October 2013
3

تغطية "الطليعة" لندوة الديوانية النسائية للتيار التقدمي حول عزوف المرأة عن الحراك السياسي.

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

كتبت عزة عثمان:

المرأة نصف المجتمع، بل نصف مهم لا يمكن إغفال دوره في أي مجتمع من المجتمعات، سواء شاء أم أبى، وربما تكون المرأة أكثر من نصف المجتمع.. هذا ما أكدته المتحدثات في ندوة الديوانية النسائية للتيار التقدمي، والتي تم خلالها مناقشة أسباب عدم مشاركة المرأة في الحراك السياسي، حيث اختلفت وجهات نظر المتحدثات، فمنهن من أقرت بأن المرأة مغيبة وليست غائبة، بسبب رفض فئات كثيرة من المجتمع، وأن المجتمع لا يزال ذكورياً، فيما اعترضت بعضهن، واعتبرن أن المرأة موجودة وبقوة، ولم تكن غائبة أبداً،

لكنهن أجمعن بشكل عام على أن الحراك السياسي ككل في حالة خمول شديدة، وليست المرأة هي البعيدة، مؤكدات أنه متى ما نشط الحراك السياسي مرة أخرى، ستكون المرأة في مقدمته، مثلما كانت في السابق، ورأين أنه يجب على التيارات السياسية العمل على توعية المرأة، من أجل مشاركتها، وتسليط الضوء على القضايا التي تهم المرأة وتمسها بشكل مباشر، حتى يمكن جذبها بشكل أكبر للحراك.

في بداية الحوار، تحدثت عضو التيار التقدمي شيخة الصباغة، مشددة على أن المرأة نصف المجتمع، ولها الجزء الأكبر والأولوية في العائلة، وفي المجتمع ككل، معتبرة في الوقت نفسه أنه لا يزال هناك بعض التمييز والعنصرية التي تواجهها المرأة في المجتمعين الخليجي والعربي، مضيفة أنه في الماضي كانت المرأة الكويتية هي المبادرة، والتي كان لها الدور الأبرز حينما كان يذهب زوجها للغوص على مدى أشهر طويلة، وكانت في تلك الأشهر تربي وتدبر المنزل، ومع تطوُّر الدولة الكويتية الحديثة، خرجت المرأة للعمل منذ أواخر الستينات، وتوظفت في وظائف حكومية أعلى من نظيراتها في المنطقة، وشاركت في الحركات السياسية والاعتصامات التي تتطلب وعيا فكريا وصلابة.

عزوف سياسي

وأضافت الصباغة أنه لا يمكن أن ننسى دور المرأة البارز في تحرير الكويت، وفي كثير من الأمور منذ الستينات، ومع ذلك، فمن الملاحظ الآن من قِبل اللجنة النسائية في التيار التقدمي عزوف المرأة عن السياسة، واكتفاؤها بالنضال الحقوقي، للحصول على قوانين سياسية، أهمها حق التصويت والمشاركة البرلمانية، ونسيت النضال المطلبي والأساسي، وهو حق السكن.. وغيرها من الحقوق، ولفتت إلى ملاحظتهم أن المرأة في الكويت قليلا ما تنضم لتيارات سياسية، مع أنه من الممكن من خلال وجودها في تلك التيارات المختلفة أن تقدم أفكارا، وتعمل على تنفيذها، بحيث لا تصب نحو المرأة وحدها، ولكن تجاه المجتمع بشكل عام.

غير مغيبة

أما ممثلة مجموعة «حدم»، شيماء العسيري، فرأت أن الظروف السياسية التي يمر بها البلد الآن هادئة، وأن المعارضة اكتفت في الفترة الأخيرة بالابتعاد والتذمر، من دون وجود حقيقي لها، ولكنها «طبيعة الشعوب وكلها موجات والشعب له طاقة وممكن أن يرجع الحراك مرة أخرى في أي وقت».

وقالت العسيري إنها تختلف مع عنوان الندوة، لأن المرأة لم تغب يوما، واسترجعت تاريخ حصول المرأة على حقها السياسي في العام 2006، وفي أقل من سنة تقلدت مناصب وزارية مهمة، وهذا إن دلَّ على شيء، فإنما يدل على أن المجتمع الكويتي يعي جيدا قدرات المرأة السياسية، وهي أثبتت ذلك، وعززت ثقة المجتمع بها، من خلال فوزها ووصولها لمقاعد البرلمان، وتواجدت فيه بنسبة 8 بالمئة، وإذا قورنت بالمرأة في مجتمع متحضر، مثل المجتمع الفرنسي، نجد أن المرأة هناك بعد حصولها على الحق السياسي قبل 35 عاما شغلت خمسة في المائة من مقاعد البرلمان، بعد هذه المدة الطويلة.. أما المرأة الكويتية، فبهذه النسبة تؤكد أنها مناضلة، وأن المجتمع يقدرها، ويعي قدراتها تماما في المشاركة السياسية المميزة.

مشاركة فاعلة

أما عن الحراك السياسي، وغياب المرأة عنه، فترى العسيري أن الحراك معروف بأنه يمثل المعارضة، والمعارضة ما هي إلا فكر، ليس له علاقة بجنس المشاركين، ولكن المرأة بطبيعتها تميل للاستقرار السياسي، وتميل لأن تكون تابعة للسلطة، ومع ذلك في الحراك السياسي الذي شهدته الكويت خلال الفترة الماضية شاركت المرأة فيه بنسبة مائة بالمائة، سواء كانت تلك المشاركة في المسيرات، حيث كانت في المقدمة، أو في الندوات، حيث كانت متحدثة، وفي الاعتصامات كانت متصدرة، وتعرَّضت لمثل ما تعرض له الرجل، ورغم الضغوط الاجتماعية الكبيرة عليها، لكنها لم تثنِ نفسها أبداً عن المشاركة، وعندها رغبة متى ما عاد الحراك أن تكون من أوائل المشاركين فيه.

وأكدت أن نظرة الأسرة والمجتمع للمشاركات في الحراك نظرة يكسوها الاحترام على جهودها، وأنه لا يمكن أن تقوم دولة أو تنظيمات من دون المرأة، وبالتالي مشاركتها في أي حراك أمر مسلَّم به.

ومن «حرائر الكويت»، بيَّنت ليلى القحطاني، أن انضمامها لحشد كان بعد مطالبات كثيرة، بأن يكون للمرأة دور في كل التيارات، وأن ما حدث في الكويت في الفترة الأخيرة يؤكد أنه لا يوجد موضوع يخص المرأة، وآخر يخص الرجل، لأن الصوت أصبح واحداً، والمطلب مشتركا بين الجميع، مؤكدة أنهم من خلال «حرائر» فرضن دور المرأة، ولفتن الانتباه له، وأعطين تنبيها بأن المرأة مستعدة لأن تدفع ثمن موقفها وكلمتها.

وترى القحطاني أن المجتمع الكويتي لا يزال هناك جزء منه لا يُستهان به لا ينظر للمرأة نظرة جيدة، ودائما يردد هذا الجزء للمرأة تساؤلات عدة، أهمها ماذا «تفهمين في السياسة؟»، وردي للمطبخ!

وترى أن النائبات اللائي دخلن المجلس لم يخدمن المرأة بصورة مناسبة في أي مكان، متسائلة «كم نائبة تواجدت معهن في اعتصام أو مسيرات أو ندوات؟»، مشيرة إلى أنهن حاولن كثيرا إشراك النائبات، ولكنهن رفضن، وقالت إن لديها علامة استفهام عن سبب وجود المرأة في البرلمان.

روح سلبية

وأكدت القحطاني أن وجود المرأة في الحراك قدَّم صورة أفضل عنه، مشددة على أن المجتمع الآن لا بد أن يتعاون مع المرأة، ولن يحدث ذلك إلا إذا كانت النساء يدا واحدة، لأن المجتمع فعلا ضايقهن كثيرا، ولا يزال يحتج على دور المرأة، لذلك بعض المشاركات في الحوار ارتدت، وبعضهن انسحبن، ولا نتيجة للآن، ولا تزال هناك روح سلبية، لأنهن يردن نتيجة سريعة، وأقرت بأن من ينخرط في الحراك يحتاج لوقت طويل، لأن الهدف هو تغيير صورة المجتمع وأدائه، ودعت لتعاون المرأة في كل مكان، مستنكرة ما تقرأه وتراه على مواقع التواصل الاجتماعي، من مهاجمة النساء لبعضهن بشكل كبير، ولا تدري لماذا، «هل هو بسبب الغيرة؟ مع أنه من المفروض أن نكون الآن أكثر توازنا في الطرح بدلا من التراشق» .

وأضافت أن المجتمع فعلا كان صعبا جدا مع المرأة، والدليل أنه في الاعتصامات بدا وجودها بأعداد كبيرة جدا ثم قل تدريجيا، وبدأت الأسئلة تنهال عليهن بشكل كبير، وتمَّت الإساءة لهن، ولكنها تؤكد أنهن كمشاركات لعبن دورا كبيرا، وعليهن أن يعبرن عن أنفسهن، ويحددن المفهوم الذي يردن أن يصلن إليه، ولكنها أقرَّت أيضا بأنهن حققن أشياء جيدة، مثل فتح التكتل الشعبي أخيرا مكتبا نسائيا لهن، وبعدما كانت كثير من التيارات مغلقة تماما أمام المرأة، أصبحت أبواب بعضها مفتوحة لها، وأكدت أن المرأة الآن لا بد أن تقف وقفة ثقة شديدة مع نفسها، وعليها أن تعمل بوتيرة مستمرة، طالما أهدافها واضحة ومؤمنة بها، وعلى النساء الآن أن يكن مقاتلات ومناضلات، بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

قالب نمطي

ومن مجموعة 29، تحدثت د.رنا العبدالرزاق، وقالت إنها لا تتحدث في هذه الندوة بصفتها عضوة من مجموعة 29، بل كامرأة كويتية مهتمة بالشأن السياسي، معتبرة أن الحكم على تجربة المرأة السياسية بأنها فاشلة حكم مجحف، لأن المرأة أثبتت إمكانياتها في الوصول للمجلس، والمجتمع لم يجد أي مشكلة في تقبلها، ولكن المشكلة في تقبل المرأة نفسها في كثير من المواقع، مؤكدة أن وضع المرأة دائما في قالب امرأة، هو الذي يعيق أي تطور بالنسبة لها، وأنها هي التي قبلت بأن يبقى وجودها ودورها مهمشين في التيارات السياسية، وقالت إذا كانت المرأة مؤمنة بنفسها وبأنها قادرة على التغيير، فيجب عليها أن تقتحم المجال السياسي في أي مجال ترى نفسها فيه بكل طاقتها.

وتساءلت العبدالرزاق لماذا لا نرى امرأة رئيسة مجلس إدارة أو أمين عام تيار سياسي، على الأقل في التيارات السياسية ذات الطابع الوطني؟ وتمنت أن يكون تواجد المرأة في التيار التقدمي ليس فقط من خلال لجنة نسائية، لأنه لا يوجد ما يمنعها من التواجد في أي موقع، متى ما وجدث الثقة بنفسها وبقدراتها.

وأكدت أن الخلل اليوم المرأة هي المسؤولة عنه، والنائبات لم يكن سببا في ذلك، لأن أي نائبة عندما تصل للمجلس ليس دورها أن تشرع للمرأة، داعية النساء للعمل السياسي المنفتح غير محدود الدور، وأن تعمل النساء على تغيير فكرة المجتمع عن المرأة من أن دورها هو دعم الرجل، مؤكدة أن المرأة مواطنة لها دور كامل، وأن التغيير يجب أن يبدأ من النساء أنفسهن، مستشهدة بعملها هي وزميلاتها في مجموعة 29، وتبنيهن قضايا عجز كثير من الرجال عن حلها، ومع ذلك بالجد والعمل استطعن أن ينجحن في تلك القضايا.

التوعية أولاً

من جانبها، أكدت الأستاذة الجامعية د.إقبال العثيمين، أن التوعية مهمة جدا بالنسبة للمرأة، وخصوصا عندما نعرف أن هناك عزوفا للمرأة.. هنا لا بد من دراسة سبب هذا العزوف، ومعرفة كيف يمكن إخراجها منه وإخراجها للتجمُّعات واللجان السياسية، لأن المرأة من دون توعية، لا يمكن أن تخرج، كونها تميل للاستقرار والابتعاد.

وترى أن الطريقة الوحيدة التي يمكن للتيارات السياسية أن تجذب المرأة من خلالها، هي أن تطرح القضايا الخاصة بها، وتمسها بشكل مباشر.

حالة خمول

أما عضو الجمعية الثقافية النسائية الإجتماعية سعاد المنيس، فترى أن المرأة الكويتية في المجلس حققت إنجازات، ومن الظلم اتهامها بأنها لم تنجز.

وعن عدد النساء المشاركات في الحراك السياسي، قالت إن العدد الموجود يمثل الوضع في الكويت، ولكن نطمح للأكثر مشاركة في المجاميع السياسية.

وأكدت أن المرأة غير منفصلة عن الواقع العام، وأن الوضع العام هو الذي يحدد نسبة المرأة في المشاركة، لأنه ليس من المعقول أن يزيد عدد النساء، ويقل عدد الرجال في الحراك، مؤكدة أن الوضع العام كله في حالة خمول وركود، وأنه عندما يصير حدث كبير ستشارك المرأة، لأنها واعية بقضايا وطنها.

____________________________________

منقول عن جريدة الطليعة تاريخ 03\10\2013