April 2013
15

وليد الرجيب: ثاتشر المثيرة للجدل.

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

على إثر وفاة رئيسة الوزراء السابقة «مارغريت ثاتشر» التي وصفت بـ«المرأة الحديدية» وهو لقب أطلقته عليها صحيفة سوفياتية، ثار جدل ومواقف ومشاعر متناقضة بين البريطانيين أنفسهم وعند شعوب العالم أجمع.فقد قرر حزبها «حزب المحافظين» اقامة جنازة رسمية ضخمة وتشريفات عسكرية تماثل تلك التي شُيّعت بها الأميرة ديانا والملكة اليزابيث الأولى، ومن المرجح حضور العديد من رؤساء الدول في «أعظم جنازة لسياسي بريطاني» منذ جنازة «ونستون تشرشل» عام 1965م.وعلى مستوى ردود الفعل العالمية ثار جدل في فرنسا حول تسمية شارع مهم في باريس باسمها أسوة بشارع «تشرشل»، الا أن رئيس الحزب الشيوعي الفرنسي في مجلس بلدية باريس رفض الفكرة مقترحاً اعادة تسمية ساحة أو شارع باسم «بوبي ساندز» السجين السياسي من الجيش الايرلندي الذي توفي عام 1981م خلال اضرابه عن الطعام احتجاجاً على الحكم البريطاني في ايرلندا الشمالية، وفي الكويت اقترح ثمانية نواب في «مجلس الصوت الواحد» تخصيص جزء من احدى الجلسات لتأبين ثاتشر واطلاق اسمها على جزء من شارع الخليج يبدأ من موقع السفارة البريطانية، حيث يشعر الكثير من الكويتيين بالامتنان لدورها الفاعل في تحرير الكويت رغم الملابسات التي ظهرت لاحقاً في الوثائق الأميركية عن دور الرئيس (بوش الأب) و«ثاتشر» في دفع وتشجيع صدام حسين على غزو الكويت.ولعل الأكثر ابتهاجاً برحيل ثاتشر هم الأسكتلنديون والايرلنديون الذين خرجوا الى الشوارع فرحاً بموتها معتبرين أنها سبب بؤس وفقر شديدين لحقا بالبلاد نظراً للسياسات العدائية التي كانت تتبناها ضد النقابات العمالية حيث وجهت لها ضربة قاصمة، كما يعتبرون أنها ألحقت ضرراً كبيراً بالناس في بريطانيا وللطبقة العاملة، وأنهم سيتذكرون دورها السيئ أثناء اضراب الجوع في 1980 و1981م الذي أدى الى وفاة عشرة أشخاص بعد رفضها الاعتراف بهم كمساجين سياسيين.والجدير بالذكر، أن ثاتشر والرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان هما من أسسا لما سمي بمرحلة «النيوليبرالية» المرتكزة على عدم تدخل الدولة بالاقتصاد، وتحويل القطاع العام الى سوق تجاري من خلال سياسة الخصخصة ودخول النظام الرأسمالي الى مرحلة «التوحش»، وهو ما ساهم بتفشي البطالة وتفاقم الفقر الذي ما زالت تعاني منه الشعوب، وأدى الى تدمير الصناعات التقليدية.وفي السياسة الخارجية وثقت ثاتشر صداقاتها مع الديكتاتوريات في العالم مثل الجنرال «بينوشيه» الذي انقلب على نظام سلفادور اللندي الاشتراكي بمساعدة المخابرات الأميركية واعتبرت أنه جلب الديموقراطية لبلاده، وكذلك مع الرئيس الباكستاني محمد ضياء الحق، بينما وصفت الزعيم الأفريقي المناضل نيلسون منديلا بـ«الارهابي»، كما كان لها موقف سيئ من القضية الفلسطينية والقضايا العربية عموماً، وكل ما كان يهمها من الخليج هو احتياطي النفط، فهي قد دعت الى تشكيل مجلس سياسي موحد لدول الخليج قبل تأسيس «مجلس التعاون الخليجي»، وتأسيس قوة عسكرية خليجية بهدف حماية المنطقة واحتياطي النفط فيها.ومن المفارقات الطريفة بعد وفاتها أن المدونين البريطانيين أوصوا على الانترنت بخصخصة دفن السيدة التي كسرت دولة الرعاية وكانت من أنصار الخصخصة، كما جعل وفاتها وصول أغنية عمرها 74 عاماً تتصدر قوائم الأغاني الأكثر طلباً في بريطانيا وهي أغنية «ماتت الساحرة» من الفيلم الشهير «ساحر أوز»، ولخص عاطل عن العمل رأيه بوفاتها بجملة: «انتظرنا موتها طويلاً».وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

منقول عن جريدة الراي تاريخ 15/04/2013 العدد:12341