September 2015
5

بلد الحريات أصبحت من الذكريات

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

وافق مجلس الوزراء على مشروع تنظيم الإعلام الإلكتروني، تمهيداً لعرضه على مجلس الأمة لإقراره، وهذا القانون الذي يغلظ العقوبات بشكل متعسف لمن يخالفه، ويشكل مع قانون المطبوعات تضييقاً على الحريات، مما قد يعني عودة قانون الإعلام الموحد المرفوض.وقد تعلل الحكومة إقرار هذا المشروع بقانون، لمواجهة الأخطار المحدقة بالكويت، ولكنه في الواقع يضعف الجبهة الداخلية، وهو المنفذ للتدخلات الخارجية والجرائم الإرهابية، وتفاقم الشحن الطائفي ويفسح المجال لدعاة التعصب والغلو الديني والطائفي، فكل تضييق على الحريات ينتج عنه احتقان وتفكك الجبهة الداخلية وإضعافها، وهي الضمانة لحماية الكويت من أي خطر محدق بها.إن الحكومة دأبت على تحميل الشعب المسؤولية عن كل شيء، بما فيها عجز الميزانية، وترى في الحريات خطراً، لكنها هي من يتحمل المسؤولية، من خلال خرقها لمواد الدستور، وتقييد الحريات العامة، وخاصة حرية التعبير عن الرأي وحرية التجمع وغيرها، وتوغل في تهميش الشعب عن المشاركة بالقرار.وهي تعاقب الشعب وبالأخص الفئات المحدودة الدخل والمهمشة، بزيادة الرسوم على السلع والخدمات، ورفع الدعم عن السلع الغذائية المدعومة، وهي مكسب شعبي منذ سنوات طويلة، بينما تكافئ الرأسماليين والشركات، بتسهيل استيلائها على المال العام، وعدم فرض ضرائب عليها، كما أنها لم تنظر وتعالج بجدية الهدر من الميزانية، والفساد المستشري في الدوائر الحكومية، وضياع المليارات من أموال التنمية، التي نسمع عنها منذ سنوات ولم نرَ مؤشراً عليها.فقانون الإعلام الإلكتروني، إضافة إلى أنه يخالف مواد الدستور، يعني أنه بتطبيقه على أرض الواقع ستمتلئ السجون بالشباب، الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي، أو أصحاب المواقع الإخبارية، فهو بدلاً من أن يكون مواكباً للعصر كما تدعي الحكومة، هو في الواقع بعيد كل البعد عن متطلبات العصر الحديث، ويضرب بحقوق الإنسان وحرياته عرض الحائط.فمن خلال المؤشر السنوي العالمي، الذي تعده وتنشره معاهد «كاتو» و«ليبيراليز»، التابعة لمؤسسة فريدريش نومان الألمانية للحريات، رأى أنه من بين 152 دولة، جاءت الكويت في المركز الـ97 عالمياً، في نسخة العام 2015 من قائمة مؤشر حرية الإنسان، وهو ترتيب يعتبر «دون المتوسط»، لتحتل الكويت بذلك المرتبة الرابعة عربياً والثانية خليجياً (الراي 1 سبتمبر الجاري)، فألا يحرك ذلك وعي الحكومة بسمعة الكويت التي كانت تسمى ذات زمن «بلد الحريات» والتي أصبحت من الماضي والذكريات؟بقلم وليد الرجيبجريدة الراي الكويتية٢ سبتمبر ٢۰۱٥