بدأت أصوات طبول الحرب ترتفع مرة أخرى في منطقتنا العربية، مع حشود مرعبة لبوارج وصواريخ وآلات دمار مختلفة، كما ارتفع صوت الوعيد والتهديد والوعيد المضاد، الذي قد ينذر بخطر حرب ودمار.إن الولايات المتحدة التي تحججت بالفيتو الروسي الصيني لتسليح الثوار في سورية أو حتى الوقوف الإنساني الجاد مع معاناة الشعب السوري لسنتين ونصف السنة، ها هي الآن ترسل بوارجها وطائراتها وصواريخها إلى البحر المتوسط، بمساعدة بريطانيا وفرنسا دون حتى الاستئذان من مجلس الأمن أو استصدار قرار منه لهذا الإجراء بل من دون حتى موافقة الكونغرس الأميركي على حد قول أوباما.هذه الضربة العسكرية التي يبدو أنه جرى التفاهم حولها مع الأضداد مثل روسيا وإيران، هي ضربة «عقابية» أو تأديبية كما أسمتها الأوساط الدولية تحفظ ماء وجه أوباما بعدما أشبعنا بحديثه عن «الخط الأحمر» أي استخدام السلاح الكيماوي ضد الشعب السوري وبعد أن سكب الدم السوري.بل لم تتوان الولايات المتحدة عن إعلان أن هذه الضربة لا تستهدف اسقاط نظام الأسد، بل لديّ شك شخصي أن الإدارة الأميركية قامت بإبلاغ النظام السوري مسبقاً بالمواقع المستهدفة عن طريق وسطاء، بل نشرت في معظم وسائل الإعلام مواقع الضربة المحتملة، وذلك لدفع الأسد للدخول إلى جنيف 2 وترتيب تسويات.إن حدثت هذه الضربة فذلك يعني أن هناك قوة عدوانية في العالم خارجة عن القوانين والمنظمات الدولية، يمكنها أن تكون مصدر تهديد لأي شعب عربي أو غير عربي، هذه القوة عازمة على تنفيذ مخططاتها بأي شكل لبناء شرق أوسط على مزاجها ومزاج ربيبتها إسرائيل، وفي سبيل ذلك لا تتوانى عن قتل شعوبنا ونهب ثرواتنا بدم بارد.فأين كانت الولايات المتحدة عندما كان الشعب السوري يستنجد بالعالم لإنقاذه من نظام دموي لا يتوانى عن إبادة شعبه حتى آخر فرد سوري؟ ألا يكشف لنا ذلك أن أميركا وإسرائيل راهنا حتى آخر لحظة على بقاء نظام هو أكثر فائدة من نظام وطني ديموقراطي قد تأتي به إرادة الشعب السوري؟هل استيقظ الضمير الأميركي فجأة بينما كان يتابع نحر الأطفال واغتصاب النساء، وكأنه يشاهد فلماً على شاشة السينما؟ وهل فكرت هذه الإدارة التي أصبحت عدوة شعوب الأرض بتبعات الحرب على منطقتنا وشعوبنا، أم أن هذا هو ما تريده بالضبط وكما رُسم له؟ وهل هي رسالة موجهة إلى الشعب المصري الذي بدأ يخرج عن طوعها؟لكن بالطبع لا أحد يملك ذرة عقل ولا يحمل هذا النظام الوحشي الطائفي أي مسؤولية مثلما فعل صدام حسين وغيرهما من الطغاة، وهل نبرئ المعارضة السورية الضعيفة والمفككة والتي استنجد بعضها بالتدخل الأجنبي؟ وأيضاً القوى السياسية المتحالفة مع هذا النظام والتي شجعته بالمضي في القتل والتدمير من خلال البيانات النارية ضد الامبريالية وإسرائيل باسم الدفاع عن نظام المقاومة والممانعة، وهل نعفي القوى الإقليمية والطائفية من جميع الاتجاهات؟إن من يدعو اليوم للاصطفاف ضد الهجمة الأميركية العدوانية، كان الأولى به أن يدين أولاً نظام بشار الأسد وطغاة العرب، والخروج من جمود النظر والخطاب الذي عزله عن الجماهير وخيب ظنونها.فأمس كان العراق واليوم سورية وغداً مصر ولبنان وكل دولنا، فلا تساورنا الأوهام بدعم منظمات دولية أو الالتزام بمواثيق دولية، فهناك دولة واحدة تسيّر العالم حسب بوصلتها وبأي ثمن.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com