April 2013
3

وليد الرجيب: بدائل للسياسات النيوليبرالية.

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

أعرب مواطنون قبارصة عن استيائهم من إجراءات مالية صارمة أعلنتها الحكومة حتى تتمكن من الحصول على حزمة مساعدات مالية من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي، وقد توصلت المفاوضات بين قبرص والترويكا الأوروبية إلى اتفاق تعتقد أنه سيجنّب الجزيرة الإفلاس.فأزمة البنوك القبرصية قد فتحت شهية صندوق النقد الدولي لفرض وصفته سيئة الذكر، من خلال تخفيض الأجور وهدم صناديق الضمان والرعاية الاجتماعية وتسريع عمليات الخصخصة وتفاقم البطالة، وهي إجراءات موجهة ضد الشعب القبرصي من شأنها تحويل قبرص إلى «جنّة» ضريبية للاحتكارات الرأسمالية العالمية، وهو ما سيؤدي إلى تحولها إلى حلقة ضعيفة في منطقة اليورو على غرار اليونان ودول جنوب أوروبا.وتتأثر إدارة الأزمة وتطورها بالتناقضات البنيوية للرأسمالية ما يزيدها تعقيداً، وترى مصادر اقتصادية قبرصية أنه من المستحيل استخدام قوانين الاقتصاد الرأسمالي لصالح العمال وفئات الشعب القبرصي، فليس التضامن بين دول الاتحاد الأوروبي سوى زيف وتضليل، حيث ان العلاقات بين الدول الرأسمالية هي علاقات عدم تكافؤ وسيطرة للأقوى.وترى هذه الأوساط أن انضمام قبرص إلى الاتحاد الأوروبي قد ساهم بتعقيد الأزمة بدلاً من حلها، كما تتوقع أن قضية قبرص واقتصادها ستتدهوران إلى نحو أبعد عند اندماج قبرص في شراكة مع حلف الناتو.وتحاول دول الاتحاد الأوروبي والرأسمالية العالمية إقناع الدول المتأثرة بالأزمة الاقتصادية الرأسمالية العالمية، بأن الحل للخروج من أزماتها هو باعتماد الحلول النيوليبرالية من خلال إجراءات خصخصة القطاع العام ورفع الدعم الاجتماعي عن شعوبها عبر خفض الأجور وفرض الضرائب الجائرة على الطبقات العاملة والفقيرة وتعزيز دور الشركات والقطاع الخاص، بيد أن هذه التجربة المتكررة أدت إلى إفقار الشعوب في عدد من البلدان وتحميلها عبء الأزمة البنيوية التي تعاني منها الرأسمالية العالمية.بينما تشير مقدمة ملخص «تقرير التنمية البشرية للعام 2013م» والصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تحت عنوان «نهضة الجنوب، تقدم بشري في عالم متنوع»، أن عددا كبيرا من البلدان النامية مثل البرازيل والهند والصين قد حققت تحولاً في التنمية البشرية وأصبح لديها اقتصادات قوية ونفوذ سياسي متزايد، وأصبح لديها خلال العقد الماضي إنجازات متسارعة في التعليم والصحة والدخل، وتوقع التقرير بأنه بحلول عام 2020م سيتجاوز مجموع الإنتاج لهذه البلدان النامية مجموع انتاج ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وكندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، فالنمو الاقتصادي وحده «حسب التقرير» لا يحقق تقدماً تلقائياً في التنمية البشرية، فالسياسات المناصرة للفقراء والاستثمار في إمكانات الأفراد بالتركيز على التعليم والتغذية والصحة والتشغيل، هي التي تتيح تحقيق تقدم ثابت، ويقترح التقرير أربعة مجالات للاستمرار بزخم التقدم الإنمائي وهي المساواة بين الجنسين وإعلاء صوت المواطنين وتمكينهم من المشاركة، ومواجهة الضغوط البيئية ومعالجة التغيّرات الديموغرافية.ويدعو التقرير إلى مراجعة نقدية على مستوى مؤسسات الحكم العالمي، بهدف بناء عالم ملؤه المساواة والإنصاف، فتجارب عدد من بلدان الجنوب هي مصدر إلهام للسياسة الإنمائية، وخاصة من خلال اشراك أكثر الفئات تعرضاً للتحديات في عملية اتخاذ القرار وهي الفئات الأشد فقراً.هذا التقرير الصادر عن مؤسسة أممية محايدة يقدم دليلاً على وجود بدائل تنموية محلية أفضل من البدائل النيوليبرالية التي تسوّق لها الدول الرأسمالية وذراعها صندوق النقد الدولي.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

منقول عن جريدة الراي تاريخ 03\04\2013 العدد:12329