August 2014
13

«ما طاح إلّا انبطح»

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

تطوران حدثا خلال الأيام القليلة الماضية تطلبتهما المصالح الأميركية والغربية، ولضمان استمرار المخططات الأميركية الصهيونية لتقسيم الشرق الأوسط إلى دويلات لصالح تسيّدها على ثرواتنا، ولصالح التفوق الإسرائيلي في المعادلة الإقليمية وإنهاء الصراع العربي - الإسرائيلي لصالح الأخيرة.


التطور الأول هو قرار الولايات المتحدة بتوجيه ضربات جوية «محدودة» لميليشيات الدولة الإسلامية في العراق والشام، والتي تغير اسمها إلى «الدولة الإسلامية» فقط، وما تحمله هذه التسمية من دلالة واضحة، وهي أن الدولة الإسلامية المزعومة لن تقف عند العراق والشام فقط، وإنما يمكن أن تتمدد إلى الدول العربية الأخرى كما حاولت وما زالت تحاول في اجتياحها للبنان، إضافة إلى المخطط الذي كشفته متأخرة بعض دول الخليج، وهو نية هذه العصابات المشبوهة للتمدد إلى دول المنطقة بحلول العام 2016 كما كانت تخطط له.

هذه الضربة الأميركية المحدودة التي لم تشترك بها أكثر من طائرتين حربيتين طراز إف 18، هي لا تهدف كما هو واضح للجميع إنهاء احتلال هذه العصابات لمناطق عربية أخرى، ولكنها تهدف إلى إيصال رسالة إلى حلفائها وصنيعتها داعش، أنها يجب أن تتوقف عند حدود كردستان كما هو مخطط بشكل مسبق ضمن التقسيم المراد للعراق، بحيث تكون هناك دولة شيعية وأخرى سنية وثالثة كردية في العراق، وان احتلال كردستان هو ربكة للمخطط الأميركي - الصهيوني المعد مسبقاً لبناء شرق أوسط جديد، ولذا فإن خسائر الدولة الإسلامية على الحدود الكردستانية لم تتعد بعض آليات وسيارة نقل ومدفعية موجهة إلى الداخل الكردستاني، حيث اقتربت هذه العصابات إلى مسافة أربعين كيلو متراً من اربيل، وهذه الضربات لم تمنع العصابات من احتلال مدينة «جلولاء» الكردية وقتل عشرة جنود من البشمركة، إضافة إلى قرار التسليح السريع لكردستان من قبل أميركا والدول الغربية.

ونقلت جريدة «الراي» يوم 11 أغسطس الجاري عن رويترز أن السيناتور الجمهوري مكين قال: «ان أوباما تقاعس حتى الآن عن الإشارة إلى سورية، وأن الهجمات الجوية التي أجازها الرئيس غير كافية للتعامل مع خطر متصاعد، وأن الهدف المعلن للرئيس هو إنقاذ حياة الأميركيين وليس وقف التنظيم الإرهابي»، وأوضح مكين كذلك: «أنه يعتقد أن الغارات الجوية الأميركية لابد من تمديدها إلى الأراضي السورية التي يسيطر عليها تنظيم داعش»، ونقلاً عن رويترز أيضاً قالت «الراي» يوم أمس 12 أغسطس الجاري: إن هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية السابقة قالت: «إن قرار الولايات المتحدة عدم التدخل مبكراً في الحرب الأهلية السورية كان إخفاقاً، وعدم دعم ومساعدة للسوريين الذين ثاروا ضد بشار الأسد، ومساعدتهم في بناء قوة قتالية يعتمد عليها من الناس الذين أطلقوا شرارة الاحتجاجات الأولى ضد الأسد».

أما التطور الثاني فهو الاتفاق الإقليمي الدولي مع الداخل العراقي، على إزاحة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، الذي أخفق في تنفيذ المقاصد الأميركية الإقليمية من الإطاحة بالطاغية صدام وتفتيت الجيش العراقي والسير في المخططات الأميركية - الصهيونية بسلاسة دون معوقات، وأتت بحيدر العبادي ضمن التوافق الإقليمي الدولي، وهو قيادي في حزب الدعوة الطائفي الذي كان المالكي عضواً قيادياً فيه، والعبادي جاء ضمن التحالف الوطني والذي أيضاً كان المالكي عضواً فيه، فالتفاهم الأميركي الإقليمي خلع قيادياً في حزب الدعوة ليأتي بقيادي آخر من الحزب الطائفي نفسه، «فما طاح إلا انبطح»، فلا شيء تغير في إدارة العراق الشقيق، بيد أن إزاحة المالكي بحد ذاتها اعتبرها كثير من الأحزاب السياسية العراقية مؤشراً إيجابيا، خصوصاً في ظل التعنت والتفرد وانتهاج سياسة طائفية مدمرة للعراق من قبل المالكي الذي لم يجد اللعبة المرسومة له.

وليد الرجيب

___________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 13/08/2014 العدد:12826