November 2016
29

التحوّل الديموقراطي ... ضرورة أم ترف؟

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

بدأت الكويت مسار التحول الديموقراطي منذ أكثر من 50 عاماً، حيث وضع دستور 1962 الأساس لبناء دولة مدنية حديثة تقوم على النظام الديموقراطي. إلا أن التحول للنظام الديموقراطي يحتاج للمرور بمراحل انتقالية، فالتحول الديموقراطي عبارة عن مجموعة من العمليات والاجراءات لاحداث تغيير جذري في النظام «غير الديموقراطي» للوصول إلى النظام الديموقراطي.و في الكويت ما زلنا عالقين منذ 1962 في تلك المرحلة الانتقالية التي تجمع بين نظام الانفراد بالسلطة والنظام الديموقراطي، وذلك بسبب هيمنة النزعة السلطوية والمصالح الضيقة للقوى المتنفذة، التي أعاقت استكمال التحول الديموقراطي. فالحكومة الكويتية بعد أكثر من نصف القرن على وضع الدستور يشكلها رئيس وزراء يختار فريقه على قاعدة المحاصصة من دون أن يكون لهذه الحكومة برنامج أو خطة واضحة المعالم، ناهيك عن عدم قدرتها على رسم السياسة العامة للدولة، مثلما يقرر الدستور، وانحصار دورها في تنفيذ التوجيهات. أما مجلس الأمة فما زال انتخاب اعضائه يتم وفق النظام الفردي؛ وليس ضمن قوائم متضامنة، فيأتيك 50 نائباً كل نائب منهم له رؤيته ومصالحه الخاصة.ولأنها مرحلة انتقالية فهي بالتأكيد مرحلة غير مستقرة ومعرضة للانتكاسات دائماً والتاريخ يشهد على ذلك فتزوير انتخابات 76 والحلان غير الدستوريين في 76 و86 والحل المتكرر لمجالس الأمة بعد ذلك ليست الا شواهد على الانتكاسات التي تمر بها المرحلة الانتقالية للديموقراطية الكويتية.يقول آينشتاين في تعريفه للجنون «هو أن تعيد تكرار نفس العملية مرة تلو الأخرى وتتوقع نتائج مختلفة»، وهذا ما ينطبق على مَنْ يأمل تغييراً، فيما هو يعيد تكرار التجربة ذاتها منذ اكثر من 50 عاما دون تغيير أو تبديل ويأمل أن تكون النتيجة مختلفة. فالناخب يصوّت لأفراد غير متجانسين يفترض بهم أنهم يراقبون ويشرعون لحكومة معينة غير متجانسة لا تحمل رؤية ولا برنامج او خطة عمل، ولكنه مع ذلك يأمل أن يتحقق الإصلاح وتتحرك عجلة التنمية، وأن نتطور ونصبح في مصاف الدول المتقدمة!باختصار، نحن اليوم في أمس الحاجة لاستكمال متطلبات النظام الديموقراطي، فالوضع الاقليمي غير مستقر، والوضع الاقتصادي سيئ ولن يتغير بإعادة تجربة انتخاب مجلس جديد بالنظام ذاته. فهناك حاجة لتغيير النهج والتطور نحو النظام الديموقراطي المتكامل، ونقطة البداية هي إطلاق الحريات العامة، ثم التوافق على نظام انتخابي يسمح بانتخاب قوائم تقدم برامج واضحة وخطط عمل نستطيع من خلالها كناخبين أن نحاسب النواب، وفي الوقت نفسه، نقضي تدريجياً على سلبيات الوضع الحالي التي رسخت التعصب للطائفة والقبيلة ومزقت المجتمع. نحن اليوم في أَمَس الحاجة لتقوية جبهتنا الداخلية وإنهاء حالة الشقاق الطائفي والقبلي والمناطقي، وهذا لن يتم إلا باشراك الشعب فعلياً باتخاذ القرار؛ وبتحقيق التحول الديموقراطي المأمول.وفي الختام أستذكر قول المرحوم سامي المنيّس: «ما لنا أمان ولا لنا استقرار إلا في ظل هذه الديموقراطية».عضو التيار التقدمي الكويتي د.حمد اسماعيل الأنصاريجريدة الراي