November 2015
7

جريدة الطليعة / ندوة التيار التقدمي: نواجه تحديات كثيرة.. والحل بإرادة شعبية وقانون انتخاب عادل

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

كتب آدم عبدالحليم:
أكد المشاركون في ندوة «التحديات التي تواجه الكويت»، التي نظمتها أمانة محافظتي الجهراء والفروانية في التيار التقدمي بمنطقة العيون، أن الكويت في حاجة ماسَّة، للتغلب على التحديات التي تواجهها، من أجل الانتقال من الوضع الحالي إلى دولة مدنية عصرية متقدمة يسودها الدستور ودولة القانون والمؤسسات.

واعتبر المتحدثان في الندوة؛ النائب السابق عبدالله النيباري، وعضو التيار التقدمي أحمد الديين، أن الكويت كان مخططاً لها أن تستمر على نهج الدولة المدنية عندما أقرّ الدستور «دستور 62»، لكن المعوقات التي واجهتها، وعلى رأسها التعدي على الدستور وتعليقه في فترات زمنية معينة واستشراء الفساد وتفشيه في كل قطاعات الدولة، أوقفت مشروع الدولة الحديثة، لتحل بدلا منه دولة مفتتة بلا تنمية تواجه العديد من المشاكل.

في البداية، قال عضو التيار التقدمي أحمد الديين: في ظني أن الكويت تواجه تحديات عديدة، منها ما يتصف بالاستراتيجي، والآخر بتحديات أساسية وملحة تواجهنا في الوقت الراهن، وقسم التحديات إلى تحديين رئيسيين، وأربعة تحديات ملحة.

مشروع الدولة الحديثة

وأضاف: الكويت سارت على طريق بناء مشروع الدولة الحديثة منذ نهاية الخمسينات، مع دخول مشروع الدستور الكويتي، الذي يمثل طموح المواطن لبناء دولة حديثة، وقد وضع الأسس نحو الانطلاق للبناء والتطوير المجتمعي، وجاء بظروف ومطالبات شعبية، من أجل استقرار البلاد، لكن بعد ذلك، تعرَّض هذا المشروع إلى إعاقة وعرقلة وتخريب، من خلال الانفراد بالسلطة، وإحياء نهج المشيخة والصراع ومحاربة الفرد.

وأشار إلى أننا عندما نتحدث عن التحديات، لا نتحدث من منظور أكاديمي، لكن من وضع ملح وصراع طبقي طائفي مناطقي، وعلينا أن نطرح سؤالاً: هل نكون في تلك الدولة رعايا أم مواطنين؟

ولفت الديين إلى أن دستورنا، على الرغم من أنه يمثل الحد الأدنى، لكنه كان بمثابة الطموح لدولة حديثة والانطلاق إليها، موضحاً أن «مشروع بناء كويت حديثة يُعد تحديا، فالمواطنون يريدون دولة تكون علاقتها مع المواطنين قريبة، وتحترم الحرية والمساواة وسيادة القانون، والمقصود بها سيادة الدستور، وليس سيادة المصالح، وحياة حزبية سليمة، وتنظيم الحياة السياسية، ومجلس وزراء يستعيد دوره، كمركز للقرار السياسي، وليس كجهاز تنفيذي يتلقى التعليمات والتوجيهات، ومجلس أمة قادر على دوره في التمثيل والتشريع والرقابة».

ورفض الديين مصطلح التعايش السلمي، الذي يروج له حاليا، قائلاً: الهدف هو المواطنة الدستورية، على أن تكون علاقة المواطن بالدولة وفقا للدستور وسيادة القانون، وفق إطار مدني وليس دينيا.

التحدي الاستراتيجي

واعتبر أن أهم التحديات «التحدي الاستراتيجي»، الذي يتمثل في التحدي التنموي، معتبراً أن ذلك قضية حياة أو موت في بلد يعتمد على مورد ناضب متذبذب الأسعار بشكل رئيس.

وعن التحدي التنموي، أكد الديين أن ما يُسمى بخطة التنمية، التي وافق عليها المجلس في عام 2010، بأغلبية، فشلت فشلاً كبيراً، وباعتراف حكومي، عندما خرجت وثيقة حكومية تؤكد ذلك الفشل بأرقام واضحة.

وضرب مثالاً، بما آلت إليه الأوضاع في نسب عدد السكان الكويتيين بالوافدين في ما يتعلق بخلل التركيبة السكانية، وفشل التنفيذين في الوصول للأرقام التي تم إعلانها، كذلك قضية العمالة الكويتية في القطاع الخاص، وزيادة عدد الأسرّة في المستشفيات الحكومية، حيث فشلت الحكومة في الوصول إلى ثلاثة أسرّة لكل أسرة.
وأضاف: التنمية، يجب أن يكون محورها الإنسان، وعلينا الاهتمام بالتعليم، منتقدا ما قيل عن تحقيق مراكز متقدمة على المستوى التعليمي (في كلمة رئيس الحكومة في الجلسة الافتتاحية)، مؤكداً أن الأرقام الدولية تشير إلى تراجع لكل ما يتصل بالتعليم العالي.

وأكد الديين ضرورة أن تكون قاطرة التنمية القطاع العام، وليس القطاع الخاص، ضارباً مثالاً بالنجاحات التي حققها القطاع العام على المستوى النفطي، قائلاً: لا تنمية في ظل الفساد، مشيرا إلى ترتيب الكويت في تقرير مدركات الفساد، الذي أصبح في المركز 67 على العالم بدرجات 44.

ولفت إلى أن المعركة ضد الإرهاب معركة مجتمع، وعلينا أن نتصدى للإرهاب بجبهة داخلية متماسكة، وليس بتفريق المجتمع، والضرب على النواحي الطائفية والقبلية.

وضع خطير

وانتقل الديين إلى تحدي الحفاظ على استقلالية الدولة والسيادة الوطنية، مشيراً إلى أن وضع الكويت خطير، مستشهداً بما حدث في حقلي الدرة والزور، وقال: أكرر، علينا أن نواجه تلك المخاطر بجبهة داخلية متماسكة، لتجنيب الكويت الانزلاق في دوامة العنف والإرهاب، مبيناً أن التضييق على الحريات (حبس المغردين، وإغلاق الصحف والقنوات، وسحب الجناسي، والتضييق على مؤسسات المجتمع المدني)، إلى جانب إقرار عدد من القوانين وقوانين أخرى منتظرة، كهيئة الاتصالات، وجرائم تقنية المعلومات، وزيادة الحبس الاحتياطي، وتغليظ العقوبات على المتظاهرين، فضلا عن استهداف الطلاب بقانون اتحاد الطلبة.

وأكد أن الوقت قد حان لحل قضية البدون، ووصف قضيتهم بالعادلة، وهناك مَن يستحق منهم الحصول على الجنسية، مشدداً على ضرورة أن تكون قضية الحريات الأولى في اهتمام الجميع، قائلاً: لا ديمقراطية من دون حريات، معتبرا أن تلك الأولوية، هي تحدٍ للقوى السياسية، وأن التحدي المهم، هو «التصدي للنهج النيوليبرالي»، لأنه بعد سقوط الاتحاد السوفييتي ظهرت مفردات الخصخصة، وانتقلوا إلى تحلل الدولة من أي دور إلى أن كشفت الأزمة الاقتصادية العالمية في 2009 زيف الليبراليين.

قانون الخصخصة

وتطرَّق الديين إلى قانون الخصخصة، الذي أقرَّه مجلس الأمة عام 2010، فقال: لقد نجحت القوى السياسية والرأي العام في التصدي للقانون، وأدخلوا على مادته الرابعة تعديلاً، حظر بموجبه تخصيص قطاعي الصحة والتعليم، إلى جانب مصافي النفط، مضيفاً أن هناك توجهاً للدفع للتعديل المادة الرابعة في قانون التخصيص، الأمر الذي يمكنهم من خصخصة قطاعات الصحة والتعليم والنفط، وهو ما يخالف الدستور، كما أن هناك دعوات لخصخصة القطاع التعاوني، مؤكدا أن إصلاح الفساد في الجمعيات التعاونية لا يكون عن طريق خصخصتها وتحويلها إلى شركات، لكن عن طريق مراقبتها وتفعيل القوانين.

وعن توجُّه وزارة المالية لرفع الدعم (ترشيد الدعوم)، تساءل الديين: هل سيتم إعفاء ذوي الدخول البسيطة من خطة ترشيد الدعوم، المعروضة مذكرته على مجلس الوزراء؟ وماذا عن النتائج التضخمية لهذه القرارات؟

فرض الضرائب

وعن التوجُّه لفرض الضرائب، قال: هناك توجه قوي لفرض الضرائب (القيمة المضافة)، سيتحمَّلها المستهلك، مؤكداً أن الحل الأمثل يتمثل في فرض الضريبة التصاعدية على الشركات.

الدولة الكويتية المدنية الحديثة

من جهته، أكد النائب السابق عبدالله النيباري، أن ذلك اللقاء يبعث التفاؤل، ولاسيما أن هناك نظرة عامة للمناطق الخارجية، تشير إلى أنها لا تزال تعاني.

وأشار إلى أن الشباب الكويتي في الخارج قبل الداخل خطى مرحلة واسعة في ميدان الطموح، بغية تطوير وبناء الدولة الكويتية المدنية الحديثة التي يحكمها القانون، تلك الدولة التي نسعى من خلالها إلى الانتقال من مرحلة حكم العادات إلى تنظيم القانون، وبذلك يكون الجميع متساوين، ولهم الحق في تشكيل الأحزاب والنقابات والجمعيات بمفهوم الدولة الحديثة.
وأضاف: الكويت لا تزال تعاني حكما اجتماعيا غير موفق، من خلال التصدي للشباب، ومحاربة حرية الشعب، مؤكداً أن «الشباب الكويتي لديه طموح لبناء دولة كويتية مدنية حديثة يحكمها القانون، والمعنى من ذلك، الاحتكام إلى الدستور، لأنه الأساس في تنظيم العمل والمحافظة على الحريات».

وأوضح أن «الكويت شهدت تطوراً اقتصادياً، نتيجة لثروة وهبة جاءت عن طريق النفط، لذلك ينظر إلى الكويت على أنها من الدول المتقدمة في الثراء.. فوفق الأرقام والإحصاءات دخلها القومي نحو 51 مليار دينار، ودخل الفرد يبلغ ما يقارب 45 ألف دينار، فوضعها عالٍ بالمدخول، مقارنة بالدول الأخرى».

وأشار إلى أن «نصيب المواطن من 70 إلى 75 في المائة، وتعد هذه الوفرة قوة، فإن أحسنت الحكومة استخدامها، ستوفر حياة مريحة لجميع المواطنين، لكن نحن في وضع مخجل، وتراجع في مناحٍ كثيرة، ومنها تردي الأوضاع، فالجميع يشتكي من التردي الاقتصادي والسياسي والاجتماعي».

وأكد النيباري أن «المعدلات تؤكد أن المشكلة الإسكانية يعانيها كثير من المواطنين، إضافة إلى تدني كثير من الخدمات في التعليم، التي أكدت المؤشرات أنه متدنٍ، ونفس الوضع بالنسبة للقطاع الصحي.. وبسبب ذلك، توجه المواطنون إلى المدارس والمستشفيات الخاصة، ما يؤكد عدم ثقتهم بخدمات القطاع الحكومي».

غياب الرؤية

ولفت النيباري إلى أن «غياب الرؤية وفقدان الإرادة السياسية والعزم على الإصلاح أضاع الفرص، واستمر مع السياسة تراكم الأخطاء إلى الدرجة التي نتجت عن الاختلال في التركيبة السكانية، وقوة العمل، والتنمية البشرية والتعليم وعدم مواكبته لمتطلبات النشاط الاقتصادي، ما يؤدي إلى ضعف أداء وكفاءة قوة العمل الكويتية، إلى جانب تدهور الإدارة الحكومية»، مبيناً أن «إصلاح الدولة يكمن في مشاركة الشعب في الإدارة، عبر ممثلين منتخبين وفق قانون انتخابات هادف»، لافتا إلى أن «الكويت سياسيا تراجعت، فتغيير قانون الانتخابات جاء، لإيجاد مجلس مطيع يكون في جيب السلطة». ووصف النيباري الدولة الكويتية بالدولة الغنية الفاشلة، معتبراً أن البلد يُدار بطريقة متخلفة، حتى عن دول الجوار، والدليل، ما نعانيه في حياتنا اليومية، فلا وجود لعقلية تدرك حاجة المجتمع للتطوير والإصلاح، مجدداً تأكيده على أن المدخل للإصلاح لن يأتي الا بالجانب السياسي عن طريق انتخابات عادلة والتزام بالدستور.

الغزو.. والمرحلة الدستورية

وعرج النيباري على أوضاع الكويت قبل الغزو، مؤكداً أن تلك الفترة شهدت تراجعات في النظام السياسي (تزوير وتلاعب بالانتخابات، وحل مجالس، وطرح تعديلات الدستور، وإنشاء المجلس الوطني)، مؤكداً أن المرحلة الدستورية حققت إنجازات كبيرة، وكانت نموذجاً في مشاركة المجالس المنتخبة، وضرب مثالاً بإقرار اتفاقية المشاركة بين الشركات ودول «أوبك»، وأن تلك الاتفاقية حققت الكثير لمواطني «أوبك» على صعيد صناعة النفط، لتصبح الثروة الوطنية في أيادٍ وطنية.

وأضاف أن الكويت بعد الغزو مرَّت بمرحلة جيدة، وشكلت بعض القوى ائتلافات، وحققنا بعض الخطوات في مجلس 92، وطالبنا وقتها، بأن تكون النسبة الأكبر من الوزراء المنتخبين، كما نصَّ الدستور ومذكرته الإيضاحية، وأن تلك المطالب كانت طموح واضعي الدستور، مبيناً أن هذا الطموح وتلك التحديات الأخرى التي ذكرها الديين في تراجع.

وعن الاستثمارات، قال النيباري إنها تتم حاليا في البنية التحتية، وليس لإيجاد أنشطة توفر وظائف وفرص عمل وتنمية حقيقية، مبيناً أن المدخل لحل تلك القضايا والتحديات، هو المشاركة الشعبية والتحول الديمقراطي، مشيراً إلى أن ما يحدث اليوم، هو تراجع لما تم تحقيقه عقب إقرار الدستور، وقال: في الثمانينات كانت هناك حركة نشطة لدوواين الإثنين، وفي 2011 حدث حراك شعبي ضد الرشى والإيداعات، لتشهد الكويت أكبر حراك شعبي، لكن بعدها حدث لذلك الحراك ضمور، نتيجة التشتت والتنفتت في القوى، وهذا ما يفسر الركود الذي نواجهه. وأضاف: علينا أن نبدأ بمعالجة الوضع الشعبي، بتحريك العجلة، فالتغيير يفرض من القاعدة الشعبية، وعلينا إن أردنا ذلك التغيير، أن يكون بحركة شعبية برؤية وأجندة وبرنامج للتحرك نحو الديمقراطية، وهذه مسؤوليتنا.

قانون الانتخاب

وأشار النيباري إلى أنه بعد أزمة الإيداعات والتضييق على الحريات والأحكام القاسية، التي صدرت ضد المدونيين والنشطاء، تم تغيير قانون الانتخاب، ليأتي مجلس مطيع، لأن القانون سمح بأن يدخل المجلس من يحصل على 2 في المائة من عدد ناخبي الدائرة.

وختم النيباري كلمته، قائلاً: لإصلاح الوضع والدولة وأجهزتها، فإن الطريق الأساسي لذلك يكون بمجلس تشريعي، من خلال قانون انتخاب عادل، لا تلاعب فيه أو رشى أو واسطات، لكي يأتي أكفاء قادرون على تحمُّل المسؤولية ومحاسبة الحكومة.

من أجواء الندوة

– في مداخلة له عقب انتهاء المتحدثين، قال عبدالمحسن مظفر: كلما دخل اليأس إلى قلبي من الشباب والحراك، تتبدل الحال عندما أحضر ندوة للتيار التقدمي.. ففي كل ندوة أو فعالية أشعر بالنبض والأمل من جديد، وأن هناك أملاً جديداً للنهوض والعمل بصورة صحيحة، على الرغم من اختلافي مع التيار التقدمي في بعض الأمور والتفاصيل، وأن مثل هذه الأمور تعيد لي الأمل في إعادة العمل الوطني بشكل جدي.
– اعتبر مظفر أن ما قيل من قِبل المتحدثين كان بمثابة حديث عام لم نستطع أن نخرج منه «بزبدة» في قضية محددة، لذا علينا أن نحول مناقشة العموميات إلى قضاية محددة، لمحاولة الوصول إلى فهم صحيح لكل قضية طرحت.
– قال الديين إن الحركة الوطنية في البلاد، وقبل قيام مجلس التعاون الخليجي، كان لها علاقات مع القوى الوطنية في الخليج، مؤكدا أن التطور الذي حدث في المنطقة أضعف تلك العلاقات.
– وعد الديين بدراسة التيار التقدمي لتنظيم حلقات نقاشية لكل قضية طرحت في الندوة، مؤكداً أن ما جاء في الندوة عموميات، كون العنوان كبيرا، والتحديات كثيرة.
– قال النيباري إن النقاش في جزئية القطاعين الخاص والعام واسع جدا، والفكر الاقتصادي لا يذهب إلى إدارة كلية للقطاع الخاص أو تخلي القطاع العام عن دوره، مؤكدا أن غياب القانون وضعف مبدأ الرقابة وظهور الواسطات، هو ما أضعف وجعل «الخطوط الكويتية»، مثلاً، على وضعها الحالي، ولو كانت هناك إدارة ناجحة، لما آلت الأمور إلى ما هي عليه حاليا.