August 2015
9

مسلسل الإرهاب مستمر

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

لم تكن جريمة التفجير الإرهابي في مسجد الطوارئ السعودية في أبها، التي راح ضحيتها خمسة عشر من منسوبي الأمن وإصابة تسعة منهم، إلا تأكيدا لما قلناه في مقال سابق، من أن هذه الجرائم الإرهابية التي ترتكب في بلادنا، ليست حوادث منفردة ومعزولة، بل هي مشروع وإعلان حرب على دولنا ومجتمعاتنا، فقد قرر تنظيم داعش تحويل بلادنا إلى ساحات مواجهة إرهابية لا تبقي ولا تذر.

ويستمر مسلسل الإرهاب في ظل هوة تتسع بين الشعوب والحكومات، وخصومة بين هذه الحكومات وطموحات شعوبها، في العيش الحر والكريم والمشاركة الديموقراطية، وسنكون سذّجاً إذا اعتقدنا أننا نستطيع القضاء على ظاهرة الإرهاب، بالوسائل الأمنية فقط رغم أهميتها، فدون التفاف الناس حول بعضهم، وقيام جبهة وحدة وطنية كفيلة بالحد من أعمال العنف والتطرف الطائفي والغلو الديني، لا يوجد حل ناجع.

ويقول الأستاذ جاسم بودي في افتتاحية الراي، يوم أمس الجمعة 7 أغسطس، بما معناه أن الاستبداد والطغيان جعل بعض العقول تعتقد أنها ثارت على الطغيان والاستبداد، بأسلحة التطرف، وهذا الكلام صحيح ويمثل جوهر التطرف والتخلف، بسبب الشعور بالغبن وعدم القدرة على التعبير الحر والشعور بالتهميش.

هناك ثقافة ترسخت في مجتمعاتنا، هي ثقافة التهميش والإقصاء عن القرار وتكميم الأفواه،وهذا يقود حتماً إلى ظاهرة العنف، حتى العنف العبثي في المجمعات التجارية، إذ لا ينشأ العنف إلا في بيئة اجتماعية وسياسية غير صحية.

وبتركيز الحكومات على كسب المعارك السياسية، على حساب الشعوب والمعارضة السياسية، ونسيان التنمية والتعليم المدني وإعلاء شأن الثقافة التقدمية، ونبذ ثقافة التخلف الاجتماعي والثقافي، لن يكون أمام هذه الحكومات سوى المواجهة، فدولنا مثلاً تواجه عدة جبهات، جبهة الإرهاب وجبهة التهديدات الإقليمية وجبهة المعارضة والحراك الشعبي، باستخدام وسيلة واحدة هي القمع والإجراءات الأمنية.

مسلسل التطرف هذا سيستمر، مع وجود من يطالب بإلزام المضيفات الجويات باللباس الشرعي، ونتذكر قبله من دعا وأسس للجنة الظواهر السلبية، الأشبه بالحسبة ومعاقبة نوايا الناس ومنعهم من الفرح ومن نشاطاتهم الثقافية، فكيف يمكن تغيير استراتيجية الحكومة ونهجها باتجاه الوسطية والمدنية، وما زال البعض يفرض ثقافته التي تفرخ الغلو والتطرف.

وخطر الإرهاب يزداد بعد قرار داعش باتباع سياسة «الذئاب المنفردة»، والتي تعني قيام أي مؤيد لداعش أو صاحب فكر تكفيري وضال، بارتكاب جريمة إرهابية دون الرجوع إلى قيادة داعش، وهذا قد يكون أخطر من مخطط لتفجير مسجد ما، فقد يقود إلى عمليات انتقام وثارات، وقد يرتكب شخص مجنون جريمة إرهابية في أي وقت أو أي مكان، وهؤلاء لا يمكن للأمن ضبطهم مسبقاً، لأنهم ليسوا خلايا نائمة منظمة، ولكنهم أفراد قد لا ينتمون إلى داعش.

فلنواجه أنفسنا ونكون صادقين مع أنفسنا أولاً، دون مكابرة أو نكران أو كذب على ذواتنا، ونعالج جذور وجوهر المشكلة، فلا أحد محصن من هذا الخطر الداهم، وهذه الحرب التي سوف تدمر مجتمعاتنا وأبناء شعبنا.بقلم وليد الرجيبجريدة الراي الكويتية٨ أغسطس ٢۰۱٥