January 2013
29

وليد الرجيب: الهرم المقلوب.

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

لا أحد يستطيع أن يتنبأ بمستقبل الكويت على المدى القريب على الأقل، كل شيء ضبابي وغير مفهوم بل ان مقولة الصديق الراحل الدكتور أحمد الربعي «هرم التربية مقلوب» نستطيع تطبيقها على كل المؤسسات وعلى كل شيء، لا نستطيع رؤية سياسة واضحة للحكومة.فعندما قررت وزارة الداخلية عدم قمع مسيرة كرامة وطن في صباح الناصر وفي ممشى ضاحية عبدالله السالم ومسيرة الرقة، تفاءلنا خيراً بأن الوزارة قررت تغيير سياستها حيال المسيرات، لكنها وبشكل مباغت قمعت مسيرة الصباحية ومسيرة البدون بشدة، وهذا يجعلنا في حيرة من التناقض بالقرارات والرؤية، وأيضاً يجعلنا نتساءل هل هناك رأسان بقرارين متناقضين أم أنه مجرد تخبط؟كما أننا نشعر بتناقض بين الوعود الحكومية وبين سلوكها، أو حتى التناقض في الرؤية بين المسؤولين أنفسهم إزاء قضايا شعبوية مختلف عليها، فهناك من يعد باسقاط القروض وهناك من ينفي وقس على ذلك السلوك والقرارات والخطط في هذه الفترة الضبابية العصيبة على الكويت.لم يعد للقانون هيبة ولن نعد نثق بأنه سيطبق على الجميع بالتساوي، بل هناك تعسف بتطبيق القانون وتسيس للقضاء فمن يسرق الملايين ويبع غذاء فاسداً ويمارس كل أنواع الفساد «عيني عينك» فلا يطبق عليه القانون وربما يكافأ بمناقصات، ومن يدل برأي معارض يودع بالسجون.كل الدول والمجتمعات تتطور في تشريعاتها لصالح شعوبها وتمنح مزيداً من الحريات لها، إلا في الكويت يحدث فيها العكس فالحكومة تتقدم بمشاريع بقوانين لمزيد من قمع الحريات والتضييق على شعبها ومشاريع أخرى تتشدد بالعقاب والحجز الاحتياطي قبل صدور الأحكام القضائية.كانت الحكومة تدَعي أن نظام الصوت الانتخابي الواحد ضمانة للإنجاز والتنمية، وعندما يحدث ذلك تتعامل مع نواب الأمة باستخفاف ومهانة، وهي بذلك تعترف بأن الصوت الواحد أتى لها بمجلس مسخ لا طعم له ولا يجرؤ على معارضتها.كل الأمور التي كانت تشكل صمام أمان للمجتمع أصبحت مصدر تهديد له، من رجال الأمن إلى السلطة التشريعية مروراً بجميع مؤسسات الدولة، وحتى فوائض المليارات التي أصبحت تستخدم ضد مصالح الشعب بدلاً من أن تخدمه وتوفر له الرخاء والعيش الكريم.وتخبط السلطة يزامنه تخبط القوى السياسية التي لا تعرف العمل ضمن برنامج واضح وتوافق على القضية الوطنية، فهناك من ينتظر قرار المحكمة الدستورية في شأن مرسوم الصوت الواحد وليس أبعد من ذلك، وهناك من يدعو لاستمرار الحراك دون دراسة التجارب السابقة، وهناك من يدعو لتوقف الحراك لمدة شهرين أو ثلاثة، وهناك من يدعو إلى الحوار والمصالحة مع السلطة دون أن نعرف على أي أسس وبناء على أي شروط.إننا نعيش مشهداً غرائبياً تقلب فيه كل تفاصيل حياتنا وتشي بمستقبل مظلم وتدهور على جميع المستويات، فالحق ينقلب إلى باطل وآمال التطور والتقدم تتحول إلى سراب.وليد الرجيبosbohatw@gmail.comمنقول عن جريدة الراي تاريخ281\2013 العدد:12264.