينحصر عادة في بعض التفاصيل أي أنه خلاف في الدرجة وليس في النوع)، حيث أصبحت تنشر أفكارها وتحظى بقبول شعبي، في حين تم تهميش القوى المدنيّة الديمقراطية وإقصاؤها في ظل غياب شبه كامل لمؤسسات الدولة الفاعلة التي تحمي المواطنين وتصون حقوقهم.من هذا المنطلق فإن الوقوف في وجه الخطر الداهم لـ"داعش" وإخوانه (وهم كُثر بالمناسبة وبمسميات مختلفة بعضها مُضلل) يتطلب أولا وقبل كل شيء عدم توفير البيئة الخصبة التي تنمو فيها التنظيمات الدينية المتطرفة، ويتكاثر فيها دعاة الطائفية وتجارها، فالاستعداد الأمني والعسكري غير كاف رغم أهميته القصوى ما دامت البيئة جاهزة لتفريغ "دواعش" جديدة. المطلوب هنا هو ترسيخ أسس الدولة الدستورية العصرية التي تقوم على العمل المؤسسي لا الفردي، وتحترم المواطنة الدستورية باعتبارها حقاً إنسانياً أصيلاً لا يخضع للتقلبات السياسية، ثم الانفتاح الثقافي والحضاري على العالم من خلال تطوير المناهج التعليمية ورفع سقف الحريات العامة وبالذات الحرية الفكرية وحرية النشاط السياسي القائم على أسس وبرامج مدنيّة ديمقراطية وحرية الإعلام؛ ليتماشى مع متطلبات العصر وروحه.د. بدر الديحاني__________________________منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 11\08\2014
عرضت مصر منح الجنسية المصرية لـ «البدون» مقابل استثمار أو إيداع مبالغ معينة منهم، وهو ما تفعله بعض الدول المتقدمة مثل كندا، وصحيح أيضاً أن منح الجنسية المصرية بهذه الشروط لا ينحصر بـ «البدون» فقط، وإنما أيضاً يشمل المقيمين العرب والمستثمرين في مصر.
ونتذكر أنه قبل أشهر كان هناك مخطط لتهجير «البدون» في دول الخليج إلى كل من السودان وجزر القمر، مقابل مبالغ مالية ضخمة تدفعها حكومات هذه الدول على شكل منح ومساعدات، المفروض أنها لمساعدة الدول المضيفة على التنمية، ولكن وكما كشفت المعلومات السودانية أن الرئيس السوداني الإسلامي عمر البشير استولى ومقربوه على جزء كبير من هذه الأموال.
ما يهمنا في الأمر أن تهجير «البدون» أو دفعهم مضطرين لبيع أنفسهم لدول لا ينتمون إليها ولم يولدوا بها، يعكس عجز الحكومة الكويتية عن إيجاد الحل الجذري المطلوب لفئة الكويتيين «البدون»، الذين يعيشون في ظروف اقتصادية واجتماعية لا إنسانية في بلدهم الذي ولدوا وعاشوا فيه، ويعاملون بإذلال لا يليق بالدول المتحضرة، خصوصاً عندما يخرجون في مظاهرة سلمية للمطالبة بحقوقهم المشروعة.
ولقد ذكرت في ذات مقال أنني رأيت على الحوائط في بعض معسكرات الجيش الكويتي، صوراً تملأ هذه الحوائط لـ «البدون» الذين استشهدوا في الحروب العربية ضد إسرائيل في عام 1967 وعام 1973، حيث كان الجيش الكويتي يضم ضمن جنوده وضباط صفه العديد من أبناء البدون الذين ضحوا بحياتهم من أجل الكويت أثناء الغزو أو من أجل القضية العربية، حيث امتزجت دماؤهم بدماء زملائهم من الجيوش العربية.
إن تهجير فئة كبيرة من البشر هو أمر لا إنساني بكل المقاييس، وهو لن يحل مشكلات المواطنة التي يستحقها كثير من الأسر البدون وخاصة أبناء الكويتيات المتزوجات من غير كويتيين، ومن الذين شملهم إحصاء عام 1965، أو من أصحاب الكفاءات منهم الذين يمكن الاستفادة من مؤهلاتهم وإمكاناتهم للمساهمة في بناء الكويت، بدلاً من عشرات الآلاف من العمالة السائبة التي تعيش على الهامش وفي ظروف لا تتوافق مع حقوق الإنسان والقوانين الدولية المنظمة لهذه الحقوق بسبب تجارة الإقامات.
فخلال عقود طويلة من الزمن تكرّس خلالها فشل الحكومة أو عدم رغبتها في إصلاح الخلل الذي أوجدته هي بالتراخي وغض البصر عن الفساد وتفاقم الأزمات، الذي يشبه التراخي والتجاهل في قضية تزوير الجنسية أو الحصول عليها من دون وجه حق بضغط من نواب فاسدين وآخرين مسؤولين.
إن التهجير هو هروب من المسؤولية، وإثبات العجز تلو العجز عن حل القضايا العالقة في المجتمع، ومن أهم هذه القضايا الفساد وتوفير الغطاء لسراق المال العام والمرتشين والفاسدين والمفسدين، فالحل ليس بالتخلص من فئة اجتماعية بأكملها، بل بإيجاد حل جذري وإنساني عادل لهذه القضية الشائكة والمعطّلة منذ عقود، على أن تستفيد الحكومة من هذه الأزمة التي تستعصي كل يوم، وتسخر طاقات من يملك إمكانات وإبداعات من فئة الكويتيين البدون لخدمة المجتمع وتقدمه.
وليد الرجيب
_______________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 11/08/2014 العدد:12824

موقع آراء/ فواز فرحان: كتلة "الأغلبية" عبء على الحراك!
حاورته: شيخة البهاويد
يرى وجوب حل كتلة الأغلبية، وان الحراك يجب ان يتحول من حراك احتجاجي إلى حراك منظم. يؤمن بأن الاختلاف الايديولوجي لا يمنع من الاصطفاف في الازمات؛ وأن السلطة في الكويت ليست ذات بُنية أمنية. عضو المكتب التنفيذي في التيار التقدمي، د.فواز فرحان، التقته (آراء)... وكان الحوار كالتالي:
ما تقييمك للحراك الشبابي في الكويت، منذ انطلاقته الفعلية حتى الآن؟
نحن نقسم الحراك إلى قسمين، حراك احتجاجي وهو الذي نعتقد بأننا حتى الآن موجودون فيه، الذي انطلق منذ عام 2009 في مسيرة كرامة وطن ومسيرات المناطق. نحن نطمح لحراك منظم؛ ولا ننكر أهمية الحراك الاحتجاجي السابق الذي امتد تقريبا لخمس سنوات. بالبداية كان الاحتجاج على رئيس الوزراء السابق ناصر المحمد، ثم الاحتجاج على حل مجلس 2012، ومرسوم الصوت الواحد، والآن الاحتجاج حول الأخبار المتسربة عن التحويلات المليارية، والسرقات الكبرى، وأيضاً بسبب ما يشاع عن القضاء والشبهات حوله سواء بمواقع التواصل الاجتماعي أو غيره. لذلك، إلى حد الآن، نحن في الاحتجاج ونطالب بأن يكون الحراك منظماً حيث تكون فيه مطالب محددة يتم حشد الجمهور حولها، ولا يكون الحراك عبارة عن ردة فعل لتصرفات معينة من السلطة بل يكون هو الفعل المبادر. واعتقد أن مشروع الائتلاف والذي لم يوقع عليه التيار التقدمي لأسباب معينة وضع رؤية لتحويل الحراك من حراك احتجاجي إلى حراك منظم، حتى الآن المجاميع السياسية تتحدث عن مشروع وخطة عمل؛ وهذا الحديث هو تأسيس لحراك منظم.
هل أنت راضٍ عن أداء نواب المعارضة ممن يسمون بالأغلبية؟
لدينا علامات استفهام وانتقادات كثيرة سواء في فترة وجودهم في البرلمان منذ شباط (فبراير) 2012، واستمرارهم لما يقارب الثلاثة شهور. تصدينا لمطالبتهم بتعديل المادة 79، وأقمنا حلقة نقاشية استضفنا فيها كل المجاميع السياسية والأفراد المستقلين المحسوبين على التيار أو الخط المدني أو الوطني، وكنا متجهين إلى التصعيد وعقد الندوات الجماهيرية ولكن تم رفض التعديل من قبل أمير البلاد. لذا فكان لنا موقف واضح من تصرفاتهم ومشاريع القوانين التي يقترحونها، كذلك في قانون إعدام المسيء، فقد تركوا المشاريع الإصلاحية والقوانين التي تصلح البلد وركزوا في أمور خلافية تقمع الحريات، فتصدينا لهذا الأمر.
وضمن إطار ائتلاف المعارضة أيضاً كانت لنا ملاحظات فيما يخص طبيعة ما يمسى بالأغلبية وتناقضاتها، هناك نواب دعوا إلى المشاركة في الانتخابات بينما الخط العام لائتلاف المعارضة الذي كنا أعضاء في الجمعية العمومية فيه هو المقاطعة، هناك بعض النواب الذين كانوا في فترة ما محسوبين على الأغلبية هم نواب حالياً مثل الطريجي. نحن نعتقد بأن ما تسمى بكتلة الأغلبية يجب أن تحل نفسها لأنها تحولت إلى عبء على الحراك، والمجاملات تطيل أمد وجودها.
ما سبب انسحاب التيار التقدمي من مشروع ائتلاف المعارضة؟
لم يكن انسحاباً، لكننا لم نوقع على مشروع الائتلاف، ما زلنا أعضاء في الجمعية العمومية، وكانت لنا منذ البداية ملاحظات على المشروع. نحن لم ندخل المكتب السياسي؛ بل رفضنا الدخول فيه لعدة أسباب مكتوبة في ورقة أرسلناها إلى الائتلاف في أربع نقاط؛ إن لم يتم حسمها فسيتعذر وجودنا لعدم تحملنا للمسؤولية السياسية لتعثر الائتلاف، وهذا كان قبل سنة؛ والتاريخ أثبت صحة كلامنا.
أول النقاط متعلقة بتركيبة الائتلاف. كنا نريد أن يتكون الائتلاف من مجاميع وتيارات سياسية واضحة المعالم لها تعريف واضح وأهداف و لائحة داخلية لأن التعامل مع القوى السياسية المنظمة يضمن نجاح المشاريع وإن لم تنجح نجاحا باهرا، لكن على الأقل تسير في عمل منظم. التيار السياسي إن لم يسر بأهداف واضحه ومكتوبة ونظام داخلي يحكمه؛ ستكون قرارات هذا التيار السياسي خاضعة لأشخاص معينين، فكيف سنضمن العمل مع تيارات سياسية يتحكم بها أشخاص؟
تلك كانت المشكلة الأولى، ثانيا كنا نريد تعريفا لما يسمى بالمجاميع الشبابية، لأن المجاميع الشبابية بطبيعتها حركات احتجاجية تظهر وتختفي، مثل "كافي" و "نريد" و " السور الخامس" أين هذه المجاميع الآن؟ هناك مجاميع ضمها الائتلاف؛ قلنا لهم لا يجوز ضم مجاميع شبابية ليس لها كيان واضح ممكن أن تحل في أي وقت أو تضمحل وتختفي، فكيف نعقد شراكة مع مجاميع ليس لها ملامح؟
الأمر الثالث أننا طلبنا منهم تحديد الأشخاص الذين لهم عضوية في الائتلاف وعضوية في التجمعات الأخرى؛ مثل تنسيقية الحراك لأن العضو في التجمعين سيدخل في تناقض. أما النقطة الرابعة فانتهت، ولم يعد لها قيمة لأننا في وقتها طلبنا من كل طرف من أطراف المعارضة بتوضيح موقفه من الانتخابات القادمة التي قاطعناها. لم تتم الإجابة عن نقاطنا الأربع، وبناء على ذلك لم ندخل المكتب السياسي، لأن النقاط الأربع جوهرية ومهمة وليست ترفا.
في الفترة الأخيرة، فجأة نشط الائتلاف مرة أخرى لوضع مشروع، وقد طُلب منا المساهمة في المشروع فأرسلنا للائتلاف رؤيتنا للإصلاح السياسي، وبالفعل تم استخدام رؤيتنا والمساهمة الكبيرة لـ "حدم" في مشروع الائتلاف، وفي شهر كانون الثاني (يناير) الماضي، عاد الائتلاف للنشاط والاستعجال في وضع المشروع، هنا خلاف النقاط الأربع السابقات، التي لم ندخل بسببها المكتب السياسي؛ كنا منذ بداية ائتلاف المعارضة أعضاء في الجمعية العمومية، وقيل لنا أن الجمعية العمومية يجب أن تجتمع كل شهر مرة ورغم اعتراضنا على ذلك وطلبنا لأن تجتمع الجمعية العمومية كل ثلاثة أشهر، إلا أنه بتصويت الأغلبية تمت الموافقة على الاجتماع شهرياً. رغم ذلك لم تجتمع العمومية خلال سنة ولا حتى مرة واحدة، هذا يعني أن القوى السياسية تجتمع بإطار المكتب السياسي ونحن الوحيدون الذين لا نجتمع معهم لأننا الوحيدون في الجمعية العمومية ولسنا في المكتب السياسي!
كان تساؤلنا متعلقا بسبب عدم اجتماع الجمعية العمومية، بعد ذلك تم ارسال مسودة المشروع، وكانت لنا انتقادات موضوعية عليه، وفي النسخة الأخيرة اكتشفنا ان مقدمة المشروع تحولت إلى مقدمة دينية؛ ولاحظنا حشرا للمصطلحات الدينية بما لا علاقة به بالمشروع، وكأنهم يريدون فقط عنونة المشروع بما هو إسلامي مثل كلمات الحكم الشرعي، فاعترضنا لخطر ذلك... فالمشروع يتحدث عن الديمقراطية ومقدمته تتحدث عن الحكم الشرعي!
لذلك لم نوقع على مشروع فيه هذه المسحة الدينية مع أطراف لا أثق بموقفها في حال وصولها إلى البرلمان بتغيير الدولة إلى دينية وتغيير المادة الثانية أو المادة 79، ودخلنا في نقاشات كثيرة حتى أن بعضهم سأل إن كنا معترضين بسبب مقولة في المقدمة لأبي بكر؛ فكان ردنا أن ليس لدينا مشكلة مع المقولات المأثورة سواء من الصحابة أو الرسول أو حتى المقولات العربية أو غير العربية، مشكلتنا مع نَفَس المقدمة، وهو نفَس ديني، هذا خلاف التوسع في المواد التي يتم تعديلها.
في رؤيتنا اقترحنا 4 مواد كفيلة بتغيير النظام إلى نظام ديمقراطي برلماني كامل، خاصة وأن بعض الأمور ليست بحاجة إلى تعديل دستوري مثل إشهار الأحزاب والانتخاب بالقوائم النسبية، فلا داعي لتعديل 36 مادة. كما كانت لدينا مشكلة مع الاستفتاء فنحن نعتبره خطرا في ظل سُلطة يمكن لها أن تستخدمه بشكل خاطئ، وفي كثير من الدول تُفرض الإرادة السلطوية تحت ما يسمى بالاستفتاء، واذا وضعنا مسألة السلطة جانبا؛ فأيضاً وسط تدني الوعي الشعبي فالاستفتاء خطير، ومن الممكن بفتوى واحدة أن يصوت الناس على الاستفتاء! في هذا الوضع لسنا مستعدين للتضحية بالديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية تحت عنوان جميل.
هناك اختلاف ايديولوجي بين التيارات المشاركة في الحراك، من تيارات يمينية وأخرى يسارية، فهل من المتصوَّر الوصول إلى نفس الهدف على اختلاف الايديولوجيات؟
الهدف عام بالطبع، وهذا التساؤل طُرح في فترة الحراك الاحتجاجي، كيف تنزلون إلى ساحة الإرادة مع وليد الطبطبائي ومحمد هايف و أسامة المناور؟ قلنا أن هذا حراكا احتجاجيا، فلو كان هناك سارق وأريد الإشارة إليه وأتى آخر - أختلف معه اختلافا جذريا - وأشار إلى السارق، فهل أسحب يدي وأقول أني لا أريد الإشارة إلى السارق لأن المختلف معي يشير إليه أيضاً؟ هذا غير منطقي، كذلك في الفترة الحالية للحراك المنظم، هو مشروع، من يوافق عليه سنصطف معه سواء يميني أو يساري أو إسلامي ما دام يوافق على وجود دولة ديمقراطية وحكومة برلمانية وإشهار الأحزاب والقوائم الانتخابية، فهذا ليس خلافاً ايديولوجياً، بل ألف باء السياسة في كل دول العالم، فلا يوجد تيار في الكويت لا يؤمن بالتداول السلمي للسُلطة إلا إذا كان لا يؤمن بالديمقراطية فهذا أمر آخر.
البعض ليس مؤمنا بالديمقراطية كإيماننا بها، نعم هذا صحيح، حتى نحن والليبراليون نختلف في مفهومنا للديمقراطية ونظرتنا لها، فهي بالنسبة لنا في إطار العدالة الإجتماعية، وإلا ستكون ديمقراطية برجوازيات وتداول السلطة بين البرجوازيين كالحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي، بالتالي لن نتفق اتفاقا تاما في الرأي السياسي والاقتصادي إلا مع شخص يساري مثلنا، وهذا ليس ممكناً، في مراحل التصدي للعدوان الخارجي أو بناء الدولة الحديثة أو التحرر من الاستعمار أو انقاذ البلد من أزمات كبيرة تصطف التيارات السياسية بمختلف ايديولوجياتها، هذا ما نراه في مختلف دول العالم، وفي كل مراحل التاريخ فلماذا نستكثر على الكويت اصطفافنا مع بعضنا والدولة تمر في مرحلة حرجة تحتاج فيها لإعادة بناء دستوري وسياسي.
نعتقد فعلا أن الأطراف المشاركة في الفعاليات الحالية مؤمنه بالديمقراطية وتداول السلطة، وهذا لا يعني أننا لن نختلف معهم في المستقبل... بل على العكس سنختلف على الكثير من الأمور في الخط الاقتصادي والاجتماعي وقضايا الحريات، بالتأكيد سنصطدم، لكننا في مرحلة بحاجة لهذا الاصطفاف لنعبر المرحلة.
في طور إنشاء مشروع الائتلاف، كان هناك حديث حول مواقفكم الإقليمية خاصة فيما حدث في مصر خلال أحداث "30 يونيو"، فما هو أثر المواقف الإقليمية على فعاليتكم في الحراك؟
نحن لدينا مواقف معينة من أوضاع في دولة معينة، مثلا موقفنا من الشأن البحريني واضح في البيانات وموقفنا من الشأن السوري أيضاً واضح والبيانات موجودة، في الشأن المصري صار هناك اختلاف في صفوف التيار التقدمي على تحليل الشأن المصري هناك من قال أنه انقلاب وآخرون قالوا ثورة، الأمور المبدئية لم نختلف عليها كلنا ضد القمع والقتل وفض رابعة الدموي وضد ملاحقة كوادر الإخوان المسلمين والزج بهم في السجون وتلفيق التهم لهم، وضد اغلاق القنوات الاعلامية ومحاصرتهم هذه لم نختلف عليها فهي أمور مبدئية.
الخلاف كان على القراءة لتوصيف ما حدث، ولما وجدنا الأمر كذلك قلنا أننا تيار سياسي كويتي، الأولوية لدينا للشأن الكويتي لن نسبب مشكلة داخل التيار أو مع محيطنا أو مع من لنا علاقة بهم في الحراك بسبب شأن خارجي؛ خاصة أنه لا يتعلق بأمور مبدئية لكنها قراءة مختلفة وتحليل لمعطيات مختلفة، هناك من رأى في "30 يونيو" تأهيلا من قبل العسكر للانقلاب أنا شخصيا وجدتها ثورة مستحقة على الإخوان، لذا من غير الجائز أن آخذ منك موقفاً نهائياً بسبب اختلاف في التحليل... فيما نحن نتفق على المبادئ.
بعض التيارات السياسية كالاخوان المسلمين "الحركة الدستورية" قيموا الناس من خلال مواقفهم من الشأن المصري، وهذا سبب خللا وأحدث ركودا في الحراك بالإضافة إلى بعض الأمور الموضوعية الأخرى المتعلقة بالشأن الكويتي، لكن حدث فعلا برود في العلاقات بيننا وبين الاخوان المسلمين بسبب مواقف بعض أعضاء التيار التقدمي حول الشأن المصري في بعض مقالاتهم.
هل هناك تنسيق بينكم وبين التيارات اليسارية في الدول الأخرى بخصوص الأمور الإقليمية ؟
ليس هناك تنسيق، لكنه اطلاع على مواقفهم واللقاء بهم لا يكون بشكل رسمي باسم التيار ككيان لك؛ بسبب الاهتمامات المشتركة بين اليساريين العرب عادة تكون هناك ملتقيات ومؤتمرات ومعارض كتب، وتكون هناك نقاشات، كذلك هناك علاقات تاريخية مثل العلاقة بين اليساريين الكويتيين والبحرينيين والسعوديين والعراقيين، هناك علاقات تمتد لخمسين سنة من النضال المشترك، لذلك لنعرف التحليل الأفضل نحن نطلع على مواقف مختلف أطياف اليسار في تلك الدول، للاستئناس بآرائهم؛ كما ونتابع مقالاتهم ونعتقد بأنهم أدرى بوضعهم، وأنهم أدق منا في تحديد الموقف السياسي لأنهم يعيشون الوضع في بلدانهم.
هل تعتقد بأن الحكومة ستصعد أكثر في محاولتها لقمع الحراك؟
القمع الذي حدث لمسيرة "كرامة وطن 8" ومسيرات المناطق (الرقة وصباح الناصر) هو قمع أشد من السابق، لكن هناك ملاحظة بأن في مسيرة كرامة وطن ؛ هناك أشخاص تم اعتقالهم واخلاء سبيلهم في نفس اللحظة وهم كثيرون، وكأن الهدف من هذه الاعتقالات العشوائية ألا تقام المسيرة.
القمع افقه مغلق، اذا سارت به السلطة ستزيد من هيجان الشارع وشاهدنا القمع إلى أين وصل بالدول، الشارع مطالبه مستحقة ومحددة، ويفترض في السلطة الاستجابة لهذه المطالب سواء مكافحة الفساد والسراق أو ما يخص إطار الاصلاح السياسي، ومصيبة إن لم تقتنع السلطة أن هذه المطالب مستحقة أو لم تستوعب أن الدول لا تتطور إلا عبر هذا الخط.
أنا اعتقد أن بُنية السلطة في الكويت ليست أمنية، فبنيتها ليست كبُنية نظام صدام حسين أو القذافي أو حتى بعض دول الخليج، فهي ليست سلطة أمنية، ونفَسُها في القمع الأمني ليس طويلا، لا تحتمل وضع الناس لسنوات في السجن ولا أشهر ولا حتى أسابيع لأن بُنيتها ليست أمنية، مجرد أيام وتخرجهم، لكنها تعتقد أنها بهذا القمع تحاول إيقافهم... فيما يجب أن تعي السلطة أن هذا الطريق لا فائدة تُرجى منه، لأنها - أي السلطة - أمام حركة سياسية طابعها سلمي في إطار "إمارة دستورية"، فلا انقلاب ولا مؤامرات!
وهل الشعب الكويتي شعب نفَسُه طويل، وسيصل للأهداف والمطالب التي يريد؟ وهل ترى أن لكونه شعبا بغالبيته من الطبقة الوسطى سيبطئ من حركة التغيير لديه؟
الشعب الكويتي ليس استثناءً عن شعوب العالم، إن كانت هناك مشكلة فأي شعب سيتحرك خاصة ما يمس معيشته اليومية كالصحة والتعليم والسكن والفساد والبطالة، سواء الحقيقية والمقنعة، لذلك الشعب يشعر بالخطر ويتحرك، واعتقد ان درجة الوعي التي وصل إليها الشعب الكويتي ممتازة؛ لأنه يتحرك قبل وصولنا لمرحلة الحضيض أو انهيار مؤسسات الدولة.
أما فيما يخص الطبقة الوسطى في الكويت، فلدي مشكلة مع المصطلح، إذ ليس له أساس علمي رغم انه متعارف عليه اجتماعيا واقتصاديا، لكن الطبقة الوسطى هي المكونة من الطبقة البرجوازية الصغيرة والطبقة العاملة مرتفعة الأجر، أو المعتمدة على مجهودها الذهني لا العضلي. لكن المسألة هنا أنه كلما زادت الاعباء على هذه الطبقة التي نعبر عنها في التيار التقدمي بـ" الفئات الشعبية والطبقات العاملة" وشعرت بأن معيشتها ستتأثر؛ وسنجدها تتحرك؟
بالتأكيد، الرخاء المادي النسبي سيساهم في تأخير الحركة أو بطئها، لكن الحركة موجودة، ففي تاريخ الشعوب هناك حركات تستمر عشرين إلى ثلاثين سنة؛ بحسب احتدام التناقضات الموجودة، وكلما زادت أزمات البلد زادت الحركة، والتغيير وارد.
الحراك الشعبي متهم بأنه جزء من "صراع مشيخي" ما رأيك بذلك؟
نحن ضد التعميم، وهذا لا يمنع من وجود أطراف أو بعض الأشخاص قد يكونون بشكل أو بآخر، بشكل متعمد أو غير متعمد، يعملون لمصالح الصراع المشيخي، لكن أن نعمم وننسب الحراك كاملاً إلى هذه الصفة فغير صحيح، وقد حذرنا في أحد بياناتنا من الانجراف وراء اجندات بعض الأطراف السلطوية... يظل هذا الصراع صراع مصالح؛ لا يهدف بدفع الدولة للتقدم، يجب أن يكتمل لدينا النظام الديمقراطي حتى تتوقف هذه الصراعات.
ما هي توقعاتك للفترة القادمة؟
أعتقد أن فترة الصيف ستكون هادئة، على عكس من قالوا بأنها ستكون ساخنة، فلا اعتقد ذلك. وربما تبدأ الساحة السياسية تسخن في شهر أيلول (سبتمبر) مع بدء المحاكمات المؤجلة مع سجن عناصر مؤثرة في الحراك الشعبي مثل مسلم البراك وغيره، هذا سيلعب دورا كبيرا في اشعال الحركة الشعبية وتأجيجها، وما يسمى بـ "بلاغ أحمد الفهد" أيضا سيساهم في تأجيجها إن لم ير الناس اجراءات حقيقية باتجاه المتهمين أو أن افق محاسبتهم مغلق... ونعول على تحويل الحراك إلى عمل منظم له مطالب محددة.
_________________________________________
منقول عن موقع آراء تاريخ 09/08/2014
في لقاء مُثير بإحدى القنوات الفضائية مع الشيخ نبيل نعيم أحد مؤسسي «القاعدة» أثناء حربها مع السوفيات، أشار إلى حقائق أيّدتها بعض الدراسات والمتابعين لشؤون الجماعات الإرهابية والإخوان المسلمين وعلاقتهم بالأحداث الإرهابية الجارية في المنطقة، ويؤكد الجميع أن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) هو صنيعة المخابرات الأميركية، كما كتبنا وكررنا مرات عدة في هذا العمود.
ويقول الشيخ نعيم إن أفراد القاعدة وداعش لا يصلّون ولا يفقهون شيئاً في الدين، كما أنهم يتبعون تكتيك هولاكو بالتوحش في الهجوم، أي يقتلون جميع من في القرية ويمثلون بجثثهم ويقطعون رؤوسهم ويقتلون الماشية والحيوانات ويحرقون كل شيء بما فيها الزرع، وعندما تسمع القرى الأخرى بما حدث لجيرانهم يتركون كل شيء ويهربون بملابسهم.
ويقول أيضاً إنهم لم يطلقوا طلقة واحدة تجاه الأميركان في العراق، وقلت في مقالي السابق إنهم لم يطلقوا طلقة واحدة على إسرائيل أو النظام السوري، وهدفهم تقسيم العراق ثم سورية ثم مصر، وكانوا يعوّلون على بقاء وترسّخ حكم الإخوان في مصر لتقسيم دول المنطقة بعد تدمير الجيوش المصرية، وقد قلنا هذا الكلام ضمن المخططات الامبريالية الأميركية لخلق شرق أوسط جديد، وإن هناك دولاً عربية وإقليمية ضالعة في هذا المخطط المشبوه، من خلال تقسيم الدول العربية إلى دويلات إثنية وطائفية وعرقية، من أجل أن تتسيّد أميركا وتستحوذ على ثروات بلادنا، وحتى تصبح إسرائيل هي الأقوى في المعادلة الإقليمية.
ويقول أحد المصادر الغربية المتعلقة بالاستخبارات الأميركية والغربية، ان الولايات المتحدة تنشر المخدرات بين رجال الأمن والجيوش العربية، وتركّز على الأسلحة المهمة مثل سلاح الطيران من خلال نشر الحشيش و«الشبو» أو crystal meth والهيرويين والكوكايين، والشبو المنتشر يسبب هلوسة وشكّاً وريبة في كل شيء، ويصبح معه النطق صعباً وتنتاب الشخص عصبية شديدة لا يستطيع معها التحكم في أعصابه ويفقد التركيز، عسى الله أن يحفظ قواتنا المسلحة من هذه المؤامرة الدنيئة.
وبالتأكيد فإن اعتماد بعض الأنظمة في البلدان العربية على الولايات المتحدة والغرب في اقتصادها، إنما توفر بيئة مناسبة لظهور مثل هذه المنظمات المشبوهة والإسلامية المتشددة، التي تغذيها جماعات الإسلام السياسي بالمال والرجال، دون أن تنتبه هذه الدول للخطر المتأتي وراء دعم هذه الجماعات والتراخي عنها والانخداع بادعائها الولاء والاعتدال، بيد أنه من المعروف أن الإسلام السياسي لا وطن له، مثلما كشف ضابط الاستخبارات المصري ما دار في مكالمة محمد مرسي مع الظواهري، عندما قال له: «عايزينك تبعت لنا في سيناء شوية من بتوعك»، وهو الأمر الذي بموجبه يحاكم مرسي بتهمة التخابر مع الخارج ودعم الإرهاب ضد مصر.
إن هذا التنظيم الإرهابي المشبوه الذي يجتاح البلدان العربية بسهولة غريبة، بحيث لم تستطع الجيوش صده وهو عبارة عن بضعة آلاف ضال، يتطلب منا جميعاً اليقظة والحذر فحكوماتنا مشغولة بـ «الغنم» كما وصفنا مذيع في إحدى الفضائيات الكويتية، يتطلب منا جميعاً التصدي في معركة وطنية ديموقراطية شعبية ضد هذا الإجرام الذي لن يستثني بلداً، ونستند إلى تجربتنا العميقة في المقاومة الشعبية من خلال الوحدة الشعبية والاستعداد اللازم، ونطلب رفع حالة التأهب إلى الحد الأقصى للجيش واستخباراته والأمن واستخباراته، والبحث عن الغنم الحقيقيين والخلايا النائمة التي تتحيّن الفرصة لتكشف عن وجهها الحقيقي، وفضح المخططات الأميركية الصهيونية لإعادة تقسيم الشرق الأوسط وتفتيت شعوبه على أسس فئوية وطائفية ودينية وقبلية.
والله الحافظ.
وليد الرجيب
_________________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 09/08/2014 العدد:12822

بيان صادر عن التيار التقدمي الكويتي بمناسبة الذكرى الرابعة والعشرين لغزو النظام العراقي البائد لدولة الكويت
تمر علينا غداً الذكرى الرابعة والعشرون لغزو النظام العراقي البائد لدولة الكويت، ونستذكر في هذه الذكرى الأليمة نضالات الشعب الكويتي ومقاومته المسلحة الباسلة التي روّت بدماء شهدائها هذه الأرض، كما نحيي صمود أبناء هذا الشعب بمختلف فئاته وأطيافه الاجتماعية والسياسية في وجه الإجرام والقمع والاعتقال والقتل في تلك الفترة، ولا ننسى في هذا السياق ما قدمه أسرى شعبنا من تضحية سواء ممَّنْ أفرج عنه أو ممَّنْ طالته يد الظلم والطغيان وأصبح في عداد الشهداء، ولا يسعنا في هذه الذكرى إلا أن نقدم الشكر والعرفان لكل من تضامن مع شعبنا في محنته تلك وقدم يد العون والمساعدة بأي وسيلة أو أسلوب سواء لشعبنا الذي كان صامداً داخل الكويت أو الذي كان مهجّراً ومشرّداً في مختلف البلدان، كما نستذكر المواقف المشرفة للقوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية العراقية الرافضة للغزو والاحتلال، وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي.
ونحن في التيار التقدمي الكويتي نستحضر في هذه الذكرى التي تسببت في وجود ندبة بتاريخ بلدنا وشعبنا تقرير (لجنة تقصي الحقائق عن أسباب الغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت) الصادر في ١٦ آب/أغسطس ١٩٩٥م، هذا التقرير الذي احتوى على جوانب مهمة حققت فيها تلك اللجنة وهي: ١) الأسباب التي أدت إلى كارثة الثاني من أغسطس ١٩٩٠م. ٢) تحديد مواطن الخلل في مختلف الأجهزة السياسية والعسكرية. ٣) حقيقة الإجراءات التي تم اتخاذها صبيحة ذلك اليوم إزاء الهجوم العراقي على الكويت. ٤) استظهار وجه القصور ومواطن المسؤولية عن أحداث الثاني من أغسطس ١٩٩٠م. ٥) الخطوات الوقائية التي تم اتخاذها بعد التحرير لتفادي تكرار مثل هذه الكارثة. ولكن مع الأسف فقد كان مصير هذا التقرير التجاهل واللامبالاة والحفظ في أدراج السلطة من غير محاسبة لأي مسؤول مقصّر أو متهاون في تلك الفترة العصيبة.
ونحن في التيار التقدمي الكويتي نؤكد أن التقصير؛ بل الفشل الحكومي كانا صارخين وجليين، وهذا ما كشفه تقرير (لجنة تقصي الحقائق عن أسباب الغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت) وهما تقصير وفشل لم يكونا مستغربين بالنسبة لنا، خصوصاً في ظل تكريس نهج الانفراد بالسلطة حينذاك بعد الانقلاب الثاني على الدستور، ناهيك عن أنّ التقصير والفشل في مواجهة الغزو شأنه شأن التقصير والفشل في التعامل مع مختلف القضايا والمسائل والأحداث والتحديات التي مرت على الكويت منذ المجلس التأسيسي وصدور (دستور الحد الأدنى) إنما هو نتيجة طبيعية للنهج المشيخي الذي تنتهجه السلطة، ونتيجة لعدم وجود إرادة شعبية حقيقية تشكّل الحكومة من البرلمان وتحاسبها محاسبة جدية في ظل نظام ديمقراطي كامل.
وهاهي السلطة تعود اليوم إلى سابق عهدها لتكرّس على نحو أسوأ من قبل نهجَها المشيخي وانفرادها بالقرار وتعطيلها للإرادة الشعبية ورعايتها لقوى الفساد وتضييقها على الحريات وقمعها لأي صوت معارض عبر الاعتقال والاتهامات الكيدية والتجريد من الجنسية، في ظل إجراءات ظاهرها الدستور وتطبيق القانون، فيما باطنها الاستبداد والتسلّط، هذا بالإضافة إلى فشلها الفاضح في حلّ القضايا الرئيسية ومعالجة المشكلات الأساسية مثل قضية الكويتيين البدون؛ قضايا التنمية؛ والسكن؛ وتوفير فرص العمل؛ وقصور الخدمات، وتردي البنية التحتية، فيما يستمر نهب المال العام وتبديده من دون حسيب أو رقيب؛ بل برعاية وحماية من السلطة.
وعليه فنحن نعيد التأكيد على ضرورة مواصلة النضال لدفع السلطة إلى التراجع عن نهجها الفاشل والضار بمصلحة الوطن، مع التمسك بهدفنا الاستراتيجي لاكتمال النظام الديمقراطي البرلماني في ظل إشهار الأحزاب وقانون انتخابات قائم على التمثيل النسبي، فهذا هو الطريق الوحيد لتحقيق الإصلاح وتمكين الشعب الكويتي من إدارة شؤون حياته على أسس ديمقراطية سليمة وللنهوض ببلادنا وتحقيق عزتها ومنعتها.
عاشت الإرادة الشعبية الحرة طريقنا نحو وطنٍ حرٍّ وشعبٍ سعيد.
١ آب/أغسطس ٢٠١٤م

تصريح صادر عن المكتب التنفيذي في التيار التقدمي الكويتي بخصوص المساس بمشاعر الناس الدينية
يستنكر المكتب التنفيذي في التيار التقدمي الكويتي ما جاء في أحد ردود رئيس تحرير جريدة السياسة أحمد الجارالله في حسابه في أحد مواقع التواصل الاجتماعي من وصف غير لائق للنبي محمد (ص)، ناهيكم عن أن هذا الوصف ليس له أساس تاريخي أصلاً، ويعتبر المكتب التنفيذي في التيار التقدمي هذه الردود والتعليقات غير المسؤولة مصدراً لاستفزاز مشاعر المسلمين ولتأجيج الفتن والصراعات الجانبية مما يبتعد بالناس عن همومها الحقيقية ومشاكلها اليومية وعن الصراع الرئيسي في بلدنا ومجتمعنا.
وانطلاقاً من أهداف التيار التقدمي التي تنص من بين ما تنص على "حرية الاعتقاد"، واحترام المعتقدات الدينية ورفض استغلال الدين لأغراض سياسية" فإنّ المكتب التنفيذي في التيار التقدمي يحذر عموماً من المساس بالمعتقدات الروحية والتعرض للرموز الدينية بالإهانة والشتم والتعليقات الحاطة من القدر لما في ذلك من استفزاز لمشاعر الناس الدينية وأثر سيئ على السلم الاجتماعي، وفي نفس الوقت يرفض المكتب التنفيذي في التيار التقدمي كل ممارسات التحريض وأساليب الترهيب كالمطالبة بسحب شهادة الجنسية مع مَنْ نختلف معه حتى و لو كان مخطئاً؛ خصوصاً مع استنكارنا لها عندما كانت تصدر من الأطراف السلطوية وأدواتها ضد شباب و رموز المعارضة والحراك الشعبي.
٢٨ يوليو/تموز ٢٠١٤م

بيان صادر عن التيار التقدمي الكويتي بخصوص خطوات مجلس الوزراء القمعية وسحب جنسيات المواطنين
كنا قد استنكرنا في التيار التقدمي الكويتي في بياننا السابق بتاريخ ١٤ يوليو/تموز ٢٠١٤ توجيهات اجتماع مجلس الوزراء القمعية والمقيدة للحريات، واعتبرنا هذه التوجيهات تصعيداً خطيراً يدل على عمق الأزمة التي تعاني منها السلطة، وتابعنا بالأمس ترجمة تلك التوجيهات إلى خطوات على الأرض ممثلة بسحب شهادات الجنسية من بعض المواطنين المعارضين لنهج السلطة تحت ذريعة تطبيق القانون على نحو انتقائي وبروح انتقامية.ونحن في التيار التقدمي الكويتي نعبّر عن شدة استيائنا واستنكارنا لهذه الخطوات السلبية التي ستؤدي إلى عواقب وخيمة على المستويين السياسي والاجتماعي.
إنّ التعامل مع شهادات الجنسية على أنها صكوك ولاء للسلطة أو منّة وفضل منها تسبغهما على الناس وليست حقاً من حقوق المواطنين لهو دليل آخر -ولسنا بحاجة لمزيد من الأدلة- على عقلية المشيخة التي تسيطر على السلطة، وبالتأكيد ستكون لخطوة سحب شهادات الجنسية أبعاد اجتماعية لن تتحمل السلطة انعكاساتها عليها وكذلك على مجتمعنا ككل، حيث بدأت هذه السلطة تتخبط بقراراتها بسبب عجزها عن التعامل مع الأزمة السياسية التي تحيط بالبلاد والذي يرجع بالأساس لتناقض مشروعها المشيخي مع إرادة شعبنا الساعية لاكتمال النظام الديمقراطي البرلماني.
ونحن في التيار التقدمي الكويتي نطالب بإيقاف خطوات مجلس الوزراء بسحب شهادات الجنسية للمواطنين لنزع فتيل هذه الأزمة السياسية الجديدة والمفتعلة ذات البعد الاجتماعي، ونؤكد في الوقت ذاته ما أعلناه سابقاً من مطالب أساسية للإصلاح، وهي ملاحقة المتهمين باختلاس المال العام والرشوة، ومصادرة الأموال العامة المختلسة، وتطهير سلطات الدولة الثلاث من المرتشين، وإقالة الحكومة الحالية صاحبة الخطوات القمعية والانتقامية لتسترها على المتهمين وقمعها للمعارضين وسحبها لشهادات الجنسية لبعضهم وفشلها في الإدارة، وحلّ مجلس الصوت الواحد وإجراء انتخابات جديدة وفق نظام الأصوات الأربعة السابق، ووقف نهج ملاحقة عناصر المعارضة أمنياً وقضائياً، وإصدار قانون للعفو العام غير المشروط عن القضايا الكيدية التي رفعتها السلطة ضدهم، و نؤكد على أن هذه المطالب لا تخرج عن إطار هدفنا الاستراتيجي للإصلاح وهو قيام نظام برلماني ديمقراطي كامل يستند إلى وجود حياة حزبية سليمة ونظام انتخابي مبني على القوائم والتمثيل النسبي.
الثلاثاء ٢٢ يوليو/ تموز ٢٠١٤

بيان صادر عن التيار التقدمي الكويتي بشأن التوجيهات المقيدة للحريات الصادرة عن اجتماع مجلس الوزراء الأسبوعي اليوم
تلقينا في التيار التقدمي الكويتي باستياء التوجيهات المقيدة للحريات، الصادرة عن الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء المنعقد اليوم الاثنين 14 يوليو – تموز 2014، والتي انطوت على دعوة للأجهزة الأمنية لقمع الحراك السلمي للمعارضة، وطعنا في وطنية المعارضين وتهديدا بسحب جنسياتهم، والتضييق على جمعيات النفع العام، وشحذ أجهزة الدولة الإعلامية ضد المعارضة.وإننا في التيار التقدمي الكويتي نرى أن هذه التوجيهات تمثل تصعيدا خطيرا من قبل السلطة، خصوصا الطعن في وطنية المعارضين والتهديد بسحب جنسياتهم، وهذه التوجيهات إنما تمثل مظهرا من مظاهر تفاقم أزمة السلطة وحلفها الطبقي المسيطر في مواجهة الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح الديمقراطي وحماية المال العام.وكان حريا بمجلس الوزراء بدل تحريض الأجهزة الأمنية على قمع المعارضة أن يدعو للتحقيق في ما تقوم به تلك الأجهزة من تفريق وحشي للمسيرات السلمية، وضرب واعتقال عشوائيين للمشاركين فيها، وسوء المعاملة التي اجتازت معتقلات المباحث الجنائية لتصل إلى النيابة العامة وقاعة المحكمة.كما كان حريا بمجلس الوزراء بدل الطعن في وطنية المعارضين والتهديد بسحب جنسياتهم أن يحقق جديا في التهم الجسيمة التي تطال بعض أبناء أسرة الحكم وكبار الرأسماليين المتحالفين معهم وأتباعهم، والمتمثلة في التآمر على النظام الدستوري، والتخابر مع العدو الصهيوني، واختلاس مبالغ ضخمة من المال العام، ورشوة كبار المسؤولين في كافة سلطات الدولة، وغسيل الأموال على مستوى دولي، مع الالتزام بمحاربة الفساد بكافة أطرافه وعدم تجيير الدولة لصالح أي من أطراف الصراع السلطوي.وبدلا من تحريض أجهزة الدولة الإعلامية على المعارضة، كان حريا بمجلس الوزراء ضمان شفافية الإعلام الرسمي وتمثيله لكافة الآراء في المجتمع، ولجم وزارة الداخلية عن افتراءاتها بحق مسيرات المعارضة السلمية وعن تعتيمها على انتهاكات حقوق الإنسان التي تقوم بها أجهزتها.أما بشأن التضييق على جمعيات النفع العام، فكان حريا بمجلس الوزراء الدعوة لتنظيم الحياة السياسية في الكويت عبر قانون ديمقراطي للأحزاب السياسية، ومزيد من الحريات العامة لكافة مؤسسات المجتمع المدني.وإننا في التيار التقدمي الكويتي إذ نعبر عن رفضنا التام لهذه التوجيهات فإننا نتمسك بمطالبنا الثابتة للإصلاح، وهي ملاحقة المتهمين باختلاس المال العام والرشوة، ومصادرة الأموال العامة المختلسة، وتطهير سلطات الدولة الثلاث من المرتشين، وإقالة الحكومة الحالية صاحبة التوجيهات القمعية لتسترها على المتهمين وقمعها للمعارضين وفشلها في الإدارة، وحل مجلس الصوت الواحد وإجراء انتخابات جديدة وفق نظام الأصوات الأربعة السابق، ووقف نهج الملاحقات لعناصر المعارضة وإصدار قانون للعفو العام غير المشروط عن القضايا الكيدية التي رفعتها السلطة ضدهم، كما نؤكد على أن جميع هذه المطالب تصب في إطار هدفنا الاستراتيجي للإصلاح وهو قيام نظام برلماني ديمقراطي كامل يستند إلى وجود حياة حزبية سليمة ونظام انتخابي مبني على القوائم والتمثيل النسبي.هذا وندعو لتماسك المعارضة بمختلف أطيافها في مواجهة هذا التصعيد السلطوي، خصوصا في مواجهة التضييق على جمعيات النفع العام، وندعو للحفاظ على استقلال القرار بعيدا عن أي طرف سلطوي، وندعو للتوافق حول مطالبنا المطروحة للإصلاح.
الكويت في 14 يوليو- تموز 2014

تصريح صحافي صادر عن المنسق العام للتيار التقدمي بالإنابة د. فواز فرحان بشأن العدوان على غزة
يؤكد التيار التقدمي الكويتي تضامنه الكامل مع نضال الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة عموماً وفي قطاع غزة خصوصاً ضد العدوان العسكري الصهيوني، كما يحيي نضالات المقاومة الوطنية الفلسطينية المظفرة ويشد على أيادي أبطالها، ويطالب المجتمع الدولي وكل المؤسسات الرسمية والإنسانية والحقوقية باتخاذ موقف واضح ضد هذا العدوان لإيقافه، ويناشد كل الأحرار في العالم لتقديم كل الدعم المطلوب للفصائل الوطنية الفلسطينية المقاومة فوراً.
ويدعو التيار التقدمي الكويتي إلى اتخاذ مواقف حازمة ضد داعمي العدوان الصهيوني من الدول الكبرى، ومن تلك المواقف تصفية القواعد العسكرية الأجنبية في دول المنطقة، والتي تمثل قواعد للهيمنة على سياساتها وبسط السيطرة الأجنبية عليها مما يؤثر سلباً على مواقف دول المنطقة تجاه القضية الفلسطينية.
وفي هذا السياق يؤكد التيار التقدمي الكويتي بأن موقفه المبدئي الداعم للقضية الفلسطينية ينطلق من أن الكيان الصهيوني كيان عنصري رجعي توسّعي ويحتل أرضاً ليست أرضه ويشرّد الشعب الفلسطيني ويمارس ضده القمع والاعتقال والقتل، وأن هذا الكيان يمثل مصالح القوى الرأسمالية العالمية الكبرى في المنطقة.
عاش نضال الشعب الفلسطيني في غزة وكافة الأراضي المحتلة.
المنسق العام للتيار التقدمي الكويتي بالإنابةد. فواز فرحان
١٣ تموز/يوليو ٢٠١٤م

تحديث: 27 منظمة وحزباً يسارياً وعمالياً في العالم يتضامنون مع هبة الشعب الكويتي ضد الفساد والمطالبة بالإصلاح السياسي
بيان تضامني مع هبّة الشعب الكويتي ضد الفساد
والمطالبة بالإصلاح السياسي والنظام الديمقراطي
نتابع بقلق بالغ ما يتعرض له الشعب الكويتي وقواه السياسية من قمع شديد تقوم به قوات الأمن من خلال استخدام القنابل الغازية والرصاص المطاطي، في المسيرات السلمية المطالبة بالإصلاح السياسي والديمقراطي، وضد الفساد وسرقة المال العام التي تبلغ مليارات من الدنانير والتآمر على الكويت والتخابر مع الخارج بما فيها العدو الإسرائيلي، على يد رئيس الوزراء ورئيس مجلس الأمة السابقين وحمايتهما من قبل السلطة الكويتية، حيث أدى هذا الوضع إلى اعتقال عشرات المشاركين السلميين والعزّل وإصابة البعض منهم جراء استخدام الرصاص المطاطي وقنابل الغاز وإصابة بعضهم خطيرة.
إننا نحمل السلطات الكويتية مسؤولية استخدام العنف المفرط ونطالبها بالإفراج فوراً عن جميع المعتقلين والاستماع لمطالب الشعب الكويتي وقواه السياسية بالإصلاح السياسي والديمقراطي، والتراجع عن نهج الاستبداد، كما نحمّلها سلامة المصابين الذين رفضت قوات الأمن إسعافهم بمن فيهم النساء والأطفال، ونتوجه للمنظمات الدولية من أجل التضامن مع المتظاهرين السلميين في الكويت.
الموقعون:1- الحزب الشيوعي اللبناني.2- الحزب الشيوعي الأردني.3- حزب إعادة التأسيس الشيوعي – إيطاليا.4- حزب العمل – تركيا.5- الحزب الشيوعي الأوكراني.6- حزب توده – إيران.7- الحزب الشيوعي البريطاني.8- الحزب الشيوعي لشعب إسبانيا. 9- الحزب الشيوعي المكسيكي.10- الحزب الشيوعي الإيرلندي.11- حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد – تونس.12- الحزب الشيوعي الجنوب أفريقي.13- المنبر الديمقراطي التقدمي – البحرين.14- الحزب الشيوعي الألماني.15- جبهة التحرير الوطني – البحرين.16- حزب الوحدة الشعبية الأردني.17- الحزب الشيوعي في روسيا الاتحادية.18- الحزب الشيوعي المصري.19- الحزب الشيوعي السوداني.20- الحزب الشيوعي الفرنسي.21- الحزب الشيوعي العراقي.22- حزب العمال في ايرلندا.23- جمعية مساواة - وردة بطرس للعمل النسائي.24- المؤسسة المصرية للحق في التنمية. 25- مركز آفاق اشتراكية - مصر.26- الحزب الشيوعي الفنلندي.27- لجنة حقوق المرأة - لبنان
A statement of solidarity with the protests of the Kuwaiti people against corruption and the call for political reform and democratic system
We follow with serious concern the suffering of Kuwaiti people and its political forces which were severely repressed by the security forces through the use of tear gas bombs and gas bombs and rubber bullets and beating, during peaceful demonstrations demanding political and democratic reform, and against corruption and stealing of public money amounting to billions of dinars and the conspiracy to Kuwait and communicating with the outside world, including the Israeli enemy, by the former prime minister and former president of the National Assembly who were protected by the Kuwaiti authorities.
This situation has led to dozens of arbitrary arrests of peaceful and unarmed participants, and injuries of varying severity among the crowds of the demonstrators.
We hold the Kuwaiti authorities responsible for the excessive violence, and we ask for immediate release of all detainees and to listen to the demands of the Kuwaiti people and the political forces for political and democratic reform, and stop the tyranny approach, as we hold the government and the security forces the responsibility of safety of injured participants including women and children who were refused to get first aid treatments. As we ask the international organizations for solidarity with the peaceful protesters in Kuwait.
Signatures:
1 – Lebanese Communist Party
2 – Jordanian Communist Party
3 – Refondazione Communista - Italy
4 – Labour Party (EMEP) - Turkey
5 – Communist Party of Ukraine
6 – Tudeh Party - Iran
7 – Communist Party of Britain
8 – Communist Party of Peoples of Spain (PCPE)
9 – Communist Party of Mexico
10 – Communist Party of Ireland
11 – Unified Party of Patriots Democrats - Tunisia
12 – South African Communist Party
13 – Democratic Progressive Tribune - Bahrain
14 – German Communist Party (DKP)
15 – National Liberation Front – Bahrain
16 –Party of Jordanian Popular Unity (Wahda)
17 – Communist Party of the Russian Federation (CPRF)
18 – Egyptian Communist Party
19 – Sudanese Communist Party
20 – French Communist Party
21 – Iraqi Communist Party
22- Workers Party in Ireland
23- Mousawat Wardah Boutros Society
24- Egyptian Organization For Development Rights
25- Socialist Horizon Center - Egypt
26- Communist Party of Finland
27- Women's Right Committee - Lebanon

تضامن الأحزاب التقدمية و اليسارية مع نضالات الشعب الكويتي.
تضامن المنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين.
عبر المكتب السياسي للمنبر الديمقراطي التقدمي – البحرين عن تضامنه مع نضالات الشعب الكويت وجاء في بياناً له أنه "ليس ببعيد عنا ما يجري في الكويت الشقيقة منذ أيام من حراك جماهيري واسع رافض لممارسات الفساد وتغول قواه التي أضحت تستنزف وتستبيح بشكل سافر مقدرات وثروات الكويت شعبا ووطنا، من أجل إرضاء جشع الحلف الطبقي لقوى الفساد الذي يقوده بعض كبار المتنفذين والرأسماليين في تجاوز فج لدور المؤسسات الدستورية القائمة هناك، حيث تقف القوى الديمقراطية والتقدمية وطيف واسع من الشباب والشخصيات النيابية والوطنية في مقدمة الصفوف الرافضة لطابور الفساد وممارساته، الأمر الذي يستدعي من الجميع موقفاً تضامنياً واسعاً مع نضالات شعب الكويت الشقيق وقواه الديمقراطية والتقدمية في مواجهة قوى الفساد، كما يتطلب من الكويتيين أنفسهم في الوقت نفسه يقظة ووعياً وتعبئة وطنية جماهيرية واسعة وتنسيقاً مدروساً بين مختلف القوى الديمقراطية والتقدمية بغية ضمان عدم حرف مسيرة المطالب الجماهيرية العادلة، علاوة على الاستمرار في المطالبة بسرعة إطلاق سراح كافة المعتقلين على خلفية تلك الأحداث وفي مقدمتهم مناضلي التيار التقدمي".
تضامن الحزب الشيوعي اللبناني مع نضالات الشعب الكويتي
أصدر الحزب الشيوعي اللبناني بياناً تضامنياً مع التيار التقدمي الكويتي والشعب الكويتي مطالباً التحرك للإفراج عن النائب الكويتي السابق مسلم البراك والشباب الناشطين سعد طامي وعبد العزيز المرداس ومحمد الزريق، وجميع معتقلي الرأي، وإطلاق سراحهم ، ووقف الملاحقات السياسية والتهم الملفقة ضد مئات الشباب الكويتيين الذين ينشدون وطناً، ووقف القمع والإستبداد. ودعا كافة القوى الديمقراطية للتضامن مع نضال الشعب الكويتي من أجل الحرية والديمقراطية والتقدم.

بيان صادر عن التيار التقدمي الكويتي للمشاركة في مسيرة "كرامة وطن 8"
انطلاقاً من إدراكنا لطبيعة المعركة الجدّيّة التي يخوضها الشعب الكويتي في مواجهة السلطة وحلفها الطبقي المستأثر بخيرات البلاد ونهجها غير الديمقراطي ورعايتها الواضحة لقوى الفساد... فإننا في التيار التقدمي الكويتي نعلن عن تأييدنا الكامل للدعوة التي أطلقها الإخوة في حساب "كرامة وطن" لانطلاق (مسيرة كرامة وطن 8) المقررة مساء يوم غد الأحد 6 يوليو، ونحمّل السلطة المسؤولية الكاملة تجاه أي أعمال استفزاز أو قمع.
وبناءً عليه، يهيب التيار التقدمي الكويتي بكل مَنْ تعزّ عليه كرامة شعبنا وحقوقه وحرياته أن يشارك بفعالية في هذه المسيرة للتعبير عن الرفض الشعبي الواسع لنهج الانفراد والاستبداد والفساد، وللتضامن مع سجين الرأي الأخ مسلم البراك والشباب المعتقلين وإطلاق سراحهم، ولوضع حدّ للممارسات البوليسية والملاحقات السياسية التي تقوم بها السلطة وأتباعها من الفاسدين وكبار المتنفذين، الذين حان الوقت لمحاسبتهم على ما اقترفوه من جرائم لا تغتفر بحقّ الكويت ولاستعادة ما نهبوه من أموال شعبها، وقبل هذا كله لتعود السيادة إلى الأمة مصدر السلطات جميعاً، وصولاً إلى تحقيق مطلب قيام نظام برلماني ديمقراطي كامل.
ويهمنا في هذا الصدد أن نؤكد مجدداً أنّ هذه المعركة شاقة وطويلة، وهي تتطلّب مثابرة وإدارة سياسية واعية قادرة على قيادة الحراك الشعبي، كما تتطلّب في الوقت ذاته تنظيماً للصفوف وتعبئة للقوى وتنسيقاً بين القوى السياسية والشبابية ذات التوجهات الشعبية والوطنية والديمقراطية والتقدمية، مع نبذ أي شعارات طائفية مفرقة للصفوف ورفض الانجرار وراء أي أجندات لأطراف سلطوية، مع الحذر واليقظة تجاه الدعوات الاستفزازية والأعمال المتطرفة وغير المسؤولة... وفي هذا الصدد فإننا نكرر دعوتنا التي سبق أن وجهناها بضرورة تشكيل فريق شبابي ميداني لإدارة الحراك الشعبي بالتعاون والتنسيق مع القوى السياسية لتوحيد الأهداف والمطالب الشعبية والوطنية والديمقراطية، إذ من الخطأ أن ينقاد الحراك الشعبي للتصرفات العفوية أو أن ينحصر في حدود ردود الأفعال، بل لا بد أن ينتقل هذا الحراك الشعبي إلى حركة شعبية منظمة الصفوف وموحدة الأهداف والمطالب ومتوافقة على الخطط وأساليب العمل.
فلنقف جميعاً صفاً واحداً ضد نهج الانفراد بالسلطة والاستبداد والفساد، ومن أجل وطن كويتي حرّ وشعب سعيد.
الكويت في 5 يوليو 2014
الرفاق الاعزاء في التيار التقدمي الكويتي
تحية رفاقية من كل الرفاق في الحزب الشيوعي المصري
يثني حزبنا على نضالكم ونضال الشعب الكويتي واصراره على مجابهة الفساد والتصدي لكل الممارسات التي تقوم بها السلطات ضد الحريات وندين اساليب البطش والاعتقالات والملاحقات للمواطنين المشاركين في الحراك الشعبي ونقف مع كل مطالبكم المشروعة في الافراج عن كل معتقلي الرأي مع تمنياتنا بالنجاح لكم وللشعب الكويتي الشقيق في تحقيق كل مطالبه.
الحزب الشيوعي المصري
٣ تموز/ يوليو ٢٠١٤

بيان صادر عن التيار التقدمي الكويتي للتضامن مع سجين الرأي مسلم البراك والشباب المعتقلين.
في الوقت الذي يسرح فيه ويمرح المفسدون والمتآمرون وناهبو الأموال العامة من دون أن يطالهم حساب أو عقاب، هاهي السلطة تواصل ملاحقاتها لرموز المعارضة وقياداتها وشبابها المخلصين للكويت وشعبها، وهاهو الأخ مسلم البراك الأمين العام لحركة العمل الشعبي "حشد" يقبع مجدداً في الحبس بقرار لا مسوّغ له وتُساق ضده عشرات الاتهامات الكيدية لا لذنب اقترفه ولا لجريمة ارتكبها سوى مجاهرته بالحقّ وفضحه الفساد والمفسدين وتصديه الحازم للنهج غير الديمقراطي للسلطة وتعبيره عما يجيش في نفوس أبناء الشعب من استياء وغضب عارمين.
إنّ اعتقال الأخ مسلم البراك وحبسه وملاحقته مثلما هو اعتقال العشرات غيره من شخصيات المعارضة وشبابها وآخرهم سعد طامي وعبدالعزيز المرداس ومحمد الزريق وملاحقتهم تحت ذريعة القانون المساء استخدامه، وغير ذلك من أساليب الاستبداد والبطش، لن تثني شعبنا عن مواصلة التصدي لقوى الفساد والإفساد، التي باتت تتحكّم في البلاد، ولن توقفه عن مواجهة النهج السلطوي المنفرد بالقرار، بل أنّ مثل هذه الاعتقالات والملاحقات ستزيد الشعب إصراراً على المجابهة وعلى المطالبة بحقوقه.
إنّ التجمع العفوي أمام مقر المباحث الجنائية فجر أمس الأربعاء 2 يوليو الجاري بعد صدور القرار بحجزه فيها، والتجمع التضامني الحاشد أمام ديوان البراك مساء البارحة بعد صدور قرار حبسه، ثم المسيرات الاحتجاجية التي جابت عدداً من مناطق الكويت في ساعات متأخرة من الليل، في مثل هذا الجوّ اللاهب لصيف الكويت في شهر يوليو وفي ليالي شهر رمضان المبارك، وقبل ذلك التجمع الجماهيري الحاشد لألوف المواطنين في ساحة الإرادة مساء الثلاثاء 10 يونيو الماضي، إنما هي شواهد ملموسة على هذا الإصرار الشعبي الأكيد على مجابهة قوى الفساد والتصدي للنهج غير الديمقراطي للسلطة واحتضانها للفاسدين الذين يحظون برعايتها.
إنّنا ندرك جيداً أنّ نضال الشعب الكويتي وقواه الوطنية والديمقراطية والتقدمية ضد سطوة الفاسد وللتصدي لنهج السلطة وحلفها الطبقي المكوّن من كبار الشيوخ والرأسماليين إنما هو نضال شاق يتطلّب مثابرة ونَفَساً طويلاً وإدارة سياسية واعية ومنظمة وقادرة على قيادة الحراك الشعبي، ويتطلّب في الوقت ذاته تنظيماً للصفوف وتعبئة للقوى وتنسيقاً بين القوى السياسية والشبابية ذات التوجهات الشعبية والوطنية والديمقراطية والتقدمية، ونبذاً للشعارات الطائفية المفرقة للصفوف وحذراً تجاه الانسياق وراء الدعوات والأعمال المتطرفة وغير المسؤولة... وفي هذا الصدد فإننا ندعو الشباب الوطني والديمقراطي والتقدمي إلى تشكيل فريق ميداني لإدارة الحراك الشعبي بالتعاون والتنسيق مع القوى السياسية والشبابية لتوحيد الأهداف والمطالب، فمن الخطأ أن ينقاد الحراك الشعبي للتصرفات العفوية أو أن ينحصر في حدود ردود الأفعال، بل لا بد أن ينتقل الحراك الشعبي إلى حركة شعبية منظمة الصفوف وموحدة الأهداف والمطالب ومتوافقة على الخطط وأساليب العمل.
وفي الختام، يعلن التيار التقدمي الكويتي عن إلغاء حفل الغبقة الرمضانية المقرر إقامته مساء الجمعة 4 يوليو وذلك تضامناً مع سجين الرأي الأخ مسلم البراك والشباب المعتقلين سعد طامي وعبدالعزيز المرداس ومحمد الزريق، آملين أن تزول الغمة عن شعبنا الأبي وأن يستعيد كرامته وحقوقه كاملة غير منقوصة.
الكويت في 3 يوليو 2014

بيان صادر عن التيار التقدمي الكويتي حول التوجه الحكومي الرأسمالي لخصخصة الجمعيات التعاونية.
يوماً بعد يوم تكشف السلطة عن طبيعة المصالح الطبقية الضيقة التي تمثلها، وهذا ما يبرز بوضوح في نهجها السياسي غير الديمقراطي؛ وتوجّهها الاقتصادي المنحاز لكبار الرأسماليين على حساب مصالح الغالبية الساحقة من الشعب، والقوانين التي تدفع السلطة لإقرارها بهدف شرعنة نهب قوى الحلف الطبقي المسيطر على مقدرات البلاد للمال العام واستحواذه على أملاك الدولة؛ وكذلك هذا ما يتضح في السياسات والقرارات التنفيعية الموجّهة لخدمة أصحاب البنوك وكبار التجار والملاكين العقاريين والمقاولين.
وفي هذا السياق يأتي إعلان وزيرة الدولة لشؤون التخطيط والتنمية عن أنّ ما يسمى الخطة التنموية الجديدة تتضمن تخصيص عدد كبير من خدمات وزارة الصحة وتخصيص الجمعيات التعاونية وتخصيص بعض مدارس التعليم العام والجامعات.
ونحن في التيار التقدمي الكويتي نؤكد بداية اعتراضنا الكامل على التوجّه نحو خصخصة الخدمات الصحية والتعليمية لاتصالها الكبير بحياة المواطنين ومستقبل أبنائهم، خصوصاً أنّ هذا التوجّه الخطير يخالف المادة الرابعة من القانون الحالي 37 لسنة 2010 في شأن تنظيم برامج وعمليات التخصيص على سوئه، التي تنص على أنه لا يجوز تخصيص مرفقي التعليم والصحة شأنهما في ذلك شأن عدم جواز خصخصة إنتاج النفط والغاز الطبيعي ومصافي النفط.
كما نعلن عن رفضنا المطلق للتوجّه الحكومي الرأسمالي نحو خصخصة الجمعيات التعاونية، التي هي ملكية اجتماعية عامة للمساهمين فيها من المواطنين، إذ أنّ خصخصة الجمعيات التعاونية تتعارض تماماً مع المادة 23 من الدستور التي تقضي بأن تشجّع الدولة التعاون والادخار، وبالتالي فإنّ خصخصة الجمعيات التعاونية يعني التصفية النهائية للقطاع التعاوني القائم على الملكية الاجتماعية للمساهمين وتحويله إلى شركات تجارية يتحكّم فيها كبار الرأسماليين، وهذا ما من شأنه القضاء التام على الملكية التعاونية كأحد أشكال الملكية الاجتماعية لصالح الملكية الرأسمالية الخاصة الهادفة فقط إلى تحقيق الأرباح وتعظيمها بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى.
إنّ كبار التجار والرأسماليين يسعون جاهدين منذ سنوات إلى تصفية القطاع التعاوني الذي يبلغ نصيبه أكثر من 70 في المئة من تجارة التجزئة ويسهم في التخفيف على المستهلكين من حدّة غلاء الأسعار، وذلك بهدف إطلاق أيدي التجار والرأسماليين بعيداً عن أي ضوابط في السيطرة الكاملة على تجارة التجزئة والتحكّم أكثر في أسعار السلع، وهذا ما سيلحق أفدح الضرر بالطبقات الشعبية متدنية الدخول وبجموع المستهلكين عامة.
إننا في الوقت الذي ندافع فيه عن القطاع التعاوني وعن الملكية الاجتماعية للجمعيات التعاونية ونرفض خصخصتها، فإننا ندرك ما يعانيه القطاع التعاوني من فساد وسوء إدارة ونرى أنّ الجمهور الواسع من المساهمين أنفسهم هم المعنيون أولاً بالدفاع عن هذا القطاع والتصدي لمحاولات تصفيته؛ وكذلك هم المعنيون بإصلاح أوضاعه.
الكويت في 30 يونيو 2014
في العام 1988 عندما صدر كتاب الباحث البحريني الدكتور عبد الهادي خلف عن مؤسسة الأبحاث العربية تحت عنوان «المقاومة المدنية.. مدارس العمل الجماهيري وأشكاله»، قرأته باهتمام، ثم أعدت قراءته أثناء الاحتلال الغاشم على الكويت عام 1990.
وأعادتني ذكرى قراءتي لهذا الكتاب لموضوع العصيان المدني، الذي قام به الصامدون من الكويتيين وقد كان أكبر عصيان مدني مر بتاريخ الكويت، والذي ترافق مع المقاومة المسلحة الباسلة لمجموعات المقاومة المدنية والعسكرية معاً.
وتمثّل هذا العصيان الذي توافق عليه الصامدون عفوياً في البداية، ثم تعمق ونُظّم لاحقاً عبر دعوات المنشورات السرية التي كانت توزع بين الناس، لرفض قوانين الاحتلال وعدم الانصياع له أو التعاون معه، ولعدم الالتحاق بالأعمال فيما عدا من يعمل بمنشآت حيوية، مثل مرافق الكهرباء وتحلية المياه ومحطات تعبئة الوقود والمخابز «الشركة الكويتية لمطاحن الدقيق» والمستشفيات التي لم تُحتل بعد، ورفض التعامل بالعملة العراقية قدر الإمكان، وإخفاء والتستر على أفراد المقاومة والأجانب وكذلك عدم تغيير اللوحات الكويتية للمركبات، ومقاطعة البضائع العراقية والأردنية... الخ
وأقرأ هذه الأيام دردشات شبابية محدودة في وسائل التواصل حول العصيان المدني، وهي دعوات بدأت في العام 2013، وفي ظني أنه ليس الجميع يعرف المعنى الحقيقي للعصيان المدني كأسلوب من أساليب العمل الجماهيري أو أسلوب للمقاومة المدنية.
وأشكال العصيان أو عدم الطاعة تتعدد مثل المقاطعة الاقتصادية وعدم تنفيذ القوانين ورفض مزاولة الأعمال والامتناع عن تقديم الخدمات، ورفض دفع الضرائب ورفض الذهاب إلى الفصول الدراسية كما حدث عام 1973 بعد حادثة «الصامتة» في الكويت، وأيضاً الإضراب عن الطعام، والشواهد التاريخية كثيرة.
فأشهر مقاومة لا عنفية هي التي قادها غاندي بنفسه، حيث كانت أولى خطواتها فيما سمي بـ «مسيرة الملح» عام 1930، فبعدما حرّمت بريطانيا على الهند استخراج الملح قام غاندي باستخراجه بنفسه من مياه البحر، واقتدى الشعب به رغم أن غاندي لم ينصّب نفسه زعيماً لمقاومة الاستعمار البريطاني.
واستمرت حركة العصيان المدني حتى بعد تعرّض غاندي للسجن أكثر من مرة، وفي عام 1931 خرج غاندي من السجن وكرر هذه التجربة مع المنسوجات البريطانية، إذا كانت بريطانيا تأخذ القطن الهندي بأرخص الأثمان ثم تنسجه وتبيعه للهنود بثمن عال، وخصص غاندي أربع ساعات يومياً لنسج ملابسه على مغزل يدوي، وتبعه الجميع ومن كل الأديان، حتى توقفت مصانع النسيج في لانكشاير، واستمر بمقاطعة كل ما يمت للمستعمر البريطاني من شركات وبنوك والانقطاع عن العمل والدراسة، والاستعاضة عنها في التدريس في البيوت والقرى، كما حدث أثناء احتلال الكويت، واستطاع الشعب الهندي أن ينهي الاستعمار البريطاني، وخاصة أن العصيان المدني في الهند لقي تعاطفاً إعلامياً وشعبيا دوليا.
ومثال آخر هو حركة السود التي قادها مارتن لوثر كنج، عندما اتفق جميع الأميركيين من أصل أفريقي على مقاطعة حافلات النقل العام وخاصة في مدينة مونتغمري بولاية ألاباما الجنوبية، وكانت مقاطعة شاملة إضافة إلى أشكال أخرى من العصيان المدني السلمي لفتت أنظار العالم والرأي العام، فانتهى التمييز العنصري في الولايات المتحدة رغم اغتيال كنج.
وكذلك في جنوب أفريقيا بعد انتفاضة سويتو عام 1977، عندما سادت حركة عصيان مدني اتسعت جماهيرياً بشكل هائل في حجم المشاركة، وأيضاً حظيت بتعاطف دولي واسع، ونذكر أيضاً مقاطعة الشعب الإيراني الواسعة للتبغ الإنكليزي عامي 1891 و1892، احتجاجاً على تغلغل الرأسمال البريطاني.
وأيضاً شهدت منطقتنا مقاطعة عمال تفريغ السفن للبواخر الأميركية عام 1957، وتعرف هذه المقاطعة بحادث الباخرة كيلوباترا، وأيضاً نذكر الحركة الاحتجاجية التي أصبحت عالمية ضد الحرب الأميركية على فيتنام، وأيضاً حركة الاحتجاج الإسرائيلية لاجتياح إسرائيل للبنان عام 1982، والتي حشدت مئات الألوف من الإسرائيليين من ضمنهم أعداد كبيرة من الضباط والجنود، مما دعم موقف المقاومة اللبنانية الباسلة، وأثار استياءً عالمياً لهذا العدوان السافر والجرائم الوحشية، كما نمت حركة السلم العالمية حتى أصبحت قوة ذات تأثير ملموس.
وللموضوع بقية
وليد الرجيب
osbohatw@gmail.com
___________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 30/06/2014 العدد:12782
الإضراب الشامل الذي نفذه العاملون في مؤسسة التأمينات الاجتماعية للمطالبة بحقوقهم الوظيفية المستحقة ما زال مستمراً للأسبوع الرابع على التوالي، بعد رفض الإدراة العليا تلبية مطالبهم المشروعة، مسجلاً بذلك أطول إضراب شامل في تاريخ الكويت.
فتعنت الحكومة وعدم استجابة الإدارة العليا للمطالب المستحقة للعاملين في "التأمينات" قد يفسران في جانب منهما بعدم اهتمام الحكومة ولا مبالاتها بالمتقاعدين الذين لا صوت لهم حالياً، وبالتالي لا يشكلون عامل ضغط سواء على الحكومة أو على المجلس، حيث نتذكر جميعنا سرعة استجابة الحكومة لمطالب العاملين المتعلقة بالكوادر والحقوق الوظيفية في كل من القطاع النفطي ومؤسسة الخطوط الجوية بمجرد التلويح بالإضراب، وذلك بسبب المصالح المتشابكة التي يمثلها كل منهما، وكذلك الحال عندما بدأ العاملون في الإدارة العامة للجمارك بتنفيذ إضرابهم الشامل الذي لم يستمر سوى أيام معدودة، تعهدت الحكومة خلالها بتحقيق مطالبهم المستحقة.
لهذا فإن إضراب "التأمينات" لا يكشف لنا فشل الإدارة العليا للمؤسسة وتعنت الحكومة وعدم اهتمامها بالمتقاعدين فقط، بل يكشف أيضا غياب صوت المتقاعدين (عددهم يفوق الأربعين ألفاً) بالرغم من أنهم هم الذين "يملكون" المؤسسة، وهو ما سبق أن تطرقنا إليه في هذه الزاوية، فإيراداتها تأتي في الأساس من أموال المتقاعدين الذين من حقهم أن يعرفوا الطريقة التي تدار فيها أموالهم وأين تُوجّه؟
في الدول المتقدمة تكون هناك عادة جمعية أو نقابة أو منظمة تمثل المتقاعدين في مجلس إدارة "التأمينات" وتدافع عن مصالحهم، وتحمي أموالهم من الهدر وسوء الاستخدام من ناحية، وتوفر لهم خدمات ترفيهية وسياحية وطبية ودورات تدريبية تناسب أعمارهم، وتساعدهم على مواجهة الحياة بعد التقاعد من الناحية الأخرى، كما توجد في بعض الدول المتقدمة أيضاً أحزاب تمثل المتقاعدين وتدافع عن حقوقهم ومصالحهم.
وفي هذا السياق نشدّ على أيادي العاملين في "التأمينات" ونحيّيهم مرة أخرى على دفاعهم عن حقوقهم وتمسكهم بمطالبهم المُستحقة التي لم تستجب لها إدارة المؤسسة رغم المطالبات السابقة والوعود المتكررة، كما نتمنى أن يبادر المتقاعدون بتنظيم أنفسهم والمطالبة بإشهار جمعية أو منظمة تهتمّ بشؤونهم وتدافع عن حقوقهم، ومن ضمنها حقهم في المشاركة في إدارة أموالهم ومراقبتها، حيث تتصرف فيها الحكومة الآن وتوجهها كيفما تشاء من دون حسيب أو رقيب.
د. بدر الديحاني
__________________________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 25\06\2014
ها هو العراق يتعرض إلى مخطط التقسيم الذي طالما سعت إليه الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوربيون والصهاينة، لبناء وإعادة تشكيل الشرق الأوسط من خلال المشروع الذي أطلقوا عليه «الشرق الأوسط الجديد».
وكانت السودان قد سبقت العراق وربما ستلحقها سورية وبقية الدول العربية، ناهيك عما يمارسه حكام بعض الأنظمة من تفتيت وتقسيم طولي لمجتمعاتهم، كاتاوة تدفع للأسياد الأميركان والصهاينة، عبر تأجيج النعرات المتخلّفة والتعصب البغيض دينياً وطائفياً وعرقياً وقبلياً.
ليس ما يحدث في الشرق الأوسط قدر محتوم، ولا هو بعبث ولعب بالنار لجهل أو تخلف فقط، ففي الوقت الذي لا نستبعد فيه التآمر والمخططات السابقة كما ذكرنا، ما يحدث هو نتيجة سياسات أنظمة وسلطات أجّجت الانقسام الطولي لمجتمعاتها بديكتاتوريتها وقمعها لشعوبها، وتفردها بالسلطة والقرار، وهي أفضل بيئة حاضنة للفساد ونهب ثروات الشعوب ونظام المحاصصة الذي لا يعبر عن نهج وطني لصالح البلدان والشعوب.
فالدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» ليست نبتاً شيطانياً، إنما هو إفراز التآمر الخارجي ونهج الانفراد وتقييد الحريات وانتفاء دولة القانون والمؤسسات المدنية في دولنا، بما فيها الدول الخليجية التي لن تكون بمنأى عن الخطر والجحيم القادم، الذي يمارس الإجرام الوحشي بحق البشر تحت ذريعة تطبيق الشريعة الإسلامية ودولة الخلافة.
إن ما يتعرض له أشقاؤنا في العراق من مآسٍ مثل القتل المجاني والسرقة والنهب وفرض الاتاوات والجزية، والاستيلاء على الأموال العامة وغسيل الأموال، إضافة إلى دعم بعض الدول الإقليمية العربية وغير العربية، والجماعات الإسلامية المؤيدة لهذه العصابات المتوحشة، سيطالنا نحن الشعوب الخليجية، خاصة أن الجميع بات يعرف أن هناك خلايا نائمة ومؤيدة بالعلن لداعش، بل شاهدنا جميعاً أفلام الفيديو والتغريدات في وسائل التواصل الاجتماعي، التي تتم فيها مبايعة من أسموه أمير المؤمنين أبو بكر البغدادي، ودعوته لاحتلال بلدانهم بنفس الطريقة الهمجية التي حصلت في سورية والعراق.
إن إخفاق الجيش العراقي ذي التدريب الأميركي الضعيف، عدا عن فلول البعث والنظام الاستبدادي السابق من ضباط واستخبارات، إضافة إلى بعض العشائر التي تعاني من التمييز الطائفي، وعدم ترسخ دولة القانون والمؤسسات وارتفاع منسوب الطائفية والعنف الأعمى والفساد المصاحبين لها، أدت إلى انهيار سريع لمحافظات بأكملها، بينما فصائل البيشمركة الكردستانية مدربة ومتمرسة عسكرياً وتنظيمياً منذ حرب «الأنصار» في أواخر السبعينيات وما قبلها وما بعدها في مكافحتها لحكم دكتاتورية حكم البعث في العراق، كما أنها إقليم مستقر ذو مؤسسات وقانون، وهذا ما جعلها تسيطر على مدينة كركوك وتصد عدوان داعش.
إن انهيار العراق سيترك تداعياته علينا وبأسرع مما نتصور، وخاصة أن شعوبنا غير موحدة وطنياً بل مفتتة وبتواطؤ سافر واستقطابات ودعوات طائفية خطرة ظهرت بالعلن، قد تؤدي إلى انهيار لمجتمعاتنا ودولنا، ولن يفيد ترديدنا بأننا محميون باتفاقيات عسكرية مع دول كبرى، إذ قد تكون هذه الدول الكبرى هي العلّة وليست العلاج.
حماية الوطن بوحدة مكوناته وانتمائها ومواطنتها الدستورية، وهذا لن يحدث في ظل النهج القائم المبني على تهميش الشعب والتفرد بالسلطة والقرار، وفي ظل نظام برلماني شكلي ونظام انتخابي غير عادل، بل ندعو إلى قرار جريء يتم من خلاله إصلاح سياسي حقيقي، وتحقيق نظام برلماني كامل وحكومة تحظى بثقة الشعب، وتعزيز دولة القانون وإعادة الاعتبار لمؤسسات المجتمع المدني، وإطلاق الحريات وضرب مراكز الفساد ومنابع الإرهاب ومصادر تمويلها، وقيام أحزاب وطنية على أسس سلمية، فهذا ما يحقق القوة والمنعة لمجتمعنا ودولتنا ويحفظ ثروتنا ويفعّل التنمية التي يكون محورها الإنسان الكويتي.
وليد الرجيب
osbohatw@gmail.com
______________________________
منقول عن جريدة الراي 25/06/2016 العدد:12777

الاستحواذ على الأراضي في القرن الحادي والعشرين: التراكم عبر انتزاع الملكية الزراعية
ترجمة مرزوق النصف، باحث اقتصادي من الكويت، ويتقدم المترجم بالشكر ليوسف الصراف على مساعدته في تدقيق الترجمة.نُشر في مجلة “الثقافة العالمية” العدد 174 يناير- فبراير 2014، صادرة عن “المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب” في الكويت.تأليف فْرَد ماجدوف، أستاذ متقاعد لعلوم النبات والتربة في جامعة فيرمونت، ومشارك مع جون بيلامي فوستر في تأليف كتاب الأزمة المالية العظيمة The Great Financial Crisis (2009)وكتاب ما على كل ناشط بيئي أن يعرفه بشأن الرأسمالية What Every Environmentalist Needs to Know about Capitalism (2011)، وكلاهما منشوران من قِبَل دار منثلي ريفيو Monthly Review Press.تستند هذه المقالة إلى ملاحظات من عرض قُدم في اللقاء السنوي لرابطة علم الاجتماع الزراعي، في مدينة نيويورك في 7 أغسطس- آب 2013.بات الاستحواذ على الأراضي land grabs متداولا باستمرار في الإعلام، سواء كان مصدره شركات متعددة الجنسية وشركات استثمارية خاصة نابعة من المركز الرأسمالي، أو صناديق سيادية في الشرق الأوسط، أو جهات تابعة للدولة كما في الصين والهند.[1] فعلى سبيل المثال استقال السفير الكولومبي لدى الولايات المتحدة في يوليو- تموز 2013 بسبب مشاركته في جهود مشبوهة قانونيا في مساعدة شركة كارجل Cargill الأمريكية في استخدام شركات ورقيةللسيطرة على 130,000 فدان من الأراضي، والتي كان يفترض استخدامها للإنتاج الزراعي، وهناك أيضا أراضٍ يُستحوذ عليها لأغراض أخرى، كالتعدين وشق الطرق وبناء المباني والسدود. وبالمعنى الإنساني فإن الاستحواذ على الأراضي يعني انتزاع الملكية dispossession من أناس وعائلات حقيقية، وعندما يفقد الناس أراضيهم فإنهم يفقدون كذلك مصدر غذائهم ومجتمعاتهم وثقافاتهم.ويجب وضع ما يحدث اليوم في سياق التطور المستمر للرأسمالية، وليس مقصودا أن يكون ما يلي تاريخا للقرون الثلاثة السابقة، إنما أقرب لاستعراض عام وفق الترتيب التاريخي، حيث ستوضح الأمثلة المحددة على انتزاع ملكية الأراضي من الناس الوسائل المتعددة المستخدمة من قِبَل رأس المال (أو رأس المال الناشئ) والذي أدى إلى تدفق مستمر للناس نحو المدن، ولا تمثل الأمثلة المطروحة أدناه سوى عينة صغيرة عن عمليات انتزاع الملكية التي وقعت ولا تزال حول العالم.فقد كان تسليع commodification الأرض، وهي أبسط مورد من الموارد ومصدر الحياة البرية وأساس الحضارة الإنسانية، جوهريا من أجل تطور الرأسمالية، ومنذ الحقبة الأولى للرأسمالية الحديثة وحتى الحاضر كان أساس انتزاع ملكية الأراضي من الناس هو تسليع الطبيعة، عبر شراء الأراضي (أو الحصول عليها بطرق أخرى) وبيعها، والمضاربة عليها، واستخدامها لإنتاج الغذاء للبشر أو الحيوانات أو إنتاج الألياف أو الوقود، وعبر اختيار المحاصيل على أساس الطقس ونوع التربة، وكذلك على أساس أيها يجذب عائدا أكبر.وعندما نناقش هذه الأحداث دعونا نتذكر كلمات أغنية وودي جاثري Woody Guthrie عن الخارج عن القانون بريتي بوي فلويد Pretty Boy Floyd: “بعضهم يسرقك بمسدس وبعضهم بقلم حبر”،[2] فلقد مثّل انتزاع ملكية الأراضي من الناس خلال الثلاثة قرون الماضية طريقا مهما لتراكم رأس المال، أو كما أسماه البعض تراكم رأس المال عبر انتزاع الملكية capital accumulation by dispossession، واستخدمت في ذلك وسائل عدة من ضمنها القوة (أي “المسدس”)، وكذلك الخداع باستخدام قوانين واتفاقيات عدة أو عبر التزوير الصريح (أي “قلم الحبر”)، وتستخدم الوسيلتان معا أحيانا، وفي أحيان أخرى يفقد المزارعون والفلاحون أراضيهم نتيجة العلاقات الاقتصادية الرأسمالية، عادة عبر الفشل في سوق شديد المنافسة، أو عبر عدم القدرة على دفع الإيجارات التي يدفعها المزارعون الأكبر والأغنى.انتزاع الملكية عبر التسييج: التراكم الأولي والثورة الزراعية البريطانيةاحتاج تطور الرأسمالية لتغييرات عديدة في المجتمع الإقطاعي، فوجب تغيير السلوك تجاه المجتمع والمال والالتزامات تجاه الآخرين، ووجب ادخار المال (رأس المال) بدل مجرد إنفاقه عى الاستهلاك كما العادة في ظل الإقطاع، وأخيرا وجب خلق مجموعة من الناس الذين يتم إجبارهم على بيع عملهم من أجل البقاء على قيد الحياة. وكانت نقطة البداية لهذه التغييرات هي الثورة الزراعية في أوروبا، وخاصة بريطانيا، التي مثّلت أرضية التراكم الأولي primary accumulation الذي وُلدت من رحمه الثورة الصناعية.[3]بحلول عام 1700 حدث أمر جديد في الزراعة الإنجليزية، حيث ارتفعت وتيرة الإنتاج، مما خفّض عدد المجاعات، وبحلول عام 1750 صار لدى إنجلترا فائض من الحبوب يكفي لتصدير 13% من المحاصيل،[4] ومع بداية القرن التاسع عشر بات لديها فائض من إنتاج الحبوب يُعتمد عليه.وبدلا من أن يكون الارتفاع الكبير في إنتاج الغذاء والإنتاجية ثمرة حدث واحد خارق فإنه كان حصيلة عدد من العوامل، مثل استخدام نبات البرسيمفي التدوير والقضاء على سنوات إراحة الأرض، وهي ممارسات روجتها “حركة التطوير Improvement Movement”، وأصل كلمة “تطوير Improve” التي نستخدمها الآن بمعنى التحسين يأتي من كلمة emprouwer الأنجلو- فرنسية، وتعني “تحقيق الربح.”[5]وصار ارتفاع الإنتاجية الزراعية وتغير السلوك نحو الأرض، والذي بات مصدرا للدخل الكبير والمستمر لملاك الأراضي، صار الدافع الذي بدأ عملية التطور الطويل والمستمر للرأسمالية الصناعية، حيث وصفت ألين ميكسنس وودز Ellen Meiksins Woods العلاقة المبكرة بين الزراعة وتطور الرأسمالية في بريطانيا كالتالي:من وجهة نظر ملاك الأراضي المطوِّرين والمزارعين الرأسماليين تم تحرير الأرض من أي… عائق أمام استخدامهم المنتِج والمربح للعقار، فقد كان هناك ضغط متنامٍ بين القرنين السادس عشر والثامن عشر لإلغاء الحقوق التقليدية التي تتعارض مع التراكم الرأسمالي، ويمكن أن يعني ذلك أمورا عدة: فقد يعني منازعة الملكية الاجتماعية للأراضي المشاع common lands وادعاء الملكية الخاصة، أو إلغاء عدة حقوق الاستخدام use-rights للأراضي الخاصة، أو تحدي فترات الحيازة التقليدية التي منحت الكثير من صغار ملاك الأراضي حقوق حيازة الأرض لكن دون عقود ملكية واضحة، وكان ضروريا في جميع هذه الحالات استبدال المفاهيم التقليدية عن الملكية بمفاهيم جديدة رأسمالية، أي الملكية ليس فقط كملكية “خاصة” إنما كملكية حصرية أيضا، أي باستبعاد الأفراد الآخرين والمجتمع، وبإلغاء ضوابط القرى وقيودها على استخدام الأرض، وعبر إلغاء حقوق الاستخدام التقليدية، وهلمجرا.[6]ومع تنفيذ التسييج enclosures وانتزاع الملكية وجد منزوعو الملكية عملا في المصانع الصغيرة في المناطق الريفية ولاحقا في المدن، أو هاجروا للمستعمرات في أمريكا الشمالية وأستراليا وأفريقيا، أو أصبحوا مُعدَمين paupers كما سمي المشردون والفقراء آنذاك، ولا يمكن التشديد كفاية على أهمية دور الهجرة الاستعمارية كقناة للتنفيس، فقد هاجر عشرات الملايين إلى خارج أوروبا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.انتزاع الملكية بالقوة: القطن في القرن التاسع عشربنيت أولى المَعامل والمصانع في الثورة الصناعية لغزل القطن ولاحقا نسجه على شكل أقمشة، وكان القطن يُجلب من الهند ولاحقا مصر، لكن سوق القطن توسع كثيرا في منتصف القرن التاسع عشر، وكان جنوب شرق الولايات المتحدة أحد المناطق الكبيرة التي طُوِّرت لخدمة هذا السوق.وانطوى الحصول على الأراضي في مستعمرات القوى الأوروربية (ولاحقا الدول المنبثقة من تلك المستعمرات) بشكل عام على “إزالة” السكان الأصليين ونقلهم لما تسمى “محميات”، و”مناطق قبلية”، و”بانتوستانات bantustans”، وحولت إزالة السكان الأصليين “الأراضي المشاع commons” إلى “أراضٍ مفتوحة” ومتاحة للمستعمرين الأوروبيين، الذين حولوا الأرض إلى ملكية حكومية أو خاصة، وقد وصف وولتر جونسون Walter Johnson العملية من حيث علاقتها بالجنوب الأمريكي والقطن بقوله:مع نهاية ثلاثينات القرن التاسع عشر “أُزيلت” قبائل السيمينول Seminole والكريك Creek وشيكاساو Chickasaw وشوكتاو Choctaw وشيروكي Cherooke جميعها إلى أراضٍ غرب نهر الميسيسيبي، ووفرت أراضيهم المُصادَرة أساسا للقطاع القيادي في الاقتصاد العالمي في النصف الأول من القرن التاسع عشر.وفي ثلاثينات القرن التاسع عشر أُحصيت مئات الملايين من فدادين الأراضي المغنومة وعُرضت للبيع من قبل الولايات المتحدة، وأطلقت هذه الخصخصة الضخمة للفضاء العام أحد أعظم مراحل الازدهار الاقتصادي على مستوى العالم حتى ذلك الحين، وتدفق رأس المال الاستثماري من بريطانيا والقارة الأوروربية والولايات الشمالية نحو سوق الأراضي.[7]وكان القطن، المنتَج من قبل العبيد المنتَزعين من أراضيهم في أفريقيا للعمل في أراضٍ منتَزعة من قبائل الهنود الحمر، كان المادة الخام الأساسية لمَعامل النسيج التي سيطرت على البلدات شمال غرب إنجلترا وأدت إلى نهوض مانشستر وبلدات المَعامل في مقاطعة لانكشير، كانت هذه هي “الحقبة الذهبية” للمَعامل حيث أصبح العمال، الذين كانوا مزارعين، متوفرين للعمل لقاء أجور زهيدة، وقد لخّص جونسون ببلاغة هذه التطورات قائلا: “هكذا تحولت أراضي الهنود الحمر وعَمَلُ الأمريكان من أصل أفريقي والتمويل الأطلسي والصناعة البريطانية إلى هيمنة عرقية وربح وتنمية اقتصادية على مستوى وطني وعالمي.”[8]وقد تعرضت قبائل جنوب شرق الولايات المتحدة، التي أزيحت بالقوة أثناء التكالب على أراضي القطن في ما يعرف اليوم بولاية أوكلاهوما، تعرضت إلى إزاحة جديدة بوسائل عدة، من ضمنها خداع كبير في أعقاب إقرار تشريع داوز (التخصيص العام) Dawes (General Allotment) Act عام 1887،[9] وكان أحد تبريرات التشريع أن الملكية الخاصة ستساعد الهنود الحمر على التأقلم مع المجتمع والاقتصاد الأمريكيين، لكن بدلا من ذلك أنتج خسائر كبيرة في الأراضي المملوكة للهنود الحمر.انتزاع الملكية بالقوة: استعمار أفريقياكانت أكبر المساحات التي انتُزعت ملكيتها في جنوب الصحراء في أفريقيا، في الدول ذات التعداد الكبير للمزارعين المستعمِرين، خصوصا جنوب أفريقيا وناميبيا (جنوب غرب أفريقيا) وزيمبابوي (جنوب روديسيا) وزامبيا (شمال روديسيا)، فعلى سبيل المثال بدءا من أواخر القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين استولى المستعمِرون الأوروربيون على حصة كبيرة من أراضي زيمبابوي الزراعية، بحيث امتلك الأوروبيون نحو ثلث الأراضي الزراعية بحلول الاستقلال الرسمي،[10] واستحوذ المستعمِرون البيض في جنوب أفريقيا على نحو 90% من إجمالي الأراضي بحلول ثلاثينات القرن العشرين، وأخذوا أفضل الأراضي الزراعية، وكانت نحو نصف الأراضي في ناميبيا تحت سيطرة البيض عام 1990.[11]واستمر الاستحواذ على الأراضي في المستعمرات خلال القرن العشرين حتى الاستقلال، وانخرطت شركات أمريكية وبريطانية في بعض هذه العمليات، مثل فايرستون Firestone في سعيها خلف مزارع المطاط في ليبيريا بعد استقلالها الرسمي، وبروك بوند Brooke Bond (المملوكة حاليا من يونيليفر Unilever) لإنتاج الشاي في كينيا، وديل مونتي Del Monte لإنتاج الفواكه في كينيا، وانتُزعت بعض الأراضي مع وصول مزيد من المستعمِرين البيض في دول مثل ملاوي وأنجولا وموزامبيق.انتزاع الملكية اقتصاديا: الزراعة الرأسمالية الاحتكارية في الولايات المتحدةمثّل إنتاج الغذاء، أي الزراعة، خلال معظم القرن العشرين استثمارا سيئا للرأسماليين، بسبب قلة أسعار المحاصيل والحيوانات، وعلى الرغم من إمكانية تحقيق أرباح في بعض القطاعات الزراعية إلا أنها أرباح لا يُعتمد عليها، حيث تكون الأسعار في بعض السنوات مرتفعة والمَزارع تعمل بشكل جيد، بينما قد تقود الأسعار المنخفضة في سنوات أخرى نحو الاستدانة.ولم يكن الجزء الأكبر من المال في النظام الزراعي خلال معظم سنوات القرن العشرين مصدره الأرض والزراعة، إنما الصناعات غير الزراعية، حيث مثّلت العقود الثلاثة أو الأربعة الأخيرة زمنا اشتد فيه التركز واشتدت السيطرة على هذه الصناعات، وهي المُدخَلات (شاملة البذور والأسمدة والمبيدات والآلات) والمُخرَجات (شراء المنتجات الزراعية وتجارتها) وقطاعات المعالجة النهائية في النظام الزراعي العالمي.على مر هذه الفترة شرعت المَزارع الضخمة وبوتيرة متسارعة في إنتاج المزيد من الغذاء، ليس فقط في الولايات المتحدة بل في أماكن مثل أوروبا والبرازيل والصين، فكِبر حجم المَزارع يساعد في زيادة ربحيتها، وعلى الرغم من أن مميزاتاقتصاديات الحجم economies of scale تُستهلك بسرعة بافتراض نمط ثابت من المعدات، فإن المميزات المالية للحجم الكبير تزداد كلما كبُر حجم المَزارع، فكلما كبرت المزرعة كلما حصل المُزارع على شروط أفضل على جميع المشتريات، وحتى الفوائد على القروض تنخفض كلما كبُر القرض، كما أن سعر بيع السلع الزراعية من المَزارع الأكبر عادة ما يكون أغلى، إضافة إلى تمتع المَزارع الأكبر بالقدرة على استغلال عمال المَزارع بشكل مربح أكثر إن دعت الحاجة. ومع استمرار حجم المعدات وقدرتها الإنتاجية على النمو فإنها تؤدي لارتفاع إنتاجية العمال في المَزارع الكبيرة، وبذلك يصبح من الصعب جدا، إن لم يكن مستحيلا، على صغار المزارعين الاستمرار في إنتاج سلع أساسية غير متنوعة، كالقمح والذرة وفول الصويا والقطن… إلخ، ما لم تكن لهم وظيفة “مدينية” توفر للأسرة معظم دخلها، وكان هذا الاتجاه العام نحو انتزاع الملكية لأسباب اقتصادية، مع التهام المَزارع الكبيرة للصغيرة، كان مسؤولا عن خسارة ملايين المزارعين الأمريكان في العقود اللاحقة للكساد العظيم. (من المهم ملاحظة نجاح بعض صغار المزارعين خلال هذه الفترة عبر الزراعة لصالح أسواق متخصصة، أو لصالح المطاعم المحلية، أو عبر البيع مباشرة للعامة عبر أسواق الخضار وعبر بيع حصص موسمية عبر المَزارع المدعومة اجتماعيا Community Supported Agricultural Farms (CSAs).)وقد جعل منتجوا لحوم الدجاج والخنازير ذوي أساليب الإنتاج العمودية المتكاملة وكبيرة الحجم، والذين انتَزعوا ملكيات عشرات الآلاف من المزارعين الأمريكان، أولئك قد جعلوا كلمة “المزرعة الصناعية factory farm” فعلا ذات معنى، فبدلا من العديد من المزارعين المستقلين نشهد الآن “المُزارع” المتعاقد الذي يربي الخنازير والدجاج في منشآت كبيرة للشركة المنتجة، وأصبح هذا الشخص وفقا لريتشارد ليفونتون Richard Lewontin:نموذجا للعامل “بالقطعة putting out” الذي كان من خصائص المراحل الأولى من الإنتاج الرأسمالي في القرنين السابع عشر والثامن عشر، وما جناه المُزارع مقابل التحول إلى عامل في خط إنتاج هو مصدر دخل أكثر استقرارا، و]قد كان[ التحول في موقع المُزارع هو من المنتج المستقل الذي يبيع في سوق بمشترين عدة إلى بروليتاري فاقد للاختيارات.[12]انتزاع الملكية اقتصاديا: اتفاقات التجارة النيوليبراليةفُرضت شروط شاقة على مزارعي الدول التي وقعت على اتفاقات طوعا (المكسيك واتفاق التجارة الحرة لأمريكا الشمالية North American Free Trade Agreement, NAFTA) أو أُجبرت على قبول “الإصلاحات الهيكيلية Structural Adjustments” لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي (جامايكا وهايتي)، وذلك كجزء من سعي رأس المال لفتح دول الجنوب لتسهيل الاستغلال.خفضت هذه الاتفاقات الجمارك على الأغذية المستوردة، وكانت النتيجة عدم قدرة الملايين من صغار مزارعي الذرة في المكسيك وتقريبا جميع مزارعي جامايكا ومعظم مزارعي الرز في هايتي على المنافسة مع الأسعار المتدنية للأغذية المستوردة، حتى توقفوا عن الزراعة، وقد وُصف التدمير شبه الكامل للزراعة الجمايكية في الفلم الوثائقي الحياة والديْن Life and Debt عام 2001.[13]وفي عام 1994 فرض بيل كلينتون Bill Clinton على هايتي قبول برنامج الإصلاحات الهيكلية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي مقابل السماح بعودة الرئيس المخلوع جون- بيرتراند أريستيد Jean-Bertrand Aristide للرئاسة، وعام 2010 عبّر كلينتون، الذي بات مبعوث الأمم المتحدة الخاص لهايتي للمساعدة في التعافي من الزلزال، عبّر عن ندمه على ما قام به، فقال للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي: “لربما كان ذلك مفيدا لبعض مُزارعيَّ في أركنسا، لكنه لم ينجح، لقد كان خطأ… واضطررت للعيش يوميا مع نتائج فقدان القدرة على إنتاج غلة من الرز في هايتي لإطعام الناس، وكل ذلك تسببت به أنا دون غيري.”[14]ونشرت صحيفة النيويورك تايمز New York Times مؤخرا تقريرا عن المشاكل التي تعاني منها جامايكا وهايتي ودول كاريبية أخرى جراء التكاليف العالية لاستيراد القدر الأكبر من غذائهم: “منذ عام 1991 حتى عام 2001 ارتفع إجمالي واردات جامايكا من الغذاء والمشروبات مرتين ونصف، لتبلغ 503 مليون دولار قبل التضاعف بعد ذلك، وتوافق قدر كبير من النمو الأولي مع الفوائض الزراعية حول العالم وتغيُّر الأذواق… وقلص الكثير من مزارعي البلد البالغ عددهم 200,000 إنتاجهم في التسعينات وأوائل القرن الحادي والعشرين بسبب صعوبة المنافسة،”[15] ويصف التقرير بعض الإجراءات التي تقوم بها جامايكا وهايتي لاستعادة إنتاجهما الغذائي، لكن لا ذكر على الإطلاق لسبب هذه الكارثة.الاستحواذ على الأراضي في القرن الحادي والعشرين: التراكم عبر انتزاع الملكية الزراعيةلقد ساهمت عدة عوامل في موجة الاستحواذ على الأراضي في القرن الحادي والعشرين، وتشمل:اتفاقات تجارة دولية جديدة تميل لمصالح رأس المال المعولم (منظمة التجارة العالمية WTO، اتفاق التجارة الحرة لأمريكا الشمالية NAFTA، إلخ).فتح دول العالم الجنوبية للاستثمار الأجنبي المباشر.[16]تزايد هيمنة التمويل financialization على مستوى عالمي والمضاربة المتركزتين في الدول الغنية.ارتفاع أسعار السلع الغذائية مع ازدياد مواسم الجفاف والفياضانات التي تخفض الغذاء المنتَج في منطقة ما، مما يضر بشكل خاص تلك الدول التي تحتاج لاستيراد كميات كبيرة من الغذاء، حيث أدت أزمة الغذاء العالمية عام 2008 وما بعدها لإخافة الدول المستوردة للغذاء. الرغبة الأمريكية والأوروبية في الحصول على ما يسمى وقود حيوي “أخضر” كبديل عن الوقود المسال التقليدي، مما ينعش سوق الذرة (لصناعة الإثانول) وفول الصويا وزيت النخيل (لصناعة الديزل الحيوي).استنفاد مخزونات المياه الجوفية في طبقات المناطق الزراعية المهمة، مع ضخ المياه بوتيرة تفوق وتيرة ما يعوضه المطر.وأدت هذه العوامل، جنبا إلى جنب مع عدم استقرار حيازات الفلاحين في كثير من الدول وانتشار الفساد، أدت إلى حركة سريعة وكبيرة لرأس المال الأجنبي للسيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي، خاصة في أفريقيا وجنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية، إما عبر الشراء المباشر أو بالإيجار طويل الأمد وإزاحة الفلاحين من الأرض، إضافة إلى ذلك ففي بعض الدول مثل كولومبيا والبرازيل يستثمر رأس المال المحلي بكثرة في شراء الأراضي وتطوير مشاريع زراعية كبيرة.وما حدث خلال العقد الماضي، خصوصا منذ أزمة الغذاء العالمية عام 2008، يختلف بشكل واضح في كثير من الجوانب عن الحقب الأولى لانتزاع الملكية، حيث تحدث العملية الآن أسرع وبوقت متزامن في عدة دول، معظمها دول في جنوب العالم، فتوجد اليوم صناديق سيادية لدول مثل السعودية والإمارات والصين تفتقد أراضٍ كافية أو مصادر مياه يُعتمد عليها لزراعة غذاء يكفي لإطعام سكانها، ولا يريدون الاستناد إلى نتائج “السوق الحر” لتوفير حاجاتهم من الواردات، فقد أوضحت الأسعار المرتفعة في عام 2008 إمكانية وجود مشكلات مستقبلية في الحصول على الغذاء المطلوب من السوق العالمي. إضافة إلى ذلك يعتقد مستثمرو رؤوس الأموال، خصوصا من أوروبا والولايات المتحدة، أن بإمكانهم التربح عبر زراعة الغذاء أو الوقود الحيوي أو الانخراط في أنواع أخرى من المشاريع الزراعية في السوق العالمي، وعامل جانبي آخر هو شراء الأفراد الأغنياء ومنظمات حماية الطبيعة من دول الشمال لأراضٍ كبيرة في دول الجنوب لـ “حمايتها”، لكن ذلك يتم على حساب فقدان السكان المحليين للأرض أو تقييد استخدامهم لها.وقد شرحت شركة أبحاث واستثمار تنتج تقارير للعملاء ومقرها بريطانيا، وهي شركة هاردمان وشركاه Hardman & Co.، شرحت سبب كون الأرض والمنتجات الزراعية استثمارت مثيرة بالقول:لقد باتت تسمى انتزاع الأراضي الجديد، والتكالب على الذهب الزراعي، وهي حكاية معروفة تتعلق بتسونامي صغير من أموال ساخنة تطارد فئة من الأصول التي صارت فجأة جذابة… مؤدية إلى اندفاع نحو الزراعة من قِبَل صناديق التحوّط ومديري محافظ الأسهم… وهو الاكتشاف الأخير لسلعة لا تزال لها قيمة. لكننا نعتقد بوجود قدر إضافي ومعتبر من الزخم خلف هذه الموجة، فهي ليست مجرد حكاية استثمارية، بل إن إعادة اكتشاف أهمية الأصول الزراعية يكشف القضايا الحقيقية التي تواجه البشرية من حيث الأمن الغذائي في زمن النمو السكاني الكبير وازدياد الرخاء والتمدين والتغير المناخي… وتثبت الأراضي الزراعية أنها فئة استثمارية قوية بذاتها، ونعتقد بشكل متزايد أن انتباه المستثمرين سيتركز على الخبرات الضرورية في العلم والمعدات والإدارة، والتي يمكن أن تجعل الأرض تنتج ما لا يمكن للبشرية أن تعيش دونه، أي الغذاء.[17]وتعج المنطقة بمجملها بالمضارابات الممولة من قبل الثروات العابرة للحدود في حقبة هيمنة القطاع المالي، حيث يقول مايكل بوري Michael Burry وهو شخصية مهمة ورئيس صندوق تحوط (قصته محكية في كتاب مايكل لويس Michael Lewis بعنوان The Big Short: Inside the Doomsday Machine): “ستكون الأرض الزراعية المنتِجة والتي تحوي مصادر مياه، ثمينة للغاية في المستقبل، وقد استثمرْت قدرا كبيرا من المال في ذلك.” وليست مثل هذه الاستثمارات المضاربية موجهة بالضرورة للإنتاج الآني، بل إنها توفر مواقع لعدة شركات وصناديق استثمارية للارتباط بموارد المياه والأرض والمعادن والموارد الهيدروكربونية،[18] وفي الواقع بما أن إنتاج الغذاء يتطلب الكثير من المياه فإن “الاستحواذ على الأراضي” في جنوب العالم متعلق بالمياه بقدر ما هو متعلق بالأرض نفسها.[19]تسمى أفريقيا أحيانا، المستهدفة في كثير من عمليات الاستحواذ على الأراضي، بـ “تخوم الأراضي الزراعية the last agricultural frontier” بسبب المساحات الشاسعة “غير المستغَلة” أو غير المستنفَذة، وبسبب انخفاض المحاصيل الزراعية التي ينتجها فلاحوها، وحجم القارة أكبر مما يتصور الكثيرون، فهي أكبر من مجموع مساحة الولايات المتحدة والصين والهند واليابان وأوروبا القارية (شاملة غربها وشرقها) والمملكة المتحدة، موفرة بذلك مساحة شاسعة تسمح بنمو امبريالية جديدة للاستحواذ على الأراضي، إضافة إلى ذلك فإن 10% فقط من الأراضي لها صكوك ملكية قانونية، ففي كينيا وجنوب أفريقيا وناميبيا وزيمبابوي فقط توجد أراضٍ كبيرة مملوكة ملكية خاصة، وهي أراضٍ مملوكة في الماضي، وفي كثير من الأحيان في الحاضر، من قِبَل المستعمِرين البيض والمتحدرين منهم، وتعتبر معظم أراضي أفريقيا أراضٍ مملوكة للدولة، وعند الاعتراف بالحقوق التقليدية فإنها عادة ما تشمل المنازل ومحيطها المباشر فقط.ومن الصعب الحصول على أرقام دقيقة حول حجم الأراضي في جنوب العالم والخاضعة لسيطرة رأس المال الخاص الأجنبي والمحلي والصناديق السيادية الأجنبية، فأحيانا لا تُستكمل المشاريع التي يُعلن عنها وفي كثير من الأحيان تكون الأراضي المستخدمة أقل من الحد الأعلى المتفق عليه، لكن اعتبارا من مايو-أيار 2012 تقدَّر الأراضي الزراعية في العالم والتي أُخضعت للسيطرة الأجنبية بما بين 32 إلى 82 مليون هكتار (ما بين نحو 80 إلى 200 مليون فدان)، مع ازدياد مستمر في الحجم.[20] وأكثر التقديرات شمولا عن الاستحواذ على الأراضي هي تلك المتوفرة من لاند ميتركس Land Matrix، والتي توفر بيانات على مستوى الدولة حول الأراضي المستملَكة لصالح مصادر أجنبية والتي تؤثر على المجتمعات المحلية والمحاصيل المزروعة وعلى الدولة “المستحوِذة”،[21] ووفقا لهذه البيانات تقع أكثر الدول تأثرا بالاستحواذ على الأراضي في أفريقيا وجنوب شرق آسيا (انظر الجدول 1)، وتضم قائمة أكبر 10 دول مستثمِرة، إلى جانب الدول المعروفة، ماليزيا وجنوب السودان اللتان أنفسهما تمثلان أهدافا للاستحواذ على الأراضي،[22] لكن عادة ما يساعد أو يهيمن رأس المال من الشمال على تلك العمليات، فعلى سبيل المثال يشمل مشروع سايم داربي Sime Darby لزراعة زيت النخيل في ليبيريا رؤوس أموال من المملكة المتحدة وفنلندا وهولندا.الجدول 1. أكثر عشر دول مستهدَفة بالاستحواذ على الأراضي وأكثر عشر استثمارا في الاستحواذ على الأراضي
بقلم: د. بدر الديحاني
كلما ضاقت قاعدة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرارات العامة، أي كلما ازداد احتكار السلطة والثروة ارتفع معدل الفساد السياسي، وكبر حجم الفضائح السياسية، وازداد بالتالي عدم الاستقرار الاجتماعي- السياسي، والعكس صحيح وذلك لسببين: أولهما غياب المساءلة السياسية التي تحدّ من تنامي الفساد السياسي وتقضي عليه في مراحله الأولى، وثانيهما أن الصراع السياسي في هذه الحالة يكون في دائرة صغيرة وضيقة للغاية، أي بين كبار المتنفذين الذين غالبا ما ينظرون إلى الدولة وكأنها شركة مقفلة يتسابقون في احتكار ملكيتها، وبالتالي السيطرة على ثرواتها وخيراتها.
من هذا المنطلق فإن توسيع قاعدة المشاركة الشعبية في إدارة شؤون الدولة والمجتمع يؤدي، مثلما هي الحال في الدول الديمقراطية الحقيقية، إلى الاستقرار الاجتماعي-السياسي؛ لأن الجميع يتحمل مسؤولية مشتركة عن نتائج السياسات العامة، فالقرارات تُتخذ من قِبل الأغلبية مع حفظ حقوق الأقلية، ومن ضمنها حق الاعتراض بالوسائل السلمية، لهذا يضعف الشعور بالظلم الاجتماعي والإقصاء والتهميش السياسيين.
ومن المؤسف أن قاعدة المشاركة الشعبية في إدارة الدولة قد تراجعت كثيراً بعد مرسوم الضرورة المتعلق بقانون الانتخاب "الصوت الواحد"، كما خفت صوت منظمات المجتمع المدني التي تحد من السلطة المطلقة؛ لذلك ازداد احتكار السلطة والثروة معاً، وازدادت معه شبهات الفساد السياسي، والدليل على ذلك هو الاتهامات التي تحمل أبعاداً سياسية خطيرة (تتعلق بارتكاب جرائم أمن دولة وجرائم غسل الأموال والتخابر مع دولة أجنبية وجرائم التعامل مع إسرائيل)، والتي وجهها نائب رئيس مجلس الوزراء سابقاً إلى كل من رئيس الوزراء السابق والرئيس الأسبق لمجلس الأمة، حيث إن المُدّعي والمُدّعى عليهما من كبار المسؤولين السابقين وكبار المتنفذين أيضاًَ، وتقول الإشاعات الكثيرة المتداولة إن قائمة المتهمين طويلة تشمل أكثر من مئة شخصية تتراوح بين شخصيات سياسية كبيرة وكبار المسؤولين التنفيذيين الذين لهم سابقا أو حاليا علاقة مباشرة بطريقة أو بأخرى بدائرة اتخاذ القرار السياسي.
ومع أن المؤشرات الأولية تشي بأننا أمام فضائح سياسية كبيرة من المتوقع أن يتكشف تباعاً المزيد من تفاصيلها الصادمة، والناس تنتظر قرارات جريئة وسريعة تعيد لها ثقتها بمؤسسات الدولة وسلطاتها العامة، إلا أن المعالجات المطروحة من قِبل السُلطة حتى الآن لا تتعدى المعالجات التقليدية التي لا تتناسب إطلاقاً مع طبيعة الاتهامات وحجمها والمعنيين بالقضية، حيث إنها تحصرها، كما جرت العادة، في الشق الجنائي الذي يعاني قصوراً واضحاً سبق أن أثارته النيابة العامة أثناء نظر فضيحة الإيداعات والتحويلات المليونية، مع الإهمال الكامل للشق السياسي، سواء بتحمل الحكومة المهيمنة دستورياً على مصالح الدولة لمسؤولياتها السياسية، خصوصاً أن اتهامات الفساد السياسي تطول مؤسسات الدولة وسلطاتها العامة، أو- وهو الأكثر أهمية- البدء بمعالجة الأسباب الجذرية التي أدت إلى التراجع الديمقراطي، وتضييق قاعدة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرارات العامة واستشراء الفساد السياسي!
_______________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 23\06\2014

تصريح صحفي صادر عن المكتب التنفيذي للتيار التقدمي الكويتي حول الملاحقات الأمنية والقضائية للناشطين السياسيين
لقد كانت الملاحقات الأمنية والقضائية للناشطين السياسيين ولا تزال وسيلة سلطوية لكسر عزائم الناشطين في صفوف الحراك الشعبي الكويتي وأصبحت إحدى أساليب العقاب على مواقفهم، وحان الوقت للتصدي لهذه الوسيلة وهذا الأسلوب من مختلف القوى السياسية المعارضة والتجمعات الشبابية والناشطين من الشباب المستقلين.ومن هنا فنحن نؤيد دعوة الملاحقين أمنياً وقضائياً لحضور اجتماع دعت له مجموعة من شباب الحراك الشعبي يوم الإثنين القادم في مقر مظلة العمل الكويتي (معك).
وفي هذا السياق فقد علمنا بالاستدعاء الذي وجهته إدارة المباحث الجنائية لأمين عام حركة العمل الشعبي (حشد) الأخ مسلم البراك، ونؤيد تماماً موقفه من هذا الاستدعاء والذي بني على رأي قانوني معتبر وعلى موقف سياسي سليم.
عاشت قوى الحراك الشعبي الكويتي المعارض، وعاش وطننا حراً وشعبنا سعيداً.
المكتب التنفيذي للتيار التقدمي الكويتي٢١ يونيو ٢٠١٤م

الأزمة في الاقتصاد الحقيقي: أربع مقاربات ماركسية لأزمة عام 2008 الاقتصادية العالمية
مقدمةيستعرض هذا البحث بعض المقاربات الماركسية التي تفسر أزمة عام 2008 الاقتصادية العالمية، وتحديدا تلك التي تركز على قطاعات الاقتصاد الحقيقي، ويحصرها البحث في أربع مقاربات، أولها مقاربة الاقتصادي الأمريكي ديفيد كوتز المستندة إلى دور فائض الاستثمار في الاقتصاد الحقيقي الناتج عن الفقاعة المالية، وثانيها مقاربة الاقتصاديين الفرنسيين جيرار دومينيل ودومينيك ليفي التي تفسر الأزمة بكونها أزمة عامة للنيوليبرالية، وثالثها مقاربة المؤرخ الأمريكي روبرت برينر القائمة على فائض الاستثمار الناتج عن احتدام المنافسة، وأما آخر مقاربة فتخص عالم الاجتماع الأمريكي جون بيلامي فوستر وتستند إلى دور رأس المال العالمي المالي – الاحتكاري كسبب لأزمة عام 2008 الاقتصادية العالمية.وسيتم استعراض المقاربات الأربع كل على حدة، ثم تتم مقارنتها وفق ثلاثة محاور، أولا دور القرارات الاستثمارية وتكوّن الفقاعات المالية، وثانيا الدور الذي يلعبه عامل المنافسة، وثالثا دور الصراع الطبقي، وعلى ضوء هذه المقارنة يختبر البحث إمكانية التوفيق بين هذه المقاربات الأربع، لكن النتيجة تكون صعوبة إيجاد مثل هذا التوفيق بين المقاربات الأربع، والسبب الرئيس في ذلك هو الاختلاف الكبير حول دور عامل المنافسة في مقاربتي برينر وفوستر، وعلى الرغم من ذلك فإن هناك اتفاقا على أهمية القرارات الاستثمارية وتكوّن الفقاعات المالية في خلق الأزمة، كما أن هناك اتفاقا على أهمية دور الصراع الطبقي في الدفع باتجاه أحداث معينة هي التي أدت لأزمة عام 2008 الاقتصادية العالمية. مقاربة البحثوقبل الشروع في التفاصيل من المهم ذكر بعض الملاحظات، أولها أن هذا البحث يقدم عرضا لبعض المقاربات النظرية ومقارنة بينها، مع الإشارة أحيانا لبعض جوانب اللبس وغياب الاتساق بين عناصر المقاربة الواحدة، لكن البحث لا يهدف لتقديم نقد محكم لكل منها على حدة، فيقوم مبدأ هذ البحث على القبول العام لهذه المقاربات كخيار نظري ضمن خيارات عديدة. وثانيا فإن هذا البحث يعي تعارض المصالح بين الفئات الاجتماعية المختلفة في المجتمع، وهو ما تصيغه الماركسية عادة بلغة الصراع الطبقي، وهذا الوعي بالصراع الطبقي مفيد لأنه يساعد في التمييز بين النظريات الناشئة من التراث الماركسي([2]) من جهة، وما عداها من نظريات نيوكلاسيكية أو كينزية أو غيرها. بالإضافة لخاصية الوعي بالصراع الطبقي فإن لهذا البحث خاصية ثالثة مهمة، وهي التركيز على قطاعات الاقتصاد الحقيقي([3]) وليس القطاع المالي، ولهذا التركيز مبرران على الأقل من الناحية الماركسية، أولهما يتعلق بقضية التناقضات الجذرية في الرأسمالية، والآخر متعلق بنظرية القيمة الماركسية والقائمة على العمل.فمن حيث قضية التناقضات الجذرية في الرأسمالية، فإنها تقود الماركسيين للتركيز على قطاعات الاقتصاد الحقيقي في الاقتصاد لأنهم يريدون أن يثبتوا أن أزمة عام 2008 الاقتصادية العالمية لم يكن سببها فقط النظام المالي في الولايات المتحدة أو حتى العالم، والذي قد تكون قوانين حركته منفصلة عن قطاعات الاقتصاد الحقيقي بدرجة كبيرة، بل على العكس يريدون الزعم بأن النظام المالي الهش الذي تشكل في الثلاثين عاما السابقة على الأزمة كان بسبب الأوضاع التي عاشها الاقتصاد الحقيقي في تلك الفترة، وهذا لا يعني أن الماركسيين يزعمون أن القطاع المالي مرأة للاقتصاد الحقيقي، من حيث هي رؤية شبيهة بالرؤية التبسيطية للعلاقة بين البنية التحتية والفوقية في المجتمع، لكن مجمل قولهم أنه لا يمكن فهم حركة القطاع المالي دون فهم حركة الاقتصاد الحقيقي، بحيث يكون الاستنتاج أن الأزمة أزمة اقتصادية وليست مالية فحسب، وهذا على العكس مثلا من مقاربات أخرى لا تأتي من التراث الماركسي، مثل مقاربة الاقتصادي الأمريكي هايمن مينسكي والتي تقوم على تفسير أزمة عام 2008 بالتركيز على العلاقات الداخلية في القطاع المالي دون موقع مركزي للاقتصاد الحقيقي([4]).أما فيما يخص نظرية القيمة الماركسية، فإنها تدفع باتجاه التركيز على قطاعات الاقتصاد الحقيقي لأنها تقوم على الزعم الماركسي التقليدي بأن مصدر قيمة السلع في الرأسمالية هو العمل المنتج المبذول في إنتاج السلع التي يتم بيعها، ومن غير الواضح في هذه النظرية ما إذا كان القطاع المالي قطاعا يُبذل فيه عمل منتج([5])، فمثلا بعض المنتجات المالية مثل الأوراق المالية المدعومة بالأصول asset backed securities والمشتقات derivatives افتُضح الجوهر الفارغ لكثير منها خلال الأزمة، فتبدو هذه المنتجات إعادة تدوير لسلع سبق إنتاجها في الاقتصاد الحقيقي، ويبدو القطاع المالي غير منتج من هذه الزاوية على الأقل، بل إن بعض الدوافع لاستخدام مفهوم “الاقتصاد الحقيقي” أصلا تتعلق بمحاولة تمييز القطاع المالي عن جميع القطاعات الأخرى في الاقتصاد، على أي حال فإن الفكرة الأساسية هنا هي أن نظرية القيمة الماركسية تقود للقناعة بأنه لا يمكن فهم حركة الرأسمالية بشكل جيد دون فهم عملية إنتاج القيمة، وبما أن القطاع المالي يبدو غير منتج للقيمة فإن تحليله حصريا لا يقدم تفسيرا كافيا لتطور الرأسمالية، وهذا لا يعني أن القطاع المالي غير مهم بالنسبة للماركسية، وهو ما يشرحه كروتي([6]).أولعل أهم ما يميز هذا البحث عن غيره من الاستعراضات القيّمة للمقاربات الماركسية لأزمة عام 2008 هو التركيز على قطاعات الاقتصاد الحقيقي، فيأخذ أورهانغازي([7])مثلا على عاتقه استعراض العلاقة بين القطاع المالي والاقتصاد الحقيقي على نطاق جميع النظريات غير الأرثوذوكسية Heterodox وليس الماركسية فقط([8])، أما باسو وفاسودوفان([9])فيستخدمان المقاربات الماركسية المختلفة كأساس للاختبار البياني للمقاييس المختلفة لمعدل الربح في الاقتصاد الأمريكي، كذلك يقدم دومينيل وليفي([10]) مقارنة بيانية بين مقاربات ماركسية مختلفة للأزمة، وتمثل جميع هذه الأبحاث مساهمات مهمة في فهم الاختلافات بين المقاربات الماركسية وغيرها من المقاربات غير الأرثوذوكسية، وقد استفاد منها هذا البحث، لكن الهدف هنا أكثر تواضعا ويتلخص في دراسة أربع مقاربات، وليس جميعا المقاربات، والماركسية منها فقط، مع التركيز على الاقتصاد الحقيقي، وذلك من ناحية نظرية وليست بيانية.ومن المهم الإشارة إلى مقاربات ماركسية مهمة لا يتم التطرق لها في هذا البحث لأنها لا تقع ضمن نطاقه، وهذه تشمل مقاربة لابافيستاس([11]) التي ترى أن عملية اختراق القطاع المالي للاقتصاد ككل وهيمنته عليه financialization أدت لفصل العلاقة السببية المباشرة بين الاقتصاد الحقيقي والقطاع المالي، وأن الأخير قد بات أكثر استقلالا عن ذي قبل، ويقدّر هذا البحث أن مثل هذه المقاربات خارجة عن نطاقه المرتكز على الاقتصاد الحقيقي، وهذا لا يعني طبعا أن تلك المقاربة خاطئة. من جهة أخرى فإن شيخ([12]) يقدم مقاربة للأزمة تركز على الدور المحدد لانخفاض معدل الربح على مستوى المؤسسات في خلق الأزمة، مع تركيز على دور معدل الفائدة في عملية التراكم، لكنه لا يقدم تفسيرا متكاملا للأزمة كما المقاربات المشمولة في هذا البحث، ومثلها مقاربة وولف([13]) التي لا تقدم تفسيرا متكاملا للأزمة بقدر ما تصيغ خطابا ماركسيا للعامة حول أسباب الأزمة. وتبقى أخيرا بعض المقاربات التي صدرت مؤخرا أو لا تزال في طور الإصدار، ولم يتم ضمها هنا بسبب تأخر صدورها مقارنة مع تاريخ الكتابة هنا.وبعد هذه الملاحظات العامة حول نطاق البحث ومقاربته، صار من المناسب الولوج في المقاربات الأربع موضوع البحث.فائض الاستثمار الناتج عن الفقاعة[14]يمكن القول أن مقاربة فائض الاستثمار لصاحبها الاقتصادي الأمريكي ديفيد كوتز هي أكثر المقاربات ارتباطا مباشرا بقطاعات الاقتصاد الحقيقي في أزمة عام 2008، حيث أنها صيغت تحديدا لتفسير تلك الأزمة، ويمكن تلخيص المقاربة كالتالي بالاقتباس من صاحبها: “فائض الاستثمار هي نزعة نحو الأزمة مفادها إنتاج كمية فائضة من رأس المال قياسا على الطلب في الاقتصاد ككل، مما يؤدي لانخفاض معدل استخدام الطاقة الإنتاجية capacity utilization مما يخفض بدوره معدل الربح”([15])، وعلى أرض الواقع فإن هذه النزعة نحو الأزمة لا تتحقق إلا عندما يظهر الانخفاض في معدل استخدام الطاقة الإنتاجية في السوق ويتشكل توقع باستمرار هذا الانخفاض، فذلك ما يجذب معدل الربح نحو الانخفاض، وبالتالي يسبب أزمة في الاقتصاد الحقيقي، وإحدى ركائز هذه النزعة نحو الأزمة هي حقيقة وجود كمية كبيرة نسبيا من رأس المال في الاقتصاد على هيئة رأس مال ثابت fixed capital (مبان مثلا) يظل في تلك الهيئة لعدة دورات من الإنتاج، من هنا يمكن لفائض الاستثمار في رأس المال الثابت أن يسبب أزمة وليس مجرد عثرة اقتصادية بسيطة، فما إن يتم الاستثمار في رأس المال الثابت حتى يصبح التراجع عن الاستثمار مكلفا جدا، بل قد تكون تكلفة التراجع عن الاستثمار أعلى من قدرة الشركات على التحمل، وعادة ما يتركز رأس المال الثابت هذا في قطاعات مثل البناء والصناعة، لهذا يتركز فيهما خطر فائض الاستثمار.أما الآلية التي تدفع الشركات نحو النزوع باتجاه أزمة فائض الاستثمار على الرغم من عواقبها السيئة عليها فإنها آلية الفقاعات، وتحديدا الفقاعات الكبيرة في الأصول، مثل فقاعة العقار التي تسببت في أزمة عام 2008، ولربط عملية فائض الاستثمار مع آلية الفقاعات يقوم كوتز بالإشارة لثلاث خصائص للنيوليبرالية أو الليبرالية الجديدة)[16](، أولها ازدياد الفجوة بين الأرباح والأجور التي تنعكس على شكل فجوة بين مداخيل الأسر المعتاشة على الدخل من الأرباح مقابل الأسر المعتاشة على الأجور، والخاصية الثانية للنيوليبرالية هي تشكل قطاع مالي ينزع نحو المضاربة والاستثمارات الخطرة، وثالثا – وهي الخاصية ذات الارتباط المباشر والأكبر بهذه المقاربة – هي تكوّن سلسلة من الفقاعات الكبيرة في الأصول([17]).وفي الاقتصاد الأمريكي تحققت هذه الخصائص الثلاث للنيوليبرالية كالتالي: اتساع الفجوة في اقتسام الدخل الوطني لصالح الأرباح على حساب الأجور أدى للجوء الأسر الفقيرة للاستدانة لتمويل إنفاقها والتعويض عن أجورها غير المتزايدة بل والمتناقصة أحيانا، وإنفاق الأسر هذا المبني على الاستدانة يتحول في الاقتصاد إلى طلب، والطلب المتزايد يدفع الشركات نحو الاستثمار لتلبية هذا الطلب، وجزء من الاستثمار يكون من نصيب رأس المال الثابت، وهنا نشير لنقطة مهمة وهي أن سلوك الشركات ليس مدفوعا بمستوى الطلب الحالي فقط إنما بتوقعاته لمستوى الطلب في المستقبل، بل لعل توقعات المستقبل أهم من مستوى الطلب الحالي في كثير من الأحيان، لكن من خصائص الفقاعات أنها تخلق توقعات وهمية حول مستويات مرتفعة من الطلب، وبالتالي تبادر الشركات بنفسها للاستثمار الكبير والذي يذهب جزء منه لرأس المال الثابت كما ذكرنا، وتحديدا قطاع العقار في الحالة الأمريكية، مما يدفع معدل استخدام الطاقة الإنتاجية نحو الارتفاع، مما يعني قرب قطاع ما من مرحلة التشبع، لكن عندما تنفجر الفقاعة وتكتشف الشركات أن الطلب الذي بنت عليه استثماراتها كان طلبا وهميا، حينذاك يفقد معدل اسنخدام الطاقة الإنتاجية الارتفاع الوهمي السابق، مما يعني انكشاف وجود فائض من الاستثمارات التي لا وظيفة إنتاجية لها بعد الآن، مما يخفض معل الربح ويخفض من معدل الاستثمار ككل في الاقتصاد، هذه الوصفة قد تتخذ هيئة “كساد طويل الأمد يصيب رغبة الشركات في الاستثمار”، مما “يجعل هذه النزعة نحو الأزمة تنتج أزمات طويلة الأمد في الاقتصاد الحقيقي”([18]). إن مقاربة كوتز تنتج تفسيرا لكيفية ربط الفقاعات المالية بالاقتصاد الحقيقي بحيث أن انفجار الفقاعة لا ينتج فقط صدمة مؤقتة للاقتصاد بل يمكن أن ينتج شللا ممتدا في الاقتصاد الحقيقي.ومن حيث ارتباط هذه المقاربة بالمحاور الثلاثة للمقارنة، أي دور القرارات الاستثمارية وتكوّن الفقاعات المالية، والدور الذي يلعبه عامل المنافسة، ودور الصراع الطبقي، فإن مقاربة كوتز تبدو مرتكزة بشكل أساسي على المحور الأول، أي دور القرارات الاستثمارية وتكوّن الفقاعات المالية، فهذا المحور أساسي في مقاربة كوتز لأن سبب فائض الاستثمار في رأس المال الثابت هو تحديدا القرارت الاستثمارية التي تتخذها الشركات في ظل الفقاعة، بل إن ما يميز مقاربة كوتز عن مقاربة برينر مثلا المستعرضة أدناه هو تركيز الأولى على الدور المركزي للفقاعة في خلق الظروف المواتية للأزمة، ومن المهم هنا الإشارة إلى أن سبب تشكل فائض الاستثمار ليس القرارات الغبية أو الساذجة للشركات، بل على العكس، إن تلك القرارات يمكن أن تبدو منطقية جدا في ظل خليط من وجود فقاعة مع عدم القدرة على التنبؤ بالمستقبل، أي عدم القدرة على التيقن ماذا كان الطلب المشهود حاليا حقيقيا أو وهميا وعدم القدرة على التيقن من توقيت هذا الكشف.أما بالنسبة لمحور المقارنة المتعلق بدور عامل المنافسة، فإنه مرتبط بعامل أقل بروزا في الرأسمالية، حيث يقول كوتز: “تفتقد الرأسمالية لآلية تقود عملية خلق القدرات الإنتاجية في الاقتصاد ككل بشكل متناسق مع نمو الطلب”، فيمكن الزعم أن فائض الاستثمار “مصدره خاصية أساسية في الرأسمالية وهي كونها ]نظام إنتاج[ فوضويا”([19])، ففي هذا الإطار لا تعني “المنافسة” أكثر الآليات كفاءة في إدارة الموارد الاقتصادية كما تزعم نظريات السوق النيوكلاسيكية الأرثوذوكسية، بل هي كما تبدو رأي العين في الواقع أقرب للفوضى بين عدد من الأفراد أو الشركات لديهم رأس مال يريدون استثماره في آن واحد، ولتحقيق هدف واحد هو الربح، لكن دون رغبة في تنسيق عملية الاستثمار لتحقيق مصلحة الجميع، من هنا من المهم الانتباه إلى أن مقاربة كوتز بشأن أزمة فائض الإنتاج والفقاعة قد لا تنطبق على الأشكال غير النيوليبرالية من الرأسمالية، مثل الرأسمالية المقيدة في حقبة خمسينات القرن العشرين في المعسكر الرأسمالي أو الرأسمالية شبه الاحتكارية oligopolistic لأنها لا تبدي نزعة نحو الفقاعات كالرأسمالية النيوليبرالية.وبخصوص المحور الثالث والأخير للمقارنة المتعلق بدور الصراع الطبقي فلعله المحور الأقل فاعليةفي مقاربة كوتز، فهو بالتأكيد مهم في فهم نشوء الحقبة النيوليبرالية من الرأسمالية في السبعينات، لكن الصراع الطبقي ليس متغيرا أساسيا في معادلة فائض الاستثمار والفقاعة، فمثلا يتم تفسير الفجوة المتسعة بين الأرباح والأجور كنتيجة لنجاح الطبقة الرأسمالية في صراعها الطبقي ضد الطبقة العاملة، ونتيجة الصراع هذه هي التي تدفع الطبقة العاملة نحو الاستدانة، والتي تخلق بدورها الطلب الوهمي الذي يؤدي للفقاعة، أي أن الصراع الطبقي يحتل موقعا في خلفية المقاربة لا صدارتها، على العكس من مقاربة دومينيل وليفي التي ننتقل لها الآن. أزمة النيوليبراليةقدم الاقتصاديان الفرنسيان جيرار دومينيل ودومينيك ليفي أحد أول التفسيرات لأزمة عام 2008، وذلك في كتابهما “أزمة النيوليبرالية The Crisis of Neoliberalism” المنشور من قبل جامعة هارفارد، وفي أبحاثهما اللاحقة، وتفسيرهما مبني على فهم أزمة عام 2008 كأزمة عامة للشكل النيوليبرالي للرأسمالية، ومن هذا المنطلق يزعم دومينيل وليفي أن أسباب الأزمة متواجدة منذ بروز النيوليبرالية في سبعينات القرن العشرين وليست أسبابا عمرها بضع سنوات فقط، فمقاربتهما بذلك أعمق تاريخيا من مقاربة كوتز التي استعرضناها أعلاه، كما أن الاقتصاد الحقيقي يمثل أحد مكونات مقاربتهما وليس مكونها الوحيد، من هنا فإننا نضطر لاستعراض نقدهما للنيوليبرالية بشكل عام لفهم موقفهما من الاقتصاد الحقيقي.النيوليبرالية وفقا لدومينيل وليفي هي أحدث أشكال “المرحلة الحديثة للرأسمالية”، وبدأت هذه المرحلة الحديثة للرأسمالية في بداية القرن العشرين نتيجة لثلاثة “ثورات”، أولها “ثورة الشركات” والتي تعني موجة تشكيل الشركات في بداية القرن العشرين، وثانيها “الثورة المالية” والتي تعني الدور المتزايد الذي بدأت تلعبه البنوك ابتداء من دورها في تمويل ثورة الشركات المذكورة للتو، أما ثالث العوامل التي أدت لبروز النيوليبرالية في بداية القرن العشرين فكانت “الثورة الإدارية” والتي تعني فصل الملكية عن الإدارة مع تبني نظام الإدارة التيلوري Taylorism في إدارة الإنتاج، وهو يعني التركيز على الميكنة وتخصص العمال في مهام دقيقة محددة بدل قيام كل عامل بإنتاج المنتج كاملا، وأهم الأمثلة التاريخية على تنفيذ ذلك كانت مصانع شركة فورد للسيارات في الولايات المتحدة([20]).وقد أنتجت هذه الثورات الثلاث “تشكيلا طبقيا ثلاثيا”، بمعنى ثلاث طبقات أساسية تمثل أهم المكونات الاجتماعية للرأسمالية الحديثة، والثلاث طبقات هي الطبقة الرأسمالية والطبقة الإدارية([21]) والطبقة الشعبية([22])، وتُستخدم هذه الطبقات الثلاث للتمييز بين الرأسمالية غير المقيدة في بداية القرن العشرين وحتى ما قبل مرحلة التوافق الجديد New Deal في الولايات المتحدة في الثلاثينات، والتي تسمى أيضا مرحلة “الهيمنة المالية الأولى”، مقابل النيوليبرالية التي برزت في السبعينات والتي تسمى أيضا مرحلة “الهيمنة المالية الثانية”، ومن خصائص النيوليبرالية ما يسمى التسوية النيوليبرالية neoliberal compromise، وهي تعني تحالف “الطبقات الرأسمالية”([23]) مع الطبقة الإدارية، بقيادة الأولى، بهدف احتواء مصالح الطبقة الشعبية([24])، كما أن هناك خاصية أخرى للنيوليبرالية وهي أنها تفضّل مصالح جناح المدراء الماليين ضمن الطبقة الإدارية، وبالتالي تقوّي جناحا معينا داخل الطبقة الإدارية([25])، وتُعد هذه الصورة المتداخلة للعلاقات الطبقية من أهم خصائص النيوليبرالية.لكن هناك جانب آخر من النيوليبرالية، يسميه دومينيل وليفي أحيانا الجانب “الفني”، وهو متعلق بالاقتصاد الكلي والاقتصاد الدولي، وفي هذا الإطار يركز المؤلفان على الاقتصاد الأمريكي ويحددان مجموعة عوامل أساسية سببت الأزمة، وهي: هيمنة القطاع المالي financialization، والعولمة، والتراكم البطيء لرأس المال، واختلال الموازين الجارية على مستوى العالم global imbalances([26])، وهذه العوامل الأربعة تؤثر على الاقتصاد الحقيقي وإن بطرق مختلفة، فمثلا ساهمت هيمنة القطاع المالي والعولمة في إضعاف صلابة الاقتصاد العالمي تجاه التقلبات، خصوصا منذ تسعينات القرن العشرين، وهو ما حرث الأرض لنمو المشاكل المالية التي أدت للأزمة على مستوى العالم)[27](، وإلى جانب هذين العاملين فقدت الدول قدرتها على إدارة الاقتصاد الكلي، بل في بعض الأحيان تخلت هي بنفسها عن مهمة الإدارة، وهو ما سمح بتكرار الأزمات المالية على مستوى العالم وأدى لصعوبة منعها، وفي أساس هذه العوامل كلها توجد ظاهرة التراكم البطيء لرأس المال خلال الحقبة النيوليبرالية، وهو السبب الذي يعزو إليه دومينيل وليفي حدة الأزمة عام 2008)[28](، والسؤال الذي يمكن طرحه هنا هو لم قبلت الطبقتان الرأسمالية والإدارية بالنيوليبرالية إذا كانت تجلب التراكم البطيء؟وجواب دومينيل وليفي على ذلك هو أن “هدف النيوليبرالية هو زيادة ثروات الطبقات العليا حتى لو كان ذلك على حساب الاستثمارات في القطاع الحقيقي”)[29](، أي أن الجانب الطبقي من الحقبة النيوليبرالية هو الذي دفعها للاستمرار رغم فشلها في الجانب الفني.وبالتحول نحو محاورنا الثلاثة للمقارنة مع المقاربات الأخرى، فمن الواضح أن الصراع الطبقي يحتل مركز الصدارة في مقاربة دومينيل وليفي، ورغم اهتمامهما بإثبات صحة مقاربتهما بالبيانات الرقمية فإنهما يصران على أن “الصراع الطبقي محرك التاريخ” وهو ما خلق النيوليبرالية وحافظ عليها عبر السنوات)[30](، كما أن ما يدعم مركزية الصراع الطبقي في هذه المقاربة الشرح الموسع الذي تقدمه لدور التحالفات والمساومات بين الطبقات الثلاث، الرأسمالية والإدارية والشعبية، في تشكيل النيوليبرالية وأزمتها عام 2008، إضافة لتفصيلهما حتى داخل الطبقة الواحدة والتمييز بين أجنحتها المختلفة.وبدرجة أقل تأتي أهمية محور القرارات الاستثمارية والفقاعات المالية، فينصب الاهتمام في كتاب “أزمة النيوليبرالية The Crisis of Neoliberalism” على العلاقة الوثيقة بين الاقتصاد الحقيقي والقطاع المالي، والاهتمام بتأثير الفقاعة العقارية على الاقتصاد الأمريكي يعتبر مؤشرا على أهمية الفقاعات المالية في هذه المقاربة، لكن موضوع القرارات الاستثمارية، على الأقل من حيث كيفية خلقها للفقاعة، لا يبدو مركزيا هنا، بينما يحظى معدل الربح بأهمية خاصة في التحليل البياني والنظري، ولعل هذا هو المدخل لفهم موقع القرارات الاستثمارية وفقا لهذه المقاربة، فالقرارات الاستثمارية تستجيب بشكل متوقع لمعدل الربح، حيث يؤدي الربح المرتفع لازدياد الاستثمار والعكس، وهناك إشارات أخرى متفرقة للقرارات الاستثمارية منها ما هو نقد لمقاربة نقص الاستهلاك، والتي يزعمان على العكس منها أن أزمة عام 2008 يمكن وصفها بأزمة “فائض استهلاك أو عجز في التراكم”، لكن هذه إشارات عابرة وغير معمّقة)[31](.أما ثالث محور للمقارنة، أي محور دور عامل المنافسة، فلا تتم مناقشته صراحة في مقاربة دومينيل وليفي، فهناك إشارات غير مباشرة له كسبب لأزمة سبعينات القرن العشرين عبر ضغط المنافسة الاقتصادية عالميا من قبل اليابان وأوروبا الغربية بعد التعافي من الحرب العالمية الثانية، لكن عامل المنافسة الاقتصادية لا يلعب دورا أساسيا في تفسير أزمة النيوليبرالية، فالتعامل هنا يبدو شبيها بالتعامل مع عامل القرارات الاستثمارية، فكلاهما يقدّم كعامل تقليدي يستجيب للمحفزات والمثبطات التقليدية، دون دور استثنائي في أزمة عام 2008.فائض الاستثمار الناتج عن احتدام المنافسةننتقل الآن للمقاربة الثالثة لأزمة عام 2008 الاقتصادية العالمية، وهي تنويع ثانٍ على فكرة فائض الاستثمار، لكن هذه المرة بسبب المنافسة المحتدمة وفقا للمؤرخ الأمريكي روبرت برينر، وتفسير هذه المقاربة للأزمة في الاقتصاد الحقيقي جزء من تفسير أعم للرأسمالية المعاصرة، فموضوع المقاربة هو الرأسمالية على نطاق عالمي، وهدفها شرح الانتعاش الذي شهده النظام منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية عام 1945 وحتى سبعينات القرن العشرين والانحدار المزعوم مذاك، وكما مقاربة كوتز فإن مقاربة برينر تركز على سمات الرأسمالية كنظام “تنافسي من غير تخطيط ولا تنسيق”[32]، فلا تنسيق بين الشركات بشأن قراراتها الاستثمارية، ومعدلا التراكم والربح ما هما إلا ناتجين عن جمع مجمل القرارات الاستثمارية الفوضوية، ويشرح برينر هنا كيف تؤدي القرارات الاستثمارية – خصوصا تلك المتعلقة برأس المال الثابت – لخفض معدل الربح وبالتالي إبطاء تراكم رأس المال، وملخص هذه الآلية هو أن المنافسة تدفع كل شركة على حدة لابتكار أساليب تخفض تكاليف الإنتاج لخفض أسعارها والتغلب على منافسيها، لكن الشركات التي تتعرض لهذه المنافسة وتفشل في مقاومتها لا تستسلم مباشرة، بل تحاول النجاة رغم انخفاض أرباحها وذلك عبر زيادة الاستثمار في إنتاجها، وضمنه الاستثمار في رأس المال الثابت وفي جهود الابتكار. ومن المهم هنا الانتباه لخاصية مميزة في مقاربة برينر وهي أنه رغم انخفاض أرباح بعض الشركات نتيجة المنافسة المحتدمة فإن هذه الشركات نفسها تجد من المنطقي أن تزيد استثمارتها في الإنتاج، وسبب ذلك أن الشركات التي باتت تعاني تكاليف الإنتاج العالية مقارنة مع منافسيها الجدد تكون لديها الكثير من التكاليف غير المرتجعة sunk costs، وكذك لديها علاقات تجارية قيمة، وخبرات فنية، مما يعني أن الخروج من السوق وبيع الأصول قد يكون أكبر تكلفة من الاستمرار في مقاومة المنافسة على المدى القصير، وأحد أشكال المقاومة محاولة وأد المنافسين الجدد في المهد عبر إغراق السوق بالمنتجات التقليدية حتى لو على حساب الربح في المدى القصير([33]). وفي سياق مختلف قام بعض الاقتصاديين بشرح هذه الظاهرة المثيرة وغير المتوقعة ووصفها بـ “الاستثمار الإجباري coerced inverstment”([34])، وهو إجباري لأنه متعلق بنجاة الشركة، وهذا الاستثمار يؤدي لخلق فائض في الطاقة الإنتاجية في القطاع الخاضع للمنافسة المحتدمة وبالتالي يساهم في تخفيض معدل الربح في الاقتصاد ككل)[35](، ولو انتشرت هذه المنافسة المحتدمة في قطاعات حيوية ذات المشاريع الكبرى (كالعقار) فإن الشركات الكبيرة غير القادرة على المنافسة قد لا تتمكن أبدا من الخروج من السوق، وهو ما يسميه برينر بـ “الفشل في التأقلم failure to adjust”)[36](، والفشل في الـتأقلم يمكن أن يؤدي لاستمرار فائض القدرة الإنتاجية واستمرار انخفاض معدل الربح منتجا “نزعة مستقلة نحو الجمود الاقتصادي secular stagnation”، وهي نزعة يربطها برينر بالرأسمالية المعاصرة)[37]).والشرح السابق لمقاربة برينر مهم لأنه يمهد لتفسيره للأزمة في الاقتصاد الحقيقي، ليس عام 2008 فحسب بل منذ أربعة عقود، فهو يزعم أن النزعة المستقلة نحو الركود قد بدأت ومنذ أواخر ستينات القرن العشرين، ومصدرها ازدياد حدة المنافسة بين القوى المهيمنة على المعسكر الرأسمالي بعد الحرب العالمية الثانية من جهة، أي الولايات المتحدة بالدرجة الأولى ثم بريطانيا، ومن جهة أخرى القوى الصاعدة بعد الحرب كألمانيا واليابان([38])، وأدت هذه المنافسة الدولية المحتدمة إلى فائض استثمار عام خفّض بدوره معدل الربح، وخفّض معدل تراكم رأس المال، وأدى لهبوط عام في النشاط الاقتصادي مستمر حتى اليوم([39])، والطريقة الوحيدة لإنعاش الاقتصاد من نزعة الركود هذه هي اللجوء للتنمية غير المتكافئة عبر نقل الشركات لعملياتها الإنتاجية إلى الدول النامية بعيدا عن المنافسة المحتدمة في دول العالم الرأسمالي الكبيرة، ومن هنا جاء صعود الدول الناشئة في جنوب شرق آسيا مثلا، لكن نظرا للطبيعة المعولمة للاقتصاد الرأسمالي المعاصر فإن عملية نقل مراكز الإنتاج هذه لا يمكن أن تمثل سوى حل قصير الأمد، ونتيجتها النهائية ستكون على الأرجح نقل المنافسة المحتدمة تدريجيا للدول النامية، أي توسيع نطاق أزمة المنافسة المحتدمة التي تبعث فائض الاستثمار.ويزعم برينر في شرح أكثر تفصيلا لأزمةعام 2008 أن الأزمة الحالية ما هي إلا أحدث أشكال أزمة فائض الاستثمار المغروسة في الرأسمالية المعاصرة([40])، وهنا ينتقد برينر عددا من الحلول التي فشلت في معالجة هذه الأزمة العامة المستمرة، منها مثلا نقده لـ “كينزية أسواق المال stock market Keynesianism” و”اقتصاد الفقاعات buublenomics” كآليات تحاول عبرها جهات مثل البنك الفيدرالي (المركزي) الأمريكي والحكومة الأمريكية والمؤسسات الدولية إنعاش الاقتصاد دون جدوى([41])، فالفقاعات مثلا انتفخت بدعم من فوائد البنك الفيدرالي المنخفضة بدعوى أن هذا الخفض مفيد لإنعاش الاقتصاد، لكن ثبت عام 2008 أن هذه كانت مسكنات لا تشفي المريض، وهنا نؤكد على الدور الأساسي للاقتصاد الحقيقي في هذه المقاربة، حيث كانت الأزمة في الاقتصاد الحقيقي منذ أواخر ستينات القرن العشرين هي السبب الفعلي لأزمة عام 2008، وبالتالي فالاقتصاد الحقيقي يقع في قلب مقاربة برينر.أما بالنظر لمحاور مقارنتنا الثلاثة، فإن مقاربة برينر تبدو الأكثر تركيزا على دول عامل المنافسة ودور القرارات الاستثمارية في خلق الأزمة في الاقتصاد الحقيقي، حيث أن جل المقاربة قائم على وجود منافسة محتدمة أدت لفائض في الاستثمار عبر عملية الاستثمار الإجباري، مما يؤدي لانخفاض معدل الربح وتأزم الاقتصاد الحقيقي، ويقدم برينر نقاطا جديرة بالمتابعة حول طريقة تأثير المنافسة على الدول المختلفة في مراحل مختلفة من تطورها، وكذلك طريقة تأثير قرارات الشركات عليها، وتشمل هذه النقاط شرحا عن معنى التنمية غير المتكافئة اليوم، وعن كيفية اتخاذ الشركات – التي يفترض أنها مؤسسات عقلانية تماما – قرارات سيئة روتينيا، أما بشأن الفقاعات المالية فإن برينر يعترف بدورها المباشر في كشف أزمة عام 2008 لكنها ليست بأهمية عامل احتدام المنافسة الدولية مثلا أو فشل الشركات الكبيرة في التأقلم، فالفقاعات أشبه بالتفصيلات في لوحة كبيرة ألوانها الطاغية هي المنافسة المحتدمة وفائض الاستثمار.وبخصوص محور الصراع الطبقي ودوره في خلق الأزمة في الاقتصاد الحقيقي، فلا يبدو أن لهذا الصراع مكانا أساسيا في مقاربة برينر، وهذا مشابه للحال مع مقاربة كوتز التي شرحناها أولا، فالصراع الطبقي يأتي في الخلفية في سياق توزيع الدخل الوطني بين الأرباح والأجور، وليس كعامل فاعل في خلق الأزمة مباشرة، فمثلا في حالة برينر فهو يتحدث عن الصراع الطبقي في سياق محاولات قطاع الصناعة زيادة أرباحه في العقد الأخير، فيلحظ أنها قامت “لتقليص التكاليف بشن حملة شعواء ضد العمال تشمل تسريحات وتسريعا للعمل وضغطا للأجور، وذلك من أجل رفع معدل الاستغلال ورفع معدل العوائد”([42])، فهنا يبدو أن سبب هذه العملية هو المنافسة المحتدمة التي تؤدي لفائض استثمار، يخفّض بدوره معدل الربح، مما يدفع للصراع الطبقي، أي أن الصراع هنا نتيجة لا سبب.رأس المال العالمي المالي – الاحتكارييلخص مفهوم “رأس المال العالمي المالي – الاحتكاري” مقاربة عالم الاجتماع الأمريكي جون بيلامي فوستر ورفاقه في دورية “مونثلي ريفيو Monthly Review” الاشتراكية الأميركية، فكل جزء من هذا المفهوم يمثل تطورا معينا في الاقتصاد السياسي الماركسي، فـ “رأس المال” في “رأس المال العالمي المالي – الاحتكاري” هو المفهوم الأساسي الذي طوره ماركس، والذي يعني عملية التوسع الذاتي للقيمة، أما جزئية “الاحتكاري” في المفهوم فترمز للنظرية التي طورها الاقتصاديان بول باران وبول سويزي حول الرأسمالية في أواخر القرن التاسع عشر في الولايات المتحدة في كتابهما “رأس المال الاحتكاري Monopoly Capital”)[43](،ويمكن تلخيص أهم سمات رأس المال الاحتكاري المتعلقة بموضوعنا في هذا البحث كالتالي: هيمنة أشباه الاحتكارات oligopolies في قطاعات أساسية في الاقتصاد، وقدرة أشباه الاحتكارات هذه على استخراج فائض إضافي من العمال على حساب أجورهم، وهذا يؤدي لعدم قدرة العمال على استهلاك ما ينتجونه بأنفسهم، مما يضعف الطلب الكلي في الاقتصاد ويؤدي لأزمة نقص في الاستهلاك (والطلب الكلي) جنبا إلى جنب مع وجود فائض في القدرة الإنتاجية، وهو ما يؤدي للحالة التي يطلق عليها باران وسويزيحالة “الجمود stagnation”،فنظرية رأس المال الاحتكاري مفادها أن الاقتصاد الأمريكي منذ نهايات القرن التاسع عشر يشهد نزعة مستمرة نحو ضعف الاستهلاك (والطلب الكلي) مما جعل الجمود حالة عادية ومستمرة في الاقتصاد.أما جزئيتي “المالي” و”العالمي” في مفهوم “رأس المال العالمي المالي – الاحتكاري” فقد طُورتا مع أزمة عام 2008، فإضافة جزئية “المالي” للمفهوم جاءت لوصف ظاهرة معينة ذكرناها أعلاه وهي هيمنة القطاع المالي على غيره في الاقتصاد في المرحلة النيوليبرالية([44])، وكان أول ظهور واضح لمفهوم “رأس المال المالي – الاحتكاري” في دورية “مونثلي ريفيو” في مقال في شهر ديسمبر 2006، حيث عُرّف “رأس المال المالي” بـ “تشغيل رأس المال النقدي في الأسواق المالية وفي المضاربة بشكل عام”)[45](، والهدف من دمج جزئيتي “المالي” و”الاحتكاري” هو الإشارة للدور الجديد لرأس المال المالي في ظل المرحلة الاحتكارية من الرأسمالية، وهذا الدور يتلخص بمحاولة مقاومة النزعة نحو الجمود الاقتصادي عندما برزت بوضوح للسطح في أزمة الاقتصاد الأمريكي في السبعينات. أما إضافة جزئية “العالمي” لمفهوم “رأس المالي العالمي المالي – الاحتكاري” فتشير لتوسع الاحتكار في الرأسمالية من المستوى الأمريكي إلى العالمي، وذلك في رد ضمني على مقاربة برينر أعلاه التي تزعم على العكس تماما بأن احتدام المنافسة هو سبب الأزمة وليس طغيان الاحتكارات، فيقول فوستر وآخرون:“نحن نزعم بأن المنافسة الدولية التي تجددت منذ السبعينات كانت أكثر محدودية من ما يفترض كثيرون، وسرعان ما أُزيحت واحتلت مكانها مرحلة جديدة من رأس المال العالمي المالي – الاحتكاري، حيث يخضع الإنتاج العالمي بشكل متزايد لهيمنة بضعة شركات عابرة للحدود تملك سلطة الاحتكار، فباختصار إننا نواجه نظاما من شبه الاحتكار على مستوى دولي international oligopoly”([46]).مقاربة فوستر إذن تقدم لنا نظرية للنيوليبرالية قائمة على هيمنة الاحتكارات وأشباه الاحتكارات على مستوى دولي، مع دور أساسي لرأس المال المالي، وما أزمة عام 2008 إذاك سوى فشل جديد للنظام الرأسمالي الاحتكاري في مقاومة نزعته الكامنة نحو الجمود، وكانت الفقاعات المالية محاولة لإيجاد طلب جديد وفرص استثمارية مجزية للشركات لتوظيف رأس مالها، وذلك بعد تشبع الاقتصاد الحقيقي من الاستثمار نتيجة ضعف الطلب الكلي فيه إثر ضغط الأجور، بمعنى آخر فإن الاستثمار “المالي المضارب صار أشبه بالمحرك الثانوي للنمو بعد الضعف الذي اعترى المحرك الأساسي وهو الاستثمار المنتج”)[47](، لكن هذا لا يعني بأن الفقاعات قد نجحت فعلا في وظيفتها في رفع نسب النمو الاقتصادي، وإلا لما انتهينا إلى أزمة كبرى للنظام الاقتصادي العالمي.أما بشأن سبب الأزمة في الاقتصاد الحقيقي، فإن مقاربة فوستر تهتم بشرح تطور الفقاعة في قطاع العقار الأمريكي وكيفية انفجاره، بل كان فوستر ضمن قلة قليلة من المختصين حول العالم الذين تنبؤوا بأزمة عام 2008 وبتفاصيلها منذ مايو من عام 2006)[48](، لكن يبقى السبب الرئيس للأزمة في الاقتصاد الحقيقي وفقا لفوستر هو نزعة الجمود الكامنة في الرأسمالية الاحتكارية منذ بروزها في نهاية القرن التاسع عشر، وهنا نلحظ تشابها بين مقاربة فوستر وبرينر حيث يزعم كلاهما أن الأزمة الجديدة تمثل بشكل أساسي مجرد شكل جديد لأزمة قديمة كامنة، وإن اختلفا في الاتفاق على تفاصيل تلك الأزمة الكامنة([49]).ومن حيث مقارنة مقاربة فوستر مع المقاربات الثلاث السابقة، فنلحظ بأن مقاربة فوستر تركز على محور القرارات الاستثمارية وتشكل الفقاعات المالية لتفسير الأزمة في الاقتصاد الحقيقي، حيث أدى الجمود في الاقتصاد الحقيقي لدفع الشركات نحو تحويل استثماراتها باتجاه القطاع المالي لتحقيق أرباح مقبولة، فتضخم القطاع المالي من حيث السيولة والأرباح والأهمية لكنه لم يكن يجد قنوات كافية لتصريف السيولة في القطاعات المنتجة، فاستخدمها في المضاربات، والتي لا يمكن أن تستمر للأبد في تحقيق أرباح طالما الاقتصاد الحقيقي يعيش أزمة جمود ضمنية مستمرة، فكان الانفجار عام 2008.أما موقع عامل المنافسة في مقاربة فوستر، فإن له موقعا في الصياغة الأولى لمفهوم “رأس المالي الاحتكاري”، حيث كان الشكل الدارج من المنافسة بين الشركات هو المنافسة المنسَّقة co-respective comepetion بين أشباه الاحتكارات، بمعنى أنها منافسة فيها أشكال من الاتفاق على بعض القضايا مثل حد أدنى للأسعار وتقسيم معين للأسواق، على عكس المنافسة المفتوحة التي لا تحتوي على اتفاقات جدية من هذا النوع، وتلك المنافسة المنسَّقة هي التي تسمح لرأس المال بمراكمة فائض أكثر من فائض الرأسمالية التنافسية، وهذا الفائض يلعب دورا لاحقا في خلق أزمة فرص الاستثمار ثم الفقاعات، وهنا يوجد تشابه مع مقاربة برينر فيما يتعلق بمركزي عامل المنافسة في خلق الأزمة، وإن كان له رأي مختلف تماما بشأن نوعية هذه المنافسة وآثارها.أما المحور الأخير للمقارنة – أي دور الصراع الطبقي في الأزمة – فهو لا يحتل موقعا أساسيا في مقاربة فوستر، فهو يظهر عند نقاش تشكل الفقاعة المالية في العقار الأمريكي نتيجة نجاح الطبقة الرأسمالية في ضغط أجور العمال بدرجة تدفعهم للاستدانة بكثافة لتوفير قوت يومهم([50])، وتوجد تعليقات شبيهة حول دور الصراع الطبقي في أحداث معينة قبل الأزمة وبعدها، مثل سياسية البنك الفيدرالي (المركزي) الأمريكي في خفض معدل الفائدة قبل الأزمة ثم إنقاذ البنوك والشركات الكبرى بعدها، لكن يبقى السبب الرئيس لأزمة النظام هيكليا فنيا وليس متعلقا بالصراع الاجتماعي الحي، وهنا يوجد توافق بين مقاربات فوستر وبرينر وكوتز حول التعامل مع الصراع الطبقي كسبب حاسم لكن في خلفية الأحداث، وربما يمكن تشبيهه باليد التي تحرك الدمى في الرأسمالية لتحقيق مصالح رأس المال.هل من صيغة توفّق بين المقاربات الأربع؟في الواقع من الصعب التوفيق الكامل بين المقاربات الأربع المستعرضة أعلاه، رغم انتمائها جميعا للتراث الماركسي، وذلك بسبب الاختلاف الجدي بينها في فهم دور عامل المنافسة في خلق أزمة عام 2008، وإن كان هناك مجال للتوافق بينها حول محوري القرارت الاستثمارية والفقاعات المالية من جهة، ودور الصراع الطبقي من جهة أخرى.فبالنسبة لمحور القرارات الاستثمارية والفقاعات المالية، فإن المقاربات الأربع تعترف – وإن بطرق وبدرجات مختلفة – بأهمية هذا المحور، فكوتز مثلا يجعله المحور الأساسي في مقاربته الخاصة بفائض الاستثمار الناتج عن الفقاعة، كذلك يركز عليه برينر في مقاربته مع ربطه بعامل المنافسة لصياغة مقاربته حول فائض الاستثمار الناتج عن احتدام المنافسة، أما فوستر فيركز بدرجة أقل على المحور عبر الحديث عن العلاقة بين نقص الفرص الاستثمارية في الاقصاد الحقيقي وتوجيه رأس المال نحو الفقاعات المالية، فيظل السبب الرئيس للأزمة بالنسبة لفوستر هو الجمود الاقتصادي الذي يضرب أطنابه في الرأسمالية، وما القرارات الاستثمارية والفقاعات إلا إضافات ترقيعية، ولعل أقل المقاربات تركيزا على القرارات الاستثمارية والفقاعات المالية هي مقاربة دومينيل وليفي، فهما لا يقدمان فهما جديدا للعلاقة بل يستندان للفهم التقليدي للعلاقة بينهما.من هذا المنطلق يمكن القول أنه على الرغم من الاختلاف في التفاصيل بين المقاربات الأربع فيما يتعلق بالقرارت الاسثتمارية والفقاعات المالية، رغم ذلك فإن المقاربات ليست متناقضة في محتواها وإن كانت متباينة، فمثلا مقاربة كوتز تختلف عن مقاربة برينر فيما يتعلق بتحديد أسباب فائض الاستثمار، لكن المقاربتين تعملان على مستويين مختلفين من التحليل ولهما مديان تاريخيان مختلفان، مما قد يبرر بعض التباين، فبرينر يحاول تفسير أوضاع النظام الرأسمالي ككل منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، بينما يحصر كوتز هدفه في تفسير أزمة عام 2008 فقط وبالتركيز على مجال الاقتصاد الحقيقي، لذلك يمكن مثلا أن تكون مقاربة برينر العامة صحيحة في الوقت نفسه الذي تكون فيه مقاربة كوتز صحيحة فيما يتعلق بالأزمة الأخيرة، وتوجد مساحة شبيهة للتوافق بين مقاربتي فوستر من جهة، ودومينيل وليفي من جهة أخرى.أما بالنسبة لعامل المنافسة فإن محاولة التوفيق بين المقاربات الأربع تصبح أكثر صعوبة بسبب الاختلاف الشديد حول هذا المحور بين برينر وفوستر، أما كوتز ودومينيل وليفي فلا يركزان كثيرا على دور عامل المنافسة في خلق الأزمة أصلا، وبالتالي فهناك مساحة في الهامش للتوفيق بينهما في التفاصيل، أما برينر وفوستر فيحتل عامل المنافسة موقعا مركزيا في مقاربتيهما، لكنهما يختلفان بشدة حول شكل هذه المنافسة في الرأسمالية المعاصرة، ويبدو من الصعب على أي منهما أن يتنازل عن تفسيره لصالح الآخر وإلا ضعفت جديا مقاربته، وفي كتابات فوستر الجديدة حول التوسع العالمي لرأس المال المالي – الاحتكاري اعتراض صريح على المزاعم بشأن تزايد حدة المنافسة الدولية منذ سبعينات القرن العشرين([51])، ولا يبدو أن برينر أكثر مرونة في موقفه، لذلك يبدو أن محور عامل المنافسة هذا بحاجة لبحث أعمق لمحاولة تشكيل توافق ماركسي حول طبيعته ودوره في الرأسمالية المعاصرة، وليس المطلوب طبعا الإجماع بين الماركسيين إنما محاولة تخفيف التعارض بين المقاربات المنتمية لتراث فكري متشابه لتعميق الاقتصاد السياسي الماركسي المعاصر وجعله أكثر اتساقا مع نفسه.ولعل من المريح بعد ذلك وجود توافق عام بين المقاربات الأربع حول دور الصراع الطبقي في خلق أزمة عام 2008، ولعل السبب الأساسي في هذا التوافق هو قبول المقاربات للصراع الطبقي كمعطى أساسي في فكرهم، كما أنه ليس العامل الفاعل في مقارباتهم على أي حال مقارنة بعوامل المنافسة والقرارات الاستثمارية والفقاعات المالية، وبالتالي فالمجال ضيق للاختلاف، ولعل أكثر الشروحات تفصيلا حول طبيعة الصراع الطبقي في ظل النيوليبرالية هما لدومينيل وليفي، لكنهما يصران على أن أزمة عام 2008 لم تكن بسبب مباشر من الصراع الطبقي، بمعنى أنها لم تنتج مثلا عن نجاح الطبقة العاملة في رفع الأجور وبالتالي تقليص أو ضغط الأرباح، وهي نظرية تُعرف بـ “ضغط الأرباح profit squeeze” وتُستخدم لتفسير أزمة السبعينات في الولايات المتحدة وأوروبا([52]). على أي حال لعل توافق المقاربات الأربع حول موقفها من الصراع الطبقي مؤشر إيجابي حول علاقة التفسيرات الماركسية بالأزمة الحالية، بمعنى وجود أرضية مشتركة تجمعها، كما أن هذه الأرضية لا تقوم على علاقة سببية بسيطة ومباشرة بين الصراع الطبقي والأزمات، وهي مقاربة يُتهم الماركسيون عادة بتبنيها بدوغمائية مهما كانت طبيعة الأزمة محل النقاش، فجميع المقاربات المقدمة أعلاه تقدم تفسيرات مبتكرة لفهم أسباب الأزمة وأبعادها مع الحفاظ على فكرة الصراع الطبقي كفكرة محفزة في الخلفية.وباختصار فإنه بناء على الاستعراض المقدم أعلاه لأربع مقاربات ماركسية لأزمة عام 2008 الاقتصادية العالمية، مع التركيز على الاقتصاد الحقيقي، يمكن الخلاص إلى سمات عامة للخطاب الماركسي حول الأزمة، فالخطاب يركز على دور القرارات الاستثمارية والفقاعات المالية في خلق الأزمة بشكل مباشر، ولعل المقاربات المتعلقة بفكرة فائض الاستثمار تمثل إضافة نوعية للاقتصاد السياسي الماركسي قياسا على مدارس اقتصادية أخرى. وسمة أخرى للخطاب الماركسي حول الأزمة هو الاحتفاظ بالصراع الطبقي دائما على مسرح الأحداث، خصوصا عند الحديث عن سبب نشوء النيوليبرالية وكيفية استمرارها وطبيعة أهدافها، وآخر سمة للخطاب الماركسي نشير إليها هنا هي وجود اختلاف حول دور عامل المنافسة في الفهم الماركسي لأزمة عام 2008، بين من يرى تسيّد الاحتكارات وشبه الاحتكارات من جهة، وبين من يرى احتدام المنافسة الدولية، وهذا ما يدعو لمزيد من البحث في هذا العامل.الخلاصةحاول هذا البحث تقديم عرض لأربع مقاربات ماركسية لأزمة عام 2008 مع تركيز على الاقتصاد الحقيقي، ثم عقد مقارنة بينها بهدف تحديد إمكانية التوفيق بينها، وكانت أول المقاربات المستعرضة لصاحبها كوتز الذي يرى أن سبب الأزمة هو فائض الاستثمار الناتج عن الفقاعة المالية، ثم استعرض البحث مقاربة دومينيل وليفي التي تشرح طبيعة الأزمة العامة في النيوليبرالية، ثم مقاربة برينر القائمة على فائض الاستثمار النتاج عن المنافسة المحتدمة، وكانت آخر المقاربات المستعرضة هي مقاربة فوستر القائمة على مفهوم رأس المال العالمي المالي – الاحتكاري. وتمت مقارنة المقاربات الأربع على ثلاثة محاور هي: دور العلاقة بين القرارات الاستثمارية والفقاعات المالية، ودور عامل المنافسة، ودور الصراع الطبقي. وجاءت نتيجة المقارنة أنه يمكن التوفيق بين المقاربات الأربع فيما يتعلق بمحوري القرارات الاستثمارية والصراع الطبقي، لكن من الصعب التوفيق بينها فيما يتعلق بعامل المنافسة.

الطليعة : ممثلو القوى السياسية عن أحداث الأسبوع الماضي: كشف الحقائق والمساءلة السياسية
كتب محرر الشؤون السياسية:اعتبر ممثلو عدد من القوى والتنظيمات السياسية في الكويت، أن حالة الاحتقان الحالية التي تمر بها البلاد، تمثل تأكيدا عمليا على أن المسار السياسي يعتريه الخلل، وعلى الجميع أن يضع الإصلاح السياسي أولوية، كي تعاد الأمور إلى وضعها الصحيح، على أن يأتي ذلك متوازيا مع ضرورة أن تسعى الحكومة لكي تعيد ثقة الشارع فيها مرة أخرى.
وأضاف ممثلو المنبر الديمقراطي الكويتي والتحالف الوطني الديمقراطي والتيار التقدمي الكويتي والحركة الديمقراطية المدنية (حدم) في لقاءات خاصة لـ «الطليعة»، تعليقا من جانبهم على الأحداث التي تمر بها البلاد، أن البلاغات والبلاغات المضادة وتداعيات الأيام الماضية، بما اعتراها من سجالات وتراشق إعلامي، من خلال ما قيل إنها وثائق ومستندات يؤكد حقيقة صراع أقطاب في الحُكم لأطراف من الأسرة الحاكمة، ليس هدفه الإصلاح، ولكن تنفيذا لأجندة خاصة.
وتباينت آراء ممثلي القوى في تلبية الدعوات لساحة الإرادة، فقد نظر البعض إلى تلك الدعوة على أنها مستحقة وضرورية وانعكاس للموقف السياسي للمواطن الذي يعبّر عن رأيه ونظرته للأحداث في إطار سلمي، فيما رأى البعض أن ما يحدث بمثابة صراع «شيوخ»، لا يهدف إلى المصلحة العامة، بل تطبيق عملي لمحاولة نيل مكاسب شخصية ضيقة على حساب تأجيج الوضع وسمعة البعض.
المنبر الديمقراطي الكويتي: تحقيقات حيادية وعاجلة.. وإبعاد أقطاب الصراع من المشهد
قال الأمين العام للمنبر الديمقراطي الكويتي بندر الخيران إن تداعيات أحداث الأسبوعين الماضي والحالي بما يتعلق بسجالات حول ما عرض من صور لوثائق وتسريبات لتسجيلات تؤكد ما ذهبنا إليه، بأن ما يحدث هو صراع أقطاب بالحكم يتزعمه أفراد من الأسرة الحاكمة لغاية بنفوسهم، وهي بالتاكيد لا تمت بصله لأي مشروع إصلاحي أو بمحاربة فساد، ففاقد الشيء لا يعطيه.
وأضاف: من المستهجن والمستغرب أن يدعم فاسد ومن رموز سرقة المال العام حركة إصلاحية، حتى لو التقت مصلحته بهم، ولكن المشروع يتضح أنه أخطر وأكبر من فضح خصوم ومنافسين لهم، وهو بالتأكيد يدفع إلى الفوضى، ويهدم أركان مؤسسات الدولة، بما ينالها من تشويه وتعطيل وانحراف.
واعتبر الخيران أن ذلك المنهج ليس بجديد ولا بالغريب، بل هو متبع منذ عقود طويلة وتجارب عدة بداية من إفساد السلطة التشريعية وتغيير دوره من الرقابة والتشريع إلى الفساد والتنفيع، مروراً بتمزيق وحدة المجتمع بالعمل على خلق كيانات اجتماعية متنوعة ودعم حالة التمايز بكل النواحي، وربط حقوق وحاجات المواطن بالنائب «الخدمي»، بدلا من الإصلاحي، والرضوخ والقبول بتدني الأداء العام، وكذلك انحراف السلطة التنفيذية عن أدوارها الدستورية، وتحولها من منفذة للقوانين والمشاريع العامة إلى مكاتب تسهيل وتنفيع دوائر الفساد المالي والسياسي، والمساهمة في تعطيل تطور وأداء الدولة وخلق الأزمات المتتالية مباشرة أو عبر وسطاء آخرين.وأشار إلى أن أدوات التعطيل والتشويه بدأت تطول السلطة القضائية، والتي نتمنى عدم صحة المثار حولها، كونها الركن المتين الذي نلجأ إليه لإحقاق الحق وردع المتجاورين على الدولة والناس والمال العام.واختتم الأمين العام للمنبر الديمقراطي بندر الخيران حديثه بالإشارة إلى بيان المنبر الديمقراطي الذي احتوى على جملة من الاستحقاقات التي أصبح تحقيقها والعمل بها أمر مستحق ولا يحتمل التأخير، والتي من أهمها إجراء تحقيقات عاجلة وحاسمة ودقيقة يشارك بها أطراف تعزز النزاهة والحيادية فيها، وكذلك ضرورة إبعاد أسباب الصراع بين الأقطاب على السلطة التنفيذية بضرورة حصر الكفاءات الوطنية الشعبية الكويتية لتسلم مهام السلطة التنفيذية كاملة وفق ما نص عليه الدستور بالمادة السادسة منه.
التيار التقدمي الكويتي: فضائح خطرة.. ومراكز النفوذ وقوى الفساد تسيطر على الدولة
أكد المنسق العام للتيار التقدمي الكويتي ضاري الرجيب، أنه من الخطأ النظر إلى الصراع الدائر في البلاد على أنه مجرَّد صراع داخل أسرة الصباح، أو أنه مجرد صراع بين مراكز القوى والنفوذ، فمثل هذه الصراعات ليس التيار التقدمي طرفاً فيها، ولن يكون طرفاً، قائلا إن الصراع الأساسي مع السلطة وحلفها الطبقي المسيطر ونهجها غير الديمقراطي، والصراع مع قوى الفساد والإفساد.
مركز النفوذ
وأضاف: إن ما يجري يظهر بوضوح احتدام الأزمة السياسية بالبلاد والفساد المستشري في الدولة وسطوة السلطة وحلفها الطبقي المسيطر، كما أن الفضائح الخطيرة خير دليل على أن مراكز النفوذ وقوى الفساد هي التي تسيطر على جميع مفاصل الدولة، وفي الصراع مع السلطة وحلفها الطبقي ونهجها غير الديمقراطي، وكذلك في الصراع مع قوى الفساد، والتيار التقدمي يمد يد التعاون والعمل المشترك لكل قوى المعارضة الشعبية التي تعارض النهج غير الديمقراطي للسلطة وحلفها الطبقي المسيطر على مقدَّرات البلاد والمستأثر بخيراتها، ولكل القوى التي تكافح الفساد.وعن البلاغات المتبادلة للنائب العام حول شبهات جرائم غسل الأموال، قال الرجيب: تقديم البلاغات وحده لا يكفي، فكثير من البلاغات يتم حفظها، لذا، لابد من تطهير أجهزة الدولة وسلطاتها الثلاث من العناصر الفاسدة، وإبعاد المتورطين عن مواقع القرار.
وعن توقعه باستمرار أو انتهاء فترة الاحتقان، أشار الرجيب إلى أن الأهم هو إنهاء الأزمة، والأزمة لن تنتهي ما لم تتخذ خطوات أولى رئيسة، تتمثل في ملاحقة المتورطين في عمليات النهب والفساد، وعدم توفير أي شكل من أشكال الحماية والرعاية للفاسدين المتنفذين، وإبعاد المتورطين عن مواقع القرار في أي منصب كانوا، واسترجاع الأموال التي استولوا عليها، من دون وجه حق، مع حلّ مجلس الصوت الواحد وإقالة مجلس الوزراء وإقامة انتخابات وفق النظام الانتخابي القائم قبل نظام الصوت الواحد سيئ الذكر. وأضاف: يجب اتخاذ التدابير لإصلاح الأوضاع العامة في البلاد، متمثّلة في قيام نظام برلماني ديمقراطي كامل يستند إلى وجود حياة حزبية سليمة ونظام انتخابي مبني على القوائم والتمثيل النسبي، لتكون هناك حكومة ممثلة لإرادة الشعب ومسؤولة أمامه وقادرة على تحقيق تطلعاته.
واختتم ضاري الرجيب حديثه بالقول: نحن لا نعترف بمجلس الصوت الواحد، الذي هو صنيعة السلطة، وفي حال عدم اتخاذ التدابير التي أشرت إليها سابقا، ستتعمق الأزمة السياسية، وستتفاقم أزمة السلطة وحلفها الطبقي المسيطر أكثر فأكثر.
الحركة الديمقراطية المدنية: صراع مصالح.. والحل بإصلاح المسار السياسي
أرجع رئيس الحركة الديمقراطية المدنية (حدم) طارق المطيري ما تشهده الساحة السياسية حاليا من صراع واحتقان سياسي بين بعض الأطراف وتراشق إعلامي في قضايا تشغل الرأي العام إلى افتقاد البنية السياسية في البلاد للإصلاح بمفهومه الشامل، مؤكداً أن الأمور لن تعود إلى نصابها الصحيح، إلا بإصلاح سياسي حقيقي، يمكّن الشعب عبر صناديق الاقتراع وانتخابات حرة نزيهة من إدارة شؤون الأمة التنفيذية والتشريعية وفق أطر سليمة.
ووصف المطيري الصراع الدائر حاليا، بأنه صراع مصالح صنعته ظروف اللعبة السياسية التي تشهدها البلاد، مضيفا «مخطئ من لا يتوقع حدوث ذلك» .
وقال إن ما يحدث نتاج لممارسة سياسية خاطئة، والصراع دائما ما يأتي في مثل هذا المناخ، من خلال أوجه عدة (تنظيمات سياسية، أفراد، أطراف من الأسرة).
إصلاح سياسي
وعن موقف «حدم»، في ما يدور حاليا، زاد المطيري: «موقفنا يتمثل في محاولة الاستفادة من ذلك الصراع قدر الإمكان، من أجل المصلحة الوطنية»، قائلا: «نعتقد بأن المصلحة العليا للبلاد لابد أن تتجه إلى إصلاح المسار السياسي ببنيته الأساسية»، معتبرا أن الوضع في الكويت ليس ديمقراطيا أو ديكتاتوريا بشكل كامل، وعلى الجميع جعله ديمقراطيا بإصلاحه وتقويمه.
ورأى أنه بالإصلاح السياسي سنتمكن من النهوض بالكويت وننظم الصراع ونجعله تنافسا بين أطراف اللعبة السياسية لصالح البلاد، مجددا قوله: «لن يكون هناك خلاص من الوضع السياسي المعقد إلا بالأخذ بأساليب الإصلاح الشاملة».وللخروج من هذه الدوامة، أشار المطيري إلى أنه على القوى السياسية أن تتبنى خارطة إصلاح تضم كافة المشارب والتوجهات السياسية والفكرية ومعهم القوى الشعبية، بلا إقصاء، بهدف الوصول إلى نتائج إصلاحية شاملة، نسترد من خلالها الأموال، ونعاقب المخطئين أو من عبث بأمن الوطن.
وعن الدعوات التي تطالب بالخروج لساحة الإرادة، اعتبر المطيري أن الخروج والتعبير عن الرأي بشكل سلمي ممارسة صحيحة وصحيّة وتعبير عن الموقف السياسي والشخصي تجاه ما تمر به البلاد، لذلك سنلبي الدعوة، ونخرج متى ما كانت قراءتنا السياسية تحتم علينا ذلك، وفي المقابل سنمتنع عن الخروج عندما نستشعر أن خروجنا لن يؤدي إلى المصالح الوطنية التي نرجوها ونسعى إليها.وعن مجلس الأمة، ودوره في المرحلة الحالية، قال المطيري إن مجلس الأمة بمثابة أداة في يد السلطة، تستخدمها لتنفيذ غايتها، وهي تتوهم أن المجلس يمتلك شرعية شعبية لدى الشارع، فيما نحن متأكدون من أن المجلس يفتقد لتلك الشرعية.وأضاف أنه على الرغم من تحصين المحكمة الدستورية للمجلس ومرسوم الصوت الواحد، فإننا نرى أن هناك فارقا كبيرا بين التحصين الدستوري والتحصين الشعبي، الذي يأتي من الشارع الكويتي، لذلك حتى الآن نحن في «حدم» غير مطمئنين لذلك التحصين، وسنستمر بعدم الاعتراف بالمجلس الحالي من الناحية السياسية، ونؤكد أن المجلس لن يكون له دور فاعل في محاربة الفساد أو إصلاح المسار السياسي، بل نعتبره طرفا أساسيا ورئيسيا في ما يحدث حاليا.
التحالف الوطني الديمقراطي: قسمت المجتمع إلى نصفين.. ومن يبحث عن الإصلاح لا يلجأ لهذه الأساليب
أكد الأمين العام للتحالف الوطني الديمقراطي عادل الفوزان، أن ما طرح من قضايا يستدعي المساءلة والبحث عن الحقيقة، معتبراً أن القضايا التي كشف عنها قسَّمت المجتمع إلى نصفين، وعلى الحكومة إعطاء الموضوع أهمية قصوى، وأن يتم التوصل إلى نتائج وتعلنها على الشعب عن طريق جهات حيادية، وتدرس كافة المعلومات والمستندات، كي يطمئن المواطن.
وأضاف أن الكويت لا تتحمَّل التأجيج الذي يحدث حاليا على الساحة المحلية، ولاسيما لو أخذنا في الاعتبار تطورات الأحداث على الصعيد الإقليمي والعربي والدولي، موضحا أن من يبحث عن الإصلاح لا يلجأ لمثل تلك الأساليب، لتأجيج المشهد للخروج بمكاسب سياسية.
وشدد الفوزان على ضرورة سعي الحكومة والعمل بكل طاقاتها، كي تعيد ثقة الشارع فيها مرة أخرى، قائلا: على الحكومة ترتيب أوراقها بشكل يتوافق مع الأحداث الحالية.
وقال: أعتقد بأنه لا يوجد مواطن واحد يرى أن الأمور تمضي في اتجاهها الصحيح، والحقيقة تتمثل في أن الوضع الحالي سيئ، وهناك مشاكل كبيرة ومتعددة يعلمها الجميع، لذلك فالجو العام والأحداث السياسية جعلت المواطن يصدّق ما يُقال، فعادة ما يتعاطف الشخص العادي الذي يعاني بالأصل مشكلات حياتية مع تلك الأطروحات والأمور التي تتعلق بالتعدي على المال العام والفساد والسرقات.وعن رأيه في ما نشر من وثائق ومستندات، أكد الفوزان أنها مجرَّد أوراق عادية تحتوي تفاصيل لا تخضع للمنطق، من خلال الأرقام الخيالية التي قيل إنها تم تحويلها والتي تخطت المليارات في غضون أيام قليلة وحساب واحد، مجددا قوله إن الأمر بحاجة إلى فحص وتدقيق وشفافية في جميع مراحله، ولاسيما على صعيد إعلان النتائج. وعمَّا قيل بحق بعض القضاة، قال الفوزان إنه لا يمكن لشخص حريص على الكويت أن يخرج على الملأ بهذا الشكل، ويطعن ويشكك في القضاء أو بعض من رجاله على النحو الذي تم، فما حدث ليس من صالح الكويت، فالقضاء، شئنا أم أبينا، هو ملاذنا الأخير ومرجعيتنا، ومن دونه ستتحول البلاد إلى شريعة الغاب، وعلى الجميع احترام مؤسسة القضاء.
وعن الدعوات للخروج إلى ساحة الإرادة، أوضح الفوزان أنها تعددت في الفترة الأخيرة، إلا أنها فشلت في صناعة حدث يُجمع عليه المواطنون، ولكنهم نجحوا من خلال القضية الأخيرة في جذب انتباه المواطنين، وبالتالي ذهب المواطن ليطلع على ما يُقال، ولكننا في التحالف الوطني الديمقراطي رأينا أن ما يحدث خارج المصلحة العامة، وهو بمثابة صراع شيخ مع شيخ، ولسنا مدافعين عن مصالح الشيوخ أو ضدهم، لذلك نحن ضد هذا التوجه.
_______________________________________________________
منقول عن جريدة الطلعة 18 يونيو 2014
بقلم: د. حسن مدن*
حسب تقرير حديث للبنك الدولي فإن المعطيات المتاحة تشير إلى طفرة كبيرة متوقعة في أعداد الشباب في المنطقة العربية، مشرقاً ومغرباً، حيث سيزيد عدد سكان المنطقة من الشباب (حتى سن 24 سنة) باطراد نحو مليوني شخص سنوياً حتى عام ،2015 ثم يقفز بمقدار 10 ملايين تقريباً بين عامي 2015 و2030 .
ولأن التقرير المذكور يعالج حصراً قضايا التعليم في العالم العربي فإنه يتوقف أمام ما سيخلقه هذا النمو المفاجئ من طلب متزايد على الخدمات التعليمية على كل المستويات، وسيمثل ضغطاً هائلاً على المؤسسات التعليمية القائمة، التي إذا ما استمرت بطاقات الاستيعاب الراهنة فإنها لن تكون في وضع يمكنها من مواكبة هذه الزيادة .
يتحدث التقرير عن تحدٍ مزدوج يتمثل وجهه الأول في جودة التعليم، فيما يتمثل الوجه الثاني في ارتباط هذا التعليم باحتياجات سوق العمل، لذا فإنه يرى أنه يجب معالجة ذلك قبل حدوث الطفرة المتوقعة في أعداد الشباب، وإذا نجحت بلدان المنطقة في ذلك، فمن الممكن أن يصبح هذا المد المتصاعد في أعداد الشباب محركاً للنمو في المنطقة، لكن إذا أخفقت فإننا سنكون بصدد معضلات اجتماعية كثيرة، خاصة أنه بالنسبة للكثيرين جداً من تلاميذ المنطقة لم يكن الالتحاق بالمدارس يؤدي إلى التعلم، والأغلب أن السبب وراء ذلك سوء الجودة وضعف آليات المساءلة .
لكن ما يخرج عن دائرة اهتمام واضعي هذا التقرير هو الآثار الخطرة التي ستترتب على تلك الطفرة المنتظرة في مجالات أخرى غير التعليم، ومن ضمنها سوق العمل، العاجزة راهناً عن استيعاب قطاعات كبيرة من الشباب العرب الذين يعانون البطالة والتهميش، فما بالنا بما سيكون عليه الوضع في الآجال التي يتحدث عنها التقرير أو ما بعدها .
وما يقال عن التعليم وسوق العمل يشمل بقية مجالات الخدمات الاجتماعية كالإسكان وخدمات الرعاية الطبية، وفرص التدريب والتكوين المهني، فضلاً عن النهوض بالبنى التحتية في المدن والأرياف العربية لمواكبة هذه الزيادات الهائلة في أعداد السكان من الشباب الذين عليهم تدبر أمور حياتهم .
الهزات الاجتماعية والسياسية الكبرى التي شهدها العالم العربي يجب أن تكون محفزات لمعالجات سريعة، إن لم نقل فورية، من أجل استيعاب الطاقات الشابة الهائلة في مجالات التعليم والعمل وخدمات الرعاية، وتفادي الانفجارات الاجتماعية المدمرة التي تأتي بدون استئذان .
__________________________
*الأمين العام الأسبق للمنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين
منقول عن موقع المنبر الديمقراطي التقدمي (البحرين) تاريخ ٣/٦/٢٠١٤

تصريح من المنسق العام للتيار التقدمي ضاري الرجيب بشأن إطلاق سراح الناشط عبدالله عطاالله وسجن الناشط حجاب الهاجري
إن الإفراج اليوم عن الناشط في قضية الكويتيين البدون عبدالله عطاالله إجراء مستحق، وقد جاء متأخرا بسبب تعسف السلطة، ووزارة الداخلية تحديدا، في معاقبة الناشطين الكويتيين البدون، وانتهاكها المرفوض لحقوق الإنسان، عبر الاعتقال المتعسف وطول فترة الاحتجاز دون توجيه اتهام وسوء معاملة المعتقلين، وذلك في محاولة للتعمية على فشل السلطة على مدى عقود في معالجة قضية الكويتيين البدون، والتي لابد أن تُحل حلا إنسانياً جذرياً وشاملاًً وسريعاً وعادلاً يكفل للكويتيين البدون حقوقهم.
في الوقت عينه فإن الحكم النهائي الصادر اليوم على الناشط حجاب الهاجري بالسجن سنتين مع الشغل والنفاذ في قضية تعبير عن الرأي يمثل تراجعا للحريات في الكويت، واستمرارا لممارسات السلطة المرفوضة في ملاحقة نشطاء الحراك الشعبي المقاومين لنهج الانفراد بالسلطة وسيطرة الفاسدين على أجهزة الدولة ومقدراتها، ولابد من وقف نهج الملاحقات لعناصر المعارضة، وإصدار قانون للعفو العام غير المشروط عن القضايا الكيدية التي رفعتها السلطة ضدهم.
وإن قضيتي الناشطين عبدالله عطالله وحجاب الهاجري إنما تكشفان أولويات السلطة في إدارة البلد، والتي تتجاهل عمداً فضائح الفساد الكبرى وسوء الإدارة والعبث بالنظام الديمقراطي، وتنصرف نحو التضييق على الحريات وملاحقة الناشطين السياسيين والحقوقيين.
١٥/٦/٢٠١٤
بقلم: محمد سالم
لماذا لا يذكر أسماء الفاسدين إن كان واثقاً منمعلوماته؟...ولماذا لا يذهب إلى النيابة؟..ولماذا لا يقدم الأدلة إلى ديوان المحاسبة للتأكد من صحتها؟...هذه مجموعة من الأسئلة التي تتكرر عند كل كشف بيانات أو دلائل أو أرقام مالية تشير إلى وجود فساد تطال عدداً من المسؤولين في الدولة يطرحها البعض بحسن نية والبعض الآخر بسوء نية (بالتأكيد).
ولكن هل هذه الأسئلة الوجيهة والمنطقية ظاهرياً صحيحة في ظل هذا الواقع الذي نعيشه؟ أقول في ظل هذا الواقع بسبب القلق النابع من عدم الثقة بمؤسسات الدولة التي لم تحاسب أو تعاقب أي شخصية سياسية أو قيادية تنفعت وارتبطت بالفساد وحققت ثراء غير مشروع طوال تاريخ الكويت السياسي.
وهذا القلق وعدم الثقة بدور مؤسسات الدولة لم ينبع من وجود مظاهر الفساد المنتشرة؛ ولا نتيجة لعدم ظهور دلائل أو نتائج تمت فيها إدانة ومعاقبة متورطين في الفساد أو منتفعين من مقدرات الدولة وثرواتها وحسب، بل من الشعور بتستر مؤسسات الدولة وأجهزتها على المتنفذين وإخفاء الأدلة التي تدينهم.
وهذا الشعور لم ينتج من فراغ وإنما ناتج من نماذج عديدة لعمليات الفساد والاختلاسات الضخمة التي طالت الدولة وهزت المجتمع ولم تتم خلالها إدانة أي مسؤول عنها، مثل قضية الناقلات سابقاً وقضية التحويلات المالية لنواب مجلس الامة، وتهريب الديزل وغيرها الكثير من القضايا.
في المقابل تتجه مؤسسات الدولة بقوة وحماس لمحاسبة ومحاكمة نائب في مجلس الأمة بسبب كشفه شيكات رشاوى لرئيس مجلس الوزراء السابق وملاحقة الشباب الوطني بسبب تغريدات وآراء أبدوها في الوضع السياسي العام.
لقد أصبح واضحاً بشكل جلي أن الدولة بمؤسساتها لا تعبر عن مصالح المجتمع ككل، وإنما تعبر عن مصالح طبقة برجوازية، حيث تخدمها لزيادة ثرواتها والسيطرة على مقدرات البلاد والتحكم بأنظمتها وبإطرها القانونية... لذا فلا غرابة عندما نسمع دعوات تظهر من هنا وهناك تطرح ضرورة الإلتزام بالطرق القانونية (التي تحددها وتضعها وتتحكم بها) لإجبار المجتمع على السير وفق هذه النظم الخاضعة لهم.
إن الدولة بقوانينها ونظمها ومؤسساتها تعكس حالياً وبشكل متزايد مصالح الحلف الطبقي والسلطوي فالمؤسستان التشريعية والتنفيذية أصبحتا معبراً حقيقياً عن هذا الحلف، فبمجرد النظر إلى الجلسة الأخيرة لمجلس الأمة التي أعقبت تجمع ساحة الإرادة التي كشف فيها عن بيانات تشير إلى وجود فساد مالي ضخم ضرب الدولة يفهم ما هو المقصود بالحلف الطبقي.
وبالتالي فإن أي حديث عن الدعوة لقيام الدولة بمختلف مؤسساتها في التحقق من صحة بيانات تدين المتنفذين في الدولة هو مضحك بحد ذاته، فما يحدث هو سلسلة طويلة من عمليات الفساد المستمر تحت غطاء هذا الحلف ولن تستطيع مؤسسات الدولة القيام بدورها الحقيقي حتى تخضع للإرادة الشعبية وليس الطبقية.
وأمام هذا الوضع وحتى تقوم تلك المؤسسات بدورها الحقيقي يجب إحداث تغيير جذري في بنية مؤسسات الدولة بدءاً من استقالة الحكومة وحل مجلس الامة والعودة إلى النظام الانتخابي السابق ولا يمكن إحداث هذا التغيير إلا بتشكيل جبهة وطنية واسعة تعي حقيقة وطبيعة الصراع القائم وتعمل على وضع آلية لتحقيق الإصلاح السياسي والتحرك نحو تحقيق ديمقراطية حقيقية قوامها حياة حزبية سليمة ونظام انتخابي ديمقراطي وحكومة معبرة عن تطلعات الشعب الحقيقية، وهذا التغيير لن يحدث من فوق، وإنما من القاعدة التي قوامها الشعب

بيان صادر عن التيار التقدمي الكويتي حول كشف فضائح الفساد والإفساد
بعد الفضائح الرهيبة والمعلومات المثيرة التي كشفها النائب السابق مسلم البراك أمام التجمع الجماهيري الحاشد مساء أمس الثلاثاء العاشر من يونيو في ساحة الإرادة، وبعد أن تم نشر عدد من الوثائق المتصلة بوقائع الفساد وعمليات الإفساد التي تجاوزت كل الحدود وتخطّت كل المقاييس، فلم يعد هناك شك أنّ الأمرَ جلل والخطب كبير والخلل خطير، بحيث أصبحت مراكز النفوذ وقوى الفساد هي التي تتحكم في جميع مفاصل الدولة وسلطاتها ومؤسساتها، ولم تعد الكويت دولة يحكمها دستور وقوانين ومؤسسات، وإنما أصبحت الآن أقرب ما تكون إلى مشيخة يسيطر على مقاليد الأمور فيها شيوخ فاسدون وأصحاب سطوة منتفعون، فيما المال العام يتعرض لعمليات سرقة منظمة وأعمال نهب واسعة ومستمرة لا يردعها رادع ولا يراقبها رقيب أو حسيب.لقد حان الوقت لأن تنطلق من دون تأخير حركة شعبية واسعة موحدة وقوية ومنظمة بمبادرة مشتركة من كل القوى السياسية المعارضة وذلك لخوض المعركة الكبرى ضد قوى الفساد ومراكز النفوذ ولقطع دابر النهب المنظم وكشف مؤامرات المتآمرين، وللتصدي في الوقت ذاته لنهج الإنفراد بالسلطة ولتصحيح مسار الدولة وتحقيق مطالب الإصلاح الديمقراطي، وهذا ما يتحقق على وجه أدق في الاتفاق على المطالب التالية:1- ملاحقة المتورطين في عمليات النهب والفساد والإفساد.2- عدم توفير أي شكل من أشكال الحماية والرعاية والغطاء للفاسدين المتنفذين.3- تطهير أجهزة الدولة وسلطاتها الثلاث من العناصر الفاسدة وإبعاد المتورطين عن مواقع القرار في أي منصب كانوا.4- مصادرة الأموال العامة التي استولوا عليها من دون وجه حق وإعادتها إلى الدولة.5- إقالة الحكومة الحالية.6- الإسراع من دون تأخير في حلّ مجلس الصوت الواحد، وإجراء انتخابات جديدة وفق النظام الانتخابي الذي كان قائماً قبل العبث السلطوي المنفرد به.7- وقف نهج الملاحقات لعناصر المعارضة، وإصدار قانون للعفو العام غير المشروط عن القضايا الكيدية التي رفعتها السلطة ضدهم.مع التأكيد على التمسك بتحقيق المطلب الاستراتيجي الرئيسي لإصلاح الأوضاع العامة في البلاد المتمثّل في قيام نظام برلماني ديمقراطي كامل يستند إلى وجود حياة حزبية سليمة ونظام انتخابي مبني على القوائم والتمثيل النسبي لتكون هناك حكومة ممثلة لإرادة الشعب ومسؤولة أمامه وقادرة على تحقيق تطلعاته.فلتتوحد كل الجهود المخلصة من أجل كويت تكون فيها السيادة حقاً للأمة، التي هي مصدر السلطات جميعاً، وليس للمتآمرين والفاسدين والمنتفعين والمتنفذين.
الكويت في 11 يونيو 20141
تتواتر الدعوات لحضور الندوة التي يقيمها «حشد» في ساحة الإرادة يوم الثلاثاء 10 يونيو الجاري، حيث سيكشف خلالها النائب السابق مسلم البراك بعض التفاصيل الجديدة حول الوثائق البنكية، التي تكشف تورط بعض المتنفذين لتحويلات وسرقات مالية ضخمة، واستخدامها كرشاوى وشراء ولاءات، بعد فضيحة أشرطة الفيديو المتورط فيها نفس المتنفذين، فيما وصف بأنه مؤامرة على الحكم وسرقة المال العام.ورغم حظر النائب العام التداول أو الخوض في موضوع الأشرطة، فإنها تحولت إلى قضية رأي عام يتداولها الناس في البيوت والدواوين، ويبدو أن دائرة المطلعين على أدلة فضيحة المؤامرة قد اتسعت.ولا يستبعد استغلال بعض الأطراف في السلطة لسخط الناس حول هذا الأمر، وتسليم أدلة الفضيحة لبعض أطراف المعارضة نكاية بمنافسيهم، أو لإعادة الاعتبار لهم داخل أسرة الحكم، وهذا ما يجب الانتباه منه حتى لا تتحول الجماهير الغاضبة إلى جزء من هذه اللعبة غير النظيفة، كما ستستغل من قبل بعض النواب السابقين من أجل مكاسب انتخابية في أي انتخابات آتية، كما ستستغل من قبل بعض المجموعات الشبابية التي فقدت بريقها بعد توقف الحراك الشعبي.ويتوقع المراقبون أن يكون الحضور كبيراً في ساحة الإرادة نتيجة تراخي السلطة في كشف الحقائق أمام الشعب الذين طالبوا منذ البداية بعدم «طمطمة» الفضيحة التي كشفت للناس، وعدم توفير غطاء للفاسدين المتنفذين، وضرورة محاسبتهم واسترداد الأموال المنهوبة، والتخلي عن نهج الانفراد بالسلطة والقرار.وقد ضاق الشعب ذرعاً بتدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية والمعيشية، والعبث بمواد الدستور وعدم وجود أفق للإصلاح السياسي والعودة إلى الحياة الديموقراطية الصحيحة، وتصحيح المسار في العملية الانتخابية، ما أدخل البلاد في نفق الأزمة الخانقة التي استمرت وتفاقمت في السنوات الأخيرة.لا نعرف كيف ستكون ردة فعل السلطة تجاه التجمع الجماهيري، هل ستقمعه كما حدث سابقاً في الحراك الشعبي، أم ستتركه وتعتبره تنفسياً للغضب والاحتقان، لكن في كلتا الحالتين سيتنامى الغضب الشعبي ما لم تبادر السلطة إلى إجراءات تؤدي إلى انفراج.الأمر إذاً بيد السلطة التي يجب أن تبادر في الإصلاح السياسي وعدم تهميش الناس، وتحقيق المطالب الرئيسية المتمثلة في قيام نظام برلماني ديموقراطي كامل، ووجود حياة حزبية سليمة على أسس وطنية، ونظام انتخابي مبني على القوائم والتمثيل النسبي، وإلغاء نظام الصوت الواحد بعد أن فشل في تجربتيه الأولى والثانية، وإصلاح الأوضاع العامة وإيقاف التدهور في الخدمات والحياة المعيشية للمواطنين، والتوقف عن نهج الملاحقة السياسية والقمع البوليسي، والعفو التام عن المحكومين في قضايا أمن الدولة.هذا ما يمكن أن يعزز الاستقرار والأمن، ويحقق التنمية التي تأخرت كثيراً، على أن يكون محورها الرئيسي هو الإنسان، ودون ذلك ستدخل الكويت في نفق مظلم، وستزداد الأزمة عمقاً وهو أمر لا تحمد عقباه.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
______________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 09\06\2014
تطالب نقابة العاملين في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية (التي ترأسها في الوقت الحالي موظفة وهذا من الأمور النادرة في التاريخ النقابي الكويتي) بتحسين ظروف العمل للموظفين، فالموظفون يعانون من تدني الأجور، ومن الجمود الوظيفي حيث لم يتم زيادة الأجور و تعديل سلم الرواتب منذ عام ٢٠٠٧ بالرغم من حصول الكثير من الجهات على زيادات مالية، وبسبب هذا الوضع حدث تسرب وظيفي من المؤسسة بحيث أصبح عدد الشواغر حوالي ٣٠٠ شاغر.ولتحقيق هذه المطالب قامت النقابة بعقد عدة اجتماعات مع الإدارة العليا للمؤسسة ووزير المالية السابق الشمالي وحصلت على ضمانات منهما على إقرار الزيادات المالية، و قبل حوالي العام في شهر يونيو ٢٠١٣ دعت النقابة لإضراب جزئي بسبب تجاهل مطالبها، وتم الاضراب لعدة أيام وكان رسالة للادارة من أجل اقرار المطالب.وبعد مرور عدة أشهر استمر الوضع على ما هو عليه ولهذا دعت النقابة لاضراب جزئي آخر بدأ في ١ يونيو الجاري لمدة خمسة أيام حيث يتوقف العمل في الساعة الحادية عشر صباحاً، وفي آخر يوم من الإضراب الجزئي وجّه وزير المالية الحالي رسالة للنقابة مفادها أنه سيعتمد أي جدول جديد للرواتب مرفوع إليه من الادارة العليا للمؤسسة، ولكنه سرعان ما تراجع بعد رسالته تلك وطلب من النقابة وقف الإضراب أولاً ثم التفاوض، وبسبب تراجع الوزير دعت النقابة لاضراب كلي يبدأ اليوم الاحد المواقف ٨ يونيو حتى اقرار المطالب.إن التيار التقدمي الكويتي يتفهّم المطالب العادلة للعاملين في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية ويطالب الإدارة بالاستجابة لها من دون مماطلة.

بيان صادر عن التيار التقدمي الكويتي حول الدعوة للتجمع الشعبي في ساحة الإرادة مساء الثلاثاء 10 يونيو 2014
سبق للتيار التقدمي الكويتي أن أكّد في بيانه الصادر يوم 22 أبريل الماضي حول فضائح الفساد والإفساد ونهب أموال الدولة واستغلال النفوذ أنّه قد أصبح من الضرورة التحرك الجماهيري الموحد والقوي، وبمبادرة من كل القوى السياسية المعارضة، من أجل كشف الحقائق كاملة أمام الشعب، والمطالبة بعدم توفير الحماية والرعاية والغطاء للفاسدين المتنفذين الكبار وإبعاد المتورطين في فضائح الفساد والإفساد عن مواقع القرار في أي منصب كانوا، وملاحقتهم ومصادرة الأموال العامة التي استولوا عليها من دون وجه حق.
ومن هنا فإنّ التيار التقدمي الكويتي يؤيد أي مبادرة أو تحرك في هذا الاتجاه ويدعو إلى المشاركة في أي تجمع جماهيري أو حراك شعبي يتبنى هذه المطالب، وعليه فإنّه يحثّ المواطنين على تلبية الدعوة الموجهة من الإخوة في حركة العمل الشعبي "حشد" للتجمع في ساحة الإرادة مساء الثلاثاء 10 يونيو الجاري، مع الحرص على الابتعاد عن أجندات أي أطراف سلطوية وأن يكون هذا التجمع بداية انطلاقة حركة شعبية جادة ليس لمحاربة الفساد والمفسدين فحسب، وإنما للتصدي أيضاً لنهج الإنفراد بالسلطة ولتصحيح مسار الدولة وتحقيق مطالب الإصلاح الديمقراطي.
وفي هذا الصدد فإنّ التيار التقدمي الكويتي يرى ضرورة التحرك المستحق وغير القابل للتأجيل من أجل:قطع دابر النهب ومكافحة قوى الفساد وكشف مؤامرات مراكز النفوذ واستعادة أموال الدولة المنهوبة، وإقالة الحكومة الحالية، والإسراع في حلّ مجلس الصوت الواحد،وإجراء انتخابات جديدة وفق النظام الانتخابي الذي كان قائماً قبل العبث السلطوي المنفرد به، ووقف نهج الملاحقات لعناصر المعارضة وإصدار قانون للعفو العام غير المشروط عن القضايا الكيدية التي رفعتها السلطة ضدهم... مع التأكيد على التمسك بتحقيق المطلب الاستراتيجي الرئيسي لإصلاح الأوضاع العامة في البلاد المتمثّل في قيام نظام برلماني ديمقراطي كامل يستند إلى وجود حياة حزبية سليمة ونظام انتخابي مبني على القوائم والتمثيل النسبي لتكون هناك حكومة ممثلة لإرادة الشعب ومسؤولة أمامه وقادرة على تحقيق تطلعاته في بناء كويت الديمقراطية والتقدم والعدالة الاجتماعية.
الكويت في 7 يونيو 2014

تغطية جريدة الطليعة لندوة "قانون هيئة الاتصالات...والقمع المطلوب"
كتب آدم عبدالحليم:أكد المحامي حسين العبدالله، أن قانون هيئة الاتصالات، الذي أقرَّه مجلس الأمة ونشر في الجريدة الرسمية، فيه العديد من المثالب القانونية، وتتعارض نصوصه مع مواد الدستور، متمنياً أن يدرك النواب مدى مخالفة ذلك القانون لمبادئ ونصوص الحريات العامة والخاصة، التي كفلها الدستور، وأن يسارعوا إلى إجراء تعديلات عليه، تقضي على العبارات الفضفاضة والمحاذير الواردة في ثنايا النصوص، لمحاولة إصلاح ما يمكن إصلاحه.
واعتبر العبدالله، في ندوة أقامها التيار التقدمي في منطقة القصور بديوانية عضو التيار صالح المورجي، تحت عنوان «قانون هيئة الاتصالات.. والقمع المرفوض»، لجوء الحكومة إلى مثل تلك القوانين المقيدة، يرجع إلى أن سخونة الأحداث السابقة «الحراك الشبابي وما قبله» كانت كفيلة ببث إنذارات للسلطة التنفيذية بسن وتمرير قوانين تفوض السلطة التنفيذية بشكل مطلق في اتخاذ إجراءات معينة، كما حدث مع قانون هيئة الاتصالات.
أمل وحيد
وأشار إلى أن الأمل الوحيد الذي نراهن عليه لمحاولة محو النصوص المطاطة وغير الدستورية، يتمثل في أن تأتي اللائحة التنفيذية بشكل يكرّس العديد من الضمانات، ويعزز الحريات، بعد أن طغت الجوانب الفنية على الجوانب القانونية اللازمة لصياغة التشريع، ما انعكس على العديد من نصوص القانون بالقصور.
واستغرب العبدالله السرعة التي مرَّ بها القانون، الذي هو في الأصل مشروع حكومي، في اللجنة المختصة (لجنة المرافق العامة)، ومن ثم إقراره في قاعة عبدالله السالم بمداولتين بشكل سريع، ثم نشره في الجريدة الرسمية يوم 18 مايو الماضي.
مخالفات

حسين العبد الله
وأضاف أن القانون يحتوي على كثير من القضايا، التي فيها العديد من المحاذير الواردة في النصوص أو ثنايا القانون أو القواعد التي وردت بشكل استثنائي، لكي تبث السم في العسل، مشيراً إلى أن القانون الذي ينظم بالأساس قطاع الاتصالات يحتوي على العديد من النصوص والمخالفات التي تعصف بالحريات على صعيد مواقع التواصل الاجتماعي، كما أن القانون تمَّت صياغته بشكل جامع مانع، ليزج بمن يتعامل مع الاتصالات ووسائل التواصل الاجتماعي (مدونات، مواقع إلكترونية، برامج دردشة) عن طريق معانٍ عامة وعبارات فضفاضة.
واعتبر العبدالله أن الحالة التي عليها بعض نصوص القانون جعلتها تندرج تحت عدم الدستورية، وأن التعريفات غير المحددة ستسمح للمحاكم بالتوسع على نحو غير مقبول لتجريم ما يقع من برامج، لمجرد أنها استخدمت من وسائل اتصالات، من دون تحديد لتعريفها أو مضمونها، الأمر الذي يخالف فلسفة التشريع الجنائي، الذي يستلزم الوضوح والتحديد في مقاصد التشريع، حتى يتنبه المخاطبون إلى تجريم الأفعال التي يمارسونها، حتى يتجنبوها.ولفت إلى أن القانون سمح للهيئة بحجب أي مواقع إلكترونية، من مدونات وغيرها، بناءً على قرار من الهيئة العامة للاتصالات، من دون مسوغ قانوني أو قضية أو قرار من النيابة، مؤكداً ضرورة أن يكون حجب المواقع مبنياً على حكم قضائي تسبقه قضية مبنية على بلاغ مقدَّم، ويكون أمر الحجب وقتياً، وليس دائماً، بحيث ينظم العمل، ولا يحجبه بشكل نهائي.
المادة 53
وأوضح أن ما زاد من مثالب القانون، ما نصت عليه المادة 53 بفقرته الثانية، بإمكانية قطع الاتصالات الشخصية عن المواطن أو المقيم من خدمة استخدام الاتصال من شركات الاتصالات لدواعٍ أمنية، إذا ما طالبت إحدى الجهات المختصة وفق النص قطع الاتصال عنه، تحت ذريعة الأمن الوطني، وهو ما سيسمح لوزارة الداخلية بمطالبة هيئة الاتصالات، ولدواعٍ أمنية، أن تطالب الشركات بقطع الاتصالات عمَّن تشاء، كقطع الاتصال على مجموعة من الشباب في ندوة أو مكان محدد.
إلغاء الضمانات
وشدد العبدالله على ضرورة ألا تكبل الحريات تحت منطلق الدواعي الأمنية، متسائلاً: هل جهات الاختصاص، التي أشير إليها في القانون، والتي تتيح قطع الاتصال الشخصي من دون إذن قضائي أو من النيابة العامة وبصلاحيات واسعة، هي الجهات الأمنية؟ وهل هي داخلية أو خارجية أو غيرها؟
وأضاف أن القانون سمح لموظفي الهيئة ممن لديهم الضبطية القضائية تتبع وإخضاع أي أجهزة خاصة للرقابة، من دون إذن قضائي، ما يعني إلغاء الضمانات التي كفلها الدستور، بأن يكون إخضاع الأجهزة للرقابة أو التتبع وفق القانون، وبأن يكون ذلك بعد الحصول على إذن من النيابة العامة.. أما القانون الحالي، وبتطبيقه على الجرائم الخاصة بإساءة استعمال الهاتف، فلم يلزم جهة التحقيق، ممثلة بالإدارة العامة للتحقيقات، أو الموظفين في الهيئة، الحصول على إذن من النيابة العامة، لتتبع أو إخضاع أي أجهزة خاصة للرقابة، ما يعني إلغاء الضمانات التي كفلها الدستور، بأن يكون إخضاع الأجهزة للرقابة أو التتبع وفق القانون، وبأن يكون ذلك بعد الحصول على إذن من النيابة العامة، لأنها إحدى الجهات القضائية التي سبق أن أسندت لها اللائحة التنفيذية من قانون إساءة استعمال الهاتف رقم 9 لسنة 2001 أمر إخضاع مراقبة الاتصالات إلى إذن من النيابة العامة.
واستغرب العبدالله أن تأتي نصوص القانون، التي أقرت من المجلس على هذا النحو وبتلك الصلاحيات الواسعة، ومن دون ضمانات، لتتنافى مع الدستور، في حين أن اللائحة التنفيذية «الحكومية» لقانون إساءة استعمال الهاتف رقم 9 لسنة 2001، لا تسمح بإخضاع أي هاتف للمراقبة، إلا بعد الحصول على إذن قضائي، أو من النائب العام، وإذا كانت القضية محل تحقيق، لا تستطيع الإدارة العامة إخضاع أي هاتف للمراقبة، إلا بإذن النائب العام.
سلطة الضبط القضائي
وأوضح العبدالله أن من مثالب القانون المادة 59، التي أتاحت لعدد من موظفي الهيئة سلطة الضبط القضائي وأناط بهم العديد من الصلاحيات الواسعة، لدرجة أنه سمح لهم بالدخول إلى أي مكان من دون أن يحدده، خاصاً كان أو عاماً، يوجد فيه أو يشتبه أن توجد فيه أجهزة أو شبكات أو مرافق اتصالات أو كل أو جزء من البنية التحتية المستعملة في خدمات الاتصالات، وذلك لتفتيشها، ولضبط أي أجهزة أو معدات اتصال غير مرخص أو مصرح بها.
.. ومثالب أخرى
وعن المثالب الأخرى في القانون، قال العبدالله: إن القانون رسم شكل مجلس الهيئة بسبعة أعضاء، ولم يشترط التفرغ لجميع أعضاء مجلس هيئة الاتصالات، حيث اشترط فقط أن يكون من بين الأعضاء السبعة أربعة منهم على الأقل متفرغين، وهو أمر يخالف فكرة الاستقلالية والشفافية، التي يجب على الهيئة أن تعمل بها بضرورة تفرغ جميع أعضاء مجلس الإدارة، لما لهم من صلاحيات واسعة وجسيمة، وعدم تفرغ ثلاثة منهم قد يسمح بتضارب المصالح، ما قد يعيق عمل الهيئة، مضيفاً أنه كان بمقدور القانون إشراك غير المتفرغين، ويسمح بالاستعانة بهم في اللجان الاستشارية، وليس في مجلس الإدارة المكلف رسم السياسات واتخاذ القرارات والموافقة على تراخيص الشركات وإيقاع العقوبات.. وغيرها من الصلاحيات الواسعة لمجلس هيئة الاتصالات، لذلك، نطالب بأن يكون أعضاء الهيئة متفرغين جميعهم، مستغرباً عدم الإشارة إلى قانون مكافحة الفساد وإلزام القياديين والموظفين العاملين في الهيئة والقائمين عليها الكشف عن ذمهم المالية.
واختتم العبدالله حديثه، قائلاً: بعد أن نشرت مثالب القانون اتصل بي عدد من النواب، وطلبوا مني صياغة تعديلات على القانون، بهدف التغلب على تلك المثالب والتعارض مع مواد الدستور، متمنيا أن يتم تمرير تلك التعديلات، أو أن تعالج الحكومة تلك الاختلالات من خلال اللائحة الداخلية.
حدث في الندوة
● أحد الحضور أكد أن لا أحد يتوسم في المجلس الحالي إصدار قوانين ترضينا وتكون لصالح المواطن، مستغربا عدم انتباه النواب والشعب من قبلهم لخطورة ذلك القانون الذي لم يأخذ حقه من المناقشة.
● علق أحد الحضور أن ما يحدث حاليا على الساحة السياسية سببه، أننا تركنا الساحة، ولم نشارك في الانتخابات الأخيرة، لذلك جاء المجلس مشوهاً، مهمته إصدار تشريعات من هذا النوع.
● أثنى عضو التيار التقدمي أحمد الديين في مداخلة له على دور المحامي حسين العبدالله في قانون الإعلام الموحد، وكلمته الشهيرة في المؤتمر الذي جمع القوى السياسية بديوانية المنبر بضاحية عبدالله السالم، معتبراً أن القانون يأتي في إطار نهج السلطة الرافض للحريات بشكل عام، وأن القوانين الحكومية تصاغ لكي تقيد الحريات لا لتنظمها، مؤكداً أن السلطة استفادت من تجربتها مع القوى السياسية في المشروع الحكومي بقانون «الإعلام الموحد»، لذلك لم تعلن عن قانون الهيئة العامة للاتصالات، لكي لا تشكل رأياً عاماً يتصدى للقانون ويمنع تمريره، فباغتوا الشعب بإقراره بمداولتيه.
● أكد عضو التيار التقدمي د.فواز الفرحان، أن البرلمان الحالي فاقد للشرعية، فهو برلمان صنيعة السلطة، لذلك لن يكون هناك عدد كاف لرد القانون، أو إجراء تعديلات عليه، ولابد من التعويل على المعارضة، معتبراً أن المشاركة في انتخابات المجلس السابقة كانت ستجعلنا مشاركين في تلك القوانين، بالإضافة إلى أن ذلك كان سيعطي شرعية لتلك القوانين سيئة السمعة.
● قال أحد الحضور إن ردة الفعل المنتظرة من قبل التنظيمات السياسية، لابد أن تكون على قدر المسؤولية، مستغربا صمت كل التيارات السياسية على هذا القانون.
● وصف أحد الحضور في مداخلة سريعة القانون بأنه «قانون أمن دولة».
● أكد ضاري الرجيب، أن فضيحة ووتر جيت أجبرت الرئيس الاميركي نيكسون على الاستقالة، متسائلاً: هل ستكون لنا ردة فعل في قضية مشابهة؟
● الزميل مدير تحرير «الطليعة» علي العوضي أبدى استغرابه من إقرار تلك القوانين، قائلاً: أعتقد بأن الفترة المقبلة ستشهد إقرار عدد آخر من القوانين المشابهة، ليصلوا إلى اقرار كل المواد التي جاءت بقانون الإعلام الموحد.
● أحد الحضور قال: طالما أن المجلس مختطف، فلن تعطف علينا الحكومة بلائحة تنفيذية تعالج مثالب مواد القانون، وسيستمر الأمر، حتى تلاحقنا الحكومة في بيوتنا.
● رد المحامي حسين العبدالله على مداخلات الحضور بالقول: إن القانون لم يكن قانونا بالمعنى الحرفي، لكنه ترخيص من السلطة التشريعية للحكومة، لتفعل ما تريد وقتما تشاء وتفويضها بهذه الطريقة التي رسمتها مواد القانون، مضيفاً أن القانون سيجعل من السلطة القضائية جهة مطبقة للنص وتراقب مدى ارتكاب الشخص للجريمة من عدمه، وطالب القضاء بأن تكون لديه رقابة على سلامة الإجراءات القانونية «الإجراءت المتعلقة بالملاحقة والتفتيش وإخضاع الرقابة».
واستغرب العبدالله من تصريح وزير الإعلام، الذي أشار فيه إلى نية الوزارة سنّ مشروع بقانون لمعاقبة من يسيء استخدام مواقع الاتصال، قائلاً: كيف لا يعلم الوزير الذي شارك في قانون هيئة الاتصالات أن القانون يعالج تلك الأمور وغيرها؟، مؤكداً أن أهم التعديلات التي يجب أن تضاف للقانون، هي ضرورة أن يكون للقضاء دور، معتبرا أن المجلس في حاجة لأغلبية عادية لإقرار التعديلات على القانون.
_____________________________
منقول عن جريدة الطليعة تاريخ 04\06\2014
يقترب شهر رمضان الكريم، ويستعد الناس لشراء ما يلزم من الغذاء وخاصة اللحوم، لكن مسلسل الفساد والغش التجاري الذي كشفته صحيفة «الراي» في صفحتها الأولى بعددها الصادر يوم الأحد 1 يونيو الجاري، حول فضيحة الأغنام الموبوءة، «النافقة والعرجاء ومريضة بنزف الرئة» التي تباع للمواطنين، يقلق الإنسان الذي ينتظر هذا الشهر الفضيل، ويقلق الإنسان الكويتي بشكل عام.
وأيضاً بدأنا بدخول فصل الصيف مما يعني ازدياد طلبات العلاج بالخارج أو ما يسميه الكويتيون بالسياحة العلاجية، للمتمارضين وأسرهم الذين سيتقاضون مبالغ من أموال الشعب لقضاء عطلة الصيف التي تمتد إلى ثلاثة أشهر في دول أوروبا.يحدث كل ذلك الفساد الخطير ولجنة الظواهر السلبية تركز على منع لبس المايوهات الذي «يخالف الشرع والتقاليد»، وكأن البلد خلا من كل المشكلات والأزمات، التي لم يلتفت إليها مجلس الصوت الواحد بل تخاذل أمامها وتواطأ بالسكوت عنها.لم يعد أحد منا يصدق تصريحات المسؤولين والوزراء وأعضاء المجلس المسخ، الذين يعدون بمحاربة الفساد وبالإنجاز التنموي، ولم يعد المواطن يركن إلى وزارة الداخلية والبلدية أو أي إدارة حكومية لتأمين حياته وأمنه وصحته، وحمايته من الفساد والغش التجاري، حتى دب اليأس والإحباط في نفوس أبناء الشعب، بل بدأنا نسمع نغمة جديدة تتكرر عند الكويتيين، هي الهجرة حفاظاً على صحتهم وكرامتهم ومستقبل أبنائهم، بعد موجات الشباب العاطلين الذين بدأوا بالهجرة إلى بعض دول الخليج للبحث عن العمل وإعالة أسرهم.وأنا أدعو أي مسؤول أمين على أموال الكويتيين لقراءة إحصائيات المتقدمين بطلبات العلاج بالخارج في هذا الفصل، ومقارنتها بالإحصائيات في غير موسم الصيف، كما أدعو أي مسؤول تنفيذي أو تشريعي ليعطينا حلولاً لتفشي الفساد والأغذية الفاسدة، أو محاسبة هؤلاء التجار عديمي الضمير والدين والأخلاق.لكن هذا الفساد الخطير أهون بكثير من لبس المايوه الذي يشكل لمجلس الصوت الواحد آفة مجتمعية وظاهرة لا أخلاقية متفشية في مجتمعنا، إن سرقات المال العام وهدره عبر السياحة العلاجية على نفقة الحكومة وغيرها من السرقات والنهب بوسائل مختلفة، التي يتوسط لها النواب أنفسهم، وبيع الأغذية المسمومة واستغلال الشهر الفضيل، لا تعتبر من الظواهر السلبية التي تحولت من ممارسات فردية إلى ظاهرة، بينما لبس المايوه أخطر على المجتمع والشعب.وما زال البعض يردد «الله لا يغير علينا»، ونحن نقول الله يغير علينا، ونعود إلى دولة القانون والمؤسسات والعدالة والمساواة والديموقراطية، ونصرة الشعب على أعدائه من الفاسدين والمفسدين من المتنفذين ومن السلطتين التنفيذية والتشريعية.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 02\06\2014 العدد:12754
بقلم: د. بدر الديحاني
أي شخص حريص على استقرار وطننا وتطوره لن يرفض المصالحة الوطنية من أجل عودة الصراع السياسي إلى قنواته الطبيعية، ولكن كي تنجح المصالحة السياسية لابد أن تقوم على أسس سليمة وصلبة، وإلا بقيت مجرد أمنيات غير واقعية أو مُسكّنات مؤقتة الهدف منها كسب الوقت وتخفيف الضغط الشعبي المطالب بالإصلاح السياسي والديمقراطي. المصالحة الوطنية الناجحة تتطلب تهيئة الظروف والأجواء السياسية، إذ لا يمكن الحديث عن مصالحة وطنية في الوقت الذي تستمر قضايا الملاحقات السياسية لعناصر المعارضة وشبابها تحت غطاء قانوني، وتُقر القوانين المقيّدة للحريات العامة والمخالفة للدستور مثل قانون هيئة الاتصالات. المصالحة الوطنية تتطلب أيضا تقديم السلطة مبادرة مشروع سياسي متكامل وجريء يتم فيه الاعتراف بأخطاء الماضي، ومعالجة الأسباب الحقيقية التي أدت إلى تراجعنا الديمقراطي وتخلفنا التنموي، وما ترتب عليهما من انقسام سياسي واجتماعي حاد، إذ لا معنى للمصالحة الوطنية من دون معالجة جذور المشكلة، فالتوقف كثيرا عند بعض أعراض الأزمة السياسية أو محاولة طمطمة بعض قضايا الفساد السياسي والمالي، التي برزت مؤخرا، من دون البحث في أصل المشكلة التي أوصلتنا لما نحن فيه هو تضييع للوقت والجهود، حيث ستعود الأزمة السياسية للبروز من جديد بشكل أكثر حدة.المصالحة الوطنية الجادة تتطلب أيضا مشاركة الشعب في جميع الترتيبات والنقاشات، بحيث لا يقتصر نقاش الأزمة السياسية الخانقة والبحث عن مخارج على دوائر نخبوية أو سياسية ضيقة وبمعزل عن المشاركة الشعبية.في يونيو 2012 كتبنا في هذه الزاوية ما يلي:"مازلنا ندور في الحلقة المفرغة ذاتها، فما كان يفترض إنجازه في منتصف ستينيات القرن الماضي، وهو تطوير نظامنا الدستوري واستكمال بناء الدولة الدستورية الديمقراطية، لم ينجز حتى هذه اللحظة... لقد بدأت المشكلة التي مازلنا نعاني تداعياتها وآثارها ونتائجها عندما تصدت قوى متنفذة داخل النظام وخارجه لمشروع الدولة الدستورية الذي دشنه دستور 1962، لأنها ترى أن هذا المشروع سيقلص نفوذها، وسيضر بمصالحها لأنه ينص، صراحة، على أن «نظام الحكم في الكويت ديمقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعاً». لهذا فقد وقفت هذه القوى المتحالفة ومازالت ضد استكمال بناء الدولة الدستورية الديمقراطية التي يكون فيها فصل واضح بين السلطات، ومواطنة دستورية متساوية، وعدالة اجتماعية، وحريات عامة، بل إنها انقلبت على الدستور في السابق، ولأكثر من مرة حينما رأت أن الظروف السياسية مناسبة، وترتب على ذلك تعطيل الحياة البرلمانية وتهميش القوى والتيارات الوطنية الديمقراطية التي تدعو في خطابها وبرامجها السياسية إلى الدولة المدنيّة الجامعة التي ينص عليها الدستور، بينما فتح الباب واسعا لقوى انتهازية وطائفية وقبلية لتسيد المشهد السياسي.من هذا المنطلق، فإنه لا مخرج لأزمتنا السياسية المحتدمة إلا باستكمال بناء الدولة الدستورية الديمقراطية، وهذا يتطلب التصالح أولاً مع الدستور وتطبيقه كاملاً، أي التصالح مع نظام الحكم الديمقراطي الذي تكون فيه السيادة للأمة فعلاً، خصوصاً أن النموذج المعمول به حتى الآن قد ثبت فشله الذريع المرة تلو الأخرى".والآن بعد مضي عامين ها نحن مازلنا ندور في الحلقة المفرغة ذاتها، لأن التصالح مع الدستور، أي مع نظام الحكم الديمقراطي، لم يتم بعد، وهو ما يجب التركيز عليه في أي حديث جاد عن المصالحة الوطنية.
_______________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 02\06\2014
ما قلنا عنه تسريب في مقالنا السابق بعنوان «المصالحة الحقيقية»، أصبح معلومات تتداول حول لقاءات واتصالات تجريها بعض الشخصيات والمجاميع مع السلطة حول ما يسمى المصالحة، وهو مشروع قديم منذ العام 2013 لمن كانوا يسمون «جماعة المصالحة»، وهذه اللقاءات والتحركات تهدف إلى المصالحة بين السلطة والقوى السياسية المختلفة من أجل تخفيف حدة الاحتقان ونزع فتيل الأزمة السياسية العامة، التي تفاقمت بشكل كبير في الآونة الأخيرة على طريقة عفا الله عما سلف، أو كما يقال في بلاد الشام «تقبيل اللحى».
لسنا بالتأكيد مع التأزيم والتوتر وعدم الاستقرار في الحياة السياسية والعامة في بلدنا، بل يهمنا أن تكون هناك أجواء انفراج واستقرار للحياة السياسية، والتفرغ للبناء والتنمية المعطلة والاهتمام بأمن وأمان الوطن والمواطنين.
لكن هذه الأزمة أو الأزمات لم تأت من دعاة التأزيم أو المشاغبين أو المخربين كما يطلق عليهم، بل أتت بسبب تجاوز السلطة للدستور والعبث بمواده، والانفراد بالسلطة والقرار وتغييب الشعب عن مصيره واختياراته ومصالحه وأمواله المنهوبة، ومن المستحيل حل هذه الأزمة في ظل هذا النهج إذا تم الاستمرار فيه.
فالمصالحة الجادة تتحقق عندما تتراجع السلطة عن نهجها الذي خلق أزمة عامة والتي ازدادت عمقاً بالتعنت، فلا مجلس الصوت الواحد استطاع أن يسهم في حل الأزمة بل تعمقت بوجوده، ولا النهج القمعي والبوليسي وتقييد الحريات الشخصية والعامة والملاحقة السياسية وتلفيق الاتهامات استطاعت إخماد غضب الناس، بل نتج عن ذلك تقدم عدد من النواب بالاستقالة واستقالة وزيرين من الحكومة، وغيّر من كان يقف مع الانتخابات ضمن نظام الصوت الواحد موقفه بسبب من انسداد هذا الطريق، الذي يهدف إلى تفرد الحكومة بالقرار بوجود مجلس صوري وموالٍ، والدليل عدم قدرة السلطة على التعامل مع هذا المجلس وهو ما عكسته الاستقالات الجماعية.
والأزمة لا تنحصر بين الشعب والسلطة ولكنها تحتدم أيضاً بين أطراف النفوذ والسلطة ذاتها، وهي أزمة غير مسبوقة في عمقها، كما لا يمكن أن تكون هناك مصالحة وطنية بمعزل عن الشعب والتواصل معه وليس مع النُخب في إطار فوقي، وكأن الشعب غير معني بهكذا مصالحة وطنية.
هناك متطلبات مستحقة وملحة للمصالحة الوطنية، فإضافة إلى ضرورة تخلي السلطة عن نهجها بالانفراد في القرار، هناك ضرورة لإطلاق الحريات ووقف الملاحقات للنشطاء السياسيين والشباب المغردين، وإصدار قانون بالعفو العام من دون شرط على قضايا أمن الدولة، وضرورة ملاحقة الفاسدين واسترداد أموال الشعب المنهوبة بلا حسيب أو رقيب، وضرورة وجود إرادة لدى السلطة توافق إرادة الشعب بالعودة إلى دستور الحد الأدنى تمهيداً لتطويره، وعودة الأوضاع الانتخابية على ما كانت عليه قبل تفاقم الأزمة، تمهيداً لسن قانون انتخابي جديد بناء على نظام القوائم النسبية ضمن دائرة انتخابية واحدة، وقبل كل ذلك تشريع قانون لقيام حياة حزبية سليمة على أسس وطنية.
نحن نعرف أن هناك قوى سياسية في المعارضة وأطرافا مختلفة فيها، تريد المشاركة بالانتخابات بأي ثمن حتى لو كان الثمن بقاء الأسباب الحقيقية للأزمة، أو تقديم تنازلات حول المطالب الوطنية الأساسية للشعب، بل نعرف أن بعض أطراف هذه القوى قررت من داخلها خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة بأي ثمن، حتى وإن كان التنازل عن المبادئ، والتغاضي عن فضائح الفساد والإفساد والسرقات من أجل كرسي البرلمان.
نحن مع المصالحة التي تلبي شروطا عادلة بحيث يقف الشعب والقوى السياسية والسلطة على أرضية واحدة، هي الإصلاح السياسي في البلاد وإقامة نظام ديموقراطي برلماني كامل وقانون انتخابي عادل، وتطبيق العدالة الاجتماعية الحقيقية وتكافؤ الفرص، ودون هذه المتطلبات فستؤدي المصالحة إلى أزمة جديدة تلد أزمات متوالية، وسيبقى الأمر «على طمام المرحوم».
| وليد الرجيب |
osbohatw@gmail.com
____________________________منقول عن جديرة الراي تاريخ ٣١/٦/٢٠١٤ العدد: ١٢٧٥٢
بقلم: د. فواز فرحان*
رغم الهدوء الذي يلف أوساط الحراك الشعبي الكويتي، ورغم المشاكل الجدّية التي تواجه أطراف المعارضة على المستويين الذاتي والموضوعي؛ إلا أن أزمة السلطة وحلفها الطبقي المسيطر وصلت إلى مرحلة حرجة غير مسبوقة؛ وعلى هذا الكلام الكثير من الدلائل والإشارات. السلطة اليوم عاجزة حتى في التعامل مع مجلس الصوت الواحد الذي يعتبر صنيعة من صنائع مشروعها المشيخي؛ فليست استقالة خمسة أعضاء من هذا المجلس و وزيرين بالشيء الهيّن ولا شطب استجواب رئيس مجلس الوزراء بشكل مباشر ومن غير عرضه على لجنة برلمانية بالشيء البسيط. وأنباء فضائح ما يسمى بـ (مقاطع الفيديو المسجلة في جنيف) وتواتر الأخبار عن التحويلات المليارية من الحساب المتضخم لأحد المتنفذين أصبحت الشغل الشاغل للسلطة التي تحاول عدم تحويلها إلى رأي عام يعيد اتقاد جذوة الحراك الشعبي المعارض. وبشكل عام فشلت الإدارة الحكومية بالتعامل مع المشاكل التي تواجه الناس على مستويات السكن والصحة والتعليم وغلاء الأسعار والبطالة الحقيقية والمقنعة. بتنا نشعر بنبرة التذمر المتصاعدة ضد السلطة ونهجها حتى في أوساط المشاركين في انتخابات الصوت الواحد المجزوء الأولى والثانية؛ لذلك فالسلطة اليوم ليست في أحسن أحوالها ولا حلفها الطبقي المسيطر بأفضل أوضاعه التي ظل يسعى للحفاظ عليها خلال الستين عاماً الماضية.
قبل الدخول في موضوع ما يسمى بالمصالحة الوطنية أود أن أوضح بأنني والخط السياسي الذي أنتمي له لسنا من دعاة التأزيم الطفولي ولا من عشاق الاضطرابات السياسية؛ ولكن النقاط يجب أن توضع على الحروف بما يخص تحليلنا للوضع العام وتشخيصنا لموطن الخلل. المتسبب الرئيسي بكل ما يحدث في البلد من مشاكل كبرى على مستوى النظام وكذلك من مشاكل صغرى دقيقة في مختلف مفاصل الدولة هي السلطة. هذه السلطة ذات النهج المشيخي سعت وتسعى وستظل تسعى ما واتتها الظروف لذلك إلى تقويض الهامش الديمقراطي في البلد خدمةً لمشروعها الخاص، وكل ما يواجهنا من مشاكل ليست إلا نتاجاً لهذا المشروع ولأساليب السلطة و وسائلها لدعمه وتثبيته وضمان مستقبله. والباب الذي ساعد هذا المشروع السلطوي على الدخول إلى واقعنا السياسي ويجب إغلاقه هو تأرجح نظامنا الدستوري بين النظامين الرئاسي والبرلماني، والذي جعل هذا الباب مفتوحاً على مصراعيه هو عدم وجود حكومة تمثل الإرادة الشعبية الحقيقية وتتم محاسبتها محاسبة جدية في ظل برلمان غير منتقص المهام. إذا لم يتغير هذا الوضع العام فالحديث عن مصالحة وطنية بين السلطة والمعارضة والموالاة هو تخدير للشعب وتفتيت للمعارضة فوق ما هي مفتتة وإنقاذ للسلطة من ورطتها وأزمتها التي تعصف بها.
سمعنا بمبادرة المصالحة الوطنية التي خرجت من مجموعة من الناشطين السياسيين، وسبق ذلك تمهيد من إحدى صحف البرجوازية الكويتية، ولم نصب بالدهشة من سطحية هذه المبادرة والتفافها على التناقض الرئيسي في البلد ومحاولتها لإعادة إنتاج الوضع المشوّه ولكن بشكل خارجي يبدو معدلاً ومحسّناً، ماذا نتوقع من مبادرة كانت أحد أهم نقاطها أن يتم اختيار رئيس الحكومة من أكثر أبناء (الأسرة) كفاءة رغم التجارب الفاشلة المتكررة؟ وكيف نثق بمبادرة تدعو إلى الوحدة الوطنية ودفع عجلة التنمية وإنهاء الاحتقان السياسي ولا تشير بإصبعها نحو مكمن الخلل ومصدر المشاكل؟ إنَّ أي مبادرة تدعو للمصالحة الوطنية ولا تتطرق لمكمن الخلل ولا تطالب بنظام ديمقراطي برلماني كامل ليست إلا إحدى المحاولات السلطوية للتنفيس وللتخفيف من درجة الضغط السياسي، وإنَّ أي مبادرة لا تدعو إلى إلغاء مرسوم الصوت الواحد والعودة للإرادة الشعبية وإلى إلغاء كل القوانين المقيدة للحريات وآخرها قانون هيئة الاتصالات سيء الذكر ليست إلا إلهاءً للشعب عن الإصلاح الحقيقي، وإن أي مبادرة لا تطالب بوقف ملاحقة رموز المعارضة وشباب الحراك الشعبي أمنياً وقضائياً وإصدار قانون بالعفو العام غير المشروط ولا تطالب بملاحقة سراق المال العام ومحاسبتهم واسترداد أموال الشعب المنهوبة هي مبادرة مفتعلة من السلطة وأطراف الحلف الطبقي المسيطر وأدواتهم بالإضافة إلى من انطلت عليه ألاعيبهم.
----------------------------------------
*عضو التيار التقدمي الكويتي.
بقلم: د. بدر الديحاني
بالرغم من سلسلة الوعود التي أطلقتها الحكومة ومجلس الصوت الواحد قبل مدة بقرب حل المشكلة الإسكانية فإنه من الواضح أن المشكلة أخذت تتعقد أكثر وأكثر؛ نتيجة للفشل الحكومي المستمر في رسم سياسة إسكانية واضحة وقابلة للتنفيذ، وبدلاً من أن تعترف الحكومة بعجزها عن حل المشكلة العامة التي تمس أكثر من 109 آلاف أُسرة، ثم تتحمل مسؤولياتها السياسية والدستورية، فإنها، على ما يبدو، بدأت بتنفذ خطة اتحاد العقاريين الذي أشرف رئيسه، رغم أنه لا صفة رسمية له، على المؤتمر الإسكاني العجيب الغريب الذي نظّمه مجلس الصوت الواحد في بداية هذا العام، وأصبح مذ ذاك يتصرف وكأنه الناطق الرسمي في ما يتعلق بالأزمة الإسكانية.بعبارات أخرى فإن اتحاد العقاريين بدأ يتصرف وكأنه هو المسؤول عن رسم سياسة إسكان المواطنين وتنفيذها؛ بدلاً من الحكومة التي تقع عليها وحدها، من الناحية الدستورية، مسؤولية رسم السياسات العامة وتنفيذها.ومن الطبيعي أن تنحصر مهمة اتحاد العقاريين في خدمة كبار ملاك العقارات، فاقتراح البناء العمودي "الشقق"، على سبيل المثال، سبق أن قُدم عدة مرات من بعض كبرى شركات العقارات بالرغم من الفشل الذريع لمشروع شقق "الصوابر".اتحاد العقاريين لا ينظر إلى المشكلة الإسكانية إلا من زاوية تعظيم أرباح كبار ملاك العقار بشكل سريع، أي أنه غير معني بالمشاكل الاجتماعية والسياسية التي تترتب على الأزمة الإسكانية سواء الآن أو في المستقبل، أضف إلى ذلك أن اتحاد العقاريين يعتبر جهة غير محايدة في القضية الإسكانية فهناك تعارض مصالح صارخ لا تخطئه العين، ومن المؤسف أن تعارض المصالح في الإسكان يطول بعض أعضاء الحكومة ذاتها أيضاً.باختصار العبارة، فإن الحكومة هي وحدها التي تتحمل المسؤولية السياسية لحل المشكلة الإسكانية بشكل عادل يُحافظ على استقرار الأسر الكويتية، ويُحسن مستوى معيشتها، أما اتحاد العقاريين فبإمكانه طرح رأيه الذي لن يخرج، بالطبع، عن خدمة مصالحه الخاصة، و لكن رأيه يظل وجهة نظر غير مُلزمة للحكومة إلا إذا كانت الحكومة تنوي التخلي عن مسؤولياتها السياسية والدستورية وإعطاءها بالكامل لكبار ملاك العقارات، وهذا شيء آخر مختلف وغير دستوري سيكون له تبعاته السياسية في المدى المنظور.
_____________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 28\05\2014
هناك تسريب واضح ومتعمد لشيء ما، قد يكون دعوة للمصالحة، وقد يكون محاولة لنزع فتيل الأزمة السياسية العميقة التي تمر بها البلاد على طريقة عفا الله عما سلف، وقد تهدف إلى تدجين المعارضة والقوى السياسية، وتطبيع علاقاتها مع السلطة وإجهاض أي حراك شعبي محتمل بسبب تفاقم الأزمات وانسداد أفق تغيير النهج الانفرادي بالسلطة والقرار.
ونرى أن مثل هذه المحاولات باءت بالفشل تاريخياً في المجتمعات المختلفة، لأن معناها ومضمونها هو ثني الشعوب وقواها الحية عن المطالبة بحقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لا عن طريق تصحيح هذا النهج المنفرد، ولكن على طريقة حل الخلافات بالوسائل البدائية للعشائر والقبائل القديمة.المصالحة تعني الموافقة على التخلي عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى الأزمات المتكررة، والاعتراف بخطأ السياسات التي اُنتهجت، والاستماع إلى رأي الشعوب وإرادتها في التغيير والتطور، وإعادة حقها المسلوب بصفتها مصدر السلطات جميعاً، بالقضاء على التخبط في الإدارة والقرارات والعشوائية والتناقض بين شكل الدولة ومضمونها.فهل تعني المصالحة العفو عن الفاسدين والمتنفذين والسارقين الذين وضعوا البلاد على حافة الإفلاس بعد سنتين كما تقول المصادر الرسمية والمتخصصة؟ هل تعني رضا الشعوب بالقدر المحتوم والقبول بالواقع كما هو، واعتبار أن سنة الحياة هي المحافظة وعدم التغيير والتقدم؟ وإن سعادة الشعوب ورخاءها وحياتها الكريمة هي غاية لا تدرك؟نحن شعب يفترض أن لدينا نظاما ديموقراطيا وقانونا أساسيا يسمى دستورا، نحتكم إليه ككل الشعوب المتحضرة والهادفة إلى الترقي والتقدم، هذا القانون الأساسي رغم تخلفه ومطالبة القوى السياسية بتطويره مواكبةً للعصر هو المسطرة التي نرجع إليه، والتي تكفل لنا بعضا من حقوقنا وجزءا من الكرامة المفقودة، كشعب كان يفاخر بوطنه بين الشعوب.هذه التسريبات من قبل بعض القوى السياسية وبعض الاتجاهات الثقافية، تطالبنا بالتخلي عن حقوقنا كمجتمع وشعب ومواطنين، وأن نغض البصر عن كل الجرائم التي ترتكب بحق وطننا، وهي دعوات غامضة الهدف والمنفعة من هكذا مصالحة كيفما كانت، هي تطالب بالهدوء والهدنة غير العادلة وغير المتكافئة.فمن مشروع لقوى سياسية يناشد السلطة وكأنها سترضخ للمطالبات والإملاءات، إلى دعوات لا تضع مصلحة الوطن والشعب أولاً، مع أن المفترض ألا تقع أي قوى سياسية في مستنقع الانتهازية والبرغماتية، وإلا فما فائدة كونها قوى سياسية تمثل الشعب أو قطاعا منه؟كيف تتم مصالحة بين من يمسك بالهراوة وإنسان أعزل؟ كيف تتم هذه المصالحة وللتو خرج علينا مشروع قانون قمة في القمعية هو قانون هيئة الاتصالات غير الدستوري، حيث تقوم الأجهزة الأمنية بمداهمة المنازل وقطع الاتصالات دون إذن من النيابة؟ كيف وأيدينا وحرياتنا الشخصية والعامة مغلولة بقيود لا تمت لحقوق الإنسان بصلة؟الشعب الكويتي جبل على التسامح والسلام والعفو والأخلاق الكريمة، لكن ليس بأي ثمن ولا نظن أن تجربة الغزو والاحتلال الغاشم والوحشي قد تم نسيانها، الشعب الكويتي كريم بطبعه وولائه لشرعيته لا يحتاج إلى إثباتات وبراهين، لكنه شعب أبي غير مغفل أو ساذج، يريد أن يرى على أرض الواقع تغييرا ملموسا وشيئاً مقنعا يضمن له أمنه وأمانه ومستقبل أجياله القادمة.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 28\05\2014 العدد:12749
بين فترة وأخرى تطالعنا الأخبار بسرقات ذخيرة وأسلحة من مخازن الداخلية وفساد لبعض رجال الأمن، وآخرها خبر فقدان رشاشين وبندقية و22 مسدساً و800 طلقة من مخزن أسلحة القوات الخاصة، وهو أمر خطير خصوصا أنه يحدث ويتكرر في الوزارة المنوط بها أمن المواطن، والمنوط بها تخليص البلاد من السلاح المنتشر الذي يُستخدم في جرائم متعددة، وقد يكون لها في المستقبل تداعيات أخطر على السلم الأهلي.
فإن كان بعض رجال الأمن يسرقون السلاح من أكثر المخازن تحصيناً لبيعها على المواطنين ، فهذا يعطينا مؤشرات مقلقة لمستقبل بلادنا وأمن شعبنا، ويشي بأن الأزمة أعمق مما يتصور البعض الذين يلهجون بالدعاء ليل نهار بـ«الله لا يغير علينا»، مع أن التغيير سنة الحياة.والسرقة الأخيرة لكمية من الأسلحة والذخائر من مخازن القوات الخاصة، ليست حادثة شاذة أو معزولة عن كثير من مخالفات أمنية وقانونية لمنتسبي وزارة الداخلية وموظفيها، فمن سرقة شحنة خمور إلى تزوير آلاف الإقامات والاتجار بها، إلى سقوط بعض رجال الشرطة بحيازة مخدرات أو بعمليات لا أخلاقية، ومخالفات مرورية لبعض رجال المرور، أو انتهاكات لحقوق الإنسان من خلال التعذيب لانتزاع الاعترافات في المخافر، والتراخي إزاء الجرائم واستخدام الواسطات لتهريب المقبوض عليهم، وبيع رخص القيادة بالرشاوى وغيرها الكثير، تجعلنا كمواطنين نشعر بالتهديد من رجال الأمن أكثر من شعورنا بالخوف من المجرمين، بل تدفع بالمواطنين لحيازة السلاح للدفاع عن أنفسهم وعن أسرهم.وتلك الجرائم والمخالفات المتكررة للقانون، تعني عدم اهتمام وزارة الداخلية وحرصها على كفاءة رجال الأمن، وعدم مراقبتها لأدائهم وسلوكهم الذي يتنافى مع كل عرف وخلق ودين وقانون، وعدم معاقبتها للمخالفين منهم، فرجل الأمن يستغل بزّته العسكرية لمعاكسة الفتيات وللاعتداء على المواطنين وابتزازهم، فأين الملاذ لنا كشعب كويتي كان ينظر لوطنه على أنه بلد الأمن والأمان.وأزمة فساد بعض رجال الداخلية هي جزء من الأزمة العامة التي تعانيها السلطة التي تتعمق كل يوم، فالتنمية والبناء وتحديث الدولة المدنية بعيدة كل البعد عن هم الحكومة والمجلس الصوري، هذا المجلس الذي أرادت منه الحكومة أن يكون ألعوبة بيديها، ينفذ كل إملاءاتها ومع ذلك هي عاجزة عن التعامل معه، حيث جرت استقالات جماعية لنواب وهي الحادثة التاريخية الثانية بعد استقالات النواب عقب تزوير الانتخابات في الستينات، وأيضاً استقالة وزير العدل والأوقاف الذي اتهمته الولايات المتحدة الأميركية بتمويل الإرهاب، والصراع المكشوف على الملأ بين مراكز النفوذ داخل السلطة، وفضائح السرقات والرشاوى المليونية والمليارية والعبث بمقدرات البلاد وسرقة أموالها العامة، والتردي الفاضح للأداء الحكومي ولأجهزة وإدارات الدولة، وتهالك البنى التحتية وانهيار الخدمات العامة، وغلاء المعيشة وارتفاع الإيجارات، وتفشي الفساد والمحسوبية في مفاصل إدارات ووزارات الدولة.هذه الأزمة العميقة لن تُحل مطلقاً ولا يمكن للسلطة تجاوزها بل ستتفاقم، إلا بتخليها عن نهج الانفراد بالسلطة والقرار، والعودة لحكم الشعب والعمل بدستور الحد الأدنى تمهيداً لتطويره، لتحقيق النظام البرلماني الكامل وتشريع القوانين لحياة حزبية سليمة قائمة على أسس وطنية، ووضع قانون انتخابي عادل بناء على القوائم النسبية، والالتفات إلى التنمية الحقيقية التي يكون محورها الإنسان الكويتي.أما سرقة السلاح والذخيرة من مخازن وزارة الداخلية فهي فقط رأس الجبل الجليدي، وما خفي وما سيأتي أعظم وأدهى وأمرّ بكثير، ويشي بمستقبل مظلم لوطننا وشعبنا الذي لا يستحق أن يعامل هكذا.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com_______________________________منقول عن جريدة الراي تاريخ ٢٤/٥/٢٠١٤ العدد:١٢٧٤٥

شباب «التقدمي»للطليعة: نريد نظاما انتخابيا متكاملا وحكومة برلمانية من رحم الشعب
كتب آدم عبدالحليم:جدَّد شباب التيار التقدمي تمسكهم بالنضال الجماهيري وتوعية المواطنين، مؤكدين أن ذلك هو الطريق الأمثل للإصلاح.
وأضافوا لـ«الطليعة»، أن ما يحدث حالياً على صعيد المشهد السياسي، من استقالات وعدم تمكين بعض النواب من ممارسة دورهم الرقابي، يؤكد ما ذهب إليه التيار التقدمي من قبل من انسداد أفق العمل البرلماني، في ظل نظام انتخابي مشوَّه خرج من رحم مرسوم ضرورة، داعين إلى ضرورة إقرار نظام انتخابي بقوائم نسبية تنتج عنه حكومة برلمانية تخرج من رحم الشعب، وتكون بعيدة عن سيطرة السلطة، معربين عن اعتقادهم بأن تعقيدات المشهد السياسي قد تزداد عما هي عليه حاليا، بعد الاستقالات الأخيرة التي أعلن عنها، وأن الحكومة قد تلجأ إلى تكتيكات محتملة وتقدم تنازلات في النظام الانتخابي، لإقناع بعض أطراف المعارضة في المشاركة كتعديل الصوت الواحد، مثلاً، بحيث يغير إلى خمس دوائر بصوتين أو عشر دوائر بصوت أو صوتين، بهدف الخروج من الأزمة.
في البداية، اعتبر عضو المكتب التنفيذي للتيار التقدمي د.فواز فرحان، أن التناقضات التي تحدث في المجلس حاليا متوقعة، بسبب الصراعات بين بعض أطراف الأسرة، مؤكداً أن موقف التيار التقدمي من المجلس الحالي واضح، وأنه مجلس فاقد للشرعية، بسبب مجيئه بمرسوم الصوت الواحد، ذلك المرسوم المرفوض شعبيا، بعدما تفردت السلطة بصياغته، وأنه يأتي في إطار تحويل الدولة إلى دولة مشيخة.
مقاطعة واحتجاج
وقال فرحان: قاطعنا انتخابات مرسوم الصوت الواحد الأولى، احتجاجا على المرسوم، ومقاطعتنا للانتخابات الثانية كانت بسبب قناعتنا التامة أن أفق العمل البرلماني مغلقة تماما، مضيفا أن هناك من شارك في الانتخابات الأخيرة عن حسن نية، أملاً في الإصلاح، ولكن بعد مرور أشهر أثبتت التجربة لهم أنهم وصلوا إلى ما يؤكد أن السلطة مسيطرة على العمل البرلماني، من خلال أدواتها المختلفة.
واعتبر أن تقديم عدد من النواب استقالاتهم من عضوية المجلس عمل لا يستحق الثناء، كوننا ضد المشاركة في الانتخابات من الأساس، لانغلاق أفق العمل البرلماني، موضحاً أن ما يحدث حاليا على المشهد السياسي في حاجة لتحليل عميق، وإعادة تفكير مرة أخرى.
وعن توقعاته للمرحلة المقبلة، قال فرحان: كل التوقعات محتملة، بما فيها الحل، وإعادة إجراء انتخابات، ويمكن في النهاية الوصول إلى طريق مسدود لا يمكن العمل من خلاله، بسبب صراعات أطراف السلطة، مبيناً أن أطراف السلطة في البلاد ليست فقط أسرة الصباح، ولكن يدخل في نطاق المصطلح طرف هو عبارة عن حلف طبقي مسيطر مكون من الأسرة ومن طبقة برجوازية أو التجار، مضيفاً أن بعض أطراف الطبقة البرجوازية أقوى من بعض الأطراف الموجودة داخل الأسرة، فهو حلف طبقي مسيطر.
ولفت إلى أن هناك احتمالاً أن تتغيَّر التكتيكات، وأنه من الممكن أن ترى السلطة، من خلال قراءاتها، في ظل المقاطعه الشعبية أن المجلس أصبح صورياً، بعد أن بدأ المواطنون، بمن فيهم من لا يمتلكون وعياً سياسياً مرتفعاً، يدركون أنها لعبة كبيرة أو مسرحية سمجة، وقد تناور السلطة وتقدم تنازلات انتخابية، لإقناع بعض أطراف المعارضة في المشاركة، كتعديل الصوت الواحد، مثلاً، بحيث يغير إلى خمس دوائر بصوتين أو عشر دوائر بصوت أو صوتين.
وأشار فرحان إلى أنه في حال تنفيذ ذلك، فإنه من الممكن أن تكسر قليلاً درجة المقاطعة للوضع الحالي. وأضاف: لا نعول أبداً على البرلمان أو أي مشروع من مشاريع السلطة، فقط نعول على الوعي والنضال الجماهيري، وهدفنا توعية الناس على اعتبار أن ذلك سيخلق ميزان قوى مختلفاً.
أزمة بنيوية
من جانبه، أكد عضو التيار التقدمي أنور الفكر، أن أزمة الصوت الواحد وأزمة المجلس الحالي والنزاع القائم بين السلطتين، وما صاحبها من تكرار الأفعال والمصطلحات الموسمية، كالاستجوابات وتعطيل التنمية وعدم الاستقرار السياسي في الكويت.. أمور لا تمّت بصلة إلى التشخيص الحالي الذي تقدمه بعض القوى السياسية أو بعض أطراف النزاع، مشيراً إلى أن الأزمة ليست في عدم التمكين من صعود المنصة، لكنها أزمة بنيوية في نظام لم يعد صالحاً.
وأضاف أن التشخيص بناءً على حركة قائمة على الشارع يتمثل في وجود خلل رئيسي في النظام البنيوي للدولة، الذي يمثل عمل السلطات وتنظيم علاقتها مع بعضها، ويشمل الجهاز الإداري للبيروقراطية، معتبراً أن أي تشخيص أو تحليل لا يتطرَّق للنظام البنيوي وطبيعة تنظيم علاقات السلطات هو تشخيص سطحي لا يمت للأزمة بصلة.
ومضى الفكر قائلاً: إن الاتجاه إلى نظام برلماني متكامل أصبح حتمياً، ولم يعد كثير من الكويتيين ولا القوى السياسية يتقبلون الوضع القائم.
وزاد: هناك ضرورة لإقرار قانون الهيئات السياسية واستقلال القضاء، وعلينا أن نتحوَّل إلى الانتخاب بالقوائم النسبية وتحويل الكويت إلى دائرة انتخابية واحدة، مضيفا أن هناك ضرورة أيضا لتوزيع عادل للثروات، مع تأصيل مفهوم العدالة الاجتماعية في الممارسة السياسية، معتبراً أن كل ما سبق حزمة لا تنفك عن بعضها، هدفها الوصول إلى نظام برلماني متكامل تخرج من خلاله حكومة تمثل الإرادة الشعبية مما يحقق الاستقرار السياسي.
واعتبر أن الطريق إلى ذلك يتمثل في خيار النضال والجماهير، ومن خلال تعبئة الجماهير وتوعيتها وتوفير غضبها في الصالح العام، وتوفير أداة ضغط على السلطة القائمة، لافتاً إلى أن الطرح والخيار الوحيد في الإصلاح لا يعني رفض ما يطرحه الآخرون من العمل البرلماني.واختتم الفكر حديثه قائلاً: لنا فلسفتنا ونظامنا، وطبيعة ما قدمناه خلال السنوات الأخيرة يؤكد أن نضال الجماهير له أوجه عديدة وطرق مختلفة.
نظام انتخابي مشوَّه
بدوره، أكد عضو التيار التقدمي ضاري الرجيب، أن الاستقالات على الرغم من أنها متأخرة، لكنها مستحقة، مضيفاً أن الاستقالات المتتالية أكدت وجهة نظرنا التي أعلنا عنها مراراً، والمتمثلة بعدم صحة ما يُقال إن الإصلاح يأتي من الداخل، متسائلاً: كيف يأتي الإصلاح من داخل مجلس أمة جاء إثر نظام انتخابي مشوَّه نتجت عنه سيطرة الحكومة على المجلس بشكل كامل؟وأوضح أنه في ظل المتغيّرات السياسية السريعة يصعب على الشخص التوقع بشيء معيَّن، لكن المؤشرات جميعها تصب في اتجاه عدم التعاون، أو قد تتجه الأمور إلى فتح الباب أمام الانتخابات التكميلية، ومحاولة الاستمرار على الوضع الذي كانت عليه الأمور قبل الاستقالة.
________________________
منقول عن جريدة الطليعة تاريخ 21\05\2014
بقلم: طه يحيى
كتاب الاقتصادي الفرنسي THUMAS PIKETTY البالغ من العمر 42 عاماً، «رأس المال في القرن الحادي والعشرين CAPITAL in the Twenty-First Century» يقع في 577 صفحة نفدت طبعته الأولى من الأسواق خلال أيام قليلة بتصدره جدول صحيفة The New York Times الأميركية لأكثر الكتب مبيعاً إذ حلّ في المركز 16، لأنه يتنبأ بفجوة أكبر بين الأغنياء والفقراء ولانعدام المساواة في مجتمعاتهم، عرض أشكال تراكم الثروة بين الطبقات المختلفة منذ منتصف القرن 19م حتى اليوم. خلص أن الثروة تتراكم لدى أصحاب رأس المال أكثر منها في يد العاملين ويعتبر أن استثناء حصل على أثر الحربين الكونيتين اللتين أدتا إلى تدمير ثروات بعض الرأسماليين الكبار، فيما ساهم النمو السكاني والاقتصادي الاستثنائي الذي تلا الحرب العالمية الثانية واستمر ثلاثة عقود من السنين، أطلق عليها الفرنسيون لقب «الثلاثين المجيدة» في إنعاش الطبقة العاملة. كما ساهم في توسيع الطبقة الوسطى إلى حجم لم تكن دول الغرب شهدت مثله. لكن فور انتهاء مجهود إعادة الإعمار، عاد رأس المال ليتركز في يد قلة قليلة، فيما راحت الطبقة الوسطى في الدول الغربية تضمر رويداً رويداً. ويضرب مثلاً القول إن عائدات الفوائد على رأس المال= 4 أو 5% في أقل تقدير، فيما يتراوح النمو الاقتصادي في معظم دول الغرب بين 1 و2%، ما يعني أن أصحاب الأموال يجنون من فوائدها نسباً أكبر من نسب النمو الاقتصادي العام وازدياد ثرواتهم أكثر من نظرائهم في الطبقات الأخرى، ما يؤدي إلى اتساع الهوة بين الطبقتين.ولطالما لعب التفاوت الضريبي دوراً محورياً في النقاش الاقتصادي خصوصاً في الجولة الأخيرة للانتخابات الرئاسية عام 2012م، عندما هاجم الرئيس باراك أوباما وحملته، منافسه Mitt Romney، متهمين الأخير بتسديد نسبة أقل من الضرائب من المواطن العادي. وكان الرئيس الجمهوري الراحل رونالد ريغان خفض الضرائب على الفوائد وعائدات الأسهم المالية، ما يعني أن ثاني أغنى رجل في أميركا البليونير Warren Buffett، بات يسدد نسبة ضرائبية أقل من السكرتيرة العاملة لديه، لأن ضرائب بافيت مبنية على العائدات فيما ضرائب السكرتيرة مبينة على الراتب.وحاول أوباما أخيراً إقرار قانون يرفع الضرائب على العائدات المالية، أطلق عليه اسم «قانون Buffett». لكن الرئيس الأميركي كان يدرك استحالة المصادقة على القانون في الكونغرس الذي تسيطر عليه غالبية من الحزب الجمهوري، ما يعني أن خطوة أوباما كانت نوعاً ما من قبيل الشعبوية مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقررة في تشرين الثاني المقبل.THUMAS PIKETTY حاول أن يفنّد في كتابه مقولة أن «الثروة المالية كالماء التي ترفع كل الزوارق»، ويعرّج أيضاً على النفوذ السياسي لرأس المال، فيعتبر أنه كما يعود المال بريع أكبر على أصحابه من عائدات العمل، كذلك للمال تأثير أكبر في السياسة والقرارات الحكومية من مجموع الأصوات التي يمكن غير الأغنياء التأثير من خلالها على هذه القرارات.أثارت النسخة الإنكليزية للكتاب عاصفة ردود المعلقين الأميركيين، فكتب Rose Dauzat في صحيفة New York Times، أن «ماركس قام من بين الأموات» ليس على الطراز السوفيتي الماضي، بل «عاد الزخم للأفكار الماركسية وعلينا منحها انتباهنا. وأن PIKETTY نفسه يسارياً ديموقراطياً يكره أن يُصبغ بالماركسية. لكن بحسب عنوان كتابه، يبدو أنه مصمم على إعادة تأهيل إحدى أفكار ماركس الرئيسة وتقديمها، ومفادها بأن ما يسمى اقتصاد السوق بطبيعته، يغني أصحاب رأس المال أكثر ممّن لا يملكون المال».و رأى Temthny Ching تيموثي شينك في مجلة The Nation، أن الماركسية تعود في الولايات المتحدة بالاتكاء على ركيزتين: الأولى الحركة الشبابية التي نشأت عند قيام «تظاهرات 99%» ضد Wall Street قبل ثلاث سنوات، وما يزال هؤلاء الشباب اليوم في حركة ناشطة وينتجون منشورات ومواقع على الإنترنت أبرزها «Jacobin» و«Inquiry الجديد».الركيزة الثانية لحركة اليسار المستجدة، حسب Ching، في THUMAS PIKETTY الأكاديمي البارع الذي مارس التعليم في جامعة «MIT» المرموقة، وهو عبر كتابه يقدم الغذاء الفكري المنظم لهذه الحركات الشبابية. ولم يأتِ الانتقاد الأميركي PIKETTY من المعلقين الوسطيين حسب، بل من آخرين من المحسوبين في صف اليسار تماماً.وكتب Robert Samuelson في صحيفة The Washington Post معترضاً على إقحام PIKETTY السياسة في شؤون الاقتصاد، قال: «على رغم أن بيكيتي هو اقتصادي، فإن كتابه يقع في خانة العلوم السياسية، إذ يعترض على التفاوت الاقتصادي الطبقي بحجة انه يؤذي الديموقراطية، ويعطي الكثير من النفوذ لقلة من الناس. ويبدو أن تحليل PIKETTY الاقتصادي منحنٍ ليتناسب وأجندته السياسية».ويدخل Samuelson في النقاش الأميركي- الأوروبي حول تأثير الضرائب على النمو، إذ لا يعتقد بيكيتي أن رفع الضرائب على رأس المال يعوّق النمو. فيما يعتبر Samuelson أن الزيادة تؤثر سلباً على «حوافز» المستثمرين و«أما بالنسبة لنفوذ كبار الأثرياء في السياسة، فيبدو أنهم بالكاد يسيطرون على أي من الديموقراطيات». إذ أعلن أن «في الولايات المتحدة مثلاً، يذهب 70% من إنفاق الحكومة الفيديرالية إلى الطبقتين الفقيرة والمتوسطة، فيما يسدد واحد في المئة (الأغنى في أميركا) نحو ربع أموال الضرائب التي تجنيها الدولة».
______________________
منقول عن موقع الحوار المتمدن تاريخ 09\05\2014
لقد عانى اخوتنا من الكويتيين البدون الأمرّين جراء التمييز العنصري ومماطلة الحكومة في حل قضيتهم حلاً إنسانياً عادلاً وجذرياً، رغم مشاركة أفراد هذه الفئة في الحروب العربية عام 1967 وعام 1973 في الأراضي المصرية والسورية ضد العدو الصهيوني، واستشهاد العديد من الجنود البدون، ورغم صمود كثير منهم واستشهاد بعضهم إبّان الاحتلال الغاشم ومقاومة جنود الاحتلال، ورغم ارتباطهم بهذه الأرض وهذا الوطن أباً عن جد وحتى الجيل الرابع.ويبدو أن تأسيس «الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية» بقيادة أخي الفاضل صالح الفضالة لم يكن إلا ذر الرماد في العيون، ولهدر المال العام دون حلول واقعية وإنسانية لأوضاع هذه الفئة من الكويتيين.وقد تابعنا أخيراً لقاء تلفزيونياً في برنامج تو الليل بقناة الوطن مع السيد مازن الجراح الصباح وكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون الجوازات والجنسية، وهو يدلي بأخطر معلومة مرت عليّ حول أوضاع الكويتيين البدون ودون مواربة، وهي نيّة الحكومة لتهجير عشرات الآلاف منهم إلى بلد عربي بعيد مقابل مبالغ طائلة تدفع لرئيس الدولة ولإعطائهم جنسية وجواز هذه الدولة التي لا ينتمون إليها ولا يعرفون وطناً لهم سوى الكويت، وهي عملية بربرية غير إنسانية تشبه عمليات التهجير أو «الترانسفير» القسري لأهلنا في فلسطين وللشعب الأرمني والفلاشا وغيرهم من الأقليات، وهو إجراء ضد حقوق الإنسان وضد الإنسانية، بل هي عملية بيع للبشر.والمصيبة الكبرى أن الناس بدأت بتداول أسم دولة عربية هي السودان، ذات الحكم الإسلامي الفاسد الذي يرأسه عمر البشير حيث يتعرض شعبه الشقيق إلى عمليات قتل واعتقال وتعذيب جماعي، وحيث المواطن فيه يعيش في ظروف سيئة، نتج عنها انتفاضات شعبية منذ أكثر من سنة، كما أن البشير ينفذ أجندة أميركية في تفتيت شعبه ويقيم علاقات مع العدو الصهيوني، وهو مطلوب للعدالة في محكمة العدل الدولية بتهمة جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، حتى أصبح ينطبق على هذه الفئة المظلومة والمقهورة «كالمستجير من الرمضاء بالنار».ويبدو أن قرار التهجير أو الترحيل الجماعي قد اتخذ كما ذكر الشيخ مازن الصباح، وينتظرون فقط توقيع الرئيس البشير والحكومة السودانية والبرلمان، في هذا البلد الذي يعاني من البطالة والمجاعة وسوء الأحوال المعيشية والحكم المستبد.بل زاد وكيل الداخلية المساعد، بأن إحدى الدول الخليجية سبق وأن باعت «هجّرت» أكثر من تسعين ألفاً من المواطنين البدون لقاء مبلغ ضخم، وأن هناك دولة ثالثة ستتبع هذه الخطى، وهي إجراءات مخزية لا تمت للإنسانية والعدالة بشيء، وإن كانت بعض دول الخليج بلا دستور أو برلمان، فيفترض أن الكويت دولة ديموقراطية ذات دستور وبرلمان يمثل الشعب، لكن من قال ان هذا المجلس «مجلس الصوت الواحد» سيدافع عن حقوق فئة الكويتيين البدون، بل سيلاقي هذا الإجراء المشين هوى عند فئة عنصرية متعالية على مكونات المجتمع الأخرى.ولا يمكن حل مثل هذه المشكلة بالتهجير الجماعي، بل باتخاذ إجراءات وتبني سياسة جادة من دون تأخير لمعالجة القضية وفق قواعد واضحة انطلاقاً من اعتبارات إنسانية واجتماعية وتنموية، بعيداً عن المعايير العنصرية، وذلك بمنح الجنسية الكويتية لحملة إحصاء 1965 والذين ولدوا في الكويت وتلقوا تعليمهم واستقروا فيها وليس هناك موطن آخر يمكنهم الانتقال إليه، مع ضرورة إقرار الحقّ الدستوري في الجنسية لأبناء الكويتيات المتزوجات من غير الكويتيين.أسفي عليك يا وطني وأنت تتحول إلى مقبرة للإنسانية، أسفي عليك من دولة تُعرف بالخير والعدل والحق إلى دولة تتخذ إجراءات عنصرية، ونهجا بعيدا عن نهج الدول المتحضرة التي تحترم جميع مواطنيها، من دولة قانون ومؤسسات مجتمع مدني، إلى دولة لا أمان للمواطن فيها ولا عدالة اجتماعية ولا حريات شخصية أو عامة.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
___________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 19\05\2014 العدد:12740
لا أعرف لماذا يُسمي البعض الاتحاد السوفياتي ودول أوروبا الشرقية الاشتراكية سابقاً بـ «الشيوعية»، ويزج بمناسبة أو من دونها بالشيوعية مع الليبرالية والإلحاد والتفسخ أو التحلل الأخلاقي، رغم ثقافة البعض وخلفيته الأكاديمية.ويبدو أن الأمر راجع إلى الثقافة العامة السائدة والدعاية الغربية والأميركية والصهيونية، ضد الأفكار التي طرحها كارل ماركس وزميله إنجلز حول تحليلهما في الفلسفة المادية الجدلية والتفسير المادي العلمي للتاريخ، التي تنبأ خلالهما الفيلسوفان بزوال الرأسمالية كمرحلة تاريخية لتأتي الشعوب بالبديل الاشتراكي كنظام انتقالي، يمتلك فيه الشعب العامل وسائل الإنتاج بدلاً من تملّكها من قبل حفنة قليلة من الرأسماليين.وحتى هذه اللحظة التي يسهل فيها الوصول إلى المعلومة والمصادر الأساسية لمعرفة هذه الفلسفة وهذه المبادئ بشكل عام، ما زالت تجربة تطبيق الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي تسمى المرحلة «الشيوعية»، ويُحذر منها كبعبع ينشر الفساد والدماء والعنف ويصادر من دون وجه حق الأملاك الخاصة...الخ من خزعبلات القرن الماضي، بل يؤكد البعض بيقين أن الاشتراكية أو الشيوعية كما يحلو لهم تحارب الآداب والفنون.والواقع أن البشرية لم تبلغ مرحلة الشيوعية وهي الطور الأعلى للاشتراكية، وإنما مرت البشرية بتجربتين للاشتراكية الأولى كومونة باريس التي ثار وحكم فيها العمال في باريس عام 1871 لمدة شهرين، والثانية هي الثورة الاشتراكية في روسيا عام 1917 التي دامت ما يقارب السبعين عاماً.الأمر الآخر أنه في التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الاشتراكية التي تأتي بعد إسقاط الرأسمالية لا تُلغى الدولة وإنما تصبح بيد الشعب العامل، كما لا تُلغى الطبقات ولا تُلغى الملكية الخاصة، وإنما يحدث ذلك في المرحلة الشيوعية على المنظور البعيد جداً ضمن ظروف موضوعية دولية وذاتية داخلية، فالدولة في هذا الطور كما كتب إنجلز تضمحل وتتحلل ولا تلغى، كما يدير الشعب العامل كل مفاصل الحياة سواء المصانع أو الدفاع المسلح وغيرها، ولا يحتاج إلى جهاز يكون فوق المجتمع أو لقمع الطبقة المضادة، كما يصبح المجتمع لا طبقي.أما علاقة الاشتراكية والشيوعية بالدين والإلحاد فهي علاقة مُلتبسة عند الإنسان العادي بسبب الدعاية المضادة، فلم تدعو النظرية الماركسية للكفر بالأديان، وأما الجملة المجتزئة من رد طويل من ماركس على كتاب هيجل وهي «الدين أفيون الشعوب»، فقد أُخرجت من سياقها ولم تذكر أن ماركس كان يقول فيها ان الدين هو نفثة الإنسان المحروم وقوة روحية كبيرة للإنسان، و«دعونا من نقد اللاهوت إلى نقد السياسة ومن نقد الدين إلى نقد الاقتصاد»، ومعركتنا ليست مع من في السماء ولكن مع من في الأرض، ويقصد الرأسمالية التي تستغل العامل والفلاح والفقير، كما أن هناك رسالة طويلة من لينين قائد الثورة الاشتراكية موجهة إلى شعوب الشرق المسلمة في 7 ديسمبر 1917 قال فيها: «أيها المسلمون... أنتم يا من اُنتهكت حرمات مساجدكم وقبوركم، واُعتدي على عقائدكم وعاداتكم، وداس القياصرة الطغاة الروس على مقدساتكم، ستكون حرية عقائدكم وثقافتكم مكفولة منذ اليوم، لا يطغى عليها طاغٍ ولا يعتدي عليها معتد، هبوا إذاً وابنوا حياتكم القومية كيف شئتم، فحقوقكم تحميها الثورة...الخ»، ومن المعروف تاريخياً أن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي ضمت عدداً من القساوسة، كما ضم الحزب الشيوعي المصري العديد من مشايخ الأزهر ابتداء من عام 1922، ومنهم أسماء معروفة مثل الشيخ صفوان أبو الفتح والشيوخ علي خاطر ومصطفى عاصي والدكتور أحمد محمد خلف الله وغيرهم، وهذا انطبق على كل الأحزاب الماركسية في البلدان العربية.أما الليبرالية فهي فكر آخر تماماً قد يكون نقيضاً للفكر الاشتراكي، حيث تمثّل دول الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل وغيرها هذا الفكر الليبرالي بل تحولت إلى النيوليبرالي (العولمة)، ففي كويت الخمسينات من كان يتعاون مع الحكومة للقبض على من يحملون الفكر الماركسي هم من الليبراليين القوميين، وقتها كانت الأحزاب السياسية الإسلامية ضعيفة نسبياً.أعتذر عن هذا الشرح المدرسي المبسط، ولكن كان لا بد من تصحيح موروث فكري خاطئ للنظرية الماركسية والاشتراكية والشيوعية، فهناك آراء مسبقة شعبية ساذجة، وهناك آراء مقصودة لحرف الناس عن قضاياها المعيشية وإبقائها في مستنقع التخلف.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
_____________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 17\05\2014 العدد:12738

بيان صادر عن المجلس العام للتيار التقدمي الكويتي حول السياسات والإجراءات العنصرية المرفوضة للتعامل مع الكويتيين البدون
لم يعد خافياً على أحد أنّ السلطة، في إطار نهجها غير الديمقراطي وانفرادها بالقرار، كانت منذ سنوات طويلة ولا تزال تتعمّد تعطيل الحلّ الإنساني الشامل والعادل لقضية الكويتيين البدون، الذين يعانون الأَمَرين جراء حرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية والمدنية والاجتماعية... ولكن الأمر لم يتوقف عند حدود تعطيل مثل هذا الحلّ المستحق، وإنما جرى أخيراً الكشف عن سلسلة من السياسات والإجراءات العنصرية في التعامل مع الكويتيين البدون.
فهناك من جهة مشروع لإزالة منطقتي الصليبية وتيماء التي يتركّز فيها الكويتيون البدون من العسكريين وأقاربهم، وهناك من جهة أخرى قرارات متتالية صدرت في الآونة الأخيرة لسحب جوازات السفر الصادرة وفق المادة 17 من عدد من نشطاء الكويتيين البدون المتهمين بالمشاركة في تجمعات تطالب بحلّ قضيتهم، بل لقد شملت هذه القرارات أقاربهم، وهي عقوبة جماعية مرفوضة ومناقضة تماماً لمبادئ العدالة وأحكام الدستور، والأسوأ من ذلك ما أعلنه الوكيل المساعد في وزارة الداخلية مازن الجراح الصباح عن الترتيبات الحكومية الجارية مع إحدى البلدان العربية البعيدة لتمويل عملية تجنيس الكويتيين البدون بجنسية تلك الدولة، التي لا ينتمي إليها أحد منهم، وذلك تمهيداً لخطوة عنصرية بغيضة تتمثّل في الترحيل الجماعي القسري لأعداد كبيرة من الكويتيين البدون عن وطنهم الذين ولدوا هم وآباؤهم فيه.
ونحن في التيار التقدمي الكويتي إذ نرفض مثل هذه السياسات والإجراءات العنصرية للتعامل مع الكويتيين البدون وندينها؛ فإننا نحذر من عواقبها الوخيمة من حيث اشتداد معاناة الكويتيين البدون؛ ومن حيث الإساءة إلى سمعة الكويت على الصعيد الخارجي؛ ناهيك عن تداعياتها الأمنية والاجتماعية الخطيرة، وندعو القوى السياسية والجماعات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني إلى التصدي الواضح لها، كما نناشد المنظمات الإنسانية العربية والدولية إلى التحرك الجاد ضد هذه السياسات والإجراءات العنصرية ومطالبة السلطة بوقفها... كما يهيب التيار التقدمي الكويتي بالقوى الوطنية في السودان وجمهورية جزر القمر إلى التحرك ضد الترتيبات التي تمت مع حكومتي البلدين لتنفيذ مثل هذه السياسات العنصرية.
ويكرر التيار التقدمي الكويتي تأكيده أنّ حلّ قضية الكويتيين البدون يتطلب تبني سياسة جادة واتخاذ إجراءات عملية من دون تأخير لمعالجة القضية وفق قواعد واضحة انطلاقاً من اعتبارات إنسانية واجتماعية وتنموية، بعيداً عن المعايير العنصرية، وذلك بمنح الجنسية الكويتية لحملة إحصاء 1965 والذين ولدوا في الكويت وتلقوا تعليمهم واستقروا فيها وليس هناك موطن آخر يمكنهم الانتقال إليه، مع ضرورة إقرار الحقّ الدستوري في الجنسية لأبناء المواطنات الكويتيات تطبيقاً لمبدأ المساواة بين المرأة والرجل وفقاً للدستور، وكذلك الإقرار بحقّ الجنسية لأسر الشهداء والأسرى، واستيعاب الكفاءات والأيدي العاملة الماهرة، وانضمام الكويت إلى الاتفاقيات الدولية الخاصة بعديمي الجنسية، وتفعيل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتصلة بحقوق الإنسان، إذ ليس من الجائز استمرار الحرمان من هذه الحقوق، مع وجوب التخلي عن المماطلة والتسويف في معالجة هذه القضية الإنسانية الوطنية.
الكويت في 18 مايو 2014

في الذكرى الـ 66 لنكبة فلسطين "اللقاء اليساري العربي" يدعو الى مقاومة يسارية عربية للاحتلال الصهيوني وللمشاريع الامبريالية.
ستة وستون عاماً على نكبة فلسطين والأنظمة العربية الرسمية ما زالت تمعن في التآمر على القضية الفلسطينية، وتقدم المزيد من التنازلات للعدو الصهيوني ولحماته الامبرياليين بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، حفاظاً منها على كراسيها وعروشها المتهاوية.
واليوم، في ظل المشاريع الامبريالية- الصهيونية الجديدة، يزداد الخطر على فلسطين وشعبها. فمبادرة وزير الخارجية الأميركية جون كيري، المعروفة ب"اتفاق – الاطار"، تهدف بالأساس الى تصفية القضية الفلسطينية نهائيا وتحويل الكيان الاسرائيلي الى "دولة اليهود في العالم"، مستفيدة من تخاذل النظام العربي الرسمي الذي يتبناها ويروج لها، وكذلك من سلوك القيادة الفلسطينية المراهن على مفاوضات وتسويات ليست في مصلحة القضية الفلسطينية.
إن هذه الهجمة الامبريالية- الصهيونية الجديدة وما تحمله من مخاطر تضعنا، نحن قوى "اللقاء اليساري العربي"، التي تمثل فلسطين القضية المركزية في نضالنا، أمام تحدي وضع خطة شاملة، أساسها مقاومة الاحتلال الصهيوني، والتحالف الامبريالي الداعم له، والأنظمة الرجعية العربية التي لم تكتف ببيع فلسطين من قبل، بل هي تسعى اليوم الى تصفية القضية نهائيا.
لذا، نعلن مجددا رفضنا لكل أشكال المفاوضات والتسويات، مؤكدين على ضرورة توحيد الموقف الوطني الفلسطيني والتحركات المشتركة في وجه الكيان الاسرائيلي، ومشددين على أولوية تطوير مقاومة الشعب الفلسطيني من أجل تحرير أرضه ومن أجل حقه في العودة وإقامة دولته الوطنية وعاصمتها القدس.
كما ندعو الشعوب العربية وقواها اليسارية والتقدمية والديمقراطية والقومية الى تجذير ثوراتها وانتفاضاتها في مواجهة القوى المضادة، وضد المشاريع الامبريالية الساعية الى تقسيم أوطاننا الى دويلات دينية ومذهبية واثنية متصارعة وامرار "مشروع الشرق الأوسط الجديد" الذي يؤمن الحماية للعدو الصهيوني رأس حربة الامبريالية في منطقتنا.
إنها دعوة من أجل إقامة أنظمة حكم وطنية تقدمية ديمقراطية مقاومة للاحتلال ولكل أشكال القمع والتبعية والعمالة ولكل المشاريع التوسعية الامبريالية في منطقتنا.
تحية الى الشعب الفلسطيني المقاوم والصامد في أرضه.
تحية الى اللاجئين الفلسطينيين في جميع جهات الشتات، المتمسكين بحق العودة.
تحية الى الشهيدات والشهداء، والأسيرات والأسرى.
15 أيار 2014 اللقاء اليساري العربي
بقلم: أجمد الجاسم*
كنت أظن – قبل أن أهتدي – أن غياب الإصلاح و التنمية والبناء في الكويت سببه كتلة " المؤزمين" المشاكسين الذين يشلون يد الحكومة بكثرة الاستجوابات والمناكفات ، لكن بعد إبطال مجلس "الأغلبية المعارضة"2012وتغيير ألية التصويت وباستثناء مسيرات " كرامة وطن " مرت الكويت منذ عامين بمرحلة هادئة وساكنة وخالية من أي شغب نيابي أو شعبي ومع هذا لم نشهد للحكومة فيها أي انجاز باستثناء اقتراحات لدعم الثروة الحيوانية من البقر والكلاب الضالة والحباري وأخيرا وليس آخرا بيت الفيل !! هذا بالرغم من استمرار الحياة النيابية في قاعة المرحوم عبدالله السالم ، لكن بركة "الصوت الواحد" لم تنقطع بعد فقد أنتجت لنا مجلسين الأول كان من نصيب علي الراشد والثاني مرزوق الغانم ، وكلا المجلسين لا طعم لهما ولا لون ، وهما عبارة عن مجلسي شورى يمارس فيهما الأعضاء جُل مهامهم مِن تبادل القبلات عند الانعقاد، وإلتقاط الصور للصحافة ،واستلام الرواتب والامتيازات وعقد المؤتمرات الفارغة ...، أما مهمة التشريع والمراقبة والمحاسبة للوزراء على تقصيرهم فهي ممنوعة عليهم ، وهذا ما ثبت جليا حين شُطب استجواب رياض العدساني المقدم لرئيس الحكومة الشيخ جابر المبارك على إثر اعتراف النائب عبدالله التميمي باستلامه ((مساعدات)) مالية من الرئيس سيوزعها على المحتاجين من ربعه !
لذا فليس لدينا أي أمل من هذا المجلس الصوري الذي يتزعمه سليل التجار ممَن لم يشعروا يوماً بآلام الشعب ومعاناته. فلم يُقدم هذا المجلس حتى الآن على حل أي قضية !! حتى الاتفاقية الأمنية المرفوضة شعبياً مازال يُماطل فيها ،لكن مجلسهم ماض في تصفية القطاع العام ، وخصصته ،لنعود أجراء عند التجار بدل من أن نكون مواطنين في دولة ترعانا وتحترمنا.
وفي مقابل وجود كتلة "إلا الدستور" في المجالس السابقة التي كانت تمثل الشعب ، ظهرت لنا كتلة " إلا العقيدة " وهي مجموعة لا تنتفض من أجل انتظار أكثر من 100 ألف أسرة كويتية لبيت العمر أو من أجل الارتفاع الجنوني لإيجارات السكن والسلع أو من أجل تزايد معاناة الكويتيين البدون واضطهادهم أو تفاقم عدد العاطلين عن العمل أو رداءة الخدمات الصحية ، وضعف المخرجات التعليمية ، بل تثور من أجل كتب مسيئة دخلت البلد عن طريق معرض الكتاب الإسلامي التابع لجماعة "حدس" المعارضة ، الذي افتُتح برعاية رئيس الحكومة !!
(وهنا يجب أن أسجل اقراري وإعجابي بأن لا أحد يتفوق على جماعة "الإخوان" في إتقان لعبة الجمباز والبهلوان فهم مع المعارضة والحكومة في آن واحد )
فقد طالب النائب المخضرم والشعبوي سابقاً عدنان عبدالصمد ورفاقه وزير الإعلام بالتحرك السريع دفاعا عن الوحدة الوطنية ، ومع رفضنا لهذه الكتب الطائفية وأي كتاب يمس عقائد وثوابت أي شريحة من شرائح المجتمع ، نود أن نسأل ما قيمة إجراءات منع الكتب ومصادرتها وإغلاق المواقع الالكترونية في عصر متطور تجاوز حدود تفكيرنا الضيق والمحدود ؟؟ وهل هذا جُل اهتمامكم وأنتم نواب الأمة تمثلون كل الشعب وليس طائفة محدودة فأيهما أولى حماية العقيدة من الإساءة أم الوطن من السرقة والنهب؟؟
إن أي شريحة من المجتمع تصطف مع السلطة ضد مصالح الشعب وحقوقه ستخسر تعاطف الشرائح الأخرى لها. فحذاري.
_________________________
*عضو في التيار التقدمي الكويتي
بقلم: د. بدر الديحاني
لا جدال، كما ذكرنا مراراً وتكراراً، أن الموازنة العامة للدولة ستواجه عجزاً فعلياً في السنوات القليلة القادمة إذا ما استمرت أولويات المالية العامة وتوجهاتها على ما هي عليه الآن.بمعنى آخر، لا يمكن تجنب العجز المالي المحتمل ما لم تتغير الأولويات والتوجهات الحالية، بحيث تدار المالية العامة للدولة على أسس رشيدة وعادلة، وهو الأمر الذي لن يتحقق من دون إصلاح المنظومة السياسية التي تدير الدولة، فالعجز المالي والتراجع التنموي والديمقراطي مسؤولية من بيده السلطة، أي من تسبب في ذلك، وأي قرارات مصيرية لن يتحمل مسؤوليتها المواطنون ما لم يشاركوا في اتخاذها، إذ إن المسؤولية بقدر السلطة.لهذا، فمن الظلم الاجتماعي القفز مباشرة لتحميل المواطنين تبعات فشل سياسات مالية لم يشاركوا في اتخاذها من الأساس، وذلك من خلال "التهديد" بإلغاء أو تخفيض دعم السلع والخدمات الضرورية أو فرض رسوم جديدة وزيادة الرسوم الحالية، أو عدم زيادة رواتب صغار الموظفين بحسب التضخم النقدي وغلاء المعيشة، وجميعها سياسات اقتصادية منحازة تأتي دائماً وأبداً في مقدمة "الروشتة" النيوليبرالية لصندوق النقد الدولي الذي استضافته الحكومة الأسبوع الماضي، فدعا الكويت إلى تبني "استراتيجية لتقليص فاتورة الدعم والرواتب" ("الراي"- 7 مايو 2014).إن الحديث عن مسؤولية المواطن عن سياسات فاشلة في الوقت الذي يُحرم من المشاركة في سلطة اتخاذ القرار هو حديث غير موضوعي لا قيمة له؛ لهذا فإن المطلوب، بدلاً من تحميل المواطن تبعات سياسات مالية فاشلة ومنحازة لم يكن له دور في رسمها وتنفيذها، هو البدء باتخاذ خطوات جادة وعاجلة لإصلاح إدارة المالية العامة للدولة، ومواجهة العجز المالي المتوقع بعد ثلاثة أعوام (2017)، بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، ومن ضمن هذه الخطوات، التي سبق أن أشرنا إلى بعضها في هذه الزاوية، التالي:1- الإصلاح السياسي والديمقراطي أي إصلاح الإدارة السياسية للدولة والمكافحة الجادة للفساد وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في إدارة الدولة، وفي تحديد التوجهات المستقبلية ثم تحمل تبعاتها، فالمسؤولية بقدر السلطة.2- تغيير نمط الاقتصاد الريعي السائد حالياً إلى اقتصاد منتج مع ضرورة تنويع مصادر الدخل.3- تغيير جذري لأولويات الموازنة العامة وتوجهاتها الحالية نحو تحقيق العدالة الاجتماعية في توزيع الثروة الوطنية.4- إعادة النظر بشكل جدي في تضخّم أبواب الميزانية كافة، خصوصاً الباب الرابع (مشاريع إنشائية وصيانة واستملاكات عامة) وليس التركيز فقط على الباب الأول (الرواتب والأجور وما في حكمها) لاسيما رواتب صغار الموظفين.5- فرض ضرائب تصاعدية على الدخول المرتفعة وعلى أرباح الشركات الكبرى والمؤسسات الخاصة التي تدعمها الدولة دون مقابل.6- إعادة تسعير أراضي الدولة وأملاكها بأنواعها كافة التي تمنح حالياً بأسعار زهيدة جداً، وعدم تعديل قانون (بي. أو. تي.) رقم (7/ 2008).7- إعادة تسعير الكهرباء والماء والخدمات الإدارية في المناطق الصناعية والتجارية.8- تحصيل مستحقات الدولة على الشركات والمؤسسات والأفراد.9- إلغاء، أو على الأقل تخفيض، الامتيازات والمكافآت والبدلات التي تمنح، من دون مبرر، لكبار المسؤولين في الدولة.10- إلغاء الأجهزة الحكومية التي أنشئت لأغراض سياسية من دون أن يكون لها حاجة تنموية، وإلغاء الدرجات القيادية التي مُنحت وتمنح من دون أي مبرر إداري أو اقتصادي.11- إقامة مبانٍ دائمة للأجهزة الحكومية بدلاً من تنفيع كبار ملاك العقار.12- وقف هدر المال العام واستنزافه واستخدامه وسيلة من وسائل التنفيع من أجل تحقيق أغراض سياسية آنية.
_______________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 12\05\2014
وصفت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية ما يحدث في الكويت بـ«دوامة سياسية»، تضخّمت بوجود وسائل إعلام وتواصل اجتماعي، مما يصعّب سرية مشاكل الأسرة الحاكمة وخلافاتها وكذلك الأزمة السياسية في ظل وجود التكنولوجيا.فقد كتبت «كرستين سميث ديوان» مقالاً في الواشنطن بوست الصادرة يوم 8 مايو الجاري تحت عنوان «الأسرة الحاكمة تنقل صراعها للجمهور»، تناولت فيه مواضيع الساعة التي تتم مناقشتها في الدواوين ووسائل التواصل الاجتماعي وعلى نطاق واسع، مثل قضية مقاطع الفيديو التي تخص شخصيات سياسية معروفة وأفراداً من الأسرة الحاكمة، ومنع المواطنين من الخوض بالقضية بقرار من النائب العام مدعوماً ببيان من وزارة الداخلية، كما ذكرت الكاتبة الصحافية.وتضيف الكاتبة: «من الواضح أن هناك فتنة اشتعلت»، ولم يعد الخوض فيها همساً بل وصل الأمر إلى وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، وأصبحت حديثاً على كل لسان، وأكدت «ديوان» أن خلافات من هذا النوع تفتح الباب أمام الحراك الناشئ في منطقة الخليج، وأن الشعب واثق من أن التغيير آتٍ لا محالة، على حد تعبيرها.أشعر باعتباري مواطناً كويتياً بالأسى والأسف أن يتم الحديث عن أزمتنا السياسية التي تتعمق كل يوم في وسائل الإعلام العالمية، بينما كان من الممكن أن تتم المبادرة لتخفيف الاحتقان وحل المسائل بالحكمة داخلياً وبالاعتماد على الشعب الكويتي الوفي الذي لا يتمنى أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه، والمؤهلة أن تتفاقم وتصبح مستعصية على الحل إذا ما تم تجاهلها، أو الإيغال بنفس النهج الذي أدى إلى هذه النتيجة، وتعطيل كل مشروعات التنمية والتقدم والسير بالبلاد إلى مستويات حضارية مرموقة، والاستفادة من فوائض الميزانية والطاقات الوطنية لإعادة مكانة الكويت ولمشروع بناء الدولة الكويتية الحديثة.والحل يحتاج إلى إرادة وتجاوز الأسرة لخلافاتها أولاً، والالتفات إلى مصالح الشعب وتلبية مطالبه في حل أزماته المعيشية من إسكان وتعليم وخدمات صحية وبطالة وغلاء معيشي وارتفاع في الإيجارات وأزمات مرورية وفساد على مرأى ومسمع كل مواطن دون أي محاسبة أو عقاب.لدينا عقول كويتية لوضع استراتيجية إصلاحية جذرية، وليس فقط حلولا ترقيعية أو أمنية، وإنما حلول للإصلاح السياسي والديموقراطي والانتخابي المستحق والذي يواكب تطور العصر، مع تنويع مستهدف وواقعي لمصادر الدخل، والبدء من مشتقات النفط، وفرض ضريبة تصاعدية على الشركات والدخول الكبيرة تصب في الموازنة العامة للدولة، وإلزام القطاع الخاص القيام بوظيفته الاجتماعية من خلال توظيف الشباب، وتطوير مصادر الطاقة وغيرها من الحلول التي أثق بوجود كفاءات وطنية لوضعها موضع التنفيذ.لا أحد منا ككويتيين يود أن يقرأ عن مشكلاتنا وأزماتنا في وسائل الإعلام العالمية، ولا نحتاج أن نلجأ للخبر والتحليل من خارجنا، بل نحتاج إلى مساحة من حرية التعبير والمشاركة في إصلاح أوضاع وطننا والاستماع إلى صوت المخلصين المحبين لوطنهم.لا نريد أن نعيش في دوامة سياسية حسب تعبير الواشنطن بوست، بل نطمح الى الاستقرار والأمان، في ظل عدالة اجتماعية ودولة مدنية وقانون يحترمه الجميع ويطبق على الجميع الكبير قبل الصغير والغني قبل الفقير.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
______________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 12\05\2014 العدد:12733
بقلم: آدم صابر
في الوقت الحاضر تكتسب مسألة الديمقراطية والدولة أهمية كبيرة وبالخصوص بعد محاولات التحرر التي أضحت تعرفها المجتمعات، وكونها من أكثر المفاهيم التي تعرضت للتحريف و التشويه لأغراض طبقية وتضليلية، لذا كان من الضروري إعادة توضيح هذه المسائل في محاولة للتمكن من إعطاء بوصلة للشعوب السائرة في الطريق من أجل التحرر، وجعل ثوراتها ذات معنى حتى تخرج من الدائرة المفرغة للاستبداد، فلا تحرر بوجود دولة ولا دولة بدون طبقات.لقد جاءت الدولة عند درجة معينة من تطور المجتمع، حيث كانت إفصاحا عن واقع أن هذا المجتمع قد انقسم إلى متضادات مستعصية هو عاجز عن الخلاص منها، والمتمثلة في ظهور طبقات ذات مصالح اقتصادية متنافرة كنتيجة لهذا التطور، فهي حسب كتاب ومفكري الطبقة السائدة آلية تهدف إلى التوفيق بين مصالح الطبقات التي أفرزها التطور التاريخي للمجتمع وتجنب وقوع اصطدام بينها، إلا أن هذا التعريف يخفي واقع كون الدولة جهاز خاص لاستعمال العنف بصورة منتظمة لإخضاع طبقة تتعارض مصالحها مع مصالح الطبقة الحاكمة، وتتجلى مظاهر هذا العنف في فصائل الجنود المسلحين والسجون والقوانين وغير ذلك من وسائل إخضاع الآخرين.وبرأي ماركس، الدولة هي هيئة للسيادة الطبقية، هيئة لظلم طبقة من قبل طبقة أخرى، فهي ممسحة تمسح هذا الظلم بالمشروعية والقانون وتوطده، وهذا يبرز بشكل واضح وجلي عند تناول الوصف التاريخي الذي انبثق فيه هذا الجهاز - يبرز- أنه قد ظهر في لحظة انقسام المجتمع إلى طبقات، أي خلال تشكل المجتمع الطبقي الأول أو ما ينعت بمرحلة العبودية، عندما أصبح عندنا عبيد وأسياد، وانقسم المجتمع إلى جماعات من الناس يستطيع بعضها أن يتملك على الدوام عمل الآخرين، ويستثمر فيه أحد الناس الآخر، فقبل هذا الانقسام كانت توجد فقط العائلة وما تزال مظاهر هذا الأمر بادية بوضوح لدى الشعوب البدائية التي تعيش في مرحلة المشاعية البدائية، ولا يحتاج تركيبها المجتمعي إلى جهاز يخول استعمال العنف لإخضاع إحدى الطبقات لمصالح الطبقة الأخرى، وحيث تكون ملكية وسائل الإنتاج ملك للجميع، وبمعنى أدق فإن ظهور الدولة قد تزامن مع بلوغ المجتمع إلى مرحلة يقوم فيها على الاستثمار الطبقي والملكية الخاصة لوسائل الإنتاج (الأرض، الأدوات، الناس – عبيد. فلاحين.عمال...-) والرغبة في شرعنة احتكار الأقلية قوة عمل الأغلبية، مما يوضح حقيقة الغرض الذي جاءت لأجله الدولة.وإذا ما تم النظر إلى مسألة نشوء الدولة من هذا المنظور أي عبر تتبع تاريخ تطور المجتمع وانقساماته يمكن الكشف عن حقيقة أنها تقسم المجتمع إلى طبقتين، طبقة محرومة من كل الحقوق ولا تمتلك سوى قوة عملها وهي الأوسع، وطبقة جعلت تمسك في يدها أدوات بيروقراطية تثبت مكانتها وأحقيتها في امتلاك كل الحقوق، ولعل أبرز هذه الأدوات البيروقراطية في الوقت الراهن نجد الديمقراطية المتطرفة.فبالعودة إلى التاريخ نرى أنه من غير الممكن أن تسود أقلية غير كبيرة من الناس على أكثريتهم الكبرى بدون القسر، والتاريخ زاخر بالانتفاضات التي كانت الطبقات المظلومة تقوم بها على الدوام لإسقاط الظلم، وبالتالي كان لابد من البحث عن أدوات للمحافظة على سيادة الطبقة وتتناسب مع المرحلة والشروط الموضوعية لها، بحيث أضحى من المستحيل استعمال السوط بمعناه الحرفي لحكم الشعوب فكان لابد من خلق سوط جديد.إن الديمقراطية المتطرفة قد نشأت بسبب الدولة ومن أجل الطبقات المسيطرة أيضا، فهي مادة للاستغلال، مادة يسهل استعمالها طبقيا للوصول إلى مآرب خاصة وأداة قمع لا شعورية للصراع الطبقي، من خلالها تتراكم سلطة السيادة في أيدي عدد ضئيل من الناس مما يجعل الأكثرية خاضعة للأقلية وتحويل أكثرية الناس إلى عبيد، فهنا لا يبقى الحكم وسن القوانين حر يتمكن منه جميع أعضاء المجتمع خلال سير الصياغة، ليسود الخضوع الإجباري، خضوع تستثمره طبقة لتحويل المجتمع لأناس لهم كل الحقوق وأناس ليس لهم أي حق.كلمة ديمقراطية هي ترجمة حرفية عن اليونانية، ويقصد بها حكم الشعب نفسه بنفسه، إلا أن الأمر الغير مترجم أو المحرف هو طريقة ممارسة الديمقراطية، أو كيف يصبح الشعب حاكما بنفسه وعلى نفسه، أما الديمقراطية التي جاءت بها الدولة فقد تمت صياغتها من زاوية نظر البرجوازية المسيطرة وكأثر تولده هذه السيطرة، فهي ديمقراطية متطرفة تحكم فيها أقلية الأكثرية وتستثمر فيها بشكل مشروع حسب ديمقراطيتهم، ومن خلال انتخاباتهم وحصر السلطة في يد طبقة لتظلم طبقة أخرى.وهكذا فعند الدعوة إلى الأممية التي تنتفي فيها الدولة، تصبح دعوة إلى مجتمع لا يحترم إرادة الشعب من منظور تحليلهم للديمقراطية، والمسخ الذي يعرفونها به، وهو تعريف مثالي لا يربط بين المعنى والواقع، يخضع فيه الشعب لإرادة غريبة عنه، إرادة الطبقة الحاكمة.على كل فإننا نحاول هنا الإجابة عن السؤال المطروح : لماذا كل محاولة لثورة الكادحين والمقهورين ضد ظالميهم، قد لا ينتج عنها إلا قيام صورة ثانية للوضع القائم سابقا ؟ لذلك أضحى من اللازم على الشعوب الثائرة تجنب الخطأ في السياسة، فلا تحرر بوجود الدولة ولا دولة دون طبقات، حيث بانتفاء الطبقات تنتفي الدولة، فغياب النتائج رهين بغياب المسببات.
__________________________
منقول عن موقع الحوار المتمدن تاريخ 04\05\2014
بقلم: د. بدر الديحاني
مطالب الشعب الكويتي في الإصلاح السياسي والديمقراطي المستحق ليست وليدة اللحظة، فهي مطالب مستمرة منذ بداية القرن المنقضي، لكنها تصاعدت في الأعوام الأخيرة نتيجة للتراجع التنموي والديمقراطي وانتشار الفساد لا سيما الفساد السياسي. وقد زاد الطين بلّة انفراد الحكومة بتغيير النظام الانتخابي من أجل تفصيل مجلس على مقاسها توجهه كيفما تشاء كما نرى هذه الأيام.سوء الوضع العام والحاجة الماسة إلى الإصلاح لا ينكرهما إلا المستفيد من استمرار التراجع أو المنفصل عن الواقع، فالتذمر الشعبي من تردي الخدمات العامة والشكوى الدائمة من الظلم الاجتماعي والتهميش السياسي والتمييز الوظيفي والحديث المتواتر عن الفساد السياسي الذي لم يعد همساً في غرف مغلقة كما هي الحال في السابق، كلها مؤشرات تدل على سوء الوضع العام.ومن الطبيعي أن تدافع جماعات الفساد عن الوضع السيئ لأن بقاءها مرتبط باستمراره، لكنها لا تملك الحجج القوية والمقنعة فتلجأ إلى ترويج الاتهامات السخيفة والأكاذيب التافهة، وهو دليل إفلاس سياسي وأخلاقي قد يدفع الوطن في المستقبل القريب ثمنه غالياً، فتارة يدّعون بعنصرية مُقيتة أن هناك "غزواً داخلياً"، وتارة أخرى يدّعون أن هناك "أجندة خارجية" أو "مؤامرة" ضد نظام الحكم، من دون أن يحددوا ما هو شكل المؤامرة، ومن هم المتآمرون، مع العلم أن معرفة طرف ما بمؤامرة تحاك ضد نظام الحكم وعدم الإبلاغ عنها يعتبر اشتراكاً في هذه المؤامرة.ليس أسهل من ترويج الاتهامات الكاذبة التي قد تجد من يصدقها لفترة زمنية محدودة ولكن نتائجها المستقبلية على الوطن ستكون كارثية، وهو ما رأيناه أثناء ثورات "الربيع العربي" التي تمر الآن بمرحلة انتقالية صعبة ومعقّدة ومخاض عسير من المحتمل جداً أن ينتج عنها موجات ثورية جديدة.لقد مرت الكويت خلال تاريخها الحديث بمنعطفات سياسية حادة رُوّجت خلالها إشاعات واتهامات "المؤامرة لقلب نظام الحكم" لاسيما في ثلاثينيات القرن الماضي، وقبيل الاحتلال العراقي البغيض أثناء المطالبة بعودة الحياة الدستورية (دواوين الاثنين)، لكن الأحداث التاريخية أثبتت زيفها وعدم صحتها وخطورتها على تماسك الوضع الداخلي، فالشعب الكويتي الوفي لم يطالب قط بتغيير نظام الحكم أو يتآمر عليه، كما يروج الفاسدون والمستفيدون من الوضع السيئ كلما تأثرت مصالحهم الضيقة، بل دافع في أحلك الظروف ولا يزال يدافع عن الشرعية الدستورية، أما المطالب الشعبية المستحقة فتتمحور حول الإصلاح السياسي وتطوير نظام الحكم الديمقراطي ونيل الحقوق الدستورية باعتبارها ركائز أساسية في تدعيم الاستقرار الاجتماعي والسياسي.أخيراً وليس آخراً، فإن من يطالب باستمرار الأوضاع الحالية السيئة هو الذي لا يهمه استقرار نظام الحكم، بل يبحث عن مصلحته الذاتية فقط، فاستمرار الوضع السيئ سيجعل الصراع، كما ذكرنا في مقالات سابقة، بين السلطة والشعب وسيُقلّص من القاعدة الشعبية للسلطة ويجعلها في عزلة سياسية ليست في مصلحة الاستقرار السياسي والتطور الديمقراطي.وعلى العكس من ذلك، فإن مطالبة السلطة بالاعتراف بأخطائها ثم المبادرة بتقديم مشروع إصلاح سياسي وديمقراطي ملتزم بالدستور لاستكمال بناء دولة مدنيّة عصرية هو دليل حرص على استقرار نظامنا الديمقراطي وتطوره، إذ إن استشراء الفساد السياسي وتنامي الغضب الشعبي وعدم الاستجابة للمطالب الشعبية المستحقة ستكون لها تداعيات سياسية سلبية.
____________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 07\05\2014
عندما تكون أولويات الميزانية العامة وتوجهاتها غير عادلة، فإن حديث الحكومة عن ترشيد الإنفاق أو إلغاء دعم السلع والخدمات الأساسية يصبح حديثاً مضللاً ومنحازاً أيضاً، فما يؤخذ من أفواه الأطفال تحت ذريعة "الترشيد" سيذهب مباشرة إلى جيوب كبار الأثرياء. في هذا السياق يأتي تصريح وزير المالية قبل أيام عدة، الذي ذكر فيه أن "الفاتورة الحالية لرواتب الحكومة مرتفعة جداً بينما تستنزف تكاليف دعم السلع الأساسية ميزانية الدولة"، إذ من الواضح أن الوزير يتحدث هنا عن رواتب صغار الموظفين وليس عن مزايا ومكآفات وبدلات كبار المسؤولين في الدولة، والتي تحتل الجزء الأكبر من الباب الأول في الموازنة العامة للدولة.كما أن الوزير يتحدث عن دعم الخدمات الأساسية أي الضرورية وليست الكمالية، بينما لم ينطق بكلمة واحدة عن أوجه الدعم الحكومي الأخرى التي يفترض أن تتوقف على الفور مثل دعم الديزل الذي لا يستفيد منه المواطنون بل يُسرق يومياً ويُهرب للخارج (دعم الديزل يكلف قرابة المليار دينار سنوياً، وهو أعلى بكثير جداً من تكلفة بنود الرعاية الاجتماعية وخفض تكاليف المعيشة)، ودعم الكهرباء والماء للمجمعات التجارية والصناعية الكبيرة (فلس واحد للكيلوواط مقابل فلسين للمنازل)، وأسعار أراضي الدولة وأملاكها التي مُنحت منذ عقود طويلة لمجموعة قليلة بأبخس الأثمان، والآن تنوي الحكومة تعديل قانون "بي أو تي" من أجل الاستمرار في الاحتكار واستنزاف المال العام، فضلاً عن بعض المناقصات المليونية المُفصّلة، والمحافظ المالية المليارية سواء العقارية أو الاستثمارية التي وظفتها الهيئة العامة للاستثمار منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008 لإنقاذ عدد قليل من أصحاب رؤوس الأموال الضخمة.ليس ذلك فحسب، بل هناك مؤسسات حكومية كثيرة تشغل منذ عقود مباني مؤجرة بتكاليف مالية باهظة تذهب إلى جيوب كبار ملاك العقار، علاوة على تشييد بعض أجهزة الحكومة مباني فاخرة جداً تكلف ملايين الدنانير مثل مبنى البنك المركزي الذي ينافس كما أشارت "الطليعة" في عددها الأخير "أفخم وأرقى الأبراج في الكويت"، ولم يرق للمسؤولين عن البنك جلب أثاث للمبنى الجديد من داخل الكويت، وفضلوا تأثيثه من الخارج وبطراز ونوعية معينين من الأثاث، حيث سافر وفد برئاسة محافظ البنك المركزي إلى المملكة المتحدة لمشاهدة عدد من معارض الأثاث التي لم تعجبه، فقررت اللجنة، الخاصة بتجهيز المبنى في يناير الماضي، السفر مرة أخرى إلى لندن ومدينة ميلانو الإيطالية لانتقاء الأثاث... ولا يعرف حتى الآن متى ستنتهى المهمة؟! وكم ستُكلف الميزانية العامة للدولة؟!كما تشير "الطليعة" أيضاً إلى أن "هيئة أسواق المال تستأجر في "برج أحمد" وفي الوقت ذاته وقعت منذ مدة عقد إيجار في برج الحمراء (أغلى الأبراج في الكويت) رغم أنها لم تنتقل إلى هناك بعد، أي أنها تدفع مبالغ ضخمة مقابل استئجار مساحات لم تستغلها"!ما معنى هذا؟ معناه، وبكل بساطة، أنه بالإضافة إلى ما سيترتب على إلغاء دعم السلع والخدمات الأساسية أو تخفيض بنود الإنفاق الاجتماعي من انخفاض مستوى معيشة فئات شعبية واسعة، فإن عوائد إلغاء الدعم، الذي "يُهددنا" به وزير المالية بين الفينة والأخرى، ستُوجه في غير أغراضها الصحيحة ولمصلحة من يفترض أنهم يدعمون الميزانية العامة للدولة من خلال دفعهم للضرائب على الأرباح الهائلة التي يراكمونها منذ عقود وبدعم سخي قدمته وما زالت تقدمه لهم الدولة.
د. بدر الديحاني
___________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 05\05\2014
واضح تماماً عمق الأزمة التي أصبحت مثل كرة الثلج تكبر كل يوم، فالتداعيات المتلاحقة والخطيرة سببها الرئيسي هو نهج الحكومة وانفرادها بالقرار والحكم، واستبعاد الشعب وتهميشه بل وقمعه إن استدعى الأمر، والظاهر هو رأس جبل الجليد فقط والخافي أعظم.
فحتى لحظة كتابة هذا المقال استقال خمسة نواب من مجلس الأمة والسادس يفكر بالاستقالة، وتلك نتيجة حتمية لنظام الصوت الواحد وما نجم عنه من مجلس هش وصوري، مثّل الحكومة أكثر مما مثّل الشعب وتطلعاته إلى مزيد من الحرية والإصلاح ومحاربة الفساد الذي طفا على السطح، حتى عرف به القاصي والداني.
وهذه الأزمة لم تبدأ الآن، بل بدأت مع عدم إيمان وقناعة الحكومة بالدستور والديموقراطية، منذ ستينات القرن الماضي على شكل تزوير للانتخابات وانقلاب على الدستور وتقييد متواصل للحريات العامة والخاصة، بما فيها حرية التعبير والتجمع السلمي، والقفز على مواد الدستور والعبث بها لغير صالح الشعب، إضافة إلى تشجيع الفساد والإفساد بدلاً من ردعه ومعاقبة مرتكبيه.
ونتج عن ذلك هدر وسرقة المليارات من الدنانير، وتنفيع القلة الفاسدة من خلال المناقصات وغيرها وتحميل المواطنين مزيداً من الأعباء من خلال رفع الدعم الاجتماعي عنهم، والاتجاه إلى فرض ضرائب وزيادة الرسوم على الخدمات رغم سوئها بحجة ترشيد الإنفاق وإيقاف الهدر في الميزانية، مع إعفاء الشركات والقطاع الخاص من الضريبة التصاعدية على الدخل، وكأنها تعاقب الشعب على هدر الحكومة لموارد وثروات البلد.
إن سوء الإدارة والتوقف عن مشروع بناء الدولة الكويتية الحديثة، دولة القانون ومؤسسات المجتمع المدني والمواطنة الدستورية والاستئثار بالقرار، أدت إلى تدهور البنية التحتية وانهيار الخدمات الصحية والتعليمية، وتفشي الفساد في مفاصل الدولة والتراخي أو التهرب من تطبيق الخطط التنموية، وتدهور مستويات المعيشة للمواطنين خصوصاً محدودي الدخل.
إن المعلومات الخطيرة التي أدلى بها النائبان السابقان مسلم البراك وخالد السلطان، حول السرقات الضخمة والرشاوى المليونية والعبث بصندوق الأجيال القادمة، تستدعي من الحكومة اتخاذ الإجراءات القانونية ضد مرتكبيها، بدلاً من معاقبة وملاحقة من يكشفها، لقد فقدت السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية شعبيتيهما، وأصبحت عمليات هدم البلد المنظمة حديث الديوانيات والمواطن العادي، ولم يعد ذلك خافياً على أحد، وهو ما يدفع أبناء الشعب إلى نقطة الغليان والغضب انتصاراً لوطنهم ومقدراتهم وكرامتهم.
لقد كان الناس ينتظرون ملامح العلاج من رئيس مجلس الأمة الفاضل، الذي تركز حديثه الاعلامي على مواطن واحد، بينما كان الناس ينتظرون منه موقفاً إصلاحياً وعلاجاً للتدهور في العملية التشريعية ومؤسستها البرلمانية التي يجب أن تكون ممثلاً حقيقياً للشعب الكويتي.
ولا يوجد أحد يعطينا بارقة أمل لانفراج الأزمة والإصلاح المنشود، ولم تعد البروباغندا والبهرجة الإعلامية الحكومية تنطلي على أذهان أبسط مواطن كويتي، بينما يلمس المواطن ويرى بعينيه ويسمع بأذنيه التدهور اليومي في الحياة العامة، لدرجة أن الحكومة ممثلة بوزير التعليم تطلب تبرعات لإصلاح المكيفات في المدارس، في دولة فوائض ميزانياتها تبلغ المليارات.
لا حل لهذا التدهور الكبير إلا بالرجوع للشعب مصدر السلطات جميعاً، هذا الشعب الأبي الذي قدم الدماء والشهداء دفاعاً عن أرضه وشرعيته، في أبشع عدوان واحتلال لبلده، فالإصلاح يتطلب حلولاً جذرية تتمثل في إقامة النظام البرلماني الكامل ووجود حياة حزبية سليمة على أسس وطنية، ونظام انتخابي حسب القوائم النسبية في دائرة واحدة، مما يعني تطوير دستور الحد الأدنى غير الديموقراطي، لا التمسك به أو نسفه كما يطلب البعض.
وليد الرجيب
osbohatw@gmail.com
_____________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 05\05\2014 العدد:12726
احتفل عمال العالم يوم الخميس الموافق الأول من مايو بعيدهم السنوي، الذي يعتبر رمزاً لنضالاتهم ضد الظلم والاستغلال، ورمزاً لتحقيق بعض مطالبهم وحقوقهم في تكوين نقاباتهم والحد الأدنى من الأجور وتحديد ساعات العمل.
وفي الكويت منذ ثلاثينات القرن الماضي ومع اكتشاف واستخراج النفط، نزحت أعداد كبيرة من البادية إلى المدينة وأطرافها للعمل في شركة النفط، واستخدمت شركة النفط أعداداً ليست قليلة من العمالة الكويتية في مجالات الاستخراج وإنشاء ميناء للتصدير والمصفاة وبقية فروع الصناعة النفطية، فبدأت تتشكل الطبقة العاملة الكويتية بوصفها طبقة اجتماعية جديدة أيضاً في إطار علاقات رأسمالية، كما فرضت الحاجة لاستقدام عمالة ماهرة نسبياً من الهند والعراق، وقد خاضت الطبقة العاملة الوليدة محاولاتها الأولى لتنظيم صفوفها وللمطالبة بتحسين شروط عملها، حيث جرت في العام 1946م أول محاولة لتأسيس تنظيم نقابي، فتم تأسيس «جمعية العمال»، وشهد العام 1949م إضراباً لعمال النفط في منطقة واره، وتلته إضرابات أخرى كان من بينها إضراب سائقي النقليات في الأحمدي عام 1951م وهي مؤشرات ذات دلالة على بداية تشكل الطبقة العاملة وتشكل وعيها النقابي العفوي، فتشكل الطبقة العاملة في الكويت ونقاباتها واتحاداتها النقابية ليس ترفاً أو أمراً مصطنعاً ولكنه كان ومازال حاجة موضوعية لوحدة العمال ووحدة كلمتهم ومطالبتهم بحقوقهم المشروعة، خاصة مع تبلور المجتمع الرأسمالي المنقسم إلى طبقات في الكويت، وإن كانت كلتا الطبقتين الرئيسيتين مشوهتي البنية.وقد كانت الحركة النقابية في الكويت ذات دور فاعل ومهم في الحركة الوطنية والتقدمية وفي القضايا الوطنية، وكان لليسار دور ريادي في الحركة النقابية حتى منتصف التسعينات، ثم بدأت تتسرب إلى النقابات أمراض الطائفية والقبلية التي قسّمت المجتمع طولياً، وبذلك تم تهميش دور الحركة النقابية وبهت دورها الاجتماعي والنضالي المطلبي، وتم وضع عراقيل أمام العضوية والانتساب لضمان بقائها تحت سيطرة تكتلات قبلية وطائفية.وفي الواقع رغم أهمية الطبقة العاملة في البلدان العربية وحركتها النقابية، إلا أنها ظُلمت مرتين، مرة عندما هيمنت الأنظمة عليها ووضعتها تحت وصايتها ومرة عندما قامت الثورات العربية التي لم تضعها في الاعتبار، فلم ترفع الشعوب الثائرة شعارات عمالية بل رفعت شعار إسقاط النظام، أي إسقاط نظام برجوازي من أجل بديل برجوازي، فإسقاط رموز الأنظمة لم يكن يعني سوى التقاط البرجوازية لأنفاسها لاختيار وجه آخر يمثل البرجوازية، يسير في نفس درب تحقيق السياسة النيوليبرالية والتبعية للامبريالية.فأي رئيس جديد لهذه الأنظمة بعد الثورات سيكون أداة النظام الرأسمالي الذي سيحكم لصالح هذا النظام وليس لصالح الطبقة العاملة وسائر الكادحين، ويقول حسقيل قوجمان: «إن شعار الحرية والعدالة الاجتماعية يناسب تفسير كل طبقة، ففي النظام الرأسمالي تعني الحرية حرية الطبقة الرأسمالية في استغلال الطبقة العاملة وسائر الكادحين، والعدالة الاجتماعية تعني عدالة الطبقة البرجوازية في استغلال العمال وقدسية الملكية الرأسمالية الخاصة، أي استمرار الاستغلال والهيمنة على مصالح أغلبية الشعب».فما النتائج التي حصلت عليها الطبقة العاملة من هذه الثورات؟ وما هي الحلول المطروحة للأزمات التي يعيشها الشعب الكادح ما لم تملك الطبقة العاملة أدوات ووسائل الإنتاج لمصلحة الشعوب الثائرة، رغم الأثر الثوري الذي تركته الثورات العربية في التاريخ الحديث.أن اليسار في البلدان العربية الذي احتفل بعيد العمال في الأول من مايو الجاري، عليه تمثيل مصالح الطبقة العاملة بحق، ولا يكتفي بالبهرجة الإعلامية للذكرى، ولا يجب على هذا اليسار أن يكون سقفه هو الثورة البرجوازية على بقايا الإقطاع، أو استبدال نظام رأسمالي بنظام رأسمالي آخر، بل العمل بشكل دؤوب لتجذير المطلب الثوري باتجاه التغيير.وأخيراً نهنئ الطبقة العاملة بعيدها، وكل عام وكل عامل وكادح بخير.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
_______________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 03\05\2014 العدد:12724

كلمة التيار التقدمي الكويتي في احتفالية عيد العمال العالمي الأول من مايو 2014
الزملاء والأصدقاء الأعزاءاليوم تحتفل الطبقة العاملة في مختلف أرجاء العالم بالأول من مايو عيد العمال العالمي، الذي أصبح يمثّل مناسبة تضامنية أممية للتعبير عن وحدة الطبقة العاملة ووحدة كفاحها المشترك ضد الاستغلال الرأسمالي ومن أجل العدالة الاجتماعية.
وهاهو عيد العمال العالمي يحلّ علينا هذه السنة فيما الأزمة البنيوية للنظام الرأسمالي العالمي تتعمق أكثر فأكثر لتكشف حقيقة كونه نظاماً استغلالياً طبقياً ظالماً آيلاً إلى زوال… وعلى المستوى العربي يأتي الأول من مايو هذا العام فيما تواجه الشعوب العربية في البلدان التي شهدت تغييرات ثورية العديد من التحديات المتصلة باستكمال التغيير وبناء أنظمة ديمقراطية والتصدي لقوى الثورة المضادة والتدخلات الخارجية، بينما تواصل بقية الشعوب العربية نضالها المشروع من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والتغيير الديمقراطي ضمن ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد، في مقدمتها قمع السلطات وتعسفها ورفضها الاستجابة لمطالب الشعوب؛ وتداخل بعض الأجندات؛ واشتداد الانقسام الطائفي.
الزملاء والأصدقاء الأعزاءيحلّ عيد العمال العالمي في بلادنا الكويت هذا العام فيما تشتد معاناة الطبقة العاملة والفئات الشعبية وذوي الدخول المتدنية من الارتفاع المطّرد في الأسعار، والارتفاع الجنوني لإيجارات السكن الخاص، وعدم جدية السلطة في معالجة أزمة السكن، وتردي مستوى الخدمات العامة، واستمرار مشكلة البطالة، هذا إلى جانب التوجه الحكومي لتحميل الفئات الشعبية المزيد من الأعباء المعيشية عبر إلغاء الدعم أو خفضه عن السلع الأساسية والكهرباء والبنزين وخصخصة بعض المرافق والمؤسسات العامة، ويضاف إلى ذلك استمرار المعاناة الإنسانية للكويتيين البدون المحرومين من حقوق عديدة بينها الحقّ في العمل.ونحن في التيار التقدمي الكويتي انطلاقاً من كوننا تياراً سياسياً معبّراً عن مصالح الطبقة العاملة والفئات الشعبية نبذل قصارى جهدنا للقيام بدورنا السياسي في الدفاع عن حقوق الناس البسطاء، ولكن المؤسف أنّ الوضع الراهن للحركة النقابية العمال يحول دون أن تقوم بواجبها المفترض في الدفاع عن حقوق العمال ومنع المساس بمكتسباتهم، وهذا ما يتطلب من الطلائع العمالية الواعية الالتفات لإصلاح أوضاع حركتهم النقابية العمالية، وهنا لا بد من أن نحثّ جميع العمال الشباب على الانضمام إلى النقابات العمالية ومحاولة تفعيل دورها.
الزملاء والأصدقاء الأعزاءعلى المستوى السياسي يحلّ الأول من مايو هذا العام في الوقت الذي تتضح فيه أمام الجميع أكثر فأكثر أزمة السلطة وحلفها الطبقي في ظل التمادي بالانفراد في القرار، والفشل الذريع في تنفيذ خطة التنمية، واستشراء الفساد في مواقع السلطة ومراكز القوى والنفوذ على نحو غير مسبوق في حجمه ونطاقه ومستوياته، واشتداد التضييق على الحريات العامة، خصوصاً حرية الإعلام، وتشريع العديد من القوانين التي تستبيح أموال الدولة وأملاكها لصالح حفنة من كبار الرأسماليين... وهذا ما يتطلب من مختلف القوى الشعبية التصدي لنهج السلطة وحلفها الطبقي.ونحن على ثقة من أنّ الطبقة العاملة والفئات الشعبية ستكون في مقدمة الصفوف للنضال من أجل وضع حدٍّ لحالة التدهور وإصلاح أحوال البلاد وتحقيق التغيير المنشود.
أخيراً، عاش الأول من مايو عيداً للطبقة العاملة ويوماً للتضامن والوحدة… والتحية لعمال الكويت وعمال العالم أجمع ولسائر العاملين بأجر وشغيلة اليد والفكر وعموم الكادحين في يوم عيدهم المجيد.
١ أيار/مايو ٢٠١٤
في الأول من مايو/أيار من كل عام تحتفل الطبقة العاملة في العالم ومن يمثلها من أحزاب شيوعية واشتراكية وتقدمية ونقابات عمالية وجمعيات مهنية بمناسبة عيد العمال العالمي، وتم التعارف على هذا التاريخ كعيد للعمال ومن ثم تم اعتماده كعطلة رسمية في أغلب دول العالم تخليداً لنضالات العمال الذين تظاهروا في مدينة شيكاغو في أميركا في الأول من مايو/أيار ١٨٨٦م والتي كانت تحت عنوان حركة (الثمان ساعات) المطالبة بتحديد ساعات العمل والتي ووجهت بقمع شديد سقط بسببه عدة قتلى ومصابين، وتزامنت مع هذه المظاهرة مظاهرة أخرى في مدينة تورنتو في كندا.
ويأتي اهتمام الأحزاب الشيوعية والاشتراكية والتقدمية بهذا العيد تحديداً انطلاقاً من قناعتها بدور الطبقة العاملة المحوري والتاريخي في إحداث التغيير وإلغاء النظام الرأسمالي الاستغلالي السائد.
في كل عصر من عصور التاريخ كان مفتاح التغيير يكمن في الصراع بين الطبقات المُستغِلة والطبقات المُستغَلة و دور هذه الطبقات المُستغَلة في إحداث هذا التغيير؛ ففي عصر العبودية كان دور طبقة العبيد في نضالها ضد استغلال طبقة السادة هو مفتاح التغيير نحو عصر الإقطاع؛ وفي عصر الإقطاع كان نضال الفلاحين والبرجوازيين هو الأساسي في نسف النظام الإقطاعي ودفع التاريخ نحو النظام الرأسمالي الذي كان متقدماً على ما سبقه من أنظمة؛ وكذلك في عصرنا الرأسمالي الحالي الذي بانت عيوبه وتناقضاته يكون التعويل على الطبقة العاملة في إنهاء هذا النظام و وضع حد لاستغلاله لجهد وقوة عمل العمال وبقية الكادحين.
إنّ الطبقة العاملة في هذا العصر الرأسمالي هي الطبقة التي لا تمتلك وسائل الإنتاج (من مصانع أو مزارع أو عقار تجاري أو مؤسسات مالية أو غيرها) ولا تمتلك سوى قوة عملها العضلية أو الذهنية وتتقاضى أجراً محدداً مقابل جهدها هذا، بينما الطبقات البرجوازية هي التي تمتلك وسائل الإنتاج هذه وتستغل جهد العمال وقوة عملهم في جني فائض القيمة (الأرباح)؛ أي أن الفرق بين تعريف برجوازي وعامل يعتمد على الملكية أو عدم الملكية لوسائل الإنتاج. وهذا التقسيم الطبقي لا يعتمد على مستوى الدخل ولا على طبيعة المهنة بل يعتمد فقط على الملكية وعدم الملكية لوسائل الإنتاج كما عبّر كارل ماركس؛ ويتم تمييز الفرق بين الطبقة العاملة والطبقة البرجوازية من خلال دور كل منها في التنظيم الاجتماعي للعمل وبقدرتها بالتالي على الحصول على نصيبها من الثروة كما عبّر الرفيق لينين؛ أي أن العامل الذي يتقاضى دخلاً أكثر من دخل الحرفي البرجوازي الصغير لا يغيّر هذه التقسيمة الطبقية؛ والطبيب أو المهندس الذي لا يملك عيادة خاصة أو مكتب استشارات هندسية وإنما يعمل فيها إنما هو أقرب لأن يكون عاملاً بأجر وليس برجوازياً حتى لو كان دخله مرتفعاً نسبياً… ولعل الصورة النمطية الملتصقة بذهنية أغلب الناس التي تربط العامل بلباس مميّز أو بهيئة معينة أو بمهنة محددة هي صورة غير واقعية ولا علاقة لها بالتعريف العلمي والاقتصادي للعامل.
وفي الكويت يحتفل الشيوعيون والاشتراكيون والتقدميون بعيد العمال انطلاقاً من نفس القناعة التي ذكرتها في بداية المقال، وبالرغم من أن النظام الاقتصادي الكويتي يعتبر نظاماً ريعياً غير منتج ويعتمد اعتماداً شبه كليٍّ على تصدير النفط؛ وبالتالي ينعكس ذلك على طبيعة الطبقة العاملة والطبقة البرجوازية وتشوّههما؛ إلا أن ذلك لا يلغي وجود هذه الطبقات والتمايز بينها. ولكن طبيعة المجتمع الكويتي الاستهلاكية الناتجة عن نظامنا الاقتصادي وسياسات السلطة جعلت الشكل الخارجي للناس وطريقة معيشتها تبدو متشابهة رغم تمايزهم الطبقي؛ فالعامل والبرجوازي يمتلكان البيوت الخاصة ويركبان السيارات الفارهة ويستخدمان أحدث ما وصلت إليه الثورة التكنولوجية، إلا أن التدقيق في واقع هاتين الطبقتين يجعلنا نلاحظ الفرق الهائل في الثروة المملوكة بينهما؛ فالعامل بأجر الذي يتقاضى راتباً شهرياً مقابل عمله لا يمكن أن يوضع بنفس طبقة التاجر الذي يملك العقارات والبنوك ووكالات السيارات -مثلاً- حتى لو كان هذان الشخصان يلبسان نفس نوعية الثياب ويستخدمان نفس نوعية السيارة ويمتلكان نفس (الآيفون).
إنّ نضالنا كتقدميين في الكويت ينصب حالياً بالأساس على تطوير النظام السياسي، وفي السياق ذاته نناضل من أجل تطوير النظام الاقتصادي ليصبح نظاماً منتجاً غير تابع للرأسمال العالمي وعادل اجتماعياً، وبالتأكيد فإنّ تعويلنا على التغيير والتطوير في نظامينا السياسي والاقتصادي سيكون منصباً على الطبقة العاملة الكويتية والتي تشكّل أكثر من ٨٠٪ من الشعب الكويتي حتى ولو كان واقعها مشوّهاً حالياً، لذلك نحن نحتفل بعيد العمال، عيد قوى التغيير.
عاشت الطبقة العاملة الكويتية وتحية لكل عمال العالم بمناسبة عيد العمال العالمي.
—————————————–
بقلم: د. فواز فرحان
عضو المكتب السياسي للحركة التقدمية الكويتية.
بقلم: د. بدر الديحاني
في الماضي القريب كانت السلطة ومن يؤيدها في الانفراد بالقرار يدّعون أن سبب تأخرنا التنموي وتراجعنا الديمقراطي هم من كانوا يُسمونهم "نواب التأزيم"، ولكن الأيام أثبتت عدم صحة ادعائهم، فمنذ يوينو 2012 لا صوت يعلو على صوت الحكومة.إذ ضعفت المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار بعد أن فصّلت قانون الانتخاب على مقاسها، ولكنها، مع هذا، عجزت عن تحقيق أي إنجازات تنموية، حيث فشلت ما كانت تُسمى "خطة التنمية"، وباعتراف كبار المسؤولين، على الرغم من حملة الدعاية الإعلامية المُكثّفة والمُكلفة التي رافقتها، وتردى مستوى الخدمات العامة الأساسية، بل تراجع ترتيب الكويت في مؤشرات مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية العالمية مسجلة أعلى نسبة فساد على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، والأخطر من كل ذلك هو ازدياد حدة الانقسام المجتمعي والاستقطاب السياسي بشكل غير مسبوق، وتحوّل الصراع السياسي من صراع طبيعي بين قوى سياسية من أجل تطوير المجتمع إلى صراع نتائجه سلبية.لهذا فمن كانوا يُسمون "نواب التأزيم" ليسوا السبب في التراجع الديمقراطي والتنموي والمراوحة السياسية، فالسبب الرئيسي هو عدم إيمان السلطة بما تم التوافق عليه في دستور 1962، والذي كان من المفترض تطويره، أي تنقيحه، لمزيد من الحرية والمساواة، بحيث الأخذ في الاعتبار أيضا التغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية العميقة التي حدثت في مجتمعنا وفي العالم منذ بداية العهد الدستوري.ولكن ذلك لم يحدث بل العكس هو الصحيح، حيث كانت هنالك ولا تزال محاولات دؤوبة من قِبل السلطة للعودة إلى النهج السائد قبل بداية العهد الدستوري مع الإبقاء على الشكل الديكوري لنظام الحكم الديمقراطي، بحيث تُصبح الوثيقة الدستورية مجرد حبر على ورق وتتحوّل المؤسسات الدستورية إلى مؤسسات شكلية لزوم التباهي أمام وسائل الإعلام الأجنبية، وهو الأمر الذي أدى إلى تراجع الديمقراطية والفشل التنموي والإداري المستمر.لهذا فمن الطبيعي أن تطرح بعض القوى السياسية والشعبية موضوع تعديل الدستور للأفضل من أجل الخروج من الأزمة السياسية الخانقة وتحقيق التقدم الاجتماعي والاقتصادي.وكما ذكرنا في مقال سابق، فعلى الرغم من أن مطلب تنقيح الدستور من أجل الانتقال إلى النظام البرلماني الكامل يعتبر مطلبا مستحقا فإن هناك متطلبات أولية يجب إنجازها قبل التوافق على تنقيح مواد دستورية، وفي مقدمة هذه المتطلبات تنظيم العمل السياسي على أسس مدنيّة ديمقراطية وإصلاح النظام الانتخابي؛ هذا هو، مرّة أخرى، ما يجب التركيز عليه والتوافق حوله في هذه المرحلة ثم التحرك السياسي لتحقيقه، وإلا سنظل ندور في حلقة مُفرغة.
________________________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 28\04\2014
بقلم: د. فهد راشد المطيري
في الكويت، من الصعب أن تقف ضد المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية، لكن الأمر الأصعب هو أن تقف ضد المطالبة بتطبيق الخصخصة، إذ يبدو لي أنّ البروباغندا المستمرة منذ سنوات طويلة، والتي تقوم بها وسائل إعلامية تأتمر بأوامر كبار أصحاب رؤوس الأموال، نجحت إلى حدّ كبير في تسويق مفهوم "الخصخصة" وجعله أكثر جاذبية في أذهان العامّة من المواطنين، كما يبدو لي أنّ القطاع الخاص قد نجح فعلا في إقناع الرأي العام بأنّ الخصخصة لم تعد مجرد خيار مطروح بل ضرورة حتمية!لكن ما الضرورة الحتمية في بيع ممتلكات الدولة وثرواتها، والتي هي ملك لجميع أفراد الشعب، إلى القطاع الخاص؟ ألا تعني عملية البيع هذه بيعاً للمكتسبات الديمقراطية في مزاد علني؟ هل بات تقليص الديمقراطية ضرورة حتميّة؟ أليس انتقال الملكيّة من الأمّة إلى فئة من فئاتها يعني انتقالاً للسلطة من أعضاء البرلمان إلى رجال الأعمال؟ ثمّ ما هذه الازدواجية التي يتعامل بها القطاع الخاص مع دور الدولة في الاقتصاد، فتدخّل الدولة في الاقتصاد محمودٌ في الأزمات، ومنبوذٌ عندما تكون الأمور على ما يُرام؟الشعار الذي يرفعه كبار أصحاب رؤوس الأموال شعار قديم، فهو شعار يعود إلى النصف الأول من القرن التاسع عشر، ويشير إلى فكرة انتهازية مفادها أنّ المال العام مستباح في السرّاء والضرّاء، ففي السرّاء يُخَصصُ الرّبح، وفي الضرّاء تُعَمّمُ الخسارة، ولعلّ أحدث مثال على ذلك ما نقرؤه في الفقرة التالية، والتي وردت بالأمس في إحدى الصحف المحلية، ونقلاً عن أحد الاقتصاديين الدّاعين إلى الخصخصة:"يتعين أن تكون مساهمة الدولة في الشركات في حالة الطوارئ مثلما حدث في أزمة بنك الخليج، حيث تدخلت الهيئة العامة للاستثمار عندما اقتضت الحاجة لإنقاذ البنك من أزمته، ما مثّل جراءة مطلوبة من الدولة، وهو الدور نفسه الذي أدّته الولايات المتحدة في أزمة شركاتها الرئيسة، مثل جنرال موتورز وسيتي بنك، لكن استمرار مساهمة الدولة في الشركات بالأوقات الاعتيادية لا يستقيم مع توجهات الدولة، والمأمول منها في أن يكون تدخلها عند الطوارئ".لا بدّ من دقّ ناقوس الخطر قبل فوات الأوان، ولا بدّ من التنبيه إلى حقيقة أنّ الخصخصة ليست سياسة اقتصادية فحسب، بل هي أجندة سياسية تجعل من كلّ نظام ديمقراطيّ (حُكم الأغلبية) نظاماً أوليغراشيّا (حُكم الأقليّة)، ومن أراد الاستزادة حول هذا الموضوع فبوسعه أن يقرأ، على سبيل المثال، كتاب "الثعلب في قنّ الدجاج: كيف تهدّد الخصخصة الديمقراطية"، للمؤلفيْن "سي كان" و"إليزابيث مينخ"، أو كتاب "الخصخصة: من مواطنين إلى زبائن"، للزميل الدكتور بدر الديحاني، والذي سيصدر قريبا عن "مكتبة آفاق".
_______________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 28/04/2014

فواز فرحان لـ«الطليعة»: مشكلات «الصحة» لن يقوى على حلها وزير أو مجلس أمة.. وتحتاج إلى قرار سياسي من السلطة
حوار عزة عثمان: قال طبيب الأمراض الباطنية في مستشفى مبارك الكبير د.فواز فرحان إن مشكلة القطاع الصحي في الكويت عرض وليست مرضاً، وأن مشكلة وزارة الصحة تتكرر في كل مفاصل الدولة ووزاراتها، مشيراً إلى أن المشكلة الرئيسة في البلد تكمن في وجود خلل دستوري، وعدم اكتمال النظام ديمقراطياً، ووجود سلطة تستغل هذا الخلل لخدمة مشروع تقويض الهامش الديمقراطي، وإقامة دولة المشيخة، لتخدم مصالح الحلف الطبقي المسيطر من «الشيوخ والتجار».
وأشار في حوار مع «الطليعة» إلى أن أهم مشكلات القطاع الصحي تهالك المباني وعدم توافر عامل الأمان في الأبنية الجديدة، إلى جانب وجود مشكلات في التخصصات والكادر بالنسبة للأطباء.
وأضاف د.فرحان أن الأطباء طالبوا، مراراً وتكراراً، بتعديل أوضاعهم، إلا أن ديوان الخدمة كان يسكتهم بكوادر متواضعة وبدلات غير ثابتة، معتبراً أن الجمعية الطبية مختطفة من مجلس الإدارة الحالي، لأنه يرفض الإعلان عن الانتخابات، التي ينبغي أن تتم منذ أشهر، غير مبالٍ باللوائح والقوانين، وأنها باتت نموذجاً للفساد والإفساد والتبعية للمتنفذين في الدولة.
«الطليعة» تفتح ملف القطاع الصحي، من خلال حوارات مع أهل الاختصاص، للوقوف معهم على الأسباب الحقيقية لترهل هذا القطاع والبحث عن الحلول.
● ما أسباب تدني مستوى القطاع الصحي في الكويت، رغم الدعم المادي الكبير لهذا القطاع؟ ـ في البداية، علينا أن نستوعب أن مشكلة وزارة الصحة أو القطاع الصحي عموماً عرضٌ وليست مرضاً بحد ذاتها، العرض موجود في الوزارة، أما المشكلة الرئيسة، فهي في مكان آخر، وبتعبير آخر، نستطيع القول إن مشكلة وزارة الصحة مكررة في كل مفاصل ووزارات الدولة، ولكن بأشكال مختلفة، وما يجعل وزارة الصحة ومشكلتها محط الأنظار والاهتمام أنها تمس حياة الإنسان وصحته مباشرة، وأي خطأ، سواء كان كبيراً أم صغيراً، أو أي تراجع في الأداء يكون ظاهراً وواضحاً وبارزاً، وربما مضخماً جداً للجميع، ولا يحتاج إلى متخصص كي ينتبه إليه، ويبدو جلياً أن أي شخص يتعامل مع القطاع الصحي، بما يشمله من قطاع إداري ومستشفيات ومستوصفات، يستطيع أن يدرك أن هناك خللاً ما أدَّى ويؤدي إلى تدهور هذا القطاع.
خلل دستوري
● ذكرت أن العرض في وزارة الصحة، في حين أن المشكلة في كل وزارات الدولة.. هل من توضيح أكثر؟ ـ أي أن مشكلتنا الرئيسة في البلد تكمن في وجود خلل دستوري، يتمثل في الخلط بين النظامين البرلماني والرئاسي، وعدم اكتمال نظامنا ديمقراطياً، ووجود سلطة تستغل هذا الخلل لخدمة مشروع تقويض الهامش الديمقراطي وإقامة دولة المشيخة، لتخدم مصالح الحلف الطبقي المسيطر (الشيوخ والتجار)، ويترتب على ذلك عدم وجود حكومة تتم محاسبتها محاسبة شعبية حقيقية، في حال إخفاق مشاريعها، أو استشراء الفساد والإفساد في مختلف مفاصل الدولة، والتي ضمنها وزارة الصحة.
● نعلم أن جميع وزارات الدولة فيها مشكلات، ولكل وزارة مشكلاتها الخاصة بها، وفق طبيعة عملها.. ماذا عن وزارة الصحة؟ وكيف يمكن تصنيف مشكلاتها؟ ـ إذا قسَّمنا المشكلات في وزارة الصحة إلى أنواع، سنجدها تنحصر بمشكلات تخص البنى التحتية للوزارة، ومشكلات إدارية وفنية تخص الجسد أو الطاقم الطبي، وتتمثل مشكلات البنية التحتية بالعدد غير الكافي للمستشفيات والمراكز الصحية وعدد الأسرّة القليل بالنسبة لعدد السكان، مقارنة بالدول المتطورة، وكذلك التجهيزات الطبية، التي لم تصل إلى المستوى المطلوب، وتدني عدد الأطباء بالنسبة لعدد السكان، مقارنة بالدول المتقدمة صحياً، وكذلك عدد الممرضين بالنسبة لعدد المرضى في المستشفيات يُعد كارثياً، حيث نجد أن أغلب شكاوى الناس في المستشفيات تتجه إلى طاقم التمريض وعدم قدرته على متابعة أو خدمة المرضى بالجودة والسرعة المطلوبين، وهذا بالتأكيد يرجع إلى قلة عدد هذا الطاقم بالدرجة الأولى وإلى مستوى الخبرة بدرجة أقل.
مبانٍ متهالكة
● وماذا عن مباني الوزارة، التي تتمثل طبعاً في المستشفيات وغيرها من المراكز، هل تراها مناسبة؟ ـ مباني وزارة الصحة متهالكة، ولا أعني فقط المباني القديمة من أيام الثمانينيات، ولكن حتى التوسعة الأميرية في مستشفى مبارك، مثلاً، والتي افتتحت قبل أربع سنوات تقريباً تهالكت أيضاً، لأن البناء نفسه جودته متدنية وبني أغلبه من «الجبسنبورد»، وفي موسم الأمطار السابق دخلت المياه إلى مكاتب الأطباء، بسبب سوء البناء، بالإضافة إلى أن التوسعة في مستشفى مبارك لا توجد فيها خطة أمان أو أبواب جاهزة ومعروفة للطوارئ، وإذا احترق المبنى لأي سبب، فسيكون ذلك كارثياً.
● وماذا عن مشكلات الجسد الطبي؟ ـ نظام التخصص المتبع حالياً غير مريح، وهناك مشكلات تمس الأطباء داخل تخصصهم تؤرقهم، وتمثل عائقاً بالنسبة إليهم، وهذه المشكلات تحديداً يتحمَّل مسؤوليتها معهد الكويت للتخصصات الطبية، فهو المسؤول عن كل الأطباء الخريجين من الكويت أو خارجها، وهو من يقوم بفرز الأطباء على التخصصات المختلفة، فعدد السنوات المبالغ به في بعض التخصصات، وعدم جودة برامج التدريب في بعضها الآخر، ومشكلات أنظمة الاختبارات.. كلها مشكلات يواجهها الأطباء، فضلاً عن صعوبة اختيار الأطباء للتخصص الذي يريدونه داخل الكويت، بسبب عدد المقاعد المحدود في بعض التخصصات، وفي الوقت نفسه محدودية المقاعد المخصصة للكويتيين في الخارج.
● ما مشكلات الكادر الطبي التي ترى أنه لابد من حل جذري وعاجل لها؟ ـ بالنسبة للكادر الطبي راتب الطبيب، فهو حتى الآن دون المستوى المطلوب، مقارنة بدول مثل قطر والإمارات، ولابد من توفير بيئة مريحة للطبيب، نسبياً، بحيث يؤدي مهمته على أكمل وجه من غير انشغال بهموم المعيشة اليومية، ويكون متفرغاً للتطوير والإبداع في مجاله، إذا قارنا الأطباء من نفس الفئة العمرية بمهندسي النفط، مثلاً، فسنجد أنهم يأخذون ما يقارب نصف راتب المهندسين.
الجمعية الطبية مختطفة
● ولماذا لم يطالب الأطباء خلال السنوات الماضية بتعديل أوضاعهم من خلال كادر خاص بهم؟ ـ طالبوا، مراراً وتكراراً، وكان ديوان الخدمة يسكتهم بكوادر متواضعة وببدلات غير ثابتة تختفي مؤقتاً في فترات الإجازات الرسمية، وستختفي كلياً بعد التقاعد، لكن تظل هذه المطالبات ضعيفة التأثير، لعدم وجود جهة معينة تمثل الأطباء تمثيلاً حقيقياً، فلا يوجد إلا الجمعية الطبية، وهي مختطفة من مجلس الإدارة الحالي، الذي يرفض الإعلان عن الانتخابات، التي ينبغي أن تتم منذ أشهر، غير مبالٍ باللوائح والقوانين، حتى النقابات الصورية في عهد الدكتاتوريات البائدة التي أسقطها الربيع العربي لم تكن تجرؤ على فعل ذلك، فيما عندنا الجمعية الطبية باتت نموذجاً للفساد والإفساد والتبعية للمتنفذين في الدولة.
● وأين دور وزارة الشؤون من تلك التجاوزات، كونها مسؤولة عن متابعة الأمور الإدارية، وخصوصا عملية الانتخاب في جميع الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني؟ ـ أخيراً، تذكرت وزارة الشؤون أن توقف أرصدة الجمعية الطبية، لأنها غير مطبقة للوائح، ونحن في انتظار الخطوات العملية لإيقاف هذه المهزلة في الجمعية الطبية.
● ما أهم مشكلات التي يواجهها الممرضون ويجب حلها برأيك؟ ـ أولاها أن عدد الممرضين متدنّ في الكويت، مقارنة بعدد المرضى أو الأسرّة في المستشفيات، وهناك خلط في عمل التمريض يجب ألا يكون، لأنه يتنافى مع صحة العمل الطبي والخدمة الصحية التي تقدم للمريض، ففي الدول المتقدمة نجد أن الممرضين متخصصون بإعطاء الأدوية ومتابعة الوظائف الحيوية للمرضى فقط، فيما مساعدو الممرضين هم المسؤولون عن طعام المريض وشرابه والعناية بنظافته، ومن غير المعقول أن الذي يغيّر حفاظة المريض هو نفسه من يعطيه الإبرة في الوريد! أصلاً هذا يتناقض مع لوائح مكافحة العدوى والعناية بنظافة وتعقيم المعدات والمواد الطبية، عموماً هذه المشكلات الكبيرة لا يوجد حل جذري لها الآن، لأن النظام في مفاصل الدولة كلها يسير على نفس المنوال وبنفس عقلية الإدارة.
● لو استمر العمل والنظام بنفس الطريقة في كل مؤسسات الدولة.. هل ترى أن هناك خطورة على الوضع العام، كما يتوقع العديد من السياسيين؟ ـ الكويت ليست استثناء عن الدول التي انهار فيها النظام العام أو انهارت بها مفاصل الدولة، بسبب الإهمال وسوء الإدارة، وإذا لم تستوعب السلطة هذا الخطر وتغيّر نهجها وتسعى لإصلاحات سياسية ودستورية عميقة، فسيحدث انهيار كبير حتماً، لأن الديرة لن تسير على البركة.
قرار سياسي
● كل هذه المشكلات من المسؤول عنها ومن يستطيع حلها؟ ـ كل هذه المشكلات لن يقوى على حلها وزير أو مجلس أمة، بل تحتاج إلى قرار سياسي من السلطة، وإذا لم يأتِ هذا القرار، فبالتأكيد سيكون للإرادة الشعبية دور محوري في إحداث الإصلاح والتغيير مستقبلاً.
● الاستخدام الخاطئ لبعض الأدوية من المسؤول عنه المريض أم الطبيب؟ ـ من المفترض أن الطبيب هو من يصف الدواء للمريض وفق وضعه الصحي والمرضي، ويجب عليه أن يشرح للمريض كل الآثار الجانبية، سواء في حالة الجرعة العادية أو في حالة الجرعة الزائدة، والتي قد تكون بالخطأ، أما استخدام بعض الناس لبعض الأدوية لأهداف أخرى غير العلاج، فهذا لا يتحمله الطبيب، بل وزارة التربية ووزارة الإعلام ووزارة الداخلية ووزارة الصحة مجتمعة.
● كيف ترى مستوى الأجهزة الطبية الموجودة حاليا؟ ـ جيدة في بعض التخصصات، ومتواضعة في تخصصات أخرى.
أقوى من الوزير
● هناك كوادر قديمة جدا في وزارة الصحة لم تصبها نوبة التقاعد، بعد قانون إحالة من أتمّ ثلاثين عاماً خدمة للتقاعد.. لماذا لم يطبق هذا القانون في وزارة الصحة؟ ـ المجموعة المتحكمة في وزارة الصحة أقوى من الوزير نفسه، وبالأساس طريقة اختيار الوزراء ووكلاء الصحة ومديري المناطق لا تتم على أساس مهني وفني بحت، ولكنها تتم في إطار التوازنات السياسية والاجتماعية والترضيات، وكلها أساليب تمارسها السلطة، حتى تكسب أغلبية معينة في مجلس الأمة، وكذلك لكسب دعم شعبي لها.
● لا يزال ملف العلاج في الخارج مرهونا بالترضيات والتكسبات السياسية.. كيف يمكن حل هذه القضية من وجهة نظرك؟ ـ يمكن حلها باستقدام أطباء متخصصين من الخارج بشكل منتظم ومستمر في التخصصات المختلفة، لأننا لو حسبنا تكلفة سفر مجموعة من المرضى لإجراء جراحات معينة، مثلاً، مقارنة بتكلفة استقدام جراحين متخصصين، سنجد الفرق كبيراً جداً في التكلفة، ويوفر أموالاً طائلة على ميزانية الدولة، ومن المفروض في الوضع الحالي ألا تسافر للعلاج في الخارج إلا الحالات المستعصية التي تعجز الإمكانات الموجودة عندنا عن التعامل معها أو السيطرة عليها، ولكن للأسف يتم استغلال العلاج في الخارج للترضيات وكسب الولاءات والتنفيع.
● ما الرؤية التي يجب من خلالها إصلاح القطاع الصحي؟ ـ أعتقد بأن السلطة الحالية غير قادرة على الإصلاح، لأن الإصلاح سيأتي بعد التطور الديمقراطي في البلد.
لا يمكن إقامة نظام حكم ديمقراطي حقيقي من دون حماية حرية الرأي والتعبير، وهو ما أكدته المادة 36 من الدستور، حيث نصت على أن "حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة"؛ لهذا فمن المؤسف أن تتراجع حرية الرأي والتعبير بعد أن أُغلقت صحيفتان لمجرد تعبيرهما عن رأي معين بصرف النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع آراء هاتين الصحيفتين أو توجههما العام، حيث إن الدفاع عن حرية الرأي والتعبير بالطرق السلمية موقف مبدئي عام لا يتغير بتغير الحدث أو الجهة أو الأشخاص، مع ضرورة التفرقة هنا بين الرأي وبين خطاب الكراهية، فالأول حق لكل إنسان، أما الثاني فمحظور دولياً ويجب عدم السماح به.ومع أن قانون المطبوعات والنشر قد نصّ في المادة (15) على أنه "يجوز لرئيس دائرة الجنايات أو قاضي الأمور المستعجلة، عند الضرورة، وبناء على طلب من النيابة العامة، إصدار قرار بإيقاف إصدار الصحيفة مؤقتا لمدة لا تجاوز أسبوعين قابلة للتجديد أثناء التحقيق أو المحاكمة"، إلا أن الشكوى المقدمة من الحكومة ممثلة بوزارة الإعلام هي أساس صدور قرار إغلاق صحيفتي "عالم اليوم" و"الوطن"، وهو ما يعتبر انتكاسة لحرية الرأي والتعبير، حيث إن العقوبة تتعلق بحرية التعبير، سواء كان هذا الرأي يمثل توجه الصحيفة أو أنه رأي لأحد كتابها.والمؤسف أكثر أنه في الوقت الذي تتقدم فيه الحكومة بشكاوى كثيرة تتعلق بحرية الرأي والتعبير فإنها لا تُحرك ساكناً تجاه خطاب الكراهية المُجرّم دولياً، وهو الأمر الذي دأبت بعض الصحف على ترويجه دون حياء أو مراعاة للأمن الاجتماعي الوطني وبعيداً عن المهنيّة الصحافية.من هذا المنطلق، فإن الحكومة هي التي تتحمل مسؤولية إغلاق صحيفتي "عالم اليوم" و"الوطن" وتراجع حرية الرأي والتعبير، لأنها، بدلاً من تعديل القانون المُعيب، تقدمت بشكوى عن طريق وزارة الإعلام بالرغم من أن قرار النائب العام بمنع النشر حول ما سُمي إعلامياً "قضية الشريط" يتعلق كما يقول الزميل حسن العيسى في (الجريدة 20 أبريل 2014)، ومعه كل الحق، "بسريّة التحقيق وليس سريّة الحدث موضوع التحقيق".وهنا فإنه لا معنى إطلاقا لأي محاولات للبحث عن مبررات باهتة لتصرف الحكومة تحت دعاوى احترام القانون، فالقانون أحياناً يُطبق بتعسف وانتقائية، والانتقاد هنا انتقاد سياسي، أما حكم المحكمة فمن الواجب احترامه وتنفيذه مع حفظ الحق في انتقاده بشكل موضوعي.
-----------------------------------------------------------
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 23/04/2014
كل شيء في الكويت يشي بتدهورٍ وبمستقبلٍ مظلم، فمنذ سنوات لم تتبن السلطة نهجاً منحازاً إلى الإنسان الكويتي، بل على العكس فإن كل قرار وكل توجّه يصب في تنفيع القطاع الخاص والانحياز إلى الفاسدين المتنفذين، وتكبيل المواطن بقيود من شأنها تحميله أعباء لن يستطيع الإيفاء بها للعيش بكرامة وبحبوحة ولتأمين مستقبل أبنائه وأحفاده.
هذا النهج المنحاز يصب في المصالح الضيقة لكبار الرأسماليين، وضد مصالح معظم أبناء الشعب الكويتي والوافدين، رغم العوائد الهائلة من النفط والفوائض المالية التي تبلغ المليارات، وبدلاً من استخدامها للتنمية ولتقديم خدمات متطورة للشعب وتيسير حياته المعيشية وحل سلسلة مستنقع الأزمات وعلى رأسها الأزمة السياسية المستفحلة وأزمة الديموقراطية والنظام الانتخابي، وأزمات أخرى مثل الأزمة الإسكانية والبطالة التي تزداد سنوياً، وأزمة المقاعد الدراسية الجامعية والأزمة المرورية وأزمات نقص الأسرّة في المستشفيات وتدهور الخدمات الصحية والتعليمية، وأزمة الفساد المستشري على كل الأصعدة وفي جميع المستويات، حتى لم يتبق شيء في دولة الكويت يمكن أن نفخر به، تنفخ الحكومة على نار الأزمات عمداً لتزداد اشتعالاً.
ومع كل ذلك تم الإيعاز لمجلس الصوت الواحد الذي لا يمثل الشعب الكويتي والفاقد لشرعيته، لتعديل خطير على القانون 7 لسنة 2008 بتنظيم عمليات البناء والتشغيل والتحويل الـ«بي. أو. تي»، التي تعني استباحة أملاك الدولة والتنازل عنها أو التفريط بها لصالح كبريات الشركات في القطاع الخاص الطفيلي والضعيف، وهو تخلٍ سافر من الدولة عن أملاكها لصالح الفاسدين والمتنفذين والشركات الخاصة.
ولم تكتف بذلك بل تتجه إلى رفع الدعم عن أسعار الكهرباء والبنزين المُباع للمقيمين وتقنينه على المواطنين، وهذا يجري في دولة تُعتبر من أغنى الدول النفطية ولديها فوائض في الميزانية تبلغ مليارات الدنانير، وهو ما يعني هجوماً عنيفاً من السلطة والحلف الطبقي على الفئات الشعبية ومحدودي الدخل، وسيلحق أضراراً بالغة على حياة معظم الكويتيين، وسيحملهم أعباء إضافية ستدهور مستوى معيشتهم، وسيوسّع من الهوّة الطبقية أكثر، بل سيسهم هذا الإجراء بارتفاع إيجارات السكن المرتفعة أساساً وسيزيد من أسعار السلع وجميع الخدمات.
والغريب أن السلطة جاءت بتبريرات لن تصدقها أبسط العقول، فقد ادعت السلطة ومنظروها الاقتصاديون أن هذه الإجراءات التعسفية تهدف إلى وقف الهدر في الميزانية العامة للدولة، وزيادة إيرادات الدولة، كيف وهي تتخلى عن حقوقها وأملاكها لصالح حفنة من كبار الرأسماليين؟! كيف يمكن وقف الهدر وهي تبدد ثروات البلاد من خلال تنفيع الأطراف المتنفذة وقوى الفساد؟!
لقد أصبحت السرقات المليارية وشراء الذمم الذي لم يستثن أحداً وبالأسماء المعروفة، أصبحت قضية رأي عام بعد أن خرجت من خلف كواليس التآمر الخفي على ثروة البلاد إلى العلن من خلال وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، فأصبح القاصي والداني يعرف بتفاصيل هذه السرقات وشراء الولاءات وأسماء المرتشين والراشين والخافي أعظم، وهذا من شأنه أن يشعل سخطاً شعبياً من أجل الانتصار لمقدراته ومستقبل أجياله القادمة.
إن السلطة بانحيازها الطبقي «تطمطم» على الفساد والمفسدين، بل أحياناً يجري ذلك بإيعاز منها، بدلاً من تقديم هؤلاء الفاسدين والمتنفذين ومن وراءهم للقضاء العادل، بعد أن شبع الناس من الأغذية الفاسدة وراجت تجارة الإقامات من قبل أقطاب حكومية وموظفين كبار وبعض أبناء الأسرة، وتدهورت حياة المواطن المعيشية، بدلاً من معالجة الخلل والأزمات المستفحلة، تلجأ السلطة إلى زيادة النار أواراً من خلال الانتقاص من حريات الشعب وزيادة الأعباء المعيشية عليه.
وليد الرجيب
osbohatw@gmail.com
-----------------------------------------------------------
منقول عن جريدة الراي تاريخ 23/04/2014 العدد: 12714
مدنيّة الدولة تشير إلى شكل من أشكال الحُكم يقوم على تنظيم التعايش بين أفراد المجتمع الواحد بشكل سلميّ، وعلى أساس عقلانيّ، وبطريقة عادلة، ومن هنا فإنّ السلميّة والعقلانيّة والعدالة هي أبرز سمات الدولة المدنية، فالسلميّة هي التي تميّز الدولة المدنيّة عن دولة العسكر، والعقلانية هي التي تميّز الدولة المدنية عن الدولة الدينية، والعدالة هي التي تميّز الدولة المدنية عن الدولة الفئوية.نبذ العنف هو أحد مظاهر المدنيّة عند الفرد والدولة على حدّ سواء، فالفرد مدنيّ بالقدر الذي يستطيع فيه حلّ خلافاته مع الآخرين بطريقة سلميّة، والدولة مدنيّة بالقدر الذي تستطيع فيه حلّ خلافاتها مع الدول الأخرى بطريقة سلميّة، وأمّا على المستوى الداخلي، فمدنيّة الدولة تتجلّى بمدى قدرتها على فرض القانون بطريقة هي إلى السّلم أقرب منها إلى العنف، وهنا تحديداً تقف الدولة المدنيّة على النقيض من دولة العسكر، فهذه الأخيرة تسود فيها لغة القوة والبطش والاستبداد، وسيادة السّلطان فيها تتحقّق قسراً لا طواعية.العقلانية بمفهومها الواسع شرط ضروريّ لبناء الدولة المدنية، فإذا كان ضمان التعايش السلمي بين الأفراد هو الغرض الجوهري من قيام الدولة، فإنّ أنجع أداة لتحقيق هذا الهدف هو العقل الإنساني وما ييتدع من قوانين وضعيّة قابلة للنقد والتعديل، وقابليّة القوانين الوضعية للنقد والتعديل هي التي تجعل من العلمانية إحدى ركائز الدولة المدنيّة، ذلك أنّ انتقال الدين من المحيط العام إلى المحيط الخاص يقطع الطريق أمام التيارات الدينية في استخدام قوانين إلهية لا يملك أحدٌ الحقّ في تعديلها أو تنقيحها، كما أنّ المنهج العقلاني– كما ذكرنا في مقال سابق– يمتاز بالتواضع العقلي الذي يقرّ بأننا لا نعرف مصير آمالنا في المستقبل، لكننا على الأقل نعرف مصير إخفاقاتنا في الماضي، ومن خلال إخفاقات الماضي نتعلّم الوصول شيئا فشيئا إلى خلق مجتمع أفضل، وهنا إنّما يبرز اختلاف جوهريّ بين الدولة المدنية والدولة الدينية، فهذه الأخيرة تتصف بالحكم الشمولي الذي يتعدى الغرض من قيام الدولة إلى الغرض من وجود الإنسان على كوكب الأرض!العدالة سمة أخرى من سمات المدنيّة، والدولة المدنيّة هي تلك القادرة على التخفيف من حدة التناقضات الطبقية بطريقة عادلة، فإذا كان التتاقض الطبقي نتيجة موضوعية لتطوّر نمط الإنتاج من مرحلة الاكتفاء الذاتي إلى مرحلة فائض القيمة، وإذا كان احتكار فائض قيمة الإنتاج يعني احتكاراً للسلطة السياسية، فإنّ مدنيّة الدولة تقاس بمدى قدرتها على منع استئثار فئة اجتماعية معيّنة بالسلطة والثروة، وهذا بالضبط ما يجعل من الديمقراطية ركيزة أخرى من ركائز الدولة المدنيّة، فالسلطة المستمدّة من الشعب بكلّ فئاته هي السلطة القادرة على ضمان التعايش السلمي والعادل بين أفراد الشعب الواحد.أخيراً، بقيَ استدراك يُشير إلى ثلاث نقاط، الأولى هي أنّ مدنيّة الدولة تكشف في واقع الأمر عن قصور في مدنيّة بعض مواطنيها، ذلك أنّ الإنسان المدنيّ لا يحتاج إلى سلطة عليا لضمان تعايشه السلمي والعادل مع الآخرين، وأمّا النقطة الثانية فتشير إلى حقيقة أنّ السلطة العليا للدولة لا تكون ديمقراطية إلاّ عندما تكون مؤسسات المجتمع المدني ديمقراطية، أيّ أنّ النظام الديمقراطي الحقيقي هو ذلك النظام الذي يجسّد فيه المجتمع المدني فئاته بأطيافها كافّة، وأمّا النقطة الثالثة والأخيرة فتتعلّق بمفهوم العدالة، فهذا المفهوم ليس مرادفاً لمفهوم "المساواة"، ذلك أنّ المساواة في الظلم ليست عدلاً، مثلما أنّ المساواة في العبودية ليست حريّة، ومن هنا فإنّ الدولة المدنية لا تكتفي بضمان المساواة بين مواطنيها في الحقوق والواجبات، بل هي تحرص أيضا على أن يكون معيار الحقوق والواجبات مرتبطا فقط بالغرض من وجود الدولة، فحقوق الفرد حقوق لأنّ اكتسابها لا يتعارض مع مبدأ التعايش السلمي والعادل مع الآخرين، وواجبات الفرد واجبات لأنّ الإخلال بها يتعارض مع المبدأ نفسه.
------------------------------------------------
د. فهد راشد المطيري
منقول عن جريدة الجريدة بتاريخ 21/04/2014

بيان صادر عن التيار التقدمي الكويتي حول ما جرت الإشارة إليه من فضائح الفساد والإفساد ونهب أموال الدولة واستغلال النفوذ
لم يعد خافياً على أحد ما يتعرّض له المال العام ومقدرات الدولة من نهب متواصل وتبديد متعمد وسوء إدارة صارخ وفساد يزكم الأنوف، بحيث أصبح الحديث متداولاً على كل لسان حول فضائح الأطراف السلطوية وحلفائها المتنفذين، هذا ناهيك عن عملية الإفساد المنظمة التي طالت مختلف مفاصل الدولة ومؤسساتها ومرافقها، وهذا ما أكدنا ونبهنا عليه في كل مواقفنا السابقة.
وفي هذا السياق جاء الحديث التلفزيوني الخطير للنائب السابق مسلم البراك الذي أدلى به مساء البارحة الاثنين 21 أبريل، وأشار فيه على النحو الوارد في حديثه إلى ما لديه من معلومات بالأرقام والتواريخ وبيانات التحويلات لحسابات مصرفية في الخارج تعود إلى مسؤولين سابقين وحاليين.
ولعلنا لا نبالغ عندما نقول إنّه على ضوء التجارب المتكررة لتعامل السلطات العامة في الدولة مع قضايا الفساد السابقة (الاستثمارات الخارجية، والناقلات، وشيكات النواب، والإيداعات المليونية، والتحويلات الخارجية) لم تعد هناك ثقة في إمكانية ملاحقة الفاسدين الكبار ومعاقبتهم على جرائمهم، خصوصاً في ظل ما يحظون به من رعاية وحماية وما يمتلكونه من سطوة ونفوذ، بل أنّ الملاحقة والاتهامات قد تطول في الغالب مَنْ يتجرأ ويكشفهم، خصوصاً بعد أن عبثت السلطة في النظام الانتخابي وأحكمت قبضتها على مجلس الأمة.
أما المواطن الكويتي البسيط الذي يعاني الأَمَرَّين من مشكلات السكن وارتفاع الإيجارات وغلاء الأسعار وسوء الخدمات فإنه لا يمكن، بعد هذا كله، أن يثق في ادعاءات السلطة وحلفها الطبقي وما تروّجه أجهزة إعلامهما حول ضرورة ترشيد الإنفاق ووقف الهدر في الميزانية العامة للدولة وتخفيض الدعم.
لقد أصبح من الضرورة بمكان التحرك الجماهيري الموحد والقوي، وبمبادرة من كل القوى السياسية المعارضة، من أجل كشف الحقائق كاملة أمام الشعب... والمطالبة بعدم توفير الحماية والرعاية والغطاء للفاسدين المتنفذين الكبار وإبعاد المتورطين في هذه الفضائح عن مواقع القرار في أي منصب كانوا، وملاحقتهم ومصادرة الأموال العامة التي استولوا عليها من دون وجه حق... إلى جانب الضغط لإجبار الحكومة الحالية على الاستقالة الفورية والإسراع في حلّ مجلس الصوت الواحد وإجراء انتخابات جديدة وفق النظام الانتخابي الذي كان قائماً قبل العبث السلطوي المنفرد به، وهذا كله تمهيداً لتحقيق المطلب الاستراتيجي الرئيسي لإصلاح الأوضاع العامة في البلاد ولوقف حالة التدهور وقطع دابر النهب ومكافحة الفساد، الذي يتمثّل في قيام نظام برلماني ديمقراطي كامل يستند إلى وجود حياة حزبية سليمة ونظام انتخابي مبني على القوائم والتمثيل النسبي لتكون هناك حكومة ممثلة لإرادة الشعب ومسؤولة أمامه وقادرة على تحقيق تطلعاته في بناء كويت الديمقراطية والتقدم والعدالة الاجتماعية.
الكويت في 22 أبريل 2014
بقلم: د. بدر الديحاني
لا يمكن الوصول إلى النظام البرلماني الكامل من دون تعديل بعض مواد الدستور، فالدستور الحالي وضع قبل نصف قرن في ظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية مغايرة للظروف الحالية، وقد أثبتت الممارسة العملية أن هناك ضرورة لتعديل بعض مواده حتى يمكن الخروج من حالة المراوحة السياسية والتراجع، ثم التقدم خطوات باتجاه النظام البرلماني المتكامل في دولة مدنيّة ديمقراطية.
والدولة المدنيّة، كما هو معروف، هي الدولة التي تتحقق فيها المساواة بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات العامة (مواطنون دستوريون)، بحيث يتعايش الجميع تحت مظلة الدستور والقوانين التي يضعونها بأنفسهم من خلال مشاركتهم في اتخاذ القرار.في الدولة المدنية الوطن للجميع بغض النظر عن الدين أو المذهب أو الطائفة أو القبيلة أو اللون أو الجنس، على أن تلتزم الدولة بحماية الحريات المدنيّة الأساسية العامة والشخصية على حد سواء، بحيث لا يُقر أي قانون يُقيدها، ولا يُسمح، في الوقت ذاته، لأي أحد أو أي جهة كانت بانتهاك الحريات الشخصية أو لعب دور الوصيّ على الناس.ونظراً لأهمية الدستور في تنظيم العلاقات بين السلطات العامة من ناحية وبينها وبين الناس من ناحية أخرى، فإن فصائل معارضة تطرح ضرورة إجراء تعديلات دستورية للخروج من الأزمة السياسية المستمرة تتراوح بين تعديل عدد من المواد لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، وتعديلات شبه كاملة للبابين الرابع والخامس من الدستور.ولكن هل يمكن تنقيح الدستور من دون توافق وطني، وقبل إنجاز المتطلبات الأولية للإصلاح السياسي، مثل إشهار التنظيمات السياسية على أسس مدنيّة ديمقراطية، إصلاح النظام الانتخابي الحالي السيئ؟ كلا طبعا، إذ لا يجوز انفراد طرف من أطراف المعادلة السياسية بتعديل الدستور الذي يحتاج إلى توافق وطني عام. هذا أولاً، أما ثانياً فإن الإصلاح السياسي والدستوري الجذري والشامل له متطلبات أولية غير متوافرة حالياً، وبعضها مثل إشهار الأحزاب وإصلاح النظام الانتخابي لا يحتاج إلى تعديل الدستور. ومن أجل تقريب الصورة أكثر دعونا نتصور أننا انتقلنا في هذه اللحظة إلى النظام البرلماني الكامل، فمن، يا ترى، سيكون له الحق الدستوري في تشكيل الحكومة باعتباره حزب الأغلبية بينما الأحزاب لدينا ليست مُشهرة؟ ثم كيف سيتم تداول السلطة في ظل غياب التنظيم الحزبي القائم على أسس مدنيّة ديمقراطية؟ بل كيف لنا أن نطمئن جميعا إلى أن التنظيم السياسي (الحزب) الذي سيتولى إدارة شؤوننا العامة بالنيابة عنا جميعا يُمثّل بالفعل أغلبية الناخبين في الوقت الذي لا يوجد لدينا نظام انتخابي ديمقراطي وعادل؟ ناهينا عن نوعية البرامج الانتخابية، وما إذا كانت برامج وطنية جامعة تطرح حلولاً عملية لقضايا ومشاكل عامة، أم أنها، كما هو الوضع الآن، مجرد طرح سطحي لأمور جانبية مثيرة، في أغلب الأحيان، للتعصب والاستقطاب الطائفي والقبلي والعنصري، وهو الشيء المحظور في الدول الديمقراطية الحقيقية؟!قصارى القول، حتى نستطيع الخروج من الوضع السياسي الحالي المزري إلى وضع أفضل فعلا باتجاه النظام الديمقراطي البرلماني الكامل، فإننا نحتاج إلى استكمال متطلبات الإصلاح السياسي الديمقراطي المُستحق، والتي تُعتبر شرطاً ضرورياً ولازماً للانتقال إلى النظام البرلماني، ولا تحتاح إلى تعديل الدستور، وهي تنظيم العمل السياسي على أسس وبرامج مدنيّة ديمقراطية، وإصلاح النظام الانتخابي الحالي (إعادة توزيع الدوائر الانتخابية بشكل عادل مع وجود قوائم انتخابية وتمثيل نسبي).
--------------------------------------------------------------
منقول عن جريدة الجريدة بتاريخ 21/04/2014
بقلم: عبدالهادي الجميل*
ارتقى "ميجور" العجوز أعلى مكان في الحظيرة ثم هتف بسكّان المزرعة مُحرّضا ضد "المستر جونز" مالك المزرعة:
أيها الرفاق.. فلنواجه الحقيقة: حياتنا تعيسة هنا، نكد ونكدح ولا نحصل سوى على ما يبقينا أحياء كي نواصل العمل المضني.
لا أحد حر منّا، لسنا أحرارا، نحن نعيش حياة بائسة!
هل أرضنا فقيرة إلى هذا الحد؟!
كلا أيها الرفاق وألف كلا، إن مزرعتنا غنية وبها ثروات هائلة، وبمقدورها أن توفّر لنا العيش الكريم، فلماذا أصبحنا كالشحّاذين عند باب قصر "المستر جونز"؟! ولماذا أصبحنا رهائن لدى البنوك المملوكة لأصدقاء وأقرباء "المستر جونز"؟!
لماذا نسمح له باختلاس ثروات المزرعة؟!
تعلمون جيدا أن "المستر جونز" لا يصنع ولا يزرع ولا يفعل شيئا نافعا، نحن نقوم بكل ذلك، وفي النهاية يأخذ كل شيء لنفسه!
إنّه سبب الشرور والمآسي التي نعيشها، فلنتخلّص منه كي نصبح أحرارا وأثرياء.
ثوروا عليه دفاعا عن أنفسكم وعائلاتكم.
اندلعت الثورة، ونجح الثوّار في إسقاط "المستر جونز" ونفيه إلى الخارج.
ولأول مرة أدار السكّان شؤون مزرعتهم بأنفسهم، وتولّى السلطة مجموعة من الثوّار بقيادة "سنوبول"، فوضعوا أسس العدالة والمساواة، وصنعوا نشيدا ثوريا يتم ترديده كل صباح لبث الحماس في نفوس السكّان.
انتشرت أخبار الثورة الناجحة في كل الأنحاء حتى أصبحت مثالا جميلا للتحرّر، وأصبح نشيد الثورة يتردّد على شفاه سكّان المزارع المجاورة.
شكا "المستر جونز" المعزول حاله لملّاك المزارع الأخرى، فتعاطفوا معه، خوفا من انتقال الثورة الى مزارعهم، فقرروا العمل الفوري على منع وصول أخبار الثورة الناجحة إلى مزارعهم. وعندما فشلوا في ذلك، أصدروا قرار حازما يقضي بمعاقبة أي فرد يُضبط متلبّسا بترديد نشيد الثورة. ثم قاموا بحملة ظالمة لتشويه صورة الثورة لدى سكّان مزارعهم من أجل تخويفهم منها، فروّجوا أن مزرعة الثوّار أصبحت تعاني من المجاعة الشديدة حتى أكل الثوار بعضهم بعضا، وأشاعوا، بخبث، أن هناك قتالا دمويا شرسا يدور داخل المزرعة التي كانت آمنة وغنية عندما كانت تحت إدارة "المستر جونز". ثم فرضوا حصارا اقتصاديا وسياسيا شاملا وصارما لخنق المزرعة وزعزعة أمنها واستقرارها، تمهيدا لأي تحرّك انقلابي يجهض الثورة الفتيّة.
فشلت كل تلك المحاولات الخارجية في تحقيق أهدافها، بفضل يقظة وحذر "سنوبول". وبعد مضي فترة من الزمن، قاد "نابليون" إنقلابا مضادا، أطاح بـ"سنوبول" الذي فرّ من المزرعة خوفا على حياته.
وما ان تولّى " نابليون" السلطة، حتى تلقّى الدعم والتأييد من ملّاك المزارع الأخرى!
سقطت الثورة عندما أخذ "نابليون" يميل تدريجيا نحو الحكم الديكتاتوري، فأجاع السكّان وأرهبهم، وأوقف العمل بالقوانين الثورية وأحيا جميع القوانين الجائرة التي كانت قائمة خلال حكم "المستر جونز" والتي ثار ضدّها سكّان المزرعة وضحّوا بأرواحهم ودمائهم من أجل التخلّص منها!
- · من رواية" مزرعة الحيوانات"، بتصرّف.
_________________________*عضو في التيار التقدمي الكويتي

بيان حول يوم الأسير الفلسطيني من القوى السياسية والطلابية وجمعيات النفع العام في الكويت
يمر علينا في السابع عشر من أبريل من كل عام، بدءاً من العام 1974، يوم الأسير الفلسطيني، وهو يوم التضامن والتواصل مع الأسرى الفلسطينيين والعرب، لنجدد فيه العهد والوفاء لأسيراتنا وأسرانا البواسل في سجون القهر الصهيوني، ونعلن استمرار دعمنا وإسنادنا الكامل لهم، فهم الأبطال الذين ناضلوا ولا زالوا يناضلون مع شعبهم العربي الفلسطيني ضد الإرهاب الصهيوني، وإجراءاته العنصرية والقمعية، وهم يقفون بالتأكيد في الصفوف الأولى لمعركة الوجود والحرية والاستقلال والعودة.
إن قضية الأسرى هي قضية سياسية من الدرجة الأولى وليست مجرد قضية إنسانية، فهي قضية تحرر وطني، وهي جزء من معركة الشعب العربي الفلسطيني.
إننا اليوم كقوى سياسية وطلابية وجمعيات نفع عام كويتية نحيي جميع الأسرى في سجون الاحتلال، كما أننا نعلم ونعي أنّ الحرية لجميع الأسرى لن تأتي عن طريق التمني أو عن طريق الاستسلام... ويهمنا أن نؤكد في هذه المناسبة على ضرورة التمسك بحق العودة والمطالبة باسترداد جميع الأراضي الفلسطينية المسلوبة، ونهيب بالجبهات الفلسطينية الوطنية كافة أن تتوحد وإن تشكّل جبهة واحدة، هي جبهة فلسطين وأن تبتعد عن التجاذبات العصبوية الضيقة والانقسام والتفتت والصراعات الداخلية، التي حرقت بنارها الشعب الفلسطيني وشتتت صفوفه في مواجهة الاحتلال الصهيوني وآلته العسكرية وأدواته الإعلامية ومحاولاته الساعية لتصفية القضية.
إنّ القوى السياسية والطلابية وجمعيات النفع العام الكويتية الموقعة على هذا البيان تجدد دعمها لنضال الأسرى الفلسطينيين، وتطلب أن يكون هذا اليوم مناسبة لتكريس اللحمة الوطنية وإعادة اعتبار إلى قضية النضال الموحّد الاحتلال بعيداً عن كل ما يفرّق وحدة صفنا، مع التأكيد على رفضنا جميع أشكال التخاذل والتطبيع مع العدو الصهيوني، مجددين الدعم والتضامن مع الشعب العربي الفلسطيني في نضاله من أجل تحرير وطنه من الاحتلال وحقّه في العودة.
ونطالب بالحرية الفورية لجميع المعتقلين في سجون الكيان الصهيوني.
- المنبر الديمقراطي الكويتي
- التيار التقدمي الكويتي
- الاتحاد الوطني لطلبة الكويت - فرع جمهورية مصر العربية
- قائمة الوسط الديمقراطي- جامعة الخليج
- قائمة الوسط الديمقراطي - الهيئة العامة لتعليم التطبيقي والتدريب
- جمعية الخريجين
- جمعية الثقافية النسائية
- قائمة الراية الطلابية - المملكة المتحدة وبريطانيا
تعريف الجمعيات التعاونية: مؤسسات اقتصادية ذات ملكية اجتماعية عامة وتهدف بالدرجة الأولى لخدمة المستهلكين أو العاملين أو كلاهما.
وبدأت التعاونيات في البروز بأوروبا في القرن الثامن عشر وانتشرت في القرن التاسع عشر.
وتوجد نماذج عديدة للتعاونيات، منها الجمعيات التعاونية الاستهلاكية في الكويت التي يملكها سكان المنطقة السكنية بالتساوي بغض النظر عن الثروة، وقد تأسست أواسط الخمسينيات، وهناك التعاونيات الزراعية وهي منتشرة في مصر التي يشترك فيها الفلاحون للاقتراض والزراعة وبيع المنتجات، ومن أمثلتها الجمعية التعاونية الزراعية في الكويت... وهناك التعاونيات المالية التي تقرض عملاءها بفوائد منخفضة.
والفكرة الأساسية في التعاونيات هي خدمة المستفيدين منها والمجتمع الأوسع، حتى لو كان ذلك على حساب الأرباح، مثلا الجمعيات تخفض أسعارها مراعاة للسكان لأن هدفها ليس تعظيم الربح، وإن كانت تربح أحيانا.
وكان للجمعيات التعاونية الاستهلاكية دور مهم في إعاشة الأهالي الصامدين داخل الكويت فترة الغزو والاحتلال، وذلك بعد سقوط الدولة.
ومنذ سنوات يسعى الرأسماليون إلى خصخصة الجمعيات التعاونية وتحويلها إلى شركات تجارية في محاولة لإلغاء الملكية الاجتماعية العامة، وبهدف إحلال قيم الربح والثروة محل قيم خدمة المجتمع والمساواة بين السكان.
لجنة الجهراء والفروانيةفي التيار التقدمي الكويتي
بقلم: د. بدر الديحاني
في الوقت الذي ينشغل فيه الرأي العام في متابعة قضايا جانبية، أو بالأحرى يُشغل بشكل متعمد أحيانا ومبالغ فيه، فإن هناك على الطرف الآخر من يستغل انشغال الناس لتعديل بعض القوانين المهمة، أو بشكل أكثر دقة، تفصيلها على مقاس مجاميع تجارية مصلحية محدودة على حساب الأغلبية الساحقة من الشعب مثل قانون الـ"بي أو تي" رقم (7/2008) الذي سيترتب على تعديله، كما تطلب الحكومة، استنزاف وهدر للأموال العامة بشكل غير مسبوق.تعديل قانون الـ"بي أو تي" بالشكل المطروح حالياً من الحكومة واللجنة المالية في "مجلس الصوت"، وهو ما تطرقنا إلى بعض تفاصيله الأسبوع الماضي، لا يمكن فهمه إلا أنه تسليم أراضي الدولة وأملاكها بالمجان تقريبا، كما حصل خلال النصف الثاني من القرن الماضي، لعدد محدود جداً من الأشخاص، ولمدد قد تصل إلى نصف قرن أو أكثر قابلة للتجديد إلى أبد الآبدين، في الوقت الذي تعمل فيه الحكومة على قدم وساق لفرض ضرائب غير مباشرة على الدخل أو رسوم جديدة أو زيادة الرسوم الحالية على الخدمات العامة الأساسية، فهناك توجيهات للأجهزة الحكومية بالبحث عن أي إمكانية لفرض رسوم على الخدمات التي تقدمها أو زيادة رسومها الحالية من دون أن يشعر فيها المواطن، وبالتأكيد لن يتضرر من السياسة المالية الجديدة واستباحة أراضي الدولة وأملاكها سوى أصحاب الدخول المتوسطة والمتدنية.وفي هذا السياق، فإنه من المؤسف أن تنشغل الناس والقوى الحية في المجتمع في أمور جانبية أو هامشية بعضها مفبرك إعلامياً مثل متابعة تحركات أعضاء "مجلس الصوت" وتصريحاتهم الصحافية اليومية، وكأنه قد غاب عن بالهم الطريقة التي تشكّل فيها هذا المجلس والدور المطلوب منه في هذه المرحلة السياسية، والذي أصبح واضحاً وضوح الشمس في رابعة النهار.كما أنه من المؤسف أيضا ألا نرى تحركاً جاداً لوقف استباحة أراضي الدولة وأملاكها تقوده التجمعات السياسية والشبابية ومنظمات المجتمع المدني، خاصة التي لا تزال تدب فيها الروح الوطنية والتي أصبحت، في السنوات الأخيرة، تعد على أصابع اليد الواحدة، إذ إن هذا هو دورها الحقيقي في المجتمع، فمسؤوليتها الوطنية تحتم عليها توعية الناس وتوجيههم للدفاع عن حقوقهم الدستورية، وعن أموالهم العامة وثروتهم الوطنية التي يجري العمل هذه الأيام على هدرها واستنزافها تحت غطاء قانوني، وضمن ترتيبات مصلحية اقتصادية وسياسية قصيرة النظر.
_______________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 16/04/2014
بقلم: حسن العيسى
يكفي جماعات ائتلاف المعارضة اليوم في مشروعها أنها ألقت حجراً في مياه السياسة الكويتية الراكدة، وحركت هذا المستنقع الآسن بما يحويه من طفيليات أمراض الفساد والاستبداد مع فقدان الأمل في الإصلاح، والقضاء عليها بالوصفات الرسمية للسلطة وتوابعها من مؤسسات وأفراد.خلاصة مشروع المعارضة هي الدعوة لتبني "نظام برلماني كامل" في البناء الدستوري للدولة، وإنهاء ما يسمى النظام المختلط الجامع بين النظامين الرئاسي والبرلماني في الدستور الكويتي، وليس لدي أي معلومات بنظام شبيه له معاصر أو تاريخي، لكن المؤكد أن النظام المختلط كان حالة وسط "للمشاركة" السياسية بين الشيوخ والشعب، وتحقق هذا عند ولادة الدستور واستمر حتى 76 وانتهى بعد ذلك، وأصبح نسياً منسياً، وأضحى نظاماً مشيخياً كامل الدسم، الشيوخ فيه "يحلون ويربطون"، وبقية السلطات مجرد ختم شكلي "ربر ستامب"، وإذا حاول أحد أو مجموعة ما من المشاغبين الرافضين لهذا الواقع، مثل مسلم البراك أو غيره من المعارضين، الخروج عن الطوع السلطوي، أو نقده بجرأة، كانت النهايات معروفة... ولا حاجة للتذكير بها.يواجه مشروع برنامج المعارضة نقداً هادئاً من معارضين لنهج النظام، والذين يمكن تصنيفهم في خانة اليسار. الناقدون مثل الزملاء بدر الديحاني (عدد الجريدة بالأمس) ووليد الرجيب وفواز الفرحان (موقع التيار التقدمي)، وأنا أتفق معهم في تشخيصهم، يرون أن فقرة وعظية دينية حشرت في ديباجة البرنامج، وكأن جماعة ائتلاف المعارضة يسطرون خطبة جمعة، ولا يقدمون برنامجاً سياسياً، يغير وجه الدولة، وقد يشي هذا، مع الأخذ بالاعتبار نسبة المحافظين في الائتلاف، وتحفظ جمعان الحربش عن عدم تعديل المادة 74 من الدستور في برنامج المعارضة، بحيث لا يقر أي قانون ما لم يكن موافقاً لأحكام الشريعة، عن مشروع مبطن لدولة دينية قادمة تحت غطاء النظام البرلماني الكامل، والدولة الدينية مثل الدولة العسكرية هما نقيضان للدولة المدنية. أيضاً، يرفض الناقدون منهج "الاستفتاءات" الشعبية كمدخل لتعديل الدستور، وهي بالعادة، في مثل ظروف وواقع دولنا، أفضل طريقة لاستبدال استبداد باستبداد آخر، تحت مسميات مختلفة، هنا، يمكن التذكير باستفتاء مصر الأخير على مشروع الدستور، وهذه نقطة يجب اعتبارها عند أي من الفريقين، أصحاب مشروع المعارضة والناقدين للمشروع.أياً كان الأمر، يبقى القول إن مشروع المعارضة يقدم رؤية وبرنامج عمل، ويمثل جهداً كبيراً من أصحابه، وسيكون صعب المنال كي يتحقق، مع هذا الواقع الريعي المترهل، إلا أنه محاولة جادة تستحق التوقف عندها.
__________________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 15/04/2014
بقلم: د. بدر الديحاني
إعلان "الائتلاف" مشروعه أو رؤيته للإصلاح السياسي يعتبر خطوة إيجابية تحتاج إلى نقاش موضوعي وهادئ بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع مضمون المشروع. وفي ما يلي بعض الملاحظات الأولية:1- الائتلاف لا يمثل جميع أطياف المعارضة بل هو جزء رئيسي فيها، لذا كان يفترض أن تُسمى الأشياء بمسمياتها الصحيحة بحيث يُسمى المشروع باسم القوى الموقعة عليه، وليس "مشروع ائتلاف المعارضة" حتى لا يُعطي انطباعاً خاطئاً بتصوير المعارضة، بعكس الواقع، وكأنها وكالة حصرية لقوى سياسية بعينها. أضف إلى ذلك أنه ليس بالضرورة أن من يختلف مع المشروع السياسي للائتلاف أو بعض بنوده يعتبر راضياً عن استمرار الوضع السيئ الحالي أو أنه يعارض الإصلاح السياسي والديمقراطي.2- على الرغم من الشعار العام الجيد لمشروع "الائتلاف"، وهو "نحو إقامة نظام ديمقراطي برلماني كامل"، فإن المقدمة أو الديباجة توحي بأن الهدف هو إقامة دولة غير مدنية، وهذا يتناقض مع نصوص الدستور وروح العصر. لقد خلا المشروع من أي عبارات أو مصطلحات أو نية لتعديل مواد دستورية تشير بوضوح إلى مدنيّة الدولة، أو حماية الحقوق الشخصية، أو الحقوق المتساوية بينما تم التركيز على بعض العبارات الدالة على الدولة غير المدنيّة، وقد لا يكون ذلك أمراً مستغرباً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار طبيعة القوى الرئيسة المكونة للائتلاف.3- من الواضح تركيز المشروع على إجراءات الديمقراطية فقط وليس على قيمها، فالمشروع لا يقدم أي ضمانات لبناء نظام مدني ديمقراطي حقيقي، بل على العكس من ذلك فالخطاب العام الذي يتبناه المشروع في مجمله خطاب غير مدني، وهنا تكمن المشكلة حيث إن الإجراءات وحدها غير كافية لبناء نظام مدني ديمقراطي، بل إنها من الممكن أن تُستخدم كجسر للوصول إلى السلطة، ثم هدم الجسر بعد ذلك والانفراد بالسلطة.4- وفي التفاصيل، يُعيب المشروع تطرقه لقضايا تفصيلية كثيرة وكأنه برنامج انتخابي وليس مشروعاً سياسياً محدداً لائتلاف واسع أو تحالف عريض حول قضايا عامة، وهو الأمر الذي سيُصعّب من عملية التوافق الوطني حوله كمشروع كامل، ويعطل، بالتالي، عملية تنفيذه ليبقى مجرد حبر على ورق مثلما حصل في الوثيقة التي سبق أن طرحها الشباب أثناء انتخابات فبراير 2012 تحت عنوان "ميثاق الكويت 2012: رؤية شبابية".5- من ضمن المواد الدستورية التي ينوي الائتلاف تعديلها المادة (174) بحيث تستحدث آلية الاستفتاء الشعبي على تعديل مواد الدستور، وهو تعديل، إذا ما تم، ستكون له تبعاته السلبية الكثيرة، فآلية الاستفتاء جيدة بشكل عام لكنها لا تُستخدم حتى في الدول المدنية الديمقراطية المُستقرّة إلا في أضيق الحدود تفادياً لإساءة الاستخدام، فما بالنا إذا كانت الفتوى الدينية في مجتمعاتنا وما زالت تلعب دوراً مؤثراً جداً في تغيير اتجاهات الرأي العام والأمثلة على ذلك كثيرة؟6- آليات تحقيق أهداف المشروع يكتنفها الغموض خصوصاً أنه يركز بالدرجة الأولى، وربما الوحيدة، على تعديل مواد دستورية كثيرة (36 مادة) وهذا، كما يعرف الجميع، يجب أن يتم من خلال مجلس الأمة ويعتمد على موازين القوى السياسية والمصلحية داخله، فكيف سيتحقق ذلك؟ هل ستتم المشاركة في الانتخابات القادمة على نظام الصوت الواحد المرفوض سابقا أو الانتظار حتى إصلاح النظام الانتخابي؟أضف إلى ذلك، أن تحقيق الإصلاح السياسي والديمقراطي من أجل الوصول إلى النظام البرلماني الكامل له متطلبات أخرى ليست متوافرة الآن، مثل إشهار الهيئات السياسية على أسس وبرامج وطنية، وإلا سنظل ندور في الحلقة المفرغة ذاتها. وهنا علينا ألا ننسى أن أغلب الجماعات السياسية الحالية ومن ضمنها مكونات "الائتلاف" مطالبة، في حالة الإشهار، بالتحوّل إلى تنظيمات سياسية حقيقية قائمة على أسس وبرامج وطنية لا تتناقض مع مدنيّة الدولة، فهل هي مؤهلة لذلك؟أخيراً، وليس آخراً، فقد أعلن ما يمكن أن نطلق عليه "تيار المحافظين" مشروعهم أو رؤيتهم للإصلاح السياسي، وهذا من حقهم ويُحسب لهم، فمتى، يا تُرى، سيُعلن "التيار المدني الديمقراطي" مشروعه بحيث يمكن الالتقاء حول قضايا مشتركة تحظى بتوافق وطني عام، وتُعجّل في تحقيق الإصلاح السياسي الديمقراطي المُستحق؟
___________________________
منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 14\04\2014

استحقاقات تنتظر «ائتلاف المعارضة» بعد إطلاق مشروعه الإصلاحي
بقلم: ناصر المحيسن*
غموض حول «مدنية الدولة وآلية التنفيذ» تفتح باب التساؤلات حول أمكانية تطبيقه
بينما انفرجت الأسارير، وساد التفاؤل الذي عم الشارع مساء أمس الأول، فور إعلان ائتلاف المعارضة عن مشروعه للإصلاح السياسي الوطني، وعقدت الآمال على مشروعه لإنقاذ البلاد من الهاوية، بعد سنوات عصفت بها الأزمات السياسية المتكررة، في ظل انسداد أفق الإصلاح والتغيير، بسبب الخلل في المنظومتان السياسية والدستورية وما تعانيه من نواقص وعيوب، أثرت على العلاقة بين السلطتين.
يأتي الآمل في التغيير من خلال مشروع ائتلاف المعارضة للإصلاح السياسي، بعد أن عانى من مخاض عسير على مدى عام كامل، بين أخذ ورد حول بعض بنوده، حيث يضم الائتلاف لفيفا من نواب أفراد أو ينتمون إلى كتل، وذلك من خلفيات مختلفة، ويحمل بعضهم أجندات متعارضة، كان جليا بتحفظ الحركة الدستورية الإسلامية بسبب عدم الأخذ بمقترحها بتعديل المادة 79 من الدستور بما يقضي بأسلمه القوانين.
وفي المقابل، قد تصطدم آمال الشباب بتحديات من الممكن أن تعوق حراكهم في المستقبل، وتعطل مسيرتهم لتحقيق الإصلاح الديمقراطي المنشود في ظل غموض مشروع الائتلاف حول عدة نقاط، عبر عنها التيار التقدمي في بيانه، إذ يتحفظ التقدمي على «استغلال الدين لأغراض سياسية في خطاب المعارضة، وعدم النص بوضوح في المشروع على الطابع المدني للدولة واحترام الحريات الشخصية، وكثرة المواد المقترح تنقيحها في الدستور، بما في ذلك المتصلة بأمور غير أساسية».
وبعد إعلان الائتلاف عن مشروعه الإصلاحي، «لا تتوهم أن العاصفة مرت أو تكاد، وأنه يكفي إصلاح الزجاج الذي تحطم واستبدال الأشجار التي اقتُلعت، وأن الأسوأ قد عبر»، كما يقول الكاتب غسان شربل، لإنه يقع على عاتق الائتلاف استحقاقان لا مفر منها، إذا ما أراد التقدم أكثر في مسيرة الإصلاح والانجاز، الأول هو تحديد موقفه من مدنية الدولة، وعدم المساس بها لتحقيق التوازن في الدولة، منعا لمزيد من الانتكاسة والتراجع، وحتى لايعرض الائتلاف مكونات المجتمع بمختلف انتماءاتهم الدينية أو الفكرية لانتهازية الأصوليات الدينية التي تغطي مشروعها السياسي بعباءة الدين لاستغلال عواطف الناس.
وتشير المقدمة التي سردها المشروع، ذكر أن «الدين الإسلامي تضمن معاني الحكم الشرعي الذي يربط بين المسؤولية والسلطة لا انفصام بينهما»، ويضيف في نفس السياق، أن «من الإشكالات الفكرية في محيطنا الإسلامي والعربي، النظام السياسي وما يقوم عليه من أحكام وما يترتب عليه من آثار ومدى تحمل السلطة لمسؤولياتها وما تتحمله الأمة لاحقاً من نتائج، ونحن لسنا بمعزل عن هذا الإشكال السياسي وتأثيراته»، فالسؤال، عن أي حكم شرعي يتحدث المشروع؟ رغم رفض الائتلاف لمقترح "حدس" برفض تعديل مادة 79 من الدستور، وتشير المقدمة أيضا، أن «من غير آلية اتخاذ الشعب للقرار وحقه في إدارة شؤون الدولة من خلال حكومة منتخبة تنبثق عنه وتتحمل كامل مسؤولياتها أمامه، سوف تخلق الفوضى فلا نصوص تردع ولا دساتير تمنع»، وهنا يكمن غموض المشروع كما يرى البعض ووجهته نحو الدولة المدنية.
ويأتي الثاني مكملا للأول، وهو آلية العمل على تحقيق المشروع على أرض الواقع، ففي حين لم يشر مشروع الائتلاف من قريب أو بعيد على مسألة المقاطعة أو المشاركة في الانتخابات البرلمانية، وما إذا كانت الآلية تتمثل في ضغط الشارع أم من خلال البرلمان في حال قررت خوض الانتخابات المقبلة.
ونؤكد أن أهميه هذين الاستحقاقين تكمن، في تحديد مسارات العمل نحو تحقيق الهدف من الإصلاح الديمقراطي، وهو إقامة نظام ديمقراطي برلماني كامل، بعيدا عن الفوضوية التي عاشتها المعارضة في الفترات السابقة، بالإضافة إلى كونهما واجب وطني لإيضاح الصورة لرجل الشارع البسيط، وما أسباب اقتراح تعديل 36 مادة من الدستور؟ وما إذا كانت التعديلات ضرورية ومستحقة. فلا يعقل أن يتم طرح «مشروع دولة» دون تحديد مسارات العمل لإنجازه، فالتحدي الأكبر ليس بالاتفاق على المشروع بقدر ماهو كيفية تطبيقه وإقناع رجل الشارع بأهمية تلك التعديلات، وبذلك تكون الاستحقاقين حول «مدنية الدولة وآلية العمل لتنفيذ المشروع يمثلان المعركة الآن».
وإذا كان الائتلاف قد أشار في تعديله للمادة 43 من الدستور، والتي تنص على «حرية تكوين الجمعيات والنقابات على أسس وطنية وبوسائل سلمية مكفولة وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون، ولا يجوز إجبار أحد على الانضمام إلى جمعية أو نقابة»، بإضافة كلمة «الهيئات السياسية» بداية المادة، فكان الأجدر بالائتلاف انتزاع الحق الديمقراطي في إشهار الأحزاب السياسية عبر قانون ديمقراطي وإقرار نظام انتخابي ديمقراطي عادل قائم على التمثيل النسبي للقوائم الانتخابية، والذي يمكن تحقيقه من دون الحاجة إلى تنقيح الدستور، المستبعد على أرض الواقع، تؤكد أن المعضلة والأهم لرجل الشارع تكمن في آلية التطبيق وليست بعدد التعديلات المقترحة على الدستور.
وتجدر الإشارة إلى أن أي خطوة في علاج مثالب المنظومتان السياسية والدستورية يتفق معها جميع الشعب الكويتي، بحيث يبقى الآن على ائتلاف المعارضة «بحلته الجديدة» توضيح هذين الاستحقاقين، وتنفيذ الوعود التي قطعها على نفسه بالسعي إلى مزيد من الإصلاح ومزيد من الحريات.
_______________________________
*عضو في اتيار التقدمي الكويتي

د. حمد الأنصاري يرد على الهجمة ضد التيار التقدمي محاولة تشوية موقفة
بقلم: د. حمد الأنصاري*
الكل يعلم موقف التيار التقدمي من الحراك الشعبي ومطالب الإصلاح وغير مقبول أن تتم المزايدة على مواقفنا !لقد كان دورنا بارزاً في تأسيس الجبهة الوطنية لحماية الدستور والتي انطلقت الدعوه لتأسيسها من ندوة التيار التقدمي وشاركنا فيها بفعالية ..ومن بعدها حملة المقاطعة لانتخابات الصوت الواحد وترأس اللجنة حينها أحد أعضاء التيار التقدمي، وأخيرا تأسيس إئتلاف المعارضة ..وقد كان موقفنا واضحاً من ائتلاف المعارضة منذ اليوم الأول .. وذلك قبل عام تقريباً !فنحن شاركنا بصياغة البيان التأسيسي للائتلاف ووضع مبادئه .. ولكن كان لدينا عدة تساؤلات "مستحقة" أهمها موقف الائتلاف من المشاركة في الانتخابات وتعريف القوى السياسية والشبابية وغيرها المشاركة في الائتلاف وازدواجية العمل عند البعض في الائتلاف أو تنسيقية الحراك أو غيرها ..وبسبب عدم الرد على هذه التساؤلات الموثقة في رسالتنا للائتلاف ارتأينا عدم المشاركة في المكتب السياسي "الذي يضم جميع مكونات الائتلاف" والاكتفاء بالمشاركة عبر الجمعية العمومية والتي من المفروض أن تنعقد مرة كل شهر ..ورغم عدم انعقاد الجمعية العمومية "تضم المكتب السياسي + التيار التقدمي" إلا أننا لم ننسحب حرصاً منا على أهمية العمل الجماعي ولأننا قدمنا مصلحة الوطن على كل شيء ..فكنا أول من يقدم مشروع رؤية الاصلاح السياسي .. نحن و "حدم" لتتم مناقشته في الائتلاف..ومن هنا سأبدأ الحديث عن المشروع و عن موقف الإخوان ..جاءت المسودة محتوية على ملخص مشروع حدم والتيار التقدمي.. أما حدس فقد قدموا بعض النقاط البسيطة التي لم تتعدى ربع ورقة A4ولم تكن بينها تعديل المادة الثانية ولا المادة 79 !!و تكرر الموضوع مع المسودة الثانية ..ولم يتطرق الإخوان نهائياً لأي من هذه المواد منذ بداية العمل بالمشروع وحتى آخر اجتماعات إقرار المسودة النهائية والتي فاجأ بها الاخوان الجميع بطرحهم تعديل المادة 79..فهل نسي الاخوان هذه المادة طوال فترة العمل بالمشروع وتذكروها فجأة يوم إقراره ؟أما بالنسبة لموقفنا .. فلا يمكن لأحد أن يلومنا لو أننا إنسحبنا من الائتلاف بالكامل بسبب عدم إنعقاد الجمعية العمومية لمدة عام .. مما يعتبر تهميشاً لنا .. ولكننا ترفعنا عن ذلك .. أما أن يتم إبلاغنا بموعد إنعقاد الجمعية العمومية قبل أقل من يومين لإقرار المشروع وإبداء رأينا فيه فهذا يسمى بالعامية "كروته" وبالطبع غير مقبولة .. لذلك اعتذرناولم يكن الإعتذار عن المشاركة بسبب تحفظنا على ديباجة أو بعض مواد المشروع فقط كما يروج الاخوان الآن في محاولة رخيصة لضرب التقدميين ..فمواقفنا واضحة ومواقفهم واضحة، ولن ننسى عدم توقيعهم على بعض بيانات الجبهة الوطنية لحماية الدستور واكتفائهم بتوقيع كتلة الاغلبية بحجة أنها تضم ممثلاً لهم! ولن ننسى مقابلة د.جمعان الحربش عندما صرح بأن الاتصالات مع السلطة لم تنقطع وأن الإصلاح يجب أن يتم بالتعاون مع السلطة، وعدم إستبعاده أن يقوم الاسلاميون بطرح مشروع آخر (إسلامي) بعد إقرار مشروع الائتلاف، وبالتأكيد لن ننسى كلام عضو الأمانة العامة لحدس خولة العتيقي بأن مقدمة مشروع الائتلاف قاسية وشديدة ضد الحكومة "وتم تغييرها في الصيغة النهائية طبعا" .. ولم نغفل أبدا مقالات مبارك الدويلة المطبلة لرئيس الحكومة !!بالنهاية نحن مع أي مشروع "وطني" يدعو للنظام البرلماني مكتمل الأركان و مع الدولة "المدنية" .. كما أن لدينا مشروعنا الذي طرحناه سابقا وسنستمر في مطالبنا وحراكنا ضد النهج السلطوي وبإتجاه العدالة الاجتماعية ولن تعرقل مسيرتنا تفاهات البعض.
______________________________
*عضو في التيار التقدمي الكويتي
بقلم: د. فواز فرحان*
يسعى اليساريون التقدميون لتغيير الواقع المتخلّف إلى واقع متقدّم على مستوى العدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطية وبوصلتهم دائماً هي سعادة الناس، وللوصول إلى ذلك يستخدمون مختلف وسائل وأساليب ودرجات النضال لتغيير هذا الواقع رابطين القول بالفعل والتنظير بالعمل على الأرض، وهؤلاء في الكويت ليسوا استثناءً عن أمثالهم في كل العالم مع اختلاف الظروف ومستوى درجات التطور. كان اليساريون التقدميون في الكويت منذ بدايات خمسينيات القرن الماضي وحتى هذا اليوم منحازين لمصالح الطبقات العاملة والفئات الشعبية ومحدودة الدخل ضد مصالح ومشاريع الحلف الطبقي المسيطر وما يمثلها من ممارسات سلطوية كثيرة يصعب حصرها هنا، ولم يتأخروا يوماً عن المشاركة بكل التحركات الشعبية ضد نهج السلطة...وعندما أقول (كُل) فأنا أعني ما أقوله حرفياً.
شارك اليساريون التقدميون بفاعلية في الحراك الشعبي الذي أسقط رئيس مجلس الوزراء السابق، وساهموا بتأسيس الجبهة الوطنية لحماية الدستور في عام ٢٠١٢ برئاسة رفيقنا أحمد الديين والتي أدت مهمة معينة عند صدور مرسوم الصوت الواحد المجزوء، وكانوا عناصر فاعلة في حملة مقاطعة الانتخابات ذات الصوت الواحد الأولى حيث ترأس لجنتها رفيقنا آنذاك محمد قاسم، وتفاعلوا مع التصدي لنهج الانفراد بالسلطة حيث كان أول من ردد خطاب (كفى عبثاً) هو رفيقنا أنور الفكر ثم ردده رفيقنا فواز البحر، واستمروا بمقاطعة الانتخابات الثانية لقناعتهم بانسداد أفق العمل البرلماني، ثم شاركوا ممثلين بالتيار التقدمي الكويتي بتشكيل ائتلاف المعارضة وإعداد بيان تأسيسه؛ وذلك لإيمانهم بوجوب تطوير الحراك الشعبي الاحتجاجي إلى حراك سياسي منظم يحمل مشروعاً إصلاحياً واضحاً، ولم تكن الخلافات الفكرية عائقاً أمام انضمامهم للائتلاف لمعرفتهم بأهمية العمل (الجبهوي) في المراحل التاريخية المفصلية.
برزت خلال اجتماعات الائتلاف الأولى تناقضات حتّمت على التيار التقدمي أن يبدي موقفاً منها ويطلب توضيحات من رئاسة الائتلاف بخصوصها لأنها ستعيق عمل الائتلاف وبالتالي ستفشله مستقبلاً أو ستنحرف به إلى غير الهدف الذي أسس على أساسه؛ وكانت أهم الاستفسارات التي قدمت لرئاسة الائتلاف تدور حول تعريف التيارات والتجمعات والكتل السياسية لمعرفة مدى جديتها وضمان عدم تحكم الأفراد بقراراتها وحول موقفها من الانتخابات القادمة وكذلك حول ازدواجية عضوية البعض في الائتلاف وفي غيره من الجبهات، إلا أن الرسالة لم يتم الرد عليها ربما لمصالح رأتها بعض أطراف الائتلاف في وقتها وحتى لا يتم تقويض هذا الائتلاف في بداية تكوينه كما تعتقد هذه الأطراف، فاتخذ التيار التقدمي موقفاً واضحاً من هذا الفعل بامتناعه عن المشاركة في تشكيل المكتب السياسي واكتفائه بعضوية الجمعية العمومية فقط؛ والتي لم تجتمع منذ عامٍ إلا مرة واحدة قبل عدة أيام رغم نص إعلان تأسيس الائتلاف على وجوب اجتماعها مرةً في كل شهر... و بدا عدم انعقاد الجمعية العمومية والاكتفاء باجتماعات المكتب السياسي وكأنه إقصاءٌ غير متعمد للتيار التقدمي ارتاحت له بعض الأطراف ولم تكن واعيةً له أطراف أخرى... والطريف في الأمر أن ممثلي التيار التقدمي في الائتلاف اقترحوا أن تنعقد الجمعية العمومية مرة كل ثلاثة شهور إلا أن أغلب مكونات الائتلاف ذهبت إلى انعقادها مرة في كل شهر.
رغم كل ما سبق ظل التيار التقدمي محافظاً على علاقته المتوازنة بائتلاف المعارضة، وكان أول من قدم مشروعه كمساهمة منه في صياغة مشروع الائتلاف للإصلاح السياسي، وقدم تعديلاته واقتراحاته بخصوص المسودتين اللتين سبقتا الإعلان النهائي عن مشروع الائتلاف، ثم انقطع الاتصال بين الائتلاف والتيار التقدمي لفترة تزيد على الشهر ليفاجأ بتاريخ ٧ أبريل/نيسان الجاري بدعوة لانعقاد الجمعية العمومية لأول مرة وذلك بعد أقل من ٤٨ ساعة من الدعوة! مرفقة بالصيغة النهائية لمشروع الائتلاف والتي تجاهلت أغلب التعديلات المقترحة من التيار التقدمي... والملفت للنظر أن هذه الصيغة النهائية أُقحمت بها جرعة زائدة من الخطاب الديني والتي لم يجد التيار التقدمي لها تفسيراً إلا إرضاء التيارات الدينية داخل مكونات الائتلاف واستغلال الدين لأغراض السياسة؛ ناهيكم عن غياب التأكيد على مدنية الدولة واحترام الحريات الشخصية في هذا المشروع بينما تم ذكر ما يسمى بـ(الحكم الشرعي) والذي يحتاج إلى توضيح من الائتلاف!
امتناع التيار التقدمي عن الموافقة على هذا المشروع سببه الرئيسي الخلل الكبير في آلية عمل الائتلاف والمتمثل بعدم الالتزام بالطرق المؤسسية في العمل، والسبب الثاني هو عدم ثقته بمستقبل مواقف بعض أطراف الائتلاف من السلطة وممارساتها خصوصاً بعد الكثير من المواقف الملتبسة والتصريحات المثيرة للجدل وكذلك موقف هذه الأطراف من مدنية الدولة؛ وليس توقيع ممثل الحركة الدستورية الإسلامية على مشروع الائتلاف وربطه بالتحفظ على عدم تعديل المادة ٧٩ من الدستور إلا تثبيتاً لعدم الثقة هذه، أما السبب الثالث هو وجود انتقادات جدية وعميقة لجوانب كثيرة في مشروع الائتلاف من أهمها استحداث آلية الاستفتاء الخطيرة في ظل هذا الواقع الذي تتحكم به السلطة وأدواتها. هذا المشروع قام أساساً على رؤية التيار التقدمي الكويتي للإصلاح وعلى مشروع الحركة الديمقراطية المدنية (حدم)... إلا أنه تعرض لزيادة الجرعة الدينية وزيادة اقتراحات تعديل المواد الدستورية غير الحاسمة في تطوير البلد ديمقراطياً ولكنها مربكة للقوى السياسية وللجمهور الشعبي.
لا أعتقد بأن اليساريين التقدميين سيكونون عائقاً أمام الائتلاف للمضي في مشروعه لأنهم يتفقون مع وجهته العامة الساعية لاستكمال النظام الديمقراطي البرلماني؛ بل سيكونون متعاونين معه ومع غيره من القوى وخصوصاً القوى الوطنية الديمقراطية كالمنبر الديمقراطي الكويتي، وسيكونون -كعادتهم- في مقدمة كل حراك على الأرض يتفق وما دعا له التيار التقدمي في رؤيته التي نشرها في أغسطس ٢٠١٣م.
---------------------------------------
*عضو التيار التقدمي الكويتي.
أعلن ائتلاف المعارضة مشروعه حول الإصلاح السياسي رسمياً بعد مضي وقت طويل على تأسيسه أي ما يقارب السنة أو أكثر، وبعدما قدمت التنظيمات المشاركة فيه سواء في المكتب السياسي أم في الجمعية العمومية اقتراحاتها ورؤيتها للإصلاح السياسي المنشود بإقامة نظام برلماني كامل، وهو ما يطمح له أبناء الشعب وكان أحد أسباب الحراك الشعبي.ويبدو أنه قد تمت تعديلات وملاحظات على ورقة المشروع مرات عدة، وأحياناً بطريقة مثيرة للريبة مثل التعديل الذي أرادت حدس أن تضيفه أخيراً وهو تعديل المادة 79 من الدستور الكويتي بحيث تخرج جميع القوانين من مجلس الأمة ويوافق عليها الأمير على أن تكون متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، وهي المادة التي أثارت تخوفاً لدى الشعب الكويتي من أسلمة القوانين وإلغاء مدنية الدولة، حيث ردها صاحب السمو الأمير لأن تعديلها سيثير الخلافات السياسية والفتن الطائفية المذهبية ويهدد الوحدة الوطنية.وتساءلنا جميعاً لماذا أعادت حدس طرح هذه المادة المرفوضة شعبياً ورسمياً في تعديلاتها على ورقة المشروع، وهو ما يتناقض مع الهدف من تأسيس الائتلاف ومشروع الإصلاح السياسي، حتى أصبح لدى البعض شعور أن حدس هدفها «فركشة» الائتلاف أو التنصل منه، لأن تعديل المادة سيلقى رفضاً قاطعاً من القوى الأخرى، ولم تتخل حدس عن موقفها من تعديل هذه المادة، إذ وقع د. جمعان الحربش ضمن من وقع من المكتب السياسي على وثيقة المشروع مضيفاً «مع التحفظ على عدم تعديل المادة 79».ورغم ذلك خرج مشروع الائتلاف النهائي قبل موافقة جميع الأطراف المشاركة، ويحمل جرعة دينية زائدة وليس فيه أي إشارة إلى الحريات الشخصية أو مدنية الدولة، إضافة إلى أن التمهيد في وثيقة المشروع وهي ديباجة تعتبر جزءا لا يتجزأ من الوثيقة ذاتها جاء في الفقرة الثانية منها عبارة « ومن خلال ما سطره الخلفاء الراشدون في حكمهم قد تضمن معاني (الحكم الشرعي) الذي يربط بين المسؤولية والسلطة لا انفصام بينهما» والحكم الشرعي الوارد هنا يعني الحكم الديني، وهو أمر يناسب أجندة قوى الإسلام السياسي، لكنه لا يوافق رأي جميع القوى السياسية وقطاع كبير من الشعب الكويتي، فما الغرض من ذلك وما هي دوافع اخوان الكويت الحقيقية من هذا الخطاب الديني غير المُتوافَق عليه؟والغريب في الأمر أن الحركة الدستورية الإسلامية كانت شبه سلبية ولم تحاول أن تتصدر المشهد لا في الجبهة الوطنية لحماية الدستور ولا في ائتلاف المعارضة، فما سبب تغير مواقفها؟ هل السبب يعود إلى ما يواجهه الاخوان المسلمين في الكويت من تعقيدات استجدت في علاقتهم بالسلطة، وخاصة بعد تقليص نفوذهم بإجراءات أشبه بتقليم الأظافر، مثل إغلاق النادي الصحي في مقر جمعية الإصلاح الاجتماعي، وخروجهم من مجلس إدارة جمعية الروضة التعاونية لصالح الليبراليين، وأخيراً فقدانهم لأهم معاقلهم المالية مثل بيت التمويل لصالح أبناء التجار وربما سيكون هناك المزيد من هذه الإجراءات، فأرادوا توجيه رسالة للسلطة مفادها: إذا لم تُحتضن الجماعة من قبلها فإنها ستكون ضمن المعارضة.ثم لماذا الاستعجال في إقرار وطرح المشروع وعدم انتظار ملاحظات بقية الأطراف المشاركة في الائتلاف؟ هل اشتمّت المعارضة رائحة انتخابات جديدة مبكرة ضمن نظام الصوتين بدلاً من الصوت الواحد؟ مما سيعني تحلل الائتلاف عملياً حيث تمثل الانتخابات مركز الاهتمام الأول لدى معظم القوى السياسية، إذ في حال مشاركتها في الانتخابات سيخوضها الائتلاف بشكل فردي وليس على أساس جبهوي، وهو ما يفرض خطاباً انتخابياً للقواعد الانتخابية لكل من حدس والتكتل الشعبي.أما موضوع الحراك الشعبي، فإن الناس تخرج من أجل قضاياها الوطنية ولا تخرج من أجل شعار ديني أو طائفي أو انتخابي، ولا يملك أي تيار سياسي أو ائتلاف دعوة الجمهور للتظاهر فتخرج لمجرد دعوتها.نحن نتمنى التوفيق للائتلاف لتحقيق أهداف الإصلاح السياسي، ونتمنى أن يتم التوافق بين القوى السياسية كافة من أجل قضايا الوطن والشعب.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
____________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 14\03\2014 العدد:12705
بقلم: عبدالهادي الجميل*
التاريخ يعيد نفسه دائما، وإن بأسماء وأماكن وظروف وأساليب مختلفة!
في عام 1531م، أبحر القائد الإسباني "فرانشيسكو بيزارو" وشقيقه "هيرناندو" لاستكشاف العالم الجديد، مدفوعَين بالطمع للثروة والمجد، فـ رست سفنهما على سواحل أمريكا الجنوبية. كان "بيزارو" قد تحالف، في سبيل ذلك، مع قائد عسكري إسباني مغامر إسمه "دييغو دالماغرو"، وتعاهدا على الوفاء المتبادل وتقاسم الغنائم المنتظرة بالتساوي.
توغّل "بيزارو" وجنوده، الذين لم يتجاوز عددهم الـ 150، في أمريكا الجنوبية، وكان يقدّم الهدايا للسكّان الأصليين من الهنود الحمر ليستميلهم ويحظى بثقتهم، فأخبروه عن مكان إمبراطورية "الإنكا" الغنيّة بالأحجار الكريمة والذهب والفضّة، فسال لعابه وسار إليها، فوصلها عام 1532م.
في تلك الفترة، كانت إمبراطورية الإنكا تشهد صراعا ضاريا بين الأخوين " آتاوالبا" و" هواسكار" للظفر بالحكم. انتهى الصراع بانتصار الأوّل وتسميته إمبراطورا جديدا للإنكا. استغل "بيزارو"، كعادة الإنتهازيين، ما حدث، فأخذ بالتقرّب من" آتاوالبا"، حتى اطمأن إليه الإمبراطور الساذج الذي دفع ثمن ذلك غاليا فيما بعد.
استخدم "بيزارو" الحيلة في السيطرة على الإمبراطور ونجح في عزله عن شعبه وأخفائه في مكان سرّي!
واستغل مكانة الإمبراطور الروحية باعتباره أحد الآلهة المقدّسة لدى أبناء شعب الإنكا الذين كانوا لا يردّون له أمرا ولا يناقشونه في أقواله أو أفعاله، فقام "بيزارو" بإجبار الإمبراطور على إصدار الأوامر العليا لأبناء شعبه، بأن يجلبوا كل ثروات الإمبراطورية من أحجار كريمة وذهب وفضّة ليعطوها لـ"بيزارو"، فوقعت الإمبراطورية الثريّة تحت سيطرة القائد الإسباني، وأصبحت تعمل بكل طاقاتها من أجل مصلحته الشخصية بدلا من مصلحة الشعب، وأصبح "بيزارو" الحاكم الفعلي للإمبراطورية والمتصرّف بها ولكن بشكل غير رسمي، فقد كان بدهائه، يقوم بذلك عبر الإمبراطور المغلوب على أمره!
جمع "بيزارو" ملايين القطع من الأحجار الكريمة والذهب والفضّة، وأعطاها لشقيقه الذي أبحر بها باتجاه إسبانيا. بعد ذلك شعر "بيزارو" بضرورة التخلّص من" آتاوالبا" لانتفاء الحاجة إليه، فقرر البحث عن حاكم جديد للإنكا كي يؤمّن غطاءً سياسيا ودعما أمنيّا لمشاريعه الجهنمية، فأغرى أحد أقرباء "آتاوالبا" بالعرش مقابل أن يدين له بالسمع والطاعة، وهذا ما حدث بالفعل.
أعدم "بيزارو" الإمبراطور الأسير بتهمة قتل أخيه "هواسكار" ونصّب قريبه "مانكو كاباك" كزعيم للإنكا.
لم يهنأ "بيزارو" طويلا بعد ذلك، لأن حليفه " دالماغرو" استاء كثيرا من طريقته في تقسيم الغنائم بخلاف ما تم الإتفاق عليه سابقا، حيث لم ينل "دالماغرو" وأتباعه سوى القليل من الذهب في حين أخذ شقيق "بيزارو" معظم الغنائم، فنشب القتال بينهما، كما يحدث دائما بين اللصوص، فقتل"بيزارو" حليفه" دالماغرو"، ما جعل أتباع المقتول يهبّون للانتقام له، فقتلوا "بيزارو" في عام 1541م.
- العنوان هو شطر من أحد أبيات قصيدة إبن زريق الشهيرة.
____________________________________*عضو في التيار التقدمي الكويتي
نادراً ما نجد في مجتمعنا أو في المجتمعات العربية من يُنتج المعرفة، بل إن معظم المثقفين والباحثين والدارسين لدينا هم نَقَلَة أي ينقلون أو ينسخون المعارف التي أنتجها الغير وخاصة في الغرب، ولا تدخل هنا نفس النتائج التي توصل إليها الباحثون السابقون ضمن الإنتاج المعرفي الجديد، وأيضاً لا تدخل الاستنتاجات السياسية ضمن الإنتاج المعرفي.
إذ يتطلب البحث في مشكلة أو مسألة ما تفكيك مكوناتها الأساسية وصلاتها من دون موقف أو رأي ذهني مسبق، فالخلق والابتكار أو الإنتاج المعرفي موجودة ضمن مخزون أو أرشيف العقل كمجموعة من المعلومات والخبرات والمهارات المتناثرة، وكلما زادت مكتسبات الفرد المعلوماتية والفلسفية والعلمية ومهاراته التحليلية المستندة على أسس علمية، إضافة إلى خبراته الذهنية والحياتية، استطاع التوصل إلى إنتاج معرفي يضيف إلى ما هو موجود حسب مجال اهتمامه واختصاصاته أو بشكل يتعدى الاختصاص.
وتعتبر المعرفة المُنتجة إضافة وتراكما للنتاج المعرفي البشري وليست تكراراً أو نسخاً عنه، كما أنها تسهم في وعي جديد وأكبر سواء كان فردياً أم جمعياً، والأساس هي الفائدة الأعم وليست الأخص، ويلعب الواقع أو الظرف الموضوعي للمجتمع إن كان متقدماً أم متخلفاً، وأيضاً يلعب التطور العلمي دوراً في قيام الفرد بإنتاج معرفي دون إغفال الواقع أو الظرف الذاتي المتمثل في ذكاء الإنسان وسعة أفقه وانفتاحه العقلي، وفي شأن التطور التكنولوجي يقول كارل ماركس: «إن صناعة الإنسان للتكنولوجيا أدت إلى تحديد أفكاره وأنماط حياته لا العكس»، ويقصد عند الاعتماد الكلّي عليها دون إعمال العقل الذي صنعها بالأساس.
والإنتاج المعرفي لا يأتي من عدم، بل يستند إلى مكوّن أصبح من التراث أو الموروث أي موجود على أرض الواقع، ثم يتم الانطلاق منه دون هدمه أو نقضه مثلما يظن البعض، فهذه هي الوسيلة التي أوصلت البشرية إلى ما نشهده من تقدم في سيرورة لا متناهية من هذا التقدم، إذ لا شيء مطلقاً سوى عملية التقدم ذاتها.
لو تابعنا رسائل الدكتوراه لكثير من أساتذة الجامعة لدينا، لاكتشفنا أنها تخلو من أي إنتاج معرفي، بل يغلب عليها طابع النقل والنسخ والتكرار، وهو أمر يعيب ليس فقط الدراسة الأكاديمية ولكن أيضاً يعكس مدى تقدم المجتمع وثقافته ومعارفه وبالتالي وعيه الجمعي، ويؤثر في التوثيق والتراكم المعرفي بل قد يزيّف التاريخ أحياناً ليبدو كأنه حقيقة.
وهذا لا يعني أنه لا يوجد مفكرون معاصرون عرب استطاعوا إنتاج معرفة باذخة وثرية، أمثال الشهيدين اللبنانيين المفكرين د. حسين مروة ومهدي عامل والمفكر المصري محمود أمين العالم، فالكتاب الموسوعي «النزعات المادية في الفلسفة الإسلامية» المكون من جزأين ضخمين لحسين مروة يعتبر من أهم الكتب التي أُنتجت في عصرنا وأضافت إلى وعينا الشيء الكثير.
والتساؤل الآن: هل يعتبر الإنتاج الأدبي والفني إنتاجاً معرفياً؟ الجواب بكل تأكيد، فالمعرفة لا تعني المعلومة فقط ولكنها تعني في النهاية وعياً جديداً، فالفنون والآداب تضيف إلى وجداننا ووعينا وذائقتنا غنى روحياً إضافة إلى المعلومة، ولذا هي عمل خلاّق وإبداع لا يمكن إنكاره وهنا نخص الأعمال ذات القيمة العالية في الأدب والفن لا الأعمال «المسلوقة» أو السطحية.
وليد الرجيب
osbohatw@gmail.com
_______________________________________
منقولعن جريدة الراي تاريخ 12/04/2014 العدد:12703

توضيح من التيار التقدمي الكويتي حول مشروع ائتلاف المعارضة
لقد كان التيار التقدمي الكويتي ولا يزال وسيستمر جزءاً لا يتجزأ من قوى المعارضة الشعبية لنهج السلطة وحلفها الطبقي المسيطر على مقدرات البلاد، ومن هذا المنطلق فقد شاركنا بفعالية في الحراك الشعبي ضد قوى الفساد ونهج الانفراد بالقرار والعبث بالدستور والنظام الانتخابي، حيث قدّم أعضاؤنا التضحيات شأنهم شأن غيرهم من النشطاء السياسيين والشباب المتطلعين إلى الإصلاح والتغيير، ومددناّ يد التعاون إلى قوى المعارضة الشعبية الأخرى، بغض النظر عن أي خلافات فكرية أو سياسية، مع احتفاظنا باستقلاليتنا وعدم الانجراف وراء شعارات طائفية أو متزمتة.
ومثلما هو معروف فقد شارك التيار التقدمي الكويتي في أعمال تأسيس ائتلاف المعارضة في شهر فبراير من العام 2013، وقد أبدينا ملاحظات جوهرية حول أساليب التشكيل والعمل لم تتم مناقشتها، ولهذا فلم نشارك في عضوية المكتب السياسي لائتلاف المعارضة، ولكننا احتفظنا بعضوية جمعيته العمومية، التي كان يفترض أن تعقد اجتماعاتها شهرياً، إلا أنّه مع الأسف الشديد لم ينعقد أي اجتماع لها لأكثر من سنة... وأما بشأن مشروع ائتلاف المعارضة فقد كان التيار التقدمي الكويتي أول طرف سياسي يقدّم رؤيته للإصلاح الديمقراطي بتاريخ 18 أغسطس 2013، وعندما أنجز المكتب السياسي للائتلاف المسودات السابقة لمشروعه أبدينا حولها ملاحظات مكتوبة في رسائل موثّقة.
ويهمنا أن نوضح أنّ التيار التقدمي الكويتي لم يشارك في إقرار المشروع الأخير الذي أعتمده المكتب السياسي للائتلاف، حيث جرى تسليمه إلينا قبل أقل من 48 ساعة من موعد الاجتماع الذي كان مقرراً الأربعاء 9 أبريل الجاري، وقد اعتذرنا عن عدم إمكانية المشاركة في الاجتماع لضيق الوقت، ولكن الإخوة في المكتب السياسي للائتلاف ارتأوا إقراره من دون انتظار لملاحظاتنا حوله.
وإنّ التيار التقدمي الكويتي في الوقت الذي يتفق فيه مع الوجهة العامة لمشروع ائتلاف المعارضة، أو أي مشروع آخر، يتبنى مطلب قيام نظام برلماني ديمقراطي مكتمل الأركان، إلا أنّ هذا الاتفاق مع هذه الوجهة العامة للمشروع لا يمنع من القول إنّ لدينا ملاحظاتنا وتحفظاتنا حول بعض نقاطه، وأبرزها: تحفظنا على استغلال الدين لأغراض سياسية في خطاب المعارضة، وعدم النص بوضوح في المشروع على الطابع المدني للدولة واحترام الحريات الشخصية، وكثرة المواد المقترح تنقيحها في الدستور، بما في ذلك المتصلة بأمور غير أساسية، واعتراضنا على استحداث المشروع آلية الاستفتاء العام في إقرار الدستور، التي طالما عبثت بها الأنظمة العربية.
وإنّ التيار التقدمي الكويتي إذ يتمنى للإخوة في ائتلاف المعارضة التوفيق في عملهم، فإنّه يمد يد التعاون والعمل المشترك لكل قوى المعارضة الشعبية ومن بينها المنبر الديمقراطي الكويتي وائتلاف المعارضة وأي جماعة أخرى تعارض نهج السلطة من منطلق ديمقراطي، كما سيواصل التيار التقدمي الكويتي النضال السياسي والجماهيري ضد النهج غير الديمقراطي للسلطة وحلفها الطبقي المسيطر على مقدرات البلاد والمستأثر بخيراتها، وسيكون في موقعه الثابت في النضال من أجل التطور الديمقراطي، وفي مقدمة المدافعين عن حقوق ومطالب الطبقة العاملة والفئات الشعبية من ذوي الدخول المتدنية وتبني الهموم المعيشية للناس البسطاء في مواجهة مشكلات السكن وارتفاع الإيجارات وغلاء الأسعار والبطالة وتدني مستوى الخدمات، وكذلك من أجل حلّ إنساني عادل ونهائي لقضية الكويتيين البدون المحرومين من أبسط حقوقهم الإنسانية في إطار نظام ديمقراطي برلماني مكتمل الأركان وعدالة اجتماعية تقوم على المساواة وتكافؤ الفرص.
السبت 12 أبريل 2014
عنوان هذا المقال هو عنوان الندوة التي تشرّفت بالمشاركة فيها مع نخبة من المثقفين والمفكرين العرب، مثل د. يمنى العيد ود. حسن اسماعيل من لبنان ود. فيصل درّاج والأستاذة فريدة النقاش ود. صلاح السروي من مصر ود. الشفيع خضر من السودان ود. فايز الفواز من سورية وغيرهم من الأساتذة العرب، وهذه الندوة التكريمية للمفكر اللبناني والصديق الراحل محمد دكروب والتي دعت لها مجلة الطريق مكونة من عدة محاور هامة، مثل موقع المثقفين ودورهم في التغيير الثوري، وتأريخ الفكر الثقافي لدكروب، واليسار ومواجهة النيوليبرالية في مجال الثقافة الذي تناولته أو كُلفت بالكتابة عنه شخصياً، وتلك الأوراق ستنشر في العدد القادم لمجلة «الطريق» الثقافية والفكرية التي كان يرأس تحريرها وادارتها محمد دكروب لسنوات طويلة، ثم أعاد احياء اصدارها ونشرها قبل بضع سنوات بينما عمرها الحقيقي والتاريخي يعود الى أكثر من سبعين عاماً.كانت الندوة التي أقيمت يوم 28 مارس والتي حضرها جمهور غفير اضافة الى شخصيات مرموقة، كانت ثرية وذات ثقل فكري وأدبي ونقدي، يمكن أن يؤصّل أساساً لدراسة ليس لفكر ودور دكروب في النضال الثقافي فقط، ولكن أيضاً لمراجعة نقدية لدور المثقف في التغيير بعد أن غُيّبت هذه الحقيقة على يد بعض المثقفين أنفسهم وبعض الأحزاب اليسارية بكل أسف، بل تم اعتبار أن المبدع - في تلك الأيام - ذاتيّ النزعة وعاطفي المنحى، بمعنى أنه لا يصلح للنضال، بينما أثبت محمد دكروب وغيره أن المثقف والمبدع يمكن أن يصمد أمام الأزمات والتحديات أكثر من كثير من السياسيين، وتجربة سقوط التجربة في تطبيق الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي كانت الاختبار الأهم، حيث تساقط بعض المناضلين اليساريين وبعض الأحزاب اليسارية والتقدمية بسبب الجمود الفكري والعقائدي، وعدم استيعاب أن النظرية هي منهج ومرشد يصلح في كل مجتمع على حدة ولأي زمان ومكان، بينما سقط من كان يتعامل معها كعقيدة مقدسة.وفي الواقع أن كل المثقفين المفكرين العرب أمثال الصديق المفكر المصري الراحل محمود أمين العالم والشهيد والمفكر اللبناني د. حسين مروة والشهيد المفكر اللبناني مهدي عامل وغيرهم، ظلوا قابضين على جمرة النضال ولم ينكّسوا راية التقدم حتى آخر يوم من عمرهم، علماً بأن بعضهم أُغتيل على يد قوى الظلام في الاسلام السياسي والعدوان الصهيوني خشيةً من فكرهم المؤثر، ويُثبت هذه الخشية والعداء كلمات هتلر النازي العنصري الذي قال: «ان الكتب أخطر من كتّابها».وقد أثبت محمد دكروب من خلال كتاباته ومساهمات المفكرين العرب في مجلة الطريق وبتمسكه بالمجلّة، أهمية دور المثقف في الثورات العربية الساعية الى التغيير وتحليلها، وكذلك ملاحظة وتحليل المد التحرري العالمي الذي يحمل صبغة تقدمية، وكذلك الملاحظة الدقيقة للنهوض اليساري الذي يعم العالم أجمع بعين ثاقبة، وكذلك عمق الأزمة الاقتصادية والأخلاقية للرأسمالية.لقد تعلّمت من هذه الندوة الفكرية التي تُعتبر اشارة هامة الى دور المثقفين الثوريين والتقدميين في التغيير وتطوير مجتمعاتهم، بمساهمات فكرية وثقافية لا يلتفت اليها السياسي اليساري في بعض الأحيان للأسف الشديد، وحتى الأجيال الجديدة من اليساريين لا تهتم حتى بقراءة الأدب وتذوق الفنون الموسيقية والتشكيلية والمسرحية، ولذا تأتي تحليلاتهم النظرية جافة وجامدة خالية من الابداع، علماً بأن هذه الفنون والآداب تضفي غنى روحياً للمناضل أياً كان اتجاهه.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
___________________________
منقول عن جريدة الراي 02\04\2014 العدد:12693