December 2016
20

ابحثوا في google

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

قبل أيام عدة، كنت أتحدث مع ابني ذي الثمانية أعوام، فذكر لي أثناء حديثنا اسم لعبة يود أن يقتنيها في حال كانت نتائجه جيدة في المدرسة، فما كان مني إلا أن سألته ما هذه اللعبة؟ فجاءني الرد الصاعق: ابحث عنها في «google»!عندما كنت طفلاً في الثامنة من عمري لم يكن لدينا انترنت ولم نكن نعرف الهواتف الذكية أو الأجهزة اللوحية وكانت مصادر المعلومات عندنا هي المدرسة وتلفزيون الدولة الرسمي والصحف المحلية أوالمعلومات التي نعرفها من الأهل، لم تكن هناك فضائيات أو قنوات خاصة تبث طوال اليوم بل كنا نعتبر أنفسنا محظوظين جداً عندما يلتقط التلفزيون قنوات الامارات او العراق في الأيام شديدة الرطوبة. أنا وأبناء جيلي من الشباب لم ننفتح على العالم الخارجي مبكراً ولم نشاهد التطور السريع في العالم منذ الطفولة، رغم هذا كله إلا أن شباب ذلك الجيل أبدعوا في جميع المجالات ورفعوا علم الكويت عاليا في كل المحافل الدولية وعلى الأصعدة كافة؛ فها هو الكويتي صادق قاسم مخترع العرب وسعود السنعوسي الروائي الكويتي الحائز على جائزة البوكر، وها هي جوري العازمي تحصد المركز الأول في تحدي القراءة في دبي وشيخة الماجد تخترع قلماً للمكفوفين... هؤلاء وغيرهم الكثير من الشباب الكويتي المبدع ممن تحدوا الصعاب ولم يلتفتوا لمن يروّج لفكرة أن الشباب الكويتي مترف ولا يمكنه تحمل المسؤولية، فحصدوا الجوائز واثبتوا قدراتهم أمام العالم.ولم يقتصر الإبداع الشبابي على مجالات محددة كالأدب والفن والرياضة والعلم، بل تجاوز ذلك ليدخل الشباب عالم السياسة فيكون لهم الكلمة الفاصلة في محاربة الفساد والسعي للإصلاح والتطور الديموقراطي، فتصدر الشباب المشهد في مطالبهم لنيل المرأة حقوقها السياسية وتعديل الدوائر الانتخابية ومحاسبة الفاسدين.لقد جاءت نتائج انتخابات مجلس الأمة الأخيرة لتثبت أن الشباب قادم بقوة وأن المرحلة المقبلة لم تعد تحتمل إدارة البلد بالعقلية القديمة التي أوصلت الكويت لمستويات متردية على جميع الأصعدة، فالشباب اليوم منفتح على العالم ويشاهد ما يحدث من تطور سريع في الدول التي طبقت الديموقراطية الحقيقية وكيف كان دور الشباب فيها، كما يشاهد الدمار والذي يحدث في تلك الدول المكابرة التي استمرت على نهجها الدكتاتوري وقمعت شبابها فتخلفت عن بقية دول العالم.إن محاولة توجيه الشباب الكويتي نحو توافه الأمور لم ولن تنجح فالشباب الكويتي يمتلك عقلية أكبر من أن تهدر في «المشاريع الصغيرة» كالمطاعم والمقاهي وغيرها، بل انني أجزم أن الشباب قادر على ادارة أكبر المشاريع في الكويت بصورة أفضل بمئات المرات من إدارة حكومتنا الحالية.هذا الجيل الشاب المبدع الذي يطالب بالديموقراطية حيث سأم من مشاهدة بلده يعاني من الفساد ومن عقلية قديمة لم تستطع مواكبة العصر، هذا الجيل الشاب لم ينفتح على العالم الخارجي إلا مؤخراً، أما الجيل القادم فهو يستخدم «google» ويعرف ماذا تعني ديموقراطية وحرية رأي منذ الآن، بل إن أطفالنا اليوم يعرفون نتائج انتخابات الرئاسة الأميركية وتوجه الرئيس الاميركي القادم، وهم في عمر لم يتجاوز السنوات العشر، فكيف ستتعامل حكومتنا معهم؟في الختام، نصيحتي للحكومة؛ ابحثوا في «google» عن انجازات الشباب في شتى دول العالم المتقدمة وانظروا ماذا حدث للدول التي استمرت في نهجها القديم ولم تنصت لشبابها؟عضو التيار التقدمي الكويتي د.حمد اسماعيل الأنصاريجريدة الراي