July 2011
7

مقال بقلم الدكتور أحمد الخطيب عن فشل سياسة السيف والمنسف في ايجاد الحلول

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

هذه المقالة كتبها الزعيم الوطني الدكتور أحمد الخطيب ونشرتها مجلة "الطليعة" في عددها الأخير الصادر يوم الأربعاء 6يوليو 2011:

عندما عمت ثورة الربيع العربي المنطقة، ووصلت رياحها الى البحرين، أدرك ملك البحرين جدية الانتفاضة الجماهيرية العربية، التي قادها الشباب في العالم، وبما عرف عنه من رغبة في تطوير الوضع السياسي، أبدى استعداده للاستماع الى التحرك الشعبي السلمي الذي بدأ في بلاده. وكان واضحاً أهمية الدور الكويتي في هذا المجال، ودور الأمير في حل النزاع الذي حصل بين عمان والامارات، كما أن الحركة الشعبية في البحرين تثمن التجربة الكويتية، فلبت الكويت الدعوة والمساعدة في الحوار، وبرغبة من الطرفين جاء الوفد البحريني الشعبي الى الكويت.

إلا أن هناك أطرافا سياسية في البحرين لا تؤمن بالحوار وتعتقد بأنها قادرة على مواجهة كل تحرك للإصلاح بالقوة.

دور قوى الردة هذه انتعش بعد أن تم طرح شعارات دخيلة على التحرك السلمي، مطالبة بتغيير النظام واستبداله بجمهورية اسلامية، مما أشعل حرباً طائفية مقيتة في المنطقة. وهكذا تم الاستنجاد بقوات سعودية للرد على ذلك الطرح بالقمع. والعارف بالأمور في السعودية يعرف مدى التخوف من المؤسسة الدينية وبعض الأطراف في السلطة التي لا تعرف الا لغة «السيف والمنسف» أي صيغة الغزو الجاهلي بكل تفاصيله الوحشية، غير مدركة أن فتنة طائفية في المنطقة سوف تؤدي الى دمار الجميع حتى دول الجوار ولن يكون فيها أي منتصر.

وحده الأمير طلال بن عبدالعزيز حذر وشخص وأعطى الحل عندما قال ما معناه: إن التآمر والتدخل الأجنبي لا يمكن أن ينجحا إلا في وجود خلل داخلي، فالشيعة بالمملكة هم مواطنون عليهم واجبات يقدمونها ولهم حقوق يجب ان يحصلوا عليها حتى نحمي المجتمع من فتنة طائفية أو تدخل أجنبي..

ومع الأسف الشديد، فإن الكلمة المسموعة في الصراع الطائفي تكون للمتطرفين والقيادة لهم، فوجد المتطرفون من الطائفتين الفرصة لتزعم الصراع الطائفي المدمر.

وهكذا وجد الوفد البحريني الذي كان قد وصل الكويت لبدء الحوار من يعلن في البحرين أنه لا حوار الآن.. وبعدها لم نسمع للملك صوتاً!

وقد تعرضت الكويت لحملات ظالمة بسبب موقفها الرافض للمواجهة والداعي الى الحوار. واتهمتها أطراف رسمية بالتآمر، وعمدت الى تخوينها، واهتز الوضع الداخلي، الذي شهد شحناً طائفياً لم تعرفه الكويت في تاريخها كله.

وأصبح الصراع إقليميا وإذا بنا نصبح كاليتيم على مائدة اللئام.

ان ثورة الشباب العربي وقدرتها على اسقاط أنظمة عريقة في الاستبداد وتصديها البطولي لأنظمة أخرى أربك العالم ، وأدرك الجميع أنه لا مجال لتجاهلها وهي تقدم الضحايا كل يوم ويزيد عنفوانها يوما بعد يوم، لا بل انها أخذت تلهم شباب العالم كله على التحرك، وتخلف واقعاً جديداً لا مفر منه ، أبرز ملامحه أن مواجهة هذا التحرك بالعنف لا يجدي، بل يؤدي الى رفع سقف المطالبة بالتغيير.

هكذا أفلس أصحاب نظرية «السيف والمنسف»، وتم استئناف الحوار في البحرين وانسحاب القوات السعودية والأخرى التي دخلت استحياء، واصبح رئيس الوزراء الكويتي مرحباً به في مجلس التعاون الخليجي.

وما نأمله الآن أن يكون واضحا في طرحه للخيارات التي من شأنها أن تؤدي إلى الاستقرار في المنطقة، لاسيما أهمية المشاركة في اتخاذ القرارات واحترام حرية المواطن وكرامته واعتباره شريكاً أساسياً في الحكم لا تابعا للحكام.

لقد أشدنا بالمبادرة منذ البداية، وسخر منا وانتقدنا آخرون، الا أن الأيام برهنت أننا كنا على صواب، وأننا لم ولن نفقد بوصلتنا الأساسية في العمل على تحقيق طموحات شعبنا في العزة والكرامة والمستقبل الزاهر المستقل. ولعل هذا النجاح للحكومة في هذا المجال يكون حافزاً لها على العمل الجدي في إصلاح ما يعانيه المجتمع الكويتي من تردي الأوضاع في كل المجالات من دون استثناء، فالكويت تستحق الكثير من الاهتمام والعناية والمراجعة الشاملة لوقف هذا التدهور المخيف، ولاستعادة الريادة في كل المجالات.