December 2013
11

جماعات الضغط عمل سياسي جماهيري.

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

يتكرر في بعض الدول العربية بما فيها الكويت طرح موضوع مؤسسات المجتمع المدني باعتبارها بديلاً عن الأحزاب السياسية، وهو أمر يعكس توجهان أحدهما وطني حسن النية بسبب اليأس من تردي الأوضاع وضعف القوى السياسية وتشرذمها بما فيها الوطنية، والثاني تدفع به جهات ترمي لإفراغ العمل السياسي من محتواه وأدواته المنظمة والفاعلة، وقد رأينا خلال ما يسمى بـ «الربيع العربي» محاولات لتهميش دور الأحزاب السياسية والتركيز على دور الشباب والتكنولوجيا، وحتى الدوائر الغربية دفعت في هذا الاتجاه، بينما لم يدرك أو يفحص أحد طبيعة تركيبة هؤلاء الشباب ووعيهم وقدرتهم على تنظيم أنفسهم، فمن بقي في ميادين الثورات يدافع عنها حتى هذه اللحظة هم الشباب المسيّسون أو الكتل الشبابية التي تؤثر بها الأحزاب السياسية المنظمة ذات البرامج الوطنية والثورية الواضحة، بينما بقية الشباب «فلّوا» من الميادين وتركوا الثمار للإخوان المسلمين كي يقطفوها، ولم يستمعوا إلى نداءات الشباب المسيّس بضرورة البقاء بالميادين ومحذرين من انتخاب «مرسي» بحجة أنه سيكون رئيساً مدنياً.وبالطبع فإن واقع العمل السياسي في الكويت أمرّ مما هو عليه في الدول العربية الأخرى رغم عراقة العمل الوطني لدينا، إذ لا توجد أحزاب حقيقية ذات هياكل تنظيمية وبرامج سياسية واضحة، فظلت إما شبه تجمّعات انتخابية وإما على شكل زعامات وتابعين، أما المجاميع الشبابية فتتشكل بمسمّيات مختلفة تحت دافع الحماسة ثم تختفي أو تذهب حيث التنظيمات والتيارات التي تمثلها بشكل أو بآخر.فمعظم هذه التنظيمات السياسية بما فيها الدينية لا تؤمن حقيقة بالعمل الجماهيري السلمي، ولا تهدف إلى تغيير ديموقراطي حقيقي، كل ما تعرفه عن العمل الجماهيري هو التجمعات والمظاهرات والهدف ليس واحداً والمصالح ليست واحدة، ولذا نجد من في الصدارة هم النواب الذين ترنو عيونهم إلى كراسي البرلمان.بينما النضال الجماهيري السلمي لا يقتصر على العمل البرلماني ولكنه متعدد ومتنوع، والإبداع فيه يخضع لإبداع الجماهير أولاً ثم ما يناسب واقع المجتمعات ثانياً، سواء كان العمل بأسلوب العرائض أو التظاهر أو الوقفات الاحتجاجية أو من خلال جماعات الضغط المختلفة مثل حملة «ناطر بيت» التي تطالب بشيء واقعي ملموس يمس حياة المواطن، ولكن ذلك لا يعني أنه بديل عن العمل السياسي الحزبي، إذ معظم جماعات الضغط في العالم بما فيها جماعات البيئة والجماعات الحقوقية والجماعات التي تعمل ضد التمييز العنصري وغيرها الكثير هي تحت تأثير التنظيمات الحزبية، لأن العمل من دونها يعتبر ضياعا لبوصلة هذه الجماعات.ويكفي أن نُشير إلى أن المنظمات الاجتماعية وجماعات الضغط التي تمارس دوراً فاعلاً في الحياة السياسية في اندونيسيا وكثير من بلدان العالم تقودها أحزاب اليسار في هذه البلدان بكثير من الإبداع والذكاء.فمؤسسات المجتمع المدني هي أدوات بيد التنظيمات السياسية ولا تعمل بديلاً عنها، وحتى الاتحادات العالمية للمرأة والشباب وجمعيات السلم والنقابات والاتحادات الطلابية العالمية، أسستها التنظيمات السياسية التقدمية اليسارية والقومية، وعندما تأسست جمعيات النفع العام والنقابات بالكويت في ستينات القرن الماضي وقبلها النوادي في الخمسينات كانت تحت تأثير التنظيمات السياسية القومية وغيرها من الاتجاهات السياسية.فلا يجب أن نردد ما يبثه الغرب الأوروبي وأميركا حول أفول وتلاشي دور الأحزاب السياسية، والتركيز على منظمات المجتمع المدني من أجل الإصلاح والتغيير، بل إن عدداً من التشكيلات الشبابية والمنظمات سواء في الدول العربية أو في الكويت تمولها الاستخبارات الغربية والأميركية وسفاراتها في بلداننا.لكن أيضاً من ناحية أخرى، لا يجب الاستهانة وإهمال المنظمات الاجتماعية والمدنية وجماعات الضغط كشكل من أشكال العمل الجماهيري، وهو الميدان الحقيقي الذي تعتمده الأحزاب السياسية في عملها السلمي المتعدد الوجوه.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

_____________________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 11/12/2013 العدد:12581