August 2014
17

أميركا ترسم مسار «داعش»

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

نشرت جريدة «الراي» في عددها الصادر يوم 13 أغسطس الجاري، خبراً كان عنوانه: «البنتاغون: لا ننوي توسيع ضرباتنا في العراق، وهجماتنا الجوية لم تضعف مسلحي الدولة الإسلامية». وقال الجنرال وليام مايفيل، وهو مسؤول رفيع في وزارة الدفاع الأميركية: «لا خطط لدينا لتوسيع الحملة الحالية لتتخطى عمليات الدفاع الحالية»، وشدد على أن «الهدف من الضربات هو حماية الديبلوماسيين الأميركيين في أربيل».

لماذا يا ترى لا تريد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي توسيع العمليات لتشمل كل المناطق العراقية والسورية التي يسيطر عليها مجرمو الدولة الإسلامية، رغم كل الشواهد اللا إنسانية على أرض الواقع، وبشهادات النازحين الذين تعرضوا للتهجير والقتل والتنكيل والاغتصاب والسبي؟ ألا يؤكد ذلك ما قلناه في مقالنا السابق الذي نشر الأربعاء الماضي 13 أغسطس الجاري في هذا العمود؟ والذي مفاده أن هذه العصابات هي صنيعة الولايات المتحدة والصهاينة لتفتيت وتمزيق دولنا من أجل إضعافها أمام إسرائيل، والاستيلاء على ثروات بلداننا، وإن «الضربات المحدودة» هدفها وقف زحف «داعش» إلى خلف خطوط التقسيم التي رسمتها الولايات المتحدة في حرب المئة عام التي أعلن عنها كسينجر، ومن أجل تحقيق مخطط الشرق الأوسط الجديد، بحيث يتقسم العراق بناء عليه إلى دولة سنية وأخرى شيعية وثالثة كردية.

وللأسف فقد أفتى بعض المشايخ العرب في السعودية والأردن وغيرهما بأن سبي النساء حلال في الفتوحات الإسلامية، ويحق لمن يسبي أن يعاشر المسبيّة دون زواج على أن يعترف بمولوده منها، وهو أمر لا يقره منطق أو عقل إنساني في القرن الحادي والعشرين، وقد قرأت في هذا السياق رسالة موجهة من طبيبات في الموصل، فضّلن البقاء في المستشفيات للقيام بدورهن الإنساني بدلاً من النزوح، لكن أفراد عصابات «داعش» أجبروهن على تغطية وجوههن وأكفهن، وعندما اعترضت الطبيبات بسبب إعاقة مثل هذه الإجراءات للقيام بواجبهن الطبي، بدأ أفراد «داعش» بسؤالهن عن غير المتزوجات، مما أرعب النساء جميعاً لما يعنيه مثل هذا السؤال المهين والمخيف.

وبدأت تظهر في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بوادر وعي لمآرب الدولة الإسلامية، حيث بدأ الإنسان العادي يتحدث عن تقسيم الدول العربية وعن المخطط الأميركي الصهيوني الذي يقف وراءه، كما لاحظت أن كثيرين من رجال الدين أخذوا يدينون «داعش» وينفون عنها صفة الإسلام، وهو تطور لافت في وعي الناس واستشعارهم خطر هؤلاء، مع وجود أصوات ليست قليلة تدافع عن «داعش» وأفعالها ومشروعها في الكويت ودول الخليج والدول العربية، وهذا ما حذرنا منه مراراً وقلنا حينها يجب على الحكومة الالتفات والانتباه إلى طريقة تسلل تنظيم «داعش» المشبوه إلى الدول العربية، وإلى «الخلايا النائمة» في بلدنا بدلاً من تكريس الجهود ضد المعارضة المطالبة بالإصلاح والإجراءات الأمنية بحقها، وقد يفوت الأوان جراء الاستهانة بالخطر المحدق والتقليل من أهميته.

إن أول ما يمكن على الحكومة عمله هو الاعتماد على الطاقات الشعبية وعدم تهميشها، والإسراع في الإصلاح السياسي والديموقراطي والقضاء على الفساد، وإتاحة حياة حزبية على أسس وطنية، ومراجعة سياسات دعم الجماعات الإسلامية التي لا تعترف بالأوطان، وتقديم التسهيلات المالية لها، بحيث أصبحت إمبراطوريات مالية تمد القوى الدينية المتطرفة بالمال والعتاد والرجال.

وليد الرجيب

_____________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 16\03\2014 العدد:12830