January 2013
30

وليد الرجيب: لا حلول دون نزع الفتيل.

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

يقول أحد علماء النفس بما معناه: «ان الدعوة للحوار بين طرفين لا تعني دائماً الدعوة للحل المغلف بالحكمة، ولكنها قد تعبر عن أزمة الطرف الداعي أو لكسب الوقت»، وهذا منطقي عندما يكتشف أحد الطرفين سواء كان الأمر يتعلق بعلاقة زوجية أو بعلاقة بين سلطة ومعارضة سياسية، أن مسلكه أو سياسته تؤدي إلى طريق مسدود فيلجأ إلى التظاهر بالحكمة أو يستخدم هذا الحوار لكسب الوقت لصالحه.فالنظام السوري الذي رفض دعوات شعبه للإصلاح ورد فوراً باستخدام السلاح، اكتشف لاحقاً أنه تضرر اقتصادياً وسياسياً وخسر مواقعه الدولية وعلاقاته ولم يستطع فرض الحل الأمني، فطالب المعارضة بالحوار وكأنه يتفضل عليها دون وجود أرضية مناسبة لمثل هذا الحوار، وكانت القبائل قديماً في أوروبا وأميركا عندما تدعو للحوار في ما بينها تلتقي مع أعدائها، والمحاربون من الطرفين يرفعون الأكف تعبيراً عن خلوها من السلاح، ويقال ان هذه الحركة هي أصل السلام برفع راحة كف الإنسان.طالب الأسد بالحوار والمصالحة في ظل قصف المدافع لشعبه المسالم دون أن يبدي حسن نوايا على أرض الواقع، فلم يوقف القتل ولم يطلق سراح المعتقلين السياسيين ولم يبدأ بأي إجراءات إصلاحية جدية، فدعوته للحوار هي تعبير عن أزمته التي لا يريد الاعتراف بها، وعندما رفضت المعارضة الحوار تحت تهديد البندقية ونقلت قضيتها إلى المحافل الدولية اتهمها الأسد بالخيانة الوطنية.وفي مصر كرر الرئيس محمد مرسي دعوته للمعارضة للحوار وكأنه يريد المحافظة على السلم الأهلي، ولكن المعارضة بأطيافها المختلفة رفضت مثل هذا الحوار غير المبنيعلى إجراءات عملية مثل إيقاف القمع والقتل وإلغاء دستور الإخوان المسلمين والتخلي عن نهج الانفراد بالحكم، والعمل على تحقيق الديموقراطية الحقيقية سياسياً واجتماعياً وإطلاق الحريات.ونتيجة دعوات الحوار غير المتكافئ المتسم بالتعنت والعنجهية المرفوضة منطقياً أدت إلى تعمق أزمة سورية وأزمة مصر، وأدت بالنهاية إلى طلاق بائن بين السلطة والمعارضة ولا يمكنها الرجوع للمربع الأول.ما دفعني لسوق التجربتين السابقتين على سبيل المثال لا الحصر، ما قرأته يوم أمس بالصحف الكويتية من تصريحات للسيد رئيس مجلس الأمة الأستاذ علي الراشد ودعوته للمصالحة مع المعارضة وشباب الحراك الشعبي، وتخوينه لمن يلجأ لتدويل قضية انتهاك حقوق الإنسان في الكويت، رغم أنه حسب علمي رجل قانوني وقاض سابق ويعرف تماماً أن قضايا حقوق الإنسان ليست شأناً داخلياً للدول وخاصة تلك التي وقعت على مواثيق ومعاهدات دولية ملزمة بتطبيقها وسن قوانين وطنية تناسب ما وافقت ووقعت عليه، وحدها الدول المستبدة لا تعترف بحقوق شعبها، أما موضوع اتهام من يلجأ للتدويل بأنه «خائن» على حد تعبير الراشد فهو لا يختلف عن اتهام بشار الأسد للمعارضة بالخيانة الوطنية، فنحن كشعب كويتي نتضامن مع قضايا الشعوب الأخرى وهو من الأمور الطبيعية.كيف يقبل الناس المصالحة مع الهراوات والقنابل الغازية ونهج الملاحقات البوليسية والاعتقال، فأقل شروط المصالحة المطلوبة أو الحوار هو نزع فتيل الأزمة والرجوع للحق المنتزع من الناس، والبدء بإجراءات على أرض الواقع باتجاه الإصلاح السياسي والتطور الديموقراطي وعودة أجواء الحريات والأمن وتطبيق القانون بالتساوي والقضاء الفعلي على الفساد.وليد الرجيبosbohatw@gmail.comمنقول عن جريدة الراي تاريخ 301\2013 العدد:12266.