تابعت اللقاء في قناة «العربية» الذي أجراه الناطق السابق باسم الحكومة العراقية السيد علي الدبّاغ مع طارق عزيز الذي كان عضواً بارزاً في مجلس قيادة الثورة العراقي ووزيراً لعدد من الوزارات إبان حكم حزب البعث برئاسة صدام حسين.ورغم إعدام صدام ومعظم قيادات البعث، والحكم بالإعدام على طارق عزيز الذي أوقف تنفيذه الرئيس العراقي الحالي جلال طالبان، إلا أنه أعلن أنه يحب «صدام» ويوافقه على الإدعاء بأن الكويت عراقية يجب أن تُسترد، قائلاً: «أنا كعراقي لا أحترم الكويت ولا أحبها، فالكويت عراقية وكل زعماء العراق طالبوا بها، فيصل الأول وغازي وقاسم لغاية صدام».ورغم ظروفه الصحية وتغيّر حكم البعث وإعدام صدام، فإن «عزيز» ما زال مع بعض العراقيين والعرب يحبّون «صدام»، والسبب هو «عبادة الفرد» العمياء، والتي ترتبط دائماً بالتفرد والدكتاتورية.وأتذكر أن بعض المثقفين العرب قد ناقشوني طويلاً حول أحقيّة العراق بالكويت لأنها تابعة لولاية البصرة تاريخياً، ويبدو أن هؤلاء المثقفين لم يقرأوا التاريخ بوقائعه ولم يطّلعوا على كتابات الرحالة الأجانب والخرائط التي رسموها للكويت منذ القرن السابع عشر، ورغم أنه ظهر الكثير من كتابات الباحثين الأقدر مني الذين فنّدوا الإدعاءات العراقية أثناء احتلال الكويت وبعد تحريرها، إلا أنه لا بأس من إلقاء بعض الضوء على تاريخ الكويت وعلاقتها بالعراق وبالدولة العثمانية، حتى يعرف أبناؤنا حقيقة الادعاءات ويعودوا إلى كتب التاريخ والوثائق العثمانية والأجنبية حول استقلال الكويت منذ نشأتها، وأدعوهم إلى الاطلاع على الوثائق المهمة لمركز الدراسات والبحوث في الكويت حول هذا الأمر.يقول غوردن لوريمر في كتابه «دليل الخليج»: «نتيجة للصعوبات والعقبات التي وضعتها السلطات التركية في وجه الوكالة البريطانية في البصرة قررت الوكالة الانسحاب إلى الكويت موقتاً في ابريل عام 1793م»، ونستطيع أن نستنتج من اختيار الكويت مقراً تلجأ إليه الوكالة التي انسحبت من العراق، أن الكويت لم تكن تابعة وبأي حال لتركيا «الدولة العثمانية».وقبل ذلك تعاملت المستعمرة الهولندية في جزيرة «خرج» عام 1752م مع الشيخ صباح الأول بن جابر ممثلة بشركة الهند الشرقية الهولندية لنقل البضائع من الكويت إلى أوروبا عن طريق الكويت - حلب حيث كانت القبائل في كل هذه المنطقة تقع تحت النفوذ الكويتي، فقامت الكويت بحماية القوافل التجارية إلى حلب.ومما يؤكد استقلالية الكويت عن الحكم العثماني في ولاية البصرة هو استقبال الكويت لعدد كبير من الهاربين من السلطة العثمانية أهمهم الشيخ ثويني شيخ المنتفق ومصطفى أغا متسلم البصرة عام 1787م، ورفض حاكم الكويت تسليمهما.وقد كتب مدحت باشا في مذكراته عن الكويت ما نصه: «تبعد الكويت عن البصرة 60 ميلاً في البحر، وعدد بيوتها 6000 بيت وليست تابعة لأية حكومة، وكان الوالي السابق نامق باشا يريد إلحاقها بالبصرة فأبى أهلها لأنهم اعتادوا عدم الإذعان والخضوع للحكومات، وشيخها اليوم هو عبدالله بن صباح والأهالي هناك شوافع وحاكمهم وقاضيهم منهم فهم يعيشون شبه جمهورية وعندهم ألفان من المراكب التجارية الكبيرة والصغيرة، وقد رفعوا فوق مراكبهم راية مخصوصة بهم... الخ».نكمل في المقال القادم بعض ما كتب التاريخ.