December 2015
23

الإصلاح السياسي الديمقراطي ليس ترفاً

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

لا يحتاج الأمر إلى ذكاء خارق كي نكتشف أن السير في الطريق السياسي الاقتصادي الحالي مصيره الفشل الذريع الذي سينعكس، لا محالة، وبشكل سلبي للغاية على الوطن والمجتمع ككل، ولن تفيد هنا الإجراءات الأمنية، وتقييد الحريات، ومنع الناس من إبداء آرائهم، مثلما لن يفيد تطبيل بعض وسائل الإعلام التي لا يهمها مستقبل الوطن بقدر اهتمامها بمصالح أصحابها وتعظيم أرباحهم وزيادة ثرواتهم.في الجانب السياسي، نعيش مرحلة انتقالية معقدة ومضطربة، وهناك تغييرات دولية وإقليمة متسارعة تتطلب تماسك الجبهة الداخلية وقوتها، وهو الأمر الذي لا يستقيم مع ما جرى ويجري في الداخل خلال السنوات القليلة الماضية، حيث أصبح الشكل هو الطاغي على حساب المضمون فيما يتعلق بالمؤسسات الدستورية والديمقراطية، مما نتج عنه تمركز السُلطة واحتكارها، والتهميش السياسي الذي لا تخطئه العين لفئات اجتماعية أساسية، فضلاً عن إغلاق المجال العام وتقييد الحريات مما أدى إلى الاحتقان السياسي، وتنامي حالة من عدم الرضا السياسي.أما في الجانب الاقتصادي فما زال اقتصادنا ريعياً يعتمد بشكل شبه كامل على النفط كمصدر وحيد للثروة الوطنية بالرغم من أنه مورد ناضب، وقابل للاستبدال، وأسعاره متذبذبة (انخفضت في الآونة الأخيرة بمقدار 60% فتسببت، ضمن عوامل أخرى، في عجز مالي فعلي في الميزانية العامة من المرجح تزايده). علاوة على ضعف المشاركة الشعبية الحقيقية في إدارة الثروة الوطنية وتحديد توجهات الميزانية العامة للدولة وأولوياتها، بجانب ضعف المساءلة العامة أو غيابها، واحتكار الثروة وعدم عدالة توزيعها، أي اختلال العدالة الاجتماعية، وهو الأمر الذي يحتاج إلى إعادة هيكلة الاقتصاد وإصلاح اختلالاته على أسس اجتماعية وديمقراطية عادلة قبل أن تتفاقم المشاكل الاقتصادية، وتتعقد، وتستعصي على الحل فتؤدي إلى عدم استقرار اجتماعي-سياسي.وإذا ما أضفنا إلى كل ما سبق حالة التشظي الاجتماعي غير المسبوقة، وازدياد حدة الاصطفافات الفئوية، والطائفية والعنصرية التي وصلت، مع الأسف، إلى تلاميذ المدارس وطلبة الجامعات، علاوة على انتشار الفساد وبالذات السياسي، وضعف مخرجات التعليم وتردي الخدمات العامة، وترهل الجهاز الإداري للدولة فإننا سنصل إلى نتيجة واحدة لا غير، وهي انسداد أفق النهج السياسي-الاقتصادي الحالي.لهذا فإن الإصلاح السياسي الشامل والجذري باتجاه دولة مدنية ديمقراطية عصرية أصبح ضرورة لا تحتمل التأجيل، ففي غيابه سنسير بلا مشروع دولة حديثة برؤية واضحة وإرادة سياسية، وسيصبح الحديث، كما ذكرنا مراراً وتكراراً، عن إصلاح الاقتصاد، والمالية العامة، والتعليم، والصحة، والإدارة، والرياضة وغيرها من القطاعات الحيوية حديثاً إنشائياً لا معنى له ولا جدوى منه.بقلم د. بدر الديحاني23 ديسمبر 2015جريدة الجريدة