November 2013
24

وليد الرجيب: نهوض يساري في الولايات المتحدة.

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

أحرصُ على متابعة الكاتب «رشيد غويلب» لأنه متخصص أو مهتم بالشأن العالمي، وتشكل تحليلاته منبعاً خصباً لمن يريد متابعة أخبار اليسار في العالم، ولذا فليسمح لي الكاتب أن أقتطف من مقاله حول مظاهر النهوض اليساري في الانتخابات البلدية في الولايات المتحدة الأميركية، واهتمامي بهذا الموضوع لأنه يحدث في أعتى الدول الرأسمالية التي غسلت فيها الآلة الإعلامية الضخمة عقول الشعب الأميركي، وخلقت في داخله وهم «الخطر الأحمر». وقد صادف يوم الاثنين 11 نوفمبر الجاري الذكرى 158 لميلاد النقابي الأميركي البارز «أويغن ديبس»، الذي كان مرشحاً للانتخابات الرئاسية عام 1912 عن الحزب الاشتراكي، حيث حقق وقتها 6 في المئة وهي أفضل نتيجة انتخابية في تاريخ اليسار الأميركي خلال المئة عام الماضية.واللافت في الأمر وهذا أيضاً ما ذكرته بعض الصحف الكويتية، من أن مزاج الشعب الأميركي بدأ بالتحول ناحية مرشحي اليسار باختلاف تلاوينهم، وخاصة في الانتخابات البلدية الأخيرة، سواء كانوا ينتمون لأحزاب أو اتجاهات يسارية واشتراكية، أم كانوا على يسار الحزب الديموقراطي.فقد حقق الاشتراكيون نجاحاً لافتاً في سياتل مسقط رأس النقابي «ديبس»، وكذلك في ولاية منيابوليس أيضاً، وقد فاز الليبرالي «بيل دي بلاسيو» بمنصب عمدة مدينة نيويورك، وحقق فوزاً ساحقاً على الجمهوري مايكل بلومبيرغ، بحيث أصبح دي بلاسيو أول عمدة ديموقراطي لأكبر مدينة في الولايات المتحدة منذ عام 1989، والتي استأثر بها الجمهوريون لسنوات عدة، لدرجة أن «نيويورك تايمز» وصفت النتيجة بأنها «تحول قوي نحو اليسار» وقد كان بلاسيو يندد بارتفاع إيجارات المساكن، وتعمّق الهوة بين الفقراء والأغنياء، وحملات التفتيش الاعتباطية التي تمارسها شرطة نيويورك في الشوارع والتي تشمل سنوياً نصف مليون مواطن.كما استطاع اليسار الديموقراطي تحقيق نتائج طيبة في سياتل حيث حصلت «كاشاما ساوانت» على 46 في المئة، وقد كان برنامجها يدعو لتحديد حد أدنى للأجور (15 دولاراً في الساعة)، وفرض ضرائب على الأثرياء وإجازة العمل النقابي في الشركات الكبيرة التي تعمل في حدود بلديتها، حيث وصف الناشط في الحملة الانتخابية «كالفين بريست» نتائج الانتخابات بالانتصار وأنها «كسرت التصور الخاطئ والنمطي عن الاشتراكية»، وإن الناس بدأوا يدركون «بأن الرأسمالية فقدت فاعليتها».وفي منيابوليس استطاع الاشتراكي «تاي مور» الحصول على 37 في المئة من أصوات الناخبين، وهو ناشط في حركة «لنحتل وول ستريت» المطالبة بتعزيز الحريات، وفي صباح يوم الانتخابات قامت الشرطة بالإخلاء القسري لمنزل المرشح اليساري «جيمي كيلي»، الذي ركز في برنامجه الانتخابي على مواجهة عمليات الإخلاء القسري التي تنفذها الشرطة، وقد ساهم في الحملة الانتخابية لكل من ساوانت ومور اللذين ينتميان إلى منظمة «المبادرة الاشتراكية» مئات من الشباب المتطوعين، بينما منافسوهم اعتمدوا على مبالغ التبرعات الهائلة خاصة من الشركات الرأسمالية الكبيرة.الآن وبعد أن حقق اليسار في دول عديدة منها بعض الدول التي كانت اشتراكية في السابق انتصارات انتخابية في مختلف المواقع البرلمانية والبلدية والرئاسية، يأتي الشعب الأميركي لينضم إلى ركب الشعوب التي عانت من السياسات الاقتصادية الرأسمالية النيوليبرالية ولهذا دلالات غير هينة، بأن الرأسمالية بدأت تفقد بريقها ولم تعد خرافة «نهاية التاريخ» تلقى صدى عند هذه الشعوب التي لمست على أرض الواقع مدى الضرر الذي لحق بها جراء السياسات الاقتصادية النيوليبرالية التي أفقرت الشعوب وزادت من أعداد العاطلين عن العمل وشردت الملايين من منازلهم.كما أن هذا النهوض لليسار في العالم أجمع وبالأخص في الولايات المتحدة أقوى وأكبر دولة رأسمالية، هو الرد العملي على من يدعي أن أفكار الاشتراكية هي من مخلّفات الماضي، بل هي إشارة إلى أن الاشتراكية هي المستقبل والحل أيضاً.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

_______________________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 23/11/2013 العدد:12563