January 2015
30

أكذوبة كفاءة القطاع الخاص

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

منذ بضع سنوات وهناك ترويج محموم، لضرورة خصخصة القطاع العام، أو تفكيكه وبيعه بسبب الفساد وعدم كفاءة أدائه، وافتقاد الموظف الكويتي لقيم العمل، وأشهر الليبراليون من الكتاب المنتمين لفئات البرجوازية «المتوسطة» والكبيرة، بل وحتى المنتمين من صغار البرجوازية، الذين يعانون من المزاحمة غير المتكافئة مع كبار الرأسماليين، ومنهم من ينتمي إلى قوى وطنية ناضلت لعقود طويلة، من أجل الاستقلال والحرية والحياة الديموقراطية، أشهر هؤلاء أقلامهم، ودافعوا عن سياسة الخصخصة، الحل السحري للتنمية والتقدم، وعن القطاع الخاص الذي أُطلق عليه لقب لا يخلو من المبالغة الكوميدية، فسموه «قاطرة التنمية».

ويعرف جميع خبراء الاقتصاد السياسي، بأن القطاع الخاص الكويتي ضعيف وطفيلي، يعتاش على الدعم الحكومي (القطاع العام) كلما وقع في أزمة، وهو قطاع مشوه وغير منتج، سواء كان تجارياً أم عقارياً أم مالياً بل هو ريعي، يقتات من التنفيع الحكومي من خلال المناقصات والعقود.

وكاد المواطن البسيط أن يصدق مقولة «القطاع الخاص الذي لا يقهر، والمنقذ المنتظر للبلد» من تراجع التنمية والخدمات الصحية والتعليمية، والبنية التحتية والطيران الوطني، الذي كان رائداً في المنطقة ومثالاً للكفاءة والالتزام بالمواعيد والصيانة المثلى.

هذا القطاع الضعيف والطفيلي، يضع عينه على ثروة البلد ومقدرات الشعب الكويتي بشكل دائم، ولذا يُنظّر كتابه واقتصاديوه حول قدراته الهائلة، لضمان تقدم البلد وحل لأزماته المتعددة، لكن في الواقع أن همه الأول والأخير هو الربح ومزيد من الربح، ولا تهمه مصالح البلد والشعب، فمصلحته هي الأولى والأخيرة.

والمبدأ الاقتصادي الرأسمالي لتحقيق هدف الربح، هو تقليل التكلفة لضمان عوائد أكبر، دون التفات إلى معايير الكفاءة، وهناك شواهد حية على ذلك، تحدث لنا كمواطنين بشكل يومي في حياتنا ومعيشتنا، فعلى سبيل المثال قبل أسبوع شعر أحد أصدقاء الطفولة، بألم وضيق تنفس فرأى كما تم الإيحاء له بشكل متكرر، أن أعراضاً كهذه لا تريد المستشفيات الحكومية بكل السوء الذي يعرفه الجميع عنها، فاتجه فجراً إلى مستشفى خاص، تملأ إعلاناته الصحف اليومية، وعمل له تخطيط القلب والفحوصات اللازمة مثل أنزيمات القلب، وأكد له الطبيب أن قلبه سليم تماماً وأن ضيق التنفس سببه حساسية في الرئة.

فعاد الصديق إلى بيته مطمئناً، ولكنه ظل لأربعة أيام لا يستطيع مغادرة فراشه، فاتجه به ولده إلى مستشفى حكومي تخصصي، ولما رأى الطبيب تخطيط القلب من المستشفى الخاص، سأل صديقي، منذ متى عمل هذا التخطيط فأخبره منذ أربعة أيام، فغضب الطبيب مستنكراً وقال أن الجلطة واضحة كل الوضوح في التخطيط، فحتى طبيب التخرج والسنة النهائية يستطيع تمييز ذلك.

فأدخل غرفة العمليات فوراً، كان لديه انسداد في ثلاثة شرايين، بعضها مئة في المئة، وأحدها شريان رئيسي، فهذا هو الفرق بين مستشفى خاص يهدف إلى الربح فقط، وليس من المهم كفاءة الطاقم الطبي، بل قد تكون شهادة بعض الأطباء مزوّرة، المهم أن رواتبهم أو تكلفة تشغيلهم قليلة لضمان الربح، والفرق بين المستشفى الحكومي.

وهذا ينطبق على التعليم الخاص، وعلى كفاءة معلميه ونتائج العملية التعليمية، فالأمر يتعلق بحياتنا وصحتنا ومستقبل أطفالنا، فكفاءة القطاع الخاص وهمٌ أو أكذوبة يطلقها الجشعون ليصدقها البسطاء.

وليد الرجيب

___________________________

منقول عن جريدة الراي الكويتية تاريخ ١٩-١-٢٠١٥