July 2023
17

الحركة التقدمية الكويتية تقدم قراءة نقدية لبرنامج عمل الحكومة… وتطالب بتوضيح صياغاته الملتبسة والمنطوية على توجهات سلبية… وتدعو النواب الإصلاحيين للتصدي لها

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

بدايةً لابد من توضيح أننا في الحركة التقدمية الكويتية عندما نبدي رأينا حول برنامج عمل الحكومة فإننا ننطلق أولاً من كوننا حزباً سياسياً معارضاً، ليست لدينا أية أوهام عن حدوث تبدّل جدي في نهج السلطة وطبيعة المصالح الاقتصادية والقوى الاجتماعية والطبقية التي تمثلها ولا على مستوى عقليتها وتوجهاتها السياسية وأسلوب اتخاذ القرار وإدارتها للدولة… وننطلق ثانياً من كوننا حزباً سياسياً يمثّل مصالح العمال والموظفين الصغار والمتقاعدين والفئات الشعبية المهمشة والطبقة الوسطى، الذين يشكلون الغالبية الساحقة من المواطنين والسكان.

 
ويفترض أن يمثّل برنامج عمل الحكومة ملخصاً لنهجها وتوجهاتها وسياساتها والبرامج التي تسعى لتنفيذها، وهو الأساس الذي تنال استناداً عليه ثقة البرلمان في ظل النظم البرلمانية مكتملة الأركان، ولكنه في الكويت للأسف يبقى مجرد متطلب دستوري شكلي وليس لمجلس الأمة حقّ في منح الثقة للحكومة أو حجبها عنها بناءً على هذا البرنامج، وإنما أقصى ما يمكن فعله تجاه برنامج عمل الحكومة هو إبداء الملاحظات حوله، وهذا ما نشير إليه دائماً في سياق نقدنا للنظام السياسي ومحدودية الدستور الحالي أمام متطلبات الإصلاح والتغيير وطموحات الشعب.

 
وللأسف فإنّ قرار مجلس الأمة بتحديد جلسة عاجلة يوم غدٍ الثلاثاء لمناقشة هذا البرنامج لن يتيح الفرصة الكافية لا للرأي العام لإبداء ملاحظات عليه ولا للنواب لبحثه وتقديم ملاحظات جدية حوله، وإن كان هاجس الاستعجال في الإنجاز ضاغطاً ويسيطر على بعض النواب، فإن مضمون هذا الإنجاز أهم بالنسبة لغالبية المواطنين الذين يرونه مشروطاً بأن يكون لصالحهم لا لصالح قلة تريد الاستئثار بمقدرات البلد ومصير الشعب.

 
وبالنسبة لنا في الحركة التقدمية الكويتية فقد اطلعنا على برنامج عمل الحكومة وتوصلنا إلى مجموعة من الملاحظات نرى ضرورة الإعلان عنها ووضعها تحت متناول الرأي العام الشعبي والنواب قبل الجلسة المخصصة لمناقشة البرنامج، وتتمثّل أبرز الملاحظات في النقاط التالية:

أولاً: يتجاهل البرنامج مشكلات أساسية يعاني منها غالبية المواطنين والسكان مثل التضخم والغلاء وارتفاع الأسعار والإيجارات.

 
ثانياً: فيما عدا إشارة عابرة إلى مشروع قانون المفوضية العليا للانتخابات، فقد تجنّب البرنامج أية إشارة إلى استحقاقات الانفراج السياسي كالعفو عن المحكومين والمهجرين بسبب قضايا الرأي وإرجاع الجناسي المسحوبة لأسباب سياسية، وكذلك استحقاقات الإصلاح السياسي والانتخابي.

 
ثالثاً: يضم البرنامج مجموعة من المحاور والبرامج التي صيغ بعضها على نحو واضح وذلك في العناوين التي يتقبّلها الرأي العام الشعبي، بينما جرى التخلي فيه عن بعض العناوين المثيرة للمعارضة الشعبية مثل ضريبة القيمة المضافة، وقد تعمدت الحكومة أن تصيغ مجموعة ليست قليلة من البرامج بعبارات مطاطة عائمة وحذرة قابلة لتفسيرات متفاوتة وملتبسة، خصوصاً تلك التي تتصل ببرامج وتوجهات ومشروعات قد تجد معارضة شعبية بسبب انحيازها الطبقي لصالح قلة من كبار الرأسماليين الطفيليين أو مساسها بمكتسبات اجتماعية شعبية، وذلك لتمرير البرنامج ووضع الناس أمام الأمر الواقع مستقبلاً ويرمى باللوم على عدم الفهم الذي تسبب به هذا الأسلوب المقصود من الحكومة في صياغة النصوص… ومن الأمثلة على ذلك:

1- عنوان "تدشين آلية تسعير للخدمات العامة والرسوم" بينما المقصود هو فتح المجال أمام زيادة أسعار الخدمات واستحداث رسوم جديدة وزيادة الرسوم الحالية.

2- "إعداد إطار عام لإعادة هيكلة نموذج الدعوم"، فيما المقصود خفض الدعوم وإلغاء بعضها.

3- "معالجة أسس نظام التأمين التقاعدي"، وفي الغالب فإنّ المقصود على ضوء برامج حكومية سابقة هو رفع سن التقاعد وزيادة أقساط المؤمن عليهم.

4- "إنشاء شركة بريد الكويت وشركة إدارة شبكة الاتصالات الثابتة والألياف الضوئية"، بينما المقصود خصخصة قطاعي البريد والهواتف الثابتة والألياف الضوئية.

5- "إعادة هيكلة الهيئات الحكومية"، والمعنى الفعلي على ضوء برامج حكومية سابقة هو خصخصة الهيئات الحكومية.

رابعاً: رغم ما سبق، فإنّ هناك حالات لم يكن ممكناً معها التعمية على الهدف وصياغته بعبارات مبهمة ومطاطة، ما استدعى الإعلان عنها بشكلها المباشر في برنامج عمل الحكومة، مثل: إقرار قانون الدين العام، وتخصيص مشروع محطة الشعبية الشمالية للكهرباء والماء، وتأهيل 6 مشاريع سنوياً للشراكة بين القطاعين العام والخاص، وإصدار الاستراتيجية الوطنية للخصخصة.

خامساً: في الوقت الذي لم يشر فيه برنامج عمل الحكومة في محاوره وبرامجه إلى قضية الكويتيين البدون، فإنّه وضع ضمن المتطلبات التشريعية لتنفيذ البرنامج مشروع يمثّل ما أسماه "إطار شامل لمعالجة ملف المقيمين بصورة غير قانونية وفقاً لخارطة الطريق المعتمدة من مجلس الوزراء ووفقاً للبيانات الموثقة لدى الجهاز المركزي"، ما يعني أنه "لا طبنا ولا غدا الشر".

سادساً: ركّز برنامج عمل الحكومة على برامج اقتصادية وخدماتية بينما أهمل البرامج الثقافية والفنية.

سابعاً: يتضمن برنامج عمل الحكومة في نهايته قائمة طويلة بمشروعات القوانين التي تمثّل المتطلبات التشريعية للبرنامج، وليس من الواضح ما إذا كان سيتم التقدم بمشروعات قوانين جديدة أم سيتم الاستناد إلى مشروعات القوانين السابقة المدرجة على جدول أعمال مجلس الأمة منذ سنوات، أم سيتم سحب مشروعات القوانين المتقادمة وغير المتوافقة مع البرنامج؟

 
إنّ الحركة التقدمية الكويتية إذ تقدّم هذه الملاحظات حول برنامج عمل الحكومة، فإنّها تحمّل النواب الإصلاحيين مسؤولية تمريره على ما هو عليه، وتطالبهم بإعلان مواقف واضحة تجاه البرامج والتوجهات ومشروعات القوانين المنحازة طبقياً لمصالح القلة الرأسمالية الطفيلية والمتعارضة مع مصالح الغالبية الساحقة من المواطنين والسكان، ومطالبة الحكومة بتوضيح المقصد الحقيقي من العناوين والصياغات المبهمة، التي تدس في ثنايها "السمّ بالدسم".


الكويت في 17 يوليو 2023