August 2015
11

مخيم الشباب القومي العربي «اجتماع في زمن الفُرقة»

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

في ظل الانقسام والتراجع العربي، والتوحش الطائفي والمذهبي، وطغيان ثقافة الإلغاء والاجتثاث التي وقعنا بأسرها جميعاً، حكومات ومعارضات، وأفراداً وجماعات، وأحزاباً وتنظيمات، لكل من يخالفنا ويعارضنا في الرأي والمعتقد والوجهة، يلتئم شملُ مجموعة من الشباب العربي في حضن «دار الحنان» بالبقاع الغربي اللبناني.

وقد قُدّر لي زيارتهم، برفقة الأخ الكبير، والمعلم القدير، وصاحب مدرسة «العروبة الجامعة» أ.معن بشور، كي يُلقي محاضرة هناك.. وما إن وطئت أقدامنا أرض المخيم، حتى وجدنا فريقا من الشباب يناقش الشأن اليمني، وآخر يتحدث عن أسباب عزوف الشباب عن العمل السياسي، وثالثا ينهمك في تحرير صحيفة الحائط اليومية.

افتقدت صاحبي المحاضر، بحثتُ عنه، فإذ به يجلس كتلميذ في ظل شجرة، صاغيا لمناقشة الشباب، ثم يسألهم عما توصلوا إليه من خلاصات ونتائج، وقد لفتني أسلوبه المخالف لمعظم مثقفينا الذين اعتادوا – وبدافع من نرجسيتهم – على الأَسْتَذة والتنظير، والاستعلاء على من هم أقل منهم علما وثقافة، وما إن حان وقت المحاضرة، حتى اصطف الجميع وبحرص شديد على الإصغاء والتلقي، وقد بدأ أبوربيع لقاءه بالترحيب والتشجيع والإشادة بالشباب المشاركين، لتحملهم مشقة السفر، وتكاليفه الباهظة، كما شكر كل من ساهم في عقد هذا المخيم في دورته الرابعة والعشرين، سواء بالمال أو الجهد أو التشجيع، ثم تحدث مسهبا عن «العروبة»، باعتبارها رابطة جامعة لكل التيارات القومية والإسلامية واليسارية والليبرالية الوطنية، رافعا لهم معادلة الشيخ الراحل محمد مهدي شمس الدين، التي تقول «إن العالم العربي ليس فيه أقلية، فهناك أكثريتان.. عربية، فيها المسلم وغير المسلم، وأخرى مسلمة، فيها العربي وغير العربي»، وإن أهداف «المشروع النهضوي العربي»، المتمثلة بالتنمية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والوحدة، والتجدد الحضاري، والاستقلال، والتحرر من التبعية والهيمنة الإمبريالية، صالحة كي يكون برنامجا جامعا لكل تيارات الأمة العربية، وإن اختلفت آليات تنفيذه.

وقد شدد بتحذير الشباب من الوقوع في شرك التطرف، والفجور في الخصومة، راجيا لهم أن يكونوا دعاة وحدة لا فرقة، وتشارك لا إقصاء، وتوافق لا تخالف، كما نبه على أن القضايا العربية وفي قلبها فلسطين المحتلة، تحتاج إلى حملة صادقين، ودعاة مخلصين، كل في قطره، وألا يكتفوا بالنضال الإلكتروني خلف كواليس مواقع التواصل الاجتماعي، الذي سيبقى هامشيا، ما لم يترجم إلى أفعال وحراك على أرض الواقع.

لا يحتاج الزائر للمخيم جهدا في ملاحظة مدى الانضباط الأخلاقي داخله، وخصوصا بين الشباب والشابات، وروح التعاون في تدبير شؤون المخيم والمطبخ، فكل فريق يأخذ يوما ليحضر فيه طبقه الخاص، وقد حاز الطبق الكويتي الذي أعدَّه الشاب الواعد علي الشطي إعجاب الجميع.

يبهرك الكثير من الشباب، بثقافته ووعيه وإخلاصه وعفويته وصدقه، وقد أخبرني الصديق الحميم أبورائد عن بكاء الشباب الجزائري، حينما شاهدوا فلسطين المحتلة بأعينهم على مرمى حجر من مرتفعات مارون الرأس!

إن قيمة هذه المخيمات الشبابية لا تقتصر على مد خطوط التفاعل والتواصل والتبادل بين شبابنا في الحاضر، وربما في المستقبل، حينما يكونون في مواقع القرار والإدارة، بل تمتد إلى تحصينهم مبكرا من الانزلاق في المشاريع الظلامية والطائفية، التي ستجرنا جميعا إلى المزيد من الويلات والدمار والخراب والتهجير.

بقلم عضو التيار التقدمي الزميل أحمد الجاسم

۱٢ أغسطس ٢۰۱٥

جريدة الطليعة