April 2015
8

جريدة الطليعة - مرزوق النصف: النزعة الرأسمالية أدت إلى أزمة اقتصادية

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

كتبت حنين أحمدأقامت الجامعة الأميركية في الكويت محاضرة بعنوان «الأزمة الاقتصادية العالمية: نظرة ماركسية»، حاضر فيها مرزوق النصف. وتأتي المحاضرة، ضمن نشاطات أسبوع التمويل الذي تقيمه الجامعة.وتناول النصف في محاضرته عدة محاور، أبرزها بداية الأزمة وتفسيراتها، والأزمة في اليونان، ومحاولات علاجها والبدائل المطروحة.في البداية، توقف النصف عند بداية الأزمة، حيث أشار إلى أن الإرهاصات الأولى للأزمة بدأت في الولايات المتحدة الأميركية عام 2007، بعد توقف ارتفاع أسعار المنازل، مؤكداً أنه في الفترة الممتدة ما بين عام 1996-2006 ارتفعت الأسعار نحو 85 في المائة، بمعدل نمو سنوي مركب بنحو 6.3 في المائة، مقارنة بالسنوات العشر السابقة، البالغ نموها السنوي المركب نحو 2.2 في المائة.وذكر أن الأزمة تفجَّرت مع إشهار إفلاس بنك ليمان بروذرز الأميركي صباح 15 سبتمبر 2008، موضحاً أنه تبعاً لذلك، أعلنت الحكومة الأميركية في 3 أكتوبر 2008 حزمة إنقاذ بنحو 700 مليار دولار، أي نحو 5 في المائة من حجم الاقتصاد في الربع الثاني من عام 2008، و24 في المائة من ميزانية الحكومة لعام 2008.وبيَّن أن الانهيار القوي لأسعار المنازل بدأ بحلول الربع الأول من عام 2009 بنحو 56 في المائة.تفسيرات الأزمةوتطرَّق النصف في الشق الثاني من المحاضرة إلى بعض التفسيرات المتعلقة بأسباب الأزمة، ومنها التفسير الأخلاقي، المتمثل بتسيُّد الجشع، والتفسير الفني الذي يتحمَّل مسؤوليته البنك المركزي (الفيدرالي) الأميركي، حين أخطأ في خفض معدل الفائدة وعدم ضبط تجارة المشتقات.أما التفسير السياسي، فيتمثل بأخطاء تشريعية في تخفيف الضوابط عن القطاع المالي، في حين أن التفسير المحافظ يكمن في خطأ الحكومة في التدخل لتشجيع الإقراض للفقراء.بعض التفسيرات الماركسيةهذا، وكان للماركسية وجهة نظر أخرى في تفسير الأسباب، حيث رأت أن السبب يعود إلى طبيعة رأس المال المالي- الاحتكاري العالمي، وأزمة النيوليبرالية، واحتدام المنافسة وأزمة النظام الاجتماعي للتراكم وأزمة القطاع المالي، فضلاً عن ميل معدل الربح نحو الانخفاض.وكشف النصف أن الليبرالية تعني رفع القيود عن الاقتصاد.. أما «النيو»، فهي الشكل الجديد لليبرالية، بعد السبعينات، وتتمثل برفع الضوابط عن الأسواق والخصخصة وتقليل دور الدولة في الاقتصاد وتخصيص الخدمات المقدَّمة للناس.وفند السبب الذي يحمل رأس المال المالي- الاحتكاري العالمي المسؤولية، على اعتبار أن الرأسمالية بدأت تحولها الجدي نحو الطور الاحتكاري في أواخر القرن التاسع عشر، خصوصاً أن النزعة الطبيعية للرأسمالية الاحتكارية هي نحو الركود والأزمة لا النمو، بسبب عدم كفاية الطلب الاستهلاكي في مواجهة العرض.وأوضح أن الرأسمالية الاحتكارية تحتاج إلى محفزات دائمة وكبيرة، كي لا تدخل في أزمات، مشدداً على أن الرأسمالية الاحتكارية دخلت أزمة جدية في السبعينات.ولفت إلى أن إحكام المنافسة داخل الرأسمالية، السبب في هذه الأزمات، مبيناً أن أزمة القطاع المالي متعلقة به بالدرجة الأولى، لافتا إلى أن معدل الربح في الرأسمالية ينخفض كلما تطورت الرأسمالية، وأن التفسيرات الماركسية للأزمة أكثر غنى.حل الأزمةوأشار النصف إلى أن حل الأزمة كان بتنشيط القطاع المالي لتحفيز طلب استهلاكي وهمي للتغطية على الأزمة، أي أن الرأسمالية تنتج الكثير من السلع، وفي المقابل تريد تخفيض الأجور، ما يؤدي إلى عدم قدرة الفرد على شراء السلع المنتجة والرأسمالي يزيد الإنتاج ويخفض الأجور، من دون التفكير بمسألة كيفية بيع هذه السلع.وشدد على أنه لتنشيط الاقتصاد، يجب أن نخلق محفزات، كالحروب مثلاً، كون أن الانتعاش يولد من الدمار، فاختراع السيارات نهاية القرن الـ19 وانتشارها أوائل القرن الـ20 هو الذي سمح بإقامة الطرق في أميركا.شكل الأزمة عملياوفي ما يتعلق بشكل الأزمة عملياً، فقد وجد أنه الأزمة تتمثل بالمعركة الطبقية للحركة اليسارية في الدول الرأسمالية الكبرى من عام 1968 إلى 1984ونجاح رأس المال في كبح ارتفاع الأجور وتضخم الدين الاستهلاكي للطبقة العاملة الأميركية وتراكم الفوائض عند رأس المال الاحتكاري، فضلاً عن عدم وجود قناة مجزية سوى المضاربات المالية.الأزمة في اليونانوتطرَّق النصف إلى الأزمة الاقتصادية في اليونان، حيث أوضح أنها بدأت تتفاقم بحلول عام 2010 في القطاع المصرفي، وفي 2 مايو 2010 قدمت الترويكا أول حزمة إنقاذ لليونان بقيمة 110 مليارات يورو، تضاعف لاحقاً إلى 240 مليار يورو، أي نحو 124 في المائة من حجم الاقتصاد اليوناني عام 2012، وهي أكبر حزمة إنقاذ يقدمها صندوق النقد الدولي تاريخياً، إلا أن حزمة الإنقاذ جاءت بشرط تطبيق برنامج للتقشف.التمرد على الأزمةوقد تولد عن أزمة اليونان نجاح أول حزب معارض لبرنامج التقشف – ويساري في الانتخابات اليونانية في 25 يناير 2015 ومحاولة حزب سيريزا الحاكم عكس برنامج التقشف لإنهاء «الأزمة الإنسانية» في اليونان وذكر أن المفاوضات لا تزال مستمرة بين الحكومة اليونانية المعارضة لبرنامج التقشف ودول منطقة اليورو، بزعامة ألمانيا والمؤسسات صاحبة حزمة الإنقاذ، مؤكداً أن الحالة اليونانية قد تمثل اختباراً لمعارضي التقشف في العالم.طرح البدائلوبالنسبة لمحاولات علاج الأزمة، فقد كان هناك تنافس بين مدرستين أساسيتين:الكينزية، وتكمن في التحفيز المالي والنقدي والنيوليبرالية والتقشف، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة لجأت إلى مزيج من التأميم، والتحفيز المالي والنقدي، والتقشف النيوليبرالي، بينما منطقة اليورو لجأت للتقشف النيوليبرالي.وتطرَّق النصف في ختام محاضرته إلى البدائل لحل الأزمة، وهي رفض التقشف، لأنه غير عادل وغير مجدٍ اقتصادياً، ورفض إنقاذ المؤسسات الخاصة الخاسرة، إلا عبر التأميم واعتبار المؤسسات المؤممة مكسباً مستحقاً لا مؤقتاً وتطوير القطاع العام، ليتمكن من إعادة بناء الاقتصاد.

الأزمة مستمرة

اعتبر مرزوق النصف، رداً على سؤال لـ«الطليعة» حول توقعاته للاقتصاد العالمي، أنه من الصعب التوقع، لكن ما يبدو واضحاً أن الأزمة مستمرة على الأقل بمنطقة اليورو منذ عام 2008 وحتى اليوم، أي نحو 7سنوات.وأكد أنه على الأرجح أن الأزمات لن تختفي في المستقبل المنظور، خصوصاً في غياب تغيير هيكلي في النظم الاقتصادية، معتبراً أن اليونان هي الحالة الأصعب، لكنها ضمن سياق دول منطقة اليورو المأزومة اقتصادياً، مثل: إسبانيا وإيطاليا ودول أخرى بدرجات مختلفة.منقول عن جريدة الطليعة تاريخ 8 أبريل 2015