August 2016
21

إلى الرفاق في التيار التقدمي: غيروا شعاركم !

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

يتخذ التيار التقدمي الكويتي عبارة ” تقدم – حرية – عدالة اجتماعية ” شعاراً له يسترشد به بشكل أو بآخر في نضاله و مطالباته السياسية إيماناً منه بأن هذه المطالبات يفرضها الواقع الملموس و المشهد السياسي القائم ، ولكن قيادات و أعضاء التيار لم ينسلخوا عن واقعهم عندما تغير هذا المشهد ، فقد صب التيار التقدمي جهده في الدفاع عن القضايا المعيشية التي بدأ يتضرر منها كل من يعيش على أرض الكويت ، و ذلك بسبب أدوات تحليلهم و واقعية نظرتهم التي حتمت عليهم الانصراف للدفاع عن معيشة الناس دون التخلي عن باقي القضايا الاستراتيجية ، وهذا ما لم تقم به الكثير من التنظيمات الأخرى .فأنا مازلت أقف مذهولاً عند سماع مطالبات و شعارات الكثير من التيارات و الشخصيات السياسية والتي لا تتناسق لا من قريب ولا من بعيد مع الوضع الحالي ، فنحن نعيش فترة تعاظمت فيها الهجمة النيوليبرالية على الاقتصاد و انهارت بها دعامات المواطن الأساسية من علاوات و الدعم و زيادات ، فهل يرى هؤلاء بأن المطالبة بالحكومة المنتخبة أمر مستحق في وقت ترفع به الدعوم عن الوقود ؟ أم هل يرون بأن المطالبة بآلية انتخاب جديدة أمر شديد الاستعجال في نفس الوقت الذي يُسجن فيه شباب الحراك و يعيش البعض الآخر منهم دون جنسية ، نرى بأن السلطة تقرر رفع أسعار الوقود و تقليل مخصصات العلاج بالخارج و التلويح بتقليل دعم الزواج و إلغاء بدل الإيجار و تقليل دعم العمالة الوطنية و خفض الإنفاق و تسعير العلاج في مستشفى جابر و رمي الجمعيات التعاونية في أحضان التجار وتحويلها لجمعيات ربحية و خصخصة أهم مرافق الدولة ألا تستحق هذه القضايا المحاربة من أجلها و تعبئة الجماهير ضدها ؟هناك قضايا تفرضها المرحلة وهناك قضايا بعيدة تُعتبر أهدافاً استراتيجية من الممكن التريث فيها اليوم ، فالهروب من الواقع للأحلام الوردية لايمكن تسميته اليوم إلا جُبناً سياسياً ، فما قيمة الشعارات العظيمة إذا لم يتفاعل الشارع معها و لم يلق لها بالاً، وكيف يفكر المواطن البسيط في الحكومة المنتخبة وهو يقتله الأرق من الضيق المعيشي و يتأثر به ، وبالطبع هذا الأمر هو أحد مسببات النفور الشعبي من قوى المعارضة وأحد أسباب ركود المعسكر المعارض إلى جانب العديد من الأسباب الأخرى ، فالقوى السياسية تكتسب تأثيرها من جماهيرها بالمستوى الأول و في حال نفور الشعب منها ستُشل حركتها لا محالة !إذاً تكييف المطالبة مع الواقع السياسي هو أهم خطوة ليتفاعل الشارع معك ودون هذا التكييف ستظل التنظيمات السياسية و السياسيين بمنعزل يكتفون بالتنظير الإلكتروني و الندوات الباهتة والتي لن تغير بدورها المشهد السياسي أو حتى تحركه ، وهنا تكمن المسؤولية السياسية الحقيقة فالتنظيم هو المسؤول عن تحريك الشارع و زيادة وعيه و تعبئته و إن لم ينجح في هذه المهمة فسيعتبر و بالضرورة تنظيماً ساقطاً سياسياً و غير جدير بثقة الشارع !ولذلك يجب أن يعي الجميع بأن التهاون القائم من قبل الكثير من التنظيمات اليوم سيؤدي إلى نتائج كارثية فالسلطة أصبحت تهجم على حياتنا المعيشية دون رادع أو مانع ، و سنصل إلى اليوم الذي يطالب فيه الناس التيار التقدمي -والذي يحارب هذه الهجمة- لتغيير شعاره إلى ” عيش – حرية – عدالة إجتماعية ” محاكاةً للواقع المعيشي القائم .فهد بن ماهر٢٠-أغسطس-٢٠١٦