وثيقة الخط النضالي التي أقرها المؤتمر العام الأول للتيار التقدمي الكويتي
يتبنى التيار التقدمي الكويتي في عمله على النضال الجماهيري بعد أن انسد الأفق للإصلاح والتغيير بالانتخابات والعملية البرلمانية, حيث أن النضال الجماهيري هو الطريق الرئيسي لبلوغ شعبنا أهدافه وتحقيق التغيير والتقدم، وذلك من خلال رفع مستوى الوعي السياسي للجماهير وتعبئتها وتنظيم حركتها، مع نبذ الأساليب الفوضوية والمغامرة.
إنّ النضال الجماهيري هو كل نشاط نضالي له ارتباط وثيق بهموم الجماهير الشعبية ويعبّر عن مطالبها في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ناهيك عن النضال الجماهيري هو أحد أهم وسائل الارتقاء بوعي الجماهير للدفاع عن حقوقها ومن أجل تحررها من التهميش والاستغلال والاستبداد، بالإضافة إلى كونه أحد أشكال الصراع الطبقي وتجلياته.
النضال الجماهيري هو بالأساس النضال اليومي الملموس الذي تخوضه الجماهير بالاعتماد على قواها؛ وتتمرّس خلاله على النضال والتنظيم وتوحيد الصفوف وتحديد الأهداف وتشخيص الأعداء والأصدقاء ورسم التكتيكات، وذلك لـتأخذ هذه الجماهير زمام المبادرة بيدها بدلاً عن الإتكالية والخضوع والاستسلام.
من الطبيعي أن تستفيد الجماهير الشعبية في نضالها من منظماتها النقابية ومؤسساتها الاجتماعية، بالإضافة لاستنادها إلى التقاليد والخبرات النضالية المتراكمة، وذلك بالارتباط الجدلي مع الأحزاب السياسية الممثّلة لمصالح الجماهير، وتحديداً التنظيمات التقدمية، التي تسهم بدورها في توعية الجماهير الشعبية وتعبئتها وتنظيم حركتها، بما يؤدي إلى ربط النضالات اليومية العفوية المشتتة للجماهير بالاتجاه العام للنضال السياسي المنظّم من أجل إحداث التغيير الشامل.
ومن الناحية الموضوعية يرتبط تطور النضال الجماهيري ونهوضه بتفاقم أزمة النظام الرأسمالي؛ أو باحتدام الأزمة السياسية أو الاقتصادية في البلاد؛ واشتداد التناقضات الاجتماعية... فيما يرتبط تطور النضال الجماهيري من الناحية الذاتية بتنامي الوعي السياسي والطبقي لدى الجماهير ومستوى تطور الحركة السياسية والاجتماعية.
ليس هناك شكل وحيد وثابت للنضال الجماهيري، وإنما هناك أشكال متعددة وأساليب مختلفة ومتغيّرة ومستويات متفاوتة للنضالات الجماهيرية... ومن الخطأ اعتماد شكل وحيد من أشكال النضال الجماهيري أو تقديسه، فما هو مناسب في ظروف زمان ومكان معينة قد يكون غير ممكن التحقق في ظروف أخرى، أو قد يكون متقدماً أو ربما يكون متخلفاً عن مستوى الحركة العامة ودرجة تطورها... حيث تختلف أساليب النضال الجماهيري وأشكاله في حالات الصعود والمد عنها في حالات التراجع والجزر، ما يتطلب ابتداع أساليب خلاقة من النضال الجماهيري تتناسب مع الواقع وخصوصيته.
ومن بين أشكال النضال الجماهيري على سبيل المثال:
- خوض الانتخابات والنضال البرلماني: وهو أحد أهم أساليب العمل السياسي والجماهيري ولكن المؤسف أنّ هناك تراثاً من التقديس المبالغ فيه لهذا الأسلوب، الذي جرى التعامل معه وكأنّه الأسلوب الوحيد، من دون ربطه بالأشكال الأخرى من النضال السياسي والجماهيري، ناهيك عما يعانيه العمل الانتخابي والعمل البرلماني من انسداد أفق في إحداث التغيير الديمقراطي في ظل "دستور الحدّ الأدنى" وعدم إشهار الأحزاب وقصور النظام الانتخابي والطابع الفردي لخوضها، بل الطابع الفردي للممارسة النيابية، خصوصاً في ظل مرسوم قانون الصوت الواحد.
- مقاطعة الانتخابات ترشيحاً وانتخاباً: أنّ مقاطعة الانتخابات هي فعل سياسي وجماهيري ينطوي على التعبئة وتنظيم حملات الإقناع والشرح، وإن بدت كأنّها موقف سلبي وامتناع عن المشاركة.
- الاحتجاج: الاحتجاج الجماعي على سياسة ما، أو للتنديد بقانون، أو الاعتراض على قرار، أو رفض إجراءات معينة، أو استنكاراً لجريمة تهز الرأي العام، أو قد يكون تحركاً من أجل تلبية مطالب محددة، وذلك عبر عقد تجمعات جماهيرية أو الاعتصامات أو المهرجانات الخطابية في الساحات العامة أو أمام مقرات رسمية.
- النضال الاقتصادي: من أجل تحسين شروط العمل أو رفع الأجور وشكله الرئيسي هو الإضراب عن العمل، وقد يكون الإضراب جزئياً في أحد القطاعات أو المرافق أو شاملاً، أو يمكن أن يكون رمزياً أو تضامنياً، وقد يكون محدد المدة أو مفتوحاً، حسب المطالب المطروحة والظروف والإمكانات ومستوى الاستجابة.
- تنظيم المسيرات: من المهم الحرص على أن تكون شعارات المسيرات والمظاهرات، التي نشارك فيها، وهتافاتها ذات محتوى وطني وديمقراطي بعيدة عن الطرح القبلي والطائفي والعنصري وتمجيد الزعماء.
- الانضمام والمشاركة الفاعلة في النقابات العمالية والمهنية وهيئات المجتمع المدني.
- الإضرابات والاعتصامات الطلابية.
- جمع التوقيعات على عرائض ومذكرات وبيانات قد تكون للشكوى أو لطرح مطالبات أو للتعبير عن موقف أو تضامن.
- تشكيل لجان شعبية.
- تكوين جماعات ضغط حول قضية محددة أو مطلب معين.
- تشكيل وفود شعبية لتقوم بجولات على الديوانيات للشرح والتوضيح والتعبئة، أو للالتقاء بالمسؤولين في الدولة من وزراء ونواب لطرح المطالب (هذا النوع من النضال الجماهيري يعتمد على ميزان القوى بالبلاد ومدى قدرة القوى السياسية على التنظيم والعمل ما يعمتد على طبيعة السلطة ومدى قدرتها على صد أو الموافقة على مطالب الشعب).
- تنظيم حملات التحرك، بما في ذلك حملات التحرك الإلكترونية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
- إقامة الندوات والحلقات النقاشية.
- إصدار البيانات الجماهيرية والمطويات والملصقات وتوزيعها.
يتركز دور التقدميين في تطوير النضال الجماهيري إلى المهام التالية:
- رفع مستوى الوعي السياسي للجماهير، وإزالة ما رسخ في أذهانها من أوهام حول طبيعة السلطة وطريق الانتقال نحو الديمقراطية، وذلك عبر عمل دءوب من الشرح والتوضيح والإقناع.
- تعبئة الجماهير حول مطالب الإصلاح الديمقراطي، وتعزيز ثقتها في قدراتها على إحداث التغيير.
- تنظيم حركة الجماهير والانتقال بها من مستوى النضال العفوي إلى النضال السياسي الواعي والمنظم عبر أساليبه المختلفة بهدف تغيير ميزان القوى السياسية في البلاد ليصبح مواتياً لتحقيق مطالب الإصلاح الديمقراطي.
***
ومن واجب التقدميين المشاركة في النضالات الجماهيرية بمختلف أشكالها، مهما كانت بسيطة، وعدم الانفصال عن هموم الناس وقضاياهم ومشكلاتهم، وإنما المطلوب من التقدميين أن يعملوا في صفوف الجماهير الشعبية ويناضلوا معها ويتعلموا منها، وفي الوقت نفسه عليهم واجب تعليم هذه الجماهير بعيداً عن الأستذة والتعالي عليها عبر العمل الدءوب لرفع مستوى وعيها السياسي والطبقي وتنظيم صفوفها وحركتها، وشحذ يقظتها تجاه العناصر الاستفزازية.