June 2015
30

جريدة الطليعة - تفجير «الصادق» جمع شمل الكويتيين.. و«الداخلية» تتحمل المسؤولية

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

أكد نواب سابقون وشخصيات سياسية ومجتمعية أن الحادث الإرهابي، الذي ضرب الكويت يوم الجمعة الماضي، عمل خسيس وجبان وأنه أن الأوان لمعالجة جذور القضية والقضاء على حالة الاحتقان الطائفي بعيداً عن العاطفة.وأضافوا في تصريحات لـ»الطليعة» أن تغذية الفكر الطائفي وبث سموم الكراهية على مدار السنوات الماضية هو ما أوصلنا الى ما نحن عليه حالياً، مؤكدين أن الحل يكمن في تعزيز دور المؤسسات والالتزام بالدستور والقانون والتعايش وفق مبدا المواطنة بعيداً عن نعرات التعصب والطائفية.

وطالب بعضهم باستقالة وزير الداخلية لتقصير وزارته في الحفاظ على أرواح المصلين وفشله في الخطة التي أعلن عنها لتأمين المساجد، متمنين أن يتحلى أهالي الضحايا بأعلى درجات ضبط النفس والصبر ليفوتوا الفرصة على الإرهابيين وتحقيق ما يصبون اليه من خلق فتنة طائفية تجر المجتمع إلى ما لا يحمد عقباه.

في البداية، قال النائب السابق صالح الملا أن ما حدث يجب ألا يمر مرور الكرام، وعلينا أن نتعامل مع الحادث بواقعية وبعيداً عن العاطفة، فهناك خطأ جسيم تتحمله كل الأطراف، خاصة الأطراف المسؤولة، وتحديداً السلطة التنفيذية ووزير الداخلية، الذي ترك الحبل على الغارب.

وأضاف أن وزير الداخلية ترك هذه الخلايا النائمة تمارس عملها بكل أريحية، واكتفى بملاحقة الشباب والمغردين، أصحاب الرأي السياسي، وعلينا بعد ذلك الحادث ألا نجامل وألا تغلب علينا العاطفة.

وأكد الملا أن الحادث الإرهابي أثبت أن الشعب الكويتي متماسك على الرغم من أننا لسنا في حاجة الى إثبات ذلك، وشعب متراص الصفوف، وفي الأزمات تجدنا نسيجاً واحداً، لذلك أؤكد أن الخلل ليس في المجتمع أو بأطيافه بقدر ما هو موجود في الجهات التنفيذية، مشيداً بردود الفعل الشعبية الرائعة وغير المستغربة من الشعب الكويتي، مما يؤكد تماسك المجتمع وأفراده، وأن ولاءه وانتماءه لهذه الأرض مطلق.

مسؤولية السلطة التنفيذية

وحمل مجدداً مسؤولية ما حدث للسلطة التنفيذية ووزارة الداخلية كونها أعلنت منذ أسابيع عن خطة تأمين المساجد وحمايتها، مبيناً أن دخول ذلك الإرهابي الى المسجد بتلك الأريحية بحزامه الناسف أمام أعين رجال الداخلية، ليرتكب هذه الجريمة الكبرى، أمر بحاجة الى وقفة، وعلينا أن نتحلى بثقافة تحمل المسؤولية، وعلى وزير الداخلية، أن لم تكن الحكومة، التقدم بالاستقالة، ومراجعة الإجراءات الأمنية، خصوصا فيما يتعلق بالجماعات المتطرفة.

وأضاف الملا: حذرنا في السابق من التأجيج الطائفي، ولعب السياسيين من نواب سابقين وحاليين على ذلك الوتر البغيض، وأعتقد أن الأمر أكبر من ذلك، وأتساءل من رعى ذلك المجرم؟ ومن وضع حزامه الناسف وأمن له المتفجرات؟ لا شك أنها شبكة متكاملة من المجرمين تعمل في الكويت ووزارة الداخلية في حالة سبات عميق، وعليها الإجابة على ما يطرح من تساؤلات، ولا نريد أن نعيد مأساة الغزو عندما لاحقت أجهزة الأمن السياسيين والكويتيين الشرفاء، ممن طالبوا بالعودة للعمل بالدستور وتركت أنظمة البعث وخلاياها تعبث بأمن البلاد ليحدث ما حدث، مبيناً أن الوضع الحالي تكرار لذلك المشهد، ونتمنى ألا يحدث ذلك.

واستنكر الملا ملاحقة الشباب المغردين والزج ببعضهم في السجون بسبب تغريدة أو رأي لا يتجاوز حدود المطالبة بالإصلاح السياسي، في حين تترك تلك الجماعات الإرهابية تهدد أمن الوطن، مطالباً بأن يتحمل الجميع مسؤولياته وأن تكون لهم وقفة، مع إعادة النظر في سياسة الأجهزة الأمنية في التعامل مع الأحداث، لا سيما أننا نعيش في إقليم متفجر، مؤكداً على ضرورة أن يقف الشعب الكويتي صفاً واحداً ضد هذا العمل الخسيس وأن ينسوا الخلافات السياسية وألا يعلو صوت فوق صوت الوطن.

يوم أسود

من جانبه، عزى النائب السابق محمد العبد الجادر الشعب الكويتي بالفاجعة، متمنياً أن يلهم الله تعالى أهالي الشهداء والمصابين الصبر والسلوان، وأضاف: لقد آلمنا الحادث الشنيع، فقد كان يوم التفجير يوماً أسود لن يمحى من ذاكرة التاريخ الكويتي، وسيضاف الى الأحداث التي أثبتت تماسك ووطنية الشعب الكويتي.

وقال كيف يمكن أن ترتكب هذه الجريمة في يوم جمعة وفي بيت من بيوت الله الحرام وفي شهر رمضان المبارك والجميع صائمون وأثناء الصلاة؟! متسائلاً: ألم يجد ذلك الإرهابي الخسيس من كل ما سبق رادعاً له ليمتنع عن تفجير نفسه بالحزام الناسف؟، مستغرباً من ذلك الفكر الذي يبيح إزهاق أرواح المصلين الصائمين في بيت من بيوت الله.

وشدد العبد الجادر على ضرورة أن يتماسك الكويتيون بأهم الأسلحة التي يمتلكونها وهي سلاح الوحدة الوطنية، ذلك السلاح القديم الذي استخدمناه في المحن التي مرت علينا بداية من معركة الجهراء والغزو الغاشم وحرب التحرير، مروراً بشهداء ضحوا بأرواحهم فداء للوطن في مناسبات مختلفة.

وأشار إلى أن تلك الحادثة لا بد أن تجعلنا نعيد النظر في الاختلالات والثغرات، وأهمها المناهج الدراسية، التي رعت بعضها التطرف، وساعدت في نموه، مؤكداً أن ما نعاني منه حاليا يتحمل جزءاً كبيراً منها خطاب الكراهية والتأجيج واللعب على وتر الطائفية وبعض المناهج التي تتعارض مع مفاهيم المواطنة والوحدة الوطنية.

وأضاف العبد الجادر أن على الجميع أن يعي أن الوحدة الوطنية والتعايش السلمي هي الطريق الى حياة هادئة، مبيناً أن هناك الكثير من السياسيين السابقين والحاليين شجبوا حادث يوم الجمعة الماضي، لكنهم مسؤولون بشكل مباشر عن تنمية روح التعصب والتطرف، وهم يجنون اليوم ثمار ذلك التأجيج بعد أن كفروا وشككوا بمكونات المجتمع الكويتي المتماسك.

حل جذري

من جهتها، اعتبرت الحقوقية د.رنا العبد الرزاق أن الحادث بمثابة حلقة في سلسلة تفجيرات أصابت المنطقة، لافتة إلى أن دلالات الحادث ومؤشراته كانت موجودة لدرجة أن البعض توقعه، لاسيما في حالة الانقسام البشع والبغيض التي عانى منه المجتمع الكويتي في الفترة الأخيرة، خاصة على صعيد التطرف والفكر الديني المغلوط.

وأكدت أن على الحكومات أن تبحث عن حل جذري بعيداً عن الحلول الأمنية وسياسة التضييق أو المراقبة، فهؤلاء الشباب في حاجة الى التعامل معهم بالحكمة والفكر، فالقضية والتطرف وخطاب الكراهية وبث السموم أمر واقعي مهما حاولنا أن نخفي ذلك.

وأضافت أن محاولة تجميل الصورة سيكون بمثابة هروب من الحقيقة التي نعيشها حاليا من خلال الانقسام الطائفي واللعب على تغذيته بوجود من يرعاه ويتكسب عليه، معتبرة أن الكويت أمام خيارين، إما أن ينجح ذلك المخطط في نقل الصراع الطائفي الى البلاد ويزيده تأجيجا، أو يكون الحادث درسا يجبرنا على معالجة الثقوب في نسيجنا الواحد.

وثمنت العبد الرزاق فزعة المواطنين بعد الحادث وتضامنهم القوي ووصفتها بالرائعة، متمنية أن يكون ذلك الالتحام غير وقتي ونعود جميعاً فيما بعد الى خلافاتنا الضيقة، فعلى مر التاريخ تحسنت حالة الانقسام أثناء الأزمات، لكنها عادت مرة أخرى الى التدهور من جديد عندما هدأت الأمور.

وأضافت أن سياسة رد الفعل لا تعالج الجذور، وعلينا جميعا أن نتعلم من الدرس بوقفة صادقة نقف فيها جميعاً على مواطن الخلل ونعالجها ولا نهرب منها بالشعارات التي لن تحرك ساكنا.

وبكونها مراقب الخدمات الطبية والتوجية في بنك الدم المركزي، أكدت العبد الرزاق أن الإقبال الكبير على التبرع بالدم من قبل المواطنين كان صورة رائعة، وعبر بشكل تلاحمي عن ردة الفعل الشعبية تجاه تلك الأحداث، مؤكدة أن ردود الأفعال لا تكفي لمعالجة جذور تلك القضية وعلينا أن نبدأ في دراستها ومعالجتها بالشكل الصحيح بعيداً عن الانفعالات والعاطفة.

واعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت والباحث في المجال الحقوقي والإنساني د.غانم النجار أن ما حدث يستهدف الفتنة والتوتر وإحداث حالة من الاضطراب والقلق، مبيناً أن الحادثة جزء من ترتيب واضح طال عدداً من الأماكن بأشكال مشابهة وبشكل واسع في عدد من البلدان.

وقال: الغريب في الأمر أن الحادث كان متوقعاً، فنحن نتحدث عن مكان في محيط ملتهب، فضلاً عن حوادث أخرى حدثت في السعودية بشكل مشابه في المنطقة الشرقية، ولذلك أؤكد أن الأمر تأخر كثيراً، ومن وجهة نظري توقعت أن يحدث منذ فترة سابقة.

وعبر د.النجار عن سعادته بالتلاحم الذي ظهر على الشعب الكويتي عقب الحادثة، مبيناً أن الحضور كان مذهلاً أثناء تقديم واجب العزاء، لدرجة أن هناك أشخاصاً وقفت بالساعات لكي تصل الى مكان العزاء لتأدية الواجب من مختلف الأطياف والأعمار، مبيناً أن كل هذا يؤكد رغبة المواطن الكويتي في دحر قضية الفتنة، وخير دليل على ذلك أن القضية التي حدثت في مسجد شيعي وكان العزاء في مسجد سني رد قوي على من يريد إثارة الفتنة.

ووصف ردود الأفعال والتفاف المواطنين حول بعضهم واختفاء الاحتقانات بما حدث أثناء الغزو مع اختلاف التفاصيل، مؤكدا أن تلك المؤشرات تؤكد على قوة المجتمع، وأنه قوي جدا تجاه من يريد ضرب الوحدة الوطنية، وقد أظهر المجتمع تماسكا رائعا.

وتساءل د.النجار بعد ما حدث ما المتوقع؟ مشيراً إلى أنه خلال فترة الغزو ظهر تماسك كبير، ولكن مع مضي الوقت لم يتم استيعاب الدرس، وجل ما أخشاه أن نندفع ونستنكر ونشجب في هذه المسألة ونتوقف عند هذا الحد لتعود الأمور كما كانت من قبل، مطالباً السلطة التنفيذية بمتابعة من يتبنون خطاب الكراهية ويدفعون نحو التكفير والتشدد والتزمت، وقال: القضية كبيرة لا تتوقف على المتابعة فقط، ولكنها تمتد الى معالجة وتنقيح المناهج ومحاسبة الشخصيات التي تصدر تلك السموم وتدفع نحو إلغاء الآخر، وعلى أجهزة الأمن متابعة المتشددين أصحاب تلك الخطابات، إلى جانب وضع الرؤى لعلاج تلك المسألة، كما أن على السلطة التنفيذية أيضاً إعادة التوازن وتعزيز مفاهيم العدالة والحرية والمساواة وقيم العدل والتسامح لكي نخرج من إشكالية «ماذا بعد».

من جهته، أعرب أمين عام المنبر الديمقراطي بندر الخيران عن خالص عزائه وصادق المواساة لأهالي الشهداء الأبرار والمصابين في حادث التفجير، مستنكرا ذلك الفعل الجبان الذي كان سببا في إزهاق أرواح عدد من أبناء الوطن وتسببه في مأتم كبير فطرت بسببه قلوب الشعب الكويتي بأكمله.

واعتبر أن ما حدث نتيجة طبيعية لما شاهده المجتمع الكويتي في السنوات العشر الأخيرة وما قبلها، مبيناً أن انتشار خطاب الكراهية المسموم بأبعاده الطائفية والمذهبية والقبلية والاستقطاب الحادث بسبب ذلك الخطاب أدى الى الإقصاء ونبذ مكونات الشعب الكويتي، وكان سببا في تلك الفاجعة، والأسوأ أن الأمر معرض للزيادة وقد تكون هناك حوادث أخرى في ذلك الاتجاه لا قدر الله.

وقال الخيران أن أساليب التفرقة والشحن التي مورست سممت الأجواء في السنوات الأخيرة، ومزقت المجتمع وأبعدته عن طريق الدولة المدنية وقيم الدستور، وأتاحت الفرصة لبروز خطاب طائفي وعنصري كريه من قبل شخصيات قادت أطرافاً صنعت تلك الحالة غير الطبيعية والدخيلة على مجتمعنا الكويتي المسالم، حتى وصل الأمر الى مناهج التدريس التي تحتاج الى مراجعة دقيقة.

وقال: حذرنا مراراً وتكراراً من ذلك النهج الذي أكدنا أن استمراره سيقودنا الى المجهول، ويهمش دور الدولة ومؤسساتها، ويجرنا الى حرب السفهاء، مؤكداً أن الحل يكمن في تأصيل قيم الوحدة الوطنية وتفويت الفرصة على من يريد بأهلنا وبلدنا السوء، إلى جانب تفعيل كامل للدستور، الأمر الذي سيوفر بيئة صحية تضمن شراكة وطنية لجميع مكونات المجتمع في إطار من الحرية والعدالة والمساواة ، وهو ما سيؤدي تلقائيا الى إيقاف دعم ورعاية خطابات الكراهية المختلفة.

وتمنى الخيران أن يتحلى أهالي الضحايا من الشهداء والمصابين بأعلى درجات ضبط النفس والصبر، لكي يفوتوا الفرصة على الإرهابيين وتحقيق ما يصبون إليه من خلق فتنة طائفية تجر المجتمع الى صدام، معرباً عن أمله في أن يظهر أهالي الشهداء والمصابين حقيقة وصلابة معدن الشعب الكويتي الأصيل المتمسك بوحدته الوطنية، ومتمنيا أن يستمروا على نفس الروح التي ظهروا عليها بعد الحادث، لنستمر جميعنا صامدين باحثين عن حل جذري ومستحق لتجاوز أسباب هذا الفكر، مؤكداً أن الشعب قادر على رد الصاع صاعين بالعودة الى نظام التعايش السلمي والأخذ باسباب الدولة المدنية، وعلى السلطة أن تتحمل مسؤولياته كاملة في حماية دور العبادة والمجمعات التجارية، وعلى وزير الداخلية تقديم استقالته بعد تقصير وزارته في أداء مهامها بالشكل الصحيح رغم توافر العديد من المعلومات والتهديدات من قبل قوى التطرّف التكفيرية، وإخفاقها عمليا في حماية المواطنين ووقوعهم ضحايا لتلك الجريمة النكراء.

من جانبه، عزى منسق عام التيار التقدمي ضاري الرجيب الشعب الكويتي بضحايا الحادث، معتبراً ما حدث جريمة وحشية نكراء، وقال: أكدنا مرارا وتكرارا ضرورة أخذ تهديدات ما يسمى بداعش بجدية واتخاذ إجراءات حازمة ضد هذه التهديدات.

وأشار إلى أن هذه الحادثة أكبر دليل على أن السلطة لم تتخذ إجراءات جدية واحترازية كافية، بل كثفت إجراءاتها البوليسية والقمعية ضد القوى الوطنية والعناصر المعارضة، وقال: كما حذرنا مراراً من مغبة إثارة الفتن الطائفية ودعمها وعدم محاسبة مثيريها في الوقت الذي من المفترض زيادة حالة اليقظة والحذر لمواجهة هذا الخطر الذي يطال المنطقة ككل.

واعتبر الرجيب أن هذه العملية الوحشية القذرة هي حلقة من سلسلة لمخطط خطير يسعى الى إشعال نار الفتنة الطائفية في بلدنا والمنطقة عموما عبر استغلال الأوضاع الملتهبة التي تشهدها المنطقة، بما يخدم عملياً المؤامرات الإمبريالية والمخططات الصهيونية الساعية الى دفع الشعوب العربية نحو فخ الصراعات الدموية والحروب الداخلية، وصولاً الى تفتيت مجتمعاتنا وتجزئة بلداننا وتسيد المشروع الصهيوني في المنطقة.

واختتم الرجيب تصريحه قائلاً: يجب أن تلتحم جميع مكونات المجتمع الكويتي وتقف صفا واحدا لمواجهة أي خطر يهدد الوحده الوطنية ويهدف الى تفتيتها.

مناهج خاطئة تكفيرية

من جانبه، أكد عضو مجلس الأمة السابق المحامي مشاري العصيمي أن الفاجعة كانت قوية جداً على الشعب الكويتي، واصفا ذلك العمل بالخسيس وأن ما حدث دليل على أن الإرهاب لا دين له، وأن ما نعاني منه حاليا نتاج لتربية دينية ومناهج خاطئة تكفيرية أصولية متشددة تغيب عنها روح التسامح وتقبل الديانات والطوائف الاخرى.

وأضاف: نحن في حاجة ضرورية الى إعادة النظر في جميع مناهج الدراسة، وعلينا أن نثقل التلاميذ والطلاب في المراحل الدراسية الاولى بالمناهج الوطنية التي تنبذ الكراهية وتحث على قيم التسامح والاخاء والمواطنة فضلاً عن العدالة والمساواة.

وقال: من قام بهذا العمل الجبان لا يمت لمجتمعنا الكويتي الذي جبل على التعددية وتقبل الطوائف الأخرى، والحادث كشف عن أن هناك أيادي خارجية تحاول العبث بوحدتنا الوطنية وشق الصف وتنفيذ الأجندة البغيضة التي تحملها تلك الجماعات، متمنياً أن تتسم الأجهزة الأمنية بالدقة، وأن تصب اهتمامها في اتجاه من يسعى لشق الوحدة الوطنية وزعزعة استقرار البلاد، بدلاً من ملاحقة المغردين وتتبعهم وسجنهم لمجرد إبدائهم الرأي.

واختتم العصيمي قائلاً: نعيش حاليا في فترة حالكة، وعزاؤنا الوحيد أن من شاهد ذلك التكاتف والتلاحم الذي ظهر عليه الشعب الكويتي عقب الانفجار يؤكد أن هناك رسالة شعبية مفادها «لن يؤثر فينا ما يخطط له الإرهاب»، بل على العكس سنقف صفا واحدا ضد من يقترب من وحدتنا ولحمتنا الوطنية.

من جهته، وصف الخبير الاقتصادي ورئيس شركة الشال للاستشارات الاقتصادية جاسم السعدون الحادث بالأليم جدا، معبراً عن حزنه الشديد للأرواح الطاهرة وبشاعة منظر الحادث الذي طال أحد أصدقائه المقربين، مبيناً أن رد الفعل جميل جدا وطيب، لكني أخشى أن يكون مجرد دهانات لإزالة البثور، فالأمر في حاجة الى سياسات استباقية لكي نتغلب على مشاكلنا التي تهدد وحدتنا.

وضرب السعدون مثالين ليدلل على ما وصلت اليه الأمور في المجتمع فيما يتعلق بالنفس الطائفي والحض على الكراهية والتفرقة بين مكونات المجتمع، الأول الاستجواب المقدم لوزير الخارجية حول عاصفة الحزم وتبعاته، وقد استخدم فيه «العقال» بدلا من العقل والحوار، إلى جانب ما حدث في الجلسة قبل الأخيرة والتي حدثت فيها مشادة بين نائب وآخر انتهت الى استقالة نائب قبل أن يعدل عليها بسبب ما بدر من زميل له تجاه مذهبه، معتبراً أن هذين المثالين دليل واضح على ما وصلت إليه حالة الاستقطاب والاحتقان في البلاد، لاسيما في الفترات الاخيرة، مؤكدا أن البلاد وصلت الى حالة من التفتت الشديد والبنية الهشة.

وأضاف السعدون أن الكويتيين في عامي 86 و90 مروا بنفس الحقبة وكانت سببا في غزو خارجي أدى وقتها الى التحامنا، ومع مرور الوقت عدنا الى أسوأ مما كنا عليه، واصفا ما يحدث حاليا بالغزو الداخلي الذي لا بد أن نتصدى له، ونحن معنيون بالتحرك أكثر من أي وقت مضي.

وعن ردود الفعل، قال السعدون: هي لا تكفي للمعالجة، فالبلاد تحترق بسبب خلافات بين البشر، وعلينا أن نبني جبهة داخلية متينة، مؤكدا أن أولويات الأمن الوطني معكوسة تماما، ولا تكفي لمواجهة تلك المخاطر، مبيناً أن علينا الارتقاء بإدارتنا العامة الى مستوى جامع وليس مشتتاً، فالإدارة هي سبب ما تعاني منه الكويت، فالمناصب حاليا تهدى، ومن أجل الدفاع عن المناصب تخرب البلد، وعلينا أن نضع الاكفأ في المناصب العامة وأن تكون وفق المواطنة وليس الواسطة أو المحاصصة.
وقال: لقد وصل الأمر بنا الى أن نرى إعلان شكر لنائب ساعد شخصاً في الحصول على منصب مدير وغيره، فضلا عن الإعلانات التي تشكر النواب لمساعدتهم في العلاج بالخارج وغيرها من تلك الإعلانات، مبيناً أن إدارة البلد أصبحت في أسوأ أوضاعها على الإطلاق.
واختتم السعدون حديثه قائلاً: عن نفسي توقعت أن يحدث أسوأ من ذلك لاسيما مع حجم الفساد، في ظل حالة التمزق الذي تعيشها البلاد، بعد أن استبدلت حكمة العقل – المخ – بضرب العُـقـُل، وأكرر إذا كان رب البيت بالدف مولعا فشيمة أهل البيت كلهم الضياع.

خليفة الوقيان

الوقيان: الإرهاب هو الترجمة المادية
أو النتيجة الحتمية لفكر الغلو والتطرف

أكد رئيس رابطة الأدباء سابقاً الشاعر د.خليفة الوقيان أننا مطالبون بالاهتمام والبحث في البعد الفكري للقضية الإرهابية، فالإرهاب هو الترجمة المادية أو النتيجة الحتمية لفكر الغلو، مضيفا أن الغلو في الدين بخاصة ليس بظاهرة جديدة، فقد وجد منذ العصور الأولى للإسلام، فضلا عن وجوده في المعتقدات الأخرى، ولذلك حذر الرسول، صلى الله عليه وسلم، حينما قال «إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ»، وعلى الرغم من ذلك لم يرتدع بعض المسلمين ولم يستجيبوا لذلك التوجيه النبوي لدوافع دنيوية من جانب، ولغياب ثقافة قبول الآخر من جانب آخر ولذلك دفعوا ضريبة فادحة.

وأشار إلى أن أمماً كثيرة مرت بهذه الحالة والمحنة غير أنها تجاوزتها، أما نحن أمة الإسلام فلا نزال مرتهنين للماضي ومولعين بإعادة إنتاج كوارثه، وعلى الرغم من نبذ الإسلام للرهبنة ولعدم وجود ما يسمى «رجال دين»، فالواقع خلاف ذلك، حيث لدينا طبقة من الكهنوت الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على الدين والعباد.

وأضاف: إذا كانت الأمم الأخرى تخلصت من سطوة رجال الدين، فإن أمتنا أوجدتهم من العدم وأعطتهم من الصلاحيات مالا يستحقون وأتاحت لهم المجال للتحكم في مسيرات المجتمعات والانزلاق بها نحو الغلو والعنف والتخلف.

واعتبر د.الوقيان أن الأمر لم يقتصر على هذا النحو، بل إن الأنظمة السياسية استغلت كثيرا من طبقة ما يسمى خطأ رجال الدين في تسويق رؤيتها السياسية، لذا كان من الطبيعي أن تطمح طبقة ما يسمى برجال الدين إلى ما هو أبعد من التحالف مع السلطات السياسية الى الانفراد بالسلطة وتكوين الأحزاب على أساس ديني وطائفي.

وقال: كما هي العادة في التجارب الحزبية كافة أخذت الأحزاب الدينية السياسية تتشقق وتتوالد منها جماعات أكثر راديكالية وغلوا، ومثال ذلك المجاهدون الأفغان، ثم طالبان، والمجاهدون في الصومال، ثم شباب المجاهدين، والقاعدة، وداعش، وهكذا فلن يتوقف مسلسل الاتجاه نحو المزيد من الغلو المنتج للعنف والإرهاب ما دام كل طرف يعتقد أنه يمتلك وحده الحقيقة المطلقة، وأن واجبه الشرعي يحتم عليه قناعاته بكل الوسائل الممكنة وأن كانت تصفية الطرف الاخر فضلا عن البدء بالعدو الأقرب «المسلمين الذين يخالفونه الرأي»، مؤكداً أن الفاجعة التي حدثت في مسجد الإمام الصادق نموذج يمكن أن يصل إليه الإنسان حين يسيطر عليه فكر الغلو الديني ويجرده من إنسانيته.

align: justify;">العسكري: الحادث نتاج ظاهرة فكرية وسياسية زرعت في البلاد منذ عشرات السنين

أكد أستاذ التاريخ والحضارة ورئيس تحرير مجلة العربي سابقاً د.سليمان العسكري أن الحادث ليس نتاجاً لأمر طارئ، واصفا ذلك العمل الخسيس بالمدروس والمخطط له بدقة، مؤكداً أن من خطط لهذا العمل وقرر له من خارج البلاد، فالأمر ليس قراراً صادراً من فئة أو تنظيم حزبي من داخل الكويت، فوفقا لما تم الكشف عنه «القرار والتنفيذ والدعم جاء من خارج الكويت».

واعتبر أن الحادث نتاج ظاهرة فكرية وسياسية زرعت في البلاد منذ عشرات السنين بواسطة التنظيمات السرية والعلنية، قابلها إهمال واضح في محاصرة أفكار الغلو والتعصب التي ظهرت بوادرها وانتشرت مطلع سبعينات القرن الماضي، ومثل هذا المناخ تأصل مع إطلاق شعارات دينية كشعار «الإسلام هو الحل» أو شعار «الصحوة الإسلامية»، مؤكدا أن هذه الشعارات وغيرها أطلقت بشكل عشوائي واستخدمت بتفاصيل تختلف كليا وجزئيا عن الشعار العام الذي هو مغر للإنسان البسيط ورجل الشارع العادي.

ودلل العسكري على ذلك بالأطر التي وضعت فيها تلك الشعارات، إلى جانب آليات التنفيذ التي بدأت عقب إطلاقها، والتي اتخذت منحى استراتيجياً بعيد المدى ووضحت ظواهرها في الأربعين سنة الماضية.

تحذير المثقفين

وعن دور النخبة والمفكرين تجاه تلك المخططات وآليات التنفيذ، أكد العسكري أن المثقفين المتواصلين مع نبض الشارع حذروا في مناسبات عدة مرارا وتكرارا في آرائهم، التي تظهر في المقالات وغيرها، الى خطورة ذلك النهج، على اعتبار أن ما حدث وقتها كان بمثابة غسيل أدمغة بهدف تغيير الثقافة واختراق هوية المجتمع الثقافية والاجتماعية المجتمع، والذي هو بطبعه مجتمع متسامح بعيد عن ذلك الفكر المتشدد.

وأضاف: لقد نجحوا في استبدال ذلك التسامح بثقافة التعصب والغلو التي تعادي الآخر، أيا كان ذلك الآخر، سواء كان مسلما أو غير مسلم، وقد وصل الحال الى تكفير المواطن الذي يشاركنا الوطن، ووصل الأمر بنا الى التحريض على الأب والأم والأخت والأخ في نطاق الأسرة الصغيرة الواحدة، مؤكداً أن تلك الأحزاب بما تحتويه من أفكار ليست جديدة وعندما نعود الى التاريخ الإسلامي نجد أن هذه الظواهر وغيرها كانت تطفو على السطح بين الحين والآخر وفي أوقات ومراحل تاريخية معينة.

وعن نتاج ما حدث في الأربعين سنة الماضية، أكد العسكري أن المحصلة كانت دخولنا في غيبوبة لمدة تزيد على الأربعة عقود، وتجاهلنا كل الظواهر، بل على العكس جزء من الإدارة الحكومية في العالم العربي، وخاصة دول الخليج، تسامحت مع تلك الأطراف التي تمتلئ أجندتها باستراتجيات طويلة المدى، مضيفا أن أغلب الأجهزة الحكومية تعاملت بسذاجة وحاولت استخدام هؤلاء لمصالح اقتصادية ومصالح أخرى وقتية، بهدف الاستفادة منهم في مرحلة أو مراحل معينة، وللأسف وثقوا بهم وسمحوا لهم باختراق التعليم، وغيرت من أجلهم مناهج ومقررات دراسية لاسيما في المراحل الدراسية المبكرة، وقابل ذلك اقتلاع الأفكار الحداثية المدنية المتطورة التي تسعى الى بناء مجتمعات عصرية.

واعتبر أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل وصل الى تلك الأحزاب في السيطرة على عقول الشباب ووظفوا مناهج التدريس بالطرق التي تخدم توجههم واستراتيجيتهم التي يسعوا الى تنفيذها.

وعن أحوالهم في الدول الخليجية النفطية، أكد العسكري أنهم ركزوا في تلك الدول على بناء مؤسساتهم المالية وأنشأوا البنوك والشركات التي تخدم تلك المنظومة الاقتصادية، ومع امتلاكهم المال وسيطرتهم على الفكر التعليمي والثقافي أصبحت السلطة بأيديهم.

أذرع إعلامية

واستعرض المراحل التاريخية بعد ذلك التمكن، مبيناً أنهم عندما تمكنوا من خلال سيطرتهم على القرار الاقتصادي والثقافي وأصبحت لهم أذرعهم الإعلامية شعروا بقوتهم وخرجوا الى العلن وسعوا الى تنفيذ مخططهم المتمثل في استلامهم السلطة في تلك الدول، مدللاً على ذلك بما كتبه أحد قيادات التيار الديني في واحدة من مقالاته مطلع السبعينات بقوله «لم نشتت جهودنا ونسعى الى إقامة دولة بحكم إسلامي في دول صغيرة، بل علينا أن نركز استراتيجيتنا وجهودنا لاستلام السلطة في بلد كمصر، ومن خلالها نستطيع أن نهيمن على بقية الدول العربية الأخرى»، وهذا ما يفسر نشاطهم الملحوظ وتسخير كل أموال المنطقة لإنشاء الأحزاب الدينية في مصر خلال الثلاثين سنة الماضية.

وأكد د.العسكري أن تضامن أطياف الشعب الكويتي عقب الحادث كان مفاجئا لكل القوة الخارجية، وكان التلاحم على أعلى مستوى منذ لحظة وقوع الحادث، وفشل كل من راهن على أن حادثاً بهذا الحجم سيعقبه تشتت داخلي وقتال فوري، مبيناً أن هذا التلاحم والتماسك وما ظهر من تجسيد لروح الوحدة الوطنية لا يعني أن الكويت أصبحت في أمان من إرهاب التيارات الدينية المتشددة، بل علينا أن نبدأ في إعادة النظر في الجذور التي غرست في الأربعين سنة الماضية مع إعادة تشكيل منظم وواع وديمقراطي لثقافة المجتمع الكويتي.

وأضاف أن المجتمع الانساني اصبح بلا حدود أو حواجز، ولكي نعيش في هذا العالم علينا إعادة النظر في افكارنا القديمة وعدم غلق عقولنا أمام شعوب العالم وحضارته المختلفة، مؤكدا أن ذلك سيضع أقدامنا على بدايات المجتمع المتحضر الذي ينعم بالأمن والسلام، مشدداً على ضرورة أن نبدا فوراً، وليس عيبا أن نبدأ من الصفر، وأن نبدأ من جديد مع مناهج المقاعد الأولى من التعليم في مدارسنا الابتدائية وجمعياتنا الأهلية والشارع وبقية مؤسسات المجتمع، مختتما حديثه بقوله: يجب ألا تخدعنا الشعارات الطائفية، فالإسلام باق ولن يستطيع أحد إزالته، وما يحدث حاليا ليس تسويقا أو نشرا للإسلام بقدر ما هو تحريض على تدمير الإسلام.

جريدة الطليعة 1 تموز / يوليو 2015