الطليعة : ممثلو القوى السياسية عن أحداث الأسبوع الماضي: كشف الحقائق والمساءلة السياسية
كتب محرر الشؤون السياسية:اعتبر ممثلو عدد من القوى والتنظيمات السياسية في الكويت، أن حالة الاحتقان الحالية التي تمر بها البلاد، تمثل تأكيدا عمليا على أن المسار السياسي يعتريه الخلل، وعلى الجميع أن يضع الإصلاح السياسي أولوية، كي تعاد الأمور إلى وضعها الصحيح، على أن يأتي ذلك متوازيا مع ضرورة أن تسعى الحكومة لكي تعيد ثقة الشارع فيها مرة أخرى.
وأضاف ممثلو المنبر الديمقراطي الكويتي والتحالف الوطني الديمقراطي والتيار التقدمي الكويتي والحركة الديمقراطية المدنية (حدم) في لقاءات خاصة لـ «الطليعة»، تعليقا من جانبهم على الأحداث التي تمر بها البلاد، أن البلاغات والبلاغات المضادة وتداعيات الأيام الماضية، بما اعتراها من سجالات وتراشق إعلامي، من خلال ما قيل إنها وثائق ومستندات يؤكد حقيقة صراع أقطاب في الحُكم لأطراف من الأسرة الحاكمة، ليس هدفه الإصلاح، ولكن تنفيذا لأجندة خاصة.
وتباينت آراء ممثلي القوى في تلبية الدعوات لساحة الإرادة، فقد نظر البعض إلى تلك الدعوة على أنها مستحقة وضرورية وانعكاس للموقف السياسي للمواطن الذي يعبّر عن رأيه ونظرته للأحداث في إطار سلمي، فيما رأى البعض أن ما يحدث بمثابة صراع «شيوخ»، لا يهدف إلى المصلحة العامة، بل تطبيق عملي لمحاولة نيل مكاسب شخصية ضيقة على حساب تأجيج الوضع وسمعة البعض.
المنبر الديمقراطي الكويتي: تحقيقات حيادية وعاجلة.. وإبعاد أقطاب الصراع من المشهد
قال الأمين العام للمنبر الديمقراطي الكويتي بندر الخيران إن تداعيات أحداث الأسبوعين الماضي والحالي بما يتعلق بسجالات حول ما عرض من صور لوثائق وتسريبات لتسجيلات تؤكد ما ذهبنا إليه، بأن ما يحدث هو صراع أقطاب بالحكم يتزعمه أفراد من الأسرة الحاكمة لغاية بنفوسهم، وهي بالتاكيد لا تمت بصله لأي مشروع إصلاحي أو بمحاربة فساد، ففاقد الشيء لا يعطيه.
وأضاف: من المستهجن والمستغرب أن يدعم فاسد ومن رموز سرقة المال العام حركة إصلاحية، حتى لو التقت مصلحته بهم، ولكن المشروع يتضح أنه أخطر وأكبر من فضح خصوم ومنافسين لهم، وهو بالتأكيد يدفع إلى الفوضى، ويهدم أركان مؤسسات الدولة، بما ينالها من تشويه وتعطيل وانحراف.
واعتبر الخيران أن ذلك المنهج ليس بجديد ولا بالغريب، بل هو متبع منذ عقود طويلة وتجارب عدة بداية من إفساد السلطة التشريعية وتغيير دوره من الرقابة والتشريع إلى الفساد والتنفيع، مروراً بتمزيق وحدة المجتمع بالعمل على خلق كيانات اجتماعية متنوعة ودعم حالة التمايز بكل النواحي، وربط حقوق وحاجات المواطن بالنائب «الخدمي»، بدلا من الإصلاحي، والرضوخ والقبول بتدني الأداء العام، وكذلك انحراف السلطة التنفيذية عن أدوارها الدستورية، وتحولها من منفذة للقوانين والمشاريع العامة إلى مكاتب تسهيل وتنفيع دوائر الفساد المالي والسياسي، والمساهمة في تعطيل تطور وأداء الدولة وخلق الأزمات المتتالية مباشرة أو عبر وسطاء آخرين.وأشار إلى أن أدوات التعطيل والتشويه بدأت تطول السلطة القضائية، والتي نتمنى عدم صحة المثار حولها، كونها الركن المتين الذي نلجأ إليه لإحقاق الحق وردع المتجاورين على الدولة والناس والمال العام.واختتم الأمين العام للمنبر الديمقراطي بندر الخيران حديثه بالإشارة إلى بيان المنبر الديمقراطي الذي احتوى على جملة من الاستحقاقات التي أصبح تحقيقها والعمل بها أمر مستحق ولا يحتمل التأخير، والتي من أهمها إجراء تحقيقات عاجلة وحاسمة ودقيقة يشارك بها أطراف تعزز النزاهة والحيادية فيها، وكذلك ضرورة إبعاد أسباب الصراع بين الأقطاب على السلطة التنفيذية بضرورة حصر الكفاءات الوطنية الشعبية الكويتية لتسلم مهام السلطة التنفيذية كاملة وفق ما نص عليه الدستور بالمادة السادسة منه.
التيار التقدمي الكويتي: فضائح خطرة.. ومراكز النفوذ وقوى الفساد تسيطر على الدولة
أكد المنسق العام للتيار التقدمي الكويتي ضاري الرجيب، أنه من الخطأ النظر إلى الصراع الدائر في البلاد على أنه مجرَّد صراع داخل أسرة الصباح، أو أنه مجرد صراع بين مراكز القوى والنفوذ، فمثل هذه الصراعات ليس التيار التقدمي طرفاً فيها، ولن يكون طرفاً، قائلا إن الصراع الأساسي مع السلطة وحلفها الطبقي المسيطر ونهجها غير الديمقراطي، والصراع مع قوى الفساد والإفساد.
مركز النفوذ
وأضاف: إن ما يجري يظهر بوضوح احتدام الأزمة السياسية بالبلاد والفساد المستشري في الدولة وسطوة السلطة وحلفها الطبقي المسيطر، كما أن الفضائح الخطيرة خير دليل على أن مراكز النفوذ وقوى الفساد هي التي تسيطر على جميع مفاصل الدولة، وفي الصراع مع السلطة وحلفها الطبقي ونهجها غير الديمقراطي، وكذلك في الصراع مع قوى الفساد، والتيار التقدمي يمد يد التعاون والعمل المشترك لكل قوى المعارضة الشعبية التي تعارض النهج غير الديمقراطي للسلطة وحلفها الطبقي المسيطر على مقدَّرات البلاد والمستأثر بخيراتها، ولكل القوى التي تكافح الفساد.وعن البلاغات المتبادلة للنائب العام حول شبهات جرائم غسل الأموال، قال الرجيب: تقديم البلاغات وحده لا يكفي، فكثير من البلاغات يتم حفظها، لذا، لابد من تطهير أجهزة الدولة وسلطاتها الثلاث من العناصر الفاسدة، وإبعاد المتورطين عن مواقع القرار.
وعن توقعه باستمرار أو انتهاء فترة الاحتقان، أشار الرجيب إلى أن الأهم هو إنهاء الأزمة، والأزمة لن تنتهي ما لم تتخذ خطوات أولى رئيسة، تتمثل في ملاحقة المتورطين في عمليات النهب والفساد، وعدم توفير أي شكل من أشكال الحماية والرعاية للفاسدين المتنفذين، وإبعاد المتورطين عن مواقع القرار في أي منصب كانوا، واسترجاع الأموال التي استولوا عليها، من دون وجه حق، مع حلّ مجلس الصوت الواحد وإقالة مجلس الوزراء وإقامة انتخابات وفق النظام الانتخابي القائم قبل نظام الصوت الواحد سيئ الذكر. وأضاف: يجب اتخاذ التدابير لإصلاح الأوضاع العامة في البلاد، متمثّلة في قيام نظام برلماني ديمقراطي كامل يستند إلى وجود حياة حزبية سليمة ونظام انتخابي مبني على القوائم والتمثيل النسبي، لتكون هناك حكومة ممثلة لإرادة الشعب ومسؤولة أمامه وقادرة على تحقيق تطلعاته.
واختتم ضاري الرجيب حديثه بالقول: نحن لا نعترف بمجلس الصوت الواحد، الذي هو صنيعة السلطة، وفي حال عدم اتخاذ التدابير التي أشرت إليها سابقا، ستتعمق الأزمة السياسية، وستتفاقم أزمة السلطة وحلفها الطبقي المسيطر أكثر فأكثر.
الحركة الديمقراطية المدنية: صراع مصالح.. والحل بإصلاح المسار السياسي
أرجع رئيس الحركة الديمقراطية المدنية (حدم) طارق المطيري ما تشهده الساحة السياسية حاليا من صراع واحتقان سياسي بين بعض الأطراف وتراشق إعلامي في قضايا تشغل الرأي العام إلى افتقاد البنية السياسية في البلاد للإصلاح بمفهومه الشامل، مؤكداً أن الأمور لن تعود إلى نصابها الصحيح، إلا بإصلاح سياسي حقيقي، يمكّن الشعب عبر صناديق الاقتراع وانتخابات حرة نزيهة من إدارة شؤون الأمة التنفيذية والتشريعية وفق أطر سليمة.
ووصف المطيري الصراع الدائر حاليا، بأنه صراع مصالح صنعته ظروف اللعبة السياسية التي تشهدها البلاد، مضيفا «مخطئ من لا يتوقع حدوث ذلك» .
وقال إن ما يحدث نتاج لممارسة سياسية خاطئة، والصراع دائما ما يأتي في مثل هذا المناخ، من خلال أوجه عدة (تنظيمات سياسية، أفراد، أطراف من الأسرة).
إصلاح سياسي
وعن موقف «حدم»، في ما يدور حاليا، زاد المطيري: «موقفنا يتمثل في محاولة الاستفادة من ذلك الصراع قدر الإمكان، من أجل المصلحة الوطنية»، قائلا: «نعتقد بأن المصلحة العليا للبلاد لابد أن تتجه إلى إصلاح المسار السياسي ببنيته الأساسية»، معتبرا أن الوضع في الكويت ليس ديمقراطيا أو ديكتاتوريا بشكل كامل، وعلى الجميع جعله ديمقراطيا بإصلاحه وتقويمه.
ورأى أنه بالإصلاح السياسي سنتمكن من النهوض بالكويت وننظم الصراع ونجعله تنافسا بين أطراف اللعبة السياسية لصالح البلاد، مجددا قوله: «لن يكون هناك خلاص من الوضع السياسي المعقد إلا بالأخذ بأساليب الإصلاح الشاملة».وللخروج من هذه الدوامة، أشار المطيري إلى أنه على القوى السياسية أن تتبنى خارطة إصلاح تضم كافة المشارب والتوجهات السياسية والفكرية ومعهم القوى الشعبية، بلا إقصاء، بهدف الوصول إلى نتائج إصلاحية شاملة، نسترد من خلالها الأموال، ونعاقب المخطئين أو من عبث بأمن الوطن.
وعن الدعوات التي تطالب بالخروج لساحة الإرادة، اعتبر المطيري أن الخروج والتعبير عن الرأي بشكل سلمي ممارسة صحيحة وصحيّة وتعبير عن الموقف السياسي والشخصي تجاه ما تمر به البلاد، لذلك سنلبي الدعوة، ونخرج متى ما كانت قراءتنا السياسية تحتم علينا ذلك، وفي المقابل سنمتنع عن الخروج عندما نستشعر أن خروجنا لن يؤدي إلى المصالح الوطنية التي نرجوها ونسعى إليها.وعن مجلس الأمة، ودوره في المرحلة الحالية، قال المطيري إن مجلس الأمة بمثابة أداة في يد السلطة، تستخدمها لتنفيذ غايتها، وهي تتوهم أن المجلس يمتلك شرعية شعبية لدى الشارع، فيما نحن متأكدون من أن المجلس يفتقد لتلك الشرعية.وأضاف أنه على الرغم من تحصين المحكمة الدستورية للمجلس ومرسوم الصوت الواحد، فإننا نرى أن هناك فارقا كبيرا بين التحصين الدستوري والتحصين الشعبي، الذي يأتي من الشارع الكويتي، لذلك حتى الآن نحن في «حدم» غير مطمئنين لذلك التحصين، وسنستمر بعدم الاعتراف بالمجلس الحالي من الناحية السياسية، ونؤكد أن المجلس لن يكون له دور فاعل في محاربة الفساد أو إصلاح المسار السياسي، بل نعتبره طرفا أساسيا ورئيسيا في ما يحدث حاليا.
التحالف الوطني الديمقراطي: قسمت المجتمع إلى نصفين.. ومن يبحث عن الإصلاح لا يلجأ لهذه الأساليب
أكد الأمين العام للتحالف الوطني الديمقراطي عادل الفوزان، أن ما طرح من قضايا يستدعي المساءلة والبحث عن الحقيقة، معتبراً أن القضايا التي كشف عنها قسَّمت المجتمع إلى نصفين، وعلى الحكومة إعطاء الموضوع أهمية قصوى، وأن يتم التوصل إلى نتائج وتعلنها على الشعب عن طريق جهات حيادية، وتدرس كافة المعلومات والمستندات، كي يطمئن المواطن.
وأضاف أن الكويت لا تتحمَّل التأجيج الذي يحدث حاليا على الساحة المحلية، ولاسيما لو أخذنا في الاعتبار تطورات الأحداث على الصعيد الإقليمي والعربي والدولي، موضحا أن من يبحث عن الإصلاح لا يلجأ لمثل تلك الأساليب، لتأجيج المشهد للخروج بمكاسب سياسية.
وشدد الفوزان على ضرورة سعي الحكومة والعمل بكل طاقاتها، كي تعيد ثقة الشارع فيها مرة أخرى، قائلا: على الحكومة ترتيب أوراقها بشكل يتوافق مع الأحداث الحالية.
وقال: أعتقد بأنه لا يوجد مواطن واحد يرى أن الأمور تمضي في اتجاهها الصحيح، والحقيقة تتمثل في أن الوضع الحالي سيئ، وهناك مشاكل كبيرة ومتعددة يعلمها الجميع، لذلك فالجو العام والأحداث السياسية جعلت المواطن يصدّق ما يُقال، فعادة ما يتعاطف الشخص العادي الذي يعاني بالأصل مشكلات حياتية مع تلك الأطروحات والأمور التي تتعلق بالتعدي على المال العام والفساد والسرقات.وعن رأيه في ما نشر من وثائق ومستندات، أكد الفوزان أنها مجرَّد أوراق عادية تحتوي تفاصيل لا تخضع للمنطق، من خلال الأرقام الخيالية التي قيل إنها تم تحويلها والتي تخطت المليارات في غضون أيام قليلة وحساب واحد، مجددا قوله إن الأمر بحاجة إلى فحص وتدقيق وشفافية في جميع مراحله، ولاسيما على صعيد إعلان النتائج. وعمَّا قيل بحق بعض القضاة، قال الفوزان إنه لا يمكن لشخص حريص على الكويت أن يخرج على الملأ بهذا الشكل، ويطعن ويشكك في القضاء أو بعض من رجاله على النحو الذي تم، فما حدث ليس من صالح الكويت، فالقضاء، شئنا أم أبينا، هو ملاذنا الأخير ومرجعيتنا، ومن دونه ستتحول البلاد إلى شريعة الغاب، وعلى الجميع احترام مؤسسة القضاء.
وعن الدعوات للخروج إلى ساحة الإرادة، أوضح الفوزان أنها تعددت في الفترة الأخيرة، إلا أنها فشلت في صناعة حدث يُجمع عليه المواطنون، ولكنهم نجحوا من خلال القضية الأخيرة في جذب انتباه المواطنين، وبالتالي ذهب المواطن ليطلع على ما يُقال، ولكننا في التحالف الوطني الديمقراطي رأينا أن ما يحدث خارج المصلحة العامة، وهو بمثابة صراع شيخ مع شيخ، ولسنا مدافعين عن مصالح الشيوخ أو ضدهم، لذلك نحن ضد هذا التوجه.
_______________________________________________________
منقول عن جريدة الطلعة 18 يونيو 2014