مثلما هو معروف فإننا في الحركة التقدمية الكويتية نرى أن حالة التردي الخطيرة على كافة المستويات التي تشكو منها البلاد لن يفيدها الانشغال في العبث السياسي والصراعات العقيمة، وإنما تتطلب معالجات جدية مختلفة، تبدأ بأن يستعيد الشعب دوره المسلوب في المشاركة الحقيقية بالقرار السياسي، وأن يتم تشكيل حكومة إنقاذ وطني من رجالات دولة وعناصر مشهود لها بالكفاءة والنزاهة والإخلاص، بحيث تتولى حكومة الإنقاذ هذه محاربة الفساد فعلاً لا قولاً وملاحقة الفاسدين وتطهير أجهزة الدولة منهم، وتصحيح المسار عبر انفراج سياسي وعفو شامل عن القضايا السياسية، وإلغاء لمرسوم قانون الصوت الواحد المجزوء ووضع قانون انتخابي ديمقراطي بديل، واجراء انتخابات نزيهة يمنع المال السياسي والتدخل السلطوي عن التأثير على مخرجاتها.
ولذلك فإننا لا تعنينا موجه الاستجوابات وطلبات طرح الثقة المتتالية في الأسابيع الأخيرة من عمر المجلس الحالي، ولا يعنينا أمر ومصير شخص هذا الوزير أو ذاك، ولكن هذا لا يعني انعزالنا عن مجريات الواقع والقضايا التي تثار في مثل هذه الاستجوابات، ومن بينها ما أثير في الاستجواب الأخير الموجه إلى وزير الداخلية، حيث أثيرت قضايا بالغة الخطورة، يجب التوقف أمامها والمطالبة بوضع حدّ لها ومعالجتها، ومن بين هذه القضايا، القضايا الثلاث التالية:
أولاً: ممارسات التعذيب والإساءة التي يمارسها بعض عناصر الأجهزة الأمنية مع المقبوض عليهم أثناء التحقيق معهم، فهذه الممارسات تنتهك حقوق الإنسان وتتعارض مع الدستور الذي يحظر في المادة 34 منه أيذاء المتهم جسمانياً أو معنوياً، ناهيك عن كون التعذيب جريمة يعاقب عليها القانون… وبالتالي لايجوز بأي حال من الأحوال التهاون أو التقليل من خطورة هذه الممارسات المرفوضة وتبريرها، بل المطلوب إصدار قرار واضح بمنعها واتخاذ إجراءات رادعة بحق مرتكبيها.
ثانياً: العبث في القيود الانتخابية، ما يتطلب أن تكون هناك معالجة جادة لهذا العبث عبر ربط عملية قيد الناخبين بسجلات الهيئة العامة للمعلومات المدنية، وإنشاء هيئة مستقلة للانتخابات، مع استمرار الإشراف القضائي على عمليات التصويت والفرز وإعلان النتائج، وإفساح المجال أمام الهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية والمحلية ذات الصلة بحرية الانتخابات ونزاهتها للمشاركة في مراقبة العملية الانتخابية.
ثالثاً: المصالح التجارية للوزراء، التي يصعب فصلها عن تضارب المصالح واستغلال النفوذ والفساد السياسي والمالي والإداري، ما يتطلب أن يكون هناك قانون صارم وآليات رقابية واضحة وإجراءات حازمة تسد الثغرات التي يجري استغلالها الآن لتبرير المصالح التجارية للوزراء.
ونرى أن هذه الممارسات الخطيرة يجب أن تكون محل اهتمام من الرأي العام الشعبي للمطالبة بوقفها وتصحيحها، وذلك بغض النظر عن مصير طلب طرح الثقة في وزير الداخلية الحالي.