April 2015
8

صراع و الشارع زحام

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

قد يتوهم العديد من مدعي الإلمام والنشاط السياسي فهمهم أسباب ودوافع وأهداف كل ما يحدث من حولنا، كما يؤمنون إيمان كامل بكمال تحليلاتهم السياسية للأحداث سواء كانت محلية أو دولية.

إلا أن غالبية تلك الآراء والتحليلات ووجهات النظر لا علاقة لها لا من قريب أو من بعيد بالأسباب والمحركات الحقيقية لكل ما يجري على الساحة السياسية بشكل خاص والحياة بشكل عام، ذلك لأنهم قد أغفلوا العنصر الأساسي لتحليل كل العلوم الاجتماعية.. الإنسان.

فلكل إنسان دوافع ورغبات وأهداف وطموحات وحاجات، كما له ذاك التفاوت بين الرغبة بالسلطة أو حاجة الخضوع والخنوع.

تلك التي أحدثت وتحدث وستحدث (الصراع) بين جميع البشر، فالإنسان في صراع دائم ومستمر مع بيئته ومن عليها، تلك الصراعات بديهية النشوء والتي تعود أسبابها لاختلاف وتضارب وتداخل أهداف ورغبات وطموحات وحاجات البشر.

وحتى نبسّط المسألة وننجح في إيصالها بشكل واضح، فلننظر لكل ما يجري في بيئتنا الضيقة ولمن حولنا، سنجد أن هناك صراع داخل الأسرة الواحدة لفرض الرأي وفرض الإرادة سواء بين الزوج وزوجته أو بين الأبناء والآباء أو كسعي الأبناء للحصول على القدر الأكبر من ود الوالدين أو للحصول على التميز.. إلخ.

وفي المدرسة ستجد من يحاول أن يستقطب الأضواء، ومن يحاول أن يفرض الرأي وينجح في فرض إرادته بالقوة، ومن يحاول أن يتمز في التحصيل، ومن يحاول أن يتقرب من المدرسين والإدارة ، ومن يحاول أن يخالف القوانين ويواجهها... إلخ.

وفي الدوانية وبين الأصدقاء ستجد أيضا ذاك الصراع، فذاك يرغب في فرض الرأي، وهذا يرغب في الاستحواذ على القرار ، وهؤلاء استطاعوا تكوين تكتل خفي للضغط ، وغيرهم يحارب للحصول على قدرة التأثير بالتوجهات... إلخ.

وفي العمل ستشعر بذاك الصراع بشكل واضح من خلال منافسة الزملاء للحصول على الترقيات والمناصب ، فتجد ذاك يتقرب للمدير ويداهنه ، وذاك ينشب الخلافات بين الموظفين ويغذيها ، وذاك يشوه صورة المنافسين ويعتمها ،،

والصراع ها هنا لا نعني به ذاك الصراع الجسدي أو اللفظي فقط ، فقد يكون الصراع ذهني حسي عقلي ،، إلخ ، كما أن وجود مثلك تلك الصراعات لا يعني وجود خلل ما بذاك الإنسان أو تلك الأسرة ، بل هو ما أوجدته الطبيعة البشرية ويرفض الأغلب الاقرار به والافصاح عنه علانية ،،، إلا أنه موجود لدينا جميعا لا شك في ذلك.

فإن كانت تلك الصراعات ملازمة لكل مواقع حياتنا البسيطة وبهذا الشكل ،،، كيف لها ألا تتواجد في مستويات الصراع الأعلى ؟

أفلا يعقل أن تتواجد بين أعضاء الحزب والتيار الواحد ؟ أليس من البديهي أن تتواجد بين صفوف المعارضين والحراك ؟ أوليس من المبهم أن نجدها بين أفراد السلطة وطامحيها ؟

سنجدها بكل تأكيد ،، فكلما ارتفع مستوى الطموح والهدف والغاية والنطاق كلما ارتفعت حدة ذلك الصراع

وللتوضيح أكثر ،، وجود الصراع لا يعني رغبة المتصارعين وطموحاتهم جميعا في السلطة ،،، فهناك من يرغب في القيادة ، وذاك من يرغب في المكانة ، وهؤلاء يطمحون للتأثير ، ومن يرغب في المال ، أو النفوذ ، أو الأضواء ، أو إثبات الوجود،أو بدافع الغيرة ، أو الحسد ، أو الحقد ،،،إلخ

أخيرا وليس آخراً وجود تلك الصراعات مرتبط بطبيعة النفس البشرية ووجود الإنسان ، الذي قد يتعاون في مرحلة ما مع إنسان آخر او جماعات إنسانية أخرى تلتقي أهدافهم وغاياتهم ورغباتهم لمواجهة جماعات أخرى في حالة صراعية أكبر ، وتنتهي حالة التعاون تلك لتعود لطبيعتها الصراعية متى ما تعارضت وتقاطعت تلك الأهداف والغايات والرغبات والطموحات.

متى ما أقررنا بوجود تلك الصراعات وتم أعتمادها في أجهزتنا التحليلية ،، سنستطيع فهم واستيعاب كل ما يجري من حولنا سواء في صفوف الحراك والمعارضة أو على الضفة الأخرى من الوطن.

يقول علماء السياسة لتوصيف تلك الحالة بأنه عندما خلق أول انسان ظهر السلام ، وعندما خلق الانسان الثاني ظهر الصراع ، وعندما خلق الانسان الثالث ظهرت التحالفات.

بقلم عضو التيار التقدمي الكويتي بدر علي البليّس

منقول عن جريدة سبر تاريخ 8 أبريل 2015