February 2016
17

حوار مع المنسق العام للتيار التقدمي الكويتي الزميل محمد نهار في جريدة الطليعة بمناسبة الذكرى الخامسة على تأسيس التيار التقدمي الكويتي

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

أكد المنسق العام للتيار التقدمي الكويتي محمد نهار، أن الكرة الآن في ملعب السلطة، إذا أرادت الخروج من الأزمة الحالية، مبيناً أن عليها، وبحكم امتلاكها لكل أوراق اللعبة، المبادرة لصناعة انفراجة سياسية لتقوية الجبهة الداخلية، التي أضعفتها بممارسات ضد من يحمل موقفاً معارضاً تجاهها.واعتبر نهار، في حوار خاص مع «الطليعة»، بمناسبة الذكرى الخامسة لتأسيس التيار التقدمي، أن المعطيات التي على أثرها قاطع التيار التقدمي الانتخابات في نسختيها الأخيرتين لم تتغيَّر، ولا تزال الأمور كما هي ترواح مكانها.وأوضح أنه إذا طرأت تغييرات على المشهد السياسي سيجعل الواقع متبدلاً، وبالتأكيد ستتم مراجعة موقف المقاطعة، مع إبداء تحفظه الكامل على العملية الديمقراطية، والممارسة البرلمانية في البلاد.قضايا عديدة تناولها الحوار، وإليكم التفاصيل:● في البداية نهنئكم بمناسبة ذكرى تأسيس التيار التقدمي.– شكراً على التهنئة، ونشكر «الطليعة» على تعاونها المستمر معنا.● بم تفسر انحصار العمل السياسي لدى التنظيمات والشخصيات السياسية في التصريحات والبيانات الصحافية فقط من دون غيرها؟– أي حراك شعبي يمر بمراحل مختلفة، مراحل صعود وقوة يكون فيها الخطاب والنشاط والتحرك بمستوى عالٍ، ومراحل يكون هناك تراجع في الحراك الشعبي في الخطاب والأنشطة والحضور على الأرض، وهذا يعود لأسباب عديدة، من أبرزها تعاطي السلطة مع الحراك، وكيفية الرد عليه.وفي الكويت، واجهت السلطة الحراك الشعبي بأقوى أسلحتها، فبعد إغلاق الصحف والقنوات، توجهت للأفراد، فسجنت البعض، وسحب جناسي البعض الآخر، وفرضت قوانين مقيدة لحرية التعبير، وهذا ما خلق جواً عاماً غير صحي تسبب في تراجع الحراك، فأصبحت التنظيمات تعتمد على وسائلها الرئيسة، وهي بياناتها، التي تمثل لسان حالها، لتعبر فيها عن مواقفها من القضايا العامة.موازين القوى● أنتم ومعكم التنظيمات السياسية الأخرى المحسوبة على المعارضة متهمون بأن أنشطتكم جميعها ردود أفعال لما تمارسه الحكومة أو المجلس.. أين أفعالكم؟– موازين القوى هي التي تحدد من المبادر بالفعل ومن يمارس بردة الفعل، عندما كانت موازين القوى في مصلحة الشارع كانت التنظيمات السياسية المعارضة هي التي يمارس الفعل على السلطة، التي كانت تكتفي بردة الفعل، فتمت – مثلاً – عبر عدم إعادة تعيين رئيس الوزراء الأسبق الاستجابة لفعل المعارضة.وتماشياً مع رغبة الشارع، اليوم موازين القوى تخدم السلطة، التي استطاعت عبر أدواتها فرض رغبتها وتمرير قوانينها، بعد أن قيّدت الحريات، ومارست القمع الشديد على معارضيها.● إذن، بماذا تفسر حالة الجمود التي يعيشها الوضع السياسي في البلاد؟– لا وجود لحالة الجمود، المجتمع في حالة تحرك مستمر، لكن قد يكون هذا التحرك غير ملحوظ، لكنه يبقى تحركاً في النهاية.في إطار التراكم الكمي، كحال كل الشعوب، وكل حركات الإصلاح والتغيير، فإن السلطة لدينا تزيد من احتقان الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والشعب يزداد سخطاً من جراء القوانين التي تهدد مستوى معيشتهم، ولا يمكن وصف هذه العملية بالجمود، ولو كان التحرك عليها دون المستوى المطلوب، وهذا كله يتراكم في رصيد واقعنا السياسي، ويوماً ما سيكون هناك تغيير نوعي له، الأمر الآخر يكمن في تطورات الوضع الإقليمي الملتهب، فالجميع يراقب الوضع من حولنا، كوننا جزءاً منه، ومرتبطين به وبتطوراته، التي تنعكس بشكل أو بآخر على وضعنا الداخلي.نهج السلطة● يعتقد البعض أن حالة الجمود تلك سببها مقاطعة التيارات السياسية للانتخابات الأخيرة والأخرى التي قبلها، الأمر الذي نتج عنه ذلك المشهد المعقد؟– يجب علينا أن نفهم حقيقة المقاطعة، فالمقاطعة موقف سياسي مرحلي، وليست موقفاً مبدئياً دائماً، فالشعوب لطالما كانت تستغل المقاطعة لتوجيه رسالة شعبية للسلطة، وهذا ما قدمة المقاطعون، والرسالة اليوم أصبحت أكثر وضوحاً، بأن الخلل لا يكمن في قاعة عبدالله السالم، بل الخلل الرئيس يكمن في نهج السلطة، الذي يتعارض مع الرغبة الشعبية في الإصلاح والتغيير والتقدم على مستوى الحريات والمعيشة والمشاركة الشعبية في القرار والثروة.● التيار التقدمي أحد التيارات السياسية التي قاطعت الانتخابات وشاركت في تفعيل المقاطعة بكل قواها.. ألستم نادمين على ذلك، ولاسيما أن نتائج الوضع الحالي تشير الى عكس عقارب بوصلتكم التي هدفتهم إليها من مقاطعتكم؟– التيار التقدمي شارك في حملة المقاطعة الأولى وتصدرها، لإيماننا بأن المقاطعة كانت لإيصال رسالة شعبية رافضة لانفراد السلطة بالقرار، بعيداً عن الإرادة الشعبية، ولسنا نادمين أبداً، لأننا نضع المقاطعة في مكانها الصحيح عبر فهمنا لها.فالمقاطعة، التي نعتبرها موقفاً سياسياً هي وسيلة وليست غاية، وكان لزاماً على الآخرين فهمها بهذا الشكل، فهي بداية لمرحلة جديدة يتصدر النضال الجماهيري واجهتها، حيث يتم رفع وعي الناس، وتحديد مكامن الخلل، وإيجاد بدائل لها، وهذا لم يحدث، بل تم الاكتفاء بنجاح المقاطعة الأولى.أيضاً نحن كتقدميين لدينا موقف وتحفظات من الممارسة البرلمانية في الكويت، كونها غير مكتملة، وفيها الكثير من العيوب، بسبب قصور وعدم اكتمال أسس الديمقراطية في دستور الحد الأدنى، ونحن نطلق عليه هذا الوصف، لأنه دستور يشوبه الكثير من النواقص، وبحاجة لمزيد من التعديلات.● وماذا عن القوانين التي ترى أننا في حاجة إليها؟– نحن بحاجة أيضا إلى مزيد من القوانين التي تطور هذه التجربة، من أهمها قانون يشهر الأحزاب، وينظم العمل بها، فلا ممارسة سياسية سليمة من دون وجود أحزاب تمثل الجماهير تحدد أهدافها وتعلن عن مصادر تمويلها، والخلل الآخر الذي يجب تعديله دستورياً، هو وجود الحكومة ذات الأغلبية المعينة في مجلس الأمة، مشكّلةً ثلث أعداد أعضائه، وهذا خلل كبير في التجربة الديمقراطية الكويتية.مراجعة موقف المقاطعة● تؤكد التسريبات أن أغلب من قاطع الانتخابات على المستويين التنظيمي والشخصي سينهي تلك المقاطعة بالمشاركة في الانتخابات القادمة.. ما موقفكم في الانتخابات القادمة؟ وما كلمتكم لمن سيعود للمشاركة من جديد؟– التيار التقدمي تصدر المقاطعة الأولى.. أما في المقاطعة الثانية، وبعد صدور حكم المحكمة الدستورية بدستورية مرسوم الصوت الوحد، فقد اكتفينا بالمقاطعة من دون أن نروج لحملة لها. واليوم، وبعد مرور أكثر من سنتين، لم تتغيَّر المعطيات، التي جعلتنا نتخذ هذا الموقف، لكن عند حدوث تغيير في المعطيات سيجعل الواقع متبدلاً، وبالتأكيد ستتم مراجعة موقف المقاطعة، لكن هذا لا يغير موقفنا المبدئي من العملية الديمقراطية والممارسة البرلمانية في الكويت.● وماذا عن الآخرين؟– نحن لسنا تياراً انتخابياً، بل تيار سياسي، ولا نتخذ مواقفنا وفق مصالح انتخابية، أيضاً نحن ليس لدينا مشروع انتخابي نحصر نشاطنا فيه، ولا نحسب مواقفنا بالفوز والخسارة، كما يحسبها السياسيون الذين يحصرون نشاطهم في البرلمان، فنحن حزب سياسي يمثل الطبقة العاملة والفئات الشعبية بجميع اختلافاتهم المذهبية والمناطقية وغيرها، لذلك لسنا مهووسين بالعملية الانتخابية، لإيماننا بأن العمل السياسي ليس فقط عبر البرلمان، بل نحن نركز أكثر على النضال الجماهيري، المتمثل برفع الوعي الجماهيري وحماية مكتسباتهم والدفاع عن قضاياهم.● يؤكد المراقبون السياسيون، أن التيارات السياسية لا تستطيع النجاح منفردة، كيف هي علاقاتكم مع بقية التيارات؟ وما أوجه التعاون التي من الممكن أن تساهم في تغيير المشهد؟– علاقة أي تنظيم سياسي بالتنظيمات الأخرى تندرج تحت التكتيك السياسي، فلكل مرحلة تحالفاتها، ففي الظروف الأخيرة، والاحتقان الطائفي، والوضع الإقليمي الملتهب، لا يمكن التحالف مع القوى الدينية التي سعت على مدار عقود إلى نشر الخطاب الطائفي، والتي ترفع شعارات، مثل الحرية والعدالة، بمفهومها الذي يصب في مصلحة الطائفة التي تمثلها لا كما نفهمها نحن.● وما فهمكم؟– فهمنا هو أن العدالة الاجتماعية وحرية التعبير والمساواة يجب أن تكون متاحة للجميع من دون أي تمييز، ومثلما نلوم السلطة ونقف في وجهها أثناء الهجمة الشرسة على مستوى معيشة الناس، ومحاولة صد هجمتها على الحريات، كونها الملام الرئيس في تدني مستوى الحريات في الكويت، عبر أدواتها التنفيذية، ندين أيضاً تلك القوى التي تساعد السلطة على توسيع الخطاب الطائفي، وتريد ممارسة المحاصصة الطائفية والفئوية، لكننا ندرس أي قضية يتم عرضها علينا من أي طرف بشكل منفصل، فنحن لا نمارس التحالف الدائم أو العداء الدائم، بل ندرس كل دعوة موجهة لنا بشكل منفصل.تيار المواطن البسيط● قلتم في كلمتكم الأخيرة نسعى إلى أن نكون تيار الإنسان الكويتي البسيط وليس تيار النخبة.. برأيك، هل النخب في حاجة إلى تيار سياسي؟ وكيف سيكون سعيكم لكي تكونوا ممثلين للمواطن البسيط؟– هناك تيارات تمثل نخباً محددة ولا تمثل الجمهور الواسع، ووصف التنظيم بالنخبوي أو تيار الإنسان البسيط يرتبط بالقضايا التي يتبناها التنظيم، فنحن نريد أن نكون تيار المواطن البسيط عبر تبني قضايا الناس اليومية والمعيشية.● وكيف هو الخطاب النخبوي؟– الخطاب النخبوي يتمثل في تجاهل قضايا الناس المعيشية اليومية عبر تجاوز الهجمة على المكتسبات الشعبية، كرفع الدعم عن السلع، كالبنزين والكهرباء وتصفية القطاع العام، ومصلحة التجار، والذهاب إلى قضايا ليست مرتبطة بواقعهم، كطرح مطلب الحكومة المنتخبة، في ظل هجمة شرسة على مستوى معيشة الناس.الإصلاح السياسي يمثل هدفنا الاستراتيجي، لكن لا يمكن القفز على أهدافنا الحالية المستعجلة، المتمثلة بصد الهجمة على الحريات والمعيشة والتصدي للخطاب الطائفي وحماية السيادة الوطنية من أي تدخل خارجي، هذه هي قضايانا التي نعمل عليها الآن، والتي لا يمكن أن نتجاوزها إلى طرح شعارات كبيرة غير واقعية اليوم، لكن يبقى الإصلاح السياسي المؤدي إلى دولة مدنية ديمقراطية متقدمة هدفنا الاستراتيجي العام.● ذكرتم أن الحركة الشعبية تواجه الكثير من الصعوبات والتحديات وتعاني تشرذما وشللا وخللا؟ ماذا يعني ذلك؟– الصعوبات التي تواجهها الحركة الشعبية تتمثل في غياب وجود أحزاب مشهرة ومنظمة عبر قانون تمثل إرادتها وتطلعاتها، وغياب ممارسة ديمقراطية سليمة عبر قوانين رجعية فرضتها السلطة، وغياب حقيقي لدور مؤسسات المجتمع المدني، وهذا ما خلق ممارسة فردية أدت إلى وجود حالة تراجع وتشرذم وخلل، فأصبح الأفراد يحلّون محل التنظيمات، لمجرد أنهم كانوا يوماً نواباً مثلوا ناخبيهم، أو تنظيمات ليس لديها رؤية اقتصادية واضحة، فأصبحت جماعات ضغط، وليست تيارات سياسية يجب أن تعلن عن رؤيتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.● في كثير من ندواتكم الأخيرة ألقيتم باللائمة على الوضع النقابي الذي قلتم عنه إنه يعاني الكثير.. هل تمتلكون روشتة إصلاح؟– الوضع النقابي ليس بمعزل عن بقية الأوضاع المتردية في البلد، فهو عانى تدخل السلطة للسيطرة عليه عبر الفرز الطائفي والفئوي، ما أثر في ممارسة دور العمل النقابي الحقيقي بالدفاع عن مصالح الطبقة العاملة، بل حتى العملية الانتخابية في التعاونيات والبلدي والانتخابات البرلمانية لم تسلم من المال السياسي وفرض قوانين رجعية تعيق سير العملية الديمقراطية.● وكيف يمكن إصلاح ذلك؟– إصلاح تلك المرافق لا يمكن أن يتحقق من دون رغبة شعبية حقيقية بإصلاح سياسي، فكل المشاكل التي تعصف بنا مرتبطة بالفساد السياسي العام الذي تعانيه الدولة.

السلطة تملك أدوات الانفراج السياسي

رداً على سؤال حول الخروج من الأزمة الحالية، قال نهار إن الخروج من الأزمة الحالية بيد السلطة، كونها تملك الأدوات لخلق انفراج سياسي. فبعد فرض قوانينها وسنّ أسلحتها على كل من يملك موقفاً سياسياً معارضاً عبر السجن وسحب الجناسي، فتم خلق جو عام سيئ أدى إلى ضعف الجبهة الداخلية أمام التحديات الخارجية، وما خلقه من حالة من الفتور والغضب الشعبي، لذلك على السلطة أن تتحمل مسؤوليتها بالخروج من أزمتنا الحالية عبر العفو العام، وإسقاط التهم عن جميع المعتقلين السياسيين غير المشروط، وإعادة الجناسي إلى من سُحبت أو فُقدت أو أُسقطت عنهم، والتراجع عن سياساتها النيوليبرالية، التي تهدد مستوى معيشة الفئات الشعبية وأصحاب الدخول المحدودة.17 فبراير 2016جريدة الطليعة