April 2013
23

د. بدر الديحاني: من جديد... سلمية الحراك الشعبي شرط لنجاحه.

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

عملية التغيير الاجتماعي والسياسي، كما ذكرنا غير مرة، لا تتم بمجرد الرغبة في التغيير، بل إنها تتطلب توافر ظروف موضوعية وذاتية ناضجة ومكتملة، بعضها يحتاج وقتاً وصبراً طويلين لكي يصبح جاهزاً، وكلما كانت أدوات التغيير، كالاحتجاجات والمسيرات والمظاهرات سلمية، ساعد ذلك في سرعة تهيئة البيئة المناسبة لعملية التغيير، فأعمال الشغب لا تؤدي إلى أي نتائج إيجابية إطلاقاً، بل على العكس من ذلك تماما فنتائجها سلبية على الدوام.فضلا عن أن قوى الفساد المؤسسي والقوى المعادية للتغيير تلجأ أحياناً كثيرة إلى افتعال أعمال شغب تنسبها زوراً وبهتاناً إلى قوى التغيير؛ لكي تشوه صورتها أمام الرأي العام المحلي والدولي، وتخلق وضعاً يمكّنها من عرقلة عملية التغيير السياسي كما حصل، على سبيل المثال لا الحصر، عندما فجّر نظام المخلوع حسني مبارك كنيسة "القديسين" في مدينة الإسكندرية عام 2011 في محاولة يائسة وبائسة لتأجيج الوضع الطائفي في مصر لكي يشغل الناس عن قضاياهم المشتركة، ويعرقل الحراك السياسي والعمالي المطالب بالإصلاحات السياسية والديمقراطية.لهذا فمن الخطأ الجسيم أن تستمع قوى "المعارضة" والتغيير إلى من يطالب هذه الأيام سواء بحسن نية أو بسوئها بخروج المظاهرات والمسيرات الشعبية والاعتصامات عن سلميتها، أي مواجهة قوى الأمن التي تتعمد الاعتداء على المتظاهرين السلميين، فسلمية الحراك السياسي شرط لازم لنجاحه. أضف إلى ذلك أن إصرار شباب التغيير الديمقراطي على سلمية حراكهم الميداني كما فعل، مثالاً لا حصراً، الشباب أثناء مسيرات "كرامة وطن" الشعبية الحاشدة عندما أعلنوا غير مرة تمسكهم بسلمية المسيرات واستعدادهم لتسليم أي شخص يتعمد إثارة أعمال الشغب لقوى الأمن، سوف يكون مثار إعجاب الرأي العام المحلي والدولي ومحل إرباك لقوى الفساد المعادية للتغيير، بل فضحاً لعملية استخدام العنف المفرط والاعتقالات العشوائية التي تقوم بها بعض عناصر الأمن الموجودة باللباس المدني داخل هذه المسيرات الذين اعترف بوجودهم فيها بعض قادة الأمن أثناء جلسات محاكمات الشباب المتهمين بقضية دخول مجلس الأمة. من هذا المنطلق فإن المحافظة على سلمية الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح السياسي والديمقراطي مهما كانت درجة الاستفزاز التي تتعمد القوات الخاصة ممارستها تدل، أي المحافظة على السلمية، على حضارة ورقي شباب التغيير الديمقراطي، فضلاً عن أنها شرط ضروري ولازم لنجاح الحراك الشعبي في تحقيق مطالبه السياسية المستحقة.

د. بدر الديحاني

منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 22/04/2013