June 2014
15

أزمة الثقة بمؤسسات الدولة

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

بقلم: محمد سالم

لماذا لا يذكر أسماء الفاسدين إن كان واثقاً منمعلوماته؟...ولماذا لا يذهب إلى النيابة؟..ولماذا لا يقدم الأدلة إلى ديوان المحاسبة للتأكد من صحتها؟...هذه مجموعة من الأسئلة التي تتكرر عند كل كشف بيانات أو دلائل أو أرقام مالية تشير إلى وجود فساد تطال عدداً من المسؤولين في الدولة يطرحها البعض بحسن نية والبعض الآخر بسوء نية (بالتأكيد).

ولكن هل هذه الأسئلة الوجيهة والمنطقية ظاهرياً صحيحة في ظل هذا الواقع الذي نعيشه؟ أقول في ظل هذا الواقع بسبب القلق النابع من عدم الثقة بمؤسسات الدولة التي لم تحاسب أو تعاقب أي شخصية سياسية أو قيادية تنفعت وارتبطت بالفساد وحققت ثراء غير مشروع طوال تاريخ الكويت السياسي.

وهذا القلق وعدم الثقة بدور مؤسسات الدولة لم ينبع من وجود مظاهر الفساد المنتشرة؛ ولا نتيجة لعدم ظهور دلائل أو نتائج تمت فيها إدانة ومعاقبة متورطين في الفساد أو منتفعين من مقدرات الدولة وثرواتها وحسب، بل من الشعور بتستر مؤسسات الدولة وأجهزتها على المتنفذين وإخفاء الأدلة التي تدينهم.

وهذا الشعور لم ينتج من فراغ وإنما ناتج من نماذج عديدة لعمليات الفساد والاختلاسات الضخمة التي طالت الدولة وهزت المجتمع ولم تتم خلالها إدانة أي مسؤول عنها، مثل قضية الناقلات سابقاً وقضية التحويلات المالية لنواب مجلس الامة، وتهريب الديزل وغيرها الكثير من القضايا.

في المقابل تتجه مؤسسات الدولة بقوة وحماس لمحاسبة ومحاكمة نائب في مجلس الأمة بسبب كشفه شيكات رشاوى لرئيس مجلس الوزراء السابق وملاحقة الشباب الوطني بسبب تغريدات وآراء أبدوها في الوضع السياسي العام.

لقد أصبح واضحاً بشكل جلي أن الدولة بمؤسساتها لا تعبر عن مصالح المجتمع ككل، وإنما تعبر عن مصالح طبقة برجوازية، حيث تخدمها لزيادة ثرواتها والسيطرة على مقدرات البلاد والتحكم بأنظمتها وبإطرها القانونية... لذا فلا غرابة عندما نسمع دعوات تظهر من هنا وهناك تطرح ضرورة الإلتزام بالطرق القانونية (التي تحددها وتضعها وتتحكم بها) لإجبار المجتمع على السير وفق هذه النظم الخاضعة لهم.

إن الدولة بقوانينها ونظمها ومؤسساتها تعكس حالياً وبشكل متزايد مصالح الحلف الطبقي والسلطوي فالمؤسستان التشريعية والتنفيذية أصبحتا معبراً حقيقياً عن هذا الحلف، فبمجرد النظر إلى الجلسة الأخيرة لمجلس الأمة التي أعقبت تجمع ساحة الإرادة التي كشف فيها عن بيانات تشير إلى وجود فساد مالي ضخم ضرب الدولة يفهم ما هو المقصود بالحلف الطبقي.

وبالتالي فإن أي حديث عن الدعوة لقيام الدولة بمختلف مؤسساتها في التحقق من صحة بيانات تدين المتنفذين في الدولة هو مضحك بحد ذاته، فما يحدث هو سلسلة طويلة من عمليات الفساد المستمر تحت غطاء هذا الحلف ولن تستطيع مؤسسات الدولة القيام بدورها الحقيقي حتى تخضع للإرادة الشعبية وليس الطبقية.

وأمام هذا الوضع وحتى تقوم تلك المؤسسات بدورها الحقيقي يجب إحداث تغيير جذري في بنية مؤسسات الدولة بدءاً من استقالة الحكومة وحل مجلس الامة والعودة إلى النظام الانتخابي السابق ولا يمكن إحداث هذا التغيير إلا بتشكيل جبهة وطنية واسعة تعي حقيقة وطبيعة الصراع القائم وتعمل على وضع آلية لتحقيق الإصلاح السياسي والتحرك نحو تحقيق ديمقراطية حقيقية قوامها حياة حزبية سليمة ونظام انتخابي ديمقراطي وحكومة معبرة عن تطلعات الشعب الحقيقية، وهذا التغيير لن يحدث من فوق، وإنما من القاعدة التي قوامها الشعب