No items found.

المنشورات التقدمية

ابحث من بين أكثر من 1550 قطعة مكتوبة

الحركة التقدمية الكويتية: لابد من وقف أعمال القتل والتنكيل في سورية... ومنع سقوطها في دوامة الحرب الأهلية عبر مشروع وطني تحرري مقاوم
بيان في اليوم العالمي للمرأة صادر عن المكتب النسوي للحركة التقدمية الكويتية
الحركة التقدمية الكويتية تدين العدوان الصهيوني على الأراضي السورية... وتدعو إلى موقف عربي موحد للتصدي
الحركة التقدمية الكويتية تندد بالتصريح الصهيوني الاستفزازي بشأن إقامة الدولة الفلسطينية على الأراضي السعودية... وتدعو إلى رد عربي موحد
الحركة التقدمية الكويتية تدعو إلى إجراء مناقشات واسعة حول المشروع الجديد لقانون الجمعيات التعاونية قبل إقراره... وترفض أي دعوات لخصخصتها
الحركة التقدمية الكويتية تبدي تحفظاتها ونقاط اعتراضها على التوجّه مجدداً نحو إصدار قانون الدَّين العام
الحركة التقدمية الكويتية تنعي القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام الشهيد "محمد الضيف" ورفاقه الشهداء القادة في معركة التصدي والصمود فداء للأمة والحق الفلسطيني
الحركة التقدمية الكويتية ترفض تحويل السكن من حقّ إلى سلعة وتوضح سلبيات ومخاطر التوجّه نحو قانون التمويل والرهن العقاري... وتقدّم مقترحاتها السبعة البديلة لحلّ الأزمة الإسكانية
الحركة التقدمية الكويتية تدين مؤامرة التهجير الأميركية وتحذّر من التعاطي معها... وتشجب مماطلة العدو الصهيوني في الانسحاب من جنوبي لبنان وعرقلة عودة الفلسطينيين إلى شمالي غزة
الحركة التقدمية الكويتية: العدوان الصهيوني على جنين محاولة لتعويض فشل الكيان في تحقيق أهدافه في غزة وخطوة للتمهيد لضم الضفة... ونشجب الموقف الأميركي بتأييد الادعاءات الصهيونية بشأن ضمها
تعليق الحركة التقدمية الكويتية على إلغاء القانون ٧٩ لسنة ١٩٩٥ في شأن الرسوم والتكاليف المالية... والتنبيه إلى ضرورة مراعاة العدالة الاجتماعية في حال استحداث رسوم جديدة أو زيادة الرسوم الحالية وعند إعادة تسعير الخدمات العامة
الحركة التقدمية الكويتية تنعي المناضل القيادي الكبير داود مراغة "أبو أحمد فؤاد" عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
الحركة التقدمية الكويتية تحيي المقاومة وصمود الشعب الفلسطيني اللذين أفشلا أهداف العدو الصهيوني في تصفية المقاومة والقضية الفلسطينية... وتؤكد أنّ الصراع الوجودي مع الكيان الصهيوني مستمر حتى التحرير الكامل.
الحركة التقدمية الكويتية تبدي قلقها تجاه توسع الملاحقات السياسية لذوي الرأي المعارض
الحركة التقدمية الكويتية تجدد تضامنها مع الشعب اليمني في مواجهة التصعيد العدواني الصهيوني
الحركة التقدمية الكويتية: تشكيل لجنة قضائية للتظلم من قرارات السحب يؤكد الحاجة لتمكين القضاء من الولاية على قضايا الجنسية... كما ندعو الحكومة للانضمام إلى الاتفاقيات الدولية بشأن عديمي الجنسية
الحركة التقدمية الكويتية تحيي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بذكرى انطلاقتها الـ ٥٧
الحركة التقدمية الكويتية: مع الشعب السوري لتجاوز معاناته ولتحقيق أمانيه ...ومنع التقسيم والحفاظ على الدور السوري في التصدي للعدو الصهيوني
عضو المكتب السياسي للحركة التقدمية الكويتية مشعان البراق: نحيي بطولات المقاومة وصمود الشعب الفلسطيني… وندعو لإستمرار التضامن والدعم وتكثيف الجهود لوقف العدوان
الحركة التقدمية الكويتية تكرر التنبيه إلى خطورة توسع "اللجنة العليا" في سحب الجنسية... وتحذر من التبعات السلبية لهذه السياسات والقرارات
الحركة التقدمية الكويتية تحذر من عودة حروب الإرهاب وتدين هجوم مليشيات "جبهة النصرة" في سوريا.
الحركة التقدمية الكويتية: تحية إلى صمود الشعب اللبناني ومقاومته الباسلة… ونحذر من غدر الكيان الصهيوني وكذب داعميه
أمين عام الحركة التقدمية الكويتية أسامة العبدالرحيم: نحيي المناضل الثوري اللبناني الأسير جورج عبدالله وندعو للضغط على السلطات الفرنسية لتنفيذ قرار الإفراج القضائي
الحركة التقدمية الكويتية تدعو إلى الحذر من مخاطر الاستثمارات الأجنبية
الحركة التقدمية الكويتية تحيي الذكرى السبعين للثورة الجزائرية وتدعو إلى استلهام دروسها وتضحياتها في مقاومة المحتل
تعليق الحركة التقدمية الكويتية على تصريح وزير الخارجية الملتبس في موسكو حول عملية ٧ أكتوبر المجيدة ومحاولة بعض وسائل الإعلام المعادية للمقاومة تشويه موقف الكويت التاريخي من القضية الفلسطينية
الحركة التقدمية الكويتية: ندين العدوان الصهيوني الجديد على إيران ونقدّر دورها المساند للمقاومة
رئيس المكتب الإعلامي للحركة التقدمية الكويتية حمد العيسى: ننعي شهداء الحقيقة والكلمة الحرة.. ندعو المؤسسات الإعلامية والإعلاميين للدعم والتضامن.
الحركة التقدمية الكويتية: استشهاد القادة تضحياتٌ تُعبّد طريق شعبنا نحو الحرية
تعليق الحركة التقدمية الكويتية على تعميم مجلس الوزراء بشأن ديوان المحاسبة وما فرضه من قيود على اختصاصات الديوان وحق المواطنين في الاطلاع وتعطيل رقابة الرأي العام
تعليق الحركة التقدمية الكويتية على القرارات المتخذة بحق عدد من مؤسسات المجتمع المدني وجمعيات النفع العام
بيان الحركة التقدمية الكويتية حول تصاعد جرائم الحرب الصهيونية على أهلنا في غزة بدعم أميركي وغربي وتخاذل دولي... ولمطالبة روسيا والصين كدول كبرى بتحمّل مسؤولية التحرك لوضع حدّ للعدوان
أسامة العبدالرحيم الأمين العام للحركة التقدمية الكويتية يحيي العملية النوعية للمقاومة اللبنانية الباسلة باستهداف منزل مجرم الحرب الصهيوني نتنياهو
الحركة التقدمية الكويتية تنعي رئيس حركة المقاومة الإسلامية - حماس القائد والمناضل الفلسطيني الكبير يحيى السنوار
بيان مشترك في الذكرى الأولى لانطلاق لطوفان الاقصى: المقاومة ستنتصر
المكتب النسوي للحركة التقدمية الكويتية: نتضامن مع الشعب اللبناني ونستنكر ازدواجية المعايير الدولية.. ونطالب بتكثيف حملات الدعم والإغاثة.
الحركة التقدمية الكويتية: تمادي الكيان الصهيوني بعدوانه على لبنان نتيجة التواطؤ الدولي مع عدوانه على غزة… والرهان على حركات التحرر والمقاومة
الحركة التقدمية الكويتية تنعي شهداء اليسار العربي المقاوم
الحركة التقدمية الكويتية: جرائم الاغتيال الصهيونية النكراء مهما بلغت قسوتها وتمادت في غدرها لن تقتل إرادة الصمود والمقاومة
تعليق الحركة التقدمية الكويتية على مشروع الحكومة لمرسوم قانون التوسع في حالات سحب الجنسية خارج نطاق التزوير والازدواجية
The Kuwaiti Progressive Movement: The Brutal Zionist Massacres Target Our Palestinian and Lebanese Brothers Amid the Silence and Complicity of the So-Called "International Community" and the "Official Arab Regimes".
الحركة التقدمية الكويتية: المجازر الصهيونية الوحشية تستهدف اشقاءنا الفلسطينيين واللبنانيين وسط صمت بل تواطؤ ما يسمى "المجتمع الدولي" و"النظام الرسمي العربي"
The Kuwaiti Progressive Movement Declares Its Solidarity with the Lebanese People and Their Resistance in the Face of Zionist Aggression... Calls on the Kuwaiti Government and Relief Agencies to Provide Assistance in Treating the
الحركة التقدمية الكويتية تعلن وقوفها مع الشعب اللبناني ومقاومته في وجه العدوان الصهيوني... وتطالب الحكومة الكويتية وهيئات الإغاثة لتقديم العون في معالجة ضحايا العدوان
اللقاء اليساري العربي يدين العدوان الصهيوني الإرهابي على لبنان وشعبه
ورقة سياسية صادرة عن اللقاء اليساري العربي العاشر
رسالة مكتب رئيس حركة المقاومة الإسلامية حماس - فلسطين يحيى السنوار إلى الأمين العام للحركة التقدمية الكويتية أسامة العبدالرحيم رداً على بيان الحركة التقدمية حول استشهاد المناضل إسماعيل هنية
الحركة التقدمية الكويتية تدعو لسحب تعميم وزير التربية بحرمان الطلبة الكويتيين البدون المنتهية بطاقاتهم من الالتحاق بالدراسة... وتنبّه لكونه خرقاً صريحاً للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل
الحركة التقدمية الكويتية تدعو الحكومة إلى النظر بمسؤولية إلى العواقب الإجتماعية الناجمة عن قراراتها وضرورة معالجة حالات المتضررين من إخلاء الصليبية وتيماء
الحركة التقدمية الكويتية: اتساع دائرة الملاحقات السياسية مؤشر مقلق للتضييق على الحريات
الحركة التقدمية الكويتية: مجزرة مدرسة "التابعين" جريمة صهيونية جديدة تضاف لمسلسل حرب الإبادة... ولا بديل غير المقاومة والصمود
اللقاء اليساري العربي يدين جريمة إغتيال القائد المقاوم إسماعيل هنية
الحركة التقدمية الكويتية تنعي الشهيد المقاوم إسماعيل هنية وتؤكد أن استشهاده سيزيد المقاومة إصراراً على مواصلة الكفاح حتى التحرير
الحركة التقدمية الكويتية بمناسبة الذكرى ٣٤ للغزو: ما آلت إليه أوضاع البلاد هو النقيض تماماً للكويت التي ضحى من أجلها الشهداء والأسرى والمقاومون
اللقاء اليساري العربي يدين العدوان الصهيوني على الضاحية الجنوبية لبيروت
The Secretary-General of the Kuwaiti Progressive Movement Osamah AL-Abdulrahim sends a congratulatory message to the United Socialist Party of Venezuela on the occasion of the re-election of Comrade Nicolas Maduro as president of Venezuela
الأمين العام للحركة التقدمية الكويتية أسامة العبدالرحيم يبعث رسالة تهنئة للحزب الاشتراكي الموحد في فنزويلا بمناسبة إعادة انتخاب الرفيق نيكولاس مادورو رئيساً لجمهورية فنزويلا البوليفارية
Kuwaiti Progressive Movement: solidarity with Lebanon and its people and its resistance against the Zionist aggressive escalation
الحركة التقدمية الكويتية: يجب التضامن مع لبنان وشعبه ومقاومته في مواجهة التصعيد العدواني الصهيوني
Kuwaiti Progressive Movement: We stand in solidarity with Yemen against Zionist aggression... and call for further unity in the ongoing battle against the enemy and its allies.
الحركة التقدمية الكويتية: نتضامن مع اليمن في مواجهة العدوان الصهيوني... والمطلوب المزيد من توحيد الجهود في المعركة المستمرة ضد العدو وحلفائه
The Kuwaiti Progressive Movement salutes the remarkable Yemeni operation in occupied Yaffa
تحية الحركة التقدمية الكويتية للعملية اليمنية النوعية في يافا المحتلة
رد الحركة التقدمية الكويتية على كلمة وزير المالية
تعليق الحركة التقدمية الكويتية على قرار الحكومة بتكليف وزارة المالية وضع تصورات لتعظيم الإيرادات غير النفطية والحدّ من الهدر
توجهات الحركة التقدمية الكويتية في ظل الوضع الاستثنائي وخلال الفترة المقبلة
المكتب النسوي للحركة التقدمية الكويتية في بيان مشترك مع مؤسسات المجتمع المدني الكويتية: نساء الكويت لأجل نساء غزة
مشعان البراق عضو المكتب السياسي للحركة التقدمية الكويتية: بيان التهديد الصادر عن "الجهاز المركزي" مستفز... والمطلوب حل نهائي وعادل لقضية الكويتيين البدون
بيان مشترك ضد العدوان الصهيوني على رفح
الحركة التقدمية الكويتية: تأخر التشكيل الحكومي حلقة جديدة من مسلسل الأزمة السياسية... وحلّها يتطلّب خطوات سياسية باتجاه الانفراج والاستجابة للإرادة الشعبية والحدّ من تنافس مراكز النفوذ وتجديد الالتزام بالدستور
بيان الحركة التقدمية الكويتية بمناسبة الأول من مايو/ أيار عيد العمال العالمي
بيان مشترك صادر عن الأحزاب الديمقراطية التقدمية العربية والمغاربية حول نضال الحركة الطلابية العالمية
‏الحركة التقدمية الكويتية تهنئ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بمناسبة نجاح أعمال مؤتمرها الثامن
وفد من الحركة التقدمية الكويتية يسلّم النائبين حيات والعصفور وثيقة "قائمة الأولويات" المقترحة من الحركة
الحركة التقدمية الكويتية: الهجوم الإيراني على العدو الصهيوني رد مستحق… ومطلوب زيادة الدعم للشعب الفلسطيني ومقاومته لإنقاذ غزة... وضرورة التمسك بوحدتنا الوطنية ولنتعظ من التاريخ وتجاربه
بيان مشترك: نرفض دعوات تعليق الحياة الدستورية والنيابية
زيارة وفود يسارية عربية للصين بدعوة دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني
الحركة التقدمية الكويتية: اللجوء المتكرر للمادة ١٠٦ لتأجيل افتتاح مجلس الأمة للمرة الثانية خلال ثلاث سنوات واعتذارات المرشحين لتشكيل الحكومة يكشفان عمق الأزمة التي تشلّ الدولة ما يتطلّب تغيير النّهج
الحركة التقدمية الكويتية تنعي القائد الوطني الكبير في الحركة الأسيرة الفلسطينية المقاومة؛ الأسير وليد نمر دقة.. الذي ارتقى شهيداً في معتقلات الإحتلال الصهيوني
اللقاء اليساري العربي ينعى القائد الوطني الفلسطيني الاسير المقاوم الشهيد وليد نمر دقة
د. فواز فرحان عضو المكتب السياسي للحركة التقدمية الكويتية: نستنكر تمادي الكيان الصهيوني في اقتراف جرائمه المتلاحقة في مجمع الشفاء الصحي بقطاع غزة
الحركة التقدمية الكويتية تحثّ الناخبين على المشاركة في التصويت للمرشحين المعارضين للمساس بالحريات وبالمكتسبات الاجتماعية الشعبية وبحقوق المواطنة والتطبيع مع الكيان الصهيوني.
الحركة التقدمية الكويتية تتضامن مع المناضل الوطني البحريني إبراهيم شريف وتدعو للإفراج الفوري عنه
رسالة تهنئة من الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بمناسبة الذكرى السنوية التاسعة والأربعين لتأسيس حزب اتحاد الشعب في الكويت والذكرى الرابعة عشرة لانطلاقة الحركة التقدمية الكويتية
رسالة تهنئة من اللقاء اليساري العربي بمناسبة الذكرى السنوية التاسعة والأربعين لتأسيس حزب اتحاد الشعب في الكويت والذكرى الرابعة عشرة لانطلاقة الحركة التقدمية الكويتية
رسالة تهنئة من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بمناسبة الذكرى السنوية التاسعة والأربعين لتأسيس حزب اتحاد الشعب في الكويت والذكرى الرابعة عشرة لانطلاقة الحركة التقدمية الكويتية
رسالة تهنئة من جبهة النضال الشعبي الفلسطيني بمناسبة الذكرى السنوية التاسعة والأربعين لتأسيس حزب اتحاد الشعب في الكويت والذكرى الرابعة عشرة لانطلاقة الحركة التقدمية الكويتية
رسالة تهنئة من الحزب الاشتراكي المصري بمناسبة الذكرى السنوية التاسعة والأربعين لتأسيس حزب اتحاد الشعب في الكويت والذكرى الرابعة عشرة لانطلاقة الحركة التقدمية الكويتية.
رسالة تهنئة من حزب الشعب الفلسطيني بمناسبة الذكرى السنوية التاسعة والأربعين لتأسيس حزب اتحاد الشعب في الكويت والذكرى الرابعة عشرة لانطلاقة الحركة التقدمية الكويتية
رسالة تهنئة من تجمع الميثاق الوطني بمناسبة الذكرى السنوية التاسعة والأربعين لتأسيس حزب اتحاد الشعب في الكويت والذكرى الرابعة عشرة لانطلاقة الحركة التقدمية الكويتية
الحركة التقدمية الكويتية: ضد التحريض الأمني في شؤون الجنسية… حمايةً للكويت وشعبها من مخاطر نهج التمييز العنصري
"قمر أربعتعش": الحركة التقدمية الكويتية في الذكرى الرابعة عشرة لانطلاقتها
بيان بمناسبة الذكرى السنوية التاسعة والأربعين لتأسيس حزب اتحاد الشعب في الكويت والذكرى السنوية الرابعة عشرة لانطلاقة الحركة التقدمية الكويتية
رسالة من حركة المقاومة الإسلامية حماس - فلسطين إلى الحركة التقدمية الكويتية مع دخولنا شهر رمضان المبارك
أسامة العبدالرحيم الأمين العام للحركة التقدمية الكويتية يدعو للرد على الجريمة الصهيونية بقصف شاحنة المساعدات الكويتية في غزة عبر تكثيف حملات التبرع والإغاثة والتضامن
بيان مشترك حول الأبعاد الخطرة للقرار المتعسف من وزارة الداخلية بمنع الوقفة التضامنية مع غزة في ساحة الإرادة
نداء عاجل من الاحزاب الشيوعية في البلدان العربية الى لقاء الفصائل الوطنية الفلسطينية في موسكو
The Kuwaiti Progressive Movement holds the authority responsible for the repeated dissolution of the Kuwaiti Parliament... It calls on the people to unite ranks and not despair...
بيان مشترك صادر عن عدد من التيارات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني الكويتية للتحذير من مغبّة دعوات الفتنة للانتقاص من حقوق المواطنة الثابتة والمقررة للمواطنين الكويتيين بصفة أصلية
الحركة التقدمية الكويتية تحمّل السلطة مسؤولية تكرار حلّ مجالس الأمة... وتدعو الشعب لتوحيد الصفوف وعدم اليأس… وتطالب بعدم التضييق على الحريات وتجنّب التوسع في إصدار مراسيم الضرورة وضمان نزاهة الانتخابات

ابحث من بين أكثر من 1550 مادة مكتوبة

التصنيفات
امسح الكل
نوع الأخبار
إعادة الضبط
شهر الأخبار
إعادة الضبط
Thank you! Your submission has been received!
Oops! Something went wrong while submitting the form.
Tag
اخبار محلية

التطور الديمقراطي في الكويت

قلم: د.فواز فرحان*

لم تكن الديمقراطية وليدة لحظتها في مختلف بلدان العالم؛ بل هي نتاج لتراكم الخبرات والتجارب على مدى مختلف العصور التي مرت بها البشرية وكذلك هي محصلة لكل ما قدمته الشعوب من تضحيات، ولم تنضج التجربة الديمقراطية -مع الأسف- إلا بعد معاناة مريرة واجهت الشعوب بسبب قمع السلطات الدكتاتورية بمختلف ألوانها وأشكالها والتي سعت للإبقاء على الوضع الإستبدادي المستفيدة منه الطبقات المسيطرة التي تمثل مصالحها هذه السلطات، وليست الشعوب العربية عموماً والشعب الكويتي خصوصاً مستثنين من هذه الصيرورة التاريخية وهذه التجارب البشرية في طريق اكتمال نضوج تجاربها الديمقراطية.

لا نستطيع التعامل مع كل حقبة زمنية في التاريخ الكويتي بصورة منفصلة عما سبقها أو تبعها من حقب؛ فهذه الحقب الزمنية ليست إلا حلقات في سلسلة هذا التاريخ وتجارب كل حقبة ليست إلا إضافة لركام تجارب الحقب التي سبقتها. لا يمكن فهم طبيعة الصراع السياسي في الكويت إبان فترتنا الحالية من غير المرور على مجلس الشورى في عام ١٩٢١ والمجلس التشريعي الأول في عام ١٩٣٨ وسنة المجلس في عام ١٩٣٩ التي استشهد بها محمد القطامي ومحمد المنيس وفترة المجلس التأسيسي في عام ١٩٦٢ وما خالجها من تحديات في اجتماعات لجانه التي وضعت دستور الحد الأدنى وسنة تزوير الانتخابات في عام ١٩٦٧ وسنتي الإنقلاب على الدستور في عامي ١٩٧٦ و ١٩٨٦ وفترتي الفراغ الدستوري والذي كان مجموع سنواتهما ما يقارب العشر سنين، ولا يجوز تجاوز ممارسات السلطة القمعية بمختلف مستوياتها خلال العقود الماضية لنركز فقط على ممارساتها خلال فترة الحراك الشعبي الاحتجاجي السابقة لأننا وببساطة سنفتقد لأبسط التحليل المنطقي لنهجها ومنطلقها في عرقلة التطور الديمقراطي الكويتي.

بالتأكيد هناك رواسب موروثة وأمراض اجتماعية تبدو وكأنها هي المعرقل الأساسي لتطور الديمقراطية في الكويت، ولكننا لا نستثني الشعب الكويتي عن شعوب العالم من كل النواحي وخصوصاً من ناحية حاجته لتجارب واقعية ملموسة تساهم في نضوج ثقافة الديمقراطية بشقيها السياسي والاجتماعي؛ فشعوب العالم لم تزح موروثاتها المعرقلة وأمراضها الاجتماعية وأهمها التعصب الفئوي إلا من خلال تجارب ديمقراطية واقعية نهضت وتراجعت مراراً وتكراراً حتى وصلت إلى ما نراه الآن من مراحل متطورة على مستوى الديمقراطية. وسيطرح أحدهم السؤال التقليدي المعتاد: كيف سنُدخل التجربة الديمقراطية حيز التنفيذ وكيف سيتطور الشعب من خلالها؟ والجواب تقليدي ومعتاد أيضاً: من خلال جهد الطليعة السياسية الواعية المعتمدة والقائمة على نضال الجماهير الشعبية و وجود ميزان قوى يفرض هذه التجربة ويدخلها هذا الحيز، هذا ملخص تجارب الشعوب وهذا هو النموذج الذي جربته ولا نستطيع وضع أي تصور آخر إلا في خانة التنظير الخالي من دليل تاريخي مادي ملموس.

في ظل هذا الواقع السياسي المشوّه الذي فرضته السلطة من خلال رجحان كفة ميزان القوى لصالحها والذي أنتج دستور الحد الأدنى المنقوص ديمقراطياً لا مجال أمام الطليعة السياسية الواعية في الكويت لتدفع عجلة التطور الديمقراطي إلى الأمام إلا من خلال خروجها من مرحلة الحراك الاحتجاجي إلى مرحلة الحراك السياسي الديمقراطي المنظم عن طريق تبني مشروع بيّن المعالم مدعوم من تفاعل الجماهير الشعبية مع هذا المشروع، ولن يكون هذا المشروع صالحاً لتلتف حوله القوى السياسية المعارِضة إلا إذا كان صريحاً في المطالبة بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة التنفيذية و دقيقاً في تحديد المواد الدستورية التي يجب تغييرها ليحدث التطور الديمقراطي المنشود و واضحاً في موقفه من الحريات الشخصية والعامة، ولن يكون النجاح حليف هذا المشروع إذا ركز فقط على العمل النخبوي الفوقي من غير التوجه إلى القطاعات العريضة من الجماهير من خلال عمله بينها في الشارع لرفع وعيها السياسي وحشدها وتعبئتها خلفه بهدف تغيير موازين القوى لصالح التطور الديمقراطي.

بعد كل هذا الكلام يجب أن نعي بأن النضال في طريق الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية طويل وتواجهه الكثير من العراقيل والتحديات ويحتاج إلى صبر ومثابرة وعزيمة وإصرار؛ فشعوب العالم لم تتطور بين ليلة وضحاها.

--------------------------------------

*عضو التيار التقدمي الكويتي.

يمر علينا غداً اليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي اتفقت عليه شعوب العالم الحرة واعتمدته المنظمات العالمية والحقوقية كيوم يذكر بحقوق البشر الأساسية ويدعو إلى احترامها والتصدي لانتهاكها والانتقاص منها، ونحن في التيار التقدمي الكويتي نعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي صادقت و وافقت عليه الأغلبية الساحقة من دول العالم تثبيتاً وتوثيقاً لتراكم نضالات الشعوب في سبيل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وندعو دائماً إلى التمسك به وتطبيقه كضمانٍ لحقوق البشر في ظل الكثير من التحديات والعوائق والمشاكل التي تواجههم سواءً من السلطات القمعية أو حتى من القوى الاجتماعية التي تنتهك حقوق من يختلف معها فئوياً أو دينياً أو طائفياً أو طبقياً.

إننا في التيار التقدمي الكويتي إذ نستذكر هذا اليوم وهذا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان نستنكر كل الانتهاكات الممارسة من قبل بعض السلطات في العالم ضد الناس على مختلف المستويات وبتنوع الدرجات، ونخص بالذكر الانتهاكات الممارسة من قبل السلطات العربية القمعية لمواجهة ما يسمى بالربيع العربي من خلال القتل والتعذيب والملاحقات الأمنية وتضييق سبل العيش الكريم وكذلك من قبل القوى الدينية المتطرفة والمتشكلة على هيئة ميليشيات تمارس القتل والتنكيل بشعوبنا من منطلق طائفي وفئوي مقيت.

وفي الحالة الكويتية نؤكد على تضامننا ودعمنا لنضالات الكويتيين البدون في سبيل استرجاع حقوقهم الإنسانية الأساسية المهدرة من قبل السلطة وعلى رأسها حق المواطنة والعيش الكريم، وكذلك نؤكد استنكارنا للنهج المشيخي للسلطة التي مارست وتمارس مختلف أنواع القمع على مستوى حرية التعبير عن الرأي وبالأخص الرأي السياسي من خلال الملاحقات الأمنية والقضائية للسياسيين المعارضين وللناشطين من شباب الحراك الشعبي وللمغردين، ونستذكر في هذا اليوم ما قامت به السلطة على امتداد تاريخ الكويت وبالأخص من بعد الاستقلال و وضع دستور الحد الأدنى من قمع وملاحقة للمعارضة تجلّى في أبشع صوره خلال فترة الحراك الاحتجاجي ضد رئيس الوزراء السابق وكذلك ضد انقلاب السلطة على الإرادة الشعبية من خلال قانون الانتخابات ذي الصوت الواحد المجزوء.

وفي هذا اليوم نتقدم بالتهنئة لشباب الحراك الشعبي الكويتي ممن صدر بحقهم حكم أول درجة بالبراءة في قضية اقتحام مجلس الأمة في ١٦ نوفمبر ٢٠١١، ونتمنى أن ينتهي نهج الملاحقات الأمنية والقضائية للمعارضين السياسيين والشباب الناشطين وذلك باكتمال النظام الديمقراطي البرلماني.

من التيار التقدمي الكويتي أسمى تحية وتقدير للشعوب المناضلة في سبيل حريتها وفي سبيل كل حقوقها الإنسانية الأصيلة.

٩ ديسمبر ٢٠١٣

اخبار محلية

الرقابة المسبقة... لماذا؟

بقلم: بدر الديحاني.

مجلس الوزراء يوافق مبدئياً على عرض وزير الإسكان المتضمن "إيجاد صيغة قانونية تعفي المؤسسة العامة للرعاية السكنية من الرقابة المسبقة لديوان المحاسبة وقانون المناقصات تلافياً للدورة المستندية الطويلة" ("الجريدة" 6 ديسمبر 2013).هذا معناه أن السبب وراء إعفاء المؤسسات والأجهزة الحكومية من الرقابة المسبقة هو طول الدورة المستندية، وهو سبب يحسب ضد الحكومة وليس معها، إذ كان يجب عليها أن تُبسِّط إجراءات الدورة المستندية وتُسهلها إذا كانت تراها معقدة أو طويلة بدلاً من إلغاء الرقابة المسبقة في ظل استشراء الفساد بأشكاله كافة، كما تبيّن التقارير المحلية والدولية وآخرها تقرير "منظمة الشفافية العالمية" لعام 2013. علاوة على ذلك، فإذا كان سبب إلغاء الرقابة المسبقة هو طول الدورة المستندية كما تدعي الحكومة، فالمفروض إلغاء الرقابة اللاحقة أيضا للسبب ذاته!الدورة المستندية الطويلة التي تتذمر منها الحكومة وتتحجج بأنها سبب طلبها إلغاء الرقابة المسبقة على المشاريع الإسكانية المليارية التي بدأت تهل علينا فجأة، تخص أجهزتها الإدارية وليس ديوان المحاسبة، حيث إن الديوان مطالب بنص القانون (مادة 13) "بالبت في أمر المناقصة وإخطار الجهة بالنتيجة بمدة أقصاها سبعة أيام من تاريخ تلقيه لكل أوراق المناقصة ومستنداتها وبياناتها"، وهي مدة قصيرة للغاية لن يترتب عليها أي تعطيل لأي مشروع جدي وغير مخالف.من الناحية النظرية تعتبر الرقابة المسبقة قيداً على الأجهزة الحكومية قد يترتب عليه أحياناً بعض التأخير، لذلك يفضل أن تكون الرقابة على المؤسسات والهيئات العامة لاحقة، ولكن إلغاء الرقابة المسبقة له متطلبات غير متوافرة الآن مع الأسف الشديد ومن ضمنها وجود أجهزة رقابية مستقلة وفاعلة، ووجود بيئة سياسية وإدارية غير فاسدة، ودور رقابي حقيقي لمجلس الأمة، بحيث يتعامل مع تقارير الجهات التي تقوم بالرقابة اللاحقة كـ"ديوان المحاسبة"، على سبيل المثال، بكل جدية ومسؤولية وليس كما تعاملت وتتعامل السلطتان مع المخالفات الجسيمة التي ترد في تقارير "ديوان المحاسبة"، والتي شكل بعضها محاور رئيسة لاستجوابات سابقة كاستجواب وزير المالية السابق في مجلس فبراير 2012 المُبطل، على سبيل المثال لا الحصر، وكانت نتيجتها مكافأة كبار المسؤولين الذين ارتكبوا هذه المخالفات بدلاً من محاسبتهم!وعلى الرغم من بعض عيوب الرقابة المسبقة فإنها قد توقف جريمة سرقة المال العام، أما الرقابة اللاحقة ورغم بعض ميزاتها فإنها قد تفشل، خصوصاً في ظل ظروفنا الحالية، في الوصول إلى السارق المحترف الذي يتفنن عادة في إخفاء معالم الجريمة، مستغلاً ضعف الأجهزة الرقابية وقصور التشريعات والقوانين والأمثلة حولنا كثيرة يعرفها الجميع.لذلك ونظراً لاستشراء الفساد بأشكاله كافة وغياب الدور الرقابي لمجلس الأمة، فإن الرقابة المسبقة ضرورية الآن أكثر من أي وقت مضى مع أهمية وجود مرونة في التعامل مع بعض المؤسسات العامة ذات الطبيعة الخاصة وضمن شروط محددة بدقة، بحيث يتم رفع سقف المبلغ الذي لا يحتاج إلى رقابة مسبقة من "ديوان المحاسبة" (حالياً أقل من 100 ألف دينار)، وهو الأمر الذي سيسهل العمل ويخفف الضغط على الديوان.

__________________________________________

منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 09/12/2013

اخبار محلية

وليد الرجيب: نجم.

لم يكن «ثورجياً» ولا يسارياً ولا مناضلاً في البداية، بل كان يكتب شعراً عاطفياً عن البُعد والهجر لحبيبته «ابنة عمته»، التي لم يستطع الزواج منها لاختلاف الوضع الطبقي بينهما حيث كانت عائلتها غنية وعائلته فقيرة.بعد أن عمل فلاحاً لسنوات طويلة، عمل في معسكرات الجيش الإنكليزي في أعمال وضيعة عدة، ثم التقى بمدينة «فايد» إحدى مدن القناة التي يحتلها الإنكليز بعمال المطابع من الشيوعيين المصريين «حدتو»، وفي هذه اللقاءات اكتسبت معاناته الطبقية والوطنية معنى فشارك مع الآلاف في مظاهرات عام 1946 حيث أسس الشيوعيون «اللجنة الوطنية العليا للطلبة والعمال» وأعجب بكفاح الشيوعيين الفدائيين ضد العدوان الثلاثي في بورسعيد وتفانيهم من أجل الوطن وأعجب بهم وساعدهم بنفسه.وهذا الوعي الوطني والطبقي الذي بدأ يتفتق جعله يعلّم نفسه بنفسه، ويقول: «ارتبطتْ رواية الأم لمكسيم غوركي في ذهني ببداية وعيي الحقيقي والعلمي بحقائق هذا العالم، والأسباب الموضوعية لقسوته ومرارته ولم أكن قد كتبت شعراً حقيقياً حتى ذلك الحين... كنت أعيد اكتشاف الواقع حيث كان التناقض الطبقي بشعاً».وفي عام 1959 الذي شهد ضربة قاسية تعرض لها اليسار المصري على يد السلطة، اعتقل مع مجموعة من العمال بتهمة التحريض والمشاغبة حيث تعرضوا إلى ضرب مبرح استشهد على اثره أحدهم، وظلت ندوب الضرب والتعذيب على جسد نجم حتى توفي.وبعد خروجه من السجن سكن في غرفة فوق السطح في «بولاق الدكرور» وعمل في منظمة التضامن الأفروآسيوية، وفي حارة «خوش قدم» كما كانت تسمى بالتركية أو «حوش آدم» بالمصرية التقى بالشيخ إمام وسكنا معاً ليصبحا سريعاً ثنائياً معروفاً، فنجم يكتب والشيخ إمام يلحن ويغني، واستطاعا إثارة الشعب لمقاومة الاستعمار العالمي، ثم كل حُكم استبدادي منحازين إلى العمال والطلبة والفلاحين بوعي طبقي ذي نفس يساري واضح، وسجنا مراراً وتكراراً في زنازين اليساريين أنفسهم، وكان أول ديوان اشتهر لأحمد فؤاد نجم هو «صور من الحياة والسجن» الذي قدمت له «سهير القلماوي» ليشتهر نجم وهو في السجن خاصة وأن الأجواء الثورية واليسارية كانت طاغية في المجتمع المصري.عاش الشاعر أحمد فؤاد نجم الذي رحل يوم 3 ديسمبر الجاري عن 84 عاماً في ظروف قاسية جعلته متمرداً غاضباً، ولكن احتكاكه باليساريين في مصر بلور وعيه وأصبحت بوصلته واضحة، فوظّف غضبه ضد الاستعمار والظلم الاجتماعي الطبقي في شعره الذي أبرزته ألحان وأغاني الشيخ إمام، فأصبحا رمزاً للثورة وصوتاً لها وللعمال والطلبة والفلاحين وجميع المستغَلين، وإن ظل التمرد قريباً من العبثية إلا أنهما لاحظا الفائدة الكبيرة والتأثير الطاغي للفن عندما يعبر عن معاناة وآمال الشعب، عندما يكون منحازاً للإنسان.واجتاحت الأشعار والأغاني الوطن العربي بأكمله، وخاصة بعد هزيمة حزيران 1967 التي أعطت لأدواتهما الفنية نضجاً أكبر، ومن أشهر الأغاني في حب الوطن «مصر يمه يا بهية» وأشهر الأغاني حول النضال الأممي «غيفارا مات»، وأشهر الأغاني ضد الامبريالية الأميركية والعالمية «شرفت يا نيكسون بابا يا بتاع الووترغيت» و«فاليري جسكار ديستان» والكثير من الأغاني التي أصبحت جزءاً من التراث الثوري المصري والعربي، والتي ألهمت ثوار ما يسمى بـ «الربيع العربي» فاستحضروها، بل استحضروا التراث الفني والشعري الوطني لشاعر الشعب سيد درويش وكذلك بيرم التونسي.في الختام ليس من المهم أن يكون الراحل أحمد فؤاد نجم منتمياً لحزب يساري، ولكن الأهم أنه كان يعبر عن وجهة نظر اليسار في حب الوطن والدفاع عنه وعن الكادحين والفقراء، ويكره النخبويين والمثقفين المتعالين على هموم الإنسان البسيط.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

___________________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 07/12/2013 العدد:12577

بقلم: د. بدر الديحاني.

من المفترض ألا تتدخل الحكومة في قرارات مجالس إدارات المؤسسات العامة المملوكة للدولة إلا إذا خالفت هذه القرارات الفنية السياسة العامة للدولة، وعندئذ لا يفترض وقف القرار فحسب بل محاسبة مجلس الإدارة أيضا. لقد سبق أن تدخلت الحكومة سياسياً بالقرار الفني لمؤسسة البترول فأوقفت صفقة "كي داو" الضخمة التي أثارت آنذاك جدلا سياسيا واسعا وهي وحدها، أي الحكومة، من يتحمل مسؤولية إلغاء الصفقة وما ترتب على ذلك من غرامة مالية مبالغ فيها (2.16 مليار دولار) شُكلت على إثرها لجنة تحقيق حكومية قيل إن هدفها معرفة كل ما يتعلق بالصفقة وتحديد المسؤول عن توقيع العقد بالغرامة المالية قبل استكمال الموافقة النهائية.وبالرغم من أن تشكيل لجنة التحقيق كان في شهر مايو 2012 فإن نتائجها لم تعلن حتى الآن، ولهذا فلا يمكن معرفة من المتسبب في تحميل الميزانية العامة للدولة مليارات الدولارات ناهيكم عن محاسبته!الأسبوع الماضي ألغت الحكومة صفقة شراء مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية طائرات هندية مستعملة، حيث قرر وزير المواصلات إيقاف رئيس مجلس إدارة "الكويتية" عن العمل كي لا يتمكن من إتمام الصفقة التي يقول إنها صفقة مربحة "ستوفر على المال العام 60 مليون دينار"، بينما قال الوزير إن" قرار إيقاف سامي النصف استند للمصلحة العامة حتى لا يمرر صفقة طائرات مستعملة لم تكتمل أركانها القانونية ولا جدواها الاقتصادية، ولم تمر على الأجهزة الرقابية ولم تفحص بشكل مطمئن، وما يدليه من تصريحات مغلوطة لا تخدمه بل ربما تعود بالضرر على سمعة مؤسستنا الوطنية" (كونا).فما مبررات تدخل الحكومة لإلغاء صفقة "الكويتية"؟ هناك احتمالان: إما أن رئيس مجلس الإدارة قد خالف السياسة العامة للدولة وارتكب خطأ جسيما يثير الشكوك والشبهات، وهو ما يجب محاسبته عليه ثم مساءلة مجلس الإدارة أيضا، أو أن قراره كان سليما لكن الحكومة تدخلت سياسيا لوقفه وهو ما قد يفسر أنه كان لمصلحة أطراف تجارية معينة لها مصلحة مباشرة في مشروع خصخصة "الكويتية"، وهذا لا يجوز دستورياً. فأي الاحتمالين صحيح؟ وهل سيحاسب أحد؟ أم سيتكرر ما حصل في قضية "الداو" وغيرها من القضايا التي ترتب عليها خسائر فادحة للمال العام؟وحيث إن الشيء بالشيء يذكر فإن مشكلة "الكويتية"، كما ذكرنا سابقاً، سببها سوء الإدارة وليس ملكيتها العامة، فطيران الإمارات والاتحاد الظبيانية والقطرية والسنغافورية جميعها ملكيتها عامة وخدماتها مميزة، وتحقق أرباحا سنوية؛ لذلك من المفروض أن تبقى "الكويتية" مملوكة للدولة. أما الصراع الحالي حول خصخصتها فإنه مؤشر قوي على طبيعة "المعارك" القادمة في ما لو صممت الحكومة على المضي قدما في سياسة الخصخصة الشاملة، أي تصفية المؤسسات العامة المملوكة للدولة رغم أن تجارب عالمية، لا سيما في دول العالم الثالث قد بينت الكثير من أوجه الفساد التي تترافق عادة مع الخصخصة مثل العمولات وتضارب المصالح والكسب غير المشروع واستغلال السلطة العامة واحتكار القلة للثروة والبطالة.

_____________________________________________

منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 04/12/2013

بقلم: رشيد غويلب

في أول تعليم رسالي له، وهو بمثابة بيان حكومي للفاتيكان، بعنوان "فرح الإنجيل" كتب البابا فرانسيس: "هذا النظام الاقتصادي مميت". وفي نفس اليوم الذي نشر فيه بيان البابا، صار معروفا، أن الحكومة اللتوانية قدمت استقالتها على اثر فضيحة انهيار احد الأسواق التجارية، راح ضحيته 54 شخصا. ويعود سبب الانهيار وفق توقعات اولية الى أخطاء في التصميم الأساس، والبناء غير المتقن. وجاء نتيجة لخطط التقشف، التي يفترض أنها تقدم حلولا لتداعيات الأزمة، لقد تم حل اللجنة الوطنية لمراقبة المباني، والبناية المنهارة تم بناؤها قبل عامين فقط.ويصف البابا الرأسمالية بأنها "نظام جائر في جذوره"، ويضيف "ومما لا يصدق أن لا تثير وفاة رجل مسن يعيش في الشارع نتيجة للبرد، في حين يحتل انخفاض أسهم البورصة العناوين الرئيسية". ولا تثار أي ضجة " عندما يموت كل خمس دقائق طفل بسبب الجوع"، كما يقول يان زيغلر المفوض الخاص السابق للأمم المتحدة، في حين أحرقت الولايات المتحدة 138 مليون طن من الذرة في عام 2011 للحفاظ على مستوى الأسعار. وهناك مليار جائع في العالم، و180 مليون طفل في سن التمهيدي لا يتلقون التغذية الضرورية. وان استثمار 2 مليون يورو يمكن أن ينقذ100 مليون طفل من المجاعة (جريدة الفراكفورتر الغماينة تسايتنغ في 8 . 6 . 2013). وفي الولايات المتحدة يخصص 40 في المئة من محصول الذرة لإنتاج الايناثول البيولوجي. ويمكن تلخيص شعار الرأسمالية بـ"رمي المواد الغذائية في القمامة بدلا من صحون الجائعين". ويتم التعامل مع الناس كبضاعة للاستهلاك، أو كما يكتب البابا "يتم استهلاك الناس ثم يتم رميهم". وهذا لا يحدث في بلدان العالم الثالث، وإنما هذا النظام يميت حاليا الجموع في أوروبا، كما يجري في سياق برامج التقشف التي تمليها اللجنة الثلاثية (صندوق النقد الدولي، المفوضية الأوروبية، والبنك المركزي الأوروبي) . ولا ينعكس انخفاض مستوى المعيشة الهائل في بلدان أطراف أوروبا في تحديد إمكانيات الاستهلاك المتاحة، وفي شح المواد الغذائية فقط، وإنما في برامج هدم المكتسبات الاجتماعية، وأنظمة الرعاية الصحية. ويتساءل وزير الصحة الأيسلندي خلال "منتدى الصحة" في عام 2009: "ما الفرق بين صندوق النقد الدولي والدراكولا"، بعد مطالبة الأخير بتخفيض 30 في المئة من تخصيصات القطاع الصحي في أيسلندا بعد انهيار القطاع المصرفي فيها ويجيب: إن مصاص الدماء يتوقف عن فعله عندما تموت ضحيته، ولكن صندوق النقد الدولي يستنزف بلدانا بأكملها (جريدة سودديوجه، في 3 .7 . 2013).وقدم عالما الأوبئة ديفد ستكالر و سانجاي باسو دراسة إحصائية حول تأثير برامج التقشف على القطاع الصحي، وقد توصل الباحثان الى نتيجة مفادها أن ما يسميه العديد من السياسيين بـ "العلاج المر"، في حقيقة الأمر هو ليس علاج، وإنما السم بعينه.إن اللجنة الثلاثية، وزعماء مراكز القرار الرأسمالية مصرون على استمرار عملية التسميم من اجل الحفاظ على "عافية اقتصاد السوق"، في حين أن البابا ينتقد "تأليه طغيان السوق المدمرة".

_______________________________________________

منقول عن صحيفة اليوم السابع الالكترونيه تاريخ 03/12/2013

اخبار محلية

الأمل في الشعوب فقط

كتبتُ في الشهر المنصرم مقالاً بعنوان «الدعوة للتقارب الخليجي - الإسرائيلي» نشرته الراي حين ذاك، وهو حول إشارات قد تشي بقرب علاقات وتطبيع علني لدول الخليج مع العدو الإسرائيلي، خاصة مع تكرار القول من شخصيات وجهات خليجية مختلفة: «بأننا نحتاج إلى تحالفات جديدة» لمواجهة التقارب الأميركي - الإيراني، أو بمعنى آخر بسبب تخلي الولايات المتحدة عن حلفائها في دول مجلس التعاون».فماذا يعني أن يقبل وزراء خارجية «29 دولة عربية من بينها معظم دول مجلس التعاون ومسؤولون آخرون بينهم نجل خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز ودول إسلامية مثل اندونيسيا وماليزيا وبنغلاديش والمبعوث الخاص للإدارة الأميركية إلى المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية مارتن اندريك، ماذا يعني قبول هذه الدول الاستماع إلى خطاب الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز حتى وإن كان من تولى الحديث المباشر معه مساعد الأمين العام للأمم المتحدة تيري رود لارسن؟» (الراي 3 ديسمبر نقلاً عن يديعوت أحرنوت الإسرائيلية).ماذا يعني هذا الاجتماع في مدينة أبو ظبي الإماراتية الخليجية؟ ولماذا لم تحتج أو تنسحب أي من هذه الدول على هذا الاجتماع حتى وان كان عبر اللقاء المتلفز؟ فهل هذا يجيب على تساؤلاتنا في ذاك المقال، عن تزامن معلومات كتبها وكيل وزارة الخارجية البحريني للشؤون الإقليمية ومجلس التعاون واقتراح خبير استراتيجي كويتي وقيادي في «حدس» عن ضرورة «البحث عن تحالفات أخرى جديدة».إن الشعوب العربية تعلم ومنذ زمن بعيد قبل «التقارب الأمريكي - الإيراني» بأن هناك لقاءات ومفاوضات تتم بين دول عربية وإسلامية والعدو الصهيوني من تحت الطاولة، تم الكشف عنها في العديد من وسائل الإعلام الغربية، بل كشفت التقارير بيع الرئيس المصري السابق محمد مرسي ومن خلفه جماعة الأخوان المسلمين لأراضي بلاده في شمال سيناء وبموافقة «حركة حماس» الفلسطينية من أجل مشروع توطين الفلسطينيين.فهل هان الدم الفلسطيني واستبيحت الأراضي العربية الفلسطينية وأُهدرت كرامة الشعوب العربية على الأنظمة العربية والإسلامية؟ وما هو الثمن مقابل بيع شعوبنا وأراضينا لأجل عيون إسرائيل؟ هل هو ما يدعيه بيريز من أن «عدونا المشترك هو إيران والتطرف الإسلامي»؟ ألم تعد إسرائيل هي العدو المشترك والمغتصب لأراضينا العربية الذي ارتكب المذابح تلو المذابح ضد أهلنا في فلسطين؟إن الوثائق والمعلومات المتناثرة والمنتشرة في وسائل الإعلام تشير إلى علاقات قديمة وبالخفاء بين إيران والولايات المتحدة وإسرائيل، وأي حديث عن التطرف الإسلامي؟ والجميع يعلم أن بعض الدول العربية والاستخبارات الأجنبية هي من يغذي ويدعم الإرهاب والتطرف الإسلامي، بل تم تمويل وتدريب الجماعات الجهادية والتكفيرية على يد الاستخبارات البريطانية حتى سميت لندن بـ«لندنستان».ألم تخرج الشعوب العربية قبل أيام احتجاجاً على مشروع «برامر» لتهجير عرب النقب الفلسطينيين عن أراضيهم من أجل إقامة مستوطنات إسرائيلية؟ هذا المشروع الذي لم يحرك لا الضمير العربي الرسمي ولا الإسلامي ولا العالمي، مما يترك جرحا غائرا في كرامة الأمة العربية بسبب تخاذل وخيانة هذه الدول والجهات لها.من يتبقى للشعوب العربية؟ فكل نظام عربي يقهر شعبه والدول العربية والإسلامية مجتمعة تقهر الأمتين العربية والإسلامية وتتآمر عليهما، لم يتبق للشعوب إذاً سوى أنفسها وإرادتها في التحرر والانعتاق من التبعية، وبناء مجتمعاتها الديموقراطية وبالتنمية الذاتية المستقلة، وحدها الشعوب لا تقهر وستدحر المؤامرة الكبيرة عليها وستقيم مجتمعات العدالة والحرية والمساواة والكرامة.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

_________________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 04/12/2013 العدد:12574

إننا في الكويت نراقب باهتمام وبقلق بالغين تطورات الأحداث في فلسطين المحتلة لاسيما تلك المتعلقة منها بمخطط برافر، آخر ما استحدثته سلطات الإحتلال الصهيوني ضمن محاولاتها المستمرة لنزع ملكية الأراضي من السكان العرب على أراضي فلسطين المحتلة. إن جوهر الصراع مع الإحتلال الصهيوني هو في طبيعته العدوانية التوسعية وعدائه لحركة التحرر الوطني العربية وخدمته للمخطط الإمبريالي الذي يسعى لإحكام قبضته على المنطقة ونهب ثرواتها ومواردها، فمن خلال مخطط برافر، يهدف الإحتلال الصهيوني لمصادرة ما يقارب من 800 ألف دونم من أراضي النقب، و تهجير ما يقارب 70,000 من الأهالي ، وهدم 36 قرية غير معترف بها رغم وجود تلك القرى السابق على وجود الكيان الصهيوني.

إننا في الكويت نعلن رفضنا لهذا المخطط الصهيوني الإقتلاعي و نعلن مساندة أهلنا في الداخل العربي الفلسطيني في مواجهة المخطط الذي يهدف لصهينة منطقة النقب العربية و تهجير سكانها من البدو الرحل من أراضيهم التاريخية، والإعتداء على نمط الحياة الخاص الذي توارثوه جيل بعد جيل من خلال إجبارهم على الإستقرار في قرى ثابتة تمثل ما نسبته 1% من مجمل الأراضي التي كانوا يعيشون عليها. كما يستهدف المخطط عزل منطقة النقب عن محيطها العربي المتمثل بغزة وسيناء وتحويل جنوب فلسطين، حيث تقع منطقة النقب، لمنطقة عسكرية معزولة.

إن الإعتراض والتصدي لمخطط برافر الذي يمثل حلقة في سلسلة طويلة من سياسات التطهير العرقي الصهيونية واجب على كل المساندين للحق العربي الفلسطيني في أرض فلسطين التاريخية، التي تتعرض لحملة تستهدف تطهيرها من سكانها الأصليين وطمس كل ما يدل على وجودهم التاريخي فيها.

(برافر لن يمر )

هذا صوت أهلنا في الداخل العربي الفلسطيني وقرارهم، ونحن الصدى نردد خلفهم (برافر لن يمر)، وندعوكم للإعتصام معنا ومعهم في يوم النقب العالمي الذي يصادف يوم السبت الموافق 30 نوفمبر 2013 أمام السفارة الفلسطينية.

الكويت في 28 نوفمبر 2013

الموقعين:

التيار التقدمي الكويتي

المنبر الديمقراطي الكويتي

جمعية الخريجين الكويتية

الجمعية الثقافية النسائية

قائمة الوسط الديمقراطي / جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا

اتحاد طلبة الكويت - فرع جمهورية مصر العربية

بقلم: محمد دياب

في خريف عام 2008 اندلعت الأزمة المالية العالمية، التي شكلت حلقة جديدة، في سلسلة من أزمات أصابت النظام الرأسمالي العالمي في العقود الأخيرة. غير أن الأزمة الراهنة تختلف عن سابقاتها، سواء من حيث العمق أم من حيث الاتساع، بحيث شملت هذه المرة الاقتصاد العالمي كله. ولعلها أعنف أزمة تعصف بالرأسمالية كنظام اقتصادي عالمي منذ نحو ثمانين عاماً. ومع إقرارنا بأن ليس كل أزمة يمكن أن تكون بالضرورة قاتلة، غير أن مما لا شك فيه أن ما حصل لم يكن مجرد أزمة عابرة، سوف تزول آثارها بعد فترة وجيزة، بفضل مجموعة من الخطوات والإجراءات ذات الطابع المالي، وربما القانوني. بل يمكننا الجزم أن هذه الأزمة هي الأشد خطورة منذ أزمة "الكساد العظيم"، التي ضربت الإقتصاد العالمي في مطلع ثلاثينات القرن الماضي، وذلك إذا ما أخذنا في الحسبان الشوط الكبير الذي قطعته عولمة الاقتصاد العالمي، ومدى تشابك اقتصادات بلدان العالم وتكاملها، وكذلك التطور الهائل في وسائل الاتصالات المقترن بثورة المعلوماتية، الأمر الذي سهل ووسع مجالات انسياب رؤوس الأموال عبر العالم على نحو لم يسبق له مثيل، مما ساهم في نشوء النظام المالي العالمي الراهن وتطوره.لقد كانت تلك الأزمة بمثابة إعلان فشل النموذج النيوليبرالي للرأسمالية، نموذج الليبرالية المفرطة التي أطلقت العنان لحرية الأسواق ومركزت الاقتصاد العالمي حول الأسواق المالية المتفلتة من أي ضوابط.نشوء المدرسة النيوليبراليةونحن، إذ نتحدث عن "إعلان فشل النموذج النيوليبرالي"، لا بد وأن نتوقف ولو بشكل سريع، عند المدرسة النيوليبرالية، أي تلك المدرسة الاقتصادية التي ترفع لواء حرية السوق المطلقة، السوق المحررة من القيود. ففي البداية كانت النيوليبرالية وليدة تجارب كانت تثير الشكوك بجدوى رأسمالية "دعه يعمل، دعه يمر"، أي تلك الرأسمالية التي ترفض تدخل الدولة في الشؤون الاقتصادية، بما يتجاوز حدود حفظ الأمن وصيانة حقوق الملكية الخاصة.كانت بدايات ظهور المدرسة النيوليبرالية في عام 1938، عندما اجتمع في باريس عدد من كبار المفكرين الاقتصاديين، هم فريدريك هايك (F. Hayek) ولودفيغ ميسيس (L.Mises) وألكسندر روستوف (A. Rustow) وفلهلم روبكه (W. Ropke). كان المجتمعون يثقون ثقة تامة بأن لدى السوق القوى الضرورية لأن تشفي نفسها بنفسها، والقدرة الكافية على المواءمة بين العرض والطلب على ما فيه خير الجميع . غير أن الأزمة الخطيرة التي شهدها الاقتصاد الرأسمالي في مطلع الثلاثينات، جعلت المجتمعين يدركون ضرورة تطوير النظرية الليبرالية، نظرية "دعه يعمل، دعه يمر"؛ فالسوق عاجزة بمفردها عن تحقيق الأهداف المرجوة، وهي بحاجة إلى ضوابط وقواعد واضحة، يمكن لقوى المنافسة الخلاقة أن تعمل في إطارها.كان الاقتصادي الألماني روستوف هو أول من استخدم مصطلح "نيوليبرالي". وهو دعا إلى انتهاج سبيل ثالث، يقع بين سياسة حرية السوق المطلقة وسياسة التدخل الحكومي . فكتب يقول: "إن الليبرالية الجديدة، التي ندعو إليها اليوم، أنا وزملائي، تطالب بضرورة وجود دولة قوية، دولة فوق الاقتصاد وفوق المصالح الفردية، دولة تتبوأ المكان الذي يليق بها أن تتبوأه"(1).وقد تشكلت أفكار النيوليبرالية كمنظومة فكرية في مدرسة اقتصادية مستقلة بعد عام 1945، تحت تأثير الحرب الباردة، التي تجلت على المستوى الأيديولوجي كصراع أو مجابهة بين اقتصادات السوق الغربية من جهة، واقتصاد التخطيط المركزي الموجه الذي كان سائداً في الاتحاد السوفياتي السابق وعدد من الدول الأخرى التي كانت تدور في فلكه. فبعد الحرب العالمية الثانية، عاد الاقتصادي النمساوي فريدريك هايك لجمع شمل الاقتصاديين الذين فرقت الحرب في ما بينهم. فدعا إلى اجتماع عقد في مونت بيليرين في سويسرا، لمتابعة النقاش حول السبل الرامية إلى تطوير الاقتصاد الرأسمالي ومواجهة أزماته. كانت حصيلة الاجتماعات المتتالية في ذاك المنتجع السويسري، أن نشأت في عام 1947 "جمعية مونت بيليرين"، التي صارت واحدة من أهم المنتديات الاقتصادية، والتي اعتبرها البعض بمثابة "المحفل" الخاص بالمفكرين النيوليبراليين، على شاكلة المحفل الماسوني.غير أن المفكرين النيوليبراليين انقسموا لاحقاً إلى ثلاثة تيارات (مدارس) مختلفة، وذلك على أساس نظرتهم إلى دور الدولة في الاقتصاد، وإلى قدرة السوق وآلياتها على تحقيق الأهداف المنشودة، وهي :المدرسة الأولى، مدرسة فرايبورغ (نسبة إلى مدينة فرايبورغ الألمانية)، وأبرز ممثليها الاقتصادي الألماني فالتر أويكن (W.Eucken)، الذي كان استاذاً للاقتصاد في جامعة فرايبورغ. وترى هذه المدرسة بأن على الدولة أن تمنع الاحتكار، وألا تسمح بتأسيس كارتيلات تحد من المنافسة. وتدعو أيضاً إلى اتباع سياسة اجتماعية تتلاءم مع متطلبات السوق. ويرى أويكن بأن سياسة توزيع الدخول والثروات، هي أحد العناصر المهمة في السياسة الاقتصادية. كما أنه يدعو إلى عدم إهمال موضوع العدالة الاجتماعية. أما روبكه وروستوف، اللذان افترقا في مواقفهما عن "جمعية مونت بيليرين" وانسحبا من عضويتها، فدعيا إلى أن تعمل الدولة على خلق البيئة الملائمة لأقصى درجة كاملة من الممارسة. وعموماً، وضعت هذه المدرسة الأسس العامة لما سمي اقتصاد السوق المتكلف بالرعاية الاجتماعية.المدرسة الثانية، هي المدرسة النمساوية، التي أسسها كل من هايك و ميسيس. نادت هذه المدرسة بترك كل شيء للسوق وحدها، على اعتبار أن كل تدخل حكومي ينطوي على نتائج مضرة حتماً. فالحرية بالنسبة إلى هايك هي الشرط الضروري لتحقيق الرفاهية. ويمكن اختصار جوهر هذه النظرية بأنه "ينبغي المحافظة على حقوق الملكية الخاصة، كما ينبغي ضمان حرية الدخول إلى السوق في كل الأحوال. وهذا يعني عملياً أن الليبرالية الاقتصادية هي أفضل سياسة اقتصادية"(2).أما المدرسة الثالثة، مدرسة شيكاغو، فقد تبنت، بداية، موقفاً مشابهاً لموقف مدرسة فرايبورغ؛ فمؤسسها فرانك نايت (F.Knight) عارض الرأسمالية بصيغتها المتطرفة. غير أن من تلاه من دعاة هذه المدرسة، وفي مقدمتهم ميلتون فريدمان وصحبه ممن صاروا يسمون "فتيان شيكاغو"، رفضوا كلياً تدخل الدولة، ودعوا إلى اقتصاد السوق المحرر من كل القيود. وعملياً، زالت الفروق بين هاتين المدرستين، وأصبح كل من هايك وفريدمان الرمزين الأبرز للعقيدة النيوليبرالية، بصيغتها الأكثر تطرفاً.الكينزية – المدرسة النقيضولكن، حتى سبعينيات القرن المنصرم، لم تكن أفكار النيوليبرالية هي التي ترسم السياسات الاقتصادية المتبعة في الدول الغربية . ففي الواقع كان هنري فورد نفسه وواضعو "خطة مارشال"، واستراتيجيو البناء الاقتصادي في اليابان، والاشتراكيون الديمقراطيون في أوروبا، كل هؤلاء كانوا يسترشدون بالنهج الذي كان يقوم على فهم أهمية ودور الإنتاج الصناعي الواسع والجماهيري، في الخلق التدريجي لثروة المجتمع، وعلى أهمية الدور الذي يمكن أن تضطلع به الدولة في العملية الاقتصادية. إن هذا الإدراك لأهمية الإنتاج المادي الواسع القائم على التطوير التقني والابتكارات، كان في أساس الصعود الفذ للغرب، والنهضة الهائلة التي حققها خلال القرنين الأخيرين.هزت أزمة "الكساد العظيم" أسس الاقتصاد الرأسمالي العالمي، ودفعت المنظرين إلى البحث عن السبل الآيلة إلى إخراج النظام من أزمته الخطيرة. فجاءت النظرية الكينزية كمحاولة لتعديل النمط الاقتصادي الرأسمالي على أساس ضرورة تدخل الدولة بفاعلية لترشيد العملية الاقتصادية . فخلافاً لفريدمان و هايك، كان عالم الاقتصاد البريطاني جون ماينارد كينز (John Maynard Keynes) يؤمن بأهمية الدولة القوية القادرة على توجيه الاقتصاد الوطني في الاتجاه الصحيح. وكان يقول بضرورة تدخل الدولة لوضع حد للكساد ولإنعاش النشاط الاقتصادي. وكان كينز يرى بأن الكارثة الاقتصادية الناجمة عن أزمة "الكساد العظيم" وما رافقها من بطالة فظيعة، لا يمكن أن تفسر وتعالج من خلال النظرية الكلاسيكية الليبرالية. فهذه النظرية تقول بأن الأسواق لا بد وأن تحقق التوازن على المدى الطويل، وهذا الأمر يشمل أيضاً سوق العمل. فتزعم النظريات الليبرالية بأن الاقتصاد يحقق مستوى التشغيل الكامل لليد العاملة على نحو عفوي على المدى الطويل(3)، وطالما كانت الأجور مرنة وقابلة للانخفاض بالقدر المناسب (نظرية آدم سميث عن اليد الخفية للسوق)، يناقض كينز هذه الفرضية مؤكداً أنه من الممكن تحقيق التوازن في ظل البطالة. فأصحاب الأعمال يسعون للاحتفاظ بما لديهم من سيولة نقدية، فيحجمون عن زيادة عدد العاملين لديهم في حال عدم تأكدهم من قدرتهم على تصريف ما ينتجونه من بضائع. المهم بالنسبة إليهم، حسب رأي كينز، ليس معدل الأجر الذي يتعين عليهم دفعه للعاملين، بل الطلب السلعي الذي يتوقعونه. فحسب النظرية الكينزية: إنّ الطلب السلعي هو العامل الحاسم، حيث أن الاقتصاد يصل إلى حالة التشغيل الكامل فقط في حالة ارتفاع الطلب السلعي إلى المستوى المناسب. أما إذا تردد المستثمرون في توظيف أموالهم خوفاً من تردي الأوضاع الاقتصادية، فلا بد عندئذ من تدخل الدولة عبر زيادة الإنفاق العام.على أساس هذه الفرضيات طرح كينز وطوّر نظريته النقيض للنظرية النيوليبرالية. تقوم نظريته على مسلّمة تقول بضرورة وجود الدولة القوية. وعلى هذه الدولة أن تزيد الإنفاق العام في فترات الكساد، وأن تقلص هذا الإنفاق في فترات الازدهار. وهذا يعني أن "يد الدولة" يجب أن تتعاون مع "اليد الخفية" التي تنظم آلية عمل الأسواق، لا بل وأن تحل مكانها عند الضرورة. ولا يرى كينز مانعاً من أن تمول الدولة إنفاقها عند الحاجة، وبصورة استثنائية، بواسطة القروض.طبقت نظرية كينز حول ضرورة تدخل الدولة في توجيه الأسواق والنشاطات الاقتصادية بنجاح في عدد من الدول الرأسمالية الكبرى. ففي الولايات المتحدة طبقها الرئيس فرانكلين روزفلت في سياق سياسته الاقتصادية الجديدة التي سعى من خلالها إلى تمكين الاقتصاد الأميركي من مواجهة تداعيات الكساد العظيم، تلك السياسة التي عرفت باسم "الاتفاق الجديد" ( New Deal). وقد شملت هذه السياسة خططاً لزيادة الإنفاق العام في البنى التحتية من شق طرقات وبناء جسور وسدود، وإنشاء شركات للتأمين ضد البطالة، وخفض معدلات الضريبة على ذوي الدخل المحدود وزيادتها على الأثرياء، وزيادة المعاشات التقاعدية للعاملين في القطاع العام ،ألخ . كما طبقت هذه الأفكار الكينزية في ألمانيا في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، في عهد الحكومة الائتلافية التي شارك فيها الحزبان الكبيران في البلاد: الحزب المسيحي الاجتماعي والحزب الاشتراكي الديمقراطي. وكان دور الدولة الوازن في النشاط الاقتصادي في اليابان وتايوان وغيرها من بلدان جنوب شرق آسيا، أحد الأسباب التي أدت إلى "المعجزة الاقتصادية" التي شهدتها تلك البلدان في الفترة ما بين ستينيات وتسعينيات القرن العشرين. فقد رفضت حكومات تلك البلدان آنذاك الأفكار والتوصيات النيوليبرالية للمستشارين الأميركيين، وتدخلت الدولة بنشاط في العملية الاقتصادية، واتبعت في مجال التجارة الخارجية سياسة مارست من خلالها حماية شاملة لقطاعاتها الصناعية المعدة للتصدير. والأمر نفسه ينطبق على بلدان ما يسمى "الموجة الثانية" من الدول الصناعية الجديدة في آسيا، وكذلك الصين وفيتنام(4). فالنظام التجاري الكوري الجنوبي، مثلاً، اتبع ما يسمى "سياسة التجارة الحرة الواقعية"، التي تجمع بين الحماية الشديدة ضد الواردات والدعم القوي للصادرات، والتي هي في الواقع سياسة حمائية فعلية. وتنتهج الصين اليوم سياسة مشابهة، تتضمن فرض ضوابط على الواردات وقيود على الأسعار وعلى حركة رأس المال. ظلت أفكار كينز بخصوص قيام الدولة بدور نشط في الحياة الاقتصادية، تشكل الأساس النظري للسياسات الاقتصادية التي اتبعتها بلدان كثيرة خلال العقدين اللذين أعقبا الحرب العالمية الثانية، وصولاً إلى مطلع السبعينات من القرن العشرين. ولكن في الواقع، أساءت الحكومات استخدام أفكار كينز الصحيحة بشأن أهمية تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي. ففي مراحل الركود عملت الحكومات على زيادة إنفاقها على البنى التحتية لإنعاش الإقتصاد ومده بمقومات الحياة والنمو، غير أنها تلكأت في فترات الازدهار في ادخار ما يلزم تحسباً لما يمكن أن تواجهه في حقبات الركود. ونتيجة للفهم الزائف للأفكار الكينزية، ألقت الحكومات على كاهل دولة الرعاية الاجتماعية أعباء تفوق طاقتها على التحمل، فشلّت عملية النمو الاقتصادي وارتفعت الأسعار إلى مستويات عالية جداً وتفاقم التضخم. كل ذلك أدى إلى بدء عملية ارتداد على السياسات الكينزية، وإلى إقصاء الدولة عن دورها النشط في الاقتصاد، بحجة إفراطها في الإنفاق العام وفي الخدمات العامة التي تقدمها للفئات الفقيرة والمتوسطة، وانتشرت عمليات الخصخصة على نطاق واسع، وغدت "توصيات" صندوق النقد الدولي في هذا الخصوص ما يشبه "الوصفات" الإلزامية التي تفرض على العديد من حكومات العالم. وعلى الصعيد الدولي تجلت السياسة النيوليبرالية في الدعوة إلى تحرير التجارة الدولية وإزالة الحواجز الجمركية والعوائق الإدارية الأخرى من أمام التدفقات السلعية والمالية، وأنشئت منظمة التجارية العالمية لتكون بمثابة "الناظر" الصارم المشرف على التزام الدول بمبادئ التجارة الحرة. وبدأ "العصر الذهبي" للنظرية النيوليبرالية.النظرية النيوليبرالية في الممارسةبدأ تطبيق أفكار فريدمان و هايك منذ منتصف السبعينات في العديد من البلدان. منذ تلك الفترة بدأ السياسيون يتبنون على نطاق واسع أفكار المدرسة النيوليبرالية، ويعملون على رفع يد الدولة عن أي تدخل في الحياة الاقتصادية . ورفع شعار: إن الدولة رب عمل سيئ، وكلما كان تدخلها في الحياة الاقتصادية أضعف، كلما نما الاقتصاد على نحو أسرع وبفاعلية أكبر . في بريطانيا أخضعت مارغريت تاتشر الاقتصاد البريطاني لسياسة "العلاج بالصدمة"، فباعت العشرات من المؤسسات التابعة للدولة وخصخصت ملايين الشقق السكنية وامتنعت عن تقديم الدعم المالي للمشاريع، وشنت حرباً شرسة على عمال المناجم وعملت على "كسر ظهر النقابات العمالية". ومن جهة أخرى، خفضت معدلات الضريبة على الأثرياء وأصحاب المداخيل العالية وضاعفت معدل الضريبة على المبيعات، رغم أن هذا الإجراء يصيب المستهلكين من أصحاب الدخل المحدود بالدرجة الأولى . وسعياً منها للحد من ارتفاع الأسعار، فرضت على البنك المركزي البريطاني رفع معدلات الفائدة إلى 17 %. وقد دخلت هذه السياسة الاقتصادية المتشددة التاريخ باسم "التاتشرية". ولاحقاً كان طوني بلير بمثابة الابن النجيب لهذه السياسة، رغم أن ثمارها كانت مرة في العديد من المجالات. فبعد تحقيق انخفاض موقت في معدلات التضخم في أواسط الثمانينات، عادت الأسعار إلى الارتفاع بوتائر سريعة مع زيادة كبيرة في معدلات البطالة. وتدهورت صناعات أساسية، فأغلقت مناجم عديدة ومصانع للميتالورجيا، وأصيبت صناعة السفن بنكسة خطيرة، وهدد الإفلاس مصانع للسيارت وللصناعات المعدنية.وفي الولايات المتحدة أطلق الرئيس رونالد ريغان في الفترة نفسها تقريباً "ثورة إصلاحية" نيوليبرالية، تمثلت بحزمة إصلاحات أطلق عليها اسم "الانطلاقة الأميركية الجديدة – برنامج عودة الازدهار إلى الاقتصاد". وقد عرفت هذا السياسة باسم "الاقتصاد الريغاني". تبنّى ريغان في سياسته هذه نصائح جناح أكثر ممثلي النظرية النيوليبرالية تطرفاً، والتي عبر عنها الاقتصادي الأميركي آرثر لافر Arthur Lafer، الذي كان جوهر نظريته يتلخص في أن خفض المعدلات الضريبية هو العلاج الناجع لإنعاش الاقتصاد وإصلاح حال الموازنة العامة. وكان دعاة هذا الرأي يقولون أيضاً بأن المؤسسات تنتج أكثر، كلما كان تدخل الدولة في شؤون السوق أقل. وعلى هذا الأساس، وخلافاً للنظرية الكينزية، كانوا يرون بأن من الضروري أن تعير السياسة الاقتصادية الاهتمام لجانب العرض، وليس لجانب الطلب (Supply-Side-Economy). وهكذا، كان البرنامج الريغاني يقضي بخفض العبء الضريبي وخفض العجز في الموازنة وتوقف الدولة عن الاقتراض ووضع حد لارتفاع الأسعار، وكذلك تحرير الاقتصاد من كل القيود. ودعماً لهذه السياسة، ورغبة في وقف التضخم، عمد البنك المركزي إلى رفع معدلات الفائدة.لم تؤد هذه السياسة إلى تحقيق الأهداف المرجوة. فعلى العكس من "نظرية لافر"، لم يؤد خفض المعدلات الضريبية سوى إلى انخفاض إيرادات الدولة من الضرائب، فارتفع العجز في الموازنة العامة وبصورة مطردة، وأدت معدلات الفائدة المرتفعة إلى شل النشاط الاستثماري وإلى تراجع قدرة المواطنين على الاقتراض لتلبية حاجاتهم الاستهلاكية، فتراجع الطلب الكلي وخيم الركود على الاقتصاد. وعلى العكس من الهدف الذي تضمنه "برنامج عودة الازهار" والقاضي بتوقف الدولة عن الاقتراض، أدت سياسة الإنفاق المسرف، خصوصاً في مجال التسلح، إلى ارتفاع المديونية العامة، في ظل الامتناع عن اتخاذ أي تدابير لزيادة الإيرادات العامة. وتحولت الولايات المتحدة إلى مقترض لرؤوس الأموال من كل العالم، وذلك في إطار سياسة ما يسمى "التمويل بالعجز" .ظلت السياسة النيوليبرالية متبعة، وإن مع بعض التعديلات، في عهود الرؤساء اللاحقين، جورج بوش الأب وبيل كلينتون وجورج بوش الابن، وكذلك في بلدان أخرى، لا سيما في المانيا التي شهدت في عهد المستشار الاتحادي هلموت كول موجة خصخصة واسعة شملت مختلف القطاعات، على نحو يتناقض بصورة صارخة مع مسار التطور الاقتصادي لألمانيا منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وواصل الاشتراكي الديمقراطي غرهارد شرودر سياسة سلفه المسيحي الاجتماعي. نقول ظلت السياسة المتطرفة هي السائدة في معظم البلدان الغربية، إلى أن داهمت الأزمة المالية العالمية الأخيرة الإقتصاد الأميركي ومعه الاقتصاد العالمي برمته.ثمار النيوليبرالية المرةفُرض في العديد من الاقتصادات الناشئة تطبيق نظريات المدرسة النيوليبرالية، التي أخذت في البلدان المتحولة من الاشتراكية إلى الرأسمالية وفي عدد من البلدان النامية، صيغة ما سمي "العلاج بالصدمة" بأشكالها الأكثر عنفاً. وقد جسدت سياسات ممثلي "مدرسة شيكاغو" في ثمانينيات وتسعينيات القرن المنصرم بصورة صارخة، السياسات التي لا تعرف الرحمة، السياسات التي لا تقيم أي اعتبار لدور الدولة في الاقتصاد، وتدعو إلى إطلاق العنان لحرية الأسواق، بصرف النظر عن تداعيات ذلك كله على حياة المواطنين وبنية المجتمع. وبهذا المعنى، أصبحت أفكار مدرسة شيكاغو، هي المعبر عما صار يعرف اليوم باسم "النيوليبرالية"، أي الليبرالية المفرطة، التي تختلف عن تلك التي دعا إليها آباء النيوليبرالية الأوائل، روستوف و روبكه و أويكن، (والتي التقوا فيها عملياً مع المبادئ الأساسية للنظرية الكينزية)، الذين قالوا بضرورة "وجود دولة قوية، دولة فوق الاقتصاد وفوق المصالح الفردية". وقد شكل مجيء دعاة النهج النيوليبرالي إلى السلطة في روسيا في أعقاب انهيار الاتحاد السوفياتي، والسياسة الاقتصادية التي عملوا على تطبيقها، شكل النموذج الأكثر بشاعة لما يمكن أن تؤدي إليه هذه السياسة من تداعيات تدميرية على الاقتصاد، وعلى النظام السياسي عموماً. حمل لواء هذه السياسة الجديدة مجموعة من السياسيين والاقتصاديين عرفوا باسم "الإصلاحيين الشباب"، الذين انتهجوا سياسة اقتصادية نيوليبرالية مفرطة، سياسة "علاج بالصدمة" تهدف على حد قول أحد هؤلاء الإصلاحيين اناطولي تشوبايس، إلى "بناء الرأسمالية في روسيا، إننا نريد أن ننجز في أعوام قليلة ما قطعته بلدان أخرى في خلال قرون"(5). وإذ أدرك "بناة الرأسمالية" الجدد أن الإنسان الروسي لا يتقبل كثيراً مصطلح "الرأسمالية" فإنهم تجنبوا في البداية استخدامه صراحة، مستعملين مصطلحات من نوع "اقتصاد السوق" و"الإصلاحات الراديكالية" و"السير على طريق الحضارة العالمية"، ثم استنبطوا مصطلح "الرأسمالية الشعبية". ولكن عملية التحولات تلك، كانت في الواقع عملية تحطيم قاسية للقديم، ولكل ما هو قائم، من دون تقديم البديل الذي من شأنه إخراج البلاد من محنتها. فسياسة "العلاج بالصدمة" افتقرت في الواقع إلى "العلاج" الشافي لأمراض الاقتصاد الروسي، ولم تخلف سوى الصدمة المدمرة للاقتصاد والمجتمع. فقد كانت الخطوة الأولى التي أقدمت عليها حكومة يغور غايدار "الإصلاحية" في حينها، تلبية لنصائح المستشارين النيوليبراليين، إطلاق العنان للأسعار ابتداء من أول كانون الثاني 1992. فأدى ذلك، بالاقتران مع عوامل أخرى، إلى تضخم مفرط وإلى إفقار القسم الأكبر من السكان بعد خسارتهم وبصورة فورية لمدخراتهم وكل ما جنوه على مدى العمر.واقترنت هذه السياسة بعملية نهب وحشية جشعة لثروات البلاد من قبل حفنة صغيرة من المسؤولين والمستثمرين الجدد ورجال "اقتصاد الظل"، جمعت ثروات فاحشة في خلال سنوات قليلة، ما دفع شخصية معروفة في عالم المال والبورصات، كالملياردير جورج سورس الذي لا يتسم سجله الشخصي كرجل أعمال بالنقاء، إلى القول: "إن ما نشهده في روسيا هو الانتقال من تجاوزات النظام السوفياتي إلى تجاوزات الرأسمالية المتفلتة. إنها أقرب إلى رأسمالية النهب ... وأكثر ما يذهلني هو جشع الأوليغارشيا الروسية الجديدة. الدولة في انهيار، والكل ينهب كل ما تصل إليه يداه"(6). اقتصرت سياسات الحكومات "الإصلاحية" المتتالية على حل مشكلة الاستقرار المالي، مع إهمال كلي للقطاعات المنتجة. واستندت هذه السياسات إلى البحث عن مصادر الإقراض الداخلية والخارجية، الأمر الذي أفضى إلى ارتفاع هائل في الدين العام ومن ثم إلى عجز مزمن في الموازنة العامة. وافترضت إمكان قيام نظام مصرفي ومالي متطور على خلفية تراجع الإنتاج. فالطفرة التي شهدتها السوق المالية الروسية عشية انهيار صيف 1998، لم يرافقها نهوض صناعي مماثل، وأدى ذلك إلى اعتماد مفرط على الاستيراد لسد العجز السلعي في الأسوق المحلية، ما أدى إلى تضاعف الفاتورة الاستيرادية. في سياسة "الإصلاحات" هذه، المبنية على النظرية النقدوية النيوليبرالية، تكمن المشكلة الحقيقية التي قادت روسيا إلى الانهيار الاقتصادي في تسعينيات القرن المنصرم. ذلك أنها ترى أن المبادرة الحرة والآلية العفوية للسوق يمكن أن تؤمن المسار الطبيعي لعملية إعادة الإنتاج. أما تدخل الدولة فيجب أن يقتصر على تنظيم التداول النقدي من خلال التحكم بأسعار الفائدة وعمليات الأوراق المالية. وكانت محصلة هذه السياسة تقهقر الصناعة والزراعة وتقوض البنى التحتية وتراجع إجمالي المحلي وتقلص الاستثمارات. وكانت النتيجة إفلاس عدد كبير من المؤسسات الصناعية، أو وصولها إلى حافة الإفلاس ومن ثم بيعها بأسعار بخسة إلى شركات أجنبية أو أثرياء روس جدد. اتسمت عملية الإصلاح النيوليبرالية في روسيا بعناصر ثلاثة: التضخم الجامح والخصخصة والجريمة الاقتصادية. بدأ التضخم في مطلع كانون الثاني 1992، عندما أطلقت الحكومة الليبرالية الأسعار وأزالت كل الضوابط والقيود المفروضة سابقاً. وعلى الفور انقسم سكان روسيا إلى قسمين: حفنة من الأثرياء من جهة، وأكثرية ساحقة من الفقراء، من جهة أخرى. وقد توقع يغور غايدار، رئيس الحكومة الروسية آنذاك، أن ترتفع الأسعار ما بين ثلاث وخمس مرات. غير أنها ارتفعت خلال خمسة أشهر، ما بين 300 و 400 مرة. وخلال ثلاثة أشهر، فقد سكان روسيا 99 % من مدخراتهم المودعة في المصارف وصناديق الادخار. وجرت بذلك عملية إفقار قسرية وسريعة، قضت على الطبقات الوسطى الروسية. وفي غضون ذلك، جرت عملية إثراء غير مشروع للموظفين الحكوميين والحزبيين السابقين، الذين استغلوا مناصبهم وصلاتهم بمراكز القوى السياسية والاقتصادية لتطوير استثمارات خاصة وجمع ثروات طائلة. وبهذه الطريقة تكونت إحدى شرائح الأوليغارشيا الروسية الجديدة.السمة الأخرى لعملية "الإصلاح" تمثلت في عملية الخصخصة، التي وصفت بأنها أكبر عملية لصوصية في التاريخ . فقد جرى تحويل المؤسسات الكبرى التابعة للدولة في الميدان المالي وميدان التجارة الخارجية والداخلية، وكذلك في القطاعين الصناعي والخدماتي، إلى شركات مساهمة استولى الرأسماليون الجدد على معظم أسهمها بأبخس الأثمان . فقد بيع 234 مصنعاً بسعر وسطي يقل عن 4 ملايين دولار للمصنع الواحد. فتم بيع شركة "أورال ماش"، عملاق صناعة السيارات والشاحنات بـ 3,73 ملايين دولار فقط ، ومجمع تشيليابينسك للميتالورغيا بسعر مماثل تقريباً، أما مصنع كوفروف للتجهيزات الذي كان يمد الجيش وقوى الأمن الداخلي وأمن الدولة بالأسلحة الفردية فقد تم بيعه بـ 2,7 مليون دولار .. ألخ (7).وقد وصف بوريس فيودروف، وزير المالية في حكومة غايدار عملية الخصخصة التي شهدتها روسيا بأنها "أكبر عملية نهب في القرن العشرين وربما في تاريخ البشرية..."(8). أما غايدار نفسه الذي جرت العملية كلها بإشراف حكومته، فقال إنّ "الملكية انتقلت ليس إلى من كان له الحق بها، بل إلى من كان أكثر استعداداً لتلقفها". ولكنه برر ذلك بالقول: "إنّ مقايضة سلطة البيروقراطية بالمُلكية (...) كانت في ظل ميزان القوى المتكون في أواخر الثمانينات السبيل الوحيد لإصلاح المجتمع سلمياً، وللتطور السلمي للدولة. وإلا فإن البديل هو الحرب الأهلية (...). وفي كل الأحوال فإن مقايضة السلطة بالمُلكية كانت خطوة إلى الأمام من "الإمبريالية"، نحو السوق الحرة والمنفتحة، من نمط الإنتاج الأسيوي إلى النمط الأوروبي ..." (9). أما أناطولي تشوبايس، عراب عملية الخصخصة، فقال في معرض تبريره لسلوك الرأسماليين الجدد عام 1995، عندما كانت هذه العملية في ذروتها: "إنهم يسرقون ويسرقون. يسرقون كل ما تصل إليه أيديهم، ولا يمكن وقفهم. ولكن دعونا نوفر لهم إمكانية حيازة الملكية الضرورية. وعندئذ سيصبحون مُلاكاً، ومسؤولين جيدين عن هذه الملكية"(10). وفق هذا "المنطق" صار النهب واستيلاء حفنة من الناس على القسم الأكبر من الثروة الوطنية، نموذجاً "عقلانياً" وطريقاً لا بد منه للتراكم الرأسمالي ولتكون نمط الإنتاج الجديد!أما السمة الثالثة لعملية "الإصلاح النيوليبرالي" فتمثلت في ازدهار الجريمة وتشابكها مع النشاط الاقتصادي، ما أدى إلى ظهور المافيا الروسية الشهيرة، التي لم تعد تكتفي بممارسة الجريمة الصرف، بل وسعت نشاطها وتغلغلت مباشرة في النشاط الاقتصادي، وحصل ما يشبه التشابك والاندماج بين مصالح ونشاطات الأوليغارشيا المالية ورجال المافيا.النموذج النيوليبراليالبيئة المولدة للأزمةواليوم، إذ نتحدث عن "فشل النموذج النيوليبرالي"، ودفعه الاقتصاد العالمي إلى الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الأخيرة، فإننا نقصد تحديداً فشل تلك الصيغة المتطرفة التي شهدنا نماذجها في البلدان الآنفة الذكر. ففي عصر العولمة المتزايدة، تجسدت فكرة تخلي الدولة عن دورها وإطلاقها العنان لحرية قوى السوق، في أسواق المال على وجه الخصوص. ففي هذه الأسواق تجلت على نحو صارخ التحولات المفزعة التي أدت إلى تراجع دور الدولة في الشأن الاقتصادي. فالدولة التي تركت الأسواق المالية تعمل بمطلق حريتها، لم تضع قواعد مناسبة لعمل هذه الأسواق، ولم تخلق المؤسسات الضرورية القادرة على فرض رقابة معقولة عليها. فتخلت الدولة عن الرقابة المتشددة على أعمال المصارف وعلى تدفقات رؤوس الأموال، وألغت القواعد الصارمة التي تحكم أنشطة البورصات، وتحولت أسواق المال إلى ساحة تستقطب المضاربين، وحلبة للجشع ولتحقيق الأرباح بسرعة خارقة.لقد انتشرت المشتقات المالية، التي كانت في الأساس عبارة عن بضائع مالية تشتق قيمتها من التطور الذي يطرأ على قيمة أوراق مالية أخرى. وكانت هذه المشتقات في البداية غاية في البساطة. فهي لم تكن سوى معاملات آجلة، يتفق فيها طرفان على بيع أسهم أو برميل نفط أو أي سلعة أخرى، بعد فترة محددة بسعر متفق عليه في الوقت الراهن. ومع الوقت، ظهرت أدوات مالية أخرى أكثر تعقيداً، ابتدعها خبراء المال الناشطون في وول ستريت وغيرها من المراكز المالية العالمية. وعملت المصارف على إصدار أوراق مالية مكفولة بقروض عالية المخاطر، وبيعها في الأسواق المالية لسلع مالية مضمونة. وظهرت في الأسواق المالية مشتقات غريبة لا يكاد يفقهها سوى قلائل من الخبراء الماليين، تتخفى خلفها حزم قروض صارت تجوب العالم كله . ونشأت "فقاعة مالية" أخذت تتحول إلى ما يشبه القنبلة الموقوتة، مهددة بتفجير النظام المالي العالمي في أي لحظة. وقد أدت "الابتكارات" والمشتقات المالية المختلفة هذه، إلى زيادة تمركز الاقتصاد الأميركي، ومعه الاقتصاد العالمي ككل، حول الأسواق المالية.لقد أظهرت الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الراهنة، أن المدرسة النيوليبرالية عرضت للخطر أسس التطور الاقتصادي في العالم، وتحديداً الإنتاج القائم على الابتكار والمعرفة في القطاع الحقيقي، الذي يحتاج إلى الحماية، خصوصاً في مراحل نشوئه الأولى إلى أن يشتد عوده، وإلى حماية عوائده، وكذلك على الاستهلاك الجماهيري الواسع القائم على الأجور الحقيقية النامية في القطاعات ذات الكفاءة العالية بالدرجة الأولى. وعوضاً عن ذلك، انتقل الريع في عصر النيوليبرالية بالكامل تقريباً إلى القطاع المالي المضارب، واضعاً بذلك "قنبلة موقوتة" تحت أساس النظام الرأسمالي برمته.ففي ظل النموذج النيوليبرالي، نشأ وتطور اقتصاد افتراضي يعمل بمعزل عن نشاط الاقتصاد الحقيقي. هذا الاقتصاد الافتراضي ارتكز على الربح الريعي السريع من خلال المضاربات في الأسواق المالية والمضاربات العقارية. فصارت تتحقق أرباح طائلة وتتراكم ثروات هائلة في أيدي المضاربين، من دون أن تكون لها علاقة بالإنتاج، وهي ما تسمى ظاهرة "الأرباح من دون إنتاج". فأسهم الشركات وقيم سندات المال لم تعد ترتبط بإنتاجية المؤسسة وأرباحها، بل بحال السوق المالية والعرض والطلب على هذه الأسهم والسندات، بوصفها سلعة أساسية ومستقلة عن المؤسسة التي تصدرها، والتي يمكن أن تصعد أو تهبط قيمتها نتيجة مضاربات أو إشاعات تبث من دون أساس أحياناً.وظهرت اختلالات عميقة وبنيوية في الاقتصاد الرأسمالي العالمي، أبرزها وأكثرها خطورة الاختلال بين رأس المال المالي الهائل المتراكم، من جهة، وبين الاقتصاد الحقيقي المنتج للسلع الذي يخلق الثروة الحقيقية، من جهة أخرى. ونتيجة لذلك حصلت زيادة كبيرة في المخاطر، ناجمة عن عولمة المعاملات المالية من دون ضوابط أو قيود، واتسع إلى حد كبير الفارق بين حجم الاقتصاد المالي وحجم الاقتصاد الحقيقي، لمصلحة الأول. ويشير سمير أمين في هذا الصدد إلى أن "حجم التبادلات المالية هو ألفا تريليون دولار، فيما البنية الإنتاجية، وإجمالي الناتج الوطني على الصعيد العالمي هو فقط 44 تريليون دولار. إنه تفاوت عملاق في النسب". ويستنتج سمير أمين، بأنه "جرى نقل المركز الأساسي للقرار الاقتصادي، من إنتاج القيمة المضافة في القطاعات الإنتاجية، إلى إعادة توزيع الأرباح التي تأتي بها المنتجات المشتقة من التوظيفات المالية"(11).ففي ظل إيديولوجيا الليبرالية المفرطة أدى نمو الأسواق المالية بصورة مستقلة عن حاجات التمويل الفعلية، إلى أن قيادة الاقتصاد العالمي انتقلت من أيدي المستثمرين وأصحاب المشاريع العاملة في ميدان الاقتصاد الحقيقي، إلى عهدة المدراء الماليين وخبراء الأسواق الذين يتعاملون مع اقتصاد افتراضي بعيد عن أرض الواقع. وفي ظل هذه الإيديولوجيا تقلص دور الدولة وحُصر في مجال السياسة النقدية بهدف مكافحة التضخم. فتخلت الدولة عن مهمة حماية الاقتصاد والصناعات الناشئة، وأفلتت العنان للمصارف للتوسع في الإقراض غير المسؤول وتقديم قروض بدون اعتبار توافر الملاءة، وتركت الأسواق المالية تحت وطأة جنون المضاربات، بدلاً من أن تسعى إلى تنظيم الأسواق وضبط أعمال المؤسسات المالية المصرفية الكبرى (12).أصدر الاقتصادي الألماني هورست أفهيلد (Horst Afheldt) في كتابه "اقتصاد يغدق فقراً"، الذي صدرت ترجمته العربية عام 2007، حكماً مبرماً على النظرية النيوليبرالية (الليبرالية المحدثة )، فيقول : "إنّ النظام الليبرالي المحدث لا يتصف بجدارة تذكر. إنه اقتصاد غير مجد... إن الولايات المتحدة الأميركية في مقدمة الرابحين من لعبة الليبرالية المحدثة ... إن التفاوت بين الفقر والغنى ازداد ولا يزال يزداد اتساعاً وتسارعاً في كل المجتمعات خلال الحقبة الليبرالية المحدثة ... وكانت الليبرالية المحدثة قد خدرت، على مدى جيل كامل، مشاعر الكثير من شعوب العالم بوعود براقة وبشائر كاذبة تزعم أن تفاقم البؤس وتزايد عدد الفقراء ليس سوى حالة عابرة على درب الرفاهية التي سينعم بها مجموع المجتمع ... لأنّ الوقائع الاقتصادية المحققة ... دحضت المزاعم الليبرالية المحدثة بنحو لا يدع مجالاً للشك أبداً. فهذه العقيدة أفرزت اليأس والقنوط والعنف والإرهاب. بهذا المعنى، فإن الزعم بأن الليبرالية المحدثة خير وسيلة لتسريع ارتفاع النواتج القومية في العالم، ليس سوى خداع للنفس وأفيون للشعوب" (13).

____________________________________________________

منقول عن موقع الحوار المتمدن تاريخ 15/10/2013

اخبار محلية

د. حسن مدن: جدل السياسي والثقافي.

يبدو مفهوماً أن يجري السؤال عن دور المبدعين والمثقفين، الكبار والمرموقين منهم خاصة، في التحولات الجارية في العالم العربي اليوم، لجهة التأثير فيها أو التفاعل معها، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار حقيقة أن الجزء الأكثر توهجاً في المنتوج الابداعي العربي في الرواية والقصة القصيرة والشعر، خلال العقود الماضية، توجه نحو فضح ومناهضة صور الاستبداد وغياب الحرية في البلدان العربية، وكانت الكثير من الأسماء والأعمال الأدبية ملهماً لأجيال من الشبان العرب في تبني دعوات الحرية والتقدم، والتوق إلى غدٍ ديمقراطي في بلدانهم.

هذا ما جسدَّته روايات وقصص وأشعار الكتاب المصريين مثلاَ، فلا يمكن أن نغفل مثلاً أثر أعمال روائي مهم مثل صنع الله إبراهيم وبهاء طاهر ورضوى عاشور ومثلهم الكثير من الأسماء البارزة في دنيا الابداع في مصر. هذا القول ينطبق أيضاً على تونس: مهد التحولات العربية، التي قدمت لنا أعمالاً مهمة في هذا السياق. وحدث هذا في سوريا وفي العراق وفي المغرب وفي البحرين وفي بلدان عربية أخرى عديدة.

بل أن الروائي الجزائري المعروف واسيني الأعرج يرصد في روايته: «جملكية آرابيا»- ظاهرة تحول الجمهوريات العربية إلى أنظمة وراثية مجدداً، وهو السيناريو الذي تمَّ تجريبه في سوريا، وكانت العدة تعد لتعميمه في مصر وليبيا واليمن، وربما في غيرها من الدول، وكان هذا أحد المظاهر الصارخة لما بلغه الاستبداد في العالم العربي من إستخفاف بشروط اللعبة السياسية، ومن الاستحواذ على المال العام، والتصرف بلدان بأكملها كما لو كانت عزباً شخصية أو عائلية.

يمكن الحديث هنا، أيضاً، عن روائي عربي آخر مهم هو عبدالرحمن منيف الذي أقامت رواياته الأخيرة الأقرب إلى الملاحم، ك»مدن الملح»، و»أرض السواد»، معماراً روائيا ممتدا في التاريخ لتقصي جذور الاستبداد، والتحولات المشوهة في العالم العربي.

غاية القول أن الإبداع العربي، كما حزء كبير من الفكر العربي المنتج في العقود الماضية، كان له إسهام لا يمكن إغفاله في إشعال جذوة الوعي، وفي تقديم بانوراما عن تحولات الواقع العربي وتعقيداته. ولا يقتصر الأمر على المنتج الإبداعي او الفكري وحده، فالعديد من المثقفين كانوا منخرطين في العمل السياسي الميداني للمطالبة بالديمقراطية، يمكننا هنا الاستشهاد بدور المثقفين التقدميين في سوريا في إطلاق ما جرى التعارف عليه ب»ربيع دمشق»، الذي سبق الربيع العربي بنحو عقد من الزمان، حيث وقع المثقفون السوريون على بيان 99، الداعي للحقوق المدنية والانفتاح، قبل أن يصار إلى وأده هذا التحرك بالقمع، حيث سجن العديد بعد ذلك.

لم يكن القمع نصيب المثقفين ورجال الفكر في سوريا وحدها، لقد حدث هذا في مختلف البلدان العربية، حيث واجه المثقفون العرب الضغوط من أجهزة الدولة، وكذلك من التيارات المحافظة التي إزداد تغوُلها في المجتمع، وقد أفلح هذا القمع في تحييد أصوات كثيرة، ولكنه في الإجمال أخفق في أن يصادر من الأدب العربي روحه النقدية رغم قسوة الظروف.

د. حسن مدن*

______________________________________________

*الأمين العام السابق للمنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين

منقول عن موقع المنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين تاريخ 26/11/2013

يعتبر السكن في مقدمة الحاجات الأساسية للإنسان، وهو حق من حقوق الإنسان المرتبطة بالكرامة والخصوصية والحياة الأسرية والنفسية المستقرة.ومن المؤسف أنه رغم الثروة النفطية الهائلة والأراضي الشاسعة (النسبة المأهولة بالسكان بحدود 7 في المئة فقط من مساحة الكويت)، والحديث المكرر والملل عن "التنمية وتلبية احتياجات المواطنين"، فإن طلبات الإسكان تزداد يومياً، إذ إن هناك الآن (107) آلاف طلب إسكاني لدى المؤسسة العامة للرعاية السكنية، وهو ما يعني أن هناك أكثر من نصف مليون مواطن، أي نصف العدد الكلي للمواطنين تقريباً ينتظر سكناً بافتراض أن متوسط عدد الأسرة هو 5 أشخاص (زوجان وثلاثة أطفال).وإذا ما عرفنا أن متوسط أسعار شقق الإيجار هو 500 دينار، وأن معظم المواطنين يعملون في القطاع الحكومي (نحو 90 في المئة من قوة العمل الوطنية تعمل في الحكومة) ومتوسط رواتبهم الشهرية لا يتعدى 1100 دينار، فإن جزءاً معتبراً من الرواتب (قد يفوق نصف المرتب أحياناً) يذهب إلى الإيجار الشهري.فماذا يتبقى من المرتب للوفاء بالمتطلبات والمستلزمات المادية للأسرة، خصوصاً مع الغلاء المطرد للأسعار، وارتفاع معدلات التضخم النقدي ومحفزات الاستهلاك البذخي؟ليس ذلك فحسب، بل إن متوسط فترة انتظار السكن 15 عاماً، وهذا معناه أن الأسرة الصغيرة ستضطر إلى دفع ما مجموعه 90 ألف دينار تقريباً قبل أن تحصل على سكن حكومي، وهو مبلغ كبير جداً كان الأولى أن تدّخره، تحسباً للظروف المتغيرة.أما بالنسبة للجوانب الاجتماعية والنفسية المترتبة على أزمة السكن فإنها بالطبع تختلف من أسرة إلى أخرى، بيد أنها تشكل ضغطاً نفسياً واجتماعياً رهيباً على بعض الأسر، خصوصاً أن كل أسرة تنتظر السكن يكون لديها عادة أطفال صغار يحتاجون إلى تنشئة اجتماعية ونفسية في بيئة مناسبة ومستقرة، ولديها أيضاً مراهقون يحتاجون إلى اهتمام خاص ومتابعة دراسية مستمرة.ومما لاشك فيه أن الضغط النفسي والمادي المترتب على أزمة السكن، وما يترتب عليها من إحباط ويأس، من الممكن أن يؤدي في حالات معينة إلى الطلاق والتفكك الأسري، والتسرب الدراسي والمشاكل السلوكية، وبعض الأمراض النفسية مثل القلق الدائم من المستقبل، والشعور المستمر بالتقصير في الوفاء بمتطلبات الأسرة ومستلزماتها.ويزداد الأمر سوءاً إذا ما فقد رب الأسرة وظيفته فجأة، وهو أمر وارد جداً هذه الأيام (مشكلة المسرحين تأتي مثالاً)، فضلا عن الارتفاع المستمر لمعدلات البطالة. ومن غير الممكن أن يستقر المجتمع سياسياً طالما كان هناك عدم استقرار اجتماعي واقتصادي.

د. بدر الديحاني

_____________________________________________

منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 25/11/2013

اخبار محلية

وليد الرجيب:المونودراما.

زارنا في رابطة الأدباء في الكويت أخوة أفاضل من إمارة الفجيرة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وشرحوا كيف استطاعوا تأسيس حركة ثقافية بشكل عصامي ومنذ أن كانوا في المدارس المتوسطة، حيث كانوا يؤلفون ويمثلون مسرحيات، ثم بنوا خشبة مسرح إسمنتية في أحد المقاهي تحول بعد سنوات إلى مركز ثقافي تشرف عليه هيئة للثقافة والإعلام، ثم بادروا بمغامرة شجاعة لإقامة مهرجان سنوي على مستوى العالم لفن المونودراما، ونجحوا بإقامة خمس دورات حتى الآن، وهو أمر يجب أن يقدروا عليه لأنهم رواد في هذا المجال الصعب في إمارتهم.لكن عندما شرح رئيس المهرجان فن المونودراما قال في ما معناه: «ان فن المونودراما أو المسرح الفقير نشأ في الدول الاشتراكية، بسبب قلة الموارد في هذه الدول وعدم اهتمام الدول الاشتراكية بالمسرح» أو هكذا فهمت من خلال شرحه، وقد كنت أنوي التعقيب لولا أني لاحظت أن الجلسة لا تتضمن مداخلات أو أسئلة.قد لا أتفق مع رئيس مهرجان المونودراما في تحليله أو في شرح تاريخ هذا الفن الجميل والصعب، لكنه من المعروف أن هذا الفن هو من أشكال المسرح التجريبي الذي يقوم على ممثل واحد فقط ومن هنا تأتي صعوبة كتابته وتمثيله وإخراجه، وهو من الفنون القديمة حيث اعتبر بعض الباحثين أن الراوي في التراث الإنساني هو شكل من أشكال المونودراما، كما كان هذا الفن موجوداً عند الإغريق ثم الرومان مروراً بالعصر الوسيط وعصر النهضة، ومسرحيات شكسبير مثل «هاملت» و«الملك لير»، حتى جاء الفيلسوف الفرنسي وأبو الحركة الرومانسية «جان جاك روسو» عام 1760 بمسرحية «بجماليون» التي اعتبرت البداية الصحيحة لفن المونودراما بشروطه الفنية.إذاً البدايات إذا تجاوزنا - التراث القديم - كانت في القرن الثامن عشر، أي قبل قيام الاتحاد السوفياتي والدول الاشتراكية بأكثر من قرنين، كما أن الحديث عن المسرح الفقير لا يعني فقر الإمكانات المادية أو التجهيزات المسرحية، وهو أيضاً شكل من الأشكال التجريبية للمسرح حيث يفضل المخرج المسرحي اختزال الديكور بمصطبة أو سلم أو كرسي قد يكون مكسوراً... الخ.أما الحديث عن أن الدول الاشتراكية لم تهتم بفن المسرح، فهو حديث غير دقيق إن لم نقل غير حقيقي، فكل الفنون نهضت بقفزات كبيرة في ظل النظام الاشتراكي، ففي المدن السوفياتية على سبيل المثال تستطيع في أي وقت حضور أكثر من حفل «كونسرت» موسيقي أو عمل مسرحي أو عمل أوبرالي، سواء في الفترات الصباحية أو المسائية لدرجة أنك تحتار أين تذهب، كما بدأ وتطور فن السينما الممزوج بالمسرح، بحيث أن المشاهد لا يعرف إن كان الممثل على خشبة المسرح أم في الشاشة الممتدة على كل حوائط الصالة، وقد حضرت إحداها أظن في ألمانيا الشرقية أم في براغ، وكانت تسمى «لاترنا ماجيكا»، وذلك قبل أن تكتشف الدول الرأسمالية هذا الفن العجيب.ويبدو أن هناك صورة نمطية للدول الاشتراكية مفادها الفقر والحاجة والطوابير، وهي الدعاية التي روجتها الدول الرأسمالية على نطاق واسع، مثلما روجت حرمان المؤمنين من تأدية شعائرهم الدينية في ظل النظام الاشتراكي، بينما من المعروف أن الاتحاد السوفياتي مثلاً قضى على الأمية في أربعينات القرن الماضي، كما لم يعد هناك مواطن ليس لديه سكن أو عمل وكل ذلك مجان على حساب الدولة دون أي التزام من المواطن سوى واجب العمل والانتاج، وهذا ما شاهدته بأم عيني في عدد من البلدان الاشتراكية.بل الآن وبعد تحول هذه الدول إلى النظام الرأسمالي، أصبح هناك بطالة وفقر وأمية، ولذا تشعر شعوب هذه البلدان بالحنين للنظام الاشتراكي حيث الرخاء والتقدم العلمي والمواصلات المتطورة بسعر رمزي، وانتشار المتاحف ودور عروض الفنون التشكيلية مثل «الأرميتاج» ومتحف موسكو إضافة إلى بيوت الأدباء والموسيقيين التي تحولت إلى متاحف، وكذلك المكتبات العامة الضخمة والكتب التي تباع بقليل من «الكوبيكات».وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

____________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 25/11/2013 العدد:12565

اخبار محلية

مثقف المقاهي والصالونات

بقلم: د.فواز فرحان*

في البداية أحب أن أوضح ألا مشكلة عندي مع المقاهي والصالونات الثقافية لأنها مقاهٍ وصالونات فقط؛ ففي مثل هذه الأماكن تبلورت الأفكار وانطلقت الكثير من حركات التغيير في العالم، ولكن مشكلتي مع حصر النشاط الثقافي الذي يعتبره أصحابه نشاطاً مجتمعياً في مثل هذه الأماكن التي ليست إلا إحدى وسائل التجمع وتداول الأفكار والتي يجب ألا تكون مقبرة لهذه الأفكار. مقالي هذا موجه بالأغلب إلى من انحاز لليسار فكرياً وسياسياً وتبنى مفهوم العدالة الاجتماعية التي تعتبر الاشتراكية هدفها السامي والنبيل والتي لن تكتمل هذه العدالة إلا بها، وسبب تركيزي على اليساريين دون غيرهم في هذا المقال هو أن مناقشة الأفكار الأخرى لها منطلقها ومبحثها المنفصل ولها طريقتها الخاصة في الحوار مع من يتبناها ناهيك عن قناعتي بأن من يحمل لواء التغيير هم اليساريون والتعويل والأمل منصب عليهم في هذه المرحلة التاريخية التي تشهد تحولات وتطورات عالمية وإقليمية ومحلية.

لو انطلقنا من مفهوم المفكر الماركسي أنطونيو غرامشي للمثقف العضوي فسنجد بأن الفرق بين هذا المثقف وغيره من المثقفين ذوي الأبراج العاجية هو التصاقه بهموم ومشاكل الناس والمجتمع والسعي بما يملك من معرفة لتشخيص الواقع و وضع الحلول لإصلاحه وتغييره؛ فالمثقف العضوي لا يكتفي بترديد ما يمتلكه من معرفة وعلم وثقافة في الدوائر المغلقة بين من يشاطرونه هذه الأفكار ليذهب بعد ذلك كل منهم إلى فراشه لينام ولكنه يسعى باستخدام ما يمتلكه لتفسير مشاكل الناس وأساس هذه المشاكل ويركز على همومهم اليومية وفي نفس الوقت يسعى لوضع الحلول لهذه المشاكل والمخارج من هذه الهموم؛ باختصار هو لسان حال المجتمع الذي ينطق باحتياجاتهم بطريقة علمية وينادي بمطالباتهم بطريقة واقعية ويطالب بالحلول بطريقة منظمة على هيئة مشروع. والمثقف العضوي بهذا التعريف والتوصيف من البديهي أن يكون يسارياً تقدمياً ومن المنطقي أن يكون جزءاً من الطليعة السياسية الواعية التي تقود حركة التغيير من خلال انتظامه في الحزب الذي يمثل مصالح الشريحة الواسعة من المجتمع أو بالتعبير الماركسي الطبقة المستغَلة في المجتمع؛ أي أن هذا المثقف العضوي من المفترض أن يكون مرتبطاً بحركة الجماهير ونضال الشعوب في سبيل التقدم والحرية والعدالة الاجتماعية.

يكمن التناقض الرئيسي في الحالة الكويتية في وجود نظام دستوري وسياسي منقوص الديمقراطية و وجود سلطة تستخدم هذا النقص لخدمة مشروعها المشيخي الخاص؛ من هذا التحليل ينطلق المثقف العضوي في الكويت وعليه يبني تفسيراته للمشاكل في مختلف مفاصل الدولة ومنه ينطلق لوضع مشروعه النهضوي الساعي للإصلاح والتغيير، ومشروعه النهضوي لا يمكن تسويقه ولا السعي لتطبيقه من غير أن ينتظم هذا المثقف العضوي في عمل منظّم في إطار جماعة سياسية تتبنى هذا المشروع لأن جهده الفردي سيضيع في خضم التناقضات الكثيرة وتعقيدات الظروف السياسية والاجتماعية التي تعكس واقعنا. فلا يمكن لليساري التقدمي المثقف الذي يحمل مشروعاً واضحاً أن يستمر في مشروعه هذا من خلال تعليقات في مواقع التواصل الإجتماعي أو من خلال تدوينات تنتشر بين مجموعة محدودة من القراء أو من خلال التنفيس والفضفضة في إحدى المقاهي أو الصالونات الثقافية التي لن يكون جمهوره فيها سوى من يشاطرونه أفكاره ولكن من غير اتصال وتواصل من الواقع الاجتماعي ومع حركة الشارع الذي تكتنفها الكثير من التفاصيل. وبرأيي أن من يحمل الأفكار اليسارية والتقدمية ويحصرها للتداول فقط في المقاهي والصالونات الاجتماعية قد تخلى عن مسؤوليته تجاه مجتمعه وبالتالي أستطيع تصنيفه بالمنغلق والإنهزامي الذي فشل في المساهمة في نهضة شعبه و وطنه؛ بل سأذهب أبعد من ذلك وأقول بأنه ساهم -من غير تعمد منه- في تحويل هذه الأفكار إلى مجرد (فشة خلق) كما يعبّر الشاميون وبالتالي خدمة مبتغى السلطة في تحجيم هذه الأفكار وإبعادها عن المجتمع. إن اليساري التقدمي الذي ينأى بنفسه عن حركة الجماهير ونضالها لإصلاح وتغيير الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي لن يختلف كثيراً التنويريين أو العقلانيين الجدد ليس من باب التحليل ولكن من باب الالتصاق بالجماهير والمساهمة بدفع حركتها إلى الأمام؛ ولن أكون قاسياً إن صنفته بالمتخاذل والمتخلي عن طموحات شعبه وقضاياه المستحقة.

تسعى الطبقات الحاكمة في العالم الرأسمالي عموماً وفي منطقتناً تحديداً إلى تفتيت العمل الجماعي المنظم في صفوف الطبقات العاملة والفئات الشعبية وذلك لتقليص حجم الصراع الطبقي معها وبالتالي إضعاف أي احتمالية لإصلاح وتغيير الواقع الإستغلالي الذي تستفيد منه، ومن ضمن وسائل هذا التفتيت هو تحويل المثقفين العضويين إلى مثقفي بروج عاجية ومقاهٍ وصالونات ثقافية؛ بل إن ضمانة عدم ارتفاع الوعي الطبقي في المجتمع بالنسبة لها هو في مدى تقليص دور هؤلاء المثقفين العضويين في المجتمع. ومن الأساليب الأخرى لهذه الطبقات الحاكمة لعرقلة النضال الجماهيري وحركة التغيير تحويل تركيز المثقفين إلى الأمور التفصيلية والمشاكل الجانبية غير الرئيسية مثل النشاط الحقوقي المنعزل عن النشاط السياسي ونشاط حماية البيئة وكذلك من خلال تحويل الصراع من طبقي معها إلى فئوي وطائفي وبالتالي تركيز المثقفين على تهدئته من غير معالجة سببه الرئيسي والذي يكون طبقياً أصلاً. في الكويت مثلاً تسعى السلطة بكل ما تملك لدعم المجموعات الثقافية -بشكل مباشر أو غير مباشر- لأنها في هذا الدعم تعرقل تحول مثقف المقهى أو الصالون الثقافي إلى مثقف عضوي فاعل في حركة الجمهور؛ وهذا ليس طعناً بهذه المجموعات بقدر ما هو تشخيص لواقعها ودورها الذي قد تكون ليست واعية به.

رسالتي التي أوجهها لكل من يتبنى الخط اليساري التقدمي هي: لا تكن أداة بيد السلطة من غير تعمد منك، كن مثقفاً عضوياً وليس مثقف مقهى أو صالون ثقافي، كن جزءاً فاعلاً من الطليعة السياسية الساعية للإصلاح والتغيير ولا تكن منعزلاً ومنفرداً؛ فالعمل الفردي مصيره إلى اليأس والاضمحلال، هناك خياران: إما العمل الجماعي المنظم، أو تمضية الوقت في المقاهي والصالونات بين شلة من الاصدقاء بعيداً عن العمل المؤثر والالتزام.

-----------------------------------------

*عضو التيار التقدمي الكويتي.

أحرصُ على متابعة الكاتب «رشيد غويلب» لأنه متخصص أو مهتم بالشأن العالمي، وتشكل تحليلاته منبعاً خصباً لمن يريد متابعة أخبار اليسار في العالم، ولذا فليسمح لي الكاتب أن أقتطف من مقاله حول مظاهر النهوض اليساري في الانتخابات البلدية في الولايات المتحدة الأميركية، واهتمامي بهذا الموضوع لأنه يحدث في أعتى الدول الرأسمالية التي غسلت فيها الآلة الإعلامية الضخمة عقول الشعب الأميركي، وخلقت في داخله وهم «الخطر الأحمر». وقد صادف يوم الاثنين 11 نوفمبر الجاري الذكرى 158 لميلاد النقابي الأميركي البارز «أويغن ديبس»، الذي كان مرشحاً للانتخابات الرئاسية عام 1912 عن الحزب الاشتراكي، حيث حقق وقتها 6 في المئة وهي أفضل نتيجة انتخابية في تاريخ اليسار الأميركي خلال المئة عام الماضية.واللافت في الأمر وهذا أيضاً ما ذكرته بعض الصحف الكويتية، من أن مزاج الشعب الأميركي بدأ بالتحول ناحية مرشحي اليسار باختلاف تلاوينهم، وخاصة في الانتخابات البلدية الأخيرة، سواء كانوا ينتمون لأحزاب أو اتجاهات يسارية واشتراكية، أم كانوا على يسار الحزب الديموقراطي.فقد حقق الاشتراكيون نجاحاً لافتاً في سياتل مسقط رأس النقابي «ديبس»، وكذلك في ولاية منيابوليس أيضاً، وقد فاز الليبرالي «بيل دي بلاسيو» بمنصب عمدة مدينة نيويورك، وحقق فوزاً ساحقاً على الجمهوري مايكل بلومبيرغ، بحيث أصبح دي بلاسيو أول عمدة ديموقراطي لأكبر مدينة في الولايات المتحدة منذ عام 1989، والتي استأثر بها الجمهوريون لسنوات عدة، لدرجة أن «نيويورك تايمز» وصفت النتيجة بأنها «تحول قوي نحو اليسار» وقد كان بلاسيو يندد بارتفاع إيجارات المساكن، وتعمّق الهوة بين الفقراء والأغنياء، وحملات التفتيش الاعتباطية التي تمارسها شرطة نيويورك في الشوارع والتي تشمل سنوياً نصف مليون مواطن.كما استطاع اليسار الديموقراطي تحقيق نتائج طيبة في سياتل حيث حصلت «كاشاما ساوانت» على 46 في المئة، وقد كان برنامجها يدعو لتحديد حد أدنى للأجور (15 دولاراً في الساعة)، وفرض ضرائب على الأثرياء وإجازة العمل النقابي في الشركات الكبيرة التي تعمل في حدود بلديتها، حيث وصف الناشط في الحملة الانتخابية «كالفين بريست» نتائج الانتخابات بالانتصار وأنها «كسرت التصور الخاطئ والنمطي عن الاشتراكية»، وإن الناس بدأوا يدركون «بأن الرأسمالية فقدت فاعليتها».وفي منيابوليس استطاع الاشتراكي «تاي مور» الحصول على 37 في المئة من أصوات الناخبين، وهو ناشط في حركة «لنحتل وول ستريت» المطالبة بتعزيز الحريات، وفي صباح يوم الانتخابات قامت الشرطة بالإخلاء القسري لمنزل المرشح اليساري «جيمي كيلي»، الذي ركز في برنامجه الانتخابي على مواجهة عمليات الإخلاء القسري التي تنفذها الشرطة، وقد ساهم في الحملة الانتخابية لكل من ساوانت ومور اللذين ينتميان إلى منظمة «المبادرة الاشتراكية» مئات من الشباب المتطوعين، بينما منافسوهم اعتمدوا على مبالغ التبرعات الهائلة خاصة من الشركات الرأسمالية الكبيرة.الآن وبعد أن حقق اليسار في دول عديدة منها بعض الدول التي كانت اشتراكية في السابق انتصارات انتخابية في مختلف المواقع البرلمانية والبلدية والرئاسية، يأتي الشعب الأميركي لينضم إلى ركب الشعوب التي عانت من السياسات الاقتصادية الرأسمالية النيوليبرالية ولهذا دلالات غير هينة، بأن الرأسمالية بدأت تفقد بريقها ولم تعد خرافة «نهاية التاريخ» تلقى صدى عند هذه الشعوب التي لمست على أرض الواقع مدى الضرر الذي لحق بها جراء السياسات الاقتصادية النيوليبرالية التي أفقرت الشعوب وزادت من أعداد العاطلين عن العمل وشردت الملايين من منازلهم.كما أن هذا النهوض لليسار في العالم أجمع وبالأخص في الولايات المتحدة أقوى وأكبر دولة رأسمالية، هو الرد العملي على من يدعي أن أفكار الاشتراكية هي من مخلّفات الماضي، بل هي إشارة إلى أن الاشتراكية هي المستقبل والحل أيضاً.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

_______________________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 23/11/2013 العدد:12563

اخبار محلية

حلفاء ضد الحكومة

بقلم: عبدالوهاب الناصر

أصلت السلطة في اذهاننا منذ زمن انها لم ولن تحترم خياراتنا لاعتقادها بأن لا سلطة تعلو سلطتها، لذلك لم استغرب في الحقيقة عندما تم توزير مَن ُطرحت به الثقة ومن هرب من لجنة التحقيق في الإيداعات والتحويلات ولن استغرب كذلك انتهاكها لحقوقنا الدستورية - المحدودة أصلا- كما حصل في استجواب العدساني وعلينا ان نعرف الاسباب التي جعلتها تفعل كل ذلك دون الالتفات الى غضب الشارع، وما هو دور المعارضة.

قد يبدو غريباً أن تلعب (المعارضة) دوراً في هذا ،لكن نظرياً يمكن أن تساهم في تدعيم هذا المنطق بحيث تفقد المعارضة معناها الحقيقي فتصبح مجرد ضجيج بلا طحين وأصوات زاعقة بلا سواعد فاعلة كما يقول الدكتور خليل العناني، فلم تستفد المعارضة من أخطاء السلطة ولم تمﻷ فراغ اخفاقاتها في انتاج ثقافة التغيير بل ساهمت في ازدياد سوءها.وما لا تعرفه معارضتنا ان هناك فرق شاسع بين الشعار السياسي التي تتفنن في رفعه في كل مناسبة وبين المشروع السياسي التي لا تملكه في الحقيقة . فهي معارضة سطحية في الواقع ، تعتمد دائماً على الافراد وردود الافعال لا على البرامج والخطط ، فمن الطبيعي جداً أن تكون هذه هي النتيجة !!، والطبيعي كذلك عندما تعجز عن حل مشاكلك الداخلية تتفرغ وتنظر لحل المشاكل الخارجية لأن دائما التنظير أسهل بكثير من التطبيق وتغيير شؤونك الداخلية.ولا أعني بذلك أن نتجاهل ما يحدث في العالم العربي أو قضايا الأمة ، بل بالعكس خاصة أننا مشاركون فيما يحدث لهم بعدما دفعت سلطتنا المليارات من اموالنا بدون تفويض منا لافشال هذا الربيع بأي شكل من الاشكال، لكن ماهو غريب ان نتناسى ما يحدث عندنا كأننا نعيش في مدينه فاضلة خالية من المنقصات !!أعتقد ان كل هذه الاسباب كفيلة بأن تجعل السلطة تستهزئ بنا وستستمر إذا لم يكن للمعارضة وقفة جدية ..الحل :يقول د.علي الكواري ان اللاعبين الثلاثة الرئيسين في النظم السياسية العربية : الحكام ،والخارج، والشعوب مشيراً الى أن الحكام يتجنبون الانتقال الديمقراطي في كل الأحوال . والخارج ليس من مصلحته تأييد الانتقال الى النظم الديمقراطية . اما الشعوب فمشكلتها الأساسية هي الشقاق العنيف بين صفوفها ، مؤكدا ان التغيير لن يتأتى الا بتجسيد فكرة بناء ” الكتلة التاريخية“ ..فالهدف من بناء هذه الكتلة هو الانتقال الى نظام حكم ديمقراطي، لكن لكي نتطور يجب ان نكون في البداية مجتمعين على مشروع محدد وواضح ،متفقين على الحد الادنى من المطالب ، موحدين الصفوف من اجل الهدف تاركين الخلافات والقضايا التي تؤدي إلى تأخير التطور الديمقراطي ، منقين خطاباتنا من الاتهامات المتبادلة ، متجاوزين خلافات الماضي مؤجلين التنافس والاختلاف الى مرحلة أخرى .حتى لا يهدر الجهد بقضايا جانبية وان ننشغل بمشروع التحول إلى النظام الديمقراطي المكتمل المتجسد بحكم الشعب لنفسه وبنفسه !! ..وإلا سوف تبقى البرامج المقدمة التي من المفترض ان تنقلنا من نظام مشيخي ريعي الى نظام مدني ديمقراطي عباره عن حبر على ورق وكلام في الهواء.

كنت قد كتبت مقالاً من جزأين حول الفرق بين التنمية المستدامة والتنمية الإنسانية نشرته «الراي» ووجد استجابة كبيرة من القراء داخل وخارج الكويت بل أعيد نشره في مواقع عدة خارج الكويت، والتنمية الإنسانية هي المصطلح الأشمل والأعم الذي يراعي الثقافة والبيئة والحرية والكرامة والعيش الكريم، وهو المصطلح أو المفهوم الذي تم الاتفاق حوله أممياً في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP.ولكني كلما توغلت في القراءة حول التنمية والعمليات التنموية، سواء كنظريات أو تطبيقات وخبرات متفرقة في دول مختلفة، أجد أن أمامي معضلة تتمثل في الكل والجزء.المؤتمر العالمي الذي سيقام في بالي - اندونيسيا 24-27 نوفمبر الجاري تحت عنوان «قوة الثقافة في التنمية المستدامة» يثير إشكالية قد تبعدنا عن الهدف المنشود وهو البحث عن تعريف المفهوم الأفضل وكذلك إشكالية تجزئة الكلّي، فمثلاً عندما نتحدث عن قوة الثقافة في التنمية المستدامة، يأتينا شعور بأن الثقافة إضافة خارجية تعطي للتنمية قوة، بمعنى آخر أننا يمكننا إضافة أي شيء آخر للتنمية لتعطيها نكهة أخرى على سبيل المثال.فلا يوجد في ظني تنمية لا يكون محورها الإنسان، فإن كان جوهر التنمية كما تراه الكتابات والدراسات هي التنمية الاقتصادية الاجتماعية فهذا يعني أننا نتحدث عن البناء التحتي، والذي يعكس بشكل جدلي بناءً فوقياً يتمثل في الثقافة ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات السياسية والحقوقية التي تشمل حقوق الإنسان في الحرية والكرامة والعيش الكريم، فإذا كان الأمر كذلك في هذه العلاقة الجدلية بين البناء التحتي والبناء الفوقي، إذاً نحن نتحدث عن وحدة عضوية بين التنمية والثقافة، بحيث لا يكونان في وضع متقابل أو مستقلين عن بعضهما، بل يوجدان كشيء واحد متكامل.أما الحديث عن مفهوم «المستدامة» فهي عملية تعتبر تحصيلاً حاصلاً، بمعنى أن سيرورة التطور البشري تفرض استمراراً للتنمية ولذا لا يمكن اعتبارها هدفاً في حد ذاته، بل هي جزء أصيل من التنمية الإنسانية، فالاستمرارية هي ضرورة موضوعية مواكبة لكل تطور بشري واكتشاف علمي.ونلاحظ أن العلوم بمجملها تتجه نحو الكلّية Holistic سواء في العلاج النفسي والبدني معاً أو فيما يسمى بالطب البديل، فالتقدم لا يكمن بالجزئيات وهذا ينطبق على الانهيار كذلك، وللتبسيط وعلى سبيل المثال، ففي الكويت سنوات الستينات والسبعينات من القرن الماضي عندما تبنى منطقة سكنية، توضع من ضمن مخططاتها المستوصف الطبي والحديقة العامة ودار للعرض المسرحي والجمعية التعاونية والمكتبات العامة ومركز للشباب، هذا إضافة إلى المدارس والمناهج المتطورة وكل مستلزمات سكان المنطقة المادية والروحية أو المعنوية أو الثقافية.كما لا يمكن أن تقام عملية تنمية حتى وإن كانت إنسانية في ظل استبداد وتقييد للحريات وديموقراطية شكلية، ودون إصلاح سياسي حقيقي ونظام ديموقراطي متطور وكامل، وقوانين انتخابية عادلة وشفافة، وسيادة القانون ومؤسسات المجتمع المدني والعمل الجاد للقضاء على الفساد وإقامة مجتمع العدالة الاجتماعية الحقيقية، ودون قيام الدولة بواجب الرعاية الاجتماعية ضمن مساواة في ظل القانون وتكافؤ للفرص.إذن سيظل العالم دولاً وشعوباً بعيداً عن تحقيق التنمية الإنسانية في ظل التعامل مع الجزئيات، فلا يمكن إصلاح التعليم على سبيل المثال في نظام سياسي مهترئ، ولا يمكن معالجة ظاهرة سلبية مثل العنف دون النظر بكلية لجوهر البناء التحتي أي الاقتصادي الاجتماعي، فالترقيع لا يأتي إلا بترقيع تنموي وليس شاملاً وكلياً.فعند البحث عن حلول لأزمات مثل السكن أو البطالة أو التعليم أو الخدمات الصحية وغيرها، لا يجب التفكير بحل كل منها على انفراد، حيث ان هذه الأزمات تعود إلى أزمة عامة هي الإدارة السياسية والنهج السياسي والسلطوي.هنا فقط يمكن الحديث عن تنمية إنسانية شاملة، وخاصة في ظل تغيرات عربية وعالمية محركها الفاعل هو الشعوب الباحثة عن حياة أفضل، تتمثل بالحرية والكرامة والعيش الكريم والرخاء، في ظل بيئة صحية وأنظمة سياسية غير مستبدة أو منفردة بالقرار ولا تراعي مصالح شعوبها.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

__________________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 20/11/2013 العدد:12560

في المقال السابق ذكرنا أن سياسات "الترشيد" التي تنوي الحكومة تنفيذها قريباً هي نسخة طبق الأصل من سياسات "التقشف" الاقتصادي في أوروبا التي أثارت، ولا تزال، غضب شعوب الاتحاد الأوروبي، مما أجبر الحكومات على التراجع عن بعض هذه السياسات غير العادلة، كما تصفها النقابات العمالية والقوى السياسية والشعبية ومنظمات المجتمع المدني التي قادت مظاهرات الاحتجاج والرفض الواسعة.سخط الشعوب الأوروبية لم يأتِ من فراغ، بل كان نتيجة لمعرفة هذه الشعوب وقواها الحيّة بالتداعيات السلبية المترتبة على سياسات "التقشف" الاقتصادي التي ستؤدي إلى تراجع الحقوق الاجتماعية لغالبية المواطنين، ففي تقرير نُشِر حديثاً عن تأثير إجراءات التقشف الاقتصادي أصدرته منظمة "أوكسفام" الخيرية الدولية المستقلة التي تعنى بالتنمية ومساعدة فقراء العالم، قدرت المنظمة أن "عدد الفقراء في أوروبا قد يزيد بمقدار 25 مليوناً بحلول 2025 في حال استمرت الحكومات في تنفيذ سياسات التقشف، وقد يستغرق الأمر 25 عاماً كي يستعيد الأوروبيون مستويات المعيشة التي تمتعوا بها منذ خمسة أعوام".كما حذر تقرير "أوكسفام" من أن "انعدام المساواة بين الأكثر فقراً والأكثر ثراء (الفجوة بين الأغنياء والفقراء) في اتساع، حيث إن الـ10% الأغنى هم الذين استفادوا من إجراءات "التقشف" الاقتصادي"!وفي هذا السياق قالت ناتاليا ألونسو رئيسة مكتب الاتحاد الأوروبي في منظمة "أوكسفام" إن "التخفيضات الشديدة في الأمن الاجتماعي والصحة والتعليم وتدني حقوق العمال والضرائب غير العادلة تجعل ملايين الأوروبيين محاصرين في دائرة من الفقر يمكن أن تستمر أجيالاً"، ثم دعت ألونسو إلى "استحداث نموذج اقتصادي واجتماعي جديد يستثمر في الطاقات البشرية ويعزز الديمقراطية ويعين نظاماً ضريبياً عادلاً"... (كونا 12 سبتمبر 2013).أما الخبير الاقتصادي في البنك الدولي سابقاً وأستاذ الاقتصاد الحاصل على جائزة نوبل جوزيف ستيغليتز، الذي كتب مقدمة تقرير "أوكسفام"، فقال "إن موجة التقشف الاقتصادي التي اجتاحت أوروبا تنذر بإحداث أضرار خطيرة ودائمة على النموذج الاجتماعي الذي طال انتظاره للقارة".وفي وقت سابق وأثناء مقابلة مع "يورو نيوز" للحديث عن كتابه "ثمن عدم المساواة" أجاب ستيغليتز على سؤال: هل زادت سياسات التقشف الاقتصادية الفوارقَ الاجتماعية في أوروبا؟ بالتالي: "إن التقشف هو السبب الحقيقي في الإدارة السيئة للاقتصاد. المشكلة المطروحة هي الضعف في الطلب والنقص في التداول، وإذا ما كان هناك تقشف تقل الإنتاجية وعندما تقل الإنتاجية يقل النمو وتزيد البطالة وعندما تزيد البطالة تنخفض الأجور ويتنافس الناس للحصول على العمل. عندئذ تنقص الخدمات الاجتماعية وتظهر جميع أوجه عدم المساواة في العالم"... ("يورو نيوز العربية"- 13/ 9/ 2012)هذه إذن التداعيات المتوقعة لسياسات "التقشف" الاقتصادي في دول أوروبا، حيث الأنظمة الديمقراطية أي تداول السلطة والتعددية والفصل بين السلطات وحماية الحريات العامة والحوكمة وشفافية الحكومة ومحاربة الفساد السياسي ومنع تعارض المصالح والكسب غير المشروع وحيث توجد منظمات مجتمع مدني مستقلة وفاعلة ودرجة مرتفعة من الوعي العام في المجتمع، فماذا، يا ترى، ستكون نتائج وتداعيات سياسات "التقشف" أو "الترشيد" الاقتصادي لدينا ونحن نعاني، أشد المعاناة، فسادَ المنظومة السياسية وسوء الإدارة العامة وتدني الوعي العام؟! ومن سيتصدى لها ويدافع عن حقوق "الطبقة" الوسطى والفئات الشعبية والفقيرة التي ستقع عليها وحدها أضرار سياسات "التقشف" الاقتصادي أو "الترشيد" كما تسميه الحكومة؟

د. بدر الديحاني

______________________________________________

منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 18\11\2013

اخبار محلية

حراك الأمس وحراك اليوم.

بقلم: د.فواز فرحان*

كان الحراك الشعبي في الكويت منذ عام ٢٠٠٩ وحتى الانتخابات الثانية بقانون الصوت الواحد حراكاً ذا طبيعة احتجاجية غير منظمة ولا واضحة المشروع رغم انطلاق بعض الشعارات المتفرقة خلاله مثل (حرية حرية مع حكومة شعبية) التي تعكس ارتفاع الوعي السياسي عند بعض الأطراف المعارضة الناشطة، وكانت هذه الطبيعة منطقية ومُتفهمة في ظل الفوضى السياسية المفتعلة من قبل السلطة من خلال قوانينها وأعرافها السائدة بسبب سيطرتها على جميع مفاصل الدولة؛ ومن هذه القوانين والأعراف عدم إشهار الأحزاب وتقسيم الدوائر الانتخابية تقسيماً فئوياً وطائفياً وقبلياً وكذلك القوانين المقيدة للحريات وخصوصاً الحريات السياسية. وكان من الطبيعي أن تصطف الكثير من القوى والتيارات السياسية على اختلاف منطلقاتها الفكرية وطبيعتها الطبقية في هذا الحراك احتجاجاً على ممارسات سلطوية معينة لا تحتاج لاتفاقٍ فكري حتى يتم الاصطفاف ضدها أو المطالبة بإنهائها، فرأينا اصطفاف القوى السياسية من أقصى يمينها وحتى أقصى يسارها ضد وجود ناصر المحمد على رأس الحكومة وكذلك رأينا هذا الاصطفاف ضد مرسوم الضرورة بتغيير قانون الانتخابات لتكون ذات صوت واحد مجزوء. ومن طبيعة الاصطفافات في المراحل الاحتجاجية أن القوى المصطفة تتغاضى عن خلافاتها البينية بسبب توحد هدفها الذي يركز على إنهاء وضع سيء أو مشوّه تضررت وتتضرر منه هذه القوى ومن ورائها الشريحة العريضة من الشعب؛ ونجد مثل هذه الاصطفافات في مراحل التحرر من الاستعمار وبناء الدول الحديثة وكذلك في الحركات الاحتجاجية على سياسات وممارسات السلطات غير المقبولة تجاه الشعوب.

وشاركت القوى الديمقراطية والتقدمية سواء كانت تيارات واضحة المعالم أو جماعات غير منتمية لتيارات في الحراك الشعبي الاحتجاجي السابق إيماناً منها بوجوب هذا الاصطفاف الشعبي تجاه الممارسات السلطوية المختلفة والساعية لعرقلة التطور الديمقراطي، وكان دورها واضحاً وبارزاً في تشكيل الجبهات والائتلافات وحملات مقاطعة الانتخابات وكذلك في تشكيل ودعم جماعات الضغط المطالبة بحل قضايا معيشية معينة، وهذه المشاركة الفاعلة لم تكن تحالفاً أبدياً مع القوى المختلفة معها فكرياً أو حتى طبقياً وليست صك موافقة على كل ما صدر ويصدر وسيصدر من هذه القوى المختلفة معها، لذلك رأينا كيف كان للتيار التقدمي الكويتي وقفة جادة ضد مشروع تعديل المادة ٧٩ من الدستور والذي سيؤدي إلى تقويض اللبنات الأساسية لمشروع بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، كما أن موقف التيار التقدمي الكويتي لم يكن متطابقاً مع مواقف مختلف القوى السياسية في الكويت من الثورات العربية فكان داعماً لكل تحركات الشعوب العربية ضد الاستبداد بغض النظر عن الطبيعة الاجتماعية التي سادت تلك التحركات؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر كان موقفه من الحراك البحريني متناسقاً مع موقفه من الحراك السوري مع وجود فوارق في الظروف الموضوعية والذاتية لكلا الحراكين.الوضع السابق يختلف عن الوضع الحالي، فالاصطفاف الاحتجاجي ضد قضية محددة يختلف عن التحالف والتآلف المنظّم تحت مظلة مشروع موحد يسعى لاستكمال النظام البرلماني الديمقراطي، فالتحالف يستدعي وجود اتفاق على المشروع ومنطلقاته وتفاصيله؛ فمن غير المنطقي التحالف مع قوى لا تؤمن بالديمقراطية -ولكنها تستخدمها للوصول إلى السلطة لتنقلب عليها لاحقاً- في ظل مشروع يدعو إلى الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة! سيكون التقدميون ساذجين لو لم يضعوا تجارب تونس ومصر وليبيا وتداعيات الثورة السورية في الحسبان ويستفيدوا منها؛ فالوقوف مع الثورة ضد نظام دكتاتوري مجرم شيء والتحالف مع قوى سياسية رجعية وغير مؤمنة بالديمقراطية (السياسية والاجتماعية) والحرية لبناء دولة و وضع دستور شيء آخر تماماً مع فارق التشبيه بين الدول التي ذكرتها والوضع الكويتي، إن مطالبات قوى سياسية دينية كويتية بوضع دستور جديد ذي مرجعية إسلامية يجب أن يجعل التقدميين حذرين من وجودهم ضمن أي تحالف ينتج عنه مثل هذا المطلب المقوّض لأركان الدولة المدنية المرجوة، وإنّ مواقف بعض الأطراف الفاعلة في التحضير لمشروع يقولون عنه أنه نهضوي وسيطور البلد ديمقراطياً من قضايا الحريات الشخصية وقضايا الرأي وضلوع بعضهم بإشعال فتن طائفية وفئوية في المجتمع يجب أن تجعل التقدميين يحسبون ألف حساب للتورط بمشاريع يستخدمها هؤلاء بعكس ما ينادون به.خلاصة القول أن وجود التقدميين والديمقراطيين بفاعلية في الحراك الاحتجاجي لا يعني تحالفاً دائماً مع أطرافه، ولا يعني كذلك عدم وجوب حرصهم على التحالف مع قوى سياسية مؤمنة إيماناً حقيقياً بالديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية في مرحلة الحراك السياسي المنظم الساعي لاستكمال النظام البرلماني الديمقراطي.---------------------------------------*عضو التيار التقدمي الكويتي.

سقتُ في المقال السابق الفرق بين التنمية المستدامة والتنمية الإنسانية، وتاريخ تطوّر المفهوم أو المصطلح، وذكرت أن مفهوم التنمية الإنسانية أوسع وأشمل من مفهوم التنمية المستدامة، فهي تتضمن الثقافة والبيئة والتدريب والمهارات، ونوعية الحياة. ويشير «تقرير التنمية الإنسانية العربية»، من خلال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP لعام 2003 تحت عنوان «نحو إقامة مجتمع المعرفة»: رغم شيوع استعمال «التنمية البشرية» بالعربية human development، الذي جاء به برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مطلع تسعينات القرن الماضي ومثل نقلة نوعية في الفكر التنموي، إلا أن «التنمية الإنسانية» عندنا تعريب أصدق تعبيراً عن المضمون الكامل والأصيل للمفهوم، تقابل تقريباً ما اصطلح عليه في وقت سابق بعبارة «تنمية الموارد البشرية»، وذلك ما يسمح به ثراء اللغة العربية، فعلى حين تستعمل كلمتا البشرية والإنسانية تبادلياً في العربية، يمكن إنشاء تفرقة دقيقة بين الأولى كمجموعة من الكائنات، والثانية كحال راقية من الوجود البشري، وهذه التفرقة هي أساس تفضيلنا لمصطلح «التنمية الإنسانية بالعربية»، والتنمية الإنسانية هي نهج أصيل في التنمية الشاملة المتكاملة للبشر وللمؤسسات المجتمعية تستهدف تحقيق الغايات الإنسانية الأسمى: الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.فهل هذا المفهوم يمكن تطبيقه في بلداننا العربية التي تفتقر لأبسط هذه الغايات السامية، مثل الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية؟ فنحن ما زلنا نفكر في تنمية الحجر فكلما ارتفعت أبراج على الأراضي الخليجية وإن كانت فارغة من السكان، أو يصعب على مواطنينا دفع إيجاراتها أو شرائها، قلنا اننا حققنا تنمية وتقدما، فلم تفكر دولنا رغم المليارات المرصودة للتنمية في -مفهوم السلطات- للتنمية الإنسانية التي يكون محورها الإنسان، ولذا فنحن أبعد ما نكون عن مفهوم التنمية الأصيل، بل ربما ذلك ما جعلنا في آخر الصفوف التي وصلت إليها المجتمعات المتقدمة.ومن الواضح أن المؤسسات الأممية ومفكري العالم بمن فيهم العرب، قد بدأوا يدركون أهمية الحرية والديموقراطية الحقيقية للاقتراب من التقدم الاجتماعي، فحتى هذه المؤسسات التي يسيطر عليها نفوذ النظام الرأسمالي، أصبحت لا تستطيع الهروب من استحقاقات شمولية الحاجات الإنسانية، ويكفي أن نلقي نظرة سريعة على مقدمة تقرير UNDP تقرير التنمية البشرية للأمم المتحدة 2013 بعنوان «نهضة الجنوب..تقدم بشري في عالم متنوع»، الذي دعا لمراجعة نقدية على مستوى مؤسسات الحكم من أجل بناء عالم المساواة، وضرورة وجود خيارات جديدة للشراكة في هذا العصر، وشدد على أهمية دور المجتمع المدني وإشراك أكثر الفئات تعرضاً للتحديات في اتخاذ القرار وهم الأشد فقراً وضعفاً في العالم.وهذا يعني أن المؤسسات الأممية لا ترى مناصاً من الحرية والعدالة وإشراك الشعوب في اتخاذ القرار من أجل تنمية بشرية على مستوى العالم، ورغم تجاهل كل الدول بما فيها دولنا العربية والخليجية لمثل هذا التشخيص الجريء والشفاف، كما أنها ظلت على حالها لا تفكر بأي شكل من الأشكال بالانحياز للإنسان وللثقافة، بل تقع دولنا الغنية بالنفط في أسفل قائمة الدول التي تسعى للتقدم والتنمية.وأتساءل هنا كيف لدولة تعتبر نفسها متقدمة تنموياً مثل اندونيسيا أن تتمسك بمفهوم التنمية المستدامة الذي أصبح من التاريخ؟ وأتساءل أيضاً أين نحن في دولة الكويت من هذا المفهوم الإنساني الذي يرتكز على الإنسان وثقافته وحريته وكرامته، وحقه بالمعرفة والاطلاع، والمشاركة الفعالة في شؤون البلاد؟ويبدو أن من يضع خطط التنمية وملياراتها في بلدنا يفكر في شيء واحد فقط، هو كيف يمكن تنفيع المقربين والفئة المتنفذة والفاسدة، وأظنه مازال يقف ليس عند التنمية المستدامة، بل مازال متوقفاً عند قضية بناء مدرسة أو مستشفى، والأوامر التغييرية التي تعني ضخ مزيد من الأموال في جيوب المنتفعين.إن الحل بات واضحاً أنه يكمن بالعدالة الاجتماعية بمعناها المضاد للسياسات الاقتصادية النيوليبرالية الرأسمالية، وتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص، وإقامة مجتمعات ديموقراطية يكون المواطن فيها شريكاً أصيلاً في القرار، وإلا سيحتدم صراع طبقي يبدو أن غباره آت من بعيد، ليعيد الاعتبار لمجتمع إنساني حر وسعيد ومتقدم ولكن على أشلاء شيء ما.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

_________________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 16\11\2013 العدد:12556

تابعنا في التيار التقدمي الكويتي بقلق الأحداث المؤسفة التي شهدتها منطقة الرميثية يوم أمس الجمعة بعد قيام البلدية بإزالة خيام الحسينيات، التي تبيّن أنها مرخصة من الجهات المسؤولة في الدولة حتى يوم 20 نوفمبر الجاري، ما يثير الاستغراب ويدعو للتساؤل حول دوافع التعسف غير المبرر في تطبيق إجراءات الإزالة.ونحن في الوقت الذي نعبّر فيه عن خشيتنا من استغلال ما حدث لجرّ الكويت إلى أتون الفتن والصراعات الطائفية، فإننا ندعو كل كويتي محب لوطنه إلى التحلي باليقظة وقطع دابر الفتنة والعمل على احتواء الموقف بحكمة وتبصّر بعيداً عن التأجيج والإثارة غير المسؤولة.مع تأكيدنا على ضرورة التزام الجميع بما جاء في المادة 35 من الدستور بأنّ "حرية الاعتقاد مطلقة، وتحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان طبقاً للعادات المرعية، على ألا يخل ذلك بالنظام العام أو ينافي الآداب".

الكويت في 16 نوفمبر 2013

سبق أن ذكرنا أن الصراع الرئيسي في الكويت ليس صراعاً فئوياً أو طائفياً كما يتوهم بعض الناس وكما تروّج بعض وسائل الإعلام، فالهموم المعيشية للمواطنين المنتمين إلى الطبقة الوسطى متشابهة، وكذلك الحال بالنسبة للفئات الشعبية والفقيرة لذلك يجب عليهم عدم الانشغال بأمور هامشية وخلافات جانبية على حساب قضاياهم المشتركة وهمومهم الحياتية.عندما تقوم الحكومة، على سبيل المثال، بتحميل المواطنين ذوي الدخول المتوسطة والمنخفضة تبعات الأزمة المالية وسوء الإدارة العامة فتفرض ضرائب سواء مباشرة أو غير مباشرة (ضريبة القيمة المضافة)، أو تزيد رسوم السلع والخدمات، أو تفرض رسوماً جديدة فإنها ستشملهم جميعاً بغض النظر عن أصولهم وفئاتهم وطوائفهم ومناطقهم السكنية، وهذه، على ما يبدو، هي "خطة" الحكومة وتوجهاتها في الفترة القادمة.لقد أشارت صحيفة "القبس" (9 نوفمبر 2013) إلى أنه "يبدو أن العد التنازلي نحو تنفيذ الحكومة لمخططاتها الخاصة بترشيد الدعم المقدم للمواطنين على أسعار السلع والخدمات قد بدأ بالفعل، فقد شكلت الحكومة لجنة برئاسة وزير المالية لإعادة دراسة مختلف أنواع الدعم التي تقدمها الدولة للمواطنين. وقرار إعادة دراسة الدعم الذي اتخذه مجلس الوزراء (21 أكتوبر 2013) يشمل جميع الأنشطة والخدمات والسلع التي تقدمها الحكومة للمواطنين حتى تلك المتعلقة بإعانات الرسوم الدراسية والتعليم (البعثات) وذوي الإعاقة والأندية ودعم المنتجات المكررة والغاز المسال ودعم الكهرباء والماء وتكاليف المعيشة (بطاقات التموين) والأنشطة الرياضية ومنح الزواج، بالإضافة إلى دعم المزارعين وصيادي الأسماك وبدل الإيجار وفوائد قروض عقارية (أي قروض السكن الخاص من بنك التسليف)" (انتهى الاقتباس).ومن المعروف أن مصطلح "ترشيد" المستخدم محلياً هو نسخة طبق الأصل لمصطلح "تقشف اقتصادي" المستخدم في أوروبا بناءً على نصائح صندوق النقد الدولي، والذي سيقع ضرره الأكبر على الطبقة الوسطى والفئات الشعبية والفقيرة، وهو ما أثار غضب واحتجاج قطاعات واسعة من الشعوب الأوروبية. لذلك فلا غرابة البتة أن تعلن مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد التي زارت الكويت في بداية هذا الأسبوع أن "فاتورة الدعم الحكومي في الكويت مرتفعة جداً، وتقصد هنا دعم السلع والخدمات المقدمة من الدولة للمواطنين أي الدعم الاجتماعي لا الدعم المقدم للشركات والمؤسسات الخاصة.وبينما تجاهلت مديرة "الصندوق" تماماً الفساد المستشري في الإدارة العامة الذي يترتب عليه تكسب غير مشروع واستنزاف رهيب للمال العام وغضت النظر عن تسعير أراضي الدولة وتأجير أملاكها لمدد طويلة جداً بأسعار زهيدة للغاية، فإنها ركزت فقط على "احتواء الزيادة في الإنفاق الجاري لاسيما على الأجور"، بمعنى آخر تقليص الوظائف الحكومية وعدم زيادة الأجور والمرتبات في القطاع الحكومي لتتماشى مع غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار. بل حتى في هذا الجانب فإنها لم تتطرق إلى برنامج "دعم العمالة" حيث تدفع الحكومة 60 في المئة من راتب المواطن الذي يعمل في القطاع الخاص (بعضه توظيف وهمي من أجل الاستفادة من الدعم الحكومي والحصول على المناقصات)، وهو أيضاً إنفاق جارٍ غير موجود في أي دولة في العالم!على أي حال هذه هي خطة الحكومة التي يبدو أنها قد بدأت فعلياً في وضعها موضع التنفيذ، وتلك هي توجهاتها المستقبلية التي من المتوقع أن تؤدي إلى تدمير الطبقة الوسطى وزيادة معاناة الفئات الشعبية والفقيرة، والسؤال الآن: هل سيقبلون بخطة الحكومة الرامية إلى تحميلهم تبعات سوء الإدارة والفساد السياسي والتوجهات المنحازة للمالية العامة وينشغلون في خلافات هامشية وجانبية ذات طابع فئوي وطائفي أم أنهم سيقفون ضدها ويطالبون بالتوزيع العادل للثروة وبالعدالة الاجتماعية كما فعلت ومازالت تفعل شعوب أوروبا وأميركا اللاتينية؟ الجواب ستبينه الأسابيع القادمة.

د. بدر الديحاني

____________________________________________

منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 13\11\2013

حتى قبل أيام كنت أظن أن مصطلح أو مفهوم «التنمية المستدامة» هو مطلب أممي، وهو آخر ما توصلت إليه طرق تنمية المجتمعات بما يحقق الرخاء والسعادة للبشرية، لكن قبل أيام تلقيت دعوة للمشاركة في مؤتمر عالمي في بالي _ جمهورية أندونيسيا تحت عنوان «قوة الثقافة في التنمية المستدامة»، وهذا دفعني للبحث عن آخر الدراسات والأبحاث سواء الصادرة عن الأمم المتحدة أم من مفكرين مبرّزين.واكتشفت أن المصطلح «التنمية المستدامة» التي درستها في الجامعة فيش بداية السبعينيات، توقف عند الثمانينيات من القرن الماضي، ولم يعد يعتدّ به بل أصبح المفهوم السائد دولياً هو «التنمية الإنسانية» بمفهومها الواسع، التي تتضمن الثقافة والبيئة والتدريب والمهارات، ونوعية الحياة.وعودة إلى تاريخ المفهوم، لا بد من أن نفرق بين النمو أي مجرد الزيادة، والتنمية وهي فعل إنساني هادف ومقصود، ففي البدايات الأولى تم التركيز على التنمية الاقتصادية، وهو مفهوم قاصر عن مفهوم التنمية الواسع، واستمرت الأبحاث في الـ UNDP أو برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فامتد المفهوم إلى التنمية الاقتصادية الاجتماعية، ثم أتى لاحقاً مفهوم «التنمية المستدامة» أي بمعنى المستمرة.ودارت حوارات كثيرة وكُتبت دراسات جادة عديدة حول مفهوم «التنمية البشرية» وهو مفهوم أصبح ضيّقاً بمعناه، ليوسّع إلى مفهوم تنمية الموارد البشرية وتنمية يكون محورها الإنسان.ويقول الباحث والمفكر الكبير نادر فرجاني: «يقوم مفهوم التنمية الإنسانية على أنها عملية توسيع خيارات البشر، فمنطلق توسيع خيارات الناس يضع أولوية مطلقة لإعمال حرية الاختيار بين بدائل متاحة، الأمر الذي ينطوي بدوره على مركزية الحرية في التنمية الإنسانية، حتى إن بعض الكتابات النظرية الأحدث - يقول فرجاني- تساوي بين التنمية والحرية للبشر، إذا لهم حق أصيل في العيش الكريم معنوياً وجسدياً ونفسياً وروحياً، وترفض التنمية الإنسانية أي شكل من أشكال التمييز ضد البشر سواء لاعتبارات اللون أو النوع أو الأصل الاجتماعي أو المعتقد».كما لا يقتصر مفهوم الرفاهية الإنسانية في التنمية الإنسانية على التنعم المادي، وإنما يتّسع للجوانب المعنوية في الحياة الإنسانية الكريمة، مثل التمتع بالحرية واكتساب المعرفة والجمال والكرامة الإنسانية، وتحقيق الذات الذي ينبع من المشاركة الفعالة في شؤون الاجتماع البشري كافة.وبحسب تقرير التنمية البشرية العالمي، فإن أحقيات البشر من حيث المبدأ غير محدودة، وتتنامى باطراد مع رقي الإنسانية، ولذا فإن الاستحقاقات الثلاثة الأساسية في نظر تقرير التنمية البشرية العالمي هي «العيش حياة طويلة وصحية، والحصول على المعرفة، وتوافر الموارد اللازمة لمستوى معيشي لائق»، ولكن التنمية الإنسانية لا تقف عند هذا الحد الأدنى، بل تتعداه إلى استحقاقات إضافية أخرى تشمل «الحرية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتوافر الفرص في الإنتاج والإبداع والاستمتاع باحترام الذات وضمان حقوق الإنسان».ويكمل نادر فرجاني: «التنمية الإنسانية إذن ليست مجرد تنمية «موارد بشرية» أو حتى «تنمية بشرية»، أو وفاء بالاحتياجات الأساسية للناس فحسب، وإنما هي نهج أصيل للإنسانية يستهدف تحقيق الغايات الإنسانية الأسمى «الحرية والعدالة والكرامة والإنسانية»، وعليه فإن أي مفهوم للتنمية أو التقدم لا يرقى لغنى مفهوم التنمية الإنسانية، فقد استقر أن الكائن البشري الغني مثلاً لا يعد متقدماً ما دام محروماً من الحرية، كما أن خبرة التاريخ القديم والمعاصر تبين أن المجتمعات التي لا تنعم بالحرية لا تستطيع أن تحافظ على المنجزات الاقتصادية والتنموية التي حققتها، ولا تقدر على أن ترتقي معارج التقدم الإنساني السامي».أظنني سوف أقرأ لهذا المفكر كثيراً، وأدرس فكره الإنساني الجميل، الذي غيّر مفهوم التنمية الذي كان سائداً في ذهني لأكثر من أربعين عاماً، ليأتي بمفهوم أكثر منطقية وإنسانية، وللموضوع بقية.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

_________________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 13\11\2013 العدد:12552

حين مثل أمام المحكمة في ظل الهيمنة الفاشية على ايطاليا، قال له القاضي الذي نظر في قضيته بصفته مناضلاً في الحركة اليسارية والديمقراطية في بلاده: «سأعطل دماغك عن العمل عشرين عاماً».شحنة الرعب من هذا الدماغ المتقد واضحة في عبارة القاضي الفاشي الذي حكم عليه بالسجن عشرين عاماً. ربما شفى هذا الحكم القاسي غليل هذا القاضي ومن كلفوه بإصداره، لكنه فشل في تحقيق ما أراده، أي تعطيل دماغه عن العمل.

في السجن كتب «دفاتر السجن»، وسميت كذلك لأن غرامشي استخدم كراريس مدرسية صغيرة في تدوين ملاحظاته واستنتاجاته النابهة عليها، لتعد هذه الكراريس ليس أهم ما أبدعه غرامشي فحسب، وإنما من أهم المساهمات في تاريخ الحركة اليسارية والعمالية العالمية في موضوعات المجتمع المدني وتعريف المثقف ودوره.

في غمرة الانشغالات الفكرية والسياسية في العقود القليلة الماضية في العالم، وفي عالمنا العربي أيضاً، جرى بصورة غير مسبوقة تداول اسم ومساهمات هذا المفكر والمناضل اليساري الكبير، لا من قبل اليساريين وحدهم، وإنما من قبل كل المهتمين بالدراسات الثقافية وقضايا المجتمع المدني.

لم يكتف غرامشي بإعادة إنتاج التقسيم الماركسي المعروف للبنية الاجتماعية إلى بنية فوقية وبنية تحتية، وإنما سعى جاهداً لنقل مركز الثقل في البحث إلى القضايا الداخلة في نطاق البنية الفوقية، إدراكاً منه لأهمية هذه المنطقة في تقرير مجرى ومصائر الأمور، وكنوع من الرد على التفسير «الاقتصادوي» المبتذل الذي أساء لمنهج ماركس نفسه.

يميز غرامشي بين مستويين في البنية الفوقية: الأول هو المجتمع المدني أي مجموع المؤسسات التي تقول عنها في اللغة المتداولة أنها مؤسسات «داخلية وخاصة» حسب عبارته، والمستوى الثاني هو «المجتمع السياسي أو الدولة». والمستويان معاً يقومان في نظره بوظائف أيديولوجية وسياسية هي من صميم اشتغال البنية الفوقية لكنهما يختلفان معاً على صعيد نتائج عملهما.

لا يمكن فهم ذلك إلا متى وقفنا على معنى مفهومين مركزيين في خطاب غرامشي هما الهيمنة والسيطرة. تعني السيطرة تملك السلطة السياسية باستعمال أدوات مادية وهي وظيفة يرجعها إلى الدولة أو المجتمع السياسي، أما الهيمنة فتعني تحقيق تعميم نظام من الأفكار والقيم والتصورات في المجتمع، وهي وظيفة يقوم بها المجتمع المدني والمثقفون بصورة خاصة.الدولة في النظام الديمقراطي ليست جسما نافراً في التكوين الاجتماعي أو كائناً سياسياً قهرياً مفروضاً على السياق الاجتماعي، بل إنها تعبر عن مستوى توازن القوى المتحقق في الحقلين الاجتماعي والسياسي. إنها انعكاس لتناقضات البنية الاجتماعية وتمثيل لها. وعلى ذلك يمارس المجتمع المدني سلطته في ظل اشتغال الدولة، فتكون الممارسة السياسية للدولة حاملة –بالضرورة– جزءاً من عمل المجتمع المدني ومعبرة عنه.لكن غرامشي لا يقدم الأمر هنا على إطلاقه، فالمسألة مقرونة بطابع الدولة أو جوهرها، فحين تغيب الديمقراطية فإن الدولة تكون بطبيعة تكوينها جسما منغلقاً على نفسه محصوراً في قاعدته الفئوية الضيقة، فلا يكون لها من التمثيل شيء.وبسبب فقدانها هذه الشرعية، تميل إلى صيانة السلطة عبر ممارسة العنف فتستثير بذلك نقيضها الاجتماعي الذي يشعر بأن هذه الدولة غريبة عنه أو مفروضة عليه، فيميل المجتمع إلى قواعده الخلفية العميقة، أي إلى عصبياته، للاحتماء بها في وجه الدولة ولاستنفارها ضدها.د. حسن مدن*

______________________________________________

منقول عن موقع المنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين 29\10\2013

*الأمين العام السابق للمنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين

تتحدث الحكومة بين فترة وأخرى عن فرض ضرائب وزيادة رسوم، أو فرض رسوم جديدة وإلغاء الدعم الحكومي الاجتماعي تحت مبرر "تعزيز الإيرادات العامة" لمواجهة العجز المتوقع في الموازنة العامة للدولة، كما جاء في برنامج عمل الحكومة.ورغم أهمية تنمية الإيرادات العامة، وإصلاح الاختلالات الهيكلية في اقتصادنا الريعي المعتمد بصورة رئيسية على تصدير النفط، فإنه في ظل فساد المنظومة السياسية، وضيق قاعدة المشاركة السياسية في اتخاذ القرار، فإن الطبقة الوسطى والفئات الشعبية هي التي ستُحمّل تبعات الأزمة المالية، رغم أنها لم تكن مسؤولة عنها، بينما يُعفى من المسؤولية وتحمل التبعات من استأثر بالثروة وتسبب في الأزمة، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة الفوارق الطبقية، وعدم الاستقرار الاجتماعي- السياسي.لقد ربط برنامج عمل الحكومة بين الضرائب والخصخصة، إذ أشار إلى "وضع نظام ضريبي متطور على مراحل زمنية مناسبة يواكب عملية خصخصة الأنشطة الحكومية، وإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني"، وهذا الربط يُبيّن التوجهات المستقبلية للموازنة العامة، التي على ما يبدو أنها لن تخرج عن "روشتة" صندوق النقد الدولي الشهيرة، التي تدعو إلى الخصخصة الشاملة، وفرض الضرائب والرسوم، وإلغاء الدعم الاجتماعي، وهو ما يعني تحميل الطبقة الوسطى والفئات الشعبية وحدها تبعات الأزمات الاقتصادية. أما النظام الضريبي العادل والمتطور الذي يعتبر مصدراً رئيسياً للإيرادات العامة، فإن له شروطاً وضوابط من ضمنها ما يلي:1- أن يستند النظام الضريبي إلى قاعدة معروفة هي "لا ضرائب من دون تمثيل (No taxation without representation)، والمقصود بالتمثيل هنا المشاركة السياسية في سلطة اتخاذ القرارات المتعلقة بإدارة شؤون الدولة والمجتمع، إذ من غير المعقول أن يساهم المواطن في دعم ميزانية الدولة من دون أن يكون له دور في إدارتها وتوجيهها كي تلبي احتياجاته ورغباته، فترفع من مستوى معيشته وتحل مشاكله الحياتية.2- النظام الضريبي العادل والمتطور يتطلب وجود نظام حكم ديمقراطي صالح حيث تداول السلطة، والتعددية، والفصل بين السلطات، وحماية الحريات، والإدارة الرشيدة لموارد الدولة وثرواتها، ففي الأنظمة التسلطية والاستبدادية تحتكر أياد قليلة السلطة والثروة العامة، ويستشري الفساد السياسي، وتوجّه الميزانية العامة للدولة لخدمة مجموعة محدودة، وهو الأمر الذي يعني أن الضرائب التي تستقطع من أصحاب الدخول المتوسطة والمنخفضة، وكذلك الرسوم على السلع والخدمات، تذهب مباشرة إلى جيوب كبار الأثرياء الذين يزدادون ثراءً عاماً بعد آخر على حساب الأغلبية الساحقة من السكان.3- أن تكون العدالة الاجتماعية أساس النظام الضريبي، بحيث تكون الضرائب تصاعدية (كلما ارتفع الدخل ارتفعت الضريبة)، مع إعفاء أصحاب الدخول المنخفضة من دفع الضرائب. وقد نصت المادة (24) من الدستور على... "العدالة الاجتماعية أساس الضرائب والتكاليف العامة".عندما تتحقق هذه الشروط يمكننا حينئذ الحديث عن نظام ضريبي عادل ومتطور.

د. بدر الديحاني

_____________________________________

منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 11\11\2013

بمناسبة يوم الدستور يوجه المكتب التنفيذي للتيار التقدمي الكويتي التحية للشعب الكويتي ونضاله من أجل التطور الديمقراطي الذي كان نتاجه دستور دولة الكويت حيث يكمل اليوم عامه الـ 51، وأكد المكتب التنفيذي إن التيار التقدمي الكويتي يعتبر هذا الدستور (دستور الحد الأدنى) حيث أننا نطالب بنظام ديمقراطي برلماني مكتمل الأركان، فبالرغم من وجود عدد من المكتسبات على مستوى الحريات والديمقراطية إلا أن هناك العديد من المواد في هذا الدستور تسمح للسلطة بتعطيل التطور الديمقراطي.ويستذكر المكتب التنفيذي للتيار التقدمي الكويتي مجلس الشورى عام 1921 والمجلس التشريعي الأول عام 1938 كجزء هام من التاريخ النضالي للشعب الكويتي وكانا إرهاصات تاريخية لميلاد دستور 1962، إضافة للظروف الدولية والإقليمية ووجود أمير مستنير في ذلك الوقت.كما يؤكد التيار التقدمي الكويتي على أهمية عدم تقديس "دستور الحد الأدنى" وعدم اعتباره الغاية للشعب الكويتي، فدستور 62 ليس الا خطوة مبدئية تليها خطى عديدة نحو استكمال الديمقراطية في الكويت، وقد بدأت فعلا تلك الخطى من خلال الحراك الشعبي ومطالب الإصلاح السياسي، التي من بينها رؤية التيار التقدمي الكويتي للإصلاح الديمقراطي، حيث تضمنت أهم النقاط التي يراها التيار التقدمي طريقاً لاستكمال الديمقراطية عبر إشهار الأحزاب السياسية ووجود نظام انتخابي ديمقراطي يقوم على القوائم والتمثيل النسبي وصولاً إلى تنقيح المادة 80 بحيث تقتصر عضوية مجلس الأمة على الأعضاء المنتخبين والمادة 98 بحيث تتقدم كل وزاره ببرنامجها للمجلس لتنال ثقة نواب الأمة، وتنقيح المادتين 101 و 102 بحيث يمكن طرح الثقة في الوزراء ورئيس مجلس الوزراء من دون الحاجة إلى المرور بآلية الاستجواب، ومن دون تفريق بين طرح الثقة في الوزراء أو في رئيسهم واعتباره معتزلاً لمنصبه شأنه شأنهم من تاريخ عدم الثقة به، وعدم اشتراط تحكيم رئيس الدولة عند طرح الثقة في رئيس مجلس الوزراء لاتخاذ قراره إما بإعفاء الرئيس أو بحلّ مجلس الأمة، مثلما هي الحال الآن عند تقديم طلب عدم إمكان التعاون معه، وأيضا تنقيح المادة 116 من الدستور، أو تعديل اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، بما يؤدي إلى تأكيد صحة انعقاد جلسات مجلس الأمة من دون اشتراط حضور الحكومة، حتى لا يؤدي غيابها إلى تعطيل جلسات المجلس مثلما حدث وتكرر.و يؤكد المكتب التنفيذي للتيار التقدمي الكويتي أن طريق الإصلاح طويل وأن شرط اكتمال الديمقراطية هو تغيير موازين القوى في الساحة السياسية لمصلحة قوى الإصلاح والتغيير وتخلي السلطة عن نهجها وعقليتها المشيخية، وإن الاستمرار في النضال كفيل بأن يحقق للشعب مطالبه مهما طال الزمن.١١ نوفمبر ٢٠١٣

اخبار محلية

وليد الرجيب: 11 نوفمبر الذي لن يُنسى.

سيبقى مثل هذا اليوم 11 نوفمبر خالداً في نفوس الكويتيين عبر التاريخ لما يمثله لهم من رمزية لنضالهم الذي امتد منذ العام 1921 من أجل حقهم بالمشاركة في ادارة شؤون بلادهم من خلال مجلس نيابي، وتكرر ذلك في العام 1938، من أجل نظام ديموقراطي تكون السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعاً، هذا النضال تحقق في 11 نوفمبر 1962 في عهد أبي الدستور الأمير الراحل عبد الله السالم الصباح طيب الله ثراه.والدستور الكويتي يعتبر الأقدم في منطقة الخليج العربي، وهو يأخذ بالنظام الديموقراطي، وتمثل المادة السادسة منه جوهر وأساس نظام الحكم المتعاقد عليه، حيث تنص هذه المادة على أن: «نظام الحكم في الكويت ديموقراطي السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعا»، وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبين بهذا الدستور، وهو دستور يأخذ بالصورة النيابية من الديموقراطية، حيث يقرر وجود مجلس منتخب «مجلس الأمة» لميقات معلوم ويحدد أسلوب انتخاب أعضائه ليصبحوا بعد انتخابهم ممثلين للأمة بأسرها.لكن الآباء المؤسسين للدستور وضعوا بعين الاعتبار أنه يمثل «الحد الأدنى» سواء في نظامه البرلماني أو من خلال تلبية طموحات الشعب، على أن يعاد النظر به وتطويره لمزيد من ضمانات الحرية كل خمس سنوات.غير أن الظروف اللاحقة لم تتح الفرصة لتطويره، ليس بعد خمس سنوات فقط ولكن لمدة خمسين سنة، وذلك بسبب المحاولات المتكررة لتعطيل دور الشعب في أن يكون مصدر السلطات جميعاً، أو ليحصل على ضمانات أكبر للحريات، من خلال عمليات التزوير والانقلاب المتكرر على الدستور وتعطيل العمل بمواده ومحاولات تنقيحه، وغيرها من المحاولات التي تدل على عدم ايمان السلطة بحق الكويتيين في المشاركة وبناء دولتهم الحديثة، كما تدل هذه المحاولات على التمسك بنظام ليس له علاقة بتطور المجتمعات بل ينتمي الى القرون الوسطى ولما قبل الاستقلال، لأن الديموقراطية الحقيقية والحريات تحد من مصالح القلة الفاسدة المتنفذة التي تريد الاستئثار بكل الامتيازات.ولذا وعبر خمسين عاماً تخلّقت لدى الأجيال ثقافة الدفاع عن دستور الحد الأدنى، حتى أصبح هذا الدستور والدفاع عنه غاية في حد ذاتها رغم أنه كما ذكرنا «دستور الحد الأدنى»، ونشأت أجيال تعتقد أن هذا الدستور هو الذي سيحقق كل ما يصبو اليه شعبنا من تنمية وتطور وديموقراطية وحرية ورخاء.لكنهم اصطدموا بواقع مرير، ليس له علاقة بما يروّج له في الاعلام الرسمي من أن الكويت دولة ديموقراطية ذات هامش واسع من حرية الاعتراض وحرية التعبير عن الرأي، بل اصطدموا بصدور قوانين قمعية تصادر الحقوق الدستورية وتناقضها، مثل القانون رقم 31 لسنة 1970 بشأن جرائم أمن الدولة وخاصة المادة 25 منه، وهو ما ينفي أننا نعيش في ظل نظام ديموقراطي، بل صدم شعبنا بتنامي نهج بوليسي قمعي جديد على تاريخ الشعب الكويتي، سيقَ على أساسه مئات من الشخصيات المعارضة والشباب والشابات من النشطاء السياسيين الى المحاكمات، كما سجن البعض منهم لمجرد التظاهر الاحتجاجي السلمي الذي كفله دستور الحد الأدنى.أما الآن فلم يعد دستور 1962 هو غاية طموح شعبنا وسقف مطالباته وهو الذي يشهد التحولات العربية والعالمية من حوله، ولم تعد وسيلة الاحتجاج هي المثلى والوحيدة كعمل جماهيري في هذه المرحلة، بل تطور الأمر الى المطالبة بتطوير النظامين البرلماني والانتخابي باتجاه النظام البرلماني الكامل والاصلاح السياسي الفوري، الذي يبدأ عنوانه بسن قوانين للأحزاب السياسية على أسس وطنية، ووجود حكومة تحظى بثقة ممثلي الأمة، وقانون انتخابات يأخذ بنظام القائمة النسبية ضمن دائرة انتخابية واحدة تشمل جميع مناطق وسكان الكويت.فمتى يحتفل شعبنا بمثل هذا اليوم، ليظل يوم 11 نوفمبر خالداً في متحف الذاكرة؟وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

____________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 11\11\2013 العدد:12551

يصادف اليوم 9 نوفمبر مرور ستين عاماً على التقرير الصحافي الذي نشرته مجلة «نيوزويك» الاميركية في عددها الصادر يوم 9 نوفمبر 1953م، عن تنامي دور اليسار في الكويت ما أثار قلق القنصلية الاميركية حينذاك حيث وجهت مذكرة إلى وزارة الخارجية في واشنطن ويحمل عنوان: From American consulate (Symmes) to Department of state، November 16، 1953، تتناول فيها ما نشرته «نيوزويك» في تقريرها الذي كان يتحدث عن انتقال «مركز اهتمام النشاط الشيوعي إلى الكويت»، ويورد التقرير الصحافي خبراً عن مشاركة شخص يحمل اسماً رمزياً ليمثّل «اتحاد عمال الكويت»، عندما كان تنظيماً نقابياًً غير علني في المؤتمر الثالث للاتحاد العالمي للنقابات الذي عقد في فيينا النمسا في أكتوبر 1953.ويشير تقرير القنصلية الاميركية أن تعاوناً يدور بين دائرة الأمن العام في الكويت مع ممثلي القنصلية والوكيل السياسي البريطاني وشركة نفط الكويت «K.O.C» وشركة الزيت الأميركية المستقلة «أمينوأويل» لمناهضة «النشاط الشيوعي في الكويت».وتمت ترجمة ما نشرته «نيوزويك» إلى اللغة العربية وتقديمه إلى مدير دائرة الأمن العام في الكويت، مع توصية لاستقدام مستشار بريطاني لمكافحة هذا النشاط، وهذا ما تم في ديسمبر 1953 عندما اُستقدم ضابط الأمن البريطاني «كوتس» الذي سبق أن عمل لمدة 24 عاماً ضابطاً في البوليس السوداني، ليعمل مستشاراً لدائرة الأمن العام في الكويت.والشيء بالشيء يذكر، إذ اطّلعنا جميعاً بعد تحرير الكويت على سلسلة من وثائق السفارة الاميركية التي جمعها ورتبها الطلاب الإيرانيون الذين كانوا يحاصرون السفارة عام 1979 بطهران، في ما سمّي بـ «أزمة الرهائن الاميركان» أثناء الثورة الإيرانية بعد اقتحامهم لمبنى السفارة، وأعادت «الوكالة العالمية للتوزيع» تعريبها ونشرها عام 1990، كما توجد نسخة إنجليزية عن الوثائق والمستندات، في كتاب يحمل عنوان «تدخلات أميركا في البلدان الإسلامية الكويت (201)».وفي هذا الكتاب ومن خلال الوثائق التي تذكر فيه الاستخبارات الاميركية تحت بند تأثير اليسار في الكويت: «يشير رئيس نقابة عمال البترول «فرج» وزملاؤه في إشارة إلى القائد النقابي الراحل ناصر الفرج- غالباً إلى النظريات اليسارية، خاصة خلال احتفالات الأول من مايو وهم يسافرون كثيراً إلى اجتماعات العمال الشيوعيين المختلفة، فهل حكومة الكويت مهتمة بهكذا نشاط؟ وتجيب الحكومة (من خلال الوثائق): «نحن نعرف أن السفارات الأجنبية (السوفيتيية وغيرها) مرتبطة مع «فرج» ورفاقه، لكننا نراقبهم بشكل دقيق ولا نرى ضرورة للقلق، وتمضي الاستخبارات الامبريالية بالقلق متسائلة:» حتى لو أن الرعاية الشيوعية لزعماء العمال الكويتيين مراقبة بدقة، هل يمكن أن يحصل تفشّ ذاتي للشعور المناهض؟».وقرأنا جميعاً أنه قد جرت حملات شديدة في الكويت على اليساريين والشيوعيين والتقدميين الكويتيين أواخر الخمسينات بإيعاز من الدوائر الاستخباراتية الاميركية - البريطانية، فقد تشكلت «جمعية مكافحة الشيوعية» شارك في عضويتها شخصيات وطنية بارزة، أدت إلى إبعاد الآلاف بتهمة الشيوعية، وسجن بعض الكويتيين من تنظيم «العصبة الديموقراطية»، وشنّت الصحف الكويتية مثل «الشعب» و«الفجر» حملات تحريضية ضد اليساريين خصوصا في العام 1959، معتبرة الشيوعية خطراً يهدد الكويت.ماذا يعكس لنا هلع الدوائر الاستخباراتية البريطانية والاميركية من اليسار الكويتي ومنذ ستين عاماً؟ ولماذا ما زال العداء والتشويه مستمرين للفكر اليساري والتقدمي، رغم أن الخطورة تأتي كما نعلم من جهات وخلايا إرهابية ظلامية، أظنه يعكس قوة اليسار الكويتي وتاريخه النضالي الطويل، وكذلك يعكس قوة الحركة النقابية عندما كانت تحت تأثير الأفكار اليسارية والتقدمية، ولذا انصبت جهود الدوائر الاستخباراتية الاميركية البريطانية على مراقبة والتحذير من نشاط ومن نشطاء الحركة التقدمية الكويتية، ولم تلتفت إلى أي فكر أو تنظيم سياسي آخر يمكن أن تعتبره يمثل خطراً أو بعبعاً يهددها كدول عظمى، سوى اليسار الكويتي المخلص لقضايا شعبه والواضح في خطه السياسي والنضالي الجماهيري والمنسجم مع مبادئه عبر تاريخه الطويل، ويعكس كذلك عدم فهم الكثيرين نتيجة لحملات التشويه المتعمّد للفكر التقدمي واليساري.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

_____________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 09\11\2013 العدد:12549

اخبار محلية

لماذا قال الأطباء كفاية ؟

بقلم: د. حمد الأنصاري*

اعتصمت مجموعة من الأطباء والطبيبات أمام المستشفى الأميري في الاسبوع الماضي رافضين قرار النقل التعسفي الصادر بحق الدكتورة كفاية عبدالملك رئيسة وحدة العناية المركزة في المستشفى الأميري، وقد شهد الاعتصام حضورا رائعا من الاطباء والطبيبات بحيث ذُهلت السلطة و"شبيحتها" من تلك الوقفة للاطباء فبدأت حملة التشكيك بأطباء الكويت، فمنهم من قال هؤلاء ليسوا أطباء بل "جزارين" واخر قال "هاديّن المرضى ويتكسبون سياسيا" ولم يفوت وعاظ السلاطين الفرصة فتساءل احدهم "في اي دين يعتصم الطبيب ويترك المرضى ؟" مشككا بدين الاطباء، والكثير الكثير ..

كما خرجت اشاعة بأن الدكتورة كانت مخطئه بنقل والد النائب للجناح وأن العناية كانت شبه فاضية في ذلك الوقت ولذلك فإن قرار نقلها سليم وصحيح ولا يجب ان يتم الاعتراض عليه !

سأبدأ من حيث انتهيت، ولنفترض أن الدكتورة مخطئة ..

لا أعلم ان كان النائب او سأقول أهل المريض قدموا شكوى رسمية وسأفترض انهم فعلوا، أليس من المنطقي أن تحال الدكتورة للتحقيق بشكل رسمي بحيث نعرف جميعا الواقعه ام انه لا يوجد في الوزارة لجان تحقيق ؟

على مر السنوات الماضية سكت الأطباء عن حقوقهم وعن الظلم الواقع عليهم فكم من الأطباء ضُرب في عيادته ولم يؤخذ حقة ؟

كم من الأطباء ظُلم بتأخير ترقيته او تم تجاوز دورة في منصب معين من اجل عيون فلان وفلان ؟

لقد صمت الأطباء عن كل ذلك وأكثر بسبب القسم الذي ألزمهم بالعناية والاهتمام بصحة المرضى "أولا" !

ان الأطباء يعملون يوميا دون كلل ودون تذمر من أجل صحة المرضى وسلامتهم ومثل هذه الوظيفة الانسانية تحتاج لطول البال وتفهُّم لنفسية المريض وأهله وتقبل لردود افعالهم برحابة صدر !

قد يغفل البعض أن الطبيب في الكويت يعمل خارج أوقات الدوام الرسمي والخفارات دون راتب، فالمرور على المرضى في عطلة نهاية الأسبوع يعتبر عملا تطوعياً 100% يقوم به الأطباء من أجل عيون مرضاهم وبرا بقسمهم .. وهذه الحاله تنطبق على أيام الاعياد والعطل الرسمية التي لا يكون فيها خفارة رسمية، كذلك مرور أطباء الجراحة يوميا على مرضاهم مساء كل يوم خارج اوقات العمل الرسمي دون أي عائد مادي ..

كما قلت، لقد اختار الاطباء التزام الصمت ورعاية مرضاهم دون تذمر، ولكن ما حدث في الأسبوع الماضي تسبب في انفجار الأطباء .. فقد تعدى الأمر الظلم الشخصي للأطباء !

ما حدث هو تدخل مباشر بعملهم ونظرتهم في علاج مرضاهم، وعوائد هذا التدخل "ان سكتوا عليه" ستكون وخيمة على الجسد الطبي وعلى المرضى !!

فلا يجوز بأي حال من الأحوال أن يفرض المسؤول "الادراي" على الطبيب طريقة علاجه للمرضى، أو أن يحدد من يستحق ومن لا يستحق الدخول للجناح أو العناية المركزة !

فما بالك لو كان هذا التدخل بسبب المحسوبية والواسطة ؟؟

لقد اقسم الاطباء على معالجة جميع المرضى دون تفرقة، فالطبيب لا يرى اسم هذا المريض او عائلته او لقبه ومنصبه، انما يرى امامه انسان بحاجة لعنايته .. فقط !

بالامس قال الأطباء "كفاية" ليس حباً بالدكتورة كفاية عبدالملك فقط .. انما برا بقسمهم وحفاضا على الجسد الطبي وصحة المرضى !

اعتصام الاطباء كان بعد انتهاء ساعات الدوام الرسمي ولم يشارك فيه اطباء الخفارة او أي طبيب لديه مسؤوليات مع مرضاه .. واستمرار الرفض لهذا القرار الجائر بل وضم قضايا كل من ظُلم من الاطباء مهم جدا، لذلك فالمسؤولية الملقاه على عاتق الاطباء كبيره وهم "قدها وقدود".

ملاحظة اخيرة:

غريب جدا موقف الجمعية الطبية، فلم نجد لها بخصوص هذه القضية سوى تصريح يتيم و"على استحياء"، بينما يجب أن يكون دورها اكبر من ذلك .. فهل الكادر المالي أهم ؟؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* عضو التيار التقدمي الكويتي.

عقد المجلس العام للتيار التقدمي الكويتي اجتماعه العاشر مساء الثلاثاء 5 نوفمبر الجاري برئاسة المنسق العام الزميل ضاري الرجيب، حيث بحث البنود المطروحة على جدول أعماله المتضمن مسائل سياسية واقتصادية واجتماعية وتقارير تنظيمية واتخذ في شأنها القرارات المناسبة، وذلك كالتالي:

1- أكّد المجلس العام للتيار التقدمي على ما جاء في البيان الصادر يوم 28 أكتوبر الماضي عن المكتب التنفيذي حول برنامج عمل الحكومة للأعوام 2013/2014- 2016/2017، الذي يتسم في معظم بنوده بأنه برنامج إنشائي، بالإضافة إلى ما يحويه من تناقضات وتوجهات سلبية من شأنها تخفيض بنود الإنفاق الاجتماعي الضرورية وتحميل الغالبية الساحقة من المواطنين مزيداً من الأعباء المعيشية، فيما يتضمن البرنامج توجهات تخدم مصالح أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة وتعفيهم من أي التزام ضريبي جدي، هذا بالإضافة إلى خلو برنامج عمل الحكومة من أي توجّه واضح لمعالجة قضية الكويتيين البدون، ما يعكس عدم جدية الحكومة في العمل على حلّ هذه القضية ومعالجتها على أسس إنسانية ووطنية.

2- أعلن المجلس العام مساندته للاعتصام التضامني المشهود للأسرة الطبية مع الدكتورة كفاية ملك أمام المستشفى الأميري ظهيرة يوم الاثنين 4 نوفمبر الجاري احتجاجاً على قرار نقلها المتعسف الذي أصدره وزير الصحة، وأكّد على ضرورة إلغاء هذا القرار الجائر ووقف أي تدخلات من الهيكل الإداري للوزارة في القرارات الفنية للأطباء.

3- تابع المجلس العام اعتصام طلبة التعليم العام أمام وزارة التربية صباح يوم الثلاثاء 5 نوفمبر الجاري للاحتجاج على قرار دمج اختبارين في اليوم الواحد، وأبدى تفهمه للمطلب العادل للطلبة.

4- يترقب المجلس العام للتيار التقدمي يوم الخامس والعشرين من شهر نوفمبر الجاري الموعد المحدد لصدور أحكام المحكمة الدستورية في الطعون المقدمة لها بعدم دستورية المادة 25 من القانون 31 لسنة 1970 بتعديل قانون الجزاء، وبعدم دستورية عدد من مواد المرسوم بقانون رقم 65 لسنة 1979 في شأن الاجتماعات العامة والتجمعات، الذي سبق الحكم بعدم دستورية عدد من مواده، لما ينطوي عليه هذين القانونين المعيبين المطعون فيهما من قيود ثقيلة تكبل الحريات العامة.

5- في الوقت الذي يعلن فيه المجلس العام ترحيبه بحكم البراءة للمتهمين في قضية مسيرة كرامة وطن 5 في قرطبة، فإنه في المقابل يبدي أسفه الشديد تجاه الأحكام الجديدة بالسجن التي صدرت بحق متهمين جدد في قضايا الرأي، وكذلك قرار إحالة الشباب الذين تمّ اتهامهم في ترديد خطاب "لن نسمح لك" إلى المحاكم، والاستدعاءات التي تقوم بها الإدارة العامة لأمن الدولة لعدد من الناشطين، وعلى وجه أخص استدعاء الناشطين من الكويتيين البدون بعد فعالية يوم اللاعنف العالمي في 2 أكتوبر الماضي، وكذلك قرار فصل عضو المكتب السياسي لائتلاف المعارضة زايد الزيد من عمله، لما تعكسه هذه الخطوات والإجراءات من مؤشرات سلبية حول استمرار السلطة في نهج الملاحقات السياسية لمعارضيها، وذلك على خلاف ما كان متوقعاً بعد خطاب صاحب السمو الأمير في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك وإصداره مرسوم العفو عن باقي مدة العقوبة لعدد من المحكومين في قضايا العيب بالذات الأميرية.

وهنا يؤكد التيار التقدمي الكويتي موقفه الداعي إلى ضرورة إسقاط كافة قضايا الرأي والتجمعات وأمن الدولة، ووقف الملاحقات، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات السياسية.

6- توقف المجلس العام للتيار التقدمي أمام التوصية الصادرة عن برنامج إعادة هيكلة القوى العاملة بتخفيض قيمة البدل النقدي الذي يُصرف للمسرّحين من القطاع الخاص، لما تمثّله هذه التوصية في حال تنفيذها من إضرار بالأوضاع المعيشية لهؤلاء المسرّحين وأسرهم.

7- أبدى المجلس العام للتيار التقدمي استغرابه من التشدد غير المبرر في قرار وزارة التربية 256/2013 بشأن الضوابط الجديدة لتعيين الهيئة التعليمية، التي ستلحق الضرر بالمرشحين للالتحاق بمهنة التعليم، حيث رفعت الوزارة معدل قبول المرشحين إلى 3 نقاط، مع عدم التزامها بتعيين خريجي وخريجات كلية التربية في جامعة الكويت وكلية التربية الأساسية كمعلمين.

8- توقف المجلس العام للتيار التقدمي أمام ما يعانيه العاملون في الخطوط الجوية الكويتية بعد بدء عملية خصخصتها من الذين اختاروا بديل التقاعد المبكر أو الانتقال للعمل في القطاع الحكومي، ما يؤكد عدم اهتمام الحكومة بأوضاع العاملين في المؤسسات العامة التي تتم خصخصتها، وما يمكن أن يواجهه هؤلاء من مصاعب في العيش وفرص العمل.

9- أحيط المجلس العام علماً بمشاركة المنسق العام الزميل ضاري الرجيب في إحياء ذكرى فقيد الحركة الوطنية البحرينية المرحوم علي دويغر، التي أقامها المنبر الديمقراطي التقدمي في البحرين يوم الثلاثاء 22 أكتوبر الماضي، والكلمة التي ألقاها المنسق العام بهذه المناسبة، حيث أكّد المجلس العام على ما جاء في تلك الكلمة من تضامن مع شعب البحرين وقواه الوطنية والتقدمية، وما تضمنته من دعوة إلى ضرورة التوصل إلى حلّ سياسي شامل يخرج البحرين من حالة التأزم التي تعاني منها، بحيث يشمل هذا الحلّ السياسي إطلاق سراح معتقلي الرأي، ووقف المحاكمات الجائرة والاعتقالات والمداهمات والانتهاكات، وإعادة المفصولين من العمل إلى أعمالهم والطلبة المطرودين إلى مدارسهم، وأن يقوم هذا الحلّ السياسي المأمول على احترام حقوق الإنسان، وتجريم كافة أشكال التمييز، وإطلاق الحريات العامة.

الأربعاء 6 نوفمبر 2013

عندما نشرت جريدة «الراي» مقالي «نعي دولة الرفاه» يوم السبت 2 نوفمبر الجاري، وردني كثير من التعليقات والاستفسارات وبعضه استنكر انتقادي لالغاء دولة الرفاه التي اعتبرها سبباً لعدم انتاجية المواطن، وشعوره بالدلال المفرط من الدولة «من المهد إلى اللحد» على حد تعبيره، التي أفقدت المواطن الكويتي «قيم العمل» وعلمته الاتكالية، بل ذهب أحد الإخوة الى التساؤل: «هل تريد من الكويتيين أن يعيشوا في أرجاء العواصم الأوروبية سواء للسياحة الباذخة أو للعلاج المزيف، ونترك الوافدين يقومون ببناء الكويت؟».وقد كان من الواضح من تعليقات عدة سوء فهم لهذا المصطلح أو المفهوم، وهناك لبس في معنى «الرفاه الاجتماعي»، فدولة الرفاه مفهوم مترجم من اللغة الانكليزية Welfare state، ولا تعني الغنى أو البذخ، بل الأقرب الى هذا المفهوم هو «دولة الرعاية الاجتماعية»، حيث استفادت دولة الكويت في ستينات القرن الماضي من التوجه السائد في أوروبا والولايات المتحدة في تحمل الحكومات مسؤولياتها أمام مواطنيها في الصحة المجانية والتعليم المجاني والخدمات المجانية، مع ما يتطلبه ذلك من خطط تنموية مستدامة يكون محورها الانسان وسعادته ورخاءه، ودفعه للعمل والانتاج بفعالية من أجل نهضة بلاده.وتم تبني هذا المفهوم وهذا التوجه بعد الحرب العالمية الثانية التي كانت نتيجة للأزمة الرأسمالية العميقة «الكساد الكبير» عام 1929، وسببت الكثير من الأزمات الاجتماعية مثل الفقر والبطالة، وليس أفضل من مثال عكس معاناة الانسان الأوروبي والأميركي آن ذاك مثل رواية «عناقيد الغضب» للروائي الأميركي «جون شتاينبك»، اضافة الى خوف هذه الدول من أن تقوم فيها ثورات ضد النظام الرأسمالي، خاصة وأن الاتحاد السوفياتي في ذلك الوقت قدم نموذجاً ناجحاً للرعاية الاجتماعية ودولة الرفاه ولم يتأثر بهذه الأزمة الاقتصادية.فتبنت دول أوروبا والولايات المتحدة «الكينزية» وهي السياسة الاقتصادية التي وضعها الاقتصادي كينز، وهي سياسة اقتصادية رأسمالية لكنها أقل توحشاً، أي اضطر رأسماليو هذه الدول الى التنازل عن بعض أطماعهم من أجل ارضاء شعوب هذه البلدان حفاظاً على استقرارها وخوفاً من ثورات تطالب بتطبيق الاشتراكية، وتم اعطاء هذا التوجه تسميات مثل «الرأسمالية الاجتماعية» وفكرها «الليبرالية الاجتماعية»، لكن أصحاب الشركات والمالكين لرؤوس الأموال لم يكونوا راضين عن هذه السياسة «دولة الرفاه»، فلم تستمر أكثر من ثلاثين عاماً، ليأتي «المحافظون الجدد» ويطبقوا سياسة النيوليبرالية التي تعتمد على انفتاح السوق والتخلي عن برامج الرعاية الاجتماعية، وتحميل المواطن وبالأخص محدود الدخل والعامل عبء الأزمات الرأسمالية، فتم انهاء دولة الرفاه وبيع كل شيء في قطاع الدولة الى القطاع الخاص، وصدرت التشريعات المنحازة لرأس المال وضد الطبقة العاملة ومحدودة الدخل وهذا أدى الى الأزمة الاقتصادية البنيوية عام 2008.وقد لعبت سياسة دولة الرفاه دوراً مهماً في تطور أوروبا وأميركا، وخلقت شكلاً من أشكال الرضا النسبي بين أبناء الشعوب، واتسعت ما تسمى بـ«الطبقة الوسطى»، وقلّت وان كان بشكل محدود وشكلي الفوارق الطبقية الواسعة.وبعض التعليقات التي وردتني اعتراضاً على موقفي من تفكيك دولة الرفاه، كانت تتصور بشكل بسيط أن الرفاه هنا مقصود به المجتمع ككل، وهذا من الأشياء المستحيلة في أنظمة طبقية بمصالح مختلفة بين الطبقات حتى في ظل دولة الرفاه، بل المقصود في الواقع هو مسؤولية الدولة تجاه شعبها وعدم تخلي القطاع العام عن دوره في التنمية والتعليم والرعاية الصحية والخدمات المتطورة، والحفاظ على ثروات الوطن النفطية وعدم التفريط فيها لصالح الشركات الخاصة والأجنبية من خلال السياسة الاقتصادية سيئة الذكر «الخصخصة».ولنتذكر أن دولاً كانت تعتبر فقيرة مثل بعض دول أميركا اللاتينية وبعض دول آسيا، وكذلك اقليم كردستان العراق الذي يحصل على 10 في المئة فقط من عوائد النفط العراقي، كيف استطاع أن ينهض في سنوات قليلة ويبني الجامعات والمدارس والمستشفيات، ويقدم خدمات تعليمية وصحية مجانية لكل المراحل الدراسية ولجميع سكان الإقليم دون أن يمتلك المليارات التي تمتلكها دولة الكويت.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

_________________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 06\11\2013 العدد:12546

اخبار محلية

اشتراكية التنويريين!

بقلم: د.فواز فرحان*

في البداية أود أن أوضح بأنني كتبت هذا المقال من منطلق فكري وسياسي وليس من منطلق عداء شخصي مع التنويريين؛ فبعضهم أصدقاء أعزاء رغم الاختلاف في الأفكار والمنطلقات. وكذلك يجب أن أبيّن تعريف كلمة (تنويري) كما فهمتها مما قرأته إما من اطلاعي العام على كتابات ليست للتنويريين أو من كتابات رموزهم ومنظّريهم وكذلك من مواقفهم لكي يستطيع القاريء فهم نقاط الاختلاف والاتفاق بين خطي كتقدمي يساري وبين خطهم. التنويري -أو العقلاني كما يحب بعضهم نعت نفسه- هو من يعتقد بأن مشكلة المجتمع الأساسية تكمن في ثقافته أو في موروثه الثقافي وأن مفتاح تغيير أي مجتمع هو تغيير هذه الثقافة أو هذا الموروث الثقافي من خلال نشر ما يعتقد به هذا التنويري من أفكار.وهنا أختلف معهم -كتقدمي يساري- ؛ حيث أنني أعتقد بأن مشكلة المجتمع الرئيسية تكمن في الاستغلال الطبقي وفي سيطرة الطبقة البرجوازية على المجتمع الرأسمالي وفرضها لقواعدها وشروطها والتي تنعكس على هيئة الدستور والقوانين والأعراف السائدة والتي ترسخ وتثبت سيطرة هذه الطبقة المستغِلة. وإذا أردت تحليل منطلق التنويرين أو العقلانيين من ناحية فلسفية فأنا أضعه في خانة (المثالي) الذي يعتقد بأسبقية الوعي والفكرة على الواقع المادي والذي يعاكس ما أعتقد به أنا من أن الواقع المادي هو الذي ينتج الوعي والفكرة، فتجد التنويري أو العقلاني يأتي بالفكرة الجاهزة التي اقتنع بها هو ويريد فرضها ثقافياً على المجتمع كله بهدف تغيير واقعه ومظاهر هذا الواقع المختلفة؛ وهذا ساقط فلسفياً على يد الفلسفة المادية وساقط منطقياً لأن لغة وأسلوب مخاطبة الأفراد تختلف من فرد للآخر بسبب العوامل الذاتية والموضوعية التي أوجدت الفروقات بين الأفراد وكذلك ساقط تاريخياً على يد الأحداث التي مرت بها البشرية وأثبتت أن الواقع المُعاش هو ما ينتج الرغبة في التغيير وبالتالي تبلوُر الأفكار وزيادة الوعي المجتمعي.

بعد هذه المقدمة المطوّلة أستطيع الآن الدخول إلى تحليل وضع التنويريين عموماً والعرب منهم خصوصاً و وضع مواقفهم بمكانها الصحيح من وجهة نظري. يعاني التنويريون -وكنت منهم في يوم من الأيام- من انفصال فظيع عن الواقع المُعاش لأنهم لا يستوعبون أن هذا الموروث الثقافي المجتمعي ليس إلا نتيجة تراكم تاريخي من تجارب وخبرات وأفكار من سبقنا من المجتمعات على مر العصور، وحتى وإن استوعب بعضهم ذلك فإن هذا الاستيعاب لا يشفع -بالنسبة لهم- للمجتمع تمسكه بهذا الموروث بل ويحملونه مسؤولية وجود هذا الموروث وبقائه حتى هذا اليوم! ويتعامل التنويريون مع المجتمع وكأن أفراده بنفس المستوى العلمي والمعرفي فيطالبونه بترك هذه الأفكار والموروثات السائدة واستبدالها بالأفكار الجديدة التي يتبونها ويعتقدون بأنها كفيلة بنهضة المجتمع! هذا الطرح التنويري مآله إلى الاضمحلال واليأس والسعي للهروب من المجتمع لأنه (متخلف) كما يحبون أن يسمونه، وهذا الطرح انقرض تقريباً منذ القرون الوسطى على يد الواقع لأن المجتمعات لا تتغير بتغيير أفكارها بل تتغير بسبب تغيير الواقع المادي من خلال الثورات الطبقية والتي ينتج عنها لاحقاً كنتيجة طبيعية تغيير تدريجي في الأفكار وفي درجة الوعي المجتمعي وبالتالي تبدّل في موروثه الثقافي؛ والأدلة التاريخية حافلة بالأمثلة على هذا مثل نشوء المجتمع الزراعي على أنقاض المجتمع الرعوي ونشوء المجتمع الإقطاعي بعد ثورة العبيد وبداية عصر الرأسمالية بعد الثورة على الإقطاع وما أنتجته هذه التغييرات في الواقع المادي من تغييرات على مستوى ثقافات وموروثات المجتمعات لاحقاً.

التنويريون عموماً والعرب منهم خصوصاً يتبنون اليوم الإيديولوجيا الليبرالية حتى وإن لم تعجبهم كلمة إيديولوجيا كما يكررون دائماً؛ فالاعتقاد بأن السوق الحرة هي الأصح من الاقتصاد الاشتراكي يعتبر نوع من الأدلجة. ويحوم التنويريون دائماً في فلك الثقافة الغربية وبالذات الثقافة الأميركية اعتقاداً منهم بأنها الأنسب للعالم متناسين أو ربما جاهلين بالويلات التي نتجت عن هذه الثقافة وعانت منها أغلب دول العالم ابتداءً بعصر الاستعمار وانتهاءً بالسيطرة الأميركية-الغربية إمبريالياً على مقدرات الشعوب. ويعتقد التنويريون وخصوصاً العرب منهم لأنهم مثاليون فلسفياً بأن صراعهم الرئيسي مع التيارات الدينية؛ لذلك لا تجد لهم موقف واضح يذكر من السلطات القمعية العربية وربما يلتحف بعضهم بلحافها ويتقلد المناصب لها رغم وجود استثناءات بسيطة بينهم لا تصطف مع هذه السلطات بسبب وعي متقدم نسبياً. بل الأنكى من ذلك هو اتخاذهم لمواقف عدائية من التيارات الديمقراطية والتقدمية التي تشارك بالحراكات الشعبية ضد الأنظمة القمعية كما رأينا في الأحداث المتتالية ضمن ما يسمى بالربيع العربي وذلك لأن هذه التيارات اصطفت مع التيارات الدينية في مرحلة التخلص من الاستبداد بسبب بوصلة صراعهم المتجهة دائماً نحو التيارات الدينية في إطار سعيهم نحو تغيير ثقافة المجتمع تلقينياً.

في الكويت مثلاً اتخذ التنويريون موقفاً معادياً من التيار اليساري التقدمي (كتجمعات سياسية أو توجهات فردية) بسبب اختلافهم في المبدأ والمنطلق معه؛ فالتيار اليساري التقدمي يعتقد بأن الصراع السياسي يتمحور حول تطوير البلد ديمقراطياً وأن مشكلة البلد تكمن في نهج المشيخة الذي يعرقل هذا التطور بينما التنويريون يعتقدون بأن صراعهم الرئيسي مع التيار الديني متناسين أن من دعم هذا التيار وكبّره ونمّاه ودعمه هي السلطة التي يظنون بأن لها نَفَساً منفتحاً يدعم الحريات الشخصية التي تشكل هاجسهم الأكبر! ويختزل التنويريون الكويتيون التيار اليساري التقدمي بتجربة الاتحاد السوڤييتي أو أوروبا الشرقية -مع أهمية هذه التجارب وثرائها على المستوى الفكري وعلى مستوى المشروع ومن دون إنكار لنواقصها وأخطائها- بالرغم من أن هذا التيار يحتوي على مدارس عديدة وتوجهات متنوعة تتدرج من المؤمنين بالعدالة الاجتماعية بتعريفها البسيط مروراً بالإشتراكية الديمقراطية والإشتراكية الطوباوية والإشتراكية التي ظهرت في المدرسة القومية والناصرية وصعوداً نحو التروتسكية والماوية والماركسية اللينينية، كما أنهم غير منتبهين إما جهلاً أو تدليساً للمنطلق التي تنطلق منه هذه المدارس والاتجاهات المختلفة وكذلك للتجارب المختلفة والتي انهار بعضها ومازال بعضها الآخر يتطور ويسيطر على مناطق كثيرة في أوروبا وأميركا الجنوبية. يتحدث التنويريون عن الإشتراكية من غير معرفة هذه التفاصيل وربما تكون معلومات بعضهم مستقاة من موقع (ويكيبيديا) إلا أن شراسة هجومهم عليها ملفتة للنظر وقد يفسرها إما الاتصال والتواصل بين بعض هؤلاء التنويريين وبعض الجهات الرسمية الأميركية من سفارات أو مؤسسات تلبس لباس المجتمع المدني أو الدافع الشخصي العدائي من بعض اليساريين التقدميين. وبسبب هذا المفهوم المغلوط -إما تعمداً أو جهلاً- عن الإشتراكية خطر ببالي أن أسميها بإشتراكية التنويريين!

الخط التنويري العقلاني هو خط محدود ومرفوض اجتماعياً بسبب اصطدامه مع موروث المجتمع بطريقة غير علمية وبالتأكيد هو لا يطرح مشروعاً نهضوياً يرتقي بالمجتمع لأنه يستهدف البنيان الثقافي للمجتمع ذي التنوع في المستويات المعرفية والعلمية وبالتالي لن يكون إلا (شلة نخبوية) تجتمع فيما بينها وتنظّر بشكل مقلوب وتقيم فعاليات تكرر ما تم طرحه في فعاليات سابقة (لتُسعد) منتسبي هذا الخط وبعيداً عن المشاكل الحقيقية التي تواجه المجتمع.

--------------------------------------

*عضو التيار التقدمي الكويتي.

"المكارثية"، مصطلح يعني هستيريا الكراهية وتوزيع التهم الملفقة والوقائع المزوّرة واغتيال الخصوم السياسيين معنوياً من خلال الطعن في انتمائهم الوطني واتهامهم بالخيانة لمجرد الاختلاف في وجهات النظر.بدأت "المكارثية" في أميركا (نسبة إلى السيناتور الجمهوري جوزيف مكارثي) بداية خمسينيات القرن الماضي أثناء الحرب الباردة بين أميركا والاتحاد السوفياتي (اعتذرت أميركا لاحقاً عنها باعتبارها حقبة سوداء في تاريخها) حيث ادّعى السيناتور "مكارثي" زوراً وبهتاناً أن هناك مناصب في الحكومة يشغلها أشخاص لديهم أفكار أو آراء أو ميول أو توجهات أو نزعات "شيوعية" معادية لأميركا، فقامت آنذاك أجهزة الأمن المختلفة وعلى نطاق واسع بعمليات مداهمة وتفتيش الجامعات ومراكز البحوث والمدارس وملاحقة سياسيين وأساتذة جامعات وعاملين بالمجتمع المدني وحقوق الإنسان وعلماء وإعلاميين وفنانين ومثقفين وشعراء وأدباء ومطربين وأي شخص يشبته فيه، مجرد اشتباه، أنه متعاطف مع الاتحاد السوفياتي فضلاً عن عزل عدد كبير من الموظفين بتهم ملفقة وتعسف وانتقائية مقرفة للغاية في تطبيق القانون.ومن أسف أن "المكارثية" التي أدانها العالم كافة تبناها بشكلها الجديد مجلس "الصوت الواحد"، الذي أبطلته المحكمة الدستورية في يونيو الماضي، من خلال توصياته المشؤومة التي تم تداولها بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن عرضها الزميل د. فواز الجدعي في حسابه على "تويتر".قد يقول قائل إنها مجرد توصيات عامة غير ملزمة صدرت من مجلس أبطلته المحكمة الدستورية، وهو قول صحيح لو أنها توصيات عادية تتعلق بقضايا قانونية ودستورية، لكن المشكلة أنها توصيات مخالفة بشكل صارخ وفج للدستور والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وكان يتعين على الحكومة أن تقوم مباشرة بإعلان موقفها الرافض لها وليس تبنيها والطلب من الوزير المختص التنسيق مع جهات الاختصاص، حيث إن مجلس الوزراء، وحسب نص الخطاب المتداول "أصدر قراره رقم (549/ خامساً) بإحالة الموضوع إلى وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة للتنسيق مع الجهات المعنية"!ثم بعد ذلك بشهور عدة قام الوزير المختص (د. رولا دشتي)، كما هو واضح من نص الخطاب المتداول، بإحالتها إلى الجهات المعنية "للدراسة وإبداء الرأي واتخاذ ما ترونه مناسبا من إجراءات في هذا الشأن"!...(انتهى).ولو لم تكن الحكومة موافقة على توصيات "المكارثية الجديدة" لكان بإمكان وزير التنمية ووزير الدولة لشؤون مجلس الأمة د. رولا دشتي أثناء مقابلة تلفزيون "الراي" الإعلان عن رفض الحكومة المبدئي لها لمخالفتها للدستور، لكنها لم تفعل ذلك بل حاولت التذاكي مدعية أنه إجراء عادي يحصل دائماً في ما يتعلق بتوصيات مجلس الأمة، ثم ألقت باللوم على المواطنين الذين عبروا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي عن استيائهم واستهجانهم لموافقة الحكومة على توصيات "المكارثية الجديدة"! ليس ذلك فحسب بل استخدمت الوزيرة أثناء المقابلة التلفزيونية كلمة التحدى في غير محلها، وقدمت للرأي العام معلومات غير دقيقة وبالذات عندما أجابت عن السؤال المتعلق بالضرائب، حيث قالت "ليس هناك ضرائب على المواطنين وأتحدى واحد يجيبلي كلمة ببرنامج الحكومة أنها ستفرض ضرائب"، على الرغم من أن برنامج عمل الحكومة عندما يتحدث عن "تعزيز الإيرادات العامة" ينص صراحة على "وضع نظام ضريبي متطور على مراحل زمنية مناسبة"!كما تطرق البرنامج أيضاً إلى نية الحكومة "تطبيق ضريبة القيمة المضافة"، وهي ضريبة غير مباشرة، فلماذا تتحدى الوزيرة وعلى أي أساس؟!أضف إلى ذلك أنها ذكرت أثناء المقابلة أنه "غير صحيح أن رئيس مجلس الوزراء قد صرح بأن دولة الرفاه لن تستمر"، بينما نجد أن رئيس الوزراء قد قال في كلمته التي جاءت في البرنامج ما يلي "إن الحقيقة الماثلة أمامنا والتي ينبغي على الجميع إدراكها من أجل تداركها وإصلاحها وتغييرها هي أن دولة الرفاه الحالية التي تعود عليها الكويتيون غير قابلة للاستمرار"!... (الجريدة 28 أكتوبر 2013).

د. بدر الديحاني

______________________________________________

منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 04/11/2013

اخبار محلية

وليد الرجيب: نعي دولة الرفاه.

نعت الحكومة الكويتية إلى شعبها «دولة الرفاه»، من خلال برنامج عملها وعلى لسان رئيسها سمو الشيخ جابر المبارك الصباح، هذا البرنامج انطوى على كثير من السلبيات التي تمسّ معيشة المواطن، وبالأخص الطبقة العاملة والفئات المحدودة الدخل والمهمشة.كان أبناء الشعب يأملون - لكن دون أوهام -، بأن الحكومة ومن خلال تصريحاتها المتكررة ووعودها ستعود إلى نهج بناء الدولة الديموقراطية الحديثة، وإعادة الاعتبار للدستور وإن كان في حده الأدنى الحالي، وتطبيق مواده التي تحقق دولة المواطنة والقانون والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص.نقول دون أوهام لأن الشعب الكويتي اعتاد التصريحات الطنانة عن توجهات حكومية إصلاحية وخطط تنموية رُصدت لها مليارات الدنانير، ولم يعد يصدق أو يعتدّ بهكذا تصريحات بعد إخفاق الحكومات المتعاقبة بتنمية مستدامة يكون محورها الإنسان الكويتي.لقد كان مصدر فخرنا ككويتيين أننا كنا نعيش في دولة الرعاية الاجتماعية والرفاه، حيث كان المواطن سابقاً مركز اهتمام لتوجهات وسياسات الحكومة، لكن الحكومة فاجأتنا ببرنامج عملها الإنشائي الذي يحمل سياسات هجومية على المكتسبات الاجتماعية ورعاية الدولة لمواطنيها وتقديم الخدمات المتطورة تعليمياً وصحياً وإسكانياً وبرامج الدعم للسلع والخدمات في ظل إيرادات نفطية تفوق بأضعاف إيرادات ستينات وسبعينات القرن الماضي.وبالضد من ذلك تنحاز الحكومة وتوجهاتها إلى القطاع الخاص الريعي والطفيلي غير المنتج، من خلال الدعوة وتنفيذ سياسات الخصخصة رغم كل هذه الأموال، ورغم أن شعوب العالم أجمع رفضت مثل هذه السياسات التي تُحمّل أعباؤها على كواهل الطبقات العاملة والمهمشة والمحدودة الدخل، هذه السياسات التي رضخت لأوامر وتوصيات صندوق النقد الدولي وأفقرت الشعوب وزادت من نسب البطالة ونسب من يعيشون تحت خط الفقر، بينما ينعم قلة متنفذة فاسدة بأموال الشعوب حتى في البلدان ذات الثروات الهائلة، وهذا ما سيحصل للشعب الكويتي إن نفذت الحكومة برنامج عملها المعادي للتقدم والتنمية المستدامة.فبدلاً من أن تفرض ضريبة تصاعدية على الشركات والدخول الكبيرة، تضع ضمن برنامج عملها التوجه لفرض ضرائب القيمة المضافة و«تعديل نظام الرسوم والأسعار على السلع والخدمات العامة»، وهو ما يهدد بتخفيض بنود الإنفاق الاجتماعي وتحميل غالبية الشعب أعباء إضافية، دون المساس بمصالح أصحاب الدخول الكبيرة بل وإعفائهم من أي التزام ضريبي مستحق.وفي الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة من خلال برنامج عملها عن «الشراكة في المسؤولية لاستدامة الرفاه، وشراكة «سياسية» مع مختلف الأطياف السياسية الوطنية» يتكرس كل يوم نهج الملاحقة السياسية وتقديم الشخصيات ومئات الشباب من المعارضين إلى محاكمات بتهم ملفقة، وبدلاً من تطوير الديموقراطية باتجاه تحقيق النظام الديموقراطي الكامل وتطوير النظام الانتخابي بما يحقق أقصى قدر من العدالة، تستمر في نهج الانفراد بالسلطة والقرار، رغم أن الدستور أكد على أن الأمة مصدر السلطات جميعاً، فكيف تتحق الشراكة السياسية في ظل هكذا نهج وفي ظل انتقاص حقوق إنسانية لقطاع كبير من أبناء الكويتيين البدون؟وبدلاً من أن تنتقد الحكومة أداءها السابق الذي أدى إلى تدهور في جميع مناحي الحياة، تضع اللوم وتتهم المعارضة المطالِبة بالإصلاح السياسي والقضاء على الفساد، بأنها تهدد الأمن وزعزعة الاستقرار السياسي الذي يعيق عملية الإصلاح والتنمية للنهوض بالكويت، وهو ما ينفي ويتناقض مع الدعوة للشراكة السياسية مع الأطراف السياسية الوطنية ولا يؤدي بالتالي إلى نزع فتيل الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد منذ سنوات.هذا البرنامج الذي لا يتسق مع طموحات الشعب الكويتي بل مخيّب لآماله، يعكس فشلا في الإدارة السياسية وعجزا حكوميا عن حل المشكلات الرئيسية التي تعانيها الغالبية الساحقة من المواطنين، كما يحمل البرنامج في طياته إنحيازاً طبقياً للفئات المتنفذة والفاسدة، مما ينذر بتهدور أكثر في الأوضاع السياسية والاجتماعية المعيشية لأبناء الشعب وبالأخص الفئات محدودة الدخل، وأزمات تجر أزمات لا نهائية.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

_____________________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 02/11/2013 العدد:12542

اخبار محلية

وليد الرجيب:أخلفت وعدك لي يا دكروب.

جمدت بمكاني ولم أستطع النطق بكلمة واحدة، ولم أعرف كم من الوقت مرّ علي عندما نقل لي أحد الأصدقاء بلهجته اللبنانية: «بعرف أنه خبر حزين الك لكن لازم أنقله»، توقف قليلاً ثم قال بنبرة حزينة: «مات محمد دكروب».كيف؟!! لقد وعدني في مكالمتنا الهاتفية الأخيرة عندما كان يرقد بالمستشفى وبطريقته الساخرة والمحببة: «ما تقلق.. ما الي نيّة أموت.. أنا بحب الحياة أكتر منك»، وقد كنت أعجب دائماً من ارادة الحياة لديه واصراره بأنه صاحب مشروع لا نهائي لم يكتمل، كان يريد أن يستغل كل ثانية في حياته لخدمة الفكر المستنير والثقافة التقدمية اليسارية، في الوقت الذي تعب فيه الآخرون ويأسوا فتوقفوا، لكنه لم يتوقف اطلاقاً بل كان يريد أن يُعطى له عمران فوق عمره لعله ينهي ما بدأه منذ أربعينيات القرن الماضي، ومرت بتلك اللحظات الطويلة في ذهني وأنا أتلقى هذا الخبر الصادم كل أحاديثنا الثقافية والأدبية والفكرية والسياسية، التي لم تكن تخلو من فكاهة وسخرية محببة على نفسه وعلى الآخرين، خاصة من الذين يتعاملون مع الأيديولوجيا كعقيدة جامدة ومقدسة، بينما يرى أن الحياة والأدب والفن والنضال ابداع متجدد لا يتوقف الا بتوقف حياة البشر على هذا الكوكب على حد تعبيره.هذا الرجل الاستثنائي الذي اضطر لترك المدرسة في الثالث الابتدائي ليساعد والده في بيع الفول، هذا السمكري الذي ثقّف نفسه بنفسه والتهم كل ما كانت تقع عليه يده من كتب ومجلات، وكان نادراً ما تجده يأتي الى موعدنا في شارع الحمرا ببيروت دون أن يحمل كتاباً أو مجلة فكرية أو مقالاً تحت ابطه، يعطيها لي قائلاً: «أنصحك بقراءة الموضوع الفلاني في الصفحة الفلانية، وتجد في السطر الفلاني كذا وكذا..»، كان يشعرني بأني تلميذ صغير بين يديه ويشعرني بأهميتي في الوقت نفسه من خلال اطلاعه على كل ما أكتب، هذا الكادح أصبح مفكراً عربياً لا يمكن تجاهله، ومناضلاً صلباً لم يتخلَّ عن فكره المنحاز للفقراء والعمال والكادحين، وأصبح من أبرز مثقفي عصره الذي كان يزخر بالعمالقة أمثال الشهيد حسين مروة ومحمود أمين العالم ومهدي عامل، وكل مثقفي ومفكري وأدباء العصر الذهبي من جميع البلدان.كان محباً للحياة ولفن السينما حيث كان يتردد كثيراً على دور السينما ببيروت كي يشاهد فيلماً، فهو لا يفضل شاشة أخرى سوى الشاشة السينمائية كما فهمت منه، وكانت ابتسامته لا تفارق محياه الطفولي، كان انساناً جميلاً وعميقاً أحبه جميع من جلس معه.قبل أن تعود مجلة الطريق للصدور قال لي بشيء يشبه البشارة:» الطريق ستعود الى مكتبة المثقف العربي ونريد منك أن تشارك في هذا المشروع من خلال الكتابة»، وكان يخامرني شك بأن الطريق العريقة التي يقرب عمرها من سبعين عاماً واحتضنت الحوارات الفكرية والأدبية في يوم من الأيام يمكن أن تعود، بل تحداني دكروب بأنه سيجمع للعدد الأول ألف اشتراك، ولكن ما حدث فاق ذلك، اذ للمرة الأولى في تاريخ المجلات الفكرية يطبع العدد الأول مرتين بسبب نفاد الطبعة الأولى، في عصر لم يعد فيه المثقف والانسان العادي يكترث بالمجلات الفكرية والأدبية المطبوعة.تاريخ الراحل محمد دكروب مزدحم بالانجازات وبالمساهمات في مجلات بلورت فكرة واتجاه الواقعية الاجتماعية مثل مجلة «الثقافة الوطنية» و«مجلة الطريق» مع شركاء غير عاديين مثل كريم مروه وحسين مروه وغيرهما، الذين وضعوا الواقعية الاجتماعية في موقعها السليم مع المفكرين المصريين محمود أمين العالم وعبد العظيم أنيس، وكتب محمد دكروب كتابات لا تنسى مثل «وجوه لا تموت في الثقافة العربية الحديثة» التي أصبح واحداً منها.وداعاً يا صديقي العزيز، وداعاً أيها الحكّاء المشوق والمنحاز أبداً للابداع أولاً، توقف عقلك الذي لم يكن يهدأ، رحلت شامخاً كما «السنديانة الحمراء» الضاربة بجذورها في أرض لبنان أرض المقاومة ومركز الثقافة الرفيعة والروح النضالية والمدرسة العربية التي كنت أحد أساتذتها.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

_____________________________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 30/10/2013 العدد:12539

اخبار محلية

هل نيأس ؟

د. حمد الأنصاري*

منذ فترة سابقة على صدور حكم المحكمة الدستورية في يونيو الماضي حول مرسوم الصوت الواحد والحراك يمر في حالة من الركود، حيث كان الشارع (المعارض) يتمنى أن يكون حكم الدستورية في صالحه بحيث يبطل المرسوم ويعود نظام الانتخابات كما كان خمسة دوائر بأربعة أصوات.

لن أدخل في تفاصيل ما حدث بعد أن جاء حكم الدستورية مخالفا لهوى المعارضة فالكل رأى تخلخل كتلة الأغلبية حيث خاض بعض نوابها الانتخابات (أم صوت) والآخر دعا للمشاركة بالتصويت للأصلح تحت شعار ( لا ياكلونّا ..... )!

ولكن الأهم بالنسبة لي هم الآلاف الذين خرجوا في مسيرات كرامة وطن و مسيرات المناطق وشاركوا في الاعتصامات والندوات وعرّضوا أنفسهم لخطر الضرب والاعتقال وغيره، هذه الجماهير العريضة غير المنتمية لأحزاب أو تنظيمات سياسية، هذه الجماهير التي كان همها أن يكون وطنها جميلاً خالياً من الفساد صُوِّر لها أن مشكلتنا هي صوت أو أربعة أصوات "كما صُوِّر لها من قبل أن رحيل رئيس الوزراء السابق هو الحل" فاعتقدت أن الحل سيكون قريباً، فكانت الصدمة شديدة بعد حكم الدستورية خصوصا عندما رأت برود الساسة ممن كانوا يتصدرون الحراك، بل وقبول بعضهم حكم الدستورية كأمر واقع يجبرهم على إنهاء المقاطعة.

نعم لقد بدأ اليأس يدبّ في نفوس هذه الجماهير، وبدأ البعض يحس أن حال البلد لن يُصلح أبداً، وأن الحديث عن محاربة الفساد واصلاح النظام الديمقراطي ما هو إلا قصة من قصص الخيال الجميلة التي دائما تكون نهايتها "وعاشوا في سبات ونبات وخلفوا صبيان وبنات" .

فهل نيأس ؟

هل نستسلم ؟

هل نرضى بالأمر الواقع ؟

في اعتقادي، إنّنا نحن الذين نصنع الواقع بأيدينا... واليأس كلمة يجب أن تُحذف من قاموس الشعوب، فاليأس لا يتوافق مع منطق الحياة، فما دمنا أحياء فلا وجود لليأس.

ولكن علينا أولاً أن نفهم ونستوعب ونوصل المعلومة لمن لم يستوعب ..

المشكلة ليست عدد أصوات أو عدد دوائر ... وبالتأكيد ليست مشكلة أشخاص يجب تغييرهم، والمشكلة للأمانة ....فينا وفيهم!

فمشكلتهم "السلطة" قلناها مراراً: رفضهم للديمقراطية وعدم احترامهم للدستور وتعطيلهم بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة.

أما مشكلتنا "الشعب"، فهي أننا لم نستطع حتى الآن أن نجتمع على رؤية أو مشروع واضح يرسم معالم الدولة التي نريد.

فإن كنا جادين بحراكنا علينا أولاً أن ننسى خلافاتنا و نجتمع حول مشروع يوحّد كلمتنا ومَنْ لا يقتنع بهذا المشروع الذي تتفق عليه غالبية القوى عليه أن يبتعد دون تجريح أو تخوين فلا مجاملة على حساب وطننا ومستقبل أبنائنا.

وإني على قناعة تامة أنّ الإصلاح قادم لا محالة...وأنّ الشعوب ليس لها إلا أن تنتصر... وأنّ الفساد لا بد وأن يقهر، وليُكسر قلمي وتُشلَّ يدي إن تبدلت هذه القناعة!

-------------------------------

* عضو التيار التقدمي الكويتي.

اطلعنا في التيار التقدمي الكويتي على برنامج عمل الحكومة للأعوام 2013/2014- 2016/2017، حيث لمسنا أنّه في معظم بنوده برنامج إنشائي يحوي تناقضات عديدة وينطوي على توجهات سلبية واضحة، ومن بين ذلك:

1- ما يدعيه البرنامج من شعارات لفظية من شاكلة "شراكة في المسؤولية لاستدامة الرفاه" و"شراكة سياسية مع مختلف الأطياف السياسية الوطنية" في الوقت الذي يتكرّس فيه على أرض الواقع نهج الانفراد بالسلطة والقرار.

2- على خلاف الحقيقة والواقع يتهم برنامج عمل الحكومة المعارضة بتعطيل التنمية ويرى أنها تشكل تحدياً أمنياً يتمثّل في "محاولة البعض زعزعة الاستقرار السياسي على الصعيد المحلي الذي من شأنه أن يعيق عملية الإصلاح والتنمية للنهوض بالكويت".

3- يتحدث البرنامج حيناً عن "الشراكة الكاملة بين القطاعين العام والخاص" فيما يدعو على النقيض من ذلك في مواضع أخرى إلى ريادة القطاع العام للتنمية وهو ما يتجاوز الشراكة أو التعاون العادل بين القطاعين، مثلما ينص الدستور على ذلك، إلى سطوة القطاع الخاص على القطاع العام وهيمنته عليه واستباحته من خلال الخصخصة.

4- يدعو البرنامج الحكومي إلى "إعادة نظر جذرية في السياسات العامة للرعاية والدعم" كما يطرح ما يسميه "ترشيد وتطوير برامج الدعم للسلع والخدمات" ما يهدد مستوى المعيشة العام للفئات الشعبية متدنية الدخل، وبدلاً من التوجه إلى وضع قانون للضريبة التصاعدية على الدخول الكبيرة يتحدث برنامج الحكومة عن "ترشيد الإنفاق العام" و"تعديل نظام الرسوم والأسعار على السلع والخدمات العامة" و"تطبيق ضريبة القيمة المضافة" ما يهدد بتخفيض بنود الإنفاق الاجتماعي الضرورية وتحميل الغالبية الساحقة مزيداً من الأعباء، مع إعفاء أصحاب الدخول الكبيرة من أي التزام ضريبي جدي.

5- يخلو برنامج عمل الحكومة من أي توجّه واضح لمعالجة قضية الكويتيين البدون، ما يعكس عدم جدية الحكومة في العمل على حلّ هذه القضية ومعالجتها على أسس إنسانية ووطنية.

6- من بين ما يثير الاستغراب أنّ برنامج عمل الحكومة لا يشير من قريب أو بعيد إلى القطاع النفطي، الذي هو عماد الاقتصاد الوطني.

7- يطرح برنامج عمل الحكومة أرقام مستهدفة للانجاز في مجالات السكن والخدمات والفرص التعليمية والوظيفية ولكن يلاحظ أنها أدنى من ما يمكن أن تصل إليه طلبات السكن واحتياجات الخدمات وزيادة أعداد الطلبة وأعداد المتجهين إلى سوق العمل خلال الفترة ذاتها، ما يعني بقاء هذه المشكلات على ما هي عليه، إن لم يكن تفاقمها أكثر فأكثر.

***

وهكذا تثبت السلطة مجدداً عدم قدرتها على إدارة البلاد على نحو سليم وعجزها عن حلّ المشكلات الرئيسية التي يعاني منها الغالبية الساحقة من المواطنين، بالإضافة إلى عدم جدية ادعاءاتها حول الإصلاح والتنمية، ناهيك عن انحيازها الطبقي الصارخ في سياساتها الاقتصادية وتوجهاتها الاقتصادية الاجتماعية نحو مصالح الطبقات المتنفذة وذلك على حساب الطبقة العاملة والفئات الشعبية متدنية الدخل بعيداً عن مبادئ المساواة والعدالة الاجتماعية.

الكويت في 28 أكتوبر 2013

اخبار محلية

وليد الرجيب: عبث في مصائر الشعوب.

لمجرد محاولات الجمهوريين ليّ ذراع الرئيس أوباما وادارته، فقد تم رفض رفع سقف الدين من قبل الجمهوريين في الولايات المتحدة، قبل تعليق السقف المحدد سابقاً للاستدانة حتى السابع من فبراير المقبل، ولتفادي تخطي السقف المحدد سابقاً عند 16700 مليار دولار، لجأت الخزانة الأميركية الى تدابير استثنائية من بينها التوقف عن اعادة الاستثمار في بعض الصناديق المالية، ويتعين على الجمهورييين والديموقراطيين التوصل الى اتفاق حيال هذا السقف وعلى ميزانية للعام 2014 لتمويل الحكومة وتفادي شلل جزئي جديد لمؤسسات الحكومة شبيه بذلك الذي انتهى بعد 16 يوماً من الشلل الحكومي.وقد تجاوز مستوى الدين العام في الولايات المتحدة السقف القانوني السابق الذي وافق الكونغرس على تعليقه الاربعاء 16 أكتوبر الجاري، عقب أزمة سياسية كبيرة، وفق بيانات عامة نشرتها وزارة الخزانة الأميركية، وأوردت آخر حصيلة أوردها موقع الوزارة أن الدين المتراكم لدى الدولة الفيديرالية الأميركية بلغ الخميس 17 أكتوبر 17027 مليار دولار في وقت كان السقف القانوني للدين محدداً عند ما يقارب 16700 مليار دولار («الراي» 20 أكتوبر).وقد انتشرت في الآونة الأخيرة أفلام وثائقية تشرح هذه الأزمة بتبسيط، ويظهر أحد هذه الأفلام ديون أميركا البالغة 16 ترليون دولار، لو كانت مصفوفة كأوراق عملة من فئة المئة دولار، فانه يمكن بناء مجموعة من ناطحات السماء أعلى بكثير من تمثال الحرية.وبحسبة سريعة يقول أحد الأكاديميين في علم الرياضيات بجامعة الكويت:» اذا كان لديك ترليون دولار واحد فقط من فئة المئة دولار، وقمت بصرف مئة دولار بالثانية الواحدة باستمرار ومن دون توقف، ستكون قد استنفدت المبلغ بعد 317 سنة»، وفي مقارنة لأحد الاقتصاديين البحرينيين يقول: «ما تملكه الصين من سندات الخزانة الأميركية 1.277 ترليون دولار واليابان 1.135 ترليون، والمراكز المصرفية لحوض الكاريبي (البهاما، جزر فرجينا البريطانية) 0.288 ترليون، وروسيا 0.132 ترليون دولار، وكل هذا أقل من ربع الدين الأميركي البالغ 16 ترليون، كما ذكر بعض الاقتصاديين أن ميزانية الولايات المتحدة تبلغ 14.5 ترليون دولار، وهي تعادل ميزانيات الدول العربية مجتمعة مضروبة بسبعة.فلنتخيل لو تم الاصرار على رفض رفع سقف الدين من قبل الجمهوريين، ما يمكن أن يحدثه ذلك من كوارث اقتصادية غير مسبوقة، سيتأثر بها العالم أجمع بما فيها دولنا الخليجية، وهو يعني بأن الحزبين اللذين يمثلان الطبقة المسيطرة في أميركا العظمى من ديموقراطيين وجمهوريين غير متوافقين على ادارة الدولة، والأمر لا يتعدى العبث بحياة ومستقبل شعبهم الأميركي ومصائر شعوب العالم، فالمهم هو الانتصار في المعركة السياسية، وهو أمر شبيه بما حدث في الدول الرأسمالية قبيل الحربين العالميتين من أزمات اقتصادية كبيرة.فالجمهوريون غير موافقين على برنامج أوباما للرعاية الصحية والذي يسمونه «أوباما كير»، بل يريدون المزيد من الأرباح لشركات التأمين الصحي الخاصة على حساب صحة وحياة ملايين الأميركيين.ان 16 ترليون دولار مبلغ هائل يمكن أن ينقذ كثيرا من الشعوب من المجاعات والفقر، فنصف قائمة العشرين الأوائل كأغنى أغنياء العالم هم عشرة أشخاص أميركيين، يملكون لوحدهم 375 مليار دولار وهي ثروة تفوق ثروات تسع دول عربية هي السودان وسورية وتونس ولبنان واليمن والأردن والبحرين وموريتانيا وجيبوتي، فيا له من نظام رأسمالي متوحش.وليد الرجيب

osbohatw@gmail.com

___________________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ ٢٦/١٠/٢٠١٣ العدد:١٢٥٣٥

اخبار محلية

كتلة تاريخية.

بقلم: د.فواز فرحان*

لم أكن أنوي التحدث بتفصيل عن موضوع الكتلة التاريخية بعد حملة (الهاشتاق) التي انتشرت انتشاراً لم أكن أتوقعه لولا أن إحدى الصحف تطرقت له وذكرت إسمي تحديداً كأحد دعاة تشكيلها وكذلك بسبب مناقشة هذا الموضوع بين أعضاء التيار التقدمي الكويتي ووجود وجهات نظر متباينة في هذه النقاش.

قبل أسبوع تقريباً كتبت عدة تغريدات عن طبيعة الصراعات الرئيسية تاريخياً وكيف أنها ذات طبيعة طبقية وأن التغيير تقوده طليعة سياسية واعية لهذه الطبيعة، وكتبت في هذا السياق عن وجود مراحل تاريخية معينة يضعف فيها هذا الصراع الطبقي وتصطف القوى السياسية والاجتماعية بمختلف طبقاتها وفئاتها وراء هدف موحد يتمحور حول (التخلص من التسلط) وذلك من خلال تشكيل (كتلة تاريخية) وضربت أمثلة معينة مثل مرحلة التحرر من الاستعمار ومرحلة التطور السياسي الكبير والمتمثل بإنشاء الدول الحديثة وبناء أنظمتها، واتصل بي أحد الأصدقاء واستأذنني بنسخ التغريدة التي ذكرت الكتلة التاريخية كنوع من إعادة روح الحماس للناشطين في الحراك الشعبي الكويتي فوافقت مباشرةً لأنني لم أكن أتوقع بأنها ستنتشر انتشاراً كبيراً وأنها ستفهم بطريقة مغايرة للتعريف العلمي والتاريخي للكتلة التاريخية.

أول مَنْ أبرز مصطلح (الكتلة التاريخية) هو المفكر الماركسي الإيطالي أنطونيو غرامشي وذلك في ظل وضع سياسي واجتماعي معين في إيطاليا خلال الثلث الأول من القرن العشرين كان يتمثل في تغوّل وحش (الفاشية) الذي بدأ في نهش جسد المجتمع الإيطالي وتمزيقه عنصرياً وفئوياً وأصبح مع (النازية) خطراً يتهدد العالم، حيث ذكر غرامشي أنه يجب على مختلف التيارات السياسية والأحزاب المنظمة المختلفة فكرياً فيما بينها ومؤسسات المجتمع المدني المختلفة والنقابات (التي تمثل مصالح البرجوازية والتي تمثل مصالح العمال) والجمعيات المهنية والطبقات (البرجوازية والعاملة) ومختلف الفئات الاجتماعية والشعبية والمثقفين والمجاميع الاقتصادية الاصطفاف ضمن (كتلة تاريخية) لمواجهة هذا الوحش الفاشي التسلطي وانتشال إيطاليا من الوحل الذي ستغوص في، ويبدو واضحاً مما سبق أن (الكتلة التاريخية) تتشكل من مختلف الأحزاب والطبقات والنقابات والفئات لمواجهة التسلط الذي سيجعل البلد ينهار والشعب يتضرر، وأن هذا المصطلح لا ينطبق على التحالفات والجبهات السياسية التي تتشكل في مراحل معينة بهدف السعي لترويج وتطبيق مشروع سياسي محدد، وكذلك لا يجوز تسطيح أو تبسيط مصطلح (الكتلة التاريخية) لسلق مشروع سياسي معين لأن ذلك سيسبب خللاً في التحليل وبالتالي خللاً في مستقبل هذا المشروع ناهيك عن عدم العلمية في وضع المصطلحات السياسية في موضعها الصحيح.

في الكويت هناك أزمة سياسية تتمثل في وجود (دستور الحد الأدنى) والذي يعتبر منقوص الديمقراطية والحرية واستخدام السلطة لهذا النقص لخدمة مشروعها الساعي لتقويض الهامش الديمقراطي وتحويل نظام الدولة إلى نظام مشيخي صرف على نسق أنظمة القرون الوسطى، وكل المشاكل التي نراها في قطاعات الدولة المختلفة ليست إلا مظاهر لهذه الأزمة السياسية، وتزداد هذه المشاكل عمقاً واستفحالاً بسبب ممارسات السلطة المختلفة لخدمة مشروعها. لقد بدأ الحراك الشعبي السابق كردة فعل احتجاجية على ممارسات السلطة المستفزة للشعب وحقق بعض النتائج الإيجابية ولكنه وصل إلى مرحلة الركود والسكون لأنه لم يكن يحمل مشروعاً محدداً لحل الأزمة السياسية الرئيسية في البلد... وظهرت في الفترة الممتدة على مدى شهرين سابقين مطالبات من بعض القوى السياسية المعارِضة والمجاميع الشبابية الناشطة في الحراك الشعبي وكذلك من بعض الأفراد المستقلين بإيجاد مشروع سياسي لحل الأزمة السياسية في البلد وأنه من المحبذ أن يكون مشروعاً تتوافق عليه المعارضة، وكان التيار التقدمي الكويتي سباقاً في ذلك من خلال وضعه لرؤية واضحة للإصلاح الديمقراطي في الكويت وكذلك تفاعل مع دعوة ائتلاف المعارضة للأطراف المشاركة فيه لتقديم مشاريعها تمهيداً لوضع مشروع موحد يعمل عليه بشكل منظم... وهنا نرجع إلى مصطلح (الكتلة التاريخية)؛ لا يمكن بأي شكل من الأشكال وصف أي اصطفاف سياسي بين مجموعة من التيارات السياسية وراء مشروع محدد بالكتلة التاريخية وذلك لسبب واضح وهو: عدم وجود اتفاق أو حتى توافق بين مختلف القوى السياسية ومختلف الطبقات الاجتماعية والفئات التي تشكل المجتمع ومختلف النقابات (الممثلة لمصالح مختلف الطبقات) والجمعيات المهنية ومؤسسات المجتمع المدني على تشخيص السبب الرئيسي لأزمتنا السياسية وعلى الحلول للخروج من هذه الأزمة، وأقرب وصف لأي اصطفاف ممكن أن يحدث هو: ائتلاف أو تحالف أو جبهة سياسية.

يجب أن أكون واضحاً بخصوص تشكيل ائتلاف أو تحالف أو جبهة سياسية تحمل مشروعاً موحداً في مرحلة الحراك السياسي الديمقراطي المنظم القادمة من ناحية الأطراف التي قد تشارك به؛ لا يمكن للتيارات الديمقراطية والتقدمية أن تشارك في مثل هذا المشروع الموحد مع أطراف لا تؤمن بالديمقراطية إيماناً حقيقياً وتستخدم الديمقراطية للوصول إلى مقاعد البرلمان لتمارس بعدها سياساتها الرجعية والإقصائية ضد من يخالفونها في الفكر والمنطلق، ولا يجب أن تضع التيارات الديمقراطية والتقدمية يدها بيد من يفصل مفهوم الحرية على مقاس قناعاته ليقمع حرية المخالفين له في المبدأ والفلسفة، سيسأل أحدهم: وكيف شاركتم مع المختلفين معكم في درجة الإيمان بالديمقراطية وفي مفهوم الحرية في الحراك الشعبي؟ وجوابي هو أن الحراك الشعبي السابق كان ردة فعل تجاه ممارسات سلطوية معينة ومن الطبيعي أن يكون لنا موقف تجاه هذه الممارسات بغض النظر عمّن يقف ضدها وهذا لا يعتبر تحالفاً أبدياً أو مشاركةً في مشروع موحد، فالخطأ لا يتحول إلى صواب بسبب نوعية مَنْ يقف ضده وكذلك كان الاصطفاف موزعاً بين مَنْ يستنكرون هذه الممارسات وبين مَنْ لا يعتقدون بأنها ممارسات مستنكرة، أما في مرحلة الحراك السياسي الديمقراطي المنظم القادمة فلابد أن يكون مَنْ تتحالف معه مؤمناً بمشروع الإصلاح السياسي بمختلف جوانبه إيماناً جدياً لا يتعارض وممارسات وخطاب هذا الذي تتحالف معه.

في النهاية سنظل نناضل في سبيل حرية وطننا وسعادة شعبنا مهما كثرت التحديات وازدادت التناقضات لأننا مؤمنين بحتمية التغيير وبحقيقة سير التاريخ إلى الأمام لا إلى الخلف، حتى وإن أبطأ سيره أو تعرّج خط مساره قليلاً.

----------------------------------------

*عضو التيار التقدمي الكويتي.

ينعى التيار التقدمي الكويتي المفكر و الكاتب التقدمي اللبناني الأستاذ محمد دكروب رئيس تحرير مجلة "الطريق".مع خالص العزاء لأسرته ورفاقه ومحبيه.24 أكتوبر 2013

شارك التيار التقدمي الكويتي في حفل تأبين القائد التقدمي البحريني علي دويغر الذي أقامه المنبر الديمقراطي التقدمي البحريني الثلاثاء 22/10/2013م في جمعية المهندسين البحرينية, حيث ألقى منسق عام التيار التقدمي الكويتي الزميل ضاري الرجيب الكلمة التالية:الرفاق والأصدقاء الأعزاءعندما نحيي مناسبة أربعينية فقيدنا المناضل التقدمي البحريني علي دويغر فإننا ندرك جيداً أننا نحيي ذكرى مناضل تقدمي خليجي كان له دوره الريادي البارز في وضع اللبنات الأولى لنضال التقدميين الخليجيين خلال عقود الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن العشرين... فقد كان للرفيق علي دويغر دوره التاريخي المشهود في تأسيس جبهة التحرير الوطني البحرانية في العام 1955، وهو الذي صاغ أول برنامج سياسي للحركة الوطنية والتقدمية في البحرين، "برنامج الحرية والاستقلال الوطني والديمقراطية والتقدم الاجتماعي والسلم" الذي صدر في العام 1962 عن جبهة التحرير الوطني البحرانية، بالإضافة إلى مساهمته الرئيسية في صياغة أول برنامج انتخابي برلماني لكتلة الشعب،التي حققت فوزاً في انتخابات المجلس الوطني في العام 1973، هذا ناهيك عما تعرّض له فقيدنا الراحل من اعتقال وملاحقة وسحن وتعذيب ونفي عن الوطن أثناء مسيرته النضالية.ونحن في الكويت، نذكر بفخر واعتزاز المساهمةالنضالية المقدّرة لفقيدنا الراحل علي دويغر في نشر الوعي الوطني في بلادنا عندما استقر فترة من الوقت في الكويت بداية الستينيات، وكانت له كتاباته الجريئة في الصحافة الكويتية، حيث تولى منصب مدير تحرير صحيفة "الهدف" الأسبوعية، إلى أن أبعدته السلطات الكويتية بعد بضعه أشهر.لقد قدم الرفيق الفقيد علي دويغر وغيره من الرواد الأوائل من المناضلين التقدميين في منطقتنا الكثير من الدروس والخبرات والتجارب للأجيال الجديدة التي لا تزال تواصل السير على دربهم وهي تحملبإصرار راية التقدم والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.الرفاق والأصدقاء الأعزاء​ننتهز فرصة مشاركتنا في إحياء أربعينية فقيدنا الراحل علي دويغر لنعبّر لكم عن تضامننا مع شعب البحرين وقواه الوطنية والتقدمية، ونتطلع معكم إلى ضرورة التوصل إلى حلّ سياسي شامل يخرج البحرين من حالة التأزم التي تعاني منها... حلّ سياسي يبدأ بإطلاق سراح معتقلي الرأي ويوقف المحاكمات الجائرة والاعتقالات والمداهمات والانتهاكات، ويعيد المفصولين من العمل إلى أعمالهم والطلبة المطرودين إلى مدارسهم... حلّ سياسي يقوم على احترام حقوق الإنسان، وتجريم كافة أشكال التمييز، وإطلاق الحريات العامة.وفي الختام...الذكرى الطيبة لفقيدنا الراحل المناضل علي دويغر... والتحية والتقدير له ولرفاقه من المناضلين التقدميين الأوائل في البحرين والكويت.

تداولت الصحف أمس خبر قرار لجنة فحص الطعون بقبول نظر المحكمة الدستورية في الطعن المقدم من وكيل نواب سابقين وقانونيين وشباب ناشطين، بدستورية المادة 25 من قانون أمن الدولة الداخلي حيث طعن هؤلاء بهذه المادة من القانون رقم 31 لسنة 1970م في شأن جرائم أمن الدولة التي تنص على أن: «يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز خمس سنوات كل من طعن علناً أو في مكان عام، أو في مكان يستطيع فيه سماعه ورؤيته من مكان عام عن طريق القول أو الصياح أو الكتابة أو الرسوم أو الصور أو أي وسيلة أخرى من وسائل التعبير عن الفكر، في حقوق الأمير وسلطته أو عاب الأمير، أو تطاول على مسند الامارة».ويرى العديد من المهتمين في الشأن السياسي أن هذه المادة هي للترهيب وملاحقة السلطة لخصومها السياسيين، وأداة لممارسة الانتقائية والازدواجية في التطبيق نظراً للصياغة الفضفاضة لهذه المادة، كما رأى القانونيون أن نص المادة المطعون بها يتعارض مع المادة 32 من الدستور الكويتي، وأشار النائب السابق جمعان الحربش إلى «أن النقد يوجه للأعمال لا الأشخاص، فسلطات الأمير تتعلق بالسلطة التنفيذية والتي هي محل نقد ومحاسبة واعتراض في أبسط قواعد أي نظام سياسي يحترم حق التعبير»، كما أجمع كثير من الشباب على أن هذا القانون جرى إقراره في ظل ظروف غير ديموقراطية حيث أقر بمجلس 1967 المزوّر، وان عبارة «حقوق الأمير» لا أصل دستوريا لها فما ورد بالدستور عبارة «صلاحيات الأمير»، والدستور نفسه يجيز تعديل هذه الصلاحيات من خلال غالبية برلمانية.وقد جرى استخدام هذ المادة في توجيه الاتهامات الى شباب الحراك الشعبي والشخصيات السياسية المعارضة للسلطة، وتم اعتقال مئات من المشاركين في التجمعات وتقديمهم للمحاكمات بتهم ملفقة من أمن الدولة، اضافة الى تهم الطعن بحقوق الأمير وسلطته، والعيب في الذات الأميرية والتطاول على مسند الامارة.وفي الواقع أن القانون 31 لسنة 1970 بأكمله وليس فقط المادة 25 منه، قانون معيب في دولة ديموقراطية، بل يعتبر قمعياً ومناقضاً لمواد الدستور الكويتي، فمن بين مواد هذا القانون المادة 15 ذات التعابير والمصطلحات الفضفاضة، وكذلك المادة 29 حيث «تعاقب المادة بالحبس مدة لا تتجاوز عشر سنوات كل من دعا الى اعتناق مذاهب ترمي الى هدم النظم الأساسية في الكويت بطرق غير مشروعة، أو الى الانقضاض بالقوة على النظام الاجتماعي أو الاقتصادي القائم في الكويت»، ولم تضع المادة تعريفات محددة للمقصود بالنظم الأساسية في الكويت، أو النظام الاجتماعي والاقتصادي القائم، وهذا يعني امكانية استغلال هذه المادة لتجريم أي توجه فكري أو حتى أي نظرية اجتماعية أو اقتصادية، وملاحقة من يحمل هذا التوجه الفكري بوصفه مجرم خطر على أمن الدولة، وفي القانون كذلك مادة معيبة أخرى هي المادة 30 التي «تحظر الجمعيات أو الجماعات أو الهيئات التي يكون غرضها العمل على نشر مبادئ ترمي الى هدم النظم الأساسية بطرق غير مشروعة»، وأيضاً المادة 34 المقيدة لحرية الاجتماعات العامة.وفي ظل هذا التوجه والنهج لن يكون هناك أفق لنزع فتيل الأزمة السياسية العميقة التي نمر بها منذ بضع سنوات، كما يعني استمرار نهج الملاحقات السياسية والتحول من دولة ديموقراطية الى دولة بوليسية قمعية، وهو ما يتعارض مع روح العصر والقوانين الدولية ونصوص الدستور.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

____________________________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 23/10/2013 العدد:12532

حتى في الدول الرأسمالية الكبرى حيث اقتصاد السوق الحر والمفتوح، وحيث التطور الملحوظ في الوعي الاستهلاكي للناس بشكل عام فإن هناك هيئات مستقلة للرقابة على جودة خدمات التعليم والصحة والاتصالات التي يقدمها القطاع الخاص، بحيث يتم منع الاحتكار أو زيادة الأسعار من دون أن يقابلها جودة في الخدمة أو السلعة، كما يمنع تلويث البيئة أو تقديم ما يلحق الضرر بصحة الناس بأي طريقة كانت.أما لدينا فهناك غياب تام لهيئات رقابية مستقلة تضع ضوابط وتحدد معايير معينة لجودة الخدمات والسلع التي يقدمها القطاع الخاص!لهذا نجد شركات الاتصالات (الهواتف المتنقلة) والمستشفيات والعيادات الخاصة وأيضا الجامعات والمدارس الخاصة تتنافس كل مجموعة منها على حدة، وفيما بينها، لكسب زبائن جدد ومضاعفة الأرباح دون دفع ضرائب للدولة بينما لا يعرف الزبائن، في المقابل، أي معلومات رسمية معتمدة عن جودة الخدمات أو السلع التي تقدمها وعلاقة ذلك بأسعارها.لقد سبق أن كتبنا في هذه الزاوية عن أن غياب الرقابة الفعّالة على خدمتي التعليم والصحة في القطاع الخاص قد يترتب عليه تحوّل بعض الجامعات والمستشفيات الخاصة إلى "سوبر ماركت" يبيع شهادات ورقية مضروبة، ويقدم خدمات صحية غاية في السوء وبأسعار مبالغ فيها.ونذكر هنا، على سبيل المثال لا الحصر، الشكوى المستمرة من قبل المرضى من غلاء أسعار الأدوية في السوق المحلي مقارنة مع مثيلاتها في دول مجلس التعاون الخليجي، فهل سبب ذلك احتكار سوق الأدوية من بعض المتنفذين؟ وهل لمسؤولي وزارة الصحة سواء كانوا السابقين أو الحاليين علاقة بملكية شركات الأدوية؟! والسؤال ذاته يوجه أيضا إلى مسؤولي وزارة التربية والتعليم العالي السابقين والحاليين في ما يتعلق بملكية الجامعات والمدارس الخاصة.أما بالنسبة إلى شركات الاتصالات "الهواتف النقالة" فإن عدم وجود هيئة رقابية مستقلة للاتصالات جعلها تسرح وتمرح في السوق المحلي وتحقق أرباحا خيالية في الوقت الذي لا تدفع فيه ضرائب على الأرباح كي تفيد الخزينة العامة للدولة.إن مقارنة سريعة لأسعار وخدمات شركات اتصالات عالمية كشركتي "فودا فون Vodafone" و"أو تو O2" في بريطانيا على سبيل المثال مع شركات الاتصالات المحلية ستبين غلاء الأسعار الذي لا يتناسب مع جودة الخدمات التي تقدمها للزبائن وهو ما جعلها تحقق أرباحاً ضخمة سواء الآن أو في السابق عندما كانت شركة واحدة فقط تحتكر تقديم الخدمة لمدة زادت على العقدين، ناهيكم بالطبع عن الأَضرار البيئية التي تسببها أبراج الاتصالات وتأثيرها السلبي في صحة الإنسان.

_________________________________________________

منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 14/10/2013

في ظني أن قوى الإسلام السياسي المتشدد تعاني من مأزق داخلي وآخر خارجي، ولذا فهي تهرب إلى أمام عن طريق تكتيك الهجوم أو استخدام الإرهاب الفكري أو الفعلي كما يحدث في مصر، فما حدث خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة من أحداث على الساحة، مثل المطالبة بإغلاق المقاهي المرخصة قانونياً في الجهراء بحجة أنها تنشر الرذيلة والفساد الأخلاقي، والتهديد بإغلاقها بالقوة رغم أن ذلك من مهام وزارة الداخلية، والأهم أن هذا التشدد جاء من أعضاء «جمعية الإصلاح الاجتماعي» في الجهراء التي تصف نفسها بالدعوية، وأيضاً ما حدث أخيراً في مجلس الأمة من إحياء المطالبة بتنقيح المادة 79 من الدستور بحيث تصدر القوانين بما لا يتعارض مع الشريعة أو بما يوافق الشريعة رغم أن صاحب السمو الأمير قد رد مقترح التنقيح عندما طرح في المرة الأولى، هذان مثالان من أمثلة الهجوم على المجتمع وإعلاء الصوت لتخفيف أزمة التراجع.لكن الحدث الجديد واللافت هو أن صديقاً حكى لي مستغرباً بأنه ذهب لصلاة الجمعة 18 أكتوبر الجاري في مسجد «عمير بن أبي وقاص» في منطقة الرقة قطعة 2 وسمع خطيب المسجد يدعو على اليساريين والعلمانيين بقوله «اللهم عليك باليساريين والعلمانيين»، ثم أراني تغريدات عدة في «تويتر» تقول إن ذلك الأمر تكرر في مساجد أخرى بالكويت، والغريب بالأمر أنه في الجمعة ذاتها تم شتم اليساريين والسيسي، بدعاء الخطباء «اللهم أهلك السيسي واليساريين»، ولا يعنينا هنا ما يحدث خارج الكويت لكننا نتساءل إضافة إلى أنه تعبير عن أزمة هل يتم ذلك بتوجيه حكومي من وزارة الأوقاف؟ وإن كان الأمر كذلك فما الهدف من هذا الهجوم؟ وما الذي اقترفه اليساريون والعلمانيون؟ هل دعوا إلى قتل الآخرين كما يفعل المتشددون الإسلاميون؟ أو قاموا بأعمال إرهابية مثل عمليات تفجير المسلمين الأبرياء في البلدان الإسلامية؟فإذا كنا سابقاً نرفض دعاء خطباء المساجد على أهل الكتاب، مثل «اللهم أهلك اليهود والنصارى»، فكيف يمكن أن نرضى على شتيمة والدعاء على أشخاص سواء كانوا مواطنين أم غير مواطنين لمجرد الخلاف الفكري، فهل يصح على سبيل المثال أن ندعو على السلفيين أو الإخوان أو القوميين؟ أم سيعتبرون الدعاء على الأحزاب السياسية والاتجاهات الفكرية للإسلام السياسي هو ضد الإسلام ذاته؟بينما الدين الحنيف والسنة النبوية الشريفة واضحة في أحكامها حول الدعاء على أهل الكتاب وعلى المسلمين والكفار أيضاً، إذ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «المسلم ليس باللعان ولا بالطعان ولا بالفاحش البذيء»، ويقول وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بالسعودية الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ: «إن الدعاء في صلاة الجمعة في المساجد على أهل الكتاب من النصارى واليهود عامة، هو من الاعتداء المنهي عنه ولا يجوز، وأكد وجوب البر بأهل الكتاب والدعاء لهم بالهداية للتوحيد والإسلام»، إذ لا يجوز الدعاء إلا على الظالمين وإن كانوا مسلمين كما يُجمع الفقهاء.ولو كانت هذه حادثة معزولة في مسجد معين بعيد عن رقابة الحكومة والدولة، لكان الأمر مفهوماً في حدوده، ولكن أن يتكرر في مساجد عدة وبخطبة الجمعة نفسها هو ما يجعلنا نتساءل إن كانت هذه سياسة أو حملة جديدة ضد تيارات بعينها في المجتمع وضد فئة تحمل فكراً معيناً وهو أمر غير محظور شرعاً وقانوناً ودستورياً، أي حرية الفكر والاعتقاد.إن مثل هذه التصرفات قد تثير فتنةً وكراهيةً وعداءً بين الناس، خصوصاً أن منابر المساجد هي مصادر تثقيف ديني، ويتأثر الكثير من المصلين البسطاء بما يقال على المنابر في صلاة الجمعة.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com______________________________منقول عن جريدة الراي تاريخ ٢١/١٠/٢٠١٣ العدد: ١٢٥٣٠

اخبار محلية

السلطة تفتت المجتمع.

بقلم: د.فواز فرحان*

كل مجتمع مقسم أفقياً إلى طبقات اجتماعية بحسب موقع هذه الطبقات من وسائل الإنتاج؛ تملك أو لا تملك. ولتقريب الصورة أكثر لنتخيل المجتمع كساندويش الهمبرغر المكون من عدة طبقات؛ الطبقات العليا هي المسيطرة على المجتمع وتستغل الطبقات التي تحتها بهدف تمكين سلطتها وزيادة أرباحها. والصراع الرئيسي في أي مجتمع تاريخياً وحالياً هو صراع طبقي يتمثل بسعي الطبقات المستغَلة لتغيير الواقع المفروض عليها من قبل الطبقات المستغِلة، ولا يحتدم هذا الصراع إلا عندما يصبح هذا الواقع الممثل بالنظام السياسي والدستور والقوانين والأعراف عائقاً أمام نمو هذه الطبقات المستغَلة وتطورها وطموحاتها وأهدافها.

والكويت ليست استثناءً من هذه القاعدة، فالحلف الطبقي المسيطر الذي تمثل السلطة أحد أطرافه يهيمن على المجتمع ويستغل الطبقات الأخرى لتستمر سيطرته ولتزيد أرباحه ومكاسبه المادية، وهذا الحلف الطبقي وعلى رأسه السلطة يسعى بكل الوسائل والأساليب لكي لا يحتدم الصراع معه بسبب نضوج الطبقات التي تحته. لذلك لجأت السلطة في الكويت إلى قانون الانتخابات ذي الصوت الواحد المجزوء الذي لا يعطي مجالاً إلا لاختيار مرشح واحد وبالتالي اختيار ١٠٪ فقط من النواب الممثلين للدائرة الانتخابية وذلك لقطع الطريق أمام تكوين كتلة برلمانية معارضة تتصدى للممارسات السلطوية العابثة بدستور الحد الأدنى وبالهامش الديمقراطي الذي تتحرك فيه القوى الحية في المجتمع، ويبدو أنها كسبت هذه المعركة من خلال إضفاء الصفة الدستورية على هذا القانون من خلال حكم المحكمة الدستورية الشهير، ولكن السلطة اكتشفت كذلك أن هذا القانون لا يلبي هذا الهدف فحسب؛ بل يؤدي إلى إنهاء العمل السياسي المنظم ذي الطبيعة الجماعية وبالتالي تأجيل نضوج الحركات السياسية وتأجيل احتدام الصراع معها في سبيل استكمال النظام الديمقراطي البرلماني. والسلطة لم تتوقف عند هذا الحد، بل هي مستمرة في عملها المنظم الحثيث لهدم كل ما قد يؤدي إلى نضوج الحركات السياسية من خلال تعميمها لنظام التصويت لمرشح واحد في النقابات المهنية وجمعيات النفع العام والجمعيات التعاونية!

الحراك الشعبي السابق لم يعد قادراً على التصدي لما تقوم به السلطة من ممارسات لعرقلة تطور البلد ديمقراطياً لأسباب كثيرة من أهمها: الطبيعة الاحتجاجية لهذا الحراك والتي تتسم بالمد والجزر بحسب القضايا الآنية التي تظهر على الساحة، وجود الكثير من الأمراض الاجتماعية في صفوف الناشطين في هذا الحراك مثل الفئوية والطائفية والقبلية، سيطرة السلطة على كل مفاصل الدولة وبالتالي تسخيرها لخدمة مشروعها ولضرب هذا الحراك، وجود العناصر الانتهازية في الحراك والتي تستغله لأهدافها الخاصة الضيقة، عدم وجود مشروع واضح ومحدد تتوافق عليه الأطراف الناشطة في الحراك وبالتالي انتشار روح اليأس بين صفوفها. يجب أن تستوعب الأطراف المعارضة الناشطة (الصادقة) في الحراك الشعبي أن الإصلاح والتغيير من خلال ما تعتمده السلطة من أعراف وقوانين لم يعد ممكناً وأن عليها المطالبة بتغيير هذا الوضع من خلال تبنيها لمشروع واضح ومحدد يطالب بحل المشكلة الرئيسية في البلد عن طريق تطوير نظامنا السياسي والدستوري نحو نظام ديمقراطي برلماني كامل من خلال: وجود أحزاب سياسية، تداول ديمقراطي للسلطة، ضرورة نيل الحكومة ثقة البرلمان، اختيار رئيس مجلس الوزراء والوزراء من بين أعضاء كتلة أو حزب الغالبية في البرلمان، أن يكون رئيس الدولة حَكَماً بين السلطات لا طرفاً في المنازعات السياسية. من غير هذا المشروع الواضح والمحدد ستظل الأطراف السياسية المعارضة الناشطة في الحراك تدور في نفس الحلقة المفرغة التي رسمتها لها السلطة.

نحن اليوم لسنا أمام خلاف على قانون انتخابات أو مشاكل تفصيلية في الوزارات والإدارات فقط بل نحن نواجه مشروعاً سلطوياً مشيخياً يسعى بكل أدواته ووسائله وأساليبه ليس لعرقلة التطور الديمقراطي فحسب ولكن لإرجاع نظام الدولة إلى نظام على نسق أنظمة القرون الوسطى، ونحن اليوم لسنا أمام عرقلة تكوين كتلة معارضة حقيقية في البرلمان من خلال قانون الصوت الواحد المجزوء فقط بل نحن أمام حملة سلطوية لتفتيت كل عمل جماعي منظم في البلد من خلال تعميم نظام الصوت الواحد المجزوء هذا على النقابات والجمعيات والتي تشكل النواة المجتمعية الحقيقية لنضوج العمل السياسي. فماذا ستفعل قوى المعارضة أمام هذا الواقع؟

----------------------------------

*عضو التيار التقدمي الكويتي.

لقد أكدت في مقالي السابق على أهمية الدراستين المنشورتين في «مجلة العلوم الاجتماعية» المحكّمة، التي تصدر عن مجلس النشر العلمي بجامعة الكويت في عددها الثالث للعام 2013م، وقد تناولتُ في ذلك المقال دراسة الدكتور علي الزعبي، وفي هذا المقال سأتناول دراسة الدكتورة سهام القبندي حول «عزوف المرأة الكويتية العاملة عن المشاركة السياسية»، وهي الدراسة التي طبّقت على كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت.وقد حظي موضوع مشاركة المرأة السياسية أو عزوفها عنها باهتمام العديد من الدارسين والباحثين والمهتمين بشؤون المرأة، سواء في الجمعيات النسائية المختلفة ومؤسسات المجتمع المدني أو الأحزاب والتنظيمات السياسية وأُشبع نقاشاً وبحثاً، لكن دون أن يبدو أن هناك تغيّراً ملحوظاً في موضوع تمكين المرأة أو حصولها على جميع حقوقها السياسية الاجتماعية والثقافية، وذلك للتعقيدات التاريخية التي صاحبت مكانة المرأة في المجتمع والقوانين والأعراف والتقاليد، أي الثقافة بشكل عام، إذ لا يقتصر هذا الأمر على شعوب الشرق فقط ولكن مرت به كل المجتمعات البشرية منذ تقسيم العمل الأول في المجتمعات البدائية.وساهم العديد من الجمعيات النسوية في هذا الأمر وصورته على انه صراع بين الرجل والمرأة، بينما أكدت الدكتورة سهام على مبدأ وحقيقة أساسية وهي «أن قضايا المرأة لا تكون أبداً بمعزل عن قضايا وتحديات المجتمع بأسره»، وان تحررها ونيلها لحقوقها مرتبط بتحرر المجتمع، كما أكدت الدكتورة سهام في دراستها «أن الحرمان من ممارسة الحقوق السياسية، وحرية الفكر وإبداء الرأي يعد مأساة كبيرة على المستوى الفردي والمجتمعي، بل يخلق أوضاعاً اجتماعية وسياسية مضطربة، ويغذي الصراع والعنف داخل المجتمعات والشعوب، فأساس الحرية والعدل والسلام هو احترام حقوق الإنسان وإعطاؤه الحق في تقرير مصيره واتخاذ قراره بنفسه»، وهنا الباحثة تشمل في رأيها هذا المجتمع بأسره وليست فئة النساء فقط.وأثارت الباحثة نقطة مهمة هي «أن الأنشطة السياسية ظلت لفترة طويلة من الزمن حكراً على القيادات النسائية، التي تملك السلطة في المواقع المهمة أو التطوعية»، وفي هذا الأمر تحليل طبقي رغم أنها لم تتوسع في مفهوم «تملك السلطة»، فليس من المفترض الا تحوز المرأة ذات الانتماءات الطبقية الفقيرة والمهمشة على قيادة الأنشطة السياسية في الكويت.وتخلص الباحثة القبندي في المحور الرابع بدراستها والمخصص لـ «معوقات المشاركة السياسية للمرأة الكويتية العاملة» لمعوقات عدة منها على سبيل المثال، «ذكورية ثقافة الدولة والصفوة السياسية الحاكمة، حيث يعد شيوع السياسة الأبوية الذكورية عائقاً أساسياً أمام تبوؤ المرأة الكويتية أدواراً فاعلة وإيجابية، وكذلك الصراعات التفسيرية والتأويلية حول حقوق المرأة عموماً في نظام الشريعة الإسلامية، أو التشكيك في مسألة أهلية المرأة للولاية العامة، على الرغم من وجود فتاوى عدة تتصدى لذلك»، وتشير كذلك إلى أن «الدور المتدني للمرأة، هو أحد نواتج تصور تقليدي ومحافظ وفهم يعود لبعض مكونات الموروث الثقافي، وبعض أنماط التديّن الشعبي»، وهنا نضع خطاً تحت مصطلح «التدين الشعبي».كما تشير سهام القبندي إلى نقطتين مهمتين في المعوقات وهما «ضعف الثقة بين السلطة والمرأة»، والمعوق الآخر المهم هو «نمو العنف السياسي بدلاً من النظام الديموقراطي والأعراف الاجتماعية التي تحد من التنمية السياسية، وعدم الثقة في المشاركة السياسية للمرأة».ولا تعفي الباحثة «ضعف الدعم الحزبي للمرأة وهشاشته، حيث ان معظم الأحزاب في الكويت لا تقدر دور المرأة وإمكاناتها في العمل العام»، كما تشير إلى «تقلص دور منظمات المجتمع المدني في اتخاذ التدابير اللازمة لحل المشكلات التي تواجه عمل المرأة السياسي».ويحتوي البحث ونتائجه على تحليلات كثيرة ومهمة وجريئة، لا يمكن حصرها في مساحة هذا المقال، لكني أنصح الرجل والمرأة والتنظيمات السياسية وتلك التي تعنى بشؤون المرأة، بقراءة هذه الدراسة القيمة بتجرد وبعقل منفتح دون موقف أوتقييم مسبق.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

___________________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 19/10/2013 العدد:12528

د. محمد ديابدكتوراه في العلوم الاقتصادية- أستاذ في الجامعة اللبنانية – له مجموعة من الدراسات والأبحاث حول قضايا اقتصادية في عدد من الدوريات اللبنانية والعربية والأجنبية – من مؤلفاته: اقتصاد المؤسسة 2000- "التجارة الدولية في عصر العولمة" 2010 – و"نهاية العصر السعيد " – "أزمة النموذج الليبرالي للرأسمالية" 2011.في خريف عام 2008 اندلعت الأزمة المالية العالمية، التي شكلت حلقة جديدة، في سلسلة من أزمات أصابت النظام الرأسمالي العالمي في العقود الأخيرة. غير أن الأزمة الراهنة تختلف عن سابقاتها، سواء من حيث العمق أم من حيث الاتساع، بحيث شملت هذه المرة الاقتصاد العالمي كله. ولعلها أعنف أزمة تعصف بالرأسمالية كنظام اقتصادي عالمي منذ نحو ثمانين عاماً. ومع إقرارنا بأن ليس كل أزمة يمكن أن تكون بالضرورة قاتلة، غير أن مما لا شك فيه أن ما حصل لم يكن مجرد أزمة عابرة، سوف تزول آثارها بعد فترة وجيزة، بفضل مجموعة من الخطوات والإجراءات ذات الطابع المالي، وربما القانوني. بل يمكننا الجزم أن هذه الأزمة هي الأشد خطورة منذ أزمة "الكساد العظيم"، التي ضربت الإقتصاد العالمي في مطلع ثلاثينات القرن الماضي، وذلك إذا ما أخذنا في الحسبان الشوط الكبير الذي قطعته عولمة الاقتصاد العالمي، ومدى تشابك اقتصادات بلدان العالم وتكاملها، وكذلك التطور الهائل في وسائل الاتصالات المقترن بثورة المعلوماتية، الأمر الذي سهل ووسع مجالات انسياب رؤوس الأموال عبر العالم على نحو لم يسبق له مثيل، مما ساهم في نشوء النظام المالي العالمي الراهن وتطوره.لقد كانت تلك الأزمة بمثابة إعلان فشل النموذج النيوليبرالي للرأسمالية، نموذج الليبرالية المفرطة التي أطلقت العنان لحرية الأسواق ومركزت الاقتصاد العالمي حول الأسواق المالية المتفلتة من أي ضوابط.نشوء المدرسة النيوليبراليةونحن، إذ نتحدث عن "إعلان فشل النموذج النيوليبرالي"، لا بد وأن نتوقف ولو بشكل سريع، عند المدرسة النيوليبرالية، أي تلك المدرسة الاقتصادية التي ترفع لواء حرية السوق المطلقة، السوق المحررة من القيود. ففي البداية كانت النيوليبرالية وليدة تجارب كانت تثير الشكوك بجدوى رأسمالية "دعه يعمل، دعه يمر"، أي تلك الرأسمالية التي ترفض تدخل الدولة في الشؤون الاقتصادية، بما يتجاوز حدود حفظ الأمن وصيانة حقوق الملكية الخاصة.كانت بدايات ظهور المدرسة النيوليبرالية في عام 1938، عندما اجتمع في باريس عدد من كبار المفكرين الاقتصاديين، هم فريدريك هايك (F. Hayek) ولودفيغ ميسيس (L.Mises) وألكسندر روستوف (A. Rustow) وفلهلم روبكه (W. Ropke). كان المجتمعون يثقون ثقة تامة بأن لدى السوق القوى الضرورية لأن تشفي نفسها بنفسها، والقدرة الكافية على المواءمة بين العرض والطلب على ما فيه خير الجميع . غير أن الأزمة الخطيرة التي شهدها الاقتصاد الرأسمالي في مطلع الثلاثينات، جعلت المجتمعين يدركون ضرورة تطوير النظرية الليبرالية، نظرية "دعه يعمل، دعه يمر"؛ فالسوق عاجزة بمفردها عن تحقيق الأهداف المرجوة، وهي بحاجة إلى ضوابط وقواعد واضحة، يمكن لقوى المنافسة الخلاقة أن تعمل في إطارها.كان الاقتصادي الألماني روستوف هو أول من استخدم مصطلح "نيوليبرالي". وهو دعا إلى انتهاج سبيل ثالث، يقع بين سياسة حرية السوق المطلقة وسياسة التدخل الحكومي . فكتب يقول: "إن الليبرالية الجديدة، التي ندعو إليها اليوم، أنا وزملائي، تطالب بضرورة وجود دولة قوية، دولة فوق الاقتصاد وفوق المصالح الفردية، دولة تتبوأ المكان الذي يليق بها أن تتبوأه"(1).وقد تشكلت أفكار النيوليبرالية كمنظومة فكرية في مدرسة اقتصادية مستقلة بعد عام 1945، تحت تأثير الحرب الباردة، التي تجلت على المستوى الأيديولوجي كصراع أو مجابهة بين اقتصادات السوق الغربية من جهة، واقتصاد التخطيط المركزي الموجه الذي كان سائداً في الاتحاد السوفياتي السابق وعدد من الدول الأخرى التي كانت تدور في فلكه. فبعد الحرب العالمية الثانية، عاد الاقتصادي النمساوي فريدريك هايك لجمع شمل الاقتصاديين الذين فرقت الحرب في ما بينهم. فدعا إلى اجتماع عقد في مونت بيليرين في سويسرا، لمتابعة النقاش حول السبل الرامية إلى تطوير الاقتصاد الرأسمالي ومواجهة أزماته. كانت حصيلة الاجتماعات المتتالية في ذاك المنتجع السويسري، أن نشأت في عام 1947 "جمعية مونت بيليرين"، التي صارت واحدة من أهم المنتديات الاقتصادية، والتي اعتبرها البعض بمثابة "المحفل" الخاص بالمفكرين النيوليبراليين، على شاكلة المحفل الماسوني.غير أن المفكرين النيوليبراليين انقسموا لاحقاً إلى ثلاثة تيارات (مدارس) مختلفة، وذلك على أساس نظرتهم إلى دور الدولة في الاقتصاد، وإلى قدرة السوق وآلياتها على تحقيق الأهداف المنشودة، وهي :المدرسة الأولى، مدرسة فرايبورغ (نسبة إلى مدينة فرايبورغ الألمانية)، وأبرز ممثليها الاقتصادي الألماني فالتر أويكن (W.Eucken)، الذي كان استاذاً للاقتصاد في جامعة فرايبورغ. وترى هذه المدرسة بأن على الدولة أن تمنع الاحتكار، وألا تسمح بتأسيس كارتيلات تحد من المنافسة. وتدعو أيضاً إلى اتباع سياسة اجتماعية تتلاءم مع متطلبات السوق. ويرى أويكن بأن سياسة توزيع الدخول والثروات، هي أحد العناصر المهمة في السياسة الاقتصادية. كما أنه يدعو إلى عدم إهمال موضوع العدالة الاجتماعية. أما روبكه وروستوف، اللذان افترقا في مواقفهما عن "جمعية مونت بيليرين" وانسحبا من عضويتها، فدعيا إلى أن تعمل الدولة على خلق البيئة الملائمة لأقصى درجة كاملة من الممارسة. وعموماً، وضعت هذه المدرسة الأسس العامة لما سمي اقتصاد السوق المتكلف بالرعاية الاجتماعية.المدرسة الثانية، هي المدرسة النمساوية، التي أسسها كل من هايك و ميسيس. نادت هذه المدرسة بترك كل شيء للسوق وحدها، على اعتبار أن كل تدخل حكومي ينطوي على نتائج مضرة حتماً. فالحرية بالنسبة إلى هايك هي الشرط الضروري لتحقيق الرفاهية. ويمكن اختصار جوهر هذه النظرية بأنه "ينبغي المحافظة على حقوق الملكية الخاصة، كما ينبغي ضمان حرية الدخول إلى السوق في كل الأحوال. وهذا يعني عملياً أن الليبرالية الاقتصادية هي أفضل سياسة اقتصادية"(2).أما المدرسة الثالثة، مدرسة شيكاغو، فقد تبنت، بداية، موقفاً مشابهاً لموقف مدرسة فرايبورغ؛ فمؤسسها فرانك نايت (F.Knight) عارض الرأسمالية بصيغتها المتطرفة. غير أن من تلاه من دعاة هذه المدرسة، وفي مقدمتهم ميلتون فريدمان وصحبه ممن صاروا يسمون "فتيان شيكاغو"، رفضوا كلياً تدخل الدولة، ودعوا إلى اقتصاد السوق المحرر من كل القيود. وعملياً، زالت الفروق بين هاتين المدرستين، وأصبح كل من هايك وفريدمان الرمزين الأبرز للعقيدة النيوليبرالية، بصيغتها الأكثر تطرفاً.الكينزية – المدرسة النقيض ولكن، حتى سبعينيات القرن المنصرم، لم تكن أفكار النيوليبرالية هي التي ترسم السياسات الاقتصادية المتبعة في الدول الغربية . ففي الواقع كان هنري فورد نفسه وواضعو "خطة مارشال"، واستراتيجيو البناء الاقتصادي في اليابان، والاشتراكيون الديمقراطيون في أوروبا، كل هؤلاء كانوا يسترشدون بالنهج الذي كان يقوم على فهم أهمية ودور الإنتاج الصناعي الواسع والجماهيري، في الخلق التدريجي لثروة المجتمع، وعلى أهمية الدور الذي يمكن أن تضطلع به الدولة في العملية الاقتصادية. إن هذا الإدراك لأهمية الإنتاج المادي الواسع القائم على التطوير التقني والابتكارات، كان في أساس الصعود الفذ للغرب، والنهضة الهائلة التي حققها خلال القرنين الأخيرين.هزت أزمة "الكساد العظيم" أسس الاقتصاد الرأسمالي العالمي، ودفعت المنظرين إلى البحث عن السبل الآيلة إلى إخراج النظام من أزمته الخطيرة. فجاءت النظرية الكينزية كمحاولة لتعديل النمط الاقتصادي الرأسمالي على أساس ضرورة تدخل الدولة بفاعلية لترشيد العملية الاقتصادية . فخلافاً لفريدمان و هايك، كان عالم الاقتصاد البريطاني جون ماينارد كينز (John Maynard Keynes) يؤمن بأهمية الدولة القوية القادرة على توجيه الاقتصاد الوطني في الاتجاه الصحيح. وكان يقول بضرورة تدخل الدولة لوضع حد للكساد ولإنعاش النشاط الاقتصادي. وكان كينز يرى بأن الكارثة الاقتصادية الناجمة عن أزمة "الكساد العظيم" وما رافقها من بطالة فظيعة، لا يمكن أن تفسر وتعالج من خلال النظرية الكلاسيكية الليبرالية. فهذه النظرية تقول بأن الأسواق لا بد وأن تحقق التوازن على المدى الطويل، وهذا الأمر يشمل أيضاً سوق العمل. فتزعم النظريات الليبرالية بأن الاقتصاد يحقق مستوى التشغيل الكامل لليد العاملة على نحو عفوي على المدى الطويل(3)، وطالما كانت الأجور مرنة وقابلة للانخفاض بالقدر المناسب (نظرية آدم سميث عن اليد الخفية للسوق)، يناقض كينز هذه الفرضية مؤكداً أنه من الممكن تحقيق التوازن في ظل البطالة. فأصحاب الأعمال يسعون للاحتفاظ بما لديهم من سيولة نقدية، فيحجمون عن زيادة عدد العاملين لديهم في حال عدم تأكدهم من قدرتهم على تصريف ما ينتجونه من بضائع. المهم بالنسبة إليهم، حسب رأي كينز، ليس معدل الأجر الذي يتعين عليهم دفعه للعاملين، بل الطلب السلعي الذي يتوقعونه. فحسب النظرية الكينزية: إنّ الطلب السلعي هو العامل الحاسم، حيث أن الاقتصاد يصل إلى حالة التشغيل الكامل فقط في حالة ارتفاع الطلب السلعي إلى المستوى المناسب. أما إذا تردد المستثمرون في توظيف أموالهم خوفاً من تردي الأوضاع الاقتصادية، فلا بد عندئذ من تدخل الدولة عبر زيادة الإنفاق العام.على أساس هذه الفرضيات طرح كينز وطوّر نظريته النقيض للنظرية النيوليبرالية. تقوم نظريته على مسلّمة تقول بضرورة وجود الدولة القوية. وعلى هذه الدولة أن تزيد الإنفاق العام في فترات الكساد، وأن تقلص هذا الإنفاق في فترات الازدهار. وهذا يعني أن "يد الدولة" يجب أن تتعاون مع "اليد الخفية" التي تنظم آلية عمل الأسواق، لا بل وأن تحل مكانها عند الضرورة. ولا يرى كينز مانعاً من أن تمول الدولة إنفاقها عند الحاجة، وبصورة استثنائية، بواسطة القروض.طبقت نظرية كينز حول ضرورة تدخل الدولة في توجيه الأسواق والنشاطات الاقتصادية بنجاح في عدد من الدول الرأسمالية الكبرى. ففي الولايات المتحدة طبقها الرئيس فرانكلين روزفلت في سياق سياسته الاقتصادية الجديدة التي سعى من خلالها إلى تمكين الاقتصاد الأميركي من مواجهة تداعيات الكساد العظيم، تلك السياسة التي عرفت باسم "الاتفاق الجديد" ( New Deal). وقد شملت هذه السياسة خططاً لزيادة الإنفاق العام في البنى التحتية من شق طرقات وبناء جسور وسدود، وإنشاء شركات للتأمين ضد البطالة، وخفض معدلات الضريبة على ذوي الدخل المحدود وزيادتها على الأثرياء، وزيادة المعاشات التقاعدية للعاملين في القطاع العام ،ألخ . كما طبقت هذه الأفكار الكينزية في ألمانيا في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، في عهد الحكومة الائتلافية التي شارك فيها الحزبان الكبيران في البلاد: الحزب المسيحي الاجتماعي والحزب الاشتراكي الديمقراطي. وكان دور الدولة الوازن في النشاط الاقتصادي في اليابان وتايوان وغيرها من بلدان جنوب شرق آسيا، أحد الأسباب التي أدت إلى "المعجزة الاقتصادية" التي شهدتها تلك البلدان في الفترة ما بين ستينيات وتسعينيات القرن العشرين. فقد رفضت حكومات تلك البلدان آنذاك الأفكار والتوصيات النيوليبرالية للمستشارين الأميركيين، وتدخلت الدولة بنشاط في العملية الاقتصادية، واتبعت في مجال التجارة الخارجية سياسة مارست من خلالها حماية شاملة لقطاعاتها الصناعية المعدة للتصدير. والأمر نفسه ينطبق على بلدان ما يسمى "الموجة الثانية" من الدول الصناعية الجديدة في آسيا، وكذلك الصين وفيتنام(4). فالنظام التجاري الكوري الجنوبي، مثلاً، اتبع ما يسمى "سياسة التجارة الحرة الواقعية"، التي تجمع بين الحماية الشديدة ضد الواردات والدعم القوي للصادرات، والتي هي في الواقع سياسة حمائية فعلية. وتنتهج الصين اليوم سياسة مشابهة، تتضمن فرض ضوابط على الواردات وقيود على الأسعار وعلى حركة رأس المال.ظلت أفكار كينز بخصوص قيام الدولة بدور نشط في الحياة الاقتصادية، تشكل الأساس النظري للسياسات الاقتصادية التي اتبعتها بلدان كثيرة خلال العقدين اللذين أعقبا الحرب العالمية الثانية، وصولاً إلى مطلع السبعينات من القرن العشرين. ولكن في الواقع، أساءت الحكومات استخدام أفكار كينز الصحيحة بشأن أهمية تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي. ففي مراحل الركود عملت الحكومات على زيادة إنفاقها على البنى التحتية لإنعاش الإقتصاد ومده بمقومات الحياة والنمو، غير أنها تلكأت في فترات الازدهار في ادخار ما يلزم تحسباً لما يمكن أن تواجهه في حقبات الركود. ونتيجة للفهم الزائف للأفكار الكينزية، ألقت الحكومات على كاهل دولة الرعاية الاجتماعية أعباء تفوق طاقتها على التحمل، فشلّت عملية النمو الاقتصادي وارتفعت الأسعار إلى مستويات عالية جداً وتفاقم التضخم. كل ذلك أدى إلى بدء عملية ارتداد على السياسات الكينزية، وإلى إقصاء الدولة عن دورها النشط في الاقتصاد، بحجة إفراطها في الإنفاق العام وفي الخدمات العامة التي تقدمها للفئات الفقيرة والمتوسطة، وانتشرت عمليات الخصخصة على نطاق واسع، وغدت "توصيات" صندوق النقد الدولي في هذا الخصوص ما يشبه "الوصفات" الإلزامية التي تفرض على العديد من حكومات العالم. وعلى الصعيد الدولي تجلت السياسة النيوليبرالية في الدعوة إلى تحرير التجارة الدولية وإزالة الحواجز الجمركية والعوائق الإدارية الأخرى من أمام التدفقات السلعية والمالية، وأنشئت منظمة التجارية العالمية لتكون بمثابة "الناظر" الصارم المشرف على التزام الدول بمبادئ التجارة الحرة. وبدأ "العصر الذهبي" للنظرية النيوليبرالية.النظرية النيوليبرالية في الممارسة بدأ تطبيق أفكار فريدمان و هايك منذ منتصف السبعينات في العديد من البلدان. منذ تلك الفترة بدأ السياسيون يتبنون على نطاق واسع أفكار المدرسة النيوليبرالية، ويعملون على رفع يد الدولة عن أي تدخل في الحياة الاقتصادية . ورفع شعار: إن الدولة رب عمل سيئ، وكلما كان تدخلها في الحياة الاقتصادية أضعف، كلما نما الاقتصاد على نحو أسرع وبفاعلية أكبر . في بريطانيا أخضعت مارغريت تاتشر الاقتصاد البريطاني لسياسة "العلاج بالصدمة"، فباعت العشرات من المؤسسات التابعة للدولة وخصخصت ملايين الشقق السكنية وامتنعت عن تقديم الدعم المالي للمشاريع، وشنت حرباً شرسة على عمال المناجم وعملت على "كسر ظهر النقابات العمالية". ومن جهة أخرى، خفضت معدلات الضريبة على الأثرياء وأصحاب المداخيل العالية وضاعفت معدل الضريبة على المبيعات، رغم أن هذا الإجراء يصيب المستهلكين من أصحاب الدخل المحدود بالدرجة الأولى . وسعياً منها للحد من ارتفاع الأسعار، فرضت على البنك المركزي البريطاني رفع معدلات الفائدة إلى 17 %. وقد دخلت هذه السياسة الاقتصادية المتشددة التاريخ باسم "التاتشرية". ولاحقاً كان طوني بلير بمثابة الابن النجيب لهذه السياسة، رغم أن ثمارها كانت مرة في العديد من المجالات. فبعد تحقيق انخفاض موقت في معدلات التضخم في أواسط الثمانينات، عادت الأسعار إلى الارتفاع بوتائر سريعة مع زيادة كبيرة في معدلات البطالة. وتدهورت صناعات أساسية، فأغلقت مناجم عديدة ومصانع للميتالورجيا، وأصيبت صناعة السفن بنكسة خطيرة، وهدد الإفلاس مصانع للسيارت وللصناعات المعدنية.وفي الولايات المتحدة أطلق الرئيس رونالد ريغان في الفترة نفسها تقريباً "ثورة إصلاحية" نيوليبرالية، تمثلت بحزمة إصلاحات أطلق عليها اسم "الانطلاقة الأميركية الجديدة – برنامج عودة الازدهار إلى الاقتصاد". وقد عرفت هذا السياسة باسم "الاقتصاد الريغاني". تبنّى ريغان في سياسته هذه نصائح جناح أكثر ممثلي النظرية النيوليبرالية تطرفاً، والتي عبر عنها الاقتصادي الأميركي آرثر لافر Arthur Lafer، الذي كان جوهر نظريته يتلخص في أن خفض المعدلات الضريبية هو العلاج الناجع لإنعاش الاقتصاد وإصلاح حال الموازنة العامة. وكان دعاة هذا الرأي يقولون أيضاً بأن المؤسسات تنتج أكثر، كلما كان تدخل الدولة في شؤون السوق أقل. وعلى هذا الأساس، وخلافاً للنظرية الكينزية، كانوا يرون بأن من الضروري أن تعير السياسة الاقتصادية الاهتمام لجانب العرض، وليس لجانب الطلب (Supply-Side-Economy). وهكذا، كان البرنامج الريغاني يقضي بخفض العبء الضريبي وخفض العجز في الموازنة وتوقف الدولة عن الاقتراض ووضع حد لارتفاع الأسعار، وكذلك تحرير الاقتصاد من كل القيود. ودعماً لهذه السياسة، ورغبة في وقف التضخم، عمد البنك المركزي إلى رفع معدلات الفائدة.لم تؤد هذه السياسة إلى تحقيق الأهداف المرجوة. فعلى العكس من "نظرية لافر"، لم يؤد خفض المعدلات الضريبية سوى إلى انخفاض إيرادات الدولة من الضرائب، فارتفع العجز في الموازنة العامة وبصورة مطردة، وأدت معدلات الفائدة المرتفعة إلى شل النشاط الاستثماري وإلى تراجع قدرة المواطنين على الاقتراض لتلبية حاجاتهم الاستهلاكية، فتراجع الطلب الكلي وخيم الركود على الاقتصاد. وعلى العكس من الهدف الذي تضمنه "برنامج عودة الازهار" والقاضي بتوقف الدولة عن الاقتراض، أدت سياسة الإنفاق المسرف، خصوصاً في مجال التسلح، إلى ارتفاع المديونية العامة، في ظل الامتناع عن اتخاذ أي تدابير لزيادة الإيرادات العامة. وتحولت الولايات المتحدة إلى مقترض لرؤوس الأموال من كل العالم، وذلك في إطار سياسة ما يسمى "التمويل بالعجز" .ظلت السياسة النيوليبرالية متبعة، وإن مع بعض التعديلات، في عهود الرؤساء اللاحقين، جورج بوش الأب وبيل كلينتون وجورج بوش الابن، وكذلك في بلدان أخرى، لا سيما في المانيا التي شهدت في عهد المستشار الاتحادي هلموت كول موجة خصخصة واسعة شملت مختلف القطاعات، على نحو يتناقض بصورة صارخة مع مسار التطور الاقتصادي لألمانيا منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وواصل الاشتراكي الديمقراطي غرهارد شرودر سياسة سلفه المسيحي الاجتماعي. نقول ظلت السياسة المتطرفة هي السائدة في معظم البلدان الغربية، إلى أن داهمت الأزمة المالية العالمية الأخيرة الإقتصاد الأميركي ومعه الاقتصاد العالمي برمته.ثمار النيوليبرالية المرةفُرض في العديد من الاقتصادات الناشئة تطبيق نظريات المدرسة النيوليبرالية، التي أخذت في البلدان المتحولة من الاشتراكية إلى الرأسمالية وفي عدد من البلدان النامية، صيغة ما سمي "العلاج بالصدمة" بأشكالها الأكثر عنفاً. وقد جسدت سياسات ممثلي "مدرسة شيكاغو" في ثمانينيات وتسعينيات القرن المنصرم بصورة صارخة، السياسات التي لا تعرف الرحمة، السياسات التي لا تقيم أي اعتبار لدور الدولة في الاقتصاد، وتدعو إلى إطلاق العنان لحرية الأسواق، بصرف النظر عن تداعيات ذلك كله على حياة المواطنين وبنية المجتمع. وبهذا المعنى، أصبحت أفكار مدرسة شيكاغو، هي المعبر عما صار يعرف اليوم باسم "النيوليبرالية"، أي الليبرالية المفرطة، التي تختلف عن تلك التي دعا إليها آباء النيوليبرالية الأوائل، روستوف و روبكه و أويكن، (والتي التقوا فيها عملياً مع المبادئ الأساسية للنظرية الكينزية)، الذين قالوا بضرورة "وجود دولة قوية، دولة فوق الاقتصاد وفوق المصالح الفردية".وقد شكل مجيء دعاة النهج النيوليبرالي إلى السلطة في روسيا في أعقاب انهيار الاتحاد السوفياتي، والسياسة الاقتصادية التي عملوا على تطبيقها، شكل النموذج الأكثر بشاعة لما يمكن أن تؤدي إليه هذه السياسة من تداعيات تدميرية على الاقتصاد، وعلى النظام السياسي عموماً.حمل لواء هذه السياسة الجديدة مجموعة من السياسيين والاقتصاديين عرفوا باسم "الإصلاحيين الشباب"، الذين انتهجوا سياسة اقتصادية نيوليبرالية مفرطة، سياسة "علاج بالصدمة" تهدف على حد قول أحد هؤلاء الإصلاحيين اناطولي تشوبايس، إلى "بناء الرأسمالية في روسيا، إننا نريد أن ننجز في أعوام قليلة ما قطعته بلدان أخرى في خلال قرون"(5). وإذ أدرك "بناة الرأسمالية" الجدد أن الإنسان الروسي لا يتقبل كثيراً مصطلح "الرأسمالية" فإنهم تجنبوا في البداية استخدامه صراحة، مستعملين مصطلحات من نوع "اقتصاد السوق" و"الإصلاحات الراديكالية" و"السير على طريق الحضارة العالمية"، ثم استنبطوا مصطلح "الرأسمالية الشعبية". ولكن عملية التحولات تلك، كانت في الواقع عملية تحطيم قاسية للقديم، ولكل ما هو قائم، من دون تقديم البديل الذي من شأنه إخراج البلاد من محنتها. فسياسة "العلاج بالصدمة" افتقرت في الواقع إلى "العلاج" الشافي لأمراض الاقتصاد الروسي، ولم تخلف سوى الصدمة المدمرة للاقتصاد والمجتمع. فقد كانت الخطوة الأولى التي أقدمت عليها حكومة يغور غايدار "الإصلاحية" في حينها، تلبية لنصائح المستشارين النيوليبراليين، إطلاق العنان للأسعار ابتداء من أول كانون الثاني 1992. فأدى ذلك، بالاقتران مع عوامل أخرى، إلى تضخم مفرط وإلى إفقار القسم الأكبر من السكان بعد خسارتهم وبصورة فورية لمدخراتهم وكل ما جنوه على مدى العمر.واقترنت هذه السياسة بعملية نهب وحشية جشعة لثروات البلاد من قبل حفنة صغيرة من المسؤولين والمستثمرين الجدد ورجال "اقتصاد الظل"، جمعت ثروات فاحشة في خلال سنوات قليلة، ما دفع شخصية معروفة في عالم المال والبورصات، كالملياردير جورج سورس الذي لا يتسم سجله الشخصي كرجل أعمال بالنقاء، إلى القول: "إن ما نشهده في روسيا هو الانتقال من تجاوزات النظام السوفياتي إلى تجاوزات الرأسمالية المتفلتة. إنها أقرب إلى رأسمالية النهب ... وأكثر ما يذهلني هو جشع الأوليغارشيا الروسية الجديدة. الدولة في انهيار، والكل ينهب كل ما تصل إليه يداه"(6).اقتصرت سياسات الحكومات "الإصلاحية" المتتالية على حل مشكلة الاستقرار المالي، مع إهمال كلي للقطاعات المنتجة. واستندت هذه السياسات إلى البحث عن مصادر الإقراض الداخلية والخارجية، الأمر الذي أفضى إلى ارتفاع هائل في الدين العام ومن ثم إلى عجز مزمن في الموازنة العامة. وافترضت إمكان قيام نظام مصرفي ومالي متطور على خلفية تراجع الإنتاج. فالطفرة التي شهدتها السوق المالية الروسية عشية انهيار صيف 1998، لم يرافقها نهوض صناعي مماثل، وأدى ذلك إلى اعتماد مفرط على الاستيراد لسد العجز السلعي في الأسوق المحلية، ما أدى إلى تضاعف الفاتورة الاستيرادية.في سياسة "الإصلاحات" هذه، المبنية على النظرية النقدوية النيوليبرالية، تكمن المشكلة الحقيقية التي قادت روسيا إلى الانهيار الاقتصادي في تسعينيات القرن المنصرم. ذلك أنها ترى أن المبادرة الحرة والآلية العفوية للسوق يمكن أن تؤمن المسار الطبيعي لعملية إعادة الإنتاج. أما تدخل الدولة فيجب أن يقتصر على تنظيم التداول النقدي من خلال التحكم بأسعار الفائدة وعمليات الأوراق المالية. وكانت محصلة هذه السياسة تقهقر الصناعة والزراعة وتقوض البنى التحتية وتراجع إجمالي المحلي وتقلص الاستثمارات. وكانت النتيجة إفلاس عدد كبير من المؤسسات الصناعية، أو وصولها إلى حافة الإفلاس ومن ثم بيعها بأسعار بخسة إلى شركات أجنبية أو أثرياء روس جدد. اتسمت عملية الإصلاح النيوليبرالية في روسيا بعناصر ثلاثة: التضخم الجامح والخصخصة والجريمة الاقتصادية.بدأ التضخم في مطلع كانون الثاني 1992، عندما أطلقت الحكومة الليبرالية الأسعار وأزالت كل الضوابط والقيود المفروضة سابقاً. وعلى الفور انقسم سكان روسيا إلى قسمين: حفنة من الأثرياء من جهة، وأكثرية ساحقة من الفقراء، من جهة أخرى. وقد توقع يغور غايدار، رئيس الحكومة الروسية آنذاك، أن ترتفع الأسعار ما بين ثلاث وخمس مرات. غير أنها ارتفعت خلال خمسة أشهر، ما بين 300 و 400 مرة. وخلال ثلاثة أشهر، فقد سكان روسيا 99 % من مدخراتهم المودعة في المصارف وصناديق الادخار. وجرت بذلك عملية إفقار قسرية وسريعة، قضت على الطبقات الوسطى الروسية. وفي غضون ذلك، جرت عملية إثراء غير مشروع للموظفين الحكوميين والحزبيين السابقين، الذين استغلوا مناصبهم وصلاتهم بمراكز القوى السياسية والاقتصادية لتطوير استثمارات خاصة وجمع ثروات طائلة. وبهذه الطريقة تكونت إحدى شرائح الأوليغارشيا الروسية الجديدة.السمة الأخرى لعملية "الإصلاح" تمثلت في عملية الخصخصة، التي وصفت بأنها أكبر عملية لصوصية في التاريخ . فقد جرى تحويل المؤسسات الكبرى التابعة للدولة في الميدان المالي وميدان التجارة الخارجية والداخلية، وكذلك في القطاعين الصناعي والخدماتي، إلى شركات مساهمة استولى الرأسماليون الجدد على معظم أسهمها بأبخس الأثمان . فقد بيع 234 مصنعاً بسعر وسطي يقل عن 4 ملايين دولار للمصنع الواحد. فتم بيع شركة "أورال ماش"، عملاق صناعة السيارات والشاحنات بـ 3,73 ملايين دولار فقط ، ومجمع تشيليابينسك للميتالورغيا بسعر مماثل تقريباً، أما مصنع كوفروف للتجهيزات الذي كان يمد الجيش وقوى الأمن الداخلي وأمن الدولة بالأسلحة الفردية فقد تم بيعه بـ 2,7 مليون دولار .. ألخ (7).وقد وصف بوريس فيودروف، وزير المالية في حكومة غايدار عملية الخصخصة التي شهدتها روسيا بأنها "أكبر عملية نهب في القرن العشرين وربما في تاريخ البشرية..."(8). أما غايدار نفسه الذي جرت العملية كلها بإشراف حكومته، فقال إنّ "الملكية انتقلت ليس إلى من كان له الحق بها، بل إلى من كان أكثر استعداداً لتلقفها". ولكنه برر ذلك بالقول: "إنّ مقايضة سلطة البيروقراطية بالمُلكية (...) كانت في ظل ميزان القوى المتكون في أواخر الثمانينات السبيل الوحيد لإصلاح المجتمع سلمياً، وللتطور السلمي للدولة. وإلا فإن البديل هو الحرب الأهلية (...). وفي كل الأحوال فإن مقايضة السلطة بالمُلكية كانت خطوة إلى الأمام من "الإمبريالية"، نحو السوق الحرة والمنفتحة، من نمط الإنتاج الأسيوي إلى النمط الأوروبي ..." (9). أما أناطولي تشوبايس، عراب عملية الخصخصة، فقال في معرض تبريره لسلوك الرأسماليين الجدد عام 1995، عندما كانت هذه العملية في ذروتها: "إنهم يسرقون ويسرقون. يسرقون كل ما تصل إليه أيديهم، ولا يمكن وقفهم. ولكن دعونا نوفر لهم إمكانية حيازة الملكية الضرورية. وعندئذ سيصبحون مُلاكاً، ومسؤولين جيدين عن هذه الملكية"(10). وفق هذا "المنطق" صار النهب واستيلاء حفنة من الناس على القسم الأكبر من الثروة الوطنية، نموذجاً "عقلانياً" وطريقاً لا بد منه للتراكم الرأسمالي ولتكون نمط الإنتاج الجديد!أما السمة الثالثة لعملية "الإصلاح النيوليبرالي" فتمثلت في ازدهار الجريمة وتشابكها مع النشاط الاقتصادي، ما أدى إلى ظهور المافيا الروسية الشهيرة، التي لم تعد تكتفي بممارسة الجريمة الصرف، بل وسعت نشاطها وتغلغلت مباشرة في النشاط الاقتصادي، وحصل ما يشبه التشابك والاندماج بين مصالح ونشاطات الأوليغارشيا المالية ورجال المافيا.النموذج النيوليبرالي..البيئة المولدة للأزمة واليوم، إذ نتحدث عن "فشل النموذج النيوليبرالي"، ودفعه الاقتصاد العالمي إلى الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الأخيرة، فإننا نقصد تحديداً فشل تلك الصيغة المتطرفة التي شهدنا نماذجها في البلدان الآنفة الذكر. ففي عصر العولمة المتزايدة، تجسدت فكرة تخلي الدولة عن دورها وإطلاقها العنان لحرية قوى السوق، في أسواق المال على وجه الخصوص. ففي هذه الأسواق تجلت على نحو صارخ التحولات المفزعة التي أدت إلى تراجع دور الدولة في الشأن الاقتصادي. فالدولة التي تركت الأسواق المالية تعمل بمطلق حريتها، لم تضع قواعد مناسبة لعمل هذه الأسواق، ولم تخلق المؤسسات الضرورية القادرة على فرض رقابة معقولة عليها. فتخلت الدولة عن الرقابة المتشددة على أعمال المصارف وعلى تدفقات رؤوس الأموال، وألغت القواعد الصارمة التي تحكم أنشطة البورصات، وتحولت أسواق المال إلى ساحة تستقطب المضاربين، وحلبة للجشع ولتحقيق الأرباح بسرعة خارقة.لقد انتشرت المشتقات المالية، التي كانت في الأساس عبارة عن بضائع مالية تشتق قيمتها من التطور الذي يطرأ على قيمة أوراق مالية أخرى. وكانت هذه المشتقات في البداية غاية في البساطة. فهي لم تكن سوى معاملات آجلة، يتفق فيها طرفان على بيع أسهم أو برميل نفط أو أي سلعة أخرى، بعد فترة محددة بسعر متفق عليه في الوقت الراهن. ومع الوقت، ظهرت أدوات مالية أخرى أكثر تعقيداً، ابتدعها خبراء المال الناشطون في وول ستريت وغيرها من المراكز المالية العالمية. وعملت المصارف على إصدار أوراق مالية مكفولة بقروض عالية المخاطر، وبيعها في الأسواق المالية لسلع مالية مضمونة. وظهرت في الأسواق المالية مشتقات غريبة لا يكاد يفقهها سوى قلائل من الخبراء الماليين، تتخفى خلفها حزم قروض صارت تجوب العالم كله . ونشأت "فقاعة مالية" أخذت تتحول إلى ما يشبه القنبلة الموقوتة، مهددة بتفجير النظام المالي العالمي في أي لحظة. وقد أدت "الابتكارات" والمشتقات المالية المختلفة هذه، إلى زيادة تمركز الاقتصاد الأميركي، ومعه الاقتصاد العالمي ككل، حول الأسواق المالية.لقد أظهرت الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الراهنة، أن المدرسة النيوليبرالية عرضت للخطر أسس التطور الاقتصادي في العالم، وتحديداً الإنتاج القائم على الابتكار والمعرفة في القطاع الحقيقي، الذي يحتاج إلى الحماية، خصوصاً في مراحل نشوئه الأولى إلى أن يشتد عوده، وإلى حماية عوائده، وكذلك على الاستهلاك الجماهيري الواسع القائم على الأجور الحقيقية النامية في القطاعات ذات الكفاءة العالية بالدرجة الأولى. وعوضاً عن ذلك، انتقل الريع في عصر النيوليبرالية بالكامل تقريباً إلى القطاع المالي المضارب، واضعاً بذلك "قنبلة موقوتة" تحت أساس النظام الرأسمالي برمته.ففي ظل النموذج النيوليبرالي، نشأ وتطور اقتصاد افتراضي يعمل بمعزل عن نشاط الاقتصاد الحقيقي. هذا الاقتصاد الافتراضي ارتكز على الربح الريعي السريع من خلال المضاربات في الأسواق المالية والمضاربات العقارية. فصارت تتحقق أرباح طائلة وتتراكم ثروات هائلة في أيدي المضاربين، من دون أن تكون لها علاقة بالإنتاج، وهي ما تسمى ظاهرة "الأرباح من دون إنتاج". فأسهم الشركات وقيم سندات المال لم تعد ترتبط بإنتاجية المؤسسة وأرباحها، بل بحال السوق المالية والعرض والطلب على هذه الأسهم والسندات، بوصفها سلعة أساسية ومستقلة عن المؤسسة التي تصدرها، والتي يمكن أن تصعد أو تهبط قيمتها نتيجة مضاربات أو إشاعات تبث من دون أساس أحياناً.وظهرت اختلالات عميقة وبنيوية في الاقتصاد الرأسمالي العالمي، أبرزها وأكثرها خطورة الاختلال بين رأس المال المالي الهائل المتراكم، من جهة، وبين الاقتصاد الحقيقي المنتج للسلع الذي يخلق الثروة الحقيقية، من جهة أخرى. ونتيجة لذلك حصلت زيادة كبيرة في المخاطر، ناجمة عن عولمة المعاملات المالية من دون ضوابط أو قيود، واتسع إلى حد كبير الفارق بين حجم الاقتصاد المالي وحجم الاقتصاد الحقيقي، لمصلحة الأول. ويشير سمير أمين في هذا الصدد إلى أن "حجم التبادلات المالية هو ألفا تريليون دولار، فيما البنية الإنتاجية، وإجمالي الناتج الوطني على الصعيد العالمي هو فقط 44 تريليون دولار. إنه تفاوت عملاق في النسب". ويستنتج سمير أمين، بأنه "جرى نقل المركز الأساسي للقرار الاقتصادي، من إنتاج القيمة المضافة في القطاعات الإنتاجية، إلى إعادة توزيع الأرباح التي تأتي بها المنتجات المشتقة من التوظيفات المالية"(11).ففي ظل إيديولوجيا الليبرالية المفرطة أدى نمو الأسواق المالية بصورة مستقلة عن حاجات التمويل الفعلية، إلى أن قيادة الاقتصاد العالمي انتقلت من أيدي المستثمرين وأصحاب المشاريع العاملة في ميدان الاقتصاد الحقيقي، إلى عهدة المدراء الماليين وخبراء الأسواق الذين يتعاملون مع اقتصاد افتراضي بعيد عن أرض الواقع. وفي ظل هذه الإيديولوجيا تقلص دور الدولة وحُصر في مجال السياسة النقدية بهدف مكافحة التضخم. فتخلت الدولة عن مهمة حماية الاقتصاد والصناعات الناشئة، وأفلتت العنان للمصارف للتوسع في الإقراض غير المسؤول وتقديم قروض بدون اعتبار توافر الملاءة، وتركت الأسواق المالية تحت وطأة جنون المضاربات، بدلاً من أن تسعى إلى تنظيم الأسواق وضبط أعمال المؤسسات المالية المصرفية الكبرى (12).أصدر الاقتصادي الألماني هورست أفهيلد (Horst Afheldt) في كتابه "اقتصاد يغدق فقراً"، الذي صدرت ترجمته العربية عام 2007، حكماً مبرماً على النظرية النيوليبرالية (الليبرالية المحدثة )، فيقول : "إنّ النظام الليبرالي المحدث لا يتصف بجدارة تذكر. إنه اقتصاد غير مجد... إن الولايات المتحدة الأميركية في مقدمة الرابحين من لعبة الليبرالية المحدثة ... إن التفاوت بين الفقر والغنى ازداد ولا يزال يزداد اتساعاً وتسارعاً في كل المجتمعات خلال الحقبة الليبرالية المحدثة ... وكانت الليبرالية المحدثة قد خدرت، على مدى جيل كامل، مشاعر الكثير من شعوب العالم بوعود براقة وبشائر كاذبة تزعم أن تفاقم البؤس وتزايد عدد الفقراء ليس سوى حالة عابرة على درب الرفاهية التي سينعم بها مجموع المجتمع ... لأنّ الوقائع الاقتصادية المحققة ... دحضت المزاعم الليبرالية المحدثة بنحو لا يدع مجالاً للشك أبداً. فهذه العقيدة أفرزت اليأس والقنوط والعنف والإرهاب. بهذا المعنى، فإن الزعم بأن الليبرالية المحدثة خير وسيلة لتسريع ارتفاع النواتج القومية في العالم، ليس سوى خداع للنفس وأفيون للشعوب" (13).________________________________________________منقول عن مجلة الطريق تاريخ 24/09/2013.

اخبار محلية

د. حمد الأنصاري: "كل شي سياسة" ؟!

بقلم: د. حمد الأنصاري*

"بسكم سياسة" ... "دخلتوا السياسة في كل شي" ... "ما عندكم سالفة ثانية غير السياسة؟"... مجموعة من الجمل أسمعها كثيراً من أناس ليسوا مهتمين بالسياسة وبعضهم من ذوي الميول سلطوية وآخرون غيرهم.

صحيح لقد بتنا ننام ونصحو على الموضوعات السياسية ... في البيت وفي العمل وفي الديوانيات في الأفراح وحتى في العزاء ... في كل مكان نتكلم عن السياسة!

لماذا؟ وكيف وصلنا إلى هذه المرحلة ؟ هل المشكلة تكمن فينا نحن؟ ألا يوجد ما يمكن أن نهتم به غير السياسة؟

يقول لي أحد الأصدقاء: المشكلة في المجتمع، فالشعب "فاضي وما يشتغل" لذلك يشغل الفراغ بالسياسة.

وآخر يقول: المشكلة في السلطة .. لأنها لم تحكم قبضتها و سمحت لـ "عوير وزوير" بالتدخل بأمور الدولة، فالدولة تحتاج إلى قيادة قوية ولن ينفع معنا إلا "المستبد العادل"!

ويأتي الثالث ليضيف: مشكلتنا هي عدم وجود ثقافة، فالمجتمع رغم أنه متعلم إلا أنه غير مثقف ويجب أن نقوم بتثقيفه!

وبالطبع هناك غير ذلك الكثير من الآراء.

شخصياً أعتقد أنه من الطبيعي أن نرى الجميع يتحدث في السياسة، لأن وضع البلد لا يسر وعجلة التنمية "نايمة" - كما يقول إخواننا المصريون عن "البنشر"- فلا السلطة ولا "نوابها" يستطيعون الإجابة عن "سؤال المليون": "وين رايحين"؟

أما مَنْ يقول إن الشعب فاضي فعليه أن يسأل نفسه مَنْ المتسبب في ذلك؟ مَنْ أسس للبطالة المقنعة ومَنْ هو المستفيد منها؟

وأما مَنْ يريد "المستبد العادل"، فالرد عليه خسارة حبر وورق ... ولو طلبت من ابني ذي الخمس سنوات أن يرد عليه لقال له: ماذا لو مات هذا "المستبد العادل"؟

و مَنْ يقول إن تثقيف المجتمع هو الحل، لا اختلف معه حول أهمية زيادة ثقافة ورفع مستوى وعي المجتمع، ولكن كيف؟ كيف سنقوم بتثقيف المجتمع؟ عن طريق الندوات؟ المقالات؟ البرامج الحوارية؟

كيف نقوم بتثقيف المجتمع في ظل وجود سلطة لا تؤمن بحرية الرأي؟ كيف ونحن لدينا سجناء كلمة؟ كيف ومعرض الكتاب قد أصبح معرضاً لكتب الطبخ؟ كيف والسلطة تمنع المثقفين من دخول البلاد "ما لم يكونوا على هواها طبعاً"؟

كطبيب، تعلمت أن بداية العلاج هي التشخيص، وأن المسكنات مهما كانت قوية سيزول تأثيرها وأنه ما لم يتم علاج سبب المرض فلن تفيد معالجة أعراضه .. لذلك أنا مؤمن أن ما نراه من مشاكل ما هي إلا أعراض للمرض، وما تفعله السلطة ما هو إلا محاولة لعلاج الأعراض وتسكين الألم دون الالتفات للسبب الحقيقي للمرض.

والمرض هو عدم إيمان السلطة بالدستور وعدم اعترافها بالديمقراطية ... لذلك فمن باب أولى أن نقوم بمعالجة المرض وإصلاح هذه السلطة وتعديل مسارها.

ولهذا السبب فالسياسة ستبقى الموضوع الأهم في هذا البلد ... ومن بعدها "الحداق"!

----------------

* عضو التيار التقدمي الكويتي.

بقلم: علي حسين العوضيبرزت على الساحتين، الفكرية والثقافية، في السنوات الأخيرة، مراجعات مهمة حول الأيديولوجيات السياسية والاقتصادية، في الوقت الذي يمر به العالم بتحوُّلات كبيرة، إضافة إلى التغيُّرات الجذرية التي طرأت على العديد من الأنظمة، وتبدل أطراف الصراع العالمي، وتنامي حالة الغليان الشعبي في المنطقة العربية منذ ثورات الربيع العربي، التي أطاحت بعض الأنظمة، ولا تزال مستمرة في عدد من البلدان.

وتأتي في مقدّمة هذه المراجعات الفكرية مراجعة لـ»اليسار العربي»، الباحث عن نهوض جديد، وحدوده وانعكاساته.

ومن الضروري بمكان التوقف بشكل متأنٍ أمام هذا الأمر، وخصوصاً أن هذا الفصيل ظل بمكوناته صامداً وثابتاً في وجه عدد من المتغيّرات والتحوُّلات، ومتمسكاً بفكرته الماركسية، وإن انخفض تأثيره في مرحلة من المراحل، نتيجة تنوُّع واختلاف بعض من مواقفه، وهو ما استلزم مثل هذه المراجعات النقدية، إلا أنه في المقابل بات اليوم يشكل وفق رؤى محددة وواضحة التيار الأقدر على فهم وتفسير مجريات الأمور وتطورها وتحليلها وفق منهجية مادية.

هذه المراجعات بدا في الآونة الأخيرة أنها أخذت أشكالاً عديدة، حيث خرجت العديد من الإسهامات والدراسات والمقالات الصحافية، واللقاءات التي تأتي في مقدمتها «اللقاء اليساري العربي» الدوري، إضافة إلى محاولات وكتب جادة قدمها عدد من المفكرين اليساريين العرب، من أمثال: نايف حواتمة في كتابه الذي حمل عنوان «اليسار العربي: رؤيا النهوض الكبير» (2009)، وكذلك كريم مروّة في كتاب «نحو نهضة جديدة لليسار في العالم العربي» (2010)، ونديم البيطار في «حدود اليسار الثوري كظاهرة تاريخية» (2003)، في محاولة لوضع وتأسيس البرنامج اليساري الجديد.

يتوقف غالبية اليساريين أمام عامل كان له تأثيره المباشر في أزمتهم، والذي يتمثل في انهيار منظومة الدول الاشتراكية في العام 1991، وما تلاه من تداعيات كانت نتائجها تحوُّلات ذات طابع ليبرالي بدأت تنتشر في الأوساط اليسارية، إضافة إلى ابتعاد بعض عناصره عن الفكر الاشتراكي والماركسي.

ويرى أحمد الديين في مقال له بعنوان «إعادة الاعتبار لليسار»، أن هناك جملة من العوامل الذاتية الداخلية وراء أزمة اليسار العربي، تتمثل في: أخطاء بعض قوى هذا اليسار، والتحاقها التبعي بـ»الأنظمة العربية الوطنية»، وقبولها بالتعارض المفتعل بين الديمقراطية السياسية وقضايا التحرر الوطني أو التحوُّلات الاجتماعية، وانخداع بعض قوى اليسار بالشعارات القومية، وانجرارها وراء حروب غير مبررة ومشروعات عدوانية وأطماع، إضافة إلى تجاهل هذه القوى للارتباط الجدلي بين نضالها السياسي ونضالها الاجتماعي، حيث ركزت على النضال السياسي، متناسية هموم الجماهير، وأخيراً التناحر المؤسف بين الفصائل والقوى التقدمية والوطنية والديمقراطية في البلد الواحد، ونسيان العدو المشترك والمهمات الأساسية.

لقاءات اليسار العربي

منذ العام 2010 بدأت فصائل اليسار العربي بإقامة اللقاءات الدورية والسنوية، والتي أقيم منها حتى الآن أربعة لقاءات عُقدت جميعها في العاصمة اللبنانية (بيروت)، وتأتي هذه اللقاءات في سياق ترتيب أوضاع اليسار في ضوء تطوُّرات الأوضاع في الشرق الأوسط، وكذلك على المستوى الدولي، في سبيل مواجهة محاولات استفراد الولايات المتحدة بمقدَّرات العالم، بقيادة المحافظين الجدد والنيوليبراليين، الذين يطرحون شعار «النظام العالمي الجديد»، حيث خصوا الشرق الأوسط بشعار «النظام الشرق الأوسطي الجديد»، تحت ستار الادعاء بنشر الديمقراطية وحقوق الإنسان.

وقد أشار البيان الختامي للقاء اليساري العربي الذي عُقد خلال الفترة من 18 إلى 19 فبراير في العام 2011 تحت شعار «مهمة اليسار العربي في الثورات الاجتماعية الراهنة وكيفية مواجهة الهجمة الامبريالية - الصهيونية» إلى أن المهمة الأولى لقوى اليسار العربي «تكمن في تحصين الحالة الثورية التي يعيشها عالمنا العربي وتجذيرها، باتفاقها على برنامج للتغيير يتحقق فيه الربط المنهجي النضالي بين المهام الوطنية ومهام التغيير الديمقراطي الاجتماعي»، وذلك من خلال «مقاومة الاحتلال والعدوانية الإمبريالية، بزعامة الولايات المتحدة الأميركية والصهيونية»، وهو ما يعطي لليسار العربي بُعداً تحررياً نحو تأسيس حركة تحرر عربية ذات برنامج نضالي يستهدف تغيير الأنظمة باتجاه أنظمة حكم وطنية ديمقراطية علمانية.

هذه المهمة تنطلق منها المهام الأخرى، مثل إعطاء الأولوية للنضال، من أجل الحريات الديمقراطية والعامة، بدءاً من «حق التنظيم السياسي والنقابي، وحق الطبقة العاملة وسائر الفئات الكادحة في الإضراب والاعتصام والتظاهر، من أجل تحقيق مطالبها العادلة».

وذهب البيان أيضاً إلى أهمية أن تكون الأحزاب والقوى اليسارية معبّرة بصورة حقيقية عن طموحات الشباب، وذلك «عبر تضمين برامجها مطالبهم وهمومهم الحياتية المباشرة، وكذلك تطلعاتهم إلى التغيير»، من خلال «بناء الكوادر الشبابية والطلابية اليسارية وإغناء تجربتها ونضالها، من أجل الديمقراطية والحريات العامة والعدالة الاجتماعية، وإعطائها دوراً أكبر في الهيئات القيادية للأحزاب».

ولم يغفل البيان التأكيد أن «القضية الفلسطينية كانت ولاتزال القضية المركزية للصراع العربي - الصهيوني، بما يتطلب إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية»، والتمسك بالثوابت الوطنية، حتى تتحقق أهداف الشعب الفلسطيني في إقامة دولته وعاصمتها القدس.

وفي اللقاء الرابع، الذي أقيم في يونيو الماضي، تم تثبيت شعار وهدف مرحلي للقوى اليسارية العربية تبلور في «النضال من أجل بناء دولة وطنية ديمقراطية».

هذه الاستفاضة ضرورية، بل قد تكون مدخلاً أساسياً لإدراك برنامج التغيير «اليساري» الذي تسعى إليه المنظمات والهيئات والأحزاب اليسارية، في محاولة لخلق الواقع الجديد، وذلك من خلال عرض لكتابي نايف حواتمة وكريم مروّة.

رؤيا النهوض

يمثل كتاب نايف حواتمة «اليسار العربي: رؤيا النهوض الكبير» أحد أهم التوجهات الداعمة للعمل المشترك بين جميع القوى اليسارية، إلا أنه في المقابل يؤكد أن «اليسار» كلمة ذات دلالات واسعة وفضفاضة تحتاج إلى تحديد في البلد والمجتمع الواحد.

لذلك، يشير حواتمة إلى ثنائية مترادفة: الأولى في برنامج العمل اليساري والتقدمي، والثانية في مدى ارتباط هذا البرنامج بـ«مفهوم العدالة الاجتماعية»، والتي هي «طريق الديمقراطية التعددية».

ولكن كيف يمكن تلمس هذا الطريق؟ الإجابة تكمن في أنه لا يمكن إجراء «الإصلاح الديمقراطي الاجتماعي السياسي من دون أن يترافق معه إصلاح ثقافي فكري شامل».

ويربط حواتمة المحددات العامة لمفهوم اليسار الديمقراطي بجوهر العدالة الاجتماعية وتوزيع عائدات الدولة والمجتمع، فضلاً عن ارتباطه بمفهوم التقدم، الذي يتمثل برؤية الأهداف العامة المترابطة في قوتها، عضوياً وبنيوياً، لتحقيق السيادة الوطنية والقومية، والتحرر من التبعية، والتنمية الإنسانية المستدامة بكل أبعادها.

ومن هنا، يؤكد أن العلاج والحل لقوى اليسار الوطني الديمقراطي ينطلق من «إعادة بناء حركة شعبية تحررية تقدمية متنورة، ومواجهة السلفية الدينية السياسية والنيوليبرالية ومدرسة المحافظين الجدد»، وهم وفق حواتمة، «سيصلون في النهاية إلى الطريق والجدار المسدود».

نهضة جديدة

من جانبه، يحدد كريم مروّة في كتابه الموسوم «نحو نهضة جديدة لليسار العربي» مسألتين أساسيتين تمثلان المحور بالنسبة لـ«اليسار»، هما: «تحديد المهمات التي تحرر عالمنا العربي من تخلفه، وتحرر شعوبنا في أنظمة الاستبداد السائدة»، وهو ما يعني ويتطلب أيضاً «العمل على تحديد معالم الدولة الحديثة التي تحتاج إليها بلداننا».

ويرسم مروّة البرنامج اليساري الجديد للمرحلة المقبلة، محدداً عدداً من القضايا ذات العلاقة المباشرة في ما بينها، وأن تحقيقها وتنفيذها يستلزم نضالاً جماهيرياً شاملاً لجميع القطاعات، وهذه القضايا هي:

ـ بناء الدولة، وتحرر البلدان من النمط الاستبدادي القديم نحو الدولة الديمقراطية الحديثة، بكل ما يحتويه هذا المفهوم من قانون ومؤسسات وحريات عامة.

ـ تحديد مكونات المجتمع المدني ووظائفها من أحزاب ومؤسسات وجمعيات اجتماعية وثقافية ونقابات عمال، حيث تحتاج مثل هذه المؤسسات إلى تجديد ذاتها، وتطوير وسائل عملها ونضالها، والارتقاء في صيغها باتجاه الديمقراطية والشفافية والاهتمام الحقيقي بحقوق الإنسان والمواطن.

ـ الرؤية والمسألة الوطنية ومنع التدخلات الخارجية، ورفض تدخل أي بلد عربي بشؤون بلد عربي آخر تحت أي ظروف، سواء أكانت الشعارات قومية أم دينية.

ـ تحقيق التقدم الاقتصادي لإخراج بلداننا من تخلفها المزمن في كل جوانبه.

ـ سياسة جديدة لاستثمار الثروات في بلداننا، والتي هي عُرضة للتبديد في أيدي السلطات المتحكمة بها من جهة، وتحكم وهيمنة القوى الخارجية من جهة أخرى.

ـ التنمية الاجتماعية، والتي أولها تأمين فرص التعليم لجميع المواطنين وتمكينهم من امتلاك الثقافة والمعرفة في كل ميادينهما.

ـ الضمانات الاجتماعية، والتي يؤدي فقدانها إلى تزايد حجم الفقر والمرض، ويدخل في هذا المجال الصحة والسكن.

ـ الاهتمام بالثقافة والمعرفة في كل فروعها، إنتاجاً وتعميماً.

ـ البحث العلمي، وتعزيز وتطوير مراكزه والإنفاق عليه.

ـ الاهتمام بالتراث الثقافي والاجتماعي، والذي هو الأساس في تحديد الهوية لشعوبنا.

ـ الاهتمام بالشباب، تنشئة وتعليماً، وتوفير فرص عمل لهم، وتوفير كل الشروط لنشاطهم البدني والترفيهي، وتلبية احتياجاتهم التي تسهم في تكوين شخصيتهم.

ـ لا تزال المرأة تعاني أشكالا من الظلم والاضطهاد وتُحرم من دورها في بناء المجتمع، حيث تتحمَّل الدولة وبعض المؤسسات السياسية والاجتماعية وبعض الحركات الأصولية المسؤولية تجاهها.

ـ النضال ضد التطرُّف والإرهاب، الذي يتخذ أصحابه شعارات سلفية يلحقونها بالدين، تعسفاً ورياءً.

ـ الاهتمام بالبيئة والمحيط، وبكل ما يتصل بالحفاظ على الحياة، وبحماية الطبيعة من محاولات تدميرها.

ـ النضال ضد الأنظمة الاستبدادية وضد أشكال تحكم سلطاتها في شؤون البلاد كلها، والنضال لإلغاء القوانين الاستثنائية وتحرير البلاد والشعب والمواطن من وسائل القمع الذي تتعرض لها حرياته ونشاطه، وكذلك مكافحة الفساد الذي «يعشش» في مؤسسات الدولة التي تستخدم للإثراء غير المشروع، من خلال هدر المال العام، ونهب وتجويع الشعب وإفقاره.

ـ معالجة القضية الفلسطينية، والتضامن مع الشعب الفلسطيني في نضاله المشروع، إذ لا سلام مع إسرائيل من دون تحرير الأراضي العربية المحتلة كاملة.

ـ الحفاظ على حقوق الأقليات في المنطقة العربية وحرياتهم والاعتزار بثقافاتهم.

ـ توطيد علاقات التكامل بين البلدان العربية في شتى المجالات، الاقتصادية والثقافية والعلمية، على قاعدتي العلاقة التاريخية والمصالح المشتركة.

ـ العلاقات الدولية والإقليمية والموقف الحازم تجاه السياسات التي شكلتها الإدارات الأميركية المتعاقبة في تدخلها في شؤون بلداننا، والعمل مع سائر القوى اليسارية والديمقراطية في العالم لمواجهة رأس المال المعولم، والعمل على تقارب الشعوب، من خلال التفاعل بين ثقافاتها ونشر السلام العالمي.

ـ إنجاز البرنامج المشترك بين قوى التغيير في العالم العربي، لدعم استقلال البلدان العربية وسيادتها وتحقيق التكامل المنشود على طريقة الاتحاد العربي، بما يحقق التقدم الاقتصاد والاجتماعي.

كلمة أخيرة

إن اليسار العالمي والعربي بدأ مراجعاته الفكرية، متمسكاً أولاً بأيديولوجيته الماركسية، وثانياً بمنهجه المادي لتفسير التاريخ والأحداث، وهو ما يترتب عليه تطوير أسلوب وبرامج العمل ووسائل التغيير النضالي والثوري، والالتصاق أكثر بالجماهير، وإعادة تفسير مفهوم «الطبقة العاملة» من معناه الكلاسيكي، ليشمل قطاعات وفئات أوسع، وإعادة فهم طبيعة المجتمعات وتركيبتها الاجتماعية واختلاف مكوناتها من مكان لآخر.

«اليسار» اليوم مطالب بأدوار أكبر وأشمل، بعدما افتقدت الحركات الوطنية التقليدية هوياتها ومرجعياتها، وأصبحت تعتمد على البرامج ذات الطابع المصلحي، والتصقت أكثر، ونقصد هنا الحركة الوطنية التقليدية، بالإطارين الليبرالي والنيوليبرالي وتوجهاتهما، حتى أضحت مصالح «البرجوازية الوطنية» طاغية على المصالح الحقيقية.

ويسجل لليسار بشكل عام استمرار مواقفه الراديكالية المعارضة لسياسات الانفراد بالسلطة، بشتى أنواعها، ومناهضته في الوقت ذاته للغرب الرأسمالي، بقيادة الولايات المتحدة، ورفضه لعمليات الاستسلام، ولم ينسَ أيضاً أهمية القضية الفلسطينية، باعتبارها مدخلاً رئيساً للعمل الوحدوي العربي المشترك، وما يتطلبه ذلك من آليات وإستراتيجيات.مفهوم العدالة الاجتماعيةبرز في سياق المراجعات النقدية مصطلح «العدالة الاجتماعية»، والذي حدد كريم مروّة مستوياتها في بلد ما بأربعة أمور، هي:● مستوى التقدم الاقتصادي المحقق في البلد المعين.● مدى ترسخ الديمقراطية وثباتها بالمعنى السياسي والاجتماعي لها، وانعكاس ذلك في سياسات الحكومات المتعاقبة وبرامجها، ولا سيما في ما يتعلق بالقوانين العامة التي تحمي حقوق المواطنين في كل ما يتصل بحياتهم ونشاطهم.● مدى إمكانية تحقق نوع من التكامل بين مؤسات الدولة الديمقراطية ومؤسسات المجتمع المدني في ما يخص التنمية الاجتماعية.● مدى قدرة القوى الديمقراطية ومؤسسات المجتمع المدني على تقديم برامج لتوعية المواطنين بحقوقهم وواجباتهم من جهة، ولتحديد المهمات المطلوب تحقيقها من جهة ثانية، وجذب هؤلاء المواطنين، من جهة ثالثة، إلى الانخراط في النضالات الديمقراطية، دفاعاً عن حقوقهم وتلبية لمطالبهم، لمواجهة المحاولات التي يمكن أن تقوم بها السلطات لوضع قوانين تسلبهم حقوقهم.

________________________________________________

منقول عن جريدة الطليعة تاريخ 09/10/2013

تحاول أنظمة دول الخليج الحد من تداعيات التغيرات الجذرية في منطقتنا العربية لا سيما بعد ثورات الربيع العربي، ولكنها سترتكب خطأ جسيما على المدى المنظور إن ظنت أن تشديد القبضة الأمنية أو قدراتها المالية في الوقت الراهن أو الاثنين معا سيحققان ذلك، حيث إن العكس هو الصحيح.لقد أثبتت تجارب البشرية أن توسيع قاعدة المشاركة السياسية وتجذير الديمقراطية والتوزيع العادل للثروة هي التي توفر الاستقرار السياسي، فكلما ضاقت القاعدة الشعبية للحكم ازداد احتكار السلطة والثروة، وانتشر الفساد السياسي وقلت، بالتالي، درجة الاستقرار السياسي والاقتصادي.ومن المستحيل توسيع قاعدة المشاركة السياسية بمجرد إنشاء أجهزة بمسميات شعبية مع انتخابات صورية أحياناً؛ كي تبدو شكليا وكأنها "مؤسسات دستورية ديمقراطية"، كما هي الحال حاليا في معظم دول الخليج، بل إن ذلك يتحقق من خلال وجود مؤسسات دستورية حقيقية لنظام ديمقراطي يقوم على أساس التداول السلمي للسلطة التنفيذية والتعددية، وفصل السلطات وسيادة القانون، وهو الأمر الذي يتطلب وجود مشروع دولة مدنية ديمقراطية لا مشروع حكم فقط، وإصلاحات سياسية جذرية وشاملة تمهد الطريق بشكل سلمي لقيام نظم ملكية دستورية حديثة.لهذا ففي ظل المتغيرات الإقليمية والدولية والتحديات التنموية الصعبة التي تواجها دول الخليج فإن المطالب المستحقة لشعوب المنطقة بممارسة حقها في المشاركة في إدارة دولة ديمقراطية دستورية حديثة أصبحت أمراً ملحاً الآن، حتى لا تضيق القاعدة الشعبية للأنظمة السياسية في الخليج، فتصبح مع الوقت معزولة شعبياً، ما قد يؤدي إلى خلخلة الجبهة الداخلية وعدم الاستقرار السياسي، وهو الأمر الذي سيسهل التدخلات الخارجية، ويزيد من قوة ونفوذ القوى المتطرفة المعادية فكرياً وسياسياً للديمقراطية والمدنية والحريات والدولة الحديثة، والتي تحلم بالعودة بمجتمعاتنا قروناً للوراء، وهي القوى المتخلفة ذاتها التي تحالفت معها أنظمة الخليج طيلة العقود الأربعة الماضية، ووفرت لها تسهيلات كثيرة مكنتها من نشر خطابها السياسي الإقصائي المتخلف، بينما ضيقت الخناق على القوى المدنية والديمقراطية، وتعاملت بشكل عدائي مع دعواتها الصادقة والمتكررة لتوسيع المشاركة الشعبية، وتجذير الديمقراطية وحماية الحريات العامة والشخصية، وها نحن اليوم نرى نتائج ذلك على أرض الواقع.وغني عن البيان أن إقامة أنظمة دستورية ديمقراطية من شأنه توسيع القاعدة الشعبية لأنظمة الخليج، فضلاً عن إعطاء الحق للجميع بالمشاركة السياسية والعمل العلني تحت مظلة القانون، إذ لا يجوز إقصاء أي طرف سياسي مهما بلغت درجة الاختلاف الفكري والسياسي طالما التزم بقواعد العملية السياسية التي تنطبق على الجميع دون استثناء.

د.بدر الديحاني________________________________منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 09/10/2013

تمر الولايات المتحدة الأميركية وهي أكبر دولة رأسمالية بأزمة مالية مستجدة، جراء رفض الجمهوريين تمرير ميزانية قصيرة الأجل لتسيير شؤون الدولة بانتظار يوم 17 أكتوبر الذي سيكون موعداً للنقاش حول رفع سقف الدين الأميركي فوق 16700 مليار دولار.ومنذ الأزمة الاقتصادية الرأسمالية «الكساد الكبير الثاني» 2008م، قامت الولايات المتحدة بالتوسع في الاستدانة وطباعة مزيد من عملة الدولار، ورفع سقف الدين الذي يفترض أن يكون أمراً روتينياً، لكن حدة الخلاف كما يقول أحد الاقتصاديين الكويتيين الشباب جعلته يُستخدم كوسيلة لليّ ذراع حكومة أوباما وتحقيق مكاسب سياسية للجمهوريين، وقد تنعكس على هذا الخلاف في موضوع رفع الدين آثار سيئة جداً على الاقتصاد العالمي، لأنه سيعني افلاس حكومة أكبر اقتصاد عالمي، رغم أن سبب الافلاس سيكون سياسياً أكثر مما هو اقتصادي، وسيعني أيضاً فشل الحزبين اللذين يمثلان الطبقة المهيمنة والمسيطرة في التوافق على إدارة الدولة على اثر أزمة الرأسمالية الأميركية.وسيكون لأزمة الدين انعكاسات خطيرة على الاقتصاد، إذ من غير المستبعد تسريح عشرات الآلاف من العاملين في القطاع الحكومي وارتفاع معدلات البطالة أكثر مما هي مرتفعة الآن، ويعني كذلك تدهوراً أكثر للحالة المعيشية للفئات الفقيرة بسبب إيقاف برامج الرعاية الاجتماعية، وأيضاً تدهور القطاع الخاص وهروب رؤوس الأموال الخاصة خارج أميركا، مما يعني فقدانها لمركزها ضمن الاقتصادات الأكثر استقراراً في العالم، وليس مستبعداً أن يؤدي ذلك إلى تقويض الهيمنة العسكرية والمالية في العالم بسبب عدم توافر الموارد الاقتصادية الكافية، أي عدم التمكن من تمويل المشروع السياسي الخارجي والتخلي عنه في سبيل تثبيت الاستقرار الداخلي.ورغم أن السوق النفطية للكويت لا تعتمد على الولايات المتحدة بل سوقها الأساسي هو دول آسيا مثل الهند والصين ودول شرق آسيا، إلا أن الاستثمارات الكويتية قد تقل قيمتها بسبب تدهور الوضع الاقتصادي العام وخاصة هيئة الاستثمار الكويتية، حيث من المتوقع أن تتزعزع العملة لكن من غير المعروف لأي درجة حتى الآن.وقد أدت هذه الأزمة المالية الأميركية الجديدة إلى قلق أوروبي وصيني وياباني، والتي قد تمتد تداعياتها إلى الكويت والخليج بل والعالم أجمع، حيث هناك تحذير من عواقب كارثية من شأنها أن تخفض من قيمة الدولار وتسبب تجميداً لأسواق الائتمان مع زيادة معدلات الفائدة وخسائر في أسواق المال، في الوقت الذي هزأت فيه صحيفة سريلانكية قائلة»: علينا إعادة تغليف النصائح الأميركية وبشأن الحكم الرشيد وإعادتها للمرسل».ويذكر أن عدداً من الإدارات المركزية في الولايات المتحدة مقفلة، منها وكالة الفضاء «ناسا» وهي إحدى الوكالات الفيدرالية التي تأثرت بالإغلاق الجزئي للحكومة، وأجبر نحو 18 ألفا من العاملين بها أي بنسبة 97 في المئة من إجمالي قوة العمل بالوكالة على إجازات قسرية من دون راتب، وتم وضع ما يقارب 900 ألف موظف فدرالي «حكومي» أي بنسبة 43 في المئة من إجمالي موظفي القطاع الحكومي في حالة الإجازات القسرية غير المدفوعة.هذه الأزمة المالية تشكل ضربة معول جديدة على جدار أعتى القلاع الرأسمالية، لتؤكد أن الأزمة الرأسمالية الاقتصادية العالمية التي تبلورت عام 2008م، هي أقوى أزمة اقتصادية للنظام الرأسمالي الذي وصفه فوكوياما بـ«نهاية التاريخ»، وترنّح هذا النظام الاقتصادي الاجتماعي الذي سينعكس على دولنا، سيدفع البشرية إلى مزيد من الفقر والمعاناة والبطالة، لكن هل سيتخلى هذا النظام عن صلفه وادعاءاته ومحاولاته التحكم بمصائر شعوبنا ونهب ثرواتنا؟

وليد الرجيبosbohatw@gmail.com____________________________________منقول عن جريدة الراي تاريخ 09\10\2013 العدد:12518

في الوقت الذي ترتبط فيه بعض دول التعاون الخليجي مثل الكويت بمعاهدات حماية (SOFA) مع الولايات المتحدة وبعضها الآخر على أراضيها قواعد عسكرية أميركية وبريطانية، فإن أموالاً ضخمة جداً تصرف من الموازنات العامة على سباق التسلح. يحصل ذلك بينما ترتفع في "دول التعاون" معدلات البطالة والفقر وتشتد أزمة السكن وتتراجع مستويات خدمات الصحة والتعليم وتتقادم البنية التحتية... فإلى متى تُصرف ثروات بلداننا على الأسلحة؟ ولمصلحة من؟في الكويت، على سبيل المثال، وبحسب تقرير "شركة الشال للاستشارات الاقتصادية" بتاريخ (28 سبتمبر 2013) فإن "الإنفاق العسكري بلغ في عام 2012 نحو 6.021 مليارات دولار أميركي، أي نحو 1.686 مليار دينار كويتي، بارتفاع سنوي نسبته 10.2%، تقريباً، والإنفاق العسكري، قياساً بحجم الاقتصاد، ارتفع، قليلاً، بنحو 0.1 نقطة مئوية ليبلغ 3.3%، أي أعلى من المعدل العالمي بنحو 0.8 نقطة مئوية.وبالنظر إلى تاريخ الإنفاق العسكري الكويتي، بعد مرحلة التحرير ونفقات إعادة تأسيس الجيش، يلاحظ أن الإنفاق العسكري الكويتي شهد في الفترة 1995- 1999 مرحلة انخفاض إجمالي بنحو -41.3%، ثم ارتفاعاً في الفترة 2000-2004، أي حتى حرب العراق، بنحو +36.4%، ثم مرحلة تذبذب في الفترة 2005- 2010، وأخيراً، ارتفاعاً خلال عامي 2011 و2012، أي بعد ثورات الربيع العربي، بنحو +26.1%، ليبلغ الإنفاق العسكري عام 2012، بالأسعار الثابتة (أي بعد إزالة أثر التضخم)، أعلى مستوى له منذ عام 1996". انتهى الاقتباس.وكما نرى في حالة الكويت، فإن الموازنة العامة تُستنزف من أجل مصلحة مصانع الأسلحة الأميركية والأوروبية وتجار الأسلحة ووكلائها المحليين وبعض البيروقراطيين والوسطاء، وهو الأمر الذي تتجاهله تقارير صندوق النقد والبنك الدوليين وبعض الدراسات والاستشارات المحلية عند الحديث عن اختلالات الموازنة العامة للدولة والعجز المتوقع في المستقبل القريب، حيث إن عيونهم لا ترى من أبواب الميزانية سوى الإعانات والدعم الحكومي لذوي الدخول المحدودة والمتوسطة والباب الأول فقط، وبالذات رواتب صغار الموظفين، وليس المزايا المالية التي تمنح لكبار موظفي الدولة من دون مبرر!ومن أسف أن أعضاء مجالس الأمة وقوى المجتمع المدني ذات العلاقة والقوى السياسية والمهتمين بالشأن العام لا يتطرقون بتاتاً إلى الإنفاق العسكري وضرورة تخفيضه، وكأنه من المحرمات على الرغم من أن تقارير دولية وصحفاً عالمية تنشر تفاصيله باستمرار.والآن وفي ظل الأزمة المالية العالمية الخانقة، فإن هناك حاجة ماسة لوقف سباق التسلح في المنطقة وتخفيض الإنفاق العسكري غير الضروري الذي يستنزف ثروات شعوبنا؛ لما لذلك من تأثير إيجابي في حل المشاكل العامة الكثيرة التي تواجه شعوب دول مجلس التعاون حتى لا ينطبق علينا قول الشاعر عبدالغني النابلسي:كالعيس في البيداء يقتلها الظماوالماء فوق ظهورها محمول

د.بدر الديحاني________________________________منقول عن جريدة الجريدة تاريخ ٠٧/١٠/٢٠١٣

بقلم: د.فواز فرحان

عندما ثارت الشعوب الأوروبية وتحديداً في فرنسا على الإقطاع الممثل بالنظام الملكي المتحالف مع الكنيسة تحت شعار (دعه يمر.. دعه يعمل..) كانت البرجوازية في ذلك الوقت هي الطليعة الاجتماعية والسياسية الواعية التي قادت تلك الثورة وبالتأكيد كانت هذه الطليعة (تقدمية) في ذلك الوقت بناءً على موقفها السياسي الاقتصادي الاجتماعي من الإقطاع والنظام الملكي المطلق عموماً، كان منطلق هذه الثورة منطلقاً طبقياً متمثلاً بتعارض مصالح هذه البرجوازية التي تريد للناس والسلع أن تنتقل بين أسواق الإقطاعيات والملكيات بحرية وبين مصالح الطبقة الإقطاعية التي كانت تمنع هذا التنقل أحياناً وتفرض عليه شروطاً مرهقة وتعجيزية أحياناً أخرى، ولم يكن منطلق هذه الثورة تنويرياً كما يروّج العقلانيون الجدد في هذه الأيام رغم أن حملات التنوير الفردية والمتفرقة كانت تنتشر في أوروبا منذ قرون سبقت هذه الثورة وبالتأكيد كان لها أثر على نضوج الطليعة الواعية ولكن هذا لم يرقى لكونه المحرك الأول لها أو المنطلق لثورة الشعوب.

تحول شعار (دعه يمر.. دعه يعمل..) إلى منطلق اقتصادي للنظام الرأسمالي الذي ساد بعد نهاية النظام الإقطاعي وتحولت معه البرجوازية إلى طبقة تعتمد على هذا النظام الجديد لتثبيت سيطرتها على المجتمع والدولة بهدف زيادة الربح ولا شيء سوى الربح، ومن غير شك أن هذا النظام الرأسمالي تطورت في ظله الديمقراطية وتبلورت معه مفاهيم الحريات الشخصية والفردية وخصوصاً حرية السوق، ولكن هذا النظام تحول شيئاً فشيئاً إلى نظام (مجنون) تزداد معه الفوارق الطبقية ويزداد الأثرياء ثراءً والفقراء فقراً بسبب طبيعة هذا النظام الاستغلالية مهمشاً شيئاً فشيئاً مباديء العدالة الاجتماعية، وظهرت الليبرالية مع ظهور هذا النظام؛ فهي ابنته المباشرة ونتيجته الطبيعية التي اكتسبت مبادئها ومنطلقاتها من مبدئه ومنطلقه الاقتصادي المتمثل بحرية السوق، فالليبرالية هي المذهب السياسي الذي ينطلق من الحرية الفردية ويتمحور حولها ويعتمد النظام الرأسمالي كنظام اقتصادي انطلاقاً من هذه الحرية متناسياً مبدأ العدالة الاجتماعية الذي ضيعه تقديس الحرية الفردية وبالأخص حرية السوق بشكلٍ مفرط، والليبرالية ليست هي التحررية كما يحاول أن يرسّخ ذلك الليبراليون العرب ومن ضمنهم التنويريون والعقلانيون الجدد الذين لا يضعون للتطور التاريخي الذي نشأت به الليبرالية أي اهتمام واقعي أو اعتبار علمي.

بسبب هذا النظام الرأسمالي والخلل البنيوي فيه والمتمثل بعشوائية السوق التي تؤدي إلى فائض في الانتاج وضعف في الطلب وبالتالي المزيد من التضخم والبطالة والفقر حدث (الكساد الكبير) أو ما تسمى بالأزمة الاقتصادية الكبرى في عام ١٩٢٩ والتي خلفت الكثير من المآسي البشرية، وطرح في ذلك الوقت المفكر الاقتصادي الإنجليزي (كينز) حلولاً كان يعتقد بأنها ناجحة وناجعة للتغلب على مشاكل النظام الرأسمالي مثل دعم الطبقات العاملة والفقيرة والمهمشة وتدخّل الدولة لصالح ذلك حتى لا يزيد استغلال البرحوازية لهذه الطبقات فيزداد الفقر والعوز فنشأت (الكينزية) أو ما تم الاصطلاح عليه بالليبرالية الاجتماعية والتي تنطلق من نفس منطلقات الليبرالية الكلاسيكية التي سبقت (الكساد الكبير) ولكنها مُطعّمة ببعض الأفكار الاجتماعية أو الاشتراكية مثل تدخل الدولة في الاقتصاد، فالليبرالية الاجتماعية هي تعديل طفيف على الليبرالية الكلاسيكية للتخفيف من مشاكل النظام الرأسمالي ولكنها لا تعالج خلله البنيوي وتناقضه الرئيسي اللذين هما أساس هذه المشاكل.

والليبرالية الاجتماعية ليست كما يروّج أتباعها -إما جهلاً أو تدليساً- على أنها الخط الثالث الوسطي بين الرأسمالية والاشتراكية بل هي تطور تاريخي للليبرالية الكلاسيكية، والليبرالية الاجتماعية كذلك ليست هي الاشتراكية الديمقراطية كما يتوّهم بعض من يدعي التنظير السياسي والفكري لأن الأولى منطلقها الحرية الفردية والثانية منطلقها العدالة الاجتماعية وإن تشابهت برامجمها على أرض الواقع أو اندمجت بعض الأحزاب التي تمثلهما في بعض الدول الأوروبية، والدليل التاريخي الملموس على عدم جدوى هذه الليبرالية الاجتماعية في إيجاد حل جذري لمشاكل الرأسمالية أن أكبر الدول التي كانت تتبناها مثل أميركا وبريطانيا انتقلت بعد ما يقارب الستين عاماً على تبنيها إلى (الليبرالية الجديدة) والتي تعتبر كذلك تطوراً تاريخياً لليبرالية الاجتماعية في بعض الدول التي انتعشت اقتصادياً وتوهمت أن الطبقات العاملة وصلت إلى مرحلة لم يعد ممكناً بعدها أن تعاني من مشاكل التضخم والبطالة والفقر ولكن التاريخ أثبت عكس ذلك، فالأزمة الاقتصادية التي ضربت العالم في عام ٢٠٠٨ مازالت تغرس أظفارها في لحوم الشعوب والبطالة والفقر يأكلان مجتمعات أوروبية وأميركية شمالية وجنوبية ومجتمعات أخرى في العالم.

باختصار؛ الرأسمالية نظام مجنون تستخدمه الطبقة البرجوازية لاستغلال الطبقة العاملة لجني المزيد من الأرباح، والليبرالية الاجتماعية تعتقد بأنها تعالج مشاكل الرأسمالية من خلال بعض التعديلات على النظام الاقتصادي غير ملاحِظة للخلل البنيوي للرأسمالية وتناقضها الرئيسي، ولا ينطبق على الليبرالية الاجتماعية والرأسمالية إلا المثل الشعبي الذي يقول: عميا تمشّط مجنونة!

--------------------------------------

*عضو التيار التقدمي الكويتي.

رحل فجر أمس رائد الواقعية الاجتماعية في الفن التشكيلي الفنان حسين مسيّب، وهو من فناني الرعيل القديم في الكويت الذين اهتموا بالتسجيل لحياة ومعاناة وعادات أبناء الكويت من العاملين والبحارة والحمّارة والكادحين بمختلف أعمالهم، ولم تقتصر أعماله التشكيلية على العامل والكادح الكويتي ولكنه صوّر معاناة الانسان أياً كانت جنسيته على أرض الكويت التي أحبها وعشق ترابها وعاد أثناء الاحتلال بأصعب الطرق ليكون في بلده ويشارك شعبه الصمود.ولد الفنان حسين مسيب عام 1935م، وتعود بداياته الفنية الى فترة انضمامه الى شباب المرسم الحر في العام 1961م، والى مشاركته في العام نفسه بمعرض الربيع الثالث بقاعة مدرسة المباركية بأعمال في النحت والخزف الى جانب لوحاته التشكيلية.ويعتبر الفنان التشكيلي الكويتي حسين مسيب من الفنانين التسجيليين، الذين حرصوا على تسجيل البيئة الكويتية القديمة من خلال حركة المجتمع لا من خلال سكون المنظر مثل لوحته «شاوي الفريج» ولوحته «التموين» التي تبين طريقة حصول الكويتيين على التموين أثناء الحرب العالمية الثانية والحمّار الذي يزوّد المنازل بالماء.فهو من الفنانين الكويتيين القلائل الذين انحازوا في رسوماتهم الى الانسان الكادح والمسحوق، من خلال لوحاته وخاصة رائعته «الحمّالي» التي تصور العتّال وهو يغفو جالساً بعد تعب العمل، وكذلك العامل الذي يغفو في ظل الشجرة، اضافة الى تصوير قالعي الصخور من شمال الكويت ونقلها في المراكب قديماً لبناء المنازل، هذا العمل الشاق والمجهد، وكذلك الحداق الذي يعتاش على صيد السمك وغيرها الكثير من اللوحات والمنحوتات.والفنان يشعر ويتعاطف مع هموم الكادحين والعمال والمهمشين الذين لا يخطرون على بال كثير من التشكيليين الكويتيين، وعندما تجلس وتتحدث معه تكتشف أنه كان أحد هؤلاء الكادحين وكأنه تبنى قضيتهم من خلال تخليدهم في لوحاته التي تمتاز برومانسية وهدوء ألوانها الزاهية رغم معاناة أبطالها وشخصوها، وهذه الألوان الهادئة الزاهية تعكس روح الفنان حسين مسيب النقية والجميلة الذي عاش عمره متعاطفاً ومنحازاً للفقراء والعمال والكادحين ويجد فيهم جمال الحياة لأنهم صنّاعها، وخاصة أنه بدأ حياته عاملاً في شركة نفط الكويت KOC، ثم اجتهد وأكمل دراسته المسائية ثم اجتهد أكثر وذهب لدراسة الفنون التشكيلية في بلغراد - يوغسلافيا، وكانت آخر وظيفة عمل بها قبل تقاعده موظفا في جمارك ميناء شعيبة.هذا الانسان الرائع هو أقرب الى الملاك منه الى الانسان بنوازعه المختلفة كان يعمل كل شيء بيديه ويقدّس العمل اليدوي، أحبه رجل الشارع والعامل الذي كان يشاركه طعامه، وكذلك أحبه زملاؤه التشكيليون حيث زامله في المرسم الحر عمالقة الفن التشكيلي مثل النحات العالمي سامي محمد والناقد التشكيلي الوحيد في الكويت حميد خزعل اضافة الى كل الفنانين الرواد الذين رفعوا رأس الكويت عالياً في المحافل الدولية دون أدنى اعتبار أو تقدير من الدولة لهم ولفنهم الرائع، ولن أنسى لوحته التي تصوّر خوذة جندي ميت نبتت بداخلها زهرة ليعلن أنه نصير السلام في العالم أيضاً.فها هو مبدع كويتي آخر يرحل دون تكريم من الدولة أو حتى جائزة تقديرية، وسيُذكر ويُؤبن بعد وفاته كما هي عادة مبدعي الوطن، بينما يكرّم من هم أقل عطاءً منهم، لتتحول المؤسسات الثقافية الرسمية والأهلية الى مؤسسات بيروقراطية ادارية لا تعرف ولا تقدر مبدعي بلدها وشعبها.رحم الله الفنان التشكيلي حسين مسيب نصير الكادحين والعمال، ومصور البيئة الكويتية القديمة بمعاناة أهلها، ورائد الواقعية الاجتماعية في الفن التشكيلي بالكويت، رحل صامتاً هادئاً وديعاً كما عاش.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

____________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 07\10\2013 العدد:12516

من حيث المبدأ لا حدود لقدرة الدولة على الاستدانة، طالما هناك من يقرضها من خارج الحكومة (أفراد ومؤسسات وشركات وحكومات أخرى) بفوائد معقولة، أو طالما لها القدرة على تمويل نفسها بطباعة مزيد من عملتها دون حدوث تضخم خطير في الأسعار.

الولايات المتحدة تتوسع بالقيام بالاثنين منذ ٢٠٠٨ ولا بوادر جدية على عدم القدرة على الاستمرار في ذلك، ودولة مثل اليابان نسبة ديونها تساوي نحو ضعف ديون أمريكا منذ سنوات وأوضاعها مستقرة، والتحذير من انخفاض قيمة الدولار وارد وقد حصل لكن انهيار القيمة مستبعد، وبالتالي يمكن التعامل مع تبعات رفع سقف الدين الأمريكي في الخليج.

إجراء رفع سقف الدين الأمريكي بحد ذاته مفترض أن يكون روتينيا، لكن حدة الخلاف السياسي جعلته يستخدم كوسيلة للي ذراع حكومة أوباما لتحقيق مكاسب للجمهوريين، وقد خضع أوباما لهذا التكتيك سابقا، لكنه يبدو أكثر تصلبا هذه المرة.

في حال فشلت الحكومة في رفع سقف الدين فقد يكون لذلك آثار سيئة جدا على الاقتصاد العالمي ككل، لأنه سيعني إعلان إفلاس حكومة أكبر اقتصاد عالمي وأكثر اقتصاد يحوز على الثقة، مع الانتباه أن سبب الإفلاس لن يكون اقتصاديا بحتا بقدر ما هو سياسي: فشل السياسيين الأمريكان في التوافق على إدارة الدولة اقتصاديا.

ويمكن أن نقول: فشل الحزبين اللذين يمثلان الطبقة المسيطرة في التوافق على إدارة الدولة، وذلك بضغط من أزمة الرأسمالية الأمريكية، ويضغط من الفئات الفقيرة التي تسوء أحوالها عاما بعد عام منذ ٢٠٠٨.

أما انعكاسات أزمة سقف الدين على الاقتصاد الأمريكي فهي غير معروفة النتائج بدقة لأنها حالة غير مسبوقة في التاريخ الحديث، نظرا لحجم وأهمية الاقتصاد الأمريكي، بعض النتائج المتوقعة تشمل:

١. تسريحات كبيرة للعاملين في الحكومة، وبالتالي ارتفاع البطالة.

٢. تدهور في الحالة المعيشية للفئات الفقيرة نظرا لإيقاف برامج الرعاية الاجتماعية الحكومية.

٣. تدهور حالة الاقتصاد ككل في أمريكا، أي حتى القطاع الخاص، بسبب الخوف من المستقبل وعدم الاستثمار وإيثار الادخار.

٤. خروج رؤوس الأموال الخاصة خارج أمريكا، وبالتالي فقدان أمريكا لمركزها ضمن الاقتصادات الأكثر استقرارا في العالم.

٥. من حيث الاستراتيجية السياسية قد يؤدي ذلك لتقويض الهيمنة العسكرية والمالية الأمريكية في العالم بسبب عدم توفر الموارد الاقتصادية الكافية، كما حدث لبريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية، أي عدم التمكن من تمويل المشروع السياسي الخارجي والاضطرار للتخلي عنه لتثبيت الاستقرار محليا.

والأرجح أن هناك تبعات أخرى كثيرة، يعتمد نوعها وسرعة حدوثها على اختيار الحكومة للقطاعات وأوجه الإنفاق التي ستقلصها أولا.

أثر أزمة سقف الدين الأمريكية على الكويت تحديداً:

مثلما هو معروف فإنّ حصة أمريكا من الصادرات النفطية الكويتية قليلة، أقل من ١٠٪، الأكثرية في شرق آسيا.

ربما الاستثمارات الكويتية في أمريكا وضعف الدولار هما طريقا التأثير الأساسيان، فمتوقع أن تقل قيمة الاستثمارات بسبب تدهور الوضع الاقتصادي العام (مثلا الانخفاض الكبير في أسعار الأسهم يعني انخفاض ثروة مالكي الأسهم ومنهم هيئة الاستثمار الكويتية)، وبالنسبة للعملة فمتوقع أن تتزعرع لكن ليس معروفاً لأي درجة.

عموما هاتان القضيتان ستتأثر بهما جميع الدول وليس الخليج فقط.

كتبت عزة عثمان:

المرأة نصف المجتمع، بل نصف مهم لا يمكن إغفال دوره في أي مجتمع من المجتمعات، سواء شاء أم أبى، وربما تكون المرأة أكثر من نصف المجتمع.. هذا ما أكدته المتحدثات في ندوة الديوانية النسائية للتيار التقدمي، والتي تم خلالها مناقشة أسباب عدم مشاركة المرأة في الحراك السياسي، حيث اختلفت وجهات نظر المتحدثات، فمنهن من أقرت بأن المرأة مغيبة وليست غائبة، بسبب رفض فئات كثيرة من المجتمع، وأن المجتمع لا يزال ذكورياً، فيما اعترضت بعضهن، واعتبرن أن المرأة موجودة وبقوة، ولم تكن غائبة أبداً،

لكنهن أجمعن بشكل عام على أن الحراك السياسي ككل في حالة خمول شديدة، وليست المرأة هي البعيدة، مؤكدات أنه متى ما نشط الحراك السياسي مرة أخرى، ستكون المرأة في مقدمته، مثلما كانت في السابق، ورأين أنه يجب على التيارات السياسية العمل على توعية المرأة، من أجل مشاركتها، وتسليط الضوء على القضايا التي تهم المرأة وتمسها بشكل مباشر، حتى يمكن جذبها بشكل أكبر للحراك.

في بداية الحوار، تحدثت عضو التيار التقدمي شيخة الصباغة، مشددة على أن المرأة نصف المجتمع، ولها الجزء الأكبر والأولوية في العائلة، وفي المجتمع ككل، معتبرة في الوقت نفسه أنه لا يزال هناك بعض التمييز والعنصرية التي تواجهها المرأة في المجتمعين الخليجي والعربي، مضيفة أنه في الماضي كانت المرأة الكويتية هي المبادرة، والتي كان لها الدور الأبرز حينما كان يذهب زوجها للغوص على مدى أشهر طويلة، وكانت في تلك الأشهر تربي وتدبر المنزل، ومع تطوُّر الدولة الكويتية الحديثة، خرجت المرأة للعمل منذ أواخر الستينات، وتوظفت في وظائف حكومية أعلى من نظيراتها في المنطقة، وشاركت في الحركات السياسية والاعتصامات التي تتطلب وعيا فكريا وصلابة.

عزوف سياسي

وأضافت الصباغة أنه لا يمكن أن ننسى دور المرأة البارز في تحرير الكويت، وفي كثير من الأمور منذ الستينات، ومع ذلك، فمن الملاحظ الآن من قِبل اللجنة النسائية في التيار التقدمي عزوف المرأة عن السياسة، واكتفاؤها بالنضال الحقوقي، للحصول على قوانين سياسية، أهمها حق التصويت والمشاركة البرلمانية، ونسيت النضال المطلبي والأساسي، وهو حق السكن.. وغيرها من الحقوق، ولفتت إلى ملاحظتهم أن المرأة في الكويت قليلا ما تنضم لتيارات سياسية، مع أنه من الممكن من خلال وجودها في تلك التيارات المختلفة أن تقدم أفكارا، وتعمل على تنفيذها، بحيث لا تصب نحو المرأة وحدها، ولكن تجاه المجتمع بشكل عام.

غير مغيبة

أما ممثلة مجموعة «حدم»، شيماء العسيري، فرأت أن الظروف السياسية التي يمر بها البلد الآن هادئة، وأن المعارضة اكتفت في الفترة الأخيرة بالابتعاد والتذمر، من دون وجود حقيقي لها، ولكنها «طبيعة الشعوب وكلها موجات والشعب له طاقة وممكن أن يرجع الحراك مرة أخرى في أي وقت».

وقالت العسيري إنها تختلف مع عنوان الندوة، لأن المرأة لم تغب يوما، واسترجعت تاريخ حصول المرأة على حقها السياسي في العام 2006، وفي أقل من سنة تقلدت مناصب وزارية مهمة، وهذا إن دلَّ على شيء، فإنما يدل على أن المجتمع الكويتي يعي جيدا قدرات المرأة السياسية، وهي أثبتت ذلك، وعززت ثقة المجتمع بها، من خلال فوزها ووصولها لمقاعد البرلمان، وتواجدت فيه بنسبة 8 بالمئة، وإذا قورنت بالمرأة في مجتمع متحضر، مثل المجتمع الفرنسي، نجد أن المرأة هناك بعد حصولها على الحق السياسي قبل 35 عاما شغلت خمسة في المائة من مقاعد البرلمان، بعد هذه المدة الطويلة.. أما المرأة الكويتية، فبهذه النسبة تؤكد أنها مناضلة، وأن المجتمع يقدرها، ويعي قدراتها تماما في المشاركة السياسية المميزة.

مشاركة فاعلة

أما عن الحراك السياسي، وغياب المرأة عنه، فترى العسيري أن الحراك معروف بأنه يمثل المعارضة، والمعارضة ما هي إلا فكر، ليس له علاقة بجنس المشاركين، ولكن المرأة بطبيعتها تميل للاستقرار السياسي، وتميل لأن تكون تابعة للسلطة، ومع ذلك في الحراك السياسي الذي شهدته الكويت خلال الفترة الماضية شاركت المرأة فيه بنسبة مائة بالمائة، سواء كانت تلك المشاركة في المسيرات، حيث كانت في المقدمة، أو في الندوات، حيث كانت متحدثة، وفي الاعتصامات كانت متصدرة، وتعرَّضت لمثل ما تعرض له الرجل، ورغم الضغوط الاجتماعية الكبيرة عليها، لكنها لم تثنِ نفسها أبداً عن المشاركة، وعندها رغبة متى ما عاد الحراك أن تكون من أوائل المشاركين فيه.

وأكدت أن نظرة الأسرة والمجتمع للمشاركات في الحراك نظرة يكسوها الاحترام على جهودها، وأنه لا يمكن أن تقوم دولة أو تنظيمات من دون المرأة، وبالتالي مشاركتها في أي حراك أمر مسلَّم به.

ومن «حرائر الكويت»، بيَّنت ليلى القحطاني، أن انضمامها لحشد كان بعد مطالبات كثيرة، بأن يكون للمرأة دور في كل التيارات، وأن ما حدث في الكويت في الفترة الأخيرة يؤكد أنه لا يوجد موضوع يخص المرأة، وآخر يخص الرجل، لأن الصوت أصبح واحداً، والمطلب مشتركا بين الجميع، مؤكدة أنهم من خلال «حرائر» فرضن دور المرأة، ولفتن الانتباه له، وأعطين تنبيها بأن المرأة مستعدة لأن تدفع ثمن موقفها وكلمتها.

وترى القحطاني أن المجتمع الكويتي لا يزال هناك جزء منه لا يُستهان به لا ينظر للمرأة نظرة جيدة، ودائما يردد هذا الجزء للمرأة تساؤلات عدة، أهمها ماذا «تفهمين في السياسة؟»، وردي للمطبخ!

وترى أن النائبات اللائي دخلن المجلس لم يخدمن المرأة بصورة مناسبة في أي مكان، متسائلة «كم نائبة تواجدت معهن في اعتصام أو مسيرات أو ندوات؟»، مشيرة إلى أنهن حاولن كثيرا إشراك النائبات، ولكنهن رفضن، وقالت إن لديها علامة استفهام عن سبب وجود المرأة في البرلمان.

روح سلبية

وأكدت القحطاني أن وجود المرأة في الحراك قدَّم صورة أفضل عنه، مشددة على أن المجتمع الآن لا بد أن يتعاون مع المرأة، ولن يحدث ذلك إلا إذا كانت النساء يدا واحدة، لأن المجتمع فعلا ضايقهن كثيرا، ولا يزال يحتج على دور المرأة، لذلك بعض المشاركات في الحوار ارتدت، وبعضهن انسحبن، ولا نتيجة للآن، ولا تزال هناك روح سلبية، لأنهن يردن نتيجة سريعة، وأقرت بأن من ينخرط في الحراك يحتاج لوقت طويل، لأن الهدف هو تغيير صورة المجتمع وأدائه، ودعت لتعاون المرأة في كل مكان، مستنكرة ما تقرأه وتراه على مواقع التواصل الاجتماعي، من مهاجمة النساء لبعضهن بشكل كبير، ولا تدري لماذا، «هل هو بسبب الغيرة؟ مع أنه من المفروض أن نكون الآن أكثر توازنا في الطرح بدلا من التراشق» .

وأضافت أن المجتمع فعلا كان صعبا جدا مع المرأة، والدليل أنه في الاعتصامات بدا وجودها بأعداد كبيرة جدا ثم قل تدريجيا، وبدأت الأسئلة تنهال عليهن بشكل كبير، وتمَّت الإساءة لهن، ولكنها تؤكد أنهن كمشاركات لعبن دورا كبيرا، وعليهن أن يعبرن عن أنفسهن، ويحددن المفهوم الذي يردن أن يصلن إليه، ولكنها أقرَّت أيضا بأنهن حققن أشياء جيدة، مثل فتح التكتل الشعبي أخيرا مكتبا نسائيا لهن، وبعدما كانت كثير من التيارات مغلقة تماما أمام المرأة، أصبحت أبواب بعضها مفتوحة لها، وأكدت أن المرأة الآن لا بد أن تقف وقفة ثقة شديدة مع نفسها، وعليها أن تعمل بوتيرة مستمرة، طالما أهدافها واضحة ومؤمنة بها، وعلى النساء الآن أن يكن مقاتلات ومناضلات، بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

قالب نمطي

ومن مجموعة 29، تحدثت د.رنا العبدالرزاق، وقالت إنها لا تتحدث في هذه الندوة بصفتها عضوة من مجموعة 29، بل كامرأة كويتية مهتمة بالشأن السياسي، معتبرة أن الحكم على تجربة المرأة السياسية بأنها فاشلة حكم مجحف، لأن المرأة أثبتت إمكانياتها في الوصول للمجلس، والمجتمع لم يجد أي مشكلة في تقبلها، ولكن المشكلة في تقبل المرأة نفسها في كثير من المواقع، مؤكدة أن وضع المرأة دائما في قالب امرأة، هو الذي يعيق أي تطور بالنسبة لها، وأنها هي التي قبلت بأن يبقى وجودها ودورها مهمشين في التيارات السياسية، وقالت إذا كانت المرأة مؤمنة بنفسها وبأنها قادرة على التغيير، فيجب عليها أن تقتحم المجال السياسي في أي مجال ترى نفسها فيه بكل طاقتها.

وتساءلت العبدالرزاق لماذا لا نرى امرأة رئيسة مجلس إدارة أو أمين عام تيار سياسي، على الأقل في التيارات السياسية ذات الطابع الوطني؟ وتمنت أن يكون تواجد المرأة في التيار التقدمي ليس فقط من خلال لجنة نسائية، لأنه لا يوجد ما يمنعها من التواجد في أي موقع، متى ما وجدث الثقة بنفسها وبقدراتها.

وأكدت أن الخلل اليوم المرأة هي المسؤولة عنه، والنائبات لم يكن سببا في ذلك، لأن أي نائبة عندما تصل للمجلس ليس دورها أن تشرع للمرأة، داعية النساء للعمل السياسي المنفتح غير محدود الدور، وأن تعمل النساء على تغيير فكرة المجتمع عن المرأة من أن دورها هو دعم الرجل، مؤكدة أن المرأة مواطنة لها دور كامل، وأن التغيير يجب أن يبدأ من النساء أنفسهن، مستشهدة بعملها هي وزميلاتها في مجموعة 29، وتبنيهن قضايا عجز كثير من الرجال عن حلها، ومع ذلك بالجد والعمل استطعن أن ينجحن في تلك القضايا.

التوعية أولاً

من جانبها، أكدت الأستاذة الجامعية د.إقبال العثيمين، أن التوعية مهمة جدا بالنسبة للمرأة، وخصوصا عندما نعرف أن هناك عزوفا للمرأة.. هنا لا بد من دراسة سبب هذا العزوف، ومعرفة كيف يمكن إخراجها منه وإخراجها للتجمُّعات واللجان السياسية، لأن المرأة من دون توعية، لا يمكن أن تخرج، كونها تميل للاستقرار والابتعاد.

وترى أن الطريقة الوحيدة التي يمكن للتيارات السياسية أن تجذب المرأة من خلالها، هي أن تطرح القضايا الخاصة بها، وتمسها بشكل مباشر.

حالة خمول

أما عضو الجمعية الثقافية النسائية الإجتماعية سعاد المنيس، فترى أن المرأة الكويتية في المجلس حققت إنجازات، ومن الظلم اتهامها بأنها لم تنجز.

وعن عدد النساء المشاركات في الحراك السياسي، قالت إن العدد الموجود يمثل الوضع في الكويت، ولكن نطمح للأكثر مشاركة في المجاميع السياسية.

وأكدت أن المرأة غير منفصلة عن الواقع العام، وأن الوضع العام هو الذي يحدد نسبة المرأة في المشاركة، لأنه ليس من المعقول أن يزيد عدد النساء، ويقل عدد الرجال في الحراك، مؤكدة أن الوضع العام كله في حالة خمول وركود، وأنه عندما يصير حدث كبير ستشارك المرأة، لأنها واعية بقضايا وطنها.

____________________________________

منقول عن جريدة الطليعة تاريخ 03\10\2013

يتابع المكتب التنفيذي في التيار التقدمي الكويتي بقلق شديد تداعيات الاعتصام السلمي الذي دعت له مجموعات من ناشطي الكويتيين البدون بمناسبة يوم اللاعنف العالمي، و رصد التيار التقدمي من خلال تواجد أعضائه في تيماء والصليبية والجهراء انتهاكات شديدة لحقوق الإنسان تمثلت بالقمع الشديد للاعتصام السلمي، وملاحقة الشباب المعتصمين في الشوارع، وضربهم، واعتقال بعضهم، ورمي المعتصمين السلميين وبيوت الأهالي بالقنابل الصوتية والدخانية والمسيلة للدموع وكذلك الاعتقالات العشوائية للناس في أسواق الجهراء.ونحن إذ نؤكد تضامننا مع الكويتيين البدون الذين يشكلون جزءاً من شعبنا ومجتمعنا ووقوفنا إلى جانب مطالبهم المستحقة والمتمثلة في الإقرار بحقوقهم الإنسانية المسلوبة وعلى رأسها حق المواطنة، فإننا ندعو جميع التيارات السياسية والجمعيات الحقوقية وجمعيات النفع العام والحركات الطلابية وجميع الخيرين من أبناء هذا الوطن إلى اتخاذ موقف حازم ضد ممارسات السلطة تجاه المنتمين إلى هذه الشريحة المغلوب على أمرها من مجتمعنا، ونطالب بإنهاء مأساتهم الإنسانية بأسرع وقت ممكن، وبشكل مبدئي من خلال إرجاع حقوقهم الإنسانية الملحة مثل حق الحصول على شهادات الميلاد والوفاة وعقود الزواج وحقوق السكن والتعليم والتطبيب وحق الحصول على عمل وحق التنقل والسفر من خلال الحصول على وثائق سفر، إلى جانب حقهم المشروع في الانتماء إلى الوطن الكويتي.ونحن في التيار التقدمي رغم مطالباتنا السابقة الذكر إلا أننا لا نفصل حل قضية الكويتيين البدون عن الحل الشامل لمشكلتنا الرئيسية من خلال إصلاحات ديمقراطية سياسية ودستورية جذرية تؤدي إلى اكتمال النظام الديمقراطي البرلماني بوجود أحزاب سياسية مشهرة تخوض الانتخابات بقانون القوائم النسبية في ظل الحرية والعدالة الاجتماعية.المجد لنضال الكويتيين البدون... والمجد لنضال شعبنا ككل للوصول إلى وطن حر وشعب سعيد.الكويت في ٢ أكتوبر ٢٠١٣

بعد التسويف والمماطلة في حل قضية (الكويتيين البدون ) طيلة الخمسين عامٍ الماضية وبعد الوعود الكاذبه لم تكتفِ الحكومة باللف والدوران، حيث قامت بدس كل العنصريين الطارئين على الأنشطه السياسية والوطنية مسنودين بزخم إعلامي ودعم كبيرين بهدف تشوية هذه القضية وقلب الحقائق والتضليل والتدليس المتعمد.وأعتقد بأن ذلك كان مدروساً بشكل جيد ضمن سلسلة الإجراءات التعسفية والتضييق المستمر على هذه الفئه منذ أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات، حيث يتم عزلها عن المجتمع تماماً من الناحية الاعلامية وبالمقابل تنشط كل الأبواق العنصرية لمحاولة سد الفراغ لكل من يتساءل عن هذه القضيه، في الاعلام الرسمي للحكومة والتابع أيضاً وكذلك بعض أعضاء البرلمان ممثلي المجتمع ووعاظ بلاط السلاطين وحتى البعض من افراد مؤسسات المجتمع المدني، تخرج منهم أبشع واقبح الالفاظ والممارسات العنصرية التي تدل على انعدام القيم الاخلاقية لديهم، وحينها صدّقت المؤلف الإنجليزي الذي قال “الوطنيه أصبحت الملاذ الأخير لكل نذل“، كان من المفترض أن تمنع الحكومة كل هذه الممارسات العنصرية لكنها شجعتها بعدم تطبيق القانون وأقلها الإتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري التي وقعت عليها الكويت ولم تطبق أسهل بنودها، بل هيأت الأرض الخصبة لكل عمل عنصري.بالنهاية ستجد الحكومة مجتمعاً معبأ بأفكار ومبررات للظلم والإنتهاك لا تخرج من وحل التمييز العنصري، مجتمع غالبيته يؤيد أو لا يهتم بممارسة الحكومة أعمال التضييق وسلب الحقوق والمعاملة السيئة وقطع سبل العيش الكريم، ناهيك عن التعسف في إجراء أي معاملة رسمية مرتبطة بشكل مباشر مع حاجة الإنسان للحياة كشهادة الميلاد أو رخص قيادة السيارات وغيرهما الكثير، بسبب شروط الجهاز “غير الدستوري” التعجيزية المعني بمعالجة اوضاع الكويتيين البدون “الجهاز المركزي لمعالجة اوضاع المقيمين بصوره غير قانونيه” والذي يرأسه رجل ذو رأي سلبي علني مسبق عن هذه الفئه، والأسوأ من ذلك مجتمع لا يراعي أغلبه القيم الإنسانية المعاصرة بسبب الاعذار الحكومية وماتروجه اجهزتها، مجتمع اغلبه غارق بوهم عدالة الحكومة التي تتعمد تعليق عجزها وفشلها عن ايجاد حلول لهذه القضية على بعض الذين تقول بأنهم يمتلكون وثائق أو مزورين دون أي دليل أو تحرك قانوني ضدهم .حاولت الحكومه التي قمعت أغلب اعتصامات وتظاهرات الكويتيين البدون السلمية المُطالبة بحقوقهم الإنسانية المشروعه والأصيله وأيضا مثقفوها وأبواقها العنصريه؛ قلب الحقائق وخلط الأوراق والتضليل دائماً وأبداً لكي لا تجد من يحاسبها على عجزها المتزامن مع تصريحات اعلامية طيلة خمسين عام مضت.أجزم تماماً بأن العقل والمنطق والضمير الإنساني الحي والروح الوطنية المسؤوله لا تجد أي مبرر لحرمان هذه الفئة من حقوقها في حياة كريمة على أقل تقدير، أو حرمانها ومنعها من الحصول على الجنسية الكويتية عبر أُطر ديمقراطية وعادله متمثلة في مؤسسة القضاء الذي سيحدد من يستحقها بدلاً من أن يكون المزاج القمعي والعنصري سيد الموقف، ولكن هذا صعب قبل تعديل قانون المحكمة الإداريه ليكون لها الحق في الفصل في منازعات الجنسيه وتحديد من يستحق حسب القانون، وأن أي حل لهذه القضية سيكون تضييقاً على جزء من هذه الفئه إن لم يكن عبر القضاء أو يكون القضاء جزء من الحل، لاسيما التعويض عن الحرمان لكل تلك العقود الماضية ومحاسبة كل من تسبب في ذلك.إن مايُمارس تجاه ( الكويتيين البدون ) من تضييق وإنتهاكات صارخة وسلب الحقوق الإنسانيه يُعتبر من أبشع وأفظع أشكال التمييز العنصري، وهوًنقطه سوداء في جبين الحكومة القمعية العنصرية وكذلك غالبية المجتمع الصامته التي سلّمَت بما تردده الحكومه واجهزتها ومثقفوها العنصريون دون إدراك حقيقي للقضية وأسبابها وأبعادها.الوعود كثيرة ولكن التنفيذ غائب تماماً ومتردد ومتعب وبلا فائدة أحياناً، يجب ان نتحد جميعاً من أجل هذه القضية في مطالباتها السلمية العادلة دوماً وأبداً لتحقيق حياة أفضل لأجيال تعاقبت لتعيش أوضاع وحياة أفضل مما هي عليها الآن.إن تضامن 21 جهة سياسية وحقوقية وطلابية مع اعتصام الكويتيين البدون السلمي في 2 اكتوبر، يضع القضية أمام تفاعل شعبي إيجابي غير مسبوق ولو كان بسيطاً ، ففي الوقت الذي يعجز كل من البرلمان والحكومة من الوقوف على مسؤولياتهما امام هذه القضية الوطنية والانسانية ، أصبح لزاماً على الشعب التفاعل معها كما هو الحال مع اي قضية وطنية أخرى، الشعب رقيب مصالحه ومصدر السلطات .بالنهاية يقول مارتن لوثر: أسوأ مكان في الجحيم محجوز لهؤلاء الذين يبقون على الحياد في المعارك الأخلاقيه الكبرى.سعدون محمد . صحفي

اخبار محلية

وليد الرجيب: البشير يعد أيامه.

وصلت أعداد الشهداء في السودان الى المئات اضافة الى أعداد أكبر من الجرحى والمصابين والمعتقلين، واستعان نظام البشير الاسلامي بمقاتلين مرتزقة من جنسيات غير سودانية للبطش بالشعب ومنحها الجنسية السودانية تحسباً لانحياز أبناء الشعب في القوات النظامية لشعبهم ووطنهم.وأكدت مصادر المستشفيات المختلفة في العاصمة وكذلك العديد من وكالات الأنباء، أن القتل كان متعمداً مع سبق الاصرار والترصد لأن معظم الذين استشهدوا وكما أكد الأطباء كذلك أن الرصاص الحي استهدف الرأس والقلب، رغم أن المظاهرات كانت سلمية وحضارية حيث ردد المتظاهرون «سلمية... سلمية» ضمن شعاراتهم الأخرى.وكشفت قوى المعارضة السودانية أن عمليات التخريب التي حدثت كان وراءها الحكومة حتى تبرر المجازر ضد الشعب وارهابه لإيقاف تصعيد نضاله من أجل اسقاط النظام، وهي تريد بذلك التمهيد لإعلان حالة طوارئ وحظر التجوال اذا ما واصلت الجماهير تصعيد غضبها وسخطها ضد النظام، كما أجبرت بعض الصحف على خيارين أما الوقوف معها أو لتصمت، وبالفعل توقفت صحف «الأيام» و«الجريدة» و«القرار» وغيرها.والشعب السوداني وقواه الوطنية والتقدمية واثق من انتصار ثورته على النظام الاسلامي الفاشي، فهو أول شعب عربي قام بثورتين قبل «الربيع العربي» وضرب أروع الأمثلة في هاتين الثورتين الشعبيتين الخالدتين في أكتوبر 1964 ومارس - أبريل 1985 للخلاص من السلطتين الديكتاتوريتين العسكريتين الغاشمتين لابراهيم عبود وجعفر نميري، وقدم خلالهما شهداء وضحايا وبالتأكيد سيستفيد من هاتين التجربتين التاريخيتين، فهو شعب مناضل وعنيد.وواضح أن الولايات المتحدة ستتخلى عن البشير كما تخلت عن اخوان مصر، خاصة بعد أن تم رفض مشاركته في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبذلك سيتقلص نفوذ الاسلام السياسي وسيضعف التنظيم الدولي للاخوان ويضيع حلم تركيا في الخلافة الاسلامية العثمانية، اضافة الى احتمال عدم الاعتماد عليها كشرطي للمنطقة.وقد تعاملت أجهزة أمن البشير بتكتيك صحافي منافٍ للأخلاق، حيث بدأت بعض الصحف المملوكة لجهاز الأمن بنشر مواد صحافية وأخبار مدسوسة ومفبركة وإرسالها للصحف «المتعاونة» لتنشر بأسماء صحافيين وصحافيات بعد تشويهها وإخراجها من سياقها الرئيس، وأحياناً دون مشاركة الصحافيين في إعداد تلك المواد بل ودون موافقتهم، كما قامت الأجهزة الأمنية بحجب المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي لكن شباب الثورة استخدموا تقنيات لكسر الحجب.وتوالت ردود الفعل المرتبطة بالانحياز للضمير المهني ولشرف المهنة، ولنبض الشارع السوداني وللارادة الصحافية الرافضة للهيمنة والتسلط الأمنيين على مهنة الصحافة، حيث دعت شبكة الصحافيين السودانيين لإضراب عن العمل، كما قدم بعض الصحافيين استقالات مسببة من جريدة «الصحافة» معتبرين أن ما يحدث جرائم كبرى لا تقل خطورة وسوءاً عن جرائم قتل المتظاهرين وجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية، خاصة بعد فرض التعتيم الاعلامي الكامل على السودان.ودعا جهاز الأمن رؤساء الصحف لحضور اجتماع طارئ تم فيه تهديدهم وتحذيرهم بصورة استفزازية من مغبة نشر أي معلومات أو أخبار شملت قائمة طويلة من المحظورات تضمنت عدم الحديث عن زيادة أسعار المحروقات ورفع الدعم عن السلع الضرورية، ومنع نشر أي تغطيات عن التظاهرات أو عن الاعتقالات التعسفية والقتل خارج القانون ضد المواطنين العزّل والأبرياء.ويبدو من هذه الاجراءات الأمنية وخروج الجماهير الحاشدة في المدن السودانية مطالبة بإسقاط النظام بشكل يومي، اضافة الى الدعوة لعصيان مدني واضراب شامل، أن البشير يعد أيامه ولن ينفعه انفعال ودفاع حلفائه من الاسلاميين السياسيين والمتشددين في الدول العربية والاسلامية، وهذا هو مصير كل حاكم مستبد يحكم شعبه بالقمع وبنهج بوليسي ويتحالف مع الامبريالية وينهب ثرواته، والعقبى للمستبد القادم.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

___________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 02\10\2013 العدد:12511

اخبار محلية

وليد الرجيب:الحدوتة المصرية

يصدف أنني موجود بمصر هذه الأيام، حيث اعتبرتها فرصة لمتابعة الأحداث والمتغيرات على أرض الواقع، والانطباعات الأولى التي خرجت بها أن الأمور هادئة على عكس ما يروّج في بعض وسائل الاعلام، وقد تكون السلبية الوحيدة التي صادفتها في الأيام الفائتة هي مشكلة الازدحام الشديد. كانت فرصة لي للحديث مع رجل الشارع البسيط وسائق التاكسي والمثقف والفنان، ولمست بنفسي تغيّراً ملحوظاً بالشخصية المصرية والثقافة المصرية بعد 30 يونيو، لقد كان الجميع في حال غضب شديدة ضد الإخوان المسلمين وكل جماعات الاسلام السياسي حيث تلاشت مظاهر التشدد في الشارع والمسجد ووسائل الاعلام. ولاحظت ارتياحاً وفخراً على وجوه الشعب المصري بجميع أطيافه، كان لدى الجميع شعور بالاستقرار رغم حظر التجوال الذي يبدأ في منتصف الليل، ومع ذلك تأخرت في يوم عن هذا الموعد ولم ألحظ أي مظهر أمني أو نقاط تفتيش، ومن خلال حواراتي الفضولية مع الفئات المختلفة لاحظت عودة الروح الوطنية التحررية والغضب من أميركا واسرائيل لأنهما دعما الاسلاميين والارهابيين وكانا سبباً لتدهور مصر، واندهشت من عمق تحليل بائع الخضار وارتفاع الوعيين السياسي والوطني لديه. وفي يوم الجمعة 27 سبتمبر الجاري حاولت زيارة بعض أماكن تجمعات الاسلاميين، ولم أشاهد سوى بضعة أشخاص غير ملتحين يرفعون لافتات صغيرة غير مقروءة عبر الشارع، وقف هؤلاء الأشخاص بعد الصلاة ولم يلتفت اليهم أحد ولم يكن هناك أي وجود أمني، وقد يكون السبب أن الأماكن والميادين التي مررت عليها لم تكن رئيسية، ومع ذلك تابعت ما حدث في المحافظات التي كانت الصدامات وأحداث العنف فيها محدودة. لكن أهم ملاحظاتي انصبت على المتغيرات الثقافية وهي مجال اهتمامي الحقيقي، فقد عادت مظاهر النشر التنويري واختفت كتب الفتاوى الغريبة، وتوارت ثقافة الأغنية التافهة والهابطة، وبدأت تسود الأغنية الوطنية والجادة ذات المضمون الاجتماعي. وكانت من أجمل الفرص لقائي مع مؤسسي «فرقة اسكندرلا» ذائعة الصيت، التي بعثت تراث وروح سيد درويش وبيرم التونسي في الشارع المصري، فقد كنت محظوظاً بلقائي بكل من الفنان أشرف نجاتي والفنان حازم شاهين، والأخير هو حفيد الشاعر التقدمي فؤاد حداد وزوجته حفيدة الشاعر التقدمي صلاح جاهين، وكانا مفعمين ومعجونين بالروح الوطنية والثورية التقدمية. اعتذرا في البداية عن تأخرهما وقالا ان السبب أنهما كانا في تجمع تضامني مع الشعب السوداني وانتفاضته، وكان الحديث معهما مشوقاً ومفيداً، وكانا واعيين سياسياً وفنياً فشرحا لي سبب تدهور الأغنية المصرية في عهدي السادات ومبارك فيما أسموه ثقافة «السح الدح امبو» ومسرح التفاهة وسينما الفن الهابط وشعر المدح والغزل البذيء، وأن هذا الفن الذي كان سائداً لا يعني عدم وجود ثقافة بديلة جادة واجتماعية متوارية، وان عودة الروح الى الأغنية المصرية الأصيلة أمر طبيعي بعد الثورة والشروع في بناء الدولة الديموقراطية المستقلة التي تميّزت بها مصر عبر التاريخ، واستمعت منهما الى أغان وأشعار جميلة، وأتمنى على المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب استضافة الفرقة في الكويت لترفع من الذائقة الفنية، حيث كانا عاتبين على المؤسسات الثقافية في الكويت لتجاهل الفرقة على عكس الكثير من الدول العربية والأجنبية، رغم أنهما يتابعان مطبوعات المجلس، ويعتبر حازم شاهين من أفضل أربعة عازفين للعود بالعالم. وغداً لديّ موعد في المجلس الأعلى للثقافة والمركز القومي للترجمة، للقاء بعض مسؤولي الثقافة وبعض المبدعين والمثقفين، لتكتمل صورة التغير في ذهني للحدوتة المصرية. وليد الرجيب osbohatw@gmail.com

____________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 30\09\2013 العدد:12509

اخبار محلية

الكويتيون البدون وجعنا المستمر

بقلم: د.فواز فرحان

مر ما يزيد على خمسة عقود على قضية الكويتيين المحرومين من حق المواطنة أو كما اصطلحنا على تسميتهم بالكويتيين البدون وتكاد تكون الحلول شبه معدومة بغض النظر عن تجنيس بضعة مئات أو ربما آلاف من ضمن هذا العدد الهائل الذي وصلوا إليه والذي يقدر بمئة وعشرين ألفاً على أقل تقدير، وفي ظل انعدام شفافية السلطة فأنا قد أصدق من يقول بأن عددهم وصل إلى المئتي ألف. وأنا كيساري تقدمي أعتبر هذه الفئة جزءاً لا يتجزأ من شعبنا وشركاء لنا في هذا الوطن ولكن حالت الكثير من الأسباب دون حصولهم على حقوقهم الإنسانية وعلى رأسها حق المواطنة.قضية الكويتيين البدون هي قضية إنسانية في المقام الأول لأنها تتلخص بسلب حقوق أصيلة لمجموعة من البشر عاشت على هذه الأرض فترة ليست بالقصيرة ناهيك عن أن أغلبهم ولدوا وترعرعوا بيننا كأي جزء آخر من المجتمع الكويتي، ولكي نضع هذه القضية في مكانها الصحيح يجب ألا نفصلها عن مشكلتنا الرئيسية في هذا البلد والتي تكمن في وجود نظام دستوري منقوص الديمقراطية وسلطة تستغل هذا النقص لخدمة مشروعها الخاص والمتمثل بتحويل الكويت إلى دولة مشيخة على نسق دول القرون الوسطى، بل إن هذه القضية هي من أكثر القضايا تأثراً بمشكلتنا الرئيسية في البلد وتعتبر من أبشع نتائج هذه المشكلة، فبسبب العقلية الرجعية المتمكنة من الحلف الطبقي المسيطر والتي تعتبر السلطة جزءاً منه تم التعامل مع هذه القضية باستخفاف وعنصرية وفوقية وتمييز، فاعتبر هذا الحلف الطبقي المسيطر أن هذه الفئة دخيلة على مجتمعنا ولا تنتمي لمكوناته المختلفة! متناسياً أن شعب الكويت بالأساس لم يتكون إلا من هجرات متتالية امتدت على مدى الثلاثمئة سنة الماضية من نجد والأحساء والعراق وإيران والبحرين وغيرها من الأقاليم المحيطة في إطار الهجرات العربية الكثيرة بين هذه الأقاليم والتي حدثت خلال كل تلك الفترة، ولم يعر هذا الحلف الطبقي المسيطر اهتماماً للحقيقة التي تقول أن الكويتيين البدون ينتمون لمختلف الطوائف الدينية والأعراق والأرومات والقبائل والعوائل التي يتشكل منها المجتمع الكويتي أصلاً! مختزلاً هذه الفئة في تسمية عنصرية ألا وهي (البدون) أو مطوراً لها كما يعتقد تحت اسم (المقيمين بصفة غير قانونية). وأنا أعتقد بأن حل هذه القضية سيكون من خلال حل مشكلتنا الرئيسية والمتمثل باكتمال النظام الديمقراطي البرلماني في إطار الحرية والعدالة الاجتماعية لأنه من غير ذلك ستظل هذه القضية خاضعة للمزاجية والأهواء الشخصية تماماً كما تخضع لها بقية قضايا البلد.تعرض أهلنا من الكويتيين البدون خلال الخمسين سنة الماضية إلى شتى أنواع الظلم والقهر والتمييز متمثلةً في حرمانهم من حق المواطنة والتقصير بحقهم في السكن والتعليم الكامل والصحة المكفولة وتضييق سبل العيش الكريم من خلال ندرة فرص العمل، وفوق هذا كله حرموا من شهادات الميلاد والوفاة وعقود الزواج الرسمية! فليت شعري كم من إنسان ولد ومات وليس له أثر على الأوراق الرسمية؟ وبسبب هذا كله تعرض الكويتيون البدون لشتى أنواع الأمراض الاجتماعية والأدواء النفسية وتتحمل السلطة وحلفها الطبقي المسيطر المسؤولية الأولى والرئيسية على ذلك لأنها تركت هذه القضية تتراكم وتتضخم على مر السنين رغم توفر الإمكانيات لحلها حلاً جذرياً ونهائياً.ونحن نعلم أن حل مشكلتنا الرئيسية في البلد قد يحتاج لسنوات وقضية الكويتيين البدون لا تتحمل هذه المدة فهي قابلة للانفجار الذي قد لا تحمد عقباه، لذلك يجب ألا نقلل من أهمية نضال الناشطين من الكويتيين البدون وإخوتهم من الكويتيين (غير) البدون على مختلف المستويات للضغط على السلطة لإرجاع حق المواطنة لهذه الفئة وكذلك لإرجاع الحقوق الإنسانية الأساسية الأخرى على الأقل حتى يتم استكمال كل الحقوق، فعلى الناشطين المشاركة بالتذمّر والانتقاد لهذا الوضع والمشاركة بالكتابة والندوات والمحاضرات لحشد التأييد الشعبي والمشاركة بكل الوسائل السلمية الأخرى مثل الاعتصامات والمسيرات والمظاهرات والإضرابات الصغيرة والضخمة الجزئية وربما الكلية، وفي هذا السياق يجب التضامن والمشاركة بفاعلية لإنجاح اعتصام الكويتيين البدون السلمي في يوم اللاعنف العالمي والذي تداعت له مجاميع ناشطة من الكويتيين البدون وتضامنت معه ٢١ جهة سياسية وحقوقية وطلابية.سنظل مخلصين لقضية الكويتيين البدون حتى حلها ولن نرضى بأقل من إرجاع حق المواطنة لهم وعلينا أن نناضل بمختلف الأساليب السلمية لخدمة هذه القضية لأن الكويتيين البدون جزء من شعبنا وقضيتهم من صميم قضيتنا.--------------------------------------*أمين اللجنة المركزية للحركة التقدمية الكويتية.

قلت في مقال سابق كتبته في العام الماضي بعد خروج مظاهرات في المدن السودانية إن السودان مؤهل بأن يسير على خطى دول ما يسمى بـ«الربيع العربي»، إذ يبدو أن الوضع في السودان متفاقم هذه الأيام بعد اندلاع انتفاضة جماهيرية عارمة في مدنه المختلفة على اثر الاجراءات التي اتخذتها حكومة نظام البشير برفع أسعار المحروقات والسلع وخلق أزمة سياسية تتعمق كل يوم.ووصل الأمر الى انشقاقات داخل صفوف الجيش والشرطة وانضمامهم الى المتظاهرين السلميين الذين واجههم نظام البشير بقمع وحشي استخدم فيه الرصاص الحي ما أدى الى سقوط أكثر من مئة وعشرين شهيداً والمئات من الجرحى وأكثر من ألف معتقل وهي أعداد مؤهلة للارتفاع، فقد تم اعتقال عدد من الناشطين السياسيين المنتمين الى أحزاب وطنية وديموقراطية وتقدمية شملت كوادر من الأحزاب اليسارية من بينهم عدد من أعضاء المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوداني، الذي شرع بالتعبئة الجماهيرية تحت دعوة «أبينا» لمواجهة رفع أسعار المحروقات والسلع وطالب باسقاط البشير وسياسته الاقتصادية الهادفة الى قتل الناس وتجويعهم وافقار جماهير الشعب، كما دعا لتكوين جبهة واسعة لاسقاط النظام الحاكم ورفض أي حوار أو مصالحة معه في ظل نهج التضييق على الحريات وقمع أبناء الشعب السوداني.وقامت الحكومة السودانية خلال الأيام الماضية الى قطع الاتصالات بما فيها الانترنت، وتوقفت فيها وسائل المواصلات جراء عجز المواطنين والسائقين عن شراء المحروقات، وارتفعت وتيرة الغضب الجماهيري جراء انصياع هذا النظام الديكتاتوري الى أوامر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي التي تؤدي دائماً الى افقار الشعوب وتحميلها عبء الأزمات الاقتصادية الرأسمالية والنهج الاقتصادي النيوليبرالي وسياسات الخصخصة.ودعا الحزب الشيوعي السوداني الجماهير الى عدم تخريب الممتلكات والمؤسسات، وطالب باطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وتعرضت دار الحزب الشيوعي بالعاصمة القومية بالملازمين الى هجمة أمنية واعتقال ممثلي قوى الاجماع الوطني المجتمعين بالدار.كما أعلن الحزب الشيوعي في بيانات عدة حول الأحداث أنّه لا مخرج من الأزمة المستفحلة في السودان الا بإزالة نظام الطغمة الحاكمة وتوحيد الجهود ورص الصفوف حول برنامج البديل الديموقراطي ووقف الحروب، وتكوين حكومة انتقالية لفترة محددة تنجز فيها المهام الانتقالية وعلى رأسها تفكيك البنى الأمنية والقانونية والمالية للنظام وقيام المؤتمر الدستوري الشامل، وصولاً الى انتخابات ديموقراطية حقيقية تشارك فيها كل قطاعات الشعب السوداني بحرية كاملة وبلا تزييف ولا قسر.ووصف رئيس حكومة السودان الأسبق رئيس حزب الأمة الامام الدكتور صادق المهدي ما يحدث بالسودان بأنه ثورة حقيقية، وطالب بدستور جديد ونظام توافقي خاصة ان رفع سعر المحروقات قد انعكس على سعر السلع والخدمات، ما أشعل غضباً جماهيرياً وانتفاضة قد تطيح بالنظام الاستبدادي الفاسد الذي أفقر الشعب وقسّم السودان وأدخله في نزاعات مسلحة تحت رعاية أميركية وخلق طبقة رأسمالية طفيلية أثرت عبر سرقتها لثروات الشعب السوداني على مدى سنوات.هذا عصر الشعوب ولا مكان للنهج البوليسي القمعي في أي بلد بالعالم، كما أن الشعوب العربية كشفت المؤامرات والمخططات الأميركية لتفتيت بلادنا، وطالبت بالتحرر من التبعية السياسية والاقتصادية، وها هو السودان يسير على نهج الثورات العربية ولا نعلم الدور سيكون على أي دولة عربية ستسير في ركب التحرر والانعتاق من الاستبداد.

وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

______________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 28\09\2013 العدد:12507

عقد المجلس العام للتيار التقدمي الكويتي اجتماعه التاسع مساء أمس السبت 28 سبتمبر الجاري برئاسة المنسق العام الزميل ضاري الرجيب، حيث بحث البنود المطروحة على جدول أعماله المتضمن مسائل سياسية وتقارير تنظيمية واتخذ في شأنها القرارات المناسبة، وذلك كالتالي:

1- توقف المجلس العام أمام الاستدعاءات الجديدة لعشرات من ناشطي الحراك من الشخصيات السياسية والشباب للتحقيق معهم أمام النيابة العامة في قضية ترديد خطاب النائب السابق مسلم البراك، ما يثير القلق تجاه عودة السلطة إلى تصعيد نهجها الأمني في ملاحقة معارضيها وتوجيه الاتهامات المعلّبة لهم، وهو النهج الذي كنا نتطلع إلى توقفه بعد خطاب صاحب السمو الأمير في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك وإصداره مرسوم العفو عن باقي مدة العقوبة لعدد من المحكومين في قضايا العيب بالذات الأميرية.

ويؤكد التيار التقدمي الكويتي موقفه الداعي إلى ضرورة إسقاط كافة قضايا الرأي والتجمعات ووقف الملاحقات وإلغاء القوانين المقيدة للحريات السياسية.

2- أبدى المجلس العام للتيار التقدمي تضامنه مع نشطاء الكويتيين البدون في دعوتهم إلى إقامة تجمع جماهيري سلمي في اليوم العالمي للاعنف الذي يحل في الثاني من شهر أكتوبر المقبل وذلك لطرح قضيتهم والمطالبة بحلّ عادل ونهائي لها.

3- توقف المجلس العام للتيار التقدمي أمام عدد من المشكلات المتفاقمة التي تمس حياة الناس، مثل مشكلة الإسكان، ومشكلة القبول في الجامعة والتعليم، ومشكلة تلوث البيئة التي امتدت إلى الجهراء، بالإضافة إلى ما طرحته نقابات العاملين في شركة خدمات القطاع النفطي؛ وشركة النقل العام، وشركة نفط الخليج في شأن ما تتعرض له حقوق العاملين في هذه الشركات من استهداف بالانتقاص، ودعا المجلس العام المكتب التنفيذي إلى ضرورة الاهتمام بهذه المشكلات العامة والمطالب العمالية ودعم جهود وتحركات المتضررين منها.

4- استنكر المجلس العام للتيار التقدمي الكويتي ما يتعرض له المسجد الأقصى من انتهاكات خطيرة على أيدي المستوطنين الصهانية وقوات الاحتلال، وذلك في إطار سلسلة الجرائم التي يمارسها الكيان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث أكد المجلس العام تضامنه الكامل مع نضال الشعب الفلسطيني الشقيق ضد الاحتلال الصهيوني.

5- أكد المجلس العام للتيار التقدمي ما جاء في البيان المشترك مع المنبر الديمقراطي للتضامن مع الشعب السوداني الشقيق في نضاله من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وفي مواجهة الطغمة الحاكمة وفسادها المستفحل ونهجها الاستبدادي وسياساتها الاقتصادية السيئة ومغامراتها المدمرة وحروبها العبثية وتفريطها بوحدة السودان.

6- بحث المجلس العام في اجتماعه تقريراً حول الوضع التنظيمي وملاحظات الهيئة الاستشارية السياسية حوله، حيث تم إقراره من حيث المبدأ، على أن يعيد المكتب التنفيذي صياغته ويباشر العمل على تنفيذه.

7- أبدى المجلس العام ارتياحه للجهود والأنشطة التي قام بها المكتب التنفيذي ولجان التيار التقدمي وأعضائه لطرح وثيقة "رؤية التيار التقدمي الكويتي للإصلاح الديمقراطي" على القوى السياسية الأخرى، ونشرها في وسائل الإعلام، وشرحها للرأي العام... كما أشاد المجلس العام بالفعاليات والندوات والجلسات الحوارية التي أقامتها اللجان الجغرافية والقطاعية للتيار خلال الأسابيع الماضية، ودعا إلى مواصلتها والعمل على تطويرها مع التركيز فيها على قضايا الناس وهمومهم ومعاناتهم إلى جانب ما يفترض طرحه من قضايا سياسية.

الأحد 29 سبتمبر 2013

يتابع المنبر الديمقراطي الكويتي والتيار التقدمي الكويتي ما يشهده السودان من احتجاجات جماهيرية ضد السياسات الاقتصادية الجائرة للطغمة الحاكمة؛ وما تعرضت له هذه الاحتجاجات من قمع بوليسي وحشي أدى إلى سقوط عشرات الشهداء وإصابة مئات الجرحى واعتقال أكثر من ألف مواطن سوداني، بينهم قادة عدد من الأحزاب السياسية المعارضة.

ونحن في الوقت الذي نعبر فيه عن تضامننا الكامل مع الشعب السوداني الشقيق ومع قواه الوطنية والتقدمية والديمقراطية في النضال من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، فإننا نحمّل الطغمة الحاكمة بقيادة البشير المسؤولية الكاملة عما يعانيه السودانيون من ظلم واستبداد وفساد وتدهور في أوضاعهم المعيشية، وما تسببت فيه المغامرات غير المسؤولة والسياسات المدمرة لهذه الطغمة الفاشلة من اقتتال وحروب وانفصال، مؤكدين ثقتنا في قدرة الشعب السوداني وقواه الحيّة على الخلاص من هذه الطغمة، مثلما سبق له أن ضرب أروع الأمثلة في الانتفاضتين الشعبيتين الخالدتين في أكتوبر 1964 ومارس - أبريل 1985 للخلاص من السلطتين الديكتاتوريتين العسكريتين الغاشمتين لإبراهيم عبود وجعفر نميري، مع ما يتطلبه الأمر من ضرورة الاستفادة من خبرات تلك التجربتين التاريخيتين والاتعاظ من دروسهما.

وفي هذا الشأن فإننا نؤيد ما تطرحه القوى الوطنية والتقدمية والديمقراطية السودانية من أنّه لا مخرج حقيقياً من الأزمة المستفحلة التي تعيشها السودان إلا بزوال نظام الطغمة الحاكمة والتوافق حول برنامج البديل الديمقراطي لوقف الحروب وتكوين حكومة انتقالية وقيام المؤتمر الدستوري الشامل، تمهيداً لإجراء انتخابات ديمقراطية حرة تشارك فيها كل قطاعات الشعب السوداني.

الكويت في 26 سبتمبر 2013

للثقافة بوجه عام علاقة مباشرة بالواقع الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع، فكلما كان الوضع العام متطوراً تطورت الثقافة والعكس صحيح. بكلمات أخرى، لا يمكن أن تكون هناك نهضة ثقافية في مجتمع متخلف اقتصادياً واجتماعياً وينتشر فيه الفساد السياسي، فالبيئة المتخلفة والفاسدة لا ينتج عنها سوى الفساد بأشكاله كافة.لهذا عندما نقرأ عن تاريخ الكويت خلال ستينيات وسبعينيات القرن المنقضي فإننا سنلاحظ التطور المبهر للثقافة والفنون والمسرح والآداب في تلك الفترة، وذلك نتيجة للتطور الاقتصادي والاجتماعي الذي شهدته الدولة الحديثة في بداية إنشائها من جهة، وأجواء الانفتاح على الفكر الإنساني التي كانت جزءاً من مشروع حركات التحرر والاستقلال الوطني في آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية من جهة أخرى.وقبل ذلك كان لمجلة "العربي" التي تأسست عام (1958) دورٌ بارزٌ في تعريف قراء اللغة العربية بدولة الكويت الحديثة، كما عرضت في تلك الفترة أفضل المسرحيات المحلية والعالمية، وقدمت فرق موسيقية عالمية مثل فرقة "البالشوي" الروسية عروضها في الكويت، أما في بداية السبعينيات فقد أنشئ "المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب" الذي صدرت عنه مجلات فكرية وثقافية وأدبية وفنية رصينة ومميزة مثل "عالم المعرفة" و"الثقافة العالمية" و"عالم الفكر" و"المسرح العالمي" و"إبداعات عالمية" التي توزع في عموم البلدان العربية، وتباع بسعر رمزي أتاح المجال أمام الفئات الشعبية والفقيرة في محيطنا العربي للاطلاع على الثقافة الإنسانية واقتناء كنوز معرفية لا تقدر بثمن. فضلاً عما كان يمثله "معرض الكتاب العربي في الكويت" في بداية إنشائه من قيمة ثقافية ومعرفية ليس للقارئ المحلي فحسب بل للقارئ الخليجي أيضا، ناهيكم عن المكتبات العامة المنتشرة في المناطق السكنية.وبالطبع فقد انتكست حالة الثقافة عندما تراجع مشروع الدولة الحديثة، لهذا فليس من المستغرب انتشار ثقافة الشعوذة والخزعبلات والتعصب والتطرف والغلو والانغلاق الفكري وغياب ثقافة التسامح في المجتمع بعد أن ساد الفكر الرجعي المتخلف، وفرضت الحكومة رقابة مشددة وغير مبررة على معرض الكتاب، ومنعت الروايات والكتب الفكرية والسياسية الجادة وأُهملت الأجهزة المعنية برعاية الثقافة والفنون الجميلة مثل "المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب" و"المعهد العالي للفنون المسرحية" و"المعهد العالي للموسيقى"، علاوة على تدهور وضع المسرح الجاد، وأهملت المكتبات العامة والمدرسية، وعانت المكتبات الخاصة الجادة، وبعضها اضطر للخروج من السوق.من هنا فإنه لن يكون هناك اهتمام حقيقي بالثقافة والفنون والآداب ما لم يكن لدينا مشروع دولة مدنية ديمقراطية معاصرة.

د. بدر الديحاني

__________________________________

منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 25/09/2013

اخبار محلية

وليد الرجيب:ما هي أخبار المعارضة؟

هناك عقبات وعوامل عدة تقلل من فاعلية المعارضة في الكويت في هذه الفترة، منها عدم التجانس وعدم التوافق على مطالب الإصلاح الديموقراطي، فالبعض يؤيد ضرورة وجود قانون للأحزاب السياسية وبعضها يرفضها أو حتى يحرّمها شرعاً، والبعض منها ينضوي في تنظيمات وتيارات سياسية وبعضها عبارة عن نواب سابقين منفردين لا يشكلون كتلة متناسقة، كما أن أفراد هذه المعارضة متعارضون في مصالحهم وأجنداتهم، فوجود بعضهم ضمن «ائتلاف وطني» لا يعني وجود برنامج سياسي واضح أو لائحة داخلية محكمة التنظيم أو خارطة طريق، كما أن هناك محاولات استقطاب واستئثار لقيادة الحراك الشعبي، وبعضهم لا يؤمن بالشباب ولكنه يستغل حماسهم الوطني، بل بعضهم يريد إيقاف الحراك وحصره في ساحة الإرادة، باختصار هناك غياب في الرؤية والتباس في الشعار السياسي للمرحلة لدى غالبية منهم، وهناك تناحر وشرذمة وربما عداء.طبعاً لا يمكن من الناحية الموضوعية إعلان وفاة المعارضة في أي بلد، فهي أمر طبيعي لأنها تعبر عن مصالح فئات وطبقات اجتماعية، وواهم من يظن أن توقف زخم الحراك يعني النهاية فمن طبيعة أي تحرك شعبي سواء كان احتجاجياً أو لمطالب إصلاحية أو تغييرية هو المد والجزر، حسب تأثير الظروف الموضوعية والذاتية، فما هو كامن في النفوس من غضب أو رفض أو احتجاج سيظل كذلك حتى يحدث شيء يفجر هذا الاستياء الشعبي سواء على شكل تجمعات أو مسيرات أو إضرابات أو أي شكل من أشكال الإبداع الجماهيري وأساليب العمل الجماهيري المتعددة.مع ملاحظة أنه سيكون دائماً ضمن توافق الحد الأدنى هناك من يريد التهادن والتصالح وإبقاء الأمور على ما هي عليه لحسابات مصلحية خاصة أو فئوية أو حزبية، فكثير من أفراد المعارضة ومجاميعها تحركها حسابات الربح والخسارة ولا تحركها المصلحة الوطنية، وهذا يخلق يأساً وإحباطاً بين صفوف الناس التي لها مصلحة بالتقدم والإصلاح والتغيير، إضافة إلى النفس القصير للعمل المعارض في الكويت وعدم وضوح الرؤية، وتفاهمات بعضها مع السلطة تجري من تحت الطاولة، فما يظهر للعلن شيء وما يتم في الخفاء شيء آخر.ولأنه في المجتمع الكويتي الصغير لا يخفى شيء فالكل لديه شهوة إفشاء الأسرار وإظهار أنه يملك معلومات ومصادر لا يملكها غيره، فإن الناس المهتمين بشؤون الوطن لديهم حس للتفريق بين من يعمل لصالحه ومن يعمل لصالح نفسه.الناس تعلم بكل اللقاءات وما دار فيها بين بعض أطراف المعارضة والسلطة، فالجماهير قد شخصت مبكراً من يتآمر عليها لإيقاف حركتها الاحتجاجية والمطلبية، في مقابل أثمان متنوعة وضمن مساومات ضيقة.ويتداول أبناء الشعب معلومات عن اتصالات بعضها معلن بين السلطة وجماعات وشخصيات إسلامية للاتفاق على مخارج وتسويات للأزمة السياسية التي تمر بها البلاد، وما يتكرر من حديث وتصريحات حول «المصالحة» في وسائل الإعلام هو تمهيد لتنازلات ستقدمها بعض أطراف المعارضة، منها استبعاد أداة مقاطعة الانتخابات مستقبلاً وقبول المشاركة سواء في ظل نظام الصوت الواحد والخمس دوائر، أو نظام الصوتين في عشر دوائر، ولأن أطراف المعارضة هذه لا تعرف في تراثها للعمل الوطني أو الجماهيري سوى العمل البرلماني وما يأتي به من ثمرات مباشرة فهي تقدس هذه الأداة.ونضيف لذلك الوضع المأزوم للجماعات الإسلامية في الدول العربية وانتهاء شعبيتها، التي قد تبعدها عن المشهد السياسي لفترة طويلة، ما يعني في الكويت تأثر مصالحها الطبقية والاقتصادية ومواقعها القريبة من السلطة.إذا الثمن هو بيع الشعب الكويتي وقضاياه الوطنية ومصلحته في التطور الديموقراطي والحرية والعيش الكريم.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

__________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 25\09\2013 العدد:12504

لا يحتاج الأمر إلى استبيانات ودراسات كي نكتشف معاناة الناس اليومية، وتذمرهم من سوء الخدمات الصحية سواء طول فترة الانتظار، خصوصاً للعيادات التخصصية والفحوص الدقيقة والعمليات الجراحية أو عدم توافر أسرّة داخل المستشفيات ورداءة تجهيزات الأجنحة والغرف.ويكفي فقط أن نعرف أن "أحدث" المستشفيات الحكومية الموجودة حالياً قد أنشئ في بداية ثمانينيات القرن الماضي أي قبل أكثر من ثلاثة عقود ازداد خلالها عدد السكان أكثر من ثلاثة أضعاف، وتطور بشكل مذهل مستوى خدمات الرعاية الصحية في العالم، سواء فيما يتعلق بنوعية العلاج وسهولة الحصول عليه بسرعة، أو عدد أسرّة المستشفيات وعدد الأطباء بالنسبة إلى عدد السكان، أو مؤهلات الهيئة التمريضية وعددها بالنسبة إلى المرضى ومستوى تجهيز الأجنحة وغرف المرضى والنظافة العامة.ويبدو أن الحكومة ليست عاجزة عن تطوير منظومة الرعاية الصحية فحسب، بل إنها أصبحت اليوم غير قادرة أيضاً على توفير الرعاية الصحية الحالية رغم سوئها إلا من خلال التبرعات، حيث اعترف وزير الصحة قبل أيام قليلة بذلك عندما قال للصحافيين إن "وزارة الصحة لا تستطيع أن تقوم بأعمالها لولا كرم المتبرعين سواء من الأفراد أو الشركات الخاصة والعامة" ("الراي" 17 سبتمبر 2013).وهنا يتبادر إلى الذهن أسئلة محيّرة مثل: ألهذه الدرجة وصلنا؟أين تذهب الميزانية الضخمة لوزارة الصحة؟ وعلى أي أساس تم رصدها؟هل هناك سياسة صحية تعمل الوزارة بناء عليها أم أن القضية لا تتعدى اجتهادات فردية تختلف من وزير إلى آخر؟وكيف تعجز دولة نفطية ثرية عن تقديم رعاية صحية متطورة رغم قلة عدد السكان؟ثم ماذا عن المبالغ الضخمة التي تصرف منذ سنوات طويلة على العلاج في الخارج، والتي يكفي نصفها لبناء أرقى المستشفيات واستقطاب أفضل الكفاءات الطبية الأجنبية التي يبحث مرضانا عنها في الخارج؟وإذا كان هذا هو مستوى الخدمات الصحية حالياً رغم الإيرادات النفطية الضخمة، فماذا سيكون مستواها فيما لو انخفضت أسعار النفط لما دون المئة دولار، وهو أمر من المتوقع حدوثه خلال السنوات القليلة القادمة؟!لذلك، لا بد من إصلاح منظومة الرعاية الصحية، لكن لا ننسى أن القيام بعملية إصلاح شامل وجذري لأي جهاز من أجهزة الدولة، كالصحة أو التعليم أو الاقتصاد أو الثقافة، لا يمكن أن يتحقق في ظل وضع سياسي سيئ لأن المنظومة السياسية الفاسدة لن تكون مستعدة لإصلاح أجهزة الدولة وتطوير خدماتها.من هنا يصبح من الضرورة بمكان عدم إغفال قضية الإصلاح السياسي المؤسسي عند المطالبة بتحسين مستوى جودة الخدمات الصحية لأن القرارات المؤسسية هي التي تدوم، أما القرارات التي تتخذ بناء على اجتهادات ومصالح فردية فتخضع لاعتبارات غير موضوعية وقد تلغى بجرة قلم في أي لحظة.

د. بدر الديحاني

___________________________________

منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 23\09\2013

اخبار محلية

وليد الرجيب:المثقف النخبوي.

أحب الاستماع إلى المثقفين النخبويين، فرغم انهم في النهاية لا يقولون شيئاً ولا تصل معهم إلى نتيجة واضحة من خلال حديثهم، إلا أن لديهم قدرة فائقة على الحديث لساعات وحديثهم دائماً موشى بالعبارات والمصطلحات الإنكليزية أو الفرنسية ويرددون مصطلح Think-tank، بمعنى «خلية تفكير» أو مركز أبحاث غير ربحي أو شخصيات تفكير استراتيجي غير مرتبطة بالمؤسسة الرسمية مثل «هنري كيسنجر» ويُستخدم المصطلح أحياناً بمعنى «العصف الذهني»، كما أن حركات أيدي هؤلاء المثقفين وأصابعهم متشابهة حد التطابق، ويقحمون علاقاتهم بالمسؤولين الكبار في أحاديثهم بأي شكل، إلا أني أحب الاستماع إليهم إذ ربما ترشح من حديثهم معلومة مفيدة.ويعتمد المثقف النخبوي في معلوماته وتراثه المعرفي على ما تنشره وسائل الإعلام والدراسات الاستراتيجية الغربية، إضافة إلى علاقاته بالمسؤولين الكبار ورؤساء الدول، والميسور منهم لديه مكتب يسميه «مركز دراسات وأبحاث استراتيجية» يكدح به موظفون في البحث والصياغة وتقديم النتائج الجاهزة منها لهذا المثقف على شكل معلومات وتحليلات سياسية واستراتيجية، ولذا فمعظم مؤلفاتهم التي لا يكون لهم فضل فيها سوى وضع اسمهم عليها تكون ضخمة، وهم غالباً مدعون خاصة العرب منهم.والمثقف النخبوي ليس لديه اهتمام بالمجتمع وهمومه، وليس له دور تغييري في المجتمع، ويتعالى على الصراع الاجتماعي أي داخل المجتمع المدني ولا يهمه النظام القائم، بل يركز على الدور السياسي وليس لديه أيديولوجية أو موقف فكري ثابت.على عكس «المثقف العضوي» كما عبر عنه «غرامشي» القائد اليساري والمفكر الإيطالي الذي أعدمه موسليني، فهو يرى أن المثقف العضوي يجب أن يكون مرتبطاً بالجماهير وراغباً في التغيير وأن يعمل من أجله، فالمثقف العضوي حسب غرامشي هو صاحب مشروع ثقافي يتمثل في «الإصلاح الثقافي والأخلاقي»، وأن يتقن حرفته كصانع للأفكار التي قد تفيد الشعب وقضاياه الاجتماعية.ما دعاني للكتابة في هذا الموضوع هو متابعتي للقاء طويل مع الأستاذ محمد حسنين هيكل في قناة «سي بي سي» الفضائية المصرية، وهو يتحدث حول الأوضاع العالمية والعربية، ومع احترامي لشخصه وكتاباته وتاريخه إلا أنني اعتبره من هؤلاء المثقفين النخبويين، فمحمد حسنين هيكل كانت له علاقات مع جمال عبد الناصر ثم مع أنور السادات ولاحقاً مع حسني مبارك وأخيراً مع محمد مرسي، وصلته مع النخب السياسية الحاكمة فقط ولم يتصل قط بهموم الشعب المصري.وقد انشددت بكلي عندما بدأ يتحدث عن ان دول الخليج يتهددها خطر شديد، وكنت أظن أنني سأستمع إلى معلومة جديدة أو تحليل عميق، إلا أنه قال: «إن عدد الوافدين وبالأخص الآسيويون أكثر من عدد المواطنين وهم يشكلون قاعدة لدول آسيا في الخليج»، وهو رأي أظن أني قرأته في أحد التحليلات الغربية في تسعينات القرن الماضي.صحيح أن الخلل في التركيبة السكانية لدول الخليج تشكل مشكلة كبيرة، خصوصاً بوجود عمالة رثة غير ماهرة أو مفيدة للاقتصاد، إضافة إلى تداعيات وجودها الاجتماعي والثقافي مثل انتشار الجريمة، كما توجد أخطار إقليمية معروفة لكن دول آسيا ليس لديها وجود عسكري في الخليج ولا تريد الهيمنة على ثرواته، وليس لديها مخططات لبناء «شرق أوسط جديد»، ولا تريد إعادة ترتيب المنطقة حسب مصالحها أو ترعى العدو الإسرائيلي، فهل من الواقعي حتى لدارس أبجديات العلوم السياسية أن يرى الخطر الذي يهدد دول الخليج يأتي من الدول الآسيوية؟وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

__________________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 23\09\2013 العدد:12502

اخبار محلية

أزمة صحية أم أزمة نظام؟

بقلم: د.فواز فرحان*

تتلخص أزمتنا الرئيسية الكويتية في وجود نظام دستوري أعرج ومنقوص الديمقراطية ممثلاً بدستور (الحد الأدنى) و وجود سلطة غير مؤمنة بالديمقراطية وتستغل هذا النظام الدستوري لعرقلة التطور الديمقراطي للبلد ولخدمة مشروعها الخاص والمتمثل بتحويل الكويت إلى دولة مشيخة مكتملة الأركان. وهذه الأزمة الرئيسية لها مظاهر وآثار جانبية عديدة في مختلف مفاصل الدولة ومؤسساتها كقطاع التعليم وقطاع الإسكان والقطاع البيئي والقطاع الصحي وغيرها من القطاعات، وحل هذه الآثار الجانبية والمظاهر لابد أن يكون من خلال إصلاح سياسي ودستوري شامل وجذري وعميق وليس من خلال حلول وإصلاحات سطحية أو تجميلية تخفف من حدة استفحالها ولا تعالج أسباب ظهورها وبروزها.

ومشكلة القطاع الصحي أو الأزمة الصحية تعتبر من مظاهر أزمتنا الرئيسية في البلد، بل هي أحد أكثر الأزمات أهمية بسبب احتكاكها المباشر بحياة الناس وجودة هذه الحياة، ولا يخفى على الجميع أن النظام الصحي عندنا متخلف إذا ما قورن بالأنظمة الصحية في الدول المتقدمة أو حتى الكثير من الدول النامية، فآخر المستشفيات تم بناؤه في أوائل الثمانينات، والمباني نفسها لم تعد صالحة للاستخدام الصحي عالي الجودة بالمقاييس العالمية...ونظام الرعاية الأولية (المستوصفات) قاصر جداً مما يثقل كاهل المستشفيات والمراكز التخصصية بحالات غير محتاجة إلا لرعاية ممتازة في نطاق المستوصفات... والتجهيزات الطبية وأجهزة المختبرات ومعدات أقسام الأشعة لا تتناسب والعدد الهائل المتصاعد من المحتاجين للرعاية الصحية.... والعيادات الخارجية مزدحمة جداً وتصل المواعيد في بعضها إلى أكثر من سنة(!)... وعدد الأطباء وتنوّع اختصاصاتهم لم يصل بعد للنسبة المطلوبة التي تحددها الدراسات العالمية لنصل إلى المستوى المطلوب من الرعاية الصحية... وتخلّف وسائل الاتصال بين الوحدات المخافرة من مختلف التخصصات... ونوعية هيئة التمريض ومستوياتها العلمية وخبراتها المتدنية والتي تتسبب في الكثير من المشاكل والمضاعفات للحالات المرضية...ومستوى النظافة ومكافحة العدوى داخل المستشفيات وصل إلى درجة كارثية، بحيث بات الدخول لبعض وحدات العناية المركزة نوعاً من النعي للمريض!

كل هذه وغيرها من المشاكل تنخر في عظم الجسد الصحي الكويتي. هذا على مستوى الجانب الذي يمس المرضى؛ وأما على الجانب الذي يمس الأطباء فهناك العديد من العقبات والمشاكل التي تؤثر على مستوى أدائهم وخبراتهم مثل مشاكل الابتعاث والتخصصات الطبية داخل وخارج الكويت من حيث صعوبة انضمامهم لبرامج التخصص وعرقلة حالات الابتعاث وتدخّل المحسوبية والواسطة في ذلك وتعسّف بعض برامج الاختصاص داخل الكويت سواء في طريقة الاختبارات أو في عدد سنوات الاختصاص وقصور بعض هذه البرامج من حيث المستوى التدريبي أو وضوحها من الأساس(!)... وهناك بالطبع مشاكل تتعلق بعدد ساعات العمل الطويلة غير مدفوعة الأجر ومشاكل الرواتب وتدنيها مقارنة مع دول كثيرة ناهيك عن تعرض الكثير من الأطباء لمحاولات الإهانة اللفظية والاعتداءات الجسدية من غير وجود حماية حقيقية لهم.

و رغم وجود هذه المشاكل التي تتحمل السلطة مسؤوليتها، إلا أننا يجب ألا نتغافل عن تخلي (الجمعية الطبية) عن مسؤوليتها تجاه التدخل للضغط على السلطة ممثلة بوزارة الصحة لوضع حلول لهذه المشاكل، حيث تحولت إلى أداة سلطوية تخدم جهات متنفذة في الوزارة وإلى مركز يعشش به المستنفعون والساعون للمناصب الوزارية ولعضوية اللجان الوزارية المختلفة! وكذلك تحوُّل بعض الاستشاريين ورؤساء الأقسام في الوزارة إلى أشخاص تتلاعب بهم شركات الأدوية الخاصة مقابل مؤتمر هنا أو سفرة سياحية هناك أو إلى مناديب يطبقون الأجندات الخاصة لوكلاء الوزارة! وفي هذا السياق يجب ألا نتناسى الأدوار الفردية الإصلاحية لبعض هؤلاء الاستشاريين وبعض رؤساء الأقسام في خضم هذا الكم الهائل المستشري في وزارة الصحة.

لجأت السلطة إلى حلول ترقيعية وتجميلية كثيرة لمحاولة التغلب على استفحال هذه الأزمة الصحية مثل إنشاء المباني الصغيرة الملاصقة للمستشفيات للتغلب على مشكلة عدد الأسرة وعدد العيادات الخارجية، وبعض هذه المباني لا ترقى إلى مسمى (شبرة) ناهيك عن المستوى المتدني لاحترازات الأمان ومنع الأخطار! ، كما لجأت هذه السلطة بمستوى تخطيطها المتخلف إلى إجراءات مثل التفريق العنصري بنوعية العلاج والأدوية بين الكويتيين وغير الكويتيين وبعض المشاريع الرجعية، وكذلك فصل المستشفيات والعيادات على أساس الجنسية لمحاولة التخفيف عن الكويتيين متناسية أو غير واعية للنتائج السلبية على المستوى الصحي لغير الكويتيين والذين يشكلون عصب القوى العاملة، ولم أتطرق للبعد الإنساني الحقوقي لهذه الإجراءات لأن هذا البعد غير وارد نهائياً في حسابات هذه السلطة، كما اعتمدت السلطة على تبرعات الخيّرين لرفع المستوى الصحي في البلد وكأننا في بلد فقير أو موبوء بل الأنكى من ذلك هو تفاخرها بهذه التبرعات كما سمعنا على لسان وزير الصحة قبل أيام. والمثير للضحك المخلوط بالأسى هو أن أول تصريح لهذا الوزير بخصوص رفع المستوى الصحي في البلد كان حول إنشاء (أجنحة فندقية) في المستشفيات تقدّم خدمات بمستوى مرموق للمتنفذين وللطبقة البرجوازية القادرة على الدفع لهذه الأجنحة على نفس سياق كلام ماري أنطوانيت عندما قالت: (لماذا لا يأكلون البسكويت) كردة فعل على علمها بوجود مظاهرات تطالب بالخبز!

الأزمة الصحية في البلد لن تجد لها حلاً جذرياً إلا من خلال إصلاح سياسي ودستوري شامل يؤدي إلى اكتمال الديمقراطية حيث يختار الشعب حكومته التي يستطيع محاسبتها على عدم النهوض بالقطاع الصحي وبالقطاعات الأخرى عموماً، ولكننا لا ننفي كذلك أهمية التحرك على مستوى أقل أولوية من المستوى السياسي من خلال وجود (جمعية طبية) تضغط على الوزارة لوضع الحلول وكذلك تشاركها في وضع هذه الحلول وليس من خلال (جمعية طبية) تابعة للسلطة وللأطراف المتنفذة في وزارة الصحة وتستنفع من هذه التبعية!

-----------------------------------

*عضو التيار التقدمي الكويتي.

دعتني افتتاحية «الراي» أمس (20 سبتمبر) الجاري، التي كتبها الأستاذ جاسم بودي تحت عنوان «دعاة الزمن الرذيل» إلى التفكّر بالعقود الماضية عندما سادت مقولة «الصحوة الإسلامية» و«الصحوة الدينية»، وبروز تيار سياسي إسلامي معادٍ للحريات الشخصية وحريات الرأي والتعبير، مغيراً من طبيعة مجتمعاتنا المنفتحة خالطاً الدين الحنيف بالمورثات الثقافية المتخلفة، مما شوه وجه الإسلام الجميل والمتسامح ومحاولاً إرجاع عجلة التاريخ إلى الوراء.ونتذكر في فترات سابقة تحطيم إعلانات المسرحيات وتفجير محلات بيع التسجيلات المسموعة والمرئية، وفرض وصاية جائرة على المجتمع ومؤسساته وبالأخص التعليمية، تاركاً الفرصة لانتشار الخرافة والإرهاب الفكري، ودافعاً الناس لانتهاج سلوك النفاق الديني الاجتماعي.فغاب عن ساحتنا مشايخ العلم والتسامح الديني، وصعد على منابر المساجد خطباء وأئمة قليلي العلم متشددي الرأي متطرفي النزعة، فأصبح لكل شاب ملتحٍ غر لقب شيخ يتبعه مريدون ويمارس سلطته وإمرته عليهم.فعندما زرت القاهرة العام الماضي التي تعتبر مركز التنوير العربي بعد أن غادرتها بعد التخرج من الدراسة في سبعينات القرن الماضي، والتي كنت أجد فيها أي كتاب أدبي أو فكري أو فلسفي، دُهشت من تغيّر المظاهر المجتمعية المستنيرة إلى مظاهر وهابية واختفت كتب التنوير وانتشرت الكتب الإسلامية المتشددة المليئة بالفتاوى الغريبة، وأصبحت اللحية والثوب القصير مقدستين بحد ذاتهما، كما اختفى الفكر العلمي ليحل محله خرافات وأكاذيب بعيدة عن الدين الحنيف، لدرجة أن البسطاء صدقوا أن الرسول صلى الله عليه وسلم طلب من الرئيس محمد مرسي أن يأمه بالصلاة، وأن جبريل عليه السلام نزل في ميدان رابعة العدوية دعماً للإخوان ومعركتهم الإسلامية ضد الكفر، ورغم أنه أمر لا يصدقه عقل ولا يقره ضمير مؤمن إلا أنه انطلى على بسطاء الناس تحت مقولة «الصحوة الدينية».ونحن لا نبرئ حكوماتنا وأنظمتنا العربية من المساهمة في هذا التجهيل وسطوة الأفكار المتخلفة، من خلال الدعم اللامحدود لهذه الجماعات لمواجهة القوى الوطنية والديموقراطية والتقدمية منذ عهد السادات الذي لقب بـ «الرئيس المؤمن» إلى صدام حسين الذي ادعى أنه يتحدر من نسل الرسول الأكرم، لكننا أيضاً لا نبرئ لا المجتمعات التي رضخت للإرهاب الفكري ولا القوى الوطنية التي تناحرت تاركة الساحة السياسية لهم.ونتذكر أيضاً في الكويت التي كانت منارة عربية للفكر والثقافة، كيف كان أخوتنا العرب خاصة من دول الخليج ينتظرون معرض الكتاب في الكويت لينهلوا من الكتب المستنيرة التي كانت ممنوعة في بلدانهم، قبل أن يأتي نواب الصحوة الدينية ليمارسوا هذا الإرهاب الفكري على الحكومة نفسها، ليتحول معرض الكويت للكتاب إلى سوق شعبي يبيع كتب الطبخ وتفسير الأحلام، ما دفع كثير من دور النشر إلى الإحجام عن المشاركة في المعرض، بل تحول المواطن الكويتي إلى معارض كتب الرياض والإمارات ودول الخليج الأخرى لاقتناء الكتب الممنوعة في الكويت.ورغم أننا لاحظنا بعض الانفراج في المعرضين السابقين جعلنا نشعر بأن هناك «صحوة حكومية» ضد نهج السيطرة الفكرية للإسلام المتشدد، إلا أن هذه السيطرة يبدو أنها اُستبدلت بسيطرة سلطوية حكومية ضد الإبداعات ذات المنحى السياسي، خاصة بعد منع رواية «مدى» للكاتبة الكويتية رانيا السعد التي لم يكن بها شيء خادش للحياء أو مثير للفتنة، لتؤكد لنا الحكومة أننا لم نتحرر من النهج البوليسي القمعي ومحاربة الرأي المعارض.ورغم أن الناس بدأت تشعر أخيراً بالخلاص من الوصاية الدينية على الفكر والثقافة، إلا أنه حسب المؤشرات أُدخل الناس ضمن دوامة نهج قد يبدو أشد قسوة وتشدداً وتخلفاً عن متطلبات العصر، وهو نهج مصادرة حق حرية الرأي والتعبير على عكس ما جاء بمواد الدستور.

وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

_____________________________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 21\09\2013 العدد:12500

كي نحدد ـ ونضع بعض الأطروحات حول علاقة المثقفين بالديمقراطية يتعين علينا، بدءاً، أن نمسك بتعريف لكليهما، منه ننطلق. والحق يقال انه لايمكن النظر إلى مسألة التحول الديمقراطي مفصولاً أو معزولاً عن دور الثقافة بوصفها عامل تمهيد لهذا التحول على مدار تاريخ طويل، وبوصفها كذلك متأثرة بالمردود الايجابي والكبير لهذا التحول، لأن فضاء الديمقراطية هو الفضاء الذي تحتاجه الثقافة كيما تعطي وتتطور.

يبين إدمًار موران في كتاب “الخروج من القرن العشرين” أن تعريف المثقف إنما هو تعريف إشكالي. ومع ذلك يمكن اعتبار المثقف هو من يعمد إلى دراسة الأفكار ذات القيمة الاجتماعية والسياسية والأخلاقية التي تعني أكبر عدد ممكن من أفراد المجتمع. إذن يقترن المثقف في أذهاننا بالاشتغال بالفكر. ولكن كل الأعمال اليدوية، مهما كانت بسيطة تستوجب تحفيز الفكر، فهل الاشتغال بالفكر وحده كافِ لتعريف المثقف؟

إن الاشتغال بالفكر وحده لا يجعل من مواطنٍ ما كائناً مثقفاً، فمستوى الشهادات لا يجعل من المتعلم مثقفاً، اذ ان المثقف هو من يوظف رأسماله الرمزي: الفكر، لصالح المجتمع. ومن هنا لا بد من التمييز بين المثقف وتقني المعرفة، فتقنى المعرفة هو من يملك رأسمالا رمزياً معرفياً لا يتجاوز في توظيفه له وضعه المهني، ويظل أسيراً لهذا الوضع دون أن يخرج عنه، ودون أن يوظف مهنته لصالح المجموعة. وبالتالي بوسعنا أن نفرق بين أستاذ للفلسفة وآخر، فيمكن للأول أن يكون مجرد وسيط بين الفلاسفة والطلبة ولا يتخطى إطاره المهني، ويمكن للثاني أن يوظف ما قرأه لتشخيص أسباب العطالة مثلاً في مجتمعه، لذلك يمكن للفلاسفة ألا يكونوا مثقفين عندما لا تتعرض معرفتهم للهواء الطلق وتدب على رجليها في الحياة.

والمثقف هو بالضرورة ذو حاسة نقدية. ثقافة النقد هي نقيض ثقافة الامتثال، هناك ثقافة تستمد وجودها من المغلق، من النهائي ولا تسعى إلى التجديد إلا انتكاساً إلى الوراء وتمجيداً وتأثيماً للمتحول، فتقدس وتؤثم وفق ما تهوى.

يفرق الدكتور الطاهر لبيب من تونس بين المثقف وبين الانتلجنسيا . برأيه “ان المثقف أميل إلى مجاملة العامة، إلى مجاملة الشعب” ، ويدعو إلى إعادة تأسيس العلاقة بين المثقف والشعب. يقول : “أن المعادلة التي يجهد المثقف نفسه في حلها بين المثقف والسلطة قد تكون تجسيراً للفجوة بينهما، ولكنها – في الوقت نفسه – اعتراف بانقطاع الجسور مع الشعب. كثيراً ما يُقارن المثقف الجديد بالعَالِم الفقيه في علاقتهما بالسلطة. ولو تم النظر إلى علاقتهما بعامة الناس لاتضح – من هذه الوجهة – ان المثقف فقيه فاشل”.

الانتلجنسيا، برأي الطاهر لبيب، هو ذو المعرفة أولاً، والقادر على صياغتها علمياً في رؤية للعالم والإنسان، تحمل بديلاً لوضع قائم هو بالضرورة وبسبب من هذه القدرة، هو من الأقلية في كل مجتمع وفي كل مرحلة من مراحله، والانتماء إلى الأقلية ليس أيسر من الانتماء للشعب أو الأمة. ذلك ان ظروف تكون الأقلية صعبة في المسار المعرفي أولاً وكذلك اجتماعياً وسياسياً. الانتلجنس مؤهل بحكم قبوله لوضع الأقلية ولعمله فيها من أجل إشعاعها لأنه يتخلص من شعبوية عموم المثقفين، وهو لذلك “نخبوي” أو لايكون. ان انحيازه للقيم الديمقراطية ولمصالح الناس لا يعني أنه مستعد للتنازل عن رقي معرفته العلمية. وحتى إذا استخدمنا العبارة القائلة بأن “الحقيقة وحدها ثورية”، فان هذه الحقيقة ليست بالضرورة ما تراه الجماهير ، لذلك حكم على الانتلجنيسي بألا يكون شعبياً حتى يحافظ على فعالية الفكر.

ان نشوء الانتلجنسيا العربية الحديثة وتطورها مرتبطان بالقدرة على إحداث قطيعة معرفية أساساً. ولن يمر المثقف على مرحلة الانتلجنيس دون مروره بصرامة المعرفة. وليس هذا الفهم لدور الثقافة والمثقف بجديد . أنطونيو جرامشي، المفكر الإيطالي المعروف أول من صاغ مفهوم المثقف العضوي لم يقتصر – في أطروحته – على الربط العضوي للمثقف بطبقة معينة، بل إنه أكد كذلك على وظيفة المثقفين الخاصة المتمثلة في تقديم التصور المتكامل والمتجانس للعالم، وشدَّد على استقلاليتهم، ولو النسبية إلى الحد الذي يتعارض فيه المثقف مع الطبقات التي ينتمي إليها.

المثقفون، عند جرامشي، يرتبطون اصلاً بالطبقات الاجتماعية كافة، ولكنهم يحققون وجودهم في ارتباطهم العضوي بالطبقة عن طريق تنظيمها السياسي، الذي يطلق عليه جرامشي مصطلح المثقف الجماعي. ويلح غرامشي على أن يظل المثقف دائماً بمثابة الوعي الذاتي النقدي للطبقة التي ارتبط بها. هذه الوظيفة النقدية هي بوصلته في الاتجاه الصحيح ولإنجاز مهمته.

والاهتمام بجرامشي حديث لدى المثقفين العرب لو قورن باهتمامهم بمنظر غربي آخر في الثقافة هو سارتر، رغم أن الأول مات في ثلاثينيات القرن الماضي ولكن ترجمة سارتر إلى العربية جعلته أكثر رواجاً عندنا، وهو القائل بأن المثقف هو الضمير الشقي، وصاحب التعريف الآخر بأن المثقف هو ذاك الذي يؤدي مهام لم يكلفه بها أحد. يرى سارتر بان المثقف هامشي على صعيد الانتاج، فهو ليس عاملاً يدوياً ولا راسمالياً، دائرة نفوذه هي “الوعي” الذي لا يعترف بأهميته أحد. والحق ان الاهتمام بسارتر عربياً أنتج لفترة ميولاً متطرفة وحتى فوضوية في النظر إلى دور المثقف، رغم أن أطروحاته وضعت تحت تأثير تفاعله مع الانتفاضة الطلابية الفرنسية عام 1968 التي عرفت بربيع باريس، ويرى الدكتور غالي شكري أن هذا التفاعل استدرج سارتر إلى مواقع ردايكالية ليست بالضرورة تطوراً طبيعياً لفكره وسلوكه.

أردت من هذا العرض الاشارة إلى مدى التعقيد الذي ينطوي عليه مفهوم المثقف من حيث هو تجديد لمهمة الشخص، رجلاً كان أو امرأة، الذي يعمل في حقل الثقافة، منتجاً ومبدعاً وأظن ان مصدر هذا التعقيد عائد وفي درجة كبيرة إلى التباس مفهوم الثقافة نفسه، الذي قدمت له العشرات من التعريفات والتحديدات، وأنا أميل إلى اعتبار الثقافة مفهوما واسعا، بحيث لا تقتصر على التعابير والمنجزات والمفاهيم والقيم الأدبية والفنية والعلمية فحسب، وانما تمتد لتشمل كل المضامين الفكرية والعملية والوجدانية والقيمية في مختلف مجالات وظواهر السلوك، لذا فانها بنية شاملة ومتسقة داخلياً بشكلٍ أو بآخر، دون أن يمنع هذا وجود تناقضات وثغرات وتعريفات في الإطار البنيوي العام. وهذا الميل يجعلنا ننظر لمفهوم المثقف في إطار أوسع من التحديدات التي تخضعه لصرامة أيديولوجية، ليس لأنها خاطئة أو صحيحة، فهذا لا يعنينا كثيراً في هذا المقام وإنما لأن هذا التحديد أعجز من أن يلبي حاجتنا في النظر إلى الموضوع الذي نحن بصدده، أي موضوع المثقفين والديمقراطية، هو بطبيعته واسع وشائك.

وتعدد التعريفات عن الثقافة والمثقفين ينطبق أيضاً على مفهوم الديمقراطية، وهنا أيضاً يمكننا بسط عشرات التعريفات حين نسعى للرد على سؤال: ماهي الديمقراطية؟…أو ما المقصود بالديمقراطية؟ بدءاً من التعريف الدارج الذي يردها إلى أصلها الاغريقي القديم، أي حكم الشعب للشعب ، أو حكم الشعب لنفسه، وانتهاء بالتعريفات الحديثة التي تقيم تفريعات عدة لمفهوم الديمقراطية. ولكننا سنأخذ بشيء من التصرف تعريفاً للأستاذ جورج طرابيشي، يرى فيه بأن الديمقراطية “هي شكل الحياة السياسية الذي يعطي أكبر الحرية لأكبر عدد، مع حمايته وإنتاجه في الوقت نفسه لأكبر تنوع ممكن. وليس كافياً القول إن الديمقراطية هي سيادة الأغلبية ومن دون التنكر لهذه السياسة، فإن الديمقراطية هي بالأحرى سياسة الاعتراف بالآخر، فلا ديمقراطية خارج نطاق الاعتراف بتنوع الأصول والاعتقادات والآراء والمشاريع “.

وقوام الديمقراطية إنما هو احترام المشاريع الفردية والجماعية التي تجمع بين تأكيد الحرية الشخصية وحق الانتماء إلى جماعة قومية أو دينية أو سياسية. والديمقراطية لا تقوم على قوانين فقط، وانما على الأخص على ثقافة سياسية، والثقافة الديمقراطية هي في منطلقها الأول ثقافة مساواة. يكون المجتمع ديمقراطياً بقدر ما يؤلف بين حرية الأفراد واحترام الاختلافات والتنظيم العقلاني للحياة الجماعية عن طريق القوانين والآليات التي تحقق ذلك. والثقافة الديمقراطية هي بدورها نتاج مجهود للتركيب بين الوحدة والتنوع، بين الحرية والاندماج بين قواعد مؤسسية مشتركة ومصالح وثقافات خاصة.

تستدعي هذه المفاهيم اختبارها في واقع ملموس، كواقعنا في بلدان الخليج مثلاً، لرؤية تجليات العلاقة بين الثقافة والمثقف من جهة وبين واقع متحول، يكاد يكون فريداً من نوعه، كالواقع الخليجي، والدور المناط بالمثقف في هذه المنطقة، ليس فقط في انتاج المعرفة والابداع، وانما توظيف العدة المعرفية في فهم تحولات هذا الواقع المتحرك، وتشخيص أوجه التشوه العديدة المرافقة لهذا التحول، لا بل والمعيقة له، وهي إعاقة تتبدى تمظهراتها في حقل الثقافة بالذات، كونه أشد الحقول تعقيداً وخصوصية.

__________________________________________

د. حسن مدن

الأمين العام السابق للمنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين

منقول عن موقع المنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين

صادف يوم 16 سبتمبر / أيلول الجاري انطلاق جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية «جمّول» عام 1982م، لمواجهة الاجتياح الإسرائيلي للبنان، والتي أدت في نهاية الأمر إلى اندحار العدو الإسرائيلي وانسحابه من الأراضي اللبنانية.إن المقاومة الوطنية اللبنانية التي أذهلت العالم ببسالتها، شكلت حركة من النوع الذي نفتقده في حركة التحرر الوطني العربية التي تراجعت للأسف تاركة الساحة لأنظمة عربية متخاذلة تابعة ومستسلمة للمخططات الأميركية - الإسرائيلية، التي ما زالت تضعها الدوائر الامبريالية بتكتيكات وأساليب جديدة لحرف نضال الشعوب العربية من أجل التحرر والتقدم الاجتماعي والتغيير.وفي الوقت الذي ارتفعت فيه أصوات تنادي بالانصياع للهزيمة في ذلك الوقت، استطاعت «جمول» لم صفوف المناضلات والمناضلين من بنات وأبناء الشعب اللبناني في حركة مقاومة مسلحة ضد عدوان غاشم يتميز بالصلف والغرور على أراضيها، وليقدموا عدداً لا يستهان به من الشهيدات والشهداء والأسرى في سبيل الوطن اللبناني والكرامة الوطنية.هذه الحركة المجيدة التي بادر بها التقدميون اللبنانيون كانت تأكيداً لدور شعوبنا في فعل وطني مقاوم، ضد تصفية القضية الفلسطينية وتفتيت شعوبنا عن طريق افتعال نزاعات داخلية طائفية ودينية وقبلية، وزرع خلايا إرهابية مدربة على يد الاستخبارات الأميركية ومموّلة من الرجعيات العربية ومنظمات الإسلام السياسي الراضخ للاستعلاء الأجنبي.لقد أطلقت جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية منذ ذلك الوقت حركة نضالية جديدة وقفت في وجه إنجاز المشروع الأميركي الصهيوني الذي يهدف إلى السيطرة على بلداننا وشعوبنا ونهب ثرواتنا وإنهاء الصراع العربي - الإسرائيلي إلى الأبد بالاستعانة بالأنظمة العربية التي أهدرت أموال الشعوب في فساد غير مسبوق ولبناء وتعزيز أجهزة أمنية وتكديس السلاح ضد شعوبها بدلاً من تعزيز قدراتها العسكرية لمواجهة الخطر الصهيوني.لقد جزعت القوى الاستعمارية من انتفاضات الشعوب العربية في ثورات أربكت مشاريعها وأطاحت برموزها المستبدة سواء كانت مدنية أم إسلامية، هذه الثورات استنهضت روحا تحررية جديدة من أجل عزتها وكرامتها، وها هي القوى الامبريالية تجيّش الجيوش وتحشد الأساطيل استعداداً لشن عدوان على منطقتنا وشعوبنا بعدما فشلت سياساتها التآمرية على التراب العربي.فما زالت الساحة العربية كلها معرضة لإصرار الولايات المتحدة ودول أوروبا وإسرائيل على تنفيذ «مشروع الشرق الأوسط الجديد»، الذي لم تتغير أهدافه الأساسية في رسم حدود جديدة لدول الشرق الجديد وتحويلها إلى دويلات ضعيفة لصالح التفوق الإسرائيلي وإنهاء الصراع العربي - الإسرائيلي بما يتوافق مع توسّع «الدولة اليهودية» كما يريدها العدو الإسرائيلي.لقد فُتت السودان والعراق، وسورية ماضية على الطريق، ودخلت في حروب داخلية طائفية واثنية، وما زالت المحاولات محمومة لإجهاض الثورة المصرية وعرقلة مشروع بناء الدولة الوطنية الديموقراطية المستقلة عن طريق تغذية الإرهاب وعملائها في المنطقة، الذين كشفتهم شعوبنا الطامحة إلى الاصلاح والتقدم والعدالة الاجتماعية.فتحية إلى «جمول» في ذكرى انطلاقها التي تستلهم شعوبنا من خلالها تراثها النضالي المقاوم، وبناء مجتمعات الحرية والديموقراطية والتنمية الذاتية، بعيداً عن سيطرة الغرب ومنظمتها «صندوق النقد الدولي».وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

______________________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 18/09/2013 العدد:12497

اخبار محلية

معاداة الخط التقدمي اليساري.

بقلم: د.فواز فرحان*

ليس الخط التقدمي اليساري مذهباً (مثالياً) تحدد مواقفه ردود الأفعال على ما يسمى بالظلم التاريخي له، وهو لا يستغل (براغماتياً) حالات العداء له لاستدرار العواطف ولخدمة أجندة مصلحية معينة.وحديثي عن معاداة الخط التقدمي اليساري سيكون منطلقاً من تحليل موضوعي مبنياً على شواهد تاريخية واقعية ملموسة ويهدف إلى تبيين المنطلقات المختلفة لهذا العداء بمختلف درجاته.

الخط التقدمي اليساري يهدف إلى تغيير الواقع السياسي الاقتصادي الاجتماعي لصالح تحقيق العدالة الاجتماعية والحرية وتقدّم المجتمع على جميع الأصعدة، وهذا الهدف لا يعني أبداً تكراراً لتجربة معينة عليها الكثير من الانتقادات؛ ولأسباب انهيارها العديد من التفسيرات والتحليلات كالتجربة السوڤييتية السابقة مثلاً، وبالتأكيد هناك انتقادات موضوعية للأساس الفكري لهذا الخط ولمنطلقه الاقتصادي الاجتماعي ولهذه الانتقادات منطلقات قد نتفق أو نختلف معها ولكنها تظل جديرة بالملاحظة والتدقيق وتشكل أحد روافد تجديد هذا الخط التقدمي اليساري، وفي الوقت نفسه هناك انتقادات تنطلق من موقف عدائي لهذا الخط لأسباب متنوعة وسأتحدث عنها بشقيها العالمي والمحلي في الكويت.

الانتقادات الموضوعية للخط التقدمي اليساري تنطلق من الفلسفة المثالية التي تدّعي أن الوعي (الفردي والمجتمعي) وكذلك الأفكار تسبق الواقع المادي بل تدعي أنها هي من يصنعه ويحركه وأن أي تغيير في الواقع لن يحدث إلا عبر تغيير هذا الوعي وهذه الأفكار، بينما أثبتت التجارب التاريخية في مختلف بقاع العالم أن حركة التغيير تنطلق من واقع مادي سيء ثم ترتفع من خلال هذه الحركة درجة الوعي وتتبلور بسببها الأفكار، فالتغيير في أوروبا مثلاً لم يحدث إلا عندما ثارت الطبقة البرجوازية (التي كانت تقدمية في ذلك الوقت) على الواقع المحكوم بسلطة الإقطاع المتحالف مع الكنيسة وتطورت بعدها أفكار الطليعة السياسية الثائرة وتطور بعدها وعي المجتمع الأوروبي، وهذا لا ينفي وجود دعوات الاستنارة المنطلقة من مجموعة محدودة متطورة نوعياً تمثلت بالعلماء والفلاسفة؛ إلا أن هذه الدعوات لم تكن الحاسمة في إشعال جذوة الثورة ولكن استيعاب الشعوب الأوروبية لسوء الواقع المادي هو ما أشعلها ونمّاها، وما تزال هذه الانتقادات الموضوعية موضع جدل واسع بين المثاليين من تيارات دينية وتيارات ليبرالية (هيغلية) والماديين من تيارات تقدمية يسارية.

وعندما أتحدث عن معاداة الخط التقدمي اليساري عموماً فأنا أدرّجها من المعاداة الطبقية والمعاداة الفكرية بالقول وحتى المعاداة العنيفة بالفعل مروراً بالتحريض والتحجيم والإقصاء، وهذه المعاداة سأقسمها إلى مستويين: عالمي ومحلي في الكويت حتى يسهل علينا تحليلها ونقدها وتشريحها والبحث عن دوافعها. معاداة الخط اليساري عالمياً تنحصر بسببين أولهما: استيعاب المؤسسات الرأسمالية الضخمة أن هذا الخط هو التهديد الحقيقي لمصالحها لأنه يعرّي طبيعتها الاستغلالية الساعية نحو الربح ولا شيء سوى الربح وينسب أغلب مظاهر التخلف السياسي والاقتصادي والاجتماعي العالمي لهذه الطبيعة الاستغلالية لأنها السبب الرئيسي في الكوارث الاقتصادية والاجتماعية المتمثلة في التهميش والفقر والأمية والمعاناة وسوء التغذية وتراجع الوضع الصحي الذي يلف الطبقات العاملة والفقيرة عالمياً، وثانيهما: انطلاء خدعة البروباغاندا الإعلامية على الشعوب التي صوّرت التجارب التقدمية اليسارية العالمية بأنها محور الشرور وسبب تدهور الأوضاع السياسية في العالم وأنها تدعم العنف وجعلتها تقتنع بالمقابل أن جرائماً مثل إلقاء قنابل نووية على هيروشيما وناجازاكي، واحتلال ڤيتنام، ودعم القوى الدينية المتطرفة في حرب أفغانسان ثم احتلالها، هي أفعال هدفها الإنسانية ونشر الحرية والديمقراطية. أما مظاهر هذه المعاداة عالمياً فهناك أمثلة كثيرة عليها مثل الحركة المكارثية المعادية لكل ما هو تقدمي يساري والتي انتشرت في أميركا في بداية خمسينيات القرن الماضي، المذابح التي تعرض لها مئات آلاف اليساريين في اندونيسيا أواسط الستينيات، دعم الانقلاب الفاشي على الحكومة اليسارية المنتخبة في تشيلي عام ١٩٧٣، محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة على تشاڤيز في ڤنزويلا، محاصرة كوبا اقتصادياً وعسكرياً، دعم الانقلاب على حكومة مصدق الإيرانية في خمسينيات القرن الماضي ومحاربة كل مظاهر اليسار في أوروبا الشرقية بعد انهيار التجربة الاشتراكية فيها.

وأما على المستوى المحلي في الكويت فأستطيع تصنيف حالات معاداة الخط التقدمي اليساري إلى: أولاً عداء تاريخي من قبل السلطة لكل ما هو تقدمي ويساري لأنه هو من يحدد طبيعة الأزمة الرئيسية في البلد ويدعو إلى الخروج من هذه الأزمة عبر استكمال النظام البرلماني الديمقراطي في ظل وجود الأحزاب، ثانياً عداء من قبل البرجوازية الكويتية لأنها تعتقد أن هذا الخط هو من يهدد مصالحها تهديداً مباشراً عبر فضحه لطبيعتها الاستغلالية والمستنفعة من السلطة وكذلك من خلال الدعوة لتغيير الواقع السياسي والذي يشكل الحاضنة لاستمرار استغلالها واستنفاعها، ثالثاً عداء من قبل الأفراد الذين يشكلون المجموعات التي ترتزق من الفتات الذي ترمي به السلطة لها ومجموعات الساعين إلى الحصول على مناصب أو امتيازات من هذه السلطة ويشكل الخط اليساري التقدمي حالة من التنغيص على ارتزاقها وكذلك حالة من التهديد لاستمرار هذا الارتزاق، رابعاً عداء الأحزاب الدينية التي تحاول تصوير اليساريين على أنهم معادون للدين، خامساً عداء من القوى التي تدّعي الاستنارة الفكرية وتتبنى منهجاً (مثالياً) لتحليل الواقع وتعتقد أن هذا الخط سيفسد عليها مشروعها التنويري الوهمي من خلال تحالفاته المرحلية المستحقة لخدمة نضاله وكذلك بسبب الجهل بطبيعة هذا الخط وهدفه أو قلة المعلومات عنه وعن تاريخه وربما بسبب معلومات مغلوطة عنه، سادساً عداء من مجموعة محدودة من اللادينيين المتذمرين من ثقافة المجتمع والتي تحول عندها هذا التذمر إلى حالة نفسية مرضيّة رافضة للموروث بسبب تدني استيعابها لطبيعة تطوره وتغيّره مع الزمن، وسابعاً عداء من مجموعة من السطحيين ممن لهم مشاكل شخصية (قد تكون مستحقة أو غير مستحقة) مع بعض الأطراف الفاعلة في هذا الخط التقدمي اليساري مما يجعلها تصب جام غضبها الطفولي عليه.

في النهاية سأؤكد مجدداً على أن وجود هذه المعاداة للخط التقدمي اليساري لا ينفي وجود انتقادات موضوعية معتبرة وجديرة بالنقاش والحوار لإثراء هذا الخط وبالتالي تطويره وتعديله بما يتناسب ودرجة تطور مجتمعنا.

-------------------------------------*عضو التيار التقدمي الكويتي.

اخبار محلية

وليد الرجيب:الليبراليون واليسار.

يبدو أن الأحزاب الوطنية والديموقراطية والقومية والتقدمية في مصر سترتكب الخطأ نفسه الذي ارتكبته في الانتخابات البرلمانية والرئاسية الماضية، عندما لم تنسّق وتتّفق على مرشح «مدني» واحد يمثل هذه المرحلة التي تتطلب توافقاً يحقق الحد الأدنى لأهداف الثورة، حيث رشح كل حزب شخصية شتّتت أصوات الناخبين المصريين وأضعفت فرص وصولهم للسلطة بغالبية، وهذا ما فتح الطريق أمام القوى الإسلامية المتوافقة على حصد الأصوات.وقد كانت أحد أسباب نجاح الموجة الثانية لثورة 25 يناير 2011م، والتي كانت سبباً في السقوط السريع لنظام الاخوان المسلمين، عندما خرج أكثر من ثلاثين مليون مواطن في ميادين كل المحافظات المصرية في 30 يونيو بشكل غير مسبوق في تاريخ مصر، كانت أحد أسباب نجاحها هو اتفاق جميع هذه الأحزاب لتشكيل جبهة وطنية واسعة ذات أهداف واضحة فرضت خارطة طريق على القوات المسلحة المصرية، التي لم يكن أمامها سوى الانصياع لهذا الإجماع.وأكد سكرتير عام الحزب الشيوعي المصري صلاح عدلي: «ان تحالفات الأحزاب الليبرالية الذي ضم (المصري الديموقراطي والمصريون الأحرار والوفد)، بإعلان خوض الانتخابات بعيداً عن الأحزاب اليسارية سيضر بوحدة جبهة الإنقاذ» مشيراً «إلى ضرورة التنسيق بين القوى الثورية تحت قائمة انتخابية واحدة والدفع بمرشح رئاسي واحد».ومن جانب آخر، قال عضو الحزب الشيوعي المصري حمادة الكاشف: «انهم بصدد تأسيس تحالف اشتراكي واسع من شباب اليسار المصري، وذلك للعمل المشترك في القضايا السياسية والشبابية»، مؤكداً: «أنهم يحملون مفهوماً مختلفاً للعدالة الاجتماعية عن بقية القوى السياسية» وأضاف: «أنهم يعيشون أزمة المواطنين المطحونين ويرون أن مشاكل العمال والفلاحين لابد وأن تحل لأن هؤلاء هم الذين يبنون المجتمع ولا يجب تجاهلهم، كما أنه لا يجب بعد الثورة أن نرى أطفالاً في الشوارع بلا مأوى أو مواطنين مصريين يسكنون العشوائيات أو المقابر، ولهذا توافقنا على إنشاء (جبهة الشباب الاشتراكي) وهو تحالف سيضم أحزابا وحركات اشتراكية هي حزب التجمع وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي والحزب الشيوعي المصري والحزب الاشتراكي، والحزب الناصري الموحد وحزب الكرامة واتحاد الشباب الاشتراكي، وسوف يُعقد مؤتمر صحافي للإعلان عن هذه الجبهة وورقة العمل السياسي».ونرى أن ما يحدث في مصر هو تكريس وإقصاء وربما عداء تاريخي لقوى اليسار ليس فقط من المخابرات الأميركية والأنظمة العربية والقوى الإسلامية، ولكن أيضاً من القوى الليبرالية التي تحمل عداء غير مبرر لليسار ولا يتسق مع قضايا الوطن والمواطنين.وهذا لا يحدث لليسار العربي بشكل عام فقط، ولكنه يحدث لليسار في الخليج أيضاً على كل ما يعانيه من مشكلات ذاتية، وبطء في تجاوز عراقيل الماضي وتطوير لأساليب النضال، إضافة إلى النزعات الليبرالية بداخله.إن تحقيق متطلبات الثورة الوطنية الديموقراطية أو الإصلاح الديموقراطي في بلداننا العربية يتطلب قدراً أكبر من التوافق الوطني بين جميع الاتجاهات ذات المصلحة في التقدم والتطور والديموقراطية وبناء مجتمعات القانون ومؤسسات المجتمع المدني والتنمية الذاتية، والابتعاد عن الخلافات الفكرية التي تزيد التشرذم وتضعف القوى الوطنية وتبعدهم عن هموم الجماهير.ومشكلة الليبراليين هي أن عيونهم ترنو إلى كرسي الانتخابات كهدف رئيسي وإغفال مصلحة الوطن والجماهير، وينسون أن العمل الجماهيري لا يقتصر على الانتخابات البرلمانية التي تعتبر أحد أشكال العمل الجماهيرية ولكنه ليس الوحيد.

وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

____________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 16\09\2013 العدد:12495

من المعروف أن نسبة الشباب في المجتمعات تشكل نسبة كبيرة إن لم تكن الأكبر، كما أن الروح الشبابية هي روح مبادرة وتتميز بالإبداع وهذا ليس استثناء بالتاريخ أو هو ما ميز الثورات العربية، فلنتذكر أنه عندما قامت الثورة البلشفية عام 1917م كان عمر القائد فلادميير إليتش لينين (47 عاماً) بينما ضم حزبه أعماراً أصغر منه بكثير، بل كان الحزب يضم في عضويته أعضاء بعمر الـ 18، علماً بأن لينين نفسه كان بسن الـ 35 في ثورة 1905م، وكان مناضلاً وهو في ريعان شبابه، إذ قبض عليه أول مرة عام 1895م في سانت بترسبرغ حيث كان يبلغ من العمر (25 عاماً) فهو ولد عام 1870م.ولنتذكر أيضاً أن روبسبير قائد الثورة الفرنسية كان يبلغ الـ (31 عاماً) عندما قامت الثورة في عام 1789م حيث ولد عام 1758م، ومن المعروف أيضاً أن عدداً كبيراً من الطلبة شاركوا بفعالية في هذه الثورة التي غيرت وجه التاريخ، فما الغريب أن تكون المبادرة والمشاركة في ما يسمى «بالربيع العربي» من فئة الشباب؟ لكن المناضلين الشباب يكبرون أيضاً ولا يبقون شباباً إلى الأبد.كذلك انتشرت مقولة «ثورة التكنولوجيا» أو ثورة «تويتر» و«الفيس بوك»، وهي التي لعبت دوراً حاسماً في قيام هذه الثورات كما يزعمون، لكننا نعرف أنه في جميع الثورات بالتاريخ كانت هناك وسائل تواصل وتوعية وتعبئة، مثل الخطب التي كان يلقيها شباب الثورة الفرنسية على الجماهير، كما لعبت جريدة «الإيسكرا» هذا الدور في التواصل والتوعية والتعبئة، ويقول أحد المناضلين العرب في تعليقه على دور وسائل التواصل الاجتماعي في هذه الثورات «انها لعبت دور الإيسكرا في الثورة البلشفية»، وسيأتي بالتأكيد زمان تكون فيه وسائل التواصل أكثر تقدماً.ومن شارك في التحركات الشعبية بدواوين الاثنين في الكويت عامي 1989 و1990م يتذكر أن وسيلة التواصل كانت عن طريق الهواتف الأرضية التي اعتبرناها من الوسائل السريعة التي أتاحها التطور التكنولوجي، وكان من يملك جهاز النداء الآلي «البيجر» أو الـ «بيبر» من النادرين.لماذا إذاً يتم إبراز وتضخيم دور الشباب ووسائل التواصل الاجتماعي في الثورات العربية؟ أظن أن الغرض هو إلغاء وتهميش دور الأحزاب والقوى السياسية المنظمة في هذه الثورات، رغم أن الأنظمة المضادة للثورة استخدمت الشباب من البلطجية والشبيحة، كما استخدمت جميع وسائل التواصل الالكتروني في محاربة هذه الثورات بل في ملاحقة المناضلين، ثم من قال ان الأحزاب السياسية لا تضم إلا كبار السن؟ بل إن معظم الشباب الذين خرجوا في الميادين العربية كان بينهم العديد من المسيسين الذين تعلموا من خبرات المناضلين الأكبر سناً، لكن للأسف انساق الكثيرون ومنهم زعماء وطنيون كانت لهم أدوار نضالية تاريخية إلى هذا التضليل.بل انه رغم نداءات الأحزاب اليسارية والتقدمية للشباب كي يبقوا في الميادين بعد ثورة 25 يناير في مصر حتى تتحقق أهداف الثورة، إلا أن الشباب غير المسيس قليل الخبرة تركوا الميادين قبل أن تتحقق هذه الأهداف، فإن كان الشباب هم من قاموا بالثورات إلا أن الأحزاب السياسية الإسلامية هي من قطف ثمار هذه الثورات.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

___________________________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 15/09/2013 العدد:12493

بقلم: رشيد غويلب

دأبت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية خلال حقبة الحرب الباردة على تنظيم ودعم الانقلابات العسكرية للإطاحة بالنظم الوطنية الديمقراطية، وبالحكومات اليسارية الشرعية المنتخبة في العديد من البلدان، او للحد من اتساع نفوذ وجماهيرية احزاب شيوعية ويسارية في بلدان أخرى. وما تزال ذاكرة الشعوب تحتفظ بصور دموية للانقلاب ضد حكومة مصدق الوطنية في إيران، في 19 آب 1953، وانقلاب 8 شباط الاسود في العراق، ومجزرة الانقلابيين ضد شيوعيي اندنوسيا في عام 1964، الانقلاب الفاشي ضد حكومة الوحدة الشعبية اليسارية المنتخبة في شيلي، بزعامة سلفادور الليندي عام 1973، الذي مرت امس الاربعاء ذكراه الأربعون، ففي الحادي عشر من ايلول 1973 نفذ جنرالات في الجيش الشيلي، بقيادة اغسينو بونشيت انقلابا عسكريا أطاح بحكومة الرئيس الشرعي للبلاد سلفادور الليندي، وادى الى مقتله.وكان الليندي قد فاز في الرابع من ايلول 1970 بانتخابات الرئاسة، مرشحا عن تحالف الوحدة الشعبية، الذي ضم الحزب الاشتراكي، والحزب الشيوعي، ومنظمات يسارية صغيرة اخرى. وكانت التصريحات التي ادلى بها، بعد اعلان نتائج الانتخابات مباشرة، هنري كيسنجر مستشار الأمن القومي في الولايات المتحدة في حينه، لا تبعث على الاطمئنان: "انا لا افهم لماذا ينبغي لنا ان لا نفعل شيئا ونحن نرى بلدا، وبسبب عدم مسؤولية شعبه، يصبح شيوعيا. ان القضية اهم من ان تترك لقرار الناخبين الشيليين"، في اشارة منه الى الأهمية التي تتمتع بها شيلي عالميا في مجال انتاج النحاس، الذي كانت تهيمن عليه شركات امريكية، بلغت أرباحها في عام الانتخابات 4.5 مليار دولار.بعد انتخابه شرع الليندي بتنفيذ برنامج إصلاحات اشتراكية بالضد من مصالح رأس المال الكبير والإقطاعيين. وبدأت الحكومة اليسارية بتأميم حقول انتاج النحاس التي تسيطر عليها الشركات الأمريكية، ومصادرة أراضي الإقطاعيين الكبار. وعملت على رفع أجور العاملين، وتجميد اسعار المواد الاستهلاكية المهمة، وبدأت بتوزيع الحليب على الاطفال، والنساء الحوامل، فضلا عن إعادة العلاقات الدبلوماسية مع كوبا. وكشف السياسيون الأمريكان، الذين يطيب لهم تمثيل دور المدافعين عن الحريات وحقوق الانسان عن وجوههم الحقيقية. لقد عبر عن ذلك السفير الأمريكي السابق في شيلي بوضوح تام: " لا ينبغي ان نسمح بتحقيق شيلي بقيادة الليندي اصغر المكتسبات، ويجب علينا ان نفعل كل ما نستطيع لدفع شيلي والشيليين الى اقصى درجات الحرمان والفقر". وهذا يتلاءم مع ما قامت به وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في خريف عام 1970، عندما قدمت العون والأسلحة لقتلة رئيس أركان الجيش الشيلي رينه شنايدر الموالي للرئيس المنتخب.

وبدأ الانقلاب بقصف القصر الجمهوري في ساعات الصباح الباكر من يوم 11 ايلول 1973. وفي الأيام والأسابيع التي اعقبت ذلك، جرى قتل واعتقال وتعذيب الآلاف من اليساريين والديمقراطيين من أعضاء احزاب التحالف اليساري الحاكم، ومناصري حكومته. وفقد الكثير من هؤلاء حياته بواسطة حفلات الإعدام الجماعية، او التعذيب الوحشي الذي تعرضوا له في العديد من المعتقلات التي انتشرت في العاصمة سانتياغوا، ومدن البلاد الأخرى، وكان اشهرها تحويل ملعب سانتياغوا لكرة القدم الى معتقل جماعي شهد من بين جرائم اخرى استشهاد المغني الشيوعي الشهير فكتور جارا، الذي كان يحث، بواسطة الأغاني الثورية، المعتقلين على المقاومة والصمود. واشارت التقديرات الى ان عدد ضحايا وصل الى 30 الف من الرجال والنساء والأطفال.بعدها بدأ الانقلابيون إلغاء قرارات التأميم، وإعادة الاراضي الى الإقطاعيين. وباشر البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، والحكومة الأمريكية تقديم القروض السخية لسلطة الانقلاب.وعمت العالم حركة احتجاجات واسعة، حملات تضامن غير مسبوقة، وشكلت في العديد من البلدان لجان للتضامن مع الشعب الشيلي. ولا يزال الكثيرون منا يتذكرون النشاطات العديدة والمتنوعة التي نظمها الشيوعيون والديمقراطيون العراقيون، تضامنا مع الشعب الشيلي في بغداد وعدد من المحافظات العراقية. ولا تزال الذاكرة عامرة بالعديد من القصائد والأغاني التي أنشدتْ تضامناً مع ضحايا الانقلاب.

تظاهرة لاستذكار ضحايا الانقلاب

شهدت العاصمة الشيلية سانتياغو الاحد الفائت تظاهرة كبيرة ساهم فيها اكثر من 60 ألفا لاستذكار ضحايا الانقلاب الفاشي. وقد واجهت قوات الشرطة العسكرية جموع المتظاهرين المتجهين الى المقبرة الرئيسية في المدينة، حيث قبور أعداد هائلة من الضحايا، واجهتم بخراطيم المياه والغازات المسيلة للدموع. وقامت الشرطة باعتقال 220 متظاهراً.وقبيل الذكرى الأربعين للانقلاب قدمت جمعية القضاة الشيليين الاعتذار لذوي الضحايا لتعاون القضاء مع سلطة الانقلاب طيلة سنوات حكمها التي استمرت سبعة عشر عاما. وجاء في البيان الصادر بهذا الخصوص: " انه اعتذار متأخر، ولكن قد حان الوقت لطلب الصفح من الضحايا وعوائلهم، ومن المجتمع الشيلي". وأضاف "لقد تخلى القضاء، وخصوصا المحكمة العليا عن مهمتها الأولى في الدفاع عن الحقوق الأساسية للضحايا في مواجهة السلطة". ومن الجدير بالذكر ان المحكمة العليا ردت 9000 قضية لذوي الضحايا انصياعا لضغوطات سلطة الانقلاب.وتمر الذكرى الأربعون هذه السنة خلال حملة الانتخابات الرئاسية، التي ستجري في السابع عشر من تشرين الثاني المقبل. وتبدو فرص فوز مشيل باشيليه مرشحة تحالف "أكثرية جديدة"، الذي يشارك فيه الحزب الشيوعي الشيلي، الى جانب قوى عديدة من الوسط واليسار. قوية جدا.

كتب محرر الشؤون الاقتصادية:

مجدداً، عاد الحديث عن خصخصة بعض قطاعات القطاع النفطي، بعد أن تم إغلاق هذا الملف سابقاً، بعد الاعتراضات الكبيرة التي قُوبل بها من جانب المواطنين، والعاملين في القطاع النفطي وأكثر من جهة اقتصادية رأت أن عمليات الخصخصة، وعلى وجه الخصوص خصخصة قطاعات نفطية، ما هي إلا عملية سطو على ثروات البلاد الطبيعة، ووضع مقدرات الدولة تحت فئة معينة من الرأسماليين.

وهذا يطرح مجددا السؤال الذي تردد كثيراً عن ماهية المكاسب المتأتية من الخصخصة، والتي نعرف مقدماً أنها ليست مجدية في كل المجالات بالضرورة، فالتحوُّل إلى الخصخصة والهرولة اليها من دون دراسات كافية سيجرنا إلى دوائر متعددة من الفساد واستغلال خصخصة المؤسسات، من أجل التكسُّب والتنفيع. بالنظر إلى التجربة البسيطة التي خاضتها الكويت سابقا في الخصخصة، نجد أنها أثبتت فشلا واضحا، ومن أمثلتها محطات الوقود، ومصنع الملح والكلورين، فهذه القطاعات التي تم تخصيصها أهدر فيها المال العام، وفي الوقت نفسه لم تحمِ العمالة الوطنية، ولا المستهلك.

_________________________________________________

منقول عن جريدة الطليعة تاريخ 11/09/2013

طالعتنا بعض وسائل الاعلام بخبر حول غش الشركات المصنعة للدواء، حيث تحايلت احدى الشركات الدوائية الكبيرة من خلال التلاعب بالمواد الفعّالة في الدواء مما يقلل كلفته ويحد في الوقت نفسه من فاعليته في معالجة الأمراض، وذلك كي تواجه المطالبات المتزايدة لخفض أسعار الدواء.هذا الغش الذي مارسته هذه الشركة وغيرها من الشركات الدوائية الرأسمالية الكبرى، عن طريق تقليل فاعلية أدوية مهمة خاصة تلك المضادة للالتهاب والمضادة للآلام وتلك التي تمثل مكملات غذائية، مما يؤثر بكل تأكيد على صحة الانسان، فقط في سبيل المحافظة على نسبة الأرباح المرتفعة.وهذا حدث من قبل في صناعة الشوكولاتة واللحوم الجاهزة بعد زلزال الأزمة الاقتصادية الرأسمالية التي تسمى بـ«الكساد الكبير الثاني»، وهي لا تكتفي بالغش لمضاعفة الأرباح، بل وتعمد الى محاربة المخترعات والمكتشفات الدوائية الجديدة واضعة نفسها في موقع العداء مع العلم وتطوره.فقد نشرت الـ«بي بي سي» في صفحة الأعمال BBC-NEWS BUSINESS في 1 ابريل 2013م: «أن الشركة السويسرية الضخمة للصناعات الدوائية «نوفارتز» رفضت حكم المحكمة العليا الهندية لصالح براءة اختراع دواء محسّن هندي لعلاج مرضى الحالات المتقدمة من سرطان الدم «اللوكيميا» حيث يباع الدواء للمرضى في الهند أرخص بكثير مما تبيعه الشركة السويسرية العملاقة «نوفارتز Novartis» والتي ترى أن الدواء الهندي يختلف بشكل طفيف عن الدواء السويسري، علماً بأن الدواء السويسري يكلف 2600 دولار أو 1710 جنيهات استرلينية في الشهر، بينما الدواء الهندي المسمى «Glivec» يكلف 175 دولاراً فقط، وهو يفتح أملاً جديداً أمام الفقراء وذوي الدخول المحدودة في العالم النامي ويتيح لهم علاج هذا المرض القاتل بسعر منخفض.وبدلاً من ان تفرح الشركة السويسرية لوجود دواء يقضي على المرض بشكل واسع، رفضت هذا الاختراع ورفعت دعاوى على الشركة الهندية التي اخترعت دواء محسناً وأرخص بكثير من الدواء الذي تنتجه الشركة السويسرية، مما يعني عدم تشجيع الاختراعات العلمية الهندية.ومن المعروف تاريخياً أن الرأسمالية تحارب المكتشفات العلمية التي قد تضر بأرباحها الهائلة حتى وان كان ذلك على حساب صحة وسعادة ورخاء البشرية، فجميعنا يعرف أن العالم الأميركي توماس أديسون الذي اخترع المصباح الكهربائي «اللمبة» حورب من الشركات التي كانت محتكرة لانارة شوارع نيويورك، واتهمته بالدجل ورفعت عليه قضايا في المحاكم، حيث ان اختراعه الذي أنار شوارعنا وبيوتنا كان يهدد جشعها للربح.ومعروف أيضاً قصة اختراع السيارة التي تسير بواسطة الكهرباء، حيث شرح مخترعو ومصنعو هذه السيارة أهميتها كسيارة صديقة للبيئة وهادئة لا يصدر عن استخدامها ضجيج أو تلوث للبيئة بسبب حرق البنزين، وفي عام 1996م أصبحت هذه السيارة تسير في شوارع كاليفورنيا بجهد أو عزم ميكانيكي قليل، وبعد عشر سنوات اختفت هذه السيارة فجأة فماذا حدث؟ومنذ السبعينات كانت هناك محاولات لتعميم نموذج السيارة التي تعمل بالكهرباء، بل أن العلماء اخترعوا سيارة تسير بالطاقة الشمسية، وحسّنوا من السيارتين الكهربائية والتي تعمل بالطاقة الشمسية لتصبح سريعة.ولكن الشركات الرأسمالية الكبرى التي تنتج البترول ومشتقاته مثل شركة «موبايل» Mobil رفضت هذا الاختراع الذي يهدد أسعار البترول ومشتقاته مثل البنزين، وحتى البيت الأبيض أو الحكومة الفيديرالية الأميركية بقيادة جورج بوش الابن دافعت عن شركات النفط والسيارة التي تسير بالبنزين، ووعدت بتحسين الوقود وتحويله الى هيدروجين.ورُفعت قضايا أمام المحاكم من قبل شركات النفط ضد تصنيع وبيع السيارات الكهربائية وربحتها بالاستعانة بالحكومة الأميركية، وتم وأد الوليد الجديد في 24 ابريل 2003م.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

______________________________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 11\09\2013 العدد: 12490

كتب طلال حبيب:

قال عضو التيار التقدمي الكويتي انور الفكر: إن التيار وضع رؤية للاصلاح لكن المشكلة ليست بالقوى الشعبية او القوانين وانما بالخلل في ادارة البلد، مضيفا: شاهدنا تهما كيدية على المعارضة وانقلابا على الدستور.

وأضاف خلال حوار حول رؤيا الإصلاح الديمقراطي نظمه التيار مساء امس الاول في منطقة العيون إن قوى المعارضة كان هدفها المحافظة على دستور 1962 وشهدنا في عام 2006 ممارسة جديدة هي النزول للشارع من اجل المطالبات بدات بحملة «نبيها خمس» وبعد ذلك انتقلنا في عام 2009 لشعار «ارحل نستحق الافضل» وكانت المشاركة اكبر وكانت هناك رغبة بالإصلاح السياسي والى اليوم لا نعرف النهج الجديد الذي نريده.

وأضاف «فوجئنا عند وصول أغلبية تشريعية في مجلس فبراير 2012 بمحاولة اقرار قوانين رجعية وفشلت الاغلبية وتم ابطال المجلس».

وأشار الفكر الى ان الجبهه الوطنية لحماية الدستور تأسست في سبتمبر 2012 وشارك بها افراد ولم تشارك بها الكتل والتيارات وقامت بتاسيس لجان شعبية في المناطق لمقاطعة انتخابات ديسمبر 2012 ولكن برزت بها ايضا سلبيات.

وتابع: ظهرت بعد ذلك مسيرات «كرامة وطن» التي نجحت بشكل كبير الا ان التجربة لم تستطع ان تحتفظ بالقوة ذاتها والزخم نفسه، ولكنها كانت تجربة مهمة في تلك الفترة اذا انها على الرغم من بعض سلبياتها ونقاط ضعفها فقد ابرزت دور الشباب واثبتت بالملموس استعداد الشعب الكويتي للخروج الى الشارع من اجل انتزاع حقوقه.

ولفت إلى أن الحكومة قامت باجراءات تعسفية من استخدام المال والضرب ومن ضمن الاجراءات اغلاق قناة «اليوم» لانها كانت تنقل المشاهد الحية من الشارع الكويتي ومنذ يناير الماضي بدات امور طائفية من قبل بعض افراد المعارضة بالاضافة الى تصريحات استفزازية مما ادى الى ميلان ميزان القوة ناحية الحكومة.

وتابع: طالبنا بتعريف القوى السياسية من اجل ضبط العملية السياسية ولكن لم نجد اجابة ومن الامور الغريبة ان الشباب يضرب في الكويت ولا نجد من يستنكر من بعض القوى السياسية ولكن بالمقابل يستنكرون ضرب الناس في مصر.

وزاد: اذا اردنا معالجة الخلل بالبلد لابد من الحراك اولا ولا يجب اقصاء اي طرف أو انفراد فئة بالقرار على فئة اخرى ويجب خلق ادوات جديدة.

ومن جانبه قال سالم الجميعةك قدمنا رؤيانا في التيار التقدمي الكويتي للاصلاح الديمقراطي الى القوى السياسية فالنضال من اجل تحقيق اصلاح ديمقراطي يتطلب بالاساس تشخيص العيوب والنواقص البنيوية التي تعانيها المنظومتان السياسية والدستورية.

وبين ان العيوب والنواقص هي عدم اكتمال الطابع التمثيلي لمجلس الأمة والضمانات الكبيرة للحكومة فمن المفترض ان تقدم الحكومة برنامجها للمجلس قبل البدء بتنفيذه وهناك ايضا احتكار الشيوخ للوزارات السيادية ونحن نعاني من عدم وجود حياة حزبية مما ادى لحدوث صراعات بين اشخاص من العيوب التي نعاني منها وهي النظام الانتخابي المعبوث به وانعدام وجود آلية مقررة دستوريا لتداول مناصب السلطة التنفيذية وغياب الحياة الحزبية المنظمة ونجاح الحكومة في تعطيل العمل بالدستور وافراغه من محتواه وتكريس نهج الانفراد.

وتابع: هناك عوامل ذاتية يجب العمل عليها وإصلاحها مثل عدم وجود احزاب سياسية والموقف الدفاعي الذي تشكل تاريخيا لحماية دستور 1962 من الانقلاب عليه والتعويل المبالغ فيه على الانتخابات والعمل البرلماني على حساب اشكال النضال السياسي.

واردف الجميعة: ان المصطلح الادق الذي نطلقه على تحقيق الاصلاح الديمقراطي هو نظام ديمقراطي برلماني كامل يقوم على خمسة اركان هي وجود احزاب سياسية وتداول ديمقراطي وضرورة نيل الحكومة ثقة البرلمان واختيار رئيس مجلس الوزراء والوزراء من بين اعضاء كتلة او حزب الغالبية في البرلمان وفصل السلطات.

واردف ان الاصلاح السياسي يتمثل في انتزاع الحق الديمقراطي في اشهار الاحزاب السياسية عبر قانون ديمقراطي واقرار نظام انتخابي عادل قائم على التمثيل النسبي للقوائم الانتخابية ضمن دوائر انتخابية والغاء القوانين المقيدة للحريات وسن قانون للعفو العام عن قضايا الراي المعروضة امام جهات التحقيق والمحاكم حاليا دون اي شروط او تعهدات.

وتابع ان الاصلاح الدستوري المستحق هو الانتقال الى النظام البرلماني الكامل وهو ما يتطلب في حدود الدنيا تنقيح عدد من مواد الدستور وهي 80 و98 و101 و102 و116.

وبين الجميعة وسائل النضال من اجل تحقيق اجندة الاصلاح الديمقراطي وهي الاحتجاج الجماعي على سياسة او قانون او قرار او اجراء عبر عقد تجمعات او اقامة اعتصامات وتنظيم مسيرات.

ومن جانبه قال الكاتب والناشط السياسي أحمد الديين: هناك العديد من القضايا التي تحتاج للحديث عنها مثل قضية الكويتيين البدون وموضوع انشاء مصانع في منطقة الجهراء وازمة القبول بالجامعة والتطبيقي بالاضافة للقضايا السياسية.

__________________________________________________

منقول عن جريدة عالم اليوم تاريخ 11\09\2013

اخبار محلية

د. حسن مدن: علي دويغر.

على درب القادة الوطنيين الكبار الذين شكلوا بوعيهم المتقد وعملهم الدؤوب، سيما مرحلة كاملة من الكفاح الوطني من أجل الاستقلال الوطني والديمقراطية والتقدم الاجتماعي، رحل عنا القائد الوطني الفذ الدكتور علي دويغر، أحد مؤسسي جبهة التحرير الوطني في البحرين؛ وأحد قادتها الكبار الذين اضطلعوا بدور مهم في بناء تنظيمها وفي صوغ وثائقها البرنامجية ورؤاها السياسية وفي نشر الوعي التقدمي في البلاد، كما اضطلع بدور مهم في تأسيس علاقتها الكفاحية بقوى ومنظمات التقدم والسلم والتضامن في العالم، وفي سبيل ذلك دفع ضريبة مواقفه الوطنية بالسجن والنفي، ولم يفت ذلك من عضده أو يضعف إرادته.

بصمات علي دويغر واضحة في صوغ أول برنامج سياسي للحركة الوطنية والتقدمية التي تشكلت وناضلت بشكل سري بعد قمع هيئة الاتحاد الوطني في الخمسينات، ونعني به أول وثيقة برنامجية لجبهة التحرير الوطني التي عرفت ب»برنامج الحرية والاستقلال الوطني والديمقراطية والتقدم الاجتماعي والسلم» الذي صدر في عام 1962، بعد مناقشته في منظمات وخلايا الجبهة يومذاك، كما أن علي دويغر بالذات كان من وضع مسودة برنامج كتلة الشعب لانتخابات المجلس الوطني في مطالع السبعينات، حيث كان مقرراً ان يكون أحد مرشحي الكتلة، لولا أن إيان هندرسون أمر بنفيه من البلاد إلى دولة الكويت، نظراً لدوره المحوري في جهود تأسيس الكتلة وفي مجمل العمل الوطني في البلاد.

وكان علي دويغر أحد أبرز قادة جبهة التحرير الوطني في إنتفاضة مارس 1965، حيث تم إعتقاله بعد قمع الانتفاضة، وكان آخر من خرجوا من المعتقل بين المناضلين والوطنيين الذين طالتهم الاعتقالات والسجن في تلك المرحلة، وبعد خروجه من السجن استمر في نضاله الوطني، قبل أن يسافر لمواصلة دراساته العليا في السويد التي نال منها شهادة الدكتواره، وهناك كانت له مساهماته في العمل الطلابي والوطني، وكان هذا دأبه بعد عودته للبحرين مجدداً، حيث بقي فيها إلى حين اشتداد المرض عليه في السنوات القليلة الماضية مما أضطره للالتحاق بعائلته في السويد مجددا، حيث وافاه القدر المحتوم هناك.

إلى جانب دوره الوطني كان علي دويغر باحثاً نابهاً قدَّم دراسات مُهمة عن خصائص التطور الاجتماعي السياسي في البحرين، بينها تلك الأطروحة التي نال عنها درجاته العلمية في جامعة لوند بالسويد، ومن أبحاثه المهمة بهذا الصدد: «تحليل مقارن للإدارة العامة في البحرين»، «تأثيرات اللؤلؤ والنفط على العمل في البحرين»، و«الرأسمال الأجنبي والنمو السكاني»، فضلاً عن دراسات أخرى تتصل بقضايا الإصلاح الزراعي.

في دراساته اتبع علي دويغر منهج التحليل العلمي، المادي التاريخي، في رصد وتحليل البنية الاجتماعية والطبقية في مجتمع البحرين في الفترات التي غطاها في بحوثه، فهو على سبيل المثال يقدم في بحثه عن آثار صناعة اللؤلؤ والنفط توصيفاً للتركيب الطبقي في المجتمع البحريني، ملاحظاً أن المظاهر الإقطاعية ظلت فاعلة رغم تقدم علاقات الانتاج الرأسمالية مع مجيء النفط، مما أوجد تركيبة طبقية غريبة، أو حالة خاصة، وهو بهذا كان يتلمس مبكراً ما يتركه النفط من تأثيرات في بنية اجتماعية محافظة.

للحديث تتمة.

د. حسن مدن

___________________________________________________

الأمين العام السابق للمنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين

منقول عن موقع المنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين تاريخ 09\09\2013

اخبار محلية

"اش لك بالسياسة؟"

بقلم: د.فواز فرحان*

تلجأ الطبقات المسيطرة على المجتمعات إلى تشتيت تركيز الطبقات المُسيطَر عليها عن الصراع الرئيسي معها عن طريق أساليب كثيرة؛ منها إثارة الصراعات الجانبية غير الحاسمة في إحداث التغيير المطلوب مثل الصراعات الفئوية (الدينية والطائفية والعرقية والمناطقية) وكذلك عن طريق تشويه وعي الطليعة التي من المفترض أن تكون واعية وعرقلة ارتفاع وعي الناس عموماً. وهذا الدور الذي تقوم به الطبقات المسيطرة يدرجه البعض تحت باب (نظرية المؤامرة)... وبالطبع فإنّ المؤامرات تشكّل جزءاً مهما من التاريخ ولكن التاريخ ليس مجرد مؤامرات.

وإذا أسقطنا هذه المقدمة على واقعنا السياسي في الكويت سنلاحظ وجود سلطة ذات نهج مشيخي تسعى جاهدة بكل ما تملك من وسائل وأساليب مباشرة أو ملتوية لعرقلة التطور الديمقراطي في البلد بهدف الإبقاء على النظام الدستوري الأعرج الحالي لتستمر هي وحلفها الطبقي في نهب مقدرات بلدنا وشعبنا، وسنلاحظ كذلك أن مجريات الأحداث السياسية منذ اليوم الأول لإعلان ولادة (دستور الحد الأدنى) أغلبها تشير إلى دور السلطة في إثارة الصراعات الجانبية بهدف تشتيت الجهود التي تصب في صالح الصراع الرئيسي. وذلك ما حدث عبر التقسيم الفئوي للدوائر الانتخابية في عام ١٩٨٠، وقانون الجنسية الذي يقسّم الكويتيين إلى فئات بحسب رقم مادة القانون، والتجنيس السياسي بهدف ترجيح كفة سلطوية معينة، وتحالف السلطة تارة مع تيارات دينية من طائفة معينة ومع تيارات دينية من طائفة غيرها تارة أخرى، وإثارة التيارات السياسية على بعضها من خلال صراعات وهمية بقانون منع الاختلاط مثلاً رغم أن هذه التيارات لا تشكل الحكومة أساساً، ودعم منابر إعلامية فاسدة لتوجيه سهام الحقد نحو فئات اجتماعية معينة، ناهيك عن تأجيج المشاحنات والمهاترات تحت استقطابات (إسلامية-علمانية) أو (سنية-شيعية) أو (دينية-لادينية)... فهذه كلها أمثلة ملموسة تشير إلى دور السلطة في إثارة الصراعات الجانبية بهدف تخفيف حدة الصراع الرئيسي معها ومع حلفها الطبقي المسيطر ، أو حتى إخماده نهائياً!

ثم نأتي إلى أسلوب السلطة الآخر لتشتيت الجهود والأنظار عن الصراع الرئيسي والمتمثل بتشويه وعي الطلائع السياسية أو حتى المثقفة وكذلك بعرقلة تطور وعي الناس عموماً عن طريق تسفيه العمل السياسي وإثارة الشكوك حوله. فالسلطة خصوصاً والحلف الطبقي المسيطر عموماً دائماً يدفعون أبواقهم الإعلامية إلى إثارة ونشر جملة (اش لك بالسياسة؟)، وهذه الجملة تكاد تكون مترسخة في العقل الباطن للناس بسبب ترويجها من خلال وسائل الإعلام المختلفة والمناهج التربوية وكذلك من خلال استخدام الشخصيات العامة التي دخلت في عباءة السلطة لمحاولة جعل هذه الجملة من المسلمّات. فالسلطة وحلفها الطبقي المسيطر يعلمون جيداً أن التغيير نحو النظام البرلماني الديمقراطي الكامل يأتي من خلال عمل سياسي منظّم ومشاريع واضحة تعمل من خلالها التيارات السياسية، لذلك يلجؤون إلى تسخيف العمل السياسي وترويج الفكرة القائلة بأن السياسيين انتهازيون وأن السياسة مضيعة للوقت وتفريق للجماعة وربما تؤدي إلى ضرب ما يسمى بالوحدة الوطنية، وترى لسان حال السلطة يقول للمهتمين بالشأن العام سياسياً: "ياخي اش لك بالسياسة؟ اشتغل في نشاط الحفاظ على البيئة مثلاً! ولا تدري شلون؟ إنت مهتم بالمجال الحقوقي، ليش ما تركز جهدك على مجال حقوق الإنسان وتترك عنك الدوخة وعوار الراس اللي بيجيك من ورا السياسة؟"، رغم أهمية مجالي البيئة وحقوق الإنسان إلا أنهما من غير وعي سياسي أو بشكل أدق من غير خط سياسي واضح سيكونان مجرد تحصيل حاصل وغير حاسمين في إحداث أي تغيير أو تطوير. ومع الأسف انجرفت بعض النخب المثقفة مع موجة جملة (اش لك بالسياسة) وباتت تروّج لفكرة أن التغيير يبدأ بإصلاح النفس أولاً ثم إصلاح المجتمع من خلال نشر ثقافة التسامح وزرع الثوابت الديمقراطية وإشاعة روح الدفاع عن الحريات من خلال برامج تثقيفية أو ورش عمل أو إقامة ندوات ثقافية أو حتى الترغيب بالقراءة واقتناء الكتب! وهذا الخط الذي تتبناه هذه النخب المثقفة أضعه في خانة التفكير المثالي والذي يؤمن أن الفكرة والوعي تسبقان الواقع المادي، بينما كل الأحداث التاريخية تثبت العكس تماماً؛ وهو أن الفكرة والوعي ينطلقان من الواقع المادي الملموس وأن تغيير المجتمع يكون من خلال تغيير سياسي-اقتصادي تقوده طليعه واعية لينتج عن هذا التغيير لاحقاً تغييراً على مستوى ثقافة المجتمع.

ما أريد تأكيده هو أن العمل السياسي المنظم من خلال تبني أفكار واضحة تهيئ لولادة مشروع متكامل هو السبيل الأوحد نحو إحداث التغيير، وليس ما تروج له الطبقات المسيطرة والنخب الثقافية التي دخلت في عباءتها (متعمدةً أو غير متعمدة) من أفكار ومفاهيم لا دور حقيقياً لها في إحداث هذا التغيير.

-------------------------------

*عضو التيار التقدمي الكويتي.

في تقرير لمركز الدراسات التابع للكونغرس الأميركي حول الكويت والعلاقات الأميركية - الكويتية للعام 2013م، نقتطف منه جزءاً بسيطاً حيث ذُكر فيه:«لم تتأثر العلاقات الكويتية - الأميركية بشكل سلبي، لكن بعض القيادات في الإدارة الأميركية عبروا عن قلقهم من أن تتدهورالاوضاع في الكويت لدرجة تتعقد الجهود الاميركية الساعية لإبقاء التواجد العسكري في الخليج، كما حدث في سبتمبر2012م بعد أن دعا بعض النواب الإسلاميين لاعتصام أمام السفارة الأميركية وقذفها بالحجارة، ولكن المشاعر المناهضة لأميركا ستنمو في حال استعملت الحكومة الكويتية العنف ضد المتظاهرين.فقد كانت الكويت شريكاً حيوياً خلال فترة حروب الخليج الثلاث، ويقر قياديون بأن الكويت كانت داعمة للولايات المتحدة خلال هذه الحروب إلى أقصى مدى، فالكويت تمثل المفتاح للولايات المتحدة الاميركية لممارسة دورها العسكري في منطقة شمال الخليج في الوقت الحالي بعدما غادرت القوات الأميركية العراق.فالغزو العراقي للكويت عمق العلاقات الكويتية - الأميركية بشكل كبير، ووقعت الكويت اتفاقية تعاون مشترك مدتها 10 سنوات، وينص ميثاق الاتفاقية على تقديم المشورة، تقييم الأوضاع، تدريب القوات الكويتية، بيع الأسلحة، وتقديم التسهيلات للقوات الاميركية للوصول إلى الكويت والوصول إلى قواعدها العسكرية فيها على أن تعمل القوات الأميركية تحت القانون الأميركي وليس القوانين الكويتية، وفي سبتمبر تم تجديد الاتقافية لمدة 10 سنوات أخرى، وكان التجديد إجراء شكليا، ومن المحتمل أن التجديد قد تم في وقت سابق ويمتد الى ما بعد 2011م.لقد ساهمت الكويت بثلثي ميزانية عاصفة الصحراء( 16.059 بليون دولار) سنوياً 1991-2003م، وقدمت الكويت 350 مليون دولار سنوياً للقوات الأميركية المتواجدة في منطقة حظر الطيران جنوب العراق.كما استضافت الكويت 5000 من القوات الأميركية التي كانت في أفغانستان وأطاحت بنظام طالبان، إضافة الى 4000 عسكري متواجدين في الكويت، ودعمت الكويت بشكل غير مباشر إدارة بوش للإطاحة بصدام حسين، من خلال استضافة 250 ألفاً من القوات الأميركية وقوات الحلفاء التي دخلت العراق في عملية تحرير العراق، وسمحت للقوات باستخدام قواعدها الجوية وموانئها ومطارها الدولي، وقدمت 266 مليون دولار لتخفيف أعباء العمليات القتالية إضافة الى الإمدادات اللوجستية من غذاء ووقود، ونتيجة لهذا التعاون الوثيق أعلن بوش أن الكويت حليف خارج الناتو بعد البحرين(أول حليف خارج الناتو).وأيضاً قدمت الكويت 210 ملايين دولار بالسنة لتخفيف الأعباء المالية على الولايات المتحدة جراء تدوير القوات للقيام بعمليات في العراق، كما ساهمت الكويت بمبلغ 350 مليون دولار بميزانية عام 2012م للاعتمادات الموحدة.وتقدر القوات الاميركية المتواجدة الآن في الكويت بحوالي 13500 عسكري، وهي قوات قتالية وليست دفاعية، الهدف من وجودها بقاء القوات الأميركية قريبة من إيران والعراق.إن بيع الأسلحة للكويت ينسجم مع الهدف العام من «حوار أمن الخليج» والذي يهدف الى احتواء إيران وتعزيز القدرات العسكرية الفردية والمشتركة لدول الخليج، فالكويت مرتابة على نحو متزايد من النوايا الإيرانية في الخليج، وتؤيد جهود الولايات المتحدة لاحتواء القوة الإيرانية في الخليج ومنع إيران من التدخل غير المبرر في الشأن العراقي، ولا تزال الكويت محافظة على علاقات اقتصادية وسياسية طبيعية نسبياً مع إيران حتى لا تستفزها عسكريا الأمر الذي سيؤدي لتمكين العناصر الموالية لإيران في الكويت.أما في ما يخص الانتفاضة البحرينية في مارس 2011م، فقد انضمت الكويت الى قوة درع الجزيرة، ولكن على العكس من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، أرسلت الكويت القوة البحرية لا القوة البرية، وكانت مشاركة الكويت بقوة بحرية متعارضة مع دعوة أميركا للحوار، وضد موقف الشيعة في الكويت.ونكتفي بهذه المعلومات الواردة في تقرير طويل ومفصّل حول الكويت ونترك التعليق للقارئ الكريم.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

_________________________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 09\09\2013 العدد:12488

اخبار محلية

وليد الرجيب:بلدنا هدف مكشوف للحرب.

قد لا يدرك البعض خطورة الحرب على سورية وتداعياتها على منطقتنا العربية، فالتحضير لهجوم عدواني أميركي على سورية بحد ذاته قد أجّج النعرات الطائفية البغيضة واستنفر الجوار الاقليمي، فرغم الادعاء بمحدودية الضربة العسكرية على مواقع سورية الا أنه لا يستبعد أن تمتد نيرانها الى دول الجوار بل ربما أبعد من ذلك.نحن ضحية مخططات مرسومة منذ زمن بعيد لتفتيت دولنا واشعال اقتتال داخلي وايقاظ خلايا ارهابية ربتها الولايات المتحدة وتبنتها منذ «طالبان» وحتى تمكين اسلام على الطراز الأميركي من الحكم في بعض دولنا.وكذلك نحن ضحية تنافس امبريالي رأسمالي على مناطق النفوذ بالعالم، بعدما ظنت الولايات المتحدة خطأً وكما هي العادة في فشل حساباتها أنها ستظل للأبد قطباً واحداً يدير العالم كما تريد شركاتها الرأسمالية الكبرى، فالبوارج الأميركية والروسية التي اكتظ بها البحر الأبيض المتوسط هي ليست لردع استبداد النظام السوري أو ضد هذا الردع فقط، ولكنها لعبة شد حبل وتجاذب بين روسيا وأميركا، ورغم ذلك فلا بأس من الاجتماع والمصافحة في قمة العشرين التي تعقد عادة كلعبة «المنبولي» لتقسيم الاستحواذات على مقدرات الشعوب.وان اتفقت هذه الدول على مصالحها الا أنها أطلقت عقال الصراع المذهبي في المنطقة حتى قبل أن تبدأ الحرب، فها هي الأخبار تأتينا حول تهديد ايراني للمصالح الأميركية في المنطقة وهذا يشمل الكويت بكل تأكيد لأنها احدى الدول التي تحتضن وجوداً وقواعد عسكرية أميركية، وقد تفرض عليها الولايات المتحدة تمويل هذه الحرب وتغطية تكاليفها من أموال شعبنا المحروم من تنمية تحسن مستواه المعيشي.فلن نكون بأي حال من الأحوال بمنأى عن أوار هذا الجنون الأميركي غير المستند الى شرعية دولية، وهذا التنافس المحموم بين الدول الكبرى والاقليمية، فقد كشفت احدى الصحف اللبنانية أن هناك خططاً من ميليشيات مسلحة من قبل الحرس الثوري الايراني لقصف موانئ كويتية تزامناً مع الضربة العسكرية الوشيكة، وستشارك ميليشيات عراقية موالية لايران وسورية في تنفيذ هذه الخطط التي تتضمن ضرب السفارات الأجنبية في العراق ودول المنطقة، وهذه الخطط سواء كانت صحيحة أم لا، الا أنها أجّجت مسبقاً التعصب الطائفي الذي قد يقود الى تطرف وتطرف مضاد.وحتى الشعب السوري نفسه الذي يعاني من وحشية نظامه ويريد الخلاص منه يرفض هذا التدخل الأميركي البربري تحت أي غطاء أو مزاعم والذي سيكون ضحيته الشعب السوري نفسه، ما عدا أطراف محدودة في المعارضة السورية التي لا تملك حنكة سياسية ولا بعد نظر، بل طالبت منذ البداية بالتدخل العسكري الأجنبي في شؤون بلادها.بينما غالبية الشعوب العربية وقواها الوطنية والتقدمية ترفض عودة التراث الكولنيالي خاصة بعد أن تحررت من أنظمة عميلة كانت تقبع على صدورها، فعاد الوعي اليها واستيقظت روحها الوطنية التحررية.لن نكون بمنأى عن لهيب الحرب الأميركية وغطرستها، في ظل ضعف جهوزية الدولة ضد الكوارث والحروب رغم تجربة الاحتلال المريرة وتضحيات شعبنا الأبي، الا أننا سمحنا لأنفسنا أن نكون هدفاً دائماً للعدوان والارهاب.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

__________________________________________

منقول عن جريدة الراي 07\09\2013 العدد:12846

تحقيق الإصلاح السياسي والديمقراطي الشامل والجذري، كما ذكرنا ذات مقال، لا يتم "بكبسة زر"، بل هو عمل مستمر وتراكمي، شاق أحياناً ويحتاج إلى صبر وقوة تحمل ومثابرة، فقد يمر الحراك الشعبيّ في مراحل معينة بانتكاسات موجعة ومرهقة لكنها تبقى ضمن سياق المجرى العام للتطور؛ تراجعات مؤقتة طالما كانت قوى التغيير الديمقراطي واعية لطبيعة المرحلة ومدركة لموازين القوى السياسية والاجتماعية، إذ سرعان ما يعود الحراك الشعبي إلى زخمه الطبيعي، خصوصاً إذا كانت المطالب الشعبية هي نقطة الارتكاز التي ينطلق منها مشروع الإصلاح السياسي والديمقراطي.من هذا المنطلق من المفترض الابتعاد عن الانشغال المبالغ فيه بلجة التفاصيل الصغيرة حول بعض القضايا الهامشية، أو الدخول في خلافات جانبية، أو تضييع الوقت بالحديث عن أعراض المشاكل العامة التي أصبحت اليوم لا تعد ولا تحصى، أو الوقوف كثيراً أمام المظاهر المتعددة والواضحة للفساد بأشكاله كافة لا سيما الفساد السياسي؛ لأن ذلك يعتبر هدراً للجهود المخلصة التي تسعى على الدوام إلى تحقيق الإصلاح الديمقراطي، حيث إن مظاهر الفساد السياسي، الذي يعتبر أكثر أنواع الفساد شراسة، وهو السبب الرئيسي لأنواع الفساد الأخرى، لن تختفي طالما ظلت أسبابه قائمة، فأعراض المرض، كما يعرف الأطباء، سوف تستمر وقد تتفاقم وتسبب أمراضاً أخرى ما لم تعالج أسبابه الجذرية.من هنا تأتي أهمية المشروع السياسي للمعارضة، الذي تحدثنا عنه غير مرة في هذه الزاوية، بيد أن مشروع الإصلاح السياسي والديمقراطي بحد ذاته غير كاف ما لم تكن آلية تنفيذه واضحة وواقعية؛ على أن يقوم بتبنيه وطرحه على الرأي العام والعمل على تحقيقه قوى سياسية مدنية ديمقراطية واعية تؤمن بالديمقراطية كمنظومة متكاملة لإدارة شؤون الدولة والمجتمع، وليست قوى مزيفة أو متخلفة ومعادية للديمقراطية، أو زعامات سياسية تبحث عن بطولات فردية ومكاسب شخصية على حساب القضايا العامة. بكلمات أخرى، نجاح قوى الإصلاح والتغيير الديمقراطي في تحقيق مشروعها السياسي لا يتوقف فقط على وضوح المشروع وواقعية آليات تنفيذه ونضج الظروف الموضوعية، بل أيضا على قدرة هذه القوى على توحيد صفوفها على أسس سليمة، والإعلان عن نفسها بشكل واضح، وهو الأمر الذي يجب أن يؤخذ في الاعتبار في التحركات والأنشطة السياسية القادمة.

د. بدر الديحاني

__________________________________________

منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 04\09\2013

اخبار محلية

وليد الرجيب: الشعوب.

إن طال الزمن أو قصر فالنصر دائماً للشعوب، وتلك الجملة ليست أمنية رومانسية بل حقيقة موضوعية تؤكدها قوانين تطور المجتمعات وتثبتها الحقيقة والتجارب التاريخية.ولا تختلف الشعوب في أي قارة عن بعضها في هذه الحقيقة الموضوعية، مهما حاولت الدول الأوروبية والغربية المتقدمة ومفكروها خصوصا في العلوم الاجتماعية والفلسفية إسباغ أشكال من التصنيفات الذي يشي بعضها بالاستعلاء وبعضها بالتفريق المتعسف على تكوينات العقل بين الشعوب الأقل تطوراً من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية، كما فعل هتلر عندما وضع الجنس الآري فوق جميع أجناس البشر، ووضعت الصهيونية اليهود في مكانة مميزة بين الأجناس والديانات على اعتبار أنهم «شعب الله المختار».ولقد ساهمت بعض الكتابات العربية في العقود السابقة في إلقاء اللوم على «العقل العربي» وسبب تخلفه، بتسليم سطحي وقدري ينعكس على تفكير هؤلاء الكتاب والمفكرين العرب، بل بلغت سطحية تحليل هذه الكتابات العربية بنقض ليس قوانين التطور التاريخي فقط ولكن أيضاً بحرف العامل الحاسم في تطور الشعوب كالادعاء السائد عند بعضها تأثراً ببعض الكتابات الغربية بأن «الثقافة» هي العامل الحاسم في تطور الشعوب وليس الصراع الطبقي كما أثبتته قوانين العلم.فنظرة سريعة على المجلات والكتب الفكرية والدراسات العربية «المحكّمة» نجدها تضع مفهوماً غير علمي اسمه «العقل العربي»، رغم أن العقل العربي ليس واحداً في الزمان والمكان وغير ثابت ضمن النسبيات، وهذا ينطبق على كل العقول الأخرى إن اعتمدنا هذا المفهوم، أما الادعاء بأن الثقافة هي العامل الحاسم في تطور أو تخلف الشعوب فهو ادعاء ساذج، اذ إن الثقافة لاحقة وليست أولية وهي انعكاس جدلي غير مباشر للموضوع الاقتصادي الاجتماعي فكيف تتطور ثقافة الانسان دون وجوده أولاً؟ وكيف يكون هذا الوجود دون انتاج مادي أو روحي أو معنوي اضافة الى أنماط السلوك؟ولم يقتصر الأمر على الاستعلاء التمييزي الغربي على الشعوب النامية أو ما يسمى بالمراكز والأطراف، بل هناك تقسيم ضمن التقسيم وهو تمييز المراكز العربية عن الأطراف العربية، واستعلاء عربي على العربي دون اخضاع العقل للمنطق والتحليل، فإن كانت نظرة الغرب الى العرب هي من بقايا الثقافة والتراث الاستعماريين فإن نظرة العرب للعرب هي من بقايا التخلف الثقافي والفهم المبسط.وعودة الى بداية المقال فان الغرب راهن طويلاً على ماسمي بـ«السبات العربي»، ناصره في ذلك المثقفون العرب من بقايا التراث التنويري في القرن التاسع عشر الذي ينظر الى النموذج الأوروبي كمثال يحتذى أو يجدر اللحاق به.فلم يدر في حسبان الغرب أن تنهض الشعوب العربية في ثورات وطنية ديموقراطية تطالب بالقيم الانسانية الكبرى مثل الحرية والديموقراطية والتنمية الذاتية والاستقلال من التبعية للغرب سياسياً واقتصادياً، ولم يتبق في جعبة الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة من أساليب لإخضاع هذه الشعوب «النائمة»، فلا العدوان العسكري أو الاستعمار بقادر على اخضاعها ولا استغلال الدين ينفع في احتوائها ولا حيل الادعاءات بتعليمها القيم الديموقراطية والتحضر وحقوق الانسان ولا الابتزاز الاقتصادي قادر على إذلالها، فمهما اُستخدم ضدها من قمع دموي أو تدليس ديني أو ديموقراطية مدنية شكلانية أو تضييق اقتصادي، فان النصر بالنهاية للشعوب.

وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

منقول عن جريدة الراي تاريخ ٠٤/٠٩/٢٠١٣ العدد:١٢٤٨٣

بحسب البيانات الرسمية الصادرة عن "الإدارة المركزية للإحصاء" فإن الأرقام القياسية لأسعار المستهلكين، أي التضخم قد ارتفع بمعدل "2.87%" في شهر يوليو الماضي مقارنة بالشهر ذاته من عام 2012، وقد كانت نسبة ارتفاع أسعار الأغذية والمشروبات هي "5.4%" سنوياً، بينما كانت النسبة الشهرية "0.49%" مقارنة بشهر يونيو الماضي.أما بالنسبة إلى خدمات "السكن" فقد ارتفع معدل التضخم خلال شهر يوليو الماضي بنسبة "4%" على أساس سنوي، أي مقارنة بشهر يوليو العام الماضي، بينما ارتفعت نسبة التضخم في "الصحة" بمقدار "1.28%" سنوياً، وكانت نسبة معدل التضخم السنوي للخدمات "الترفيهية والثقافية" هي "1.9%". ماذا يعني ذلك؟ارتفاع الأرقام القياسية لأسعار المستهلكين "التضخم" يعني ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وانخفاض القيمة الشرائية للدينار بمقدار نسبة التضخم الذي يلتهم جزءاً من رواتب الموظفين، خصوصاً ذوي الدخول المتوسطة والمحدودة، الذين يعتبر الراتب الشهري المتواضع هو المصدر الوحيد للدخل بالنسبة إليهم وإلى أسرهم، وهؤلاء يشكلون أغلبية السكان من مواطنين ووافدين، وإذا ما أخذنا في الاعتبار النمط الاقتصادي-الاجتماعي السائد والنهم الاستهلاكي البذخي في المجتمع الذي لا يشجع أبداً على الادخار فإن رواتب العاملين بالقطاع الحكومي لا تكاد تكفيهم حتى نهاية الشهر، وهو الأمر الذي يجعل المطالبة بمراجعة الرواتب كل عامين وتعديلها بما يتناسب مع معدل التضخم وغلاء المعيشة مطالبة عادلة ومستحقة. ويزداد الأمر سوءاً بالنسبة إلى المتقاعدين، حيث تنخفض رواتبهم بعد التقاعد بشكل كبير بالرغم من سنوات الخدمة الطويلة التي أمضوها في الجهاز الحكومي، لهذا يجب أن تقوم مؤسسة التأمينات الاجتماعية بمراجعة معاشاتهم التقاعدية بشكل دوري بحيث تزاد بما يتناسب مع زيادة معدل التضخم وغلاء المعيشة وليس الاكتفاء بمجرد زيادة مالية بسيطة على رواتبهم تمنح لهم من فترة لأخرى وكأنها منحة وليست حقاً لهم.وبالرغم من أن زيادة الرواتب كل فترة زمنية قد تخفف من آثار التضخم لكنها لا تعالجه معالجة جذرية، وذلك لوجود عوامل داخلية وخارجية تؤدي إلى ارتفاع معدل التضخم وزيادة الأسعار، لذلك فإنه لا بد من وجود حزمة سياسات مالية ونقدية لمكافحة التضخم والحد من آثاره السلبية، ومن ضمنها رفع نسبة الاحتياطي النقدي وإلغاء الوكيل المحلي وكسر الاحتكار من أجل تشجيع المنافسة وخفض الأسعار، ثم فرض قيود على الائتمان الاستهلاكي وتفعيل الرقابة على الأسعار لضمان تطابقها مع جودة المنتجات والخدمات، فضلا عن وجود سياسات عامة تؤدي تدريجياً إلى تحويل اقتصادنا من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتج، حيث إن ذلك سيؤدي إلى تغيير نمط الاستهلاك البذخي الموجود في المجتمع، وسيخلق قيماً إيجابية جديدة تشجع على الادخار والاقتصاد، وتحد من الإسراف والتبذير.

د. بدر الديحاني

________________________________________

منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 02\09\2013.

اخبار محلية

د. حسن مدن:التغيير هو الثابت الوحيد.

ما الثابت الباقي وما المتغير المتحول في دنيا السياسة؟

سؤال مثل هذا يخطر على الذهن حين يجد المرء متسعاً من الوقت للتفكير في أحوال هذه الدنيا، كيف تدور وتمور، أو حين نقرأ أو نسمع عن خبر من قبيل ذاك الذي يقول إن ألمانيا صنفت بقايا جدار برلين كآثار تاريخية، وأن الجهات المختصة ترى في هذه البقايا، باعتراف الجميع، شهادة مهمة عن التاريخ الألماني الحديث، وينبغي بالتالي الحفاظ عليها . وتوجد البقايا في الشارع المعروف باسم “برناور شتراس”، حيث تم الاحتفاظ بقطعة من الجدار بين لوحين معدنيين .

قبل ذلك كانت السلطات قد اعتبرت أنه ينبغي التخلص تماماً وبأسرع ما يمكن من هذا الجدار الموروث عن زمن انقسام البلد، قبل أن تفطن إلى حقيقة أن التاريخ لا يلغى بازالة آثاره .

كنت قد زرت برلين في زمن انقسامها، وجلت حول هذا السور من جانبيه . وإن كنت أنسى فإني لا أنسى تلك الساعة التي قضيتها وأصدقاء في المطعم البانورامي الذي يطوق برج التلفزيون في الشطر الشرقي من العاصمة التي كانت قد قسمت بقرار من الحلفاء الذين تقدموا إلى ألمانيا من محاور مختلفة في نهايات الحرب العالمية الثانية للإجهاز على النازية وعلى هتلر شخصياً في عقر الدار .

من هذا المطعم بإمكانك أن ترى هذا السور، وهو يدور، الجزء الغربي من العاصمة من الجهات الكاملة، ويقطع الشارع الرئيس المؤدي إلى مبنى الرايخسناغ البرلمان الذي لابد وأن يكون هتلر قد ألقى فيه خطبه النارية مرة أو مرات .

كان السور يبدو حقيقة ثابتة، مطلقة لن تزول، وإذا كانت ستزول فإن ذلك لن يتم قريباً . نحن إزاء عالمين، ثقافتين، معسكرين وأمة واحد انشطرت إلى شطرين شأنها في ذلك شأن كل أوروبا التي انقسمت بفعل نتائج الحرب .

كان الجدار قد شيد على عجل في الثالث عشر من أغسطس/آب عام ،1961 حيث أفاق الألمان ذات صباح على دعائمه التي أقيمت في الليل وجعلت منه أمراً واقعاً، كان مصير من يتخطاه الهلاك، والهلاك وحده، والجدار الذي قدر من أشاده أنه سيصبح سداً منيعاً لا ينهار، انهار في صبيحة مشابهة في نوفمبر من عام ،1989 حتى قبل أن يتم عقود عمره الأربعة .

لا ثابت في هذه الدنيا . الثابت الوحيد فيها هو التغيير .

_________________________________

د. حسن مدن

الأمين العام السابق للمنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين

منقول عن موقع دار الخليج تاريخ 02\09\2013

اخبار محلية

وليد الرجيب: التعصب مرض نفسي.

سابقاً كان علماء النفس يصنفون «التعصب» أو التصلب بالرأي بأنه من المشكلات النفسية، أي مجرد سلوك أو اعتقاد خاطئ نتيجة لظروف اجتماعية وثقافية مختلفة، لكن الدراسات الأخيرة أثبتت أن التعصب وبالأخص الديني أو الطائفي هو مرض نفسي، فماذا يعني ذلك؟بعض المشكلات النفسية عندما تطول وتزيد حدتها وتصبح مزمنة ينتج عنها تغير في كيمياء الدماغ، مما يعني أن المريض النفسي يحتاج إلى علاج دوائي إضافة إلى علاج نفسي أي يشترك في علاجه كل من الطبيب النفسي والاختصاصي النفسي، فهناك بعض المشكلات التي لا تحتاج سوى علاج نفسي ولكن عندما لا تعالج تصبح مع الوقت مرضاً يؤثر على كيمياء الدماغ وهنا يجب أن يتدخل العلاج الكيميائي أو الدوائي، مثل الاكتئاب الذي قد يكون عرضاً بسيطاً لضغط نفسي لكنه يمكن أن يتطور إلى اكتئاب انتحاري.وإذا علمنا أن المشكلات النفسية بشكل عام تتطور إلى مشكلات أكثر تعقيداً إذا لم يتم التعامل معها بشكل سريع، بما فيها المشكلات البسيطة التي يعاني منها جميع البشر مثل الضغوط النفسية، فهذا يعني ضرورة الوعي والاهتمام بالصحة النفسية منذ الأعراض الأولى والاعتماد على العلم بدلاً من الخرافة.التعصب كما هو معروف مكتسب بالتعلم والممارسة وليس وراثياً أو يولد مع الإنسان، وقد يكتسبه الطفل من والديه منذ سن الثانية حسب بعض الدراسات، سواء كان تعصباً عرقياً أو قومياً أو قبلياً لكن الأخطر هو التعصب الديني والطائفي اللذان يصعب علاجهما أو تعديلهما.فالتعصب الذي يقود إلى التطرف هو فكرة خاطئة من حيث المبدأ مهما كانت اتجاهاتها، وهو فكرة تقود إلى شحنة شعورية سلبية تتمثل في الكراهية حيث يصاحبها انفعال شديد يتبعه سلوك عدواني ضد من يعارضون هذه الفكرة، ويقول أخصائي الطب النفسي الدكتور عادل صادق عن سيكلوجية التعصب: «ان العقل السوي لا يقبل إلا كل ما هو منطقي، فإذا طرحت أمامه فكرة أو رأي فإنه يفحصها فإن كانت منطقية فإنه يقبلها فالعقل السليم لا يقبل بطبيعته إلا كل ما هو منطقي وسببي، وأحياناً يبدو الشخص منطقياً وعقلانياً أو مثقفاً أو متعلماً ولكنه يتشبث برأيه ويرفض أن يكون مخطئاً بل يعمل عقله على البحث الدائم عن أدلة تثبت رأيه بأي شكل من الأشكال، ولا يرى إلا ما يريد أن يراه لأن عقله في هذه الحالة يعمل باتجاه واحد ولا يرتاح حتى يثبت رأيه».والتعصب هو عكس الانتماء كما يؤكد الدكتور صادق والذي هو شعور إيجابي عادة لشيء ذي قيمة معنوية مثل الوطن أو لمبدأ أو فكرة إيجابية أو لاتفاق جماعي لصالح خير البشر، بينما يعد التمادي في التعصب والذي هو مرحلة أولى للتطرف أمراً غير سوي.والتعصب كاتجاه نفسي اجتماعي يتأصل بالتنشئة ويتنامى بالتطبيع الاجتماعي، وتلعب المدرسة ووسائل الإعلام والممارسة اليومية دوراً في تعميق هذا التعصب، فلا وجود لغريزة تعصب ولا مستوى ثقافيا أو تعليميا يحدده، فالمرض النفسي يصيب الجاهل والمتعلم وهو غير طبقي أيضاً.ويعتبر الدكتور صادق أن غياب الديموقراطية في المجتمع وفي مجالات الحياة كافة أحد أهم أسباب ظهور التعصب، سواء في الأسرة والتربية والمدرسة والشارع والدولة، فالطبيعة ليس فيها تحيز أو تطرف على الإطلاق بل فيها توازن، كما أن التنشئة خاصة في الأسرة العربية لا تضع الأشياء على مقياس متدرج، فهي تعلم أولادها فقط الحب والكراهية، أي لا توجد مفردات مثل «أعجب وأقدر... الخ»، ويصل التعصب والتطرف ليس إلى الكراهية فقط ولكنه يصل إلى قتل النفس والآخر.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

______________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 02\09\2013 العدد:12481

بقلم: د.فواز فرحان*

 

 

الطبقة البرجوازية من المجتمع هي الطبقة التي تمتلك وسائل الإنتاج أو تسيطر عليها في ظل النظام الرأسمالي؛ هذا تعريف علمي اقتصادي بحت وليس وصفاً لنمط معيشي أو لسلوك أخلاقي أو لتقسيم فئوي وليس مرتبطاً بمدخول مادي ذي قيمة معينة. وبشكل أكثر دقة نستطيع القول بأن البرجوازي هو الذي يمتلك أو يشارك بشكل رئيسي في ملكية وسيلة إنتاج كالمصانع أو المزارع أو العقارات أو وسائل النقل أو البنوك أو الفنادق وغيرها، ويستغل جهد العمال والشغيلة من خلاله لتحصيل ربح لم يكن ليحصل عليه لولا كدح هؤلاء. وتعتبر هذه الطبقة في ظل النظام الرأسمالي هي الطبقة المسيطرة على المجتمع اقتصادياً وسياسياً وثقافياً وإعلامياً إما عبر سيطرة مباشرة أو من خلال تعاونها وتحالفها مع سلطة تسيطر على نظام الدولة.

من هذا التعريف العام سأنطلق لتحليل وضع الطبقة البرجوازية في الكويت ودورها في الساحة السياسية.

يجب أن نعترف بأن الطبقة البرجوازية في الكويت طبقة مشوهة -كحال بقية الطبقات الاجتماعية الأخرى وبينها الطبقة العاملة- بسبب طبيعة الاقتصاد الريعي للبلاد والمعتمد اعتماداً شبه كلي على بيع النفط ولكن هذا لا يقلل من حقيقة وجود هذه الطبقات الاجتماعية المختلفة... وقبل اكتشاف النفط كانت هذه الطبقة أقرب ما تكون إلى النمط الإقطاعي بسبب طبيعة نشاطها الاقتصادي وعلاقتها مع من يعمل لحسابها؛ فملاكو السفن من ممولين وطواويش ونواخدة وتجار يمتلكون السفن أو يمولون رحلات النقل البحري والغوص على اللؤلؤ، ويعتمدون على جهود البحارة في سفن النقل أو الغاصة في سفن الغوص على اللؤلؤ ضمن علاقة قائمة على تمويل البحارة والغاصة بسلفات مالية "قروض" تقدّم قبل موسم السفر أو موسم الغوص ويتم سدادها بعد انتهاء الموسمين ضمن نظام تقليدي لتقسيم العوائد، أياً كان العائد مجزياً أم متواضعاً... والشاهد أنه في تلك الفترة كانت هذه الطبقة البرجوازية التجارية الممولة شبه مستقلة عن نفوذ السلطة المشيخية بل أنها في أحيانٍ كثيرة كانت هي الممول لهذه السلطة وذات الفضل على بحبوحتها المادية فرأينا كيف كان تمرد بعض التجار على زيادة الحاكم للضريبة على التجارة أو الغوص وذلك بالهجرة الجماعية للبحرين وجزيرة جنّة ما اضطر الحاكم لترضيتهم ليعودوا إلى الكويت خوفاً من انهيار اقتصاد الإمارة... وبسبب الاستقلالية النسبية لتلك الطبقة عن السلطة آنذاك فقد كانت تؤيد التطور الديمقراطي وتدفع به لأنه سيرجع عليها بالفائدة والربح والنفوذ والمشاركة في القرار حيث أن هذا ما تسعى له الطبقة البرجوازية؛ فقرأنا عن (تقدميتها) النسبية في عام ١٩٢١ عندما حاولت ممثلة بأعضاء مجلس الشورى الأول أن تفرض على الحاكم آنذاك الشيخ أحمد الجابر شروطاً معينة للحكم وكذلك عن دورها في المجلسين التشريعيين الأول والثاني عام ١٩٣٨في الضغط من أجل مشاركة شعبية في القرار السياسي، حيث انتهى ذلك الدور بصدام دموي بينها وبين السلطة استشهد فيه محمد القطامي ومحمد المنيس... وكذلك لا نستطيع تجاوز ما بذلته هذه الطبقة البرجوازية في التطور الديمقراطي الذي أوصلنا إلى مستوى (دستور الحد الأدنى) والمساهمة في تحديث الدولة.

أما بعد اكتشاف النفط واعتماد الكويت عليه كمصدر رئيسي للدخل وتحول النمط الاقتصادي إلى نمط ريعي بدأت هذه الطبقة شيئاً فشيئاً بالتحول إلى طبقة (طفيلية) تعتاش على ما تقدمه السلطة لها من مناقصات ومشاريع ودعم وتسهيلات للحصول على الوكالات التجارية والعقود، وأصبحت يد السلطة هي العليا فوق يدها في إطار ما يسمى بالحلف الطبقي، وهذا الوضع الجديد يختلف تماماً عن وضع هذه الطبقة قبل اكتشاف النفط والاعتماد عليه كمصدر رئيسي للدخل وبالتأكيد كان سينعكس هذا الوضع الجديد على خطها السياسي. انطلاقاً من طبيعة الطبقة البرجوازية الساعية دائماً وأبداً نحو الربح وبسبب ارتباط هذا الربح بالوضع الاقتصادي السياسي والاجتماعي الجديد من الطبيعي أن تكشف هذه الطبقة عن رجعيتها وتخلّفها لصالح الحفاظ على الوضع الراهن وضد التطور الديمقراطي إلى ما أبعد من (دستور الحد الأدنى) لأن مصالحها قد تُهدد جزئياً أو كلياً، فرأينا الاصطفاف البرجوازي مع السلطة في الانقلاب الأول على الدستور في عام ١٩٧٦ وكذلك في رفضها -سراً أو علانيةً- للحراك الشعبي الاحتجاجي ضد ناصر المحمد وضد مرسوم الصوت الواحد خصوصاً أن هذا الحراك اتّسم بوجود المسيرات والاعتصامات والمظاهرات والتي تخشى منها هذه الطبقة لأنها لا تستطيع التنبؤ بنتائجها وبالتالي بمستقبل مصالحها المرتبطة بالسلطة، ورأينا مؤخراً كيف اصطفّت القوى البرجوازية ومن يتبعها من تيارات سياسية تمثل مصالحها لصالح المشاركة في انتخابات الصوت الواحد الثانية لأنها شعرت بأن مصالحها ستُهدد لو فوتت فرصة وجودها داخل البرلمان الحالي، وهذا لا ينفي وجود بعض العناصر التي تنتمي لهذه الطبقة ولكنها تمتلك شيئاً من النزعة التقدمية باتجاه التطور الديمقراطي ولكن أيضاً انطلاقاً من حرصها على بعض مصالحها وكذلك هذا لا ينفي وجود العناصر التي تخلّت عن برجوازيتها وتبنت خطاً تقدمياً أو على الأقل وطنياً ديمقراطياً يسعى لاكتمال النظام الديمقراطي البرلماني.

 

------------------------------

*عضو الحركة التقدمية الكويتية.

اخبار محلية

وليد الرجيب:شعوبنا ضحية للمصالح.

بدأت أصوات طبول الحرب ترتفع مرة أخرى في منطقتنا العربية، مع حشود مرعبة لبوارج وصواريخ وآلات دمار مختلفة، كما ارتفع صوت الوعيد والتهديد والوعيد المضاد، الذي قد ينذر بخطر حرب ودمار.إن الولايات المتحدة التي تحججت بالفيتو الروسي الصيني لتسليح الثوار في سورية أو حتى الوقوف الإنساني الجاد مع معاناة الشعب السوري لسنتين ونصف السنة، ها هي الآن ترسل بوارجها وطائراتها وصواريخها إلى البحر المتوسط، بمساعدة بريطانيا وفرنسا دون حتى الاستئذان من مجلس الأمن أو استصدار قرار منه لهذا الإجراء بل من دون حتى موافقة الكونغرس الأميركي على حد قول أوباما.هذه الضربة العسكرية التي يبدو أنه جرى التفاهم حولها مع الأضداد مثل روسيا وإيران، هي ضربة «عقابية» أو تأديبية كما أسمتها الأوساط الدولية تحفظ ماء وجه أوباما بعدما أشبعنا بحديثه عن «الخط الأحمر» أي استخدام السلاح الكيماوي ضد الشعب السوري وبعد أن سكب الدم السوري.بل لم تتوان الولايات المتحدة عن إعلان أن هذه الضربة لا تستهدف اسقاط نظام الأسد، بل لديّ شك شخصي أن الإدارة الأميركية قامت بإبلاغ النظام السوري مسبقاً بالمواقع المستهدفة عن طريق وسطاء، بل نشرت في معظم وسائل الإعلام مواقع الضربة المحتملة، وذلك لدفع الأسد للدخول إلى جنيف 2 وترتيب تسويات.إن حدثت هذه الضربة فذلك يعني أن هناك قوة عدوانية في العالم خارجة عن القوانين والمنظمات الدولية، يمكنها أن تكون مصدر تهديد لأي شعب عربي أو غير عربي، هذه القوة عازمة على تنفيذ مخططاتها بأي شكل لبناء شرق أوسط على مزاجها ومزاج ربيبتها إسرائيل، وفي سبيل ذلك لا تتوانى عن قتل شعوبنا ونهب ثرواتنا بدم بارد.فأين كانت الولايات المتحدة عندما كان الشعب السوري يستنجد بالعالم لإنقاذه من نظام دموي لا يتوانى عن إبادة شعبه حتى آخر فرد سوري؟ ألا يكشف لنا ذلك أن أميركا وإسرائيل راهنا حتى آخر لحظة على بقاء نظام هو أكثر فائدة من نظام وطني ديموقراطي قد تأتي به إرادة الشعب السوري؟هل استيقظ الضمير الأميركي فجأة بينما كان يتابع نحر الأطفال واغتصاب النساء، وكأنه يشاهد فلماً على شاشة السينما؟ وهل فكرت هذه الإدارة التي أصبحت عدوة شعوب الأرض بتبعات الحرب على منطقتنا وشعوبنا، أم أن هذا هو ما تريده بالضبط وكما رُسم له؟ وهل هي رسالة موجهة إلى الشعب المصري الذي بدأ يخرج عن طوعها؟لكن بالطبع لا أحد يملك ذرة عقل ولا يحمل هذا النظام الوحشي الطائفي أي مسؤولية مثلما فعل صدام حسين وغيرهما من الطغاة، وهل نبرئ المعارضة السورية الضعيفة والمفككة والتي استنجد بعضها بالتدخل الأجنبي؟ وأيضاً القوى السياسية المتحالفة مع هذا النظام والتي شجعته بالمضي في القتل والتدمير من خلال البيانات النارية ضد الامبريالية وإسرائيل باسم الدفاع عن نظام المقاومة والممانعة، وهل نعفي القوى الإقليمية والطائفية من جميع الاتجاهات؟إن من يدعو اليوم للاصطفاف ضد الهجمة الأميركية العدوانية، كان الأولى به أن يدين أولاً نظام بشار الأسد وطغاة العرب، والخروج من جمود النظر والخطاب الذي عزله عن الجماهير وخيب ظنونها.فأمس كان العراق واليوم سورية وغداً مصر ولبنان وكل دولنا، فلا تساورنا الأوهام بدعم منظمات دولية أو الالتزام بمواثيق دولية، فهناك دولة واحدة تسيّر العالم حسب بوصلتها وبأي ثمن.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

_______________________________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 31\08\2013 العدد:12479

تمثل فئة الشباب النسبة الأعلى بين المواطنين، إلا أن السياسات الحكومية المتعلقة بتلبية احتياجاتهم وحل مشكلاتهم وتحقيق تطلعاتهم المستقبلية ما زالت سياسات قاصرة وغير فاعلة، حيث يعاني الشباب نقص الأماكن الترفيهية التي يقضون فيها أوقات فراغهم، وتواجههم مشكلة عدم توافر مقاعد لخريجي الثانوية العامة في الجامعة والمعاهد التطبيقية (في السنوات الأخيرة تسبب تدخل الحكومة في سياسات القبول في الجامعة وهيئة التطبيقي بإلزامهما بقبول أعداد هائلة تفوق الطاقة الاستيعابية، وفي تخصصات لا تتناسب مع ميول الطلبة ورغباتهم)، ثم وبعد التخرج يعاني شبابنا مشكلة بطالة الخريجين وأزمة السكن.وبلغة الأرقام، فقد بلغت نسبة البطالة حسب البيانات المتوافرة (5%)، ومطلوب توظيف ما لا يقل عن (9500) شاب وشابة سنويا، بينما بلغ عدد منتظري الوظائف في ديوان الخدمة المدنية أي القطاع الحكومي قرابة (22) ألفاً، ويقدر معدل فترة انتظار الوظيفة من (18 إلى 24) شهراً، قد يجد بعدها طالب الوظيفة فرصة في الدوائر والأجهزة الحكومية التي تعاني في الأصل بطالة مقنعة، وليس بالضرورة أن يكون هنالك علاقة بين طبيعة الوظيفة والتخصص العلمي الذي درسه الخريج في الجامعة أو المعاهد العليا.أما القطاع الخاص فهو قطاع ضعيف يعتاش بالأساس على الإنفاق الحكومي ومساهمته في توفير فرص وظيفية للخريجين الجدد محدودة للغاية بالرغم من أن الحكومة تدفع جزءاً كبيراً من رواتب موظفيه من المواطنين تحت مسمى "دعم العمالة"، وتعفيه من الضرائب التي من المفترض أن تفرضها على الأرباح الضخمة التي يحققها.والدليل على تخبط السياسة الحكومية المتعلقة باستثمار الموارد البشرية والقوى العاملة الوطنية أن الحكومة تدفع مبلغ مئتي دينار شهرياً لعموم الطلبة داخل الكويت وخارجها أثناء فترة الدراسة، لكنها لا تضع الخطط الكفيلة بتوافر فرص وظيفية لهم بعد التخرج، ولنا أن نتخيل هنا الحالة النفسية للشاب المؤهل والقادر على العمل والذي يبحث عنه فلا يجده، وانعكاس ذلك على مجتمعنا الذي يمثل الشباب النسبة الكبرى من مواطنيه، ناهيكم عن المبالغ التي سيخسرها الشاب الخريج خلال فترة الانتظار الطويلة قبل أن يحصل على وظيفة (سنة ونصف على الأقل).أما بالنسبة إلى أزمة السكن فحدّث ولا حرج، فهناك (105555) طلباً إسكانياً قائماً بحسب آخر إحصائية صادرة عن المؤسسة العامة للرعاية السكنية (يونيو 2013) وفترة الانتظار تتراوح بين 15 و18 عاما، ناهيكم عن الأسعار الخيالية لأراضي السكن الخاص وذلك بسبب الاحتكار البشع للأراضي، إذ إن المساحة المأهولة بالسكان لا تتجاوز 7% من إجمالي مساحة البلد وأغلب الأراضي المخصصة للسكن الخاص محتكرة من أباطرة الأراضي والعقار. لهذا فإن السياسات الترقيعية التي تقوم بها الحكومة وتعتبرها "إنجازاً" مثل زيادة قيمة القرض الإسكاني أو زيادة بدل الإيجار لن تحل مشكلة الشباب الذين ينتظرون سكناً مناسباً لأسرهم، ولن تفيدهم بشيء بل إنها ستذهب إلى جيوب تجار مواد البناء والمواد الإنشائية وأرصدة أصحاب العقارات المؤجرة.

د. بدر الديحاني

________________________________________________

منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 28\08\2013

كتبت عزة عثمان:

أقام التيار التقدمي الكويتي الأحد الماضي لقاء مفتوحا حول رؤيته للإصلاح الديمقراطي، بحضور عدد من الناشطين وأعضاء التيار التقدمي.

في البداية، تحدث المنسق العام للتيار التقدمي ضاري الرجيب عن الرؤية، مؤكدا أن التيار التقدمي كان، ولا يزال، جزءا من الحراك السياسي وفي صفوفه الأمامية، مشددا على أن قضيتهم الأساسية هي الإصلاح.

وأضاف أن السلطة، بعدما فرضت نظام الصوت الواحد، أصبحت قادرة على التحكم في العمل البرلماني، وبات المجلس مجرد واجهة برلمانية، مؤكدا أن العمل البرلماني لا يوجد فيه أي إمكانية لعمل أي إصلاح.

نهج السلطة

وأشار إلى أن الأزمة السياسية ليست وليدة اليوم، لكنها بدأت عقب الاستقلال مباشرة، وأن التناقض الواضح لا يمكن لأحد أن ينكره، بسبب الظروف المستمرة منذ السنوات الأولى للاستقلال.. لذا، لا بد من حل لتلك الإشكاليات، وهذا الحل ليس في تغيير عدد الدوائر، ولا الأشخاص فقط، بل عبر تغيير نهج السلطة والعقلية التي تدار بها البلد، وبطبيعة الحال ينعكس ذلك على نظام القوى السياسية التي تمثل القوى الشعبية.

أزمة عميقة

من جانبه، أكد عضو التيار التقدمي الكاتب السياسي أحمد الديين وجود أزمة عميقة في البلد لها جذورها، التي من أهمها الطبيعة الرجعية للسلطة، مشيرا إلى أن هناك ظروفا كثيرة أدَّت إلى انسداد أفق العمل، من خلال مجلس الأمة، إضافة إلى العامل الجديد، وهو نظام الصوت الواحد.

الحراك

وأوضح الديين أن الحراك، الذي انطلق في العام 2006، كان حراكا شعبيا واسعا، طالب بإصلاح النظام الانتخابي، بعدما أصبح واضحا مدى سوء نظام الدوائر الانتخابية الخمس والعشرين، الذي فرضته السلطة منفردة في العام 1980، وكان هذا ما تمثل في حركة «نبيها 5»، معربا عن أسفه أن هذا الحراك من أجل نظام انتخابي لم يكن جزءا من حركة أوسع للإصلاح الديمقراطي الشامل.

وانتقل الديين لحراك العام 2009، الذي كان يحمل شعار «ارحل.. نستحق الأفضل»، والذي بدأ بعد فضيحة شيكات النواب، التي تورط فيها رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد، واتضح معها مدى عجزه وسوء إدارته لشؤون الدولة، معتبرا أن نقطة ضعف هذا الحراك انحساره في شخص رئيس الوزراء، الذي رفعت بسببه الحصانة عن النائب د.فيصل المسلم، بسبب إفشائه أسراراً بنكية وعرضه للشيكات في مجلس الأمة، لتشتد الأزمة ويزداد الحراك في نهاية العام 2010 وبداية العام 2011 وحل على إثرها مجلس 2009، وتبلور لاحقا شعار «رئيس جديد بنهج جديد وحكومة جديدة»، وكان نتاج هذا الحراك الشعبي أنه فرض على السلطة واقعا جديدا مختلفا عما كانت عليه الحال قبل ذلك من أساليب التعامل السلطوي، إذ لم تعد السلطة قادرة على الانقلاب المباشر على الدستور، كما فعلت في عامي 1976 و1986.

المكاسب والإنجازات

وأوجز الديين أهم المكاسب التي حققها الحراك الشعبي والشبابي منذ العام 2006، والتي تتمثل في نجاحه بتحقيق بعض مطالبه، كإقرار الدوائر الخمس في عام 2006، والإنجاز الأكبر، المتمثل في إزاحة رئيس وزراء من أبناء الأسرة الحاكمة عبر الشارع، ليكون أول رئيس وزراء سابق، إلى جانب فرض واقع جديد على السلطة، يتمثل في إمكانية خروج الشعب إلى الشارع واحتجاجه ومطالبته بحقوقه وتطور خطاب القوى السياسية المعارضة واكتساب الجماهير خبرات نضالية وميدانية كبيرة عبر المشاركة في المسيرات والاعتصامات، والاستعداد الكبير للتضحية وروح التضامن اللذين أبداهما الشعب الكويتي، والفضح التدريجي للنهج غير الديمقراطي للسلطة وزوال كثير من الأوهام حول طبيعتها.

الإخفاقات

واستعرض الديين النواقص والسلبيات والإخفاقات للحراك، التي من أهمها عدم وجود أجندة واضحة لمطالب الإصلاح الديمقراطي الشامل بعد حركة «نبيها 5»، وعفوية التحرك واستمراره في إطار ردود الأفعال، سواء في العام 2009، للمطالبة بإسقاط ناصر المحمد، أو في مواجهة فضيحة الشيكات، ومن بعدها قمع ديوانية الحربش، حيث انحسرت المطالب برحيل ناصر المحمد وحل مجلس 2009، وهذا ما استغلته السلطة لترتيب أوضاعها، وخصوصا مع هدوء الشارع.

أما الإخفاق الثالث، كما قال الديين، فتمثل في التناقضات التي انطوى عليها تكوين كتلة الأغلبية في مجلس 2012، التي كانت تضم لفيفا من نواب أفراد أو ينتمون إلى كتل، وذلك من خلفيات مختلفة، ويحمل بعضهم أجندات متعارضة، إضافة إلى أنه بعد إبطال مجلس فبراير 2012 بات واضحا أن هناك أطرافا في كتلة الأغلبية لديها أولويات مختلفة عن أولوية الإصلاح الديمقراطي، بل متناقضة معها، إضافة إلى الاصطفاف الطائفي والفئوي الذي ألقى بظلاله السلبية على مقاطعة انتخابات ديسمبر 2012، وضعف قوى التيار الوطني الديمقراطي وقيام بعضها بالنأي بنفسها عن الحراك الجماهيري ورفض المجاميع الشبابية التعاون مع القوى المنظمة والاستفادة من خبراتها السياسية.

طريق الإصلاح

وأكد الديين أن النضال من أجل تحقيق إصلاح ديمقراطي يتطلب تشخيص العيوب والنواقص البنيوية التي تعانيها المنظومتان السياسية والدستورية، إلى جانب تحديد العوامل التي أدَّت إلى تعطيل عملية الانتقال نحو الديمقراطية، مشيراً إلى أن من أهم تلك العيوب والنواقص عدم اكتمال الطابع التمثيلي لمجلس الأمة والضمانات المبالغ فيها التي تتمتع بها الحكومة، وانعدام وجود آلية مقررة دستوريا لتداول مناصب السلطة التنفيذية وغياب الحالة الحزبية المنظمة ونجاح السلطة في تعطيل الدستور وإفراغه من محتواه وتكريس نهج الانفراد بالسلطة، وذلك إما بالانقلاب المباشر على الوضع الدستوري، أو عبر التواطؤ مع الغالبية النيابية الموالية للسلطة في معظم المجالس النيابية، هذا إلى جانب النظام الانتخابي المعبوث به الذي أدَّى إلى تحكم السلطة في العملية الانتخابية ومخرجاتها وعرقلة إمكانية وجود غالبية نيابية خارجة عن طوعها.

تعطيل الديمقراطية

وأشار الديين في رؤية الإصلاح التقدمي إلى العوامل التي أدَّت إلى تعطيل عملية الانتقال إلى الديمقراطية في الكويت طوال نصف القرن المنصرم، والتي برزت في موقف السلطة المعادي للديمقراطية ومحاولاتها المتواصلة لإعاقة تطورها وتقليص هامش الحريات وتكريس نهج الإنفراد بالقرار ونجاحها في إفراغ دستور 1962 من العديد من مضامينه الديمقراطية، وفرضها ترسانة من القوانين المقيّدة للحريات أو المناقضة لأسس النظام الديمقراطي وتحكمها في النظام الانتخابي، ما أدى شيئا فشيئا إلى انسداد أفق الإصلاح عبر الانتخابات وأساليب العمل البرلماني، هذا إلى جانب سطوة الدولة الريعية واستقلال قرارها عن المجتمع والتأثيرات السلبية لقيم المجتمع الاستهلاكي، وكذلك التأثيرات السلبية للبنى الاجتماعية التقليدية الطائفية والقبلية والعائلية، وخصوصا في ظل محاولات السلطة تمزيق النسيج الوطني الاجتماعي وتأجيج النزعات الطائفية والقبلية والفئوية والمناطقية.

نظام ديمقراطي

وأضاف أنه من خلال رؤيتة التيار التقدمي تحددت أركان خمسة كي يقوم نظام ديمقراطي برلماني كامل، وهي وجود أحزاب سياسية وتداول ديمقراطي للسلطة، وضرورة نيل الحكومة ثقة البرلمان، واختيار رئيس مجلس الوزراء والوزراء من بين أعضاء كتلة أو حزب الغالبية في البرلمان، وأن يكون رئيس الدولة حكما بين السلطات لا طرفا في المنازعات السياسية.

مستويان للإصلاح

وأوضح الديين أن هناك مستويين للإصلاح الديمقراطي: المستوى الأول هو السياسي والمقصود منه أنه الذي يمكن تحقيقه من دون الحاجة إلى تنقيح دستور الحد الأدنى، ويتمثل في انتزاع الحق الديمقراطي في إشهار الأحزاب السياسية عبر قانون ديمقراطي وإقرار نظام انتخابي ديمقراطي عادل قائم على التمثيل النسبي للقوائم الانتخابية ضمن دوائر كبيرة وإلغاء القوانين المقيدة للحريات، وخصوصا حرية الاجتماع العام وحرية التعبير عن الرأي والحق في تشكيل مؤسسات المجتمع المدني، بالإضافة طبعا لإطلاق سراح المعتقلين وسن قانون للعفو العام عن قضايا الرأي المعروضة أمام جهات التحقيق والمحاكم حاليا، وبالنسبة للمستوى الثاني، وهو مستوى الإصلاح الدستوري الديمقراطي، قال الديين: إنه يتطلب بدءاً تصحيح الموقف الدفاعي عن دستور 1962، الذي تشكل تاريخيا في مواجهة الانقلابات السلطوية على الدستور، بحيث يتحول إلى موقف الدفاع عن المكتسبات الديمقراطية المتحققة في دستور الحد الأدنى مع المطالبة بإصلاح دستوري يستكمله، ليصبح دستورا ديمقراطيا.

_______________________________________________

منقول عن جريدة الطليعة تاريخ 28\08\2013

مر يوم 23 أغسطس الجاري الذكرى 13 لوفاة المناضل الإنسان الرائع الأستاذ سامي المنيس، حيث وافته المنية عام 2000م في القاهرة، وبذلك فقدت الكويت والحركة الوطنية الكويتية والعربية مناضلاً عشق وطنه حتى تحول إلى هاجس يؤرقه ليل نهار، وكأنه ولد ليكون مدافعاً عنيداً عن وطنه وأبناء شعبه، وعن الديموقراطية التي ناضل الشعب الكويتي عقوداً طويلة من أجل تحقيقها، بل كان رحمة الله عليه قريب المناضل وشهيد الوطن والحركة الوطنية محمد المنيس، الذي قتل اثر حل المجلس التشريعي 1938-1939م.كان الوطن يشغل حيزاً كبيراً من ذهنه، لم تشغله المناصب والإغراءات ولم تتأثر شخصيته الشعبية الودودة والفذة عندما أصبح نائباً في مجلس الأمة، بل أعطى أبو أحمد دروساً في أخلاق الخصومة والاختلاف في وجهات النظر وفي الخطاب الراقي البعيد عن الإسفاف والبذاءة، وبذا اكتسب محبة واحترام خصومه قبل أصدقائه.كان نموذجاً من المناضلين لا يتكرر كثيراً في التاريخ، بل كان ينام ويستيقظ على هم الوطن ويتألم لجرح الوطن، لم يهادن ولم يساوم ولم يبع ذرة رمل من تراب الوطن أو يخذل شعبه من أجل مكاسب شخصية تافهة، بل كان بالغ الحرص ألا يأخذ قرضاً من بنك التسليف وهو حق له كمواطن، حتى لا يفتح ثغرة يدخل منها خصومه الذين لم يستطيعوا أن يمسكوا عليه زلة واحدة ليستخدموها في تشويه سمعته.انخرط منذ نعومة أظافره في الحركة الوطنية والقومية، واستضافت جريدة «الطليعة» التي تعتبر لسان حال الحركة الوطنية كتّاباً مناضلين عربي مثل الشهيد غسان كنفاني والشهيد رسام الكاريكاتير العالمي ناجي العلي، وكان المنيس صاحب الامتياز في هذه الجريدة ذات الصوت العالي الذي يصدع بالحق ويدافع عن الحرية والديموقراطية والمال العام.شكل مع رفاقه المناضلين الوطنيين د. أحمد الخطيب والأستاذ عبدالله النيباري والأستاذ أحمد النفيسي كتلة «نواب الشعب» التي خاضت الانتخابات البرلمانية في بدايات التجربة النيابية واكتسحت أصوات الناخبين، وأصبحوا داخل مجلس الأمة رأس حربة للشعب وقواه الوطنية، وكانوا صوت الحق المجلجل الذي أرعب أصحاب المصالح وسراق المال العام.وكان الراحل سامي المنيس معرّضاً للاعتقال أثناء الغزو والاحتلال العراقي عام 1990م، ولكنه هُرّب خارج البلاد على يد وبناء على نصيحة أصدقائه ورفاقه، ورغم أنه خرج مرغماً إلا أنه لم يستكن وظل صوتاً قوياً مدافعاً عن قضية وطنه، خاصة أنه كان مدافعاً صلباً عن حركة التحرر الوطني العربية والعالمية ويحظى بصداقات عديدة من الشخصيات السياسية والثقافية والصحافية في العالم، كما كان متبنياً للقضايا العمالية في الكويت وخارجها، وكان أيضاً نائباً لرئيس اتحاد الصحافيين العرب وعضواً في منظمة الصحافيين العالميين حيث نال جائزة المنظمة للحريات الصحافية عام 1984م.وبعد التحرير انتخب لمنصب الأمين العام للمنبر الديموقراطي الكويتي، حيث عمل بحسه التنظيمي على تماسك المنبر الذي يضم طيفاً من الاتجاهات الوطنية والتقدمية والمستقلة، وعرف بتواضعه وأدبه الجم مع الجميع وحبه للإنسان ومساعدته للمحتاج.رحم الله المناضل الكويتي سامي المنيس صاحب المقولة الشهيرة: «الاستثمار في البشر قبل الحجر».وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

___________________________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 28\08\2013 العدد:12478

بقلم: د.فواز فرحان*

الجماهير هي العامل الحاسم في تطوّر التاريخ، وبشكل أدق الطبقات الشعبية هي المحرك الرئيسي بسبب موقعها الأساسي في عملية الانتاج، وجراء اتساق مصالحها مع التحرر والتطور... إذ لا يتطور التاريخ إلا إذا استوعبت هذه الجماهير بأن القواعد والشروط الحالية المفروضة عليها من الطبقة المسيطرة تتعارض مع مصالحها وتعيق تحررها وتعرقل تطور المجتمع ونهوضه وتقدمه.

ولقد ذكرت في مقالي السابق أن حركة الجماهير تمر بمرحلتين: مرحلة احتجاجية تتسم بردود الأفعال تجاه ممارسات وأوضاع معينة، ثم مرحلة منظمة واعية تسعى بالوسائل المتاحة لإحداث الإصلاح والتغيير المنشودين، وتحول الحركة من احتجاجية إلى منظمة يحتاج إلى جهد مبذول من قبل الطلائع السياسية الواعية لرفع الوعي السياسي عند الجماهير من خلال وسائل النضال الجماهيري المختلفة مثل: الانتقاد والتذمر والكتابة والحلقات النقاشية والندوات ورفع العرائض وتشكيل اللجان الشعبية الضاغطة والاعتصامات والإضرابات المحدودة والشاملة والمسيرات والمظاهرات والعصيان المدني.وفي الكويت مر الحراك الشعبي بالمرحلة الاحتجاجية ممثلة بالمسيرات المنددة بمرسوم الصوت الواحد والاعتصامات المطالبة برحيل رئيس الوزراء السابق ناصر المحمد وحركة (نبيها خمس) المطالبة بتغيير قانون الانتخاب وحركة دواوين الإثنين التي حاولت التصدي للإنقلاب الثاني على الدستور في نهاية ثمانينات القرن العشرين، وغيرها من الحركات المتفرقة منذ استقلال الكويت في عام ١٩٦١، ويجب أن نقر أن هذه المرحلة الاحتجاجية للحراك الشعبي رفعت سقف المطالب الشعبية وساهمت في الحفاظ على الهامش الديمقراطي الذي منحنا إياه (دستور الحد الأدنى) الحالي، وكذلك يجب أن نؤكد بأن خطابات بعض نواب الأمة السابقين رفعت سقف الخطاب السياسي في الكويت إلى مستوى لم يصل له أكثر رموز العمل الوطني شهرةً وصيتاً، وأن بعض مقالات الكتاب ونضالات الشباب ساهمت برفع الوعي السياسي عند الجماهير إلى درجة غير مسبوقة، ولكن يجب أن نعترف أيضاً بأن هذا الحراك الاحتجاجي -بسبب طبيعته- به من المثالب والعيوب والممارسات الخاطئة ما يكفي ومع ذلك لا نستطيع إلغاء أهميته التاريخية بسبب وجودها، وقد تطرقت (رؤية التيار التقدمي الكويتي للإصلاح الديمقراطي) لهذه العيوب بالتفصيل ليس للبحث عنها أو لجلد الذات ولكن لتأكيد أهمية انتقال الحراك إلى مرحلته الثانية ذات الطبيعة المنظّمة الحاملة لمشروع سياسي واضح.من خلال الحراك الشعبي الاحتجاجي تلمّست الجماهير الشعبية في الكويت مكمن الخلل في وضعنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي والمتمثل في وجود نظام دستوري قاصر ديمقراطياً واستخدام السلطة لهذا القصور لعرقلة التطور الديمقراطي ولتنفيذ مشروعها الخاص بالتحالف مع القوى البرجوازية الكبيرة للاستحواذ على خيرات بلدنا وثروات شعبنا، وبات مستحقاً أن تتبنى الطلائع السياسية الواعية مشاريعاً نهضوية واضحة لانتشال البلد مما هي فيه من خلال رفع الوعي السياسي للجماهير، وعندما أقول واعية فأنا أقصد وعيها تجاه الصراع الرئيسي في البلد وتجاه مكمن الخلل.ومن هنا فعلى الطلائع السياسية الواعية في الكويت أن تتبنى مشروعاً يسعى لاستكمال النظام البرلماني الديمقراطي من خلال المطالبة بإصلاحات سياسية عميقة تتمثل في: إشهار الأحزاب السياسية على أساس ديمقراطي وطني، وإقرار نظام انتخابي ديمقراطي عادل قائم على التمثيل النسبي للقوائم الانتخابية ضمن دوائر كبيرة، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات، وإطلاق سراح المعتقلين وسنّ قانون للعفو العام عن قضايا الرأي المعروضة أمام جهات التحقيق والمحاكم حالياً، وذلك من دون أي شروط أو تعهدات، وكذلك من خلال مطالبة بإصلاح دستوري عميق يؤدي إلى دستور ديمقراطي من خلال: تنقيح المادة 80 من الدستور لقصر عضوية مجلس الأمة على النواب المنتخبين، وتنقيح المادة 98 بحيث تتقدم كل وزارة فور تشكيلها ببرنامجها إلى مجلس الأمة لتنال الثقة النيابية على أساسه، وتنقيح المادتين 101 و102 بحيث يمكن طرح الثقة في الوزراء ورئيس مجلس الوزراء من دون الحاجة إلى المرور بآلية الاستجواب، وتنقيح المادة 116 من الدستور، أو تعديل اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، بما يؤدي إلى تأكيد صحة انعقاد جلسات مجلس الأمة من دون اشتراط حضور الحكومة.من خلال تبني الطلائع السياسية الواعية في الكويت لمشروع سياسي مشابه أو قريب مما ذكرته تستطيع التحرك لرفع وعي الجماهير سياسياً وتشكيل رأي عام مؤيد لهذا المشروع وبالتالي تغيير موازين القوى في البلد لصالح التطور الديمقراطي.------------------------------*عضو التيار التقدمي.

مقدمة:

بعد أن استطاعت السلطة فرض نظامها الانتخابي عبر مرسوم قانون الصوت الواحد الذي يمكّنها من السيطرة شبه الكاملة على العملية الانتخابية ومخرجاتها ويجعلها قادرة على التحكّم في مفاصل العمل البرلماني على نحو أصبحت فيه الانتخابات مجرد "لعبة كراسي" غير ذات معنى؛ ويغدو فيه مجلس الأمة واجهة شكلية خاضعة لإرادة الممسكين بزمام السلطة الفعلية في البلاد، فإنّه من الوهم استمرار التعويل على المشاركة في الانتخابات النيابية والمؤسسة البرلمانية القاصرة في إمكانية تحقيق أي إصلاح جدي أو إحداث أي تغيير إيجابي نوعي لصالح الشعب الكويتي.

هذا ناهيك عن ما كشفته التجربة التاريخية بالملموس طوال نصف قرن من انسداد أفق الإصلاح والتغيير في ظل سطوة النهج غير الديمقراطي للسلطة والانفراد بالقرار، ناهيك عن قصور دستور 1962 بوصفه دستوراً للحد الأدنى وما تعانيه المنظومتان السياسية والدستورية من نواقص وعيوب بنيوية رئيسية.

ولئن سجّل التاريخ للشعب الكويتي نضاله المتواصل طوال نصف قرن في الدفاع عن الهامش المحدود المتاح له من الحقوق والحريات إزاء محاولات السلطة لتقليصها والانقضاض عليها، ودوره في إحباط الانقلابات المباشرة للسلطة على الدستور ومنعها من تنقيح مواده نحو الأسوأ في الفترة بين 1976 إلى 1992، بالإضافة إلى التحرك الشعبي لإصلاح النظام الانتخابي في العام 2006، وفضح بعض ممارسات الفساد السياسي وإطاحة بعض شخوصه عبر إسقاط رئيس الوزراء السابق ناصر المحمد والحلّ الأول لمجلس 2009 الذي توّرط عدد من أعضائه في فضائح الفساد، وهي بالتأكيد نضالات مشهودة للشعب الكويتي من أجل الديمقراطية، ولا يمكن بحال من الأحوال الاستهانة بها أو التقليل من أهميتها السياسية والتاريخية، وهي تنطوي على خبرات وتجارب لابد من دراستها والاستفادة منها والبناء عليها... إلا أنّه في المقابل، فإنّ الشعب الكويتي طوال نصف قرن من هذا النضال المتواصل حماية لحقوقه وذوداً عن حرياته كان في موقع الدفاع، ولم يتمكن من تحقيق مكاسب ديمقراطية رئيسية بالانتقال نحو النظام البرلماني الكامل، حيث لا نزال نراوح في مكاننا في المربع الأول من دون تقدم منذ العام 1962، بل لقد تراجع الهامش الديمقراطي النسبي المحدود عما كان عليه وذلك بفعل ضغط السلطة.

ومن جانب آخر فإنّ الحراك الشعبي الأخير الذي تعود بداياته إلى العام 2006 أخذ في التنامي والاتساع على نحو ملحوظ منذ أواخر العام 2009 إلى بداية العام الحالي 2013، أصبح اليوم يواجه تحديات لا يمكن تجاهلها، إن لم نقل إنّه يواجه أزمة علينا الاعتراف بها والعمل على تجاوزها.

ومن هنا فإنّ هناك حاجة إلى تداول صريح ونقاش حيّ وبحث معمّق بروح نقدية شجاعة وبعزيمة نضالية لواقع الحراك الشعبي في المعركة من أجل الديمقراطية وصولاً إلى بلورة خارطة طريق للنضال من أجل تحقيق الإصلاح الديمقراطي المنشود.

وهذا ما يتطلع التيار التقدمي الكويتي إلى البدء فيه عبر هذه الورقة التي تمثّل محاولة لإجراء مراجعة تحليلية نقدية لمسار الحراك الشعبي؛ ولتشخيص الأزمة السياسية في البلاد، بحيث يتم استخلاص الاستنتاجات ورسم ملامح طريق الكويت نحو الإصلاح الديمقراطي.

القسم الأول

المراجعة التحليلية النقدية للحراك الشعبي

أساس الأزمة:

إنّ الأزمة السياسية التي تشهدها الكويت ليست وليدة اللحظة، وإنما هي أزمة قائمة تكمن حيناً وتتفاقم حيناً آخر منذ السنوات الأولى للاستقلال، ويعود السبب الرئيسي لهذه الأزمة إلى الطبيعة الرجعية للسلطة ونزعتها غير الديمقراطية والطابع الطفيلي لمصالح قوى الحلف الطبقي المسيطر، والتناقض الواضح بين عقلية المشيخة ومتطلبات بناء الدولة الكويتية الحديثة التي يفترض أن تكون دولة ديمقراطية ودولة مؤسسات.

إنّ التاريخ الكويتي منذ 1962 خير شاهد على ذلك، وبالتأكيد فإنّ معالجة الأزمة وحلّها لن يتحققا بتغيير عدد الدوائر الانتخابية، أو عبر زيادة عدد أصوات الناخبين أو تقليصها، أو من خلال تبديل أشخاص بعض المسؤولين أو الوزراء، وإنما يمكن فقط أن تتحقق مثل هذه المعالجة والحلّ عبر تغيير نهج هذه السلطة وتغيير العقلية التي تدار بها البلاد بها، وذلك عبر إحداث تبدّل في ميزان القوى لصالح القوى الشعبية يدفع السلطة إلى الرضوخ للقبول بمثل هذا التغيير.

وفي مقابل ذلك فقد تنامي الوعي الشعبي، وأدركت قطاعات واسعة من المواطنين، وفي مقدمته الشباب، أنّ هناك ضرورة ملحة لتحقيق الإصلاح السياسي كمدخل لأي أصلاح في مجال آخر من مجالات الحياة، وانطلق في العام 2006 حراك شعبي واسع يطالب بإصلاح النظام الانتخابي بعدما أصبح واضحاً مدى سوء نظام الدوائر الانتخابية الخمس والعشرين الذي فرضته السلطة منفردة في العام 1980، وهذا ما تمثّل في حركة "نبيها خمس"، ولكن المؤسف أنّ التحرك من أجل إصلاح النظام الانتخابي على النحو الذي جرى فيه لم يكن جزءاً من حركة أوسع للإصلاح الديمقراطي الشامل، وفي الوقت نفسه لم يكن نظام الدوائر الخمس بالأصوات الأربعة الذي جرى تبنيه هو البديل الأفضل... وفي العام 2009 انطلق حراك جديد تحت شعار "إرحل... نستحق الأفضل" بعدما برزت على السطح فضيحة "شيكات النواب" التي تورط فيها رئيس الوزراء السابق ناصر المحمد واتضح معها للعيان مدى عجزه وسوء إدارته لشؤون الدولة، وكانت نقطة الضعف الرئيسية في ذلك الحراك انحصارها في شخص رئيس مجلس الوزراء السابق، وكأنّ استبداله بآخر أفضل منه هو الحلّ... وفي المقابل فقد سعت السلطة جاهدة لتعطيل مساءلة رئيس مجلس الوزراء أمام مجلس الأمة، وانتهكت مبدأ الحصانة البرلمانية الموضوعية لأعضاء مجلس الأمة عندما عمدت إلى رفع الحصانة عن النائب السابق الدكتور فيصل المسلم وذلك للتحقيق معه في تهمة إفشائه أسراراً مصرفية لعرضه داخل إحدى جلسات المجلس صورة شيك قدمه رئيس الوزراء السابق إلى أحد النواب السابقين، وعملت السلطة على التضييق على حرية الاجتماعات وقمعت بالقوة التجمع أمام ديوان النائب السابق الدكتور جمعان الحربش، ما أشعل فتيل الغضب الشعبي وأدى إلى اتساع الحراك في نهاية العام 2010 و بداية العام 2011 وتبلّور لاحقاً شعار "رئيس جديد بنهج جديد وحكومة جديدة" الذي يمثّل تقدماً قياساً بشعار "إرحل... نستحق الأفضل" إلا أنّه مع ذلك لم يتم وضع تصوّر واضح للمقصود بالنهج الجديد... وشيئاً فشيئاً فاحت الروائح العفنة للعديد من فضائح الفساد السياسي من إيداعات مليونية وتحويلات خارجية ما استفز أقساماً واسعة من المواطنين واستثار غضبهم وقاد إلى اتساع الحراك الشعبي على نحو غير مسبوق في تجمع 28 نوفمبر 2011 بحيث اضطرت السلطة إلى تغيير رئيس مجلس الوزراء وحلّ مجلس 2009 وإجراء انتخابات جديدة في فبراير 2012 قادت إلى نجاح غالبية نيابية ليست على هوى السلطة... وعلى الرغم من الأخطاء والسلبيات ونقاط الضعف والقصور الذي تميّز به أداء نواب الغالبية في ذلك المجلس، وعدم إنجازهم أي خطوات تشريعية للإصلاح الديمقراطي وانشغالهم في تشريعات مثيرة للخلاف ومتعارضة مع الطابع المدني للدولة من شاكلة تنقيح المادة 79 من الدستور في شأن توافق القوانين مع الشريعة الإسلامية وفرض الزي المحتشم وغير ذلك، إلا أنّ السلطة أدركت عجزها عن التعامل مع تلك الغالبية المعارضة، في الوقت الذي كان واضحاً فيه أنّ الحراك الشعبي قد فرض على السلطة واقعاً جديداً مختلفاً عما كان عليه الحال قبل ذلك من أساليب التعامل السلطوي، إذ لم تعد السلطة قادرة على الانقلاب المباشر على الدستور كما فعلت في عامي 1976 و 1986, بل لم يعد مجدياً لها استخدام أساليب من شاكلة ضخ المال السياسي في الانتخابات، أو إفساد النواب، وملاحقة المعارضين، وبذلك فقد لجأت السلطة إلى أسلوب مختلف يمكّنها من استعادة زمام المبادرة وفرض سطوتها وتكريس انفرادها بالقرار، وذلك عبر تغيير آلية الانتخاب، وهذا ما أتيح لها بعد إبطال مرسوم حل مجلس 2009 لخطأ إجرائي وإبطال انتخابات فبراير 2012، حيث حاولت أول الأمر أن تطعن أمام المحكمة الدستورية في قانون الدوائر الانتخابية، وعندما لم تستجب المحكمة لها، بادرت السلطة إلى فرض آليتها الانتخابية عبر حلّ مجلس 2009 مرة أخرى وإصدار مرسوم بقانون لتخفيض عدد الأصوات التي يدلي بها الناخب من أربعة أصوات إلى صوت واحد فقط، بحيث يسهل عليها التحكّم في مخرجات العملية الانتخابية وإضعاف إمكانية تشكّل غالبية نيابية غير موالية لها، في الوقت الذي كشّرت فيه السلطة عن وجهها القبيح ولجأت إلى أساليب بوليسية غير مسبوقة في قمع الحراك الشعبي وملاحقة الناشطين واعتقالهم وتوجيه اتهامات معلّبة ضدهم... وهذا ما أدى إلى استفزاز قطاعات واسعة من المواطنين الذين شاركوا بعشرات الآلاف في التجمعات الحاشدة والمظاهرات الشعبية المناهضة لذلك العبث السلطوي في النظام الانتخابي، خصوصاً في مسيرات "كرامة وطن" الأربع الأولى السابقة لإجراء انتخابات ديسمبر 2012، بالإضافة إلى حملة المقاطعة السياسية والشعبية لتلك الانتخابات.

محاولة لتقييم الحراك الشعبي وقوى المعارضة:

يمكننا أن نوجز أهم المكاسب والانجازات التي حققها الحراك منذ 2006 في النقاط التالية:

- نجاح الحراك بتحقيق بعض مطالبه كإقرار الدوائر الخمس في عام 2006، والانجاز الأكبر المتمثل في إزاحة رئيس وزراء من أبناء الأسرة الحاكمة عبر الشارع ليكون أول رئيس وزراء سابق.

- فرض واقع جديد على السلطة يتمثّل في إمكانية خروج الشعب إلى الشارع واحتجاجه ومطالبته بحقوقه.

- تطور خطاب القوى السياسية المعارضة، فبعد أن كان الحراك موجهاً نحو مطلب واحد ذي طابع "ترقيعي" مثل تقليص عدد الدوائر، أو تغيير "شخص" رئيس الوزراء فقد تطورت المطالب المطروحة لتدعو إلى "نهج جديد بحكومة جديدة" ثم المطالبة بإشهار الأحزاب السياسية و"الحكومة المنتخبة" والنظام البرلماني.

- اكتساب الجماهير خبرات نضالية وميدانية كبيرة عبر المشاركة في المسيرات والاعتصامات، ومن دون تجاهل للنواقص وأوجه القصور وأنّ كثيراً من الخبرات تمّ اكتسابها عن طريق التجربة والخطأ، فقد شهدت المسيرات أشكالاً غير مسبوقة من التنظيم وأساليب المناورة في اختيار مواقع المسيرات والمواقع البديلة، أو من خلال وجود الطواقم الطبية وغيرها.

- الاستعداد الكبير للتضحية وروح التضامن اللذان أبداهما الشعب الكويتي.

- الافتضاح التدريجي للنهج غير الديمقراطي للسلطة وزوال الكثير من الأوهام حول طبيعتها.

ولكن رغم هذه المكاسب والانجازات والايجابيات فقد كان هناك نواقص وسلبيات وإخفاقات لعلّ أهمها:

- عدم وجود أجندة واضحة لمطالب الإصلاح الديمقراطي الشامل بعد حركة "نبيها خمس" في العام 2006.

- عفوية التحرك واستمراره في إطار ردود الأفعال سواءً في 2009 للمطالبة بإسقاط ناصر المحمد، أو في مواجهة فضيحة الشيكات ومن بعدها قمع ديوانية الحربش، وذلك من دون أن يكون هناك توافق على مطالب واضحة للإصلاح الديمقراطي، حيث انحصرت المطالب برحيل ناصر المحمد وحلّ مجلس 2009، وهذا ما استغلته السلطة لترتيب أوضاعها خصوصاً مع هدوء الشارع وتشتت القوى السياسية والانشغال بالانتخابات، وبذلك ضاعت فرصة تاريخية، فيما أتيح المجال أمام أصحاب المصالح الشخصية والأجندات الانتخابية للدخول على الحراك.

- التناقضات التي انطوى عليها تكوين كتلة الأغلبية في مجلس 2012 التي كانت تضم لفيفاً من نواب أفراد أو ينتمون إلى كتل وذلك من خلفيات مختلفة ويحمل بعضهم أجندات متعارضة, لذلك فشلت كتلة أغلبية مجلس 2012 في إقرار قوانين الإصلاح السياسي، التي وعدت بإقرارها، وألهت بعض عناصرها الشارع في صراعات حول بعض الاقتراحات والأطروحات الفئوية والطائفية التي طرحتها ومشروعها لأسلمة الدولة.

- وبعد إبطال مجلس فبراير 2012 بات واضحاً أن هناك أطرافاً في الكتلة الأغلبية لديها أولويات مختلفة عن أولوية الإصلاح الديمقراطي، بل متناقضة معها.

- الاصطفاف الطائفي والفئوي الذي ألقى بظلاله السلبية على مقاطعة انتخابات ديسمبر 2012، ناهيك عن التصرفات الاستفزازية لبعض عناصر المعارضة.

- ضعف قوى التيار الوطني الديمقراطي ونأي بعضها بنفسها عن الحراك الجماهيري, وقيام بعض أطرافها بتنظيم اعتصام معزول عن حركة الجماهير لتسجيل موقف.

- رفض المجاميع الشبابية التعاون مع القوى السياسية المنظمة والاستفادة من خبراتها السياسية.

أما أبرز الملاحظات حول صيغ التحالفات السياسية التي تشكّلت والمجاميع الشبابية التي نشطت فيمكن أن نحددها في النقاط التالية:

  • · الجبهة الوطنية لحماية الدستور وتحقيق الإصلاحات السياسية:

تأسست الجبهة في 9 سبتمبر 2012, حيث شارك في تأسيسها شخصيات عامه وسياسية ينتمون إلى تيارات سياسية وكتل نيابية ومجاميع شبابية ومكونات اجتماعية مختلفة, ولكنهم قاموا بذلك بصفاتهم الشخصية وليسوا كممثلين بصورة رسمية عن تياراتهم ومكوناتهم التي ينتمون لها, وذلك تحت ضغط ظرف سياسي محدد كان يتطلب الإسراع في تشكيل الجبهة للتصدي لمخطط السلطة في الانفراد بتغيير النظام الانتخابي قبل أن يصدر مرسوم قانون الصوت الواحد, بل قبل أن يصدر حكم المحكمة الدستورية برفض الطعن الحكومي في إعادة تحديد الدوائر الانتخابية, وقد أسهمت الجبهة بعد تأسيسها بدورها في التصدي لمخطط السلطة بالتعاون مع القوى السياسية و الشعبية والمجاميع الشبابية المعارضة لهذا المخطط ضمن ظروف سياسية سريعة التبدل وأحداث متلاحقة ومنعطفات متتالية, حيث أصدرت البيانات السياسية و المواد التعبوية, وشاركت في التجمعات الشعبية الحاشدة, وأعدّت مذكرة قانونية بالغة الأهمية خاطبت فيها رئيسي مجلس القضاء الأعلى ومجلس الوزراء, كما أسست الجبهة "اللجنة الشعبية لمقاطعة الانتخابات" التي قامت بدورها في تعبئة الناخبين لعدم التصويت, ونجحت في تقليص عدد المشاركين في الانتخابات إلى 27% (حسب إحصائيات اللجنة الشعبية لمقاطعة الانتخابات), ولكن كان واضحاً أنّ الواقع السياسي الذي تشكل في البلاد بعد إجراء انتخابات مجلس الصوت الواحد في الأول من ديسمبر قد تبدّل عما كان عليه قبلها.

وقد واجهت "الجبهة الوطنية لحماية الدستور و تحقيق الإصلاحات السياسية" تحديات الواقع الجديد بعد انتهاء الجولة الأولى من معركة التصدي لمرسوم الصوت الواحد, وهذا ما كان يتطلب إعادة تحديد أهداف الجبهة, مع أنه كانت هناك ضمن الأهداف المدرجة في إعلان مبادئ الجبهة أهداف أخرى أبعد من التصدي لمخطط العبث السلطوي بالنظام الانتخابي, ولكن الأولوية والاهتمام إلى ما قبل الانتخابات كانا منصرفين بالأساس نحو التصدي لذلك المخطط, بالإضافة إلى بروز سلبيات ناجمة عن كونها جبهة مشكّلة من شخصيات وناشطين وليس من تيارات وكتل ومجاميع ... ومع أنه جرت مبادرة لمحاولة إعادة تحديد أهداف الجبهة و إعادة الهيكلة إلا أنّ تلك المحاولات لم تستكمل، بل أنها لم تنل استجابة مناسبة من بعض الأطراف الفاعلة بالجبهة, ما أدى إلى توقف عمل الجبهة, و إن لم يتم الإعلان عن ذلك.

إنّ التقييم الموضوعي لتجربة "الجبهة الوطنية" يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الظروف الموضوعية والذاتية والتعقيدات والملابسات التي أحاطت بتشكيلها وعملها وفي الوقت نفسه يجب أن يتناول هذا التقييم الموضوعي ما استطاعت أن تحققه من إنجاز مهما كان محدوداً, وأن يتناول النواقص والسلبيات، والأهم من ذلك أن يتم استخلاص الاستنتاجات والخبرات.

  • ائتلاف المعارضة:

بعد الجولة الأولى لمعركة التصدي لمخطط السلطة في الانفراد بتغيير النظام الانتخابي ومقاطعة انتخابات مجلس الصوت الواحد توجّه العديد من أطراف قوى المعارضة في فبراير 2013 لبناء ائتلاف جديد يجمعها, وبالطبع فقد كانت هناك حاجة موضوعية ملحة لتنظيم صفوف قوى المعارضة وتوحيد جهودها وتنسيق مواقفها في مواجهة النهج السلطوي؛ وكذلك من أجل تحقيق التغيير الديمقراطي... فالمعركة طويلة والخصم عنيد ويمتلك إمكانات لا يستهان بها, وبالطبع فإنّ أي كتلة من النواب السابقين وحدها أو حركة سياسية منفردة أو مجموعة شبابية واحده لا تستطيع الادعاء بقدرتها على قيادة النضال الديمقراطي بمعزل عن مشاركة الأطراف السياسية والشعبية والشبابية الأخرى, وهذا ما يفرض ضرورة قيام ائتلاف يجمع سائر قوى المعارضة حول أهداف واضحه متفق عليها وضمن إطار فاعل, ولكن كان من المهم تحديد الأهداف المرحلية وبلورة صيغة مناسبة للعمل المشترك, وكانت الصيغة المناسبة والواقعية تتمثل في اتفاق التيارات السياسية والكتل النيابة والمجاميع الشبابية على تأسيس ائتلاف للمعارضة على أساس التكافؤ, وأن يتم اتخاذ القرارات السياسية بالتوافق بين الأطراف المشكلة للائتلاف, إذ لا يمكن اتخاذ القرارات بين أطراف سياسية مختلفة ضمن ائتلاف واسع وفق قاعدة الأغلبية كما هو الحال في التنظيم السياسي الواحد أو المتجانس.

إلا أنّه أثناء تأسيس "ائتلاف المعارضة" بدا واضحاً أنّ هناك أموراً تستحق الاتفاق عليها، وأنّ هناك نقاطاً مثيرة للخلاف لابد من تحديد المواقف تجاهها، ولهذا فقد طرح التيار التقدمي الكويتي على الأطراف المتفقة على تأسيس ائتلاف المعارضة ضرورة بحث أربعة مسائل رئيسية:

  1. تعريف دقيق لما يعنيه مصطلح التيارات السياسية المشاركة في الائتلاف, إذ أن مثل هذا التعريف مستحق حتى لا تشارك تحت هذا المسمى أطراف لا ينطبق عليها تعريف محدد, بحيث تنطبق تسمية تيار سياسي على التيار الذي يمتلك برنامجاً سياسياً محدداً وله مواقف سياسية معلنة وله كيان تنظيمي معروف.
  2. تحديد واضح لمَنْ هي المجاميع الشبابية المشاركة في الائتلاف, وذلك لتعدد هذه المجاميع وتوقف نشاط بعضها وتشكّل مجاميع جديدة.
  3. حسم أمر الازدواجية في مشاركة أطراف معينة في الائتلاف و ما يسمى اللجنة التنسيقية للحراك في آن واحد معاً, لما يترتب على هذه الازدواجية من تعقيدات وحساسيات.
  4. مستقبل الائتلاف بعد صدور حكم المحكمة الدستورية... ففي حال صدور حكم بإبطال مرسوم قانون الصوت الواحد, فهذا يعني أن هناك استحقاقاً انتخابياً قريباً, فما هو دور الائتلاف فيه؟ ... و في حال صدور حكم المحكمة بحل مجلس الصوت الواحد لخطأ إجرائي, مثلما يتردد وإجراء انتخابات جديدة وفق مرسوم الصوت الواحد من دون إبطاله, فما هو موقف أطراف الائتلاف حول المشاركة فيها أو مقاطعتها؟... وكذلك ما هو الموقف تجاه مَنْ سيشارك في مثل هذه الانتخابات؟

ورأى التيار التقدمي الكويتي أن القفز على هذه المسائل وعدم إيضاح الموقف حولها مسبقاً من شأنه أن يؤدي إلى اختلال في بناء الائتلاف وإلى بروز تناقضات في مواقف أطرافه... ولهذا فقد طالبنا بأن تجري مناقشة مستفيضة وبحث مناسب لهذه المسائل الأربع, وذلك قبل تشكيل المكتب السياسي للائتلاف, إلا أنّ اعتراض بعض الأطرف على ما طرحناه من نقاط وتفهّم أطراف أخرى لما طرحناه وطلبها منا تأجيل المناقشة لحين تشكيل المكتب السياسي دفع التيار التقدمي الكويتي إلى الاكتفاء بأن يكون ممثلاً في الجمعية العمومية للائتلاف حرصاً على وجود حد أدنى من التنسيق والعمل المشترك بين أطراف المعارضة على اختلاف مكوناتها وتوجهاتها، والمؤسف أنّه لم تنعقد هذه الجمعية العمومية ولم تتم دعوتنا إلى حضور أي من اجتماعاتها.

ولهذا فمن الطبيعي أن يفشل الائتلاف ويضعف ويتراجع دوره، خصوصاً في ظل عدم وضوح تعامل الأطراف الأخرى المؤسسة للائتلاف مع بعض المسائل الملتبسة وما تعانيه من قصور سياسي وعجز ذاتي وما برز في صفوفها من تناقضات. فيما أثبتت الأيام وبالملموس صحة وجهة نظر التيار التقدمي الكويتي في هذا الشأن.

  • "كرامة وطن" والمجاميع الشبابية الأخرى:

لقد أبرز الحراك الدور الايجابي للمجاميع الشبابية كقوى ضاغطة لها تأثير قوي في توجيه الحراك وقوى المعارضة من خلال فرض مطالب الإصلاح الديمقراطي على بعض المترددين من القوى السياسية أو الشخصيات البرلمانية، وقد تجلت قوة هذه المجاميع في تجربة "مسيرات كرامة وطن" التي دعا لها ونظمها مجموعة من الشباب، ورغم النجاح الباهر الذي لاقته مسيرات كرامة وطن، خصوصاً المسيرة الأولى في أكتوبر 2012 التي كانت أكبر مسيرة احتجاجية شهدتها الكويت في تاريخها على الرغم من قمع السلطة، إلا أن التجربة لم تستطع أن تحتفظ بالقوة ذاتها والزخم السابق نفسه، ووقعت مجموعة "كرامة وطن" في أخطاء وسوء تقدير للموقف وكيفية التعامل، وذلك لعدة أسباب أهمها: عدم التنسيق بينها وبين بقية المجاميع الشبابية أو القوى السياسية المعارضة، كما أن سرية حساب "كرامة وطن" على تويتر وعدم معرفة مَنْ يقف وراءه قد أدى بطريقة أو بأخرى إلى الطعن في مصداقية الحساب، رغم أن مثل تلك التدابير الاحترازية قد تكون مفيدة للحفاظ على المجموعة الناشطة وعدم اعتقالها.

وقد بدا واضحا أنّ المسؤولية كانت أكبر من أن يتحملها حساب "كرامة وطن" والقائمون عليه لوحدهم، ولكن المؤسف أنّ ذلك قد تمّ عبر تدخلات غير مسؤولة من بعض الشخصيات لم يستطع القائمون على الحساب التعامل معها، وعلى سبيل المثال فإنّه على الرغم من تأكيد مجموعة "كرامة وطن" على أنّ المسيرات حق مطلق لا تحتاج إلى الترخيص من وزارة الداخلية قام البعض بتقديم طلبات للداخلية لترخيص المسيرة ما تسبب في عزوف البعض عن المشاركة في المسيرات التي دعا لها حساب "كرامة وطن".

كما برز عدم التنسيق وسوء تقدير الموقف عندما دعت مجموعة "كرامة وطن" للمبيت في "ساحة الإرادة" ثم في ساحة البنوك ما أدى إلى اعتراض بعض قوى المعارضة ودعت إلى اجتماع آخر في "ساحة الإرادة" بعد المبيت تحت قيادة تجمع "نهج" لم تتم الاستجابة له.

لقد كانت تجربة "كرامة وطن" تجربة مهمة في تلك الفترة، إذ أنّها على الرغم من بعض سلبياتها ونقاط ضعفها فقد أبرزت دور الشباب وأثبتت بالملموس استعداد الشعب الكويتي للخروج إلى الشارع من أجل انتزاع حقوقه من دون خوف في مواجهة إرهاب السلطة وقمع القوات الخاصة.

إنّ تجربة الشباب بشكل عام هي تجربة ايجابية، ولكن علينا أن نؤكد على أنّ مجموعات الضغط والمجموعات الاحتجاجية التي شكّلها الشباب شابها التهور أحياناً، ولا يمكن الاعتماد عليها وحدها في تحقيق مطالب الإصلاح الديمقراطي، فالإصلاح الديمقراطي يحتاج بدءاً إلى التحليل السليم للواقع السياسي المتحرك؛ ويتطلب القدرة على التعامل مع هذا الواقع بكل تناقضاته وتعقيداته وتحدياته، والأهم من ذلك بلورة مشروع واضح للإصلاح الديمقراطي، والتنسيق بين جميع مكونات المعارضة سواء الشباب أو القوى السياسية أو الشخصيات المستقلة، وهذه متطلبات تفوق قدرات المجاميع الشبابية وتتجاوز إمكاناتها، ولكن هذا الإصلاح الديمقراطي لا يمكن أن يتحقق بمعزل عن دور الشباب ومساهماتهم ومبادراتهم وروحهم المقدامة وتضحياتهم المشهود لها.

القسم الثاني

طريق الكويت نحو الإصلاح الديمقراطي

إنّ النضال من أجل تحقيق إصلاح ديمقراطي يتطلّب بالأساس تشخيص العيوب والنواقص البنيوية التي تعانيها المنظومتان السياسية والدستورية، كما يتطلب تحديد العوامل التي أدّت إلى تعطيل عملية الانتقال نحو الديمقراطية، ليمكننا بعد ذلك أن نبلور أجندة للنضال من أجل تحقيق الإصلاح الديمقراطي المنشود.

أولاً: تشخيص العيوب والنواقص البنيوية الرئيسية التي تعانيها المنظومتان السياسية والدستورية، وهي تتلخص في العيوب والنواقص التالية:

1- عدم اكتمال الطابع التمثيلي لمجلس الأمة، الذي يفترض أن يكون مؤسسة نيابية منتخبة بالكامل، إذ أنّ الوزراء غير المنتخبين هم أعضاء بحكم وظائفهم في مجلس الأمة ويشاركون في مختلف الأعمال البرلمانية، باستثناء أمرين هما: عدم إمكان ترشيحهم إلى عضوية لجان المجلس، التي يشاركون في انتخاب أعضائها، وعدم مشاركتهم في التصويت على طلبات طرح الثقة في الوزراء منفردين وعدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء... وهذا يعني أنّ مجلس الأمة ليس منتخبا بالكامل، وأنّ طابعه التمثيلي النيابي كان ولا يزال ناقصا.

2- الضمانات المبالغ فيها، التي تتمتع بها الحكومة، إذ لا يشترط دستور الحدّ الأدنى حصولها على الثقة النيابية المسبقة، ولا يمكن طرح الثقة في الحكومة ككل، وإنما يمكن فقط أن يتم طرح الثقة في كل وزير على حدة وذلك بعد استجوابه، أما رئيس مجلس الوزراء فلا يمكن أن تُطرح فيه الثقة، بل يمكن فقط تقديم طلب بعدم إمكان التعاون معه، وذلك بعد استجوابه، وهو طلب محفوف بالمخاطر لأنّه يفتح الباب أمام إمكانية حلّ مجلس الأمة نفسه.

3- انعدام وجود آلية مقررة دستوريا لتداول مناصب السلطة التنفيذية، مثلما هي الحال في أي نظام ديمقراطي، ما أدى إلى تثبيت ما يشبه الاحتكار الدائم أو طويل الأمد للعديد من هذه المناصب.

4- غياب الحياة الحزبية المنظمة، التي هي أحد أهم مكونات النظام الديمقراطي، ما أدى إلى تكريس الطابع الفردي للعملية الانتخابية، التي يخوضها المرشحون فرادى، وكذلك الطابع الفردي للعمل البرلماني.

5- نجاح السلطة في تعطيل العمل بالدستور وإفراغه من محتواه وتكريس نهج الإنفراد بالسلطة، وذلك إما بالانقلاب مباشرة على الوضع الدستوري مثلما حدث أول مرة في النصف الثاني من سبعينيات القرن العشرين ومرة أخرى في النصف الثاني من الثمانينيات حتى بداية تسعينيات القرن العشرين؛ أو عبر التواطؤ مع الغالبية النيابية الموالية للسلطة في معظم المجالس النيابية المتعاقبة عندما تمّ تمرير مجموعة من القوانين المقيدة للحريات الشخصية والعامة والسالبة للحقوق الديمقراطية المقررة في الدستور، أو باستغلال ضعف المعارضة لتثبيت تدابير وإجراءات وتقاليد كرّست انفراد السلطة بالقرار.

6- النظام الانتخابي المعبوث به، الذي أدى إلى تحكّم السلطة في العملية الانتخابية ومخرجاتها وعرقلة إمكانية وجود غالية نيابية خارجة عن طوعها، وتكريس الطابع الفردي في خوض الانتخابات وفي العمل البرلماني.

ثانياً: تحديد العوامل التي أدّت إلى تعطيل عملية الانتقال إلى الديمقراطية في الكويت طوال نصف القرن المنصرم، التي نستطيع أن نلخصها في العوامل الموضوعية التالية:

1- موقف السلطة المعادي للديمقراطية ومحاولاتها المتواصلة لإعاقة تطورها وتقليص هامش الحريات وتكريس نهج الانفراد بالقرار، ونجاحها في إفراغ دستور 1962 من العديد من مضامينه الديمقراطية وفرضها ترسانة من القوانين المقيدة للحريات أو المناقضة لأسس النظام الديمقراطي، وتحكّمها في النظام الانتخابي، ما أدى شيئاً فشيئاً إلى انسداد أفق الإصلاح عبر الانتخابات وأساليب العمل البرلماني.

2- سطوة الدولة الريعية واستقلال قرارها عن المجتمع.

3- التأثيرات السلبية لقيم المجتمع الاستهلاكي، وكذلك التأثيرات السلبية للبُنى الاجتماعية التقليدية الطائفية والقبلية والعائلية، خصوصاً في ظل محاولات السلطة تمزيق النسيج الوطني الاجتماعي وتأجيج النزعات الطائفية والقبلية والفئوية والمناطقية.

أما العوامل الذاتية فتتمثّل في:

1 - عدم إشهار الأحزاب السياسية.

2- الموقف الدفاعي الذي تشكّل تاريخياً لحماية دستور 1962 من الانقلاب السلطوي عليه، ما أدى إلى تحييد المطالبة بإقامة نظام ديمقراطي برلماني كامل.

3- التعويل المبالغ فيه على الانتخابات والعمل البرلماني على حساب أشكال النضال السياسي الأخرى وبالأساس منها النضال الجماهيري.

ولئن كان من المهم إدراك العوامل الموضوعية وتأثيراتها، فإنّه يمكن بذل الجهود من أجل تعديل العوامل الذاتية أو العمل على تغييرها.

ثالثاً: بلورة أجندة النضال من أجل تحقيق الإصلاح الديمقراطي:

حتى يمكننا أن نبلّور أجندة واضحة من أجل تحقيق الإصلاح الديمقراطي، لابد أولاً من تحديد الهدف المراد بلوغه بدقة ووضوح، وبعدها لابد من رسم خارطة الطريق من أجل تحقيق هذا الهدف.

إنّ تحديد الهدف بدقة أمر مستحق، ذلك أنّ هناك التباسات تثيرها بعض الدعوات المطروحة للإصلاح الديمقراطي، فهناك مَنْ يدعو إلى "الإمارة الدستورية"، وهناك آخرون يدعون إلى "الحكومة الشعبية" أو "رئيس الوزراء الشعبي"، وغيرهم ينادي بما يسميه "الحكومة البرلمانية"، فيما تنتشر دعوات تطالب بإقامة "الحكومة المنتخبة"، وهي دعوات لا نرفضها ولكننا نرى ضرورة تدقيقها وإزالة ما يحيط بها من التباسات وخلط.

ذلك أنّ "الإمارة الدستورية" يمكن أن تُفسّر في حدّها الأدنى المتحقق شكلياً الآن بمعنى وجود دستور ينظم سلطات الأمير، بينما القصد من طرح هذا المطلب يتجاوز ذلك، كما أنّ مطلب "الحكومة الشعبية" يمكن أن يعني فقط أن يكون رئيس الوزراء والوزراء من المواطنين وليس من الشيوخ من دون استكمال شروط النظام البرلماني، حيث يتم توزيرهم كأفراد، ومثلها الدعوة إلى "الحكومة البرلمانية" التي يمكن أن تُختزل في حكومة تتشكّل في معظمها من أعضاء مجلس الأمة كأفراد... أما مطلب "الحكومة المنتخبة" فهو لا يمكن أن يتحقق بصورة دقيقة إلا في النظم الرئاسية، عندما يتم انتخاب الرئيس الذي يعيّن إدارته، بينما الأمر مختلف تماماً في الأنظمة البرلمانية، التي هي مآل التطور الديمقراطي للأنظمة الوراثية، إذ لا يتم انتخاب رئيس مجلس الوزراء والوزراء مباشرة، بل يتم تعيينهم من بين أعضاء كتلة أو حزب الغالبية في البرلمان.

ومن هنا فإنّ المصطلح الأدق للهدف الذي نسعى إلى بلوغه من تحقيق الإصلاح الديمقراطي هو إقامة نظام ديمقراطي برلماني كامل، الذي يقوم على خمسة أركان هي:

أولاً: وجود أحزاب سياسية.

ثانياً: تداول ديمقراطي للسلطة.

ثالثاً: ضرورة نيل الحكومة ثقة البرلمان.

رابعاً: اختيار رئيس مجلس الوزراء والوزراء من بين أعضاء كتلة أو حزب الغالبية في البرلمان.

خامساً: أن يكون رئيس الدولة حَكَمَاً بين السلطات لا طرفاً في المنازعات السياسية.

ويمكن القول إنّ هناك مستويين مختلفين ولكنهما مترابطان للإصلاح الديمقراطية، المستوى الأول هو مستوى الإصلاح السياسي الذي يمكن تحقيقه من دون الحاجة إلى تنقيح الدستور، والمستوى الآخر هو الإصلاح الدستوري الذي يتطلب مثل هذا التنقيح المستحق.

المستوى الأول هو مستوى الإصلاح السياسي الديمقراطي:

والقصد هنا هو الإصلاح السياسي الذي يمكن تحقيقه من دون الحاجة إلى تنقيح "دستور الحدّ الأدنى"، ويتمثّل في:

1- انتزاع الحق الديمقراطي في إشهار الأحزاب السياسية عبر قانون ديمقراطي يعتمد آلية قيام مؤسسي كل حزب بالإخطار عن تأسيس حزبهم من دون حاجة إلى حصول هؤلاء المؤسسين على الترخيص الحكومي بذلك، مع ضرورة تأكيد القانون على أن تتشكّل الأحزاب السياسية وفق أسس وطنية وليس طائفية أو قبلية، وأن تعمل بوسائل سلمية.

2- إقرار نظام انتخابي ديمقراطي عادل قائم على التمثيل النسبي للقوائم الانتخابية ضمن دوائر كبيرة، بعد أن تعذّر وفق حيثيات حكم سابق للمحكمة الدستورية تحقيق مطلب الدائرة الانتخابية الواحدة ضمن الدستور الحالي، مع تخفيض سن الناخبين إلى 18 عاماً، بمعنى أن يتم إلغاء نظام الانتخاب الأكثري الحالي، وهو نظام غير عادل، ويقرّ مكانه نظام انتخابي آخر هو نظام التمثيل النسبي، وهو النظام المعمول به في كثير من بلدان العالم، بحيث تنال القوائم الانتخابية مقاعد في مجلس الأمة تتناسب على نحو عادل مع نسبة ما حصلت عليه من أصوات الناخبين.

3- إلغاء القوانين المقيدة للحريات وخصوصاً حرية الاجتماع العام وحرية التعبير عن الرأي والحقّ في تشكيل مؤسسات المجتمع المدني، وكذلك إلغاء القوانين التي تصادر حقّ الأفراد في التقاضي المباشر أمام المحكمة الدستورية أو تقيّد حقهم في اللجوء إلى المحكمة الإدارية، إلى جانب التأكيد على حماية الحريات الشخصية للأفراد من الوصاية والتدخل؛ وعدم المساس بالطابع المدني للدولة.

4- إطلاق سراح المعتقلين وسنّ قانون للعفو العام عن قضايا الرأي المعروضة أمام جهات التحقيق والمحاكم حالياً، وذلك من دون أي شروط أو تعهدات.

بحيث تمثّل هذه الخطوات والتدابير والآليات الأرضية اللازمة التي يمكن أن يتأسس عليها النظام الديمقراطي البرلماني الكامل.

المستوى الثاني هو مستوى الإصلاح الدستوري الديمقراطي:

الذي يتطلب بدءاً تصحيح الموقف الدفاعي عن دستور 1962 الذي تشكّل تاريخياً في مواجهة الانقلابات السلطوية على الدستور، بحيث يتحوّل إلى موقف الدفاع عن المكتسبات الديمقراطية المتحققة في دستور الحدّ الأدنى، مع المطالبة بإصلاح دستوري يستكمله ليصبح دستوراً ديمقراطياً.

إنّ عنوان الإصلاح الدستوري المستحق هو الانتقال إلى النظام البرلماني الكامل، وهو ما يتطلّب في حدوده الدنيا تنقيح عدد من مواد الدستور، وذلك كالتالي:

- تنقيح المادة 80 من الدستور لقصر عضوية مجلس الأمة على النواب المنتخبين.

- تنقيح المادة 98 بحيث تتقدم كل وزارة فور تشكيلها ببرنامجها إلى مجلس الأمة لتنال الثقة النيابية على أساسه.

- تنقيح المادتين 101 و102 بحيث يمكن طرح الثقة في الوزراء ورئيس مجلس الوزراء من دون الحاجة إلى المرور بآلية الاستجواب، ومن دون تفريق بين طرح الثقة في الوزراء أو في رئيسهم واعتباره معتزلاً لمنصبه شأنه شأنهم من تاريخ عدم الثقة به، وعدم اشتراط تحكيم رئيس الدولة عند طرح الثقة في رئيس مجلس الوزراء لاتخاذ قراره إما بإعفاء الرئيس أو بحلّ مجلس الأمة، مثلما هي الحال الآن عند تقديم طلب عدم إمكان التعاون معه.

- تنقيح المادة 116 من الدستور، أو تعديل اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، بما يؤدي إلى تأكيد صحة انعقاد جلسات مجلس الأمة من دون اشتراط حضور الحكومة، حتى لا يؤدي غيابها إلى تعطيل جلسات المجلس مثلما حدث وتكرر.

رابعاً: وسائل النضال من أجل تحقيق أجندة الإصلاح الديمقراطي:

مادام أفق تحقيق الإصلاح الديمقراطي عبر الانتخابات والعملية البرلمانية قد انسدت آفاقه، فإنّ البديل المتاح هو العمل على تحقيق هذا الإصلاح عبر أساليب النضال الجماهيري ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر الأساليب التالية:

- الاحتجاج الجماعي على سياسة أو قانون أو قرار أو إجراء عبر عقد تجمعات جماهيرية وإقامة اعتصامات أو مهرجانات خطابية.

- تنظيم المسيرات والمظاهرات.

- النضال الاقتصادي من أجل تحسين شروط العمل أو رفع الأجور وشكله الرئيسي هو الإضراب عن العمل.

- الإضرابات والاعتصامات الطلابية.

- جمع التوقيعات على عرائض ومذكرات وبيانات.

- تشكيل لجان شعبية على مستويات المناطق والمحافظات أو أماكن العمل أو الدراسة أو على أساس المهن.

- تكوين جماعات ضغط حول قضية محددة أو مطلب معين.

- تشكيل وفود شعبية لتقوم بجولات على الديوانيات للشرح والتوضيح والتعبئة، أو للالتقاء بالمسؤولين في الدولة أو بوسائل الإعلام.

- تنظيم حملات التحرك، بما في ذلك حملات التحرك الإلكترونية عبر الهاشتاقات في التويتر.

- إقامة الندوات والحلقات النقاشية.

- إصدار البيانات الجماهيرية والمطويات والملصقات وتوزيعها.

ويتركّز دورنا في تطوير النضال الجماهيري إلى المهام التالية:

1- رفع مستوى الوعي السياسي للجماهير، وإزالة ما رسخ في أذهانها من أوهام حول طبيعة السلطة وطريق الانتقال نحو الديمقراطية، وذلك عبر عمل دءوب من الشرح والتوضيح والإقناع.

2- تعبئة الجماهير حول مطالب الإصلاح الديمقراطي، وتعزيز ثقتها في قدراتها على إحداث التغيير.

3- تنظيم حركة الجماهير والانتقال بها من مستوى النضال العفوي إلى النضال السياسي الواعي والمنظم عبر أساليبه المختلفة بهدف تغيير ميزان القوى السياسية في البلاد ليصبح مواتياً لتحقيق مطالب الإصلاح الديمقراطي.

---------------------------------------------------

أقرها المجلس العام للتيار التقدمي الكويتي في اجتماعه

المنعقد يوم السبت 17 أغسطس 2013

يتابع التيار التقدمي الكويتي ببالغ القلق مسلسل التفجيرات الإجرامية التي يتعرّض لها لبنان الشقيق، وأدّت إلى سقوط عشرات الضحايا الأبرياء وإصابة مئات الجرحى من المواطنين اللبنانيين المدنيين في الضاحية الجنوبية وطرابلس.

وإنّ التيار التقدمي الكويتي إذ يدين هذه التفجيرات الإرهابية، فإنّه يحذر من أهدافها الخبيثة التي تحاول جرّ الشعب اللبناني الشقيق إلى فتنة طائفية بغيضة واختلاق مبررات لإعادة لبنان إلى دوامة الاقتتال الداخلي والحرب الأهلية، بالإضافة إلى حرق لبنان بنيران الأزمة السورية.

ونحن في التيار التقدمي الكويتي في الوقت الذي نعبّر فيه عن تضامننا مع أهالي ضحايا التفجيرات ومع الجرحى، فإننا نجدد تضامننا مع الشعب اللبناني الشقيق ومع قواه التقدمية واليسارية والوطنية، التي تتصدى للمؤامرات الخبيثة الهادفة إلى افتعال الفتنة في لبنان، ونثق في وعي اللبنانيين وقدرتهم على وئد هذه الفتنة في مهدها.

الكويت في ٢٤ أغسطس 2013

كتبنا غير مرة عن ضرورة إعلان "المعارضة" عن مشروعها السياسي الواضح الذي يقدم البديل عن الوضع السياسي الحالي، فالمعارضة التي لا تملك البديل لا تعتبر معارضة فاعلة، بل إنها تساعد على استمرار الوضع السيئ.في الدول الديمقراطية المتقدمة، على سبيل المثال، تقدم قوى سياسية حقيقية برامجها المعبرة عن المصالح الاقتصادية والاجتماعية لمن تمثلهم من المواطنين، ثم تطرحها على المجتمع باعتبارها بديلاً لما تقدمه الحكومة من برامج سياسية واقتصادية واجتماعية.وبالطبع فإن وضعنا السياسي الحالي يختلف عن وضع الدول الديمقراطية المتقدمة فليس لدينا، مثلاً، أحزاب سياسية مشهرة وقائمة على أسس وطنية، وليس طائفية أو فئوية من جهة ولها برامج سياسية معلنة وتخضع لرقابة الدولة من جهة أخرى؛ لهذا نجد الكثير من "اليافطات السياسية" التي تدّعي أنها "أحزاب سياسية"، وهي قطعا ليست كذلك بالتعريف العلمي للمصطلح.علاوة على ذلك فليس لدينا تداول للسلطة التنفيذية (الحكومة) بحيث يكون بالإمكان تطبيق البرنامج البديل عن برنامج الحكومة، وليس لدينا أيضاً فصل كامل بين السلطات، وهذه كلها من الأمور التي ساهمت في إرباك الحياة السياسية وأدت إلى عدم استقرارها. لهذا تستمر الأزمة السياسية ويتراجع الوضع العام فيصبح الإصلاح السياسي والديمقراطي كما ذكرنا غير مرة أمراً ملحاً.والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هنا هو: من يا ترى باستطاعته تقديم مشروع البديل المدني الديمقراطي؟من المستحيل أن تقدم القوى السياسية غير الديمقراطية بديلاً ديمقراطياً، ففاقد الشيء لا يعطيه، لهذا فإن مهمة تقديم مشروع سياسي ديمقراطي بديل للوضع الحالي ملقاة على عاتق العناصر والقوى الملتزمة فعلا بالدستور، والتي تعمل من أجل استكمال بناء الدولة الدستورية الديمقراطية العصرية.ومع الأخذ في الاعتبار المرحلة السياسية الحالية وطبيعة قوى المعارضة التي تطالب بالإصلاح السياسي، ومن أجل تجاوز سلبيات الفترة الماضية فإنه من المفروض التفكير بطريقة غير تقليدية وابتداع أساليب نوعية في العمل السياسي، وأشكال مبتكرة من الأنشطة السياسية والتحركات الميدانية التي من الممكن أن يكون من ضمنها، بجانب وسائل أخرى بالطبع، تشكيل قوى ضغط سياسية على غرار الحملة الشبابية "نبيها خمس" أو أي أشكال أخرى متطورة تتولى قيادتها وجوه شابة جديدة تحظى بقبول شعبي عام، ويكون خطابها السياسي خطاباً مدنياً ديمقراطياً عصرياً جامعاً موجّهاً للمواطنين كافة.قوى الضغط الشبابية الديمقراطية المدعومة شعبياً وسياسياً يمكنها طرح مشاريع هدفها الإصلاح السياسي والديمقراطي مثل مشروعي إصلاح النظام الانتخابي بشكل جذري، وإشهار التنظيمات السياسية على أسس وبرامج وطنية وليس طائفية أو فئوية، كما يمكنها أيضاً تحديد طرق وأساليب تحركها السياسي النوعي وإطاره الزمني.

د. بدر الديحاني

_____________________________________________

منقول عن جريدة الجريدة تاريخ 19\08\2013

أخبار حول العالم

الأمة على حافة الهاوية !

بقلم: أحمد الشمري*

تمر المنطقة العربية بمرحلة خطرة ومنعطف تاريخي فضيع ومرعب قد لا نخرج منه بسلام ، فشهر رمضان الكريم الذي بدأناه بالتهاني والتبريكات تحول إلى جحيمٍ وكابوس إرهابي مخيف على الشعب العراقي حيث راح ضحيته أكثر من ١٠٠٠ قتيل مدني في شهر يوليو فقط بسبب ازدياد العمليات الإرهابية الجبانة التي زرعت المفخخات في كل ناحية وصوب ومع هذا لم نسمع أي إدانة من أخوة الدين والدم سوى من «الغرب الكافر» !!

وما إن جاء يوم الأربعاء الأسود بعد أن اتحذت فيه حكومة حازم الببلاوي قراراً جائراً بفض اعتصامات أنصار الرئيس المعزول مرسي بالقوة ، وبالفعل اقتحمت قوات الأمن المصري ميداني رابعة العدوية والنهضة مخلفةً ورائها مجزرة يندى لها الجبين ، راح ضحيتها مئات القتلى وآلاف الجرحى( ٢٧٨قتيلاً من بينهم ٤٣من قوات الأمن وإصابة٢٠٠١ حسب رواية bbc ) ، فهل أعدت الأمن المفقود يا دولة الرئيس أم أدخلت مصر في أزمة أكبر وأعقد ؟!

نعم هناك تعسف وجور تمارسه حكومة السيسي ضد الإخوان ورموزهم فما معنى أن يحاكم مرسي بتهمة التخابر مع حماس ؟! ألم يكن المخلوع مبارك وعمر سليمان مضيافين لوزيرة العدو الاسرائيلي ليفني أم كانت هذه اللقاءات ضرورة أمنية ؟!

نعم أستنكر قمع الإخوان ما داموا سلميين ويتظاهرون في أماكن لا يعطلون فيها مصالح الناس ، لكن أن يعتدوا على الشرطة أو الشعب أو يحرقوا مراكز الشرطة ودور العبادة فهذا أمر مرفوض ( قد لا يكون الإخوان هم الحارقون للكنائس مع قابليتهم لفعل ذلك ، فتذكروا إن من فجّر كنيسة القديسيين في الأسكندرية هو حبيب العدلي لخلق فتنة طائفية ) واضح أن المشهد في مصر ذاهب إلى المزيد من التصعيد في المواجهات بين الدولة والإخوان خاصة بعد دخول أطراف إقليمية ودولية في الأزمة .

كنت أتمنى أن يتراجع الإخوان عن مواجهة الدولة ويعكفوا على مراجعة تجربتهم كي يتعلموا من أخطائهم التي أدت إلى الثورة عليهم ، فصناديق الاقتراع التي نجحوا من خلالها ليست شيكا على بياض أو تفويضاً مطلقاً يحق لهم فيه فعل ما يريدون ، بل هي تعاقد قد يفسخ في أي لحظة و أن "الديمقراطية"لا تعني حكم الأغلبية من غير حفظ حقوق الأقلية ! أتمنى أن تتجاوز مصر المحروسة هذه المحنة القاسية باقتدار وبعزيمة أبنائها المخلصين ، وما إن ننتقل إلى المشهد اللبناني بعدما تعرضت الضاحية الجنوبية لبيروت يوم الخميس الماضي لعملية إرهابية استهدفت المدنيين عن طريق تفجير سيارة مفخخة في منطقة الرويس قتلت ٢٢ ضحيةً وأصابت ٣٣٦ بالجروح وهذه العملية هي الثانية في ظرف شهرين والمراد منها هو تسخين الحرب الأهلية وإدخال لبنان في المجهول ، وبلا شك عندي أن المستفيد الأول من هذا الوضع السئ للأمة العربية هي إسرائيل وحلفائها ، فقد أطلقت مؤخرا سراح ٢٦ أسيراً فلسطينياً تكحل فيهم مقلتي محمود عباس وستتقدم بمشروعٍ استطاني ضخم يهدف إلى بناء ١١٠٠ وحدة سكنية لليهود بالضفة الغربية والقدس الشرقية أما نحن العرب فسندخل حروباً طاحنة دينية ومذهبية وطائفية وإذا تبقى منا نفر حي سنفاوض الصهاينة على حل الدولتين !

________________________________________________

*عضو التيار التقدمي الكويتي.

يتحدد الخط السياسي للتيار التقدمي الكويتي في المطالبة بإطلاق الحريات الشخصية والعامة والدفاع عن الحقوق والمكتسبات الديمقراطية والعمل على توسيعها وتعميقها وصولاً إلى قيام نظام برلماني كامل وبناء دولة ديمقراطية حديثة، مع التصدي لنهج المشيخة في الانفراد بالسلطة والتضييق على الحريات وإعاقة التطور الديمقراطي.

فقد واجه مشروع بناء الدولة الكويتية الحديثة في إطار الدستور القائم تحديات وعقبات وعراقيل ليست بالهينة أدّت إلى تعثره منذ انطلاقته في بداية ستينيات القرن العشرين، حيث تراجعت القوى المتنفذة في الأسرة الحاكمة عن هذا المشروع. وحاولت أكثر من مرة إيقاف العمل بالدستور والانقلاب عليه ومحاولة تنقيحه على نحو يؤدي إلى الانتقاص من الحد الأدنى المتوافر فيه من الحقوق والحريات الديمقراطية، وتعزيز سطوة السلطة التنفيذية أكثر فأكثر مع تقليص دور مجلس الأمة. ومع أنّ هذه المحاولات لم تنجح وجرى التراجع عنها تحت الضغط الشعبي وجراء ظروف إقليمية ودولية، إلا أنّه بسبب سطوة القوى المتنفذة في الأسرة الحاكمة وضعف القوى الشعبية فقد تكرّس مع مرور الوقت نهج الانفراد بالسلطة، وجرى فرض قوانين غير ديمقراطية أفرغت الدستور من مضامينه الديمقراطية، وهذا ما تمثّل في احتكار القرار السياسي واحتكار المناصب الأساسية في الإدارة السياسية للدولة بأيدي الأسرة الحاكمة، وتحويل مجلس الوزراء إلى جهاز تنفيذي يتلقى التوجيهات بدلاً من كونه، مثلما يفترض دستورياً، سلطة سياسية مقررة، وتشريع قوانين تقيد الحريات والحقوق الديمقراطية وتصادر بعضها، مثل قانون جمعيات النفع العام، الذي يفرض الوصاية الحكومية على تشكيل مؤسسات المجتمع المدني، وقانون المحكمة الإدارية، الذي يحصّن قرارات السلطة التنفيذية في شأن عدد من القضايا والأمور مهما كانت هذه القرارات جائرة، وقانون المحكمة الدستورية، الذي حرم الأفراد من حق الالتجاء المباشر إلى القضاء الدستوري، وغيرها من ترسانة القوانين غير الديمقراطية.

وشهدت البلاد في السنوات الأخيرة إفساداً واسعاً للحياة السياسية على مستوياتها المختلفة بدءاً من إفساد العملية الانتخابية وانتهاءً بالعبث في النظام الانتخابي.

لقد جرى تراجع ملحوظ عن مشروع بناء الدولة الكويتية الحديثة، وتعرضت الحياة السياسية في البلاد إلى تشويه خطير وتدهور كبير، بحيث انسد عملياً أي أفق جدي للإصلاح والتغيير في إطار هذه الصيغة المشوهة، وهذا ما يتطلب أولاً وقبل كل شيء تصحيح ميزان القوى المختل لغير صالح الاتجاه الديمقراطي.

إنّ الإصلاح السياسي هو المدخل الأول لأي إصلاح، إذ لا يمكن إصلاح الاختلالات الأخرى وتصحيح المسار المنحرف إلا بإصلاح سياسي ينهي نهج الإنفراد بالسلطة ويحقق المشاركة الشعبية في إدارة الدولة وفي القرار السياسي، ويفتح الباب أمام إقامة حياة حزبية سليمة في إطار التعددية؛ وتداول ديمقراطي للسلطة، وصولاً إلى استكمال التطور الديمقراطي في إطار نظام برلماني كامل.

ومن أهم المطالب والاقتراحات التي يراها التيار التقدمي الكويتي أساساً للإصلاحات السياسية والدستورية:

1-تفعيل أحكام “دستور الحدّ الأدنى” ونصوصه التي لما تطبّق بعد ولا تزال مُعطلة ومعلّقة فيما يتصل بأمور عديدة من بينها تغليب الطابع البرلماني على الرئاسي في نظامنا الدستوري، واستعادة مجلس الوزراء لدوره الدستوري المفترض، وعدم احتكار مناصب رئاسة مجلس الوزراء ووزارات السيادة، والتمسك باحترام مبدأ الفصل بين السلطات؛ واستقلال القضاء، وتمكين الأفراد من اللجوء المباشر إلى القضاء الدستوري، وكفالة حقّ التقاضي من دون تحصين لبعض القرارات الإدارية، وتشكيل مجلس الدولة ليتولى مهام القضاء الإداري والإفتاء والصياغة القانونية، وهي أحكام ونصوص دستورية معطّلة لما توضع بعد موضع التطبيق على الرغم من مرور نحو نصف قرن على إصدار الدستور.

2- مكافحة مختلف أشكال الإفساد والفساد والرشاوى واستخدام المال السياسي واستغلال النفوذ والتنفيع، وتفعيل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد, والملاحقة القانونية والفضح السياسي للمفسدين والفاسدين.

3- رفض أي شكل من أشكال التدّخل السلطوي في العملية الانتخابية، وتعديل قانون الانتخابات بما يحدد سقفاً أعلى للإنفاق الانتخابي للمرشحين مع تقديم إعانات للمرشحين غير القادرين على توفير حد أدنى ومكافئ من الإنفاق الانتخابي.

4- إلغاء نظام الصوت الواحد في ظل الدوائر الخمس، الذي فرضته السلطة منفردة، وإصلاح النظام الانتخابي وصولاً إلى صيغة متوافق عليها في شأن نظام الدائرة الانتخابية الواحدة بالارتباط مع استحداث نظام التمثيل النسبي للقوائم الانتخابية، شريطة أن تكون هذه القوائم مؤلفة على أسس سياسية ووطنية بعيدة عن التفرقة والاستقطابات القبلية والطائفية والفئوية. بالإضافة إلى توسيع القاعدة الانتخابية بتخفيض سن الناخب إلى 18 عاماً، وإلغاء وقف حقّ العسكريين في الانتخاب.

5- إلغاء القوانين المقيّدة للحريات العامة والحقوق الديمقراطية لتحلّ مكانها قوانين ديمقراطية تنظم ممارسة الحريات والحقوق ولا تقيّدها أو تصادرها، ومن بينها:

أ-تعديل القانون رقم 24 لسنة 1962 في شأن الأندية وجمعيات النفع العام، بما ينهي الوصاية الحكومية على مؤسسات المجتمع المدني ويطلق حرية تأسيسها ونشاطها.

ب- تعديل المرسوم بقانون رقم 65 لسنة 1979 في شأن الاجتماعات العامة والتجمعات بما يتناسب مع الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية في مايو 2006 ببطلان القيود غير الديمقراطية على حرية الاجتماعات العامة لتشمل التجمعات.

ت- تعديل القانون رقم 14 لسنة 1973 بإنشاء المحكمة الدستورية بحيث يحقّ للأفراد الوصول إليها مباشرة للطعن في دستورية أي قانون.

ث- تعديل المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 1981 بإنشاء دائرة المحكمة الكلية لنظر المنازعات الإدارية بحيث تكون محكمة مستقلة ولتشمل ولايتها القرارات الإدارية بشأن مسائل الجنسية والإقامة وتراخيص الصحف ودور العبادة، المستثناة حالياً.

ح- تعديل القانون رقم 31 لسنة 1970 الخاص بالجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي والخارجي، وذلك بإلغاء الأحكام والمواد الواردة فيه التي تتعارض مع الحقوق الديمقراطية المكفولة للمواطنين، من حيث تقييدها حرية التجمعات، وتجريمها نشر المبادئ والأفكار، وتوسعها في تجريم نشر الأخبار والتعبير عن الرأي.

6- تحقيق المساواة الكاملة بين الكويتيين كافة على أساس المواطنة الدستورية الحقة، ورفض سياسات التفرقة والتمييز وفق الاعتبارات العائلية والقبلية والطائفية والمناطقية.

7- المساواة الدستورية والقانونية الكاملة بين المرأة والرجل على أسس من العدالة وفي مختلف المجالات ومؤسسات الدولة وقوانينها وخدماتها، وإلغاء ما يتعارض مع هذا المبدأ الديمقراطي من قوانين وإجراءات تمييزية، مثلما هي عليه الآن قوانين الجنسية والرعاية السكنية والتعيين في القضاء والترقيات للمناصب الإدارية القيادية.

8- اقتراح قانون ديمقراطي لإشهار الأحزاب السياسية، التي يجب أن تتكوّن على أسس وطنية وديمقراطية وسياسية سليمة، وألا تكون تشكيلات طائفية أو قبلية أو فئوية.

9- انتخاب كامل أعضاء المجالس البلدية، وانتخاب مجالس المحافظات والمحافظين والمختارين.

11- إلغاء الأجهزة الأمنية القمعية، وتحديداً الإدارة العامة لأمن الدولة، وتجريم التجسس السياسي على المعارضين وملاحقتهم، ووقف الاستدعاء غير القانوني لهم واستخدام أساليب التهديد والتعذيب أثناء التحقيق، وحظر استخدام العنف مع المتظاهرين السلميين.

12- رفض الاتفافيات الأمنية الموجهة نحو تقييد الحريات العامة أو الماسة بالسيادة الوطنية.

13- احترام الحقوق والحريات النقابية، وضمان حق الإضراب عن العمل، وتكوين النقابات الجديدة على أساس الاكتفاء بالتسجيل عن طريق إيداع وثائق التأسيس، والإقرار بحق التفرغ النقابي وحرية نشاط النقابيين في مرافق العمل.

13- المصادقة على المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تضمن حقوق الإنسان، والتعامل معها كجزء من القانون الوطني، والالتزام بتطبيق هذه المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات وتقديم تقارير منتظمة عن مدى تنفيذها.

أما الإصلاحات الدستورية المستحقة التي تدفع باتجاه التحوّل الكامل إلى النظام البرلماني في إطار الإمارة الدستورية فتشمل البنود الأربعة التالية:

1 – تنقيح المادة 80 من الدستور بحيث تقتصر عضوية مجلس الأمة على النواب المنتخبين من دون منح الوزراء من غير النواب المنتخبين الحقّ غير المبرر في عضوية المجلس، وذلك لضمان اكتمال شعبية المجلس النيابي المنتخب.

2 – تنقيح المادة 98 بما يلزم أي حكومة جديدة أن تتقدم فور تشكيلها ببرنامجها إلى مجلس الأمة لتنال الثقة النيابية على أساسه، وليس أن يكتفي المجلس بإبداء ملاحظاته حول البرنامج، بحيث تنال الحكومة قبل مباشرة عملها ثقة رئيس الدولة وثقة ممثلي الأمة معاً.

3 – تنقيح المادتين 101 و102 بحيث يمكن طرح الثقة في الوزراء ورئيس مجلس الوزراء من دون الحاجة إلى المرور بآلية الاستجواب، ومن دون تفريق غير ذي معنى بين طرح الثقة في الوزراء وفي رئيسهم واعتباره معتزلا لمنصبه شأنه شأنهم من تاريخ عدم الثقة به، وعدم اشتراط تحكيم رئيس الدولة عند طرح الثقة في رئيس مجلس الوزراء لاتخاذ قراره إما بإعفاء الرئيس أو بحلّ مجلس الأمة، مثلما هي الحال الآن عند تقديم طلب عدم إمكان التعاون معه.

4 – تنقيح المادة 116 من الدستور، أو تعديل اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، بما يؤدي إلى تأكيد صحة انعقاد جلسات مجلس الأمة من دون اشتراط حضور الحكومة، حتى لا يؤدي غيابها إلى تعطيل جلسات المجلس مثلما يحدث الآن وسبق أن تكرر أكثر من مرة.

______________________________________________

منقول عن كتيب "من نحن؟ وماذا نريد؟"

اخبار محلية

وليد الرجيب:رياضيات إسلامية.

نتذكر أنه في عهد الملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله، احتضنت المملكة العربية السعودية جماعات الاخوان المسلمين المصريين الذين تم التضييق عليهم في مصر وسُلموا مسؤولية التعليم بالمملكة، وبالفعل قاموا بتدريس الطلبة السعوديين تعاليم وكتابات «سيد قطب» المتشددة، ثم اقترحوا أن تنشأ «معاهد دينية» في كل أرجاء المملكة، ولتشجيع الأهالي على إدخال أبنائهم للتعليم في هذه المعاهد تم تقديم مبلغ مالي إلى كل رب أسرة عن كل ولد من أولاده يدرس فيها لتحفيزهم على إدخال أكبر عدد من أبنائهم إلى هذه المعاهد الدينية، ولأن كثيراً من أهالي نجد وغيرها لم يكونوا يملكون مداخيل ثابتة سوى ما ينتجونه من زراعة البساتين التي لا تأتي إلا بالنزر اليسير وليس بشكل مستمر، كما لم يكن هناك رواتب تقاعدية، ولذا ذهب كثير من أبناء السعوديين في نجد وسواها إلى هذه المعاهد الدينية حيث درسوا وتعلموا فكر التشدد والتطرف الديني، وتحولت هذه المعاهد إلى مفرخة للإرهاب في مستقبل الأيام.وأتذكر أنه في ستينات القرن الماضي كنا نُدرّس التربية الإسلامية في كثير من الأحيان من قبل معلمين أزهريين، بل ان بعضهم كان يدرّس التربية الإسلامية واللغة العربية معاً، وكنا ندرس مبادئ الشريعة السمحاء ونحفظ آيات من القرآن الكريم وندرس السنة النبوية من الصحيحين، ولا أنسى ذلك المعلم الأزهري المبتسم خفيف الظل الذي كان يحبّب لنا الإسلام، وأتذكر أنني تجادلت معه في حديث شريف أظنه كان «خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء»، فأخذني من يدي وقادني إلى غرفة المدرسين واتصل على ما أظن في إدارة الافتاء بالأوقاف وسأل عن هذا الحديث فقال من بالطرف الآخر: «ليس له أصل» ثم طلب معلمي من الرجل أن يكرر على مسمعي هذا الكلام، ومازلت أدين لهذا المعلم الفاضل تصحيح كثير من المفاهيم المغلوطة لديّ، لدرجة أنني ارتبطت معه بعلاقة صداقة استمرت طويلاً حتى بعد خروجي من هذه المدرسة، فقد فتح أمامي آفاقاً منيرة لسماحة الدين ودفعني للقراءة أكثر في مصادر الشريعة والفقه المعتدلة والمتّسمة بمحبة الآخر وسعة الصدر في المجادلة.ما استدعى هذه الذكريات خبر نُشر في صحف السبت 17 أغسطس الجاري، مفاده أن وزارة التربية تريد تضمين مناهج الرياضيات في المرحلة الابتدائية آيات من القرآن الكريم والأحاديث النبوية، لم أصدق ما قرأت هل تقصد «الرياضيات»؟! هذا العلم المجرّد والمتطور؟ وحاولت أن أجدد تبريراً علمياً أو تربوياً وراء هذه الخطوة، فلم أقرأ سوى عبارة «بهدف تعزيز التعاليم والقيم الإسلامية وترسيخها في نفوس الطلبة»، ونتساءل ألا توجد مناهج للتربية الإسلامية ضمن تعليم طلبة الابتدائي؟ ففي أيام دراستنا قديماً كانت بعض كتب قواعد اللغة العربية تتضمن آيات من القرآن الكريم من أجل استخدامها في الإعراب على اعتبار أن القرآن الكريم هو المصدر الحافظ للغة العربية الفصحى ولولاه لتغيرت اللغة العربية كما تغيرت مع الزمن جميع اللغات الحية.واستغرب ممن يقول أن لا تأثيرات للجماعات الإسلامية على مناهج التعليم، فكل المناهج تتضمن آيات وأحاديث نبوية، ولم يتبق سوى العلوم والتربية البدنية، وها هو علم الرياضيات سيتضمن القرآن الكريم والأحاديث النبوية، ونتساءل أيضاً كيف يمكن أن تتضمن الرياضة البدنية آيات من القرآن والأحاديث النبوية إذا ما تم إقرار ذلك؟نحن في الكويت تاريخياً نحمل ديناً إسلامياً وسطياً ومتسامحاً ومنفتحاً على الأديان السماوية ونعتز بذلك بين الشعوب، ونتذكر بكل فخر واعتزاز علماء الكويت الأفاضل الذين علّمونا مبادئ الدين والشريعة الصحيحة، وعندما حرّفت هذه التعاليم عن مقاصدها أنتجنا شباباً متطرفين متعصبين تكفيريين لا يؤمنون بالحوار ولا يعترفون بالرأي الآخر.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com

______________________________________________

منقول عن جريدة الراي تاريخ 19\08\2013 العدد:12467

بقلم: د.فواز فرحان*في الدول ذات الأنظمة مكتملة الديمقراطية يكون التغيير من خلال العمل البرلماني بمساندة الرأي العام الجماهيري بينما في الدول ذات الأنظمة شبه الديمقراطية أو غير الديمقراطية يكون التغيير بالأساس من خلال الشارع عبر النضال الجماهيري وربما بمساندة العمل البرلماني إن كان له أفق أو هامش يمكن الضغط من خلاله، والنضال الجماهيري يبدأ كحراك شعبي احتجاجي تكون سمته العامة ردود الأفعال تجاه ممارسات السلطة وينتقل تدريجياً بحسب ظروف نضوجه إلى حراك سياسي منظّم يتبنى مشروعاً سياسياً واضحاً ومحدداً تضعه الطلائع السياسية الواعية ويأخذ زخمه من استجابة الجماهير له. هكذا يجب أن نفهم طبيعة حركات الإصلاح والتغيير تاريخياً و واقعياً حتى نستطيع التحرك بخطوات علمية في طريق نضالنا نحو نظام ديمقراطي برلماني كامل في الكويت.

بدأ الحراك الشعبي الكويتي الحالي كحراك احتجاجي على ممارسات السلطة وامتاز بردود الأفعال تجاه مستجدات معينة، كلنا رأينا ردة فعل الشارع تجاه فساد الحكومات منذ عام ٢٠٠٦ والمتمثل باستشراء إفساد السلطة لواقعنا من خلال المال والواسطة والمحسوبية وإثارة الصراعات الفئوية، ورأينا ردة فعل الشارع ممثلة بمسيرات كرامة وطن تجاه استفراد السلطة بتغيير قواعد اللعبة الانتخابية من خلال مرسوم الصوت الواحد، ورأينا ردة فعل الشارع من خلال الاعتصامات والمسيرات الصغيرة تجاه الملاحقات السلطوية للناشطين السياسيين المعارضين من نواب سابقين ومن شباب مستقلين أو منتمين لتيارات سياسية، ولا يمكن فصل هذا الحراك الحالي عن التراكمات النضالية للشعب الكويتي منذ قمع أعضاء المجلس التشريعي الأول في عام ١٩٣٨ وحتى حركة دواويين الأثنين بالثمانينات مروراً بالنشاط السياسي المعارض للقوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية في فترة الستينات والسبعينات، ولكن هذا الحراك يظل في إطار الحراك الاحتجاجي والذي يتصف بشبه العشوائية وتتداخل معه الكثير من التناقضات والأمراض الاجتماعية المتمثلة بالفئوية والطائفية وكذلك تضعف تصاعده أحياناً المصالح الشخصية لبعض أطرافه.

أصبح تحوّل هذا الحراك وتطوره إلى حراك سياسي ديمقراطي منظّم أو بوصف أدق إلى حركة ديمقراطية استحقاقاً تاريخياً تتحمل مسؤوليته الطلائع السياسية الواعية ممثلة بالتيارات السياسية وكذلك بالحركات الشبابية ذات الشكل التنظيمي حتى ولو كان محدوداً، هذا التحول والتطور مهم جداً للخروج من الحلقة المفرغة التي بات يدور بها الحراك الاحتجاجي الحالي ومن حالة اليأس التي بدأت تلوح بوادرها على الناشطين والفاعلين في هذا الحراك، واستحقاق هذا التحويل والتطوير يقوم على عاتق الأطراف السياسية المعارضة من خلال وضعها لمشروع سياسي مرحلي تتوافق عليه لتبدأ نضالها المنظّم على أساسه، وحتى يكون لهذا المشروع زخم جماهيري يجب أن يركز على النقاط الأساسية المهمة لتطوير نظامنا السياسي والدستوري نحو نظام ديمقراطي برلماني كامل والمتمثلة في: وجود أحزاب سياسية، تداول ديمقراطي للسلطة، ضرورة نيل الحكومة ثقة البرلمان، اختيار رئيس مجلس الوزراء والوزراء من بين أعضاء كتلة أو حزب الغالبية في البرلمان، أن يكون رئيس الدولة حَكَماً بين السلطات لا طرفاً في المنازعات السياسية.

إذا تبنت الأطراف السياسية المعارضة هذه المطالبات كمشروع سياسي مرحلي فإنها ستنطلق موحدةً لتشكيل رأي عام مؤيد لهذا المشروع بهدف تغيير موازين القوى لصالح الضغط على السلطة بهدف استكمال النظام الديمقراطي البرلماني الكامل، وهذا الانطلاق يحتاج إلى صبر ومثابرة وابتعاد عما يشتت قوى المعارضة من مطالبات جانبية غير توافقية مثل المطالبة بتطبيق الشريعة أو بدستور إسلامي أو غيرهما، وكذلك يتطلب هذا الانطلاق وعياً من هذه الأطراف السياسية المعارضة بأدوات وأساليب السلطة لضربها وتفريقها من خلال إثارة النعرات الفئوية والطائفية والقبلية والمناطقية وكذلك وعياً بضرورة تغليب المصلحة العامة لشعبنا وبلدنا على المصالح الضيقة الخاصة والتي حتماً ستتضرر بتضرر المصلحة العامة.

نتمنى لحراكنا الشعبي النضوج والتطور تلبيةً لطموحات شعبنا وخدمة لوطننا.--------------------------------* عضو التيار التقدمي الكويتي

لم يتم العثور على نتائج
لا توجد نتائج مع هذه المعايير. حاول تغيير بحثك.
Filters