January 2017
11

الاستثمار في البشر

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

قرأت قبل عدة أيام خبراً يفيد بأن الحكومة قد قلّصت الميزانية المرصودة للبحث العلمي في جامعة الكويت من 5 ملايين إلى 600 ألف دينار ضمن خطتها التقشفية لمواجهة العجز في ميزانية الدولة.مثل هذا الخبر قد يمر علينا مرور الكرام دون أن نستوعب أو نعي مدى فداحة الخطأ الذي ترتكبه حكومتنا وتأثيره المدمر على المدى البعيد، فالبحث العلمي هو عصب العمل الأكاديمي وهو الأساس الذي تتطور به الدول وتتقدم، فكيف لنا أن نتطور ونحن نتجاهل أهمية البحث العلمي بينما تقوم الدول المتقدمة برصد الميزانيات الضخمة فقط من أجل البحث والتطوير؟ المؤسف في الخبر أن تقليص ميزانية البحث العلمي أتى كإجراء تقشفي لمعالجة العجز في ميزانية الدولة، في حين أن البحث العلمي يعتبر من أهم الركائز للتطور والنمو الاقتصادي في الدول، ففي دولة صغيرة مثل الكويت يعتمد اقتصادها على بيع النفط بشكل مُفرط؛ حيث تشير جداول ميزانية الدولة إلى أن الإيرادات النفطية تشكل أكثر من 90 في المئة من إجمالي إيرادات الدولة، فإن أي أزمة تصيب القطاع النفطي العالمي قد تزعزع اقتصادنا المحلي، وهذا ما يحدث الآن بعد انخفاض أسعار النفط، لذلك فإنه من المهم أن نبحث عن البدائل المنطقية والمعقولة للتحول إلى نظام اقتصادي منتج وليس استهلاكياً، وهنا تكمن أهمية البحث العلمي.فنحن في الكويت لا نملك التعداد السكاني الكافي للتحول إلى النظام الاقتصادي المبني على الصناعة وبالتأكيد فنحن لا نملك البيئة الجاذبة للشركات الخارجية الكبرى لتستثمر في الكويت، لمَنْ يظنون أنها البديل، لذا فإن أكثر الحلول منطقية هي أن نستثمر في العلم والتكنولوجيا وغيرها من التخصصات والمجالات التي لا تحتاج للتعداد الكبير من الأيدي العاملة؛ وانما تحتاج أعداداً صغيرة بمستويات علمية عالية جداً.على سبيل المثال، لو تم الاستثمار في تطوير القطاع الصحي من خلال تأسيس كوادر متعلمة على أعلى مستوى وتوفير البيئة المناسبة للبحث والتطوير والاكتشاف في جميع المجالات الصحية كالطب والصيدلة والعلوم الطبية المساعدة بحيث تكون الكويت رائدة في المجال الصحي والطبي، فإن تطوير هذا المجال سيوفرعلى الدولة مصاريف العلاج في الخارج، كما أنه سيوفر إيرادات من خلال الرسوم التي ستدفع ممن يستفيد من هذه الخدمات. وبالتأكيد فإن الأمر لا يقتصر على المجال الطبي والصحي وإنما هناك العديد من المجالات ولكن كلها تعتمد على الاهتمام بالعلم والبحث العلمي وتطويره والاستثمار بالبشر وليس الحجر.في الختام، نحن لا نريد أن نعترض لمجرد الاعتراض أو كما نقول بالعامية «التحلطم» وبالتأكيد لا نختلف على أن ترشيد الانفاق مهم لمواجهة العجز في الميزانية، ولكن هناك قطاعات يجب أن نستثمر بها لا أن نقطع عنها التمويل وأولها التعليم والبحث، أما الهدر الأكبر فهو موجود في أماكن أخرى... وأبسطها مناقصات توفير العصائر والشاي في الوزارات!عضو التيار التقدمي الكويتي د.حمد اسماعيل الأنصاريجريدة الراي