June 2011
14

تقرير عن عمل لجنة الحوار الوطني في الأردن والإصلاحات السياسية المقترحة

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

عقدت لجنة الحوار الوطني خلال ما يقرب من شهر ونصف سلسلة متوالية من الاجتماعات المكثفة بذلت خلالها جهوداً واسعة من أجل انهاء المهمة المنوطة بها. وقام اعضاء اللجنة خلال هذه الفترة القصيرة بزيارات الى المحافظات وبعض الألوية، حيث عرضوا على المواطنين الذين التقوهم، طبيعة مهمة اللجنة وما تم انجازه، بينما استمعوا في المقابل الى ملاحظات المواطنين ومقترحاتهم ويبدو أن

المواطنين وجدوا في زيارة اللجنة، فرصة جدية للكشف عن همومهم وعرض القضايا والصعوبات التي تؤرقهم. ومن الواضح من خلال عرض المواطنين لهمومهم انهم ،ولاً وقبل كل شيء، من شعورهم بالتهميش وان ما عرضوه يشكل لوحة حقيقية لمختلف اشكال معاناتهم واسبابها حسب رؤيتهم. ومن بين أهم القضايا التي جرى التركيز عليها الشكوى من مستوى الفساد الذي يطال مختلف أوجه الحياة وكذلك اهمال مبدأ المواطنة في معالجة قضايا الناس في ظل اتساع حالات المحسوبية والفساد، وعدم التشاور مع المواطنين في كيفية مواجهة القضايا التي تؤرقهم. وتتسع الشكوى من الغلاء والبطالة واهمال المطالب الاساسية والقصور الملحوظ في مجالات الصحة والتعليم.

أمكن خلال الحوار الصريح والواضح حول مختلف القضايا في لجنة الحوار الوطني التوصل الى نتائج هامة، رغم انه لم يتم التوافق حتى الآن على واحدة من أهم القضايا وهي النظام الانتخابي. وقد قدمت بهذا الخصوص عدة مقترحات الأمر الذي خلق حواراً واسعاً وجاداً، وجرى تناول الابعاد المختلفة والتداعيات المتوقعة لهذه الاجتهادات. وكما هو معروف فإن المطلوب من النظام الانتخابي الخلاص من "الصوت الواحد" ومن تداعياته الخطيرة والمؤلمة والتوصل الى نظام انتخابي يؤدي الى تحسين تمثيل الشعب في مجلس النواب، ويعيد للمجلس هيبته وبما يمكنه من القيام بواجباته الدستورية ويساهم في اعادة الثقة المفقودة بين الشعب ومختلف مؤسسات الدولة.

ولأهمية قانون الانتخاب في حياة البلاد السياسية، وكونه المدخل الأهم للاصلاح السياسي، فقد استنفذ الجزء الاكبر من جهد اللجنة. هذا وقد تمحورت النقاشات في المحصلة النهائية حول عدد محدود جداً من السيناريوهات. وفي حين لم يحصل التوافق بعد على مقترح نهائي، فإن الجدل يتركز حول القبول بمبدأ قائمة نسبية على نطاق الوطن تتشكل من نسبة معينة من المقاعد بجانب قائمة نسبية على نطاق المحافظة، مع اعتبار المحافظة دائرة انتخابية واحدة ولها عدد محدود من المقاعد . ونحن نتمسك بضرورة القبول بالقائمة النسبية، لانها أولاً تساهم في التفاف اوسع عدد من المواطنين على نطاق الوطن حول برامج محددة ولانها تفسح في المجال، ثانياً، في الظروف الحالية في تكوين تحالفات مبدئية تستند الى وحدة البرنامج بين الاحزاب والقوى الوطنية المستقلة، وثالثاُ فإن فرصة المال السياسي تكون ضعيفة جداً في التغلغل، وأخيراً فإنها تبيح فرصة هامة للأحزاب أن تفوز في بعض المقاعد، كما أنه لا يمكن لأي جهة سياسية أن تستحوذ على جميع المقاعد كما يجري الترويج من أجل رفضها، بل أن كل قائمة ستحصل على مقاعد تتناسب مع نسبة الاصوات التي حصلت عليها. وحالياً يتمحور الجدل حول هذه القضية مع العلم أن المهمة التي كلفت بها لجنة الحوار تكمن في وضع قانون انتخاب يسمح بتعميق الحياة السياسية والحزبية. وان جميع احزاب المعارضة بلا استثناء ترى في القائمة النسبية الكلية او الجزئية وسيلة مناسبة لتعميق الحياة السياسية والحزبية .

من الجانب الآخر فقد انجزت مسودة قانون الاحزاب بعد أن ابعدت جميع الشروط الأمنية أو ذات الطابع الأمني وأبعدت كذلك كل الاسباب التي تبعث الريبة من الانتساب الى الاحزاب. وجرى اقتراح تشكيل لجنة تتبع لها الاحزاب، وليس الى وزارة الداخلية كما تم تسهيل عمليات تسجيل الاحزاب وتخفيض عدد المؤسسين .

وبالنسبة للعمليات الانتخابية فقد تم الاجماع على تشكيل هيئة أو مفوضية وطنية تتولى عملية الانتخاب بدلاً من السلطة التنفيذية وتولي القضاء البت في الاعتراضات على نتائج الانتخابات بدلاً من مجلس النواب، كما تم التأكيد على ضرورة استقالة الحكومة التي تحل مجلس النواب على ان تجري الانتخابات خلال اربعة أشهر، وخلافاً لذلك يدعى المجلس المنحل للانعقاد حتى لا يكون هناك فراغ دستوري. وجرى اقتراح العديد من التعديلات الدستورية ذات العلاقة بقانوني الانتخاب والاحزاب وذلك بهدف تعزيز الفصل بين السلطات وتشكيل محكمة دستورية وايجاد القواعد الدستورية الملائمة للتعديلات في هذين القانونين. هذا مع التوصية بادخال تعديلات دستورية أخرى بهدف استعادة الحياة البرلمانية الصحيحة وتعميق مبدأ الحريات الديمقراطية وتوفير المناخ المؤاتي لتطوير الحياة السياسية.

ومن هنا، فان النظام الانتخابي يحتل مكانة هامة في سياق كل هذه التعديلات من أجل احداث نقلة فعلية في حياة البلاد السياسية واجراء اصلاحات جدية تعمق دور المواطنين في الشأن العام.

"عن جريدة "الجماهير" الأردنية