June 2014
5

تغطية جريدة الطليعة لندوة "قانون هيئة الاتصالات...والقمع المطلوب"

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

كتب آدم عبدالحليم:أكد المحامي حسين العبدالله، أن قانون هيئة الاتصالات، الذي أقرَّه مجلس الأمة ونشر في الجريدة الرسمية، فيه العديد من المثالب القانونية، وتتعارض نصوصه مع مواد الدستور، متمنياً أن يدرك النواب مدى مخالفة ذلك القانون لمبادئ ونصوص الحريات العامة والخاصة، التي كفلها الدستور، وأن يسارعوا إلى إجراء تعديلات عليه، تقضي على العبارات الفضفاضة والمحاذير الواردة في ثنايا النصوص، لمحاولة إصلاح ما يمكن إصلاحه.

واعتبر العبدالله، في ندوة أقامها التيار التقدمي في منطقة القصور بديوانية عضو التيار صالح المورجي، تحت عنوان «قانون هيئة الاتصالات.. والقمع المرفوض»، لجوء الحكومة إلى مثل تلك القوانين المقيدة، يرجع إلى أن سخونة الأحداث السابقة «الحراك الشبابي وما قبله» كانت كفيلة ببث إنذارات للسلطة التنفيذية بسن وتمرير قوانين تفوض السلطة التنفيذية بشكل مطلق في اتخاذ إجراءات معينة، كما حدث مع قانون هيئة الاتصالات.

أمل وحيد

وأشار إلى أن الأمل الوحيد الذي نراهن عليه لمحاولة محو النصوص المطاطة وغير الدستورية، يتمثل في أن تأتي اللائحة التنفيذية بشكل يكرّس العديد من الضمانات، ويعزز الحريات، بعد أن طغت الجوانب الفنية على الجوانب القانونية اللازمة لصياغة التشريع، ما انعكس على العديد من نصوص القانون بالقصور.

واستغرب العبدالله السرعة التي مرَّ بها القانون، الذي هو في الأصل مشروع حكومي، في اللجنة المختصة (لجنة المرافق العامة)، ومن ثم إقراره في قاعة عبدالله السالم بمداولتين بشكل سريع، ثم نشره في الجريدة الرسمية يوم 18 مايو الماضي.

مخالفات

حسين العبد الله

حسين العبد الله

وأضاف أن القانون يحتوي على كثير من القضايا، التي فيها العديد من المحاذير الواردة في النصوص أو ثنايا القانون أو القواعد التي وردت بشكل استثنائي، لكي تبث السم في العسل، مشيراً إلى أن القانون الذي ينظم بالأساس قطاع الاتصالات يحتوي على العديد من النصوص والمخالفات التي تعصف بالحريات على صعيد مواقع التواصل الاجتماعي، كما أن القانون تمَّت صياغته بشكل جامع مانع، ليزج بمن يتعامل مع الاتصالات ووسائل التواصل الاجتماعي (مدونات، مواقع إلكترونية، برامج دردشة) عن طريق معانٍ عامة وعبارات فضفاضة.

واعتبر العبدالله أن الحالة التي عليها بعض نصوص القانون جعلتها تندرج تحت عدم الدستورية، وأن التعريفات غير المحددة ستسمح للمحاكم بالتوسع على نحو غير مقبول لتجريم ما يقع من برامج، لمجرد أنها استخدمت من وسائل اتصالات، من دون تحديد لتعريفها أو مضمونها، الأمر الذي يخالف فلسفة التشريع الجنائي، الذي يستلزم الوضوح والتحديد في مقاصد التشريع، حتى يتنبه المخاطبون إلى تجريم الأفعال التي يمارسونها، حتى يتجنبوها.ولفت إلى أن القانون سمح للهيئة بحجب أي مواقع إلكترونية، من مدونات وغيرها، بناءً على قرار من الهيئة العامة للاتصالات، من دون مسوغ قانوني أو قضية أو قرار من النيابة، مؤكداً ضرورة أن يكون حجب المواقع مبنياً على حكم قضائي تسبقه قضية مبنية على بلاغ مقدَّم، ويكون أمر الحجب وقتياً، وليس دائماً، بحيث ينظم العمل، ولا يحجبه بشكل نهائي.

المادة 53

وأوضح أن ما زاد من مثالب القانون، ما نصت عليه المادة 53 بفقرته الثانية، بإمكانية قطع الاتصالات الشخصية عن المواطن أو المقيم من خدمة استخدام الاتصال من شركات الاتصالات لدواعٍ أمنية، إذا ما طالبت إحدى الجهات المختصة وفق النص قطع الاتصال عنه، تحت ذريعة الأمن الوطني، وهو ما سيسمح لوزارة الداخلية بمطالبة هيئة الاتصالات، ولدواعٍ أمنية، أن تطالب الشركات بقطع الاتصالات عمَّن تشاء، كقطع الاتصال على مجموعة من الشباب في ندوة أو مكان محدد.

إلغاء الضمانات

وشدد العبدالله على ضرورة ألا تكبل الحريات تحت منطلق الدواعي الأمنية، متسائلاً: هل جهات الاختصاص، التي أشير إليها في القانون، والتي تتيح قطع الاتصال الشخصي من دون إذن قضائي أو من النيابة العامة وبصلاحيات واسعة، هي الجهات الأمنية؟ وهل هي داخلية أو خارجية أو غيرها؟

وأضاف أن القانون سمح لموظفي الهيئة ممن لديهم الضبطية القضائية تتبع وإخضاع أي أجهزة خاصة للرقابة، من دون إذن قضائي، ما يعني إلغاء الضمانات التي كفلها الدستور، بأن يكون إخضاع الأجهزة للرقابة أو التتبع وفق القانون، وبأن يكون ذلك بعد الحصول على إذن من النيابة العامة.. أما القانون الحالي، وبتطبيقه على الجرائم الخاصة بإساءة استعمال الهاتف، فلم يلزم جهة التحقيق، ممثلة بالإدارة العامة للتحقيقات، أو الموظفين في الهيئة، الحصول على إذن من النيابة العامة، لتتبع أو إخضاع أي أجهزة خاصة للرقابة، ما يعني إلغاء الضمانات التي كفلها الدستور، بأن يكون إخضاع الأجهزة للرقابة أو التتبع وفق القانون، وبأن يكون ذلك بعد الحصول على إذن من النيابة العامة، لأنها إحدى الجهات القضائية التي سبق أن أسندت لها اللائحة التنفيذية من قانون إساءة استعمال الهاتف رقم 9 لسنة 2001 أمر إخضاع مراقبة الاتصالات إلى إذن من النيابة العامة.

واستغرب العبدالله أن تأتي نصوص القانون، التي أقرت من المجلس على هذا النحو وبتلك الصلاحيات الواسعة، ومن دون ضمانات، لتتنافى مع الدستور، في حين أن اللائحة التنفيذية «الحكومية» لقانون إساءة استعمال الهاتف رقم 9 لسنة 2001، لا تسمح بإخضاع أي هاتف للمراقبة، إلا بعد الحصول على إذن قضائي، أو من النائب العام، وإذا كانت القضية محل تحقيق، لا تستطيع الإدارة العامة إخضاع أي هاتف للمراقبة، إلا بإذن النائب العام.

سلطة الضبط القضائي

وأوضح العبدالله أن من مثالب القانون المادة 59، التي أتاحت لعدد من موظفي الهيئة سلطة الضبط القضائي وأناط بهم العديد من الصلاحيات الواسعة، لدرجة أنه سمح لهم بالدخول إلى أي مكان من دون أن يحدده، خاصاً كان أو عاماً، يوجد فيه أو يشتبه أن توجد فيه أجهزة أو شبكات أو مرافق اتصالات أو كل أو جزء من البنية التحتية المستعملة في خدمات الاتصالات، وذلك لتفتيشها، ولضبط أي أجهزة أو معدات اتصال غير مرخص أو مصرح بها.

.. ومثالب أخرى

وعن المثالب الأخرى في القانون، قال العبدالله: إن القانون رسم شكل مجلس الهيئة بسبعة أعضاء، ولم يشترط التفرغ لجميع أعضاء مجلس هيئة الاتصالات، حيث اشترط فقط أن يكون من بين الأعضاء السبعة أربعة منهم على الأقل متفرغين، وهو أمر يخالف فكرة الاستقلالية والشفافية، التي يجب على الهيئة أن تعمل بها بضرورة تفرغ جميع أعضاء مجلس الإدارة، لما لهم من صلاحيات واسعة وجسيمة، وعدم تفرغ ثلاثة منهم قد يسمح بتضارب المصالح، ما قد يعيق عمل الهيئة، مضيفاً أنه كان بمقدور القانون إشراك غير المتفرغين، ويسمح بالاستعانة بهم في اللجان الاستشارية، وليس في مجلس الإدارة المكلف رسم السياسات واتخاذ القرارات والموافقة على تراخيص الشركات وإيقاع العقوبات.. وغيرها من الصلاحيات الواسعة لمجلس هيئة الاتصالات، لذلك، نطالب بأن يكون أعضاء الهيئة متفرغين جميعهم، مستغرباً عدم الإشارة إلى قانون مكافحة الفساد وإلزام القياديين والموظفين العاملين في الهيئة والقائمين عليها الكشف عن ذمهم المالية.

واختتم العبدالله حديثه، قائلاً: بعد أن نشرت مثالب القانون اتصل بي عدد من النواب، وطلبوا مني صياغة تعديلات على القانون، بهدف التغلب على تلك المثالب والتعارض مع مواد الدستور، متمنيا أن يتم تمرير تلك التعديلات، أو أن تعالج الحكومة تلك الاختلالات من خلال اللائحة الداخلية.

حدث في الندوة

● أحد الحضور أكد أن لا أحد يتوسم في المجلس الحالي إصدار قوانين ترضينا وتكون لصالح المواطن، مستغربا عدم انتباه النواب والشعب من قبلهم لخطورة ذلك القانون الذي لم يأخذ حقه من المناقشة.

● علق أحد الحضور أن ما يحدث حاليا على الساحة السياسية سببه، أننا تركنا الساحة، ولم نشارك في الانتخابات الأخيرة، لذلك جاء المجلس مشوهاً، مهمته إصدار تشريعات من هذا النوع.

● أثنى عضو التيار التقدمي أحمد الديين في مداخلة له على دور المحامي حسين العبدالله في قانون الإعلام الموحد، وكلمته الشهيرة في المؤتمر الذي جمع القوى السياسية بديوانية المنبر بضاحية عبدالله السالم، معتبراً أن القانون يأتي في إطار نهج السلطة الرافض للحريات بشكل عام، وأن القوانين الحكومية تصاغ لكي تقيد الحريات لا لتنظمها، مؤكداً أن السلطة استفادت من تجربتها مع القوى السياسية في المشروع الحكومي بقانون «الإعلام الموحد»، لذلك لم تعلن عن قانون الهيئة العامة للاتصالات، لكي لا تشكل رأياً عاماً يتصدى للقانون ويمنع تمريره، فباغتوا الشعب بإقراره بمداولتيه.

● أكد عضو التيار التقدمي د.فواز الفرحان، أن البرلمان الحالي فاقد للشرعية، فهو برلمان صنيعة السلطة، لذلك لن يكون هناك عدد كاف لرد القانون، أو إجراء تعديلات عليه، ولابد من التعويل على المعارضة، معتبراً أن المشاركة في انتخابات المجلس السابقة كانت ستجعلنا مشاركين في تلك القوانين، بالإضافة إلى أن ذلك كان سيعطي شرعية لتلك القوانين سيئة السمعة.

● قال أحد الحضور إن ردة الفعل المنتظرة من قبل التنظيمات السياسية، لابد أن تكون على قدر المسؤولية، مستغربا صمت كل التيارات السياسية على هذا القانون.

● وصف أحد الحضور في مداخلة سريعة القانون بأنه «قانون أمن دولة».

● أكد ضاري الرجيب، أن فضيحة ووتر جيت أجبرت الرئيس الاميركي نيكسون على الاستقالة، متسائلاً: هل ستكون لنا ردة فعل في قضية مشابهة؟

● الزميل مدير تحرير «الطليعة» علي العوضي أبدى استغرابه من إقرار تلك القوانين، قائلاً: أعتقد بأن الفترة المقبلة ستشهد إقرار عدد آخر من القوانين المشابهة، ليصلوا إلى اقرار كل المواد التي جاءت بقانون الإعلام الموحد.

● أحد الحضور قال: طالما أن المجلس مختطف، فلن تعطف علينا الحكومة بلائحة تنفيذية تعالج مثالب مواد القانون، وسيستمر الأمر، حتى تلاحقنا الحكومة في بيوتنا.

● رد المحامي حسين العبدالله على مداخلات الحضور بالقول: إن القانون لم يكن قانونا بالمعنى الحرفي، لكنه ترخيص من السلطة التشريعية للحكومة، لتفعل ما تريد وقتما تشاء وتفويضها بهذه الطريقة التي رسمتها مواد القانون، مضيفاً أن القانون سيجعل من السلطة القضائية جهة مطبقة للنص وتراقب مدى ارتكاب الشخص للجريمة من عدمه، وطالب القضاء بأن تكون لديه رقابة على سلامة الإجراءات القانونية «الإجراءت المتعلقة بالملاحقة والتفتيش وإخضاع الرقابة».

واستغرب العبدالله من تصريح وزير الإعلام، الذي أشار فيه إلى نية الوزارة سنّ مشروع بقانون لمعاقبة من يسيء استخدام مواقع الاتصال، قائلاً: كيف لا يعلم الوزير الذي شارك في قانون هيئة الاتصالات أن القانون يعالج تلك الأمور وغيرها؟، مؤكداً أن أهم التعديلات التي يجب أن تضاف للقانون، هي ضرورة أن يكون للقضاء دور، معتبرا أن المجلس في حاجة لأغلبية عادية لإقرار التعديلات على القانون.

_____________________________

منقول عن جريدة الطليعة تاريخ 04\06\2014