January 2013
29

د. بدر الديحاني: سلمية الحراك الشعبي شرط لنجاحه.

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

واهمٌ من يظن أن الحراك السياسي المطالب بالإصلاحات الديمقراطية الجذرية والشاملة الذي يقوده الشباب يتراجع حاليا نتيجة لاستخدام الحكومة العنف المفرط والاعتقالات العشوائية والاتهامات المعلبة والملاحقات السياسية، فالقبضة الأمنية في كل مكان في العالم لم تنجح قط في وأد الحراك المجتمعي الجاد الذي لا يسير عادة بخط مستقيم، بل يتعرض لمنعطفات بعضها يساهم في تصاعده وزيادة سرعته، وبعضها الآخر يساهم في إبطاء حركته لكنه لا يتوقف. فعملية التغيير الاجتماعي والديمقراطي لا تتم بين ليلة وضحاها، إذ إنها تتطلب ظروفاً موضوعية وذاتية ناضجة ومكتملة، وهي تحتاج عادة إلى وقت وصبر طويلين لكي تصبح جاهزة.صحيح أن استخدام العنف المفرط ضد الحراك الشعبي وحملة الاعتقالات التعسفية والتهم المعلبة والملاحقات السياسية قد يؤدي في فترة من الفترات إلى تناقص أعداد المشاركين في المسيرات والاعتصامات والمظاهرات، لكن ذلك يبقى في الجانب الكمي فقط وليس النوعي، فقناعات الناس وإيمانهم بصحة مطالبهم السياسية لا تغيرها الحملة البوليسية مهما اشتدت، بل إنها تجعلهم أكثر اقتناعا بها وتصميما على تحقيقها. من هنا فإن استعجال بعض الشباب على تحقيق المطالب السياسية بالرغم من عدم جاهزية الظروف الموضوعية والذاتية قد يؤدي إلى انتشار الروح الانهزامية والإحباط والملل وخيبة الأمل في أوساط الشباب، وهو الأمر الذي من المحتمل أن يترتب عليه قيام بعض الشباب المتحمس وغير الواعي بارتكاب بعض الأخطاء الشنيعة والأعمال الفردية المعزولة التي تساهم في تأخير تحقيق الأهداف المرجوة؛ مثل بعض التصرفات الفردية المرفوضة التي تخرج عن الإطار السلمي؛ فتتحول إلى أعمال شغب تستغل من قبل الإعلام غير المهني والمنحاز أيما استغلال لتشويه سلمية الحراك الشعبي وحضاريته. والأدهى من ذلك هو أن يؤدي الإحباط من عدم تحقيق المطالب السياسية بسرعة إلى قيام بعض الشباب المتحمس وغير الواعي بمتطلبات التغيير السياسي والديمقراطي وشروطه بالدعوة المتطرفة لضرورة لجوء المتظاهرين إلى أساليب غير سلمية في مواجهة استخدام قوى الأمن للعنف المفرط تحت وهم أن مواجهة قوى الأمن ستنقل الحراك السياسي إلى مرحلة نوعية متقدمة رغم أن العكس هو الصحيح، فالمواجهات غير السلمية واستخدام العنف من أي طرف كان لن تؤديا سوى للعنف المضاد والفوضى العامة.قصارى القول إن الحراك السلمي بجانبيه السياسي والشعبي هو حراك واسع، ومتنوع لن يتوقف مهما بلغت درجة تهور الحكومة باستخدام القمع المفرط غير المبرر ما لم تتحقق مطالبه السياسية والديمقراطية، ومن الخطأ القاتل الاستماع إلى من يطالب بحسن نية بخروجه عن سلميته، فسلمية الحراك السياسي شرط لنجاحه.د.بدر الديحانيمنقول عن جريدة الجريدة تاريخ 281\2013.