May 2013
5

وليد الرجيب: انهيار عمود من أعمدة التنمية.

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

باعتراف قيادات وزارة التربية أن المدارس في الكويت وعلى اختلاف مراحلها التعليمية تقدم خدمات متدنية، وذلك لأسباب عدة منها ضعف النظام التعليمي بأكمله من المناهج الدراسية إلى العملية التربوية، هذا إذا استثنينا البنية التحتية المهترئة.حيث تشير نتائج اختبارات تيمز وبيرلز الدولية أن الطلبة الكويتيين حصلوا على المركز 48 من أصل 50 مشاركاً في الرياضيات والمركز 46 من أصل 49 مشاركاً، ما يعني أن أداء طلبة الكويت متدنٍ للغاية وهو ما وضعها في المراكز الأخيرة عالمياً.وصدر أخيراً عن المنتدى الاقتصادي العالمي للعام 2013م تقرير كشف أن الخدمات التعليمية التي تقدمها الكويت متواضعة جداً، وصنف التقرير العالمي حول تقنية المعلومات للعام 2013م الكويت في مؤشرات جودة التعليم في المرتبة 104 بين 144 دولة من خلال جودة منهجي الرياضيات والعلوم، كما وضعها في المرتبة 102 في ما يتعلق بجودة إدارة مدارسها.هذه المراكز المتدنية والمخجلة في الوقت نفسه، تعني انهياراً لأساس التنمية إن كانت هناك نية لتنمية جادة، حيث لا يمكن الحديث عن أي تنمية لا يكون محورها الإنسان ذاته، فالمدرسة والنظام التعليمي والخدمات التعليمية بشكل عام تعتبر مصنعا للإنسان يحوله من خام إلى إنسان منتج صانع لمستقبل وطنه وأمته، يسلك سلوكاً حضارياً مثل بقية الشعوب المتقدمة.ويشكو كثير من الأهالي وأولياء الأمور من تعامل إدارات المدارس والمعلمين مع أبنائهم، فالعنف والانحراف وضعف التحصيل الدراسي كلها نتائج تعكس ضعف النظام والخدمات التعليمية، وانتفاء السلوك التربوي وتحول المدرسة إلى مراكز إيواء لعدد من الساعات، لا مراكز تربوية بما تعنيه التربية والتعليم، وجميعنا كأولياء أمور أو مهتمين بالشأن التربوي لدينا تجارب ملموسة تعكس تخلف وضعف وعدم التعاون بين البيت والمدرسة رغم زياراتنا المتكررة لمدارس أبنائنا وأحفادنا.والسؤال المهم في هذا المجال، هل هناك نية أو توجه جاد لدى الحكومة لتنمية وإصلاح النظام والخدمات التعليمية؟ الجواب هو «لا» بكل تأكيد، وهذا لا ينطبق فقط على الخدمات التعليمية ولكن ينطبق على كل الخدمات الصحية والكهرباء والطرق وتسيير المعاملات الحكومية للمواطن ومجمل البنية التحتية التي كانت متقدمة قبل أكثر من أربعين عاماً.لقد تحولت الكويت من دولة رعاية اجتماعية لكل أفراد الشعب إلى دولة طبقة واحدة متنفذة وفاسدة، ليس في مصلحتها الانفاق على الخدمات أو تحسين معيشة المواطنين رغم مليارات الدنانير من عوائد النفط، فكل القوانين والتشريعات وسلوك الإدارة السياسية تصب في صالح هذه الطبقة المتنفذة التي تريد أن تستحوذ على ثروات ومقدرات الشعب الكويتي، بينما تسن التشريعات والقوانين بالضد من مصالح بقية الشعب ولتسلبهم حق العيش الكريم، حيث يعاني المواطن من غلاء أسعار السلع والتضخم وارتفاع أسعار إيجارات السكن الخاص والأراضي، إضافة إلى البطالة المتزايدة، ولا تُستبعد النية لفرض ضرائب على المواطنين.وليس في مصلحة هذا الحلف الطبقي وجود حرية وديموقراطية ودستور، تتيح لأبناء الشعب المطالبة بتحسين ظروف حياتهم أو المطالبة باستخدام أموالهم لحياة أفضل لهم ولأبنائهم، فالتنمية مكلفة وهي تقتطع مبالغ كبيرة تقلل من حجم ما يُنهب من قبل هذه الطبقة.فلتحترق الخدمات التعليمية والصحية، ولتحترق معاناة الشعب المعيشية، ولتحترق حرياته وكرامته، وليحترق تطبيق القانون في سبيل مزيد من الثروات تصب في جيب القلة المتنفذة والفاسدة.

وليد الرجيب

منقول عن جريدة الراي تاريخ 04/05/2013 العدد:12360