يحل علينا عيد العمال العالمي في الأول من مايو كل عام ليمثّل مناسبة أممية لتضامن الطبقة العاملة وجميع شغيلة اليد والفكر والعاملين بأجر في العالم أجمع، واستذكاراً لكفاحهم المشترك ونضالاتهم ضد الاستغلال الرأسمالي؛ ومن أجل تحقيق مطالبهم العادلة لتحسين ظروف عملهم وأجورهم والدفاع عن مكتسباتهم الاجتماعية، وصولاً إلى التحرر والانعتاق النهائي من اضطهاد الرأسماليين؛ والقضاء على استغلال الانسان للإنسان؛ وإقامة المجتمع العادل اجتماعياً، مجتمع الإخاء والمساواة المتحرر من الانقسامات الطبقية والعرقية والفئوية.
وهاهم العمال الكادحون والمهمشون في مختلف أرجاء العالم يقفون اليوم في مواجهة مباشرة ضد الطبقة الرأسمالية وضد نظامها الاستغلالي العالمي، حيث نشهد تدهور مستوى المعيشة وظروف العمل والانتقاص من حقوق العمال في بلدان عديدة، كما يشهد مختلف انحاء العالم اعتصامات وإضرابات واحتجاجات وتحركات مطلبية شملت من بين ما شملته البلدان الرأسمالية الكبرى مثل ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وغيرها، وهذا ما يدل على عمق أزمة النظام الرأسمالي، وعلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية نتيجة للسياسات الرأسمالية الظالمة ونظام الاستغلال الطبقي الذي تفرضه الرأسمالية، بما في ذلك الانتقاص من حقوق العمال والانقضاض على مكتسباتهم، والاستغلال البشع لقوة عملهم من أجل تحقيق أعلى ربح لصالح الطبقة الرأسمالية المسيطرة. وهذا ما يتطلب وحدة الطبقة العاملة في مختلف بلدان العالم وتشديد نضالها عبر نقاباتها وأحزابها من أجل تحسين أجورها ومستوى معيشتها وظروف عملها، وصولاً إلى قيام نظام اشتراكي ديمقراطي عادل بديل.
وفي الوقت نفسه، ها نحن نلحظ على الصعيد العالمي تراجع نظام القطب الواحد، الذي كان يتسيّد العالم، وبداية تشكّل نظام متعدد الأقطاب ما يخفف من هيمنة القبضة الإمبريالية، ويفتح آفاقاً رحبة أمام تحرر الشعوب.
أما في بلادنا الكويت، فإنّ غالبية المواطنين والسكان تعاني الأَمَرين من الغلاء وارتفاع الإيجارات وتدني مستوى المعيشة، وتفاقم مشكلات السكن والعمل وتردي التعليم والخدمات، وهناك توجهات خطرة لخفض بنود الإنفاق الاجتماعي والمساس بالمكتسبات العمالية والاجتماعية وتوسيع نطاق الخصخصة، هذا ناهيك عن تنامي الفساد وسوء الإدارة الحكومية، بالإضافة معاناة الكويتيين البدون… ما يتطلب من القوى الاجتماعية الشعبية المتضررة من نهج السلطة وحلفها الطبقي الرأسمالي توحيد صفوفها وتشديد نضالها لتحسين مستوى معيشتها ومن أجل تحقيق العدالة الاجتماعية. ولكن للأسف، فإنّ واقع الحركة النقابية العمالية في بلادنا ليس على مستوى قيادة التحرك المطلبي للطبقة العاملة والفئات الشعبية، ويعاني من اختلالات تتطلب إصلاح الوضع النقابي على أسس ديمقراطية، واستعادة الدور الكفاحي للحركة النقابية العمالية.
وفي الختام، تتوجه الحركة التقدمية الكويتية بالتحية بمناسبة عيد العمال العالمي إلى الطبقة العاملة وجميع الشغيلة والكادحين في بلادنا وفي العالم أجمع، كما تحيي الأحزاب العمالية والشيوعية والاشتراكية والتقدمية واليسارية الشقيقة في مختلف بلدان العالم، وتعبّر عن تضامنها مع جموع الكادحين ومع كفاح الشعوب من أجل التحرر من الهيمنة الإمبريالية والاستغلال الرأسمالي وفي سبيل التقدم والديمقراطية والاشتراكية، وتتضامن على نحو أخص مع الشعب العربي الفلسطيني في نضاله العادل ضد الاحتلال الصهيوني ومن أجل تحرره وقيام دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس، كما تتضامن مع الشعب الصحراوي في نضاله من أجل نيل حقه في تقرير المصير.
عاش الأول من مايو رمزاً للتضامن العمالي ضد الاستغلال والإفقار والتهميش ومن أجل التحرر والعدالة الاجتماعية. والتحية لعمال الكويت وعمال العالم أجمع في يوم عيدهم المجيد.